‌417 - باب المسح على العصائب والتساخين - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٠

‌

‌417 - بَابُ المَسْحِ عَلَى العَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ

2538 -

حديثُ ثَوْبَانَ:

◼ عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ:((بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، فَأَصَابَهُمُ البَرْدُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى العَصَائِبِ (المُشَاوِذِ) وَالتَّسَاخِينِ)).

‌

‌[الحكم]:

مختلفٌ فيه: فصَحَّحَهُ الحاكم، والنوويُّ، والذهبي، ومغلطاي، والألبانيُّ. وهو ظاهرُ صنيعِ عبدِ الحقِّ الإشبيليِّ، واحتجَّ به أحمدُ.

وضَعَّفَهُ الحافظُ، وتبعه المباركفوريُّ.

والراجحُ: أنه صحيحٌ، والله أعلم.

‌

‌[اللغة]:

* (العَصَائِبُ): "هي كُلُّ مَا عَصَبْتَ بِهِ رَأْسَكَ مِنْ عِمَامَةٍ، أَوْ مِنْدِيلٍ، أَوْ خِرْقَةٍ"(النهاية في غريب الحديث 3/ 244).

* و (المَشَاوِذِ): " العَمَائِمُ، أحدها: مِشْوَذٌ". قاله أبو عبيد عقب الحديث. (غريب الحديث 1/ 238).

* و (التَّسَاخِينُ): "الخِفَافُ، ويقالُ: إن أصلَ ذلك كُلُّ ما يُسَخَّنُ به القَدَمُ من

خُفٍّ، وجَورَبٍ، ونحوه" (معالم السنن 1/ 56).

وقال الإمامُ أحمدُ -بإثره-: "العَصَائِبُ: العَمَائِمُ، والتَّسَاخِينُ: الخِفَافُ". قال: "وبه أقولُ"(مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله 133).

‌

‌[التخريج]:

[د 145 ((واللفظ له)) / حم 22388/ ك 612/ هروي (1/ 237) ((والرواية له)) / عبحم 133/ أثرم 15/ غحر (1/ 301)، (3/ 1033) / ني 642/ طش 477/ هق 292/ بغ 233، 234 ((والرواية له))].

‌

‌[السند]:

أخرجه أحمد (22388) -وعنه أبو داود (145) -، قال: حدثنا يحيى بنُ سَعيدٍ، عن ثَوْرٍ، عن رَاشَدِ بنِ سَعْدٍ، عن ثَوْبَانَ، به.

ورواه أبو عبيدٍ في (غريب الحديث 1/ 237)، عن محمدِ بنِ الحسنِ، عن ثَورٍ، به، بلفظِ:(المُشَاوِذ) بدل (العَصَائِبِ).

ومداره عندهم على ثَوْرِ بنِ يَزِيدَ،

…

به.

‌

‌[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ كُلُّهم ثقاتٌ.

إلا أنه قدِ اخْتُلِفَ في سماعِ رَاشدِ بنِ سَعْدٍ، من ثَوْبَانَ؛ قال أحمدُ:"راشدُ بنُ سَعدٍ لم يسمعْ من ثَوْبَانَ"(العلل ومعرفة الرجال 642)، (المراسيل لابن أبي حاتم 207).

وذكر الخلالُ في (علله) أن أحمدَ قال: "لا ينبغي أن يكونَ راشدُ بنُ سَعدٍ سَمِعَ من ثَوْبَانَ، لأنه ماتَ قديمًا"(الإمام لابن دقيق 1/ 558).

وقال أبو إسحاقَ الحربيُّ: "لم يسمعْ راشدُ بنُ سَعدٍ من ثَوْبَانَ؛ لأن ثوبانَ توفي سنة أربع وخمسين، ورَاشَدٌ توفي سنة ثلاث عشرة ومائة، وبين موتيهما تسع وخمسون سنة"(إكمال تهذيب الكمال 4/ 306)

(1)

.

