الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - بَابُ ما جاء أن الماء طهور
14 -
حَدِيثُ أَبِي سَعِيْدٍ الْخُدْرِيِّ:
◼ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: [يَا رَسُولَ اللَّهِ] 1 أَنَتَوَضَّأُ
(1)
(أَتَتَوَضَّأُ) 1 مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ تُطْرَحُ (يُلْقَى) 2 فِيهَا [مَا
(1)
قوله: (أنتوضأ) - بالنون - أي نحن، وأما قوله:(أتتوضأ) بتاءين مثناتين من فوق، خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في بعض المصادر، كما عند النسائي وغيره، وكذا ضبطه النووي، وابن حجر وغيرهما، ووقع في كثير من المصادر - كسنن أبي داود والترمذي وغيرهما - (أنتوضأ) بالنون، قال النووي رحمه الله:«وإنما ضبطت كونه بالتاء لئلا يصحف فيقال (أنتوضأ) بالنون وقد رأيت من صحفه واستبعد كون النبي صلى الله عليه وسلم توضأ منها وهذا غلط فاحش وقد جاء التصريح بوضوء النبي صلى الله عليه وسلم منها في هذا الحديث من طرق كثيرة ذكرها البيهقي في السنن الكبير ورواها آخرون غيره: وفي رواية لأبي داود، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له إنه يستقى لك من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها لحوم الكلاب وهذا في معنى روايات البيهقي وغيره المصرحة بأنه صلى الله عليه وسلم توضأ منها» ثم استدل على ذلك ببعض روايات الحديث كرواية النسائي التي فيها: «مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت أتتوضأ منها
…
الحديث» ثم قال: «فهذه الرواية تقطع كل شك ونزاع» (المجموع 1/ 82 - 83)، وبنحوه قال الحافظ في (التلخيص 1/ 14)، وقد أثبته الدكتور/ بشار عواد في تحقيقه لجامع الترمذي (1/ 108/ حاشية 1) بالتاء، كما في إحدى النسخ، وقال:«في (م) بالنون، وما أثبتناه هو الأولى الذي رجحه النووي والحافظ» ، وأشار إلى أنه جاء في أحد النسخ الخطية للجامع بالتاء ثالث الحروف مجودًا، وبهذا تعقب العلامتين أحمد شاكر ومحمد البنوري في جزمهما بأنه وقع في كافة النسخ بالنون.
يُنْجِي النَّاسُ، و] 2 الْحِيَضُ، وَلَحْمُ الْكِلَابِ (وَالْجِيَفُ) 3، وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«[إِنَّ] 3 الْمَاءَ طَهُورٌ، وَلَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
مختلف فيه: فصححه الإمام أحمد، وابن معين، وابن المنذر، والحاكم، وابن حزم، والبغوي، والنووي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن الملقن، والعراقي، والسيوطي.
وحسَّنه الترمذي، وعبد الحق الإشبيلي، والذهبي، وابن سيد الناس. وقال ابن العربي:«لا بأس به» . وقوَّاه الشوكاني بمجموع طرقه. وصححه بشواهده الألباني.
وضعَّفه ابن منده
(1)
، وابن القطان. وكذا ابن العربي في أحكام القرآن - خلافًا لقوله في عارضة الأحوذي أنه لا بأس به -.
[اللغة]:
قوله: (ما ينجي الناس) أي: «ما يُلْقُونه من العَذِرة» (النهاية لابن الأثير 5/ 56).
(1)
(مَندَه) قال ابن خلكان: «بفتح الميم والدال المهملة بينهما نون ساكنة وفي الآخر هاء ساكنة» (وفيات الأعيان 4/ 289)، وذكر المعلمي اليماني في (مقدمة الإكمال ص 60) عن أهل العلم أن آخرها يبقى هاء وقفًا ووصلًا.
(البدر المنير 1/ 389).
[الفوائد]:
1 -
قال أبو داود السجستاني: وسمعت قتيبة بن سعيد، قال: سألت قَيِّمَ بِئْرِ بضاعة عن عمقها؟ قال: «أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة، قلت: فإذا نقص، قال: دون العورة» . قال أبو داود: «وقدَّرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليها، ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه، هل غُيِّرَ بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا، ورأيت فيها ماء متغير اللون» (سنن أبي داود 2/ 63 - 64).
2 -
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وبئر بضاعة باتفاق العلماء وأهل العلم بها هي بئر ليست جارية وما يذكر عن الواقدي من أنها جارية: أمر باطل؛ فإن الواقدي لا يحتج به باتفاق أهل العلم ولا ريب أنه لم يكن بالمدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء جار» (مجموع الفتاوى 21/ 41).
3 -
قال الإمام الخطابي: «قد يتوهم كثير من الناس إذا سمع هذا الحديث أنَّ هذا كان منهم عادة، وأنهم كانوا يأتون هذا الفعل قصدًا وتعمدًا وهذا ما لا يجوز أن يظن بذمي بل بوثني فضلًا عن مسلم ولم يزل من عادة الناس قديمًا وحديثًا مسلمهم وكافرهم تنزيه المياه وصونها عن النجاسات فكيف يُظن بأهل ذلك الزمان وهم أعلى طبقات أهل الدين وأفضل جماعة المسلمين، والماء في بلادهم أعز والحاجة إليه أمس أن يكون هذا صنيعهم بالماء وامتهانهم له، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تغوط في موارد الماء ومشارعه فكيف من اتخذ عيون الماء ومنابعه رصدًا لأنجاس ومطرحًا للأقذار؟ ، هذا ما لا يليق بحالهم، وإنما كان هذا من أجل أن هذه البئر موضعها في حدور من الأرض وأن السيول كانت تكسح هذه الأقذار من
الطرق والأفنية وتحملها فتلقيها فيها وكان الماء لكثرته لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء ولا يغيره فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شأنها ليعلموا حكمها في الطهارة والنجاسة فكان من جوابه لهم أَنَّ الماء لا ينجسه شيء؛ يريد الكثير منه الذي صفته صفة ماء هذه البئر في غزارته وكثرة جمامه؛ لأَنَّ السؤال إنما وقع عنها بعينها فخرج الجواب عليها، وهذا لا يخالف حديث القلتين إذ كان معلومًا أنَّ الماء في بئر بضاعة يبلغ القلتين فأحد الحديثين يوافق الآخر ولا يناقضه، والخاص يقضي على العام ويبينه ولا ينسخه» (معالم السنن 1/ 37 - 38).
قلنا: وفي صحيح البخاري (6248) عن سهل، قال: «كانت لنا عجوز، ترسل إلى بضاعة
…
الحديث». قال القعنبي (راوي الحديث) مُفسرًا بضاعة: «نخل بالمدينة» . يعني: بستان، كما قال الحافظ في (الفتح 11/ 34).
وقد استنبط منه الإسماعيلي فائدة لطيفة بشأن بئر بضاعة، فقال:«في هذا الحديث بيان أنَّ بئر بضاعة بئر بستان، فيدل على أَنَّ قول أبي سعيد في حديثه: (أَنَّهَا كَانَتْ تُطْرَحُ فِيهَا خِرَقُ الْحَيْضِ .. وَغَيْرُهَا)؛ أنها كانت تطرح في البستان فيجريها المطر ونحوه إلى البئر» (فتح الباري 11/ 34).
[التخريج]:
[د 65 واللفظ له / ت 67 والزيادة الأولى والثالثة، والرواية الثانية له ولغيره/ ن 330 والرواية الأولى له ولغيره/ حم 11257، 11818/ شف 2/ خشف 89/ طي 2313 والرواية الثالثة له/ ش 1513، 37245/ تخ (5/ 389) / جا 46/ طهور 145، 146/ تطبر (مسند ابن عباس 1051، 1055، 1062) / منذ 186/ طوسي 55/ سمويه 18، 19/ عد (2/ 434) / ثحب (7/ 548 - 549) / معر 1410،
1411/ قط 54، 59، 60/ ك (إتحاف 5439) / هق 6، 1229، 1232 والزيادة الثانية له ولغيره/ هقع 1817/ هقخ 966 - 968/ محت 719/ فق (1/ 312/ 305) / دلائل 156/ بغ 283/ بغت (6/ 88) / نبغ 491/ تحقيق 15/ كما (11/ 336)، (19/ 83 - 84)].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
• وفي رِوايةٍ قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُقالُ له: إنَّهُ يُستَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضاعَةَ [بِئْرِ بَنِي سَاعِدَةَ]، وهي بيرٌ يُلقَى فيها لُحومُ الكِلابِ، والمَحايِضُ (وَمَحَايضُ النِّسَاءِ)، وعَذِرُ النَّاسِ، فقال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
مختلف فيه.
[اللغة]:
قوله: (عَذِرُ الناس) جمع عَذِرَة، وهي الغائط. انظر:(عون المعبود 1/ 89).
[التخريج]:
[د 66 واللفظ له/ حم 11815 والرواية والزيادة له ولغيره/ طح (1/ 11) / طحق 67/ تطبر (مسند ابن عباس 1049، 1050، 1061) /
شب (1/ 156 - 157) / قط 55، 57، 58/ هق 1230/ هقع 383/ هقخ 969 - 974].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
رواية: «وهو يَتوضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضاعَةَ» :
• وفي رِوايةٍ: مرَرْتُ بِالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يَتوضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضاعَةَ فَقلتُ: [يا رَسُولَ اللَّهِ] أَتَتَوَضَّأُ مِنْهَا وَهِيَ يُطْرَحُ فيها ما يُكْرَهُ من النَّتَنِ؟ فقال: «[إِنَّ] الْمَاء لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
مختلف فيه.
[التخريج]:
[ن 331 واللفظ له/ حم 11119 والزيادتان له ولغيره/ عل 1304/ طح (1/ 12) / طحق 66/ تطبر (مسند ابن عباس 1052) / سمويه 16/ إيضاح (إمام 1/ 117) / بشن 38/ ضح (2/ 65) / هق 1231/ كما (8/ 186 - 187)، (11/ 335 - 336)].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
رواية: «لَا يَنْجُسُ» :
• وفي رِوايةٍ بلفظ: «
…
الْمَاءُ [طَهُورٌ] لَا يَنْجُسُ».
[الحكم]:
مختلف فيه.
[التخريج]:
[أثرم 49 واللفظ له/ تطبر (مسند ابن عباس 1048) والزيادة له/ سمويه 17/ طح (1/ 11) / هقخ 975].
[التحقيق]:
هذا الحديث يروى عن أبي سعيد الخدري من عدة طرق:
الطريق الأول - وهو أشهرها -: عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج الأنصاري
(1)
عنه:
أخرجه أبو داود (65) - ومن طريقه ابن الأعرابي في (المعجم 1411)، والخطيب في (الفقيه والمتفقه 1/ 312)، والبيهقي في (الخلافيات 967) - قال: حدثنا محمد بن العلاء، والحسن بن علي، ومحمد بن سليمان الأنباري، قالوا: حدثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب، عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج، عن أبي سعيد الخدري، به بلفظ الرواية الأولى.
ورواه الترمذي (67) - ومن طريقه ابن الجوزي في (التحقيق 15) - قال: حدثنا هناد والحسن بن علي الخلال وغير واحد قالوا: حدثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب، عن عبيد الله بن
(1)
على خلاف في اسمه واسم أبيه، سيأتي ذكره.
عبد الله بن رافع بن خديج، عن أبي سعيد، به.
وكذا أخرجه أحمد في (المسند 11257) - ومن طريقه المزي في (التهذيب 19/ 84) -، وابن أبي شيبة في (المصنف 1513، 37245): عن أبي أسامة، به.
وأخرجه البخاري في (تاريخه 5/ 389)، والنسائي في (المجتبى 330)، وابن الجارود في (المنتتقى 47)، وابن المنذر في (الأوسط 188)، وسمويه في (بعض الثالث من فوائده 19)، وابن الأعرابي في (المعجم 1410)، والطوسي في (مستخرجه 55)، والدارقطني في (السنن 54)، والحاكم في (المستدرك) - كما في (إتحاف المهرة 5439) -، والبيهقي في (السنن الكبرى 6، 1229)، وفي (الخلافيات 966)، والبغوي في (شرح السنة 283)، وفي (التفسير 6/ 88)، وفي (الأنوار 491): من طرق، عن أبي أسامة حماد بن أسامة، به.
واختلف على أبي أسامة في اسم (عبيد الله) واسم أبيه، فقيل:(عبيد الله بن عبد الله بن رافع)، وقيل:(عن عبيد الله بن عبد الرحمن)، وقيل:(عبد الله بن عبد الله).
وقد رواه أحمد عن أبي أسامة على الوجهين الأوليين، وذكر أنَّ أبا أسامة رواه مرة هكذا ومرة هكذا. وكذا رواه ابن أبي شيبة عنه على الوجهين.
وهذا إسناد رجاله ثقات، عدا عبيد الله بن عبد الرحمن - وسيأتي الكلام عليه إنْ شاء الله تعالى -.
وخالف أبا أسامة إبراهيم بن سعد؛ فرواه عن الوليد بن كثير عن (عبد الله بن أبي سلمة) بدل (محمد بن كعب).
أخرجه أحمد (11818) قال: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن الوليد بن كثير، قال: حدثني عبد الله بن أبي سلمة، أنَّ عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري، به.
قلنا: وهذه الرواية، لم نقف عليها في غير مسند أحمد، والحديث مشهور عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن عبد الله، عن أبي سعيد، به. كما سيأتي - إنْ شاء الله -.
ورواه محمد بن إسحاق، واختلف عليه على وجوه عدة:
أصحها عنه: ما رواه أحمد في (المسند 11815) قال: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني سليط بن أيوب بن الحكم الأنصاري، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري - ثم أحد بني عدي بن النجار -، عن أبي سعيد الخدري، به، بلفظ الرواية الثانية.
وأخرجه أبو عبيد في (الطهور 145) - ومن طريقه المزي في (التهذيب 11/ 336) -، والبخاري في (تاريخه 5/ 389)، وأبو داود (66) - ومن طريقه البيهقي في (السنن الكبرى 1230)، وفي (المعرفة 1817) - والطبري في (تهذيب الآثار 1048، 1050، 1061)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 2)، وفي (أحكام القرآن 67)، والدارقطني في (السنن 55)، والبيهقي في (الخلافيات 969 - 973): من طرق عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، به. وقال بعضهم:(عبد الله بن عبد الرحمن).
وأخرجه الطبري في (تهذيب الآثار 1049) قال: حدثنا تميم بن المنتصر
الواسطي، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرني محمد، قال: أخبرنا رجل من الأنصار، عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي، عن أبي سعيد الخدري، به.
ويزيد هو ابن هارون، ومحمد هو ابن إسحاق، والرجل الأنصاري الأظهر - والله أعلم - أنه سليط بن أيوب الأنصاري. فلا منافاة بين رواية يزيد ورواية الجماعة عن ابن إسحاق.
وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة حال سليط بن أيوب، فقد ترجم له البخاري في (تاريخه 4/ 191)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 4/ 287) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في (الثقات 6/ 430) - على قاعدته -، ولذا لين الذهبي توثيقه فقال:«وثق» (الكاشف 2059). وقال الحافظ: «مقبول» (التقريب 1683).
وذكر أبو حاتم الرازي في رواية ابن إسحاق عن سليط علة أخرى؛ فقال: «محمد بن إسحاق بن يسار بينه وبين سليط رجل
(1)
» (المراسيل لابن أبي حاتم ص 195).
وقال مغلطاي: «وفى حديث ابن إسحاق عن سليط انقطاع. نصَّ على ذلك أبو محمد
(2)
في كتاب المراسيل» (شرح ابن ماجه لمغلطاي ص 549).
