المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌353 - باب الوضوء من الحدث - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٧

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أبوابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الوُضُوءُ وَمَا لَا يَجِبُ

- ‌353 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الحَدَثِ

- ‌354 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ البَوْلِ وَالغَائِطِ

- ‌355 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ المَذْيِ

- ‌356 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الوَدْيِ

- ‌357 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ التقَاءِ الخِتَانَيْنِ

- ‌358 - بَابُ نَسْخِ الوُضُوءِ مِنَ التِقَاءِ الخِتَانَيْنِ، وَالأَمْرِ بِالغُسْلِ

- ‌359 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌360 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌361 - بَابٌ: لَا وُضُوءَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ بِخَاصَّةٍ

- ‌362 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنْ لَا وُضُوءَ إِلَّا عَلَى المُضْطَجِعِ

- ‌363 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي النَّوْمِ فِي الصَّلَاةِ، هَلْ يَنقُضُ الوُضُوءَ

- ‌364 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي وُضُوءِ مَنْ خَالَطَ النَّوْمُ قَلْبَهُ

- ‌365 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلَّا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ

- ‌366 - بَابُ مَا رُوِيَ في أَنَّ الغِشْيَانَ حَدَثٌ

- ‌367 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ

- ‌368 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنْ أَلْبَانِ الإِبِلِ

- ‌369 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ عَامَّةً

الفصل: ‌353 - باب الوضوء من الحدث

‌353 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الحَدَثِ

2098 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ)).

قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ: مَا الحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ.

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[التخريج]:

[خ 135 "واللفظ له"، 6954 / م 225 / د 59 /

].

وتقدم الحديث بتخريجه كاملًا في "باب الوضوء شرط للصلاة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).

ص: 5

2099 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَتَتْ سَلْمَى مَوْلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ: امْرَأَةُ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْتَأْدِيهِ

(1)

(تَسْتَعْدِيهِ) 1 عَلَى أَبِي رَافِعٍ، قَدْ ضَرَبَهَا. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي رَافِعٍ: «مَا لَكَ وَلَهَا يَا أَبَا رَافِعٍ؟ » قَالَ: [إِنَّهَا] 1 تُؤْذِينِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بِمَ آذَيْتِيهِ يَا سَلْمَى؟ » قَالَتْ: [وَاللهِ] 2 يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا آذَيْتُهُ بِشَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ أَحْدَثَ وَهُوَ يُصَلِّي (قَامَ يُصَلِّي فَضَرَطَ فِي الصَّلَاةِ) 2، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ المسْلِمِينَ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمُ الرِّيحُ أَنْ يَتَوَضَّأَ [لِلصَّلَاةِ] 3! فَقَامَ فَضَرَبَنِي! . فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ، وَيَقُولُ:«يَا أَبَا رَافِعٍ، إِنَّهَا لَمْ تَأْمُرْكَ إِلَّا بِخَيْرٍ» .

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ سَلْمَى امْرَأَةُ أَبِي رَافِعٍ تَشْكُو زَوْجَهَا أَبَا رَافِعٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَضْرِبُنِي! ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا لَكَ

(1)

في المطبوع من المسند وأسد الغابة: "تَسْتَأْذِنُهُ"! وقال محققو المسند: "في (ظ 7) و (ظ 8): "تستأذيه"! اهـ.

قلنا: هي "تَسْتَأْدِيهِ" بالدال المهملة، وهي بمثل (تَسْتَعْدِيهِ) -رواية الترمذي وغيره- وزنًا ومعنًى.

وفي حديث آخر: «لَأَسْتَأْدِيَنَّهُ عَلَيْكُمْ» أَيْ: (لَأَسْتَعْدِيَنَّهُ) أبدل الهمزة من العين، وهي لغة أهل الحجاز.

انظر: (إصلاح المنطق ص 177، 218)، و (تهذيب اللغة 14/ 162)، و (مقاييس اللغة 1/ 73)، و (المخصص 3/ 381 و 4/ 184)، و (لسان العرب 14/ 26)، و (المزهر 1/ 356).

ص: 6

وَلَهَا؟ ! » فَقَالَ: إِنَّهَا تُؤْذِينِي! فَقَالَ لَهَا: «بِمَ تُؤْذِينَهُ؟ » فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ خَرَجَتْ مِنْهُ رِيحٌ، وَقَامَ يُصَلِّي، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ، فَلْيُعِدِ الْوُضُوءَ» . فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:«لَا تَضْرِبْهَا» .

[الحكم]:

حسن. وقال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح"، وقال الألباني:"إسناده جيد".

[التخريج]:

تخريج السياق الأول: [حم 26339 واللفظ له / بز (18/ 126/85) والزيادة الثانية له / علت 42 والرواية الأولى مع الزيادة الأولى والثالثة له / مث 3432، 3433 مختصرًا / كر (4/ 306) والرواية الثانية له / كما (35/ 197، 198) / أسد (7/ 148، 149) / حلب (10/ 4448)].

تخريج السياق الثاني: [طب (24/ 301، 302/ 765) واللفظ له / صحا 7675].

[السند]:

رواه أحمد قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، بِهِ.

ورواه الترمذي في (العلل 42) عن عبد الله بن أبي زياد - وهو القَطَواني-.

ورواه البزار (85) عن إبراهيم بن سعيد الجوهري.

ورواه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 3432) مختصرًا عن أحمد بن محمد المروزي.

ص: 7

ورواه الطبراني في (الكبير 765) -وعنه أبو نعيم في (المعرفة 7675) - من طريق ابن مَعين، وعمرو بن محمد الناقد.

ورواه ابن عساكر (4/ 306) من طريق علي بن سلمة (اللَّبَقي).

ستتهم: عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن هشام، به.

[التحقيق]:

هذا الحديث بروايتيه إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين سوى ابن إسحاق، وهو الإمام صاحب المغازي، استَشهد به البخاري وروى له مسلم في المتابعات، وهو صدوق حسن الحديث ما لم يدلس، وقد صرح بالسماع عند أحمد والطبراني وغيرهما.

ولذا قال الهيثمي: "رِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، وَقَدْ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ"(المجمع 1/ 243).

وقال الألباني: "هذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن إسحاق

وهو حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث، فأَمِنَّا بذلك تدليسه" (الصحيحة 3070).

ولكن قال الترمذي: "سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَسَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ، فَقَالَ مِثْلَهُ"(العلل ص 45).

أي: أن ابن إسحاق قد تفرد به.

وكذلك قال البزار: "لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ إِلَّا ابْنُ إِسْحَاقَ"(كشف الأستار 280).

ص: 8

قلنا: هذا لا يضر؛ لسَعة علم ابن إسحاق وكثرة حفظه. وقد قال البخاري: "محمد بن إسحاق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها لا يشاركه فيها أحد"(تهذيب الكمال 24/ 419).

وقال الحافظ ابن حجر في ابن إسحاق: "مَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الصَّحِيحِ، فَهُوَ فِي دَرَجَةِ الْحَسَنِ إِذَا صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ"(فتح الباري 11/ 163).

وهو كذلك هنا.

فإن قيل: قد تَفَرَّد به عن ابن إسحاق إبراهيمُ بن سعد، وعنه ولده يعقوب!

فالجواب: أن إبراهيم بن سعد ثقة حجة لا يضر تفرده. وقد قال إبراهيم بن حمزة: "كان عند إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق نحو من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام سوى المغازي، وإبراهيم بن سعد من أكثر أهل المدينة حديثًا في زمانه"(تهذيب الكمال 24/ 416).

فأما ولده يعقوب، فهو أعلم الناس بحديث أبيه، عليه مدار حديثه، وهو ثقة، وقد توبع عليه من أحد الضعفاء:

فرواه ابن معروف في (الخامس من الفوائد المنتقاة 13) -ومن طريقه المزي في (التهذيب 35/ 197)، وابن العديم في (بغية الطلب 10/ 4448) -: من طريق أبي غَزِيَّة محمد بن موسى القاضي، قال: حدثني إبراهيم بن سعد

بنحوه، وزاد في آخره:((وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْزَحُ وَيَضْحَكُ إِلَى أَبِي رَافِعٍ)).

وأبو غزية هذا واهٍ جدًّا، ينظر ترجمته في (الميزان 4/ 49).

وهذا الحكم الذي ورد في حديث ابن إسحاق هذا -وهو الوضوء من

ص: 9

الحدث- لم ينفرد به، بل رواه أبو هريرة وغيره من الصحابة كما سبق في الباب.

[تنبيه]:

اقتصر أحمد بن محمد المَروزي في روايته للحديث - عند ابن أبي عاصم- على قول سلمى رضي الله عنها: ((إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَحَدٍ رِيحٌ أَنْ يَتَوَضَّأَ)).