ولهذا أعلَّه بالانقطاعِ: ابنُ حَجَرٍ في (التلخيص الحبير 1/ 156)، وتبعه المباركفوريُّ في (تحفة الأحوذي 1/ 287)، وقال صاحبُ (فتح الغفار 1/ 97):"وفي إسنادِهِ مقالٌ".

بينما جَزَمَ البخاريُّ في (التاريخ الكبير 3/ 292) أنه سَمِعَ من ثَوْبَانَ، وذَكَرَ بسندٍ صحيحٍ عن صفوانَ بنِ عمرٍو، قال:"ذهبتْ عينُ رَاشدٍ يومَ صِفِّينَ".

وهذا يعني: أنه أدركَ ثَوْبَانَ إدراكًا بَيِّنًا.

ولذا تَعَقَّبَ ابنُ عبدِ الهادي قولَ أحمدَ فقالَ: "وفي هذا القولِ نظرٌ؛ فإنهم قالوا: إنَّ رَاشدًا شَهِدَ مع معاويةَ صِفِّينَ، وثَوبَانُ ماتَ سنة أربع وخمسين، وماتَ راشدٌ سنة ثمان ومائة"(المحرر في الحديث صـ 114).

وقال الذهبيُّ: "وقيل: إنه شَهِدَ صِفِّينَ مع معاويةَ، فإن صحَّ هذا -وهو ممكنٌ- فقد عاشَ نحو التسعين"(سير أعلام النبلاء 4/ 490).

وأجابَ مغلطاي على ذلك، بأمرين: "الأولُ: تصريحُ البخاريِّ بسماعِ رَاشدٍ

منه، وهو مُثْبِتٌ، مُقَدَّمٌ على النافي.

الثاني: إذا نظرنا في مولدِهِ ووفاة ثَوبَانَ وجدنا الأمرَ ما قاله البخاريُّ، لا ما قاله أحمدُ، وذلك أنّه ممن شَهِدَ صِفِّينَ، وبها ذهبتْ عَينُهُ، فيما ذكره غيرُ واحدٍ منَ الأَئمةِ، وثَوبَانُ توفي سنة خمس وأربعين، وقيل: أربع وخمسين. فَسَماعُهُ على هذا ممكنٌ لا شَكَّ فيه، لا سيَّمَا وقد جمعهما بلدٌ واحدٌ" (شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي 2/ 297).

وقال في (الإكمال) -متعقبًا قولَ أحمدَ وغيره-: "وفيه نظرٌ؛ من حيثُ قول أبي داود والبخاريّ: أدركَ صِفِّينَ وذهبتْ عَينُهُ بها. فإذا كان بِصِفِّينَ رجلًا مقاتلًا كيف لا يسمعُ ممن توفي بعد صِفِّينَ بسبعة عشر عامًا، ولهذا إنَّ البخاريَّ لم يَعْتدَّ بها وصَرَّحَ بسماعِهِ منه"(إكمال تهذيب الكمال 4/ 306).

قلنا: بل وثَبَتَ التصريحُ بالسَّماعِ منه؛ فقد أخرجَ البُخَاريُّ في (الأدب المفرد 579) قال: حدثنا إسحاقُ، قال: أخبرنا بقيةُ، قال: حدَّثني صفوانُ، قال: سمعتُ رَاشدَ بنَ سَعدٍ يقولُ: سمعتُ ثَوبَانَ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا ثَوْبَانُ، لا تَسْكُنِ الكُفُورَ، فَإِنَّ سَاكِنَ الكُفُورِ كَسَاكِنِ القُبُورِ» .

وهذا إسنادٌ جيدٌ، وقد رواه البخاريُّ في (الأدب المفرد 579): عن أحمدَ بنِ عاصمٍ الأنطاكيِّ، قال: حدثنا حيوةُ، قال: حدثنا بقيةُ، قال: حدثني صفوانُ، قال: سمعتُ راشدَ بنَ سَعدٍ يقول: سمعتُ ثَوبَانَ يقولُ:

…

، فذكره مثله.

ورواه البيهقيُّ في (شعب الإيمان 7112)، من طريقِ داودَ بنِ رُشيدٍ، عن بقيةَ

…

به، مصرحًا بالتحديثِ أيضًا.

