المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌13 - باب التطهر بماء المطر - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ

- ‌كِتَابُ: المِيَاهِ

- ‌2 - بَابُ ما جاء أن الماء طهور

- ‌3 - بابُ مِقْدَارِ ما يَنْجُسُ مِنَ الْمَاءِ

- ‌4 - بَابُ ما جاء في استعمال المَاءِ المُخْتَلِطِ بِطَاهِرٍ

- ‌5 - بَابُ حُكمِ المَاءِ المُخْتَلِطِ بِنَجَاسَةٍ

- ‌6 - بَابُ حُكْمِ المَاءِ المُسْتَعْمَلِ وما فضل من وضوء الناس

- ‌7 - بَابُ صَبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضُوءَهُ عَلَى المُغْمَى عَلَيْهِ

- ‌8 - بَابُ نَضْحِ مَاءِ الوَضُوءِ فِي وَجْهِ الغَيْرِ

- ‌9 - بَابُ صِفَةِ المَاءِ المُتَغَيِّرِ وَحُكْمِهِ

- ‌10 - بابُ التَّطَهُّرِ بِفَضْلِ طَهُورِ المَرْأَةِ

- ‌11 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّطَهُّرِ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ

- ‌12 - بابُ التَّطَهُّرِ بِماءِ البَحْرِ

- ‌13 - بابُ التَّطَهُّرِ بِمَاءِ الْمَطَرِ

- ‌14 - بَابُ التَّطَهُّرِ بِمَاءِ الثَّلْجِ والبَرَدَ

- ‌15 - بَابُ التَّطَهُّرِ بِالمَاءِ المُسَخَّنِ

- ‌16 - بَابُ التَّطَهُّرِ بِالمَاءِ الْمُشَمَّسِ

- ‌17 - بَابُ التَّطَهُّر بالنَّبيذِ

- ‌18 - بَابُ التَّطَهُّرِ بِمِيَاهِ الْآبَارِ

- ‌19 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اسْتِعْمَالِ مِيَاهِ آبَارِ أَرْضِ ثَمُودَ إِلَّا بِئْرَ النَّاقَةِ

الفصل: ‌13 - باب التطهر بماء المطر

‌13 - بابُ التَّطَهُّرِ بِمَاءِ الْمَطَرِ

وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} ، وقال تعالى:{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}

110 -

حديث ابنِ عَبَّاسٍ من رِوَايةِ ابنِ أَبِي طَلْحَةَ:

◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((نَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي: حِينَ سَارَ إلَى بَدْرٍ - وَالمُسلمُونَ بَيْنَهُم وَبَينَ الْمَاءِ رَمْلَةٌ دِعْصَةٌ، فَأَصَابَ المُسْلِمِينَ ضَعْفٌ شَدِيدٌ، وَأَلْقَى الشَّيْطَانُ في قُلُوبِهِمُ الْغَيْظَ، فَوَسْوَسَ بَيْنَهُم: تَزْعُمُونَ أَنَّكُم أَوْلِيَاءُ اللهِ وَفِيْكُم رَسُولُهُ، وَقَدْ غَلَبَكُمُ المُشْرِكُونَ عَلَى الْمَاءِ، وَأَنْتُم تُصَلُّونَ مُجْنِبِينَ! ، فَأَمْطَرَ اللهُ عَلَيْهِم مَطَرًا شَدِيدًا، فَشَرِبَ المُسلمُونَ وَتَطَهَّرُوا، وَأَذْهَبَ اللهُ عَنْهُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ، وَثَبَتَ الرَّمْلُ حِينَ أَصَابَهُ المَطَرُ، وَمَشَى النَّاسُ عَلَيْهِ وَالدَّوَابُ، فَسَارُوا إِلَى الْقَومِ، وَأَمَدَّ اللهُ نَبِيَّهُ بِأَلْفٍ مِنَ المَلَائكَةِ، فَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام فِي خَمْسِمائَةٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُجَنِّبَةً، وَمِيكَائِيلُ فِي خَمْسِمائَةٍ مُجَنِّبَةً)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[اللغة]:

رملة دعصة: الدِّعْصُ، بالكَسْرِ، .... ، قطعَةٌ مِنَ الرمل مُستَديرَةٌ. (تاج العروس 17/ 580).