(1)
كذا قال، مع أن ابن إسحاق صرح بالتحديث منه في رواية إبراهيم بن سعد عنه، كما عند أحمد وغيره. ولكن في القلب شيء من ذلك التصريح؛ لانفراد يعقوب بن إبراهيم عن أبيه بذلك، دون بقية الرواة عن ابن إسحاق. والله أعلم.
(2)
كذا، والصواب أنه أبو حاتم نفسه. وهذا ظاهر بلا شك في كتاب المراسيل.
وروي عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد:
أخرجه ابن شَبَّة في (تاريخ المدينة 1/ 156) عن هارون بن معروف.
وأخرجه الداقطني في (السنن 55) - ومن طريقه البيهقي في (الخلافيات 970) - عن الحسين المحاملي، عن محمد بن معاوية بن مالج.
كلاهما (هارون، وابن مالج) عن محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد، به.
وقد نصَّ البخاري على أنَّ قول من قال (عبد الرحمن بن رافع) وهم. كما في (تهذيب التهذيب 7/ 28)
(1)
.
وجزَم الدارقطني بوهم محمد بن سلمة في قوله (عبد الرحمن بن رافع). وفيه نظر؛ فقد رواه غير واحد عن محمد بن سلمة - كما عند أبي داود وغيره -، فقالوا:(عبيد الله بن عبد الرحمن)، فلعل الوهم ممن بعده.
ورواه إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي سلمة، أنَّ عبد الله بن عبد الله بن رافع حدَّثه أنه سمع أبا سعيد
…
فذكره بلفظ الرواية الأولى.
أخرجه سمويه في (فوائده 18) قال: حدثنا محمد بن يحيى: حدثنا يعقوب حدثني أبي، به.
وأخرجه الطبري في (تهذيب الآثار 1062)، والدارقطني في (السنن 57)، والبيهقي في (الخلافيات 974): من طرق عن يعقوب بن إبراهيم،
(1)
قلنا: في (التاريخ الكبير للبخاري 5/ 389): «وقال محمد بن سلمة: (عبد الرحمن بن رافع)» . ولم يعقب بشيء.
عن أبيه، به.
وهذا إسناد رجاله ثقات، عدا ابن إسحاق وعبد الله بن عبد الله.
فأما ابن إسحاق فصدوق يدلس، وقد صرَّح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، وبقي النظر في حال عبد الله - وسيأتي الكلام عليه قريبًا -.
ورواه حماد بن سلمة، عن ابن إسحاق: عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي سعيد:
أخرجه الطيالسي في (مسنده 2313) - ومن طريقه البيهقي في (الخلافيات 968) -: عن حماد بن سلمة، به. بلفظ الرواية الأولى.
وخالف الطيالسي: موسى بن إسماعيل، كما أخرجه سمويه في (بعض الثالث من فوائده 17)، والطبري في (تهذيبه 1055).
والحجاج بن المنهال كما أخرجه الطحاوي - كما في (إتحاف المهرة 5/ 297) -.
فروياه عن حماد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، به.
وهذا سند ظاهر الانقطاع بين ابن إسحاق وعبيد الله. وقد عنعنه ابن إسحاق، وقد خالف حماد بن سلمة الثقات من أصحاب ابن إسحاق، حيث رووه عنه، عن سليط، عن عبيد الله - كما سبق -.
ورواه ابن أبي ذئب، واختلف عليه:
فرواه أبو معاوية الضرير، كما عند أبي عبيد في (الطهور 146).
وابن المبارك، كما عند الطبري في (تهذيبه 1051) بسند صحيح عنه.
وابن وهب، كما عند البيهقي في (السنن الكبرى 1232)
(1)
، وفي (المعرفة 1815) بسند صحيح عنه.
ثلاثتهم: عن ابن أبي ذئب عمّن لا يُتهم (أو عمّن أخبرهم)
(2)
، عن عبد الله (وقيل عبيد الله) بن عبد الرحمن العدوي، به.
وهذا إسناده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن أبي ذئب.
وأخرجه الشافعي في (اختلاف الحديث ص 611)، وفي (مسنده 2) - ومن طريق البيهقي في (المعرفة 1814) - قال: أخبرنا الثقة، عن ابن أبي ذئب، عن الثقة عنده، عمّن حدثه - أو عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي -، عن أبي سعيد الخدري، به.
وهذا الثقة شيخ الشافعي الذي يروي عن ابن أبي ذئب، إما أن يكون محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، كما رُوِيَ عن أبي حاتم، وإما أن يكون مسلم بن خالد الزنجي كما رُوِيَ عن الربيع بن سليمان
(3)
، وقد يكون غيرهما.
وأي كان هو، فروايته مرجوحة برواية ابن المبارك ومن تابعه.
(1)
كذا في طبعة هجر المعتمدة للسنن الكبرى، وكذا جاء في (المعرفة)، وفي (المهذب في اختصار السنن للذهبي رقم 1112)، ووقع في طبعتي (الهندية 1/ 258). و (دار الكتب العلمية 1217) من (السنن الكبرى):(قرئ على ابن وهب أخبرك مالك عن ابن أبي ذئب) وهذا وهم، فليس لمالك ذكر في هذا الإسناد، والله أعلم.
(2)
كما في رواية أبي معاوية، حيث قرنه بابن إسحاق، وقال:(عمّن أخبرهم).
(3)
انظر: (البدر المنير 5/ 304).
وخلاصة ما سبق:
أولا: حاصل الخلاف في اسم (عبيد الله) واسم أبيه، خمسة أقوال:
الأول: عبيد الله بن عبد الرحمن.
الثاني: عبيد الله بن عبد الله.
الثالث: عبد الله بن عبد الله.
الرابع: عبد الله بن عبد الرحمن.
الخامس: عبد الرحمن بن رافع.
وهذا الأخير، قد نصَّ البخاري والدارقطني على أنه وهم - كما سبق -. وأما الأربعة فالصواب أنهم واحد، كما يدل عليه صنيع البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما ممن ترجم له. لا كما صنع ابن حبان حيث فرق بينهم وجعله ثلاثة.
والأشبه بالصواب: (عبيد الله بن عبد الرحمن) كما قال الدارقطني في (العلل 2287).
ثانيًا: أصح الطرق عن عبيد الله: ما رواه أبو أسامة حماد بن أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد، به.
قال الدارقطني: «وأحسنها إسنادًا حديث الوليد بن كثير عن محمد بن كعب» (العلل 11/ 450).
قلنا: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين عدا عبيد الله بن عبد الله بن رافع، وعبيد الله هذا روى عنه جمع من الثقات
(1)
، وترجم له ابن أبي حاتم
(1)
ومن هؤلاء الثقات هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة جليل القدر، وبروايته عن عبيد الله استدل ابن حبان على أن عبيد الله غير مجهول. وهذا موافق لما نقله ابن رجب في (شرح العلل 1/ 377) عن يعقوب بن شيبة قال: قلت ليحيى بن معين: متى يكون الرجل معروفًا؟ إذا روى عنه كم؟ قال: «إذا روى عن الرجل مثل ابن سيرين والشعبي، وهؤلاء أهل العلم فهو غير مجهول» اهـ. قال ابن رجب: «وهذا تفصيل حسن، وهو يخالف إطلاق محمد بن يحيى الذهلي الذي تبعه عليه المتأخرون أنه لا يخرج الرجل من الجهالة إلَّا برواية رجلين فصاعدا عنه» اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 2/ 36): «باب في رواية الثقة عن غير المطعون عليه أنها تقويه، وعن المطعون عليه أنها لا تقويه» ، ثم قال:«سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة مما يقويه؟ قال: إذا كان معروفًا بالضعف لم تقوهِ روايته عنه وإذا كان مجهولًا نفعه رواية الثقة عنه» . وقال: سألت أبا زُرْعَة عن رواية الثقات عن رجل مما يُقوى حديثه؟ قال: أي لعَمري، قلت: الكلبى روى عنه الثوري، قال: إنما ذلك إذا لم يَتكلَّم فيه العلماء، وكان الكلبى يُتكلَّم فيه» اهـ.
في (الجرح والتعديل 5/ 321) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابن حبان في ثلاثة مواضع من (الثقات 5/ 67، 70، 71). وذكره في (مشاهير علماء الأمصار 477) وقال: «من سادات أهل المدينة» .
بينما قال ابن منده: «مجهول» (الإمام لابن دقيق العيد 1/ 117). وقال ابن القطان: «لا تُعرف له حال ولا عين» (بيان الوهم والإيهام 3/ 309).
وتعقبه الذهبي في (الميزان 8/ 155) فقال: «قلت: روى عن أبي سعيد حديث بئر بضاعة، وقد صحَّحه أحمد وروى عنه جماعة منهم محمد بن كعب القرظي وهشام بن عروة وسليط بن أيوب وغيرهم وذكره ابن حبان في الثقات» . وقال في (الكاشف 3566): «صحح أحمد حديثه في بئر بضاعة» .
وكذا نقل تصحيح أحمد في ترجمته الحافظ المزي في (التهذيب 19/ 89).
وتعقبه مغلطاي، فقال:«وفي قول المزي إثر حديثه عن أبي سعيد في بئر بضاعة: قال الميموني عن أحمد: حديث بئر بضاعة صحيح. موهمًا أنَّ تصحيحه إياه من هذه الطريق، وليس كذلك؛ لأَنَّ أحمد إنما قاله في حديث بضاعة مُطلقًا، والذي يشبه أنه يريد حديث سهل بن سعد لا هذا، وذلك أنَّ ابن القطان لما ردَّ حديث أبي سعيد لما قدمناه، قال: لحديث بئر بضاعة طرق هذا - يعني حديث سهل - خيرُها وأحسنُها إسنادًا» (إكمال تهذيب الكمال 9/ 43).
قلنا: بل الصواب مع المزي والذهبي، لأَنَّ حديث سهل - كما سيأتي بيانه - منكر، لا أصل له، ولم يخرجه أحمد ولا أحد من أصحاب الكتب المشهورة، في الوقت الذي أخرج أحمد فيه حديث أبي سعيد في خمسة مواضع من (مسنده)، فكيف يقال حينئذٍ: إنَّ أحمد يريد حديثًا آخر؟ ! .
وقال فيه الحافظ ابن حجر: «مستور» (التقريب 4313).
قلنا: كذا قال الحافظ، وتصحيح أحمد وابن معين وغيرِهما - كما سيأتي - لحديثه، مما يعدُّ توثيقًا ضمنيًا لراويه، ويرتقي بحديثه إلى درجة الصحة، قال ابن الملقن:«تصحيح الحفاظ الأول لهذا الحديث توثيق منهم لهم، إذ لا يظن بمن دونهم الإقدام على تصحيح ما رجاله مجاهيل؛ لأنَّه تدليس في الرواية وغش، وهم براءٌ من ذلك» (البدر المنير 1/ 387).
قلنا: إلَّا أنَّ تفرد مثله بهذا الأصل، مع ما في متنه من تهويل في إلقاء النجاسات في البئر، مما يجعل النفس لا تطمئن إليه، ولعل لذلك أعرض عنه البخاري ومسلم، مع شدة الحاجة إليه. والله أعلم.
الطريق الثاني: عن ابن أبي سعيد، عن أبيه:
أخرجه أحمد في (المسند 11119) - ومن طريقه الخطيب في (موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 82)، والمزي في (التهذيب 8/ 186) - قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: حدثنا مطرف، عن خالد بن أبي نوف، [عن سليط بن أيوب]
(1)
، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، به، بلفظ الرواية الثالثة.
وأخرجه الحميدي - كما في السنن الكبرى للبيهقي (2/ 270) وأسنده البيهقي من طريقه في (الخلافيات 975) -، وأبو يعلى في (مسنده 1304)، والنسائي في (المجتبى 331)، وسمويه في (بعض الثالث من فوائده 16)، والطبري في (تهذيبه 1052)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 3)، وفي (أحكام القرآن 66)، وابن بشران في (الأمالي 38)، والبيهقي في (السنن الكبرى 1231)، والمزي في (التهذيب 11/ 336): من طريق عبد العزيز بن مسلم، عن مطرف بن طريف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط بن أيوب، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه، به.
هكذا رواه عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو عامر العقدي، والقعنبي، ويونس بن محمد، وبشر بن السري، والعلاء بن عبد الجبار، وغيرهم، عن عبد العزيز بن مسلم، به، دون تسمية ابن أبي سعيد.
خالفهم يوسف بن كامل - كما عند الأثرم في (سننه 49) -، فرواه، عن
(1)
ما بين المعكوفين سقط من أصول مسند أحمد - كما قال محققو طبعة الرسالة -، وكذا عند الخطيب، واستدركت من أطراف المسند (8290). ورواه المزي من طريق أحمد على الصواب.
عبد العزيز، به. ولكن قال (عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه).
والمحفوظ رواية الجماعة - من غير تسمية -، خاصة أنَّ يوسف هذا مجهول الحال، فقد ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 228) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
ويؤكد ذلك أنَّ عبد العزيز توبع عليه، تابعه بكر بن خنيس - كما في (الكامل لابن عدي 2/ 25) - عن مطرف، عن خالد، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، به. إلَّا أنه أسقط سليطًا.
وعلى كُلٍّ، فهو سند لا يصحُّ؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: جهالة حال سليط بن أيوب، وسبق الكلام عليه.
الثاني: جهالة حال خالد بن أبي نوف؛ قال أبو حاتم: «يروي ثلاثة أحاديث مراسيل» (الجرح والتعديل 3/ 356)، وذكره ابن حبان في (الثقات 6/ 264) - على قاعدته -، وقال الحافظ:«مقبول» (التقريب 1683).
ولذا قال الحافظ المزي: «إسناده مجهول» (تحفة الأشراف 3/ 387).
الثالثة: الانقطاع بين خالد وسليط، بينهما محمد بن إسحاق، كما سيأتي في الطريق التالي.
الطريق الثالث: عن سليط، عن أبي سعيد - بإسقاط عبيد الله -:
أخرجه البخاري في (تاريخه 3/ 169) - ومن طريقه الخطيب في (موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 83) - قال: حدثنا عبيد بن أسباط، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مطرف، عن خالد السجستاني، عن محمد بن
إسحاق، عن سليط، عن أبي سعيد، به، مقتصرًا على آخره.
وأخرجه الطبري في (تهذيب الآثار 1052) من طريق محمد بن فضيل، وأسباط بن محمد - مقرونًا - قالا: حدثنا مطرف،
…
فذكره.
قال الدارقطني: «فرجع الحديث إلى ابن إسحاق وأرسله عن أبي سعيد» (العلل 5/ 450).
قلنا: وهذا أيضًا لا يصحُّ؛ فيه أربع علل:
الأولى والثانية: جهالة خالد وسليط، وقد سبق الكلام عليهما.
الثالثة: الانقطاع بين سليط وأبي سعيد، بينهما عبيد الله، كما سبق في الطريق الأول. هكذا رواه الثقات من أصحاب ابن إسحاق عنه، عن سليط، عن عبيد الله.
الرابعة: المخالفة، فقد خالف خالد بن أبي نوف الثقات من أصحاب ابن إسحاق، فجعله (عن ابن أبي سعيد، عن أبيه)، ورووه - كما سبق - (عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد). فرواية خالد منكرة.
هذا، وقد اختلفت أقوال أهل العلم في الحكم على هذا الحديث:
فقال أبو الحسن الميموني - كما في (تهذيب الكمال 19/ 84) - عن أحمد بن حنبل: «حديث بئر بضاعة صحيح، وحديث أبي هريرة: «لا يُبَالُ فِي المَاءِ الرَّاكِدِ» أثبتُ وأصحُّ إسنادًا"
(1)
.
