المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌361 - باب: لا وضوء على النبي صلى الله عليه وسلم في النوم بخاصة - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٧

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أبوابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الوُضُوءُ وَمَا لَا يَجِبُ

- ‌353 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الحَدَثِ

- ‌354 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ البَوْلِ وَالغَائِطِ

- ‌355 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ المَذْيِ

- ‌356 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الوَدْيِ

- ‌357 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ التقَاءِ الخِتَانَيْنِ

- ‌358 - بَابُ نَسْخِ الوُضُوءِ مِنَ التِقَاءِ الخِتَانَيْنِ، وَالأَمْرِ بِالغُسْلِ

- ‌359 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌360 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌361 - بَابٌ: لَا وُضُوءَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ بِخَاصَّةٍ

- ‌362 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنْ لَا وُضُوءَ إِلَّا عَلَى المُضْطَجِعِ

- ‌363 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي النَّوْمِ فِي الصَّلَاةِ، هَلْ يَنقُضُ الوُضُوءَ

- ‌364 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي وُضُوءِ مَنْ خَالَطَ النَّوْمُ قَلْبَهُ

- ‌365 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلَّا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ

- ‌366 - بَابُ مَا رُوِيَ في أَنَّ الغِشْيَانَ حَدَثٌ

- ‌367 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ

- ‌368 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنْ أَلْبَانِ الإِبِلِ

- ‌369 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ عَامَّةً

الفصل: ‌361 - باب: لا وضوء على النبي صلى الله عليه وسلم في النوم بخاصة

‌361 - بَابٌ: لَا وُضُوءَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ بِخَاصَّةٍ

2160 -

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:

◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: ((أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ، فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا،

فَصَلَّى، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ [وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ] 1، ثُمَّ أَتَاهُ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَخَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)).

قَالَ سُفْيَانُ

(1)

: وَهَذَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَنَامُ عَيْنَاهُ، وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ.

[قَالَ عَمْرٌو

(2)

: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: ((رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ. ثُمَّ قَرَأَ: {إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}] الصافات: 102]))] 2.

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م)، دون الزيادة الأخيرة فلمسلم، وقول عبيد بن عمير وابن عيينة كل هذا من قبيل المرسل.

[فائدة]:

قال النووي: "كان من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم أنه لا ينقض وضوءه بالنوم

(1)

هو ابن عيينة راوي الحديث عن عمرو بن دينار عن ابن عباس.

(2)

هو عمرو بن دينار راوي الحديث.

ص: 404

مضطجعًا؛ للأحاديث الصحيحة، منها حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين:((أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَامَ حَتَّى سُمِعَ غَطِيطُهُ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ))

(1)

،

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي))

(2)

.

فإن قيل: هذا مخالف للحديث الصحيح: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَامَ في الوَادِي عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ))، ولو كان غير نائم القلب لَمَا ترك صلاة الصبح.

فجوابه من وجهين:

أحدهما - وهو المشهور في كتب المحدثين والفقهاء -: أنه لا مخالفة بينهما؛ فإن القلب يقظان يحس بالحدث وغيره مما يتعلق بالبدن ويشعر به القلب. وليس طلوع الفجر والشمس من ذلك، ولا هو مما يُدرَك بالقلب، وإنما يُدرَك بالعين وهي نائمة.

والجواب الثاني: حكاه الشيخ أبو حامد في تعليقه في هذا الباب عن بعض

(1)

هذه الرواية بهذا السياق ليست في الصحيحين، بل هي عند أحمد (2194) وغيره.

وأما عند البخاري (117): فَ ((نَامَ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ- أَوْ: خَطِيطَهُ- ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ))، دون ذكر الوضوء. وسيأتي تخريجها عقب الكلام على هذه الرواية.

ومراد النووي رحمه الله هو مفهوم هذا الحديث، سواء باللفظ الذي ذكره أو غيره، فكلها دالة على ترك النبي صلى الله عليه وسلم الوضوءَ من النوم.

(2)

أخرجه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ ! فَقَالَ: ((يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي)) [البخاري 1147/ مسلم 738].

وهو مخرج عندنا بكتاب الوتر، ضمن موسوعة الصلاة، يَسَّر الله بمَنِّه وكرمه مراجعتها وإخراجها.

ص: 405

أصحابنا، قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم نومان: أحدهما: ينام قلبه وعينه. والثاني: عينه دون قلبه. فكان نوم الوادي من النوع الأول. والله أعلم" (المجموع 2/ 21).

[التخريج]:

[خ 138 "والزيادة الثانية له"، 183، 698 "والزيادة الأولى له ولمسلم"، 859، 992، 1198، 4570، 4571، 4572، 6316 "والرواية له ولمسلم" / م (763/ 181، 182، 183، 184)، (763/ 186) "واللفظ له"، (763/ 187) / د 606 مختصرًا، 1357 / ت 232 مختصرًا / ن 698 مختصرًا، 818 مختصرًا، 1133 / كن 481، 483، 490، 1815 / جه 427 مختصرًا، 941 مختصرًا / حم 1911 مختصرًا، 2084 مختصرًا، 2196، 2559، 2567، 3194 / خز 1614 مختصرًا، 1623/ حب 2626، 2636 / عه 809، 2326 - 2330 / طي 2829 / عب 3908، 4758 / مش (خيرة 606، 6386) / حمد 477 / بز 5216 / طب (11/ 413/ 12172)، (11/ 418 - 422/ 12188 - 12194) / طس 8662 / مسن 1738، 1740، 1742، 1744 - 1748 / بخ 695 / جا 10، 11 / مشكل 3430 / بجيري (ق 23/ أ) / تهج 225، 385 / هق 603، 604 / هقت 373 / خط (11/ 76) / ضح 141 / تمهيد (13/ 213) / تمام 792 / بغ 905 / كر (53/ 144)].

[السند]:

قال البخاري (138، 859): حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، قال: أخبرني كريب، عن ابن عباس، به.

ص: 406

علي بن عبد الله هو ابن المديني. وسفيان هو ابن عيينة. وعمرو هو ابن دينار المكي. وكريب هو ابن أبي مسلم أبو رشدين، مولى ابن عباس.

وأخرجه مسلم (763/ 186) عن ابن أبي عمر، ومحمد بن حاتم، عن ابن عيينة، به.

وأخرجه البخاري (6316)، ومسلم (763/ 181) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن سلمة بن كُهَيْل، عن كُرَيْب، عن ابن عباس، به. بلفظ: ((

ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، فَآذَنَهُ بِلالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

)).

وأخرجه البخاري (698)، ومسلم (763/ 184) من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، به. بلفظ: ((

ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ المُؤَذِّنُ، فَخَرَجَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)).

وأخرجه البخاري (992)، ومسلم (763/ 182) من طريق مالك بن أنس، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب، عن ابن عباس، به. بلفظ: ((

، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ)).

[تنبيه]:

في كثير من المصادر والطرق المذكورة - خلاف في سياق الحديث في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من فقرات الحديث الكثيرة. وإنما اجتزأنا هنا بالروايات التي فيها محل الشاهد في ترك النبي صلى الله عليه وسلم الوضوءَ بعد النوم. وأما عدا ذلك فسيأتي - إن شاء الله - في محله من هذه الموسوعة، لاسيما

ص: 407

موسوعة الصلاة. وقد تقدمت الروايات الواردة في تسوكه صلى الله عليه وسلم بعد قيامه من النوم في بابه من "كتاب السواك".

ومن الروايات الخاصة ببابنا ما يلي:

رِوَايَةُ: (حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ):

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: ((

ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ - أَوْ قَالَ: خَطِيطَهُ - ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ)).

[الحكم]:

صحيح (خ).

[اللغة]:

قال ابن الأثير: "الغطيط: الصوت الذي يَخرج مع نَفَس النائم، وهو ترديده حيث لا يجد مساغًا. وقد غَطَّ يَغِطُّ غَطًّا وغَطِيطًا"(النهاية 3/ 372).