ص: 444

مُجَنِّبَةً: مجنبة الجيش هي التي تكون في الميمنة والميسرة (النهاية 1/ 303).

[التخريج]:

[طبر (11/ 64) ((واللفظ له)) / نبص 400/ هقل (3/ 78 - 79) / مردويه (كشاف 2/ 17)].

[السند]:

أخرجه (الطبري): عن المثنى بن إبراهيم، عن عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، به.

وأخرجه أبو نعيم في (دلائل النبوة): من طريق بكر بن سهل. والبيهقي في (الدلائل) أيضًا: من طريق عثمان بن سعيد الدارمي. كلاهما: عن عبد الله بن صالح، به.

وكذا رواه ابن مردويه - كما في (تخريج الكشاف) للزيلعي - من طريق عبد الله بن صالح، به.

[التحقيق]:

هذا الإسناد عبارة عن نسخة مشهورة، يُروَى بها مئات الآثار عن ابن عباس في التفسير، وقد انفرد بروايتها (عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس).

وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: الانقطاع؛ بين علي بن أبي طلحة وابن عباس، فقد أجمع النقاد على أنَّ علي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس.

ص: 445

قال يحيى بن معين: ((لم يسمع من ابن عباس شيئًا فرَوى مرسلًا)) (رواية ابن طهمان 260).

وقال ابن أبي حاتم في (ترجمة علي بن أبي طلحة من المراسيل): ((سمعت أبي يقول: سمعت دُحيمًا يقول: ((إنَّ علي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس التفسير)).

وسمعت أبي يقول: ((علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مرسل، إنما يروي عن: مجاهد، والقاسم بن محمد، وراشد بن سعد، ومحمد بن زيد)) (المراسيل 254).

وقال أبو أحمد الحاكم: ((لم يسمع من ابن عباس شيئًا، ولا يتابع في تفسيره عن ابن عباس)) (الأسامي والكنى 3/ 287).

وقال الخطيب: ((أرسل رواية التفسير عن عبد الله بن عباس)) (موضح أوهام الجمع والتفريق 1/ 344).

وقال الخليلي في الإرشاد: ((تفسير معاوية بن صالح قاضي الأندلس، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، رواه الكبار عن أبي صالح كاتب الليث عن معاوية. وأجمع الحفاظ: على أنَّ علي بن أبي طلحة لم يسمعه من ابن عباس)) (الإرشاد 1/ 393).

قلنا: وقول أبي حاتم: ((إنما يروي عن مجاهد و .. و .. ))، لا يُفهم منه أنَّ كلَّ رواية يرويها علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، إنما سمعها من مجاهد أو أحدٍ ممن ذكرهم، بل مراد أبي حاتم بذكر ذلك الاستدلال على عدم سماعه من ابن عباس، كعادتهم في الاستدلال على عدم سماع الراوي من شيخه، إذا روى عنه بالواسطة في مواطن أخرى، وهذه طريقة معروفة لدى

ص: 446

أئمة هذا الفن في الاستدلال على عدم السماع، لا سيّما أبي حاتم الرازي، وانظر على سبيل المثال:(المراسيل لابنه: 238، 314، 420، 606، 724، 757، 771، 823، 822، 824، 828، 920، 118، 124، 184، 224، 226، 285، 288، 290، 292، 306، 397، 399، 401، 491، 557، 627، 630، 637، 787، 788، ...... ).

ويدلُّ على ذلك ما ذكره الخطيب في (تاريخه) عن يعقوب بن إسحاق بن محمود الفقيه، قال: سُئل صالح بن محمد - المعروف بجزرة: ثقة حافظ إمام -: عن علي بن أبي طلحة ممن سمع التفسير؟ قال: ((من لا أحد! )) (تاريخ بغداد 13/ 380).

ولهذا أعلَّها بالانقطاع: ابن كثير في (تحفة الطالب ص 327)، وابن الملقن في (البدر المنير 6/ 394، 7/ 622، 9/ 119)، والهيثمي في (مجمع الزوائد 7410، 10968، 10971، 10973)، و 12243)، والألباني في (السلسلة الصحيحة 4/ 104، 5/ 79، 6/ 114)، و (الضعيفة 3/ 88، 11/ 5) وغيرهم.