(1)
وقال مغلطاي: «وفى علل الخلال: ثنا أبو الحارث أنه سأل أبا عبد الله عن هذا الحديث فقال: «حديث بئر بضاعة صحيح، وحديث أبي هريرة: «لَا يُبَالُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» أثبتُ وأصحُّ إسنادًا. قال: وبئر بضاعة عند سقيفة بني ساعدة»» (شرح سنن ابن ماجه 2/ 146).
وقال يحيى بن معين: «إسناده جيد» (تخريج أحاديث الإحياء ص 308)
(1)
.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن، وقد جوّد أبو أسامة هذا الحديث، فلم يرو أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة» اهـ.
وقال ابن المنذر: «ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» » (الأوسط 1/ 284).
وصححه الحاكم، كما في (البدر المنير 1/ 387).
وقال ابن حزم: «هذا حديث صحيح، جميع رواته معروفون عدول» (البدر المنير 1/ 387)
(2)
.
وقال ابن عبد البر: «محفوظ من حديث أبي سعيد الخدري» (الاستذكار 1/ 162).
وقال عبد الحق الإشبيلي: «هذا حديث حسن» (الأحكام الصغرى 1/ 114).
وقال البغوي: «هذا حديث حسن صحيح» (شرح السنة 2/ 61).
وقال ابن العربي: «حديث بئر بضاعة لا بأس به» (عارضة الأحوذي 1/
(1)
هكذا نقل عنه العراقي بلفظه، وقال ابن الملقن:«صححه ابن معين» (البدر المنير 1/ 382، 387)، وتبعه على ذلك ابن حجر في (التلخيص الحبير 1/ 126). وغيره.
(2)
وعزَاه ابن الملقن لكتابه المحلى، ولم نجده في المطبوع بعد طول بحث. والله أعلم.
84)
(1)
.
وقال النووي: «قوله (الْمَاءُ طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ) فصحيح من رواية أبي سعيد الخدري» (المجموع 1/ 110).
وقال في الخلاصة: «قال الترمذي: (حسن)، وفي بعض النسخ:(حسن صحيح). وقال الإمام أحمد بن حنبل: (هو صحيح). وكذا قال آخرون، وقولهم مقدَّم على قول الدارقطني: (إنه غير ثابت
(2)
)» (خلاصة الأحكام 1/ 65).
وقال شيخ الإسلام: «قد صحَّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: إنَّك تَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ
…
الحديث» (مجموع الفتاوى 21/ 41). وبنحوه في (مجموع الفتاوى 21/ 60).
وحسَّنه ابن سيد الناس اليعمري، كما في (فيض القدير 6/ 248).
وقال ابن عبد الهادي: «وفي إسناد هذا الحديث اختلاف، لكن صححه أحمد» (المحرر في الحديث ص 83).
وقال الذهبي: «أخرجه (ت) وكذا رواه (د)، عن جماعة، عن أبي أسامة، وله طرق أخر واهية. ويروى عن أحمد تصحيح خبر بئر بضاعة، وسنده حسن وعبيد الله راويه مُقِلٌّ جدًّا» (تنقيح التحقيق 1/ 15).
وصححه: ابن القيم في (تهذيب سنن أبي داود 1/ 83)، والعراقي، كما في
(1)
وقد خالف قوله هنا في أحكام القرآن فضعَّفه، كما سيأتي.
(2)
الصواب أن الدارقطني قال ذلك في حديث أبي هريرة، لا حديث أبي سعيد. كما سيأتي بيانه مفصلًا في التنبيهات.
(فيض القدير 6/ 248).
وقال ابن الملقن: «والذي يظهر، صحة الحديث مُطلقًا، كما صححه الأئمة المتقدمون: الترمذي، وأحمد، ويحيى بن معين، والحاكم، وهم أئمة هذا الفن والمرجوع إليهم» (البدر المنير 1/ 387).
ورمز لصحته السيوطي في (الجامع الصغير 2095).
وقال المناوي: «حسَّنه الترمذي وصححه أحمد، فنفى ثبوته ممنوع» (التيسير 1/ 299).
وقال الشوكاني: «ومجموع ما ورد في ذلك صالح للاحتجاج به ولا شك ولا شبهة ولا يقدح في مجموع الطرق ما قيل في بعضها من الكلام الذي لا يوجب سقوط الاحتجاج» (السيل الجرار ص 34).
وصحَّحه الألباني بمجموع طرقه وشواهده، فقال:«رجاله كلهم ثقات رجال للشيخين؛ غير عبيد الله بن عبد الله هذا، وقد قيل في اسمه خمسة أقوال؛ هذا أحدها؛ وهو كما قال ابن القطان: (لا يُعرف له حال ولا عين). وقال الحافط في التقريب إنه (مستور)، لكن الحديث صحيح ثابت؛ بما له من الطرق والشواهد» . ونقل عن الترمذي قوله: «وقد رُوِيَ هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد» . ثم قال: «وكأنَّه من أجل هذه الطرق التي أشار إليها الترمذي حسَّنه هو، وصححه أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين؛ كما في التلخيص، واحتجَّ به ابن حزم. وقال النووي في المجموع إنه حديث صحيح» (صحيح أبي داود 1/ 110 / رقم 59)، وبنحوه في (الإرواء 14).
وفي المقابل:
قال ابن منده: «هذا إسناد مشهور، أخرجه أبو داود والنسائي، وتركه
البخاري ومسلم لاختلاف في إسناده
…
وعبيد الله مجهول. فهذا حديث معلول برواية عبيد الله بن عبد الله بن رافع» (البدر المنير 1/ 385).
وأعلّه ابن القطان أيضًا بجهالة عبيد الله، فقال - بعد أن ذكر الخلاف في اسمه -:«وكيفما كان فهو من لا تعرف له حال ولا عين» (بيان الوهم والإيهام 3/ 309).
وتعقبه ابن الملقن فقال: «وتضعيف ابن القطان إيَّاه لجهالة الوسائط بين سليط بن أيوب وأبي سعيد، يعارضه رواية سليط، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، وليست مما ذكره، فليس عبد الرحمن هذا مجهولًا، روى له الجماعة إلَّا البخاري.
وأما قوله: إِنَّ الخمسة الذين رووه عن أبي سعيد كلُّهم مجاهيل. ففيه نظر؛ لأَنَّ تصحيح الحفاظ الأول لهذا الحديث توثيق منهم لهم، إذ لا يظن بمن دونهم الإقدام على تصحيح ما رجاله مجاهيل؛ لأنه تدليس في الرواية وغش، وهم براءٌ من ذلك. وقد وثق أبو حاتم ابن حبان عبيد الله بن عبد الله بن رافع، وعبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، وعقد لهما ترجمتين في (ثقاته). وهما في كتاب البخاري واحد، وكذلك عند ابن أبي حاتم، بل لعل الخمسة المذكورين عند ابن القطان واحد عند البخاري» (البدر المنير 1/ 387).
قلنا: وفي تقويته الحديث برواية عبد الرحمن بن أبي سعيد، غير صواب، فهذه الرواية سبق أن بينَّا أنها منكرة، أخطأ فيها خالد بن أبي نوف - وهو مجهول -، والصواب فيه: رواية سليط، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع.
وقال ابن العربي المالكي: «حديث ضعيف لا قَدَمَ له في الصحة، فلا تعويل عليه
…
ولذلك لما لم يجد البخاري إمام الحديث والفقه في الباب خبرًا صحيحًا يعول عليه قال: (باب إذا تغير وصف الماء)
(1)
وأدخل الحديث الصحيح: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ» . فأخبر صلى الله عليه وسلم أنَّ الدم بحاله، وعليه رائحة المسك، ولم تخرجه الرائحة عن صفة الدموية» (أحكام القرآن 3/ 440).
[تنبيهات]:
الأول: نقل ابن الجوزي في (التحقيق 15)، والنووي في (خلاصة الأحكام 1/ 65) عن الدارقطني أنَّه قال:«الحديث غير ثابت» .
قال الحافظ: «ولم نرَ ذلك في العلل له ولا في السنن» (التلخيص الحبير 1/ 126).
والصواب أنَّ الذي نقله ابن الجوزي والنووي، قاله الدارقطني في (العلل 1476) في مسند أبي هريرة، ونصُّ كلامه بعد أن ذكر شيئًا من الاختلاف فيه على ابن أبي ذئب:«فيه كلام كثير والحديث غير ثابت» ، وهو محمول على عدم ثبوته من حديث أبي هريرة؛ لأنَّه قاله عندما سُئل عن حديثه، فلما سُئل عن حديث أبي سعيد ذكر الخلاف فيه ثم قال: «وأحسنها إسنادًا رواية
(1)
هذا الباب، لا يوجد في نسخ البخاري المطبوعة، وأقرب الأبواب فيه لمراد ابن العربي:(باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء)، وقد ذكر فيه الحديث الذي ذكره ابن العربي مع تغاير في اللفظ. ولعل ما ذكره ابن العربي موجود في بعض نسخ المغاربة. والله أعلم.
الوليد بن كثير عن محمد بن كعب». والله أعلم.
قال ابن عبد الهادي: «وما حكاه المؤلف عنه - من قوله: (والحديث غير ثابت) -: يريد به حديث أبي هريرة لا حديث أبي سعيد كما صرَّح به في العلل» (تنقيح التحقيق 1/ 31).
الثاني: قال ابن عبد البر: «ومنها حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي عليه السلام أنه سُئل عن بئر بضاعة فقيل له إنه يطرح فيها لحوم الكلاب والعذرة وأوساخ الناس، فقال: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ فَغَيَّرَهُ» ». ثم قال: «وهذا إجماع لا خلاف فيه إذا تغير بما غلب عليه من نجس أو طاهر أنه غير مطهر» (الاستذكار 1/ 433).
قلنا: ولم نقف على رواية للحديث بهذه الزيادة التي ذكرها. فالله أعلم.
الثالث: قال الرافعي: «رُوِيَ أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر بضاعة وكان ماؤها كنقاعة الحناء» (فتح العزيز 1/ 125). وكذا ذكره بنحوه ابن المنذر - كما سيأتي -، وابن قدامة في (المغني 1/ 24)، ولكنهما لم يذكرا (بضاعة). وأما ابن الجوزي فذكره بلفظ:«تَوضَّأَ مِنْ غَدِيرٍ كَأَنَّ مَاءَهُ نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ» (تلبيس إبليس ص 123).
قلنا: ولم نقف بعد طول بحث على هذا الوصف في أي رواية مسندة، وسبقنا إلى ذلك ابن الملقن، فقال: «ووقع في (الرافعي): إنَّ ماء هذه البئر كان كنقاعة الحناء. وهذا غريب جدًّا، لم أره بعد البحث، وسؤال بعض الحفاظ عنه، وهذا الوصف لا أعلمه يلقى إلَّا في صفة البئر التي سحر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي بئر ذروان
(1)
» (البدر المنير 1/ 390).
(1)
كما في الصحيحين من حديث عائشة، وفيه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في وصف في بئر ذروان هذه: «يَا عَائِشَةُ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ،
…
». أخرجه البخاري (5763)، ومسلم (2189)، وسيأتي تخريجه - إن شاء الله تعالى - في أبواب السحر من «كتاب الطب» ، من هذه الموسوعة المباركة، يسر الله إتمامها. وليس فيه أنه صلى الله عليه وسلم توضَّأ منها.
وقال الحافظ: «ذكره ابن المنذر، فقال: ويروى «أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مِنْ بِئْرٍ كَأَنَّ مَاءَهُ نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ» فلعل هذا معتمد الرافعي فينظر إسناده من كتابه الكبير .... وفي الجملة لم يرد ذلك في بئر بضاعة» (التلخيص الحبير 1/ 14 - 15).
قلنا: ولم نقف على كلام ابن المنذر هذا في كتابه (الأوسط)، فلعله من الأجزاء المفقودة حتى الآن.
رواية: مِنْ غَدِيرٍ كَانَ يُلْقَى فِيهِ لُحُومُ الْكِلَابِ:
• وفي رِوايةٍ بلفظ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ - أَوْ شَرِبَ - مِنْ غَدِيرٍ كَانَ يُلْقَى فِيهِ لُحُومُ الْكِلَابِ - قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: وَالْجِيَفُ - فَذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ له: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف.
[التخريج]:
[عب 257].
[السند]:
أخرجه (عبد الرزاق): عن مَعْمَر، عن ابن أبي ذئب، عن رجل، عن أبي سعيد، به.
[التحقيق]:
وهذا إسناد ضعيف؛ لإبهام الرجل.
هكذا رواه عبد الرزاق، عن مَعْمَر، وابن أبي ذئب إنما رواه عمّن لا يتهم، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد - بغير هذا السياق -.
كذا رواه عنه ابن المبارك وابن وهب، وانظر الكلام عليه فيما سبق.
رِوَايةُ: أَتَيْنَا عَلَى غَدِيرٍ فِيهِ جِيْفَةٌ:
• وفي رِوايةٍ: كُنَّا مَعَ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْنَا عَلَى غَدِيرٍ (فَإِذا نَحْنُ بِنَهْرٍ مِنْ مَاءٍ أَوْ غَدِيرٍ) 1 فِيهِ جِيْفَةٌ (شَاةٌ مَيْتَةٌ) 2 - [قال شَرِيكٌ: أَحْسِبُه قالَ: حِمَارٌ] 1، فَتَوَضَّأَ بَعْضُ الْقَوْمِ، وَأَمْسَكَ بَعْضُ القَوْمِ (فَأَمْسَكْنَا أَيْدِينَا) 3 (فَلَمْ نَمَسَّهُ) 4 حَتَّى يَجِيءَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَقالَ: «[مَا لَكُمْ؟ «قُلْنَا: هَذِهِ جِيفَةٌ، قالَ:] 2
…
» تَوَضَّئُوا، واشْرَبُوا؛ فَإِنَّ الْمَاءَ لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ». [فَتَوَضَّأْنَا واسْتَقَيْنَا مِنْهُ] 3».
[الحكم]:
ضعيف جدًّا بهذا السياق والتمام.
[التخريج]:
[طي 2269 واللفظ له/ طهور 147 والزيادة الأولى والثالثة له/ تطبر (مسند ابن عباس 1056) والزيادة الرابعة، والرواية الرابعة له ولغيره/ عد (6/ 345 - 346) / هقخ 978 والرواية الأولى والثانية والثالثة له/ هق 1233، 1234].
[السند]:
رواه الطيالسي - ومن طريقه البيهقي في (السنن) - قال: حدثنا قيس، عن طريف بن سفيان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، به.
ومدار الحديث عندهم بهذا السياق على طريف، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ لأجل طريف السعدي: فهو متفق على ضعفه، بل قال أحمد بن حنبل:«ليس بشيء لا يكتب عنه» (الضعفاء للعقيلي 2/ 299). وقال النسائي والدارقطني: «متروك الحديث» . انظر: (الضعفاء
للنسائي 318)، و (سؤالات البرقاني للدارقطني 239). وهذا هو اللائق بحاله.
وقال البيهقي - عقب روايته في السنن (1234) -: «وليس هو بالقوي إلَّا أنِّي أخرجته شاهدًا لما تقدم» . وبنحوه في الخلافيات عقب (978).
وقد جعل الألباني أيضًا طريق طريف هذا شاهدًا لطريق عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع المذكور في الروايات السابقة فقال - بعد أن ذكر قول ابن عدي في طريف -: «روى عنه الثقات وإنما أنكر عليه في متون الأحاديث أشياء لم يأتِ بها غيره وأما أسانيده فهي مستقيمة» فقال الألباني: «قلت: وهذا المتن قد جاء به غيره كما رأيت فيمكن أن يعتبر إسناده هذا شاهدًا لذلك» (الإرواء 1/ 46).
