المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌359 - باب ما جاء في الوضوء من النوم - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٧

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أبوابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الوُضُوءُ وَمَا لَا يَجِبُ

- ‌353 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الحَدَثِ

- ‌354 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ البَوْلِ وَالغَائِطِ

- ‌355 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ المَذْيِ

- ‌356 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الوَدْيِ

- ‌357 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ التقَاءِ الخِتَانَيْنِ

- ‌358 - بَابُ نَسْخِ الوُضُوءِ مِنَ التِقَاءِ الخِتَانَيْنِ، وَالأَمْرِ بِالغُسْلِ

- ‌359 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌360 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌361 - بَابٌ: لَا وُضُوءَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ بِخَاصَّةٍ

- ‌362 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنْ لَا وُضُوءَ إِلَّا عَلَى المُضْطَجِعِ

- ‌363 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي النَّوْمِ فِي الصَّلَاةِ، هَلْ يَنقُضُ الوُضُوءَ

- ‌364 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي وُضُوءِ مَنْ خَالَطَ النَّوْمُ قَلْبَهُ

- ‌365 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلَّا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ

- ‌366 - بَابُ مَا رُوِيَ في أَنَّ الغِشْيَانَ حَدَثٌ

- ‌367 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ

- ‌368 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنْ أَلْبَانِ الإِبِلِ

- ‌369 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ عَامَّةً

الفصل: ‌359 - باب ما جاء في الوضوء من النوم

‌359 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

2139 -

حَدِيثُ عِمْرَانَ بن حصين:

◼ عَنْ عِمْرَانَ، قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَقَعنَا وَقعَةً، وَلَا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ المُسَافِرِ مِنْهَا! فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ فُلَانٌ، ثُمَّ فُلَانٌ، ثُمَّ فُلَانٌ، ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ الرَّابِعُ -.

وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَامَ، لَمْ يُوقَظْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقظُ؛ لأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ.

فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ، وَكَانَ رَجُلًا جَلِيدًا، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ بِصَوْتِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إِلَيْهِ الذِي أَصَابَهُمْ، قَالَ:((لَا ضَيْرَ - أَوْ: لَا يَضِيرُ - ارْتَحِلُوا))، فَارْتَحَلَ، فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَعَا بِالوَضُوءِ، فَتَوَضَّأَ، وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ

الحديث.

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[التخريج]:

[خ 344 "واللفظ له" / م 682 / حم 19898 / خز 288، 1057 مختصرًا، 1045/ حب 1296، 1297 / عه 2143 / ش 4791 مختصرًا / بز 3584 / طب (18/ 132/276) / مسن 1535/ هقل

ص: 252

(4/ 277) / هق 1059، 1918/ ني 87، 88 / نعيم (إمامة 29) / نبص 320/ سرج 1779/ سراج 1375/ حداد 2992/ نبق 10]

[السند]:

قال البخارى (344): حدثنا مُسدَّد، قال: حدثني يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عوف، قال: حدثنا أبو رجاء، عن عمران، به.

* والحديث مخرج مع كثير من رواياته في (باب استعمال أواني المشركين)، وفي (باب: مشروعية التيمم عند عدم الماء)، وغيرها من الأبواب.

ص: 253

رِوَايَةُ: فَأَتَوْهُ بِجُرَيْعَةٍ مِنْ مَاءٍ فِي مِطْهَرَةٍ

• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا، فَسَارَ بِأَصْحَابِهِ، وَأَنَّهُمْ عَرَّسُوا قَبْلَ الصُّبْحِ، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ.

فَاسْتَيْقَظَ أَبُو بَكْرٍ، فَرَأَى الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ، فَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُوقِظَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى اسْتَيْقَظَ عُمَرُ، فَاسْتَيْقَظَ رَجُلٌ جَهِيرُ الصَّوْتِ، فَسَبَّحَ وَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ جِدًّا، حَتَّى اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ! فَقَالَ:((لَمْ تَفُتْكُمْ)). ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَكِبُوا وَسَارُوا هُنَيْهَةً، ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَزَلُوا مَعَهُ، وَكَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي المَكَانِ الَّذِي نَامَ فِيهِ عَنِ الصَّلَاةِ.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((ائْتُونِي بِمَاءٍ))، فَأَتَوْهُ بِجُرَيْعَةٍ مِنْ مَاءٍ فِي مِطْهَرَةٍ، فَصَبَّهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِنَاءٍ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي المَاءِ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:((تَوَضَّئُوا))، فَتَوَضَّأَ قَرِيبٌ مِنْ سَبْعِينَ رَجُلًا. ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُنَادَى بِالصَّلَاةِ، فَنُودِيَ بِهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

الحَدِيثَ.

[الحكم]:

إسناده ضعيف بهذا السياق.

[التخريج]:

[هقل (4/ 279 - 280)].

[السند]:

قال البيهقي في (الدلائل): حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا أحمد بن

ص: 254

عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بُكير، عن عَبَّاد بن منصور الناجي، قال: حدثنا أبو رجاء العُطاردي، عن عمران بن حصين، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه عباد بن منصور الناجي، قال عنه أحمد:"كانت أحاديثه منكرة، وكان قدريًّا، وكان يدلس"، وضَعَّفه يحيى بن معين، وابن سعد، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، والنسائي، وابن عدي، والدارقطني. وذَكَر علي بن المديني أن يحيى بن سعيد القطان لم يكن يرضاه. وفي رواية أخرى عن يحيى أنه وثقه. وقال العجلي:"لا بأس به، يُكتب حديثه"، وقال مرة:"جائز الحديث". انظر (تهذيب التهذيب 5/ 103 - 105).

ص: 255

رِوَايَةُ: ((فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا يَقُومُ دَهِشًا إِلَى طَهُورِهِ)) مع زيادات أخرى:

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَرَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم،] فِي غَزَاةٍ [1 فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ (السَّحَرِ) عَرَّسْنَا] فَغَلَبَتْنَا أَعْيُنُنَا [2 فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى أَيْقَظَنَا حَرُّ الشَّمْسِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا يَقُومُ دَهِشًا] فَزِعًا [3 إِلَى طَهُورِهِ.

قَالَ: فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْكُنُوا، ثُمَّ ارْتَحَلْنَا فَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّيْنَا. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نُعِيدُهَا فِي وَقْتِهَا مِنَ الغَدِ؟ قَالَ:((] لَا [4، أَيَنْهَاكُمْ رَبُّكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ؟!] إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي اليَقَظَةِ [)).

[الحكم]:

صحيح المتن دون: ((أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ))، وقوله:((ثُمَّ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ))، وقوله:((أَيَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ؟!))، وهذا إسناد منقطع.

[التخريج]:

[حم 19964 "واللفظ له"، 19965، 19991/ خز 1053 والزيادة الثانية له / حب 1457 والزيادة له، 2650/ بز 3564 والزيادة الأولى والثالثة والرابعة له ولغيره، والرواية له ولغيره، ولم يذكر:((الوضوء)) / طب (18/ 157/344) لم يذكر الوضوء، (18/ 168/ 378) / طس 5964 لم يذكر الوضوء/ منذ 1123 لم يذكر الوضوء ولا آخره، 1132، 1181 لم يذكر الوضوء ولا آخره/ طح (1/ 400) لم يذكر الوضوء/ هق 3217 لم يذكر الوضوء/ قط 1441 لم يذكر الوضوء، 1445، 1446 واختصره/ تحقيق 633 لم يذكر

ص: 256

الوضوء / استذ (1/ 319/771) لم يذكر الوضوء/ تمهيد (5/ 256 - 258) / محلى (3/ 20) / فصيب (ق 221/ب) لم يذكر الوضوء].

[السند]:

قال أحمد (19964): حدثنا يزيد، قال: أخبرنا هشام وروح، قال: حدثنا هشام، عن الحسن، عن عمران بن حصين، به.

ورواه ابن خزيمة (1053)، وابن حبان (1457)، وغيرهما من طريق يزيد بن هارون، به.

ورواه البزار (3564) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن هشام، به.

جميعهم رووه عن هشام عن الحسن عن عمران، به، لم يذكروا سماعًا بين الحسن وعمران.

ورواه أحمد (19965) عن معاوية بن عمرو، عن زائدة بن قدامة قال: زعم الحسن أن عمران حدثه.

ولم يقل أحد: (حدثه) إلا زائدة، وسيأتي بحث في ذلك أثناء التحقيق، فانظره.

والحديث مدار إسناده عند الجميع على الحسن عن عمران، به.

[التحقيق]:

إسناده رجاله ثقات، ولكن الحسن البصري مختلف في سماعه من عمران بن حصين:

فقال علي بن المديني: ((سمعت يحيى وقيل له: كان الحسن يقول:

ص: 257

(سمعت عمران بن حصين)؟ فقال: أما عن ثقة فلا)) (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1/ 243)، و (المراسيل 119).

فهذا من إمامٍ كيحيى القطان نفي لسماع الحسن من وجه صحيح.

وقال علي أيضًا: ((ولم يسمع من عمران بن حصين شيئًا، وليس بصحيح، لم يصح عن الحسن عن عمران سماع من وجه صحيح ثابت)).

وأقره يعقوب الفسوي (المعرفة والتاريخ 2/ 52).

ومال إليه يحيى بن معين، فقال: وقيل له: الحسن- يعني البصري- لقي عمران بن حصين؟ قال: ((يقول أهل الكوفة ذاك. وأما أهل البصرة فلا يُثبتون ذاك)).

وقال أيضًا: ((أهل البصرة يروون عن الحسن عن عمران. وأهل الكوفة يروون عنه، يقول سماك: عن الحسن قال: حدثني عمران بن حصين)) (تاريخ ابن معي، ن رواية ابن محرز (1/ 130)، (تاريخ ابن معين، رواية الدارمي 276، 3569).

وهذا منه ميل إلى عدم السماع، فإذا كان أهل بلده لا يذكرون السماع، وأهل الكوفة الغرباء يذكرونه مع ما عُرف منهم من تساهلهم في أمر السماع، فأنى يكون سمع؟ !

وما ذهبنا إليه فهمه الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم من تصرف ابن معين، حيث قال:((ذَكَر أبي عن إسحاق بن منصور قلت ليحيى: ابن سيرين والحسن سمعا من عمران بن حصين؟ قال: ابن سيرين نعم.))

قال مفسرًا قول ابن معين: ((يعني أن الحسن لم يسمع من عمران بن حصين)) (المراسيل 125).

ص: 258

وهذا هو الذي فهمه الذهبي وأقره، فقال: ((وقد روى بالإرسال عن طائفة؛ كعلي وأم سلمة، ولم يسمع منهما، ولا من أبي موسى، ولا من ابن سريع، ولا من عبد الله بن عمرو، ولا من عمرو بن تغلب، ولا من عمران

قاله يحيى بن معين)) (سير أعلام النبلاء 4/ 566).

وجزم به ابن حجر، فقال:((وقال بن معين: لم يسمع من عمران بن حصين)) (تهذيب التهذيب 2/ 268).

وكذا فَهِمه عبد الرحمن بن أبي حاتم من تصرف الإمام أحمد، فقال:((حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال: قال أبي: الحسن، قال بعضهم: حدثني عمران بن حصين))، قال ابن أبي حاتم:((يعني إنكارًا عليه أنه لم يسمع من عمران بن حصين)) (المراسيل 120).

فإن قيل: قد قال الإمام أحمد عن سماع الحسن: ((ما أنكره، ابن سيرين أصغر منه بعشر سنين، سمع منه)) (مسائل أحمد، رواية أبي داود ص 448).

قلنا: قد عَقَّب الإمام بقرينة تمنع قَبوله، وهي قوله:((قتادة يُدخل- يعني: الحسن وعمران- بينهما: هَيَّاج)) (مسائل أحمد، رواية أبي داود، ص 448).

وهذه القرينة كان الإمام، وغيره كثيرًا ما يرد السماع باستعمالها.

قال ابن رجب: ((فإن كان الثقة يَروي عمن عاصره أحيانًا ولم يَثبت لقيه له، ثم يُدخل أحيانًا بينه وبينه واسطة، فهذا يَستدل به هؤلاء الأئمة على عدم السماع منه)).

ثم ذكر أمثلة تدل على تصرف الإمام أحمد في ذلك، فقال: ((قال أحمد: البهي ما أُراه سمع من عائشة، إنما يَروي عن عروة عن عائشة. قال: وفي

ص: 259

حديث زائدة عن السُّدي عن البهي، قال: حدثتني عائشة. قال: وكان ابن مهدي سمعه من زائدة، وكان يدع منه "حدثتني عائشة" ينكره)).

وقال: ((وذكروا لأحمد قول من قال: (عن عِرَاك بن مالك: سمعت عائشة) فقال: هذا خطأ. وأنكره، وقال: عراك من أين سمع من عائشة؟! إنما يَروي عن عروة عن عائشة)) (شرح علل الترمذي 2/ 593).

واستعمل هذه القرينة البرديجي على بحثنا هذا، فقال في كتاب ((المراسيل)):((الحسن عن عمران فيه نظر؛ لأن الحسن يَروي عن هَيَّاج، عن عمران، عن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن المُثْلة» رواه معمر وغيره عن قتادة بهذا. ولا نعلم حديثًا رُوي عن الحسن أنه قال: (سمعت عمران بن حصين) من حديث الثقات أصلًا)) (إكمال تهذيب الكمال 4/ 84).

قلنا: وممن جزم بنفي السماع غير مَن ذُكر:

الإمام أبو حاتم الرازي (الجرح والتعديل 3/ 41).

ونسبه الحاكم للبخاري ومسلم، فقال:((ولم يُخرج محمد بن إسماعيل، ومسلم بن الحجاج رضي الله عنهما في هذه الترجمة- حرفًا، وذكرا أن الحسن لم يسمع من عمران بن حصين)) (المستدرك على الصحيحين 8/ 388).

وكذا الجورقاني في (الأباطيل والمناكير 2/ 302)، والمنذري (الترغيب والترهيب 2/ 254)، و (مختصر سنن أبي داود 6/ 32)، وابن دقيق العيد (الإلمام بأحاديث الأحكام 2/ 613)، والعراقي (المغني عن حمل الأسفار ص 1498)، وصدر الدين المناوي في (كشف المناهج والتناقيح 4/ 23).

وقال ابن حزم: ((في سماع الحسن من عمران كلام)) (المحلى 9/ 291).

ص: 260

وقال البيهقي: ((ولا يصح سماع الحسن من عمران؛ ففيه إرسال)) (السنن الكبير 20/ 222).

وقال أيضًا: ((إلا أن أهل العلم بالحديث لا يُثبتون سماع الحسن من عمران بن حصين)) (معرفة السنن والآثار 9/ 139).

وقال ابن القطان: ((منقطع؛ فإن الحسن لم يصح سماعه من عمران، ولم يَثبت ما رُوي من قوله: أَخَذ عمران بيدي)) (بيان الوهم 2/ 76).

ورجح ابن رجب أنه قول الأكثرين، فقال:((والحسن لم يسمع من عمران عند الأكثرين)) (فتح الباري 3/ 330).

قلنا: فهؤلاء هم أئمة الحديث ورجاله الأكابر، ذهبوا إلى نفي سماع الحسن، وهذا الذي نذهب إليه ونرجحه.

ومع هذا خالفهم بعض الأئمة وإن كانوا يقصرون عن هؤلاء في الإمامة، فقالوا بسماع الحسن، وهم:

الإمام البزار، كما نَقَل عنه الزيلعي في (نصب الراية 1/ 90) قال:((قال البزار في مسنده في آخر ترجمة سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: سمع الحسن البصري من جماعة من الصحابة، وروى عن جماعة آخرين لم يدركهم، وكان صادقًا متأولًا في ذلك، فيقول: (حدثنا) و (خَطَبَنَا) ويعني قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة. فأما الذين سمع منهم

وذكر منهم عمران)) اهـ.

قلنا: وقفنا على نص للبزار يخالف هذا.

فقال في (المسند 9/ 26)، بعد أن أسند حديثًا من طريق يونس، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه البَصْرَةَ وَصَلَّى بِهِمْ، كَانَ

ص: 261

يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَفَعَ وَوَضَعَ، فَقَالَ عِمْرَانُ: أَذْكَرَنَا هَذَا الشَّيْخُ صَلَاةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

وقال عقبه: ((وهذا الحديث ذكرناه عن يونس، وإن كان غير متصل لجلالة يونس)).

فهذا تصريح منه بعدم اتصال إسناده، فلا ندري هل غفل عنه أم لا؟ إلا أن يُحمَل على أن الحسن رَوَى قصة لم يحضرها بين علي وعمران. وقد نص في الموضع السابق عند الزيلعي على أنه لم يسمع من علي.

وأثبت سماعه أيضًا الحاكم، وصحح حديثه هذا، فقال:" هذا حديث صحيح على ما قدمنا ذكره من صحة سماع الحسن عن عمران، وإعادته الركعتين لم يخرجاه، وله شاهد بإسناد صحيح".

وبالغ الحاكم فنَقَل سماعه عن الأكثرين، فقال:((فإن أكثر أئمتنا من المتقدمين على أن الحسن قد سمع من عمران بن حصين)) (المستدرك 4/ 28).

وهذا يخالف نقل البيهقي وابن رجب المتقدم، وكذا تصرف الأئمة.

ولعله يقصد بالأئمة أئمة مخصوصين، وقد ذكر في موضع آخر ما يفيد ذلك، فقال:((وأكثر أئمة البصرة على أن الحسن قد سمع من عمران، غير أن الشيخين لم يخرجاه)) (المستدرك 4/ 279).

أو لعله يقصد مشايخه هو، فقد قال:((فإن مشائخنا وإن اختلفوا في سماع الحسن عن عمران بن حصين، فإن أكثرهم على أنه سمع منه)) (المستدرك 7/ 349).

وعلى كلًّ، فإنَّ نَقْله هذا فيه مجازفة؛ لِما تقدم عن الأئمة المتقدمين ما

ص: 262

يفيد بخلافه.

وكذا جزم بسماعه غير الحاكم: ابن خزيمة وابن حبان بإخراجهما حديثه هذا، وتصحيحهما له. وقد نص ابن حبان على سماعه، فقال:((وقد سمع من معقل بن يسار وعمران بن حصين)) (المجروحين 2/ 153)).

وقال الذهبي عن إسناده هذا: ((إسناده صالح)) (المهذب 2/ 106).

ورجح الألباني سماع الحسن من عمران في الجملة، وفي هذا الحديث بعينه، واستدل على ذلك بما:

أخرجه أحمد (19979) قال: ثنا معاوية، ثنا زائدة، عن هشام قال: زعم الحسن أن عمران بن حصين حدثه قال: أسرينا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة

فذكر الحديث.

وقال البيهقي: ورواه زائدة بن قدامة، عن هشام، عن الحسن، أن عمران بن حصين حدثه

فذكر معناه. أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد، ثنا علي بن الحسن بن بيان المقرئ، ثنا معاوية بن عمرو بن المهلب، ثنا زائدة بن قدامة

فذكره" (السنن الكبير 4/ 171 - 172).

قال الألباني: "وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين

فثبت بذلك أن الحديث موصول وأنه صحيح" (صحيح أبي داود 2/ 340).

قلنا: قد سبق الألبانيَّ إلى ذلك ابنُ التركماني، فقال: ((فقد صرح في هذا الحديث بأن عمران حدث الحسن، ولم يتعرض البيهقي لهذا الحديث بشيء. وأخرجه الحاكم في المستدرك وصحح إسناده. وأخرجه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه. وقال صاحب الإلمام: ورواه الطبراني من حديث

ص: 263

زائدة عن هشام. ورجال إسناده ثقات)) (الجوهر النقي 10/ 71).

قلنا: في هذا الطريق أمران يمنعان من قَبول التصريح بالسماع، مع ما سبق من نفي المتقدمين ذلك:

الأمر الأول: أن رواية هشام بن حسان عن الحسن فيها كلام، تَكلم فيها ابن المديني وغيره؛ ولذا قال الحافظ في هشام:((ثقة مِن أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال؛ لأنه قيل: كان يرسل عنهما)) (التقريب 7289).

الأمر الثاني: أنه قد اختُلف على هشام في ذكر التصريح بالسماع:

فرواه عنه زائدة بن قدامة، كما سبق، وفيه التصريح بالسماع. وخالفه آخرون فرووه عنه بالعنعنة، وهم:

1 -

يزيد بن هارون، عند أحمد في (المسند 19964)، وابن خزيمة في (الصحيح 1053)، وغيرهما.

2 -

رَوْح بن عُبَادة، عند أحمد في (المسند 19964)، وابن المنذر في (الأوسط 1123، 1181)، وغيرهما.

3 -

مكي بن إبراهيم، عند البيهقي في (السنن الكبير 3217).

4 -

عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عند البزار (3564)، وغيره.

5 -

محمد بن عبد الله الأنصاري، عند ابن المنذر في (الأوسط 1132).

6 -

أبو أسامة حماد بن أسامة، عند الطبراني في (المعجم الكبير 18/ 168/378).

فرواه ستتهم عن هشام بن حسان عن الحسن عن عمران. هكذا بالعنعنة،

ص: 264

ليس فيه تصريح بالسماع.

وقد رواه غير هشام عن الحسن- يونسُ بن عبيد، كما عند أبي داود في (السنن 440)، وأحمد في (المسند 19872)، وغيرهما. وليس فيه التصريح بالسماع.

ويونس مِن أثبت الناس في الحسن كما ذهب غير واحد، وليس في روايته ذِكر الوضوء، ولا ركعتي الفجر، ولا قوله:((أَيَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ؟ ! )) إلا في رواية عبيد الله بن عمر القواريري، عند ابن حبان (2650)، ولكنها رواية شاذة.

فقد خالف عبيد الله:

خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ثقة ثبت، كما عند أبي داود في (السنن 440)، وغيره.

وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، كما عند أحمد في (المسند 19872)، وغيره.

وعبد الوهاب بن عبد المجيد، كما عند الطحاوي في (السنن المأثورة 75).

وعبد الوهاب بن عطاء، كما عند أحمد في (المسند 19991)، وغيره.

فرواه أربعتهم وغيرهم عن يونس، لم يذكروا الوضوء، ولا ((أَيَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الرِّبَا .. )).

ورواية يونس هذه أصح من رواية هشام بن حسان فإنه متكلم فيه، غير أن في روايته زيادة:((أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ))، وعند أبي داود (440)، وغيره زيادة:((وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ مَعَ الفَجْرِ)) فنرى عدم أصحيتهما؛ وذلك أنهما ليستا في

ص: 265

رواية أبي رجاء العُطاردي المتصلة التي أخرجها الشيخان. وكذا لم يذكر زيادة: ((أَيَنْهَاكُمْ رَبُّكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ؟ ! ))، فالراجح شذوذها من حديث عمران.

قال البوصيري: ((حديث عمران بن حصين في الصحيحين عن أبي رجاء العُطاردي عن عمران بن حصين، وليس فيه ذكر الأذان ولا الإقامة، بل ولا ذَكَر فيه الوضوء بالجملة)).

قلنا: كلامه صواب إلا في ذكر الوضوء؛ فإنه ثابت في طريق أبي رجاء كما تقدم.

وعلى كُلٍّ فالحديث جميعه بالزيادات معل بالانقطاع، فلا نرى صحته. والله أعلم.

قال ابن رجب: ((وخَرَّج الإمام أحمد وأبو داود ذِكر الأذان والإقامة وصلاة ركعتي الفجر بينهما في هذه القصة- من حديث الحسن، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحسن لم يسمع من عمران عند الأكثرين)) (فتح الباري 5/ 108).

وقد مال لعدم أصحيتهما أيضًا ابن عبد الهادي، فقال:((قال علي بن المديني وأبو حاتم الرازي وغيرهما: الحسن لم يسمع من عمران)) (تنقيح التحقيق، 2/ 390).

وقال ابن دقيق العيد: ((إسناد رجاله ثقات، ولا علة فيه إلا الكلام في سماع الحسن من عمران بن حصين)) (الإمام 3/ 593).

وسيأتي مزيد بحث لهذه الزيادات في بابها من (كتاب الصلاة) إن شاء الله.

ص: 266

2140 -

حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ:

◼ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ((أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ))، قَالَ بِلَالٌ: أَنَا أُوقِظُكُمْ. فَاضْطَجَعُوا، وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَالَ:((يَا بِلَالُ، أَيْنَ مَا قُلْتَ؟ ! )) قَالَ: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ! ! قَالَ: ((إِنَّ اللهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ. يَا بِلَالُ، قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلَاةِ)). [فَقَامَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ] 1 فَتَوَضَّأَ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ؛ قَامَ فَصَلَّى.

[الحكم]:

صحيح (خ).

[التخريج]:

[خ 595 "واللفظ له" / د 437 مختصرًا / ن 858 والزيادة الأولى له/ كن 1007/ حب 1575/ طح 2168/ هق 1916/ هقغ 302/ هقس 288/ بغ 438/ حداد 739].

[السند]:

قال البخاري: حدثنا عمران بن ميسرة قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا حصين، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، به.

ص: 267

رِوَايَةُ: أَمَرَهُمْ فَانْتَشَرُوا، ولَمْ يَذْكُرِ الأَذَانَ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((إِنَّ اللهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ))، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَانْتَشَرُوا لِحَاجَتِهِمْ، وَتَوَضَّئُوا وَارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى بِهِمُ الفَجْرَ.

[الحكم]:

صحيح (خ).

[التخريج]:

[خ 7471 مقتصرًا على موضع الشاهد / حم 22611/ كن 11560/ ش 4789 / مشكل 3980 لم يسق لفظه / طح (1/ 401) لم يسق لفظه / محلى (3/ 20 - 21) / هق 3214 / تمهيد (5/ 252)].

[السند]:

قال البخاري: حدثنا ابن سَلَام، أخبرنا هشيم، عن حصين، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، به.

ص: 268

رِوَايَةُ ذِكْرِ الأَذَانِ وَقَالَ: حَتَّى ارْتَفَعَتْ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((إِنَّ اللهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حَيْثُ شَاءَ، وَرَدَّهَا حَيْثُ شَاءَ، قُمْ فَأَذِّنْ بِالصَّلاةِ)). فَقَامُوا فَتَطَهَّرُوا، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ.

[الحكم]:

إسناده صحيح.

[التخريج]:

[د 436 "واللفظ له"].

[السند]:

قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عون، أخبرنا خالد، عن حصين، عن ابن أبي قتادة، عن أبي قتادة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين، وتقدم نحوه عند البخاري.

ص: 269

رِوَايَةُ زَادَ ((رَكْعَتَيِ الفَجْرِ)) مَعَ الفَجْرِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((إِنَّ اللهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا إِلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ)). قال: ((فَآذِنِ النَّاسَ بِالصَّلَاةِ))، فَآذَنَهُمْ، فَتَوَضَّئُوا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، ثُمَّ صَلَّى الفَجْرَ.

[الحكم]:

صحيح، دون قوله: ((

صلَّى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ))، فمنكر من هذا الوجه.

[التخريج]:

[مشكل 3979 "واللفظ له" / طح (1/ 401)].

[السند]:

قال الطحاوي في كتابيه: حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا إبراهيم بن الجراح، قال: حدثنا أبو يوسف، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري، عن أبيه، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم، صاحب أبي حنيفة، وهو مختلف فيه:

فذكره البخاري في (الضعفاء 436) وقال: "تركه يحيى وعبد الرحمن ووكيع وغيرهم"، وقال في (التاريخ الكبير 8/ 397):"تركوه". وقال أحمد: "صدوق ولكن من أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يروى عنه شيء"، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه"(الجرح والتعديل 9/ 201 - 202)، وقال عمرو الفلاس:"صدوق كثير الغلط"(تاريخ الإسلام 4/ 1023)، (الميزان

ص: 270

4/ 447). وقيل لابن المبارك: أبو يوسف أعلم، أم محمد؟ قال:"لا تقل أيهما أعلم، ولكن قل أيهما أكذب"(الكامل لابن عدي 10/ 409)، ونحوه في (الضعفاء للعقيلي 4/ 287).

واختلف عن ابن معين القول فيه، فقال في رواية:"لا يكتب حديثه"(الكامل لابن عدي 10/ 409). بينما قال في رواية: "ليس في أصحاب الرأي أحد أكثر حديثًا، ولا أثبت من أبي يوسف"(الكامل لابن عدي 10/ 410)، وقال في رواية:"لَمْ يكن يعرف الحديث، وهو ثقةٌ"، وقال في أخرى:"ثقة إذا حَدَّث عَن الثقات"، وقال في ثالثة:"ثقة، إلا أَنَّه كان ربما غَلِط"(تاريخ بغداد (16/ 379 - 380).

وقال ابن المديني: "ما أخذ على أبي يوسف إلا حديثه في الحجْر، وكان صَدُوقًا"(سير أعلام النبلاء 8/ 537)، وقال أحمد بن كامل:"ولم يختلف يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وعلي ابن المديني في ثقته في النقل"(تاريخ بغداد 16/ 361). وقال النسائي في (طبقات الحنفية): "ثقة"(سير أعلام النبلاء 8/ 537)، وقال ابن حبان:"من الفقهاء المتقنين"(مشاهير علماء الأمصار 1356)، وقال ابن عدي:"وَإذا روى عَنْهُ ثقة ويروى هو عن ثقة فلا بأس به وبرواياته"(الكامل 7/ 145)، وقال الخليلي: "صدوق في الحديث ومحله في الفقه كبير

، ويروي عن الضعفاء ويخطئ في أحاديث. قال ابن خزيمة: ليس الحديث من صناعته" (الإرشاد 2/ 569)

قلنا: ولعل قول الفلاس هو أقرب الأقوال فيه. فمثله النفس لا تطمئن لتصحيح حديثه إذا انفرد، والله أعلم.

كيف إذا خولف؟ كما هو الحال في هذه الرواية، وهذه هي:

ص: 271

العلة الثانية: أن أبا يوسف قد انفرد بذكر ((ركعتي الفجر)) عن حصين، وخالفه جماعة فلم يذكروها، وهم:

1 -

هشيم، عند البخاري (7471)، وغيره.

2 -

محمد بن فضيل، عند البخاري (595).

3 -

خالد الواسطي، عند أبي داود (436).

4 -

عبثر بن القاسم، عند أبي داود في (السنن 437)، وغيره.

فرووه جميعًا عن حصين به. لم يذكروا ((ركعتي الفجر)).

وعليه: فهذه زيادة شاذة أو منكرة في هذا الحديث، والله أعلم.

[تنبيه]:

هذا الحديث له روايات وسياقات مطولة ستأتي بتخريجها وتحقيقها في (كتاب الصلاة) إن شاء الله.

ص: 272

2141 -

شَاهِدُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه: عَرَّسْنَا مَعَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، [ثُمَّ لْيَتَنَحَّ عَنْ هَذَا المَنْزِلِ] 1 [الذِي أَصَابَكُمْ فِيهِ مَا أَصَابَكُمْ] 2؛ فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» . قَالَ: فَفَعَلنَا (فَتَنَحَّيْنَا عَنْ ذَلِكَ المَكَانِ) 1 ثُمَّ دَعَا بِالمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ سَجَدَ (صَلَّى) 2 [هُوَ وَأَصْحَابُهُ] 3 سَجْدَتَيْنِ (رَكْعَتَيْنِ) 3، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى [صَلَاةَ] 4 الغَدَاةِ [بَعْدَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ]5.

[الحكم]:

صحيح (م) دون الزيادات، وهي صحيحة على شرطه.

[التخريج]:

[م (680/ 310) واللفظ له مع الرواية الثانية / ن 633 / كن 1738 / حم 9534 والرواية الثالثة له / ش 4772 والزيادة الأولى له ولغيره، 37251 / خز 1046، 1059، 1183، 1328/ حب 1455، 2651 / عه 2136، 2137 / عل 6208 / حق 198 وبقية الزيادات له والرواية له / جا 244 / مسن 1532 / مشكل 3989، 3990 / منذ 1124، 2733، 2762 / سراج 1360 مختصرًا، 1361 / سرج 1568 مختصرًا، 1569 / تمهيد (5/ 251) / هق 3221/ محلى (3/ 26)].

[السند]:

قال مسلم: وحدثني محمد بن حاتم، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، كلاهما عن يحيى -قال ابن حاتم: حدثنا يحيى بن سعيد -، حدثنا يزيد بن

ص: 273

كيسان، حدثنا أبو حازم، عن أبي هريرة، قال:

فذكره وفي آخره: قَالَ: فَفَعَلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِالمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.

وَقَالَ يَعُقُوبُ: ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الغَدَاةَ.

تحقيق الزيادة الأولى:

رواها ابن أبي شيبة في (المصنف 4772، 37251) -وعنه أبو يعلى في (مسنده 6208) - قال: حدثنا ابن فُضيل، عن أبي إسماعيل، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، به.

ورواه ابن الجارود في (المنتقى 244) من طريق ابن فُضيل، به.

وهذا إسناد رجاله ثقات، غير ابن فضيل، فهو محمد الضبي، صدوق. وأبو إسماعيل هو يزيد بن كيسان.

تحقيق باقي الزيادات:

رواها ابن راهويه في (مسنده 198) عن المغيرة بن سلمة المخزومي، عن عبد الواحد بن زياد، عن ابن كيسان، به.

وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال مسلم.

ص: 274

رِوَايَةٌ مُطَوَّلَةٌ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، سَارَ لَيْلَهُ، حَتَّى إِذَا أَدرَكَهُ الكَرَى عَرَّسَ، وَقَالَ لِبِلَالٍ:((اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ))، فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، وَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصحَابُهُ.

فَلَمَّا تَقَارَبَ الفَجْرُ، اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الفَجْرِ، فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا بلَالٌ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ.

فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا، فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((أَيْ بِلَالُ))، فَقَالَ بِلَالٌ: أَخَذَ بِنَفْسِي الذِي أَخَذَ -بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ- بِنَفْسِكَ!

قَالَ: ((اقتَادُوا))، فَاقتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ. فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ:((مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ قَالَ: {أَقم الصلَاةَ لذكري} [طه: 14])).

[الحكم]:

صحيح (م).

[التخريج]:

(680/ 309) واللفظ له / د 432 / ن (628، 629 مقتصرًا على آخره / جه 661 / عه 2140/ بز 7752 / مسن 1531 / سرج 1567 / سراج 1359 / قطغ (إمام 3/ 578) / قر 82 مختصرًا / طبر (16/ 32) / هق 1914، 3219، 4447 مختصرًا / هقع 5159 / هقل (4/ 272، 273) / تمهيد (6/ 386، 387) / بغ (2/ 306) / حداد 403/ حجة

ص: 275

227 مختصرًا/ مزدي (203/ب)].

[السند]:

أخرجه مسلم (680/ 309) قال: حدثني حرملة بن يحيى التُّجِيبي، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به، بلفظ السياقة الأولى.

[تنبيهات]:

التنبيه الأول: اختُلف على ابن شهاب في وصل هذا الحديث وإرساله، وقد رواه عنه جماعة:

الأول: يونس بن يزيد الأيلي، ولم يُختلَف عليه في وصله.

ومن طريقه خرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه وأبو عوانة وابن حبان

وغيرهم.

ومن هذا الطريق صححه البغوي في (شرح السنة 2/ 306)، والولي العراقي كما في (حاشية السيوطي على سنن النسائي 1/ 296)، والألباني.

الثاني: الأوزاعي، ولم يُختلَف عليه في وصله.

خرجه أبو داود كما في (تحفة الأشراف 10/ 64)، والدارقطني -مختصرًا- في (السادس من الفوائد الأفراد والغرائب الحسان 4) من طريق الوليد بن مسلم عنه. وأشار الدارقطني لتفرد هشام بن خالد عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، به.

الثالث: معمر، واختُلف عليه في وصله وإرساله:

فوصله عنه أبان العطار عند أبي داود (433)، وخلف بن أيوب فيما ذكره

ص: 276

الدارقطني في (العلل 1350)، وزاد فيه:((الأذان)).

وأرسله عنه عبد الرزاق في (المصنف 2237)، وعبد الله بن المبارك في (سنن النسائي 630)، وابن أبي عروبة عند يحيى بن سلام في (تفسيره 1/ 255)، وابن زُريع فيما ذكره الدارقطني في (العلل 1350).

فالراجح على معمر رواية من أرسل، لأن ابن المبارك وعبد الرزاق من أثبت الناس في معمر، وقد اتفقا على إرساله.

قال ابن عبد البر: ((وعبد الرزاق أثبت في معمر من أبان العطار)) (التمهيد 6/ 386).

الرابع: ابن إسحاق، واختُلف عليه أيضًا في وصله وإرساله:

فأسنده عنه يعلى بن عبيد عند النسائي -مختصرًا-، وابن عبد البر -مطولًا-.

وأرسله عنه البكائي في (السيرة 4/ 312)، وسلمة الأبرش في (تاريخ الطبري 3/ 16، 17).

والراجح على ابن إسحاق الإرسال.

الخامس: صالح بن أبي الأخضر.

خرجه من طريقه الترمذي (3428)، وغيره، وأعله الترمذي بالإرسال وضعف صالح.

السادس: ابن عيينة، واختُلف عليه:

فرواه عنه عبد الجبار بن العلاء، كما عند السراج في (حديثه 1565)، وقال فيه:((عن سعيد. وقال مرة: عن سعيد عن أبي هريرة)).

ص: 277

وخالفه سعيد بن منصور كما في (التفسير 1416)، وعلي بن حرب كما في (الأول من حديث سفيان بن عيينة 11)، والحميدي، وأبو عبيد الله المخزومي، كما في (العلل للدارقطني 3/ 424). أربعتهم رووه عن ابن عيينة فأرسلوه.

فالراجح على ابن عيينة الإرسال؛ وذلك لقوتهم وعددهم، ومَن كَثُرت فيهم ملازمته لابن عيينة كالحميدي.

السابع: مالك، واختُلف عليه:

فوصله عنه ابن وهب، كما عند ابن جرير في (تفسيره 16/ 32)، والدارقطني في "الغرائب التي ليست في الموطأ"(الإمام لابن دقيق العيد 3/ 578).

ولكن روياه من طريق أحمد بن عبد الرحمن- ابن أخي ابن وهب-، عن عبد الله بن وهب، عن مالك ويونس، عن الزهري به. فقرن بين مالك ويونس، فلعله حمل الحديثين بلا تمييز لرواية مالك المرسلة. وابن أخي ابن وهب فيه ضعف. وذَكَر الدارقطني في (العلل) أن ابن وهب رواه عن مالك مرسلًا.

وعلى كل، فقد خالفه جمهور أصحاب مالك، كالشافعي في (الأم 151)، وأصحاب الموطآت؛ كالقعنبي، ويحيى بن يحيى، وأبي مصعب، ومعن، وابن القاسم

وغيرهم، فرووه عن مالك فأرسلوه.

قال الدارقطني: ((واختُلف عن مالك: فرواه القدامى، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة.

وكذلك قال ابن أخي ابن وهب، عن عمه، عن مالك.

ص: 278

وأما القعنبي، ومعن، وابن القاسم، والشافعي، وابن وهب، وجويرية

وغيرهم، فرووه عن مالك، عن الزهري، عن سعيد مرسلًا. والمحفوظ هو المرسل (العلل 3/ 424).

وقال ابن عبد البر: ((هكذا روى هذا الحديث عن مالك مرسلًا- جماعةُ رواة الموطأ عنه، لا خلاف بينهم في ذلك)) (التمهيد 6/ 386).

فيترجح مما تقدم أن الذين وصلوا الحديث ثلاثة، وهم:

1 -

يونس بن يزيد الأيلي.

2 -

الأوزاعي في وجه غريب عنه.

3 -

صالح بن أبي الأخضر، وهو ضعيف.

والذين أرسلوه في الراجح عنهم أربعة، وهم:

1 -

مالك.

2 -

سفيان بن عيينة.

3 -

معمر بن راشد.

4 -

محمد بن إسحاق.

واختَلف أهل العلم في ترجيح إحد الوجهين:

فذهب مسلم إلى الرواية المتصلة، حيث أورده في صحيحه.

ورجح كذا الاتصال أبو زرعة الرازي كما في (العلل لابن أبي حاتم 605).

ومال البيهقي إلى ترجيح الموصول فقال: "هذا الخبر رواه مالك بن أنس

ص: 279

وجماعة، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا

ومَن وصله ثقة، وقد ثبت من وجه آخر عن أبي هريرة مختصرًا"، ثم ساقه من طريق أبي حازم (السنن الكبير 4/ 173).

بينما رجح إرساله: الترمذي في (الجامع 4/ 302)، والدارقطني في (العلل 1350).

ومال ابن عبد البر إلى ترجيح المرسل، فقال:"رَوَى هذا الحديث عن مالك مرسلًا جماعةُ رواة الموطأ عنه، لا خلاف بينهم في ذلك. وكذلك رواه سفيان ابن عيينة ومعمر في رواية عبد الرزاق عنه عن الزهري مرسلًا، كما رواه مالك. وقد وصله أبان العطار عن معمر. ووصله الأوزاعي أيضًا، ويونس عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة، وعبد الرزاق أثبت في معمر من أبان العطار، وقد وصله محمد بن إسحاق عن الزهري"(التمهيد 6/ 386).

وذَكَر ابن رجب الخلاف ولم يرجح، فقال:"قد اختُلف على الزهري في وصله بذكر أبي هريرة، وإرساله عن سعيد بن المسيب، وصحح أبو زرعة ومسلم وصله، وصحح الترمذي والدارقطني إرساله"(الفتح 5/ 108).

قال الألباني: "الصواب الموصول؛ لاتفاق جماعة من الثقات عليه، وهم يونس ومعمر

وتابعهم صالح بن أبي الأخضر عند الترمذى (2/ 198 بولاق)، وللنسائى منه الجملة الأخيرة من طريق يونس وابن إسحاق ومعمر" (الإرواء 1/ 292).

وقال أيضًا -عقب إعلال الترمذي له بالإرسال وتضعيف ابن أبي الأخضر-: "لكن قد تابعه يونس ومعمر عن ابن شهاب كما سبق؛ فالحديث محفوظ.

ص: 280

ولا يعله رواية من أرسله ولم يذكر أبا هريرة فيه؛ لأن من وصله ثقة، فيجب قَبولها.

ولعل الترمذي رحمه الله لم يقف على هذه المتابعات، وإلا لَمَا ساق الحديث من طريق ابن أبي الأخضر الضعيف، ولَمَا تَرَك رواية يونس ومعمر الثقتين! " (صحيح أبي داود 2/ 326).

قلنا: الذي يظهر أن الوجهين ثابتان عن الزهري، فمرة كان يصله، ومرة يرسله.

قال الزرقاني: ((ورواية الإرسال لا تضر في رواية من وصله؛ لأن يونس مِن الثقات الحفاظ، احتج به الأئمة الستة، وتابعه الأوزاعي وابن إسحاق في رواية ابن عبد البر، وتابع مالكًا على إرساله معمر في رواية عبد الرزاق عنه وسفيان بن عيينة، ووصله في رواية أبان العطار عن معمر، لكن عبد الرزاق أثبت في معمر من أبان ومحمد بن إسحاق في السيرة عن ابن شهاب عن سعيد مرسلًا.

فيُحمل على أن الزهري حَدَّث به على الوجهين: مرسلًا وموصولًا)) (شرح الموطأ 1/ 50).

التنبيه الثاني: وقع في رواية أبان عند أبي داود (433) وغيره: "فأَمَرَ بِلَالًا فَأَّذَنَ وَأَقَامَ".

قال أبو داود: رواه مالك وسفيان بن عيينة والأوزاعي وعبد الرزاق، عن معمر وابن إسحاق، لم يذكر أحد منهم الأذان في حديث الزهري هذا" (السنن 2/ 345).

ورواه أبو عوانة عن أبي داود ثم قال: "قال أبو داود: لم يقل الأذان إلا

ص: 281

الأوزاعي (! ! ) وأبان، عن معمر، والباقون كلهم ذكروا الإقامة" (المستخرج 2141).

وقال البيهقي: "ولم يَذكر فيه الأذان أحد مع الوصل غير أبان العطار، عن معمر

ورواه مالك في (الموطأ) عن الزهري، عن ابن المسيب، مرسلًا، وذَكَر فيه الأذان، والأذان في هذه القصة صحيح ثابت قد رواه غير أبي هريرة" (السنن الكبرى 3/ 134).

قلنا: نظرنا في المطبوع من (الموطأ) برواية يحيى الليثي، وأبي مصعب، وسويد، وابن الحسن، وابن القاسم؛ فلم نجد فيها ذكر الأذان، وإنما ذكره البيهقي في (المعرفة 4005) من طريق الشافعي، وأيضًا (4006) من طريق القعنبي، وأيضًا (4007) من طريق ابن بُكير. ثلاثتهم عن مالك به مرسلًا

(1)

بذكر الأذان، وهو في (السنن المأثورة للشافعي 74) دون ذكره!

وقال ابن عبد البر: "وقد رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نومه عن الصلاة في السفر- آثار كثيرة من وجوه شتى، رواها عنه جماعة من أصحابه

، وبعضهم ذَكَر أنه أَذَّن وأقام، ولم يذكر ذلك بعضهم، وبعضهم ذَكَر أنه ركع ركعتي الفجر، وبعضهم لم يذكر ذلك، والحجة في قول من ذكر، لا في قول من قصر"، (التمهيد 6/ 388).

وسنتتبع الروايات التي ذُكر فيها الأذان في (كتاب الصلاة) وانظر (صحيح أبي داود 2/ 328).

(1)

- وصله محققه مِن قِبل نفسه بذكر أبي هريرة في المتن مخالفًا ما في الأصول. وكذا فَعَل في ((السنن المأثورة)) بحجة أنه مشهور موصولًا! !

وبقية كلام الشافعي عقب الحديث في المعرفة يُبطل صنيعه!

ص: 282

التنبيه الثالث: هذا الحديث رواه السراج في (المسند 1357)، وفي (حديثه 1565) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بْنُ العَلَاءِ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ- وَقَالَ مَرَّةً: عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَلَمْ يَقُلْ فِيهَا: حَدَّثَنَا- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَعَرَّسَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: أَلَا رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا اللَّيْلَةَ؛ لَا نَرقُدُ عَنِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ بِلَالٌ: أَنَا. فَاسْتَنَدَ إِلَى بَعِيرِهِ وَاسْتَقْبَلَ الفَجْرَ، وَضَرَبَ اللهُ عَلَى آذَانِهِمْ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظُوا إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ فِي وُجُوهِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَا بِلَالُ، مَا هَذَا؟ ! " فَقَالَ: أَيَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذَ بِنَفْسِي الذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ. قَالَ: فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي مَكَانِهِ بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ:"اقتَادُوا بِنَا مِنْ هَذَا المَكَانِ، وَصَلُّوا الصُّبْحَ فِي مَكَانٍ آخَرَ". وَقَالَ: "مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {أقم الصلاة لذكري} (طه: 14) ".

ثم رواه أيضًا في (مسنده 1358) و (حديثه 1566) عن عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان مرة أخرى وقال: "لم أحفظه من الزهري هذه الكلمة: "مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا".

ولم نخرجها هنا لأنها لا تشتمل على الشاهد وهو ذكر الوضوء، وسنخرجها في الصلاة إن شاء الله تعالى.

وسندها على شرط مسلم لو سَلِم من المخالفة والوهم؛ فسعيد هو ابن المسيب. وسفيان هو ابن عيينة. وعبد الجبار من رجال مسلم، وقد وثقه العجلي والنسائي، وقال أحمد:"رأيته عند ابن عيينة، حسن الأخذ"، وقال أبو حاتم:"صالح"، وذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 418) وقال:"كان متقنًا"، (تهذيب التهذيب 6/ 104).

ولكن ذكر الدارقطني في (العلل 1350) أن جماعة من أصحاب ابن عيينة الثقات -منهم الحميدي وسعيد بن منصور- رووه عن ابن عيينة وأرسلوه

ص: 283

عن ابن المسيب كما سبق.

وهذا يمكن الجواب عنه بأن ظاهر رواية عبد الجبار أنه سمعه من ابن عيينة مرتين: مرة مرسلًا ومرة مسندًا، والوجهان محفوظان عن الزهري كما قررناه آنفًا.

ولكن رواية عبد الجبار هذه غريبة كما قال ابن الملقن في (البدر المنير 3/ 326)، وقد ذكرها ابن دقيق في (الإمام 3/ 580 - 581) وقال:"وهذا فيه زيادة إن كان محفوظًا".

يشير إلى قوله في المتن: ((فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي مَكَانِهِ)).

فالمشهور في هذه القصة من حديث عمران وأبي قتادة وأبي هريرة -من رواية أبي حازم عنه- أنههم رحلوا عن المكان ثم توضئوا وصلوا الركعتين ثم صلوا الصبح. وهو خلاف هذه الرواية، وهي لها شاهد من حديث نافع بن جبير عن رجل من الصحابة، وهو من رواية ابن عيينة أيضًا! !

وخالفه في متنه حماد بن سلمة، فجعل صلاة الركعتين بعد ارتحال القوم كما سيأتي.

فنخشى أن يكون ما ذكر في الحديث عند السراج إنما هو مِن قِبل ابن عيينة، أخذه من حديث نافع، بل نخشى أن يكون وَهِم في الحديثين معًا بذكره هذا المعنى الغريب!

نعم، له شاهد آخر مرسل عن عطاء، فإن صح حُمِل على تعدد الواقعة كما ذهب إليه ابن العربي في (القبس ص 99) وابن رجب في (الفتح 5/ 121، 122)، وابن حجر في (الفتح 1/ 449) وغيرهم، وإلا فالأول المشهور هو المحفوظ.

ص: 284

رِوَايَةُ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ سَارَ لَيْلَةٍ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الكَرَى عَرَّسَ، وَقَالَ لِبِلَالٍ:((اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ)) فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، وَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ.

فَلَمَّا تَقَارَبَ الصُّبْحُ اسْتَسْنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ يُواجِهُ الفَجْرَ، فَغَلَبْتُ بِلَالًا عَيْنَاهُ، وَهُوَ مُسْتَسْنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا، فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:((أَيْ بِلَالُ))، فَقَالَ بِلَالٌ: أَخَذَ بِنَفْسِي الذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: ((اقْتَادُوا رَوَاحِلَكُمْ))، ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

الحديث.

[الحكم]:

وهمٌ بذكر ((حُنَيْنٍ))، والمحفوظ ((خيبر)) كما في صحيح مسلم.

[التخريج]:

[حب 2067].

[السند]:

قال ابن حبان: أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة والحسن بن سفيان، قالا: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به.

وقال عقبه: أخبرنا ابن قتيبة بهذا الخبر، وقال فيه:((خيبر)).

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، ولكن وهم ابن حبان في قوله:((حنين)) فالمحفوظ فيه ((خيبر)). هكذا حَدَّث به أصحاب ابن وهب؛ كحرملة وأحمد بن صالح

ص: 285

وعمرو بن سواد

وغيرهم. ومن طريق حرملة أخرجه مسلم في صحيحه.

وإنما حملنا الوهم فيه على ابن حبان، وذلك أنه قال عقبه:((((أخبرنا ابن قتيبة بهذا الخبر، وقال فيه: خيبر)) فانتفى بذلك الوهم عن ابن قتيبة.

وأما الحسن بن سفيان، فقد رواه عنه غير ابن حبان على الصواب، كما عند البيهقي في (السنن الكبير 1914).

قلنا: وسبب هذا الوهم ما ذكره عقب الحديث، حيث قال:((أبو هريرة لم يشهد خيبر، إنما أسلم وقَدِم المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر، وعلى المدينة سِبَاع بن عُرْفُطة، فإن صح ذكر خيبر في الخبر فقد سمعه أبو هريرة من صحابي غيره، فأرسله كما يفعل ذلك الصحابة كثيرًا، وإن كان ذلك حنينًا لا خيبر، وأبو هريرة شهدها، وشهوده القصة التي حكاها شهود صحيح، والنفس إلى أنه حنين أميل)) (الصحيح).

وجزم بهذا القول أبو محمد الأصيلي، فقال:((قول الزهري في هذا الحديث: «حِينَ قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ» غلط، وإنما هو «حِينَ قَفَلَ مِنْ حُنَيْنٍ» ولم يَعْرِض ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة، حين رجع من حنين إلى مكة)) (المنتقى شرح الموطأ 1/ 27).

فتعقبه أبو الوليد الباجي فقال: ((والصحيح ما قاله ابن شهاب، وفي حديث عبد الله بن مسعود أن نومه ذلك كان عام الحديبية، وذلك في زمن خيبر، وعلى ذلك يدل حديث أبي قتادة)) (المنتقى شرح الموطأ 1/ 27).

وقال ابن عبد البر: "قول ابن شهاب في هذا الحديث عن سعيد بن المسيب: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من خيبر» أصح من قول من قال: «إن ذلك كان مرجعه من حنين» لأن ابن شهاب أعلم الناس بالسير

ص: 286

والمغازي، وكذلك سعيد بن المسيب، ولا يقاس بهما" (التمهيد 6/ 388).

وقال ابن رجب معقبًا على كلام ابن حبان: "الصحيح أن أبا هريرة قَدِم على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد فتحها. وقد خَرَّج البخاري ذلك في (صحيحه) في (المغازي) من حديث أبي هريرة. وخرجه الإمام أحمد بإسناد آخر عن أبي هريرة. وفي (الصحيحين) عن سالم مولى ابن مطيع، قال: سمعت أبا هريرة يقول: (افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبًا ولا فضة

) الحديث. ومَن زعم أن ذِكر خيبر وهمٌ، وإنما هو حنين؛ فقد وهمَ" (الفتح 5/ 121).

ص: 287

رِوَايَةُ بزِيَادَة: ((أَنَاخَ .. ثُمَّ صَلَّى مِثْلَ صَلَاتِهِ لِلوَقْتِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((

ثُمَّ أَنَاخَ فَتَوَضَّأَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ صَلَّى مِثْلَ صَلَاتِهِ لِلوَقْتِ فِي تَمَكُّثٍ، ثُمَّ قَالَ:{وأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} )).

[الحكم]:

ضعيف بهذا السياق، وضَعَّفه الترمذي.

[التخريج]:

[ت 3428 "واللفظ له" / بشن 1215].

[السند]:

قال الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا النضر بن شُمَيْل، قال: أخبرنا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، أسرى ليلة، حتى أدركه الكرى أناخ فعَرَّس

الحديث.

ورواه ابن بشران في (أماليه) من طريقِ صالح، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه صالح بن أبي الأخضر، وهو "ضعيف"(التقريب 2844).

وبه ضَعَّف الترمذي الحديث فقال: ((هذا حديث غير محفوظ، رواه غير واحد من الحفاظ عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، أن النبي صلى الله عليه وسلم

ولم يذكروا فيه عن أبي هريرة. وصالح بن أبي الأخضر يُضَعَّف في الحديث، ضَعَّفه يحيى بن سعيد القطان وغيره مِن قِبل حفظه)).

ص: 288

رِوَايَةُ: إِنَّ اللهَ لَا يَنْهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا، وَيَرْضَاهُ مِنْكُمْ:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: قَالَ: لَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ، عَرَّسَ بِنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ قَالَ:«أَيُّكُمْ يَكْلَأُ لَنَا الفَجْرَ اللَّيْلَةَ؟» ، فَقَالَ بِلَالٌ: أنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «اكْلَأْهُ لَنَا يَا بِلَالُ، وَلَا تَكُنْ لُكَعًا» .

قَالَ بِلَالٌ: فَنَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَامَ أَصْحَابُهُ، فَعَمَدْتُ إِلَى حَجَفَةٍ لِي اسْتَنَدْتُ إِلَيْهَا، فَجَعَلْتُ أُرَاعِي الفَجْرَ، فَبَعَثَ اللهُ [عز وجل] عَلَيَّ النَّوْمَ، فَلَم أَسْتَيْقِظْ إِلَّا لِحَرِّ

(1)

الشَّمْسِ بَيْنَ كَتِفَيَّ، فَقُمْتُ فَزِعًا، فَقُلْتُ: الصَّلَاةَ عِبَادَ اللهِ!!

فَانْتَبَهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَانْتَبَهَ النَّاسُ وَقَالَ لِي:«يَا بِلَالُ، أَلَمْ أَقُلْ لَكَ: اكْلَأْ لَنَا الفَجْرَ؟!» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذَ بِنَفْسِي الذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَرْوَاحَكُمْ كَانَتْ بِيَدِ اللهِ عز وجل، حَبَسَهَا إِذْ شَاءَ وَأَطْلَقَهَا إِذْ شَاءَ، اقْتَادُوا مِنْ هَذَا الوَادِي؛ فَإِنَّهُ وَادٍ مَلْعُونٌ، بِهِ الشَّيْطَانُ

(2)

».

قَالَ: فَخَرَجْنَا مِنَ الوَادِي، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَتَوَضَّأَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ صَلَّوْا، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ مِنْ غَدٍ لِلوَقْتِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا، إِنَّ اللهَ [عز وجل] لَا يَنْهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيَرْضَاهُ مِنْكُمْ

(3)

، مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا غَيْرُهَا، إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ:{وَأَقم الصلاةَ لذكري} [طه: 14]».

(1)

- عند الآجري: "بحر".

(2)

- عند الآجري: "شيطان".

(3)

- عند الآجري: ((نهاكم عن الربا ولا يرضاه لكم))، وفي رواية بنحو ما ذكر.

ص: 289

[الحكم]:

إسناده ضعيف بهذه السياقة، وأصل القصة صحيح كما سبق بدون:((الأذان))، و ((لَا يَنْهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا

)) فمنكرتان من هذا الوجه.

[التخريج]:

[آجر (ثمانون 55) / تمهيد (5/ 250، 251) واللفظ له].

[السند]:

رواه الآجري - ومن طريقه ابن عبد البر - قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي الجصاص قال: حدثنا أحمد بن الفرج أبو عتبة الحجازي بحمص قال: حدثنا أيوب بن سويد قال: أخبرنا يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه أيوب بن سويد الرملي، فقد ضَعَّفه جمهور النقاد، منهم: أحمد، وابن معين، والنسائي، وأبو داود، والساجي

وغيرهم، ولَيَّنه أبو حاتم. وقال البخاري:"يتكلمون فيه"، ورماه ابن حبان وغيره بسوء الحفظ. (تهذيب التهذيب 1/ 406). وقال فيه الحافظ ابن حجر:"صدوق يخطئ"(التقريب 615).

وأحمد بن الفرج بن سليمان الكندي أبو عتبة الحمصي، مختلف فيه:

قال ابن أبي حاتم: "كتبنا عنه، ومحله عندنا محل الصدق"(الجرح والتعديل 2/ 67).

وقال مسلمة: "ثقة مشهور"، وذَكَره ابن حبان في (الثقات 8/ 45) وقال:"يخطئ".

بينما قال ابن عدي: "وأبو عتبة مع ضعفه قد احتمله الناس ورووا عنه

ص: 290

وأبو عتبة وسط، ليس ممن يُحتج بحديثه أو يُتدين به، إلا أنه يُكتب حديثه" (الكامل 1/ 436)، ورماه محمد بن عوف وجماعة بالكذب والفسق. وقال أبو أحمد الحاكم: "قَدِم العراق فكتبوا عنه، وأهلها حَسَّنوا الرأي فيه، لكن محمد بن عوف كان يتكلم فيه، ورأيت ابن جوصا يُضَعِّف أمره" (تاريخ بغداد 5/ 558 - 560)، و (تهذيب التهذيب 1/ 59)، مع (اللسان 706).

فأما الحسن بن علي بن إسماعيل أبو سعيد الجصاص، فقال فيه ابن المنادي:"مات عن ستر وصدق"(تاريخ بغداد / 3854).

والحديث صحيح بغير هذه السياقة، أخرجه مسلم وغيره دون قوله:((ثم أمر بلالًا فأَذَّن))، وقوله:((إن الله عز وجل نهاكم عن الربا ولا يرضاه لكم)) فهما منكرتان من هذا الوجه. والله أعلم.

[تنبيه]:

هذا الحديث له سياقات وروايات أخرى مطولة ومختصرة ستأتي في بابها من (كتاب الصلاة) إن شاء الله.

ص: 291

2142 -

شَاهِدُ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ:

◼ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي سَفَرٍ لَهُ: «مَنْ يَكْلَؤُنَا اللَّيْلَةَ؛ لَا نَرْقُدُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ؟ » . قَالَ بِلَالٌ: أَنَا. فَاسْتَقْبَلَ مَطْلَعَ الشَّمْسِ. فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ حَتَّى أَيْقَظَهُمْ حَرُّ الشَّمْسِ، فَقَامُوا، فَـ[ـحَلُّوا رَوَاحِلَهُمْ (فقَادُوا رِكَابَهُمْ) 1، ثُمَّ نَزَلُوا، فَـ] قَالَ: «تَوَضَّئُوا» . (فَتَوَضَّأَ، وَتَوَضَّئُوا) 2، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّوْا رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، ثُمَّ صَلَّوُا الفَجْرَ.

[الحكم]:

صحيح المتن بشواهده، وإسناده فيه علة، وأعله الذهلي والدارقطني.

[التخريج]:

[ن 634 واللفظ له / كن 1740 / حم 16746 / بز 3441 مختصرًا ليس فيه ذكر الوضوء / عل 7410 / طب (2/ 133/1565) والرواية الأولى له / مشكل 3978 والرواية الثانية له / طح (1/ 401) / مث 474 والزيادة له / تمهيد (3/ 299) ، (5/ 254) / تحقيق 634 / سبكي (1/ 494)].

[السند]:

أخرجه أحمد قال: حدثنا عبد الصمد وعفان، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جُبير بن مُطْعِم، عن أبيه- جبير بن مطعم-، به.

ورواه ابن راهويه -ومن طريقه السبكي- عن أبي الوليد الطيالسي.

ورواه النسائي -ومن طريقه ابن عبد البر (5/ 254) - من طريق يحيى بن

ص: 292

حسان.

ورواه البزار وأبو يعلى وابن عبد البر من طريق عفان.

ورواه الطحاوي من طريق أبي عامر العَقَدي.

ورواه الطبراني وابن أبي عاصم من طريق هُدْبة بن خالد.

ورواه الطبراني أيضًا من طريق حجاج بن المنهال، وعبيد الله ابن عائشة.

كلهم عن حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن أبيه، به.

فمداره عندهم على حماد بن سلمة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أن حمادًا استشهد به البخاري، ولم يخرج له مسلم في الأصول إلا عن ثابت البُنَاني، واستشهد به في غير ثابت، وهو إمام صدوق له أوهام، ويخطئ في روايته عن عمرو بن دينار.

قال الإمام مسلم: "وحماد يُعَدّ عندهم إذا حَدَّث عن غير ثابت كحديثه عن قتادة

وعمرو بن دينار وأشباههم، فإنه يخطئ في حديثهم كثيرًا. وغير حماد في هؤلاء أثبت عندهم" (التمييز ص 218).

قلنا: الظاهر أنه أخطأ هنا على عمرو بن دينار، وذلك في تعيين الصحابي.

قال البزار: "هذا الحديث لا نعلم له طريقًا عن جبير بن مطعم إلا هذا الطريق، ولا نعلم أحدًا رواه فسَمَّى مَن بعد نافع بن جبير إلا حماد بن سلمة".

ص: 293

يشير إلى مخالفته في ذلك، فقد خالفه ابن عيينة.

رواه الشافعي وغيره عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يُسَمِّه، كما سيأتي في الرواية الآتية.

قال علي بن المديني: ((قلت لسفيان: إن حماد بن سلمة يقول: (عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن أبيه) قال سفيان: لم أحفظ إلا عن نافع عن رجل)).

قال محمد بن يحيى: ((صار الحديث واهيًا عن جبير بن مطعم)) (مختصر الخلافيات 1/ 185).

وقال الدارقطني: ((رواه حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه.

وخالفه ابن عيينة، فرواه عن عمرو، عن نافع بن جبير، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لم يسمه.

وأشبهُها بالصواب قول ابن عيينة)) (تنقيح التحقيق، لابن عبد الهادي 2/ 390 - 391).

قلنا: نفس هذا الخلاف وقع في حديث نزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، وقد رواهما علي ابن المديني عن سفيان بمثل إسناد الشافعي، ثم قال ابن المديني: قلت لسفيان: إن حماد بن سلمة يقول: (عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن أبيه)؟ قال سفيان: "لم أحفظ إلا عن نافع عن رجل".

قال محمد بن يحيى الذهلي: "ويؤيد هذا رواية ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس"، قال:"فصار الحديثان عن نافع بن جبير عن أبيه واهيين" (النكت

ص: 294

الظراف 2/ 417، 418).

وقال حمزة الكناني: ((لم يقل فيه أحد: (عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن أبيه) غير حماد بن سلمة. ورواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وهو أشبه بالصواب)) (تحفة الأشراف 2/ 418).

وحديث ابن أبي ذئب الذي استدل به الذهلي: هو ما رواه النسائي في (الكبرى 10427)، وابن خزيمة في (التوحيد 1/ 310) من طريق ابن أبي فُدَيْك عنه عن القاسم عن نافع بن جبير عن أبي هريرة مرفوعًا، في نزول الرب تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا.

فهذا دليل على أن الصحابي الذي لم يُسَمَّ في رواية ابن عيينة عن عمرو عن نافع هو أبو هريرة، وليس جبير بن مطعم كما رواه حماد.

ولم يراعِ ابن خزيمة هذا الأمر، فقال:"ليس رواية سفيان بن عيينة مما توهن رواية حماد بن سلمة؛ لأن جبير بن مطعم هو رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يشك المحدث في بعض الأوقات في بعض رواة الخبر، ويستيقن في بعض الأوقات، وربما شك سامع الخبر من المحدث في اسم بعض الرواة، فلا يكون شَكُّ مَن شَكَّ في اسم بعض الرواة مما يوهن مِن حفظ اسم الراوي".

ثم قال ابن خزيمة: "حماد بن سلمة رحمه الله قد حفظ اسم جبير بن مطعم في هذا الإسناد، وإن كان ابن عيينة شك في اسمه، فقال: (عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "(التوحيد 1/ 317، 318).

قلنا: هذا الكلام قد يكون وجيهًا، لولا رواية القاسم عن نافع، فإنها تدل

ص: 295

على أن الحديث عن جبير ليس بمحفوظ.

وهذا ما ذهب إليه الدارقطني في كلامه على حديث النوم عن صلاة الفجر، فقد ذكر فيه وجهًا ثالثًا، ثم قال:"وأشبهها بالصواب قول ابن عيينة"، نقله ابن عبد الهادي في (التنقيح 2/ 390، 391) وأقره كما سبق.

وبمثله قال حمزة الكناني في حديث النزول إلى السماء الدنيا، نقله المزي في (تحفة الأشراف 2/ 418) وأقره كما سبق.

قلنا: ولا شك في صحة صنيعهم هذا، لاسيما وسفيان بن عيينة مِن أثبت الناس في عمرو بن دينار، وفي المقابل ضُعِّف حماد في عمرو.

وعلى كل، فهذه المخالفة لا تضر في ثبوت متن الحديث؛ إذ الاختلاف في تعيين الصحابي، وكل الصحابة عدول، فهذه ليست بعلة في الحديث إلا من جهة عدم ثبوته من رواية جبير فقط. والله أعلم.

ولذا قال بدر الدين العيني: ((إسناده صحيح)) (نخب الأفكار 6/ 235).

وصحح الألباني إسناد حديث حماد في تعليقه على سنن النسائي.

والحديث يشهد له ما تقدم من شواهد في الباب.

[تنبيه]:

وقع في رواية أحمد لهذا الحديث: ((فَمَا أَيْقَظَهُمْ إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَقَامُوا فَأَدَّوْهَا، ثُمَّ تَوَضَّئُوا، فَأَذَّنَ بِلَالٌ)) ولفظة ((فَأَدَّوْهَا)) الظاهر أنها خطأ قديم من النُّساخ؛ إذ لا يستقيم الأداء قبل الوضوء!

وجاء في رواية عفان عند أبي يعلى: ((فَمَا أَيْقَظَهُمْ إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ،

ص: 296

فَقَامُوا، فَبَادَرُوا فَتَوَضَّئُوا، وَأَذَّنَ بِلَالٌ)).

وفي رواية عفان عند ابن عبد البر: ((قَامُوا فَقَادُوا رِكَابَهُمْ فَتَوَضَّئُوا)).

وكذا عند الطبراني من رواية غير عفان: ((ثُم قَامُوا، فَقَادُوا ركَابَهُم، ثُم تَوَضئُوا)).

ص: 297

2143 -

حديثُ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصحابة:

◼ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ فِي سَفَرٍ فَعَرَّسَ، فَقَالَ:«أَلَا رَجُلٌ صَالِحٌ يَكْلَؤُنَا اللَّيْلَةَ؛ لَا نَرْقُدُ عَنِ الصَّلَاةِ؟ » فَقَالَ بِلَالٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: فَاسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ، وَاسْتَقْبَلَ الفَجْرَ.

قَالَ: فَلَمْ يَفْزَعُوا إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ فِي وُجُوهِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ:«يَا بِلَالُ، [أَيْنَ مَا قُلْتَ؟ ! ]» ، فَقَالَ بِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذَ بِنَفْسِي الذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ! قَالَ: فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، ثُمَّ اقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا، ثُمَّ صَلَّى الفَجْرَ.

[الحكم]:

إسناده صحيح، وأشار الشافعي إلى صحته بالشواهد، ورجحه الذهلي والدارقطني على حديث نافع عن أبيه، ولكن في متنه إشكال.

[اللغة]:

قال السندي: (يكلؤنا) بهمزة في آخره، أي: يَحفظ لنا وقت الصبح (حاشية السندي على سنن النسائي 1/ 298).

[التخريج]:

[بز 3442 / خشف 103 واللفظ له / شف 152 والزيادة له / فق 301 / هقع 5156]

(1)

.

(1)

- جاء هذا الحديث في (الأم 1/ 173 ط/ دار المعرفة)، والمعتمد عندنا (ط/ دار الوفاء)، وليس فيها، وقد أشار محققه إلى أن في هذا الموضع نصوصًا جمعها البلقيني من مختصر المزني والبويطي واختلاف الحديث، ولم يذكرها لأنها ستأتي في أماكنها من هذه الكتب.

ص: 298

[السند]:

أخرجه الشافعي في (اختلاف الحديث) و (المسند) -ومن طريقه البيهقي في (المعرفة)، والخطيب في (الفقيه) - قال: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، به.

ورواه البزار (3442) -عقب حديث جبير- فقال: وأخبرناه أحمد بن عبدة وأحمد بن أبان، قالا: أخبرنا سفيان

" بسنده، وقال: "بنحوه"، ولم يَسُقْ متنه.

وسفيان هو ابن عيينة. ونافع هو ابن الصحابي الجليل جبير بن مطعم رضي الله عنه.

[التحقيق]:

هذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين سوى صحابيه، حيث لم يُسَمَّ، وعدم تعيينه لا يضر كما هو معلوم. وقد قيل: إنه هو جبير بن مطعم كما سيأتي، وجبير روى له الشيخان.

وأشار الشافعي إلى ثبوته في شواهد أخرى، فقال:"وهذا يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلًا، من حديث أنس وعمران بن حصين"(اختلاف الحديث 1/ 98).

قلنا: هذا لا يعني أن حديث نافع منقطع، فهو متصل أيضًا، غايته أنه لم يُسَمِّ صحابيه، وهذا غير ضار عندهم، وقد سماه حماد بن سلمة في روايته عن عمرو:"جبير بن مطعم"، وهذا قد أعله الذهلي والدارقطني، كما تقدم في تحقيق حديث نافع عن أبيه.

ص: 299

[تنبيه]:

جاء في رواية ابن عيينة لهذا الحديث: ((صَلَّى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، ثُمَّ اقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا، ثُمَّ صَلَّى الفَجْرَ)).

وهذا يدل على أن صلاة ركعتي الفجر كانت في المكان الذي ناموا فيه قبل أن يقتادوا الرواحل. فأما صلاة الفجر فكانت في مكان آخر.

وهذا له شاهد مرسل عن عطاء سيأتي. وسبق أن السراج رواه كذلك في حديث أبي هريرة من طريق ابن عيينة أيضًا!

بينما في رواية حماد لهذا الحديث عن عمرو عن نافع عن أبيه جبير- أنهم ارتحلوا أولًا ثم صلوا الركعتين. وهذا هو المحفوظ في حديث عمران وأبي قتادة وأبي هريرة

وغيرهم رضي الله عنهم.

وطريق حماد أعله النقاد، ورجحوا عليه طريق ابن عيينة، مع أن متن حديث حماد هو الموافق للمشهور في هذه القصة. بينما رواية ابن عيينة غريبة، ونخشى من وهمه فيها، إلا إنْ قيل بتعدد الواقعة كما سبق. والله أعلم.

ص: 300

2144 -

حَدِيثُ بِلَالٍ:

◼ عَنْ بِلَالٍ قَالَ: ((كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَنَامَ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَذَّنَ، فَتَوَضَّئُوا (ثُمَّ تَوَضَّأَ)، ثُمَّ صَلَّوُا الرَّكْعَتَيْنِ (رَكْعَتَيِ الفَجْرِ)، ثُمَّ صَلَّوُا الغَدَاةَ)).

[الحكم]:

صحيح المتن بشواهده، وإسناده ضعيف، وأعله البزار بالإرسال، وأعله ابن الملقن وابن حجر -في أحد قوليه- بالانقطاع.

[التخريج]:

[خز 1058 واللفظ له / بز 1361 دون ذكر الوضوء / طب 1079 دون ذكر الوضوء، والرواية الثانية له ولغيره / معر 1809 والرواية الأولى له ولغيره / قط 1431 / غلق (2/ 425)].

[السند]:

رواه ابن خزيمة قال: حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم البزاز، حدثنا عبد الصمد بن النعمان، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، عن بلال، به.

ورواه الباقون من طريق عبد الصمد به.

ولفظ البزار: «أَنَّهُمْ نَامُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا حِينَ قَامُوا فَأَذَّنَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقَامَ بِلَالٌ فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً بَعْدَمَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ» .

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الانقطاع، فسعيد لم يسمع من بلال كما قال الهيثمي في (المجمع

ص: 301

عقب حديث 6550)، فقد مات بلال قبل سنة إحدى وعشرين من الهجرة، ووُلد سعيد بعد الخامسة عشرة؛ ولذا قال ابن حجر في ترجمة سعيد:"أما حديثه عن بلال وعَتَّاب بن أَسِيد فظاهر الانقطاع بالنسبة إلى وفاتيهما ومولده"(التهذيب 4/ 87).

وأشار ابن الملقن إلى هذه العلة، فقال:"يُنظر في سماع سعيد من بلال"(البدر 3/ 326).

كذا لم يجزم بانقطاعه، وجزم به ابن حجر، فقال:"فيه انقطاع"(التلخيص 1/ 352).

الثانية: أبو جعفر الرازي، واسمه عيسى بن أبي عيسى، فهو سيئ الحفظ.

وبه أعله ابن الملقن أيضًا (البدر 3/ 326).

الثالثة: الإرسال، وبه أعله البزار فقال عقبه:"وهذا الحديث قد رواه غير عبد الصمد، عن أبي جعفر، عن يحيى، عن سعيد بن المسيب مرسلًا".

قلنا: وعبد الصمد وثقه ابن معين وغيره. وقال الدارقطني والنسائي: "ليس بالقوي"(اللسان 4792).

ومع كل تلك العلل، قال الهيثمي -مخالفًا ما قرره قبل-:"رواه البزار والطبراني في الكبير باختصار، ورجاله موثقون"! (المجمع 1805).

وأغرب منه قول ابن حجر في هذا الحديث: "شاهد حسن الإسناد"(التغليق 2/ 425). وقد سبق أنه أعله بالانقطاع في (التلخيص).

ص: 302

2145 -

حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قَالَ: عَرَّسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، فَنَامُوا، فَمَا اسْتَيْقَظُوا إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ فِي وُجُوهِهِمْ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، وَقَالَ:((إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ: {وأقم الصلاة لذكري})).

• وَفِي رِوَايَةٍ مطولة، قال: لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ، فَكَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ:((مَنْ رَجُلٌ يَحْفَظُ عَلَيْنَا الفَجْرَ لَعَلَّنَا نَنَامُ؟ )) قَالَ بِلَالٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، أَحْفَظُهُ عَلَيْكَ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَزَلَ النَّاسُ، فَنَامُوا، وَقَامَ بِلَالٌ يُصَلِّي فَصَلَّى مَا شَاءَ اللهُ عز وجل أَنْ يُصَلِّيَ، ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى بَعِيرِهِ، وَاسْتَقْبَلَ الفَجْرَ يَرْمُقُهُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ، فَنَامَ. فَلَمْ يُوقِظْهُمْ إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ أَصْحَابِهِ هَبَّ، فَقَالَ:((مَاذَا صَنَعْتَ بِنَا يَا بِلَالُ؟ ! )) قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذَ بِنَفْسِي الذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ! قَالَ:((صَدَقْتَ)). ثُمَّ اقْتَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيرَهُ غَيْرَ كَثِيرٍ، ثُمَّ أَنَاخَ، فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأَ النَّاسُ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ. فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ:((إِذْ نَسِيتُمُ الصَّلَاةَ فَصَلُّوهَا إِذَا ذَكَرْتُمُوهَا؛ فَإِنَّ اللهَ تبارك وتعالى يَقُولُ: {وأقم الصلاة لذكري})).

[الحكم]:

مرسل صحيح.

[التخريج]:

[هشام (2/ 340) "والرواية المطولة له" / تص 1416 "واللفظ له"].

[السند]:

رواه سعيد بن منصور في (التفسير) قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن

ص: 303

سعيد بن المسيب، قال: عَرَّس رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الطريق، فناموا

فذكره مقتصرًا على آخره.

ورواه ابن إسحاق كما في (سيرة ابن هشام) عن الزهري بسنده مطولًا.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، غير أنه مرسل، وقد وصله يونس بن يزيد الأيلي، عند مسلم (680) وغيره، وتقدمت روايتهم قريبًا.

ص: 304

2146 -

حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ:

◼ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِي رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَنَامَ عَنِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«تَنَحَّوْا عَنْ هَذَا المَكَانِ» قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ تَوَضَّئُوا، وَصَلَّوْا رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الصُّبْحِ.

[الحكم]:

صحيح لغيره، وإسناده منقطع. وصححه: مغلطاي والألباني.

[التخريج]:

[د 441 "واللفظ له" / حم 17251، 22480 / تخ (6/ 307 - 308) / هق 1921 / تمهيد (5/ 255 - 256) / ضياء (مرو ق 140/ ب) / مديني (لطائف 767) / كما (9/ 284)].