هذا بخلاف ما في علي بن أبي طلحة من كلام، وهذه هي:

العلة الثانية: ابن أبي طلحة - وإن مشَّاه بعضهم -؛ فقد قال أحمد: ((له أشياء منكرات)) (سؤالات الميموني 374). وتبعه العقيلي فذكره في (الضعفاء 2/ 100 - 101).

وقال يعقوب بن سفيان: ((ضعيف الحديث منكر ليس بمحمود المذهب)) (المعرفة والتاريخ 2/ 457)، وقال في موضع آخر:((ليس هو بمتروك ولا هو حجة)) (المعرفة والتاريخ 3/ 65). واعتمد الذهبي في (الكاشف

ص: 447

3931) قول أحمد. وقال الحافظ: ((صدوق قد يخطئ)) (التقريب 4754).

العلة الثالثة: عبد الله بن صالح - كاتب الليث -: الجمهور على تضعيفه؛ لسوء حفظه، كما في (تهذيب الكمال 15/ 101 - 107). وكان له جار يدخل الموضوعات في كتبه، قال ابن حبان: سمعت ابن خزيمة يقول: ((كان له جار بينه وبينه عداوة، فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح، ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله بن صالح، ويطرح في داره في وسط كتبه، فيجده عبد الله فيحدث به، فيتوهم أنه خطه وسماعه، فمن ناحيته وقع المناكير في أخباره)) (المجروحين 1/ 534).

وهذا يرد على قول من يقول إن روايته لهذه النسخة مجرد كتاب يرويه، فلا يضرُّه هنا سوء حفظه، فهذه كتبه أيضًا دخلها الخلل فلا تعتمد، لا سيّما وقد انفرد عن معاوية بن صالح برواية هذا التفسير، فأين أصحاب الحديث وحُمَّال الآثار؟ !

* وشيخه معاوية بن صالح، مختلف فيه، لخصه الحافظ بقوله:((صدوق له أوهام)) (التقريب 6762).

قلنا: فغاية هذا النسخة أن يُعتبر بها، وعلى هذا يحمل قول الإمام أحمد بن حنبل - إِنْ ثبت

(1)

-: ((بمصر كتاب معاوية بن صالح في التأويل، لو

(1)

فقد رواه الطحاوي في (شرح مشكل الآثار 12/ 389)، و (شرح معاني الآثار 3/ 280) - وعنه أبو جعفر النحاس في (الناسخ والمنسوخ ص 75) -: عن علي بن الحسين القاضي (وهو أبو عبيد بن حربويه)، عن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم، عن الإمام أحمد. والحسين - وإنْ كان موصوفًا بالحفظ -، فقد قال عنه الدارقطني:((ليس بالقوي)) (الميزان 2041).

وقد تحرَّف الإسناد في ((شرح المعاني))، إلى:((علي بن الحسين بن عبد الرحمن بن فهم))، وترجم له كذلك العيني في (رجال معاني الآثار 335) وقال:((لم أرَ من ترجمه)).

ص: 448

دخل رجل إلى مصر فكتبه، ثم انصرف به، ما رأيت (رحلته) ذهبت باطلًا)).

وكذا يحمل صنيع البخاري في صحيحه - حيث علَّق منها عن ابن عباس أشياء في التفسير -، وأكثر من روايتها ابن أبي حاتم، وابن المنذر، وابن مردويه، والطبري، وغيرهم ممن صنف في التفسير. وتبعهم الحافظ ابن كثير، فأكثر منها في ((تفسيره)). وانظر:(مجموع الفتاوى 22/ 555).

ولا يخفى على أحد أن كل هؤلاء لم يشترطوا الصحة فيما يوردونه، فلا يقال: إن رواية البخاري وأبي حاتم وغيرهما لهذه النسخة، إنما هي على سبيل الاعتماد والتصحيح! .

وقد قال الحافظ أبو أحمد الحاكم - في ترجمة علي بن أبي طلحة -: ((ليس ممن يُعتمد على تفسيره الذي يُروى عن معاوية بن صالح عنه)) (تاريخ الإسلام 3/ 932).

وفي المقابل:

قال الطحاوي: ((وإنْ كان خبرًا منقطعًا، لا يثبت مثله، غير أن قومًا من أهل العلم بالآثار يقولون: إنه صحيح، وإنَّ علي بن أبي طلحة وإنْ كان لم يكن رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فإنما أخذ ذلك عن مجاهد وعكرمة)) (شرح معاني الآثار 3/ 280).