قلنا: وفي كون هذا شاهدًا لما تقدم نظر؛ وذلك لأمرين:
الأول: أنَّ طريفًا ضعيف جدًّا، لا يُعتبر به، كما هو واضح من كلام أحمد وغيره.
الثاني: أنَّ المتن مخالف لما سبق، فهذه قصة غدير، لا قصة بئر، والسياق مخالف تمامًا لسياق قصة بئر بضاعة. فالقدر المشترك بينهما هو قوله:«إِنَّ الْمَاءَ لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» فقط. فهذا يعتبر دليلًا على ضعفه، لا العكس. والله أعلم.
وفي الإسناد قيس، وهو ابن الربيع: فيه ضعف، ولكنه متابع، تابعه شريك النخعي - كما عند أبي عبيد في (الطهور)، وابن عدي في (الكامل) -.
رِوَايةٌ: عَنْ جَابرٍ أَوْ أَبِي سَعيدٍ:
• وفي روايةٍ: عن جَابرٍ أَوْ أَبي سَعيدٍ رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرِنَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى غَدِيرٍ [فيه]
(1)
جِيفَة -[قَالَ: أُرَاهُ حِمَارًا]-، فَكَفَفْنَا وَكَفَّ النَّاسُ، حَتَّى أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَا لَكُمْ لَا تَسْتَقُونَ؟» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ الْجِيفَةُ. فَقَالَ:«اسْتَقُوا، فَإِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» فَاسْتَقَيْنَا وَارْتَوَيْنَا.
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[طح (1/ 12) واللفظ له/ تطبر (مسند ابن عباس 1056) والزيادتان له/ هقخ 979].
[السند]:
قال الطحاوي: حدثنا فهد بن سليمان بن يحيى، قال: محمد بن سعيد الأصبهاني، قال: أنا شريك بن عبد الله النخعي، عن طريف البصري، عن أبي نضرة، عن جابر، أو أبي سعيد، به.
ورواه الطبري والبيهقي: من طريق محمد بن سعيد الأصبهاني، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف، فيه علتان:
الأولى: طريف السعدي: متروك، وقد سبق الكلام عليه.
(1)
هكذا عند الطبري والبيهقي، وفي (شرح معاني الآثار):(وجيفة). بالواو، وهذا خطأ ظاهر.
الثانية: شريك النخعي: سيء الحفظ، وقد اضطرب فيه على وجوه:
فرواه الهيثم بن جميل (ثقة) - كما عند أبي عبيد في (الطهور) -، ومحمد بن الصباح الدولابي (ثقة حافظ) - كما عند ابن عدي في (الكامل) -، عن شريك، عن طريف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد وحده. وتابعه على هذه الرواية قيس بن الربيع. كما سبق.
ورواه محمد بن سعيد بن الأصبهاني (ثقة) - كما عند الطحاوي وغيره -، عن شريك، عن طريف، عن أبي نضرة، عن جابر أو أبي سعيد. بالشك بينهما.
ورواه يزيد بن هارون (ثقة متقن) - كما عند ابن ماجه، وسيأتي إن شاء الله -، عن شريك، عن طريف، عن أبي نضرة، عن جابر. بلا شك.
وهذا الاختلاف من شريك نفسه فإنه سيئ الحفظ، والذين اختلفوا عليه ثقات أثبات، والصواب فيه أنَّه عن أبي سعيد؛ لأنَّه توبع عليه بخلاف الروايات الأخرى.
وهذا ما رجَّحه البيهقي؛ حيث قال - عقب روايته في (السنن الكبرى 1234) -: «وقد قيل: عن شريك بهذا الإسناد، عن جابر وقيل: عنه، عن جابر أو أبي سعيد بالشك. وأبو سعيد كأنَّه أصحُّ» .
رِوَايةُ: نَزَلْنَا مَنْزِلًا:
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا.
[اللغة]:
الغَديرُ: قطعة من الماء يغادرها السيل. (مختار الصحاح 1/ 488).
[التخريج]:
[تطبر (مسند ابن عباس 1057)].
[السند]:
قال (الطبري): حدثنا عمرو بن علي الباهلي، قال: حدثنا قُرَّة بن سليمان، عن سليمان بن أبي داود حدثنا أبو مسكين، عن أبي سعيد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ مسلسل بالعلل:
الأولى: قُرَّة بن سليمان؛ قال أبو حاتم: «ضعيف الحديث» (الجرح والتعديل 7/ 131).
الثانية: سليمان بن أبي داود الحراني؛ قال فيه البخاري: «منكر الحديث» (التاريخ الكبير 4/ 11)، وقال أبو حاتم:«ضعيف الحديث جدًّا» ، وقال أبو زرعة:«لين الحديث» (الجرح والتعديل 4/ 115).
وقال أحمد: «ليس بشيء» ، وضعَّفه غير واحد، انظر (لسان الميزان 3608).
الثالثة: الانقطاع؛ أبو مسكين هذا الظاهر أنه الحر بن مسكين، من السادسة كما في (التقريب 1161) وقال فيه الحافظ:«مقبول» ، وهذا مردود بتوثيق ابن معين له، كما في (الجرح والتعديل 3/ 277) إلَّا أنَّه يَروِي عن التابعين، ولم يذكروا له رواية ولا سماع من الصحابة، فالسند منقطع، والله أعلم.
15 -
حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ:
◼ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّكَ تَتَوَضَّأُ
(1)
مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَفِيهَا مَا يُنْجِي النَّاسُ وَالْمَحَايِضُ وَالْخَبَثُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمَاءُ لَا يُنْجِسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف؛ واستغربه ابن عبد البر.
[التخريج]:
[أيمن (وهم 5/ 225)، (حبير 1/ 126) / أصبغ (وهم 5/ 224)، و (حبير 1/ 126) / استذ (2/ 108 - 111/ 1608) / محلى (1/ 155)].
[السند]:
أخرجه قاسم بن أصبغ في «مصنفه» - ومن طريقه ابن عبد البر في (الاستذكار) -.
ورواه محمد بن عبد الملك بن أيمن في «مستخرجه على سنن أبي داود» - ومن طريقه ابن حزم في (المحلى) -.
كلاهما (ابن أصبغ، وابن أيمن) قالا: حدثنا محمد بن وضاح، قال: حدثنا أبو علي، عبد الصمد بن أبي سكينة الحلبي بحلب، قال: حدثنا
(1)
في المحلى: (إِنَّا نتوضأ)، وذكر محققه أنه في «المصرية» بلفظ:«إنك تتوضأ» ، وكذا نقله الشيخ الألباني في (صحيح أبي داود) من المحلى على الصواب كما في بقية المصادر، وانظر ما ذكرناه في التعليق على الرواية الأولى من حديث أبي سعيد الخدري.
عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد الساعدي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، عدا عبد الصمد بن أبي سكينة؛ قال فيه أبو بكر ابن مفوز
(1)
: «مجهول العين والاسم، منكر الحديث والرواية، غير عدل ولا ثقة، إنما يُعرف برواية ابن وضاح» (ذيل ميزان الاعتدال ص 154).
وأما ابن حزم فقال في (كتاب الإيصال): «ثقة مشهور» (شرح سنن ابن ماجه مغلطاي 2/ 148). وتعقبه الحافظ ابن حجر فقال: «ابن أبي سكينة الذي زعم ابن حزم أنه مشهور، قال ابن عبد البر وغير واحد: إنه مجهول، ولم نجد عنه راويًا إلَّا محمد بن وضاح» (التلخيص الحبير 1/ 127).
وقال الألباني: «وتعقبه - يعني ابن حجر - بعض الأفاضل من المعاصرين بأنه قد عرفه قاسم بن أصبغ وابن حزم، ومن عرف حجة على من لم يعرف» (صحيح أبي داود 1/ 113).
قلنا: وهذا كلام وجيه، إلَّا أنَّ تفرد ابن حزم بتوثيقه، لا يمكن الاعتماد عليه، لما عُرف عنه من التساهل في توثيق المجاهيل والضعفاء، وتجهيل الثقات الأثبات
(2)
. كيف وقد خولف؟ !
(1)
هو الحافظ محمد بن حيدرة بن مفوز بن أحمد بن مفوز، أبو بكر المعافري، الشاطبي. قال عنه الذهبي:«كان حافظًا للحديث وعلله، عارفًا برجاله، متقنًا، ضابطًا، عارفًا بالأدب والشعر والمعاني، كامل العناية بذلك، أسمع الناس بقرطبة، وتصدر وعلم إلى أن توفي سنة خمس وخمسمائة، وكان مولده سنة ثلاث وستين، رحمه الله» (تاريخ الإسلام 11/ 61).
(2)
قال الحافظ في ترجمة ابن حزم من (اللسان): «وكان واسع الحفظ جدًّا، إِلَّا أنه لثقة حافظته كان يهجم بالقول في التعديل والتجريح وتبين أسماء الرواة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة، وقد تتبع كثيرا منها الحافظ قطب الدين الحلبي» (لسان الميزان 4/ 198).
وقد صحح ابن القطان إسناد هذا الحديث، ونقل عن قاسم بن أصبغ قوله:«هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة» . وقوله أيضًا: «ويُروى حديث سهل بن سعد في بئر بضاعة من طرق هذا خيرها» (بيان الوهم والإيهام 5/ 224)، وانظر أيضًا (التلخيص الحبير 1/ 127).
قلنا: ولعل اعتمد في تصحيحه على توثيق ابن حزم لراويه، وفيه نظر كما سبق بيانه.
ومثله ابن الملقن، حيث قال:«رواه قاسم بن أصبغ بسند حسن» (البدر المنير 1/ 396).
وأما ابن عبد البر، فاستغربه من هذا الوجه، قال:«هذا اللفظ غريب في حديث سهل، ومحفوظ من حديث أبي سعيد الخدري، لم يأتِ به في حديث سهل غير ابن أبي حازم» (الاستذكار 1609).
قلنا: وابن أبي حازم ثقة صدوق، كما قال يحيى بن معين، ولا يضره تفرده بهذا الحديث عن أبيه، لمكانته منه. والله أعلم.
رواية: مختصرة:
• وفي رِوايةٍ مقتصرًا على قوله: «المَاءُ لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا، واستنكره الذهبي.
[التخريج]:
[قط 48 واللفظ له/ تحقيق 12].
[السند]:
أخرجه الدارقطني - ومن طريقه ابن الجوزي - قال: حدثنا محمد بن الحسين الحراني أبو سليمان، نا علي بن أحمد الجرجاني، نا محمد بن موسى، نا فضيل بن سليمان النميري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: علي بن أحمد الجرجاني؛ قال الحاكم: «صاحب كتاب البخاري كثير السماع معروف بالطلب إلَّا أنه وقع إلى أبي بشر المصعبي الفقيه وكأنَّه أخذ بسيرته في الحديث فظهرت منه المجازفة عند الحاجة إليه فترك» (سؤالات السجزي 8).
قلنا: والمصعبي هذا وضَّاع، فكأنَّ الحاكم يتهمه، ولذا قال الذهبي:«وهَّاهُ الحاكم» (سير أعلام النبلاء 17/ 22). وقال أيضًا: «تركه الحاكم» (الميزان 5779)، و (المغني 4222). وأقرَّه الحافظ في (اللسان 5308).
ومع هذا قال ابن عبد الهادي: «وشيخ الدارقطني وشيخ شيخه: ثقتان، والله أعلم» (تنقيح التحقيق 1/ 24). وفيه نظر، لما ذكرناه.
الثانية: محمد بن موسى بن نفيع الحرشى، أبو عبد الله البصري، قال فيه الحافظ:«لين» (التقريب 6338).
الثالثة: فضيل بن سليمان النميري؛ وهو ضعيف؛ ضعَّفه جمهور النقاد، وانظر ترجمته في (تهذيب التهذيب 8/ 291 - 292). وقد تقدمت قريبًا.
وبه أعله ابن الجوزي، حيث نقل - عقبه - قول ابن معين فيه:«ليس بثقة» (التحقيق 1/ 40).
ولذلك قال الذهبي: «وهذا حديث منكر، لكن يأتي هذا بسند صحيح» (تنقيح التحقيق 1/ 14).
* * *
16 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قُلنَا: يَا رسُولَ اللهِ إِنَّا لَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ يَطْرَحُ فِيهَا النَّاسُ ما ينجسُ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«الْمَاءُ لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا، وقال الدارقطني:«غير ثابت» ، وأقرَّه ابن الملقن، واستغربه ابن منده.
[التخريج]:
[منده (أمالي ق 39/ ب) واللفظ له/ علقط (4/ 123/ 1476) معلقًا].
[السند]:
سُئل الدارقطني عن هذا الحديث، فقال: يرويه ابن أبي ذئب، واختلف عنه؛
فرواه عبد الله بن ميمون القداح، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة.
وخالفه عدي بن الفضل: رواه عن ابن أبي ذئب، عن محمد بن إسحاق، عن عياض وعقبة، عن أبي هريرة. ورواه وكيع، عن ابن أبي ذئب».
كذا بالمطبوع (ورواه وكيع، عن ابن أبي ذئب)، دون أن يبين على أي وجه رواه وكيع.
قلنا: وقد وقفنا عليه مسندًا، في جزء فيه (مجالس من أمالي أبي عبد الله ابن منده ق 39/ ب) قال ابن منده: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين
المقرئ، أنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر، أنا عبد الله بن ميمون القداح، أنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، به.
وقال عقبه: «هذا حديث غريب من حديث ابن أبي ذئب لم نكتبه إِلَّا من هذا الوجه» .
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه عبد الله بن ميمون القدَّاح؛ قال الحافظ: «منكر الحديث متروك» (التقريب 3653).
وخالفه عدي بن الفضل وهو أيضًا: «متروك» كما في (التقريب 4545).
ولذا قال الدارقطني - عقب ذكر أوجه الخلاف السابقة -: «فيه كلام كثير، والحديث غير ثابت» . وأقرَّه ابن الملقن في (البدر المنير 1/ 397).
17 -
حَدِيثُ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ الْمَخْزُومِيِّ معضلًا:
◼ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، قَالَ: وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا النَّتِنُ وَالْمَحَايِضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ؟ فَقَالَ: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنْجِسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
إسناده معضل.
[التخريج]:
[تطبر (مسند ابن عباس 1054)].
[السند]:
قال الطبري في (تهذيب الآثار): حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي، قال: حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة، قال: حدثني الوليد بن كثير المخزومي، به.
[التحقيق]:
هذا سند رجاله ثقات، إلَّا أنه معضل؛ فالوليد من الطبقة السادسة، وهذه الطبقة لم يثبت لها سماع أحد من الصحابة، إنما رواه الوليد، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد الخدري، به. كما سبق في أول الباب.
18 -
حَدِيثُ جَابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ:
◼ عَنْ جَابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: انْتَهَينا إِلَى غَدِيرٍ، فإِذَا فِيهِ جِيفَةُ حِمارٍ، قَالَ: فَكَفَفْنَا عَنْهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«إِنَّ الْمَاءَ لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ، فَاسْتَقَيْنَا وَأَرْوَيْنَا وَحَمَلْنَا.
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا، وضعَّفه مغلطاي، وابن الملقن، وابن حجر، والبوصيري، والألباني.
[التخريج]:
[جه 525].