ولهذا صَحَّحَ الحاكمُ حديثنَا، فقالَ:"هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، ولم يخرجاه بهذا اللفظِ، إنما اتفقا على المسحِ على العِمَامَةِ بغيرِ هذا اللفظِ".

وتَعَقَّبَهُ ابنُ عبدِ الهادي فقال: "وفي قوله نَظَرٌ، فإنه من روايةِ ثَورِ بنِ يَزيدَ، عن رَاشدِ بنِ سَعدٍ، عن ثَوبَانَ، وثورٌ لم يروِ له مسلمٌ بل انفردَ به البخاريُّ، وراشدُ بنُ سَعدٍ لم يحتجَّ به الشيخان"(المحرر في الحديث صـ 113 - 114)، ولهذا قال في (تنقيح التحقيق 1/ 213):"ليس كما قال".

وقال الذهبيُّ: "إسنادُهُ قويٌّ، وخَرَّجَهُ الحاكمُ، فقال: على شرطِ مسلمٍ، فأخطأَ، فإنَّ الشيخين ما احتجا برَاشَدٍ، ولا ثور من شرطِ مسلمٍ"(سير أعلام النبلاء 4/ 491).

وصَحَّحَ إسنادَهُ كذلك: النوويُّ في (المجموع 1/ 408)، والألبانيُّ في (صحيح أبي داود 134).

وهو ظاهرُ صنيعِ عبدِ الحقِّ الإشبيليِّ؛ حيثُ قال عقب الحديث: "راشدُ بنُ سَعدٍ ثقةٌ مشهورٌ، قال البخاريُّ: راشدُ بنُ سعدٍ سمعَ ثَوبَانَ"(الأحكام الكبرى 1/ 478).

وقد احْتَجَّ به الإمامُ أحمدُ أيضًا؛ قال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ -عقب الحديث-: سمعتُ أبي يقولُ: "العَصَائِبُ: العَمَائِمُ، وَالتَّسَاخِينُ: الخِفَافُ"، قال أَبي:"وبه أقولُ"(مسائل أحمد رواية عبد الله صـ 35).

‌

‌[تنبيهان]:

الأولُ:

جاء في (الدراية للحافظ 1/ 72): "أخرجه أحمدُ، وأبو داودَ، والحاكمُ،

وإسنادُهُ منقطعٌ، وضَعَّفَهُ البييهقيُّ، وقال البخاريُّ: حديثٌ لا يَصِحُّ"اهـ.

قلنا: وهذا النقلُ عنِ البخاريِّ والبيهقيِّ لا يَصحُّ؛ فلم نقفْ عليه في مَظَانِّهِ، ولا نقله عنهما غيرُ الحافظِ، والذي يبدو أن هناكَ تداخلٌ في الكلامِ -لعلَّه من النُّسَّاخِ-، فهذا كلامهما على حديثِ خُزيمةَ بنِ ثَابتٍ في المسحِ عَلَى الخُفَّينِ، وقد ذَكَرَهُ الحافظُ قبلَ حديثِ ثَوبَانَ هذا، والله أعلم.

الثاني:

جاء في (جامع التحصيل صـ 153) -وتبعه صاحبُ (تحفة التحصيل صـ 46) -:

أن ثورَ بنَ يزيدَ روى عن رَاشدِ بنِ سَعدٍ، عن مالكِ بنِ يُخامِرَ، قَالَ:«رَأَيْتُ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ يَقْتُلُ القَمْلَ وَالبَراغِيثَ في الصَّلَاةِ» . وقال العلائيُّ بإثرِهِ: "قال أحمدُ بنُ حَنبلٍ: ثَورٌ لم يسمعْ من رَاشدٍ شيئًا".اهـ.

وهذا النقلُ يبدو أن فيه وهمًا؛ فلم نجدْ هذا النقلَ عند غيرِ العلائيِّ رحمه الله، وأثرُ معاذٍ المذكور، رواه ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 7560): عن وكيعٍ، قال: حدثنا ثور الشاميُّ، عن راشدِ بنِ سعدٍ، عن مالكِ بنِ يُخامر، قال ثور مرة: راشد بن سعد، أو غيره.