وتبعه تلميذه أبو جعفر النحاس فقال: ((والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، وإنما أخذ التفسير عن مجاهد

ص: 449

وعكرمة وهذا القول لا يوجب طعنًا؛ لأنه أخذه عن رجلين ثقتين وهو في نفسه ثقة صدوق)) (الناسخ والمنسوخ ص 75).

وقال الذهبي: ((وأخذ تفسير ابن عباس عن مجاهد، فلم يذكر مجاهدًا، بل أرسله عن ابن عباس)) (ميزان الاعتدال 3/ 134).

وقال الحافظ: ((وعلي يقال: لم يسمع من ابن عباس، لكنَّه إنما أخذ التفسير عن ثقات أصحابه: مجاهد وغيره، وقد اعتمده البخاري وأبو حاتم وغيرهما في التفسير)) (التلخيص الحبير 4/ 292).

قلنا: وفي حصر روايته عن ابن عباس بواسطة مجاهد أو عكرمة أو غيرهما من ثقات أصحابه - نظر ظاهر، بل إننا لم نقف له على رواية عن عكرمة، ولا ذكره في شيوخه أحدٌ، فأين التقى به وأخذ عنه؟ وقد وُجِدَ في روايات علي بن أبي طلحة المنكرات، ولهذا تَكلَّم فيه أحمد وغيره - كما تقدَّم -، وفي هذا ردٌّ على قول ابن النحاس أنه في نفسه ثقة صدوق! .

ولم يذكر الطحاوي لنا أحدًا من أهل العلم بالآثار ممن يقول إنه صحيح! ، بل أقوالهم متفقة على تضعيفه؛ لانقطاعه.

وأما اعتماد البخاري وأبي حاتم وغيرهما على تفسيره، فلا يعني التصحيح، فهذا الإمام البخاري لم يحتجَّ بحديث واحد لعلي بن أبي طلحة، وإنما علَّق له أشياء في التفسير عن ابن عباس ولم يُسَمِّهِ، ويقول في بعضها:((ويُذكر عن ابن عباس))، كما قال الحافظ نفسه في (تهذيب التهذيب 7/ 340). وهذا صيغة تمريض تؤكد ما ذكرنا، والله تعالى أعلى وأعلم.

ومما يؤكد ما ذكرنا أيضًا: أنَّ هذه القصة التي هي مَظِنَّة الاشتهار، لم يتابعه

ص: 450

عليها أحد من ثقات أصحاب ابن عباس، إنما تابعه عطية العوفي - وحاله معروفة -، كما في الرواية التالية.

رِوَايةُ عَطِّيَةَ الْعَوْفِيِّ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ: {إذ يَغشَاكُمُ النعَاسُ أَمَنَةً منهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَيُثَبتَ به الأَقدَامَ} : ((وَذَلِكَ أَنَّ المُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيشٍ لَمَّا خَرَجُوا لِيَنْصُرُوا الْعِيرَ وَيُقَاتِلُوا عَنْهَا، نَزَلُوا عَلَى الْمَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ، فَغَلَبُوا المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ، فَأَصَابَ المُؤْمِنِينَ الظَّمَأُ، فَجَعَلُوا يُصَلُّونَ مُجْنِبِينَ مُحْدِثِينَ، حَتَّى تَعَاظَمَ ذَلِكَ فِي صُدُورِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً حَتَّى سَالَ الوَادِي، فَشَرِبَ المُسْلِمُونَ وَمَلَئُوا الْأَسْقِيَةَ، وَسَقَوُا الرِّكَابَ وَاغْتَسَلُوا مِنَ الجَنَابَةِ، فَجَعَلَ اللهُ فِي ذَلِكَ طَهُورًا، وَثَبَّتَ الأَقْدَامَ. وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القَوْمِ رَمْلَةٌ فَبَعَثَ اللهُ عَلَيْهَا المَطَرَ، فَضَرَبَهَا حَتَّى اشْتَدَّتْ، وَثَبَتَتْ عَلَيْهَا الأَقْدَامُ)).

[الحكم]:

ضعيف جدًّا.

[التخريج]:

[طبر (11/ 64 - 65)].