[السند]:
قال ابن ماجه: حدثنا أحمد بن سنان حدثنا يزيد بن هارون حدثنا شريك، عن طريف بن شهاب، قال: سمعت أبا نضرة يحدث، عن جابر بن عبد الله، فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: طريف السعدي: متروك، وقد سبق الكلام عليه.
قال مغلطاي: «هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف راويه أبي سفيان طريف بن شهاب السعدي» (شرح ابن ماجه 2/ 149).
وقال ابن الملقن: «رواه ابن ماجه في (سننه) بإسناد على شرط الصحيح، لولا طريف بن شهاب السعدي، فإنه واهٍ متروك عندهم، حتى قال فيه ابن حبان: إنه كان مغفلًا، يهمُّ في الأخبار، حتى يقلبها، ويروي عن الثقات
ما لا يشبه حديث الأثبات» (البدر المنير 1/ 394).
وقال ابن حجر: «رواه ابن ماجه وفي إسناده أبو سفيان طريف بن شهاب وهو ضعيف متروك، وقد اختلف فيه على شريك» (التلخيص الحبير 1/ 129).
وقال البوصيري: «هذا إسناد فيه طريف بن شهاب وقد أجمعوا على ضعفه، وله شاهد من حديث أبي سعيد رواه الترمذي والنسائي» (الزوائد 1/ 76).
قلنا: وفي كون هذا شاهدًا لحديث عبيد الله، عن أبي سعيد - نظر، بينَّاه فيما سبق.
وقال الألباني: «منكر بقصة الجيفة، والمرفوع منه صحيح بقصة أخرى، ولذلك ذكرته في الصحيح أيضًا» (ضعيف سنن ابن ماجه 104)، قلنا: والقدر الذي صححه هو قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمَاءَ لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ، فَاسْتَقَيْنَا وَأَرْوَيْنَا وَحَمَلْنَا. (صحيح سنن ابن ماجه 426).
العلة الثانية: شريك النخعي؛ سيء الحفظ، وقد اضطرب فيه على وجوه - سبق ذكرها -، وهذا أحد أوجه اضطرابه، وذكرنا هناك أنَّ الصواب أنه من حديث أبي سعيد.
[تنبيه]:
قال ابن الملقن: «لكن يقع في بعض نسخه بدله (طارق بن شهاب)، فإن صحَّ - مع بعده - فهو الأحمسي، صحابي، فيصحُّ السند» (البدر المنير 1/ 394).
قلنا: وهذا في غاية البعد، فأين شريك (المتوفى سنة 177 أو 178 هـ) من طارق بن شهاب (المتوفى سنة 82 أو 83 هـ). والصواب أنه (طريف بن
شهاب)، فهو المعروف بهذه الرواية كما سبق من طرق عن شريك عنه. وتصحيف (طريف) إلى (طارق) قريب. والله أعلم.
19 -
حَدِيثُ عَوْفِ الْأَعْرَابِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي الحَسَنِ - مُعْضَلًا -:
◼ عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا فِي مَجْلِسِ الْأَشْيَاخِ قَبْلَ وَقْعَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ شَيْخٌ فَكَانَ يَقُصُّ عَلَيْنَا قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا فِي مَسِيرٍ لَهُمْ فَانْتَهَوْا إِلَى غَدِيرٍ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ جِيفَةٌ فَأَمْسَكُوا عَنْهُ حَتَّى أَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ الْجِيفَةُ فِي نَاحِيَتِهِ فَقَال: «اسْقُوا وَاسْتَقُوا فَإِنَّ الْمَاءَ يَحِلُّ وَلَا يَحْرُمُ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف؛ وضعفه ابن حجر.
[التخريج]:
[ش 1514 واللفظ له/ طهور 148/ مسد (مط 2/ 76/ 7)، (خيرة 418، 3717)].
[السند]:
رواه (ابن أبي شيبة، ومسدد): عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، عن عوف الأعرابي، به.
وهذا الشيخ الذي كان يقصُّ، هو سعيد بن أبي الحسن البصري أخو الحسن البصري؛ فقد رواه (أبو عبيد)، عن هُشَيْم، قال: أخبرنا عوف قال: ثنا سعيد بن أبي الحسن به مرسلًا.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين إلَّا أنَّه معضل، فالصيغة المذكورة في طريق ابن عُلَيَّةَ وهي قوله: «بَلَغَنِي أَنَّ أَصْحَابَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
…
» تفيد أنه لم يأخذه عن أحد من الصحابة وإنما بواسطة.
ولذا قال الحافظ: «سند ضعيف» (المطالب العالية 2/ 76).
20 -
حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الحِياضِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدينَةِ، [فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ] تَرِدُهَا السِّباعُ، وَالْكِلابُ، وَالْحُمُرُ، وَعَنِ الطَّهارَةِ بِهَا؟ فَقَالَ [رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم]:«لَهَا مَا حَمَلَتْ في بُطُونِها، وَلَنَا مَا غَبَرَ (بَقِيَ) طَهُورٌ» .
[الحكم]:
ضعيف، وضعَّفه الطحاوي، والبيهقي، والتبريزي، وابن حجر، والبوصيري، والألباني، والمباركفوري.
[التخريج]:
[جه 524 واللفظ له/ مشكل 2647 والزيادتان والرواية له ولغيره/ خصر (1/ 120) / تطبر (مسند ابن عباس 1058) / هق 1235].
[السند]:
رواه (ابن ماجه) قال: حدثنا أبو مصعب المدني حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، به.
وتوبع عليه أبو مصعب (وهو أحمد بن أبي بكر الزُّهري):
فرواه (الطبري، والطحاوي، والبيهقي) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد الرحمن بن زيد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: ضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ قال الذهبي: «ضعَّفوه» (الكاشف 3196). وقال الحافظ: «ضعيف» (التقريب 3865).
الثانية: الاضطراب؛ فقد اضطرب فيه عبد الرحمن فمرة يجعله من مسند أبي سعيد، وأخرى يجعله من مسند أبي هريرة - وسيأتي تخريجه إن شاء الله -.
قال البيهقي: «هكذا رواه إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد الرحمن، وروي عن ابن وهب، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي هريرة، وعبد الرحمن بن زيد ضعيف لا يحتجُّ بأمثاله، وقد رُوِيَ من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعًا، وليس بمشهور
(1)
» (السنن الكبرى 2/ 273)، واقتصر في (الخلافيات 928) على تضعيفه بعبد الرحمن.
وقال الطحاوي - بعد أن روى الحديث من الوجهين -: «هذا الحديث
…
ليس من الأحاديث التي يحتجُّ بمثلها؛ لأنَّه إنما دار على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وحديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف» (شرح مشكل الآثار 7/ 67).
وقال في (مختصر اختلاف العلماء 1/ 120): «لم يرد إلَّا من هذا الوجه وهو ضعيف من جهة عبد الرحمن بن زيد بن أسلم» .
وذكره التبريزي في (الأحاديث الضعيفة على الأبواب الفقهية 13).
وقال البوصيري: «هذا إسناد ضعيف؛ عبد الرحمن بن زيد قال فيه الحاكم روى عن أبيه أحاديث موضوعة وقال ابن الجوزي أجمعوا على ضعفه» (مصباح الزجاجة 1/ 75). وأقرَّه السندي في (حاشيته على سنن ابن ماجه 1/ 187).
(1)
وسيأتي الكلام على حديث ابن عمر قريبًا.
وضعَّفه الحافظ في (التلخيص 1/ 42).
وضعَّفه جدًّا الشيخ الألباني، فقال - عقب كلام الطحاوي السابق -:«قلت: وهو كما قال رحمه الله تعالى، وهو أدقُّ من قول البيهقي: «عبد الرحمن بن زيد ضعيف لا يحتجُّ بمثله» (الضعيفة 1609).
وقال المباركفوري: «حديث أبي سعيد هذا ضعيف جدًّا
…
رواه ابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
…
وعبد الرحمن هذا ضعيف جدًّا» (مرعاة المفاتيح 2/ 187).
وقد نقل الملا علي القاري في (المرقاة 2/ 176) عن ابن حجر (أي الهيتمي) أنه حسَّن إسناده، والصواب ما ذكرناه.
21 -
حَدِيثُ آخر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحِيَاضِ الَّتِي تَكُونُ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الْكِلَابَ وَالسِّبَاعَ [وَالْحَمِير] تَرِدُ عَلَيْهَا؟ فَقَالَ: «لَهَا مَا أَخَذَتْ فِي بُطُونِهَا وَلَنَا مَا بَقِيَ شَرَابٌ وَطَهُورٌ» .
[الحكم]:
ضعيف، وضعَّفه الطحاوي، وابن الجوزي، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي، وابن حجر.
[التخريج]:
[مشكل 2647 والزيادة له/ تطبر (مسند ابن عباس 1059) / مدونة (1/ 116) / قط 56 واللفظ له/ تحقيق 47].
[السند]:
أخرجه الطبري في (تهذيبه)، والطحاوي في (المشكل) قالا: حدثنا يونس قال: أنبأنا ابن وهب، قال: حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، به.
ورواه الدارقطني - ومن طريقه ابن الجوزي في (التحقيق) - من طريق أحمد بن عمرو بن سرح.
ورواه سحنون
(1)
في المدونة (1/ 116). كلاهما (أحمد، وسحنون) عن ابن وهب، به.
(1)
قال ابن خلكان: «سحنُون: بفتح السين المهملة وضمها، وسكون الحاء المهملة، وضم النون، وبعد الواو نون ثانية» (وفيات الأعيان 3/ 182).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، واضطرابه فيه، وقد مر الكلام عليه في حديث أبي سعيد السابق.
وبه أعلَّه الطحاوي في (شرح مشكل الآثار 7/ 67).
وقال ابن الجوزي - عقبه -: «عبد الرحمن بن زيد ضعيف بإجماعهم» (التحقيق 1/ 66).
وتعقبه ابن عبد الهادي، فقال:«ولم يتفقوا على تضعيفه، بل قال ابن عدي: له أحاديث حسان، وصدَّقه بعضهم، وهو ممن يكتب حديثه» (تنقيح التحقيق 1/ 76).
قلنا: وهو كما قال ابن عبد الهادي، إلَّا أنَّ الراجح ضعفه.
وقال الذهبي - عقبه -: «عبد الرحمن ضعَّفوه» (تنقيح التحقيق 1/ 22).
وقال الزيلعي: «وهو معلول بعبد الرحمن» (نصب الراية 1/ 136).
وضعَّفه الحافظ في (الدراية 1/ 62)، وفي (التلخيص 1/ 42).
22 -
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ:
◼ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: خَرجَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في بَعضِ أَسْفارِهِ، فَسَارَ لَيْلًا، فَمَرُّوا عَلَى رَجلٍ جالِسٍ عِندَ مِقْرَاةٍ لَهُ، فَقالَ عُمرُ رضي الله عنه: يا صاحِبَ المِقْراةِ، أَوَلَغَتِ السِّباعُ اللَّيلةَ في مِقْرَاتِكَ؟ فَقالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا صَاحِبَ المِقْرَاةِ: لا تُخْبِرْهُ، هَذا تَكَلَّفٌ، لَهَا مَا حَمَلَتْ في بُطُونِها، وَلَنَا مَا بَقِيَ شَرَابٌ وطَهُورٌ» .
[الحكم]:
ضعيف، وضعَّفه ابن عبد الهادي، والذهبي، وابن حجر، والألباني.
[اللغة]:
المِقْراةُ: الحوض الذي يجتمع فيه الماء. (لسان العرب 15/ 174).
[التخريج]:
[قط 34 واللفظ له، 35/ ضيا (مرو ق 56/ ب) / فر (ملتقطة 4/ ق 242) / تحقيق 46/ عربي (4/ 75)].
[السند]:
أخرجه الدارقطني - ومن طريقه الباقون - قال: نا الحسن بن أحمد بن صالح الكوفي، نا علي بن الحسن بن هارون البلدي، نا إسماعيل بن الحسن الحراني، نا أيوب بن خالد الحراني، نا محمد بن علوان، عن نافع، عن ابن عمر، به.
وبإسناده إلى أيوب بن خالد قال: نا خطاب بن القاسم، عن عبد الكريم الجرزي، عن نافع، عن ابن عمر نحوه.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لضعف أيوب بن خالد الجهني أبي عثمان الحراني، قال الحافظ:«ضعيف» (التقريب 611).
ومع ضعفه قد اضطرب فيه - كما قال الألباني - فمرة قال: نا محمد بن علوان، عن نافع، عن ابن عمر، ومرة قال: نا خطاب بن القاسم، عن عبد الكريم الجزري، عن نافع، به.
وفي الوجه الأول: محمد بن علوان؛ قال فيه أبو حاتم: «مجهول» ، وقال الأزدي:«متروك» ، وفرَّق الذهبي بين من تَكلَّم فيه أبو حاتم، والذي تَكلَّم فيه الأزدي، وقال ابن حجر:«وأظنُّه الأول وقد جمع بينهما في ترجمة واحدة صاحب الحافل على الكامل» (اللسان 7179). وكذا جمع بينهما ابن الجوزي في (الضعفاء 3129).
ولذا قال ابن عبد الهادي: «هذا حديث منكر» (تنقيح التحقيق 1/ 74).
وقال الذهبي - عقب الحديث -: «هذا لم يصحَّ» (تنقيح التحقيق 1/ 22).
وضعَّفه الحافظ في (التلخيص 1/ 42).
وقال الألباني: «هذا ضعيف؛ فيه أيوب بن خالد الحراني قال الحافظ: (ضعيف). وهو مع ضعفه قد اضطرب في إسناده» (تمام المنة ص 48).
[تنبيه]:
هذا الحديث مشهور عن عمر من قوله، ولكن من وجوه فيها انقطاع، انظر:[الموطأ 47، ومصنف عبد الرزاق 252/ وابن أبي شيبة 1516، 1517/ والطهور لأبي عبيد 222، 223/ وتهذيب الآثار للطبري مسند ابن عباس 1063، 1078 - 1081].
23 -
حَدِيثُ ابنِ جُرَيجٍ - مُعْضَلًا -:
◼ عَنِ ابنِ جُرَيجٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرَدَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَى حَوْضٍ، فَخَرَجَ أَهْلُ الْمَاءِ (الْحَوْضِ)، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إِنَّ الْكِلَابَ والسِّباعَ تَلِغُ في هَذَا الْحَوْضِ. فَقَالَ: «لَهَا مَا حَمَلَتْ (أَخَذَتْ) في بُطُونِها، وَلَنَا مَا بَقِيَ؛ شَرَابٌ وطَهُورٌ» . شَكَّ الَّذِي أَخْبَرَني أَنَّهُ حَوْضُ الأَبْوَاءِ.
[الحكم]:
ضعيف معضل.
[التخريج]:
[عب 255/ مدونة (1/ 116)].
[السند]:
رواه عبد الرزاق في (المصنف)، وابن وهب - كما في (المدونة) - كلاهما عن ابن جُرَيجٍ .. به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف لإرساله، بل إعضاله؛ فابن جُرَيجٍ من الطبقة السادسة، من الذين عاصروا صغار التابعين. ولم يثبت له سماع أحد من الصحابة؛ قال ابن المديني:«لم يلقَ أحدًا من الصحابة» (جامع التحصيل 472).
24 -
حَدِيثُ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا:
◼ عن عِكْرِمَةَ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِغَدِيرٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْكِلَابَ تَلِغُ فِيهِ وَالسِّبَاعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لِلسَّبُعِ مَا أَخَذَ فِي بَطْنِهِ، وَلِلْكَلْبِ مَا أَخَذَ فِي بَطْنِهِ، فَاشْرَبُوا وَتَوَضَّئُوا» . قَالَ: فَشْرَبُوا وَتَوَضَّؤُوا.
