الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
355 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ المَذْيِ
2114 -
حَدِيثُ عَلِيٍّ:
◼ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، [فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] 1 [مِنْ أَجْلِ فَاطِمَةَ] 2، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:((فِيهِ (مِنْهُ) الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م) إلا الرواية والزيادة الثانية لمسلم دون البخاري.
[التخريج]:
[خ 132 واللفظ له، 178 والزيادة الأولى له ولغيره/ م (18/ 303) والرواية والزيادة الثانية له ولغيره / ن 162، 443/ كن 191، 6066/ عس (كما 30/ 265) / حم 1182 / طي 104/ خز 21/ بز 451، 651، 659 / طب (20/ 237/561) / فيل 8/ مسن 693/ هق 566/ متفق (3/ 1977) / بغ 159/ كر (54/ 319)، (60/ 299) / مخلدي (ق 288/أ)].
[السند]:
رواه البخاري (132) قال: حدثنا مُسدَّد، قال: حدثنا عبد الله بن داود، عن الأعمش، عن منذر الثوري، عن محمد ابن الحنفية، عن علي بن
أبي طالب، به، بلفظ السياقة الأولى، دون الزيادتين والرواية.
ثم رواه البخاري (178) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن منذر أبي يعلى الثوري، عن محمد ابن الحنفية، به، مع الزيادة الأولى.
ورواه مسلم (303/ 18) عن يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا خالد- يعني ابن الحارث-، حدثنا شعبة، أخبرني سليمان، قال: سمعت منذرًا، به.
رِوَايَةُ ((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، وَكُنْتُ أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)).
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م (17/ 303) "واللفظ له" / عم 606 / عه 832 / مسن 692 / هق 565/ هقغ 22 / تمهيد (21/ 206) / استذ (3/ 20) / مبهم (5/ 389) / خلع 730 / مؤيد 14].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع وأبو معاوية وهشيم،
عن الأعمش، عن منذر بن يعلى - ويكنى أبا يعلى -، عن ابن الحنفية، عن علي، به.
رِوَايَةُ: ((وَتَتَوَضَّأُ وُضَوءَكَ لِلصَّلَاةِ وَتُصَلِّي)):
• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: ((تَغْسِلُ ذَكَرَكَ، وَتَتَوَضَّأُ وُضَوءَكَ لِلصَّلَاةِ وَتُصَلِّي)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا بهذا السياق.
[التخريج]:
[مخلص 562].
[السند]:
قال أبو طاهر المخلص: حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ المَرْوَزِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، وَكَانَتْ تَحْتِي بِنْتُ رَسُولِ اللهِ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه جابر بن يزيد الجُعْفي، وهو متروك متهم، وقد تقدم مرارًا.
وكعب بن ربيعة لا يُدرى مَن هو.
رِوَايَةُ: ((فَأَمَرْتُ رَجُلًا فَسَأَلَ))، ولم يعين السائل:
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، [فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأَنَّ ابْنَتَهُ كَانَتْ عِنْدِي،] فَأَمَرْتُ رَجُلًا، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«فِيهِ الوُضُوءُ» .
[الحكم]:
صحيح، وتقدم في الصحيحين بنحو هذه السياقة مع تعيين الرجل بالمقداد.
[التخريج]:
[ن 442 واللفظ له/ حم 870/ خز 20 والزيادة له/ طي 106/ عب 610/ معل 39/ جا 6/ عم 1071/ طح (1/ 46) / مشكل 2697/ شا (1533/ 4) / لي (رواية ابن البيع 142) / حل (8/ 300، 301) / غطج 98/ غو (2/ 513) / مزي 51/ تغليق (2/ 121 - 122)].
[التحقيق]:
رُوي الحديث بإبهام السائل من أربعة طرق:
الطريق الأول: عن محمد ابن الحنفية، عن علي:
رواه الطيالسي (106) قال: حدثنا شعبة، عن الأعمش، قال: سمعت منذرًا الثوري يحدث عن محمد ابن الحنفية، عن علي رضي الله عنه، به.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد رواه أحمد ومسلم والنسائي وغيرهما من طريق شعبة بنحوه، وفيه تعيين الرجل السائل بالمقداد كما سبق.
الطريق الثاني: عن ابن عباس، عن علي:
أخرجه النسائي في (السنن 436) قال: أخبرنا محمد بن حاتم قال:
حدثنا عبيدة قال: حدثنا سليمان الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن علي، به.
ورواه أحمد في (المسند 870) قال: حدثنا عبيدة، حدثني سليمان الأعمش، به.
وهذا إسناد رجاله رجال الصحيح، غير أن المحفوظ عن الأعمش ما رواه: الثوري، وشعبة، وجرير، ووكيع وهشيم، وأبو معاوية
…
وغيرهم، عن الأعمش، عن منذر أبي يعلى الثوري، عن محمد ابن الحنفية، عن علي بنحوه، وفيه تعيين الرجل السائل بالمقداد كما سبق.
انظر رواياتهم على الترتيب في (مصنف عبد الرزاق 610)، و (صحيح مسلم 303)، و (صحيح البخاري 178)، و (مسند أحمد 618)، وغيرها.
قال الدارقطني: "رواه الثوري وشعبة وأبو معاوية وهشيم ووكيع وجرير، عن الأعمش، عن منذر الثوري أبي يعلى، عن محمد ابن الحنفية، عن علي. وخالفهم عبيدة بن حميد؛ رواه عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن علي. ولم يُتابَع على هذا القول. وحديث ابن الحنفية هو الصحيح".
قيل للدارقطني: " (أليس) عبيدة بن حميد من الحفاظ؟ قال: بلى"(العلل 2/ 74).
ومال ابن خزيمة إلى أنه قد حفظه، فقد أخرجه في (صحيحه 25) من هذا الطريق، ولكن بلفظ:"يَكْفِيكَ مِنْهُ الوُضُوءُ"، وسيأتي تخريجه قريبًا.
الطريق الثالث: عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، عن علي:
رواه ابن خزيمة (20) وابن الجارود (6) وعبد الله بن أحمد في زوائده
على (المسند 1071)، وغيرهم، من طرق عن أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، عن علي، به.
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، غير أن أبا بكر بن عياش تُكُلِّم في حفظه.
وقد توبع متابعة لا يُفرح بها:
فرواه أبو نعيم في (الحلية 8/ 300، 301) من طريق محمود بن غيلان، ثنا بِشْر بن السَّرِي، عن سفيان، عن أبي حصين، به بنحو لفظ النسائي.
قال أبو نعيم: "غريب من حديث الثوري، تَفَرَّد به عنه بِشْر".
قلنا: بِشْر ثقة ثَبْت، ولكن في الطريق إليه محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي، ضَعَّفه أبو أحمد الحاكم وقال:((حَدَّث عن شيوخ لم يدركهم))، وقال الدارقطني:((متروك، دجال، يضع الحديث))، انظر (لسان الميزان 6333).
وقد صححه ابن خزيمة من طريق ابن عياش، حيث أخرجه في صحيحه من طريقه كما تقدم.
الطريق الرابع: عن إبراهيم النخعي، عن علي:
رواه عبد الرزاق (610)، عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، أن عليًّا قال
…
فذكره.
وهذا منقطع بين إبراهيم وعلي رضي الله عنه.
رِوَايَةُ: ((تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ)) مع إبهام السائل:
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: ((كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؛ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَسَأَلَ فَقَالَ: ((تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ)).
[الحكم]:
صحيح (خ).
[التخريج]:
[خ 269 "واللفظ له" / محلى (1/ 106) / بغ 158].
[السند]:
قال البخاري: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا زائدة، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن، عن علي، به.
زائدة هو ابن قدامة. وأبو حَصِين هو عثمان بن عاصم. وأبو عبد الرحمن هو السُّلَمي.
رِوَايَةُ: أَمَرْتُ رَجُلًا. وَقَدَّمَ غَسْلَ الذَّكَرِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، وَكَانَ عِنْدِي ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ، فَأَمَرْتُ رَجُلًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ:((إِذَا وَجَدْتَ ذَلِكَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ)).
[الحكم]:
إسناده صحيح.
[التخريج]:
[هق 1685، 4184/ حداد 294].
[السند]:
قال البيهقي: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه، حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، أخبرنا أبو الوليد، حدثنا زائدة، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن علي، به.
وقال أبو نعيم الحداد: حدثنا أحمد بن خلف وغيره، قالا: ثنا علي بن أحمد بن عبدان، قال: ثنا أحمد بن عُبيد، قال: ثنا العباس بن الفضل، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وقد رواه البخاري عن أبي الوليد الطيالسي، كما سبق. ولكنه أَخَّر غسل الذَّكَر عن الوضوء، فلعله تَصَرُّف من الرواة إذ الواو لا تقتضي ترتيبًا.
رِوَايَةُ: ((كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، فَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)).
[الحكم]:
في الصحيحين بغير هذا اللفظ، ليس فيه:((كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي))، كذا قال الزيلعي.
[التخريج]:
[حق (نصب 1/ 94)].
[السند]:
قال إسحاق بن راهويه: أخبرنا عيسى بن يونس، حدثنا الأشعث، عن محمد بن سيرين، عن عَبيدة، عن علي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، الأشعث هو ابن عبد الملك الحُمْراني، ثقة فقيه كما في (التقريب 531). وعَبيدة هو السَّلْماني، من كبار التابعين.
قلنا: لكن يعكر على هذا السند ما رواه أبو عِمران موسى بن هارون البزار في (حديثه 56/ب) قال: حدثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الأَشْعَثُ، عَنِ الحَسَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)).
وأبو عِمران هذا ثقة متقن، فلا ندري هل هو محفوظ عن أشعث على الوجهين، أم أن الزيلعي وَهِم في نقله حيث لم نجده عند غيره؟ وإن كنا نميل إلى القول الأول.
وذلك أن البزار رواه في (مسنده 552، 553) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:((فِيهِ الوُضُوءُ)).
ثم قال: وحدثناه محمد بن معمر، قال: حدثنا رَوْح، قال: حدثنا أشعث، عن محمد، عن عُبيدة، عن علي رضي الله عنه، بنحوه.
فيتلخص من الخلاف على أشعث ثلاثة أوجه:
الأول: عن أشعث، عن محمد بن سيرين، عن عُبيدة السَّلْماني، عن علي.
الثاني: عن أشعث، عن الحسن البصري، عن علي.
الثالث: عن أشعث، عن الحسن، مرسلًا.
قلنا: يبقى شيء آخر في متن هذا الحديث، حيث زاد فيه:((كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي))، وهي مذكورة في طريق عيسى بن يونس عن أشعث في طريق عبيدة الموصول ومرسل الحسن.
بينما خلت منها رواية رَوْح بن عُبَادة عن أشعث الموصولة.
والذي نميل إليه ترجيح رواية رَوْح؛ وذلك لموافقتها رواية الصحيحين المتقدمة قريبًا.
وقد أشار لذلك الزيلعي فقال: ((وحديث علي هذا في الصحيحين بغير هذا اللفظ)) (نصب الراية 1/ 94).
رِوَايَةُ: أَمَرْتُ رَجُلًا- وَاغْسِلْهُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، وَكَانَتْ تَحْتِي ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرْتُ رَجُلًا، فَسَأَلَهُ [عَنِ المَذْيِ؟] فَقَالَ:«[إِذَا رَأَيْتَهُ، فَـ] تَوَضَّأْ وَاغْسِلْهُ» .
[الحكم]:
صحيح، وصححه: ابن المنذر، وعبد الحق الإشبيلي، وبدر الدين العيني، وأحمد شاكر.
[التخريج]:
[حم 1026 "واللفظ له" / طي 137 والزيادتان له ولغيره/ منذ 21، 687/ طح (1/ 46) / مشكل 2699/ عيل (3/ 740 - 741)].
[السند]:
رواه أبو داود الطيالسي (137) قال: حدثنا زائدة، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن علي رضي الله عنه، به مع الزيادتين.
وتوبع عليه الطيالسي:
فرواه أحمد (1026) عن ابن مهدي ويحيى بن أبي بُكَيْر. ورواه ابن المنذر من طريق ابن أبي بكير.
ورواه الطحاوي في كتابيه من طريق عبد الله بن رجاء.
ثلاثتهم: عن زائدة بن قدامة، عن أبي حصين الأسدي، به.
ورواه الإسماعيلي في (معجم شيوخه 357) قال: حدثنا علي بن الحسين بن حيان أبو الحسن - كان أبوه له تاريخ عن يحيى بن معين -، حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا بِشْر بن السَّرِي، حدثنا سفيان الثوري، عن
أبي حصين، به.
ومداره عندهم علي أبي حصين عثمان بن عاصم الأسدي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح.
ولذا ذَكَر ابن المنذر هذا الحديث تحت (باب إيجاب غسل البدن والثوب يصيبه المذي)، ثم قال: "ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بغسل المذي من البدن، حدثنا محمد بن إسماعيل، نا يحيى بن أبي بُكَيْر
…
وساق الحديث" (الأوسط 2/ 263).
وقال عبد الحق الإشبيلي: ((كل رواة هذا الحديث ثقة مشهور، ولا يُسأل عنهم لجلالتهم وشهرتهم)) (الأحكام الكبرى 1/ 392).
وقال البدر العيني: ((صحيح، ورجاله رجال الصحيح)) (نخب الأفكار 1/ 424).
وصححه أيضًا الشيخ أحمد شاكر في (تحقيقه للمسند 1026).
وقد سبق عند البخاري من رواية أبي الوليد عن زائدة، إلا أنه بلفظ:«تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ» ، فجَعَل الأمر بالغسل للذَّكَر.
وكذا رواه الحسين بن علي الجُعْفي وغيره عن زائدة بلفظ: «إِذَا رَأَيْتَ المَاءَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ، وَإِذَا رَأَيْتَ المَنِيَّ فَاغْتَسِلْ» . وسيأتي تخريج هذا السياق تخريجًا مستقلًّا.
ولفظ الطيالسي ومَن تابعه عن زائدة ظاهره أن الأمر بالغَسل للمذي، كما جزم به ابن حجر في (الفتح 1/ 380).
وعلى كل، فالأمر بغَسْل الذَّكَر ثابت من طرق أخرى سبق بعضها. والأمر بغَسْل المذي يقتضي غسل الذَّكَر لأنه موضعه. والله أعلم.
رِوَايَةُ: ((كَانَ رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَا)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((كَانَ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ. قَالَ: فَقَالَ لِلْمِقْدَادِ: سَلْ لِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ. قَالَ: فَسَأَلَهُ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((فِيهِ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
صحيح، وتقدم في الصحيحين بنحو هذه السياقة مع تعيين الرجل بعليّ نفسه.
[التخريج]:
[حم 618 واللفظ له/ عل 458].
[السند]:
قال أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن منذر أبي يعلى، عن محمد ابن الحنفية، عن علي، به.
وقال أبو يعلى الموصلي: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا أبو معاوية، به.
[التحقيق]:
إسناده صحيح على شرط الشيخين، وتقدم في الصحيحين من طرق عن الأعمش به، وفيه أن الرجل هو عليّ نفسه.
رِوَايَةُ: ((يَكْفِيكَ مِنْهُ الوُضُوءُ))
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: "كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسُئِلَ ليَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:((يَكْفِيكَ مِنْهُ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
معلول بهذا السياق.
[التخريج]:
[خز 25].
[السند]:
قال ابن خزيمة: حدثنا محمد بن سعيد بن غالب أبو يحيى العطار، حدثنا عُبيدة بن حُميد، حدثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح سوى العطار، وهو صدوق كما في (التقريب 5912).
ولكن العطار وشيخه قد خولفا:
أما العطار فخولف في متنه:
خالفه الإمام أحمد كما في (مسنده 870)، وغيره.
ومحمد بن حاتم الزمي-وكان ثقة- كما عند النسائي في (السنن 442)، وغيره.
وعمرو بن محمد الناقد، كما عند الطحاوي في (مشكل الآثار 2697)، وغيره.
ثلاثتهم: عن عُبيدة بن حُميد، عن الأعمش بسنده، بلفظ:((كُنْتُ رَجُلًا- يَعْنِي مَذَّاءً- فَأَمَرْتُ رَجُلًا، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((فِيهِ الوُضُوءُ)).
وروايتهم مجتمعين بلا شك أرجح، فكيف وقد اضطرب العطار في متنه:
فرواه عنه ابن خزيمة كما هو اللفظ المخرج؟ !
ورواه أحمد بن عمر بن سُريج، عن العطار عن عبيدة بسنده قال:((كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، وَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْهُ الاغْتِسَالَ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((يَكْفِيكَ مِنْهُ الوُضُوءُ)).
فجَعَل السائل هو عليًّا نفسه، وزاد ذِكر الاغتسال.
بينما رواه البزار في (مسنده 451) عن محمد بن سعيد العطار، عن عُبيدة بسنده، فقال:((كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: ((فِيهِ الوُضُوءُ)).
فجَعَل السائل هو المقداد، ولم يذكر:((يَكْفِيكَ)).
ولا نرى هذا الاختلاف إلا من قِبل العطار نفسه، فإن رواة الوجوه عنه جميعهم أئمة حفاظ.
أما عُبيدة بن حُميد، فقد خولف في إسناده ومتنه:
خالفه الثوري، وشعبة، وجرير، ووكيع، وهشيم، وأبو معاوية
…
وغيرهم، فرووه عن الأعمش، عن منذر أبي يعلى الثوري، عن محمد ابن الحنفية، عن علي قال: ((
…
فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتِ ابْنَتُهُ تَحْتِي، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ:((فِيهِ الوُضُوءُ)).
انظر رواياتهم على الترتيب في (مصنف عبد الرزاق 610)، و (صحيح مسلم 303)، و (صحيح البخاري 178)، و (مسند أحمد 618)، وغيرها.
ورواية الجماعة هذه صوبها الدارقطني في (العلل 460)، وليس فيها قوله:((يَكْفِيكَ)).
رِوَايَةُ: ((لَمَّا أَعْيَانِي أَمْرُ المَذْيِ)):
وَفِي رِوَايَةٍ: ((لَمَّا أَعْيَانِي أَمْرُ المَذْيِ أَمَرْتُ المِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((مِنْهِ الوُضُوءُ))، اسْتِحْيَاءً مِنْ أَجْلِ فَاطِمَةَ)).
[الحكم]:
صحيح دون قوله: ((أَعْيَانِي))، وهذا إسناد ضعيف.
[التخريج]:
[عم 811 واللفظ له].
[السند]:
قال عبد الله بن أحمد في (زوائده على المسند): حدثني محمد بن جعفر الورَكْاني، أخبرنا أبو شهاب الحناط عبد ربه بن نافع، عن الحَجاج بن أرطاة، عن أبي يعلى، عن محمد ابن الحنفية، عن علي بن أبي طالب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه الحَجاج بن أرطأة ((صدوق كثير الخطأ والتدليس)) (التقريب 1119)، وقد عنعن.
وفيه أيضًا أبو شهاب الحناط، ((صدوق يهم)) (التقريب 3790).
قلت: والحديث في الصحيحين كما تقدم من رواية الأعمش عن أبي يعلى، ليس فيه قوله:((أَعْيَانِي)).
رِوَايَةُ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((فِيهِ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
صحيح المتن دون قوله: ((فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
…
)) فالمحفوظ أن عليًّا أمر المقداد فسأل، كما تقدم أول الباب.
[التخريج]:
[عم 890 واللفظ له/ بز 552، 553، 652].
[التحقيق]:
له أربعة طرق عن علي رضي الله عنه:
الطريق الأول:
رواه عبد الله في (زوائده على المسند) قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا محمد بن فُضَيْل، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: سمعت عليًّا، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه يزيد بن أبي زياد، قال فيه ابن حجر:((ضعيف، كَبِر فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعيًّا)) (التقريب 7717).
الطريق الثاني:
رواه البزار في (مسنده 552) قال: حدثنا محمد بن معمر، قال: حدثنا رَوْح بن عُبَادة، قال: حدثنا أشعث، عن الحسن، قال: قال علي، به.
وهذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه منقطع بين الحسن البصري وعلي رضي الله عنه، كما ذهب ابن معين، وعلي بن المديني، وأبو زرعة، والترمذي
…
وغيرهم.
انظر (تاريخ ابن معين رواية الدوري 4257)، و (المراسيل لابن أبي حاتم 93، 94)، و (جامع الترمذي 2/ 505).
ولمزيد من التوسع ينظر (التابعون الثقات المتكلم في سماعهم من الصحابة ممن لهم رواية عنهم في الكتب الستة 1/ 295 - 305).
الطريق الثالث:
رواه البزار (553) قال: وحدثناه محمد بن معمر، قال: حدثنا رَوْح، قال: حدثنا أشعث، عن محمد، عن عبيدة، عن علي رضي الله عنه، بنحوه.
فأحال متنه على رواية الحسن السابقة.
وقد سبق أن ذكرنا أن إسحاق بن راهويه رواه في (مسنده) - كما في (نصب الراية للزيلعي 1/ 94) - قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثَنَا الأَشْعَثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، فَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)).
ففي هذا الطريق أن عليًّا قال: (سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم
…
) بصيغة المجهول، بخلاف رواية البزار. وقد بَيَّنَّا قريبًا أن هذا الخلاف من أشعث نفسه.
الطريق الرابع:
رواه البزار في (مسنده 652) قال: وحدثناه أبو كريب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الحَجاج بن أرطاة، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية، عن علي، به.
هذا إسناد ضعيف؛ لضعف حَجاج كما تقدم قريبًا.
رِوَايَةٌ مُخْتَصَرَةٌ جِدًّا
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ: ((فِي المَذْيِ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
ضعيف مختصرًا.
[التخريج]:
[عد (5/ 250)].
[السند]:
قال ابن عَدي: أخبرنا أبو يعلى، حدثنا إبراهيم بن عرعرة، حدثنا أبو داود، عن سليمان بن معاذ، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي بن أبي طالب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه: هانئ بن هانئ الهمداني، قال علي بن المديني:"مجهول"، وقال الشافعي:" لا يُعْرَف، وأهل العلم بالحديث لا ينسبون حديثه لجهالة حاله"، وقال النسائي:"ليس به بأس"(التهذيب 11/ 22).
وقال ابن سعد: "هانئ بن هانئ الهمداني روى عن علي بن أبي طالب، وكان يتشيع، وكان منكر الحديث"(الطبقات الكبرى 6/ 223).
ولخص حاله الحافظ فقال: "مستور"(التقريب 7264).
وفيه أيضًا: سليمان بن معاذ، وهو ابن قَرْم، قال ابن عدي:((ولسليمان بن معاذ غير هذا من الحديث، وأحاديثه متقاربة، ولم أَرَ للمتقدمين فيه كلامًا، وفي بعض ما يَروي مناكير، وعامة ما يرويه إنما يَروي عنه أبو داود الطيالسي وهو بصري)) (الكامل 5/ 250)،
وقال عنه الحافظ: ((سيئ الحفظ، يتشيع)) (التقريب 2600).
رِوَايَةُ: سَأَلْتُ. وَزَادَ: اغْتَسَلْتُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِلَفْظِ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَكُنْتُ إِذَا أَمْذَيْتُ اغْتَسَلْتُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«فِيهِ الوُضُوءُ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((كُنْتُ أُكْثِرُ مِنْهُ الِاغْتِسَالَ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((يَكْفِيكَ مِنْهُ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق.
[التخريج]:
[طح (1/ 46) "واللفظ له" / مشكل 2701 / غطر 1 والسياقة الثانية له / معص (ص 337) / خط (5/ 472) / دبيثي (3/ 124، 4/ 115) / طبش (27 - 28) / سبكي (1/ 252)].
[التحقيق]:
ورد بهذا اللفظ من طريقين:
الطريق الأول:
أخرجه الطحاوي في (شرح معاني الآثار) و (المشكل)، قال: حدثنا حسين بن نصر قال: ثنا الفريابي قال: ثنا إسرائيل قال: ثنا أبو إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه: هانئ بن هانئ الهمداني، وقد سبق الكلام عليه قريبًا.
الطريق الثاني:
رواه ابن الغِطريف في (جزئه 1) - ومن طريقه الخطيب في (تاريخه)، وابن الدبيثي في (ذيله على تاريخ بغداد)، وغيرهما - قال: حدثنا الإمام أبو العباس أحمد بن عمر بن سُريج، حدثنا أبو يحيى الضرير محمد بن سعيد العطار، حدثنا عُبيدة بن حُميد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب، بالسياقة الثانية.
ورواه الصيداوي في (معجم شيوخه، ص: 337) قال: حدثني عمر بن الحسين، بدير العاقول، قال: حدثنا محمد بن سعيد بن غالب، به.
وهذا إسناد ضعيف، فيه علتان:
الأولى: حبيب بن أبي ثابت، ثقة مدلس، وقد عنعن.
الثانية: أن المحفوظ عن الأعمش ما رواه الثوري، وشعبة، وجرير، ووكيع وهشيم، وأبو معاوية
…
وغيرهم، عن الأعمش، عن منذر أبي يعلى الثوري، عن محمد ابن الحنفية، عن علي بنحوه، وفيه تعيين
الرجل السائل بالمقداد كما سبق. انظر رواياتهم على الترتيب في (مصنف عبد الرزاق 610)، و (صحيح مسلم 303)، و (صحيح البخاري 178)، و (مسند أحمد 618)، وغيرها.
قال الدارقطني: "رواه الثوري وشعبة وأبو معاوية وهشيم ووكيع وجرير، عن الأعمش، عن منذر الثوري أبي يعلى، عن محمد ابن الحنفية، عن علي. وخالفهم عُبيدة بن حُميد؛ رواه عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن علي. ولم يُتابَع على هذا القول. وحديث ابن الحنفية هو الصحيح".
قيل للدارقطني: " (أليس) عبيدة بن حميد من الحفاظ؟ قال: بلى"(العلل 2/ 74).
قلنا: ورواية الجماعة على الأعمش ليس فيها قوله: ((اغتسلتُ))، ولا قوله:((يكفيك))، وفيها تعيين السائل بالمقداد، وليس عليًّا رضي الله عنه.
رِوَايَةُ: اغْتَسَلْتُ. وَزَادَ: فَضَحِكَ
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَإِذَا أَمْذَيْتُ اغتَسَلْتُ، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَضَحِكَ وَقَالَ:«فِيهِ الوُضُوءُ» .
[الحكم]:
صحيح المتن دون قوليه: ((اغتَسَلْتُ - فَضَحِكَ))، وإسناده ضعيف بهذه الزيادة.
[التخريج]:
[حم 856].
[السند]:
قال أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه: هانئ بن هانئ الهمداني، وقد سبق الكلام عليه قريبًا.
رِوَايَةُ: سَأَلْتُ. وَزَادَ: وَصَلِّ
• وَفِي رِوَايَةٍ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«تَوَضَّأْ مِنْهُ، وَصَلِّ» .
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق.
[التخريج]:
[بز 650].
[السند]:
أخرجه البزار في (مسنده) قال: حدثنا محمد بن مرزوق قال: نا مؤمل بن إسماعيل قال: نا إسرائيل، عن عبد الأعلى - يعني: الثعلبي - عن محمد ابن الحنفية، عن علي، به.
قال البزار: "وحديث عبد الأعلى لا نعلم رواه إلا إسرائيل عنه".
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: عبد الأعلى بن عامر الثعلبي؛ لَيَّنه الجمهور (التهذيب 16/ 352 / 354)، وقال الذهبي:"لَيِّن، ضَعَّفه أحمد"(الكاشف 3077)، وقَال الحافظ:"صدوق يهم"(التقريب 3731).
الثانية: ضعف رواية عبد الأعلى عن ابن الحنفية خاصة. قال يحيى بن سعيد القطان: " سألت سفيان الثورى عن أحاديث عبد الأعلى عن ابن الحنفية، فضَعَّفها"، وقال أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن مهدي:" كل شئ روى عبد الأعلى عن محمد ابن الحنفية- إنما هو كتاب أخذه، لم يسمعه"
(التهذيب).
الثالثة: مؤمل بن إسماعيل، قال فيه الحافظ:"صدوق سيئ الحفظ"(التقريب 7029).
وقد رُوي هذا الحديث من طرق كثيرة عن ابن الحنفية وغيره عن علي، وليس فيها أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بالصلاة. وقد سبق ذكر هذه الطرق برواياتها في الصحيحين وغيرهما.
رِوَايَةُ: أنه السائل مع زيادة: ((وَإِذَا رَأَيْتَ فَضْخَ المَاءِ فَاغْتَسِلْ)):
وَفِي رِوَايَةٍ: ((كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَ المَذْيَ فَتَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، وَإِذَا رَأَيْتَ فَضْخَ (نَضْحَ) 1 المَاءِ فَاغْتَسِلْ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ قَدَّمَ غَسْلَ الذَّكَرِ: ((إِذَا رَأَيْتَ المَاءَ (المَذْيَ) 2 فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ، وَإِذَا رَأَيْتَ المَنِيَّ (المَاءَ الدَّافِقَ) 3 فَاغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق، وأشار لعلته: البزار، وضَعَّفه: ابن القطان الفاسي.
[التخريج]:
[ن 199 واللفظ له/ كن 250/ حم 1028، 1029/ حب 1097، 1099 والسياقة الثانية له/ طي 138/ بز 802، 803/ طس 7453 والرواية الثانية والثالثة له/ مشكل 2702 لم يقل فضخ/ طح (1/ 46) / فاصل 130 والرواية الأولى له ولغيره/ هق 803].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رِوَايَةُ: أنه أمر رجلًا مع الزيادة:
وَفِي رِوَايَةٍ: ((
…
فَأَمَرْتُ رَجُلًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَ المَذْيَ فَتَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، وَإِذَا رَأَيْتَ فَضْخَ المَاءَ (المَنِيِّ) فَاغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق.
[التخريج]:
[ش 990 واللفظ له، 991، 992/ مبهم (5/ 388) / غو (2/ 513)].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رِوَايَةُ: ((فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ [فِي الشِّتَاءِ]، حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: ((كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ [فِي الشِّتَاءِ]، حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ ذُكِرَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَفْعَلْ؛ إِذَا رَأَيْتَ المَذْيَ فَاغْسِلْ ذَكرَكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، فَإِذَا فَضَخْتَ
(1)
(نَضَحْتَ) المَاءَ فَاغْتَسِلْ»))
(2)
.
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق.
[اللغة]:
«فَضَخْتَ» بالفاء والضاد والخاء المعجمتين، أي: دَفَقْتَ. (حاشية السندي على سنن النسائي 1/ 111).
[التخريج]:
[د 205 "واللفظ له" / ن 198 / كن 249 / حم 868 "والزيادة له ولغيره" / خز 22 / حب 1102 "والرواية له" / غطر 2 / هق 814 / ضيا (2/ 53/432)، (2/ 54/433) / كر (42/ 5)].
[التحقيق]:
رُوي بهذه الألفاظ من طريقين:
الطريق الأول: رواه الركين بن الربيع، واختُلف عليه في متنه على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول:
رواه أحمد (المسند 868). وابن أبي شيبة (المصنف
(1)
- بالفاء والخاء المعجمة. ووقع في بعض المصادر: (نَضَحْتَ) بالنون والحاء المهملة. وذكر النووي أنهما بمعنى "دَفَقْتَ" انظر (المجموع 2/ 163).
(2)
- الحديث مخرج في (الطهارة 3).
991). وأبو داود (205) عن قتيبة بن سعيد. والنسائي (السنن 198) عن علي بن حُجْر.
كلهم: عن عبيدة بن حميد الحذاء، عن الرُّكين بن الربيع، عن حُصين بن قَبيصة، عن علي، بالسياقة الأخيرة، وفيه:((فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ فِي الشِّتَاءِ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي)) وقوله: ((ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ ذُكِرَ لَهُ)).
هكذا على الشك.
الوجه الثاني:
رواه أبو داود الطيالسي في (مسنده 138).
وأحمد (1028): عن عبد الرحمن بن مهدي. وبرقم (1029): عن معاوية بن عمرو وابن أبي بُكير.
والنسائي في (السنن 199)، وفي (الكبرى 250): من طريق أبي الوليد الطيالسي وابن مهدي.
والطحاوي في (المشكل 2702) من طريق عبد الله بن رجاء.
كلهم: عن زائدة بن قدامة، عن الركين بن الربيع، عن حصين بن قبيصة، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِذَا رَأَيْتَ الْمَذْيَ فَتَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، وَإِذَا رَأَيْتَ فَضْخَ الْمَاءِ فَاغْتَسِلْ» .
فقال في هذه الرواية: أنه سأل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. بلا شك.
وفي رواية ابن مهدي عند (أحمد) قال عقبه: "فذكرته لسفيان، فقال: قد سمعته من ركين".
فهذا يفيد متابعة سفيان الثوري لزائدة على هذا الوجه.
ورواه ابن أبي شيبة في (المصنف 990): عن حسين بن علي، عن
زائدة، بسنده فقال: ((كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، وَكَانَتْ تَحْتِي بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَهُ، فَأَمَرْتُ رَجُلًا فَسَأَلَهُ
…
)) فذكره.
فقال في هذه الرواية: ((أَمَرْتُ رَجُلًا)) بلا شك.
وخالف الجميعَ إسماعيلُ بن عمرو البجلي في إسناده فقال: نَا زَائِدَةُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ قَبِيصَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِذَا رَأَيْتَ المَذْيَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ، وَإِذَا رَأَيْتَ المَاءَ الدَّافِقَ فَاغْتَسِلْ» . رواه الطبراني في (الأوسط 7453).
فجَعَل (حصين بن عبد الرحمن) بدل (الرُّكين بن الربيع).
وقول الجماعة عن زائدة بلا شك أرجح؛ فإن إسماعيل بن عمرو البَجَلي: ضَعَّفه أبو حاتم والدارقطني، وقال ابن عدي:"حَدَّث بأحاديث لا يُتابَع عليها"، وذَكَره ابن حبان في (الثقات) وقال:"يُغْرِب كثيرًا"، وقال أبو الشيخ:"غرائب حديثه تَكْثُر"، وقال الخطيب:"صاحب غرائب ومناكير عن الثوري وغيره". ينظر ترجمته في (لسان الميزان 2/ 155).
وقال الطبراني عقب روايته: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن حصين بن عبد الرحمن إلا زائدة، تَفَرَّد به إسماعيل بن عمرو. ورواه غير إسماعيل، عن زائدة، عن أبي حصين، عن حصين بن قبيصة)).
الوجه الثالث:
رواه أحمد في (المسند 1238) قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ قَبِيصَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ ابْنَتِهِ، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ المَذْيَ، فَقَالَ: ((ذَلِكَ مَاءُ الفَحْلِ، وَلِكُلِّ فَحْلٍ
مَاءٌ، فَلْيَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).
فقال في هذه الرواية: ((أمرت المقداد، وزاد: لكل فحل ماء، والأنثيين)).
ولكن هذه الألفاظ انفرد بها شريك- وهو النَّخَعي- قال الحافظ: ((صدوق يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة)) (التقريب 2787).
وقد خالفه زائدة -وهو أثبت منه وأوثق- وعبيدة بن حميد، فروياه عن الركين، ولم يذكرا:((لكل فحل ماء))، وكذا لم يذكرا:((الأنثيين)).
قلنا: مدار الوجوه كلها كما تقدم على الركين بن الربيع، وهو ثقة كما في (التقريب 1956).
ولعل أقرب الوجوه ما رواه زائدة بن قدامة؛ فإن كلًّا من عبيدة بن حميد وشريك فيهما كلام، بخلاف زائدة فهو ثقة ثبت كما في (التقريب 1982).
ولكن إن ترجح وجه زائدة على غيره، فإن طريقه يُعَل بعلتين:
العلة الأولى: الكلام في حصين بن قبيصة، فقد ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 3/ 5)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 195) فلم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وذكره ابن حبان في (الثقات 4/ 157)، ووثقه العجلي، فيما نقل مغلطاي في (التراجم الساقطة من إكمال تهذيب الكمال، ص: 204)، وابن حجر في (التهذيب 2/ 387). والذي في (كتاب العجلي 318):((حصين بن عقبة)).
بينما قال ابن حزم: "مجهول"(المحلى 10/ 61).
وكذلك ابن القطان الفاسي، فقال:((لا تُعْرَف حاله))، وقال أيضًا:((مجهول الحال)) (الوهم والإيهام (5/ 18، 666).
وتَعَقَّب العراقي قول ابن القطان قائلًا: "ذَكَره ابن حبان في ((الثقات)) وروى عنه جماعة"(ذيل الميزان 297).
واختار الحافظ توثيق ابن حبان فقال: "ثقة "(التقريب 1380).
وقال الألباني: "وهو ثقة بلا خلاف"(صحيح أبي داود 1/ 372).
قلنا: لعل من وثقه راعى من صحح حديثه هذا؛ كابن خزيمة وابن حبان، والنووي في (المجموع 2/ 163).
قال مغلطاي متعقبًا ابن القطان: ((ووثقه ابن حبان بذكره له في كتاب الثقات، وبما أسلفناه من توثيقه عند من صحح حديثه)) (شرح سنن ابن ماجه 2/ 98).
وكذا صححه الألباني في (صحيح أبي داود 1/ 372).
قلنا: الذي يترجح لنا هو ما ذهب إليه ابن حزم وابن القطان، فلا يكفي كون الرجل روى عنه جماعة مع عدم توثيق معتبر له- في قَبول حاله. كما أن ابن حبان له قاعدة مشهورة في تجويز من هذا حاله.
وقد ذَكَر البزار حديثه هذا فقال: ((ولا نعلم روى حصين بن قبيصة عن علي إلا هذا الحديث، ولا نعلم أحدًا روى هذا اللفظ عن علي غيره)).
فهذا من إمام جليل عالم بمخارج الألفاظ توهينٌ للرجل.
وقد روى حديثَ علي هذا أعلم الناس به، وهو محمد ابن الحنفية، ولم يذكر شيئًا مما ذكر الحصين هذا. وعلى رواية ابن الحنفية اعتمد صاحبا
الصحيح.
العلة الثانية: أن الركين خولف في إسناده ممن هو أجل منه أوثق.
فخالفه بيان بن بِشْر، كما عند النسائي في (مسند علي كما في تهذيب الكمال 6/ 517)، وأبي علي في (مسنده 362)، وابن أبي خيثمة في (تاريخه-السفر الثالث 126)، وغيرهم، فقال: عَنْ حُصَيْنِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ المَاءَ قَدْ آذَانِي، قَالَ:((إِنَّمَا الغُسْلُ مِنَ المَاءِ الدَّافِقِ)).
وهذه الرواية أرجح مما روى الركين فإن بيانًا قال فيه الحافظ: ((ثقة ثبت)) (التقريب 789).
ورواية بيان هذه فيها حصين بن صفوان، وكنيته: أبو قبيصة، قال أبو حاتم والمزي:"مجهول". واعتمده الحافظ في (التقريب 1367). وقال الذهبي: "لا يُعْرَف"(ميزان الاعتدال 2080).
الطريق الثاني:
رواه ابن حبان (1099) قال: أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال: حدثنا محمد بن عثمان العِجلي قال: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن علي به، بلفظ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ (! ) النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِذَا رَأَيْتَ المَاءَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ، وَإِذَا رَأَيْتَ المَنِيَّ فَاغْتَسِلْ» .
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح عدا عمر بن محمد - شيخ ابن حبان - وهو ابن بُجَيْر البُجَيْري، إمام حافظ كبير الشأن، ترجمته في (تذكرة الحفاظ 733).
وتوبع عليه محمد بن عثمان العجلي، تابعه عثمان بن أبي شيبة عند الخطيب في (الأسماء المبهمة 5/ 388)، وفيه: "فَأَمَرْتُ رَجُلًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:((إِذَا وَجَدْتَ ذَلِكَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ، فَإِذَا رَأَيْتَ نَضْحَ المَاءِ فَاغْتَسِلْ)).
وتوبع عليه الحسين بن علي، تابعه عمرو بن مرزوق الباهلي عند الرامهرمزي في (المحدث الفاصل، ص 234) بلفظ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، وَكَانَتْ عِنْدِي بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلْتُ رَجُلًا، فَسَأَلَهُ عليه السلام قَالَ:«إِذَا رَأَيْتَ المَذْيَ فَتَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، وَإِذَا رَأَيْتَ نَضْحَ المَاءِ فَاغتَسِلْ» .
ولكن عمرو بن مرزوق له أوهام، والراوي عنه لم يتبين لنا.
قلنا: وقد خالفهما- أي: حسينًا وعَمْرًا- جماعة من الثقات الأثبات وغيرهم، فلم يذكروا فيه ((المني))، وهم:
1 -
أبو الوليد الطيالسي، عند البخاري (269)، وغيره.
2 -
عبد الرحمن بن مهدي، عند أحمد في (المسند 1026).
3 -
أبو داود الطيالسي، في (مسنده 137).
4 -
ابن أبي بُكير، عند أحمد في (المسند 1026)، وابن المنذر في (الأوسط 21، 687)، وغيرهما.
5 -
عبد الله بن رجاء، كما عند الطحاوي في (مشكل الآثار 2699).
فرواه خمستهم عن زائدة عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: ((كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؛ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَسَأَلَ فَقَالَ: تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ)) واللفظ للبخاري، وللآخرين بنحوه قال:((تَوَضَّأْ وَاغْسِلْهُ))، وقد سبق قريبًا.
وحسين بن علي روى حديث زائدة عن الركين، وفيه ذِكر ((المني))، فلعله دخل له متن في آخر، فإن ابن مهدي وأبا الوليد وأبا داود الطيالسيين، وابن رجاء وابن أبي بكير- رووا كلا الطريقين عن زائدة، ولم يذكروا ((المني)) إلا من حديث زائدة عن الركين. وهذا يرجح توهين رواية الحسين عن زائدة عن أبي الحصين. والله أعلم.
وقد تابع زائدةَ على قول الجماعة عنه، بدون ذكر ((المني)):
أبو بكر بن عياش، كما عند ابن الجارود في (المنتقى 6)، وغيره.
وسفيان الثوري من رواية بِشر بن السَّرِي عنه، عند الإسماعيلي في (معجم شيوخه 357).
كلاهما رواه عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي به، فلم يذكرا ((المَنِيّ)).
وتابع أبا عبد الرحمن السلمي محمد ابن الحنفية كما في (البخاري 132)، ومسلم (303)، وغيرهما. وليس في روايته ذكر ((المني)).
[تنبيه]:
جاء في هذه الرواية أن عليًّا رضي الله عنه قال: "فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ ذُكِرَ لَهُ"، هكذا على الشك.
وعند النسائي وابن حبان وغيرهما: "فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " بلا شك.
وسبق أنه في الصحيحين أَمَر المقداد بأن يسأل هو.
وفي رواية عند النسائي وابن حبان أنه أَمَر عمارًا بالسؤال.
وجَمَع ابن حبان بين هذه الروايات بأن كل ذلك قد حصل، أي أن عليًّا أَمَر
المقداد بالسؤال، ثم أَمَر عمارًا، ثم سأل بنفسه. واستدل على ذلك باختلاف ألفاظ الروايات.
ووافقه الحافظ ابن حجر في الجمع بين روايتي المقداد وعمار، وخالفه في سؤال علي رضي الله عنه، فقال:"وهو جَمْع جيد إلا بالنسبة إلى آخره؛ لكونه مغايرًا لقوله أنه استحيا عن السؤال بنفسه لأجل فاطمة، فيتعين حمله على المجاز بأن بعض الرواة أطلق أنه سأل لكونه الآمر بذلك. وبهذا جزم الإسماعيلي ثم النووي" اهـ (فتح الباري: 1/ 380).
قلنا: ما ذهب إليه ابن حبان من أن السؤال وقع من علي رضي الله عنه أيضًا - هو الصواب، ويدل عليه أنه جاء في رواية للنسائي (رقم 193) بلفظ: "فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
…
"الحديث.
وجاء في رواية بسند حسن - كما سيأتي - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَآهُ وَقَدْ شَحَبَ، فَقَالَ:«يَا عَلِيُّ، لَقَدْ (شَحَبْتَ)؟ » ، قَالَ: شَحَبْتُ مِنَ الاغْتِسَالِ بِالمَاءِ، وَأَنَا رَجُلٌ مَذَّاءٌ
…
وساق الحديث.
وهو عند أحمد من هذا الطريق دون هذه الزيادة المذكورة في أوله.
فعلي رضي الله عنه استحيا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لمكان ابنته رضي الله عنها، فأَمَر المقداد أن يسأل نيابة عنه.
وكان علي رضي الله عنه قد شَحَب من كثرة اغتساله من المذي، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك - بعدما أَمَر عليّ المقدادَ بالسؤال -، فلما استفسر النبي صلى الله عليه وسلم عن حاله زال عنه حياؤه وأجابه بعلته، فهو لم يبادر بالسؤال إذن. وبهذا يجاب عن اعتراض الحافظ على ابن حبان. وانظر (شرح مغلطاي على سنن ابن ماجه 2/ 104).
وقد رجح الحافظ أيضًا أن عليًّا رضي الله عنه كان حاضرًا سؤال المقداد، مستدلًّا على ذلك برواية للنسائي تقدمت، وقد مر ما فيه.
وذَكَر الخطيب البغدادي الروايتين اللتين فيهما سؤال عمار والمقداد، ثم قال:"وطرق هذه الأحاديث مستقيمة، وأسانيدها ثابتة، والقولان جميعًا صحيحان".
ثم استدل على ذلك بما رواه عبد الرزاق من طريق عائش بن أنس قال: «تَذَاكَرَ عَلِيٌّ وَالمِقْدَادُ وَعَمَّارٌ المَذْيَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّنِي رَجُلٌ مَذَّاءٌ، فَاسْأَلَا عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلَهُ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ» (الأسماء المبهمة 5/ 390).
وبذلك استدل الحافظ أيضًا، ثم قال:"وصحح ابن بشكوال أن الذي تولى السؤال عن ذلك هو المقداد، وعلى هذا فنسبة عمار إلى أنه سأل عن ذلك محمولة على المجاز أيضًا؛ لكونه قصده لكن تولى المقداد الخطاب دونه. والله أعلم"اهـ (فتح الباري: 1/ 380).
رِوَايَةُ: ((فَلَمَّا رَأَى المَاءَ قَدْ آذَانِي)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: كُنْتُ غُلَامًا (رَجُلًا) مَذَّاءً، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَاءَ قَدْ آذَانِي، قَالَ: «: ((إِنَّمَا الغُسْلُ مِنَ المَاءِ الدَّافِقِ)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق.
[التخريج]:
[عل 362 "واللفظ له" / تخث (السفر الثالث 126) "والرواية له ولغيره" / عس (كما 6/ 517) / هق 804].
[السند]:
أخرجه أبو يعلى في (مسنده)، وابن أبي خيثمة في (تاريخه) كلاهما: عن أبي خيثمة زهير بن حرب، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، قال: حدثنا حسن بن صالح، عن بيان - يعني: ابن بشر-، عن حصين بن صفوان، عن علي، به.
ورواه البيهقي في (السنن) من طريق عمرو الناقد، عن حميد الرؤاسي، به.
وذكر المزي في (تهذيب الكمال 6/ 517) أن النَّسَائي روى هذا الحديث في (مسند علي) من طريق بيان بن بشر البجلي، عن حصين بن صفوان، عن علي.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ حصين بن صفوان، وكنيته: أبو قبيصة: شيخ مجهول، قاله الحافظ المزي في (تهذيب الكمال 6/ 517)، وعقَّبَ عليه ابن حجر
بقوله: "قلتُ: كذا قال أبو حاتم"(تهذيب التهذيب 2/ 380)
(1)
، وقال الذهبي:"لا يُعْرَف"(ميزان الاعتدال 2080)، وقال ابن حجر:"مجهول"(التقريب 1367).
رِوَايَةُ: اغْتَسَلْتُ- فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ:
وَفِي رِوَايَةٍ: ((كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَكُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ اغْتَسَلْتُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَنِي أَنْ أَتَوَضَّأَ)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق.
[التخريج]:
[ش 993 واللفظ له].
[السند]:
قال ابن أبي شيبة: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الحارث بن شُبيل، قال: قال علي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات غير أنه منقطع، الحارث بن شُبيل عن علي بن أبي طالب مرسل. قاله أبو زرعة (المراسيل 169).
(1)
ولكننا لم نقف على قول أبي حاتم هذا في المطبوع من (الجرح والتعديل).
رِوَايَةُ: سَأَلْتُ - وَقَالَ: ((إِذَا خَذَفْتَ فَاغْتَسِلْ)):
وَفِي رِوَايَةٍ: ((كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ((إِذَا خَذَفْتَ فَاغْتَسِلْ مِنَ الجَنَابَةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ خَاذِفًا فَلَا تَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق، وضَعَّفه ابن عدي وابن القيسراني.
[التخريج]:
[حم 847 واللفظ له].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رِوَايَةُ: رَآنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ شَحَبْتُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: رَآنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ شَحَبْتُ، فَقَالَ:«يَا عَلِيُّ، لَقَدْ (شَحَبْتَ)؟» ، قَالَ: شَحَبْتُ مِنَ الاغْتِسَالِ بِالمَاء، وَأَنَا رَجُلٌ مَذَّاءٌ، [فَإذَا رَأَيْتُ مِنْهُ شَيْئًا اغْتَسَلْتُ مِنْهُ] 1 قَالَ:«لَا تَغْتَسِلْ مِنْهُ إِلَّا مِنَ الحَذْفِ، فَإِنْ رَأَيْتَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا تَعْدُ أَنْ تَغْسِلَ ذَكَرَكَ، وَلَا تَغتَسْلْ إِلَّا مِنَ الحَذْفِ» [يَعْنِي المَنِيَّ] 2 ".
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق، وضَعَّفه ابن عدي وابن القيسراني.
[اللغة]:
قوله: "شحبت"، يقال: شَحَبَ لَونُه وجسمُه، أي: تَغَيَّرَ من هُزال أو عَمَل أو جُوع أو سَفَر. انظر (لسان العرب: 1/ 484).
[التخريج]:
[عد (3/ 172) "واللفظ له" / صفار 626/ فاصل (1/ 510/ 638) "والزيادتان له"/ نعيم (طب 2/ 667) / طبسي (كبير 17/ 740) / عس (كما 9/ 177) / تجر (ص: 174) / مغلطاي (2/ 103)].
[السند]:
أخرجه ابن عدي - ومن طريقه أبو القاسم السهمي في (تاريخ جرجان) - قال: ثنا محمد بن جعفر الإمام، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا أبو نعيم، عن رِزَام بن سعيد قال: سألت جَوَّابًا التيمي عن المذي فقال: سألت عنه أبا إبراهيم التيمي يزيد بن شريك، فألجأ الحديث إلى علي، فألجأ علي الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، به.
ومداره عندهم على أبي نعيم، عن رزام بن سعيد التيمي، عن جواب التيمي، عن يزيد بن شريك التيمي، عن علي، به.
وقد أخرجه أحمد (847) قال: حدثنا أبو أحمد، حدثنا رزام بن سعيد التيمي، به، بلفظ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«إذَا خَذَفْتَ فَاغْتَسِلْ مِنَ الجَنَابَةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ خَاذِفًا فَلَا تَغْتَسِلْ» .
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، عدا جَوَّاب بن عبيد الله التيمي، فمختلف فيه:
فوَثَّقه ابن معين كما في (الجرح والتعديل 2/ 535). وقال الفسوي: "ثقة "(المعرفة والتاريخ 2/ 660)، وانظر (إكمال تهذيب الكمال 3/ 252) و (تهذيب التهذيب 2/ 122). وذَكَره ابن حبان في (الثقات 6/ 155)، ووثقه الدارقطني وصحح له حديثًا عن عمر رضي الله عنه (السنن 1210). وقال ابن عدي: "وليس له من الحديث المسند إلا القليل
…
ولم أرَ له حديثًا منكرًا في مقدار ما يرويه".
بينما قال ابن نمير: "ضعيف في الحديث، وقد رآه سفيان الثوري فلم يحمل عنه". (تهذيب التهذيب 2/ 122).
قلنا: إنما لم يحمل عنه سفيان من أجل الإرجاء كما قاله أبو نعيم فيما نقله المزي عنه في (تهذيب الكمال 2/ 177).
على أن الخليلي قد روى عن أبي نعيم عن الثوري أنه كتب عن جَوَّاب أحاديث! (الإرشاد 3/ 871). وهذا مُعارِض لما نقله المزي عن ابن نمير وأبي نعيم.
وقال البيهقي: ((جواب التيمي غير قوي)) (السنن الكبير 11/ 236)، وفي
(شعب الإيمان 7/ 525) قال: ((جواب التيمي فيه نظر)).
وقال ابن القيسراني: ((وجواب ضعيف)) (ذخيرة الحفاظ 3/ 1362).
ومال الذهبي إلى قول ابن نمير، فقال:"ليس بالقوي في الحديث، مع أن ابن معين قد وثقه! "(تاريخ الإسلام 3/ 220)، وقال في (الديوان 795):((قال ابن نمير: ضعيف الحديث)).
وأما الحافظ فقال: "صدوق، رُمِي بالإرجاء"(التقريب 984).
قلنا: الراجح عدم قَبول ما ينفرد به مما يخالف به الثقات، كما في حديثنا هذا، فلم يَروه بهذه الألفاظ إلا جواب عن يزيد بن شريك عن علي، هكذا.
وقد سبق أن الحديث رواه ابن الحنفية، وكان أروى الناس وأعلمهم بحديث علي رضي الله عنه، فلم يذكر هذه الألفاظ.
ولذا ذَكَر ابن عدي هذا الحديث في ترجمته من (الكامل) وأقره ابن القيسراني في (ذخيرة الحفاظ 3/ 1362) وضَعَّف جوابًا كما سبق.
ومع هذا حَسَّنه مغلطاي في (شرحه على سنن ابن ماجه 2/ 103).
وقال الألباني: "سنده حسن أو صحيح"(صحيح سنن أبي داود 1/ 374).
وقال في (الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب 1/ 23): ((سند حسن رجاله ثقات، غير جواب هذا، وهو صدوق رُمِي بالإرجاء كما في (التقريب).
رِوَايَةُ بزيادة: ((وانْضَحْ فَرْجَكَ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: أَرْسَلْنَا (أَرْسَلْتُ) المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنِ المَذْيِ؛ يَخرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ، كَيْفَ يَفْعَلُ بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَوَضَّأْ، وَانْضَحْ فَرْجَكَ» .
[الحكم]:
صحيح (م) ولكن رواية النضح هذه شاذة، والمحفوظ:((الأمر بغسل الذَّكَر))، كما تقدم في الصحيحين.
[اللغة]:
((وانْضَحْ فَرْجَكَ))، قال النووي:"معناه: اغسله فإن (النضح) يكون غَسْلًا ويكون رَشًّا، وقد جاء في الرواية الأخرى: ((يغسل ذَكَره)) فيتعين حمل النضح عليه"(شرح مسلم 3/ 213).
[التخريج]:
[م (303/ 19) "واللفظ له" / ن 444 "والرواية له ولغيره" / عم 823 / خز 24 / عه 833، 834 / عد (10/ 31) / مسن 694 / مخلص 2665 / هق 568 / هقع 885 / تمهيد (21/ 203) / غو (2/ 514)].
[السند]:
قال مسلم: حدثني هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى قالا: حدثنا ابن وهب، أخبرني مَخرمة بن بُكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس، قال: قال علي بن أبي طالب
…
به.
ورواه أيضًا حرملة وابن أخي ابن وهب وأحمد بن صالح وأصبغ
…
وغيرهم، عن ابن وهب به كما في مصادر التخريج.
[تنبيه]:
أَعَل النسائي والدارقطني هذا الطريق الذي ذكره الإمام مسلم بعلتين:
العلة الأولى: أن مَخرمة بن بُكير لم يسمع من أبيه.
العلة الثانية: أن مَخرمة قد خولف في وصله ومتنه.
فقد خالفه الليث بن سعد - وكان أَجَلَّ منه - فرواه عن بُكير بن الأشج والد مخرمة، عن سليمان بن يسار، مرسلًا بلفظ:((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ))، ولم يقل:((يَنْضَحُ)).
قال النسائي بعدما أسند طريق مخرمة المتقدم: "مخرمة لم يسمع من أبيه شيئًا"(السنن الصغرى 1/ 541).
ثم ذَكَر مخالفة الليث له في سنده، فقال في (السنن 445): أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: أَرْسَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه المِقْدَادَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ المَذْيَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ ثُمَّ لْيَتَوَضَّأْ)).
فذكره مرسلًا دون ذكر ابن عباس.
وقال الدارقطني: ((وأخرج مسلم حديث ابن وهب، عن مخرمة، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس قال: قال علي رضي الله عنه: أرسلت المقداد
…
في حديث المذي.
وقال حماد بن خالد: سألت مخرمة: سمعتَ من أبيك شيئًا؟ قال: لا. وقد خالفه الليث عن بُكير عن سليمان، فلم يذكر ابن عباس. وتابعه مالك
عن أبي النضر أيضًا)) (التتبع 136).
وأعله - أيضًا -: ابن عدي في (الكامل 10/ 31) - وأقره ابن القيسراني (ذخيرة الحفاظ 1/ 387) -، وابن القطان الفاسي في (بيان الوهم 2/ 371 و 5/ 659)، والنووي في (شرح مسلم 3/ 214)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 100 - 101)، وابن حجر في (التلخيص 1/ 206).
وأقر الدارقطنيَّ: ابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 230)، والزركشي في (تصحيح العمدة، ص: 43)، وابن الملقن في (البدر 2/ 417).
قلنا: هاتان هما العلتان اللتان أُعِل بهما حديث مسلم المتقدم، ولكن هل اتفق الحفاظ على عدم سماع مخرمة من أبيه؟ وإذا لم يكن سمع منه، وروى من كتبه، فهل هي وجادة صحيحة تستدعي العمل بها؟ وهل رواية الليث تُعِل رواية مخرمة؟
نقول وبالله التوفيق:
أما المسألة الأولى: فقد اختُلف في سماع مخرمة من أبيه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن مخرمة لم يسمع من أبيه شيئًا:
وهو قول جمهور أهل العلم، منهم: الإمام أحمد بن حنبل (العلل رواية ابنه عبد الله 3230)، و (مسائل حرب الكرماني - كتاب النكاح 3/ 1264). ويحيى بن معين (تاريخه رواية الدوري 3/ 254)، و (تاريخ ابن أبي خيثمة - السِّفر الثالث 2/ 334). والعقيلي في (الضعفاء 3/ 221). وابن حزم في (المحلى 2/ 179).
وهو ظاهر صنيع البخاري في (التاريخ الكبير 8/ 16) حيث ذكر في ترجمة مخرمة روايته عن أبيه بالعنعنة، ثم أسند كلام خالد الخياط عن
مخرمة في نفي السماع.
وكذا الطحاوي في (شرح معاني الآثار 3/ 164).
ولذا قال ابن القيسراني: ((أُنكر على مسلم إخراجه هذه الترجمة)) (الجمع بين رجال الصحيحين 2/ 510).
وقد استدل هذا الفريق بما ذكره مخرمة نفسه من عدم سماعه من أبيه:
فروى أحمد: عن حماد بن خالد الخياط، عن مخرمة بن بكير قال:((لم أسمع من أبي شيئًا)) (العلل لأحمد رواية ابنه عبد الله 4116، 5592).
وقال ابن هلال: سمعت حماد بن خالد الخياط قال: ((أَخْرَج مخرمة بن بكير كتبًا فقال: هذه كتب أبي، لم أسمع منها شيئًا)) (التاريخ الكبير للبخاري 8/ 16).
وفي رواية عن حماد قال: سألت مخرمة عن كتب أبيه؟ فقال لي: ((لم أسمع منه شيئًا)) (المعرفة والتاريخ للفسوي 3/ 183).
وقال الطحاوي: ((كيف تحتجون بهذا وأنتم تزعمون أن مخرمة لم يسمع من أبيه حرفًا، وأن ما رُوي عنه مرسل ، وأنتم لا تحتجون بالمرسل؟ ! ))، ثم أسند عن موسى بن سلمة، قال: سألتُ مخرمة بن بكير: هل سمعتَ من أبيك شيئًا؟ فقال: لا)) (شرح معاني الآثار 3/ 163 - 164)، ونحوه عند العقيلي في (الضعفاء 4/ 39 - 40).
وفي رواية: قال موسى بن سلمة: أتيتُ مخرمة بن بكير فقلت له: حدثك أبوك؟ قال: ((لم أدرك أبي، ولكن هذه كتبه)) (الجرح والتعديل 8/ 364).
وفي رواية أخرى: قال موسى بن سلمة: أتيتُ مخرمة بن بكير بكتاب أبيه،
أعرضه عليه، فقال لي:((ما سمعتُ من أبي حرفًا)). وفي رواية أخرى: ((ما سمعتُ من أبي شيئًا، إنما هذه كتب وجدناها عندنا عنه)). وزاد بعضهم: ((ما أدركتُ أبي إلا وأنا غلام)). (الكامل 10/ 29).
قلنا: والأسانيد إلى موسى بن سلمة بهذه الروايات أسانيد صحاح.
القول الثاني: أن مخرمة سمع من أبيه، ولو شيئًا يسيرًا:
فأسند ابن عدي: عن علي بن المديني، قال: سمعت معن بن عيسى، يقول:((مخرمة سمع من أبيه، وعرض عليه ربيعة أشياء من رأي سليمان بن يسار)).
قال علي: ((ولا أظن مخرمة سمع من أبيه كتاب سليمان، لعله سمع الشيء اليسير، ولم أجد أحدًا بالمدينة يخبرني عن مخرمة بن بُكير أنه كان يقول في شيء من حديثه: سمعت أبي)) (الكامل في ضعفاء 10/ 30).
وقال أبو داود: ((لم يسمع مخرمة من أبيه إلا حديثًا واحدًا)) (السنن 3/ 37).
وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فإنهما لم يخرجا مخرمة بن بكير؛ والعلة فيه أن طائفة من أهل مصر ذكروا أنه لم يسمع من أبيه لصغر سنه، وأثبت بعضهم سماعه منه)) (المستدرك على الصحيحين 2/ 24)،
وقال في موضع آخر: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ولسنا بمعذورين في ترك أحاديث مخرمة بن بكير أصلًا)) (المستدرك 7/ 161).
ويُستدل لأصحاب هذا القول: بما أسنده الفسوي في (المعرفة والتاريخ 1/ 663) عن إبراهيم بن المنذر قال: حدثني ابن أبي أويس قال: قرأت في كتاب مالك بن أنس بخط مالك قال: وصلتُ الصفوف حتى قمت إلى جنب
مخرمة بن بكير في الروضة، فقلت له: إن الناس يقولون: إنك لم تسمع هذه الأحاديث التي نروي عن أبيك من أبيك. فقال: ((ورَبِّ هذا المنبر والقبر لقد سمعتُها من أبي، ورب هذا المنبر والقبر لقد سمعتُها من أبي- ثلاثًا-)).
وقال أبو زرعة الدمشقي: حدثني أحمد بن صالح قال: حدثني ابن أبي أويس قال: رأيت في كتاب مالك بخطه: قلت لمخرمة في حديث: سمعتَه من أبيك؟ فحلف لسمعه من أبيه (تاريخ أبي زرعة الدمشقي، ص: 442).
وقال ابن أبي حاتم: نا عبد الرحمن قال: سئل أبي عن مخرمة بن بكير فقال: ((صالح الحديث، وقال ابن أبي أويس: وجدت في ظهر كتاب مالك: سألتُ مخرمة عما يُحَدِّث به عن أبيه، سمعها من أبيه؟ فحلف لي وقال: ((ورَبِّ هذه البنية - يعني المسجد - سمعت من أبي)). قال أبو حاتم: ((إن كان سمعها من أبيه، فكل حديثه عن أبيه إلا حديثًا يُحَدِّث عن عامر بن عبد الله بن الزبير)) (الجرح والتعديل 8/ 364).
قلنا: ولكن تلك الرواية مدارها على إسماعيل بن أبي أويس وهو متكلم فيه، بل متهم بالوضع.
قال البرقاني: قلت لأبي الحسن - يعني الدارقطني -: لِمَ ضَعَّف أبو عبد الرحمن النسائي إسماعيل بن أبي أويس؟ فقال: ذَكَر محمد بن موسى الهاشمي - قال أبو الحسن: وهذا أحد الأئمة، وكان أبو عبد الرحمن يخصه بما لم يخص به ولده -، فذكر عن أبي عبد الرحمن أنه قال: ((حَكَى لي سلمة بن شبيب عنه قال: ثم توقف أبو عبد الرحمن. قال: فما زلتُ بعد ذلك أداريه أن يحكي لي الحكاية، حتى قال لي: قال لي سلمة بن شبيب: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: ((ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة
إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم)).
قلت لأبي الحسن: مَن حكى لك هذا عن محمد بن موسى؟ فقال: ((الوزير، كتبتها من كتابه، وقرأتها عليه - يعني ابن حنزابة -)) (سؤالات البرقاني للدارقطني 637).
قلنا: وهذا إسناد صحيح.
قال الحافظ: ((وهذا هو الذي بان للنسائي منه حتى تجنب حديثه، وأطلق القول فيه بأنه ليس بثقة. ولعل هذا كان من إسماعيل في شبيبته ثم انصلح. وأما الشيخان فلا أظن بهما أنهما أخرجا عنه إلا الصحيح من حديثه الذي شارك فيه الثقات، وقد أوضحتُ ذلك في مقدمة شرحي على البخاري)) (تهذيب التهذيب 1/ 311).
ونص كلام الحافظ في (مقدمة الفتح) - بعد أن ذكر الخلاف فيه - قال: ((وعلى هذا لا يُحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح؛ من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره إلا إن شاركه فيه غيره فيُعتبر به)) (هدي الساري، ص 391).
قلنا: فالراجح عدم سماع مخرمة من أبيه شيئًا، لصحة الإسناد بذلك عن مخرمة نفسه.
قال الحافظ ابن حجر: ((ولا يقال: (مسلم يكتفي في المعنعن بإمكان اللقاء مع المعاصرة) وهو كذلك هنا، لأنا نقول: وجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه كافٍ في دعوى الانقطاع)) (فتح الباري 2/ 422).
ولكن يَبقى أَمْر ذكره مخرمة عن نفسه، وهو أنه يحدث عن أبيه من كتبه:
فقال أحمد في (العلل 544) قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثني
ابن المبارك قال: حدثني مخرمة بن بكير قال: ((قرأت في كتاب أبي بكير)).
وتقدم عن مخرمة قوله: ((هذه كتب أبي، ولم أسمع منه شيئًا)).
وهذا الذي ذكره مخرمة مِن تحمله عن كتاب أبيه ذهب إليه غير واحد:
وقال أبو طالب: ((سألت أحمد بن حنبل عن مخرمة بن بكير فقال: هو ثقة، لم يسمع من أبيه شيئًا، إنما يَروي عن كتاب أبيه)) (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 8/ 363)، و (الكامل 10/ 30 - 31).
وقال يحيى بن معين: ((مخرمة بن بكير يقال: إنه وقع إليه كتاب أبيه، فرواه ولم يسمعه)) (تاريخ ابن أبي خيثمة - السِّفر الثالث 2/ 334)، ونحوه في (تاريخ الدوري 1192).
وقال ابن البرقي: قال لي يحيى بن معين: ((كان مخرمة ثبتًا، ولكن روايته عن أبيه من كتاب وجده لأبيه، لم يسمع منه)). قال: ((وبلغني أن مالكًا كان يستعير كتب بكير، فينظر فيها ويُحَدِّث عنها)) (التمهيد لابن عبد البر 24/ 202).
وهذا الأخير، ذكره أحمد أيضًا، فقال:((أَخَذ مالك كتاب مخرمة بن بكير، فنظر فيه، فكل شيء يقول: (بلغني عن سليمان بن يسار) فهو من كتاب مخرمة)) (بحر الدم فيمن تَكَلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم، ص 148).
وقال ابن حزم: ((مخرمة بن بكير عن أبيه، وهي صحيفة)) (المحلى 7/ 530).
وقال ابن حجر: ((مخرمة بن بكير
…
روايته عن أبيه وِجادة من كتابه)) (تقريب التهذيب 6526).
قلنا: فإذا صح أن مخرمة لم يسمع من أبيه، وإنما روى من كتب أبيه من غير سماعٍ؛ فروايته على هذا وِجادة، فهل هي وجادة صحيحة بشروطها دعت مسلمًا وغيره إلى اعتمادها، أم لا؟
فقد تقدم عن أحمد قوله: ((أَخَذ مالك كتاب مخرمة بن بكير، فنظر فيه، فكل شيء يقول: (بلغني عن سليمان بن يسار) فهو من كتاب مخرمة)) (بحر الدم فيمن تَكَلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم، ص 148).
وقال ابن معين: ((وبلغني أن مالكًا كان يستعير كتب بكير، فينظر فيها ويُحَدِّث عنها)) (التمهيد لابن عبد البر 24/ 202).
وقال علي بن المديني: ((لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب ويحيى بن سعيد الأنصاري وأبي الزناد وبكير بن عبد الله بن الأشج. أدرك مالك بكيرًا وما سمع منه، وكان بكير سيئ الرأي في ربيعة، وأظنه تركه من أجل ربيعة، وإنما عَرَف مالك بكيرًا بنظره في كتاب مخرمة بن بكير)) (التعديل والتجريح للباجي 1/ 440).
فهذا كله يعني أن مالكًا اعتمد الكتاب عن بكير، واعتبره وجادة مقبول العمل بها.
وقال الحاكم: ((مخرمة بن بكير روى له مسلم في الشواهد، وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وإنما أراد بهذا يحيى أن أهل مصر ينكرون سماعه من أبيه ذلك الكتاب لصغره، إنما هي عندهم نوع من الإجازة)) (المدخل إلى الصحيح 4/ 153).
وقال البيهقي: ((قد اعتمده مالك بن أنس فيما أرسل في الموطأ عن أبيه بكير ، وإنما أخذه عن مخرمة. واعتمده مسلم بن الحجاج ، فأخرج أحاديثه
عن أبيه ، في الصحيح
…
فيحتمل أن يكون المراد بما حُكي عنه من إنكاره سماع البعض دون الجميع. والله أعلم. ثم هب أن الأمر على ما حُكي عنه من الإنكار ، أليس قد جاء بكتب أبيه الرجل الصالح، فإذا فيها تلك الأحاديث؟ ! )) (معرفة السنن 12/ 368).
وقال العلائي: ((أخرج له مسلم عن أبيه عدة أحاديث، وكأنه رأى الوجادة سببًا للاتصال، وقد انتُقد ذلك عليه)) (جامع التحصيل، ص: 275).
وقال ابن القيم في ردِّه إعلال حديث من روايته عن أبيه: "والجواب عن هذا من وجهين:
أحدهما: أن كتاب أبيه كان عنده محفوظًا مضبوطًا، فلا فرق في قيام الحجة بالحديث بين ما حَدَّثه به أو رآه في كتابه، بل الأخذ عن النسخة أحوط إذا تَيَقن الراوي أنها نسخة الشيخ بعينها.
وهذه طريقة الصحابة والسلف. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث كتبه إلى الملوك، وتقوم عليهم بها الحجة، وكَتَب كتبه إلى عماله في بلاد الإسلام، فعملوا بها واحتجوا بها. ودَفَع الصِّديق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة إلى أنس بن مالك، فحمله وعملت به الأمة. وكذلك كتابه إلى عمرو بن حزم في الصدقات الذي كان عند آل عمرو.
ولم يزل السلف والخلف يحتجون بكتاب بعضهم إلى بعض، ويقول المكتوب إليه: (كَتَب إليَّ فلان أن فلانًا أخبره
…
) ولو بَطَل الاحتجاج بالكتب لم يَبْقَ بأيدي الأمة إلا أيسر اليسير، فإن الاعتماد إنما هو على النُّسَخ لا على الحفظ، والحفظ خَوَّان، والنسخة لا تخون.
ولا يُحفظ في زمن من الأزمان المتقدمة أن أحدًا من أهل العلم رد
الاحتجاج بالكتاب، وقال:(لم يشافهني به الكاتب فلا أقبله) بل كلهم مُجمِعون على قَبول الكتاب والعمل به إذا صح عنده أنه كتابه
…
)) (زاد المعاد 5/ 242، 243).
وقال المعلمي اليماني: ((قال أبو داود: لم يسمع من أبيه إلا حديثًا واحدًا، وهو حديث الوتر. فقد سمع من أبيه في الجملة، فإن كان أبوه أَذِن له أن يَروي ما في كتابه ثبت الاتصال، وإلا فهي وجادة؛ فإن ثَبَت صحة ذاك الكتاب قَوِيَ الأمر. ويدل على صحة الكتاب أن مالكًا كان يعتد به. قال أحمد: "أَخَذ مالك كتاب مخرمة، فكل شيء يقول: (بلغني عن سليمان بن يسار) فهو من كتاب مخرمة عن أبيه عن سليمان". وربما يَروي مالك عن الثقة عنده عن بكير بن الأشج. وقد قال أبو حاتم: "سألت إسماعيل بن أبي أويس، قلت: هذا الذي يقول مالك: (حدثني الثقة) مَن هو؟ قال: مخرمة بن بكير)) (التنكيل-ضمن آثار الشيخ المعلمي 11/ 205).
قلنا: وأما علة مخالفة الليث بن سعد لمخرمة في السند والمتن:
والتي أخرجها النسائي في (السنن 445) كما تقدم - فلا يمكن دفعها؛ وذلك أن الليث أَجَلّ من مخرمة وأتقن.
وإن كان البعض تَكلم في سماع الليث من بكير، فقد دفع الإمام أحمد ذلك، فقال عبد الله: سمعت أبي يقول: سمع الليث بن سعد من بكير بن الأشج نحوًا من ثلاثين حديثًا. فقلت: إنهم يحكون عن أبي الوليد أنه سمع الليث يقول: (ما سمعت من بكير شيئًا) فأنكره، وقال: الليث يقول: حدثني بكير بن عبد الله)) (العلل رواية عبد الله 2408).
وقد جاءت رواية الليث هذه مُوافِقة في لفظها لما رواه الثقات عن علي رضي الله عنه.
فقد روى الحديث محمد ابن الحنفية -وهو من أعلم الناس بحديث أبيه -، عن علي رضي الله عنه، وفيه:((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)) رواه البخاري، كما تقدم.
وهذا من أقوى الأدلة على دفع رواية مخرمة؛ وذلك أنه قد ذَكَر في روايته عن أبيه: ((انْضَحْ فَرْجَكَ))، بخلاف الروايات المحفوظة عن علي، ولا حاجة لتكلف الجمع بين رواية النضح ورواية الغسل، كما ذهب إليه بعض العلماء.
رِوَايَةُ: ((فَقُلْتُ لِرَجُلٍ جَالِسٍ إِلَى جَنْبِي: سَلْهُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، وَكَانَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَحْتِي، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ، فَقُلْتُ لِرَجُلٍ جَالِسٍ إِلَى جَنْبِي: سَلْهُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:«فِيهِ الوُضُوءُ» .
[الحكم]:
صحيح دون قوله: ((جَالِسٍ إِلَى جَنْبِي))، فشاذ.
[التخريج]:
[ن 157 واللفظ له / كن 189].
[التحقيق]:
قال النسائي: أخبرنا هناد بن السَّرِي، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن قال: قال علي
…
فذكره.
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، غير أن أبا بكر بن عياش تُكُلِّم
في حفظه؛ ولذا قال الحافظ: " ثقة عابد، إلا أنه لما كَبِر ساء حفظه، وكتابه صحيح"(التقريب 7985).
وقد استَدل ابن حجر بروايته هذه على أن عليًّا رضي الله عنه كان حاضرًا سؤال المقداد كما سبق. وصححه الألباني في (صحيح سنن النسائي 1/ 58).
قلنا: لكن قوله: ((فَقُلْتُ لِرَجُلٍ جَالِسٍ إِلَى جَنْبِي)) شاذٌ لا يثبت.
فقد رواه ابن خزيمة (20) عن أحمد بن مَنيع، ويعقوب بن إبراهيم، ومحمد بن هشام، وفَضَالة بن الفضل الكوفي.
ورواه ابن الجارود (6) - ومن طريقه ابن بشكوال (2/ 513) - عن محمد بن هشام المروزي.
ورواه عبد الله بن أحمد في (زوائده على المسند 1071) عن أبي بحر عبد الواحد بن غياث البصري، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر، وسفيان بن وكيع، وأحمد بن محمد بن أيوب.
ثمانيتهم: عن أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي، به. وفيه عندهم:((فَأَمَرْتُ رَجُلًا فَسَأَلَهُ)).
ولم يذكر واحد منهم في روايته الزيادة التي عند النسائي في وصف الرجل؛ مما يدل على شذوذها، أو أن أبا بكر بن عياش حَدَّث به هنادًا بأخرة بعدما ساء حفظه، فزاد فيه هذه الزيادة، ولم يُتابَع عليها.
بينما توبع أبو بكر بن عياش على اللفظ الذي رواه عنه الجماعة، تابعه الثوري وزائدة. وتقدمت روايتهما.
رِوَايَةُ: ((فَسَأَلَهُ وَأَنَا حَاضِرٌ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ:
…
، فَأَمَرْتُ رَجُلًا فَسَأَلَهُ وَأَنَا حَاضِرٌ، فَقَالَ:((فِيهِ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
صحيح المتن دون قوله: ((وَأَنَا حَاضِرٌ)) فشاذ، وإسناده معلول.
[التخريج]:
[بز 452].
[السند]:
أخرجه البزار في (المسند 452): عن عمر بن الخطاب السجستاني قال: نا أصبغ بن الفرج قال: نا ابن وهب، عن مخرمة بن بُكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس، عن علي، به.
قال البزار: "ولا نعلم روى سليمان بن يسار، عن ابن عباس، عن علي إلا هذا الحديث، ولا له إسناد إلا هذا الإسناد".
[التحقيق]:
هذا إسناد معلول بهذا اللفظ؛ فقد رواه أحمد بن عيسى المصري وهارون بن سعيد الأيلي وحرملة وأحمد ابن أخي ابن وهب وأحمد بن صالح.
خمستهم: عن ابن وهب بسنده إلى علي قال: أَرْسَلْنَا المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ عَنِ المَذْيِ يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ، كَيْفَ يَفْعَلُ بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((تَوَضَّأْ، وَانْضَحْ فَرْجَكَ)).
فهذا هو المحفوظ عن ابن وهب بهذا الإسناد، وقد خرجه مسلم وغيره كما تقدم.
وعليه، فرواية البزار شاذة، وليس الذنب فيها من أصبغ؛ فقد رواه أبو عوانة (834) عن يعقوب بن سفيان الفسوي قال: ثنا أصبغ، أنبأ ابن وهب، عن مخرمة، بمثل رواية الجماعة.
فالخطأ في رواية البزار يدور بينه وبين شيخه وهو بالبزار أَوْلى؛ فقد قال فيه الدارقطني: "ثقة يخطئ كثيرًا، ويتكل على حفظه"(سؤلات السهمي 116).
وقال أيضًا: "البزار يخطئ في الإسناد والمتن، حَدَّث بالمسند بمصر حفظًا، يَنظر في كتب الناس ويُحَدِّث من حفظه، ولم تكن معه كتب، فأخطأ في أحاديث كثيرة، يتكلمون فيه"(سؤالات الحاكم 23).
قلنا: لكن طريق مخرمة قد أُعِل بعلتين - كما تقدم قريبًا -:
الأولى: مخرمة متكلم في سماعه من أبيه.
الثانية: أن مخرمة قد خالفه الليث بن سعد، فرواه عن بُكير عن سليمان بن يسار، فأرسله بلفظ:((اغْسِلْ ذَكَرَكَ)).
رِوَايَةُ: ((لِكُلِّ فَحْلٍ مَاءٌ))، وَزَادَ:((وأُنْثَيَيْهِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ ابْنَتِهِ، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ المَذْيَ، فَقَالَ:((ذَلِكَ مَاءُ الفَحْلِ، وَلِكُلِّ فَحْلٍ مَاءٌ، فَلْيَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).
[الحكم]:
منكر بهذا السياق.
[التخريج]:
[حم 1238 "واللفظ له"/ تخث (السِّفر الثالث 127)].
[السند]:
قال أحمد: حدثنا يزيد، أخبرنا شريك، عن الرُّكين بن الربيع، عن حصين بن قبيصة، عن علي، به.
ورواه ابن أبي خيثمة في (تاريخه-السِّفر الثالث) عن ابن الأصبهاني، عن شريك، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: حصين بن قبيصة، مجهول، وقد تقدم تفصيل حاله قريبًا.
الثانية: شريك بن عبد الله النخَعي: سيء الحفظ، وفي (التقريب 2787):((صدوق يخطئ كثيرًا)).
قلنا: وقد انفرد بسياقته هذه حيث زاد فيه: ((ذَلِكَ مَاءُ الفَحْلِ، وَلِكُلِّ فَحْلٍ مَاءٌ، فَلْيَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).
وقد خالفه زائدة بن قدامة - وهو ثقة ثبت- وعبيدة بن حميد وغيرهما، فرووه عن الركين، فلم يذكروا (ماء الفحل) ولا (غسل الأُنْثَيَيْن).
وعليه: فرواية شريك بهذه الزيادات منكرة، وقد ورد ذكر (الأُنْثَيَيْن) من طرق أخرى، كما تراه في الرواية التالية.
رِوَايَةُ: أَمَرْتُ المِقْدَادَ - بزيادة: ((وَأُنْثَيَيْهِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، وَكُنْتُ أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ:((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ، وَيَتَوَضَّأُ [وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ])).
[الحكم]:
صحيح دون ذكر (الأنثيين)، فمختلف فيه:
فذهب إلى عدم ثبوتها: الإمام أحمد، وعبد الحق الإشبيلي، وابن بزيزة، وابن رجب.
وصححها: أبو عوانة، وأبو بكر الفقيه الحنبلي - المعروف بغلام الخلال -، والضياء المقدسي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن سيد الناس، ومغلطاي، وابن الملقن، وابن حجر، والألباني.
والراجح: عدم ثبوتها.
[التخريج]:
[د 208 / حم 1009 "واللفظ له" / عه 835 / معر 1010، 1438].
[التحقيق]:
انظره عقب الروايات الآتية.
رِوَايَةُ ((يَغْسِلُ مَذَاكِيرَهُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: قُلْتُ لِلمِقْدَادِ: إِذَا بَنَى الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ فَأَمْذَى وَلَمْ يُجَامِعْ، فَسَلِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ وَابنَتُهُ تَحْتِي! فَسَأَلَهُ فَقَالَ:((يَغْسِلُ مَذَاكِيرَهُ، وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).
[الحكم]:
صحيح دون قوله: ((مذاكيره)) فشاذ.
[الفوائد]:
المَذَاكير: الذَّكَر مع الخُصيتين (معجم لغة الفقهاء، ص 214).
وقال ابن خَروف: إنما جَمَعه مع أنه ليس في الجسد إلا واحد، بالنظر إلى ما يتصل به، وأطلق على الكل اسمه، فكأنه جعل كل جزء من المجموع كالذكر في حكم الغسل، فيعم غسل الخصيتين وحواليهما معه. (الكواكب الدراري للكرماني 3/ 120) و (هدي الساري، ص 119) و (الفتح 1/ 369)، و (كوثر المعاني 5/ 388) و (حاشية السيوطي على النسائي 1/ 96 - 98).
[التخريج]:
[ن 158 واللفظ له/ كن 190/ إمام (3/ 409)].
[التحقيق]:
انظره عقب الروايات الآتية.
رِوَايَةُ: زَادَ: ((لَمْ يَمَسَّهَا))، وَ ((أُنْثَيَيْهِ))، وَ ((لْيُصَلِّ)).
وَفِي رِوَايَةٍ: ((قُلْتُ لِلْمَقْدَادِ: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي تَحْتِي ابْنَتُهُ، سَأَلْتُهُ عَنْ أَحَدِنَا إِذَا اقْتَرَبَ مِنَ الْمَرْأَةِ فَأَمْذَى، وَلَمْ يَمْلِكْ، وَلَمْ يَمَسَّهَا، فَسَأَلَ الْمَقْدَادُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَمْذَى أَحَدُكُمْ وَلَمْ يَمَسَّهَا، فَلْيَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ، ثُمَّ لِيَتَوَضَّأْ وَلْيُصَلِّ))
[الحكم]:
صحيح دون قوله: ((لَمْ يَمَسَّهَا))، وَ ((أُنْثَيَيْهِ))، وَ ((لْيُصَلِّ)) فشاذ.
[التخريج]:
[ليثن 1385 واللفظ له].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رِوَايَةُ جَعْلِ الوُضُوءِ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((
…
إِذَا مَا أَمْذَى أَحَدُكُمْ وَلَمْ يَمَسَّهَا، فَلْيَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ)). وَكَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ: لِيَتَوَضَّأْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ كَوُضُوئِهِ لِلصَّلَاةِ.
[الحكم]:
صحيح دون قوله: ((وأنثييه)) فشاذ.
[التخريج]:
[عب 608، 609/ طب (20/ 238/ 563)].
[التحقيق]:
هذه الرواية لها ثلاثة طرق:
الطريق الأول: رواه هشام بن عروة، واختُلف عليه على أربعة أوجه:
الوجه الأول: عن هشام عن أبيه عن علي مرفوعًا، به.
رواه أحمد (1009) عن وكيع.
ورواه عبد الرزاق (608، 609) - ومن طريقه الطبراني في (الكبير) -: عن معمر وابن جريج. وفي رواية عبد الرزاق في آخره، قال: كَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ: «لِيَتَوَضَّأْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ كَوُضُوئِهِ لِلصَّلَاةِ» . فجَعَل الأمر بالوضوء من قول عروة، ولم يذكر الطبراني قول عروة.
ورواه النسائي في (الصغرى) و (الكبرى) - ومن طريقه ابن دقيق العيد في (الإمام) - من طريق جرير بلفظ: ((وَمَذَاكِيرَهُ)).
ورواه ابن الأعرابي في (المعجم 1438) من طريق أبي معشر.
ورواه ابن أبي داود في (العاشر من المنتقى من حديث الليث) من طريق الليث بن سعد.
ورواه ابن السكن - كما في (بغية النقاد النقلة 2/ 208) - من طريق المُفضَّل بن فَضَالة.
ورواه ابن أيمن - كما في (بغية النقاد النقلة 2/ 208) - من طريق سفيان الثوري.
وعَلَّقه أبو داود - وتبعه البيهقي -: عن الثوري، والمفضل، وابن عيينة.
تسعتهم: عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال علي
…
فذَكَره.
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، غير أنه مُعَل بالانقطاع بين عروة وعلي بن أبي طالب.
قال أبو حاتم الرازي: "عروة بن الزبير عن علي مرسل"(المراسيل 541)، وتبعه ابن دقيق العيد في (الإمام 3/ 447).
وكذا قال أبو زرعة (جامع التحصيل 515).
وقال عبد الحق الإشبيلي: ((لم يسمع عروة من علي رضي الله عنه)(الأحكام الوسطى 1/ 137).
وبهذا أعله أبو داود في (التفرد) -كما نقله مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 102) -، والمنذري في (مختصر سنن أبي داود 1/ 148)، وابن العطار في (العدة في شرح العمدة 1/ 177)، وابن سيد الناس في (النفح الشذي 3/ 12)، ومغلطاي (شرح ابن ماجه 2/ 102)، وابن الملقن (الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 1/ 653، والبدر المنير 2/ 417)، وابن حجر في (التلخيص الحبير 1/ 206)، والعيني في (شرح أبي داود 1/ 478).
غير أن أبا داود قد أشار إلى اتصاله من وجه آخر، حيث قال في (كتاب التفرد):
"وحديث هشام عن أبيه عن علي ليس بمتصل، إلا أن ابن إسحاق قال: عن عروة عن المقداد عن علي"(شرح مغلطاي 2/ 102).
ولذا قال مغلطاي: "فإن كان لم يسمعه من علي، كان متصلًا بوساطة المقداد كما ذكره أبو داود"(شرح مغلطاي على ابن ماجه 2/ 102).
ولكن رواية ابن إسحاق تلك معلة بالمخالفة، وسيأتي ذكرها قريبًا.
وقد خالف الشيخ أحمد شاكر القول بانقطاعه، فذهب في تعليقه على (المسند 2/ 40) إلى تصحيح سماع عروة من علي رضي الله عنه.
واستظهره الألباني في (صحيح أبي داود 1/ 377).
وما استدل به الشيخ شاكر هو دليل قوي على انقطاعه، وليس العكس، وهو ما سيأتي في:
الوجه الثاني: عن هشام عن أبيه عن حديث حدثه عن علي مرفوعًا، به.
رواه أبو داود في (السنن 208) قال حدثنا القعنبي، قال: حدثنا أبي، عن هشام بن عروة، به.
فقوله: "حدثه" إن قرئ مبنيًّا للمجهول دل على وجود واسطة بينهما؛ ولذا قال مغلطاي - معقبًا على المنذري -: "لا حاجة بنا إلى ذكر قول أبي حاتم: (عروة عن علي مرسل)؛ لكونه صرح في نفس السند بالانقطاع بقوله: (حدثه عن علي) "(شرح ابن ماجه 2/ 102).
الوجه الثالث: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المقداد، عن علي مرفوعًا، بنحوه دون ذكر ((الأنثيين)).
رواه أحمد في (المسند 16725، 23808)، وغيره: من طريق محمد بن
إسحاق عن هشام، به.
ورجاله ثقات غير محمد بن إسحاق، صدوق يدلس، وقد عنعن.
كما أن ذِكرَ (المقداد) وَهْمٌ من ابن إسحاق؛ لمخالفة الجماعة له على عدم ذكره. وابن إسحاق لا يقوى على مخالفة الثوري وحده، فكيف بمن معه؟ !
وقد أشار أبو داود إلى ذلك، فقال: ((ورواه المفضل بن فضالة والثورى وابن عيينة، عن هشام، عن أبيه، عن عليّ
(1)
. ورواه ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المقداد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر (أنثييه))) (السنن عقب 208).
وقال الدارقطني: "وخالفه أصحاب هشام بن عروة، منهم: سفيان الثوري، وحماد بن زيد، ويحيى بن سعيد القطان، وسفيان بن عيينة، وجرير، ووكيع، وعمر بن علي المُقَدَّمي، وابن جريج، وليث بن سعد، وعبدة بن سليمان، وأبو حمزة، ومفضل بن فضالة
…
وغيرهم، فرووه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن علي. لم يذكروا فيه المقداد. وقولهم أَوْلى بالصواب من قول ابن إسحاق؛ لاتفاقهم على خلافه" (العلل 296).
(1)
- جاء في مطبوع السنن قبل هذه العبارة بقليل: ((قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِقْدَادِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)! !
وهذا خلاف ما ذُكر أعلاه، ففي العبارة اضطراب، والمذكور أعلاه هو الموافق لما في مراجع التخريج.
وقد نقل المزي في (التحفة 7/ 4333)، وابن دقيق في (الإمام 1/ 446) كلام أبي داود عن رواية الثوري، وليس فيه ذِكر للمقداد.
الوجه الرابع: عن هشام بن عروة، عن عروة: أن علي بن أبي طالب قال للمقداد
…
هكذا مرسلًا.
رواه أبو داود (207)، والخطيب في (الفقيه والمتفقه 1005) من طريق زهير.
وأحمد (1035) عن يحيى بن سعيد.
والبيهقي في (السنن الكبير 4185)، وغيره من طريق حماد بن زيد.
والشاشي في (مسنده 1533/ 1) من طريق حماد بن سلمة.
أربعتهم: عن هشام، عن أبيه، به.
وفي رواية الخطيب في (الفقيه) زاد: ((وَلْيُصَلِّ)).
وهذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه مرسل.
قلنا: هذه الأوجه الأربعة رواتها ثقات، وجميعها ترجع إلى هشام، ولعل الاختلاف منه.
وقد قال الأثرم: قال أحمد: ((كأن رواية أهل المدينة عنه أحسن. أو قال: أصح. وقال: كان يحيى بن سعيد يرسل الأحاديث التي يسندونها. يعني أنه كان يرسل عن هشام كثيرًا. قال: فقلت له: هذا الاختلاف عن هشام، منهم مَن يرسل، ومنهم مَن يُسند عنه، مِن قبِله كان؟ فقال: نعم)).
وقال الأثرم أيضًا: قال أبو عبد الله: ((ما أحسنَ حديثَ الكوفيين عن هشام بن عروة! أسندوا عنه أشياء. قال: وما أرى ذاك إلا على النشاط. يعني أن هشامًا ينشط تارة فيُسند، ثم يرسل مرة أخرى)). (شرح علل الترمذي 2/ 679).
قال القاضي إسماعيل: ((بلغني عن علي بن المديني أن يحيى القطان كان يُضَعِّف أشياء حَدَّث بها هشام بن عروة في آخر عمره؛ لاضطراب حفظه بعد ما أسن. والله أعلم. وسمعت علي بن نصر وغيره يذكرون نحو هذا عن يحيى بن سعيد)) (شرح علل الترمذي 2/ 682).
وقال يعقوب بن شيبة: ((هشام مع تثبته ربما جاء عنه بعض الاختلاف، وذلك فيما حَدَّث بالعراق خاصة، ولا يكاد يكون الاختلاف عنه فيما يفحش، يسند الحديث أحيانًا ويرسله أحيانًا، لا أنه يقلب إسناده. كأنه على ما يَذكر من حفظه، يقول: عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتقنه أسنده، وإذا هابه أرسله.
وهذا فيما نرى أن كتبه لم تكن معه في العراق فيرجع إليها. والله أعلم)) (شرح علل الترمذي 2/ 769).
وقد فَهِم صاحب (عون المعبود) من كلام أبي داود أنه يشير إلى إعلاله بالاضطراب، فقال: "اعلم أن المؤلف رحمه الله ذكر هاهنا ثلاثة تعاليق
…
لأغراض ثلاثة
…
ثالثها: الإشعار بالاضطراب الذي وقع في رواية هشام بن عروة عن أبيه. فإن زهيرًا يرويه عن هشام بن عروة عن أبيه: أن علي بن أبي طالب قال للمقداد. والثوري والمفضل بن فضالة وابن عيينة يروونه عن هشام عن أبيه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومَسْلَمة يرويه عن هشام عن أبيه عن حديث حدثه عن علي قال: قلت للمقداد. وابن إسحاق يرويه عن هشام عن أبيه عن المقداد عن النبي صلى الله عليه وسلم" (عون المعبود 1/ 245، 246).
الطريق الثاني:
أخرجه أبو عوانة في (المستخرج 835) قال: حدثنا موسى بن سهل قال:
ثنا محمد بن عبد العزيز ويزيد بن خالد بن مُرَشَّل، قالا: ثنا سليمان بن حيان، عن هشام بن حسان الأزدي، عن محمد بن سيرين، عن عَبيدة السلماني، عن علي بن أبي طالب، به.
وهذا إسناد حسن إن كان ابن حيان حفظه؛ فموسى بن سهل هو ابن قادم أبو عمران الرملي، قال فيه الحافظ:"ثقة"(التقريب 6972). ومحمد بن عبد العزيز هو الرملي، قال الحافظ:"صدوق يهم، وكانت له معرفة"(التقريب 6093). وقد تابعه يزيد بن خالد بن مُرَشَّل، وهو ثقة كما في (الجرح والتعديل 9/ 259).
وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن سليمان بن حيان أبا خالد الأحمر فيه كلام من جهة حفظه؛ ولذا قال فيه ابن حجر: "صدوق يخطئ"(التقريب 2547).
وقد صححه من هذا الطريق أبو عوانة، حيث خرجه في صحيحه، وكذلك الضياء فيما نقله عنه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 108)، وأقرهما عليه.
وبهذا الطريق تَعَقَّب مغلطاي وابن الملقن على عبد الحق وابن القطان في تضعيفهما حديث عبد الله بن سعد الآتي قريبًا. انظر (شرح ابن ماجه 2/ 108)، و (البدر المنير 2/ 418).
وأشار ابن القيم إلى ثبوته من هذا الطريق بقوله: "وقد رواه أبو عوانة في صحيحه
…
وهذا متصل" (الحاشية 1/ 246).
وقال ابن حجر: "إسناده لا مطعن فيه"(التلخيص الحبير 1/ 206). وأقره صاحب (عون المعبود 1/ 245).
وصحح الألباني سنده في (صحيح أبي داود 1/ 380).
واختار ((غسل الأنثيين)) أبو بكر عبد العزيز بن جعفر غلام الخلال، وذَكَر أن الحديث صح بذلك. انظر (فتح الباري لابن رجب 1/ 305).
قلنا: لكن زيادة ((الأنثيين)) في حديث عبيدة السلماني شاذة؛ وذلك أن الحديث قد رُوِي عن أبي خالد الأحمر عن هشام، بدون ذكر:((الأنثيين))،
رواه الخطيب في (المتفق 3/ 1977) من طريق يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو محمد مَخْلَد بن مالك بن جابر بن شيبان القرشي الحراني بسلمسين، حدثنا سليمان بن حيان، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ:((مِنْهُ الوُضُوءُ)).
وهذا إسناد جيد، فمَخْلَد بن مالك، قال عنه أبو زرعة:((لا بأس به، خرجتُ إلى قريته على فرسخين من حران، فكتبتُ عنه)). وقال أبو حاتم: ((شيخ)) (الجرح والتعديل 8/ 349)، وذَكَره ابن حبان في (الثقات 9/ 186). ولَخَّص حاله ابن حجر فقال:((لا بأس به)) (التقريب 6539).
وهذا الرواية هي الأرجح؛ لموافقتها ما رواه ابن الحنفية عن علي كما تقدم.
وقد توبع هشام بن حسان عليه، تابعه أشعث بن عبد الملك، عند البزار في (مسنده 553) من طريق رَوْح بن عُبَادة، عن أشعث، عن محمد بن سيرين، به. ولكن أحال متنه على الرواية التي تسبقها، وهي رواية روح بن عبادة، عن أشعث، عن الحسن، قال: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:((فِيهِ الوُضُوءُ)).
وقال البزار عقبه: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن أشعث، إلا روح بن
عبادة".
كذا قال، وقد توبع روح، تابعه عيسى بن يونس، رواه إسحاق بن راهويه في (مسنده) - كما في (نصب الراية 1/ 94) - قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثَنَا الأَشْعَثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ المَذْيِ فَقَالَ:((كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، فَيَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)).
الطريق الثالث:
رواه ابن الأعرابي في (المعجم 1010) قال: نا إبراهيم العَبْسي، نا وكيع، عن الأعمش، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية، عن علي، به.
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين عدا إبراهيم العبسي، وهو ابن عبد الله القصار، ذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 88)، وقال الدارقطني:"لا بأس به"(سؤالات الحاكم 41)، وقال مسلمة:((كوفي لا بأس به)) (الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة 2/ 202)، وقال الذهبي: "شيخ كوفي عالي الإسناد
…
وهو راوي نسخة وكيع، صدوق مُعَمَّر" (تاريخ الإسلام 6/ 508)، وقال في (السير 13/ 43): "صدوق جائز الحديث".
ولكن ذكر (الأنثيين) في هذا الطريق وهمٌ؛ فقد رواه الحافظ أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني في (مستخرجه 832) عن إبراهيم العبسي عن وكيع بلفظ: ((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)).
وتابع أبا عوانة: محمدُ بن علي بن دُحيم الشيباني، أخرجه البيهقي في (السنن الكبرى 565) و (الصغرى 22)، والخطيب في (الأسماء المبهمة 5/ 389)، وغيرهما.
وهذه الرواية هي الأرجح؛ لأن الحديث رواه جماعة من الحفاظ عن وكيع موافقة لها، وهم:
1 -
أحمد في (مسنده 1010).
2 -
ابن أبي شيبة، وعنه مسلم (303).
3 -
محمد بن عبد الله بن نمير، عند عبد الله في (زوائده على المسند 606).
4 -
عمرو بن عبد الله الأودي، عند البزار في (مسنده 651).
أربعتهم: عن وكيع عن الأعمش، به، دون ذكر ((الأنثيين)).
وكذلك رواه بقية أصحاب الأعمش: الثوري، وشعبة، وهشيم، وأبو معاوية، وجرير، وعبد الله بن داود
…
وغيرهم، كما سبق في الصحيحين وغيرهما.
قلنا: هذه الطرق الثلاثة لا يكاد يصفو منها طريق لإثبات لفظة ((الأنثيين)) إلا في طريق (هشام بن عروة، عن أبيه، عن علي) وهي منقطعة لا تصلح للاحتجاج.
ولذا قال الإمام أحمد: ((ما قال (غسل الأنثيين) إلا هشام بن عروة- يعني: في حديث علي- فأما الأحاديث كلها فليس فيها ذا)) (مسائل أحمد، رواية أبي داود ص 24).
وقال عبد الحق الإشبيلي: ((زاد أبو داود (غسل الأنثيين) خرجه من حديث عروة عن علي، ولم يسمع عروة من علي، والمحفوظ من رواية الثقات أنه قول عروة، ولا يصح أيضًا عن غيره
(1)
)) (الأحكام الوسطى 1/ 137).
(1)
أي: غير طريق عروة.
وقال ابن بزيزة المالكي: ((الوضوء من مس الأنثيين لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم)(روضة المستبين في شرح كتاب التلقين 1/ 222).
وأشار ابن رجب إلى ضعف هذه الطرق، فقال:((وقد رُوي في حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ) من وجوه قد تُكُلِّم فيها)) (فتح الباري 1/ 305).
رِوَايَةُ: أَمَرْتُ المِقْدَادَ، وزاد ((وَمِنَ المَنِيِّ الغُسْلُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((مِنْهُ الوُضُوءُ، وَمِنَ المَنِيِّ الغُسْلُ)).
[الحكم]:
صحيح دون قوله: ((وَمِنَ المَنِيِّ الغُسْلُ)) فلا يصح. وهذا إسناد ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[عل 314].
[السند]:
قال أبو يعلى: حدثنا عبيد الله، حدثنا أيوب بن واقد الكوفي، حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي بن أبي طالب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ آفته أيوب بن واقد الكوفي، وهو:((متروك)) كما في (التقريب 630).
وفيه أيضًا: يزيد بن أبي زياد، ((ضعيف، كَبِر فتغير، وصار يتلقن)) (التقريب 7717).
وهذه اللفظة بيزيد أليق؛ فقد رُويت عنه من طرق كثيرة، كما سيأتي في الروايات الآتية.
رِوَايَةُ: أَمَرْتُ المِقْدَادَ- وَزَادَ: ((إِنَّ كُلَّ فَحْلٍ يُمْذِي))
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَجِدُ مَذيًا، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؛ لأَنَّ ابْنَتَهُ عِنْدِي؛ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ، فَقَالَ:((إِنَّ كُلَّ فَحْلٍ يُمْذِي؛ فَإِذَا كَانَ المَنِيُّ فَفِيهِ الغُسْلُ، وَإِذَا كَانَ المَذْيُ فَفِيهِ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
صحيح المتن دون قوله: ((إِنَّ كُلَّ فَحْلٍ يُمْذِي؛ فَإِذَا كَانَ المَنِيُّ فَفِيهِ الغُسْلُ)) فلا يصح.
[التخريج]:
[ش 972 "واللفظ له"، 973/ طح (1/ 46) / مشكل 2698].
[التحقيق]:
له طريقان:
الطريق الأول:
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 973) قال: حدثنا هشيم، عن الأعمش، عن منذر، عن محمد ابن الحنفية - قال: سمعته يحدث - عن أبيه، به.
ورواه الطحاوي في (المشكل 2698)، و (معاني الآثار 1/ 46) من طريق هشيم قال: أنبأنا الأعمش، به.
وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ ولذا صححه الألباني في (صحيح أبي داود 1/ 383).
ولكن خالف هشيمًا جماعةٌ من أصحاب الأعمش، فرووه عنه دون قوله:((إِنَّ كُلَّ فَحْلٍ يُمْذِي؛ فَإِذَا كَانَ المَنِيُّ فَفِيهِ الغُسْلُ))، وهم:
1 -
الثوري، عند عبد الرزاق في (مصنفه 610)، وغيره.
2 -
شعبة، عند مسلم (18/ 303)، وغيره.
3 -
عبد الله بن داود الخُرَيْبي، عند البخاري (132)، وغيره.
4، 5 - وكيع وأبو معاوية، عند مسلم (17/ 303)، وغيره.
6 -
جرير، عند البخاري (178)، وغيره.
7 -
الحجاج بن أرطأة، عند عبد الله في (زوائده على المسند 811).
سبعتهم: عن الأعمش عن أبي يعلى المنذر بفظ: ((فِيهِ الوُضُوءُ))، وفي رواية وكيع:((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)).
ولم يذكر واحد منهم ما ذكر هشيم من قوله: ((إِنَّ كُلَّ فَحْلٍ يُمْذِي؛ فَإِذَا كَانَ المَنِيُّ فَفِيهِ الغُسْلُ)).
وهشيم وإن كان ثقة، ولكن روى هذه اللفظة بأسانيد ثلاثة:
الإسناد الأول: هشيم، عن الأعمش، عن أبي يعلى المنذر، عن ابن الحنفية، عن علي، به.
وقد تقدم مخالفة الجماعة لهشيم على هذه الألفاظ، ولم يتابعه أحد من أصحاب الأعمش على إثباتها.
الإسناد الثاني: هشيم، عن منصور، عن الحسن البصري، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنْتُ أَجِدُ مَذْيًا، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؛ لأَنَّ ابْنَتَهُ عِنْدِي، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:((إِنَّ كُلَّ فَحْلٍ يُمْذِي، فَإِذَا كَانَ المَنِيُّ فَفِيهِ الغُسْلُ، وَإِذَا كَانَ المَذْيُ فَفِيهِ الوُضُوءُ)).
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 972) عن هشيم، به.
وهذا هو الطريق الثاني لهذه الرواية.
ورجاله ثقات، ولكن الحسن البصري رأى عليًّا ولم يسمع منه كما قال أبو زرعة وغير واحد من الأئمة. انظر (المراسيل لابن أبي حاتم ص 31)، و (جامع التحصيل ص 162).
وعليه: فالسند منقطع.
ومنصور بن زاذان وإن كان ثقة، فقد خالفه أشعث بن عبد الملك، فرواه البزار (552) من طريق أشعث، عن الحسن عن علي مرفوعًا، مقتصرًا على قوله:((فِيهِ الوُضُوءُ))، ولم يذكر:((إِنَّ كُلَّ فَحْلٍ يُمْذِي، فَإِذَا كَانَ المَنِيُّ فَفِيهِ الغُسْلُ)).
ورواية أشعث هذه مُوافِقة لما رواه ابن الحنفية عن علي، كما تقدم في الصحيحين.
قلنا: ورواية منصور عن الحسن بهذه الزيادات انفرد بها هشيم عن منصور، كما تقدم، وهي إحدى أسانيد هشيم الثلاثة التي أشرنا إليها.
الإسناد الثالث: هشيم، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((فِيهِ الوُضُوءُ، وَفِي المَنِيِّ الغُسْلُ)).
رواه ابن أبي شيبة (971) عن هشيم، به.
وتابع ابنَ أبي شيبة:
الحسنُ بن عرفة، وحميد بن الربيع، عند الطوسي في (مستخرجه 97).
وسعيد بن منصور، عند الطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 46).
وهذا إسناد رجاله ثقات، غير يزيد بن أبي زياد، وهو ((ضعيف، كَبِر
فتغير، وصار يتلقن)) (التقريب 7717).
وهذه الألفاظ عن يزيد رواها عنه غير هشيم غير واحد، واضطرب عليه لفظه، كما سيأتي في الروايات الآتية.
فالذي نميل إليه هو عدم ضبط هشيم لهذا الحديث؛ لأنه جعل اللفظ المشهور عن يزيد بن أبي زياد - وهو قوله: ((مِنَ المَنِيِّ الغُسْلُ)) - لحديث الأعمش ومنصور. وقد تقدمت مخالفة أصحاب الأعمش له. وكذا مخالفة أشعث بن عبد الملك له عن منصور.
رِوَايَةُ: سَأَلْتُ، وفيها:((وَمِنَ المَنِيِّ الغُسْلُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ (1): عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: [كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَـ]ـسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((مِنَ المَذْيِ الوُضُوءُ، وَمِنَ المَنِيِّ الغُسْلُ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ (2): ((كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: ((فِي المَذْيِ الوُضُوءُ، وَفِي المَنِيِّ الغُسْلُ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ (3): ((سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ: ((فِيهِ الوُضُوءُ، وَفِي المَنِيِّ الغُسْلُ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ (4): ((
…
فِيهِ الوُضُوءُ وَيَغْسِلُهُ، وَفِي المَنِيِّ الغُسْلُ)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق، وضَعَّفه: ابن سيد الناس، ومغلطاي، والشوكاني.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [ت 115 "واللفظ له"/ حم 662/ عم 891 والزيادة له ولغيره، 893، 977/ طس 6009/ جعفر 139/ ضيا (2/ 266/644)، (2/ 266/645) / ضح (2/ 170) / مبرد (اتصال 22)].
تخريج السياق الثاني: [حم 869].
تخريج السياق الثالث:] جه 507/ ش 971 واللفظ له/ طوسي 97/ مشكل 2700/ طح (1/ 46) / استذ (3/ 22) / تمهيد (21/ 207) [.
تخريج السياق الرابع: [عل 457 واللفظ له/ بز 629، 630/ لي 213 "رواية ابن البيع"].
[التحقيق]:
مدار هذه الروايات على يزيد بن أبي زياد، واضطرب عليه متنه، على النحو التالي:
فرواه الترمذي في (جامعه 115) قال: حدثنا محمد بن عمرو السواق البلخي، قال: حدثنا هشيم، عن يزيد بن أبي زياد (ح) وحدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا حسين الجُعْفي، عن زائدة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((مِنَ المَذْيِ الوُضُوءُ، وَمِنَ المَنِيِّ الغُسْلُ)).
فقال في هذه الرواية: ((سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
…
)).
وقد سبقت رواية ابن أبي شيبة في (المصنف 971)، وغيره، عن هشيم عن يزيد، وفيها: ((سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ
…
)). بإبهام السائل.
ولكن تابع هشيمًا على اللفظ الأول غير زائدة بن قدامة:
خالد الواسطي، عند عبد الله بن أحمد في (زوائده على المسند 891).
وعلي بن عاصم، عند أبي جعقر البختري في (مجموع له 139).
وأبو جعفر الرازي، عند أحمد في (المسند 662).
وعبد العزيز بن مسلم عند الخطيب في (موضح أوهام الجمع 2/ 170).
وأبو يزيد القسملي، عند عبد الله بن أحمد في (زوائده على المسند 893، 977).
وزُفَر بن الهُذَيْل، عند الطبراني في (الأوسط 6009).
ورواه البزار في (مسنده 630)، وغيره، من طريق جرير بن عبد الحميد
عن يزيد، بنحو رواية الجماعة المتقدمين، ولكن زاد فيه:((وَتَغْسِلُهُ))، وهذه- والله أعلم- شاذة لمخالفة الجماعة المتقدمين وغيرهم لجرير فلم يذكروها.
وقد جاءت لها متابعة عند البزار (629) فرواه عن محمد بن المثنى، عن محمد بن فُضيل، عن يزيد بسنده، فذَكَرها.
ولكن خالف ابنَ المثنى إسحاقُ بن إسماعيل، عند عبد الله في (زوائده على المسند 890)، فرواه عن يزيد بدونها، وكذا لم يذكر ((غسل المني)).
ورواه أحمد في (المسند 869)، عن عبيدة بن حميد، عن يزيد بن أبي زياد، بلفظ:((فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ)) لم يجزم فيمن سأل النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر زيادة:((وَتَغْسِلُهُ)).
قلنا: مدار هذه الروايات على يزيد بن أبي زياد، وهو القرشي الهاشمي الكوفي، ضَعَّفه ابن معين وغيره. وقال فيه الحافظ:"ضعيف، كبر فتغير، وصار يَتلقن، وكان شيعيًّا"(التقريب 7717).
ومع هذا قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، وقد رُوي عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم، من غير وجه".
وقال بدر الدين العيني: ((وهو جيد حسن، ورجاله ثقات)) (نخب الأفكار 1/ 425).
فتعقبه مغلطاي فقال: ((وأما تصحيح الترمذي حديث يزيد ففيه نظر؛ لِما عُلِم من اختلاف نظره فيه: فتارة يصحح حديثه، وتارة يُحَسِّنه، وتارة يُضَعِّفه، وإذا صحح حديثًا استدركه عليه، اللهم إلا أن يكون تصحيحه حديثه بالنظر لما عضده من متابعات وشواهد وغير ذلك)) (شرح ابن ماجه
2/ 99).
وكذا تعقبه ابن سيد الناس فقال: ((قد صحح الترمذي هذا الحديث. وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو وإن كان مسلم قد انفرد بإخراج حديثه مقرونًا بغيره، في كتاب الأطعمة، فقد تكلم فيه بعضهم
…
)). إلى أن قال: ((وأخرج له في الصحيحين، فلعل التصحيح والتحسين في ذلك بمشاركة الأمور الخارجة عن نفس السند؛ من اشتهار المتون أو غرابتها أو اشتهار طرقها أو عدم ذلك.
وأيضًا: فهو من رواية ابن أبي ليلى عن علي، وقد قيل: لم يسمعه منه)) (نفح الشذى 2/ 462 - 466).
وقال بنحو كلامه الشوكاني في (نيل الأوطار 1/ 274).
قلنا: ولم نقف على أحد أنكر سماع عبد الرحمن من علي، وروايته عنه في الصحيحين، وقد أثبت سماعه من علي جماعة من الأئمة، منهم: ابن معين كما في (تاريخ دمشق 36/ 88)، والبخاري في (التاريخ الكبير 5/ 368)، وقال مسلم في (مقدمة الصحيح 1/ 34)، حيث قال:((وصَحِب عليًّا)).
روايةُ ((فَأَمَرْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ (1): كُنْتُ رَجُلًّا مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَسْأَلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ ابْنَتِهِ عِنْدِي، فَقَالَ:((يَكْفِي مِنْ ذَلِكَ الوُضُوءُ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ (2): كُنْتُ أَجِدُ مِنَ المَذْيِ شِدَّةً، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتِ ابْنَتُهُ عِنْدِي، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ، فَأَمَرْتُ عَمَّارًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ:((إِنَّمَا يَكْفِي مِنْهُ الوُضُوءُ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ (3): قُلْتُ لِعَمَّارٍ: سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ؛ فَإِنَّ ابْنَتَهُ تَحْتِي، وَإِنِّي أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَهُ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ:((إِذَا وَجَدَ ذَاكَ، فَلْيَتَوَضَّأْ)).
[الحكم]:
منكر بذكر عمار، والمحفوظ أن عليًّا أَمَر المقداد فسأل، كما في الصحيحين. وقال البيهقي:((حديث المقداد أصح))، وقال الألباني:((منكر بذكر عمار))، وهذا إسناد ضعيف مضطرب.
[الفوائد]:
قال البيهقي: "وقوله: (يَكْفِي مِنْهُ الوُضُوءُ) يريد نفي وجوب الغسل، فلا يُستدل به على نفي وجوب الاستنجاء؛ فقد روينا عنه في هذه القصة بعينها أنه أَمَر فيها بغسل الفرج والوضوء جميعًا".
وذهب ابن خزيمة وغيره إلى أن هذه الرواية تَصرف الأمر بما سوى الوضوء من الوجوب إلى الاستحباب.
وسياق الأحاديث يشهد للبيهقي.
[التخريج]:
[ن 159 "واللفظ له" / كن 193/ حم 18892/ عل 456 والسياقة الثالثة له/ حمد 39 والسياقة الثانية له / طوسي 99/ مشكل 2703/ طح (1/ 47) / عق (1/ 166) / هقع 1413/ تمهيد (21/ 203) / غو (2/ 514) / مخلص 2006 / كما (14/ 101)].
[السند]:
أخرجه النسائي في (الصغرى والكبرى) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن عائش بن أنس، أن عليًّا، به.
ورواه (أحمد، والحميدي) عن سفيان، به.
وذكرا أن عائش بن أنس سمعه من علي على منبر الكوفة.
ومداره عند الجميع على سفيان بن عيينة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
العلة الأولى: عائش بن أنس؛ ترجم له البخاري في (التاريخ 7/ 88)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 7/ 40)، وذَكَره ابن حبان في (الثقات 5/ 285)، ولم يذكروا فيمن روى عنه غير عطاء بن أبي رباح، ولا روايته عن غير علي. ولذا قال ابن خراش:((مجهول)) (ميزان الاعتدال 4104)، وقال ابن حجر:((مقبول)) (التقريب 3119).
وظاهر رواية عائش هذه أنها مخالفة لما سبق في الصحيحين وغيرهما، من أن الذي أمره عليّ بالسؤال إنما هو المقداد وليس عمارًا.
وقد أشار سفيان بن عيينة إلى هذه المخالفة عقب روايته للحديث فقال: "وأهل الكوفة يقولون: قال علي: أمرتُ المقداد"(معرفة السنن والآثار 1/ 266).
قال البيهقي: "حديث المقداد أصح"(المعرفة 1/ 266).
وحَكَم الألباني على رواية عائش هذه بالنكارة، فقال:((منكر بذكر عمار)) (ضعيف النسائي 154).
ومع هذا قال العيني: ((جيد، وعايش -بالياء آخر الحروف وفي آخره شين معجمة- وثقه ابن حبان)) (نخب الأفكار 1/ 427).
العلة الثانية: أن عطاء بن أبي رباح اختُلف عليه في هذا الحديث اختلافًا كثيرًا، فروى عنه هذا الحديث أربعة من الثقات:
الأول: عمرو بن دينار، واختُلف عليه على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: رواية سفيان المتقدمة، وفيها تصريح عائش السماع من علي رضي الله عنه، وفيها -أيضًا-:((أن عليًا أمر عمارًا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي)).
الوجه الثاني: رواه عبد الرزاق في (المصنف 607) -ومن طريقه العقيلي في (الضعفاء 1/ 166)، والطبراني في (المعجم الكبير 20/ 238/562) - عن معمر، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عَنْ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ لِلمِقْدَادِ: سَلْ لِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُلَاعِبُ امْرَأَتَهُ وَيُكَلِّمُهُا فَيُمْذِي؛ فَلَوْلَا أَنِّي أَسْتَحْيِي وَأَنَّ ابْنَتَهُ تَحْتِي لَسَأَلْتُهُ! فَسَأَلَ المُقْدَادُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((لِيَغْسِلْ ذَكَرَهُ، وَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لْيَنْضَحْ فِي فَرْجِهِ)).
فخالف معمرٌ سفيانَ في ثلاثة أمور:
الأول: أرسل الحديث.
الثاني: جعل المأمور بالسؤال المقداد، وليس عمارًا.
الثالث: زاد في المتن زيادة منكرة، وهي قوله:((ثُمَّ لْيَنْضَحْ فَرْجَهُ))، فجَمَع بين غَسل الذَّكَر ونَضْح الفرج.
الوجه الثالث: ذكره الدارقطني في (العلل 2/ 47)، فقال:((ورواه ورقاء، عن عمرو، عن عائش، لم يذكر بينهما عطاء)).
ورقاء هو ابن عمر اليشكري، احتج به البخاري ومسلم، من روايته عن عمرو بن دينار، وقال ابن حجر:((صدوق، فى حديثه عن منصور لِين)) (التقريب 7403).
قلنا: فهذه الأوجه الثلاثة رواتها عن عمرو ثقات، غير أن سفيان بن عيينة أثبت الناس فيه وأعلمهم به. قاله أحمد، وابن معين، وعلي بن المديني، وأبو حاتم، وغيرهم. انظر (تاريخ ابن معين، رواية الدارمي، ص: 55)، و (رواية الدوري 482، 578)، و (سؤالات أبي داود لأحمد 220)، و (سؤالات الأثرم لأحمد 39)، و (الجرح والتعديل 1/ 52)، و (شرح علل الترمذي 2/ 684).
الثاني: مَعْقِل بن عبيد الله، واختُلف عليه:
فرواه العقيلي في (الضعفاء 1/ 166) من طريق محمد بن يزيد بن سنان، قال: حدثنا مَعْقِل، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن عائش بن أنس، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: سَلْهُ عَنِ المَذْيِ؛ فَإِنَّ عِنْدِي ابْنَتَهُ، وَأَنَا أَسْتَحْيِي مِنْهُ! ! فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ:«مِنْهُ الوُضُوءُ» . فجعل
الحديث من مسند عمار.
هذا إسناد ضعيف؛ فيه محمد بن يزيد بن سنان، "ليس بالقوي"(التقريب 6399). وذَكَر المزي في (تهذيب الكمال 14/ 102) أن النسائي رواه في "مسند علي" من رواية معقل بن عبيد الله، عن عطاء، عن عائش ين أنس! عن عمار بن ياسر)) فلا ندري هل هذه الرواية من طريق ابن سنان أم لا.
وكذا جعل الدارقطني رواية معقل عن عطاء، وليس عمرو بن دينار (العلل 441).
ومعقل أيضًا هو ابن عبيد الله الجزري، "صدوق يخطئ"(التقريب 6797).
وقد خالفَتْ روايةُ معقل هذه روايةَ عمرو بن دينار، حيث جعل الحديث من مسند عمار رضي الله عنه.
الثالث: عبد الملك بن جريج، واختُلف عليه على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول:
رواه عبد الرزاق في (المصنف 603) -ومن طريقه ابن المنذر في (الأوسط 153، 688)، وغيره- عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ قَيْسٌ لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْتَ المَذْيَ، أَكُنْتَ مَاسِحَهُ مَسْحًا؟ قَالَ: لَا، المَذْيُ أَشَدُّ مِنَ البَوْلِ، يُغْسَلُ غَسْلًا!
ثُمَّ أَنْشَأَ يُخْبِرُنَا حِينَئِذٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَائِشُ بْنُ أَنَسٍ- أَخُو سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ- قَالَ: تَذَاكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَالمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ- المَذْيَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنِّي رَجُلٌ مَذَّاءٌ، فَاسْأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنِّي أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي، وَلَوْلَا مَكَانُ ابْنَتِهِ لَسَأَلْتُهُ!
فَقَالَ عَائِشٌ: فَسَأَلَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: عَمَّارٌ أَوِ المِقْدَادُ- قَالَ عَطَاءٌ: فَسَمَّى لِي عَائِشٌ الذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ مِنْهُمَا، فَنَسِيتُهُ- فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((ذَلِكُمُ المَذْيُ، إِذَا وَجَدَهُ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْسِلْ ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ لْيَتَوَضَّأْ، فَلْيُحْسِنْ وُضُوءَهُ، ثُمَّ لْيَنْتَضِحْ فِي فَرْجِهِ)).
قَالَ: فَسَأَلْتُ عَطَاءً عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ((يَغْسِلُ ذَلِكَ مِنْهُ)) قَالَ: حَيْثُ المَذْيُ يَغْسِلُ مِنْهُ أَمْ ذَكَرَهُ كُلَّهُ؟ فَقَالَ: بَلْ حَيْثُ المَذْيُ مِنْهُ فَقَطْ.
ورواه أحمد في (المسند 23825) قال: يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، حدثنا عطاء، عن عائش بن أنس البكري، قال: تذاكر علي وعمار والمقداد المذي، فقال علي: إني رجل مذاء وإني أستحي أن أسأله
…
فذكره.
وهذا إسناد رجاله ثقات، غير عائش ففيه جهالة، وظاهر رواية عائش هذه الإرسال، حيث ذكر مذاكرة وقعت في زمن النبوة، وعائش بن أنس معدود في التابعين كما تقدم، فأنى له أن يحضر المذاكرة هذه ويرويها؟ !
ولا يقال: سمعها من علي أو عمار كما تقدم في رواية عمرو بن دينار المتقدمة، حيث صرح فيها بالسماع من علي، من رواية ابن عيينة عن عمرو بن دينار عنه كما تقدم.
فإن معمرًا قد خالف ابن عيينة في وصله فأرسله.
ورواية معمر مُوافِقة لرواية ابن جريج على الإرسال، وكذا في ذِكر النضح، حيث لم يذكر النضح مع الغسل إلا في رواية معمر ورواية ابن جريج هذه.
وفي رواية معمر أن السائل هو المقداد، بخلاف رواية ابن عيينة. وفي رواية ابن جريج هذه أن عطاء نسي السائل. وهذا اختلاف قادح في
الحديث.
فيتلخص الخلاف بينهم في السند والمتن كما يلي:
في السند: سفيان بن عيينة رواه عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن عائش، سمع عليًّا رضي الله عنه.
وخالفه معمر، فرواه عن عمرو فأرسله.
ووافقت رواية ابن جريج معمرًا، عن عطاء في الإرسال.
وفي المتن: في رواية ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء قال: ((أمرت عمارًا)) واقتصر على الوضوء. فجعل السائل عمارًا.
وفي رواية معمر عن ابن دينار، عن عطاء قال:((قال علي للمقداد. وزاد غسل الذكر مع النضح)) فجعل السائل المقداد.
وفي رواية ابن جريج عن عطاء قال: ((فسأله أحد الرجلين. وأطلق الغَسل، وزاد النضح))
وهذا اختلاف قادح في الحديث، فعمرو وابن جريج من أثبت الناس في عطاء.
قال أبو زرعة الدمشقي: فقلت لأحمد بن حنبل: مَن أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح؟ فقال: عمرو بن دينار وابن جريج. (تاريخ أبي زرعة ص: 252، 450).
الوجه الثاني عن ابن جريج:
رواه النسائي في (السنن 441) قال: أخبرنا علي بن ميمون، قال: حدثنا مَخْلَد بن يزيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: تذاكر علي
والمقداد وعمار، فقال: علي: إني امرؤ مذاء
…
فذكره بنحو رواية عبد الرزاق، ولم يذكر النضح.
فجعل مَخْلَد بن يزيد الحديث من مسند عبد الله بن عباس بدل: ((عائش بن أنس)).
ومَخْلَد ثقة، وروايته عن ابن جريج في الصحيحين، ولكنه دون عبد الرزاق ويحيى بن سعيد، وخاصة في ابن جريج، كما أن له أوهامًا، كما ذكر الحافظ في (التقريب 6540).
الوجه الثالث:
رواه البيهقي في (السنن الكبير 1686) من طريق الحسن بن مُكْرَم، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا ابن جريج، عن عطاء، قال: كان علي بن أبي طالب رجلًا مذاء فكان يأخذ الفتيلة فيُدخلها في إحليله. فأرسل الحديث بسياق آخر.
وعثمان بن عمر ثقة من رجال الشيخين، ولكن لم يُخرجا له رواية عن ابن جريج.
قلنا: فهذه الأوجه الثلاثة عن ابن جريج، رواتها ثقات، وإن كان الوجه الأول هو الأصح.
الرابع: عبد الله بن أبي نَجيح، ولم يُختلَف عليه:
رواه النسائي في (السنن 160، والكبرى 194)، والبخاري في (التاريخ الكبير 1/ 437)، وابن حبان في (صحيحه 1100)، وغيرهم، من طريقين عن يزيد بن زريع، قال: حدثنا رَوْح- وهو ابن القاسم- عن ابن أبي نَجيح، عن عطاء، عن إياس بن خليفة، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ
عَمَّارًا أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((يَغْسِلُ مَذَاكِيرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)).
وهذا إسناد رجاله ثقات، غير إياس بن خليفة "مجهول"، قاله العقيلي (الضعفاء 1/ 165).
قلنا: فخالف عبد الله بن أبي نَجيح- ابن جريج وعمرو بن دينار ومعقل في السند والمتن:
أما السند: فقال ابن أبي نجيح: عن عطاء، عن إياس، عن رافع بن خَديج. جعله من مسند رافع.
وأما ابن جريج وعمرو فاتفقا في شيخ عطاء وهو عائش بن أنس، واختلفا في وصله وإرساله.
وأما معقل فاتفق مع ابن جريج وعمرو في شيخ عطاء، وخالف الجميع فجعله من مسند عمار.
أما المتن: فاختُلف على عمرو بن دينار فيمن سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المذي: فقال ابن عيينة عنه: ((عمار))، وقال معمر عنه:((المقداد)).
وأما ابن جريج في روايته عن عطاء، فلم يصرح بالسائل حيث قال عائش:(فسأله أحد الرجلين) قال عطاء: سماه لي عائش ونسيته.
وأما رواية ابن أبي نجيح، فوافق ابن عيينة أن السائل هو ((عمار)).
قلنا: وذَكَر الدارقطني وجهًا آخر عن عطاء موافقًا لرواية عثمان بن عمر عن ابن جريج المتقدمة، فقال:((وأما طلحة بن عمرو فأرسله، عن عطاء، عن علي)) (العلل 441).
ولكن طلحة بن عمرو هذا "متروك"(التقريب 3030).
وقد حاول بعض العلماء ترجيح بعض الوجوه على بعض:
فذكر العقيلي الخلاف فيه ثم قال: ((حديث ابن عيينة ومعمر أَوْلى)) (الضعفاء 1/ 150 ط/ الرشد، ت/ السرساوي)
(1)
.
أي أن رواية ابن عيينة ومعمر عن عمرو بذكر ((عائش بن أنس)) بدل ((إياس بن خليفة)) هي الأصح. يدل على ذلك قول العقيلي: ((إياس بن خليفة مجهول في الرواية، في حديثه وهم)).
وكذا ذَكَر الدارقطني الخلاف فيه، ثم قال:((والصواب ما قال عمرو بن دينار وابن جريج، عن عطاء)) (العلل 441) أي: في ذكر شيخ عطاء.
قلنا: ليس مراد العقيلي والدارقطني تصحيح الوجه مطلقًا، إنما مرادهم تصحيح شيخ عطاء فيه. وإلا فقد اختَلف ابن جريج وعمرو في سند الحديث ومتنه، وكذا اختُلف عليهما.
وقد أشار مسلم للخلاف بلا ترجيح فقال: (((وعائش بن أنس) هكذا قال عمرو بن دينار وابن جريج. وقال ابن أبى نجيح: عن عطاء، عن إياس بن خليفة البكري، عن رافع بن خَديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المذي)) (المنفردات والوحدان، ص: 114).
وتصحيح ابن حبان رواية ابن أبي نجيح، حيث رواها في (صحيحه 1100) يتعارض مع ترجيح العقيلي والدارقطني.
قلنا: فهذا الاختلاف على عطاء شديد يصعب معه الترجيح؛ لأن رواة
(1)
- قال محققو التأصيل: ((زاد في (ظ): قال أبو جعفر: حديث ابن عيينة ومعمر أَوْلى)) (الضعفاء للعقيلي 1/ 167 حاشية رقم 2).
الأوجه جميعهم ثقات، وإن كان ابن جريج وعمرو أثبت الناس فيه كما تقدم، غير أنهما اختلفا سندًا ومتنًا، وكذا اختُلف عنهما. فليست رواية أحدهما بأَوْلى من الأخرى.
فالذي نميل إليه هو اضطراب عطاء فيه.
ومدار الأوجه جميعها إما عن عائش وإما عن إياس، وكلاهما مجهول. وخالفهما الثقات الأثبات في متنه، فالمحفوظ من رواية الثقات كابن الحنفية وغيره- أن السائل المقداد.
رِوَايَةُ ((لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الوُضُوءُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:" لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الوُضُوءُ، تَتَوَضَّأُ وَتَغْسِلُ ذَلِكَ مِنْهُ ".
[الحكم]:
منكر بهذا اللفظ، وهذا إسناد ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[خط (5/ 357)].
[السند]:
قال الخطيب في (تاريخ بغداد): أخبرنا أبو عمر بن مهدي، قال: أخبرنا محمد بن مخلد العطار، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن زياد التُّسْتَري، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة، قال: حدثنا سَلَّام بن أبي مطيع، قال: حدثنا أبو حصين، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن علي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا، آفته عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، قال عنه أبو زرعة:((يُحَدِّث بأحاديث أباطيل، عن سَلَّام بن أبي مطيع)) (سؤالات البرذعي 171). وقال أبو حاتم: ((كتبت عنه بالبصرة، وكان يَكذب، فضربت على حديثه)) (الجرح والتعديل 5/ 267). وقال أبو داود: ((ليس بشيء)) (سؤالات الآجري 1284)). وقال الدارقطني: ((متروك، يضع الحديث)) (السنن 1/ 299).
2115 -
حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ:
◼ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: كُنْتُ أَلْقَى مِنَ المَذْيِ شِدَّةً [وَعَنَاءً]، وَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْهُ الاغْتِسَالَ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:((إِنَّمَا يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الوُضُوءُ)).
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَيْفَ بِمَا يُصيبُ ثَوْبِي مِنْهُ؟ قَالَ:((يَكْفِيكَ بِأَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ، فَتَنْضَحَ بِهَا مِنْ ثَوْبِكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ حسنٌ، وقال الترمذيُّ:((حسن صحيح))، وصحَّحَهُ: ابنُ خزيمةَ، وابنُ حبانَ، وابنُ حزمٍ، وابنُ قدامةَ، وحسَّنه: العلائيُ، والألبانيُّ، وهو ظاهرُ كلامِ الشوكانيِّ.
[التخريج]:
[د 209 "واللفظ له"/ ت 116 "والزيادة له"/ جه 509/ حم 15973/ .... ].
وسبق تخريجه وتحقيقه في "باب المذي يصيب الثوب"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).
2116 -
حَدِيثُ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ مرسلًا:
◼ عَنْ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ البَكْرِيِّ قَالَ: تَذَاكَرَ عَلِيٌ وَعَمَّارٌ وَالمِقْدَادُ المَذْيَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنِّي رَجُلٌ مَذَّاءٌ، وَإِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ مِنْ أَجْلِ ابْنَتِهِ تَحْتِي! ، فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا لِعَمَّارٍ أَوْ لِلمْقْدَادِ: سَلْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلتُهُ، فَقَالَ:((ذَاكَ المَذْيُ، لِيَغْسِلْ ذَاكَ مِنْهُ))، قُلْتُ: مَا ذَاكَ مِنْهُ؟ قَالَ: ((ذَكَرَهُ، وَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ - أَوْ يَتَوَضَّأُ مِثْلَ وُضُوئِهِ لِلصَّلَاةِ -، وَيَنْضَحُ فِي فَرْجِهِ - أَوْ: فَرْجَهُ -)).
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وهذا إسناد ضعيف مرسل.
[التخريج]:
[حم 23825 "واللفظ له" / عب 603 / منذ 153، 688 / عق (1/ 167) / تمهيد (21/ 204) / مبهم (5/ 390)]
[السند]:
قال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، حدثنا عطاء، عن عائش بن أنس البكري، به.
ورواه عبد الرزاق: عن ابن جريج، نحوه.
ومداره عند الجميع على ابن جريج، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:
العلة الأولى: عائش بن أنس، فيه جهالة، وقد تقدم بيان حاله آنفًا.
العلة الثانية: الإرسال؛ لأن عائشًا لم يذكره أحد في الصحابة، فأنَّى له أن
يحضر مذاكرة علي والمقداد وعمار؟ ! وقد فَصَّلنا ذلك عند الكلام على رواية علي رضي الله عنه قال: ((فَأَمَرْتُ عَمَّارًا، فَسَأَلَهُ)).
العلة الثالثة: اضطراب عطاء فيه، كما بينا عند الرواية المذكورة آنفًا.
ومع هذا قال ابن عبد البر: "ففي هذا الحديث بيان أن عليًّا والمقداد وعمار بن ياسر تذاكروا المذي؛ فلذلك ما يجيء في بعض الآثار عن علي: (فأمرت المقداد) وفي بعضها: (فأمرت عمارًا) وجائز أن يأمر أحدَهما، وجائز أن يأمر كل واحد منهما أن يسأل له، فسأل فكان الجواب واحدًا، فحَدَّث به مرة عن عمار ومرة عن المقداد- هذا كله غير مدفوع، لإمكانه وصحته في المعنى، وحسبك أنهم ثلاثتهم قد اشتركوا في المذاكرة بهذا الحديث وعِلْمه والخبر عنه"(التمهيد 21/ 204).
وقال أيضًا: "والحديث ثابت عند أهل العلم، صحيح، له طرق شتى عن علي وعن المقداد وعن عمار أيضًا، كلها صحاح حِسان، أحسنها ما ذكره عبد الرزاق عن ابن جريج قال: "قلت لعطاء
…
" فذكر الرواية الآتية التي فيها مذاكرة علي وعمار والمقداد للمذي. انظر (الاستذكار 3/ 11 - 13)، وبنحوه قال ابن العربي في (المسالك في شرح موطأ مالك 2/ 169).
ونحا منحى ابن عبد البر هذا الخطيبُ البغدادي، فقال: "وطرق هذه الأحاديث مستقيمة، وأسانيدها ثابتة، والقولان جميعًا صحيحان، يدل على ذلك ما أخبرنا
…
" ثم أسند الحديث من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج، بقصة المذاكرة بين الثلاثة (الأسماء المبهمة 5/ 390).
رِوَايَةُ قَالَ عَلِيٌّ لِلمِقْدَادِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ لِلمِقْدَادِ: سَلْ لِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُلَاعِبُ امْرَأَتَهُ وَيُكَلِّمُهَا فَيُمْذِي، لَولَا أَنِّي أَسْتَحْيِي، وَأَنَّ ابْنَتَهُ تَحْتِي لَسَأَلتُهُ!! فَسَأَلَ المِقْدَادُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:((لِيَغْسِلْ ذَكَرَهُ [وَأُنثَيَيْهِ] وَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لْيَنْضَحْ فِي فَرْجِهِ)).
[الحكم]:
منكر بذكر ((الأنثيين))، و ((نضح الفرج))، وهذا إسناد ضعيف مرسل.
[التخريج]:
[عب 607 "واللفظ له" / طب (20/ 238 / 562) / عق (1/ 166) "والزيادة له"].
[السند]:
أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) -ومن طريقه الطبراني في ((الكبير))، والعقيلي في ((الضعفاء)) - عن معمر، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن عائش بن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:
العلة الأولى: عائش بن أنس، فيه جهالة، وقد تقدم بيان حاله آنفًا.
العلة الثانية: الإرسال: وذلك أن عائش تابعي لم يذكره أحد في الصحابة، فأنى له أن يحضر قول علي للمقداد؟!
العلة الثالثة: اضطراب عطاء فيه، كما بينا عند رواية:((أمرت عمارًاا)).
قلنا: وزاد معمر في هذه الرواية لفظة ((الأنثيين)، و (النضح))، والحديث محفوظ في الصحيحين بدونهما.
رِوَايَةُ أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ عَمَّارًا
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ عَمَّارًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ فَقَالَ: إِنِّي أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ ابْنَتِهِ عِنْدِي! فَسَأَلَ عَمَّارٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُمْذِي، فَقَالَ:((يَكُونُ مِنْهُ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
منكر بذكر ((عمار))، وهذا إسناد ضعيف مرسل.
[التخريج]:
[مبهم (5/ 389)].
[السند]:
قال الخطيب البغدادي في (الأسماء المبهمة): أخبرنا أبو الصهباء ولاد بن علي التيمي الكوفي، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني، حدثنا أحمد بن حازم، أخبرنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن عايش بن أنس: أن عليًّا أَمَر عمارًا
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: عائش بن أنس، فيه جهالة، وقد تقدم بيان حاله آنفًا.
الثانية: الإرسال؛ لأن عائشًا تابعي كما تقدم بيانه.
الثالثة: اضطراب عطاء فيه، كما بينا عند رواية:((أمرت عمارًا)) من حديث علي.
قلنا: والحديث محفوظ في الصحيحين وغيرهما، أن عليًّا أَمَر المقداد، وليس عمارًا.
2117 -
حَدِيثُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ:
◼ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: سَلْهُ عَنِ المَذْيِ؛ فَإِنَّ عِنْدِي ابْنَتَهُ، وَأَنَا أَسْتَحْيِي! ! فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ:«مِنْهُ الوُضُوءُ» .
[الحكم]:
منكر من هذا الوجه، والمحفوظ أنه من حديث علي رضي الله عنه، وأن السائل هو المقداد.
[التخريج]:
[عق (1/ 166) "واللفظ له" / عس (كما 14/ 102)].
[السند]:
أخرجه العقيلي في (الضعفاء) قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا محمد بن مسلم قال: حدثنا محمد بن يزيد بن سنان قال: حدثنا مَعْقِل، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن عائش بن أنس، عن عمار بن ياسر، به.
وأخرجه النسائي في (مسند علي) - كما في (تهذيب الكمال) -: من طريق معقل، عن عطاء، به. لم يذكر عمرو بن دينار.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:
العلة الأولى: عائش بن أنس، فيه جهالة، وقد تقدم بيان حاله آنفًا.
العلة الثانية: لا يُعْلَم سماع عائش من عمار.
العلة الثالثة: اضطراب عطاء فيه، كما بينا عند رواية ((أمرتُ عمارًا)) من حديث علي.
وفيه أيضًا: محمد بن يزيد بن سنان الجزري، أبو عبد الله بن أبي فروة الرهاوي؛ قال فيه الحافظ:"ليس بالقوي"(التقريب 6399).
وقد ذكر المزي في (تهذيب الكمال 14/ 102)، والدارقطني في (العلل 441) أن معقلًا رواه عن عطاء بدون ذكر عمرو بن دينار. فلا ندري هل الحديث عندهما من طريق ابن سنان أم لا؟ وإن كنا نرجح الثاني؛ لأن النسائي لم يخرج لابن سنان.
وعلى كلٍّ، فمعقل بن عبيد الله الجزري؛ قال فيه الحافظ:"صدوق يخطئ"(التقريب 6797).
ولكن العلة ليست فيه، وإنما هي في عطاء حيث اضطرب فيه كما بينا.
2118 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَذَاكَرَ عَلَيٌّ وَالمِقْدَادُ وَعَمًّارٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّي امْرُؤٌ مَذَّاءٌ، وَإِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ لمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي، فَيَسْأَلُهُ أَحَدُكُمَا! ! فَذَكَرَ لِي أَنَّ أَحَدَهُمَا - وَنَسِيتُهُ - سَأَلَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«ذَاكَ المَذْيُ، إِذَا وَجَدَهُ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْسِلْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ - أَوْ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ -» .
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِالْكُوفَةِ يَقُولُ: كُنْتُ رَجُلًا أَجِدُ مِنَ الْمَذْيِ أَذًى فَأَمَرْتُ عَمَّارًا يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنْ ابْنَتَهُ كَانَتْ تَحْتِي! ، فَقَالَ:((يَكْفِيكَ مِنْهُ الْوُضُوءُ)).
[الحكم]:
معلول بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[ن 441 "واللفظ له" / تمهيد (21/ 203) "والرواية له"].
[التحقيق]:
حديث ابن عباس هذا له طريقان:
الطريق الأول:
أخرجه النسائي في (السنن الصغرى 441) قال: أخبرنا علي بن ميمون، قال: حدثنا مَخْلَد بن يزيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، به.
وهذا إسناد رجاله ثقات عدا مخلد بن يزيد، وثقه جماعة، وذَكَر أحمد والساجي أنه كان يهم؛ ولذا قال الحافظ:"صدوق، له أوهام"(التقريب 6540).
قلنا: وقد وهم في هذا الحديث؛ فقد أخرجه أحمد عن يحيى بن سعيد القطان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عائش بن أنس، به مرسلًا. وقد سبق.
وكذلك رواه عبد الرزاق عن ابن جريج كما سبق أيضًا.
وهذا ما صوبه الدارقطني في (العلل 441).
ومع هذ فقد صحح الألباني إسناده في (صحيح النسائي 435).
الطريق الثاني:
رواه ابن عبد البر في (التمهيد 21/ 203) من طريق سعيد بن منصور، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس، أنه سمع علي بن أبي طالب بالكوفة يقول: كنتُ رجلًا أجد من المذي أذى،
…
فذكره بلفظ السياقة الثانية.
وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، إلا أن سعيد بن منصور قد خولف فيه.
فقد رواه أحمد بن حنبل والحميدي وقتيبة وابن بشار وعبيد الله بن موسى، وغيرهم، كلهم: عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن عائش، به، كما سبق.
وهذا هو الصواب؛ فهؤلاء مُقدَّمون في ابن عيينة فُرَادى، فكيف وقد اجتمعوا؟ !
وقد قال الفسوي عن ابن منصور: "كان الحميدي يخطئه في الشيء بعد الشيء من رواية ما يَروي عن سفيان، فسمعت سعيدًا يقول: لا تسألوني عن
حديث حماد بن زيد؛ فإن أبا أيوب يجعلنا على طبق! ولا تسألوني عن حديث سفيان؛ فإن هذا الحميدي يجعلنا على طبق" (المعرفة والتاريخ 2/ 106).
وإلى هذا أشار ابن عبد البر بقوله - عقبه -: " هكذا قال: عطاء عن ابن عباس عن علي. وخالفه الحميدي وغيره، فجعله: عن عطاء عن عائش البكري عن علي"(التمهيد 21/ 203).
قلنا: فرجع الطريقان إلى طريق عطاء، عن عائش بن أنس، به.
وعائش كما سبق فيه جهالة، وروايته على هذا مرسلة؛ إذ ظاهر وقوعها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كما سبق وبيَّنَّا.
وعطاء اضطرب في إسناده ومتنه، على ما بيَّنَّاه تحت رواية:((أمرتُ عمارًا)) من حديث علي.
2119 -
حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ:
◼ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه: أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ عَمَّارًا أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((يَغْسِلُ مَذَاكِيرَهُ (وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ)، وَيَتَوَضَّأُ)).
[الحكم]:
منكر بذكر ((عمار)) و ((المذاكير)) أو ((الأُنْثَيَيْنِ))، وهذا إسناد معل ضعيف، وأعله: العقيلي والدارقطني، وأنكر الألباني متنه كذلك.
[الفوائد]:
قال الطحاوي: ((ففي هذا الحديث أمره إياه بغسل مذاكيره، فقال قائل: ما المراد بذلك؟ وغسل المذاكير لا يؤمر به من بال، وإنما حُكْم خروج المذي مردود إلى حكم خروج البول؟ !
فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه -: أنه أَمَره بذلك ليتقلص المذي فلا يخرج؛ لأن الماء يقطعه عن ذلك. كما أمر المسلمون من ساق بدنةً ولها لبن أن ينضح ضرعَها بالماء حتى لا يسيل ذلك اللبن منه؛ لأن الماء يقلصه. فمثل ذلك ما أَمَر به في هذا الحديث من غسل المذاكير إنما هو ليتقلص المذي فلا يخرج، لا أن ذلك واجب كوجوب وضوء الصلاة في خروجه)) (شرح مشكل الآثار 7/ 127 - 128).
[التخريج]:
[ن 160 "واللفظ له" / كن 194 / حب 1100 / طب (4/ 285/ 4440) / طس 8534/ معل 115 / مشكل 2696 / طح (1/ 45) / عق (1/ 165 - 166) / نجيح (ق 230/ب) والرواية له / (تخ 1/ 437) / مبهم (5/ 390 / إمام (3/ 408) / كما (3/ 401)].
[السند]:
أخرجه النسائي في (الصغرى) و (الكبرى) قال: أخبرنا عثمان بن عبد الله، قال: أنبأنا أمية، قال: حدثنا يزيد بن زريع، أن رَوْح بن القاسم، حدثه عن ابن أبي نَجيح، عن عطاء، عن إياس بن خليفة، عن رافع بن خَديج، به.
ورواه أبو بكر ابن نَجيح في (جزئه): أخبرنا جعفر بن أبي عثمان، حدثنا أمية بن بسطام، حدثنا يزيد بن زريع، بسنده فقال:((وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ)) بدل: (وَمَذَاكِيرَهُ). وهما بمعنى واحد، كما تقدم بيانه.
ومداره عندهم على يزيد بن زريع به.
قال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن رَوْح إلا يزيد، تَفَرَّد به أمية"(الأوسط 8534).
قلنا: بل توبع عليه أمية:
فرواه البخاري في (التاريخ الكبير 1/ 437) عن الصلت بن محمد، عن يزيد بن زريع، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح عدا إياس بن خليفة البكري.
ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من التابعين، وقال:"كان قليل الحديث"(الطبقات الكبرى 8/ 37).
وترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 1/ 437)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 2/ 278)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وذَكَره ابن حبان في (الثقات 4/ 34)، وصحح له هذا الحديث، حيث أخرجه في صحيحه.
ونَقَل مغلطاي أن ابن شاهين ذكره في جملة الثقات (إكمال تهذيب الكمال 2/ 303). ولذا صَدَّقه الحافظ كما سيأتي.
وذكره العقيلي في (الضعفاء 1/ 165) وقال: "مجهول في الرواية، في حديثه وهم"، ثم أسند له هذا الحديث وأعله، كما سيأتي.
وقال عنه الذهبي: "لا يكاد يُعرف"(ميزان الاعتدال 1/ 450)، وتبعه الحافظ في (اللسان 7/ 180). وذلك؛ لأنه قد تفرد عطاء بن أبي رباح بالرواية عنه. وخالف الحافظ ذلك في التقريب، فقال:"صدوق"(التقريب 585).
وصحح ابن حبان حديثه.
وقال الخطيب عقب روايته له: "وطرق هذه الأحاديث مستقيمة وأسانيدها ثابتة، والقولان جميعًا صحيحان"(الأسماء المبهمة 5/ 390).
قلنا: الذي نميل إليه هو ما ذهب إليه العقيلي والذهبي، أي أنه مجهول؛ إذ لا يُعْرَف له إلا هذه الرواية وهي وهمٌ، كما ذهب العقيلي الدارقطني.
وذلك أن ابن جريج وعمرو بن دينار قد خالفا ابن أبي نجيح في سنده:
فقد رواه ابن جريج وعمرو بن دينار عن عطاء: ((عن عائش بن أنس، به)) كما سبق.
وقال ابن أبي نجيح: ((إياس بن خليفة)).
وقال العقيلي عقب رواية ابن أبي نجيح: "وروى هذا الحديث ابن عيينة
ومعمر (عن عمرو) بن دينار، عن عطاء، عن عائش بن أنس، أن علي بن أبي طالب
…
الحديث، ثم أسنده من طرق أخرى ثم قال:"حديث ابن عيينة ومعمر أَوْلى"(الضعفاء 1/ 167/ حاشية رقم 2).
وقال الدارقطني: "والصواب ما قال عمرو بن دينار وابن جريج، عن عطاء. والله أعلم"(العلل 2/ 48).
قلنا: لكن اتجه مسلم اتجاهًا آخر حيث ذكر عائشًا في (الوحدان 175) فقال: ((وعائش بن أنس، هكذا قال عمرو بن دينار وابن جريج. وقال ابن أبي نجيح: عن عطاء عن إياس بن خليفة البكري عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم، في المذي)).
وهذا منه إشارة للمخالفة بلا ترجيح.
وهذا ما نميل إليه - عدم ترجيح طريق - إذ لم يتفق عمرو وابن جريج وابن أبي نجيح في إسناده. وإن كان عمرو وابن جريج اتفقا في شيخهما، فالحديث مضطرب لاضطراب عطاء فيه كما بينا تحت رواية:((أمرت عمارًا)) من حديث علي.
قلنا: وقوله: ((أن عليًّا أَمَر عمارًا)) مخالف للثابت في الصحيحين وغيرهما ((أن عليًّا أَمَر المقداد فسأل)).
ولذا قال الألباني معلقًا على رواية ابن أبي نجيح: "منكر، والمحفوظ أن المأمور المقداد"(ضعيف النسائي 155).
رِوَايَةُ: ((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ عليًّا أَمَرَ عَمَّارًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)).
[الحكم]:
منكر بذكر ((عمار))، وهذا إسناد ضعيف معلول.
[التخريج]:
[طس 717].
[السند]:
قال الطبراني في (الأوسط): حدثنا أحمد قال: نا أمية بن بسطام قال: نا يزيد بن زريع، عن رَوْح بن القاسم، عن ابن أبي نَجيح، عن عطاء، عن إياس بن خليفة، عن رافع بن خَديج: أن عليًّا أَمَر عمارًا
…
فذكره.
وأحمد شيخ الطبراني هو أحمد بن علي الأبار.
[التحقيق]:
إسناده ضعيف كما تقدم في الرواية السابقة.
قلنا: وقوله: ((أن عليًّا أَمَر عمارًا)) مخالف للثابت في الصحيحين وغيرهما ((أن عليًّا أَمَر المقداد فسأل)).
رِوَايَةُ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:«اغْسِلْ ذَكرَكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ساقط.
[التخريج]:
[طب (4/ 286 / 4441)].
[السند]:
أخرجه الطبراني في (الكبير) قال: حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا حفص بن عمرو الربالي، ثنا محمد بن عمر الواقدي، ثنا إبراهيم بن نافع المكي، عن ابن أبي نَجيح، عن عطاء، عن إياس بن خليفة، عن رافع بن خَديج، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ فيه محمد بن عمر الواقدي؛ وهو متروك متهم بالكذب والوضع، كما تقدم مرارًا.
وسبق آنفًا الكلام عن بقية رجال السند وعلله.
2120 -
حَدِيثُ المِقْدَادِ:
◼ عَنِ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ رضي الله عنه: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ لَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ إِذَا دَنَا مِنْ أَهْلِهِ، فَخَرَجَ مِنْهُ المَذْيُ، مَاذَا عَلَيْهِ؟ فَإِنَّ عِنْدِي ابْنَتَهُ وَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَهُ! ، قَالَ المِقْدَادُ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:((إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ، فَلْيَنضَحْ فَرْجَهُ [بِالمَاءِ]، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ (2): أنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يَدْنُو مِنَ امْرَأَتِهِ فَيُمْذِي (فَلَا يُنْزِلُ)، قَالَ:((إِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدٌ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ - قَالَ: يَعْنِي يَغْسِلُهُ - وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ (3): عَنِ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ: سَلْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُلَاعِبُ أَهْلَهُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَذْيُ مِنْ غَيْرِ مَاءِ الحَيَاةِ، فَلَوْلَا أَنَّ ابْنَتَهُ تَحْتِي لَسَأَلْتُهُ! ! فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُلَاعِبُ أَهْلَهُ، فَيَخرُجُ مِنْهُ المَذْيُ مِنْ غَيْرِ مَاءِ الحَيَاةِ؟ قَالَ:((يَغْسِلُ فَرْجَهُ، وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).
[الحكم]:
صحيح المتن من حديث علي رضي الله عنه، بدون:((فَلْيَنضَحْ فَرْجَهُ)) فلا تصح.
وهذا إسناد مُختلَف في اتصاله وانقطاعه:
فقال بانقطاعه: الشافعي، والقابسي، والبيهقي، والأصيلي - وأقره البوني -، وابن عبد البر، وأبو الوليد الدمشقي، وأبو العباس الداني، وابن العربي، والقاضي عياض، وأبو الحسين العطار، وابن سيد الناس، والذهبي، وابن حجر، والسيوطي، والزرقاني.
وقال باتصاله: ابن حبان، وصححه هو وابن خزيمة ومغلطاي، وعزا تصحيحه لابن حزم، وبدر الدين العيني، والألباني.
والراجح: انقطاعه.
[التخريج]:
تخريج السياق الأولى: [د 206 "واللفظ له" / ن 161، 446 / كن 192/ حم 23829/ طا 95 "والزيادة له ولغيره" / أم 45/ شف 62/ عب 606/ خز 23 / حب 1096، 1101 / طب (20/ 251/596) / لي (رواية ابن يحيى البيع 163) / محلى (1/ 106) / هقع (1/ 335/ 882) / غو (2/ 514) / عط (سليم 33) / مطغ 387 / إمام (3/ 411) / ذهبي (1/ 26)].
تخريج السياق الثاني: [جه 508 "والرواية له" / حم 23819 "واللفظ له" / جا 5].
تخريج السياق الثالث: [حم 16725، 23808 "واللفظ له" / مدونة (1/ 120 - 121) / منذ 20 / طب (20/ 238/564) / صحا 6169 / هق 567 / مبهم (5/ 389)].
[التحقيق]:
هذا الحديث رُوِي من طريقين:
الأول:
رواه مالك: عن أبي النضر سالم - مولى عمر بن عبيد الله-، عن سليمان بن يسار، عن المقداد، به.
واختُلف على مالك، في متنه:
فرواه عن مالك، أصحاب الموطأ جميعهم (يحيى بن يحيى، والقعنبي، وأبو مصعب، وسويد، وعبد الرحمن بن قاسم، ومحمد بن الحسن)، فقالوا في متنه:((قَالَ المِقْدَادُ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: ((إِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)). انظر الموطأ (رواية أبي مصعب 95، ويحيى بن يحيى 95، والقعنبي 56، وابن القاسم 420، وسويد 46، ومحمد بن الحسن 42).
قال مغلطاي: ذَكَر الدارقطني في (كتاب أحاديث الموطأ)((أن أبا مصعب، وأحمد بن إسماعيل المدني، وابن وهب، ومعنًا القزاز، وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن بُكير الشافعي، وابن القاسم، وعتبة بن عبد الله، وأبا علي الحنفي، وإسحاق بن عيسى، والقاسم بن يزيد- رووه عن مالك بلفظ: (فَلْيَنْضَحْ))) (شرح سنن ابن ماجه 2/ 102).
وتابعهم:
الشافعي في (الأم 45)، و (المسند 62) - ومن طريقه البيهقي في (السنن الكبير)، و (المعرفة) -.
وعبد الرزاق في (المصنف 606).
وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق الطباع، عند أحمد في (المسند 23829).
وعتبة بن عبد الله، عند النسائي في (السنن 161، 446).
فرووه جميعهم عن مالك بلفظ: ((فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ)).
ورواه ابن وهب، واختُلف عليه:
فرواه عبد الله بن أحمد في (زوائده على المسند 823) عن أحمد بن عيسى، عن ابن وهب، عن مالك، بسنده ومتنه كما رواه الجماعة عن مالك.
ورواه ابن المنذر في (الأوسط 20) عن محمد بن عبد الله بن الحكم.
والبيهقي في (الكبرى 567) من طريق بحر بن نصر.
كلاهما عن ابن وهب عن مالك، بلفظ:((فَلْيَغْسِلْ فَرْجَهُ)).
وقد أشار الدارقطني لهذا الوجه، فقال بعد ذكر رواية الجماعة على مالك المتقدمة:((إلا ابن وهب؛ فإن في بعض ألفاظه: (فَلْيَغْسِلْ))).
قلنا: وقد عكس ابن عبد البر ذلك، فقال:((في رواية يحيى عن مالك في هذا الحديث: (فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ). وفي رواية ابن بكير، والقعنبي، وابن وهب، وسائرهم:(فَلْيَغْسِلْ فَرْجَهُ، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ). وهذا هو الصحيح. وقد رواه عبد الرزاق عن مالك، كما رواه يحيى، قال:(فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ)، ولو صحت رواية يحيى ومن تابعه كانت مجملة تفسرها رواية غيره؛ لأن النضح في لسان العرب يكون مرة الغسل، ومرة الرش)) (الاستذكار 3/ 14).
قلنا: ولعل ابن عبد البر تبع في ذلك أبا عبد الله بن الفخار، حيث قال:((إن مالكًا روى فى موطئه حديث المقداد فى غسل المذي، وفيه: (فَلْيَغْسِلْ فَرْجَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ)، هكذا رواه القعنبى، وابن وهب، وابن بكير، وجماعة. وروى يحيى بن يحيى:(فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ) ومعناه الغَسْل)) (شرح البخاري لابن بطال 1/ 384).
ولذا تَعَقَّب مغلطاي كلام ابن عبد البر المتقدم، فقال: ((وفيه نظر؛ لِما تقدم
من حديث الباب، عن عثمان بن عمر، عن مالك، بلفظ:(وَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ)، وكذلك رواه أبو داود في سننه من حديث القعنبي
…
))، إلى أن قال:((فلو عكس أبو عمر قوله، لكان مصيبًا)).
قلنا: ورواية عثمان بن عمر التي ذكرها مغلطاي رواها أحمد في (مسنده 23819)، وابن ماجه (5089)، وغيرهما، من طريقه عن مالك بلفظ:((فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ - يَعْنِي: لِيَغْسِلْهُ -)).
وتفسيره النضح بالغسل تفسير لعثمان لم يتابع عليه ممن روى الحديث عن مالك. والله أعلم.
قلنا: الراجح في حديث مالك رواية الجماعة بلفظ: ((فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ)).
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.
غير أن النقاد قد اختلفوا في سماع سليمان بن يسار من المقداد بن الأسود:
* فقال الشافعي: "حديث سليمان بن يسار عن المقداد مرسل، لا نعلم سمع منه شيئًا"(معرفة السنن والآثار 1/ 353).
وتَبِعه على ذلك الحافظ أبو الوليد الدمشقي (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 101).
وكذا تبعه البيهقي، فقال:"هو كما قال، وقد رواه بُكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس، في قصة علي والمقداد موصولًا"(معرفة السنن والآثار 1/ 353).
قلنا: وحديث بُكير أُعِل، كما تقدم.
وقال أبو محمد الأصيلي: ((هذا حديث مرسل؛ لأن سليمان بن يسار لم
يدرك المقداد ولا سمع منه، والمقداد ليس هو ابن الأسود لصلبه، إنما رباه الأسود)) (شرح الموطأ للبوني 1/ 133).
وقال أبو الحسن القابسي: ((في اتصاله نظرٌ)) (موطأ مالك، رواية عبد الرحمن بن القاسم، تلخيص القابسي 1/ 301).
* وقال ابن عبد البر بعد ذكره هذا الحديث: "هذا إسناد ليس بمتصل؛ لأن سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد ولا من علي، ولم يَرَ واحدًا منهما، ومولد سليمان بن يسار سنة أربع وثلاثين، وقيل: سنة سبع وعشرين. ولا خلاف أن المقداد تُوفي سنة ثلاث وثلاثين، وهو المقداد بن عمرو الكِنْدي"(التمهيد 21/ 202).
وتبعه السيوطي في (تنوير الحوالك، ص: 62 ط/ العلمية).
وقال أيضًا: ((حديث مالك، عن أبي النضر، عن سليمان بن يسار، عن المقداد- لم يسمعه سليمان من المقداد ولا من علي؛ لأنه لم يدركهما)) (الاستذكار 3/ 8).
وقال أبو العباس الداني: ((هذا مقطوع، لم يَلْقَ سليمان المقداد، ولا سمع من علي)) (أطراف الموطأ 2/ 248).
وقال ابن العربي: ((سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد ولا من علي؛ لأنه لم يدركهما، وإنما روى سليمان هذا الخبر عن ابن عباس، قال: قال علي: أرسلنا المقداد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن المذي
…
الحديث)) (المسالك شرح الموطأ 2/ 168).
وممن ذهب إلى الانقطاع غير من تقدم: القاضي عياض في (إكمال المعلم 2/ 139)، وأبو الحسين يحيى بن علي العطار - شيخ ابن دقيق العيد -
(الإمام 3/ 411)، وابن سيد الناس في (النفح الشذي 2/ 467)، والزرقاني في (شرح الموطأ 1/ 181).
* وخالف في ذلك ابن حبان، فقال:"مات المقداد بن الأسود بالجُرُف سنة ثلاث وثلاثين، ومات سليمان بن يسار سنة أربع وتسعين، وقد سمع سليمان بن يسار المقداد، وهو ابن دون عشر سنين"(صحيح ابن حبان 2/ 280).
وأثبت السماع أيضًا: النووي في (تهذيب الأسماء 1/ 235)، والعلائي في (جامع التحصيل 263)، وبدر الدين العيني في (شرح أبي داود 1/ 476 - 477).
وصحح مغلطاي اتصاله مؤيدًا ابن حبان، فقال:"والمُثبِت مُقدَّم على النافي، لاسيما مع بيان وجه ذلك وسببه"(شرحه على ابن ماجه 2/ 101).
وقال الألباني: "فقد اختلفوا في سنة ولادة ابن يسار، فإذا صح ما ذكره ابن حبان فيكون قد أدرك المقداد. ومن الممكن حينئذٍ أن يكون قد سمع منه! وقد جزم ابن حبان بسماعه منه! ولا أدري أذلك منه لمجرد المعاصرة، أم لشيء زائد على ذلك وقف هو عليه؟ فالله أعلم.
وعلى كل حال فالحديث صحيح؛ لأنه قد جاء موصولًا - كما سبق عن ابن عبد البر-: أخرجه مسلم (1/ 170)
…
من طريق مَخرمة بن بُكَير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس
…
" (صحيح أبي داود 1/ 376).
قلنا: أشار لشذوذ قول ابن حبان الذهبي فقال: ((قال ابن معين، وابن سعد، ومصعب بن عبد الله، والفلاس، وعلي بن عبد الله التميمي، والبخاري: تُوفي سنة سبع ومائة. وقال خليفة: سنة أربع ومائة. وقال بعضهم: سنة
أربع وتسعين. وهو غلط)) (تاريخ الإسلام 3/ 59).
وقال أيضًا: "سليمان بن يسار حدث عن
…
، والمقداد بن الأسود وذلك في أبي داود والنسائي وابن ماجه - وما أراه لقيه" (السير 4/ 445).
وأَعَل الحديث في (معجم الشيوخ 1/ 26) فقال: ((رواه أبو داود وابن ماجه والنسائي من حديث مالك، ويَبعد لقاء سليمان للمقداد)).
وتَعَقَّب العلائيَّ أبو زرعة العراقي، فقال:"لا يمكن سماعه من المقداد؛ لأن الجمهور على أنه مات سنة سبع ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، فيكون مولده سنة أربع وثلاثين أو نحوها؛ فلا يمكن سماعه من المقداد. وبهذا صرح القاضي عياض في (الإكمال) فقال عن ابن يسار: لم يسمع من علي ولا من المقداد"(تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل 1/ 139).
وجزم ابن حجر بالانقطاع، فقال:"وهذه الرواية منقطعة"(التلخيص الحبير 1/ 206).
قلنا: ما ذهب إليه البيهقي وغيره من اتصال الحديث، من طريق بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن ابن عباس، به، كما رواه مسلم وغيره - لا يصح؛ لأمرين:
الأول: أن مَخرمة بن بُكير انفرد به من هذا الوجه. وقد ضَعَّف الأئمة رواية مخرمة عن أبيه ونَفَوْا سماعه منه، كما بينا ذلك في موضعه.
الثاني: أن الليث - وهو أثبت من مخرمة- رواه عن بكير عن سليمان بن يسار مرسلًا، بلفظ:((يَغْسِلُ فَرْجَهُ)).
فوافق حديث الليث عن بكير - أبا النضر في إرساله، وخالفه في متنه حيث قال:((غسل الفرج)) بدل: ((النضح)).
ورواية الغسل وإن كانت مرسلة إلا أن لها ما يعضدها.
حيث رواها مسلم (17/ 303) وغيره من طريق وكيع، عن الأعمش، عن منذر أبي يعلى، عن محمد بن الحنفية، عن علي، بذكر ((غسل الفرج)).
وكذا رواها البخاري (269) من حديث زائدة بن قدامة، عن عثمان بن عاصم أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي، به.
الطريق الثاني:
أخرجه أحمد (23808، 16725) -ومن طريقه الخطيب في (الأسماء المبهمة 5/ 389) - قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ: سَلْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُلَاعِبُ أَهْلَهُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَذْيُ مِنْ غَيْرِ مَاءِ الحَيَاةِ؛ فَلَوْلَا أَنَّ ابْنَتَهُ تَحْتِي لَسَأَلْتُهُ! ! فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُلَاعِبُ أَهْلَهُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَذْيُ مِنْ غَيْرِ مَاءِ الحَيَاةِ؟ قَالَ:((يَغْسِلُ فَرْجَهُ، وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).
وأخرجه الطبراني في (الكبير 20/ / 564)، وأبو نعيم في (المعرفة 6169) من طريق يزيد بن هارون، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
العلة الأولى: محمد بن إسحاق، صدوق يدلس، وقد عنعن.
العلة الثانية: أن الثقات أصحاب هشام بن عروة خالفوا ابن إسحاق في إسناده، فقالوا:(عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن علي). فجعلوه من مسند علي، وليس المقداد. وبعضهم رواه مرسلًا.
فأما مَن ذكره عن هشام عن أبيه عن علي، فهم:
1 -
وكيع، عند أحمد (1009).
2، 3 - معمر وابن جريج، عند عبد الرزاق (608، 609) - ومن طريقه الطبراني في (الكبير) -.
4 -
جرير بن عبد الحميد، عند النسائي في (الصغرى 158) و (الكبرى 190) -ومن طريقه ابن دقيق العيد في (الإمام 3/ 409) -.
5 -
الليث بن سعد، عند ابن أبي داود في (العاشر من المنتقى من حديث الليث 1385).
6 -
المفضل بن فَضَالة، عند ابن السكن كما في (بغية النقاد النقلة 2/ 208).
7 -
سفيان الثوري، عند ابن أيمن في (بغية النقاد النقلة 2/ 208).
8 -
أبو معشر، عند ابن الأعرابي في (المعجم 1438).
ثمانيتهم رووه عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال علي
…
فذكره.
وتابعهم القعنبي، عند أبي داود (208)، ولكن قال: عن هشام، عن أبيه، عن حديث حدثه عن علي، به. فجعل واسطة بين عروة وعلي، فصار الحديث منقطعًا، وهذا الذي ذهب إليه غير واحد، كما بُيِّنَ في موضعه.
وأما مَن رواه عن هشام عن أبيه مرسلًا، فهم:
1 -
يحيى بن سعيد، عند أحمد (1035).
2 -
زهير، عند أبي داود (207)، والخطيب في (الفقيه والمتفقه 1005).
3 -
حماد بن زيد، عند البيهقي في (السنن الكبير 4185).
4 -
حماد بن سلمة، عند الشاشي في (مسنده 1533/ 1).
أربعتهم: رووه عن هشام عن أبيه، به مرسلًا.
فدلت روايتهم مجتمعة على أن ذكر المقداد وَهْمٌ من ابن إسحاق؛ لمخالفة الجماعة له على عدم ذكره. وابن إسحاق لا يقوى على مخالفة الثوري وحده، فكيف بمن معه؟ !
وقد أشار أبو داود إلى ذلك، فقال:((ورواه المفضل بن فَضَالة والثوري وابن عيينة، عن هشام، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب. ورواه ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المقداد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر (أُنْثَيَيْهِ))) (السنن عقب 208).
وقال الدارقطني: "وخالفه أصحاب هشام بن عروة، منهم: سفيان الثوري، وحماد بن زيد، ويحيى بن سعيد القطان، وسفيان بن عيينة، وجرير، ووكيع، وعمر بن علي المُقَدَّمي، وابن جريج، وليث بن سعد، وعبدة بن سليمان، وأبو حمزة، ومفضل بن فضالة
…
وغيرهم، فرووه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن علي. لم يذكروا فيه المقداد.
وقولهم أَوْلى بالصواب من قول ابن إسحاق؛ لاتفاقهم على خلافه" (العلل للدارقطني 296).
قلنا: ورواية عروة بن الزبير عن علي بن أبي طالب التي رجحها الدارقطني - معلولة بالانقطاع أيضًا كما سبق في موضعه.
رِوَايَةُ: زَادَ: ((كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ المِقْدَادِ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الطُّهُورُ)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق، وهذا إسناد ضعيف.
[التخريج]:
[كجي (مغلطاي 2/ 102)].
[السند]:
رواه أبو مسلم الكجي في (سننه) - كما في (شرح ابن ماجه لمغلطاي) -: عن حجاج، حدثنا حماد، عن قتادة، عن الحسن، عن المقداد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: الحسن لا نعلم له سماعًا من المقداد، وهو كثير الإرسال، وقد عنعن.
الثانية: قتادة ثقة ثَبْت، ولكنه يدلس، وقد عنعن.
رِوَايَةُ: زَادَ: ((وَأُنْثَيَيْهِ)):
وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: ((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ)).
[الحكم]:
صحيح المتن من حديث علي، دون قوله:((وَأُنْثَيَيْهِ)) فمنكر، وهذا إسناد ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[طش 112].
[السند]:
قال الطبراني في (مسند الشاميين): حدثنا أحمد بن الحسين بن مدرك القصري، ثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو خُلَيْد، ثنا ابن ثوبان، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة بن الزبير، عن المقداد بن الأسود، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه سليمان بن أحمد، وهو الواسطي، كَذَّبه يحيى، وقال البخاري:"فيه نظر"، وقال ابن أبي حاتم:"كَتَب عنه أبي وأحمد ويحيى، ثم تَغَيَّر وأَخَذ في الشرب والمعازف، فتُرك"، وضَعَّفه النسائي، وقال ابن عدي:" أنبأنا عنه عبدان بعجائب، ووثقه عبدان! "، ثم قال ابن عدي:"هو عندي ممن يسرق الحديث"(اللسان 3/ 72).
*وابن ثوبان هو عبد الرحمن بن ثابت؛ قال الحافظ: "صدوق يخطئ، ورُمِي بالقدر، وتغير بأخرة"(التقريب 3820).
والحَمْل فيه على الواسطي.
2121 -
حَدِيثُ أُبَيٍّ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: أَكَلَتْنَا الضَّبُعُ! !
قَالَ: فَسَأَلَهُ عُمَرُ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَمَا زَالَ يَنْسُبُهُ حَتَّى عَرَفَهُ، فَإِذَا هُوَ مُوسِرٌ، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ أَنَّ لِامْرِئٍ وَادِيًا أَوْ وَادِيَيْنِ، لَابْتَغَى إِلَيْهِمَا ثَالِثًا! !
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ.
فَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أُبَيٍّ. قَالَ: فَإِذَا كَانَ بِالغَدَاةِ فَاغْدُ عَلَيَّ.
قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى أُمِّ الفَضْلِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: وَمَا لَكَ وَلِلكَلَامِ عِنْدَ عُمَرَ؟ ! وَخَشِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْ يَكُونَ أُبَيٌّ نَسِيَ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: إِنَّ أُبَيًّا عَسَى أَنْ لَا يَكُونَ نَسِيَ! !
فَغَدَا إِلَى عُمَرَ وَمَعَهُ الدِّرَّةُ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى أُبَيٍّ. فَخَرَجَ أُبَيٌّ عَلَيْهِمَا وَقَدْ تَوَضَّأَ، فَقَالَ: إِنَّهُ أَصَابَنِي مَذْيٌ فَغَسَلتُ ذَكَرِي - أَوْ فَرْجِي -[وَثَوْبِي] 1، [وَتَوَضَّأْتُ] 2، فَقَالَ عُمَرُ: أَوَ يُجْزِئُ ذَلِكَ؟ ! قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَصَدَّقَهُ.
[الحكم]:
ضعيف، وضَعَّفه الألباني.
[التخريج]:
[جه 510 مقتصرًا على فقرة المذي / حم 21110 "واللفظ له" / ش 974 "مقتصرًا على فقرة المذي، والزيادة الثانية له" / طس 3784 / شا
1431 / لي (رواية ابن الصلت 39)"والزيادة الأولى له" / ضيا (3/ 409/ 1206)، (3/ 409 - 411/ 1207، 1208) / محلى (1/ 234) / كما (33/ 225، 226)].
[السند]:
أخرجه أحمد في (مسنده)، وابن أبي شيبة في (مصنفه) قالا: حدثنا محمد بن بِشْر العبدي، حدثنا مِسْعَر، عن مصعب بن شيبة، عن أبي حبيب بن يعلى بن (مُنْيَة)
(1)
، عن ابن عباس، به.
ورواه المحاملي في (أماليه، رواية ابن الصلت) قال: حدثنا الفضل بن سهل قال: حدثنا محمد بن بشر، بنحوه، وفيه الزيادة.
ومداره عندهم على محمد بن بِشْر، به.
قال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن مِسعر إلا محمد بن بِشْر".
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: أبو حبيب بن يعلى، لم يَرْوِ عنه غير مصعب، وذكره ابن حبان في (الثقات 5/ 575)، وقال الحافظ:"مجهول"(التقريب 8038).
الثانية: مصعب بن شيبة؛ قال فيه الحافظ: "لَيِّن الحديث"(التقريب 8038).
(1)
- هكذا في جميع المصادر، وبعض النسخ من المسند.
ووقع في المطبوع من المسند وبعض النسخ - كما ذكر محققوه -: "أمية".
وكلاهما صواب كما قالوا؛ فإن "أمية" والد يعلى، و"منية" أمه.
ومع ذلك قال مغلطاي: "وأبو حبيب ذكره أبو حاتم في كتاب (الثقات) فصح على هذا إسناده؛ ولهذا ساغ للشيخ ضياء الدين تخريجه في (المختارة) "(شرح سنن ابن ماجه 2/ 106).
وأما البوصيري فأعرض عن الكلام على إسناده، واكتفى بتصحيح متنه بالشواهد، فقال:"أصله في الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب والمقداد بن الأسود" يعني قصة المذي فقط (مصباح الزجاجة 1/ 73).
وضَعَّفه الألباني في (ضعيف ابن ماجه / 113).
2122 -
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ:
◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ:((فِيهِ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
صحيح المتن من حديث علي بن أبي طالب، وإسناده ضعيف جدًّا، وضَعَّفه: ابن عدي، وابن القيسراني، والهيثمي.
[التخريج]:
[عد (9/ 95)].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رواية فيها طول:
• وَفِي رِوَايَةٍ فِيهَا طُولٌ: بَعَثَ عَلِيٌّ رَجُلًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ عَنِ المَذْيِ، وَكَرِهَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْأَلُهُ لِمَكَانِ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يَرَى المَرْأَةَ فِي الطَّرِيقِ فَيُمْذِي، أَعَلَيْهِ الغُسْلُ؟ فَقَالَ:((تِلْكَ يَلْقَاهَا فُحُولَةُ الرِّجَالِ، يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
منكر بهذا السياق.
[التخريج]:
[طس 7870].
[السند]:
قال الطبراني: حدثنا محمود بن محمد الواسطي، حدثنا القاسم بن عيسى الطائي، حدثنا محمد بن ثابت، ثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، به.
وقال ابن عدي: حدثنا القاسم بن زكريا، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي، حدثنا محمد بن ثابت، به مختصرًا.
وقال الطبراني: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن أبي هارون إلا محمد بن ثابت، ولا يُروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد)).
وقال ابن عدي: ((وهذا له طرق عن علي ومن حديث أبي هارون، عن أبي سعيد، عنه، لا أعلم يرويه عن أبي هارون غير محمد بن ثابت)).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ آفته أبو هارون العبدي، وهو عمارة بن جوين،
((متروك، ومنهم مَن كَذَّبه)) (التقريب 4840).
وفيه أيضًا محمد بن ثابت العبدي، قال ابن حجر:((صدوق لَين الحديث)) (التقريب 5771).
وبه ضَعَّفه ابن عدي فقال: ((ولمحمد بن ثابت غير ما ذكرتُ، وليس بالكثير، وعامة أحاديثه مما لا يُتابَع عليه)) (الكامل 9/ 95).
وقال ابن القيسراني: ((وهو لا شيء في الحديث)) (ذخيرة الحفاظ 2/ 926).
وقال الهيثمي: ((رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أبو هارون العبدي، وأجمعوا على ضعفه)) (مجمع الزوائد 1567).
2123 -
حَدِيثُ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ مُرْسَلًا:
◼ عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ: أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ المِقْدَادَ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:((يَتَوَضَّأُ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وهذا مرسل.
[التخريج]:
[حم 1010].
[السند]:
قال أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن منذر أبي يعلى، عن ابن الحنفية: أن عليًّا
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أنه مرسل، وقد سبق متصلًا في الصحيحين كما تقدم في أول الباب.
2124 -
حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: أَرْسَلَ عَلِيُّ بنُ أَبي طَالِبٍ رضي الله عنه المِقْدَادَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَسْأَلُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ المَذْيَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ ثُمَّ لْيَتَوَضَّأْ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وهذا مرسل.
[التخريج]:
[ن 445].
[السند]:
قال النسائي: أخبرنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا عبد الله، عن ليث بن سعد، عن بُكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار قال: أرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه المقداد
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، غير أنه مرسل.
2125 -
حَدِيثُ عُرْوَةَ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ هِشَامٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي: أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لِلْمِقْدَادِ: سَلْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يَدْنُو مِنَ المَرْأَةِ فَيُمْذِي؛ فَإِنِّي أَسْتَحْيِي مِنْهُ لِأَنَّ ابْنَتَهُ عِنْدِي! ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ (فَرْجَهُ)، وَأُنْثَيَيْهِ، وَيَتَوَضَّأُ [وَلْيُصَلِّ])).
[الحكم]:
مرسل، وذِكر (الأنثيين) شاذ كما تقدم.
[التخريج]:
[د 207 / حم 1035 واللفظ له / شا (1533/ 10) / هق 4185 والرواية له/ فق 1005 والزيادة له / مصفار (إمام 3/ 447)].
[السند]:
رواه أحمد في (المسند) قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام، أخبرني أبي أن عليًّا قال للمقداد
…
فذكره.
ورواه أبو داود في (السنن) قال: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، عن هشام بن عروة، به.
ومداره على هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أنه مرسل.
وذِكر ((الأنثيين)) لا يصح من حديث علي رضي الله عنه، حيث رواه عن علي ابنه محمد ابن الحنفية فلم يذكرها، وروايته في الصحيحين وغيرهما، وقد تقدم.
قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا أمذى، يجب عليه غَسْل أنثييه؟ قال:((ما قال غسل الأنثيين إلا هشام بن عروة - يعني: في حديث علي-، فأما الأحاديث كلها فليس فيها ذا)) (مسائل أحمد، رواية أبي داود ص 24).
2126 -
حَدِيثُ الحَسَنِ مُرْسَلًا:
◼ عَنِ الحَسَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:" كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ ".
[الحكم]:
مرسل.
[التخريج]:
[لال (بزاز ق 56/ب)].
[السند]:
قال أبو عمران موسى بن هارون بن عبد الله البزاز: حدثنا إسحاق بن راهويه، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا الأشعث، عن الحسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المذي
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، غير أنه مرسل، الحسن هو ابن أبي الحسن البصري التابعي المعروف، ومراسيله شديدة الضعف عند فريق من العلماء.
2127 -
حَدِيثُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ:
◼ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَلْقَى مِنَ المَذْيِ شِدَّةً، فَسَدَّدَ رَجُلًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((ذَاكَ المَذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، تَغْسِلُهُ بِالمَاء، وَتَوَضَّأْ وَصَلِّ)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق، وهذا إسناد ضعيف جدًّا، وضَعَّفه الهيثمي.
[التخريج]:
[طب (20/ 219/509)].
[السند]:
أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا أبو اليمان، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عطاء بن عجلان، عن معاوية بن قُرَّة، عن مَعْقِل بن يسار، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه: عطاء بن عجلان، قال الذهبي:"واهٍ، اتهمه بعض الأئمة"(الكاشف 3800)، وقال الحافظ:"متروك، بل أَطْلَق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب"(التقريب 4594).
وبهذا أعله الهيثمي، فقال:"رواه الطبراني في (الكبير) من رواية عطاء بن عجلان، وقد أجمعوا على ضعفه"(المجمع 1566).
2128 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا يُوجِبُ الغُسْلَ، وَعَنِ المَاءِ يَكُونُ بَعْدَ المَاءِ، وَعَنِ الصَّلَاةِ فِي بَيْتِي، وَعَنِ الصَّلَاةِ فِي المَسْجِدِ، وَعَنْ مُؤَاكَلَةِ الحَائِضِ، فَقَالَ: ((إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحي مِنَ الحَقِّ، أَمَّا أَنَا فَإِذَا فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا - فَذَكَرَ الْغُسْلَ
(1)
،
قَالَ: - أَتَوَضَّأُ وُضُوئِي لِلصَّلَاةِ، أَغْسِلُ فَرْجِي))، ثُمَّ ذَكَرَ الْغُسْلَ.
((وَأَمَّا المَاءُ يَكُونُ بَعْدَ المَاءِ فَذَلِكَ المَذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، فَأَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجِي وَأَتَوَضَّأُ.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِي، فَقَدْ تَرَى مَا أَقْرَبَ بَيْتِي مِنَ المَسْجِدِ، وَلَأَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي المَسْجِدِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً.
وَأَمَّا مُؤَاكَلَةُ الحَائِضِ فَوَاكَلَهَا)).
(1)
كذا رواه أحمد عن ابن مهدي بذكر الغسل في هذا الموضع، والمراد به هنا موجب الغسل، وهو الجماع، وليس الغسل نفسه، فإنه سيأتي ذكر الغسل ثانية في نفس السياق، وقد جاء ذلك صريحًا في رواية غير أحمد عن ابن مهدي؛ فقد رواه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 865) عن محمد بن المثنى. وابن أبي خيثمة في (تاريخه - السفر الثاني 1/ 342) عن عبيد الله بن عمر - وهو القواريري -. كلاهما: عن ابن مهدي، عن معاوية بن صالح، بسنده بلفظ:((أَمَّا أَنَا فَإِذَا فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا - يَعْنِي الْجِمَاعَ - أَتَوَضَّأُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْغُسْلَ)).
وكذا جاءت الرواية صريحة في رواية غير ابن مهدي عن معاوية بن صالح، كابن وهب وعبد الله بن صالح.
• وَفِي رِوَايَةٍ مختصرة (2): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مُؤَاكَلَةِ الحَائِضِ، فَقَالَ:((وَاكِلْهَا)).
[الحكم]:
مُختلَف فيه:
فحسنه الترمذي - وتبعه الطوسي ومغلطاي -، والذهبي.
وصححه: ابن خزيمة، والضياء المقدسي، والنووي، وابن سيد الناس، والبوصيري، وأبو زرعة العراقي - وتبعه ابن الهمام -، وأحمد شاكر، والألباني. وجَوَّده: ابن كثير، وابن الملقن.
بينما ضَعَّفه: ابن حزم - وتبعه ابن مفلح -، وعبد الحق الإشبيلي - وتبعه الزيلعي-، وابن القطان - وأقره ابن دقيق -، وابن حجر.
والراجح: ضعفه، لما سيأتي بيانه في التحقيق.
[اللغة]:
((اسْتَبْطَنْتُهَا)): جاء في ((تاج العروس)): وتَبَطَّنَ الرجلُ جاريتَه: أَوْلَجَ ذَكَرَه فيها. وقال شَمِر: تَبَطَّنَهَا: إذا بَاشَرَ بطنُه بطنَها. (تاج العروس 1/ 7975). تحذف
((الماءُ يكونُ بعدَ الماءِ)): المقصود بالماء الأول: المنيُّ الدافقُ. والماء الثاني: المَذْيُ، وهو سائل شفاف لَزِج يخرج قبل الجماع وبعده وحين الشهوة.
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [جه 1357 مقتصرًا على الصلاة / حم 19007 "واللفظ له" / تخث (السِّفر الثاني 1230 ح) مقتصرًا على الغسل / شما 298 مقتصرًا على الصلاة / خز 1273 مقتصرًا على الصلاة / مث
865 / صبغ 2152 مقتصرًا على الصلاة / طح (1/ 339) مقتصرًا على الصلاة / فتح (مخزون 41) مقتصرًا على الصلاة / قا (2/ 93 - 94) مقتصرًا على الصلاة / حل (9/ 51) مقتصرًا على الصلاة / ضح (1/ 110) مقتصرًا على الصلاة / ضيا (9/ 409، 410/ 385 - 388) / كر (12/ 303) مقتصرًا على الصلاة، (29/ 49 - 50) / كما (15/ 22)].
تخريج السياقة الثانية: [ت 134 / جه 651 (طبعة دار إحياء الكتب العربية)
(1)
"واللفظ له" / حم 19008، 22505 / مي 1096 / طوسي 115/ قا (2/ 94) / صحا 4178/ حل (9/ 51) / ضح (1/ 110) / كر (29/ 49 - 50) / ضيا (9/ 411/ 389)].
(1)
وسقط الحديث من طبعة التأصيل. وهو مُثبَت في طبعة دار الرسالة العالمية ودار الجيل ودار الصِّديق. وكذا ذَكَره المِزي في (التحفة 4/ 351).
وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَكَ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: ((
…
إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ - وَعَائِشَةُ إِلَى جَنْبِهِ - أَمَّا أَنَا فَإِذَا كَانَ مِنِّي وَطْءٌ، قُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ، ثُمَّ اغْتَسَلْتُ.
فَأَمَّا المَاءُ يَكُونُ بَعْدَ المَاءِ، فَذَلِكَ المَذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ
…
)).
[الحكم]:
ضعيف.
[التخريج]:
[طش 1989 "واللفظ له" / ضح (1/ 109)].
[التحقيق]:
انظره عقب الروايات الآتية.
رِوَايَةٌ مُقْتَصِرًا عَلَى الغُسْلِ، لَمْ يَقُلْ:(كُلُّ فَحْلٍ):
• وَفِي رِوَايَةٍ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا يُوجِبُ الغُسْلَ؟ قَالَ: ((إِذَا اسْتَبْطَنْتَهَا فَتَوَضَّأْ وَاغْتَسِلْ. وَالمَذْيُ يَغْسِلُ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأُ)).
[الحكم]:
ضعيف.
[التخريج]:
[قا (2/ 94)].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رِوَايَةُ بزيادة: ((وَأُنْثَيَيْكَ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: ((
…
ذَاكَ المَذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ يَمْذِي، فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِك فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ)).
[الحكم]:
ضعيف.
[التخريج]:
[د 210 / تخ (5/ 29) مقتصرًا على كل فحل يمذي / جا 7 / حرف (رواية الثقفي 4) مطولًا / هق 4186 مطولًا / متشابه (1/ 455) / ضح (1/ 109) / كر (29/ 51) مطولًا / أسد (3/ 258)].
[التحقيق]:
هذا الحديث مداره على العلاء بن الحارث، واختُلف عليه في سنده ومتنه على خمسة أوجه:
الوجه الأول: عن العلاء بن الحارث، عن حَرَام بن معاوية، عن عمه عبد الله بن سعد مرفوعًا، به.
رواه أحمد (19008) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث. بسنده مقتصرًا على مؤاكلة الحائض.
ورواه الدارمي (1096): أخبرنا أحمد بن الحَجاج، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. بسنده مقتصرًا على مؤاكلة الحائض.
ورواه الترمذي عن عباس العنبري ومحمد بن عبد الأعلى،
ورواه ابن ماجه (1357) عن بكر بن خلف،
ورواه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 865) -ومن طريقه الضياء
(389)
- عن ابن المثنى.
ورواه الطوسي في (المستخرج 115) عن يعقوب الدورقي.
ورواه أبو نعيم في (معرفة الصحابة 4178) من طريق علي بن المديني.
ورواه ابن قانع في (معجمه 2/ 93) من طريق محمد بن الوليد البُسْري.
ورواه الخطيب في (الموضح 1/ 110)، وابن عساكر في (تاريخه 12/ 303) من طريق محمد بن إسماعيل بن علية.
ورواه الخطيب في (الموضح 1/ 110) أيضًا من طريق بندار، ومن طريق الفضل بن موسى، ومن طريق خالد بن محمد.
كلهم: عن ابن مهدي، عن معاوية، عن العلاء، عن حرام بن معاوية
(1)
به.
طَوَّله ابن المثنى، واختصره الباقون، منهم مَن اقتصر على مؤاكلة الحائض؛
(1)
- وقع في المطبوع من (الجامع الترمذي) خلافًا للأصل: ((حرام بن حكيم))، قال محققوه:((في الأصل و (س): ((حرام بن معاوية))، والمثبت من حاشية الأصل بخط مغاير ورقم عليه (م)، وحاشية (س) مصوبًا فيهما، وهو على الصواب في (تحفة الأشراف)
…
إلى آخر كلامهم.
قلنا: لا معنى لتغيير الأصل طالما هناك خلاف على عبد الرحمن في تسمية حرام، وقد رواه الترمذي نفسه في (الشمائل 298) عن عباس العنبري عن ابن مهدي فقال فيه:((حرام بن معاوية)).
وكذا وقع في المطبوع من (الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم) خلافًا للأصل: ((حرام بن حكيم)) قال محققه: ((جاء في الأصل معاوية، والتصويب من المصادر السابقة)).
قلنا: قد رواه الضياء في الأحاديث المختارة من طريق ابن أبي عاصم موافقًا للأصل.
كأحمد، وبكر بن خلف، وأحمد بن الحجاج، والعنبري، والدورقي، وابن المديني، وابن معين، وخالد. ومنهم مَن اقتصر على الصلاة في البيت كبندار، ومحمد بن إسماعيل، والبُسْري، والفضل.
الوجه الثاني: عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد، به.
رواه أحمد (19007) -ومن طريقه الضياء (9/ 409) وابن عساكر (29/ 49) والمزي (15/ 22) - عن عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية -يعني: ابن صالح- عن العلاء -يعني: ابن الحارث- عن حرام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد، به مطولًا.
وابن أبي خيثمة في (التاريخ-السِّفر الثاني 1230/ 4)، والبغوي في (المعجم 2153) وغيرهما عن عبيد الله بن عمرو القواريري.
ورواه ابن ماجه في (621 ط/ دار إحياء الكتب العربية) عن بكر بن خلف،
وابن خزيمة (1273) -ومن طريقه الضياء في (الأحاديث المختارة 386) - من طريق بندار، وعبد الله بن هاشم.
وأبو نعيم في (الحلية 9/ 51) من طريق أحمد الدورقي.
وابن عساكر في (تاريخه 2/ 50) من طريق ابن معين.
كلهم عن ابن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن حرام بن حكيم، به مختصرًا -خلافًا لرواية أحمد التي قَدَّمنا بها الإسناد-، منهم مَن اقتصر على مؤاكلة الحائض؛ كبكر والدورقي، ومنهم مَن اقتصر على ذكر مَا يوجب الغسل، وهو القواريري عند ابن أبي خيثمة، ومنهم مَن اقتصر على مسألة الصلاة في البيت والمسجد؛ كابن هاشم والقواريري عند البغوي
وغيره.
وكذا تابعهم يحيى الحِمَّاني على قوله: ((حرام بن حكيم))، ولكن زاد في إسناده رجلًا بين ابن مهدي ومعاوية بن صالح، وهو:((مقرن بن كرزمة)).
وهو وَهْم من الحماني؛ فحاله لا يتحمل مخالفة الجمع الذين رووه عن ابن مهدي بلا واسطة، كما تقدم.
قلنا: فمدار هذين الوجهين كما تقدم على ابن مهدي، وقد اختُلف عنه في تسمية حرام: فمرة قال: ((حرام بن معاوية))، ومرة قال:((حرام بن حكيم)).
فإما أن يكون كلا الاسمين صحيحًا.
وهو ما ذهب إليه ابن ماكولا، فقال:((وهما رجل واحد، يُختلَف في اسم أبيه، فيقال: حرام بن حكيم. ويقال: حرام بن معاوية)) (تهذيب مستمر الأوهام، ص: 181 - 182).
وقال الحافظ في (التقريب 1162): ((حرام -بمهملتين مفتوحتين- بن حكيم بن خالد بن سعد الأنصاري -ويقال: العنسي، بالنون- الدمشقي. وهو حرام بن معاوية، كان معاوية بن صالح يقوله على الوجهين، ووَهِم مَن جعلهما اثنين)). وتبعه ملا علي القاري في (جمع الوسائل 2/ 93).
وإما أن يكون أحدهما وهمًا، وهذا الذي ذهب إليه جماعة:
فقال ابن قانع وأبو الحسن أحمد بن عمير ابن جوصا: ((الصواب حرام بن حكيم)) (معجم ابن قانع 2/ 94)، و (تاريخ دمشق 12/ 307) مع (إكمال تهذيب الكمال 4/ 21).
ومال إليه الخطيب، فقال بعد ذكر إسناد عبد الله بن وهب، عن معاوية بن
صالح، عن العلاء، عن حرام بن حكيم، به:((وهكذا رَوَى عن معاوية بن صالح غير واحد، وخالفهم عبد الرحمن بن مهدي فقال: عن حرام بن معاوية)) (تلخيص المتشابه 1/ 455).
وقد حَمَل ابن عساكر على ابن مهدي، فقال:((وقول ابن مهدي في اسمه: (حرام بن معاوية) هو وهمٌ)) (تاريخ دمشق 12/ 307) مع (الإكمال 4/ 21).
قال ابن عساكر: ((وكذلك قال عبد الله بن وهب وعبد الله بن صالح المصريان، عن معاوية بن صالح. وكذلك رواه الهيثم بن حميد، عن العلاء بن الحارث)) (التاريخ 29/ 49).
قال الضياء: ((والمشهور: حرام بن حكيم)) (المختارة 9/ 411).
قلنا: وما ذهب إليه أصحاب القول الثاني لعله هو الصواب؛ فقد توبع ابن مهدي على قوله: ((حرام بن حكيم)) مع اختلافٍ في متنه:
فرواه عبد الله بن صالح، كما عند أبي القاسم الحرفي في (فوائده 4) -وعنه البيهقي في (السنن الكبير 4186) - قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد، بنحوه. ولكن جعل فيه الأمر بالغسل صيغة المخاطب، خلافًا لرواية ابن مهدي. وزاد غَسل الأنثيين، فقال:((فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ)).
وعبد الله بن صالح وإن ضُعِّف، فقد توبع على قوله:((حرام بن حكيم))، وكذا توبع على لفظ ((الأنثيين)):
تابعه عبد الله بن وهب، فرواه عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث،
عن حرام بن حكيم، عن عبد الله بن سعد، به. أحيانًا يقتصر على الغَسل، وأحيانًا على الحيض، وأخرى على الصلاة، وأحيانًا مطولًا.
وبيان ذلك: أن بحر بن نصر، كما عند ابن الجارود في (المنتقى 7)، وابن خزيمة في (الصحيح 1273)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 339)،
وإبراهيم بن موسى كما عند أبي داود في (السنن 210) -ومن طريقه الخطيب في (الموضح 1/ 109)، وغيره.
وأبا نعيم، كما عند البخاري في (التاريخ الكبير 5/ 27).
وإبراهيم بن المنذر، كما عند ابن قانع في (معجمه 2/ 94).
جميعهم: رووه عن ابن وهب بسنده. واقتصروا على الغَسل، وفيه زيادة (الأنثيين) إلا رواية ابن قانع فهي خلو عنها.
وكذا رواية ابن خزيمة والطحاوي، فلم يذكرا الغسل، واقتصرا على الصلاة.
ورواه وهب بن بيان، كما عند ابن قانع في (معجمه 2/ 94)، عن ابن وهب به، مقتصرًا على مؤاكلة الحائض.
ورواه حرملة، كما عند ابن عساكر في (تاريخه 29/ 50) عن ابن وهب، به مطولًا.
قلنا: فاتفق (ابن وهب، وابن صالح) على قولهما: ((حرام بن حكيم)) ولكن خالفا ابن مهدي في متنه، حيث ذكر هو الحديث بصيغة المتكلم، بينما رواه ابن وهب وعبد الله بن صالح- بصيغة المخاطب، وزادا فيه
((غَسْل الأنثيين)).
قلنا: وقد توبع معاوية بن صالح على قوله: ((حرام بن حكيم))، ولكن خولف في إسناده ومتنه، وهو:
الوجه الثالث: عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه -لم يُسَمَّ-به مقتصرًا على الحيض، وزاد:((مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: لَكَ مَا فَوْقَ الإِزَارِ)).
رواه أبو داود في (السنن 211) -ومن طريقه البيهقي في (السنن 1514)، والخطيب في (موضح أوهام الجمع 1/ 111)، وغيرهما- قال: حدثنا هارون بن محمد بن بكار، حدثنا مَرْوان- يعني ابن محمد-، حدثنا الهيثم بن حميد، حدثنا العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي
…
فذكره.
ورواه الدارمي في (السنن 1098) كرواية هارون بن بكار، عن الطاطَري بسنده. ولكن زاد في مؤاكلة الحائض:((وَإِنَّا لَمُتَعَشُّونَ إِنْ شَاءَ اللهُ جميعًا))، ولم يقل:((وَاكِلْهَا))، وكذا لم يذكر: ((مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأتِي
…
)).
وخالفهما أبو الأزهر أحمد بن الأزهر، وهو:
الوجه الرابع: عن العلاء بن الحارث، عن حِزام بن حكيم، عن عمه مخمر، به مقتصرًا على الغَسْل، ولم يذكر ((الأنثيين)).
رواه أبو نعيم في (معرفة الصحابة 6314): عن محمد بن الحسن القطان، ثنا أبو الأزهر، ثنا مَرْوان بن محمد الطاطَري، ثنا الهيثم بن حميد، حدثني العلاء بن الحارث، به، ولفظه: ((أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَاءِ بَعْدَ المَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا المَاءُ بَعْدَ المَاءِ فَهُوَ المِذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ
يُمْذِي ، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْسِلْ ذَكَرَهُ ، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).
فسمى في هذه الرواية شيخ العلاء: ((حِزام بن حكيم))، وعمه:((مخمرًا)).
قلنا: مدار هذا الوجه والذي قبله على مَرْوان الطاطَري، ومَن رواه عنه ثقات، وقد خالفه مَن هو أوثق منه في إسناده، وهو:
الوجه الخامس: عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن عثمان، عن عمه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. ولم يُسَمّ عمه.
عَلَّقه البخاري في (التاريخ الكبير 5/ 29) عن شيخه عبد الله بن يوسف، عن الهيثم بن حميد، عن العلاء بن الحارث، به، ولم يَسُقْ متنه. وقد ذكر قبله رواية ابن وهب في المذي، فلعله يحيل عليه.
قلنا: مدار الأوجه الخمسة جميعها على العلاء بن الحارث، وقد اختُلف في إسناده ومتنه، كما هو مبين، ولا نرى هذا إلا مِن قِبله.
فالعلاء وإن كان ثقة من رواة الصحيح، واحتج به مسلم، ووثقه جمهور النقاد (التهذيب 22/ 479) - فقد رماه ابن سعد بالاختلاط (الطبقات الكبرى 9/ 467). وقال أبو داود:((دمشقي، تغيَّر عقله)) (سؤالات الآجري 1605). وقال ابن حجر: ((صدوق فقيه، لكن رُمِي بالقَدَر، وقد اختُلط)) (التقريب 5230).
ولا يقال: إن الهيثم ومعاوية بن صالح من كبار تلاميذه، وقد تحملا عنه قبل الاختلاط.
نعم، قد يقال هذا، ولكن قد اختلفا عليه اختلافًا كبيرًا في السند والمتن، وفي حديث كل منهما زيادات ليست في حديث الآخر، وليس أحدهما أَوْلى بالترجيح من الآخر؛ فكلاهما -وإن مُس بجَرْح- موثق. وإلحاق الجناية
بواحد أَوْلى من إلحاقها بالاثنين، فكيف وقد رُمي هذا الواحد بالاختلاط؟ !
و(حرام بن حكيم): ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 3/ 101)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 282)، فلم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. ووثقه دُحيم -فيما ذَكَر المزي في (التهذيب 5/ 518)، والذهبي في (تاريخ الإسلام 3/ 222)، وغيرهما -، وكذا وثقه العجلي في (معرفة الثقات وغيرهم 279)
(1)
، وذكره ابن حبان في (الثقات 4/ 185)، وتوثيقه هو ظاهر صنيع الدارقطني في (السنن عقب الحديث رقم 1220)
(2)
، ونقله بعض الحفاظ عنه كما في (تهذيب التهذيب 2/ 222)، وأقره البيهقي، بل وصرح بتصحيح الحديث (السنن الكبرى 2961، 2962)، (القراءة خلف الإمام 121).
بينما ضَعَّفه ابن حزم في (المحلى 2/ 180)، وتبعه عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 209). وقال ابن القطان:((مجهول الحال)) (بيان الوهم والإيهام 3/ 310 - 311، 3/ 312).
وتعقبهم جميعًا الحافظ ابن حجر، فقال:((وقد ضعفه ابن حزم فى (المحلى) بغير مستند. وقال عبد الحق عقب حديثه: (لا يصح هذا)، وقال فى موضع آخر:(حرام ضعيف)، فكأنه تبع ابن حزم، وأنكر عليه ذلك ابن القطان الفاسي، فقال: بل مجهول الحال.
وليس كما قالوا، ثقة، كما قال العجلي وغيره)) (تهذيب التهذيب 2/ 222).
(1)
ولكن قال: ((مصري تابعي ثقة))، فتعقبه ابن عساكر، فقال:((كذا قال، وهو دمشقي لا مصري)) (تاريخ دمشق 12/ 307).
(2)
حيث قال عقب حديث من طريقه: "رجاله ثقات كلهم".
وقال في (التقريب 1162): "ثقة"، وكذا قال الذهبي في (الكاشف 967).
وتعقب عبد الحق قائلًا: ((وعليه مؤاخذة في ذلك، فإنه يقبل رواية المستور، وحرام قد وثق
…
فحديثه مع غرابته يقتضى أن يكون حسنًا)) (الميزان 1/ 467).
ويبقى تفرد العلاء بن الحارث واضطرابه فيه علة مؤثرة في صحة الحديث.
لاسيما وفيه لفظتان منكرتان، وهما قوله:((تغسل الأنثيين))، و ((يحل لك ما فوق الإزار)).
ولعل لذلك ذكره أبو داود في (كتاب التفرد).
قال مغلطاي - بعد أن ذكر أن أبا داود رواه في (التفرد) مطولًا -: ((الذي تفرد به منه قوله: (وأنثييك))) (شرح ابن ماجه 2/ 106).
وقال أبو القاسم الحرفي: ((هذا حديث شامي، لا نحفظه إلا من حديثهم، لا أعلم رواه غير حرام بن حكيم الدمشقي، وعنه العلاء بن الحارث الحمصي)) (فوائد أبي القاسم الحرفي، ص: 143).
وقد ضَعَّفه باللفظتين هاتين: ابن حزم في (المحلى 2/ 180) -وتبعه ابن مفلح في (المبدع في شرح المقنع 1/ 217) -، وعبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 138، 209)، وأقره الزيلعي (تخريج أحاديث الكشاف 1/ 138)، (نصب الراية 1/ 93).
وكذا ضَعَّفه ابن القطان الفاسي في (بيان الوهم والإيهام 3/ 310 - 311)، وأقره ابن دقيق العيد في (الإمام 3/ 448).
وقال ابن رجب: ((وأما الأحاديث التي رُويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عما
يحل من الحائض، فقال:(فوق الإزار) فقد رُويت من وجوه متعددة لا تخلو أسانيدها من لِين، وليس رواتها من المبرزين في الحفظ)) (الفتح 2/ 32).
وقال ابن حجر: ((في إسناده ضعف، وقد حَسَّنه الترمذي)) (التلخيص 1/ 207).
قلنا:
قال الترمذي عقبه: ((حسن غريب))
(1)
،
وتبعه الطوسي (المستخرج 1/ 358).
قال الشوكاني: ((وإنما غرّبه الترمذي لأنه تفرد به العلاء بن الحارث)) (النيل 1/ 350).
وصححه ابن خزيمة حيث أورده في الصحيح، ولكن مقتصرًا على الجزء المتعلق بالصلاة.
وكذا هو ظاهر صنيع الضياء المقدسي حيث أورده في (الأحاديث المختارة).
وقال النووي: ((رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح)) (المجموع 2/ 145)، وقال في (الخلاصة 1/ 227)):((حديث حسن)).
وقال ابن سيد الناس: ((في هذا الحديث زيادة غسل الأنثيين، وهو صحيح الإسناد)) (النفح الشذي 3/ 9).
(1)
وذكر مغلطاي أنه في بعض النسخ: ((حسن صحيح)) (شرح ابن ماجه 2/ 106).
والذي في (التحفة 4/ 351) و (التهذيب 15/ 23)، ونقله ابن العربي في (العارضة 1/ 214)، والنووي في (الخلاصة 1/ 227)، والعيني في (شرح أبي داود 1/ 484) والشوكاني في (النيل 1/ 350)، والمباركفوري في (التحفة 1/ 352)، وأقروه- أنه قال:((حسن غريب)). وكذا قال الطوسي في (المستخرج 1/ 358).
وتقدم قول الذهبي عن حرام: ((فحديثه مع غرابته يقتضي أن يكون حسنًا)).
وقال البوصيري في رواية ابن ماجه المقتصرة منه على بيان أفضلية الصلاة في البيت أو المسجد، وهي بنفس إسناد روايته المقتصرة على مؤاكلة الحائض:((هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رواه ابن حبان في صحيحه، عن بندار، عن عبد الرحمن بن مهدي، به)) (الزوائد 2/ 9)، وأقره السندي في (الحاشية 1/ 416).
قلنا: إنما رواه عن بندار: ابن خزيمة (1273) وليس ابن حبان.
وقال ابن الملقن: ((نَسَب ابن القطان حرام بن حكيم إلى الجهالة، وأقره على ذلك الشيخ تقي الدين في الإمام، وليس كذلك؛ فقد وثقه دحيم)) (البدر 2/ 418)، وجَوَّد إسناده في (تحفة المحتاج 1/ 233).
وكذا تعقب مغلطاي ابنَ القطان فقال: ((ومَن كان بهذه المثابة فلا يكون علة لحديث، ويكون القول فيه ما قاله الترمذي)) (شرح سنن ابن ماجه 2/ 107).
وجَوَّد إسناده ابن كثير (إرشاد الفقيه 1/ 79).
وقال ابن الهمام: ((رواه أبو داود وسكت عليه، فهو حجة. ويحتمل أن يكون حسنًا أو صحيحًا. فمنهم مَن حَسَّنه، لكن شارحه أبو زرعة العراقي صرح بأنه ينبغي أن يكون صحيحًا، وهو فرع معرفة رجال سنده، فثبت كونه صحيحًا)) (فتح القدير 1/ 167)).
وقال الشوكاني: ((رواته كلهم ثقات)) (النيل 1/ 350)
(1)
.
(1)
وفي بقية عبارته خطأ بَيَّنه المباركفوري في (التحفة 1/ 352).
وصححه أحمد شاكر في تحقيقه لـ (جامع الترمذي 1/ 195).
وقال الألباني: ((هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، غير حرام بن حكيم؛ قال دحيم والعجلي: ثقة)) (صحيح أبي داود 1/ 382).
2129 -
حَدِيثُ مِخْمَرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ
◼ عَنْ حِزَامِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ مِخْمَرٍ: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَاءِ بَعْدَ المَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا المَاءُ بَعْدَ المَاءِ فَهُوَ المَذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي ، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْسِلْ ذَكَرَهُ ، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .
[الحكم]:
إسناد ضعيف.
[التخريج]:
[صحا 6314].
[السند]:
قال أبو نعيم: حدثناه عن محمد بن الحسن القطان، حدثنا أبو الأزهر، حدثنا مَرْوان بن محمد الطاطَري، حدثنا الهيثم بن حميد، حدثني العلاء بن الحارث، عن حزام بن حكيم، عن عمه مِخْمَر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لاضطرابه، حيث اضطرب فيه العلاء بن الحارث، وذلك أحد أوجه الخلاف عنه كما بينا ذلك تحت (باب الوضوء من المذي).
وفيه أيضًا حرام بن حكيم، مختلف فيه كما بينا في الموضع الآنف.
2130 -
حَدِيثُ جَابِرٍ:
◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، في الوضوء من المذي.
[الحكم]:
إسناده ضعيف.
[التخريج]:
[تخ (5/ 388)].
[السند]:
قال البخاري: وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الرحمن بن النعمان، حدثنا عبيد الله بن عبد الله الخَطْمي، سمع جابرًا رضي الله عنه، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه: عبد الرحمن بن النعمان الأنصاري: ضَعَّفه ابن معين، وقال ابن المديني:"مجهول"، وقال الدارقطني:"متروك"(سؤالات البرقاني 282).
بينما قال أبو حاتم الرازي: "صدوق"، وذَكَره ابن حبان في (الثقات). انظر (تهذيب التهذيب 6/ 286). وقال الذهبي:"صدوق"(الكاشف 3331)، وقال ابن حجر:"صدوق، ربما غلط"(التقريب 4029).
قلنا: كذا قال، ولعل الأقرب - لدينا - قول المضعفين؛ فإن قول أبي حاتم:(صدوق) قد لا يعارض تضعيف مَن ضَعَّفه، كما نص ابنه في (مقدمة الجرح والتعديل 2/ 37)، وابن حبان معروف بالتساهل.
وفيه أيضًا: عبيد الله بن عبد الله الخَطْمي، وهو مختلف فيه:
فوَثَّقه أبو زرعة الرازي (الجرح والتعديل 5/ 321)، وذَكَره ابن حبان في
(الثقات 5/ 70). وذَكَره ابن خلفون في كتاب "الثقات" وقال: "ليس به بأس"(إكمال تهذيب الكمال 9/ 33). ولذا قال الذهبي: "ثقة"(الكاشف 3561).
بينما ذكره العقيلي في (الضعفاء) ونقل عن البخاري قوله فيه: "في حديثه نظر". ثم قال: "وهذا الحديث: حدثناه
…
" فأسند حديثًا له غير هذا، (الضعفاء 2/ 619). وتبعه الذهبي في (الميزان 5376)، وذَكَره في (ديوان الضعفاء 2697) و (المغني 3932) مقتصرًا على قول البخاري. وقال ابن حجر: "فيه لِين" (التقريب 4308).
[تنبيه]:
لم نقف على هذا الحديث هكذا سوى عند البخاري في تاريخه، حيث ذَكَره عن شيخه أبي نعيم به.
بينما روى العقيلي في (الضعفاء 3/ 619) عن البخاري، قال: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ الحُصَيْنِ - الخَطْمِيُّ، قَالَ: صَلَّيْنَا عَلَى جَنَازَةٍ مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، ثُمَّ رَجَعَ مِنَ الجَنَازَةِ، فَجَلَسْنَا حَوْلَهُ فِي المَسْجِدِ فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ كَيْفَ كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْنَا: بَلَى. ((فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى الحَصْبَاءِ، فَمَلَأَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَضَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ، ثُمَّ أَلْقَى الحَصْبَاءِ عَلَى قَدَمَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ بَطْنِ رِجْلِهِ)).
فلا ندري أهما حديثان منفصلان أم حديث واحد؟ وهذا الحديث الآخر تقدم تخريجه وتحقيقه تحت (باب غسل القدمين) حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
* * *
2131 -
حَدِيثُ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
◼ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الضُّبْعي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَوِ اغْتَسَلْتُمْ مِنَ المَذْيِ، لَكَانَ أَشَدَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الحَيْضِ)).
[الحكم]:
مرسل. قاله: البخاري، وابن أبي حاتم -وأقره ابن الأثير وابن كثير-، وابن حبان، وابن حجر، والسيوطي -وأقره الصنعاني-، والمُناوي. وضَعَّفه الألباني.
[التخريج]:
[عسكر (صحابة - أسد 2/ 11) / مديني (صحابة - أسد 2/ 11، مغلطاي 2/ 108)].
[السند]:
رواه علي بن سعيد العسكري، عن إسحاق بن وهب، عن أبي داود الطيالسي، عن همام، عن قتادة، عن حسان بن عبد الرحمن الضُّبْعي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، غير حسان بن عبد الرحمن -وقيل: ابن عبد الله- الضبعي، أورده العسكري في (الصحابة) لحديثه هذا. وتبعه أبو موسى المديني في (ذيله على الصحابة).
والصحيح أنه تابعي، كما ذهب إليه غير واحد:
قال البخاري: ((حسان بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل - قاله همام عن قتادة)) (التاريخ الكبير 3/ 31).
وبنحوه ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 236)، وابن حبان في
(الثقات 4/ 164).
وأقره بذلك: ابن الأثير في (أسد الغابة 2/ 11)، وابن كثير في (جامع المسانيد 2/ 454)، وابن حجر في (الإصابة 3/ 103)، والسيوطي في (الجامع الصغير 7425)، والمناوي في (التيسير 2/ 306)، والصنعاني في (التنوير 9/ 139).
وضَعَّف الحديث الألباني (ضعيف الجامع 4793).
قلنا: ومع هذا قال مغلطاي: ((سند جيد))! (شرح ابن ماجه 2/ 108). وهو متعقب بما تقدم.
قلنا: وقد ترجم أبو نعيم لحسان هذا في (طبقات المحدثين 1/ 320) فقال: ((عِداده في البصريين، قَدِم أصبهان مع أبي موسى، وله حديث لم يحدث به غيره)).
قال ابن حجر: ((ما عرفته)) (فتح الباري 13/ 327)، ولكن وقع فيه عبد الرحمن بن حسان.
قلنا: فإذا كان حسان الضبعي هو حسان هذا، ففيه جهالة لما تقدم.
2132 -
حَدِيثُ: ((فِي السُّوَعَاءِ الوُضُوءُ)):
◼ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((فِي السُّوَعَاءِ الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
لا أصل له.
[الفوائد]:
اختلف أهل اللغة في تفسير السوعاء على قولين:
الأول: السوعاء: الودي. قاله رؤبة، كما في (جمهرة اللغة لابن دريد 2/ 844)، و (تهذيب اللغة 3/ 57)، و (غريب الحديث للخطابي 2/ 582)، وغيرها.
الثاني: السوعاء: المذي. قاله ابن الأعرابي، كما في (تهذيب اللغة 3/ 57)، و (غريب الحديث للخطابي 2/ 582، 3/ 212). والصاحب بن عباد في (المحيط في اللغة)، وغيرها.
[التخريج والتحقيق]:
هذا الحديث لم نقف له على إسناد في كتب السنة التي بين أيدينا، ولكن ذَكَره الخطابي في (غريب الحديث 3/ 212)، وتبعه الماوردي في (الحاوي 1/ 215)، والروياني في (بحر المذهب 1/ 164).
وكذا ذَكَره ابن الجوزي في (غريب الحديث 1/ 509)، وابن الأثير في (النهاية 2/ 422)، والفيروزآبادي في (القاموس المحيط 1/ 731)، والفتني في (مجمع بحار الأنوار 3/ 147).