[السند]:

أخرجه أبو داود قال: حدثنا عباس العنبري (ح) وثنا أحمد بن صالح -وهذا لفظ عباس- أن عبد الله بن يزيد حدثهم عن حَيْوة بن شُريح، عن عياش بن عباس- يعني القِتْباني- أن كُليب بن صُبْح حدثهم أن الزِّبْرِقان حدثه عن عمه عمرو بن أمية الضَّمْري، به.

ورواه الباقون من طرق عن أبي عبد الرحمن المقرئ -وهو عبد الله بن يزيد-، حدثنا حَيْوة به، ولم يذكروا فيه الوضوء!

وتوبع عليه عبد الله بن يزيد:

فرواه أبو موسى المديني في (اللطائف 767) من طريق أحمد بن صالح،

ص: 305

عن ابن وهب، عن حَيْوة، به، دون ذكر الوضوء.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ لأجل جهالة الزبرقان، فقد ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 3/ 435)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 610، 611) وابن حبان في (الثقات 4/ 256)، والمزي في (التهذيب 1954)، ولم يذكروا فيمن روى عنه سوى كُلَيب بن صُبح. وفَرَّقوا بينه وبين الزبرقان بن عمرو الذي يقال فيه: الزبرقان بن عبد الله بن عمرو؛ ولذا قال الذهبي في صاحبنا: "مجهول"(الكاشف 1611)، وبَيَّن سبب ذلك في (الميزان 2/ 66)، فقال:"روى عنه كليب فقط".

وذهب أحمد بن صالح إلى أنه هو الزبرقان بن عبد الله بن عمرو، وأن في السند سقطًا، فقال "الصواب في هذا: عن عمه، عن عمرو بن أمية؛ الزبرقان بن عبد الله بن عمرو بن أمية، عن عمه جعفر. وعمرو بن أمية جد الزبرقان".

نقله أبو موسى المديني والمزي عقب الحديث، وأقره أبو موسى فقال:"وهذا الذي ذكره أحمد بن صالح صحيح، فيما يَغلب على ظني، غير أن البخاري وابن أبي حاتم فَرَّقا بين هذا الزبرقان وبين الأول، أوردا هذا غير منسوب، قالا: زبرقان، عن عمه عمرو بن أمية، روى عنه كليب. ذهبا إلى ظاهر هذه الرواية. ونسبا الآخر إلى عمرو، أو إلى عبد الله بن عمرو، على الشك. والله تعالى أعلم"(اللطائف، ص 385، 386).

بينما لم يعتمده المزي، ففَرَّق بينهما، وقال عقب كلام ابن صالح:"وقال غيره: هما اثنان"(التهذيب 9/ 285).

ص: 306

وتعقبه ابن حجر، فقال: "لم يفرق البخاري فمَن بعده بينهما (! ! )، إلا ابن حبان

وفي كتاب ابن حبان من هذا الجنس أشياء يضيق الوقت عن استيعابها من ذكره الشخص في موضعين أو أكثر، فلا حجة في تفرقته إذ لم ينص على أنهما اثنان" (تهذيب التهذيب 3/ 309، 310).

ثم نقل كلام الدارقطني في الزبرقان بن عبد الله بن عمرو، وكلام يحيى بن سعيد في الزبرقان السراج، وهذا رجل ثالث!

وقد أشار إلى وهم ابن حجر فيما نسبه للبخاري وغيره كل من المعلمي اليماني في تعليقه على (التاريخ الكبير)، وبشار بن عواد في تعليقه على (التهذيب).

وقد اعتمد ابن حجر تفرقة المزي بينهما في تعليقه على التحفة، فقال:"الصواب: الزبرقان ابن أخي عمرو بن أمية، أو ابن ابن أخيه، وقد أوضح ذلك المصنف (يعني: المزي) في التهذيب، وفَرَّق بينه وبين الزبرقان بن عمرو"(النكت الظراف 8/ 137).

قلنا: ومما يقوي القول بالتفرقة أن صاحبنا يُحَدِّث هنا عن عمه عمرو بن أمية الضمري، بينما يسمون الثاني بـ" الزبرقان بن عمرو بن أمية" أو "الزبرقان بن عبد الله بن عمرو"، فعمرو على الأول هو أبوه، وعلى الثاني هو جده.

قال الألباني: "فإن عَمْرًا على القولين ليس هو عم الزبرقان، بل هو إما والده أو جده! فإذا صح قوله هذا: "عن عمه عمرو"، ولم يكن وهمًا من بعض الرواة؛ فهو دليل واضح على صواب ما صنع ابن حبان من التفريق"(صحيح أبي داود 2/ 341).

ص: 307

قلنا: ومع ذلك صحح الألباني إسناده في نفس الموضع!

وصححه قبله مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 346).

وحتى على القول بأنهما واحد كما ذهب إليه أحمد بن صالح، فالسند ضعيف أيضًا لانقطاعه، كما سبق.

وقد قال أبو موسى المديني: "الزبرقان بن عمرو بن أمية لم يسمع من عمرو شيئًا، وإنما يَروي له".

ثم قال: "وأكثر الناس على أنه ابن عبد الله بن عمرو، ونُسب إلى جده، وهو الأشبه، وأورده ابن أبي حاتم وغيره على الشك"(اللطائف ص 384 - 385).

فإن قيل: كلام أحمد بن صالح يفيد أنه قد سقط من الإسناد جعفر بن عمرو -عم الزبرقان- وهو ثقة، فلا يضر الانقطاع.

قلنا: لم نجد مَن رواه بذكر جعفر حتى نجزم بأنه هو الواسطة، فكلام أحمد بن صالح وأبي موسى أفاد الانقطاع، ولم يُثبت تعيين الواسطة. والله أعلم.

وقد تقدمت القصة وصحت عن أبي هريرة وأبي قتادة وعمران بن حصين.

[تنبيه]:

ذَكَر ابن حجر هذا الحديث في (إتحاف الخيرة 15914) معزوًّا لأحمد بسند آخر، وهو: ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن جعفر بن عمرو بن أمية- يعني: عن أبيه- به.

وهذا وهمٌ، فهذا السند إنما هو لحديث آخر كما أشار إليه محقق (الإتحاف).

ص: 308

2147 -

حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّهُ قَالَ: عَرَّسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً بِطَرِيقِ مَكَّةَ، وَوَكَّلَ بِلَالًا أَنْ يُوقِظَهُمْ لِلصَّلَاةِ، فَرَقَدَ بِلَالٌ وَرَقَدُوا، حَتَّى اسْتَيْقَظُوا وَقَدْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمُ الشَّمْسُ، فَاسْتَيْقَظَ القَوْمُ وَقَدْ فَزِعُوا. فَأَمَرَهُم رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْكَبُوا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ ذَلِكَ الوَادِي، وَقَالَ:«إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ» . فَرَكِبُوا حَتَّى خَرَجُوا مِنْ ذَلِكَ الوَادِي، ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْزِلُوا، وَأَنْ يَتَوَضَّئُوا، وَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلَاةِ، أَوْ يُقِيمَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَيْهِمْ، وَقَدْ رَأَى مِنْ فَزَعِهِمْ، فَقَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا، وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ هَذَا، فَإِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا، ثُمَّ فَزِعَ إِلَيْهَا، فَلْيُصَلِّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا» .

ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ:«إِنَّ الشَّيْطَانَ أَتَى بِلَالًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَأَضْجَعَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُهَدِّئُهُ، كَمَا يُهَدَّأُ الصَّبِيُّ حَتَّى نَامَ» . ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا، فَأَخْبَرَ بِلَالٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ الذِي أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ! ! .

[الحكم]:

ضعيف لإرساله، وأعله البيهقي وغيره بالإرسال. وقال ابن عبد البر:"قد جاء معناه متصلًا مسندًا من وجوه صحاح ثابتة".

[التخريج]:

[طا 26 / هقع 4021 / هقل (4/ 273)].

[السند]:

رواه مالك في (الموطأ) -ومن طريقه البيهقي-: عن زيد بن أسلم، به.

ص: 309

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه مرسل.

وبهذا أعله البيهقي في (المعرفة 4022)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 583).

ولكن يشهد له ما سبق في الباب؛ ولذا قال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث في الموطآت، لم يسنده عن زيد أحد من رواة الموطأ، وقد جاء معناه متصلًا مسندًا من وجوه صحاح ثابتة في نومه صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح في سفره، روى ذلك جماعة من الصحابة، وأظنها قصة لم تَعْرِض له إلا مرة واحدة فيما تدل عليه الآثار، والله أعلم، إلا أن بعضها فيه (مرجعه من خيبر) كذا قال ابن شهاب عن سعيد بن المسيب في حديثه هذا، وهو أقوى ما يُروى في ذلك، وهو الصحيح إن شاء الله. وقول زيد بن ثابت [في] حديثه هذا: "بطريق مكة" ليس بمخالف؛ لأن طريق خيبر وطريق مكة من المدينة يشبه أن يكون واحدًا، وربما جعلته القوافل واحدًا. وحديث زيد بن أسلم هذا مرسل، وليس مما يُعارِض حديث ابن شهاب"(التمهيد 5/ 204، 205).

ص: 310

2148 -

حَدِيثُ عَطَاءٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ النَّبِيَّ [صلى الله عليه وسلم] بَيْنَا هُوَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَسَارَ لَيْلَتَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، نَزَلُوا لِلتَّعْرِيسِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ يُوقِظُنَا لِلصُّبْحِ؟ » فَقَالَ بِلَالٌ: أَنَا. فَتَوَسَّدَ بِلَالٌ ذِرَاعَ نَاقَتِهِ

(1)

.

فَلَمْ يَسْتَيْقِظُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي مُعَرَّسِهِ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ.

فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيُّ سَفَرٍ هُوَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.

[الحكم]:

ضعيف لإرساله، وفي متنه غرابة.

[التخريج]:

[عب 2255].

[السند]:

أخرجه عبد الرزاق: عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه مرسل، وله شواهد صحيحة تقدمت.

قال ابن رجب: "وهذا المرسل مما يُستدل به على صحة الصلاة في موضع النوم، وأن التباعد عنه على طريق الندب"(الفتح 5/ 120).

قلنا: وقد سبق له شاهد من حديث نافع بن جبير عن رجل من الصحابة،

(1)

- نقله ابن عبد البر في (التمهيد 5/ 215) بلفظ: "فتوسد بلال ذراعه".

ص: 311

ومثله في رواية السراج لحديث أبي هريرة، وقد ذكرها ابن دقيق في (الإمام 3/ 580 - 581) وقال:"فيه زيادة، إن كان محفوظًا".

قلنا: قد أشرنا هناك إلى أن المشهور في حديث أبي هريرة وبقية أحاديث الباب السابقة- أنههم رحلوا عن المكان، ثم توضئوا، وصلوا الركعتين، ثم صلوا الصبح.

وهو خلاف قوله هنا: ((فَتَوَضَّأَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي مُعَرَّسِهِ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ)).

فإن حُمِل على التعدد كما ذهب إليه ابن العربي في (القبس ص 99)، وابن رجب في (الفتح 5/ 121، 122)، وابن حجر في (الفتح 1/ 449).

وإلا فالأول المشهور هو المحفوظ. والله أعلم.

ص: 312

2149 -

حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ الخُزَاعِيِّ:

◼ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الخُزَاعِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِنَحْوِ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ.

[الحكم]:

صحيح المتن بشواهده، وإسناده ضعيف جدًّا، وأعله: الدارقطني، وأقره ابن عبد الهادي.

[التخريج]:

[علقط (تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي 2/ 390) معلقا]

[السند]:

علقه الدارقطني في (العلل): عن إبراهيم بن يزيد الخُوزي، عن عمرو، عن نافع بن جبير، عن أبي شُريح الخزاعي، به

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه إبراهيم بن يزيد القرشي الأموي الخوزي، متروك الحديث، وقد وهمَ فيه، كما قاله الدارقطني في (العلل)، فيما نقله ابن عبد الهادي.

قال الدارقطني - وسئل عن الخلاف في هذا الحديث - فقال: رواه حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه.

وخالفه ابن عيينة، فرواه عن عمرو عن نافع بن جبير عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لم يسمه.

وخالفه إبراهيم بن يزيد الخوزي، فرواه عن عمرو عن نافع بن جبير عن أبي شريح الخزاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووهم فيه.

ص: 313

وأشبهها بالصواب قول ابن عيينة" (تنقيح التحقيق 2/ 390).

وتقدم الكلام على رواية حماد وابن عيينة.

ص: 314

2150 -

حَدِيثُ ذِي مِخْمَرٍ- أَوْ: مِخْبَرٍ- الحَبَشِيِّ:

◼ عَنْ ذِي مِخْمَرٍ -وَكَانَ رَجُلًا مِنَ الحَبَشَةِ يَخدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: كُنَّا مَعَهُ فِي سَفَرٍ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حِينَ انْصَرَفَ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِقِلَّةِ الزَّادِ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدِ انْقَطَعَ النَّاسُ وَرَاءَكَ! فَحَبَسَ وَحَبَسَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى تَكَامَلُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ:«هَلْ لَكُمْ أَنْ نَهْجَعَ هَجْعَةً؟ » -أَوْ قَالَ لَهُ قَائِلٌ- فَنَزَلَ وَنَزَلُوا، فَقَالَ:«مَنْ يَكْلَؤُنَا اللَّيْلَةَ؟ » . فَقُلْتُ: أَنَا، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ! ! فَأَعطَانِي خِطَامَ نَاقَتِهِ، فَقَالَ:«هَاكَ، لَا تَكُونُنَّ لُكَعَ» .

قَالَ: فَأَخَذْتُ بِخِطَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَخِطَامِ نَاقَتِي، فَتَنَحَّيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُمَا يَرْعَيَانِ.

فَإِنِّي كَذَاكَ أَنْظُرُ إِلَيْهِمَا حَتَّى أَخَذَنِي النَّوْمُ، فَلَمْ أَشْعُرْ بشَيْءٍ حَتَّى وَجَدْتُ حَرَّ الشَّمْسِ عَلَى وَجْهِي، فَاسْتَيْقَظْتُ، فَنَظَرْتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا أَنَا بِالرَّاحِلَتَيْنِ مِنِّي غَيْرُ بَعِيدٍ، فَأَخَذْتُ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبِخِطَامِ نَاقَتِي، فَأَتَيْتُ أَدْنَى القَوْمِ فَأَيْقَظَتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَصَلَّيْتُمْ؟ قَالَ: لَا.

فَأَيْقَظَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«يَا بِلَالُ، هَلْ فِي المِيضَأَةِ مَاءٌ؟ » -يَعْنِي الإِدَاوَةَ- قَالَ: نَعَمْ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ! فَأَتَاهُ بِوَضُوءٍ، فَتَوَضَّأَ [-يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وُضُوءًا] لَمْ يَلُتْ مِنْهُ التُّرَابَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَهُوَ غَيْرُ عَجِلٍ، ثُم أَمَرَهُ، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى وَهُوَ غَيْرُ عَجِلٍ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا نَبِيَّ اللهِ، فَرَّطْنَا؟ قَالَ:«لَا، قَبَضَ اللهُ عز وجل أَرْوَاحَنَا، وَقَدْ رَدَّهَا إِلَيْنَا، وَقَدْ صَلَّيْنَا» .

ص: 315

[الحكم]:

مختلف فيه: فصححه: الزركشي وابن الملقن ومغلطاي والألباني. وهو ظاهر صنيع أبي موسى المديني والهيثمي.

وضَعَّفه: النووي. وهو الراجح.

وأصل القصة محفوظ من طرق، سوى حراسة ذي مِخمر، وقوله:((فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا لَمْ يَلُتْ مِنْهُ التُّرَابَ)).

[اللغة]:

قوله: "لَمْ يَلُتْ مِنْهُ التُّرَابَ"، من اللت، وهو خلط الماء وغيره بالشيء، أي: لم يَبُلَّ به التراب. وكذا في رواية بقية عند أبي نعيم بالشك.

وعند أبي داود: "لم يلث"، ضبطه العيني بفتح الياء، وضم اللام، ورفع (التراب):"لمْ يَلُثْ مِنْهُ التُّرَابُ" وقال: "بمعنى: لم يتلوث من وضوئه الترابُ.

وفي رواية بضم الياء، وكسر اللام، ونصب التراب، بمعنى: لم يخلط منه الترابَ.

وضبط ابن دُحيم بخطه عن أحمد بن حزم: "لَمْ يَلُثْ" بفتح الياء، وضم اللام، وبالثاء المثلثة؛ مِن لاث يلوث لَوْثًا، من الالتياث، وهو الاختلاط. وفيه يُرفع التراب- أيضًا- على الفاعلية.

وفي رواية: "لَمْ يَلْثَ" بفتح الياء وسكون اللام وبالثاء المثلثة، من (لَثِيَ) .. أي: نَدِيَ، وهذا ثوبٌ لَث .. إذا ابتل من العرق. وفي رواية:"لم يُلث" بضم الياء

وهذا يُشعر أن الماء كان قليلًا، ولا سيما إذا كان الوقت حارًّا، والأرض حارة" (شرح أبي داود 2/ 340).

ص: 316

والأقرب أنه من لَثِيَ الشيءُ، إذَا نَدِيَ وابتَلّ. وهو كناية عن تخفيف الوضوء.

[التخريج]:

[د 442 "والزيادة له"، 443 مختصرًا / حم 16824 "واللفظ له" / طب 4228/ طس 4662 /طش 1074، 1075 / صبغ 935 - 937 / مث 2664 - 2666 / صحا 2627، 2632 / مديني (عوالي 68) / عيل 101 / أسد (2/ 222) / حبش ص 161، 162].

[السند]:

رواه أحمد (16824) -ومن طريقه أبو نعيم في (المعرفة 2627 مختصرًا) - قال: حدثنا أبو النضر، حدثنا حَرِيز

(1)

[بن عثمان]، عن يزيد بن صُلَيْح

(2)

، عن ذي مِخمر، به.

ورواه الباقون من طرق عن حريز عن يزيد بن صليح -وقال بعضهم: ابن صالح- عن ذي مخمر -وقال بعضهم: مخبر- به.

وقال بقية في روايته عن حريز: "ثنا صليح الرحبي"، رواه البغوي وأبو نعيم في الصحابة.

وذكر ابن عبد البر أن أبا المغيرة عبد القدوس الخولاني رواه كذلك أيضًا، فقال: "وأما حديث ذي مخبر فذكره أبو داود وغيره، وهو يدور على (حريز) بن عثمان الرحبي، اختُلف عليه فيه: فقوم قالوا عنه: عن صليح

(1)

- تحرف في الميمنية وأكثر النسخ إلى: "جرير"! ، وقد جاء منسوبًا عند أبي نعيم، فتأكد أنه حريز بن عثمان.

(2)

- وقع عند أبي نعيم: "صبيح"، وهو أحد الأقوال في اسمه. والصواب "صليح".

ص: 317

الرحبي. كذا قال أبو المغيرة. وقوم قالوا: عنه عن يزيد بن صليح. وقال آخرون: عنه عن يزيد بن صالح. والحديث شامي مشهور" (التمهيد 5/ 259).

وصحح المزي في (الأطراف 3/ 139) أن اسمه "يزيد بن صليح"، وبه جزم غير واحد (تهذيب التهذيب 11/ 338).

[التحقيق]:

إسناده محتمل للتحسين، رجاله كلهم ثقات عدا يزيد بن صليح -أو ابن صالح-، فلم يذكروا راويًا عنه سوى حريز بن عثمان، وهو مختلف في حاله. قال أبو داود:"شيوخ حريز كلهم ثقات"(التهذيب 32/ 162)، وذكره ابن حبان في (الثقات 5/ 541)، وقال: "روى عنه حريز بن عثمان، وحريز ممن يُتنكب حديثه

(1)

".