[الحكم]:
ضعيف لإرساله.
[التخريج]:
[ش 1515].
[السند]:
قال (ابن أبي شيبة): حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن عكرمة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إلَّا أنَّه مرسل، فعكرمة تابعي من الثالثة كما في (التقريب 4673).
25 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَتْ (اسْتَحَمَّتْ) مِنَ الْجَنَابَةِ [فِي جَفْنَةٍ] فَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِفَضْلِهَا فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ (فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا)(فَقَالَتْ: إِنِّي اغْتَسَلْتُ مِنْهُ)، فَقَالَ:«إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
مختلف فيه: فأعلَّه الإمام أحمد، وابن حزم.
وصحَّحه الترمذي، والطبري، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن عبد البر، والنووي، ومغلطاي، وابن حجر، والسيوطي، وأحمد شاكر، والألباني.
والقول بإعلاله أقرب.
[الفوائد]:
قال ابن المنذر: ((ذكر الوضوء بسؤر الحائض والجنب: اختلف أهل العلم في الوضوء بسؤر الحائض والجنب فرخصت فيه فرقة وكره ذلك آخرون)). قال: ((وبالأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على طهارة سؤر الحائض والجنب نقول)). وقال: ((ودلَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ المُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ)) لما أهوى إلى حذيفة فقال: إِنِّي جنب، فقال:((إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ)) على طهارة الجنب وطهارة سؤره)) (الأوسط 1/ 408 - 410).
[التخريج]:
[ن 329 واللفظ له/ جه 375/ حم 2100 مقتصرًا على آخره، 2101، 2102، 2566 والرواية الأولى والثالثة له، 2805، 2806/ مي 753 / خز 97، 116 / حب 1236 (مختصرًا)، 1237، 1243، 1264 والزيادة والرواية الثانية له / ك 574، 575/ عب 399، 400/ عل 2411 مختصرًا/ بز (كشف 250)، (شبيل 1/ 448) / طب (11/ 274/ 11714 - 11716) / هق 916، 1276/ هقغ 205/ هقخ 907 - 909/ حق 2018/ جا 47، 48/ منذ 185، 210/ قناع 8/ طح (1/ 26) / ناسخ 57/ تطبر (مسند ابن عباس 2/ 691 - 693/ 26، 27، 30، 31) / محلى (1/ 214) / تحقيق 11، 24، 25/ تمهيد (1/ 333) / مبهم (4/ 299 - 300) / طيو 856/ ابن منده (إمام 143 -
144) / خط (12/ 174) / ضيا (12/ 12 - 14/ 1 - 6)].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
رواية: "فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ":
• وفي رواية: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا اغْتَسَلَتْ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ مِنْ فَضْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي اغْتَسَلْتُ مِنْهُ، فَقَالَ:
«إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
مختلف فيه، والقول بإعلاله أقرب.
[التخريج]:
[تطبر (مسند ابن عباس 1036)].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
رواية: "يتوضأ أو يغتسل"(بالشك):
• وفي رواية، قَالَ: اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَفْنَةٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَتَوَضَّأَ مِنْهَا أَوْ يَغْتَسِلَ، فَقَالَتْ: لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ» .
[الحكم]:
مختلف فيه، والقول بإعلاله أقرب.
[التخريج]:
[د 67 واللفظ له/ ت 66/ جه 374/ مي 752 / حب 1238، 1256/ ش 355، 1522، 37246 / هق 917، 1277/ ناسخ 55، 58/ تطبر (مسند ابن عباس 2/ 692 - 693/ 28 - 29) / ذهبي (2/ 428)].
[السند]:
أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس به بلفظ الرواية الثالثة.
ورواه هكذا أبو داود عن مسدد. ورواه الترمذي عن قتيبة. كلاهما عن أبي الأحوص، به.
وتابع أبا الأحوص، سفيان الثوري؛
أخرجه أحمد، وإسحاق في «مسنديهما» قالا: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به بلفظ الرواية الأولى.
ورواه عبد الرزاق في (المصنف)، عن الثوري.
ورواه النسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وغيرهم من طرق عن
الثوري، عن سماك
…
مثله.
ورواه الطبري في (تهذيب الآثار 1036) قال: حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا أبو عامر، قال: حدثنا سفيان، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس به بلفظ الرواية الثانية.
ومدار هذا الحديث عندهم على سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات خلا سماك فمتكلَّمٌ في حفظه، وهو صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة كما قال ابن المديني ويعقوب بن شيبة، واعتمده الحافظ في (التقريب 2624).
وقد يستثنى من ذلك رواية القدماء من أصحابه - كشعبة وسفيان وأبي الأحوص-؛ لأنَّ روايتهم عن سماك مستقيمة؛ قال يعقوب بن شيبة: «وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح، وليس من المتثبتين. ومن سمع من سماك قديمًا مثل شعبة وسفيان فحديثهم عنه صحيح مستقيم» (تهذيب الكمال 12/ 120).
وقال الدارقطني: «سماك بن حرب إذا حدَّث عنه شعبة والثوري وأبو الأحوص فأحاديثهم عنه سليمة» (سؤالات السلمي 171).
قلنا: وهذا الحديث من رواية شعبة وسفيان وأبي الأحوص، عن سماك، إلَّا أنه اختلف على شعبة وسفيان فيه:
فرواه الطبري في (تهذيبه 1037) عن محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر - غُندر -، عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة به مرسلًا. لم يذكر
ابن عباس.
وخالف غُندرًا، محمد بن بكر البُرْسَاني؛ فرواه عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. رواه البزار في (المسند) كما في (كشف الأستار 250)، وابن خزيمة في (صحيحه 97) - ومن طريقه الحاكم في (المستدرك 575)، وعنه البيهقي في (الخلافيات 908) -، قالا: نا أحمد بن المقدام العجلي، ومحمد بن يحيى القطعي قالا: حدثنا محمد بن بكر، نا شعبة، فذكره.
ورواه الحاكم في (المستدرك 575) - وعنه البيهقي في (الخلافيات 909) - من طريق أحمد بن حنبل، عن محمد بن بكر، عن شعبة، به.
ومحمد بن بكر هو البُرْسَاني: وثقه يحيى بن معين وغيره، وقال أحمد:«صالح الحديث» ، وقال النسائي:«ليس بالقوي» . انظر: (تهذيب التهذيب 9/ 78). وأحكم الحافظ الحكم فيه، فقال:«صدوق قد يخطيء» (التقريب 5760).
وغُندر من أثبت الناس في شعبة، وكتابه الحكم عند اختلاف أصحاب شعبة. كيف وقد توبع عليه كما هو ظاهر كلام ابن عبد البر، قال:«جُلُّ أصحاب شعبة يروونه عنه، عن سماك، عن عكرمة مرسلًا، ووصله عنه محمد بن بكر» (التمهيد 1/ 332 - 333).
قلنا: وعليه: فالصحيح عن شعبة الرواية المرسلة. والله أعلم.
وقد أشار إلى ما رجَّحناه البزار بقوله: «لا نعلم أسنده عن شعبة إِلَّا محمد بن بكر، وأرسله غيره» (كشف الأستار 1/ 132).
ومع هذا قال الحاكم - عقبه -: «قد احتجَّ البخاري بأحاديث عكرمة،
واحتج مسلم بأحاديث سماك بن حرب، وهذا حديث صحيح في الطهارة، ولم يخرجاه، ولا يحفظ له علة» (المستدرك 1/ 517).
وأما أبو محمد الإشبيلي، فقال: «خرَّجه البزار من حديث شعبة والثوري،
…
وحديث شعبة عن سماك صحيح، لأنَّ سماكًا كان يقبل التلقين، وكان شعبة لا يقبل منه حديثًا» (الأحكام الوسطى 1/ 160).
قلنا: وفي كلامهما نظر، فإنَّ الصحيح عن شعبة رواية من رواه عنه مرسلًا، وهذه علة قادحة.
وقول الإشبيلي وجيه سديد، لو صحَّ هذا الوجه عن شعبة، أما والصحيح عنه بخلافه فلا.
وأما رواية سفيان، فرواها:
1 -
عبد الرزاق في (مصنفه) - وعنه أحمد (2566) -.
2 -
وعبد الله بن المبارك - كما عند أحمد (2102)، وابن خزيمة (116)، وغيرهما -.
3 -
وأبو أحمد الزبيري - كما عند الطبري في تهذيبه (2/ 292)، وابن خزيمة وغيرهما -.
4 -
وعبيد الله بن موسى - كما عند الدارمي، وابن الجارود وغيرهما -.
5 -
وأبو عامر العقدي - كما عند الطبري في تهذيبه (1036) -.
6 -
وعبد الله بن الوليد العدني - كما عند أحمد (2805)، وابن المنذر -.
7 -
والقاسم الجرمي - كما عند ابن شاهين في (الناسخ 57) -.
8 -
ووكيع بن الجراح - كما عند أحمد (2100، 2101، 2806)،
وإسحاق (2018) وغيرهما -.
ثمانيتهم: عن سفيان الثوري، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
ورواه أحمد في (المسند 2807)، وإسحاق في (مسنده 2017) كلاهما عن وكيع، عن الثوري، عن سماك، عن عكرمة مرسلًا. ولم يذكر ابن عباس.
قال أحمد: «حدثنا به وكيع في المصنَّف، عن سفيان، عن سماك، عن عكرمة، ثم جعله بعدُ عن ابن عباس» .
وقال إسحاق - عقبه -: «زاد وكيع بعدَنا فيه عن ابن عباس» .
فلا ريب في كون الصواب عن سفيان، الرواية المتصلة، لاسيّما وأنَّ مَن رواه مرسلًا - وهو وكيع - رجع فرواه متصلًا، كرواية الجماعة.
ولكن يبقى الخلاف: بين شعبة، وسفيان. وقد توبع كل منهما على روايته:
فتابع شعبة على رواية الإرسال، حماد بن سلمة؛
فقد أخرجه الطبري في (تهذيبه 1038) عن ابن المثنى، عن أبي داود الطيالسي.
والطبري في (تهذيبه 1039) من طريق حجَّاج بن المنهال.
وأبو عبيد في (الطهور 153) من طريق محمد بن كثير الصنعاني - مع ضعف فيه -.
ثلاثتهم: (الطيالسي، وحجَّاج، ومحمد) عن حماد بن سلمة، عن
سماك، عن عكرمة به مرسلًا.
وخالفهم يحيى بن إسحاق السيلحيني - كما عند الطبراني في (الكبير 11715) -؛ فرواه عن حماد، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. هكذا موصولًا.
ويحيى: صدوق كما في (التقريب 7499). فرواية الجماعة أصحُّ، فهم أكثر عددًا وأتقن منه.
وقد جزَم أبو عبيد القاسم بن سلام، بأن رواية حماد مرسلة، فقال:«هكذا حديث حماد، عن سماك، عن عكرمة مرسل، عن النبي صلى الله عليه وسلم» (الطهور ص 219).
وتابع سفيان على روايته موصولًا، جماعةٌ:
1 -
أبو الأحوص - كما عند ابن أبي شيبة، وأبي داود وغيرهما -.
2 -
وعنبسة بن سعيد بن الضريس (ثقة) - كما عند ابن شاهين في (الناسخ 55) -.
3 -
ويزيد بن عطاء (لين الحديث) - كما عند الدارمي (752) -.
4 -
وأسباط بن نصر (فيه ضعف) - كما عند الطبري في (تهذيبه 2/ 692) -.
5 -
وسعيد بن سماك (متروك) - كما عند الطيوري (856)، والخطيب في (تاريخه 12/ 172) -.
ستتهم: (سفيان، وأبو الأحوص، وعنبسة، ويزيد، وأسباط، وسعيد)، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
ولا شك أنَّ الناظر لهذه الطرق لأول وهلة، سيرجح رواية سفيان - الموصولة -، لأمرين:
الأول: أنَّ سفيان أحفظ من شعبة في الجملة، لاسيّما وقد تابعه جماعة.
الثاني: هم أكثر عددًا.
ولذا قال البيهقي: «ورُوِي مُرسلًا، ومن أسنده أحفظ» (الخلافيات 3/ 83).
وقال ابن عبد البر: «وقد وصله جماعة عن سماك منهم الثوري وحسبك بالثوري حفظًا وإتقانًا
…
وكل من أرسل هذا الحديث فالثوري أحفظ منه والقول فيه قول الثوري ومن تابعه على إسناده» (التمهيد 1/ 333).
قلنا: ولكن هذا كلُّه، لا يدفع الطعن الموجه إلى رواية (سماك عن عكرمة)، وقد تكلَّموا فيه من أجلها، فهذا الاختلاف ليس من أصحاب سماك، إنما هو من سماك نفسه. والعلم عند الله.
قال الذهبي: «سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس: نسخة عدة أحاديث، فلا هي على شرط مسلم؛ لإعراضه عن عكرمة، ولا هي على شرط البخاري؛ لإعراضه عن سماك، ولا ينبغي أنْ تعدّ صحيحة؛ لأنَّ سِماكًا إنما تُكلِّمَ فيه من أجلها
…
قال أبو عبد الرحمن النسائي: إذا انفرد سماك بأصل لم يكن حجة؛ لأنَّه كان يُلَقَّنُ، فَيَتَلقَّنُ.
وروى حجاج، عن شعبة، قال: كانوا يقولون لسماك: عكرمة عن ابن عباس. فيقول: نعم، فأما أنا فلم أكن أُلقِّنُهُ» (سير أعلام النبلاء 5/ 248).
فهذا يرجِّحُ رواية شعبة على كل مَن خالفه، والله أعلم.
وقد أَعلَّ الحديث الإمام أحمد؛ لتفرد سماك به، واضطرابه فيه، ومخالفة
متنه لما في الباب؛
فقد نقل الخلَّال عن الميموني، قال: قال أبو عبد الله - يعني أحمد بن حنبل -: «لم يجئ بحديث سماك غيره، والمعروف أنهما اغتسلا جميعًا» . وقال أبو طالب: قال أحمد: «هذا فيه اختلاف شديد، بعضهم يرفعه، وبعضهم لا يرفعه. وأكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: إذا خلت به فلا يتوضأ منه» اهـ. انظر: (الإمام لابن دقيق العيد 1/ 146).
وفي سؤالات الأثرم، قال:«هذا حديث مضطرب» (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 286).
وقال ابن عبد الهادي وغيره: قال أحمد: «أتقيه لحال سماك، ليس أحد يرويه غيره» (المحرر 1/ 86)، و (تنقيح التحقيق 1/ 46) كلاهما لابن عبد الهادي. و (شرح الزركشي على متن الخرقي 1/ 302).
وقال ابن رجب: «وأعلَّه الإمام أحمد، بأنه رُوِيَ عن عكرمة مرسلًا» (فتح الباري 1/ 283).
وقد أعلَّه أيضًا ابن حزم، فقال:«لا يصحُّ» . وعلل ذلك بأنَّ سِماكًا كان يَقبَل التَّلقِينَ، قال:«شهد عليه بذلك شعبة وغيره وهذه جرحة ظاهرة» (المحلى 1/ 214).
وقد أجاب عن هذه العلل الحافظان مغلطاي وابن حجر.
فقال مغلطاي: «ويجاب عن الاضطراب بأنَّ ذلك لا يقدح إلَّا مع التساوي، ولا تساوي هنا؛ لأنَّ من أرسله لا يقاوم من رفعه. أعني بذلك شعبة وسفيان.
ويجاب عن قول ابن حزم بأنَّ شعبة الذي شهد على سماك بالتلقين، كان
لا يقبل منه حديثًا ملقنًا، فيما أخبر بذلك عن نفسه،
…
فصح حديثه بهذا الاعتبار» (شرح سنن ابن ماجه 1/ 286).