[السند]:

قال (الطبري): حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي - سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي -، قال: حدثني عمي - الحسين بن

ص: 451

الحسن -، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس .. فذكره.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ مسلسل بالضعفاء:

فمحمد بن سعد هو ابن محمد بن الحسن بن عطية العوفي؛ قال الخطيب: ((كان لينًا في الحديث)) (تاريخ بغداد 2/ 368).

وأبوه: سعد بن محمد؛ قال الإمام أحمد: ((لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك)) (تاريخ بغداد 9/ 129).

وعمه: هو الحسين بن الحسن بن عطية؛ ضعَّفه يحيى بن معين وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، وقال ابن حبان:((لا يجوز الاحتجاج بخبره)) (لسان الميزان 3/ 155).

وأبوه: الحسن بن عطية العوفي؛ ضعيف كما قال الحافظ في (التقريب 1256).

وأبوه: عطية العوفي؛ قال فيه ابن حجر: ((صدوق يخطيء كثيرًا، وكان شيعيًّا مدلسًا)) (التقريب 4616)، وقال الذهبي:((ضعَّفوه)) (الكاشف 3820).

ولذا قال الشوكاني: ((وهذا المروي عن ابن عباس في إسناده العوفي، وهو ضعيف جدًّا)) (فتح القدير 2/ 334).

ص: 452

رِوَايةُ ابنِ جُرَيجٍ:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:((غَلَبَ المُشْرِكُونَ المُسْلِمِينَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِمْ عَلَى الْمَاءِ فَظَمِئَ المُسْلِمُونَ، وَصَلُّوا مُجْنِبِينَ مُحْدِثِينَ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ رِمَالٌ، فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ في قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ الحُزْنَ، فَقَالَ: تَزعُمُونَ أَنَّ فِيكُمْ نَبِيًّا وَأَنَّكُمْ أَوليَاءُ اللهِ، وَقَدْ غُلِبْتُمْ عَلَى الْمَاءِ وَتُصَلُّونَ مُجْنِبِينَ مُحْدِثِينَ؟ قَالَ: فَأَنزَلَ اللهُ مَاءً مِنَ السَّمَاء، فَسَالَ كُلُّ وَادٍ، فَشَرِبَ المُسْلِمُونَ وَتَطَهَّرُوا، وَثَبَتَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَذَهَبَتْ وَسْوَسَةُ الشَّيْطَانِ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف جدًّا.

[التخريج]:

[طبر (11/ 65 - 66)].

[السند]:

قال (الطبري): حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجَّاج، عن ابنِ جُرَيجٍ، قال: قال ابن عباس، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل:

الأولى: الانقطاع؛ فإنَّ ابنَ جُرَيجٍ لم يلقَ ابن عباس رضي الله عنه، قال العلائي:((ذكر ابن المديني أنه لم يلقَ أحدًا من الصحابة)) (جامع التحصيل 1/ 229).

وهو على جلالته كان يدلس تدليسًا فاحشًا، فقد سُئل الدارقطني عن تدليس ابنِ جُرَيجٍ؟ فقال: ((يتجنب تدليسه، فإنه وحش التدليس، لا يدلس

ص: 453

إلَّا فيما سمعه من مجروح)) (سؤالات الحاكم 269).

الثانية: القاسم شيخ الطبري هو ابن الحسن، لم نقف له على ترجمة بعد طول بحث. وانظر:(معجم شيوخ الطبري 242).

الثالثة: شيخه الحسين وهو ابن داود المصيصي - المعروف بسنيد -، قال الحافظ:((ضُعِّفَ مع إمامته ومعرفته؛ لكونه كان يُلقِّنُ حجَّاج بن محمد شيخه)) (التقريب 2646).

[تنبيه]:

الحديث عزاه السيوطي في (الدر المنثور 7/ 59) لابن المنذر، وأبي الشيخ.