فلعلَّ الصواب في كلامِ أحمدَ: لم يسمعه من راشدٍ، يعني: هذا الأثر بعينه، وليس مطلقًا، وإلا فثور مشهور بالرواية عن راشد بن سعد، وقد صَرَّحَ بالسماعِ منه في غيرِ ما حديثٍ، منها ما رواه أحمدُ -نفسُهُ- في (المسند 19075) قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ثور، قال: حدثنا راشد بن سعد

…

الحديث.

فهل يَشُكُّ أحمدُ في سماعِهِ منه، بعد روايتِهِ ذلك عن شيخِهِ الحافظِ الثبتِ

يحيى بن سعيد القطان؟! وقد تابعه غيرُ واحدٍ.

وقد أدركَ ثورٌ راشدًا أكثر من (خمس وعشرين عامًا) في بلدٍ واحدٍ.

وقد جَزَمَ بسماعِ ثورٍ من رَاشدٍ: الإمامُ البخاريُّ في (التاريخ الكبير 2/ 182)، وتبعه أبو أحمدَ الحاكمُ في (الكنى 4/ 257). فهو الصوابُ، والله أعلم.

* * *

2539 -

حديثُ أَبِي أُمَامَةَ:

◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ لَمَّا رَمَاهُ ابنُ قَمِئَةَ يَوْمَ أُحُدٍ، رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَوَضَّأَ حَلَّ عَنْ عِصَابَتِهِ وَمَسَحَ عَلَيْهَا بِالوَضُوءِ» .

‌

‌[الحكم]:

ضعيف، وضَعَّفَهُ الهيثميُّ، وابنُ حَجَرٍ.

‌

‌[التخريج]:

[طب (8/ 131/ 7597) / طش 454، 3432].

‌

‌[السند]:

قال الطبرانيُّ: حدثنا إسحاق بن داود الصواف، ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل، ثنا حفص بن عمر، ثنا ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، ومكحول، عن أبي أمامة

…

به.

‌

‌[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: حفصُ بنُ عمرَ العدنيُّ، وهو:"ضعيفٌ" كما في (التقريب 1426).

وبه ضَعَّفَهُ الهيثميُّ فقال: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه حفصُ بنُ عمرَ العدنيُّ، وهو ضعيفٌ"(مجمع الزوائد 1430).

ولذا قال ابنُ حَجَرٍ: "إسنادُهُ ضعيفٌ، وأبو أمامةَ لم يشهدْ أُحدًا"(التلخيص الحبير 1/ 260).

قلنا: وشيخُ الطبرانيِّ: (إسحاقُ بنُ داودَ الصَّوَّافُ)، لم نقفْ له على ترجمةٍ. وانظر:(إرشاد القاصي والداني 273).

* * *

2540 -

حديثُ جَابِرٍ:

◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ، فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى المَاءِ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ:«قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؟ فَإِنَّمَا شِفَاءُ العِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ -شَكَّ مُوسَى- عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» .

‌

‌[الحكم]:

ضعيفٌ مُعَلٌّ.

وأعلَّهُ: الدارقطنيُّ -ووافقه البيهقيُّ، وابنُ عبدِ الهادي، وأبو محمد الغَسَّانيُّ-.

وضَعَّفَهُ: عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ -ووافقه ابنُ القطانِ-، والزركشيُّ، والذهبيُّ، وابنُ التركماني، وصدرُ الدينِ المناويُّ، وابنُ حَجَرٍ، والعينيُّ، والملا علي القاري، والصنعانيُّ، والشوكانيُّ، والعظيمُ آبادِي، والرحمانيُّ المباركفوريُّ، والألبانيُّ.

‌

‌[التخريج]:

[د 335/ قط 729/ هق 1089، 1091/

…

].

سيأتي تخريجه وتحقيقه مع شواهده في باب: "التيمم للمريض إذا لم يقدر على استعمال الماء"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *