المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌362 - باب ما روي في أن لا وضوء إلا على المضطجع - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٧

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أبوابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الوُضُوءُ وَمَا لَا يَجِبُ

- ‌353 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الحَدَثِ

- ‌354 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ البَوْلِ وَالغَائِطِ

- ‌355 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ المَذْيِ

- ‌356 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الوَدْيِ

- ‌357 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ التقَاءِ الخِتَانَيْنِ

- ‌358 - بَابُ نَسْخِ الوُضُوءِ مِنَ التِقَاءِ الخِتَانَيْنِ، وَالأَمْرِ بِالغُسْلِ

- ‌359 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌360 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌361 - بَابٌ: لَا وُضُوءَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ بِخَاصَّةٍ

- ‌362 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنْ لَا وُضُوءَ إِلَّا عَلَى المُضْطَجِعِ

- ‌363 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي النَّوْمِ فِي الصَّلَاةِ، هَلْ يَنقُضُ الوُضُوءَ

- ‌364 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي وُضُوءِ مَنْ خَالَطَ النَّوْمُ قَلْبَهُ

- ‌365 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلَّا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ

- ‌366 - بَابُ مَا رُوِيَ في أَنَّ الغِشْيَانَ حَدَثٌ

- ‌367 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ

- ‌368 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنْ أَلْبَانِ الإِبِلِ

- ‌369 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ عَامَّةً

الفصل: ‌362 - باب ما روي في أن لا وضوء إلا على المضطجع

‌362 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنْ لَا وُضُوءَ إِلَّا عَلَى المُضْطَجِعِ

2165 -

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْجُدُ وَيَنَامُ ويَنْفُخُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ (نَامَ وَهُوَ سَاجِدٌ حَتَّى غَطَّ- أوْ: نَفَخَ- ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي). قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: [يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ] 1 صَلَّيْتَ وَلَمْ تَتَوَضَّأْ وَقَدْ نِمْتَ؟ ! فَقَالَ: ((إِنَّمَا الوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا (إِنَّ الوُضُوءَ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا)؛ [فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ] 2)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى غَطَّ وَنَفَخَ، وَهُوَ سَاجِدٌ- أَوْ: جَالِسٌ- ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ قَدْ نِمْتَ! قَالَ:((إِنَّمَا يَجِبُ الوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا، فَإِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 3: ((لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 4: ((لَا يَجِبُ الوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا أَوْ سَاجِدًا حَتَّى يَضَعَ جَنْبَهُ (إِنَّمَا يَجِبُ الوُضُوءُ عَلَى مَنْ وَضَعَ جَنْبَهُ) فَإِنَّهُ إذَا وَضَعَ جَنْبَهُ

ص: 451

اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ)).

[الحكم]:

منكر، وأنكره: أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي، وإبراهيم الحربي، وموسى بن هارون، وابن المنذر، وابن أبي داود، وابن عدي، وأبو أحمد الحاكم، والدارقطني، والقاضي عبد الوهاب المالكي، وابن القصار المالكي، وابن بطال المالكي، وابن حزم، والبيهقي، وابن عبد البر، وابن العربي المالكي، وأبو الحسن الخزرجي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن الجوزي-في أحد قوليه-، والرافعي، والمنذري، والنووي، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي، ومغلطاي، وابن كثير، وصدر الدين المناوي، وابن أبي العز الحنفي، وابن الملقن، والعراقي، وابن حجر، والألباني.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [د 201 "واللفظ له مع الزيادة الثانية وهي عند غيره أيضًا" / ت 78 "والروايتان والزيادة الأولى له ولغيره" / عل 2610 / قط 596/ هقع 911 / هقخ 402 / علت 43 / طوسي 65 / عد (10/ 710 - 711) / سط (ص 147) مختصرًا / فز 159 / جصاص (1/ 375) / مسند ابن عباس لدعلج (مغلطاي 1/ 522)].

تخريج السياقة الثانية: [حميد 659 / طب (12/ 157/12748) / مشكل 3429].

تخريج السياقة الثالثة: [حم 2315 "واللفظ له" / ش 1407 / عل 2487 / كك (4/ 254 - 255) / ناسخ 195 / تحقيق 163/ جوزي (ناسخ 56)].

ص: 452

تخريج السياقة الرابعة: [هق 600 "والرواية له"، 601 "واللفظ له"].

[السند]:

قال أبو داود: حدثنا يحيى بن معين وهناد بن السرى وعثمان بن أبي شيبة عن عبد السلام بن حرب - وهذا لفظ حديث يحيى - عن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، به. زاد عثمان وهناد:«فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ» .

وأخرجه الترمذي قال: حدثنا إسماعيل بن موسى- كوفي-، وهناد، ومحمد بن عبيد المحاربي- المعنى واحد- قالوا: حدثنا عبد السلام بن حرب المُلَائي، عن أبي خالد الدالاني، به.

ورواه ابن أبي شيبة - وعنه أحمد، وأبو يعلى - قال: حدثنا عبد السلام بن حرب، عن يزيد الدالاني، به.

ومدار إسناده عند الجميع على عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه خمس علل:

العلة الأولى: أبو خالد الدالاني - واسمه يزيد بن عبد الرحمن - مختلف فيه؛

قال ابن معين: "ليس به بأس"(رواية ابن طهمان 268)، و (الدارمي 880)، و (الجرح والتعديل 9/ 277)، وقال ابن معين في (رواية ابن محرز 437):((ثقة)). وقال أحمد بن حنبل: "لا بأس به"(الضعفاء لابن الجوزي 3/ 210)، و (مختصر سنن أبي داود للمنذري 1/ 145).

ص: 453

وقال البخاري: "صدوق، وإنما يهم في الشيء"(علل الترمذي الكبير 1/ 45).

وقال أبو حاتم الرازي: ((صدوق ثقة)) (الجرح والتعديل 9/ 277).

وقال النسائي: "ليس به بأس"(تهذيب الكمال 33/ 275).

وقال ابن عدي: "له أحاديث صالحة، وأروى الناس عنه عبد السلام بن حرب، وفي حديثه لِين، إلا أنه مع لينه يُكتب حديثه"(الكامل 10/ 712).

وقال الحاكم: "الأئمة المتقدمون كلهم شهدوا لأبي خالد بالصدق والإتقان

وأبو خالد الدالاني ممن يُجمع حديثه في أئمة أهل الكوفة" (المستدرك 8/ 427).

وقال عبد الحق الإشبيلي: ((ثقة مشهور)) (الأحكام الكبرى 3/ 133).

وخالفهم آخرون:

فقال ابن سعد، ويعقوب الفسوي:((منكر الحديث)) (الطبقات الكبرى 9/ 312)، و (المعرفة والتاريخ 3/ 113).