وقال أيضًا: "الخَطِيط قريب من الغَطِيط، وهو صوت النائم. والخاء والغين متقاربتان"(النهاية 2/ 48).

[التخريج]:

[خ 117، 697 "واللفظ له" / د 1350/ كن 492/ حم 3169، 3170، 3175 / مي 1275 / طي 2754 / طب (12/ 25/ 12365) / بز 4995 / غحر (2/ 637) / طح (1/ 287/ 1705، 1706، 1707) / جعد 149 / هق 4567، 4868 / عفان 21 / تهج 386 / غخطا (1/ 178) / تمهيد (13/ 218) / حداد 849].

ص: 408

[السند]:

أخرجه البخاري (117) عن آدم. وبرقم (697) عن سليمان بن حرب. كلاهما عن شعبة، قال: حدثنا الحَكَم، قال: سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.

وأخرجه أحمد (3169) عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، به.

* * *

رِوَايَةُ: (ثُمَّ اضْطَجَعَ وَرَقَدَ):

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((

فَصَلَّى، [ثُمَّ اضْطَجَعَ] وَرَقَدَ، فَجَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ وَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)).

[الحكم]:

صحيح (خ).

[التخريج]:

[خ 726 "واللفظ له" / ن 448 "والزيادة له"].

[السند]:

أخرجه البخاري والنسائي، كلاهما: عن قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا داود، عن عمرو بن دينار، عن كُرَيْب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، به.

داود هو ابن عبد الرحمن العطار: "ثقة" من رجال الشيخين (التقريب 1798).

* * *

ص: 409

رِوَايَةُ: (ثُمَّ احْتَبَى حَتَّى إِنِّي لَأَسمَعُ نَفَسَهُ رَاقِدًا)

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ((بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، فَقُلْتُ لَهَا: إِذَا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَيْقِظِينِي.

فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَجَعَلَنِي مِنْ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي.

قَالَ: فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ احْتَبَى حَتَّى إِنِّي لَأَسْمَعُ نَفَسَهُ رَاقِدًا، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)).

[الحكم]:

صحيح (م)، ولكن ذكر الإغفاء والاحتباء غير محفوظَين.

[فائدة]:

قوله: ((فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي))، استَدل به جماعة من العلماء على أن النعاس لا ينقض الوضوء.

قال النووي: "فيه دليل على أن النعاس لا ينقض"(خلاصة الأحكام 1/ 133).

وقال الزيلعي: "وَاسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّ النُّعَاسَ غَيْرُ نَاقِضٍ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ

(1)

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ ذَكَرَ قِيَامَهُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ. وَفِيهِ قَالَ: ((فَجَعَلْتُ إذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي

))، الْحَدِيثَ" (نصب الراية 1/ 47).

وقال الحافظ ابن حجر: "وقد روى مسلم في صحيحه في قصة صلاة

(1)

كذا قال. وهذه الرواية انفرد بها مسلم، وفي صحتها نظر؛ لِما سيأتي بيانه في التنبيه.

ص: 410

ابن عباس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، قال ((فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ أَخَذَ بِشَحْمَةِ أُذُنِي

))، فدل على أن الوضوء لا يجب على غير المستغرق" (فتح الباري 1/ 314).

[التخريج]:

(763/ 185)"واللفظ له" / عه 2335 / مخلص 215 / مسن 1729

(1)

/ معكر 1205 / محلى (3/ 90) / مخلق 255].

[السند]:

قال مسلم: وحدثنا محمد بن رافع، حدثنا ابن أبي فُدَيْك، أخبرنا الضحاك، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، به.

ورواه الجميع

(2)

من طرق عن ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان،

(1)

هكذا الرقم في المطبوع. وهو غير موافق لما قبله وما بعده، فهو عقب (رقم 1740).

(2)

إلا أنه وقع في طبعتي مستخرج أبي عوانة (طبعة الجامعة الإسلامية، وطبعة دار المعرفة) أن أبا عوانة رواه عن مسلم بن الحجاج، عن هارون بن سعيد الأيلي، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، به، بنفس سياق الضحاك بن عثمان.

ولكن هذا خطأ لا ريب في ذلك؛ لسقطٍ وقع في مطبوع المستخرج. وإلا فرواية مسلم عن هارون هذه في (الصحيح) كرواية الجماعة، وقد تقدمت في أول روايات هذا الحديث.

وكل مَن نَقَل الرواية بذكر إغفاء ابن عباس واحتباء النبي صلى الله عليه وسلم يعزوه لمسلم من طريق الضحاك لا غير.

وقد نص على ذلك أبو عوانة نفسه عقب رقم (2334) حيث قال: "رَوَاهُ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مَخْرَمَةَ، وَقَالَ فِيهِ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ الأَيْسَرِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَجَعَلَنِي مِنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ، فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي، فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ احْتَبَى حَتَّى إِنِّي لأَسْمَعُ نَفَسَهُ رَاقِدًا، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ". ثم ذكر طريق مسلم هذا.

فالذي يبدو جليًّا هو أنه وقع سقط ما، أدى إلى دخول متن الضحاك على طريق عبد ربه بن سعيد. والله أعلم.

ص: 411

عن مخرمة، به.

[تنبيه]:

هذه الرواية تفرد بها الضحاك بن عثمان، عن مخرمة، وقد خالفه مالك وعياض بن عبد الله الفهري وعبد ربه بن سعيد:

فأما مالك؛ فرواه عن مخرمة به بلفظ: ((اضْطَجَعَ)). كما تقدم في الصحيحين في الرواية الأولى.

وقد رواه مسلم -عقبه- من طريق عياض بن عبد الله الفهري عن مخرمة، به، وقال:"نحو حديث مالك".

وأما عبد ربه بن سعيد؛ فرواه عن مخرمة، به. بلفظ: ((

ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ المُؤَذِّنُ، فَخَرَجَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)). كما في الصحيحين، وقد تقدم في الرواية الأولى.

ولم يذكر واحد منهم إغفاء ابن عباس في صلاته.

وهذا هو المحفوظ كذلك عن كريب، من طريق عمرو بن دينار وسلمة بن كهيل، كما في الصحيحين. وبُكير بن الأشج، عند مسلم. بدون ذكر

ص: 412

الإغفاء، وأنه صلى الله عليه وسلم نام مضطجعًا. وقد تقدم تخريج هذه الطرق جميعًا في الرواية الأولى.

وقد حاول بعض أهل العلم الجَمْع بين رواية الجماعة وبين رواية الضحاك:

فقال النووي: "قوله: (ثُمَّ احْتَبَى حَتَّى إِنِّي لَأَسْمَعُ نَفَسَهُ رَاقِدًا) معناه أنه احتبى أولًا، ثم اضطجع، كما سبق في الروايات الماضية، فاحتبى ثم اضطجع حتى سمع نفخه ونَفَسه، بفتح الفاء"(شرح مسلم 6/ 48).

وسبقه لذلك القاضي عياض، حيث قال في توجيه هذه الرواية:"يحتمل أن احتباءه قبل اضطجاعه، فخَبَّر مَرَّة عن حالة، ومَرَّة أخرى عن أخرى"(إكمال المعلم 3/ 122).

قلنا: الذي يبدو لنا أنها من أوهام الضحاك بن عثمان، فهو وإن وثقه جماعة فقد تَكلم فيه جماعة آخرون، فلَيّنه يحيى القطان. وقال يعقوب بن شيبة:"صدوق في حديثه ضعف"، وقال أبو زرعة:"ليس بقوي"، وقال أبو حاتم:"يُكتب حديثه، ولا يُحتج به"، وقال ابن عبد البر:"كان كثير الخطأ، ليس بحجة"(تهذيب التهذيب 4/ 447). وقال الحافظ ملخصًا حاله: "صدوق يهم"(التقريب 2972).

فلو كان ثقة ثبتًا لم يَقوَ على مخالفة مالك، فكيف وحاله كما عَرَفْتَ، وقد تابع مالكًا غيرُ واحد من الثقات أيضًا؟ !