وقد أتبعه ابن أبي عاصم (3433) بقوله: "حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ (! )، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ سَلْمَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَهُ".

فجَعَله من حديث عائشة عن سلمى في الموضعين، وذلك لا يخالف ما سبق؛ لأن الجزء المذكور من الحديث عنده هو من رواية سلمى عند الجميع أيضًا.

ولكن ذِكْر يحيى بن سعيد في هذا الإسناد بين الحسن بن علي الحُلْواني وبين يعقوب، لعله مقحم من الناسخ، فإن الحسن سمع من يعقوب، وجُل أحاديثه عن يعقوب عند ابن أبي عاصم بلا واسطة إلا في هذا الموضع. كما أن يحيى بن سعيد أكبر من يعقوب، ولم نجد له رواية عنه. والله أعلم.

ص: 10

2100 -

حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ:

◼ عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَكُونُ فِي الفَلَاةِ (البَادِيَةِ) 1 فَتَكُونُ مِنْهُ الرُّوَيْحَةُ، وَيَكُونُ فِي المَاءِ قِلَّةٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَلَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ (أَدْبَارِهِنَّ) 2؛ فَإِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ)).

[الحكم]:

مُختلَف فيه:

فضَعَّفه: البخاري، وابن حزم، وابن القطان - وأقره الزيلعي، والعيني -، وابن التركماني، والألباني.

وحَسَّنه: الترمذي. وصححه: ابن حبان، وابن الملقن.

والراجح: ضعفه.

[الفوائد]:

قوله: ((فَتَكُونُ مِنْهُ الرُّوَيْحَةُ)) تصغير الرائحة، وغرض السائل أنه ينبغي أن لا ينقض الوضوء بهذا القدر. (تحفة الأحوذي 4/ 274).

[التخريج]:

[ت 1196 "واللفظ له"، 1197 مقتصرًا على المرفوع / علت 40، 41 / كن 9171 - 9174 / حم 655، (39/ 470، 472/ 33 - 36)

(1)

(1)

هذا الحديث من الأحاديث الساقطة من النسخ الخطية التي اعتمدها محققو طبعة التأصيل، وإنما استدركوه من كتاب (جامع المسانيد والسنن)، و (أطراف المسند 4/ 384)، وقد أثبته محققو طبعة المكنز عن بعض النسخ الخطية برقم (24445، 24454).

ص: 11

/ عب 535، 21875 "مقتصرًا على المرفوع" / ش 17069 "مقتصرًا على الإتيان" / طهور 398 / تخث (السِّفر الثاني/1279، 1280)"والرواية الثانية له ولغيره" / تطبر (مسند علي 422، 424 - 426) / مرداس (حديث ق 55/ب) / مث 1679 / طوسي 1065 / صبغ 1871، 2569 - 2571 / عدني (خيرة 592) / طح (3/ 45/4419 - 4421) / مسخ 476/ حب 4204، 4206 / خط (12/ 140) / صحا 4954 / هقغ 2488 / هق 14241 / شعب 4990 / متفق 1057 / خطت 54، 359 / كر (53/ 110) / أسد (4/ 117) / كما (20/ 495)].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية الآتية.

رِوَايَةٌ بزيادة ((فِي الصَّلَاةِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((إِذَا أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ يَجِيءُ فَيُصَلِّي)).

[التخريج]:

[طهور 399 واللفظ له / مي 1164، 1165 / قا (2/ 260) / صحا 4955، 4956].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية الآتية.

ص: 12

رِوَايَةٌ بزيادة: ((فَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «إِذَا فَسَا (أَحْدَثَ) أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ، ولْيُعِدْ صَلَاتَهُ (ثُمَّ يَجِيءُ فَيُصَلِّي)» .

[الحكم]:

ضعيف، وزيادة:((ولْيُعِدْ صَلَاتَهُ)) شاذة.

[التخريج]:

[د 204، 994 "واللفظ له" / تطبر (مسند علي 423) / حب 2236 "والزيادة له ولغيره" / ثحب (3/ 262 - 263) / قط 562 / صحا 4954 / محلى (4/ 156) / هق 3427 / هقع (3/ 175/4990) / هقغ 26/ بغ 752 / تحقيق 574].

[التحقيق]:

رُوي الحديث بروياته السابقة من ثلاثة طرق:

الأول: رواه عاصم الأحول، واختُلف عليه على أربعة أوجه:

الوجه الأول: عن عاصم، عن عيسى بن حِطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طَلْق، به.

رواه أحمد في (المسند 39/ 34): عن أبي معاوية. ورواه الترمذي (1196): عن أحمد بن مَنيع وهناد، عن أبي معاوية.

ورواه أحمد في (المسند 39/ 36): عن عبد الرزاق، عن سفيان الثوري.

ورواه أبو عبيد في (الطهور 399)، وأبو بكر بن أبي شيبة في (المصنف 17069) - وعنه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 1679) -: عن حفص بن غياث.

ص: 13

ورواه الدارمي (1164، 1165): من طريق عبد الواحد بن زياد.

ورواه ابن أبي خيثمة في (تاريخه، السِّفر الثاني 1279)، وابن قانع في (معجمه 2/ 260): من طريق إسماعيل بن زكريا.

ورواه ابن عساكر في (تاريخه 53/ 110): من طريق مَرْوان بن معاوية.

وعلقه أبو نعيم في (معرفة الصحابة عقب ح رقم 4955): عن أبي الأحوص، وأبي شهاب.

ستتهم (أبو معاوية، وسفيان، وحفص، وعبد الواحد، وإسماعيل، ومَرْوان): عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طلق، به.

قلنا: وكذا تابعهم على إسناده جرير بن عبد الحميد، كما عند أبي داود في (السنن 204، 994)، وغيرهم.

ولكن زاد فيه زيادة شاذة في آخره، فقال:((فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ)).

فانفرد جرير بقوله: ((فَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ)) فلم يذكرها أحد ممن ذكر الحديث ممن تقدم.

ولقد نبه على ذلك ابن حبان عقبه فقال: ((لم يقل: (وَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ) إلا جرير)) (الصحيح 2236).

وقال ابن التركماني: "ذَكَر ابن حبان في صحيحه هذا الحديث، ثم قال: "لم يقل: (وَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ) إلا جرير" وقال البيهقي في باب إقرار الوارث بوارث: "نُسِب جرير بن عبد الحميد إلى سوء الحفظ في آخر عمره" وفي الميزان للذهبي: ذَكَر البيهقي ذلك في سننه في ثلاثين حديثًا لجرير. وقال

ص: 14

ابن حنبل: "لم يكن بالذكي في الحديث، اختلط عليه حديث أشعث وعاصم الأحول، حتى قَدِم عليه بهز فعرفه"(الجوهر النقي 2/ 254، 255).

وقال ابن الملقن بعد ذكر الزيادة: ((قد نسبه البيهقي وغيره إلى سوء الحفظ في آخر عمره، لكنه من رجال الصحيحين)) (البدر المنير 4/ 98).

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: مسلم بن سلام الحنفي، أبو عبد الملك؛ فإنه في عِدَاد المجهولين، ولا يُعْرَف إلا بهذا الحديث، ولا يُعْرَف أنه روى عنه غير عيسى بن حطان -على الصحيح كما سيأتي تقريره-.

وقد سئل عنه الإمام أحمد فلم يزد على قوله: ((يُروى عنه)) (العلل رواية ابنه عبد الله 3390). وقد ترجم له البخاري في (التاريخ 7/ 262) ولم يزد على أن ذكر اسمه. وترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 8/ 185)، ولم يذكر فيه شيئًا سوى قوله:"رَوَى عن عليّ بن طَلْق، روى عنه عيسى بن حطان، سمعت أبي يقول ذلك".

وأما ابن حبان فقد ذكره في (الثقات 5/ 395) على العادة، مع كونه لم يَذكر عنه راويًا سوى عيسى بن حطان كما فَعَل ابن أبي حاتم.

بينما قال في (مشاهير علماء الأمصار 972): "قليل الرواية، يُغرب فيها".

وهذا يعني أنه أغرب في روايته هذا الحديث؛ إذ لا يُعْرَف له غيره، ومع ذلك أخرج له ابن حبان هذا الحديث في (صحيحه)!

وأما ابن حجر، فقال عن مسلم هذا:"مقبول"(التقريب 6631).

ص: 15

وبه أَعَل ابن القطان حديثه هذا، فقال: "ومسلم بن سلام الحنفي، أبو عبد الملك - مجهول الحال

فالحديث إذن لا يصح" (بيان الوهم والإيهام 5/ 191).

