الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
367 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ
2182 -
حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ:
◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ» . قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ» . قَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ: أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ؟ قَالَ: «لَا» .
[الحكم]:
صحيح (م).
وممن صححه غير الإمام مسلم: الإمام أحمد، وابن راهويه، وابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان، وابن منده، والبيهقي، وابن الجوزي، والنووي، وابن عبد الهادي، وابن القيم، وابن الملقن، والألباني.
بل قال ابن خزيمة عقبه: ((لم نَرَ خلافًا بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل)).
[الفوائد]:
1 -
في الحديث دليل على نقض لحوم الإبل للوضوء، وأن مَن أكلها انتقض وضوءه. قال بهذا غير واحد من الصحابة والتابعين. وقال به الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وابن المنذر، وابن خزيمة، واختاره البيهقي، وقال: "حكى بعض أصحابنا عن الشافعي أنه قال في بعض كتبه: إن صح
الحديث في الوضوء من لحوم الإبل، قلتُ به". قال البيهقي:"وقد صح فيه حديثان عند أكثر أهل العلم بالحديث: أحدهما: حديث جابر بن سمرة"(معرفة السنن والآثار 1/ 254).
قلنا: وممن صححه غير الإمام مسلم: الإمام أحمد، وابن راهويه، وابن المنذر، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن منده، والبيهقي، وابن القيم، وابن الملقن
…
وغيرهم، وسيأتي ذكر بعض أقوالهم قريبًا.
وذهب الجمهور إلى خلافه، وقالوا: والحديثان منسوخان بحديث: "كَانَ آخِرُ الأَمْرَيْنِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عَدَمَ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ"
(1)
.
قال النووي: "دعوى النسخ باطلة؛ لأن هذا الأخير عام وذلك خاص، والخاص مقدم على العام".
وقال أيضًا - بعد أن أقرّ بصحة الحديث -: "وهذا المذهب أقوى دليلًا وإن كان الجمهور على خلافه.
وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر: (كَانَ آخِرُ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ).
ولكن هذا الحديث عام، وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص،
(1)
سيأتي تخريجه في: ((باب كَانَ آخِرُ الأَمْرَيْنِ تَرْكَ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ))، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ )، وهو حديث مختلف في صحته، والذي يترجح لدينا أنه معلول شاذ بهذا السياق؛ كما أعله فريق من الأئمة كأبي حاتم الرازي وأبي داود وابن حبان وغيرهم، وقالوا: بأنه مختصر من حديث طويل عن جابر في قصة المرأة التي ذبحت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة، وفيه: أنه أكل منها ثم توضأ وصلى الظهر، ثم أكل من الشاة وصلى العصر بغير وضوء.
والخاص مقدم على العام. والله أعلم" (شرح صحيح مسلم 4/ 49).
وقال ابن القيم: "ومن العجب معارضة هذه الأحاديث بحديث جابر: (كَانَ آخِرُ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ) ولا تعارض بينهما أصلًا! !
فإن حديث جابر هذا إنما يدل على أن كونه ممسوسًا بالنار ليس جهة من جهات نقض الوضوء. ومَن نازعكم في هذا؟ ! نعم، هذا يصلح أن يحتجوا به على من يوجب الوضوء مما مست النار، على صعوبة تقرير دلالته.
وأما مَن يجعل كون اللحم لحم إبل هو الموجب للوضوء سواء مسته النار أم لم تمسه، فيوجب الوضوء من نيئه ومطبوخه وقديده، فكيف يحتج عليه بهذا الحديث؟ !
وحتى لو كان لحم الإبل فردًا من أفراده، فإنما تكون دلالته بطريق العموم، فكيف يُقَدَّم على الخاص؟ ! هذا مع أن العموم لم يُستفَد ضمنًا من كلام صاحب الشرع، وإنما هو من قول الراوي.
وأيضًا: فأبين من هذا كله أنه لم يَحْكِ لفظًا لا خاصًّا ولا عامًّا؛ وإنما حكى أمرين هما فعلان: أحدهما متقدم وهو فعل الوضوء. والآخر متأخر، وهو تركه من ممسوس النار. فهاتان واقعتان، توضأ في إحداهما، وتَرَك في الأخرى من شيء معين مسته النار، لم يَحْكِ لفظًا عامًّا ولا خاصًّا يُنسخ به اللفظ الصريح الصحيح.
وأيضًا: فإن الحديث قد جاء مثبتًا من رواية جابر نفسه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دُعِي إلى طعام فأكل، ثم حضرت الظهر فقام وتوضأ وصلى، ثم أكل فحضرت العصر فقام فصلى ولم يتوضأ. فكان آخِر الأمرين من رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم
ترك الوضوء مما مست النار.
فالحديث له قصة، فبعض الرواة اقتصر على موضع الحجة فحَذَف القصة. وبعضهم ذكرها. وجابر روى الحديث بقصته. والله أعلم" (حاشية ابن القيم على سنن أبي داود 1/ 219، 220).
قلنا: وتجدر الإشارة إلى أن حديث ((كَانَ آخِرُ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ)) - قد أعله فريق من الأئمة، كما تقدم قريبًا الإشارة إلى ذلك.
2 -
وذهب بعض العلماء: إلى أن الأمر في الوضوء من لحوم الإبل للاستحباب، لا للإيجاب. وهو خلاف ظاهر الأمر.
3 -
قال النووي: "اختَلف العلماء في أكل لحوم الجزور: فذهب الأكثرون إلى أنه لا ينقض الوضوء. وممن ذهب إليه: الخلفاء الأربعة الراشدون
…
"إلخ (شرح مسلم 4/ 48).
هكذا نَسَب القول بعدم النقض إلى الخلفاء الأربعة، ولم يَثبت ذلك عنهم؛ ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وأما مَن نَقَل عن الخلفاء الراشدين أو جمهور الصحابة خلاف هذه المسائل، وأنهم لم يكونوا يتوضئون من لحوم الإبل؛ فقد غلط عليهم. وإنما تَوَهَّم ذلك لما نقل عنهم أنهم لم يكونوا يتوضئون مما مست النار. وإنما المراد أن أكل ما مس النار ليس هو سببًا عندهم لوجوب الوضوء. والذي أَمَر به النبي صلى الله عليه وسلم من الوضوء من لحوم الإبل- ليس سببه مس النار؛ كما يقال: (كان فلان لا يتوضأ من مس الذَّكَر) وإن كان يتوضأ منه إذا خرج منه مذي"(القواعد النورانية ص 9).
قال الألباني: "ويؤيد ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الطحاوي
(1/ 41) والبيهقي (1/ 157) رويا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب أكلا خبزًا ولحمًا، فصليا ولم يتوضيا"، ثم أخرجا نحوه عن عثمان، والبيهقي عن علي.
فأنت ترى أنه ليس في هذه الآثار ذِكر للحم الإبل البتة، وإنما ذُكر فيها اللحم مطلقًا. وهذا لو كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجب حمله على غير لحم الإبل دفعًا للتعارض. فكيف وهو عن غيره صلى الله عليه وسلم؟ ! فحَمْله على غير لحم الإبل واجب من باب أَوْلى؛ حملًا لأعمالهم على موافقة الشريعة لا على مخالفتها.
ولذلك أورد الطحاوي والبيهقي هذه الآثار في باب " الوضوء مما مست النار " ولم يوردها البيهقي في "باب التوضؤ من لحوم الإبل" وإنما قال فيه: "وروينا عن علي بن أبي طالب وابن عباس: (الوضوء مما خرج، وليس مما دخل) وإنما قالا ذلك في ترك الوضوء مما مست النار. ثم روى البيهقي فيه بسنده عن ابن مسعود أنه أكل لحم جزور ولم يتوضأ ثم قال: " وهذا منقطع وموقوف، وبمثل هذا لا يُترك ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
قلت: وبخاصة أنه ثبت عن الصحابة خلافه، فقال جابر بن سمرة رضي الله عنه:"كُنَّا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ"، رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه" (تمام المنة 105، 106).
4 -
قال شيخ الإسلام: "كان أحمد رحمه الله يَعْجَب ممن يَدَع حديث الوضوء من لحوم الإبل مع صحته التي لا شك فيها وعدم المعارض له، ويتوضأ من مس الذَّكر مع تعارض الأحاديث فيه، وأن أسانيدها ليست كأحاديث الوضوء من لحوم الإبل؛ ولذلك أعرض عنها الشيخان البخاري ومسلم! !
وإن كان أحمد على المشهور عنه يرجح أحاديث الوضوء من مس الذَّكَر،
لكن غرضه أن الوضوء من لحوم الإبل أقوى في الحجة من الوضوء من مس الذَّكَر.
وكان أحمد يَعْجَب أيضًا ممن لا يتوضأ من لحوم الإبل، ويتوضأ من الضحك في الصلاة! ! مع أنه أبعد عن القياس والأثر، والأثر فيه مرسل، قد ضَعَّفه أكثر الناس، وقد صح عن الصحابة ما يخالفه" (القواعد النورانية ص 11).
5 -
اختلف الناس في تحديد العلة من منعه صلى الله عليه وسلم من الصلاة في مبارك الإبل- على أقوال:
فقال قوم: إنما ذلك لأن من عادة أصحاب الإبل التغوط بقربها، فتنجس أعطانها. ومن عادة أصحاب الغنم ترك التغوط بينها. (شرح صحيح البخارى لابن بطال 2/ 85).
وقال قوم: المنع من ذلك لزفورتها وثقل رائحتها! والصلاة قد سُنت النظافة لها وتُطيَّب المساجد بسببها. (شرح الموطأ 1/ 303).
وقال قوم: سبب الكراهة ما يُخاف من نِفارها وتهويشها على المصلي. (المجموع 4/ 49).
وثَم أقوال أخرى أتت عن طريق الاجتهاد، والذي يعنينا هو أن ننتهي عما نُهينا عنه.