وأشار لذلك الحافظ ابن رجب فقال: "رواه الضحاك بن عثمان، عن مخرمة، عن كريب، عن ابن عباس، وقال في حديثه:((أنَّهُ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ احْتَبَى حَتَّى إِنِّي لَأَسْمَعُ نَفَسَهُ رَاقِدًا، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)). خرجه مسلم.

ص: 413

وهذا يوافق رواية مالك، إلا أنه يخالفها في ذكر الاحتباء دون الاضطجاع.

ورواه سعيد بن أبي هلال، عن مخرمة -بنحو رواية مالك - أيضًا. خرّجه أبو داود والنسائي" (فتح الباري 9/ 125).

* * *

رِوَايَةُ: (نَامَ حَتَّى سُمِعَ لَهُ غَطِيطٌ):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَامَ حَتَّى سُمِعَ لَهُ غَطِيطٌ، فَقَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ (وَلَمْ يُعِدْ وُضُوءًا))).

فَقَالَ عِكْرِمَةُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَحْفُوظًا.

[الحكم]:

صحيح، عدا قول عكرمة فمرسل.

[التخريج]:

[حم 2194 "واللفظ له" / حميد 616 / طب (11/ 262، 333/ 11681، 11920 "والرواية له") / هق 602 / تمهيد (21/ 74)].

[السند]:

قال أحمد: حدثنا يونس، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد وأيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.

ورواه عبد بن حميد: عن أبي الوليد الطيالسي، عن حماد، به.

ورواه ابن عبد البر في (التمهيد) من طريق عبيد الله بن عائشة، عن حماد بن سلمة، عن أيوب - وحده -، به.

ورواه الطبراني في الموضعين، والبيهقي: من طريق حجاج بن المنهال،

ص: 414

عن حماد بن سلمة، عن حماد الكوفي وحميد وأيوب، عن عكرمة، به.

فزاد فيه حجاج مع حميد وأيوب: حمادًا الكوفي، وهو ابن أبي سليمان. وحميد هو الطويل. وأيوب هو السَّختياني.

[التحقيق]:

هذا إسناد صحيح؛ رجاله كلهم ثقات، عدا حماد بن أبي سليمان ففيه خلاف معروف، ولكنه مُتابَع من حميد وأيوب.

ولكن قول عكرمة عقب حديث ابن عباس مرسل؛ لأن عكرمة تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

* * *

ص: 415

رِوَايَةُ: (وَوَضَعَ جَنْبَهُ حَتَّى سَمِعْتُ ضَفِيزَهُ):

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((

وَوَضَعَ جَنْبَهُ حَتَّى سَمِعْتُ ضَفِيزَهُ (صَفِيرَهُ) 1، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَانْطَلَقَ، فَصَلَّى [وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً] 1)).

[قَالَ سَعِيدٌ

(1)

: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَحْفُوظًا] 2.

[الحكم]:

صحيح. وصححه ابن خزيمة، وأصله في الصحيحين كما سبق، عدا قول سعيد بن يزيد فمرسل.

[اللغة]:

قال الخَطَّابي - عقبه -: "الضَّفِيز كالغطيط، وهو الصوت يُسْمَع من النائم عند ترديد النَّفَس".

ثم قال: "وقد رُوِي في هذا الحديث أنه نام حتى سُمِع فَخِيخه، وحتى سُمِع غطيطه. وهما من الحَلْق، إلا أن الفَخِيخ أخف من الغَطِيط"(غريب الحديث 1/ 176، 177).

وقال الزمخشري: "أوتر

حتى سُمِع ضَفِيزه. ورُوِي فَخِيخه وغَطِيطه وخَطِيطه. ورواه بعضهم: صَفِيره. ومعنى الخمسة واحد، وهو نخير النائم" (الفائق 2/ 343).

[التخريج]:

[خز 1166 "واللفظ له"، 1186 / ش 1424 "والزيادة الأولى والرواية الأولى له ولغيره" / بز 5320 "والزيادة الثانية له" / طب (12/ 166/ 12780) / غخطا (1/ 176)].

(1)

- هو ابن يزيد، راوي الحديث.

ص: 416

[السند]:

رواه ابن خزيمة (1166) قال: حدثنا أحمد بن المقدام العِجْلي، حدثنا بِشْر - يعني ابن المُفَضَّل -، حدثنا أبو مسلمة، عن أبي نضرة، عن ابن عباس، به.

ورواه الطبراني في (الكبير) عن معاذ بن المثنى، ثنا مُسَدَّد، ثنا بشر بن المفضل، به.

ورواه ابن أبي شيبة في (المصنف) - ومن طريقه الخَطَّابي في (الغريب) - قال: حدثنا عباد بن العوام.

ورواه ابن خزيمة (1186) من طريق إسماعيل ابن عُلَيَّة.

وروا البزار: من طريق غسان بن مُضَر.

ثلاثتهم: عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد، به.

قال البزار: "وهذا الحديث قد رُوِي عن ابن عباس بألفاظ مختلفة، ولا نعلمه يُرْوَى عن ابن عباس بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".

[التحقيق]:

هذا إسناد صحيح؛ رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

ولكن قول سعيد بن يزيد عقب الحديث، مرسل؛ لأن سعيدًا تابعي.

[تنبيه]:

رَوَى الخطابي هذا الحديث من طريق ابن أبي شيبة بإسناده، وقال فيه:((حَتَّى سُمِعَ ضَغِيزُهُ- أَوْ: ضَفِيزُهُ)).

قال الخطابي: " الضغيز ليس بشيء. فأما الضفيز فهو كالغطيط

" (غريب

ص: 417

الحديث 1/ 176).

قلنا: الحديث في (المصنف) بلفظ: "صفيره" بلا شك.

رِوَايَةُ: (فَصَلَّى وَمَا مَسَّ مَاءً):

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: ((

ثُمَّ وَضَعَ جَنْبَهُ فَنَامَ، حَتَّى سَمِعْتُ فَخِيخَهُ (جَخِيفَهُ)، ثُمَّ جَاءَهُ بِلَالٌ، فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَخَرَجَ فَصَلَّى وَمَا مَسَّ مَاءً)).

فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

(1)

: مَا أَحْسَنَ هَذَا!

فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَمَا وَاللهِ، لَقَدْ قُلْتُ ذَاكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ:((مَهْ، إِنَّهَا لَيْسَتْ لَكَ وَلَا لِأَصْحَابِكَ، إِنَّهَا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف بهذا اللفظ، وضَعَّفه ابن رجب، والألباني. وأصل الحديث صحيح كما سبق.

[اللغة]:

* الفخيخ: دون الغطيط في النوم (تهذيب اللغة للأزهري 2/ 405).

* والجَخِيف: الصوت من الجوف، وهو أشد من الغطيط. (النهاية 1/ 242).

(1)

القائل هو عكرمة بن خالد، الراوي عن سعيد.

ص: 418

[التخريج]:

[حم 3490 "واللفظ له"، 3502 "والرواية له" / خز 1152 واختصر آخره].

[السند]:

رواه أحمد (3490) قال: حدثنا يزيد، أخبرنا عَبَّاد بن منصور، عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.

ورواه أحمد أيضًا (3502) قال: حدثنا رَوْح، حدثنا عَبَّاد بن منصور، حدثني عكرمة بن خالد بن المغيرة، به.

ورواه ابن خزيمة من طريق عَبَّاد، به، غير أنه اختصره، فلم يذكر كلمة (فَخِيخَهُ -أَوْ: جَخيفَهُ-).

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه عباد بن منصور، وهو ضعيف: ضَعَّفه ابن معين، وأحمد، وأبو حاتم، والنسائي

وغيرهم. ورماه أحمد وغيره بالتدليس. انظر (تهذيب التهذيب 5/ 105).

ومع ذلك قال الحافظ: "صدوق، رُمِي بالقَدَر، وكان يدلس، وتغير بأخرة"(تقريب 3142).

قلنا: تدليسه لا يضر هنا؛ فقد صرح بسماعه من عكرمة بن خالد.

وأما ما ذكره أبو حاتم والبزار وابن حبان من عدم سماعه من عكرمة، فالمراد به عكرمة مولى ابن عباس. والله أعلم.

وقال الحافظ ابن رجب: "إسناده ضعيف"(فتح الباري 6/ 243).

ص: 419

وقال الألباني: "إسناده ضعيف من أجل عَبَّاد"(التعليق على صحيح ابن خزيمة 1094).

* * *

رِوَايَةُ: (فَصَلَّى بِغَيْرِ طَهُورٍ):

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((نَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى سُمِعَ غَطِيطُهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بِغَيْرِ طَهُورٍ)).

[الحكم]:

صحيح المتن ولكن بلفظ ((وَلَمْ يَتَوَضَّأْ))، وليس بلفظ ((بِغَيْرِ طَهُورٍ))

(1)

فإسناده ساقط.

[التخريج]:

[طب (10/ 306/ 10740)].

[السند]:

أخرجه الطبراني في (الكبير) قال: حدثنا محمد بن جابان الجُنْدَيْسابوري، ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبي، ثنا أبو حمزة، عن جابر، عن محمد بن علي، عن ابن عباس، به.

أبو حمزة هو السكري. وجابر هو الجُعْفي. ومحمد بن علي هو أبو جعفر الباقر.

(1)

وإن أمكن حمل الروايتين على معنى واحد، إلا أن رواية ((بِغَيْرِ طَهُورٍ)) قد تفيد أنه صلى مُحْدِثًا، بخلاف الرواية الأولى. والله أعلم.

ص: 420

[التحقيق]:

هذا إسناد ساقط؛ علته جابر الجُعْفي، فهو متروك متهم، كما تقدم مرارًا. وانظر ترجمته في (إكمال تهذيب الكمال 3/ 139) و (ميزان الاعتدال 1/ 384) وغيرهما.

* * *

رِوَايَةُ: (وَهُوَ جَالِسٌ):

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَامَ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ نَفَخَ (حَتَّى غَطَّ)، ثُمَّ جَاءَ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((كَانَ نَوْمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ جَالِسٌ

(1)

)).

[الحكم]:

منكر. وضَعَّفه مغلطاي، والبوصيري. وحَكَم عليه الألباني بالنكارة. وهو كذلك؛ لمخالفته ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من أن نومه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس كان اضطجاعًا.

[التخريج]:

[جه 479 "والسياق الثاني له" / عل (خيرة 606/ 3، 6386/ 3) "والسياق الأول له ولغيره" / طس 5930 "والرواية له" / عد (6/ 124) / تمام 1341].

(1)

ذَكَر محققو طبعة التأصيل أنه وقع في حاشية نسخة الوطنية: "يَعني: النبي صلى الله عليه وسلم"، وبعده في (التحفة 4/ 455):"يعني النوم الذي لم يتوضأ منه".

ص: 421

[التحقيق]:

رُوِي هذا اللفظ من طريقين:

الطريق الأول:

أخرجه ابن ماجه قال: حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن حريث بن أبي مطر، عن يحيى بن عباد أبي هبيرة الأنصاري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات عدا حريث بن أبي مطر، فهو "ضعيف" كما في (التقريب 1182).

وبهذا أعله مغلطاي فقال: "وهو حديث ضعيف؛ لضعف روايه حريث"(شرح ابن ماجه 1/ 519).

وقال البوصيري: "هذا إسناد فيه حُرَيْث بن أبي مطر وهو ضعيف، رواه أبو داود والترمذي من وجه آخر عن ابن عباس بغير هذا السياق"(مصباح الزجاجة 1/ 69)

(1)

.

وقال الألباني: "حُريث هذا ضعيف كما في"التقريب"، وزيادته هذه منكرة؛ لتفرده بها، ومخالفته لكل الذين رووا القصة وصرحوا أنه اضطجع"(صحيح أبي داود 5/ 101)، و (ضعيف ابن ماجه 106).

(1)

وقع في المطبوع من (حاشية السندي على ابن ماجه 1/ 176) عقب نقله قول البوصيري هذا: "قلت: قد ضَعَّفه أبو داود من حيث الإسناد ومن حيث المعنى الذي ذكرناه" اهـ.

قلنا: ذِكر تضعيف أبي داود لا أصل له، فالذي يبدو أنه سبق قلم، وإنما أراد البوصيري. والله أعلم.

ص: 422

قلنا: قد توبع عليه حريث بن أبي مطر، تابعه أشعث بن سَوَّار، وهو:

الطريق الثاني: مداره على أشعث بن سوار، واختُلف عليه على وجوه:

الوجه الأول:

رواه أبو يعلى في (مسنده) -كما في (الإتحاف) - قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حدثنا حفص، عن أشعث، عن أبي هبيرة، عن سعيد، عن ابن عباس، به.

وهذا إسناد ضعيف أيضًا؛ لأجل أشعث بن سوار، فهو "ضعيف" كما في (التقريب 524). وحفص هو ابن غياث.

الوجه الثاني:

رواه الطبراني في (الأوسط) قال: حدثنا محمد بن محمد التمار، قال: نا أبو الوليد الطيالسي، قال: نا شريك، عن أشعث بن سوار، عن أبي هبيرة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس، به.

ورواه ابن عدي في (الكامل) عن أبي خليفة الفضل بن الحُبَاب، عن أبي الوليد الطيالسي، عن شريك، به.

فجعله شريك من حديث سعيد بن المسيب عن ابن عباس، وليس من حديث سعيد بن جبير.

قال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن أشعث عن أبي هبيرة عن سعيد بن المسيب إلا شريك. ورواه غيره عن أشعث عن أبي هبيرة عن سعيد بن جبير".

قلنا: شريك سيئ الحفظ كما سبق مرارًا، وقال الحافظ: "صدوق يخطئ

ص: 423

كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة" (التقريب 2787).

وقد خرجه ابن عدي في مناكيره.

وقد رُوِي عن الطيالسي عن شريك على وجه آخر وهو:

الوجه الثالث:

رواه تمام في (الفوائد 1341): عن عبد الله بن أحمد بن محمد بن قبان البغدادي، عن علي بن محمد بن أبي الشوارب القاضي، عن أبي الوليد الطيالسي، عن شريك، عن الأشعث بن سوار، عن أبي هبيرة، عن معبد

(1)

، عن ابن عباس، به.

وهذا إن لم يكن ذِكر (معبد) تصحيفًا من (سعيد)، فهو وهمٌ من ابن قبان، فهو مجهول الحال، وقد ترجم له الخطيب في (تاريخ بغداد 11/ 32)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق 27/ 44) برواية جماعة عنه، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

هذا وقد رواه البزار (4995) من طريق عمرو بن صالح، قال: حَدَّثَنَا الأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: بَعَثَنِي أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ لَيْلَةَ خَالَتِي، فَجِئْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى الفِرَاشِ، فَقَالَ:((أَنَامَ الغُلَامُ؟ )) وَلَمْ أَنَمْ وَأَنَا أَسْمَعُ كَلَامَهُ. قَالَ: فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يُطِيلُ فِيهِنَّ القِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. قَالَ: ثُمَّ اضْطَجَعَ. قَالَ: ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، وَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ وَقُمْتُ إِلَى يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي مِنْ خَلْفِهِ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ

" الحديث، ليس فيه أن نومه كان جالسًا.

(1)

كذا وقع في مطبوع (فوائد تمام)، وفي (الروض البسام 192) كذلك.

ص: 424

قال البزار: "وهذا الحديث قد رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، برواية ابن عباس عنه، وكُلٌّ يَذكر عن ابن عباس في روايته ما يجب أن يعاد الحديث من أجله. ولا نعلم أسند أبو هبيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس إلا هذا الحديث. وأبو هبيرة اسمه يحيى بن عَبَّاد، رجل من أهل الكوفة، ثقة".

قلنا: قد سبق عند البخاري (117، 697) من رواية الحَكَم بن عُتيبة، عن سعيد بن جبير، وفيه:((ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ- أَوْ: خَطِيطَهُ-)).

ورواه البخاري ومسلم وغيرهما من وجوه أُخَر عن ابن عباس، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم نام مضطجعًا.

وعليه: فرواية حريث وأشعث في أن نومه صلى الله عليه وسلم كان عن جلوس- رواية منكرة كما قال الألباني. والله أعلم.

* * *

ص: 425

رِوَايَةُ: (نَامَ وَهُوَ سَاجِدٌ):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَامَ وَهُوَ سَاجِدٌ حَتَّى غَطَّ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)).

[الحكم]:

خطأ سندًا ومتنًا. والمحفوظ عن ابن عباس في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم نام مضطجعًا، كما خرجه الشيخان وغيرهما.

[التخريج]:

[طب (10/ 293/ 10706)].

[السند]:

قال الطبراني في (الكبير): حدثنا محمد بن محمد التمار وأبو خليفة، قالا: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا قيس بن الربيع، عن أشعث بن سَوَّار، عن أبي هبيرة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه أشعث بن سوار، وهو ضعيف كما سبق.

وقيس بن الربيع، وهو ضعيف أيضًا كما سبق مرارًا.

ثم إنَّ ذِكر قيس في هذا الإسناد وهم لا شك فيه؛ فقد رواه الطبراني نفسه في (الأوسط) عن محمد بن محمد التمار. ورواه ابن عدي في (الكامل) عن أبي خليفة. كلاهما عن أبي الوليد الطيالسي عن شريك عن أشعث، به. وقالوا في متنه:((نَامَ وَهُوَ جَالِسٌ))، وليس:((وَهُوَ سَاجِدٌ))، كما هنا.

وقد سبق تخريج هذه الرواية وتحقيقها آنفًا.

ومما يؤكد الوهم المذكور أن الطبراني نفسه قال - كما سبق آنفًا -: "لم يَرْوِ

ص: 426

هذا الحديث عن أشعث عن أبي هبيرة عن سعيد بن المسيب إلا شريك".

وورد نومه صلى الله عليه وسلم في سجوده من حديث عائشة وابن مسعود، وسيأتي الكلام عنهما قريبًا.

* * *

رِوَايَةُ: (وَأَصْغَى بِخَدِّهِ إِلَى خَدِّي حَتَّى سَمِعْتُ نَفَسَ النَّائِمِ):

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: "

فَصَلَّى وَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ قَعَدَ وَقَعَدْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ مِرْفَقَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَأَصْغَى بِخَدِّه إِلَى خَدِّي، حَتَّى سَمِعْتُ نَفَسَ النَّائِمِ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بِلَالٌ فَقَالَ: الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللهِ! فَسَارَ إِلَى المَسْجِدِ، وَاتَّبَعْتُهُ، فَقَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، وَأَخَذَ بِلَالٌ فِي الإِقَامَةِ.

[الحكم]:

إسناده ضعيف بهذا السياق.

[التخريج]:

[عم 2572 "واللفظ له" / خل 460 / نبغ 840 / نبلا (37/ 150)].

[السند]:

قال عبد الله بن أحمد: وجدت في كتاب أبي بخطه قال: حدثنا عبيد الله بن محمد، حدثني محمد بن ثابت العبدي العصري قال: حدثنا جَبَلة بن عطية، عن إسحاق بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس، به.

ومدار إسناده عند الجميع على محمد بن ثابت، به

ص: 427

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: محمد بن ثابت العبدي؛ قال فيه الحافظ: "صدوق لَيِّن الحديث"(التقريب 5771).

الثانية: الانقطاع؛ إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل روايته عن الصحابة مرسلة. انظر (تهذيب التهذيب 1/ 239).

وانظر بقية روايات هذا الحديث في (موسوعة الصلاة).

* * *

ص: 428

2161 -

حَدِيثُ رَجُلٍ مِنْ الصّحَابَةِ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ:«رَأَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» .

[الحكم]:

رجاله ثقات، وقال الهيثمي:"إسناده جيد".

[التخريج]:

[حم 15422 "واللفظ له" / صحا 7239 / أسد (6/ 418)].

[السند]:

رواه أحمد - ومن طريقه أبو نعيم في (معرفة الصحابة)، وابن الأثير في (أسد الغابة) - قال: حدثنا معتمر بن سليمان التيمي، قال: أنا حميد، عن عبد الله بن عبيد، عن رجل، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد - مع غرابته - رجاله ثقات رجال الصحيح، حميد هو ابن أبي حميد الطويل، وعبد الله بن عبيد هو ابن عمير الليثي.

ويشهد له حديث ابن عباس السابق.

وقال الهيثمي: "رواه أحمد، وإسناده جيد"(مجمع الزوائد 13989).

* * *

ص: 429

2162 -

حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنَامُ حَتَّى يَنْفُخَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي [وَلَا يَتَوَضَّأُ]» .

[الحكم]:

صحيح، وصححه مغلطاي والألباني.

[التخريج]:

[جه 478 / حم 4052 / عل 5411 / بز 1585 / علت 44 "واللفظ والزيادة له" / فز 57 / معر 2013 لم يَسُقْ لفظه].

[التحقيق]:

الحديث بهذا السياق له طريقان:

الطريق الأول:

أخرجه الترمذي في (العلل) قال: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا علي بن الحسن، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، به.

وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو حمزة هو السكري. وإبراهيم هو النخَعي. وعلقمة هو ابن قيس، وهو خال إبراهيم.

وتوبع عليه أبو حمزة السكري، تابعه: منصور بن أبي الأسود -وزاد فيه لفظة غريبة؛ ولذا خرجنا روايته فيما بعد-.

وعبد الله بن عبد القدوس ذكر روايته الدارقطني في (العلل 799)، ولم نجد من أخرجه من طريقه. وعبد الله:"صدوق رُمِي بالرفض، وكان أيضًا يخطئ"(التقريب 3446).

ص: 430

وخالفهم - (أعني: أبا حمزة ومنصورًا وابن عبد القدوس) - وكيع بن الجراح، وشريك النخَعي من وجه ضعيف عنه كما سيأتي. فروياه عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، به. وسيأتي تخريجه.

ووكيع ثقة حافظ، وقد رواه عن الأعمش على وجه آخر، حيث جعل شيخ إبراهيم هو الأسود بن يزيد بدلًا من علقمة، وأسنده عن عائشة وليس عن ابن مسعود.

وللنقاد هنا وجهتان:

الوجهة الأولى: ترجيح حديث الجماعة (أبي حمزة السكري ومن تابعه).

ذهب إلى هذا القول من النقاد كل من الدارمي والدارقطني:

* فقال الترمذي: "سألت عبد الله بن عبد الرحمن - (وهو الدارمي) - فقال: حديث الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله- أصح"(علل الترمذي 1/ 46).

* وقال الدارقطني - بعد أن ذكر الاختلاف فيه -: "وأشبهها بالصواب حديث الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله"(العلل 799).

الوجهة الثانية: تصحيح القولين؛ فوكيع ثقة حافظ، والأعمش إمام واسع الرواية. فلا يمتنع أن يكون الحديث عنده على أكثر من وجه. وهذا أَوْلى من توهيم وكيع الثقة الحافظ.

وإلى هذا مال الإمام البخاري، قال الترمذي:"سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقلتُ: أي الروايتين أصح؟ فقال: يُحتمل عنهما جميعًا، ولا أعلم أحدًا من أصحاب الأعمش قال: عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة إلا وكيعًا "(العلل الكبير 1/ 46).