وقال ابن حبان: ((كان كثير الخطأ، فاحش الوهم، يخالف الثقات في الروايات، حتى إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة علم أنها معمولة أو مقلوبة، لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات، فكيف إذا انفرد عليهم عنهم بالمعضلات؟ ! )) (المجروحين 2/ 456).

وقال أبو أحمد الحاكم: ((لا يُتابَع في بعض أحاديثه)) (الأسامي والكنى 4/ 254).

وقال ابن حزم: ((والدالاني ليس بالقوي)) (المحلى 1/ 226).

ص: 454

وقال ابن عبد البر: ((وليس بحجة فيما نقل)) (التمهيد 18/ 243).

وقال ابن القيسراني: ((روى عنه عبد السلام بن حرب وأهل العراق، فنسبوه إلى كثرة الخطأ والوهم ومخالفة الثقات في الروايات)) (المؤتلف والمختلف له، ص: 63).

وقال ابن حجر: "صدوق، يخطئ كثيرًا، وكان يدلس"(التقريب 8072).

قلنا: الراجح قول البخاري ومَن تابعه، أن الدالاني ((صدوق يهم بعض الشيء)) فلا يُرَد حديثه بإطلاق، ولا يُقْبَل بإطلاق.

أما ما ذهب إليه ابن حبان فلا يُقْبَل منه؛ وذلك أنه لم يأتِ ما يعضد ما ذهب إليه إلا رواية أخطأ هو في نسبة الخطأ فيها للدالاني.

قال الدارقطني: ((أخطأ أحمد بن عبدة في هذا، ولم يقف أبو حاتم - يعني ابن حبان - على موضع الخطأ منه أن الراوي له عن أبي هاشم هو أبو خالد الواسطي، وهو عمرو بن خالد، وكان كذابًا مشهورًا بوضع الحديث، فغلط أحمد بن عبدة أو مَن فوقه فيه، لما نظر إلى أبي خالد الواسطي فوهم أنه الدالاني؛ لأن الدالاني من أهل واسط وكنيته أبو خالد. وإنما هذا الحديث مشهور بعمرو بن خالد الواسطي.

وأيضًا: فأبو خالد الدالاني لا يُحَدِّث عن أبي هاشم الرُّمَّاني بشيء. وأبو خالد عمرو بن خالد قد روى عن أبي هاشم الرُّمَّاني في نسخة موضوعة. (تعليقات الدارقطني على المجروحين بالحواشي، ط/ الفاروق 2/ 284).

وما ذهب إليه الدارقطني بَيَّنه أبو حاتم قبله.

فقال ابنه عبد الرحمن: ((وسألت أبي عن حديث رواه قيس بن الربيع عن أبي هاشم الرماني، عن زاذان، عن سلمان؛ قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: قرأت في

ص: 455

التوراة: بركة الوضوء قبل الطعام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بركة الطعام الوضوء قبل الطعام وبعده"؟

قال أبي: هذا حديث منكر، لو كان هذا الحديث صحيحًا كان حديثًا، وأبو هاشم الرماني ليس هو.

قال: ويشبه هذا الحديث أحاديث أبي خالد الواسطي عمرو بن خالد، عنده من هذا النحو أحاديث موضوعة عن أبي هاشم، وعن حبيب بن أبي ثابت.

قال أبي: روى عمرو بن خالد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث موضوعة؛ خمسة، ستة.

قال أبي: ومَن لم يفهم - ورأى تلك الأحاديث التي يَروي عنه ابن جريج وحسين المعلم - يظن أن أبا خالد هذا هو الدالاني، والدالاني ثقة، وهذا ذاهب الحديث. ومَن يفهم لم يَخْفَ عليه)) (العلل 1502).

فخفي على أبي حاتم البُستي- ابن حبان- ذلك، فألحق تلك الموضوعات والمناكير بالدالاني، وهو منها بريء.

قال ابن عبد الهادي: ((وقد أخطأ ابن حبان في ترجمة الدالاني؛ فلذلك ضَعَّفه)) (تنقيح التحقيق 1/ 249).

وقال ابن الملقن: ((وقد غَلَّظ أبو حاتم ابن حبان القول فيه وخُطِّئَ في ذلك،

)) إلى أن قال: ((والحق التوسط في أمره)) (البدر المنير 2/ 439).

العلة الثانية: انقطاعه في موضعين:

الموضع الأول: بين أبي خالد الدالاني وقتادة.

وبهذا أعله البخاري فقال: "لا أعرف لأبي خالد الدالاني سماعًا من قتادة"

ص: 456

(علل الترمذي ص 45).

وقال أبو داود: "وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل، فانتهرني استعظامًا له، وقال: "ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة؟ ! "، ولم يعبأ بالحديث"(مسائل أبي داود لأحمد 1937).

قال البيهقي معلقًا على قول أحمد: "يعني به ما ذكره البخاري من أنه لا يُعْرَف لأبي خالد الدالاني سماع من قتادة"(السنن الكبرى 1/ 366).

وقال ابن دقيق العيد: ((إشارة إلى المحكي عن البخاري أو غيره من اشتراطه في الاتصال السماع ولو مرة)) (الإمام 2/ 222).

وقال البيهقي أيضًا: ((أنكره على أبي خالد الدالاني جميع الحفاظ، وأنكروا سماعه من قتادة أحمد بن حنبل ومحمد بن إسماعيل البخاري

وغيرهما)) (معرفة السنن والآثار 1/ 210).

قلنا: تقدم وصف ابن حجر- الدالاني بالتدليس، وقد عنعن. انظر (طبقات المدلسين (ص 118 رقم 113).

الموضع الثاني: انقطاعه بين قتادة بن دعامة وأبي العالية الرياحي.

وبهذا أعله أبو داود، فقال: "قال شعبة: إنما سمع قتادةُ من أبي العالية أربعة أحاديث

" فذكرها، وليس هذا منها. وانظر (جامع التحصيل 633)، و (تهذيب التهذيب 8/ 355).

وقال في التفرد: ((لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية، ولم يجئ به غير يزيد)) (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 522).

وقال ابن أبي داود في (كتاب الطهارة من السنن له): ((هذا الحديث معلول؛

ص: 457

لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أربعة أحاديث معروفة، ليس هذا منها، وهذا مرسل بين قتادة وأبى العالية يحتاج رجلًا آخر. وهذه سُنة تفرد بها أهل البصرة وحفظها أهل الكوفة من غير صحة)) (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 523).

قال أبو أحمد الحاكم: ((لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن قتادة.

وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بهذا الحديث عن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد، وقال في آخره: يقال: إن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية، والذي سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث، ليس هذا منها)) (الأسامي والكنى 4/ 255).

وقال أبو الحسن الخزرجي في تقريب المدارك: ((حديث أبي العالية منكر، وليس بمتصل الإسناد)) (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 523).