[التخريج]:
[م 360 "واللفظ له" / حم 20869، 20980 / خز 33 / حب 1119، 1150، 1152، 1153/ طب (2/ 210 - 212/ 1859، 1860، 1862، 1866) / مث 1455 - 1457 / طح (1/ 70) / كك
(3/ 10 - 12) / مسن 794، 795 / هق 752، 4407 / هقغ 36 / هقع 1332 / تخأ (3/ 281) / محلى (1/ 242) / حزم (إحكام 3/ 32) / حداد 297 / تحقيق 222].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا أبو كامل- فُضَيْل بن حسين الجَحْدري- حدثنا أبو عوانة، عن عثمان بن عبد الله بن مَوْهَب، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، به.
ثم قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن سِماك (ح) وحدثني القاسم بن زكرياء، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن عثمان بن عبد الله بن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء. كلهم عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثل حديث أبي كامل عن أبي عوانة.
[تنبيهان]:
التنبيه الأول:
ذهب علي بن المديني إلى أن جعفر بن أبي ثور هذا مجهول! (السنن الكبرى للبيهقي 1/ 453) من طريق محمد بن أحمد بن البراء، عن علي بن المديني.
كذا قال، وقد عرفه غيره، وصححوا حديثه:
* فقال أحمد بن حنبل: "جعفر بن أبي ثور روى عنه سِماك بن حرب، وعثمان بن عبد الله بن موهب، وأشعث بن أبي الشعثاء. وجَدّه جابر بن سمرة مِن قِبل أمه"(العلل ومعرفة الرجال 1395).
* وقال الترمذي: "وجعفر بن أبي ثور رجل مشهور، روى عنه سِماك بن حرب، وعثمان بن عبد الله بن مَوْهَب، وأشعث بن أبي الشعثاء. وهو من ولد جابر بن سمرة"(العلل الكبير ص 47).
* قال ابن خزيمة: "وهؤلاء الثلاثة من أجلة رواة الحديث، قد رووا عن جعفر بن أبي ثور هذا الخبر)) (الصحيح 1/ 135/ عقب رقم 33).
* وقال أبو أحمد الحاكم: "وجعفر أحد مشائخ الكوفيين الذين اشتهرت روايتهم عن جابر"(الكنى 2/ 3).
* ولما نقل البيهقي كلام الترمذي السابق قال: "ومَن روى عنه مثل هؤلاء خرج من أن يكون مجهولًا؛ ولهذا أودعه مسلم بن الحَجاج في كتابه الصحيح"(السنن الكبرى 1/ 455).
وقال البيهقي أيضًا معللًا عدم إخراج البخاري هذا الحديث: "ولعله إنما لم يُخَرِّج حديث ابن موهب وأشعث لاختلاف وقع في اسم جعفر بن أبي ثور، وقول علي بن المديني لجعفر هذا: (هو مجهول) وهذا لا يعلل الحديث؛ وذاك لأن سفيان الثوري وزكريا بن أبي زائدة تابعا زائدة على روايته عن سماك عن جعفر بن أبي ثور عن جابر. وإنما قال شعبة: (عن سِماك، عن أبي ثور بن عكرمة بن جابر) وشعبة أخطأ فيه، قاله أبو عيسى الترمذي، قال: "وجعفر بن أبي ثور رجل مشهور، وهو من ولد جابر بن سمرة، روى عنه هؤلاء الثلاثة:(سِماك وابن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء) ومَن رَوَى عنه مثل هؤلاء خرج عن حد الجهالة" (المعرفة 1/ 452 - 453).
* وقال ابن القيم: "وقد أَعَل ابن المديني حديث جابر بن سمرة في الوضوء من لحوم الإبل. قال محمد بن أحمد بن البراء: قال علي: "جعفر مجهول"،
يريد جعفر بن أبي ثور راويه عن جابر. وهذا تعليل ضعيف" (حاشية ابن القيم على سنن أبي داود 1/ 217).
وقال ابن عبد الهادي متعقبًا ابن المديني: ((وليس كذلك، بل هو مشهور، روى عنه جماعة)) (تنقيح التحقيق 1/ 308).
قلنا: وصحح حديثه جماعة غير الإمام مسلم، منهم:
1) الإمام أحمد؛ فقال: ((حديث البراء وحديث جابر بن سمرة جميعًا صحيح إن شاء الله تعالى)) (مسائل أحمد، رواية ابنه عبد الله، ص: 18).
وقال أبو بكر الأثرم: ((قلت لأبي عبد الله: وحديث الوضوء من لحوم الإبل صحيح هو؟ فقال: نعم، صحيح. قال أبو عبد الله: فيه حديثان صحيحان: حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة)) (طبقات الحنابلة 1/ 289).
2) إسحاق بن راهويه؛ قال الترمذي: حدثنا إسحاق بن منصور ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال:((قد صح في هذا الباب حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة)) (العلل الكبير للترمذي، ص: 46).
3، 4) ابن خزيمة وابن حبان، حيث أخرجاه في الصحيح.
وقال ابن خزيمة: ((لم نَرَ خلافًا بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل)) (الصحيح 1/ 135/ عقب رقم 33).
5) ابن المنذر؛ قال: ((والوضوء من لحوم الإبل يجب؛ لثبوت هذين الحديثين وجودة إسنادهما)) (الأوسط 1/ 248).
6) ابن منده؛ قال: ((هذا إسناد صحيح، أخرجه الجماعة إلا البخاري؛
لجعفر بن أبي ثور)) (الإمام 2/ 365).
7) البيهقي؛ فقال: ((وحكى بعض أصحابنا عن الشافعي أنه قال في بعض كتبه: إن صح الحديث في الوضوء من لحوم الإبل، قلتُ به)). قال: ((وقد صح فيه حديثان عند أهل العلم بالحديث)) (معرفة السنن والآثار 1/ 451).
8، 9، 10) وأقر تصحيحه ابن الجوزي في (التحقيق 1/ 199)، والنووي في (شرح صحيح مسلم 4/ 49)، وابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 175).
11) وصححه أيضًا ابن القيم في (حاشيته على سنن أبي داود 1/ 219، 220).
12) وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 407).
13) والألباني في (التعليقات الحسان 1122) وغيرها.
* ورغم كل هذا اقتصر الحافظ على قوله في جعفر: ((مقبول)) (التقريب 933).
وهذا منه غير مقبول، كيف وقد قال الحافظ نفسه: ((وصحح حديثه في لحوم الإبل: مسلم، وابن خزيمة، وابن حبان، وأبو عبد الله بن منده، والبيهقي
…
وغير واحد)) (التهذيب 2/ 86).
التنبيه الثاني:
روى شعبة هذا الحديث عن سماك، وقال فيه:"عن أبي ثور بن عكرمة"، وخَطَّأه في ذلك غير واحد من النقاد:
* فقال الترمذي: "أخطأ شعبة في حديث سِماك عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة
…
فقال: "عن سماك عن أبي ثور"(العلل الكبير ص 47).
* وقال الدارقطني: "وشعبة وَهِم في قوله: (عن أبي ثور بن عكرمة) وإنما
هو: جعفر بن أبي ثور" (العلل 7/ 405).
* وقال أبو أحمد الحاكم: "ومِن أمحل المحال قول شعبة أيضًا حين قال عنهما: "عن أبي ثور بن عكرمة"، وليس ذِكر عكرمة في هذا النسب بمحفوظ ولا فيه فائدة. ومما يؤيد ما قلناه واستدللنا به من تصحيح رواية من رواه عن جعفر بن أبي ثور عن جابر- قول أبي السائب وبيانه أولاد جابر بن سمرة وإخباره عن عددهم ومن أعقب منهم ومن لم يعقب وتلخيصه كنية أبي ثور واسمه واسم أبيه.
ومن قال أيضًا: "عن جعفر بن ثور"، ولم يكنه، فهو علمي أيضًا مخطئ في قوله وحديثه.
غير أن شعبة بن الحَجاج أقبح القوم وهمًا في روايته، وإن كان أحد الأئمة النُّبْل! وما مثله إلا كما قيل:(والجَوَاد قد يعثر) والله يرحمنا وإياه" (الأسامي والكنى 3/ 13).
قلنا: وقد ذهب غيرهم إلى تصحيح قول شعبة ودفع الوهم عنه:
* فقال ابن حبان: " أبو ثور بن عكرمة بن جابر بن سمرة: اسمه جعفر. وكنية أبيه: أبو ثور. فجعفر بن أبي ثور هو: أبو ثور بن عكرمة بن جابر بن سمرة
…
فمَن لم يُحْكِم صناعة الحديث تَوَهَّم أنهما رجلان مجهولان! ! فتَفَهَّمُوا رحمكم الله كي لا تغالطوا فيه".
* وقال الدارقطني: سمعتُ دعلجًا يقول: سمعت موسى بن هارون يقول: ((روى عن جعفر بن أبي ثور ثلاثة نفر: روى عنه عثمان بن عبد الله بن موهب، وسماك بن حرب، وأشعث بن أبي الشعثاء، وكان يكنى أبا ثور، وهو من ولد جابر بن سمرة، وأحسبه جَدّه أبا أمه)). قال الدارقطني: ((قول
موسى بن هارون يصحح قول شعبة: عن أبي ثور بن عكرمة. ويجوز أن تكون كنية عكرمة أبا ثور، مثل كنية ابنه" (العلل 7/ 405).
* وهذا ما اعتمده المزي، حيث قال:"جعفر بن أبي ثور، واسمه عكرمة- وقيل: مسلم. وقيل: مسلمة- السَّوَائي، أبو ثور، الكوفي، روى عن جده جابر بن سمرة"(تهذيب الكمال 5/ 19).
رِوَايَةُ: أنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئلَ عَنِ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ فَقَالَ: ((لَا)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: ((لَا)) قَالَ: فَأُصَلِّي فِي مُرَاحِ الغَنَمِ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)). قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) قَالَ: فَأُصَلِّي فِي أَعْطَانِهَا؟ قَالَ: ((لَا)).
[الحكم]:
صحيح كما تقدم.
[التخريج]:
[حم 20811 واللفظ له، 20956، 20957، 21044 / جا 24 / تمهيد (3/ 351) / حنابلة (1/ 289)].
[السند]:
قال أحمد (20811، 20957): حدثنا عبد الله بن الوليد، ومؤمل- وهذا لفظ عبد الله- قالا: حدثنا سفيان، عن سِماك بن حرب، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أتوضأُ من لحوم الغنم؟
…
فذكره.
ورواه أحمد (20956، 21044) قال: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا زائدة، عن سِماك، عن جعفر بن أبي ثور، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم، وقد أخرجه مسلم من هذا الطريق كما تقدم.
رِوَايَةُ: ((كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ فَقَالَ: ((إِنْ شِئْتُمْ فَتَوَضَّئُوا، وَإِنْ شِئْتُمْ لَا تَتَوَضَّئُوا))، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ:((نَعَمْ، تَوَضَّئُوا)) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، نُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قَالَ:((نَعَمْ))، قَالُوا: نُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ؟ قَالَ: ((لَا)).
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: ((إِنْ شِئْتَ تَوَضَّأْ مِنْهُ، وَإِنْ شِئْتَ لَا تَوَضَّأْ مِنْهُ))، قَالَ: أَفَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ)) قَالَ: فَنُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ؟ قَالَ: ((لَا)) قَالَ: أَنُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، صَلِّ فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ)).
[الحكم]:
صحيح كما تقدم.
[التخريج]:
[حم 21015 "والرواية الثانية له" / عم 20925 "واللفظ له" / طب (2/ 212/ 1867) / لوين 61 / عه 824، 1239 مختصرًا / منذ 30، 763 مختصرًا / معكر 263].
[السند]:
قال أحمد: حدثنا عفان، حدثنا أبو عوانة، حدثنا عثمان بن عبد الله بن موهب، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، به.
ومداره عند الجميع على عثمان بن موهب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم، وقد أخرجه مسلم من هذا الطريق كما تقدم.
رِوَايَةُ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ (مَبَاءَةِ) الإِبِلِ، فَقَالَ:((لَا تُصَلِّ (فَنَهَى عَنْهُ)))، وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ (مَباءَةِ) الغَنَمِ، فَقَالَ:((صَلِّ (فَرَخَّصَ)))، وَسُئِلَ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، فَقَالَ:((يُتَوَضَّأْ مِنْهُ))، وَسُئِلَ عَنْ لُحُومِ الغَنَمِ، فَقَالَ:((إِنْ شِئْتَ تَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ لَا تَوَضَّأْ)).
[الحكم]:
صحيح كما تقدم.
[التخريج]:
[حم 20877 واللفظ له / عم 20955 والروايات له ولغيره / حب 1121 / أثرم 169 / طح (1/ 70) / طب 1863].
[السند]:
قال أحمد في (المسند 20877): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سِماك بن حرب، عن أبي ثور بن عكرمة، عن جده وهو جابر بن سمرة، به.
وقال عبد الله في (زوائده على المسند 20955): حدثني أبو بكر خَلَّاد
ابن أسلم، حدثنا النضر بن شُمَيْل، حدثنا شعبة، به.
ورواه الأثرم في (سننه 169) قال: حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن سِماك، عن جعفر بن أبي ثور، به.
ورواه الطبراني في (المعجم الكبير 1863) من طريق رَوْح بن عُبَادة، ثنا شعبة، عن سِماك بن حرب وأشعث بن أبي الشعثاء، عن جعفر بن أبي ثور، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رجال مسلم، وقد تقدم في التنبيه الثاني من أول رواية خلاف العلماء في جعفر بن أبي ثور، ومَن خَطَّأ شعبة في قوله:((عن أبي ثور بن عكرمة بن جابر بن سمرة)).
رِوِايَةُ: ((وَسُئِلَ عَنِ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ فَأَمَرَ بِهِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ، فَرَخَّصَ فِيهِ. وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ- أَوْ قَالَ: مَبَاتِهَا - فَرَخَّصَ فِيهِ. وَسُئِلَ عَنِ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ فَأَمَرَ بِهِ. وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ، فَنَهَى عَنْهَا وَكَرِهَهُ
(1)
.
[الحكم]:
صحيح، بغير هذا اللفظ، كما تقدم.
[التخريج]:
[طي 803 واللفظ له / ضح (2/ 16)].
[السند]:
أخرجه أبو داود الطيالسي في (مسنده) - ومن طريقه الخطيب في (الموضح) - قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني سِماك بن حرب قال: سمعت أبا ثور يُحَدِّث عن جابر بن سمرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، ولكن رواه جماعة عن شعبة بلفظ:((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ، فَقَالَ: " لَا تُصَلِّ "، وسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، فَقَالَ: " صَلِّ "، وَسُئِلَ عَنِ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، فَقَالَ: " يُتَوَضَّأُ مِنْهُ "، وَسُئِلَ عَنْ لُحُومِ الغَنَمِ، فَقَالَ: " إِنْ شِئْتَ تَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ لَا تَوَضَّأْ")). رواه أحمد (20877) عن غندر عن شعبة به. كما في الرواية السابقة.
(1)
هكذا وقع في المطبوع من مسند الطيالسي: "وكرهه"، وعند الخطيب من طريق الطيالسي بلفظ:"أو كرهه".
رِوَايَةُ: ((أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا نَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ [وَأَنْ نُصَلِّيَ فِي دِمَنِ (مَبَاءَةِ) الغَنَمِ، وَلَا نُصَلِّيَ في عَطَنِ (أَعْطَانِ) الإِبِلِ])).
[الحكم]:
صحيح، بغير هذا اللفظ كما تقدم.
[اللغة]:
قال ابن منظور: (والدِّمْن: البَعَر. ودَمَّنت الماشيةُ المكانَ: بَعَرت فيه وبالت. (لسان العرب، مادة دمن).
وفي رواية: (دِبْن). قال ابن الأثير: "الدِّبْن: حظيرة الغنم إذا كانت من القَصَب. وهي من الخشب زَريبة. ومن الحجارة صِيرة"(النهاية 2/ 99).
[التخريج]:
[جه 498 واللفظ له / حم 20909، 21009 والزيادة له ولغيره / عم 20974 والروايتان له / حب 1120، 1122/ طب 1864، 1865 / ش 518 37209 / جش 25 / هق 4408 مختصرًا].
[السند]:
رواه ابن ماجه قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا زائدة وإسرائيل، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، به.
ورواه ابن أبي شيبة - وعنه ابن حبان-، والطبراني: من طريق إسرائيل عن أشعث، به.
ورواه أحمد (20909، 21009)، والطبراني، والحسن الأشيب، من طريق شيبان، عن الأشعث، به.
فالحديث مداره على الأشعث بن أبي الشعثاء، عن جعفر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ ورجاله ثقات رجال الصحيح، ولكن روى الحديث غير أشعث: سِماك بن حرب وعثمان بن عبد الله بن مَوْهَب، عن جعفر بن أبي ثور، بلفظ:((أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ» قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ» قَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ؟ قَالَ: «لَا»)). رواه مسلم (360)، وغيره من طريق عثمان بن عبد الله بن موهب، به.
وساق بعده طريق سماك، وقرن به أشعث، ولم يَسُقْ لفظهما، ولفظ سماك تقدم قريبًا، وليس فيه:((أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ))، وإنما الإذن فقط، بخلاف رواية أشعث هذه، وثَم فرق بين أمر النبي المجرد وإذنه، كما هو معروف عند الأصوليين.
قلنا: وقد جاءت متابعة لأشعث:
رواها البيهقي في (السنن الكبير 4408) من طريق عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، وأشعث بن أبي الشعثاء، عن جعفر بن أبي ثور، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُصَلِّيَ فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَلَا نُصَلِّيَ فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ. ولكنه لم يَسُقْ لفظه في الوضوء.
رِوَايَةُ: ((تَوَضَّئُوا)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ
…
)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[فقط (أطراف 1890)].
السند
رواه الدارقطني في (الأفراد): من طريق عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن جابر، به.
وقال عقبه: "تَفَرَّد به عيسى بن يونس، عن الأعمش
…
".
[التحقيق]:
هذا إسناد فيما أبرز لنا ضعيف؛ فيه علتان:
العلة الأولى: الأعمش مدلس، وقد عنعن، وبَيْنه وبين عبد الرحمن رجل، كما في العلة الآتية.
العلة الثانية: أن المحفوظ عن الأعمش: ما رواه عنه جمهور أصحابه - كأبي معاوية، والثوري وغيرهما -، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، به. رواه أحمد (18703، 18538)، وغيره كما سيأتي في الحديث التالي.
ولذا قال الدارقطني عقبه: ((تَفَرَّد به عيسى بن يونس عن الأعمش
…
وأسنده عن جابر. وغيره يرويه عن الأعمش، ويسنده عن البراء. وفيه خلاف على عبد الله بن عبد الله الرازي عن ابن أبي ليلى)) (أطراف الغرائب
والأفراد 1890).
قلنا: وقد رُوِي عن عيسى بن يونس ما يوافق الجماعة على الأعمش.
فروى حرب الكرماني في (مسائله-كتاب الطهارة 205) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَبَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِهَا، وَتَوضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِهَا» . ورجاله ثقات، كما سيأتي.
رِوَايَةُ: ((كُنَّا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ:(([كُنَّا نُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَلَا نُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ، وَ] كُنَّا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ)).
[الحكم]:
صحيح بغير هذا اللفظ، كما تقدم.
[التخريج]:
[ش 517 "واللفظ له" / طب (2/ 212/ 1868) والزيادة له ولغيره / عبحم 59 / منذ 31].
[التحقيق]:
له طريقان:
الطريق الأول:
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) قال: حدثنا وكيع، عن محمد بن قيس، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، به.
وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الصحيح. ولذا صححه الألباني في (تمام المنة 106).
وتوبع عليه وكيع:
فأخرجه الطبراني في (الكبير) من طريق جميل بن الحسن العَتَكي، ثنا محمد بن قيس الأسدي، به.
وانظر الرواية السابقة.
الطريق الثاني:
رواه أحمد في (المسائل)، وابن المنذر في (الأوسط) من طريقين عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت قال: أنبأني مَن سمع جابر بن سمرة يقول:
…
فذكره مختصرًا.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه مَن لم يُسَمَّ.
وقال الدارقطني: "لعله سمعه من جعفر بن أبي ثور، والله أعلم"(العلل 7/ 405).
قلنا: ولكن الحديث رواه ابن موهب، وسماك، وأشعث كما تقدم عند مسلم بغير هذا السياق.
[تنبيه]:
عَلَّق البيهقي هذه الرواية في فقال: ((رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: أَنْبَأَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ: (كُنَّا نُمَضْمِضُ مِنْ أَلْبَانِ الإِبِلِ، وَلَا نُمَضْمِضُ مِنْ أَلْبَانِ الغَنَمِ، وَكُنَّا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ))) (السنن عقب رقم 752).
قلنا: وذِكر المضمضة في هذا الحديث لا يَثبت.
وقد أسنده أحمد عن وكيع، وابن المنذر من طريق ابن مهدي، كلاهما عن الثوري به، دون ذكر المضمضة، مما يدل على ضعفها.
وقد ذكرنا ذلك في "باب ما ورد في ترك الوضوء من ألبان الغنم".
رِوَايَةُ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ يَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ))
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ جَابِرٍ:((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا يَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ، وَيُصَلِّي فِي دِبَنِ الغَنَمِ، وَلَا يُصَلِّي فِي عَطَنِ الإِبِلِ)).
[الحكم]:
صحيح بغير هذا اللفظ، فالمحفوظ أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم وليس من فعله.
[التخريج]:
[قا (1/ 138)].
[السند]:
قال ابن قانع: حدثنا بِشْر، نا حسن الأشيب، نا شيبان، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن جعفر بن ثور، عن جابر بن سمرة، به.
هكذا وقع في الإسناد: "عن جعفر بن ثور"، وكذلك رُوِي عن حماد بن سلمة عن سماك. وهو خطأ كما قاله أبو أحمد الحاكم، وقد سبق بيان ذلك.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، عدا جعفر بن ثور. وصوابه جعفر بن أبي ثور كما سبق تحقيقه. وبِشْر هو ابن موسى. وشيبان هو النَّحْوي.
وقول ابن قانع في هذه الرواية: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ
…
)) الحديث، هكذا منسوبًا للنبي صلى الله عليه وسلم فيه نظر، فالحديث محفوظ من غير ما وجه أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من فعله.
وقد رواه الطبراني عن بشر بن موسى - وهو شيخ ابن قانع هنا! - على الصواب سندًا ومتنًا:
فقال الطبراني (1864): حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، ثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ:((أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا نَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ، وَأَنْ نُصَلِّيَ فِي دِمَنِ الغَنَمِ، وَلَا نُصَلِّيَ فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ)).
وكذلك رواه أحمد وغيره من طريق شيبان.
فهذا من أوهام ابن قانع، وهو متكلم فيه.
2183 -
حَدِيثُ البَرَاءِ:
◼ عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، فَقالَ:«تَوَضَّئُوا مِنْهَا» ، وَسُئِلَ عَنِ [الوُضُوءِ مِنْ] 1 لُحُومِ الغَنَمِ، فَقالَ:«لَا تَوَضَّئُوا مِنْهَا» ، وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ، فَقَالَ:«لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ؛ فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ» ، وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، فقالَ:«صَلُّوا فِيهَا [فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ] 2» .
• وَفِي رِوَايَةٍ 2 عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَنُصَلِّي فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ؟ قَالَ: «لَا» . قَالَ: أَنُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ: أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: «لَا» .
• وَفِي رِوَايَةٍ 3 عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ (مَعَاطِنِ) الإِبِلِ؟ قَالَ: «لَا» . قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: «لَا» .
[الحكم]:
صحيح، وصححه: الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن حزم، والبيهقي، وابن عبد البر، وابن الجوزي، والنووي، وابن عبد الهادي، والذهبي، وابن الملقن، والشوكاني، والألباني.
قال ابن خزيمة عقبه: ((لم نَرَ خلافًا بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر - أيضًا - صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه)).
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [د 183 (واللفظ له مع الزيادة الثانية، وهي لغيره
أيضًا)، 490 مختصرًا / ت 82 (مختصرًا والزيادة الأولى له ولغيره) / جه 497 مختصرًا / حم 18538 / ش 515 مقتصرًا على الوضوء، 3898 مقتصرًا على الصلاة، 3899 مختصرًا جدًّا / ني 415 / طوسي 68 / هق 4413 مقتصرًا على الصلاة / هقع 1342 / ضح (2/ 186) / تحقيق 223 / تمهيد (3/ 350)، (22/ 333) / علت 46].
تخريج السياقة الثانية: [حم 18703 "واللفظ له" / حب 1123/ عب 1609، 1610 / منذ 29 / معر 731 / محلى (1/ 242)].
تخريج السياقة الثالثة: [خز 34 "واللفظ له" / ش 37207 / جا 25 / طح (1/ 384) والرواية له / مجاعة 61].
[السند]:
رواه أبو داود (183 بتمامه، 490 مختصرًا)، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، به.
ورواه أحمد (18538) وغيره: عن أبي معاوية، به.
وتوبع عليه أبو معاوية:
فرواه عبد الرزاق في (المصنف 1609) -وعنه أحمد (18703) - وغيره: عن الثوري.
ورواه ابن ماجه في (السنن) وغيره: من طريق عبد الله بن إدريس -قرنه بأبي معاوية-.
ورواه ابن خزيمة وغيره: من طريق مُحاضِر الهمداني،
كلهم عن الأعمش به.
ومداره عندهم على الأعمش، واختُلف عليه بما لا يضر:
فرواه عبد الرزاق (1610)، عن معمر، عن الأعمش، عن رجل، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، به مثله.
وهذا الرجل هو عبد الله الرازي كما بَيَّنته رواية الجماعة عن الأعمش.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح عدا عبد الله بن عبد الله الرازي، أبا جعفر قاضي الري.
قال عبد الله بن أحمد: ((قال أبي: روى عنه آدم وسعيد بن مسروق، وكان ثقة)) (المسند 30/ 632)، و (تاريخ بغداد 11/ 172).
وقال عبد الله -أيضًا-: ((سألته عن عبد الله بن عبد الله الرازي، فقال: ما أعلم إلا خيرًا، روى عنه الأعمش، والحَكَم، وابن أبي ليلى، وسعيد بن مسروق، وما أعلم إلا خيرًا)) (العلل، رواية عبد الله 4379)، وانظر (الجرح والتعديل 5/ 92).
وقال يعقوب بن شيبة: ((فأما عبد الله بن عبد الله فهو قاضي الرَّي، يُعْرَف بالرازي، رَوَى عن جابر بن سمرة، وسألت علي بن المديني، قلت له: ما تقول في عبد الله بن عبد الله الرازي؟ فقال لي: معروف)) (تاريخ بغداد 11/ 172).
وقال ابن البرقي، والنسائي:((ليس به بأس)) (تمييز ثقات المحدثين وضعفائهم 4)، و (تهذيب الكمال 15/ 185).
ووثقه العجلي (معرفة الثقات وغيرهم 924)، (تاريخ بغداد 11/ 172)، وابن شاهين في (تاريخ أسماء الثقات 618)، وابن حزم في (المحلى 1/ 174، 242)، وابن خلفون، وقال:((وثقه ابن نمير وغيره)) (إكمال تهذيب الكمال 8/ 22).
وقال يعقوب الفسوي: ((كان ثقة، لا بأس به، قاضي الري)) (المعرفة والتاريخ 3/ 220، وتاريخ بغداد 11/ 171).
وذَكَره ابن حبان في (الثقات 7/ 7).
ومع ذلك اقتصر ابن حجر على قوله: "صدوق"(التقريب 3418).
* وحديث البراء هذا صححه أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، كما سبق ذكره تحت حديث جابر رضي الله عنه.
ونَقَل الترمذي تصحيح إسحاق وأقره.
وكذلك صححه ابن خزيمة وابن حبان، فخرجاه في الصحيح.
وقال ابن خزيمة عقبه: ((ولم نَرَ خلافًا بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر - أيضًا - صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه)).
وقال ابن عبد البر: "وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى من حديث أبي هريرة، والبراء، وجابر بن سمرة، وعبد الله بن مُغَفَّل. وكلها بأسانيد حسان، وأكثرها تواترًا وأحسنها حديث البراء"(التمهيد 22/ 333).
وقال ابن حزم: "وروينا ذلك أيضًا بإسناد في غاية الصحة عن البراء بن عازب وعبد الله بن مغفل، كلاهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا نقل تواتر يوجب يقين العلم"(المحلى 4/ 25).
وسبق إقرار البيهقي، والنووي، وابن الجوزي، وابن عبد الهادي، وابن الملقن- تصحيح أحمد وابن راهويه هذا الحديث.
وقال الذهبي: ((وهذا صحيح)) (تنقيح التحقيق 1/ 71).
وكذلك أقرهما الشوكاني في (النَّيْل 1/ 60).
وصححه الألباني في (إرواء الغليل 176)، وغيره.
[تنبيه]:
عزا ابن تيمية وبرهان الدين بن مفلح حديث البراء هذا بلفظ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((تَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا))، وقالا:((رواه الشالنجي بإسناد جيد)) (شرح العمدة-كتاب الطهارة، ص: 335)، و (المبدع شرح المقنع 1/ 144).
ولم نقف على هذا اللفظ من حديث البراء بعد طول بحثنا، وإنما رُوِي من حديث سمرة السَّوَائي وغيره كما سيأتي.
رِوَايَةُ: ((تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: ((صَلُّوا في مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِهَا، وتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُوم الإِبِلِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِهَا)).
[الحكم]:
صحيح بغير هذا اللفظ.
[التخريج]:
[حرب (طهارة 205)].
[السند]:
قال حرب الكِرْماني: حدثنا إسحاق قال: أبنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات، رجال الصحيح غير عبد الله بن عبد الله الرازي، وهو ثقة أيضًا كما تقدم.
لكن الحديث محفوظ بغير هذا السياق من رواية الثوري وأبي معاوية عن الأعمش، كما في الرواية الأولى.
رِوَايَةُ ((سُئِلَ عَنِ الوُضُوءِ- فَأَمَرَ بِهِ)):
وَفِي رِوَايَةٍ: ((سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، فَأَمَرَ بِهِ. وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ، فَنَهَى عَنْهُ)).
[الحكم]:
صحيح بغير هذا اللفظ.
[التخريج]:
[طي 770 واللفظ له / هق 754].
[السند]:
رواه أبو داود الطيالسي (مسنده) -ومن طريقه البيهقي في (السنن الكبير) - عن شعبة، عن الأعمش، عن عبد الله- مولى لقريش-، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رجال الصحيح، غير عبد الله مولى قريش، وهو عبد الله بن عبد الله الرازي، وهو ثقة أيضًا كما تقدم.
قلنا: لكن الحديث محفوظ بغير هذا السياق من رواية غندر وغيره عن شعبة، كما سبق.
وكذا رواه الثوري وأبو معاوية عن الأعمش، كما في الرواية الأولى.
2184 -
حَدِيثُ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ:
◼ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ، وَصَلُّوا فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ (فِي مَنَاخِهَا)» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده معلول ضعيف. وضَعَّفه: الترمذي، والبيهقي، ومُغَلْطَايْ، والهيثمي، والبوصيري، والألباني.
[التخريج]:
[حم 19096 (واللفظ له) / طب (1/ 206/ 558) مختصرًا / طس 7407 "والرواية له" / حرب (طهارة 206) / قا (1/ 39) / حث 98 / علحا (1/ 456) / مخلص 1922/ تحقيق 224].
[التحقيق]:
الحديث مداره عندهم على الحَجاج بن أرطاة، وقد اختُلف عنه في سنده ومتنه:
أما السند فاختُلف عنه على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: عن الحَجاج بن أرطاة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أُسَيْد بن حُضَيْر، به، في الوضوء من لحم الإبل.
رواه أحمد (19096) - ومن طريقه ابن الجوزي في (التحقيق 224) - قال: ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة، أنبأنا الحجاج بن أرطاة، به.
ورواه الطبراني، والحارث، وابن قانع: من طرق عن حماد، به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أربع علل:
الأولى والثانية: عنعنة وضعف الحجاج بن أرطاة؛ فقد قال فيه الحافظ:
"صدوق، كثير الخطأ والتدليس"(التقريب 1119).
فمع ضعفه هو مدلس أيضًا، وقد عنعن عندهم جميعًا، غير أنه جاء بصيغة التحديث عند الطحاوي، لكن مع اختلاف في سنده كما سيأتي.
الثالثة: الانقطاع؛ عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من أُسَيْد. وُلِد عبد الرحمن لِسِتٍّ بَقِين من خلافة عمر - أي: نحو سنة (17 هـ) -، وتُوفي أسيد سنة عشرين أو إحدى وعشرين). انظر (تهذيب الكمال ترجمة 517)، و (ترجمة 3943).
وقال العسكري: "روى عن أُسيد بن حُضير مرسلًا"(تهذيب التهذيب 6/ 261).
وبهذا أعله ابن عبد الهادي، فقال:"هو حديث مرسل؛ فإن ابن أبي ليلى لم يسمع من أسيد بن حضير"(تنقيح التحقيق 1/ 310).
الرابعة: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 5/ 97)، ولم يحرر أمره.
وقال الألباني: "لم أعرفه ولم يورده الحافظ في (التعجيل) مع أنه على شرطه"(الثمر المستطاب 1/ 384).
قلنا: لم يورده الحافظ لأنه خطأ بهذا الاسم، أخطأ فيه راويه، وإنما هو عبد الله بن عبد الله الرازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
وقد ألصق الترمذي هذا الوهم بحماد بن سلمة، فقال:"وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن الحَجاج بن أرطاة فأخطأ فيه، وقال فيه: "عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى " (الجامع 1/ 327).
وقال أيضًا: "فخالف حمادُ بن سلمة أصحاب الحجاج، وأخطأ فيه"(العلل الكبير ص 47).
ونقل قول الترمذي كلٌ من ابن الجوزي في (التحقيق 1/ 200)، والذهبي في (التنقيح 1/ 71)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 409)، وأقروه.
قلنا: يحتمل أن يكون الخطأ فيه من الحَجاج، وأنه اضطرب فيه، فمرة ذكره على الصواب، ومرة ذكره على الوهم، لاسيما وقد اختُلف عنه في متنه أيضًا كما سيأتي.
الوجه الثاني: عن الحَجاج بن أرطأة، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أُسيد بن حُضير، به.
رواه عمران القطان، وعَبَّاد بن عوام، عن حجاج به. واختُلف عليهما في متنه:
فأما عمران: فأخرجه الطبراني في (الأوسط 7407) عن محمد بن أبان، عن عبد القدوس بن محمد العطار، عن عمرو بن عاصم الكلابي، عن عمران القطان، عن الحَجاج بن أرطاة، به، في الوضوء من لحم الإبل.
ورواه الطبراني في (المعجم الكبير 560) عن إسحاق بن داود، عن عبد القدوس، بسنده في الوضوء من ألبان الإبل.
وأما عباد بن العوام: فرواه ابن أبي حاتم في (العلل 1/ 456) عن سعدويه -وهو سعيد بن سليمان الواسطي، ثقة حافظ -عن عباد بن العوام، عن الحجاج، به، في الوضوء من لحم الإبل.
وكذلك رواه حرب بن إسماعيل في (مسائله-كتاب الطهارة 206) عن يحيى بن عبد الحميد، عن عباد، به، في الوضوء من لحوم الإبل.
بينما رواه الطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 383) من طريق الخضر بن محمد الحراني، عن عباد بن العوام، عن الحَجاج، به، مقتصرًا على ذكر الصلاة دون الوضوء.
هكذا رواه الخضر عن عباد، وذَكَر فيه تصريح الحَجاج بالسماع من عبد الله الرازي. والخضر وثقه أحمد، وقال الحافظ:"صدوق"(التقريب 1720).
ورواه أحمد في (المسند 19097، 19483)، عن محمد بن مقاتل.
وابن ماجه في (السنن 499) عن أبي إسحاق الهروي.
والطبراني في (الكبير 559) من طريق أبي مَعْمَر الهُذَلي.
ثلاثتهم عن عباد عن حجاج بإسناده، وجعلوه في الوضوء من لبن الإبل.
الوجه الثالث: عن حجاج بن أرطأة، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير- أو: البراء بن عازب- في الوضوء من لحوم الإبل.
رواه أبو القاسم البغوي في (معجم الصحابة 946) عن أبي معمر الهذلي، عن عباد بن العوام، عن حجاج، به.
هكذا في (معجم الصحابة) للبغوي.
ورواه عن أبي القاسم البغوي- المخلص في (فوائده 1922) بإسناده فقال: عن أسيد وحده في ألبان الإبل.
قلنا: مدار الأوجه الثلاثة على حجاج بن أرطأة كما بَيَّنا، وهو ضعيف، وقد اضطرب فيه فلم يضبطه، وخولف فيه حجاج بن أرطاة، خالفه الأعمش:
فرواه عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،
عن البراء بن عازب، وقد سبق. والأعمش أحفظ من الحجاج.
ولذا قال الترمذي: "رَوَى الحَجاج بن أرطاة، عن عبد الله بن عبد الله الرازي هذا الحديث، فقال: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير.
وحديث الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء أصح" (العلل الكبير ص 47).
وقال في (الجامع 1/ 326): ((الصحيح عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء)).
وأقرّه البيهقي في (السنن الكبرى 1/ 456)، وقال في (المعرفة): ((وأفسده الحَجاج بن أرطاة، فرواه عنه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن أُسَيْد بن جُبَيْر.
وأفسده عبيدة الضبي، فرواه عنه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن ذي الغرة.
والحجاج بن أرطأة وعبيدة الضبي ضعيفان. والصحيح حديث الأعمش، قاله أبو عيسى وغيره من الحفاظ)) (معرفة السنن والآثار 1/ 454).
وكذلك قال أبو حاتم الرازي لما سئل عنه، فقيل له:((فأيهما الصحيح؟ قال: ما رواه الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والأعمش أحفظ)) (علل ابن أبي حاتم 38).
ومع كل هذه العلل اقتصر الهيثمي على قوله: ((رواه الطبراني في (الأوسط)، وفيه الحجاج بن أرطاة، وفي الاحتجاج به اختلاف) (المَجمع 1/ 250).
وحديث أسيد، ضَعَّفه: ضياء الدين المقدسي في (السنن والأحكام 1/ 153)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 70)، والبوصيري في (مصباح الزجاجة 1/ 71)، والألباني في (صحيح أبي داود تحت حديث رقم 178).
2185 -
حديثُ البَرَاءُ- أَوْ: أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ
◼ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ- أَوْ عَنِ البَرَاءِ بْنِ العَازِبِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
…
وذكر الحديث.
[الحكم]:
صحيح من حديث البراء بلا شك، كما تقدم، وهذا إسناد ضعيف.
[التخريج]:
[صبغ 946].
[السند]:
قال أبو القاسم البغوي: حدثناه أبو معمر الهذلي، نا عباد بن العوام، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الله بن عبد الله الرازي -وكان ثقة، وكان الحَكَم يأخذ عنه- عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير- أو: عن البراء بن العازب-، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه الحجاج بن أرطأة، ضعيف مدلس، وقد عنعن، وهذا أحد وجوه اضطرابه كما بينا في الحديث السابق.
وقد خالفه الأعمش، فرواه عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء وحده بلا شك، كما تقدم.
2186 -
حَدِيثُ سُلَيْكٍ الغَطَفَانِيِّ:
◼ عَنْ سُلَيْكٍ الغَطَفَانِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:«تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ، وَصَلُّوا فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ 2 عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلَّى فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ، وَأَمَرَ أَنْ يُتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِهَا، [وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ فَقَالَ:((صَلُّوا فِيهَا))].