ص: 431

وفي سند الحديث اختلاف آخر:

فقد خُولف الأعمش في وصله، خالفه منصور بن المعتمر: فرواه عن إبراهيم النخعي مرسلًا ولم يوصله.

هكذا رواه عنه الثقات من أصحابه، وسيأتي تخريجه في موضعه.

فهذان (الأعمش ومنصور) إمامان، وقد اختلفا في وصل الحديث وإرساله عن إبراهيم، فوصله الأعمش وأرسله منصور.

وللنقاد في مثل هذا الاختلاف وجهتان، فمنهم من يقدم منصورًا، ومنهم من يقدم الأعمش:

* فقد قيل للإمام أحمد بن حنبل: إذا اختلف منصور والأعمش عن إبراهيم، بقول مَن نأخذ؟ قال:"بقول منصور"(المنتخب من علل الخلال 237).

وقال ابن أبي خيثمة: "سئل يحيى بن معين - وأبي حاضر - عن منصور والأعمش؟ فقدَّمَ منصورًا. فقال أبي: لا؛ الأعمش أسند من منصور، وجعل يعد أحاديث اختلفا فيها"(التاريخ - السفر الثاني 1/ 519).

وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن الأعمش ومنصور، فقال:"الأعمش حافظ يخلط ويدلس، ومنصور أتقن لا يدلس ولا يخلط"(الجرح والتعديل 8/ 178).

بل كان الأعمش يقر لمنصور بذلك؛ قال سفيان الثوري: ((كنت لا أحدث الأعمش عن أحد إلا ردّه، فإذا قلت منصورًا سكت)) (شرح علل الترمذي، لابن رجب 1/ 271).

ص: 432

وقد يؤيد قول منصور هنا أن المغيرة بن مِقْسَم رواه عن إبراهيم مرسلًا أيضًا كما سيأتي. ولكن المغيرة يدلس، ولاسيما عن إبراهيم، وقد عنعنه عنه.

* ومنهم من يرجح رواية الأعمش على رواية منصور، كما تقدم عن أبي خيثمة زهير بن حرب:

وقد نقل ابن رجب عن وكيع بن الجراح أنه قال: "الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور"(شرح علل الترمذي 1/ 271).

* وهذا هو الذي ذهب إليه الدارقطني في هذا الحديث، حيث قال - بعد أن ذكر الاختلاف فيه -:"وأشبهها بالصواب حديث الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله"(العلل 799).

وعلى كُلٍّ فالأعمش إمام ثقة حافظ كبير الشأن، وقد وصله، وذلك منه مقبول، وقد توبع الأعمش على وصله كما في:

الطريق الثاني:

أخرجه ابن ماجه وأبو يعلى، قالا - والسياق لـ (ابن ماجه) -: حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن حَجاج، عن فُضَيْل بن عمرو، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، به، بلفظ:«نَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى» .

ورواه أحمد (4052) عن إسماعيل بن محمد، عن ابن أبي زائدة، به، ولم يذكر متنه، وإنما أحال على ما قبله، وهو بلفظ آخر خرجناه فيما بعد.

وكذا رواه أبو زرعة الدمشقي في (الفوائد 57) من طريق سعيد بن سليمان عن ابن أبي زائدة به، وأحال على لفظ منصور بن أبي الأسود قبله،

ص: 433

وسيأتي تخريجه.

وتوبع عليه ابن أبي زائدة بمثل رواية ابن ماجه:

فرواه البزار (1585) من طريق يزيد بن هارون عن حجاج، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه حجاج بن أرطاة، وهو ضعيف مدلس. قال فيه ابن حجر:"صدوق، كثير الخطأ والتدليس"(التقريب 1119).

قلنا: وقد عنعن.

ومع كل ذلك قال مغلطاي: "إسناده صحيح على شرط مسلم"(شرح ابن ماجه 1/ 518).

وَفَاتَهُ أن مسلمًا لم يَحتجَّ بابن أرطاة، وإنما أخرج له مقرونًا بغيره، كما في (التهذيب 5/ 428).

وقد ذَكَر ذلك مغلطاي نفسه في موضع آخر تحت حديث عثمان في مسح الرأس مرة واحدة، وأعله بضعف حجاج وتدليسه. انظر (شرح ابن ماجه 1/ 430).

وأما البوصيري فاقتصر على قوله: "هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن فيه حجاجًا، وهو ابن أرطاة، وقد كان يدلس"(الزوائد 1/ 68).

أضف إلى ما سبق من ضعفه وعنعنته: أنه قد اختُلف عليه في سنده وفي بعض متنه كما سنذكره عقب رواية الاستلقاء الآتية قريبًا.

ص: 434

رِوَايَةُ: ((يَنَامُ وَهُوَ سَاجِدٌ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَمَا يُعْرَفُ نَوْمُهُ إِلَّا بِنَفْخِهِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ» .

[الحكم]:

غريب المتن، وصححه الألباني.

[التخريج]:

[بز 1520 / عل 5370 / طب (10/ 74/9995) / طس 872، 8531 / ش 1425 (واللفظ له) / مش 369 / بغ 164 / فز 56 / شا 342/ معر 2012 / ضياء (مرو ق 132/ب) / رفا 764 / ثرثال (أجزاء 48)].

[السند]:

قال ابن أبي شيبة في (المصنف)، و (المسند) -ومن طريقه البغوي في (شرح السنة 164) -: حدثنا إسحاق بن منصور، عن منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، به.

ومداره عندهم على منصور بن أبي الأسود، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد حسن إن كان المتن محفوظًا؛ فرجاله ثقات رجال الصحيح عدا منصور بن أبي الأسود، روى له أصحاب السنن خلا ابن ماجه، ووثقه ابن معين في رواية، وقال في رواية أخرى:"ليس به بأس"، وكذا قال النسائي. وقال أبو حاتم:"يُكتب حديثه"، وقال الحافظ:"صدوق، رُمِي بالتشيع"(التقريب 6896).

وقد تَفَرَّد منصور عن الأعمش بذكر السجود في حديث ابن مسعود، ولعله

ص: 435

لذلك قال البزار عقبه: ((وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله إلا منصور بن أبي الأسود، ولم يُتابَع عليه. ومنصور فليس به بأس، شيخ من أهل الكوفة)).

وكذا نص على تفرده الطبراني في (الأوسط 872، 8531).

وتُعُقب عليهما في ذلك بأنه قد رواه أبو حمزة السكري وغيره عن الأعمش أيضًا كما سبق.

ويبدو لنا أن لا تعقب عليهما في ذلك إذا ما راعينا الزيادة التي زادها منصور في المتن، وهي تعيين النوم المذكور بأنه كان في السجود، وليس ذلك في رواية السكري، ولم نجدها من غير رواية منصور، فلعل ذلك هو السر فيما قاله البزار والطبراني.

وعلى كُلٍّ، فهذه زيادة غريبة من مفاريد منصور.

نعم، جاءت هذه الزيادة في حديث عائشة الآتي، من رواية وكيع عن الأعمش، ولكن بإسناد آخر. والراجح أنها من تفسير وكيع كما سيأتي. فإن كان مَن رواها عنه مرفوعة قد حفظها، وسَلِم الحديث من علة الإرسال -كما سيأتي ذكره-، فالحديث صحيح. وإلا فهو شاذ، وهذا ما نميل إليه، والله أعلم. وقد ذكره الألباني في (الصحيحة /ح 2925)، وصححه.

هذا، وقد سبق أن في الإسناد اختلافًا على الأعمش، وعلى شيخه إبراهيم، فانظر تحريره فيما تقدم.

[تنبيه]:

وقعت رواية منصور بن أبي الأسود عند أبي زرعة الدمشقي في (الفوائد 56) مرسلة عن علقمة، ليس فيها ذكر ابن مسعود، وذلك خطأ، ولعله سقط

ص: 436

من الناسخ أو الطابع.

ومما يؤكد ذلك: أن أبا زرعة إنما رواه عن سعيد بن سليمان ومحمد بن الصلت عن منصور.