بينما قال الدارقطني: "لا يُعتبر به"(سؤالات البرقاني 552)، وقال الذهبي:"لا يكاد يُعرف"(الميزان 4/ 429)، وقال في (الكاشف 6319):"وُثِّق"، وقال الحافظ:"مقبول"(التقريب 7731).

وعلى القول الأول، اعتمد الهيثمي فقال:"ورجال أحمد ثقات"(المجمع 1794).

وصححه: الزركشي في (التذكرة ص 70)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 346)، وابن الملقن في (تحفة المحتاج 1/ 420)، والألباني في (صحيح

(1)

أي: يُجتنب حديثه، كما نقله عنه الحافظ في (هدي الساري، ص 396)، وإنما قال ذلك - والله أعلم - لما ذُكر عنه من بدعة النصب وانتقاص علي رضي الله عنه. ولكن جمهور الأئمة على توثيقه، وقد قيل: إنه رجع عن بدعته. والله أعلم.

ص: 318

أبي داود 2/ 342) و (الإرواء 1/ 294)، بينما حَسَّنه في (الثمر 1/ 105).

وقال أبو موسى المديني: "هذا حديث ثابت على شرط أبي داود"(منتهى رغبات السامعين، ص 149).

وعلى القول الثاني، فإسناده ضعيف أو لَين. وهو الأرجح لدينا.

نعم، القصة محفوظة من طرق أخرى كما سبق؛ ولذا قال ابن عبد البر:"والحديث شامي مشهور بمعنى ما تقدم من الآثار سواء"(التمهيد 5/ 259).

ولكن المحفوظ في الآثار المتقدمة أن الذي حرسهم هو بلال رضي الله عنه.

فإن صح الجمع بأن القصة تعددت، كما ذهب إليه ابن رجب في (الفتح 5/ 121، 122)، وابن حجر في (الفتح 1/ 449)، وإلا فالأول أَوْلى.

وقد ذكره النووي في فصل الضعيف من (خلاصة الأحكام 216) فقال: "منه: توضأ بماء لا يبل الثرى".

وللحديث سياقة أخرى من طريق آخر ضعيف بزيادة منكرة، كما قال الألباني في (صحيح أبي داود 2/ 343)، وها هي:

ص: 319

رِوَايَةُ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ ابْنِ أَخِي النَّجَاشِيِّ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ ذِي مِخْمَرٍ ابْنِ أَخِي النَّجَاشِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ [وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الحَبَشَةِ، قَالَ:] فَسَرَوْا مِنَ اللَّيْلِ مَا سَرَوْا، ثُمَّ نَزَلُوا، فَأَتَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«يَا ذَا مِخْمَرٍ» ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ [يَا] رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ! قَالَ: «خُذْ بِرَأْسِ نَاقَتِي هَذِهِ

(1)

وَاقْعُدْ هَاهُنَا، وَلَا تَكُونَنَّ لُكَعًا اللَّيْلَةَ».

[قَالَ:] فَأَخَذْتُ بِرَأْسِ النَّاقَةِ، فَغَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فَنِمْتُ وَانْسَلَّتِ النَّاقَةُ، فَذَهَبَتْ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ. فَأَتَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«يَا ذَا مِخْمَرٍ» ، قُلتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ! قَالَ: «كُنْتَ وَاللهِ اللَّيْلَةَ لُكَعَ كَمَا قُلْتُ» .

فَتَنَحَّيْنَا عَنْ ذَلِكَ المَكَانِ، [وَتَوَضَّأْنَا]، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، دَعَا [اللهَ عز وجل] أَنْ تُرَدَّ النَّاقَةُ، فَجَاءَتْ بِهَا عَصَارُ رِيحٍ تَسُوقُهَا.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ حِينَ بَرَقَ الفَجْرُ، أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ ثُمَّ صَلَّى بِنَا، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ:«هَذِهِ صَلَاتُنَا بِالأَمْسِ» ثُمَّ ائتَنَفَ صَلَاةَ يَوْمِهِ ذَلِكَ.

[الحكم]:

منكر، وإسناده ضعيف. وضَعَّفه الألباني، وحَكَم على متنه بالنكارة.

[التخريج]:

[طب 4228 واللفظ له / طح (1/ 464) مختصرًا / صمند (1/ 572)

(1)

- في المطبوع من المعجم: "فَأَخَذَ بِرَأْسِ نَاقَتِي، وَقَالَ:«اقْعُدْ هَا هُنَا وَلَا تَكُونَنَّ لَكَاعًا اللَّيْلَةَ» .

ص: 320

مختصرًا / صحا 2631 "والزيادات له"]

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا أحمد بن داود المكي، ثنا قيس بن حفص الدارمي، ثنا مسلمة بن علقمة المازني، ثنا داود بن أبي هند، عن العباس بن عبد الرحمن مولى بني هاشم، ثنا ذو مِخمر ابن أخي النجاشي، به.

ومداره عندهم على مسلمة بن علقمة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه العباس بن عبد الرحمن، ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 7/ 5)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 6/ 211)، والمزي في (تهذيب الكمال 14/ 222)، وغيرهم، ولم يذكروا راويًا عنه سوى داود بن أبي هند، فهو مجهول الحال والعين.

ومع هذا قال الحافظ: "مستور"! (التقريب 3175)

(1)

.

وبه أعله الهيثمي، فقال:"فيه العباس بن عبد الرحمن، روى عنه داود بن أبي هند، ولم أَرَ له راويًا غيره"(المجمع 1795).

وفي السند: مسلمة بن علقمة المازني، وهو مختلف فيه؛

فقال عنه الإمام أحمد: "شيخ ضعيف الحديث، حَدَّث عن داود بن أبي هند أحاديث مناكير، وَأسْندَ عَنهُ

(2)

" (العلل، رواية عبد الله 3454).

(1)

كذا قال الحافظ، مع أنه قال في (مقدمة التقريب ص 74) أن المستور هو من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق. وهذا لم يرو عنه سوى داود بن أبي هند.

(2)

قوله: ((وَأسْندَ عَنهُ))، كأنه يريد أن يقول أن المحفوظ في تلك الأحاديث الإرسال، وهو يسندها، وقد رأينا له غير ما حديث رفعه، ورجح الأئمة إرساله، انظر على سبيل المثال:(سنن الترمذي حديث رقم 1239)، و (علل ابن أبي حاتم 991).

ص: 321

وقال مرة: "يروون عنه أحاديث مناكير، وأراهم قد تساهلوا في الرواية عنه"(الضعفاء الكبير للعقيلي 4/ 27).

وسئل أَبُو داود عنه، فقال:"ترك عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - حديثه"(سؤالات الآجري 1418). وقال النَّسائي: "ليس بالقوي"(تهذيب الكمال 27/ 567).

وقال العقيلي: "ولمسلمة بن علقمة عن داود مناكير، وما لا يُتابَع عليه من حديثه كثير"(الضعفاء 4/ 27)

(1)

.

وقال ابن عدي: "ولمسلمة هذا عن داود غير ما ذكرت مما لا يُتابَع عليه"(الكامل 9/ 482).

وقال الساجي: ((يُحَدِّث عن داود بن أبي هند مناكير)) (إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي 11/ 190).

بينما روى له مسلم في (الصحيح)، وقال عنه ابن معين:"ثقة"(تاريخ الدوري 3692)، وقال أبو حاتم:"صالح الحديث"، وقال أبو زرعة:"لا بأس به، يُحَدِّث عن داود بن أبي هند أحاديث حسانًا"، وقال عبيد الله بن

(1)

ونقل عن عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: "بلغني عن يحيى بن سعيد أنه لم يكن بالراضي عن مسلمة بن علقمة". كذا نقل العقيلي، ويبدو أنه تحرف عليه، فالذي في (العلل رواية عبد الله 4140) قال: سئل أبي عن يحيى بن عتيق وسلمة بن علقمة فقال: "هما عندي سواء، وبلغني عن يحيى بن سعيد القطان أنه لم يكن بالراضي عن سلمة بن علقمة". وسلمة وابن عتيق كلاهما ثقة عند الإمام أحمد، ولهذا ذكر هذا الكلام عن يحيى بن سعيد كالمستغرب له.

ص: 322

عمر القواريري: "كان عالمًا بحديث داود بن أبي هند حافظًا، وكان يقال: في حفظه شيء"(الجرح والتعديل 8/ 267 - 268)، وذكره ابن حبان في (الثقات 9/ 180)، وقال أبو القاسم البغوي:"صالح الحديث"(معجم الصحابة 4/ 321).

وقال ابن شاهين: "وقول أحمد بن حنبل رحمه الله في مسلمة إنه ضعيف؛ لعِلة رفع الأحاديث لا أنه كذاب، وهو إلى الثقة بقول يحيى بن معين أقرب في العلم والله أعلم"(ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه 47).

وقال الذهبي: "ثقة"(الميزان 2/ 458).

وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق له أوهام"(التقريب 6661). وهو أقرب للصواب. والله أعلم.

والحديث ضعفه الشيخ الألباني فقال: "هذا إسناد ضعيف؛ مسلمة بن علقمة صدوق له أوهام. والعباس بن عبد الرحمن مستور

وفي هذه الرواية أنه عليه السلام صلى الفائتة مرتين: الأولى وقت الانتباه. والأخرى في اليوم الثاني! وهذا منكر؛ لضعف إسنادها، ولمخالفتها لسائر الأحاديث المتقدمة" (صحيح أبي داود 2/ 343 - 344).

ص: 323

2151 -

حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ:

◼ عَنْ عَبْدَ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ (فِي غَزَاةٍ)، فَقَالَ القَوْمُ: عَرَّسَ بِنَا (فَقُلْتُ: لَوْ نَزَلْتَ اسْتَرَحْنَا)، فَقَالَ:«مَنْ يُوقِظُنَا؟ (وَمَنْ يَحْرُسُنَا؟ )» . فَقُلْتُ: أَنَا أَحْرُسُكُمْ وَأُوقِظُكُمْ، فَنِمْتُ وَنَامُوا [حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ]، فَمَا اسْتَيْقَظْنَا إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ فِي رُءُوسِنَا، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آخِرَنَا، فَقَامَ [رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم] فَتَوَضَّأَ وَالقَوْمُ [لِصَلَاةِ الصُّبْحِ]، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الفَجْرَ (الصُّبْحَ)[ضُحًى].

• وَفِي رِوَايَةٍ 2، قَالَ: سَرَيْنَا لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ امْتَسَسْنَا الأَرْضَ فَنِمْنَا وَرَعَتْ رِكَابُنَا؟ قَالَ: فَفَعَلَ. قَالَ: فَقَالَ: ((ليَحْرُسْنَا بَعْضُكُمْ))، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَقُلْتُ: أَنَا أَحْرُسُكُمْ. قَالَ: فَأَدْرَكَنِي النَّوْمُ (فَغَلَبَتْنِي عَيْنِي)، فَنِمْتُ، لَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ، وَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِكَلَامِنَا، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

[الحكم]:

صحيح المتن، غير أن المشهور أن الذي حرسهم هو بلال رضي الله عنه، فإن صح حمله على تعدد الواقعة كما ذهب إليه ابن رجب وابن حجر، وإلا فهو شاذ أو منكر، وإسناده غريب كما أشار إليه البزار.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [بز 1989 "والزيادات والروايات له" / طب (10/ 208/ 10349) "واللفظ له" / شا 290 / هقس 290 / أنباري (جزء ق 19/ أ-ب)].

ص: 324

تخريج السياقة الثانية: [حم 4307 "واللفظ له" / حب 1576 "والرواية له ولغيره" / ش 4892 / مش 285 / عل 5010 / هق 1920].

[التحقيق]:

رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 4892) و (المسند 285) -وعنه أبو يعلى (5010)، وعنه ابن حبان (1576) -، وأحمد (4307) -ومن طريقه البيهقي (1920) - قالا: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن سِماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله، به، بلفظ السياقة الثانية، ليس فيه ذِكر الوضوء.

والحسين هو الجُعْفي. وزائدة هو ابن قدامة. وسِماك هو ابن حرب. والقاسم هو المسعودي، فأبوه هو ابن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

وهؤلاء كلهم من رجال البخاري، سوى سِماك، فمن رجال مسلم وحده، وفي حفظه وضبطه كلام مشهور.

وقد رواه البزار (1989) عن يوسف بن موسى وعبدة بن عبد الله، قالا: نا الحسين بن علي الجُعْفي، عن زائدة، به، بلفظ السياقة الأولى بذكر الوضوء.

ويوسف هو القطان. وعبدة هو الصَّفَّار. وهما ثقتان من شيوخ البخاري، احتج بهما في صحيحه.

والحسين وزائدة ثقتان من رجال الشيخين، وقد توبعا عليه:

فرواه الطبراني (10349) والشاشي (290) والبيهقي في (الأسماء 290) من طريق عمرو بن حماد بن طلحة القَنَّاد، حدثنا أسباط بن نصر، عن سِماك بن حرب، عن القاسم، به.

ص: 325

وأسباط متكلم فيه، لكنه متابع كما سبق، فالحديث مداره على سماك.

وقد قال البزار عقبه: "وهذا الحديث رواه سماك، عن القاسم. ورواه عن سماك: زائدة ويزيد بن عطاء".

فكأنه يشير إلى تفرد سماك بسنده، وهو كذلك، وسماك متكلم فيه، فقد تغير بأخرة وصار يتلقن.

والحديث مشهور من طريق جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة، عن ابن مسعود. رواه شعبة والثوري والمسعودي عن جامع. وذَكَر المسعودي أن الذي حرسهم هو ابن مسعود كما في حديث سِماك. وخالفه شعبة والثوري، فذكرا أن الذي تولى حراسة القوم هو بلال رضي الله عنه. وهذا هو المحفوظ من هذا الطريق كما سيأتي ذكره في الرواية التالية.

ورواية سماك لا تتقوى برواية المسعودي؛ إذ إن رواية المسعودي خطأ، حَدَّث بها بعد اختلاطه، والخطأ كالعدم، لا يُقوي غيره ولا يتقوى به. ولعل رواية سماك مثلها؛ إذ الأقرب أنها منكرة؛ لتفرده بسندها. والله أعلم.

ووالد القاسم: عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وإن اختُلف في سماعه من أبيه، فالراجح أنه سمع منه، كما ذهب إليه ابن المديني والبخاري وأحمد وابن معين في رواية، قال الألباني:"والمُثبِت مُقدَّم على النافي"(الصحيحة 5/ 420).

وأصل القصة ثابت من وجوه أخرى كما تقدم، وفيها أن الذي حرسهم هو بلال رضي الله عنه، وهذا هو المشهور، فإن صح الجمع بأن القصة تعددت، كما ذهب إليه ابن رجب في (الفتح 5/ 121، 122)، وابن حجر في (الفتح 1/ 449)، فيصح بذلك حديث سماك. وإلا فهو شاذ أو منكر لغرابته. وانظر الرواية التالية.

ص: 326

رِوَايَةُ: ((وَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ مِنَ الوُضُوءِ ورَكْعَتَيِ الفَجْرِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "لَمَّا انْصَرَفْنَا مِنْ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَحرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟ " قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَقُلْتُ: أَنَا. فَقَالَ: "إِنَّكَ تَنَامُ"، ثُمَّ أَعَادَ:((مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟)) فَقُلْتُ: أَنَا، حَتَّى عَادَ مِرَارًا، قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: ((فَأَنْتَ إِذًا)).

قَالَ: فَحَرَسْتُهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ أَدْرَكَنِي قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّكَ تَنَامُ))، فَنِمْتُ، فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ فِي ظُهُورِنَا.

فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ مِنَ الوُضُوءِ ورَكْعَتَيِ الفَجْرِ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا الصُّبْحَ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:«إِنَّ اللهَ عز وجل لَوْ أَرَادَ أَنْ لَا تَنَامُوا لَمْ تَنَامُوا، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ تَكُونُوا لِمَنْ بَعْدَكُمْ، فَهَكَذَا لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ» .

قَالَ: ثُمَّ إِنَّ نَاقَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِبِلَ القَوْمِ- تَفَرَّقَتْ، فَخَرَجَ النَّاسُ فِي طَلَبِهَا، فَجَاءُوا بِإِبِلِهِمْ إِلَّا نَاقَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((خُذْ هَاهُنَا))، فَأَخَذْتُ حَيْثُ قَالَ لِي، فَوَجَدْتُ زِمَامَهَا قَدِ التَوَى عَلَى شَجَرَةٍ، مَا كَانَتْ لِتَحُلَّهَا الأَبَدَ.

قَالَ: فَجِئْتُ بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ نَبِيًّا، لَقَدْ وَجَدْتُ زِمَامَهَا مُلْتَوِيًا عَلَى شَجَرَةٍ، مَا كَانَتْ لِتَحُلَّهَا إِلَّا يَدٌ!!

قَالَ: وَنَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُورَةُ الفَتْحِ} إنا فَتَحنَا لك فَتحًا مُبينًا} ".

ص: 327

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الحُدَيْبِيَةِ قَالَ: «مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟ » قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ: «إِنَّكَ تَنَامُ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟ » ، قَالَ: فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ: «إِنَّكَ تَنَامُ» ، ثُم قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟ » ، قَالَ: وَسَكَتَ القَوْمُ، فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ: «فَأَنْتَ إِذًا» .

قَالَ: فَحَرَسْتُهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ أَدْرَكَنِي مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنِمْتُ، فَمَا اسْتَيْقَظْتُ إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ عَلَى أَكْتَافِنَا.

فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصنَعُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:«لَوْ شَاءَ اللهُ أَنْ لَا تَنَامُوا عَنْهَا لَمْ تَنَامُوا، وَلَكِنْ أَرَادَ اللهُ أَنْ تَكُونَ سُنَّةً لِمَنْ بَعْدَكُمْ، لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف بهذا السياق، والمحفوظ أن الذي حرسهم هو بلال.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [حم 3710 "واللفظ له" / طب (10/ 208/ 10548) / شا 840، 841 / هقل (4/ 274، 275)].

تخريج السياقة الثانية: [كن 8802 "واللفظ له"، 8815 / عل 5285 / طي 375 / مشكل 3983، 3984 مختصرًا / هق 3225 / هقل (4/ 155، 156) / هقس 289].

[السند]:

أخرجه أحمد، قال: حدثنا يزيد، أنبأنا المسعودي، عن جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة الثقفي، عن عبد الله بن مسعود، به، بلفظ

ص: 328

السياقة الأولى، وفيها التصريح بالوضوء.

وأخرجه الشاشي (840، 841)

(1)

من طريق يزيد به.

وأخرجه الطبراني في (الكبير)، والبيهقي في (الدلائل 4/ 274) من طريق قُرَّة بن حبيب، عن المسعودي، به نحوه.

وأخرجه النسائي في (الكبرى) من طريق ابن المبارك.

وأخرجه أبو يعلى من طريق ابن مهدي.

وأخرجه الطحاوى فى المشكل من طريق عبد الرحمن بن زياد الرصاصي.

وأخرجه البيهقي في الدلائل من طريق يونس بن بكير، وفي (الأسماء والصفات) من طريق عمرو بن مرزوق.

وأخرجه الطيالسي -ومن طريقه الطحاوي في المشكل والبيهقي-.

ستتهم عن المسعودي، به، بلفظ السياقة الثانية، لم يصرح فيه بذكر الوضوء.

ومداره عند الجميع على المسعودي، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، وكان قد

(1)

- ووقع في الموضع الثاني -من رواية الكُدَيْمي عن ابن المديني عن يزيد-: "فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْوُضُوءِ وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا الْفَجْرَ، ثُمَّ صَلَّى الضُّحَى. قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: .. ."الحديث، فزاد فيه صلاة الضحى عقب الفريضة.

والكُدَيْمي متهم، وزيادته هذه منكرة كما سنذكره في (موسوعة الصلاة)، والله أعلم.