وأقرّه: الزيلعي في (نصب الراية 2/ 62)، وابن حجر في (التلخيص 1/ 653)، والعيني في (شرحه على أبي داود 1/ 473).

ومع ذلك اقتصر الحافظ في (بلوغ المرام 1/ 41) على قوله: "صححه ابن حبان"! .

وأما ابن الملقن فقال: "هذا الحديث جيد الإسناد"! ! (البدر المنير 4/ 97).

ثم نَقَل تحسين الترمذي للحديث، وأتبعه قائلًا:"قلت: وصحيح؛ فقد أخرجه أبو حاتم في (صحيحه) "! (البدر المنير 4/ 98).

فعمدته في تصحيحه هو تصحيح ابن حبان له! ، وقد سبق ما فيه.

ثم تعقب ابن الملقن على ابن القطان في كلامه السابق، فقال - بعد أن ذكر تضعيفه له -:"قلت: بل هو صحيح، ومسلم هذا روى عنه ابنه عبد الملك وعيسى بن حطان، وذكره ابن حبان في ثقاته وأخرج عنه الحديث في صحيحه؛ فزالت عنه الجهالة العينية والحالية"! (البدر المنير 4/ 98).

وكأنه تلقى هذا التعقب من الذهبي، فإنه لما ذكر تجهيل ابن القطان لمسلم بن سلام تعقبه قائلًا:"قلت: ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه أيضًا ابنه عبد الملك"(الميزان 8/ 191/685).

الجواب عن ذلك:

أما الجهالة العينية، فما زالت باقية. ورواية ابنه عبد الملك التي ذكرها

ص: 16

واعتمد عليها ابن الملقن- إنما هي مجرد وهم، لا تَثبت كما سنبينه قريبًا.

وأما الجهالة الحالية، فاعتمد ابن الملقن في زوالها على صنيع ابن حبان في الثقات وفي صحيحه، وقد سبق الجواب عنه.

العلة الثانية: عيسى بن حطان، العائذي - وقيل: الرَّقَاشي- مُختلَف فيه:

فقال البخاري: "وعيسى بن حِطان الذي رُوي عنه هذا الحديث - رجل مجهول"(علل الترمذي الكبير 1/ 44).

وكذا قال ابن عبد البر، وزاد:"لا يُحتج به"(الاستيعاب 3/ 1205 - 1206)، وانظر (اللسان 4/ 393).

وفي المقابل: ذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 232)، وقال العجلي:"ثقة"(الثقات 2/ 199) ، واعتمد توثيقه ابن القطان، فقال:"فأما عيسى بن حطان فثقة، قاله الكوفي" يعني العجلي (بيان الوهم والإيهام 5/ 191).

ولم يعتمد ذلك الذهبي، حيث قال في ترجمته:"وُثِّق"(الكاشف 4369).

وأما الحافظ فقال فيه: "مقبول"(التقريب 5289).

ورغم كل ذلك، قال الترمذي:"حديث علي بن طلق حديث حسن"!

هكذا حَسَّنه الترمذي مع أنه الناقل عن البخاري قوله السابق: "وعيسى بن حطان الذي رُوي عنه هذا الحديث- رجل مجهول".

والبخاري قال ذلك في صدد جوابه على الترمذي، حينما سأله عن هذا الحديث.

وعليه، فهذا الحديث عند البخاري ضعيف؛ لجهالة راويه، فلا ندري لماذا حَسَّنه الترمذي؟ !

ص: 17

الوجه الثاني: عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حِطان، عن مسلم بن سلمان، عن علي بن طلق، به.

رواه أبو نعيم في (معرفة الصحابة 4955) من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن عاصم، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه عيسى بن حِطان، وقد تقدم القول فيه. ومسلم بن سلمان الراجح أنه مسلم بن سلام، كما تقدم في رواية الجماعة عن عاصم في الوجه المتقدم.

وقد أشار لذلك أبو نعيم عقب الحديث

الوجه الثالث: عن عاصم، عن مسلم بن سلام، عن عيسى بن حطان، عن علي، به.

رواه عبد الرزاق في (المصنف 535، 21875) - وعنه أحمد في (المسند 39/ 33)، وغيره - عن معمر، عن عاصم، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة حال عيسى ومسلم، كما سبق.

وقد وقع قلب في إسناده، وذلك أن المحفوظ في رواية الجماعة المتقدم ذكرهم (سفيان الثوري ومَن تابعه)((عاصم عن عيسى عن مسلم)).

قلنا: ولكن توبع معمر على رواية القلب هذه من ليث بن أبي سليم، كما سيأتي قريبًا.

الوجه الرابع: عن عاصم، عن عيسى، عن مسلم بن سلام، عن طلق بن يزيد- أو: يزيد بن طلق- به.

رواه أحمد في (المسند 39/ 35 = 24447 ط المكنز) - وكذا ذكره

ص: 18

ابن كثير في (جامع المسانيد 5573)، و (تفسيره 1/ 596) -، والبغوي في (معجم الصحابة 1870)، وابن قانع في (معجمه 2/ 44، 3/ 231)، وغيرهم، من طريق شعبة، عن عاصم، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة حال عيسى ومسلم كما تقدم.

وقد أخطأ شعبة في إسناده؛ وذلك أن المحفوظ فيه: ((علي بن طلق)) كما تقدم من رواية الثوري ومعمر ومَن تابعهما.

ولذا قال ابن أبي خيثمة عقب رواية شعبة هذه: ((كذا قال: (يزيد بن طلق- أو: طلق بن يزيد- وإنما أراد: علي بن طلق)) (التاريخ الكبير-السِّفر الثاني 1/ 600).

وقال ابن كثير: ((أورده ابن الأثير من طريق أحمد؛ عن غندر، عن شعبة، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حِطان، عن مسلم بن سلام، عن طَلْق بن يزيد- أو: يزيد بن طلق- والصواب: مسلم عن علي بن طلق)) (جامع المسانيد 4/ 455).

وقال في (التفسير 1/ 596): ((والأشبه أنه علي بن طلق)).

وقال ابن حجر بعد رواية شعبة: ((هكذا رواه. وخالفه معمر، عن عاصم فقال: (طَلْق بن علي)

(1)

ولم يشك.

وكذا قال أَبو نعيم، عن عبد الملك بن سلام، عن عيسى بن حطان، قال

(1)

هكذا وقع في الإصابة، والذي في المصنف وغيره:((علي بن طلق))، غير أن ابن كثير قال:((ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن طلق بن علي)) (التفسير 1/ 596) ثم قال: ((والأشبه أنه علي بن طلق))، فلعل وقع في بعض نسخ المصنف خطأ ((طلق بن علي)).

ص: 19

ابن أبي خيثمة: هذا هو الصواب)) (الإصابة 5/ 434).

قلنا: كما تقدم من عرض الطرق، فالراجح منها ما رواه الثوري ومَن تابعه، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طلق، به.

وهو إسناد ضعيف؛ لجهالة حال عيسى ومسلم، كما سبق وبينا.

وثَم أمر آخر قاله الإمام أحمد في رواية عاصم هذا، فقال:((عاصم الأحول يخطئ في هذا الحديث، يقول: (علي بن طلق) وإنما هو طلق بن علي" (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 130).

وما ذهب إليه الإمام أحمد يعارضه ما ذكره الترمذي عن البخاري، فقال:((سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: لا أعرف لعلي بن طلق ، عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث. وهو عندي غير طلق بن علي ، ولا يُعْرَف هذا من حديث طلق بن علي)).

وقال أيضًا: ((سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: علي بن طلق هذا أُراه غير طلق بن علي ، ولا أعرف لعلي بن طلق إلا هذا الحديث. وعيسى بن حطان الذي روى عنه هذا الحديث رجل مجهول. فقلت له: أتعرف هذا الحديث الذي روى علي بن طلق من حديث طلق بن علي؟ فقال: لا)) (العلل الكبير ص 43 - 44).

وقال الترمذي في السنن: ((وسمعت محمدًا يقول: لا أعرف لعلي بن طلق عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث الواحد، ولا أعرف هذا الحديث من حديث طَلْق بن علي السُّحَيْمي.

وكأنه رأى أن هذا رجل آخر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. (الجامع 2/ 361).

ص: 20

وسبق البخاريَّ إلى ذلك الدارميُّ، فقيل له عقب إسناد الحديث:((علي بن طلق له صحبة؟ قال: نعم)) (مسند الدارمي 1/ 573).

وقال أبو عبيد: ((إنما هو عندنا علي بن طلق؛ لأنه حديثه المعروف عنه، وكان رجلًا من بني حنيفة من أهل اليمامة، وأحسبه والد طلق بن علي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مَسّ الذَّكَر)) (الطهور ص 399).

وقال ابن الملقن: ((وقال أبو بكر البزار: بعض الناس (يرى) أنه طلق بن علي. قلت: وممن ذكره في مسند علي بن طلق: أحمد بن مَنيع في «مسنده» ، وابن قانع وغيرهما)) (البدر المنير 4/ 98). وانظر (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 132).

الطريق الثاني: رواه عبد الملك بن مسلم بن سلام، واختُلف عليه على وجهين:

الوجه الأول: عن عبد الملك بن مسلم، عن أبيه، عن علي، به.

رواه أحمد في (المسند 655 تحت مسند علي بن أبي طالب)، وابن أبي عمر العدني في مسنده كما في (إتحاف الخيرة 592) فقالا -واللفظ لأحمد-: نا وكيع، ثنا عبد الملك بن مسلم الحنفي، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، به.

ورواه الترمذي في (جامعه 1197)، و (العلل 40)، والنسائي في (الكبرى 9171)، وغيرهما، من طريق وكيع، به.

وهذا إسناد رجاله ثقات، غير مسلم بن سلام، فهو مجهول الحال كما سبق. وقد خولف وكيع فيه في أمرين:

الأمر الأول: في قوله: (عن علي) هكذا مطلقًا بلا نسبة.

ص: 21

فظن بعض الأَئمة أنه علي بن أبي طالب، ومنهم الإمام أحمد، حيث أورده في (مسند علي بن أبي طالب) كما سبق.

وإليه يشير عمل البوصيري حيث أورده في (الإتحاف) من جهة ابن أبي عمر العدني، ثم قال: ((رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن بكار، ثنا حبان بن علي، عن ضِرَار بن مُرة، عن حُصين المزني قال: قال علي بن أبي طالب

)) فأورد حديثًا آخر لعلي يوافق في معناه حديثنا هذا. وقد تقدم تخريج هذا الحديث من قبل.

وقال الرافعي: ((ولما رُوي عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ)) (العزيز شرح الوجيز 2/ 3)

(1)

.

وكذا ذهب إليه، البغوي في (شرح السنة 1/ 187)، وتبعه غير واحد من الشراح. انظر (المفاتيح للمظهري 1/ 363).

وقال الهيثمي: ((هو فى السنن من حديث علي بن طلق الحنفي، وقد أورده الإمام أحمد في حديث علي بن أبى طالب، وقد تقدم حديث على كما ترى. فالله أعلم)) (غاية المقصد 1/ 151).

وقال مغلطاي: ((وحديث علي بن أبي طالب،

رواه أحمد في مسنده عن وكيع؛ حدثنا عبد الله بن مسلم الحنفي عن أبيه عنده)) (شرح ابن ماجه 2/ 132).

(1)

-قال ابن الملقن: ((وقع في بعض نسخ الرافعي بدل (علي بن طلق): (علي بن أبي طالب) وهو من الناسخ، فاجتنِبه)) (البدر المنير 4/ 98).

ص: 22

قلنا: ولكن ردَّ ذلك غيرُ واحد:

فقال أبو عبيد: ((هذا الذي ذكرناه في الحديث الأول لا أُراه علي بن أبي طالب، إنما هو عندنا علي بن طلق

)) (الطهور ص 399 - 400).

وقال الطبري: ((إنما هو معروف عن علي بن طلق، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا عن علي بن أبي طالب)) (تهذيب الآثار- مسند علي بن أبي طالب 3/ 274).

وقال أبو حاتم: ((إنما هو عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق)) (بيان خطأ البخاري 1/ 87).

وقال الخطيب: ((و (عليّ) الذي أسند هذا الحديث ليس بابن أبي طالب، وإنما هو علي بن طلق الحنفي، بين نسبه الجماعة الذي سميناهم في روايتهم هذا الحديث، عن عبد الملك. وقد وَهِم غير واحد من أهل العلم، فأخرج هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم) (تاريخ بغداد 12/ 141).

وقال ابن كثير: "ومِن الناس مَن يورد هذا الحديث في مسند (علي بن أبي طالب) كما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل، والصحيح أنه (علي بن طلق) "(التفسير 1/ 594).

وقال الحافظ ابن حجر: ((الذي يتبادر إلى ذهني أن عليًّا راوي هذا الحديث هو (علي بن طلق الحنفي) فإن الراوي عنه حنفي أيضًا، والحديث معروف من طريقه. ولكن كذا وجدته في مسند علي بن أبي طالب)) (أطراف المُسنَد 4/ 474).

وقال في (الإتحاف 11/ 626): ((الذي يتبادر إلى ذهني أن عليًّا راوي هذا

ص: 23

الحديث هو علي بن طلق الحنفي، فإن الراوي عنه حنفي أيضا، والحديث معروف من طريقه، ولكن كذا وجدته في مسند: علي بن أبي طالب))، وسيأتي له رأي آخر.

وعَلَّق على عزو الرافعي فقال: ((هكذا نسبه فقال: (علي بن أبي طالب) وهو غلط. والصواب: علي بن طلق، وهو اليمامي)) (التلخيص الحبير 1/ 495).

قلنا: وقد تقدم عن غير واحد ذِكر هذا الحديث في مسند علي بن طلق.

الأمر الثاني: في قوله: (عن عبد الملك عن أبيه مسلم) وهو خطأ، فلم يسمع عبد الملك هذا الحديث من أبيه. والصواب أن بينهما عيسى بن حطان، كما في

الوجه الثاني: عن عبد الملك بن مسلم، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طلق، به.

رواه أبو عبيد في (الطهور 398) قال: حدثنا الفضل بن دُكين، عن عبد الملك بن مسلم الحنفي، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي- يعني ابن طلق- به.

ورواه الطبري في (تهذيب الآثار-مسند علي 425)، والخرائطي في (مساوئ الأخلاق 476) من طريق ابن دُكين، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة حال عيسى ومسلم كما سبق.

وقد أَدْخَل أبو نعيم الفضل بن دُكين، واسطة بين عبد الملك وأبيه، وهو عيسى بن حطان. وهو الصواب.

فقد تابع الفضلَ أحمدُ بن خالد الوهيبي، كما عند النسائي في (الكبرى

ص: 24

9172)، وغيره.

ويزيد بن هارون، كما عند الخرائطي في (مساوئ الأخلاق 480)، ولكن أطلق القول عن (علي) فلم ينسبه، والسند إليه فيه ضعف.

وكذا شَبَابة بن سَوَّار، كما عند الخطيب في (تاريخه 12/ 140)، ولكن رواه الخطيب من نفس الطريق في (تالي تلخيص المتشابه 2/ 588/359) من طريق عبد الله بن رَوح المدائني، حدثنا شبابة، حدثنا المغيرة بن مسلم، عن عيسى بن حطان، به.

وذِكْر المغيرة بن مسلم في هذا الحديث وهم محض؛ فقد رواه الخطيب في (تالي تلخيص المتشابه 1/ 132/54) من طريق عباس بن محمد الدُّوري، حدثنا شبابة، حدثنا عبد الملك بن مسلم، عن عيسى، به.

فالحديث حديث عبد الملك.

والغريب أن أبا نعيم قال في (المعرفة): "رواه عبد الملك بن مسلم الحنفي والمغيرة بن مسلم، عن عيسى بن حطان، مثله"، ذكره عقب الحديث رقم (4954).

قلنا: فرواه (الفضل، والوهيبي، ويزيد، وشبابة) عن عبد الملك، عن عيسى بن حِطان، عن مسلم بن سلام، عن علي، به.

وهو الراجح؛ ولذا قال الخطيب: ((كذا روى هذا الحديث وكيع بن الجراح، عن عبد الملك بن مسلم، عن أبيه. ولم يسمعه عبد الملك عن أبيه؛ وإنما رواه عن عيسى بن حطان عن أبيه مسلم بن سلام، كما سقناه عن شبابة عنه. وقد وافق شبابة عبيد الله بن موسى، وأبو نعيم، وأبو قتيبة سَلْم بن قتيبة وأحمد بن خالد الوَهْبي وعلي بن نصر الجهضمي، فرووه كلهم عن

ص: 25

عبد الملك عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام)) (تاريخ بغداد 12/ 141).

وهذا هو ما صوبه المزي؛ فإنه لما ذكر في ترجمة عبد الملك روايته عن أبيه مسلم بن سلام، قال:"وقيل: (عن عيسى بن حطان عن أبيه مسلم بن سلام) وهو الصحيح"(تهذيب الكمال 18/ 415).

وأقره الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب 6/ 425)، وأبو زرعة العراقي في (تحفة التحصيل 1/ 213).

الطريق الثالث: رواه ليث بن أبي سُليم.

واختُلف عليه على وجهين:

الأول: عن ليث، عن عيسى بن حطان، عن علي بن طلق، به. لم يذكر مسلم بن سلام.

رواه أبو نعيم في (معرفة الصحابة 4956): حدثناه سليمان بن أحمد، ثنا أبو يزيد القراطيسي، ثنا أسد بن موسى، ثنا إسماعيل بن عياش، عن ليث، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ليث وهو ضعيف، وقد اختلط فيه كما سيأتي في الوجه الثاني. وعيسى بن حطان فيه جهالة كما سبق، ولم يسمع هذا الحديث من علي، بينهما مسلم بن سلام، كما سبق. وانظر الوجه الثاني.

الوجه الثاني: عن ليث، عن مسلم بن سلام، عن عيسى بن حطان، عن علي بن طلق، به.

رواه خالد بن مرداس في (حديثه ق 55/ب) -وعنه أبو القاسم البغوي

ص: 26

في (معجم الصحابة 2570) - قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن ليث بن أبي سليم، عن مسلم بن سلام، عن عيسى بن حطان، عن علي بن طلق، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة حال عيسى ومسلم، وضعف الليث، وقد قلب إسناده، فالصواب عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام، كما سبق.

قلنا: مدار الطرق كما سبق على عيسى بن حطان ومسلم بن سلام، وكلاهما جُهِل حالهما، فلا يصح الحديث لانفرادهما به، مع ما ذُكر من اختلافات كثيرة في إسناده.

ومع هذا حَسَّن إسناده الترمذي، كما سبق.

وخالفه البخاري، وابن القطان، وتبعه جماعة كما سبق، والألباني في (ضعيف أبي داود 1/ 66).

وكذا أعرض ابن حزم عن الاحتجاج بهذا الحديث مشيرًا إلى ضعفه، وذلك في مَعْرِض رده على من احتج في هذا الباب بحديث عائشة فيمن أصابه قيء أو رعاف أنه يتوضأ ثم يبني على صلاته.

قال ابن حزم: " وَلَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَحْتَجَّ مِنَ الحَدِيثِ بِأَقْوَى مِمَّا احْتَجُّوا بِهِ، لَذَكَرْنَا ما

" ثم ساق الحديث بسنده إلى أبي داود به (المحلى 4/ 156).

قال الألباني: "فأشار بذلك إلى تضعيفه؛ ولذلك لم يَحتجّ به"(ضعيف أبي داود 1/ 68).

[تنبيهات]:

الأول: ذَكَر عبد الحق الإشبيلي حديث عائشة - المشار إليه آنفًا - في

ص: 27

"مَن أصابه قيء في صلاته أو رعاف، فإنه ينصرف فيتوضأ ثم يبني على صلاته" ورجحه على حديث علي بن طلق هذا، فقال:"والأول أصح إسنادًا"(بيان الوهم والإيهام 5/ 191).

فتعقبه ابن القطان بأن ضَعَّف حديث علي بن طلق كما سبق، ثم قال:"فقوله في حديث عائشة: إنه "أصح" لا يقضي لهذا بمشاركة الأول في الصحة"(بيان الوهم والإيهام 5/ 191).

قلنا: حديث عائشة ضعيف أيضًا كما سنبينه في موضعه.

وقد ذهب غير عبد الحق إلى ترجيح حديث علي بن طلق كما ستراه في التنبيه الآتي.

الثاني: قال صاحب (عون المعبود): "حديث علي بن طلق له ترجيح على حديث عائشة من جهة الإسناد؛ لأن حديث علي صححه أحمد وحَسَّنه الترمذي. وحديث عائشة لم يقل أحد بصحته"(عون المعبود 1/ 243).

هكذا جاءت العبارة: "صححه أحمد".

وقد عَلَّق الألباني القول بصحة الحديث على ثبوت هذا النقل عن أحمد، فقال - بعد أن ضَعَّف الحديث -:" ثم إني رأيت صاحب "العون" ذَكَر أن الإمام أحمد صحح هذا الحديث! وهذا نَقْل تَفَرَّد هو به؛ فلم أجده عند غيره. فإذا صح فالحديث صحيح؛ لأن الإمام أحمد رضي الله عنه إمام حجة، وليس معروفًا بالتساهل - كالترمذي وابن حبان -، فبعد التحقق من صحة هذا النقل؛ يُنقل الحديث إلى الكتاب الآخر"(ضعيف أبي داود 1/ 72).

قلنا: الذي نجزم به بيقين أن هذا النقل خطأ محض، وأن هذه العبارة إما تحريف من النساخ، وإما أنها سبق قلم من المصنف.

ص: 28

ودليل ذلك أمران:

الأول: أن هذه العبارة جاءت في سياق ترجيح المصنف حديث عليّ على حديث عائشة. وهذا السياق قد أعاده المصنف في موضع آخر من الكتاب، قال فيه:"وقد تقدم في كتاب الطهارة حديث عائشة فيمن أصابه قيء في صلاته أو رعاف، فإنه ينصرف ويبني على صلاته. حيث لم يتكلم، وهو معارض لهذا، وكل منهما فيه مقال، فالترجيح لحديث علي بن طلق؛ لأنه قال بصحته ابن حبان. وحديث عائشة لم يقل أحد بصحته؛ فهذا أرجح من حيث الصحة"(عون المعبود ج 3/ص 216).

فنَسَب التصحيح هنا لابن حبان واقتصر عليه، وهو الصحيح، فالظاهر أن كلمة "ابن حبان" تحرفت إلى "أحمد"، أو أن قلم الشيخ سبقه فكتبها هكذا. ولو كان يقصدها حقًّا لما نزل في الموضع الثاني من الاحتجاج بتصحيح أحمد إلى الاحتجاج بتصحيح ابن حبان. وهو ظاهر.

ويؤيد ما ذكرناه أن هذه العبارة التي ذكرها المصنف هي بعينها عبارة الصنعاني، حيث قال:"وقد تقدم حديث عائشة فيمن أصابه قيء في صلاته أو رعاف، فإنه ينصرف ويبني على صلاته. حيث لم يتكلم، وهو معارض لهذا، وكل منهما فيه مقال، والشارح جنح إلى ترجيح هذا قال: "لأنه مُثبِت لاستئناف الصلاة، وذلك نافٍ"، وقد يقال: "هذا نافٍ لصحة الصلاة، وذلك مُثبِت لها"، فالأَوْلى الترجيح بأن هذا قال بصحته ابن حبان، وذلك لم يقل أحد بصحته، فهذا أرجح من حيث الصحة"(سبل السلام 1/ 197).

فالظاهر أن (صاحب العون) تلقى هذا التوجيه من الصنعاني - وهو متقدم عليه -، والصنعاني لم يذكر إلا تصحيح ابن حبان، فبان بذلك ما قررناه. والحمد لله على توفيقه.

ص: 29

الثاني: أن كل مَن تكلم على الحديث ممن سبق المصنف- كالزيلعي، والحافظ مغلطاي، وابن الملقن، وابن حجر

وغيرهم- لم يذكروا هذا النقل عن أحمد، وهو أَوْلى بالذكر من تصحيح ابن حبان أو تضعيف ابن القطان الذي ذكروه. وهذا بَيِّن واضح.

الثالث: ذهب بعض المحققين المعاصرين إلى تحسين الحديث؛ معتمدين على ما نقلوه عن الخطيب البغدادي، أنه ذَكَر أن ابن معين وَثَّق مسلم بن سلام، وأن أبا داود قال فيه:"ليس به بأس".

وهذا النقل وهم غريب؛ فإن توثيق ابن معين وكلام أبي داود المذكور إنما قيل في عبد الملك بن مسلم بن سلام، وليس في أبيه. هكذا ذكره الخطيب في ترجمة عبد الملك من (تاريخ بغداد 5572).

وهناك تنبيهات أخرى، انظرها في (ضعيف أبي داود 1/ 70).

* * *

ص: 30

2101 -

حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ- أَوْ: طَلْقِ بْنِ يَزِيدَ:

◼ عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ- أَوْ: طَلْقِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَسْتَاهِهِنَّ (أَعْجَازِهِنَّ) وَإِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ» .

[الحكم]:

ضعيف المتن. وهذا إسناد وهمٌ بذكر: ((يزيد بن طلق، أو طلق بن يزيد)) والصواب: ((علي بن طلق))، كذا قال ابن أبي خيثمة، -وأقره الحافظ-، وابن كثير.

[التخريج]:

[حم (24447 ط المكنز)، (جامع 5573، 7742)، (كثير 1/ 596) / صبغ 1870 واللفظ له / بزار (ق 8/ب) مقتصرًا على الإتيان والرواية له/ قا (2/ 44، 3/ 231) / أسد (3/ 92)].

[السند]:

رواه أحمد في (المسند 39/ 35 = 24447 ط المكنز) فقال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عاصم الأحول، قال: سمعت عيسى بن حطان يُحَدِّث عن مسلم بن سلام

فذكر الحديث.

وذَكَر ابن كثير في (تفسيره 1/ 596) عن أحمد قال: حدثنا غندر ومعاذ بن معاذ قالا: حدثنا شعبة، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن طلق بن يزيد- أو: يزيد بن طلق- به.

كذا ذكر، ولم نجده في المسند المطبوع، وقد ذكره الحافظ في (أطراف المسند 4/ 384/6162) غير أنه حمله على رواية الثوري ومَن تابعه على

ص: 31

الصواب.

ورواه البغوي في (معجم الصحابة 1870) عن خالد بن الحارث، عن شعبة، به.

وقد رواه ابن قانع (2/ 43)، (3/ 231) من طريق شعبة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة حال عيسى بن حطان ومسلم بن سلام، كما سبق في حديث علي بن طلق المتقدم آنفًا.

وقد أخطأ شعبة في اسم صحابي الحديث، فقال:((يزيد بن طلق- أو: طلق بن يزيد-))، والصواب:((علي بن طلق))، كذا قال ابن أبي خيثمة في (تاريخه-السِّفر الثاني 1/ 600)، وأقره ابن حجر في (الإصابة 5/ 434).

وقال ابن كثير بعدما ذكر رواية شعبة هذه: "والأشبه أنه علي بن طلق"(التفسير 1/ 569).

قلنا: شعبة كان يخطئ في أسماء الرجال كما هو معلوم. وقد خالفه الثوري ومعمر وغيرهما، فرووه عن عاصم الأحول على الصواب، فقالوا:((علي بن طلق)، وقد فَصَّلنا ذلك قريبًا.

ص: 32

2102 -

حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ:

◼ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا الحَدَثُ» .

وَلَا أَسْتَحْيِيكُمْ مِمَّا لَمْ يَسْتَحِي مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، والحَدَثُ أَنْ تَفْسُوَ أَوْ تَضْرُطَ.

[الحكم]:

إسناده ضعيف، وضَعَّفه: ابن عدي، وابن طاهر المقدسي، والهيثمي، وأحمد شاكر.

[التخريج]:

[عم 1164 / طس 1965 / عد (4/ 99)، (4/ 164) / هق 1066 / هقخ 801 / فق (2/ 256)].

[السند]:

أخرجه عبد الله بن أحمد في (زوائده على المسند) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ حُصَيْنٍ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ

فذكره.

ومدار إسناده عندهم: على حِبَّان بن علي العَنَزي، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: حُصَيْن المُزَني، ذَكَر ابن عدي حديثه هذا في ترجمة حصين الجُعْفي، وروى عن الدارمي أنه قال: قلتُ ليحيى بن مَعين: حُصين الجُعْفي عن علي، تعرفه؟ قال: ما أعرفه". ثم قال ابن عَدِي: "وَحُصَيْنٌ

ص: 33

الْمُزَنِيُّ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَظُنُّهُ الَّذِي أَرَادَ بِهِ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ؛ لأَنَّهُ الرَّاوِي عَنْ عَلِيٍّ كَمَا ذَكَرَهُ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً إِلَّا عَنْ عَلِيٍّ" (الكامل 4/ 99).

ولذا قال ابن طاهر: "رواه حُصَيْن الجعْفِي المُزنِي، عن علي بن أبي طالب. وحصين هذا سَأَلَ عثمان الدارمي يحيى عنه فلم يعرفه"(الذخيرة 6375).

وبهذا أعله الهيثمي، فقال:"رواه عبد الله بن أحمد في زياداته على أبيه والطبراني في الأوسط. وحصين قال ابن معين: لا أعرفه"(المجمع 1255).

ووقع في (علل الدارقطني 352) تسميته بـ "حصين بن عبد الله".

بينما وقع في سند الطبراني: "حصين بن المنذر"! (

) ولعله وهم.

وحصين المزني هذا لم يَرْوِ عنه سوى ضِرَار بن مُرَّة، فهو مجهول العين والحال. وقد اعتمد فيه الحسيني قول ابن معين (الإكمال 169)، فتَعَقَّبه ابن حجر بأن ابن حبان ذكره في (الثقات 4/ 159) وسماه:"حصين بن عبد الله الشيباني"(التعجيل 212)

(1)

.

قال أحمد شاكر: "وأنا أرى أن هذا خطأ أو كالخطأ؛ فأين مزينة من شيبان؟ ! "(تحقيق المسند 2/ 89).

قلنا: وحصين الشيباني لم يذكره أحد في الرواة عن علي ولا في شيوخ ضرار، فهو غير صاحب الحديث، وقد فَرَّق بينهما ابن أبي حاتم (الجرح 3/ 193، 199).

الثانية: حبان بن علي؛ قال عنه ابن حجر: "ضعيف"(التقريب 1076).

(1)

- وقعت نسبته في الإكمال والتعجيل: "المدني" بالدال، والصواب "المزني" بالزاي.

ص: 34

وقد ذكر الدارقطني في (العلل

) متابعة لحبان بن علي من أخيه مندل بن علي، ولم نقف عليه من رواية مندل. وقد جزم البيهقي بأن حبان تفرد به، فقال عقبه:"تَفَرَّد به حِبَّانُ بْنُ عَلِّي العَنَزِي"(السنن الكبرى 2/ 176).

وعلى أية حال، فمندل ضعيف أيضًا كما سبق قريبًا، ولعله أخذه من أخيه ووَهِم فيه، إن كان قد رواه كما ذكر الدارقطني. والله أعلم.

والحديث ضَعَّفه أحمد شاكر في (تعليقه على المسند) بحبان فقط، وقال:"ولكنَّ حصينًا هذا تابعي، والتابعون على الستر والأمانة حتى نجد جرحًا واضحًا".

قلنا: وفي هذا الإطلاق نظر، لا يخفى على المتخصصين في هذا العلم الشريف. والله أعلم.

هذا، وقد ذكر الدارقطني في (العلل) أن أبا بكر بن عياش روى هذا الحديث وخالف حبانَ بن علي في سنده، ورجح رواية حبان بن علي. انظر الرواية الآتية:

ص: 35

رِوَايَةُ: لَنْ أَسْتَحِيَكُمْ

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ، مَا لَمْ يُحْدِثْ» .

قَالَ: وَقَالَ لَنَا عَلِيٌّ: وَلَنْ أَسْتَحِيَكُمْ مِمَّا لَمْ يَسْتَحِ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَالحَدَثُ أَنْ تَفْسُوَ أَوْ أَنْ تَضْرُطَ".

[الحكم]:

ضعيف، وسنده معلول، وأعله الدارقطني.

[التخريج]:

[تطبر (مسند علي 40)].

[السند]:

قال الطبري في (تهذيب الآثار): حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ، بِهِ.

[التحقيق]:

هكذا جاء إسناد هذه الرواية في المطبوع من (تهذيب الآثار)، ويبدو أن فيه سقطًا أو وهمًا؛ فقد ذَكَر الدارقطني في (العلل 352) أن أبا بكر بن عياش إنما رواه عن أبي سنان ضِرار بن مُرة، عن الحكم بن عُتيبة، عن شريح بن هانئ، عن علي، به.

فسقط من سند الطبري "الحَكَم بن عتيبة"، وهو ثقة إلا أنه ربما دلس كما في (التقريب 1453).

وبقية رجال الإسناد ثقات، إلا أن أبا بكر بن عياش "لما كَبِر ساء حفظه"

ص: 36

كما في (التقريب 7985).

وقد خولف في سنده:

فرواه حَبَّان بن علي -وأخوه مندل في قول الدارقطني- عن ضِرَار بن مُرَّة، عن حُصَيْنٍ المُزَنِي، عن علي، كما سبق.

وحبان ومندل ضعيفان، ومع ذلك رجح الدارقطني روايتهما على رواية ابن عياش، فقال:"ويشبه أن يكون الصحيح قول مندل وحبان"(العلل 1/ 370).

ثم قال الدارقطني: "وقال أبو مسعود أحمد بن الفرات في هذا الحديث عن شيخ له، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي سنان، عن الحَكَم، عن القاسم بن مخيمرة، عن شُريح، عن علي. ولم يُتابَع عليه"(العلل 1/ 370).

ولم نقف عليه من هذا الوجه.