ص: 454

111 -

حَدِيثُ السُّدِّيِّ مُرْسَلًا:

◼ عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالمُسْلِمُونَ، فَسَبَقَهُمُ المُشْرِكُونَ إِلَى مَاءِ بَدْرٍ، فَنَزَلُوا عَلَيْهِ؛ انْصَرَفَ أَبُو سُفيَانَ وَأَصْحَابُهُ تِلْقَاءَ البَحْرِ، فَانْطَلَقُوا. قَالَ: فَنَزَلُوا عَلَى أَعْلَى الوَادِي، وَنَزَلَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فِي أَسْفَلِهِ. فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام يُجْنِبُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَيُصَلِّي جُنُبًا، فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِهِم، فَقَالَ: كَيْفَ تَرْجُونَ أَنْ تَظْهَرُوا عَلَيْهِم وَأَحَدُكُمْ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ جُنُبًا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ؟ قَالَ: فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ، فَاغْتَسَلُوا وَتَوَضَّئُوا وَشَرِبُوا، وَاشْتَدَّتْ لَهُمُ الأَرْضُ، وَكَانَتْ بَطْحَاءَ تَدْخُلُ فِيهَا أَرْجُلُهُمْ، فَاشْتَدَّتْ لَهُمْ مِنَ الْمَطَرِ وَاشْتَدُّوا عَلَيْهَا.

[الحكم]:

مرسل ضعيف.

[التخريج]:

[طبر (11/ 65)].

[السند]:

قال (الطبري): حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي

به مرسلًا.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال؛ فإنَّ السدي - وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة - من التابعين.

ص: 455

وقال أحمد بن محمد: ((قلت لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل -: السدي كيف هو؟ قال: أخبرك أن حديثه لمقارب، وإنه لحسن الحديث إلَّا أن هذا التفسير الذي يجيء به أسباط عنه فجعل يستعظمه، قلت ذاك إنما يرجع إلى قول السدي، فقال: من أين؟ وقد جعل له أسانيد ما أدري ما ذاك)) (الضعفاء الكبير للعقيلي 1/ 245 - 246).

الثانية: أسباط بن نصر؛ قال ابن حجر: ((صدوق كثير الخطأ يغرب)) (التقريب 321).

ص: 456

112 -

حَدِيثُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ:

◼ عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، قَالَ:((لَقَدْ رَأَيتُنِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَاءٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِنِّي لَأُدَلِّكُ ظَهْرَهُ وَأَغْسِلُهُ)).

[الحكم]:

إسناده لين.

[التخريج]:

[طهم 7 ((واللفظ له)) / تخ (2/ 165) معلقًا/ هق 7/ كر (11/ 126)].

[السند]:

أخرجه إبراهيم بن طهمان في ((مشيخته)) - ومن طريقه البيهقي وابن عساكر -: عن عباد بن إسحاق، عن أبيه، عن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن سعد بن أبي وقاص، به.

وعلَّقه البخاري في (التاريخ) عن إبراهيم بن طهمان، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد لين؛ لجهالة ثابت بن عبدالله بن الزبير، فلم يروِ عنه إلَّا إسحاق بن عبد الله والد عباد

(1)

، وقد ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 2/

(1)

أما ما جاء في المطبوع من (الجرح والتعديل 2/ 454): ((روى عن سعد روى عنه عباد بن إسحاق سمعت أبي يقول ذلك))، وكذا في (الفيصل في مشتبه النسبة للحازمي 166)، فهذا خطأ، فإن الذي روى عن ثابت هو إسحاق والد عباد، كما في (التاريخ) للبخاري، و (الثقات) لابن حبان، وغيرها من كتب التراجم. وجاء في المطبوع لابن حبان:(روى عنه عباد بن إسحاق عن أبيه)، كذا، والصواب:(روى عنه عباد بن إسحاق عن أبيه عنه)، كذا في أصل ابن حبان، ولكن المحقق حذفها عمدًا! ، ظنًّا منه أنها مكررة خطأ! ، والله المستعان.

ص: 457

165)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 2/ 454)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق 11/ 126)، والذهبي في (تاريخ الإسلام 2/ 1067)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكر ابن عساكر عن الزبير بن بكار أنه قال:((كان لسان آل الزبير جلدًا وفصاحةً وبيانًا))، وذكره ابن حبان في (الثقات 4/ 90) على قاعدته في توثيق المجاهيل.

ومع هذا تساهل فيه الذهبي فقال: ((سنده وسط))! (المهذب 1/ 8).

وأما عباد بن إسحاق، وأبوه، فصدوقان كما في (التقريب 3800، 366).

ص: 458