ص: 329

اختلط، وكل من سمع منه ببغداد فهو في الاختلاط إلا من سمع منه بالكوفة كما قال أحمد في (العلل 4114). وقال الحافظ:"صدوق اختلط قبل موته، وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط"(التقريب 3919).

قلنا: سماع يزيد بن هارون وعبد الرحمن بن مهدي وأبي داود الطيالسي منه- إنما هو بعد الاختلاط كما في (الكواكب النيرات 35).

وقد ذكر صاحب (الكواكب) جماعة ممن سمعوا منه بالكوفة قبل أن يختلط، وليس فيهم أحد ممن روى هذا الحديث عن المسعودي.

فالظاهر أنهم سمعوا منه بعد اختلاطه، وهذا الحديث خير شاهد على ذلك؛ فقد خولف فيه المسعودي، خالفه شعبة والثوري في سياقته.

فقد أخرجه أحمد (3657، 4421) وأبو داود (444) والطبراني (10549) وغيرهم، من طرق عن شعبة -قرنه الطبراني بالثوري- عن جامع بن شداد به، وفيه: "فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَكْلَؤُنَا؟ » فَقَالَ بِلَالٌ: أَنَا. فَنَامُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«افْعَلُوا كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ» قَالَ: فَفَعَلْنَا. قَالَ: «فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ» .

وهذا إسناد صحيح، وصححه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 345)، وأحمد شاكر في تحقيقه لـ (المسند)، والألباني في (صحيح أبي داود 474)، و (الإرواء 1/ 293)، وسنخرجه في موسوعة الصلاة بإذن الله تعالى.

فذَكَر شعبة والثوري فيه أن الذي قام بالحراسة هو بلال رضي الله عنه، وليس ابن مسعود كما في رواية المسعودي!

وهذا هو المحفوظ، وقد سبق في الصحيحين ما يشهد له.

فأما قول البيهقي: "قال غندر وغيره عن شعبة: إن الذي حرسهم ليلتئذٍ كان

ص: 330

بلالًا. وكذلك قاله يحيى القطان في إحدى الروايتين عنه. ورُوي عنه وعن عبد الرحمن عن شعبة أن الحارس كان عبد الله بن مسعود. وكذلك قاله عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن جامع بن شداد" (الدلائل 4/ 274).

فلم نجد رواية لا عن القطان ولا عن ابن مهدي فيها أن الحارس كان ابن مسعود.

والثابت عن القطان في (المسند) و (المعجم الكبير) أنه كان بلالًا.

كما أنهما لم يذكرا فيه عبارة: «لَوْ شَاءَ اللهُ أَنْ لَا تَنَامُوا عَنْهَا لَمْ تَنَامُوا، وَلَكِنْ أَرَادَ اللهُ أَنْ تَكُونَ سُنَّةً لِمَنْ بَعْدَكُمْ» ، ولذا ضَعَّف الألباني هذه الزيادة في (الضعيفة 3088).

ورواية شعبة والثوري ليس فيها التصريح بالوضوء، كما في السياقة الثانية للمسعودي، وإن أمكن استنباط ذلك من قوله فيها:((فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ))، مثل قوله في رواية شعبة والثوري:((افْعَلُوا كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ)).

وقال الهيثمي في رواية المسعودي: "رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير وأبو يعلى باختصار عنهم. وفيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، وقد اختلط في آخر عمره. ولابن مسعود أيضًا عند أحمد والبزار قال: (أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية فذكر أنهم نزلوا دهاسًا من الأرض - يعني الدهاس الرمل - فقال: ((مَنْ يَكْلَؤُنَا؟ )) فقال بلال: أنا)، فذكر نحوه. ورجاله موثقون وليس فيه المسعودي"(مجمع الزوائد 1/ 319).

ص: 331

2152 -

حَدِيثُ أَنَسٍ:

◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: «مَنْ يَكْلَؤُنَا

(1)

اللَّيْلَةَ؟ » فَقُلْتُ: أَنَا. فَنَامَ [رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم] وَنَامَ النَّاسُ وَنِمْتُ، فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ، فَقَالَ [النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا] أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذِهِ الأَرْوَاحَ عَارِيَةٌ فِي أَجْسَادِ العِبَادِ، يَقْبِضُهَا [إذَا شَاءَ] وَيُرْسِلُهَا إِذَا شَاءَ، فَاقْضُوا حَوَائِجَكُمْ عَلَى رِسْلِكُمْ» . فَقَضَيْنَا حَوَائِجَنَا عَلَى رِسْلِنَا، وَتَوَضَّأْنَا وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا.

[الحكم]:

إسناده ضعيف، وضَعَّفه العقيلي وابن رجب والهيثمي.

[التخريج]:

[بز 7474 واللفظ له / عيل (1/ 444، 445) والزيادات له ولغيره / عق (3/ 209) مختصرًا / لا 1367 / خط (2/ 591/ 566)].

[السند]:

أخرجه البزار قال: حدثنا عمر بن محمد

(2)

بن الحسن، حدثنا أبي، عن عتبة أبي عمرو، عن الشعبي، عن أنس، به.

ورواه العقيلي والإسماعيلي -ومن طريقه الخطيب- والدولابي: من طريق عمر بن محمد، به.

(1)

- في مطبوعة البزار: "يكلأنا"!

(2)

- زِيد هنا في مطبوعة البزار: "بن محمد"، وهذه زيادة مقحمة لا وجه لها، ويدل عليه كلام البزار عقب الحديث. وانظر ترجمته وترجمة أبيه من (التهذيب).

ص: 332

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الشعبي عن أنس إلا عتبة، ولا حَدَّث به إلا محمد بن الحسن الأسدي".

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: عتبة أبو عمرو، وهو ابن اليقظان الراسبي، كما قال الدولابي في (الكنى)، وهو "ضعيف" كما في (التقريب 4444).

وذهب العقيلي إلى أن عتبة هذا هو ابن أبي عتبة الفَزَاري، فذَكَر له رواية عن عكرمة، وقال:"لا يُتابَع عليه"(الضعفاء 3/ 208) ، ثم روى له هذا الحديث، وقال عقبه:"هذا هو عندي الفَزَاري، ولا يتابع على الحديثين جميعًا إلا من طريق تُقارب هذا"(الضعفاء، هامش 3/ 209)

(1)

. وأقره ابن حجر في (اللسان 5093) ولم يتعقبه بشيء!

مع أن المعروف في شيوخ ابن الحسن وتلاميذ الشعبي هو ابن يقظان، كما صرح به في سند الدولابي. والله أعلم.

وقال ابن رجب: "وفي مسند البزار عن أنس أنه هو الذي كلأهم تلك الليلة. ولكن إسناده ضعيف"(الفتح 5/ 122).

وقال الهيثمي: "رواه البزار، وفيه عتبة أبو عمرو، روى عن الشعبي، وروى عنه محمد بن الحسن الأسدي، ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله رجال الصحيح"(المجمع 1806).

(1)

- ولم يثبت هذا القول محققو التأصيل في الأصل، لأنها من نسخة الظاهرية، وهي من رواية أخرى عن العقيلي غير التي اعتمدوها في الأصل.

ص: 333

الثانية: محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي، "صدوق فيه لِين"(التقريب 5816).

ص: 334

رِوَايَةُ: أنه صلى الله عليه وسلم ((جَهَّزَ جَيْشًا)):

•وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَهَّزَ جَيْشًا إِلَى المُشْرِكِينَ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، أَمَرَهُمَا وَالنَّاسَ كُلَّهُمْ، قَالَ لَهُمْ:«أَجِدُّوا السَّيْرَ؛ فَإِنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ المُشْرِكِينَ مَاءً، إِنْ سَبَقَ المُشْرِكُونَ إِلَى ذَلِكَ المَاءِ شَقَّ عَلَى النَّاسِ وَغُلِبْتُمْ عَطَشًا شَدِيدًا أَنْتُمْ وَدَوَابُّكُمْ وَرِكَابُكُمْ» . وَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَمَانِيَةٍ هُوَ تَاسِعُهُمْ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:«هَلْ لَكُمْ أَنْ نُعَرِّسَ قَلِيلًا، ثُمَّ نَلْحَقَ بِالنَّاسِ؟» ، قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ. فَعَرَّسُوا، فَمَا أَيْقَظَهُمْ إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتَيْقَظَ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ لَهُمْ:«قُومُوا وَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ» . فَفَعَلُوا، ثُمَّ رَجَعُوا إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُم رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:«هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟» قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مِيضَأَةٌ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ. قَالَ:«جِئْ بِهَا» ، فَجَاءَ بِهَا، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَسَحَهَا بِكَفَّيْهِ وَدَعَا بِالبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:«تَعَالَوْا فَتَوَضَّئُوا» ، فَجَاءُوا فَجَعَلَ يَصُبُّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَوَضَّئُوا، وَأَذَّنَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَأَقَامَ، قَالَ: فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ لِصَاحِبِ المَيضَأَةِ:«ازْدَهِرْ بِمِيضَأَتِكَ؛ فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ» .

فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ قَبْلَ النَّاسِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:«مَا تَرَوْنَ النَّاسَ فَعَلُوا؟» ، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ فِيهِمْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَسَيُرْشِدَانِ النَّاسَ» .

فَقَدِمَ النَّاسُ وَقَدْ سَبَقَ المُشْرِكُونَ إِلَى ذَلِكَ المَاءِ، فَشَقَّ عَلَى النَّاسِ، وَعَطَشُوا عَطَشًا شَدِيدًا وَرِكَابُهُمْ وَدَوَابُّهُمْ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ صَاحِبُ المَيضَأَةِ؟» ، قَالَ: هَا هُوَ ذَا يَا رَسُولَ

ص: 335

اللهِ. قَالَ: «جِئْ بِمِيضَأَتِكَ» ، فَجَاءَ بِهَا وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ لَهُمْ كُلِّهِمْ:«تَعَالَوْا فَاشْرَبُوا» ، فَجَعَلَ يَصُبُّ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى شَرِبُوا كُلُّهُمْ، وَسَقَوْا دَوَابَّهُمْ وَرِكَابَهُمْ، وَمَلَئُوا كُلَّ إِدَاوَةٍ وَقِرْبَةٍ وَمَزَادَةٍ.

ثُمَّ نَهَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ إِلَى المُشْرِكِينَ، فَبَعَثَ اللهُ رِيحًا فَضَرَبَتْ وُجُوهَ المُشْرِكِينَ، وَأَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى نَصْرَهُ، وَأَمْكَنَ مِنْ أَدْبَارِهِمْ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَأَسَرُوا أُسَارَى كَثِيرَةً، وَاسْتَاقُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً، وَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ وَافِرِينَ صَالِحِينَ.

[الحكم]:

ضعيف جدًّا بهذا السياق.

[التخريج]:

[عل 4238 واللفظ له / عد (5/ 533) / هقل (6/ 134، 135)].

[السند]:

أخرجه أبو يعلى -ومن طريقه ابن عدي والبيهقي- قال: حدثنا شيبان، حدثنا سعيد بن سُليم الضبي، حدثنا أنس بن مالك، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد واهٍ؛ فيه سعيد بن سُليم الضبي. قال ابن عدي بعد أن خرجه مختصرًا: "وعند شيبان عن سعيد عن أنس أحاديث غير ما ذكرت، حدثنا بها عمران السَّختياني وسعيد بن سُليم من أصحاب أنس الذين يروون عنه ممن ليس هم معروفين، ولا حديثهم بالمعروف الذي يتابعه أحد عليه، وهو في عداد الضعفاء الذين يروون عن أنس"(الكامل 5/ 533).

وأقره الذهبي في (الميزان 2/ 142)، ونقل عن الأزدي قوله:"متروك". وأقره الحافظ في (اللسان 3432).

ص: 336

فأما ابن حبان فقد ذكر سعيدًا هذا في (الثقات 4/ 281) وقال: "يخطئ"!

ولذا قال الهيثمي عن هذا الحديث: "رواه أبو يعلى، وفيه سعيد بن سليم الضبي، وَثَّقه ابن حبان وقال: يخطئ. وضَعَّفه غيره. وبقية رجاله رجال الصحيح"(المجمع 14106).

ص: 337

2153 -

حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ:

◼ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ المُرَادِيَّ أَسْأَلُهُ عَنِ المَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ يَا زِرُّ؟ فَقُلْتُ: ابْتِغَاءَ العِلْمِ. فَقَالَ: ((إِنَّ المَلَائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ)). [فَقَالَ: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ تَسْأَلُ؟ ] 1 فَقُلْتُ: إِنَّهُ حَكَّ فِي صَدْرِي (نَفْسِي) 1 [شَيْءٌ مِنَ] 2 المَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَعْدَ الغَائِطِ وَالبَوْلِ، وَكُنْتَ امْرَأً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجِئْتُ أَسْأَلُكَ: هَلْ سَمِعْتَهُ يَذْكُرُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ [رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] 3 يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا- أَوْ مُسَافِرِينَ- أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ.

[الحكم]:

حديث حسن. وصححه: البخاري، والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والخطابي، وابن عبد البر، وابن حزم، وابن العربي، وابن الجوزي، وعبد الغني المقدسي، وبهاء الدين المقدسي، والضياء المقدسي، والنووي، والعراقي، وابن الملقن، وابن حجر، والعيني.

وجَوَّد إسناده: العقيلي.

وحَسَّنه: الجورقاني، وابن عساكر، وابن الصلاح، والألباني.

[التخريج]:

[ت 97، 3829 "واللفظ له"، 3830، 4061 "والرواية الأولى والثانية له ولغيره، والزيادة الثانية والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة له ولغيره" / ن 127 والزيادة الثالثة له ولغيره، 163 والزيادة الأولى له ولغيره، 164 / كن 163، 166، 186 - 188، 11288 والزيادة

ص: 338

الرابعة له/ جه 481، 4101 / حم 18089، 18091، 18095، 18098، 18100/ مي 367 / ..... ]

* والحديث مخرج برواياته مع تحقيقها في أبواب المسح على الخفين، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).

ص: 339

2154 -

حَدِيثُ عَلِيٍّ:

◼ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((وِكَاءُ السَّهِ العَيْنَانِ (الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ)، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((إِنَّمَا العَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتِ العَيْنُ اسْتَطْلَقَ الوِكَاءُ)).

[الحكم]:

مُختلَف فيه:

فضَعَّفه أكثر أهل العلم؛ كأبي زرعة، وأبي حاتم، والساجي، وابن حزم، وابن عبد البر، وابن الجوزي، وابن العربي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن القطان، والمنذري -في أحد قوليه-، والخزرجي، وابن دقيق العيد، وصدر الدين المناوي، والذهبي، وابن عبد الهادي، والزيلعي، وابن الملقن، وابن حجر، والعيني، وميرك، والصنعاني، والمناوي.

بينما ذَكَره ابن السكن في (الصحاح)، وأخرجه الضياء في (المختارة)، وقال ابن الصلاح:((في إسناده شيء، وهو - إن شاء الله - حسن)). وحَسَّنه: النووي، والمنذري - في قوله الآخر -، والألباني.

والراجح: ضعفه.

[اللغة]:

الوِكَاءُ - وهو بكسر الواو والمد -: مَا تُشَد به رأس القربة ونحوها.

والسَّهُ - بفتح السين وتخفيف الهاء -: من أسماء الدُّبُر.

جَعَل اليقظة للاست كالوكاء للقربة. وكَنَّى بالعين عن اليقظة؛ لأن النائم لا عين له تبصر. (حاشية السندي على ابن ماجه 1/ 422).

ص: 340

قال أبو عُبَيد: "قوله: (السه) حَلْقة الدُّبُر. و (الوِكاء): أصله هو الخيط أو السير الذي يُشَد به رأس القربة. فَجَعَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم اليقظة للعين مثل الوكاء للقربة. يقول: فإذا نامت استرخى ذلك الوكاء، فكان منه الحَدَث"(غريب الحديث 3/ 82).

[فائدة]:

قال السندي: "الحديث وإن كان مطلقًا في النوم إلا أن العلماء خصصوا الحكم ببعض أقسامه؛ لِما جاء في بعض أقسامه من عدم النقض، ثم لهم في اعتبار ذلك تفاصيل مذكورة في كتب الشرع"(حاشية السندي على ابن ماجه 1/ 422).

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [د 202 "واللفظ له" / جه 480 "والرواية له ولغيره" / حم 887 / هروي (2/ 450) / حق (النكت الظراف 7/ 420) / ك (معرفة ص 133) / طش 656 / ضيا (2/ 255/632) / قط 600 / هق 581 / هقع 935 / هقخ 391 / تمهيد (18/ 247) / عد (10/ 295) / منذ 36 / مشكل 3432 / تحقيق 164 / كما (27/ 288) / كر (22/ 141)، (63/ 44) / عس (تعليقة ص 71) / أبو بكر بن أبي داود (تعليقة ص 70) / تاريخ العقيلي (بدر 2/ 426)].

تخريج السياقة الثانية: [معل 260 "واللفظ له" / حرب (طهارة 228) / عق (4/ 153 - 154) / كر (14/ 25) / كما (27/ 288)].

[السند]:

أخرجه أبو داود، قال: حدثنا حَيْوة بن شُريح الحمصي -في آخرين-

ص: 341

قالوا: حدثنا بقية، عن الوَضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن علي بن أبي طالب، به.

وأخرجه (ابن ماجه) قال: حدثنا محمد بن المصفى الحمصي، حدثنا بقية، عن الوضين، به.

وأخرجه (أحمد) قال: حدثنا علي بن بحر، حدثنا بقية بن الوليد الحمصي، حدثني الوضين بن عطاء، به.

ومدار إسناده عند الجميع على بقية بن الوليد، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

العلة الأولى: الانقطاع بين عبد الرحمن بن عائذ، وعلي رضي الله عنه:

فقد نفى أبو زرعة سماع ابن عائذ من علي رضي الله عنه، وبذلك أعلَّ هذا الحديث، فقال حينما سئل عنه:"ابن عائذ عن علي مرسل " يعني منقطع (علل ابن أبي حاتم 106)، و (المراسيل 446).

وكذلك قال أبو حاتم الرازي كما في (الجرح والتعديل 5/ 270).

وأما ابن حبان فمَرَّض القول بسماعه ولم يجزم بعدمه، حيث قال:"وقد قيل: إنه لقي عليًّا"(الثقات 4077).

وقد أعله بالانقطاع: عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 146)، وابن القطان الفاسي في (بيان الوهم والإيهام 3/ 9)، وابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 143)، و (تعليقة على العلل ص 71)، والذهبي في (التنقيح 1/ 58)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 45)، والعيني في (شرحه 1/ 468)،

ص: 342

وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 428).

وتَعَقَّب الحافظ ابن حجر قول أبي زرعة بعدم سماعه من علي، فقال:"وفي هذا النفي نظر؛ لأنه يَروي عن عمر كما جزم به البخاري"(التلخيص الحبير 1/ 333).

وتَعَقَّب مغلطاي قول عبد الحق، فقال:((وفي قول الإشبيلي: (حديث علي ليس بمتصل) فيه نظر: إن أراد الحديث الذي من رواية عبد الرحمن بن عائذ، فمُسلَّم، على أن ابن حبان ذكر أنه روى عن علي قال: وقد قيل: إنه لقي عليًّا، روى عنه أهل الشام.

وإن أراد نفس الحديث فغير مُسلَّم؛ لِما أسلفناه من رواية غير عبد الرحمن)) (شرح ابن ماجه 1/ 525 - 526).

قلنا: ولعل مما يُقوي ذلك أنه قد ذكره غير واحد في الصحابة كالبغوي، ونسب ذلك للبخاري، وجزم بذلك مغلطاي وعزاه لابن بنت منيع وأبي نعيم والعسكري، وبهذا تعقب على ابن القطان الذي رماه بالجهالة. انظر (شرح مغلطاي 1/ 526).

ولكن نفى أبو حاتم وأبو زرعة وابن منده وغيرهم أن تكون له صحبة، وجزموا بكونه تابعيًّا، وهو الذي رجحه الحافظ ابن حجر. انظر (الإصابة 8/ 348)، مع (التقريب).

وتَعَقُّب الحافظ على أبي زرعة كان يُسَلَّم لو أن روايته عن عمر متصلة، أما وهي مرسلة أيضًا فلا تفيده شيئًا.

فالذي نميل إليه هو قول أبي حاتم وأبي زرعة ومَن تابعهما. والله أعلم.

ص: 343

العلة الثانية: الوَضين بن عطاء، وهو مختلف فيه:

فوثقه أحمد وابن معين ودحيم، وقال أبو داود:"صالح"، وذكره ابن حبان في (الثقات 11490)، وفي (المشاهير 1463) وقال:"من أثبات أهل الشام وقدماء شيوخهم"، وقال ابن عدي:"ما أرى بحديثه بأسًا"، انظر (تهذيب التهذيب 11/ 121).

وفي رواية أخرى للإمام أحمد، وقد سئل عن الوضين، قال:((قد روى الناس عنه. وكأنه ضَعَّفه)) (مسائل حرب الكرماني-كتاب النكاح 2229).

وقال الوليد بن مسلم: ((رأيت الوضين بن عطاء، وكان صاحب خطب، ولم يكن في حديثه بذاك)) (الضعفاء للعقيلي 4/ 153).

وضَعَّفه ابن سعد، وابن قانع، والجوزجاني، وقال أبو حاتم:"تَعْرِف وتُنْكِر".

وقال الساجي: "عنده حديث واحد منكر غير محفوظ عن علقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن علي، حديث: (العَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ) "، قال الساجي:"رأيت أبا داود أدخل هذا الحديث في كتاب (السنن)، ولا أُراه ذكره فيه إلا وهو عنده صحيح"(تهذيب التهذيب 11/ 121).

وقال أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي: ((غيره أوثق منه)) (تاريخ بغداد 15/ 670).

وضَعَّفه ابن حزم في (المحلى 1/ 231)، وذَكَره العقيلي، وأبو العرب في جملة الضعفاء (إكمال تهذيب الكمال 12/ 220).

ولخص حاله ابن حجر، فقال:"صدوق سيئ الحفظ، ورُمي بالقدر"(التقريب 7408).

ص: 344

العلة الثالثة: بقية بن الوليد، وهو على الراجح ثقة، إلا أنه يدلس ويسوي، فلابد أن يصرح بالتحديث في جميع طبقات السند، ولا يكفي ورود التحديث عنه من شيخه الوضين كما عند أحمد وغيره.

ولهذا قال الحسين المغربي: ((وفيه بقية بن الوليد، وقد عنعنه، وهو مدلس، فإذا قال: (عن) فليس بحجة)) (البدر التمام شرح بلوغ المرام 2/ 9).

وأما ما ذكر أنه صرح بالتحديث كذلك عن شيخ شيخه؛ حيث قال الحافظ ابن حجر: "أخرجه إسحاق في (مسنده) عن بقية، ثنا الوضين، حدثني محفوظ. فأُمِن تدليسه وتسويته"(النكت الظراف 7/ 420).

ففيه نظر؛ فقد رواه ابن المنذر في (الأوسط 36) عن علي بن الحسن، عن إسحاق، قال: حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، به.

فلم يصرح بالتحديث سوى عن شيخه، بل رواه حرب الكرماني في (مسائله -كتاب الطهارة 228). ورواه البيهقي في (المعرفة 935) من طريق الحسن بن سفيان. كلاهما (حرب، والحسن): عن إسحاق بن راهويه، عن بقية: (عن الوضين، عن محفوظ

). كذا بالعنعنة بين بقية وشيخه، وبين شيخه وشيخ شيخه.

وقد رواه بتحديث بقية من شيخه فقط: علي بن بحر، عند أحمد (887) وغيره.

وخالفه كل من رواه عن بقية، حيث رووه بالعنعنة بين بقية وشيخه، بل وفي جميع طبقات السند. ومن هؤلاء:

ص: 345

1) حيوة بن شريح، عند أبي داود (202).

2) محمد بن المصفى، عند ابن ماجه (480).

3) علي بن الحسين الخواص، عند أبي يعلى في (معجمه 260).

4، 5) حكيم بن سيف ويزيد بن عبد ربه، عند الطحاوي في (المشكل 3432).

6) سليمان بن عمر الأقطع، عند الدارقطني في (السنن 600).

7) نعيم بن حماد، عند العقيلي في (الضعفاء 4/ 153).

8) أبو عتبة الكندي، عند البيهقي في (السنن 581).

9) محمد الجمال، عند البيهقي في (المعرفة 935).

تسعتهم: عن بقية، عن الوضين، عن محفوظ، عن ابن عائذ، عن علي. كذا بالعنعنة في جميع طبقات السند.

وقد أَعَلَّ الحديثَ جماعةٌ ببقية والوضين بن عطاء، منهم مَن يفردهما، ومنهم من يجعلهما علة واحدة:

مِن هؤلاء: ابن حزم في (المحلى 1/ 231)، وابن القطان الفاسي في (بيان الوهم والإيهام 3/ 9)، وابن العربي في (عارضة الأحوذي 7/ 5)، وابن الجوزي في (التحقيق 1/ 171)، والمنذري في (مختصر سنن أبي داود 1/ 145)، والخزرجي في (اللباب في الجمع بين السنة والكتاب 1/ 115)، وصدر الدين المناوي في (كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح 1/ 184)، وابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 143)، والذهبي في (التنقيح 1/ 58)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 428)،

ص: 346

والعيني في (شرح أبي داود 1/ 468)، وميرك في (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 1/ 365)، والصنعاني في (سبل السلام 1/ 103).

قلنا: وقد أعل ابن القطان بعلة رابعة، فقال:((يرويه محفوظ عن عبد الرحمن بن عائذ، وهو مجهول الحال)) (بيان الوهم والإيهام 3/ 9).

قلنا: ولكن عبد الرحمن بن عائذ الثمالي، وثقه النسائي (تهذيب الكمال 17/ 201)، وذَكَره ابن حبان في (الثقات 5/ 107). وقال ثور بن يزيد:((كان أهل حمص يأخذون كتب ابن عائذ، فما وجدوه فيها من الأحكام عمدوا بها على باب المسجد قناعة بها ورضا بحديثه)) (المعرفة والتاريخ للفسوي 2/ 383).

بل ذَكَره جماعة في الصحابة، منهم، أبو القاسم البغوي في (معجم الصحابة 4/ 145)، وغيره.

ولكن قال أبو عبد الله بن منده: ((ذَكَره البخاري في الصحابة، ولا يصح)). فتعقبه ابن عساكر، فقال:((كذا حكى ابن منده عن البخاري، ولم يذكره البخاري في الصحابة في التاريخ)) (تاريخ دمشق 34/ 455).

وقال أبو نعيم: ((يقال: إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره البخاري في الصحابة، مختلف فيه)) (معرفة الصحابة 4/ 1859).

وقال عبد الحق: ((أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وروايته عنه مرسلة)) (الأحكام الكبرى 1/ 426).

ولهذا تَعَقَّب ابنَ القطان، مغلطاي وابن الملقن.

فقال مغلطاي: ((وفيما قاله نظر؛ حيث قال عن ابن عائذ: (مجهول الحال) وليس كذلك؛ فإنه ممن ذَكَره ابن حبان في كتابه. ومع ذلك فهو ممن لا

ص: 347

يُحتاج إلى معرفة حاله ولا الكشف عنها؛ لكونه صحابيًّا مشهورًا بذلك، قد ذكره في الصحابة جماعة، منهم البغوي ابن بنت منيع وأبو نعيم الأصفهاني والعسكري)) (شرح ابن ماجه 1/ 525).

وقال ابن الملقن: ((وهو من العجائب! فقد أرسل عن معاذ وغيره، وروى عن أبي أمامة وكثير بن مُرة، وروى عنه محفوظ ونصر ابنا علقمة، وثور بن يزيد، وصفوان بن عمرو، ووثقه النسائي، كما أفاده (المزي)، وذكره ابن حبان أيضًا في «ثقاته» وقال: يقال: إن له صحبة ..... قلت: فمَن هذه حالته كيف يكون مجهولًا؟ ! ولابن القطان من هذا القبيل نظائر جمعتُها في جزء مفرد، والله المعين على إكماله)) (البدر المنير 2/ 428).

قلنا: ومع هذه العلل مجتمعة:

قال الإمام أحمد عن هذا الحديث مقارنة بحديث معاوية الآتي: "حديث علي أثبت [وأقوى] من حديث معاوية

(1)

في هذا الباب" (التلخيص 1/ 118)، و (البدر 2/ 432).

وقال البيهقي عقب حديث معاوية الآتي: "ورُوي عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم في معناه. وإسناده أمثل من هذا"(معرفة السنن والآثار 1/ 211).

وقال ابن حجر: "وحَسَّن المنذري وابن الصلاح والنووي حديث علي"(التلخيص 1/ 118).

وهذا النقل عن المنذري مخالف لما في (مختصر المنذري 1/ 145) حيث قال: "وفي إسناده بقية بن الوليد والوضين بن عطاء، وفيهما مقال".

(1)

- وحديث معاوية ضعيف جدًّا كما سيأتي؛ ولذا فقول الإمام: (أقوى) أي: أخف ضعفًا.

ص: 348

وكذا نقله عنه صاحب (عون المعبود 1/ 239) وأقره.

وذَكَره ابن السكن في سننه الصحاح المأثورة (تحفة المحتاج 1/ 149).

وأخرجه الضياء في (المختارة 2/ 255/ 632).

وقال الدميري: ((رواه أبو داوود وابن ماجه بإسناد حسن)) (النجم الوهاج في شرح المنهاج 1/ 269).

ورَمَز السيوطي له بالصحة كما ذكره المناوي في (الفيض 4/ 523).

وقال الشوكاني: "قد ثبت في النوم حديث: (العَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ) من رواية علي ومعاوية مرفوعًا. وقد حَسَّنه جماعة من الحفاظ"(السيل الجرار 1/ 96).

وحَسَّنه الألباني في (صحيح أبي داود 1/ 367).

بينما ضَعَّف الحديثَ جملة، جماعة من الأئمة:

فسئل أبو حاتم وأبو زرعة

(1)

عن هذا الحديث وحديث معاوية الآتي، فقالا:"ليسا بقويين"(علل ابن أبي حاتم 1/ 563). وأقرهما ابن كثير في (إرشاد الفقيه 1/ 48).

وقال الساجي: ((منكر)) (إكمال تهذيب الكمال 12/ 220).

وقال ابن عبد البر - فيه وفي حديث معاوية الآتي -: "هذان الحديثان ليسا

(1)

في المطبوع من (العلل) - تبعا للنسخ -، لم يرد (أبا زرعة) في سؤال ابن أبي حاتم، وإن كان الجواب صدره بقوله:(قالا) للمثنى، وذكر غير واحد من العلماء أن ابن أبي حاتم سأل أباه وأبا زرعة عن هذين الحديثين؟ فقالا:

وهذا يؤكد أن ذكر (أبي زرعة) سقط من النسخ في بداية السؤال، والله الموفق.

ص: 349

بالقويين" (التمهيد 18/ 248).

وقال في موضع آخر: "وهما حديثان ضعيفان، لا حجة فيهما من جهة النقل"(الاستذكار 1/ 151).

وقال ابن حزم: "وهذان أثران ساقطان، لا يحل الاحتجاج بهما"(المحلى 1/ 231).

وكذا ضعفه ابن عبد الهادي، في (رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة، ص 32)، وابن حجر في (بلوغ المرام 80)، والحسين المغربي في (البدر التمام شرح بلوغ المرام 2/ 52 - 53).

[تنبيهان]:

التنبيه الأول: أورد أحمد في (مسنده 887)، والحاكم في (معرفة علوم الحديث ص 133)، والعقيلي في تاريخه كما في (البدر المنير 2/ 426) الحديث بلفظ:((إِنَّ السَّهَ وِكَاءُ العَيْنِ؛ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ)) هكذا مقلوبًا. والصواب رواية أبي داود وغيره كما تقدم.

قال ابن الملقن: ((ولفظ أحمد: (إِنَّ السَّهَ وِكَاءُ العَيْنِ؛ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ) كذا هو في «مسنده» وكأنه مقلوب. ورواه الحاكم أبو عبد الله أيضًا في كتابه «علوم الحديث» ، والعقيلي في «تاريخه» كما رواه أحمد)) (البدر المنير 2/ 426).

التنبيه الثاني:

روى الحاكم الحديث في (معرفة علوم الحديث، ص 133) من طريق إبراهيم بن موسى الفراء قال: ثنا بقية، عن الوَضين بن عطاء ، عن محفوظ بن علقمة ، عن عبد الرحمن بن عائذ ، عن علي بن أبي طالب، أن

ص: 350

رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«إِنَّ السَّتَهَ وِكَاءُ العَيْنِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» .

ثم قال عقبه: "هذا حديث مروي من غير وجه، لم يَذكر فيه: «فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» غير إبراهيم بن موسى الرازي، وهو ثقة مأمون".

قلنا: قد رواه غير واحد عن بقية غير إبراهيم، فذكروا الحديث كما ذكره، منهم:

1) حَيْوة بن شُريح في آخرين، كما قال أبو داود في (السنن 202)، وغيره.

2) إسحاق بن راهويه، كما في (مسائل حرب-كتاب الطهارة 228)، و (الأوسط لابن المنذر 36).

3) محمد بن المصفى، كما عند ابن ماجه (480).

فرواه ثلاثتهم عن بقية كما ذكر إبراهيم بن موسى.

وتابعه غيرهم كما في خانة التخريج.

ولذا قال الألباني: ((كذا قال! وهذه الزيادة ثابتة من جميع الوجوه التي سقناها إلى بقية)) (صحيح أبي داود 1/ 369).

ص: 351

2155 -

حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ:

◼ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ العَيْنَيْنِ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتِ العَيْنَانِ اسْتُطْلِقَ الوِكَاءُ، [فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ])).

[الحكم]:

ضعيف جدًّا. وضَعَّفه: أبو حاتم، وأبو زرعة، وابن عدي، والبيهقي، وابن عبد البر، وابن حزم، وابن الجوزي، وعبد الحق الإشبيلي، وأبو بكر الغساني، وابن دقيق العيد، والذهبي، وابن عبد الهادي، والزيلعي، ومغلطاي، وابن كثير، وابن الملقن، وابن حجر، وبدر الديني العيني، والحسين المغربي، والمناوي، والصنعاني.

وأشار إلى إعلاله كذلك: الوليد بن مسلم.

[التخريج]:

[عم 16879 "واللفظ له" / مي 740 / عل 7372 / طب (19/ 372/875) "والزيادة له ولغيره" / طش 1494 / مشكل 3433، 3434 / عد (2/ 460) / قط 597، 598 / هق 582 / هقع 931 / هقخ 392، 393 / حرب (طهارة 229) / حل (5/ 154)، (9/ 305) / خط (7/ 578) / تمهيد (18/ 247) / كر (40/ 468) / تحقيق 165 / نفح (2/ 221)].

[السند]:

قال عبد الله بن أحمد: وجدتُ هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده: حدثنا بكر بن يزيد - وأظنني قد سمعته منه في المذاكرة فلم أكتبه، وكان بكر ينزل المدينة، أظنه كان في المحنة، كان قد ضُرِب على هذا الحديث في كتابه، قال: حدثنا بكر بن يزيد -، قال: أخبرنا أبو بكر - يعني ابن أبي مريم - عن عطية بن قيس الكلابى، أن معاوية بن أبي سفيان

ص: 352

قال

فذَكَره.

ورواه أبو يعلى، والدارمي، والطبراني، والدارقطني، وغيرهم، من طريق بقية عن أبي بكر بن أبي مريم، به.

ورواه الطبراني في (الكبير)، وفي (مسند الشاميين)، والدارقطني، وغيرهم، من طريق الوليد بن مسلم، عن أبي بكر بن أبي مريم، به.

فمدار إسناده عند الجميع على أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:

العلة الأولى: أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم؛ قال عنه ابن معين: "ليس حديثه بشيء"(تاريخه - رواية الدوري 5173)، وقال أحمد:"ليس بشيء"، وقال أبو زرعة:"ضعيف، منكر الحديث"(التهذيب 12/ 29)، وضعفه النسائي والجوزجاني، نقله عنهما ابن عدي، وذكر له عدة مناكير، منها هذا الحديث، وختم ترجمته بقوله:"الغالب على حديثه الغرائب، وقَلَّ ما يوافقه عليه الثقات، وأحاديثه صالحة، وهو ممن لا يُحتج بحديثه، ولكن يُكتب حديثه"(الكامل 2/ 458، 465). وقال الحافظ: "ضعيف، وكان قد سُرق بيته فاختلط"(التقريب 7974).

ومع ضعفه فقد خولف في رفعه، وهي:

العلة الثانية: أن مَرْوان بن جَنَاح - وهو ثقة - رواه عن عطية بن قيس عن معاوية قال: ((العَيْن وِكَاءُ السَّهِ)). كذا موقوفًا.

أخرجه ابن عدي في (الكامل 2/ 460) -ومن طريقه البيهقي في (الكبرى

ص: 353

582) و (الخلافيات 394) - من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا مَرْوان، به.

قال الوليد: "ومَرْوان أثبت من ابن أبي مريم".

فهذه علة أخرى، وبها أعله ابن عدي، حيث أخرج هذه الرواية الموقوفة عقب المرفوعة، وذكر عقبها كلام الوليد بن مسلم في ترجيحها وأقره.

وكذا أعله بها البيهقي، وابن دقيق العيد، وابن عبد الهادي وغيرهم، كما ستأتي مصادرهم.

وسئل أبو حاتم وأبو زرعة

(1)

عن حديث معاوية هذا وحديث علي السابق، فقالا:"ليسا بقويين"(علل ابن أبي حاتم 1/ 563).

وضَعَّفه ابن حزم في (المحلى 1/ 231)، والبيهقي في (معرفة السنن والآثار 1/ 367)، وابن عبد البر في (الاستذكار 2/ 77)، و (التمهيد 18/ 248).

وضَعَّفه جدًّا:

عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 146)، وابن الجوزي في (التحقيق 1/ 171)، والغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني، ص 51)، وابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 215)، وابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 144)، و (تعليقة على العلل ص 72)، والذهبي في (التنقيح 1/ 58)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 46)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 525 - 526)، وابن كثير في (إرشاد الفقيه 1/ 48)،

(1)

في المطبوع من (العلل) - تبعا للنسخ -، لم يرد (أبا زرعة) في سؤال ابن أبي حاتم، وإن كان الجواب صدَّره بقوله (قالا) للمثنى، وذكر غير واحد من العلماء: (أن ابن أبي حاتم سأل أباه وأبا زرعة عن هذين الحديثين؟ فقالا:

)، وهذا يؤكد أن ذكر (أبي زرعة) سقط من النسخ في بداية السؤال، والله الموفق.

ص: 354

وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 429)، و (خلاصة البدر المنير 1/ 52)، وابن حجر في (التلخيص 1/ 118)، والعيني في (شرح أبي داود 1/ 468)، والمغربي في (البدر التمام شرح بلوغ المرام 2/ 52)، والصنعاني في (سبل السلام 1/ 103).

وقال ابن حجر أيضًا: "في إسناده ضعف"(البلوغ 80 / بتصرف يسير).

وقال الهيثمي: "رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير. وفيه أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف لاختلاطه"(المجمع 1285).

وقال المناوي - متعقبًا السيوطي -: "رَمَز المصنف لصحته، وهو زلل؛ فقد تعقبه البيهقي نفسه فقال: "أبو بكر ضعيف"، وأقره عليه الذهبي في (المهذب)، ثم رواه عن مروان بن جناح عن عطية عن معاوية موقوفًا، وقال: مروان أثبت من أبي بكر"(الفيض 4/ 523).

ص: 355