وأما الطبري فصحح سنده رغم أنه ذكر له ثلاث علل، فقال: "وهذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيمًا غير صحيح؛ لعلل:

إحداها: أنه خبر لا يُعْرَف له مخرج يصح عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا من هذا الوجه. والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه.

والأخرى: أنه خبر إنما هو معروف عن علي بن طَلْق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا عن علي بن أبي طالب.

والثالثة: أن أبا بكر بن عياش عندهم كان قد ساء حفظه أخيرًا. وغير جائز الاحتجاج به مِن نقله عندهم في الدين إلا بما حُفظ عنه قبل تغير حفظه" (تهذيب الآثار 3/ 274).

ص: 37

رِوَايَةُ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ

• وَفِي رِوَايَةٍ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَكُونُ بِالْبَادِيَةِ، وَيَكُونُ فِي الْمَاءِ قِلَّةٌ، وَيَكُونُ مِنَ الرُّوَيْحَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَلَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ)).

[الحكم]:

ضعيف، وهذا إسناد خطأ بذكر:((علي بن أبي طالب))، والصواب:((علي بن طَلْق)).

[التخريج]:

[مسخ 475 مقتصرًا على الإتيان، 480 "واللفظ له"].

[السند]:

قال الخرائطي: حدثنا حُميد بن الربيع الخزاز، ثنا حفص بن غِياث، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حِطَّان، عن مسلم بن سَلَّام، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، به مقتصرًا على الإتيان.

ثم رواه في (480) فقال: حدثنا سعدان بن يزيد البزاز، ثنا يزيد بن هارون، أنبا عبد الملك بن مسلم الحنفي، ثنا عيسى بن حِطان، عن مسلم بن سلام أبي عبد الملك - وقد كان أدرك عليًّا رضي الله عنه، وشهد معه -، عن علي رضي الله عنه، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: مسلم بن سلام الحنفى، أبو عبد الملك؛ فإنه في عِداد المجهولين.

ص: 38

وإلى جهالته أشار الإمام أحمد فقال: ((يُروى عنه)) (العلل رواية ابنه عبد الله 3390)، وقد ترجم له البخاري في (التاريخ 7/ 262)، ولم يزد على أن ذكر اسمه، وترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 8/ 185)، ولم يذكر فيه شيئًا سوى قوله:"روى عن علي بن طَلْق، روى عنه عيسى بن حِطان، سمعت أبي يقول ذلك".

وأما ابن حبان فقد ذكره في (الثقات 5/ 395) على العادة، مع كونه لم يذكر عنه راويًا سوى عيسى بن حطان كما فعل ابن أبي حاتم.

بينما قال في (مشاهير علماء الأمصار 972): "قليل الرواية يغرب فيها".

وقال ابن القطان: "ومسلم بن سلام الحنفي، أبو عبد الملك- مجهول الحال"(بيان الوهم والإيهام 5/ 191).

وأما ابن حجر فقال عن مسلم هذا: "مقبول"(التقريب 6631).

العلة الثانية: عيسى بن حِطان، العائذي- وقيل: الرَّقَاشي- مختلف فيه:

فقال البخاري: "وعيسى بن حطان الذي رُوي عنه هذا الحديث رجل مجهول"(علل الترمذي الكبير 1/ 44).

وكذا قال ابن عبد البر، وزاد:"لا يُحتج به"(الاستيعاب 3/ 1205 - 1206)، وانظر (اللسان 4/ 393).

وفي المقابل: ذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 232)، وقال العجلي:"ثقة"(معرفة الثقات وغيرهم 2/ 199).

واعتمد توثيقه ابن القطان، فقال:"فأما عيسى بن حطان فثقة، قاله الكوفي" يعني العجلي (بيان الوهم والإيهام 5/ 191).

ص: 39

ولم يعتمد ذلك الذهبي، حيث قال في ترجمته:"وُثِّق"(الكاشف 4369).

وأما الحافظ فقال فيه: "مقبول"(التقريب 5289).

العلة الثالثة: أن في كلا إسنادي الخرائطي ضعفًا:

ففي الطريق الأول: حُميد بن الربيع، متكلم فيه (اللسان 2/ 363)، وقد خولف:

فخالفه أبو عبيد القاسم بن سَلَّام، فروى الحديث حفص بن غياث، عن عاصم بن سليمان، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سَلَّام، عن علي بن طلق، به.

فجَعَل الحديث من مسند علي بن طلق؛ ولذا قال عقبه: ((هذا الذي ذكرناه في الحديث الأول لا أراه علي بن أبي طالب ، إنما هو عندنا علي بن طلق؛ لأنه حديثه المعروف عنه ، وكان رجلًا من بني حنيفة من أهل اليمامة، وأحسبه والد طَلْق بن علي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مس الذَّكَر)) (الطهور 1/ 399 - 400).

وتابع أبا عبيد على هذا: أبو بكر بن أبي شيبة في (المصنف 17069).

وفي الطريق الثاني: سعدان بن يزيد البزاز.

وسعدان هذا، قال فيه ابن أبي حاتم:"كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق؛ سئل أبي عنه فقال: صدوق"(الجرح والتعديل 4/ 290).

ولكن في روايته هذه، قال في إسناده:((عن مسلم بن سلام أبي عبد الملك، - وقد كان أدرك عليًّا رضي الله عنه، وشهد معه -، عن علي رضي الله عنه).

ص: 40

فقد يكون قوله: ((أدرك عليًّا)) من كلام الخرائطي؛ وذلك أن حديث عبد الملك: رواه الفضل بن دُكَيْن، كما عند أبي عبيد في (الطهور 398)، وغيره.

وأحمد بن خالد الوهيبي كما عند النسائي في (الكبرى 9172)، وغيره.

وشَبَابة بن سَوَّار كما عند الخطيب في (تاريخه 12/ 140).

ثلاثتهم: رووه عن عبد الملك بن مسلم، عن عيسى بن حطان، عن مسلم قال: عن (علي بن طَلْق) به.

فالصواب فيه أنه من مسند علي بن طَلْق، لا مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو ما ذهب إليه غير واحد:

فقال أبو عبيد: ((هذا الذي ذكرناه في الحديث الأول: لا أراه علي بن أبي طالب ، إنما هو عندنا علي بن طلق

)) (الطهور ص 399 - 400).

وقال الطبري: ((إنما هو معروف عن علي بن طَلْق، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا عن علي بن أبي طالب)) (تهذيب الآثار - مسند علي بن أبي طالب 3/ 274).

وقال أبو زرعة الرازي: ((إنما هو عن مسلم بن سَلَّام عن على بن طَلْق))، وأقره أبو حاتم. (بيان خطأ البخاري ص 87).

وقال الخطيب: ((وعليٌّ الذي أسند هذا الحديث ليس بابن أبي طالب، وإنما هو علي بن طَلْق الحنفي، بين نسبة الجماعة الذي سميناهم في روايتهم هذا الحديث، عن عبد الملك. وقد وَهِم غير واحد من أهل العلم، فأخرج هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم)(تاريخ بغداد 12/ 141).

ص: 41

وقال ابن كثير: "ومِن الناس مَن يورد هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب، كما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل؛ والصحيح أنه علي بن طَلْق"(التفسير 1/ 594).

ص: 42

2103 -

حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ سَيَّابَةَ:

◼ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَيَّابَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ فَسَا أَوْ ضَرَطَ، فَلْيُعِدِ الوُضُوءَ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[التخريج]:

[عب 534].

[السند]:

أخرجه عبد الرزاق: عن ابن جريج، قال: حُدِّثْتُ عن علي بن سَيَّابَةَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: عليّ بن سَيَّابة، لا يُدْرَى مَن هو، ولم نجد له ترجمة، فيبدو أنه تصحيف لـ (يعلى بن سَيَّابة) سقطت الياء من (يعلى)، فصار عن (علي). ويعلى بن سيابة له صحبة. انظر (الإصابة 11/ 449 - 450).

الثانية: جهالة مَن حَدَّث ابنَ جريج به؛ حيث قال: ((حُدِّثْتُ)).

ص: 43

2104 -

حَدِيثُ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «[كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَـ] وَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رِيحًا، فَقَالَ: «لِيَقُمْ صَاحِبُ [هَذِهِ] الرِّيحِ فَلْيَتَوَضَّأْ» . فَاسْتَحْيَا الرَّجُلُ أَنْ يَقُومَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لِيَقُمْ صَاحِبُ هَذِهِ الرِّيحِ فَلْيَتَوَضَّأْ» . فَاسْتَحْيَا الرَّجُلُ أَنْ يَقُومَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لِيَقُمْ صَاحِبُ هَذِهِ الرِّيحِ فَلْيَتَوَضَّأْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ» . فَقَالَ الْعَبَّاسُ [بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ]: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَقُومُ كُلُّنَا فَلْنَتَوَضَّأْ؟ قَالَ [رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]:«قُومُوا كُلُّكُمْ فَتَوَضَّئُوا» .