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ساقط منكر، وأعله: أبو حاتم، وأبو زرعة، وأبو نعيم. واستغربه: ابن عدي.
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [طب (7/ 196/ 6713)].
تخريج السياقة الثانية: [مث 1281 "واللفظ له" / عد (6/ 85 - 86) / صحا 3648 والزيادة له].
[السند]:
أخرجه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني) قال: حدثنا محمد بن علي بن شقيق، حدثنا أبي، حدثنا أبو حمزة، عن جابر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن سليك، به.
ومداره عند الجميع على أبي حمزة وهو محمد بن ميمون السكري، عن جابر الجُعْفي، به.
قال ابن عدي: "وهذا يُروى من هذا الطريق عن جابر الجعفي، عن
حبيب، عن ابن أبي ليلي، عن سليك. ولا أعلم يرويه عن جابر غير أبي حمزة" (الكامل 6/ 86).
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ فيه علتان:
الأولى: جابر الجُعْفي؛ متروك متهم. قال عنه الذهبي: "وثقه شعبة فشذّ، وتَرَكَه الحفاظ"(الكاشف 739)، قلنا: بل واتهمه غير واحد من الحفاظ بالكذب ووضع الحديث.
وبه أعله الهيثمي فقال: "رواه الطبراني في (الكبير)، وفيه جابر الجعفي، وَثَّقه شعبة وسفيان، وضَعَّفه الناس"(المَجمع 1310).
قلنا: وقد خولف في سنده، وهذه هي:
العلة الثانية: المخالفة؛ خالفه الثوري، فرواه عن حبيب بن أبي ثابت، عمن سمع جابر بن سمرة قال: كُنَّا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ
…
الحديث.
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 3913)، وأحمد في (مسائله، رواية عبد الله 59)، كلاهما عن وكيع.
ورواه ابن المنذر في (الأوسط 31) من طريق عبد الله بن المبارك.
وأبو أحمد الحاكم في (الأسامي والكنى 3/ 12) من طريق عبد الرحمن بن مهدي.
ثلاثتهم: عن الثوري عمن سمع جابر بن سمرة مرفوعًا، به.
وهذا بلا شك أرجح من رواية جابر هذه، وقد قيل: إن شيخ حبيب المبهم هو جعفر بن أبي ثور؛ لرواية سِماك وابن موهب وأشعث المتقدمة
في حديث جابر بن سمرة.
قال الدارقطني: ((ولعله سمعه من جعفر بن أبي ثور)) (العلل 7/ 405).
قلنا: ثم إن المحفوظ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء. كذا رواه الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، به. وقد تقدم.
وبهذه العلة أعله أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وغيرهما:
قال ابن أبي حاتم: ((وسألت أبي عن حديث رواه عبيدة الضبي، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ذي الغرة الطائي، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء من لحم الإبل قال:«تَوَضَّئُوا» .
ورواه جابر الجعفي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن أبي ليلى، عن سليك الغطفاني، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحدثنا سعدويه قال: حدثنا عباد بن العوام، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الله، عن ابن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت لأبي: فأيهما الصحيح؟
قال: ما رواه الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والأعمش أحفظ)) (العلل 38).
وقال ابن أبي حاتم أيضًا: ((وسمعت أبا زرعة وذَكَر الحديث الذي رواه سعيد الجَرْمي، عن أبي تُمَيْلة، عن أبي حمزة السكري، عن جابر الجعفي، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عَنِ السُّلَيْكِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلَّى فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ، وَأَمَرَ أَنْ يُتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِهَا.
فقال: حديث الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن ابن أبي ليلى، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح)) (العلل 510).
وقال أبو نعيم الأصبهاني: ((هكذا رواه الشقيقي، عن أبي حمزة. وصوابه: ابن أبي ليلى، عن البراء. رواه الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن ابن أبي ليلى، عن البراء)) (معرفة الصحابة 3/ 1439).
واستغرب هذا الحديث ابن عدي، فذَكَر لسُليك حديثين: أولهما: حديثه في جلوسه يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب. وثانيهما: هذا الحديث. ثم قال ابن عدي: "والمعروف أنه دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، وهذا الحديث الآخر أغرب، والمشهور لسليك حديث الجمعة"(الكامل 6/ 86).
وقال مغلطاي: "ذَكَره ابن أبي حاتم، وأشار إلى ضعفه لتفرد ابن يزيد به"(شرح ابن ماجه 2/ 73).
[تنبيه]:
ذهب ابن منده إلى أن سليكًا هذا غير سليك الغطفاني (صاحب حديث الجمعة)، فأفرد هذا بترجمة عن الغطفاني. وتعقبه غير واحد ووهموه في ذلك.
فقال أبو نعيم بعد أن أفرد هذا بترجمة عقب سليك الغطفاني: ((سليك آخر ذكره بعض المتأخرين، وزعم أنه وهمٌ، وهو عندي الأول)) (معرفة الصحابة 3/ 1438).
وقال ابن الأثير: ((سليك آخر، وهو وهمٌ))، وذكر هذا الحديث، ثم قال: ((كذلك رُوي من هذا الوجه، ورُوي عن ابن أبي ليلى، عن البراء، وقد تقدم الاختلاف فيه في ذي الغرة، فإنهم اختلفوا فيه، فمنهم مَن رواه عن ذي
الغرة، وعن غيره)) (أسد الغابة 2/ 539).
وأما ابن حجر فقال: ((غاير ابن منده بينه وبين الغطفاني، ووحدهما أبو نعيم فوهمَ)) (4/ 443).
2187 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ، وَتَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الإِبِلِ، وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الغَنَمِ، وَصَلُّوا فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي مَعَاطِنِ الإِبِلِ» .
[الحكم]:
ضعيف معلول، وأعله: أبو حاتم الرازي. وتبعه: ابن عبد الهادي، ومغلطاي، والمناوي. وضَعَّفه: النووي، والبوصيري، والسيوطي، والألباني.
والأمر بالوضوء من لحوم الإبل والنهي عن الصلاة في معاطنها- ثابت في غير هذا الحديث كما سبق، وأما الوضوء من ألبانها فمنكر.
[التخريج]:
[جه 500 "واللفظ له" / معط 11 / علحا 48 / تجر (ص 447) / تذ (2/ 10)].
[التحقيق]:
هذا الحديث مداره على عطاء بن السائب، ورُوي عنه من طرق:
الطريق الأول:
أخرجه ابن ماجه قال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا بقية، عن خالد بن يزيد بن عمر بن هُبيرة الفَزَاري، عن عطاء بن السائب قال: سمعت مُحارِب بن دِثار يقول: سمعت عبد الله بن (عمر)
(1)
،
(1)
- وقع في (طبعة دار إحياء الكتب العربية): "عمرو"، وكذلك وقع في (الفردوس)، والصواب المثبت كما في (طبعة التأصيل) المعتمدة، وكذا في (تحفة الأشراف 7416)، و (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 73)، و (زوائد البوصيري 204)، وغيرها، وكذا هو على الصواب في بقية المصادر.
به.
وأخرجه الطرسوسي في (مسند ابن عمر) - ومن طريقه الذهبي في (تذكرة الحفاظ) -: عن يزيد بن عبد ربه، به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أربع علل:
الأولى: جهالة خالد بن يزيد؛ فلم يَرْوِ عنه غير بقية، وقال فيه الحافظ:"مجهول الحال، معروف النسب"(التقريب 1689).
الثانية: عنعنة بقية بن الوليد، فهو يدلس ويسوي، وقد عنعنه عن شيخه وكذا عن شيخ شيخه.
وبهاتين العلتين أعله البوصيري، فقال:«هذا إسناد فيه بقية بن الوليد، وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة، وشيخه خالد مجهول الحال» (الزوائد 1/ 197).
الثالثة: اختلاط عطاء بن السائب؛ فهو وإن كان إمامًا إلا أنه اختلط بأخرة، ولا يُحتج من حديثه إلا بما رواه قدماء أصحابه عنه؛ كالثوري وشعبة وزائدة وأمثالهم. والراوي عنه هنا ليس من قدماء أصحابه، بل هو مجهول كما سبق.
الرابعة: الإعلال بالوقف، وسيأتي بيانه قريبًا.
* ومع كل هذا، فقد اختُلف فيه على بقية أيضًا، فرُوي عنه على وجهين آخرين:
الوجه الأول: رواه ابن أبي حاتم في (العلل 1/ 470) عن أبيه قال: حدثنا ابن المصفى، عن بقية قال: حدثني فلان- سماه- عن عطاء بن السائب،
عن محارب، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه
(1)
.
فأبهم فيه شيخ بقية ولم يُسَمِّه. وابن المصفى هو محمد بن مصفى بن بهلول القرشي "صدوق له أوهام، وكان يدلس"(التقريب 6304).
وهذا الإبهام مِن قبِل ابن مصفى؛ فقد ذَكَر أن بقية سمى له شيخه، فلم يحفظه ابن مصفى، وحفظه يزيد بن عبد ربه، وهو ثقة حافظ. انظر (تذكرة الحفاظ 429).
الوجه الثاني: رواه السهمي في (تاريخ جرجان ص 447) من طريق نصير بن كثير الكشي، حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا عبيد - أو: عتبة- بن قيس الهاشمي، حدثني عطاء بن السائب، به، مرفوعًا.
فجعل شيخ بقية: (عبيد - أو عتبة - بن قيس الهاشمي) بدلًا من (خالد بن يزيد). وابن قيس الهاشمي هذا لم نجد من ترجم له، فهو أسوأ حالًا من خالد بن يزيد.
ونصير بن كثير ترجم له الجرجاني في (تاريخ جرجان 956)، والسمعاني في (الأنساب 1/ 478)، وقال الجرجاني:"كان من العلماء والزهاد"، زاد السمعاني:"له رحلة إلى الشام".
فرواية يزيد بن عبد ربه هي الصواب.
الطريق الثاني:
رواه أحمد بن عبدة، عن يحيى بن كثير، عن عطاء بن السائب، به
(1)
أي بنحو رواية يحيى بن كثير الآتية في الطريق الثاني، وليس فيه الوضوء من ألبان الإبل.