وقال ابن الملقن: ((وقال أبو القاسم البغوي فقال: إن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية، وجزم بهذا من الفقهاء القاضي عبد الوهاب في «شرح الرسالة»)) (البدر المنير 2/ 440).

وقال الزيلعي بعد أن ساق كلام أبي داود المتقدم: ((وذَكَر ما يدل على أن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية، مع أنه قال في كتاب السنة في حديث: (لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى): إن قتادة لم يسمع من أبي العالية إلا ثلاثة أحاديث. وقال في موضع آخر: قال شعبة: إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث: حديث يونس بن متى. وحديث ابن عمر في الصلاة. وحديث القضاة ثلاثة. وحديث ابن عباس شهد عندي

ص: 458

رجال مرضيون. فتحرر من هذا كله أن الحديث منقطع)) (نصب الراية 1/ 45).

قلنا: زاد عبد الحق موضعًا ثالثًا لانقطاعه، فقال:((هو حديث منكر، وليس بمتصل الإسناد؛ لم يسمعه أبو العالية من ابن عباس)) (الأحكام الوسطى 1/ 146).

العلة الثالثة: الإعلال بالوقف؛ فقد خولف الدالاني في رفعه:

فرواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس موقوفًا. ذكره البخاري والترمذي.

قال الترمذي: "سألت محمدًا - البخاري - عن هذا الحديث فقال: "هذا لا شيء، رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية" (علل الترمذي 1/ 45).

وقال الترمذي في (الجامع 1/ 324): "وقد روى حديث ابن عباس سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه".

وابن أبي عروبة إمام لا يُقارَن بمثل الدالاني.

قلنا: ولا يصح الموقوف أيضًا؛ فإن قتادة لم يَلْقَ عبد الله بن عباس.

قال الإمام أحمد: ((ما أعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن أنس رضي الله عنه. قيل: فابن سَرْجِس؟ فكأنه لم يره سماعًا)) (المراسيل لابن أبي حاتم 619).

وقال أبو حاتم: ((لم يَلْقَ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنسًا وعبد الله بن

ص: 459

سرجس)) (الجرح والتعديل 7/ 133).

ولهذا قال الذهبي: ((رواه ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس نفسه، ولم يَلْقَه)) (ميزان الاعتدال 4/ 432).

العلة الرابعة: المخالفة في المتن:

فإن المحفوظ عن ابن عباس في هذا الحديث ما رواه عنه كريب مولاه، وخرجه الشيخان من حديث الثوري: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى حَاجَتَهُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَأَتِى القِرْبَةَ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ وُضُوءَيْنِ، لَمْ يُكْثِرْ وَقَدْ أَبْلَغَ، فَصَلَّى، فَقُمْتُ فَتَمَطَّيْتُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَرَى أَنِّي كُنْتُ أَتَّقِيهِ، فَتَوَضَّأْتُ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَتَتَامَّتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، فَآذَنَهُ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ .... الحديث، وليس فيه ما ذَكَر أبي خالد الدالاني. رواه البخاري (6316)، ومسلم (763).

قال سفيان بن عيينة في هذا الحديث: "هذا للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه بَلَغَنَا أن النبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه"(مسلم 763).

ورواه عكرمة عن ابن عباس بنحوه، ثم قال عكرمة:"كان النبي صلى الله عليه وسلم محفوظًا"(أحمد 2194).

ولأجل تفرد الدالاني باللفظ المذكور ومخالفته للمحفوظ عن ابن عباس، أعله جماعة:

فقال أبو داود في السنن عقب الحديث: ((هو حديث منكر؛ لم يروه إلا يزيد

ص: 460

أبو خالد الدالاني عن قتادة. وروى أوله جماعة عن ابن عباس، ولم يذكروا شيئًا من هذا)).

وقال موسى بن هارون: ((هذا حديث منكر، لا نعلم أحدًا رواه إلا الدالاني. والمعروف عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ، ثم صلى، ولم يتوضأ. وليس فيه زيادة على هذا الكلام)) (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 522).

وقال البيهقي: ((مخرج في الصحيحين من حديث الثوري دون الزيادة التي تفرد بها أبو خالد الدالاني.

وكذلك رواه سعيد بن جبير وغيره، عن ابن عباس في حديث المبيت دون تلك الزيادة، ونومه هذا كان مضطجعًا، وكان صلى الله عليه وسلم يترك الوضوء منه مخصوصًا)) (السنن الكبير 1/ 367).

* وقال أيضًا: " تَفَرَّد بآخِر هذا الحديث أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن الدالاني عن قتادة، وأنكره عليه جميع أئمة أهل الحديث "(الخلافيات 2/ 137).

وقال أيضًا كما سبق: "فأما هذا الحديث فإنه قد أنكره على أبي خالد الدالاني جميع الحفاظ".

فهذا يدل على نكارة حديث الدالاني هذا، وقد أنكره عليه جمع من الأئمة، غير من تقدم، :

فقال إبراهيم الحربي: "هذا حديث منكر"(تنقيح التحقيق 1/ 249، والبدر المنير 2/ 438).

وقال ابن المنذر: " لا يَثبت"(الأوسط 1/ 256).

ص: 461

وذكره ابن عدي ضمن مناكير الدالاني، وقال:((وهذا بهذا الإسناد عن قتادة لا أعلم يرويه عنه غير أبى خالد، وعن أبي خالد عبد السلام)) (الكامل 10/ 710).

وقال الدارقطني: " تفرد به أبو خالد عن قتادة ولا يصح "(السنن 1/ 293).

وقال ابن شاهين: ((تَفَرَّد بهذا الحديث عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، لا أعلم رواه غيره

إن صح)) (ناسخ الحديث، ص: 187، 190)

وقال ابن القصار المالكي: ((فإنه حديث منكر، هكذا ذكر أحمد بن حنبل، وأبو داود، وموسى بن هارون

)) (عيون الأدلة 2/ 567).

وقال ابن بطال المالكي: ((هذا حديث منكر، قد ضَعَّفه ابن حنبل وأبو داود، وقال أحمد: ما لأبى خالد يُدخِل نفسه فى أصحاب قتادة، ولم يَلْقَه؟ ! وأيضًا لم يروه أحد من أصحاب قتادة عنه، وقيل: لم يسمع قتادة من أبى العالية إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها)) (شرح البخاري 1/ 320).

وقال ابن حزم: ((فإنه من رواية عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس.

وعبد السلام ضعيف لا يُحتج به، ضَعَّفه ابن المبارك وغيره. والدالاني ليس بالقوي، روينا عن شعبة أنه قال: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها! فسقط جملة)) (المحلى 1/ 226).

قلنا: لا يُوافَق ابن حزم على تضعيف عبد السلام فإنه ثقة من رجال الشيخين. قال مغلطاي: ((وأما رَدُّ ابن حزم هذا الحديث بعبد السلام بن حرب، فغير صواب؛ لأنه ممن وثقه جماعة، وخرج الشيخان حديثه في

ص: 462

صحيحيهما)).

وقال ابن عبد البر: " وهو عند أهل الحديث منكر، لم يروه مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي خالد الدالاني عن قتادة بإسناده"(الاستذكار 2/ 73).

وقال في (التمهيد 18/ 243): ((وهو عندهم حديث منكر، لم يروه أحد من أصحاب قتادة الثقات، وإنما انفرد به أبو خالد الدالاني، وأُنْكِر عليه وليس بحجة فيما نَقَل)).

وقال النووي: " وأما حديث الدالاني فجوابه أنه حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث. وممن صرح بضعفه من المتقدمين: أحمد بن حنبل والبخاري وأبو داود. قال أبو داود وإبراهيم الحربي: "هو حديث منكر"، ونَقَل إمام الحرمين في كتابه الأساليب إجماع أهل الحديث على ضعفه. وهو كما قال، والضعف عليه بَيِّن. وأجاب أصحابنا عنه بأجوبة وتأولوه تأويلات لا حاجة إليها مع الاتفاق على ضعفه"(المجموع 2/ 26).

وقال المنذري: ((ولو فُرِض استقامة حال الدالاني، كان فيما تقدم من الانقطاع في إسناده والاضطراب ومخالفة الثقات- ما يعضد قول مَن ضَعَّفه من الأئمة، رضي الله عنهم أجمعين)) (مختصر سنن أبي داود 1/ 144).

وقال ابن كثير: ((وهو حديث معلول، يرويه أبو خالد الدالاني، واسمه يزيد بن عبد الرحمن، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس. وأبو خالد يُضَعَّف في الحديث

وقد ضَعَّف هذا الحديث أحمد، والبخاري، وأبو داود، وإبراهيم الحربي، والدارقطني. وقال البيهقي: أنكره على أبي خالد جميع الحفاظ، وأنكروا سماعه من قتادة. كذا قال، وقد نقل إمام الحرمين في (الأساليب) والنواوي- إجماع المحدثين على

ص: 463

ضعفه)) (إرشاد الفقيه 1/ 49).

* وكذلك أعله:

ابن العربي المالكي في (أحكام القرآن 2/ 50)، و (القبس ص 136)، و (المسالك 2/ 47)، وابن عبد الهادي في (تنقيح التحقيق 1/ 248)، و (رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة، ص: 32)، والذهبي في (الميزان 7/ 253)، وفي (التنقيح 1/ 57)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 44)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 522)، وصدر الدين المناوي (كشف المناهج والتناقيح 1/ 185)، وابن أبي العز الحنفي في (التنبيه على مشكلات الهداية 1/ 293)، والعراقي في (طرح التثريب 2/ 45)، وابن الملقن في (البدر 2/ 434 - 442)، وابن حجر في (الدراية 1/ 33)، وفي (التلخيص 1/ 119)، والألباني في (ضعيف أبي داود 1/ 61).

وخالف ابن جرير الطبري جماهير النقاد في تضعيفه، وذهب إلى أنه لا وضوء إلا من نوم أو اضطجاع، واستدل بهذا الحديث وصححه وقال:"الدالاني لا ندفعه عن العدالة والأمانة. والأدلة تدل على صحة خبره لنقل العدول من الصحابة عنه عليه السلام قال: (مَنْ نَامَ وَهُوَ جَالِسٌ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، وَمَنِ اضْطَجَعَ فَعَلَيْهِ الوُضُوءُ) "(الجوهر النقي 1/ 121).

وهذا الذي قاله ليس بشيء، وما نسبه للعدول من الصحابة لا يثبت من وجه معتبر كما بيناه في موضعه؛ ولذا انتقد الألباني تصحيح الطبري هذا في (ضعيف أبي داود 1/ 64).

وكذلك خالفهم الجصاص، فقال: ((فإن قيل: قال شعبة: "لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أربعة أحاديث"، ولم يذكر هذا فيها.

ص: 464

قيل له: عسى أن يكون أراد أنه لم يسمع قتادة بقول: "سمعت" إلا في هذه الأربعة. ومَن رَوَى عن ثقة فأمره محمول على السماع. وعلى أنه لو كان مرسلًا لم يضر إرساله عندنا)) (شرح مختصر الطحاوي 1/ 376).

ويجاب عن ذلك بما قاله ابن القصار المالكي: ((مِن مذهب أصحاب الحديث أنهم إذا قالوا: (لم يسمع فلان من فلان شيئًا) فقد نَفَوْا أن يكون أخذ عنه شيئًا، ولا يريد بهذا أنه قرأ عليه؛ لأن قراءته عليه سماع منه، ولو أرادوا أنه عنده مرسل لذكروه ولم ينكروه؛ لأنهم بأجمعهم - عندنا - يقولون بالمرسل، ولو اختلفوا فيه ذَكَره من لم يقل بالمرسل، وعَلَّله وبَيَّن رده، ومن يقول بالمرسل لا ينكر عليه، وإنما يريدون بقولهم:(لم يسمع) النفي والرد لما رواه.

فإن قيل: فإن أبا داود قال: إن قتادة لم يسمع من أبي العالية إلا أربعة أحاديث، ليس منها. وهو مرسل من وجه آخر، وهو أن أبا خالد لم يَلْقَ قتادة، وأنتم ونحن نقول بالمراسيل.

قيل: قد أجبنا عن هذا، وإنما نقول بالمرسل ما لم يمنع منه مانع، وقد بينا المانع، وهو أن أصحاب الحديث يريدون بذلك أنه لا رواية عنده عنه)) (عيون الأدلة 2/ 568).

وكذا قواه القدوري وأجاب عن العلل المتقدمة فقال: ((قالوا: أبو العالية ضعيف؛ لأن ابن سيرين قال: حَدِّث عمن شئت إلا عن الحسن وأبي العالية؛ فإنهما كانا لا يباليان عمن أَخَذا.

قلنا: قال الدارقطني: أجمع أصحاب الحديث أن أبا العالية ثقة، وكونه لا يبالي عمن أَخَذ يُؤَثِّر في مراسيله، فأما إذا روى عن ابن عباس فقد زال

ص: 465

الإبهام.

قالوا: قتادة مدلس.

قلنا: التدليس لا يقدح في الرواية؛ لأنه إرسال، وذلك لا يمنع من الخبر، وقد ذكره سفيان بن عيينة والثوري وكبار أصحاب الحديث.

قالوا: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أحاديث، ليس هذا منها.

قلنا: قد ذَكَر علي بن المديني أنه لم يسمع إلا أربعة، فإذا خفي على شعبة ما عرفه ابن المديني، جاز أن يخفى عليهما الخامس، ألا ترى أنهما لم يرويا العدد عن قتادة، وإنما أخبرا بذلك عن سماعهما، ويجوز أن يسمع غيرهما ما لم يسمعاه

إلى آخر كلامه. (التجريد 1/ 163 - 164).

قلنا: كلامه فيه ما فيه فلا حاجة في الرد بما لا يُغني.

وكذا صححه ابن السكن، حيث ذكره في (السنن الصحاح)، وأشار إلى شذوذه في ذلك ابن الملقن فقال عن الحديث: "وهو ضعيف باتفاقهم، وأما ابن السكن فذكره في (صحاحه)

، قال الرافعي:(وهو ضعيف عند أئمة الحديث)، وهو كما قال" (خلاصة البدر المنير 1/ 53).

وذهب إلى تقويته غير هؤلاء: جمال الدين الخزرجي في (اللباب في الجمع بين السنة والكتاب 1/ 114)، ومحمد بن محمد البابرتي في (العناية شرح الهداية 1/ 49 - 50).

وأيضًا: قَوَّاه شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: ((رواه أحمد. وقد تُكلم فيه، فقيل: هو موقوف على ابن عباس. وقيل: لم يسمعه قتادة من أبي العالية. وهذا لمن يثبته يجعله مرسلًا أو موقوفًا. يؤيده مرسل الحسن، فيصير حجة

ص: 466

حتى عند من لا يقول بالمرسل المجرد)) (شرح العمدة-كتاب الطهارة، ص: 304).

وقال الهيثمي: ((رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله موثقون)) (مجمع الزوائد 1286).

واضطرب فيه قول ابن الجوزي، فأشار إلى تقويته قائلًا:"قد ذكرنا أن مذهب المحدثين إيثار قول من وقف الحديث احتياطًا. وليس هذا بشيء. وقول الدارقطني: (لا يصح) دعوى بلا دليل. وقد قال أحمد: يزيد لا بأس به، ورواية مَن وقفه لا يمنع كونه مرفوعًا؛ فإن الراوي قد يسند وقد يفتي بالحديث"(التحقيق 1/ 168).

وقد رد عليه ذلك ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 441).

وذهب إلى تضعيفه في (إعلام العالم بعد رسوخه بناسخ الحديث ومنسوخه، ص 117).

واضطرب فيه أيضًا الشيخ أحمد شاكر، فقال: ((والحديث في رأينا حسن الإسناد؛ لأن عبد السلام بن حرب ثقة، روى له مسلم. وَيزيد ليس ضعيفًا ضعفًا تُطرح معه رواياته

)) (المحلى 1/ 226 حاشية رقم 1).

وذهب إلى تضعيفه في (تعليقه على سنن الترمذي 1/ 112 - 113).

ص: 467

2166 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ نَامَ [قَائِمًا أَوْ] جَالِسًا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ وضَعَ جَنْبَهُ [إِلَى الأَرْضِ] فَعَلَيْهِ الوُضُوءُ» .

[الحكم]:

ضعيف، وضَعَّفه ابن عدي، والبيهقي، وابن طاهر المقدسي، وابن الجوزي، والنووي، وابن عبد الهادي، والذهبي، ومغلطاي، وابن الملقن، والهيثمي، وابن حجر.

[التخريج]:

[طس 6060 / قط 599 "واللفظ له" / عد (10/ 52 - 53) مقتصرًا على نوم الجالس، (10/ 114) "والزيادتان له" / هقخ 421].

[التحقيق]:

هذا الحديث مداره على عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، به.

ورُوِي عنه من خمسة طرق، كلها شديدة الضعف:

الطريق الأول:

أخرجه الدارقطني قال: حدثنا محمد بن جعفر المطيري، نا سليمان بن محمد الجنابي، نا أحمد بن أبي عمران الدورقي، نا يحيى بن بسطام، نا عمر بن هارون، عن يعقوب بن عطاء، عن عمرو بن شعيب، به.

وهذا إسناد ساقط؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: يعقوب بن عطاء، هو ابن عطاء بن أبي رباح. قال فيه ابن حجر:"ضعيف"(التقريب 7826).

ص: 468

وبه أعله مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 524).

الثانية: عمر بن هارون، وهو البلخي، قال فيه الذهبي:"واهٍ، اتهمه بعضهم"(الكاشف 4118)، وقال الحافظ:"متروك"(التقريب 4979).

وبه أعله ابن المنذر -فيما نقله عنه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 524) -، وابن الجوزي في (التحقيق 1/ 171) - وتبعه ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 252)، والذهبي في (التنقيح 1/ 58) -، والغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف 1/ 52)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 242)، وابن حجر في (التلخيص 1/ 336).

وقد توبع عمر بن هارون بما لا يُفرح به كما سيأتي بيانه.

الثالثة، والرابعة: سليمان بن محمد الجنابي وشيخه أحمد بن أبي عمران الدورقي مجهولان، لا تُعْرَف حالهما، وأشار إلى ضعفهما الغساني بقوله:"عمر بن هارون ضعيف ومَن قبله"(تخريج الأحاديث الضعاف 1/ 52).

وذكره النووي ضمن ضعيف الباب (الخلاصة 279).

الطريق الثاني:

أخرجه ابن عدي في (الكامل 10/ 114) قال: حدثنا موسى بن علي الجزري، ثنا أحمد بن خَلَّاد القطان، ثنا مهدي -يعني ابن هلال-، ثنا يعقوب -يعني بن عطاء بن أبي رباح-، عن عمرو بن شعيب، به.

وهذا إسناد تالف؛ فيه يعقوب بن عطاء بن أبي رباح، وهو "ضعيف" كما سبق.

ومهدي بن هلال؛ كذاب وضاع؛ كَذَّبه يحيى بن سعيد وابن معين ورماه

ص: 469

بالوضع. وكَذَّبه أيضًا أحمد وأبو داود والنسائي. وقال الدارقطني وغيره: "متروك"(الميزان 8834)، و (اللسان 6/ 106).

وقال ابن عدي بعد أن روى له هذا الحديث وغيره: "ومهدي بن هلال عامة ما يرويه لا يُتابَع عليه، وليس على حديثه ضوء ولا نور"(الكامل 10/ 115).

وبهذا أعله ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 242)، والحافظ في (التلخيص 1/ 336).

وقال ابن حجر أيضًا: "أخرجه ابن عدي بإسناد واهٍ جدًّا"(الدراية 1/ 33).

وقد توبع مهدي بما لا يُفرح به أيضًا كما ستراه في:

الطريق الثالث:

أخرجه البيهقي في (الخلافيات) من طريق أبي خالد المكي - قالوا: هو عاصم بن عمارة - عن يعقوب بن عطاء، به.

وهذا إسناد واهٍ أيضًا؛ أبو خالد المكي هذا مجهول لا يُعْرَف، وشيخه ضعيف كما سبق.

فهذه الطرق الثلاثة مدارها على يعقوب بن عطاء وهو ضعيف، وأصحابه ما بين كذاب ومتروك ومجهول.

ولذا قال البيهقي: "وهذا الحديث قد رُوي من أوجه عن يعقوب بن عطاء، وإسناده ضعيف"(الخلافيات 2/ 151).

الطريق الرابع:

أخرجه ابن عدي في (الكامل 10/ 52 - 53) قال: حدثنا معاوية، ثنا

ص: 470

أحمد، ثنا أبو حَيْوة، أخبرنا مقاتل، عن عمرو بن شعيب، به.

وهذا إسناد تالف أيضًا؛ فيه مقاتل، وهو ابن سليمان بن بشير الأزدي الخراساني، أبو الحسن البلخي؛ كَذَّبه أئمة النقد؛ ولذا قال ابن حجر:"كَذَّبوه وهجروه، ورُمِي بالتجسيم"(التقريب 6868).

وبهذا أعله ابن طاهر المقدسي في (الذخيرة 5608)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 242)، والحافظ في (التلخيص 1/ 336).

الطريق الخامس:

أخرجه الطبراني في (الأوسط) قال: حدثنا محمد بن يونس العُصْفُري قال: نا إسحاق بن إبراهيم السواق قال: نا عبد القاهر بن شعيب قال: ثنا الحسن بن أبي جعفر، عن ليث بن أبي سليم، عن عمرو بن شعيب، به.

قال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن ليث إلا الحسن بن أبي جعفر، تَفَرَّد به عبد القاهر بن شعيب".

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: ليث بن أبي سليم؛ قال ابن حجر: "صدوق، اختلط جدًّا، ولم يتميز حديثه فتُرك"(التقريب 5685).

الثانية: الحسن بن أبي جعفر؛ قال ابن حجر: "ضعيف الحديث مع عبادته وفضله"(التقريب 1222).

وبه أعله الهيثمي، فقال:"رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الحسن بن أبي جعفر الجفري؛ ضَعَّفه البخاري وغيره. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، ولا يتعمد الكذب"(المجمع 1287).

ص: 471

والعصفري هذا ليس هو الكُدَيْمي المتهم، وإنما هو آخر لا بأس به كما قال الألباني في (الضعيفة 5/ 72).

وهذه الطرق لا تَزيد الحديث إلا وهاء وضعفًا؛ فمعظمها من رواية الكذابين والمتروكين.

وقد رُوِي عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ مخالف لذلك، من طريق واهٍ أيضًا، وهي الرواية التالية:

رِوَايَةُ: ((فَعَلَيْهِ الوُضُوءُ)):

• عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ سَاجِدًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءَ» .

[الحكم]:

إسناده واهٍ، وضعفه: ابن شاهين.

[التخريج]:

[ناسخ 194 / جوزي (ناسخ 55)]

[السند]:

أخرجه ابن شاهين في (ناسخ الحديث) - ومن طريقه ابن الجوزي في (إعلام العالم بعد رسوخه بناسخ الحديث ومنسوخه) - قال: حدثنا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق، قال: حدثنا أيوب بن سليمان - يعني الصُّغْدِي -، قال: حدثنا عبد الوهاب الحوطي، قال: حدثنا بقية، عن صدقة بن عبد الله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، به.

ص: 472

[التحقيق]:

هذا إسناد واهٍ؛ فيه علل:

الأولى: صدقة بن عبد الله هو السمين: "ضعيف" كما في (التقريب 2913).

وبه ضعفه ابن شاهين فقال: "أما حديث عمرو بن شعيب فليس بمرضي الإسناد؛ لأن صدقة بن عبد الله هذا يُعرف بالدمشقي، أبو معاوية السمين، ليس بحجة على غيره، وقد ضَعَّفه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل، فإن صح الحديث فمعناه -والله أعلم-: أن من نام ساجدًا في صلاة الفرض

" (ناسخ الحديث ص 191).

الثانية: بقية بن الوليد، يدلس ويسوي، وقد عنعن.

ص: 473

2167 -

حَدِيثُ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ:

◼ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ المَدِينَةِ جَالِسًا أَخْفُقُ (نِمْتُ فِي المَسْجِدِ، وَأَنَا جَالِسٌ)، وَاحْتَضَنَنِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ وجَبَ عَلَيَّ وُضُوءٌ؟ قَالَ:((لَا، حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: بَيْنَا أَنَا فِي المَسْجِدِ، إِذْ أَغْفَيْتُ. قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِي فَقَالَ: ((مَا هَذَا؟ ))، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلَيَّ فِي هَذَا وُضُوءٌ؟ قَالَ:((لَا، حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 3: مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا نَائِمٌ فِي المَسْجِدِ، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَجَبَ عَلَيَّ الوُضُوءُ؟ قَالَ:((لَا، حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 4: رَقَدْتُ فَاحْتَضَنَنِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ

الحديث بمثله.

[الحكم]:

منكر، وإسناده ضعيف جدًّا، وضَعَّفه: العقيلي، وابن عدي، والبيهقي-وأقره ابن دقيق العيد، وابن سيد الناس، والزيلعي، وابن حجر-، وابن حزم، والنووي، وابن طاهر المقدسي، وابن الملقن، والألباني.

[التخريج]:

تخريج السياق الأول: [عد (2/ 494 - 495) / هق 599 "واللفظ له" / هقخ 420 / حرب (طهارة 232) / جصاص (1/ 375) والرواية له].

تخريج السياق الثاني: [عق (2/ 64)].

ص: 474

تخريج السياق الثالث: [عد (2/ 495)].

تخريج السياق الرابع: [هقخ 420].

[التحقيق]:

مداره على ميمون الخياط-عدا رواية عند ابن عدي في (الكامل 2/ 495)، كما سيأتي-، واختُلف عليه:

فرواه حرب الكرماني في (مسائله-كتاب الطهارة) قال: حدثنا أبو علي محمد بن معاوية، قال: ثنا قَزَعة بن سويد، عن ميمون الخياط، عن أبي عياض، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنْتُ نَائِمًا فِي المَسْجِدِ، فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي

فذكره.

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أبو علي الخراساني، محمد بن معاوية بن أَعْيَن "متروك مع معرفته لأنه كان يتلقن، وقد أطلق عليه ابن معين الكذب"(التقريب 6310).

ومع ضعفه، قد خولف:

خالفه يحيى بن إسحاق السليحيني، كما عند العقيلي في (الضعفاء 2/ 64 - 65).

ومحمد بن عبيد بن حِسَاب، كما عند ابن عدي في (الكامل 2/ 494) -ومن طريقه البيهقي في (السنن الكبير 599) -.

ورواه البيهقي في (الخلافيات) من طريق أبي الشيخ عن ابن رسته عن محمد بن عبيد بن حساب، به.

وجعله في نوم المضطجع، وهو خطأ؛ بدلالة آخره، قال البيهقي: "وهو

ص: 475

في نوم الجالس، وقد رواه غيره مبينًا" (الخلافيات 2/ 149).

كلاهما (السليحيني، وابن عبيد) رواه عن قزعة بن سويد، عن بحر السقاء، عن ميمون الخياط، عن أبي عياض، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. فزادا في الإسناد بحر بن كَنِيز السقاء.

وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه: بحر بن كنيز، وهو شديد الضعف، قال ابن معين والنسائي:"لا يُكتب حديثه"، وقال الدارقطني وغيره:"متروك"، انظر (تهذيب التهذيب 1/ 419)، وقال الذهبي:"تركوه"(المغني في الضعفاء 849)، ومع ذلك اقتصر الحافظ على قوله:"ضعيف"(التقريب 637).

وقد ضَعَّف ابن عدي أحاديثه ومنها هذا الحديث، فقال:"ولبحر السقاء غير ما ذكرتُ من الحديث، وكل رواياته مضطربة، ويخالف الناس في أسانيدها ومتونها، والضعف على حديثه بَيِّن"(الكامل 2/ 495).

وقال البيهقي: "هذا الحديث تَفَرَّد به بحر بن كنيز السقاء عن ميمون الخياط، وهو ضعيف، لا يُحتج بروايته"(السنن الكبرى 1/ 364).

ونقله عنه ابن دقيق العيد (الإمام 2/ 225)، وابن سيد الناس (النفح الشذي 2/ 224)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 44)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 443)، وابن حجر (تلخيص الحبير 1/ 211)، مقرين له.

وقال ابن حزم: "لا تحل روايته إلا على بيان سقوطه، لأن راويه بحر بن كنيز السقاء، وهو لا خير فيه متفق على اطراحه، فسقط جملة"(المحلى 1/ 227).

* وميمون الخياط؛ ترجم له البخاري في (التاريخ 7/ 342)، وابن أبي حاتم

ص: 476

في (الجرح والتعديل 8/ 239)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذَكَره ابن حبان في (الثقات 11005) وقال:"يعتبر حديثه من غير رواية بحر عنه".

قلنا: وهذا من رواية بحر عنه.

وقد رواه بعض الرواة، فأدخل واسطة بين ميمون وأبي عياض.

وهو ما رواه العقيلى في (الضعفاء 2/ 64)، والجصاص في (أحكام القرآن 1/ 375) من طريق حماد بن واقد الصفار قال: حدثنا بحر السقاء، عن ميمون الخياط، عن ضبة بن جوين، عن أبي عياض، عن حذيفة، به.

ولكن حماد هذا ضعيف (التقريب 1508).

قلنا: ورواه بعضهم عن بحر، ولم يذكر فيه ميمونًا هذا:

فرواه ابن عدي في (الكامل 2/ 495) من طريق بقية، عن عيسى بن إبراهيم، عن بحر السقاء، عن أبي عياض، عن حذيفة، به.

فأسقط منه ميمونًا الخياط. وعيسى بن إبراهيم هذا هو الهاشمي؛ منكر الحديث. انظر (اللسان 4/ 391).

* وأبو عياض هو زيد بن عياض، كذا سماه العقيلي، ونقل عن أيوب أنه أنكر له حديثًا، ثم أسند له هذا الحديث وغيره ثم قال:"جميعًا لا يُحفظان من وجه يَثبت" وانظر (اللسان 2/ 509).

والحديث ضَعَّفه الألباني فقال: "ضعيف الإسناد جدًّا"(الضعيفة 9/ 374).

ص: 477

2168 -

حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ:

◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَالَ:«الوُضُوءُ عَلَى مَنْ اضْطَجَعَ» .

[الحكم]:

ضعيف جدًّا، وضَعَّفه الهيثمي.

[التخريج]:

[طب (8/ 290/ 7948)].

[السند]:

أخرجه الطبراني في (الكبير) قال: حدثنا أحمد بن علي القاضي الحِمْصي، ثنا أبو موسى الهَرَوي، ثنا عطاء بن جَبَلة، عن الأعمش، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ساقط؛ فيه علتان:

الأولى: جعفر بن الزبير الحنفي، قال فيه الذهبي:"عابد ساقط الحديث"(الكاشف 789). وقال الحافظ: "متروك الحديث، وكان صالحًا في نفسه"(التقريب 939).

وبه أعله الهيثمي فقال: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه جعفر بن الزبير، وهو كذاب"(مجمع الزوائد 1288).

الثانية: عطاء بن جبلة، قال عنه ابن معين:"ليس بشيء"(تاريخ بغداد 14/ 239)، وقال أبو زرعة:"منكر الحديث"(سؤالات البرذعي لأبي زرعة 57)، وقال أبو حاتم:"ليس بالقوي، يُكتب حديثه"(الجرح والتعديل 6/ 331).

وشذَّ ابن حبان - كعادته - فذكره في (الثقات 8/ 504).

ص: 478

2169 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ جَنْبَهُ، فَلْيَتَوَضَّأْ» .

[الحكم]:

ضعيف جدًّا. وقال الحربي: "منكر"، وضَعَّفه: ابن عدي، والبيهقي، وابن حزم، ومغلطاي.

[التخريج]:

[عد (9/ 666) / هقخ 422].

[السند]:

أخرجه ابن عدي - ومن طريقه البيهقي في (الخلافيات) - قال: حدثنا زكريا بن حيوة، ثنا يوسف بن موسى القطان، ثنا إسحاق بن سليمان الرازي: سمعت معاوية بن يحيى يذكر عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد واهٍ؛ فيه علتان:

الأولى: معاوية بن يحيى، وهو الصَّدَفي؛ قال فيه الذهبي:"ضَعَّفوه"(الكاشف 5536)، وقال الحافظ:"ضعيف، وما حَدَّث بالشام أحسن مما حَدَّث بالرَّيّ"(التقريب 6772).

قلنا: وهذا مما حدث به بالرَّيّ كما سيأتي.

الثانية: أنه من رواية إسحاق بن سليمان الرازي عن معاوية بن يحيى الصدفي، وقد تَكلم فيها النقاد وأنكروها:

ص: 479

* فقال البخاري وأبو حاتم: "روى عنه إسحاق بن سليمان أحاديث مناكير، كأنها من حفظه"(التاريخ الكبير 7/ 336)، و (الجرح والتعديل 8/ 383).

* وقال ابن خراش: "رواية إسحاق الرازي عنه مقلوبة"(تهذيب التهذيب 10/ 220).

* وقال الدارقطني: "يُكتب ما روى الهِقْل عنه، ويُتجنب ما سواه، وخاصة رواية إسحاق بن سليمان الرازي"(تهذيب التهذيب 10/ 220).

أضف إلى ذلك أنه قد تُكلم في رواية معاوية عن الزهري خاصة.

فقال الساجي: "ضعيف الحديث جدًّا، وكان اشترى كتابًا للزهري من السوق، فروى عن الزهري"(تهذيب التهذيب 10/ 220).

وقد أنكر حديثه هذا غير واحد من الأئمة:

* فقال ابن عدي - بعد ذكره هذا الحديث وغيره -: "هذه الأحاديث التي أمليت غير محفوظة، ولمعاوية غير ما ذكرتُ عن الزهري وغيره، وعامة رواياته فيها نظر"(الكامل 9/ 668).

وقال الحربي: "هذا حديث منكر". نقله عنه مغلطاي، وأقره. انظر (شرح ابن ماجه 1/ 524).

وضَعَّفه البيهقي في (الخلافيات 2/ 152).

وقال ابن حزم: "رواه معاوية بن يحيى، وهو ضعيف، يُحَدِّث بالمناكير"(المحلى 1/ 227).

ص: 480

2170 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنِ اسْتَحَقَّ النَّوْمَ، وَجَبَ عَلَيْهِ الوُضُوءُ)).

وَقَدْ سَأَلَ الجُرَيْرِيُّ خَالِدَ بْنَ غَلَّاقٍ راوي الحديث- عَنِ اسْتِحْقَاقِ النَّوْمِ فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَضَعَ جَنْبَهُ.

[الحكم]:

ضعيف؛ معلول بالوقف، وأعله الدارقطني، والبيهقي وقال عن المرفوع:"لا يصح"، وأقر إعلاله ابن الملقن، وابن حجر، والمباركفوري، والألباني.

[التخريج]:

[شعبة 45 / هقخ 400].

[السند]:

أخرجه ابن المظفر في (حديث شعبة) قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن إبراهيم، قال: ثنا أبو غسان مالك بن الخليل، قال: ثنا محمد بن عَبَّاد الهُنَائي، قال: ثنا شعبة، عن الجُرَيْرِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ غَلَّاقٍ

(1)

قال: ولا أعلمه إلا عن أبي هريرة، به.

ورواه البيهقي في (الخلافيات): من طريق الحسن بن علي الطوسي، ثنا مالك بن الخليل، به.

(1)

- "غلاق" بالغين المعجمة. ويقال بالعين المهملة. والأول أكثر (تهذيب التهذيب 3/ 112).

ص: 481

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، عدا مالك بن الخليل ومحمد بن عباد الهنائي، وهما صدوقان (التقريب 6434، 5996).

وهذا السند معلول؛ أخطأ فيه محمد بن عباد الهنائي على شعبة، فرفعه عن أبي هريرة شاكًّا في ذلك.

وقد خالفه علي بن الجعد - وهو ثقة ثبت (التقريب 4698) -، فرواه عن شعبة موقوفًا على أبي هريرة. أخرجه البغوي في (الجعديات 1452).

وكذلك رواه عفان بن مسلم عن شعبة، ذكره الدارقطني في (العلل 1600).

وتابع شعبةَ على هذا القول كل من (الثوري وهشيم وابن علية)، رووه عن الجريري به موقوفًا أيضًا.

قال الدارقطني: "وهو الصواب"(العلل 1600).

وتبعه على ذلك ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 434)، والحافظ في (التلخيص 1/ 118)، والمباركفوري في (التحفة 1/ 212).

وقال البيهقي عن المرفوع: "وهذا لا يصح"(الخلافيات 2/ 135).

وقال أيضًا بعد روايته الموقوف: "وقد رُوِي ذلك مرفوعًا، ولا يصح رفعه"(السنن الكبرى 1/ 360).

وأعله الألباني بالوقف أيضًا، وقال عن المرفوع:"شاذ، لا يصح"(الضعيفة 954).

ص: 482

رِوَايَةُ: ((فَاسْتَحَقَّ نَوْمًا)):

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «إِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدُكُمْ فَاسْتَحَقَّ نَوْمًا، وَجَبَ عَلَيْهِ الوُضُوءُ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف جدًّا، وضَعَّفه: ابن عدي، والبيهقي، وابن طاهر المقدسي، وابن الملقن، وابن حجر.

[التخريج]:

[عد (4/ 513) / هقخ 401].

[السند]:

أخرجه ابن عدي - ومن طريقه البيهقي في (الخلافيات) - قال: أنا الحسن بن إسماعيل القاضي، ثنا عيسى بن أبي حرب الصفار، ثنا يحيى بن أبي بُكير، ثنا الربيع بن بدر، عن عوف، عن محمد، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ساقط؛ فيه: الربيع بن بدر، المعروف بـ (عُلَيْلة)، وهو "متروك" كما في (التقريب 1883).

وقال ابن عدي بعد أن ذكر له هذا الحديث وآخَر: "وهذان الحديثان بهذا الإسناد لا يرويهما عن عوف غير الربيع، ولا أعلم رواه عن الربيع غير يحيى بن أبي بُكير"(الكامل 4/ 513).

ثم قال في آخِر ترجمته: "وللربيع بن بدر غير ما ذكرتُ من الحديث، وعامة حديثه ورواياته عمن يَروي عنهم مما لا يتابعه أحد عليه"(الكامل 4/ 518).

ص: 483

وأشار البيهقي إلى إعلال ابن عدي له بتفرد الربيع به، وأقره. انظر (الخلافيات 2/ 136).

وقال ابن طاهر المقدسي: "رواه الربيع بن بدر: عن عوف، عن محمد، عن أبي هريرة. والربيع ضعيف، وليس بشيء"(ذخيرة الحفاظ 200).

وبهذا أعله ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 434).

وقال الحافظ ابن حجر: "ورواه في الخلافيات من طريق آخر عن أبي هريرة، وأعله بالربيع بن بدر عن ابن عدي"(التلخيص 1/ 118). وتبعه المباركفوري في (التحفة 1/ 212).

ص: 484

2171 -

حَدِيثُ مُدْرِكِ بْنِ قرعةَ:

◼ عَنْ مُدْرِكِ بْنِ قرعةَ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نَامَ جَالِسًا)).

[الحكم]:

ضعيف جدًّا.

[التخريج]:

[ضحة (ق 4/ أ)]

[السند]:

أخرجه عبد الملك بن حبيب في (الواضحة - كتاب الوضوء) قال: حدثني هارون الطلحي، عن يحيى بن يزيد النوفلي، عن مدرك بن قرعة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي، ضعيف منكر الحديث، انظر ترجمته في (لسان الميزان 8538).

ومدرك بن قرعة هذا لم نعرفه! ، وهو بلا ريب ليس بصحابي، فيحيى بن يزيد النوفلي بينه وبين الصحابة مفاوز، فالسند معضل كذلك.

ص: 485