[الحكم]:

باطل. وقال الإمام أحمد: "ليس هذا صحيحًا"، وقال الألباني:"باطل".

[الفوائد]:

قال الشيخ الألباني: "وَهَذَا الحَدِيثُ يُشْبِهُ مَا يَتَدَاوَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ العَامَّةِ وَبَعْضُ أَشْبَاهِهِمْ مِنَ الخَاصَّةِ، زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَخَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمْ رِيحٌ، فَاسْتَحْيَا أَنْ يَقُومَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، وَكَانَ قَدْ أَكَلَ لَحَمَ جَزُوْرٍ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتْرًا عَلَيْهِ: "مَنْ أَكَلَ لَحَمَ جَزُوْرٍ فَلْيَتَوَضَّأْ". فَقَامَ جَمَاعَةٌ كَانُوا أَكَلُوا مِنْ لَحَمِهِ فَتَوَضَّئُوا!

وَهَذِهِ القِصَّةُ مَعَ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ السُّنَّةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ فَيمَا عَلِمْتُ، فَإِنَّ أَثَرَهَا سَيِّئٌ جِدًّا فِي الذِينَ يَروُونَهَا؛ فَإِنَّهَا تَصْرِفُهُمْ عَنِ العَمَلِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِكُلِّ مَنْ أَكَلَ مِنْ لُحُمِ الإِبِلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ، كَمَا ثَبَتَ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" وَغَيْرِه: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ:"لَا". قَالُوا: أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: "تَوَضَّئُوا".

ص: 44

فَهُمْ يَدْفَعُونَ هَذَا الأَمْرَ الصَّحِيحَ الصَّرِيحَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ سِتْرًا عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلَ، لَا تَشْرِيعًا!

وَلَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ يَعْقِلُ هَؤُلَاءِ مِثْلَ هَذِه القِصَّةِ ويُؤْمِنُونَ بِهَا، مَعَ بُعْدِهَا عَنِ العَقَلِ السَّلِيمِ وَالشَّرْعِ القَوِيمِ؟ !

فَإِنَّهُمْ لَوْ تَفَكَرُوا فِيهَا قَلِيلًا، لَتَبَيَّنَ لَهُمْ مَا قُلْنَاهُ بِوُضُوحٍ.

فَإِنَّهُ مِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْمُرَ بِأَمْرٍ لِعِلَّةٍ زَمَنِيَّةٍ. ثُمَ لَا يُبَيِّنُ لِلِنَّاسِ تِلْكَ العِلَّةَ، حَتَّى يَصِيرَ الأَمْرُ شَرِيعَةً أَبَدِيَّةً، كَمَا وَقَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ، فَقَدْ عَمِلَ بِه جَمَاهِيرُ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيثِ وَالفِقْهِ.

فَلَوْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَمَرَ بِه لِتِلْكَ العِلَّةِ المَزْعُومَةِ، لَبَيَّنَهَا أَتَمَّ البَيَانِ؛ حَتَّى لَا يَضِلَّ هَؤُلَاءِ الجَمَاهِيرُ بِاتِّبَاعِهِمْ لِلأَمْرِ المُطْلَقِ!

وَلَكِنْ قَبَّحَ اللهُ الوَضَّاعِينَ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَكُلِّ مِصْرٍ! ! فَإِنَّهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الأَسْبَابِ التِي أَبْعَدَتْ كَثِيرًا مِنَ المُسْلِمِينَ عَنِ العَمَلِ بِسُنَةِ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم، وَرَضِيَ اللهُ عَنِ الجَمَاهِيرِ العَامِلِينَ بِهَذَا الأَمْرِ الكَرِيمِ، وَوَفَّقَ الآخَرِينَ لِلاقْتِدَاءَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ وَفِي اتِّبَاعِ كُلِّ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ. وَاللهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ" (الضعيفة 1132).

[التخريج]:

[عب 537 / طهور 400 / حراني 45 واللفظ له / كر (62/ 373)].

[السند]:

أخرجه عبد الرزاق: عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن واصل، عن مجاهد، به مرسلًا.

ص: 45

ورواه أبو عُبَيْد في (الطهور): عن محمد بن كَثِير.

ورواه أبو شعيبٍ الحراني في (جزء له) - ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه) -، عن يحيى البابلتي.

كلاهما عن الأوزاعي، عن واصل بن أبي جميل، عن مجاهد، به.

فمدار إسناده عند الجميع على الأوزاعي.

[التحقيق]:

هذا إسناد واهٍ؛ فيه علتان:

الأولى: واصل بن أبي جميل؛ قال فيه يحيى بن سعيد: "ما أدري ما واصل بن أَبي جميل هذا"؟ قال: "ولا أروي عنه ولا حرفًا". وأَبَى يحيى أن يَروي عنه من حديث الأوزاعي شيئًا". وقال ابن مَعين: "لا شيء" (التهذيب 30/ 399). وقال أحمد: "مجهول، ما رَوَى عنه غير الأوزاعي" (معجم ابن الأعرابي 1083)

(1)

، و (الإعلام لمغلطاي 2/ 132).

وضَعَّفه الدارقطني في (السنن 4/ 50).

بينما ذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 559)! وتأثر به ابن حجر فقال: "مقبول"(التقريب 7381). وهذا منهما غير مقبول.

فإن قيل: قد قال ابن معين في رواية أخرى: "مستقيم الحديث"(التهذيب 30/ 399).

قلنا: هذه رواية غريبة عنه، رواها ابن عساكر في (تاريخه 62/ 375) بسند

(1)

- وتحرف فيه اسم واصل كما أشار إليه محققه، وقد نقله ابن حجر على الصواب في (التهذيب 176).

ص: 46

فيه مَن لا يُعْرَف. ومع ذلك نقلها المزي بصيغة الجزم!

والمحفوظ عن ابن معين ما رواه ابن شاهين في (الضعفاء 666)، أنه وَهَّاه بقوله:"ليس بشيء" ورواه أيضًا الكوسج كما في (الجرح والتعديل 9/ 30)، بلفظ:"لا شيء".

فهذا هو المشهور عنه؛ ولذا اعتمده ابن الجوزي في (الضعفاء 3628)، والذهبي في (الديوان 4520) و (الميزان 4/ 328)، وأقره ابن حجر في (اللسان 2961).

وقال البخاري: "أحاديثه مرسلة"(التاريخ الكبير 8/ 173). قال الخطيب: "لا يوجد فيها مسند"(التهذيب 30/ 399).

وهذه هي:

العلة الثانية: الإرسال؛ فإن مجاهدًا، وهو ابن جَبْر، لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه من الطبقة الوسطى من التابعين.

وقد سئل أحمد بن حنبل عن قوم كانوا جلوسًا، فوجدوا ريحًا، فقال:"كان عمر جالسًا في أصحابه، ومعه الناس، فتنفس بعض القوم- يعني: أحدث- فأمرهم عمر أن يعيدوا الوضوء".

فقيل لأحمد: "إنهم يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا- قال: "لِيَقُمْ صَاحِبُ هَذِهِ الرِّيحُ"، فتلكأ القوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قُومُوا كُلُّكُمْ فَتَوَضَّئُوا" فقال أحمد: " ليس هذا صحيحًا؛ إنما يرويه الأوزاعي عن واصل بن أبي جميل عن مجاهد. وواصل هذا ليس معروفًا، إنما روى عنه الأوزاعي" (شرح مغلطاي على ابن ماجه 2/ 132).

وقال الألباني: "باطل

وأصل الحديث موقوف " (الضعيفة 1132).

ص: 47

2105 -

حَدِيثُ: (الحَدَثُ مَا يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ):

◼ حَدِيثُ: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا الحَدَثُ؟ قَالَ: ((مَا يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ)).

[الحكم]:

لا أصل له. وقال السروجي: "لا يُعْرَف أصلًا"، وأقره ابن أبي العز الحنفي.

[التحقيق]:

هذا الحديث ذكره المَرغيناني الحنفي في (الهداية، ص 17). ولم نجد له أصلًا في دواوين السُّنة.

ولذا قال السروجي في (شرح الهداية): "إن هذا الحديث لا يُعْرَف أصلًا"، نقله عنه ابن أبي العز الحنفي في (التنبيه على مشكلات الهداية 1/ 281) وأقره.

ص: 48