مرفوعًا بلفظ: ((تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ))، (ليس فيه الوضوء من ألبان الإبل). ذَكَره ابن أبي حاتم في (العلل 48).
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
العلة الأولى: يحيى بن كثير، قال أبو حاتم:"وهو والد كثير بن يحيى بن كثير، وكنيته أبو النضر، وليس بالعنبري"(العلل 48).
قلنا: يحيى أبو النضر هذا: ضعيف جدًّا، واهٍ؛ فقد ضَعَّفه: ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والدارقطني، وغيرهم. وزاد أبو حاتم:"ذاهب الحديث جدًّا"، وقال عمرو بن علي الفلاس:"لا يتعمد الكذب، ويكثر الغلط والوهم"، وقال النسائي:"ليس بثقة"، وقال الساجي:"معروف فى التشيع، ضعيف الحديث جدًّا متروك، حدث عن الثقات بأحاديث بواطيل"، وقال العقيلي:"منكر الحديث"، وقال ابن حبان:"يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يجوز الاحتجاج به فيما انفرد به". انظر (تهذيب التهذيب 11/ 267).
وقال الحافظ: "ضعيف"(التقريب 7631).
العلة الثانية: اختلاط عطاء بن السائب؛ فقد سبق أنه لا يُحتج من حديثه إلا بما رواه القدماء من أصحابه؛ كالثوري وشعبة وأمثالهم. والراوي عنه هنا ليس كذلك، بل هو ضعيف كما سبق.
ولما سئل أبو حاتم عن هذا الطريق قال: "كنتُ أُنكر هذا الحديث لتفرده، فوجدتُ له أصلًا، حدثنا ابن المصفى عن بقية
…
"، فذكره، وقد سبقت رواية ابن مصفى هذه.
ثم أسنده أبو حاتم من وجه آخر موقوفًا، ورجحه على المرفوع، وهذه
هي:
العلة الثالثة: الإعلال بالوقف، وبيان ذلك عقب الطريق الآتية.
الطريق الثالث:
رواه ابن أبي حاتم في (العلل 1/ 470 - 471) عن أبيه، قال: وحدثني عبيد الله بن سعد الزُّهْري قال: حدثنا عمي يعقوب، عن أبيه، عن ابن إسحاق، حدثني عطاء بن السائب الثقفي، أنه سمع مُحارِب بن دِثَار يذكر عن ابن عمر بنحو هذا، ولم يرفعه.
يعني بنحو رواية يحيى بن كثير السابقة، وليس فيها الوضوء من ألبان الإبل.
وكذلك رواه ابن المنذر في (الأوسط 33) من طريق عبيد الله بن سعد، به.
وهذا إسناد موقوف، رجاله ثقات، عدا ابن إسحاق فصدوق يدلس، وقد صرح بالسماع من عطاء.
ورواية ابن إسحاق هذه أَوْلى بالصواب، وقد رجحها أبو حاتم الرازي، فقال:"حديث ابن إسحاق أشبه، موقوفًا"(علل الحديث 48).
فإن قيل: ما وجه ترجيح رواية ابن إسحاق على رواية غيره، وقد ذكرتم أن عطاء قد اختلط، ولم يُذكر ابن إسحاق ضمن قدماء أصحابه؟ ! فالعلة إذن باقية، وهي اختلاط عطاء! !
فالجواب: أن ابن إسحاق لم يُذكر ضمن أصحاب عطاء القدامى؛ لأنه ليس من تلاميذ عطاء أصلًا، بل هو من نفس طبقته وفي عداد أقرانه، فهو
أقدم من كل أصحاب عطاء القدامى، بل ومعظمهم يروون عنه.
وعليه، فلا شك في كونه ممن سمع من عطاء قبل اختلاطه؛ ولذا رجح قوله أبو حاتم. والله أعلم.
هذا بالإضافة إلى أن كل من رواه عن عطاء مرفوعًا ما بين مجهول أو ضعيف.
وممن رجح وقفه أيضًا تبعًا لأبي حاتم: ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 176)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 73)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 410، 411)، والمناوي في (التيسير 1/ 931).
وممن نص على ضعف المرفوع أيضًا: النووي في (الخلاصة 280)، والسيوطى، فرَمَز لضعفه في (الجامع الصغير 3384)، والألباني في (ضعيف الجامع 2496)، وفي (صحيح أبي داود 1/ 338).
[تنبيه]:
لم يَرِد ذكر الوضوء من ألبان الإبل في الطريق الموقوفة، بل لم يَرِد في شيء من الطرق إلا في طريق بقية، وقد علمتَ أنه ضعيف جدًّا.
2188 -
حَدِيثُ ذِي الغُرَّةِ:
◼ عَنْ ذِي الْغُرَّةِ، قَالَ: عَرَضَ أَعْرَابِيٌّ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُدْرِكُنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ، فَنُصَلِّي فِيهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((لَا)) قَالَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) قَالَ: أَفَنُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((نَعَمْ)) قَالَ: أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: ((لَا)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنَّا نَخْرُجُ فِي أَرْضِ البَادِيَةِ، وَتَحْضُرُنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ عَلَى المَاءِ، فَنُصَلِّي فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ؟ قَالَ:((لَا)). قُلْتُ: فَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) قُلْتُ: فَنُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الغَنَمِ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) قُلْتُ: نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: ((لَا)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 3 مختصرة، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِهَا. وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ، وَصَلُّوا فِي مَرَابِضِهَا)).
[الحكم]:
صحيح المتن من حديث البراء وغيره، وإسناده ضعيف معلول من حديث ذي الغرة، وأعله: الترمذي، وأبو حاتم، وابن السكن، والبيهقي، وابن حجر.
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [عم 16629، 21080 (واللفظ له) / عل (مط 2/ 150)، (خيرة 645) / صبغ 945 / صحا 2622 / تحقيق 226 / أسد (2/ 219/1542)].
تخريج السياقة الثانية: [مث 2667 / هشام (مظفر ق 161/ب)].
تخريج السياقة الثالثة: [مقط (4/ 1809)].
[السند]:
أخرجه عبد الله بن أحمد في (زوائده على المسند)
(1)
- ومن طريقه أبو نعيم في (الصحابة 2622)، وابن الجوزي في (التحقيق)، وابن الأثير في (أسد الغابة) - قال: حدثني عمرو بن محمد بن بكير الناقد، حدثنا عبيدة بن حميد، [عن عبيدة]
(2)
الضبي، عن (عبد الله)
(3)
بن عبد الله- يعني قاضي الرَّيّ-، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ذي (الغرة)
(4)
به.
ورواه أبو يعلى: عن أبي عبد الرحمن الأَذْرَمي - وهو عبد الله بن محمد -.
ورواه الدارقطني في (المؤتلف): من طريق زياد بن أيوب - وهو الطوسي الحافظ -.
(1)
- وقع الحديث في الموضع الأول من حديث أبيه، وهو خطأ كما نبه عليه محققو المسند بإشراف الأرنؤوط، وجاء على الصواب في الموضع الثاني.
(2)
- ما بين المعقوفين سقط من الموضع الأول من المسند، وهو سقط قديم كما نَبَّه عليه محققو المسند بإشراف الأرنؤوط. وكذلك سقط من سند ابن الأثير، وجاء على الصواب في الموضع الثاني من المسند، وعند أبي نعيم وابن الجوزي. وانظر ما في الأصل.
(3)
- وقع في الموضع الأول من المسند: "عبيد الله"، وهو خطأ كما نبه عليه محققوه، وجاء على الصواب في بقية المصادر.
(4)
- تحرفت في الموضع الأول من المسند إلى: "العزة"، وهو خطأ كما نبه عليه محققوه، وجاء على الصواب في بقية المصادر خلا الطبراني كما سيأتي.
ورواه أبو نعيم في (الصحابة 2622) من طريق موسى بن يحيى المروزي.
ثلاثتهم: عن عبيدة بن حميد [عن عبيدة بن مُعَتِّب]
(1)
الضبي، به. بلفظ السياق الأول عدا الدارقطني فبلفظ السياق الثالث.
ورواه (ابن أبي عاصم) من طريق سعيد بن يحيى -وهو اللخمي-، نا عبيدة بن معتب الضبي، بلفظ السياق الثاني.
فمدار الإسناد عندهم على عبيدة بن معتب الضبي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
العلة الأولى: ضعف عبيدة بن معتب الضبي، ضَعَّفه غير واحد من الأئمة، منهم: (أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي
…
وغيرهم)، وقال ابن حجر:" ضعيف، واختلط بأخرة"(التقريب 4416).
العلة الثانية: المخالفة؛ فقد خولف عبيدة بن معتب من الأعمش وهو ثقة إمام حافظ:
فقد رواه الأعمش عن عبد الله بن عبد الله أبي جعفر الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، به.
وقد سبق حديث الأعمش، وهو الصحيح كما قال غير واحد من الأئمة:
قال أبو حاتم الرازي: "والحديث خطأ، والصحيح عن عبد الرحمن بن
(1)
- سقط ذِكر عبيدة بن معتب من سند أبي يعلى أيضًا، والصواب إثباته كما عند الدارقطني وغيره. وانظر ما سبق.
أبي ليلى عن البراء" (الجرح والتعديل 3/ 447)، وانظر (علل الحديث 38).
وقال الترمذي: " وروى عبيدة الضبي هذا الحديث عن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ذي الغرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، [وليس بشيء]
…
وحديث الأعمش أصح» (العلل الكبير ص 47).
ونقله البيهقي في (السنن الكبرى 1/ 456 - 457) - والزيادة بين المعقوفين من عنده - مقرًّا به، ثم عَقَّب عليه بقوله:"وعُبيدة الضبي ليس بالقوي"(السنن الكبرى 1/ 457).
وقال أيضًا: "وهذا حديث قد أقام الأعمش إسناده، عن عبد الله بن عبد الله بن عبيد الله الرازي. وأفسده الحَجاج بن أرطاة: فرواه عنه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن أُسيد بن حُضير. وأفسده عبيدة الضبي: فرواه عنه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلىي، عن ذي الغرة.