وقال ابن حجر: «وقد أعلَّه قوم بسماك بن حرب راويه عن عكرمة؛ لأنه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلَّا صحيح حديثهم» (الفتح 1/ 300).
قلنا: وفي كلامهما نظر، لأنَّ الصحيح عن شعبة رواية الإرسال، لا الوصل. وهو ممن سمع من سماك قديمًا، وكان - كما قالا - لا يقبل منه التلقين بخلاف غيره. فيكون ذلك حجة لمن ضعَّفه لا العكس.
وتوقف فيه الحازمي فقال: «لا يُعرف مجوَّدًا إلَّا من حديث سماك، وسماك فيما ينفرد به ردَّه بعض الأئمة، وقبله الأكثرون» (البدر المنير 1/ 396).
وقد جمع الطبري كل ما يمكن الطعن به على هذا الحديث؛ فقال: «وهذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيمًا غير صحيح لعلل:
إحداهن: أنه خبر قد حدَّث به عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس جماعة، فجعلوه عنه، عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وجعله بعضهم عن ابن عباس، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي عليه السلام. وذلك مما ينبئ أنَّ ابن عباس لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
والثانية: أنه حدَّث به بعضُهم، عن سماك، عن عكرمة، فأرسله عنه، ولم يجعل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ابنَ عباس ولا غيرَه، وذلك مما يدل عندهم على وهائه.
والثالثة: أنه حدَّث به عن ابن عباس غير عكرمة، فجعله من كلام
ابن عباس، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والرابعة: أنه من رواية عكرمة، عن ابن عباس، وفي نقل عكرمة عندهم نظر يجب التثبت فيه من أجله.
والخامسة: أنه خبر قد رواه عن ابن عباس غير عكرمة، فوقف به على ابن عباس، مخالفًا معناه معنى ما روى عكرمة عنه من ذلك.
والسادسة: أنه خبر قد حدَّث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير رواية ابن عباس مخالفًا معناه معنى ما روى عكرمة، عن ابن عباس.
والسابعة: أنَّ الأمة مجمعة على خلاف ظاهره، وفي ذلك كفاية من الاستشهاد على وهائه بغيره» (تهذيب الآثار 2/ 693 - 694).
وقال في موضع آخر: «ولهذا الحديث عندهم علة ثامنة، وهي: أنَّ الذي يُروَى عن عكرمة من فُتْيَاه في ذلك غير ظاهر هذه الرواية، وفي ذلك عندهم دليل على أنه لو كان عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر بذلك، لما خالفه إلى غيره» (تهذيب الآثار 2/ 700).
وذكر عن عكرمة أنه قال: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» (تهذيب الآثار 1045).
قلنا: وفي بعض ما ذكره نظر؛ كالتالي:
أولا: قوله أنَّ ابن عباس لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، إنما يرويه عن بعض أزواجه، وقيل (عن ميمونة).
وقد حاول ابن القطان إلزام أبي محمد الإشبيلي، بهذه العلة فقال: «وقد كان يجب على أصله في قبول حديث شريك بن عبد الله في بعض المواضع، أن
يكون هذا مرسلًا، فإنَّ شريكًا رواه عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة، قالت:
…
فيجب به أن تكون رواية شعبة، والثوري، وأبي الأحوص، عن سماك، مرسلة، إذ لم تذكر فيها ميمونة، ويتبين برواية شريك، أنَّ ابن عباس لم يشهد ذلك، وإنما تلقَّاه من ميمونة خالته، والله أعلم» (بيان الوهم والإيهام 2/ 428).
وأجاب عن ذلك مغلطاي فقال: «ويجاب عن قول ابن القطان بأمرين:
أولهما: شريك لا يُقاس بشعبة والثوري.
وثانيهما: على تقدير صحة حديثه فكان ماذا؟ قصاراه أن نقول: هو مرسل صحابي، ولئن كان ذلك فلا ضَير لكونه مسندًا على الصحيح، ومن المعلوم أنَّ ابن عباس لم يكن ليشهد مثل هذا من المصطفى صلى الله عليه وسلم لكونه غير جائز له، والله أعلم» (شرح سنن ابن ماجه 1/ 287).
قلنا: وهو كما قال، مع التنبيه على أنَّ الصحيح عن شعبة رواية الإرسال لا الوصل. والله أعلم.
ثانيًا: ما ذُكر أن في نقل عكرمة نظر؛ فذلك لما رُوِيَ في تكذيبه عن ابن عمر وغيره، واتهامه بأنه كان يرى رأي الخوارج؛ فقد ردَّ ذلك كلَّه الحافظ ابن حجر، فقال:«ثقة ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة» (التقريب 4673). وهو كما قال، وانظر مقدمة الفتح.
ومع هذا فقد صحَّح الحديث جماعة من أهل العلم:
فقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» .
وصحَّحه الطبري - كما سبق -. وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما.
والحاكم في (المستدرك) - وسبق نقل نص كلامه -.
وذكره النووي في فصل الصحيح من كتابه (خلاصة الأحكام 1/ 199).
وقال ابن القيم: «وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المَاءُ لَا يَنْجُسُ» ، وصحَّ عنه أنه قال:«إِنَّ المَاءَ لَا يُجْنِبُ» » (إعلام الموقعين 1/ 297).
وقال مغلطاي: «هذا حديث اختلف في تصحيحه
…
». وذكر كلامًا طويلًا ثم قال: «فيتبين من مجموع ما تقدم أنَّ قول من صحَّحه راجح على قول من ضعَّفه؛ بل هو الصواب، والله أعلم» (شرح سنن ابن ماجه 1/ 285 - 287).
وقال ابن حجر: «وهو حديث صحيح» (الفتح 1/ 342).
ورمز لصحته السيوطي في (الجامع الصغير 2097).
وتبعه المناوي في (التيسير 1/ 299).
وصحَّحه الألباني، فقال:«وهذا إسناد رجاله كلُّهم ثقات رجال الصحيح؛ وأبو الأحوص: هو سلام بن سليم الحنفي الكوفي. إلَّا أنَّ سماكًا وإنْ كان من رجال مسلم؛ فقد تُكلِّمَ فيه من قبل حفظه؛ لا سيّما في روايته عن عكرمة؛ فقالوا: إنه يضطرب فيها. والذي يتلخص عندي فيه من مجموع كلامهم: أنه حسن الحديث في غير هذا الإسناد، صحيح الحديث برواية سفيان وشعبة عنه مُطلقًا» (صحيح أبي داود 61).
[تنبيهان]:
الأول: في مصنف عبد الرزاق (400) عن إسرائيل، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله. أي بمثل رواية الثوري عن سماك.
فظاهر هذه الرواية أنَّ إسرائيل متابع لسماك، وليس كذلك، فإنَّ إسرائيل لا يَروِي عن عكرمة بغير واسطة، وفي الأعم الأغلب يكون (سماك بن حرب). فالذي يظهر - والله أعلم - أنَّ في هذا السند سقط، بين إسرائيل وعكرمة، بينهما سماك، خاصة وأنَّ الحديث حديث سماك، لم يروه غيره كما قال أحمد وغيره، إلَّا رواية وهم فيها أحدهم فقال (سعيد بن جبير) بدل (عكرمة) وهذا هو:
التنبيه الثاني:
أنَّ الحديث أخرجه الخطيب في (الأسماء المبهمة 4/ 299) قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد الزيات لفظًا قال: أخبرنا الحسين بن إسماعيل قال: حدثنا أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.
وذِكْرُ (سعيد بن جبير) فيه وهمٌ؛ فقد رواه الثقات الأثبات عن أبي أحمد الزبيري عن سفيان، فقالوا:(عن عكرمة عن ابن عباس). رواه هكذا: محمد بن المثنى وأحمد بن منيع - كما عند ابن خزيمة (116) -، وأبو بكرة - كما عند الطحاوي في (شرح معاني الآثار 101) - ثلاثتهم: عن أبي أحمد الزبيري، به.
ولذا قال الخطيب - عقبه -: «هذا الحديث إنما يحفظ عن سماك عن عكرمة لا عن سعيد بن جبير» .
رِوَايةُ: إِنَّ الْمَاءَ لَيْسَتْ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ
• وفي رِوَايةٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَجْنَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَيْمُونَةُ، فَاغْتَسَلَتْ مَيْمُونَةُ فِي جَفْنَةٍ، وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدِ اغْتَسَلْتُ مِنْهُ. فَقَالَ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْمَاءَ لَيْسَتْ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ» أَوْ قَالَ: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف، وذكر ميمونة فيه غير محفوظ.
[التخريج]:
[حم 3120].
[السند]:
قال (أحمد): حدثنا حجاج، أخبرنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف، لسوء حفظ شريك بن عبد الله النخعي؛ قال الحافظ:«صدوق يخطئ كثيرًا» (التقريب 2787).
26 -
حَدِيثُ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ مَعَ نِسَائِهِ، فَجَاءَ فَأَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ، فَقَالَتْ لَهُ إِحْدَاهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ فَضْلُ غُسْلِي. فَقَالَ: «الْمَاءُ لَا يَنْجُسُ (لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف لإرساله.
[التخريج]:
[حم 2807/ طهور 153 واللفظ له / حق 2017 والرواية له/ تطبر (مسند ابن عباس 1037، 1038، 1039)].
[السند]:
قال (أبو عبيد): ثنا محمد بن كثير، عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، به.
ومداره عندهم على سماك عن عكرمة به مرسلًا.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف لإرساله، وانظر الكلام عليه فيما سبق.
27 -
حَدِيثُ مَيْمُونَةَ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: أَجْنَبْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاغْتَسَلْتُ مِنْ جَفْنَةٍ فَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَغْتَسِلَ مِنْهَا، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدِ اغْتَسَلْتُ مِنْهَا، فَقَالَ:«إِنَّ الْمَاءَ لَيْسَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ أَوْ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ، فَاغْتَسَلَ مِنْهُ.
[الحكم]:
متنه مختلف فيه، وسنده ضعيف معلول، الصواب فيه (عن ابن عباس مرفوعًا) بدون ذكر ميمونة، كما قال أبو زُرْعَة الرازي، والألباني.
[التخريج]:
[جه 376 مختصرًا/ حم 26801، 26802 واللفظ له / طي 1730 مختصرًا / طهور 149، 150/ سعد (10/ 133) / عل 7098/ جعد 2333/ تطبر (مسند ابن عباس 1032، 1034، 1035) / طب (23/ 425/ 1030)، (24/ 17 - 18/ 34، 36، 37) / قط 137/ ناسخ 58/ مبهم (4/ 300) / بغ 259/ تحقيق 26].
[السند]:
أخرجه (أحمد) قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: ثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة، به.
ومداره عندهم على شريك، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه: شريك، وهو النخعي، مُتكلَّم في حفظه، وقال الحافظ:«صدوق يخطئ كثيرًا» (التقريب 2787).
وسماك، هو ابن حرب، فيه كلام أيضًا، وروايته عن عكرمة مضطربة، ولكن رَوى هذا الحديث قدماءُ أصحابه وخالفوا شريكًا في سنده:
فرواه الثوري وأبو الأحوص عن سماك به، وجعلوه من حديث ابن عباس ليس فيه (عن ميمونة)، كما سبق ذكره.
ورواه شعبة عن سماك عن عكرمة مرسلًا. وسبق ذكره أيضًا.
وقال الدارقطني: «لم يقل فيه (عن ميمونة) غير شريك» (سنن الدارقطني 1/ 80).
وسُئل أبو زُرْعَة عن هذا الحديث فقال: «الصحيح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا ميمونة» (علل الحديث لابن أبي حاتم 95).
وقال الألباني: «إسناد رجاله ثقات إلَّا أنَّ شَريكًا سيء الحفظ، وقد اضطرب في إسناده، فرواه مرة هكذا، جعله من مسند ميمونة نفسها، ومرة قال: «عن ابن عباس قال: أجنب النبي صلى الله عليه وسلم
…
». أخرجه أحمد. فجعله من مسند ابن عباس لا ميمونة، وهذا هو الصواب لمتابعة سفيان وأبي الأحوص إيَّاه عليه» (الصحيحة 5/ 217).
ومع هذا، فقد صحَّحه النووي في (المجموع 2/ 190)، ورمز لحسنه السيوطي في (الجامع الصغير 7610) فلم يصيبا.
رِوَايةُ لَيْسَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ
• وفِي رِوَايةٍ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَتْ: أَجْنَبْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاغْتَسَلْتُ مِنْ جَفْنَةٍ فَفَضَلَتْ فِيهَا فَضْلَةٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ مِنْهَا، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدِ اغْتَسَلَتُ مِنْهَا؟ فَقَالَ: «لَيْسَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف.
[التخريج]:
[تطبر (مسند ابن عباس 1033)].
[السند]:
قال (الطبري): حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا فردوس، قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه: فردوس بن الأشعري؛ وقد ترجم له البخاري في (تاريخه 7/ 141) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وسُئل عنه أبو حاتم فقال:«شيخ» (الجرح والتعديل 7/ 93). وذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 321) - على قاعدته -.
والظاهر أنَّ قوله (قالت) من غير تعيين من الطبري رحمه الله، ويكون الكلام عائد على حديث ميمونة الذي ذكره قبل هذا مباشرة. والله أعلم.
رِوَايةٌ بِالشَّكِ فِي إِسْقَاطِ ابنِ عبَّاسٍ
• وفي روايةٍ - بالشك -: عَنْ عِكْرِمَةَ، عن مَيْمُونَةَ، أَوْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن مَيْمُونَةَ قَالَتْ: اغْتَسَلْتُ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي جَفْنَةٍ وَأَفْضَلْتُ فِيهَا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ أَنْ يَغْتَسِلَ، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدِ اغْتَسَلْتُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْمَاءِ جَنَابَةٌ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف.
[التخريج]:
[حق 2016].
[السند]:
قال (إسحاق بن راهويه): أخبرنا يحيى بن آدم، نا شريك، عن سماك، عن عكرمة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لأجل شريك، والصواب في رواية شريك (عن عكرمة عن ابن عباس عن ميمونة) من غير شك، كما سبق من رواية الثقات عنه.
28 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
لا يصحُّ عن عائشة مرفوعًا، والصواب فيه الوقف، وصحَّحَ وقفه الحافظ ابن رجب.
[التخريج]:
[كن 58 واللفظ له ولغيره/ عل 4765/ بز (شبيل 1/ 413)، (كشف 249) / طس 2093/ تطبر (مسند ابن عباس 1060) / عد (10/ 54) / لف 266/ سكن (بدر 1/ 397) / القاضي إسماعيل بن إسحاق (تمهيد 1/ 333)، (رجب 1/ 284)].
[التحقيق]:
هذا الحديث رُوِيَ عن عائشة من طريقين:
الأول: عن شريح بن هانئ عنها:
أخرجه النسائي في (الكبرى)، والطبري في (تهذيبه) قالا: أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا شريك، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة، به.
ورواه البزار، والطبراني: من طريق أبي أحمد، به.
وتُوبع عليه أبو أحمد:
فرواه أبو يعلى في (مسنده)، عن يحيى الحمّاني، عن شَريك، به.
قال البزار: «لا نعلم رواه إلَّا شَريك» (كشف الأستار 1/ 132).
وقال الطبراني: «لم يَروِ هذا الحديث عن المقدام إلا شَريك» (المعجم الأوسط 2/ 318).
قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: شَريك وهو النخعي: سيئ الحفظ - كما سبق الكلام عليه -. وقد أخطأ في رفع هذا الحديث عن المقدام، وهذه هي:
العلة الثانية: المخالفة؛ فقد رواه إسحاق بن راهويه في (مسنده 1572) عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن المقدام، عن أبيه، عن عائشة موقوفًا.
وتابع إسرائيل، يزيد بن المقدام، أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف 1525) عن يزيد عن المقدام، به.
وإسرائيل وحده مقدم على شريك فكيف إذا توبع؟ .
ولذا قال ابن رجب: «وقد رفع بعضهم آخر الحديث، وهو قوله: «الْمَاءُ لَا يَنْجُسُ» فجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم
…
والصحيح: أنه موقوف على عائشة» (فتح الباري 1/ 284).
أمَّا ما رواه ابن عدي في (الكامل 10/ 54) قال: ثنا ابن صاعد، ثنا أبو أمية الطرسوسي، ثنا مخول بن إبراهيم، ثنا إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة به مرفوعًا.
فهذا مما أخطأ فيه مخول على إسرائيل، والصواب عن إسرائيل به موقوفًا؛ كذا رواه عنه عبيد الله بن موسى وغيره من الثقات.
قال ابن عدي - عقبه -: «قال لنا ابن صاعد: رفعه مخول ووقفه غيره
(1)
، فذكر عن عبيد الله بن موسى والأسود بن عامر عن إسرائيل موقوفًا» (الكامل 10/ 55).
ومع هذا فقد ذكره ابن السكن في «صحاحه» كما في (البدر المنير 1/ 397).
وقال الهيثمي: «ورجاله ثقات» (المجمع 1066).
وقال الإشبيلي - عقبه -: «قال يحيى بن معين: شَريك ثقة ثقة» (الأحكام الكبرى 1/ 413).
ورمز لحسنه السيوطي في (الجامع الصغير 9129).
وتبعه المناوي فقال: «إسناده حسن» (التيسير 2/ 450).
قلنا: وفي هذا كلِّه نظر، لأنَّ شَريك النخعي، ولو قلنا - جدلًا - إنَّه ممن يحسَّن حديثه استقلالًا، فهذا لا يكون أبدًا عند المخالفة؛ فهذا يحيى بن معين، الذي نقل عنه الإشبيلي توثيق شريك، قال - كما في رواية معاوية بن صالح عنه -:«شريك بن عبد الله هو صدوق ثقة، إلَّا أنه إذا خولف فغيره أحبّ إلينا منه» (تاريخ بغداد 10/ 384).
وأما قول الحافظ ابن حجر في (المطالب 2/ 63): «إسناده حسن فإنَّ الحمَّاني وهو يحيى لم ينفرد» . فيه نظر؛ إذ الشأن هنا ليس في الحمَّاني وإنما في شَريك ومخالفته من هو أوثق منه.
(1)
في المطبوع: «وقفه مخول ورفعه غيره» وهو خطأ ظاهر، فذكرناه على الصواب كما يقتضيه السياق.
الطريق الثاني: عن عكرمة عنها:
رواه القَطِيعِيُّ في (جزء الألف دينار 266) قال: حدثنا محمد قال: حدثنا عون بن عمارة العبدي، قال: حدثنا شعبة، عن سماك، عن عكرمة، عن عائشة، به.
وهذا إسناد واهٍ بمرَّة؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: محمد شيخ القَطيعي هو ابن يونس الكُدَيمي، رمَاه غير واحد بالوضع. انظر:(تهذيب التهذيب 9/ 542).
الثانية: عون بن عمارة: «ضعيف» (التقريب 5224).
الثالثة: أنَّ الصواب عن شعبة ما رواه غندر عنه عن سماك عن عكرمة مرسلًا - وقد سبق -.
[تنبيه]:
جاء في جامع الأصول لابن الأثير (7/ 70): «عائشة رضي الله عنها قالت: إِنَّهَا اغْتَسَلَتْ فِي قَصْعَةٍ ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاغْتَسَلَ فِيهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا؟ فَقَالَ: «إِنَّ الْمَاءَ لا يُجْنِبُ» . أخرجه
…
(1)
».
قلنا: ولم نقف عليه، وفيه نظر. فإنَّ هذا سياق حديث ميمونة، أما سياق حديث عائشة، فكما عند أحمد (24978): قالت: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّا لَجُنُبَانِ، وَلَكِنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ» . والله أعلم.
(1)
قال محقق الكتاب: «كذا في الأصل بياض بعد قوله: أخرجه، وفي المطبوع: أخرجه رزين وهو بمعنى الذي قبله» .
29 -
حَدِيثُ سَلَمَةَ بنِ الْمُحَبَّقِ:
◼ عَنْ سَلَمَةَ بنِ الْمُحَبَّقِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا من هذا الوجه.
[التخريج]:
[أصبهان (2/ 322)].
[السند]:
قال أبو نعيم الأصبهاني في (تاريخه): حدثنا أبي، ثنا علي بن الصباح بن علي، ثنا يزيد بن بشر، ثنا بكر بن بكار، ثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن جون بن قتادة، عن سلمة بن المحبق، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ وعلته: بكر بن بكار - راويه عن شعبة -، قال فيه يحيى بن معين:«ليس بشيء» (تاريخ ابن معين - رواية الدوري 3997)، وقال النسائي:«ليس بثقة» (الضعفاء والمتروكون 87). وقال أبو حاتم: «ليس بالقوي» (الجرح والتعديل 2/ 383). وذكر له أبو محمد ابن أبي حاتم حديثًا اضطرب فيه على عدَّة وجوه، ثم قال:«وهذا من تخليط بكر بن بكار فإنه سيئ الحفظ ضعيف الحديث» (الجرح والتعديل 3/ 70).
والراوي عنه يزيد بن بشر، لم نجد له ترجمة بعد طول بحث، سوى ترجمته في (تاريخ أصبهان)، التي ذكر فيها أبو نعيم هذا الحديث، ولم يذكر فيه شيئًا.
* * *
30 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«كُلُّ مَاءٍ جَرَّ بَعْرَةً فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ وَالشَّرَابِ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[طش 1473].
[السند]:
قال (الطبراني): حدثنا سعيد بن عبد الرحمن التستري، ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل، ثنا سعيد بن عبد الجبار الحمصي، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عمير بن هانئ، عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: أبو بكر بن أبي مريم، «ضعيف» كما في (التقريب 7974).
الثانية: سعيد بن عبد الجبار الحمصي، واهٍ متَّهم، وقال ابن المديني:«لم يكن بشيء» ، وضعَّفه النسائي وابن عدي وغيرهما، وقال النسائي مرة:«ليس بثقة» ، وقال قتيبة:«رأيته بالبصرة، وكان جرير يكذبه» (الميزان 3223)، و (تهذيب التهذيب 4/ 53).
الثالثة: جهالة سعيد بن عبد الرحمن التستري وهو الديباجي - شيخ الطبراني -، ذكره ابن ناصر الدين في (توضيح المشتبه 1/ 512) ممن روى عنهم الطبراني من أهل تستر، ولم أقف فيه على جرح ولا تعديل، وانظر (إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني 465).
31 -
حَدِيثُ جَابِرِ
◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى الْمَاءِ جَنَابَةٌ، وَلَا عَلَى الْأَرْضِ جَنَابَةٌ، وَلَا عَلَى الثَّوْبِ جَنَابَةٌ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف، وضعَّفه الدارقطني، وتبعه الغَسَّاني، والمناوي، وقال الألباني:«منكر» .
[التخريج]:
[قط 400].
[السند]:
أخرجه (الدارقطني) قال: حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل الأبلي، نا جعفر بن محمد بن عيسى العسكري، نا أبو عمر المازني حفص بن عمر، ثنا سليم بن حيان، عن سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: جهالة أبي عمر المازني حفص بن عمر؛ قال فيه ابن حجر: «لا يُعرف استدركه الياسوفي
(1)
» (اللسان 2668). وأقرَّه الألباني في (الضعيفة 6587).
(1)
أي على ميزان الاعتدال، والياسوفي هو صدر الدّين سُلَيْمَان بن مُفْلِح (حافظ فقيه ناقد ثقة متقن)، انظر ترجمته في (الرد الوافر 54) لابن ناصر الدين الدمشقي. وكان الياسوفي قد كتب حواش مفيدة على نسخته من ميزان الاعتدال للذهبي، استفاد منها كثير من أهل العلم، منهم الحافظ كما هنا.
الثانية: جعفر بن محمد العسكري، لم نجد له ترجمة، وكذا قال الألباني وزاد:«ولا أستبعد أن يكون الذي ذكره أبو جعفر الطوسي في "رجال الشيعة " هكذا، إلا أنه لم ينسبه (العسكري) - كما في (اللسان! ) -» (السلسلة الضعيفة 6587).
ولكن قال الدارقطني عقب الحديث: «لا يثبت مرفوعًا، وجعفر ليس بالقوي» (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني للغَسَّاني 81)، (من تَكلَّم فيه الدارقطني في كتاب السنن من الضعفاء والمتروكين والمجهولين 67)
(1)
.
وذكر المناوي في (التيسير 2/ 324) أنَّ الدارقطني خرَّجه عن جابر وضعَّفه.
ولأجل هاتين العلتين قال الألباني: «منكر» (السلسلة الضعيفة 6587).
ومع هذا رمز لحسنه السيوطي في (الجامع الصغير 7611)! .
وقد رُوِيَ نحو هذا موقوفًا عن ابن عباس، وهو التالي:
(1)
وهذا النص سقط من مطبوع (السنن)، وهو أحد النصوص الكثيرة الساقطة من النسخ المطبوعة.
32 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ موقوفًا:
◼ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ - أَبِي عُمَرَ الْبَهْرَانِيِّ -، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ: الْحَمَّامُ يَغْتَسِلُ فِي الْحَوْضِ الرَّهْطُ، فِيهِمُ الْجُنُبُ؟ فَقَالَ:«إِنَّ الْمَاءَ [طَهُورٌ] لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
• وفي روايةٍ: عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْبَهْرَانِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مَاءِ الْحَمَّامِ؟ فَقَالَ: «الْمَاءُ لا يُجْنِبُ» .
[الحكم]:
موقوف صحيح، وصحَّحه ابن رجب.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [ش 1530 مقتصرًا على آخره، والزيادة له/ تطبر (مسند ابن عباس 1040) واللفظ له، 1041/ منذ 182/ هق 1153/ هقع 1924].
تخريج السياق الثاني: [عب 1153/ ش 1156 واللفظ له/ هق 1278].
[السند]:
أخرجه ابن أبي شيبة في (موضعين) قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي عمرو البهراني، عن ابن عباس، به. مرة بلفظ الرواية الأولى، ومرة بلفظ الرواية الثانية.
ورواه الطبري في (تهذيبه) عن حميدة بن مسعدة، عن يزيد بن زُرَيْع، عن شعبة، عن الأعمش، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله كلهم ثقات. وأما عنعنة الأعمش فمحمولة على السماع؛ فممن رواه عنه شعبة بن الحجاج، وقد كفانا تدليسه.
وقد صحَّحه ابن رجب، فقال: «وقد صحَّ عن ابن عباس
…
وذكره» (فتح الباري 1/ 283).
[تنبيه]:
وقع في طبعات مصنف عبد الرزاق (الثلاث): (عن الأعمش عن ابن عمر قال سُئل ابن عباس)
وقال محقق (طبعة المكتب الإسلامي 1144): «كذا في الأصل، والصواب (ابن عبيد) وهو يحيى بن عبيد» .
قلنا: وهو كما قال، وهذا إِنْ لم يكن خطأ من النساخ، فهو من يحيى بن العلاء روايه عن الأعمش، فإنه متهم بالوضع. والله أعلم.
33 -
حَدِيثُ آخر عن ابْنِ عَبَّاسٍ موقوفًا:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «[أَرْبَعٌ] لا يُجْنِبْـ[ـنَ] (لا تنْجُسْ): الْمَاءُ، وَلا الثَّوْبُ، وَلَا الأَرْضُ، وَلَا الإِنْسَانُ» .
[الحكم]:
موقوف صحيح، وصحَّحه ابن حزم.
[الفوائد]:
قال إسحاق بن راهويه: «إنما معنى قول ابن عباس: (ليس على الثوب جنابة) يقول: ما أصابه من الأقذار فلا يجب عليه الغسل؛ لأنَّ غسل الثياب ليس بفرض في القرآن، وكذلك يرى أصحابه عطاء، وطاوس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وفي قولهم بيان تفسير ابن عباس رضي الله عنهما.
وأما قوله: (ليس على الأرض جنابة) يقول هي: محتملة للأقذار إذا يبست حتى يذهب أثرها.
وأما أمر الماء حيث قال: (لا يجنب) فهو بين به يقول الماء يطهر ولا يطهر.
وأما قوله: (لا يجنب الإنسان) فيقول: إذا أصابته الجنابة فله أن يتمسح به أو يأخذ بيده أو يصافحه، أو أدخلت يدك في إناء أو انصب عليك ماء فأصاب ثوبك منه وما أشبه ذلك» (مسائل أحمد وإسحاق للكوسج 2/ 318 - 321).
وقال البغوي: «يريد: الإنسان لا يجنب بمماسة الجنب، ولا الثوب إذا لبسه الجنب، ولا الأرض إذا أفضى إليها الجنب، ولا الماء ينجس إذا غمس الجنب فيه يده» (شرح السنة 2/ 31).
[التخريج]:
[ش 1838 واللفظ له/ تطبر (مسند ابن عباس 1043، 1044) / قط 401/ هق 1279 والرواية له، 1280/ هقع 1925، 1926/ شيباني 25].
[السند]:
قال (ابن أبي شيبة): حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا زكريا بن أبي زائدة، قال: سمعت عامرًا يذكر، عن ابن عباس، به.
ورواه البيهقي من طريق سفيان، عن زكريا، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين.
وصحَّحه ابن حزم في (المحلى 1/ 136)، و (1/ 190).
وقال الألباني عن سند الدارقطني: «رجاله ثقات، غير أنَّ زكريا كان يُدلس» (الضعيفة 14/ 209).
قلنا: ولكنه صرَّح بالسماع عند ابن أبي شيبة فزالت شبهة تدليسه.
* * *
34 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ مَوقوفًا:
◼ عَنْ مُعَاذَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَتْ:«إِنَّ الْمَاءَ [طَهُورٌ] لَا يُجَنِّبُهُ (لَا يُنَجِّسُهُ) شَيْءٌ، قَدْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ» .
[الحكم]:
صحيح، وصححه ابن خزيمة، والنووي، وابن رجب، وابن حجر، والألباني.
[التخريج]:
[حم 25389 واللفظ له/ خز 251 والزيادة له/ حق 1383 والرواية له، 1572/ بقي (رجب 1/ 283) / جعد 1515/ سرج 1434/ هق 901، 1281].
[السند]:
قال (أحمد): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن يزيد الرشك، عن معاذة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله كلُّهم ثقات، رجال الشيخين.
فمعاذة هي بنت عبد الله العدوية: «ثقة، احتجَّ بها الشيخان» (التقريب 8684).
ويزيد هو ابن أبي يزيد المعروف بالرشك، قال الحافظ:«ثقة عابد، وهم من لينه» (التقريب 7793).
ولذا صحَّحه ابن خزيمة في صحيحه، وابن رجب في (فتح الباري 1/
283)، وابن حجر في (التلخيص الحبير 1/ 130).
وقال الهيثمي: «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح» (مجمع الزوائد 1067).
وقال الألباني: «وإسناده صحيح على شرط الشيخين. والحديث صحَّحه النووي أيضًا» (صحيح أبي داود 1/ 120).
* * *