وقد رواه أبو يعلى والطبراني والشاشي من طريق سعيد بن سليمان، ورواه البزار وغيره، من طريق محمد بن الصلت، كلاهما عن منصور به مسندًا بذكر ابن مسعود.

ص: 437

رِوَايَةُ: ((كَانَ يَنَامُ مُسْتَلْقِيًا)):

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنَامُ مُسْتَلْقِيًا حَتَّى يَنْفُخَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي، وَلَا يَتَوَضَّأُ» .

[الحكم]:

صحيح المتن دون لفظة: ((مُسْتَلْقِيًا))، فمنكرة.

[التخريج]:

[حم 4051 "واللفظ له" / عل 5224 / قط (مغلطاي 1/ 394)].

[السند]:

أخرجه أحمد قال: حدثنا أبو معاوية، ثنا الحَجاج، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، به.

وأخرجه أبو يعلى: عن أبي خثيمة، عن أبي معاوية محمد بن خازم، عن حَجاج، به.

وذَكَر مغلطاي أن الدارقطني أخرجه أيضًا من طريق أبي معاوية، به.

[التحقيق]:

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه: حجاج بن أرطاة، وهو ضعيف مدلس - كما سبق ذكره - وقد عنعن.

ومع ضعف حَجاج اختُلف عليه في سنده ومتنه:

* فرواه عنه أبو معاوية الضرير هكذا: عن حماد عن إبراهيم، به، بلفظ:((كَانَ يَنَامُ مُسْتَلْقِيًا)).

وحماد هو ابن أبي سليمان الكوفي روى له مسلم مقرونًا بغيره، وتَكَلم بعضهم في حفظه.

ص: 438

* ورواه ابن أبي زائدة ويزيد بن هارون عن حَجاج: عن فُضيل بن عمرو، عن إبراهيم، به، بلفظ:((نَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى)).

وهذا لفظ عام، والظاهر أن الاختلاف في سنده ومتنه من قِبل حَجاج، وهو ضعيف.

ص: 439

2163 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ حَتَّى يَنْفُخَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ)) [قَالَ وَكِيعٌ: تَعْنِي وَهُوَ سَاجِدٌ].

[الحكم]:

صحيح. وصححه: مغلطاي، والسيوطي، والألباني، والمناوي.

[التخريج]:

[جه 477 "والزيادة له" / حم 25036 "واللفظ له" / ش 1420 فقط (أطراف 5889)].

[السند]:

أخرجه أحمد وابن أبي شيبة قالا - والسياق لأحمد-: ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، به.

ورواه ابن ماجه: عن ابن أبي شيبة وعلي بن محمد الطنافسي، عن وكيع، به.

وقال عقبه: قال الطَّنَافِسِيُّ: قال وكيعٌ: ((تَعْنِي وَهُوَ سَاجِدٌ)).

وعلقه الترمذي عن وكيع، به.

[التحقيق]:

إسناده -حَسَب ظاهره- صحيح على شرط الشيخين، كما قال مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 518)، والمناوي في (التيسير 2/ 285)، والألباني في (الصحيحة 6/ 1027)؛ ولذا رَمَز السيوطي لصحته في (الجامع الصغير 7180).

لكن سبق أنه اختُلف في إسناده على الأعمش، وعلى إبراهيم أيضًا.

ص: 440

إلا أن الاختلاف فيه على الأعمش لا يضر؛ لأنه دائر بين كونه مسندًا عن ابن مسعود أو عن عائشة.

فأما الاختلاف على إبراهيم، فإن قلنا بترجيح رواية الأعمش، فهو صحيح موصول. وإن قلنا بترجيح رواية منصور، فهو مُعَل بالإرسال.

على أنه قد رُوِي مسندًا من طريق منصور.

رواه عبد القاهر بن شعيب بن الحبحاب، عن ورقاء بن عمر بن كُليب، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخَعي مسندًا، كرواية وكيع، عن الأعمش.

رواه الدارقطني في (الأفراد) وقال: "تَفَرَّد به عبد القاهر بن شعيب، عن ورقاء بن عمر، عن منصور، عن إبراهيم"(أطراف الغرائب 5889).

قلنا: وهو ضعيف؛ فيه علتان:

العلة الأولى: ضعف ورقاء بن عمر في روايته عن منصور بن المعتمر خاصة؛ قال ابن حجر: "صدوق، في حديثه عن منصور لِين"(التقريب 7403).

العلة الثانية: المخالفة، فقد رواه أبو عوانة اليشكري وشعبة وزائدة بن قدامة عن منصور عن إبراهيم مرسلًا.

قال الدارقطني: "والمرسل أشبهها بالصواب عن منصور"(العلل 3617).

إذن، المحفوظ عن منصور إرساله. وانظر ما تقدم بشأن الترجيح بين روايته ورواية الأعمش. وسيأتي تخريج الرواية المرسلة عقب هذا الحديث.

ص: 441

رِوَايَةُ: أنَّه نَامَ ((فِي سُجُودِهِ)) أو ((وَهُوَ سَاجِدٌ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَامَ حَتَّى نَفَخَ فِي سُجُودِهِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى» .

وَفِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ وَهُوَ سَاجِدٌ، ثُمَّ يُصَلِّي، وَلَا يَتَوَضَّأُ)).

[الحكم]:

غريب بهذا اللفظ معلول.

[التخريج]:

[حق 1490 والسياق الأول له / ناسخ 197 والسياق الثاني له].

[السند]:

قال ابن راهويه: أخبرنا وكيع، نا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، به.

[التحقيق]:

إسناده -حَسَب ظاهره- صحيح على شرط الشيخين كما سبق، ولكن ذكر السجود فيه غريب، فقد رواه ثلاثة من الأئمة الحفاظ، وهم:(أحمد وابن أبي شيبة والطنافسي) عن وَكيع به- دون ذكر السجود في متنه، وقال الطنافسي فيه: قال وكيع: "تعني: وهو ساجد".

فهذا يعني أن ذكر السجود إنما هو من تفسير وكيع، وليس مرفوعًا.

وهذا قد يُعِل رواية ابن راهويه رغم إمامته وتثبته.

نعم، قد جاءت له متابعة قاصرة، وهي ما رواه ابن شاهين في (ناسخ الحديث 197) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال:

ص: 442

حدثنا القاسم بن عبد الله بن عامر، وأحمد بن عبد الوارث الحارثي، قالا: حدثنا محمد بن سعيد بن زائدة، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، به.

ولكن هذه متابعة ضعيفة جدًّا؛ مسلسل بالعلل:

فشريك هو النخَعي: "صدوق، يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة"(التقريب 2787).

وأحمد بن عبد الوارث الحارثي لم نقف له على ترجمة.

والقاسم بن عبد الله بن بن عامر، قال الدارقطني:((ليس بالقوي)) (السنن 3/ 67).

وأحمد بن محمد بن سعيد هو الحافظ أبو العباس ابن عقدة، وهو متكلم فيه على سَعة حفظه، تَكلم فيه الدارقطني والباغندي ومُطَيَّن

وغير واحد، وقال الخليلي:"في حديثه نظر؛ فإنه يَروي نُسَخًا عن شيوخ لا يُعْرَفون ولا يُتابَع عليها"(الإرشاد 2/ 579)، وقال الذهبي:"وكل أحد يخضع لحفظ ابن عقدة، ولكنه ضعيف"(تاريخ الإسلام 7/ 655). وقال في (ديوان الضعفاء 87): "مشهور، ضعفوه"، وانظر ترجمته في (لسان الميزان 1/ 603 - 606/ 752)، و (الكشف الحثيث عمن رُمِي بوضع الحديث 78).

ص: 443

رِوَايَةُ: ((فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنَامُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ» أَظُنُّ قَالَتْ: «ثُمَّ يُتِمُّ صَلَاتَهُ» .

[الحكم]:

غريب جدًّا بهذا اللفظ، معلول.

[التخريج]:

[ناسخ 196].