والحَجاج بن أرطأة وعبيدة الضبي ضعيفان. والصحيح حديث الأعمش، قاله أبو عيسى، وغيره من الحفاظ" (المعرفة 1/ 450).
وقال الحافظ ابن حجر - بعد أن ذكر الخلاف فيه -: "والصواب ما قال الأعمش"(النكت الظراف /مع التحفة 2/ 28).
وقال في (الإصابة): "والراوي له، عن أبي جعفر عبيدة بن مُعَتِّب وهو ضعيف، وخالفه الأعمش وحجاج بن أرطاة فقالا، عَن عبيد الله بن عَبد الله وهو أبو جعفر الرازي، عَن ابن أبي ليلى، عَن البراء بن عازب - قال حجاج بن أرطاة: أو أسيد بن حضير بالشك-.
وقد صحح الحديث من رواية الأعمش: أحمدُ وابن خزيمة وغيرهما"
(الإصابة 3/ 426).
* وأما الهيثمي، فقال:"رواه عبد الله بن أحمد، والطبراني في «الكبير»، وسماه يعيش، ويُعْرَف بذي الغرة، ورجال أحمد موثقون"(المجمع 306).
قلنا: وإنما قال الهيثمي في رجال أحمد: «موثقون» ؛ لأنه سقط من إسناد المسند في الموضع الأول (عبيدة بن مُعَتِّب) كما سبق، والله أعلم.
[تنبيه]:
قال أبو نعيم وغيره: «قيل: إن البراء كان في وجهه بياض أو نحوه، فسُمي ذا الغرة» . ورَدَّه ابن ماكولا فقال: «وهذا عندي فيه نظر؛ لأن البراء لم يكن طائيًّا ولا هلاليًّا ولا جُهَنيًّا» (تحفة الأحوذي 1/ 226).
رِوَايَةُ يَعِيشَ الجُهَنِيِّ ذِي الغُرَّةِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ يَعِيشَ الجُهَنِيِّ- يُعْرَفُ بِذِي الغُرَّةِ-: أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: أُصَلِّي فِي مَبَارِكِهَا؟ قَالَ: «لَا» قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: «لَا» ، قَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» .
[الحكم]:
صحيح المتن من حديث البراء وغيره، وإسناده ضعيف معلول.
[التخريج]:
[طب (22/ 276/709) / صمند (ص 575) / صحا 2623، 6678].
[السند]:
أخرجه الطبراني في (الكبير) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن عمران بن [أبي] ليلى، حدثني أبي، عن ابن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن
(1)
عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن يعيش الجهني- يُعْرَف بذي (الغُرة)
(2)
- به.
ورواه أبو نعيم في (الصحابة 2623، 6678) من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ قال ابن حجر: "صدوق، سيئ
(1)
-تصحفت في الموضع الأول من معرفة الصحابة لأبي نعيم إلى: ((بن)).
(2)
- تحرفت في مطبوع معجم الطبراني إلى: "العزة"، وهو خطأ، وجاء عند أبي نعيم على الصواب.
الحفظ جدًّا" (التقريب 6081).
الثانية: ابنه عمران؛ قال ابن حجر: "مقبول"(التقريب 6081).
قلنا: ثم إن المحفوظ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، كما سبق من حديث الأعمش عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن عن البراء.
2189 -
حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ:
◼ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ مِنْ أَلْبَانِ الإِبِلِ وَلُحومِهَا، وَلَا يُصَلِّي فِي أَعْطَانِهَا، وَلَا يَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ وَأَلْبَانِهَا، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِهَا» .
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلَا أُصَلِّي فِي أَعْطَانِهَا ".
[الحكم]:
ضعيف جدًّا بهذا السياق، وضَعَّفه: البوصيري والهيثمي.
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [عل 632 واللفظ له / حق (مط 148/ 1)، (خيرة 643/ 3، 4) مختصرًا دون ذكر الغنم].
تخريج السياقة الثانية: [حمد (مط 148/ 3)، (خيرة 643/ 1، 2)].
[التحقيق]:
أخرجه أبو يعلى في (مسنده) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، حدثنا معتمر بن سليمان، عن ليث، عن مولى لموسى بن طلحة- أو: عن ابن لموسى بن طلحة- عن أبيه، عن جده، به.
وتوبع عليه ابن عرعرة:
* فرواه الحميدي: عن المعتمر به بلفظ السياقة الثانية، وفي رواية اقتصر على قوله:"لَا يُصَلَّى فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ".
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
العلة الأولى: ليث بن أبي سُليم؛ قال فيه الحافظ: "صدوق، اختلط جدًّا ولم
يتميز حديثه، فتُرِك" (التقريب 5685).
وبهذا أعله البوصيري، فقال:"مدار طرق هذه الأسانيد على ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف"(إتحاف الخيرة المهرة 1/ 367).
العلة الثانية: جهالة الرجل المبهم الذي حَدَّث عنه ليث، وهو مولى موسى ابن طلحة أو ابنه.
وبهذا أعله الهيثمي فقال: "رواه أبو يعلى، وفيه رجل لم يُسَمَّ"(مجمع الزوائد 1307).
ومع ذلك فقد اختُلف فيه على المعتمر أيضًا:
فرواه إسحاق بن راهويه: عن المعتمر بن سليمان: سمعت ليث بن أبي سليم، عن مولى لموسى بن طلحة - أو: ابن لموسى بن طلحة - عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:((أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ أَلْبَانِ الإِبِلِ وَلُحُومِهَا، وَلَا يُصَلِّي فِي أَعْطَانِهَا)).
فأسقط ابن راهويه من الإسناد موسى بن طلحة، فصار السند بذلك منقطعًا، وهذه علة ثالثة.
ثم قال إسحاق: "ذكره المعتمر لغيري: عن أبيه، عن جده".
يعني موصولًا، وهكذا رواه الحميدي وابن عرعرة كما سبق.
2190 -
حَدِيثُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ:
◼ عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا، وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ وَأَلْبَانِهَا» .
[الحكم]:
ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[ني 1004].
[السند]:
أخرجه الروياني في (مسنده) قال: نا محمد بن إسحاق، نا علي بن عياش، نا عُفَيْر بن مَعْدان، نا الضحاك بن حمرة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ثابت بن قيس بن شماس، به
(1)
.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أربع علل:
العلة الأولى: عفير بن معدان الحضرمي؛ قال الذهبي: "ضعفوه"(الكاشف 3828)، وقال الحافظ:"ضعيف"(التقريب 4626).
العلة الثانية: الضحاك بن حمرة الأُمْلُوكي؛ قال ابن حجر: "ضعيف"(التقريب 2966).
(1)
هكذا وقع السند في المطبوع، وذكر محققه أنه ضبب في المخطوط بين ابن أبي ليلى وثابت بن قيس. قال:"والظاهر سقوط: عن أبيه".
وذلك لأن الذي يَروي عن ثابت إنما هو عبد الرحمن بن أبي ليلى، وليس ابنه محمد. والله أعلم.
العلة الثالثة: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ قال ابن حجر: " صدوق، سيئ الحفظ جدًّا "(التقريب 6081).
العلة الرابعة: الانقطاع بين محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وثابت بن قيس الصحابي، هذا إذا كان المحفوظ في الإسناد كونه من رواية (محمد عن ثابت)، وإلا ففيه احتمال سقوط قوله:"عن أبيه" من السند.
2191 -
حَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ عَمْرٍو السَّوَائِيِّ:
◼ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ عَمْرٍو السَّوَائِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّا أَهْلُ بَادِيَةٍ وَمَاشِيَةٍ، فَهَلْ نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا؟ قَالَ:"نَعَمْ". قُلْتُ: فَهَلْ نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ وَأَلْبَانِهَا؟ قَالَ: "لَا".
[الحكم]:
منكر سندًا ومتنًا بذكر الألبان، فالمحفوظ الوضوء من لحوم الإبل فقط.
[التخريج]:
[ك 6752 (مقتصرًا على الشطر الأخير) / طب (7/ 325/ 7106) "واللفظ له" / صحا 3571].
[السند]:
أخرجه الطبراني في (الكبير) -وعنه أبو نعيم- قال: حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، ثنا سليمان بن داود الشاذَكوني، ثنا إسماعيل بن عبيد الله
(1)
[ثنا عبيد الله]
(2)
بن موهب، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن جابر بن سمرة، عن أبيه سمرة السوائي، به.
وأخرجه الحاكم في (المستدرك): من طريق علي بن الحسين بن الجُنَيد، ثنا سليمان بن داود الشاذَكوني، ثنا إسماعيل بن عبيد الله، حدثنا عثمان بن موهب، عن جابر بن سمرة، عن أبيه سمرة، به. فأسقط من إسناده عبيد الله
(1)
- تصحف في المطبوع إلى ((عبد الله)) وهو على الصواب في (نسخة الظاهرية المخطوطة 189/ب).
(2)
-سقط من المطبوع، واستدركناه من (نسخة الظاهرية)، وكذا وقع عند أبي نعيم في (معرفة الصحابة)، وقد رواه عن الطبراني به.
ابن موهب.
فمداره عندهم على الشاذكوني، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ فيه: سليمان بن داود الشاذكوني الذي عليه مدار الإسناد؛ وهو وإن كان موصوفًا بالحفظ، فقد كان كذابًا يضع الحديث، كذَّبه: ابن مَعين وأحمدُ وصالحُ بن محمد جَزَرة وعبدُ الرزاق وغيرُهم، وقال البخاري:"فيه نظرٌ"، وقال أبو حاتم وغيرُه:"متروك الحديث"، وقال النَّسائي:"ليس بثقة"(لسان الميزان 3602).
قلنا: والمحفوظ عن عثمان بن عبد الله بن موهب - ما رواه أبو عوانة وغيره، عن عثمان-، عن جعفر بن أبي ثور، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ"، قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ"
…
الحديث، وليس فيه ذكر الألبان، هكذا أخرجه مسلم وغيره كما سبق.