[السند]:

قال ابن شاهين: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، به.

[التحقيق]:

إسناده رجاله ثقات لكنه غريب، ومتنه أغرب.

أما غرابة السند، فأبو الربيع غير مشهور بالرواية عن وكيع، رغم أنه معاصر له، ولم نجد له رواية عنه في أصول الكتب المسندة إلا في موضع واحد في (مسند أحمد 26799) من زيادات عبد الله بن أحمد على أبيه قال:"وحدثني أبو الربيع، قال: حدثنا وكيع"، ومع ذلك لم يذكره أصحاب التراجم في الرواة عن وكيع.

وفي المقابل وجدناه يَروي كثيرًا عن الجراح بن مليح والد وكيع، ويقول في روايته عنه:"حدثنا أبو وكيع". انظر (التاريخ الكبير للبخاري 8/ 64)، و (مسند ابن الجعد 2037) و (مسند أحمد 1142)، و (شعب الإيمان للبيهقي

ص: 444

5555)، و (الطب النبوي للمستغفري 271).

فهل هذا هو أصل الرواية عند ابن شاهين، وسقط منها لفظة "أبو"؟

يحتمل، وإن صح فالإسناد فيه لِين، لأجل الكلام في الجراح.

وأما غرابة المتن، ففي ذكره النوم في السجود، وأغرب منه ذِكره النوم في الركوع! فهذا الأخير لم يَرِد في هذا الحديث إلا من هذا الطريق، تَفَرَّد به أبو الربيع، وهو ثقة من رجال الشيخين.

ومع ذلك فتفرده هذا غير مقبول، فقد خالفه الحفاظ المأمونون:(أحمد وابن أبي شيبة والطنافسي وابن راهويه)، ولم يذكروا ذلك.

فلا شك حينئذٍ أن زيادته شاذة، لاسيما وفي المتن ما يدل على أنه لم يحفظه جيدًا، وهو قوله:"أَظُنُّ قَالَتْ".

وإذ لم يُقبل تفرده في زيادته الركوع، وقلنا: إنه وهم فيها، فمن الغالب أن يكون وَهِم أيضًا في زيادته السجود، متأثرًا برواية غيره لها، وحينئذٍ فلا يعضد غيره، ولا يعتضد به. وقد سبق أن الطنافسي قد رواه عن وكيع من تفسيره، وليس من قول عائشة رضي الله عنها. وهذا مما يوهن رواية من رفعه. والله أعلم.

وقد جاء ذكر النوم في السجود من وجه آخر مرسل لا يُعتَد به أيضًا كما يلي.

ص: 445

2164 -

حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ إِبرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنَامُ وَهُوَ سَاجِدٌ حَتَّى يَنْفُخَ، وَكَانَ يُعْرَفُ نَوْمُهُ بِنَفْخَتِهِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي» .

[الحكم]:

ضعيف لإرساله.

[التخريج]:

[ص (كبير 19212)، (كنز 27137) / ناسخ 198].

[السند]:

أخرجه سعيد بن منصور في (سننه) - كما ذكره السيوطي- قال: حدثنا أبو عَوَانة، عن منصور، عن إبراهيم، به، مرسلًا.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أنه مرسل. وأبو عوانة هو الوضاح اليشكري. ومنصور هو ابن المعتمر. وإبراهيم هو ابن يزيد النَّخَعي، من صغار التابعين.

[تنبيه]:

تحرف العزو في (الكنز) لـ "ض" بالمعجمة، وهو رمز الضياء في المختارة، والصواب:"ص" بالمهملة كما في الجامع للسيوطي، وهو رمز سعيد بن منصور.

ص: 446

رِوَايَةُ: ((نَامَ فِي المَسْجِدِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ إِبرَاهِيمَ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَامَ فِي المَسْجِدِ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)). وَقَالَ: ((النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَنَامُ عَيْنَاهُ، وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: ((تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، فَوَجَدَ المُؤَذِّنَ قَدْ أَذَّنَ، فَوَضَعَ جَنْبَهُ فَنَامَ حَتَّى عُرِفَ مِنْهُ النَّوْمُ، وَكَانَتْ لَهُ نَوْمَةٌ تُعْرَفُ، كَانَ يَنْفُخُ إِذَا نَامَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ)). قَالَ إِبْرَاهِيمُ: ((إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ كَغَيْرِه)).

[الحكم]:

صحيح المتن بما سبق، وهذا مرسل ضعيف. وقوله:((تَنَامُ عَيْنَاهُ، وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ)) له شاهد في الصحيحين من حديث عائشة مرفوعًا بلفظ: ((تَنَامُ عَيْنِي، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي)).

[التخريج]:

[ش 1411 / ص (كبير 19211)، (كنز 27136) / شيباني 165 بالسياق الثاني].

[السند]:

أخرجه ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور قالا: حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، به، مرسلًا.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن فيه علتين:

العلة الأولى: هشيم، وهو ابن بشير، فإنه مدلس، وقد عنعن.

وكذا عنعنة المغيرة، وهو ابن مِقسم، وهو يدلس لاسيما عن إبراهيم كما

ص: 447

سبق.

قلنا: لكن جاءت لهما متابعة، رواها محمد بن الحسن الشيباني في (الآثار 165) قال: أخبرنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، قال: «توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المسجد، فوجد المؤذن

» فذكره بالسياق الثاني.

وإسناده ضعيف؛ فيه أبو حنيفة الفقيه، ضعيف الحديث، كما سبق مرارًا.

العلة الثانية: الإرسال، وسبق الحديث موصولًا من رواية الأعمش عن إبراهيم، أسنده مرة عن ابن مسعود، وأخرى عن عائشة.

[تنبيه]:

تحرف العزو في (كنز العمال) - ومن أثبته محققو (الجامع الكبير) للسيوطي - لـ"ض" بالمعجمة وهو رمز الضياء، وهذا خطأ، والصواب:"ص" بالمهملة، وهو رمز سعيد بن منصور، فهشيم شيخ سعيد، وأما الضياء فبينه وبين هشيم مفاوز.

ص: 448

رِوَايَةُ: ((نَامَ قَبْلَ الفَجْرِ مُضْطَجِعًا)):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَامَ قَبْلَ الفَجْرِ مُضْطَجِعًا حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يُعِدِ الوُضُوءَ» .

[الحكم]:

صحيح المتن؛ له شاهد من حديث ابن عباس في الصحيحين، وهذا مرسل ضعيف.

[التخريج]:

[يوسف 38].

[السند]:

أخرجاه: عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، به، مرسلًا.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: ضعف أبي حنيفة في الحديث. وقد سبق بيان ذلك مفصلًا في غير ما موضع.

الثانية: الإرسال؛ لأن إبراهيم النخعي من صغار التابعين، فلم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 449

رِوَايَةُ: ((يَنَامُ فِي رُكُوعِهِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي، وَلَا يَتَوَضَّأُ (وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ)» .

[الحكم]:

مرسل ضعيف.

[التخريج]:

[ش 1410 / ضحة (ق 4/ب) "والرواية له"].

[السند]:

قال ابن أبي شيبة: حدثنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، به، مرسلًا.

ورواه عبد الملك بن حبيب في (الوضحة): عن ابن المغيرة، عن الثوري، عن منصور، به نحوه.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ لإرساله؛ فإبراهيم النخعي من صغار التابعين.

والسند إليه لا يخلو من مقال؛

ففي سند ابن أبي شيبة: شريك، وهو ابن عبد الله النَّخَعي؛ قال فيه ابن حجر:"صدوق، يخطئ كثيرًا"(التقريب 2787).

وفي سند عبد الملك بن حبيب: ابن المغيرة، وهو عبد الله بن المغيرة المصري، قال عنه ابن يونس:"منكر الحديث"، انظر (لسان الميزان 4474).

وعبد الملك نفسه: متكلم فيه لسوء حفظه وغلطه، انظر (تهذيب التهذيب 6/ 390).

ص: 450