المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌413 - باب المسح على الجوربين - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٠

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أَبْوَابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّينِ وَالجَورَبَيْنِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌405 - بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّينِ فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ

- ‌406 - بَابُ أَوَّلُ مَنْ لَبِسَ الخُفَّينِ فِي الإِسْلَامِ

- ‌407 - بَابُ الخُفِّ الذِي مَسَحَ عَلَيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌408 - بَابُ كَيْفِيَّةِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّينِ

- ‌409 - بَابُ مُدَّةِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّينِ لِلمُسَافِرِ، وَالمُقِيمِ

- ‌410 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْكِ التَّوْقِيتِ فِي المَسْحِ

- ‌411 - بَابُ لُبْسِ الخُفَّينِ عَلَى طَهَارَةٍ

- ‌412 - بَابُ مَنْ نَزَعَ خُفَّهُ وَغَسَلَ قَدَمَيهِ

- ‌413 - بَابُ المَسْحِ عَلَى الجَورَبَينِ

- ‌414 - فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فِي المَسْحِ عَلَى الجَورَبَينِ

- ‌415 - بَابُ المَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ

- ‌416 - بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي النَّعْلَيْنِ وَلا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ

- ‌417 - بَابُ المَسْحِ عَلَى العَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ

- ‌418 - بَابُ المَسْحِ عَلَى الجَبَائِرِ

الفصل: ‌413 - باب المسح على الجوربين

‌413 - بَابُ المَسْحِ عَلَى الجَورَبَينِ

2516 -

حديثُ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ:

◼ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى الجَورَبَينِ وَالنَّعْلَينِ)).

[الحكم]:

مختلفٌ فيهِ،

فضَعَّفَهُ: سفيانُ الثوريُّ، وعبدُ الرحمنِ بنُ مَهْديٍّ، ويحيى القطانُ، ويحيى بنُ مَعِينٍ، وعليُّ بنُ المدينيِّ، وأحمدُ، ومسلمٌ، وأبو داودَ، والنسائيُّ، والعقيليُّ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وابنُ العربيِّ، والمنذريُّ، والنوويُّ، وابنُ القيمِ، وابنُ الوزيرِ، والمباركفوريُّ، والكشميريُّ.

وصَحَّحَهُ: الترمذيُّ، وابنُ خُزيمةَ، وابنُ حِبانَ، وابنُ حزمٍ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ التركمانيِّ، ومغلطاي، والزركشيُّ، والعينيُّ، والقاسميُّ، وأحمد شاكر، والألبانيُّ.

والراجح: أنه شَاذٌّ معلولٌ، كما ذهبَ إليه جمهورُ الأَئمةِ.

[الفوائد]:

قال أبو داود -عقبه-: "ومَسَحَ عَلَى الجَورَبَينِ: عليُّ بنُ أبي طَالبٍ، وأبو مَسعودٍ، والبراءُ بنُ عَازبٍ، وأنسُ بنُ مَالكٍ، وأبو أُمامةَ، وسهلُ بنُ سعدٍ، وعمرُو بنُ حُريثٍ، ورُوِيَ ذلك عن عمرَ بنِ الخطابِ، وابنِ عباسٍ رضي الله عنهم"

ص: 581

(السنن 158).

وقال الترمذيُّ -عقبه-: "وهو قولُ غيرِ واحدٍ من أهلِ العلمِ، وبه يقولُ: سفيانُ الثوريُّ، وابنُ المباركِ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، قالوا: يَمْسَحُ عَلَى الجَورَبَينِ وإن لم يكن نَعْلَينِ، إذا كانا ثَخِينَينِ"(السنن 100).

قال المباركفوريُّ: " (إذا كانا ثَخِينَينِ)، أي: غَلِيظَينِ

، وعُلِمَ مِن هذا القَيدِ أن الجوربينِ إذا كانا رَقِيقَينِ لا يَجوزُ المسحُ عليهما عندَ هؤلاءِ الأئمةِ، وبقولهم قال صاحبا أبي حنيفة؛ أبو يوسف، ومحمد" (تحفة الأحوذي 1/ 278).

قال ابنُ المنذرِ: "اختَلَفَ أهلُ العلمِ في المسحِ عَلَى الجوربينِ:

فقالتْ طائفةٌ: يَمسَحُ عَلَى الجَورَبَينِ، رُوِيَ إباحة المسحِ عليهما عن تسعةٍ من أصحابِ النبيِّ عليه السلام: عليٍّ، وعَمَّارٍ، وأبي مسعودٍ، وأنسٍ، وابنِ عمرَ، والبراءِ بنِ عَازبٍ، وبِلالٍ، وأبي أُمامةَ، وسهلِ بنِ سعدٍ، وقال بهذا القول: عطاءٌ، والحسنُ، وابنُ المسيّبِ، كذلك قالا: إذا كانا صَفِيقَينِ، وبه قال: النخعيُّ، وابنُ جُبيرٍ، والأعمشُ، وسفيانُ، وابنُ حَيٍّ، وابنُ المباركِ، وزُفرُ، وأحمدُ، وإسحاقُ. قال أحمدُ: قد فَعَلَهُ سبعةٌ أو ثمانيةٌ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقال إسحاقُ: مضتِ السُّنَّةُ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم منَ التابعينَ في المسحِ عَلَى الجَورَبَينِ، لا اختلافَ بينهم في ذلك، وقال أبو ثورٍ: يمسحُ عليهما إذا كانا يمشي فيهما، وكذلك قال يعقوبُ، ومحمدٌ: إذا كانا ثَخِينَينِ لا يَشِفَّانِ.

وأنكرتْ طائفةٌ المسحَ على الجَورَبَينِ، وكرهته، وممن كَرِهَ ذلك ولم يَرَهُ: مالكٌ، والأوزاعيُّ، والشافعيُّ، والنُّعْمَانِ، وهذا مذهبُ عطاءٍ، وهو آخرُ

ص: 582

قوليه، وبه قال: مجاهدٌ، وعمرُو بنُ دِينارٍ، والحسنُ بنُ مُسلمٍ" (الأوسط 2/ 115 - 119).

وما نقله ابنُ المنذرِ عنِ الشافعيِّ، خِلَافُ ما نقله الترمذيُّ، وَنَصّ الشافعيّ في (مختصر المزنيِّ (8/ 102):"ولا يمسحُ عَلَى الجَورَبَينِ إلا أن يكونَ الجَورَبَانِ مجلدي القدمينِ إلى الكعبينِ، حتَّى يَقُومَا مقام الخُفَّينِ".

قلنا: وقد يشهدُ للمسحِ عَلَى الجَورَبَينِ حديثُ ثوبانَ رضي الله عنه، قال:((بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، فَأَصَابَهُمُ البَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى العَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ)). أخرجه أحمد (22388) -وعنه أبو داود (146) - قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن ثوبان

به

(1)

.

وهذا إسنادٌ صحيحٌ. وأصلُ التَّسَاخِينِ: "كُلُّ ما يُسَخَّنُ به القَدَمُ مِن خُفٍّ وجَورَبٍ ونحوه" قاله الخطابيُّ في (معالم السنن 1/ 56).

[التخريج]:

[د 157 ((واللفظ له)) / ت 100/ كن 160/ جه 560/ حم 18206/ خز 210/ حب 1333/ ش 1985، 37506/ حميد 398/ تمييز 79/ طوسي 81/ منذ 486/ طح (1/ 97) / عق (1/ 337) / طب (20/ 415/ 996) / طس 2645/ محد (4/ 13) / عيل 327/ هق 1363، 1364/ محلى (2/ 81 - 82) / تحقيق 248].

[السند]:

قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن سفيان، عن

(1)

وسيأتي تخريجه وتحقيقه - قريبًا - في باب: "المسح على العصائب والتساخين".

ص: 583

أبي قيس الأودي، عن هزيل بن شرحبيل، عن المغيرة بن شعبة

به.

ومدار إسنادِهِ عندَ الجميعِ -عدا (أبا الشيخ، والإسماعيلي) - على سفيانَ الثوريِّ، عن أبي قيسٍ الأوديِّ

به.

قال الإمامُ أحمدُ: "ليس يُرْوَى هذا إلا من حديثِ أبي قيسٍ"(العلل ومعرفة الرجال رواية عبد الله 5612).

وقال الطبرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديث عن أبي قيسٍ إلا سفيان".

وكذا قال غيرُ واحدٍ من الأئمةِ كما سيأتي في التحقيقِ.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ إلا أبا قيسٍ الأوديَّ، وهو عبدُ الرحمنِ بنُ ثَرْوَانَ، وهو مختلفٌ فيه: احتجَّ به البخاريُّ، ووَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، وابنُ حِبانَ، والدارقطنيُّ، وابنُ نُميرٍ، وقال العجليُّ:"ثقةٌ ثبتٌ"، وقال النسائيُّ:"ليس به بأس".

بينما ضَعَّفَهُ أحمدُ فقال: "لا يُحتجُّ به"، وقال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ: سألتُ أَبي عنه، فقال: هو كذا وكذا -وحَرَّكَ يَدَهُ-، وهو يخالفُ في أحاديث"، وقال في روايةٍ: "ليس به بأس"، وقال أبو حاتم: "ليس بقويٍّ، هو قليلُ الحديثِ، وليسَ بحافظٍ، قيل له: كيف حديثُهُ؟ فقال: صالحٌ هو، لينُ الحديثِ"، وذكره العقيليُّ في (الضعفاء). (تهذيب التهذيب 6/ 153). وقال البزارُ: "ليس بالقويِّ" (مسند البزار 5/ 415).

ولخَّصَ ابنُ حَجَرٍ حالَهُ فقال: "صدوقٌ ربما خَالَفَ"(التقريب 3823)، وقال أيضًا:"تَكَلَّمُوا في بعضِ حديثِهِ"(فتح الباري 1/ 462).

فمثله لا يحتمل منه أن يَنْفَرِدَ بحُكمٍ من الأحكامِ التي تحتاجُ إليها الأُمةُ، لذلك قال الإمامُ مسلمٌ -مضعفًا خَبَرَهُ هذا-: "أبو قيسٍ الأوديُّ، وهزيلُ بنُ

ص: 584

شُرَحبِيلَ لا يحتملان هذا" (السنن الكبرى للبيهقي 2/ 340).

قلنا: وقد انفردَ بذكرِ المسحِ عَلَى الجَورَبَينِ من حديثِ المغيرةِ بنِ شعبةَ، ولم يُتَابعْ عليه، بل خَالفَ جميعَ مَن روى الحديثَ عنِ المغيرةِ في المسحِ عَلَى الخُفَّينِ، وذكر هو المسح على الجوربين.

وممن خالفهم:

1 -

عروةُ بنُ المغيرةِ بنِ شعبةَ، كما عند البخاريِّ (182، 203، 206، 5799)، ومسلمٍ (274).

2 -

مسروقُ بنُ الأَجدعِ، كما عند البخاريِّ (363، 388، 2918، 5798)، ومسلمٍ (274).

3 -

الأسودُ بنُ هلالٍ، كما عند مسلمٍ (274).

4 -

حمزةُ بنُ المغيرةِ بنِ شعبةَ، كما عند مسلمٍ (274).

5 -

الشَّعْبِيُّ عامرُ بنُ شَراحيل، كما عند أحمدَ في (مسنده 18141)، وغيره.

6 -

أَبو سلمةَ بنُ عبدِ الرحمنِ، كما في (سنن النسائي 17)، و (مسند أحمد 18171).

7 -

عمرُو بنُ وَهْبٍ الثقفيُّ، كما في (سنن النسائي 114)، و (مسند أحمد 18134، 18182)، و (صحيح ابن خزيمة 1727)، وغيرهم.

8 -

أبو السَّائبِ مولى هشامِ بنِ زُهرةَ، كما في (مسند أحمد 18229)، وغيره.

9 -

عليُّ بنُ ربيعةَ الأسديُّ، كما في (مصنف ابن أبي شيبة 1888)،

ص: 585

وغيره.

10، 11 - سالمُ بنُ أبي الجعدِ، وأبو سفيانَ طلحةُ بنُ نافعٍ، كما في (مصنف بن أبي شيبة 1867)، و (المعجم الكبير للطبراني 20/ 407/ 972).

12 -

قَبيصةُ بنُ برمةَ الأسديُّ، كما في (مسند أحمد 18170)، و (المعجم الكبير للطبراني 20/ 418/ 1007)، وغيرهم.

13 -

عبدُ الرحمنِ بنُ أبي نَعَم، كما في (سنن أبي داود 155)، و (مسند أحمد 18145، 18220)، وغيرهم.

14 -

بشرُ بنُ قُحَيفٍ، كما في (المعجم الكبير للطبراني 20/ 410، 411/ 984، 985).

15 -

سَعْدُ بنُ عُبَيدَةَ، كما في (المعجم الكبير للطبراني 20/ 415/ 997).

16 -

وَرَّادٌ كاتبُ المغيرةِ، كما في (سنن أبي داود 164)، و (جامع الترمذي 97)، و (مسند أحمد 18197)، و (المعجم الكبير للطبراني 20/ 390/ 923)، وغيرهم.

17 -

عبدُ اللهِ بنُ بُريدةَ بنِ الحصيبِ، كما في (المعجم الكبير للطبراني 20/ 418/ 1006)، وفي (المعجم الأوسط 8105).

18 -

زيادُ بنُ عِلاقةَ، كما في (المعجم الكبير للطبراني 20/ 422/ 1018).

19 -

فَضَالَةُ بنُ عَمْرٍو الزَّهْرَانِيُّ كما في (المعجم الكبير للطبراني 20/ 425/ 1028، 1029).

ص: 586

20 -

جُبَيرُ بنُ حَيَّةَ، كما في (المعجم الكبير للطبراني 20/ 432/ 1050)، وفي (الأوسط 5139).

21 -

أبو إدريسٍ الخَولَانِيُّ، كما في (المعجم الكبير للطبراني 20/ 444/ 1085).

22 -

الأَسْوَدُ بنُ يَزِيدَ، كما في (المعجم الأوسط 1299).

23 -

الحَسَنُ البَصْرِيُّ، كما في (سنن أبي داود 149)، و (مصنف ابن أبي شيبة 1969)، و (المعجم الكبير للطبراني 20/ 432/ 1051)، و (المنتقى لابن الجارود 83).

24 -

زُرَارَةُ بنُ أَبي أَوفَى، كما في (سنن أبي داود 149)، و (المعجم الكبير للطبراني 20/ 432/ 1051).

25 -

أبو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، كما في (المعجم الكبير للطبراني 20/ 418/ 1005).

وثَمَّ طرقٌ أُخرَى لم نذكرْهَا خشيةَ الإطالةِ.

فروى هؤلاءِ جميعًا الحديثَ عنِ المغيرةِ (في المسحِ عَلَى الخُفَّينِ)، وخالفهم أبو قيسٍ الأوديُّ، فرواه عن هُزيلِ بنِ شُرَحْبِيلَ، عنِ المغيرةِ (في المسحِ عَلَى النَّعْلَينِ والجَورَبَينِ).

مما جَعَلَ أكثر الأئمةِ النُّقَّادِ ينكرون على أبي قَيسٍ رِوَايتَهُ لهذا الحديثِ، وهم:

1 -

الثوريُّ. قال عبدُ اللهِ بنُ المباركِ: "عرضتُ هذا الحديثَ -يعني: حديثَ المغيرةِ من روايةِ أبي قَيسٍ- على الثوريِّ، فقال: لم يَجِيءَ به غيرُهُ فَعَسَى أن يكونَ وهمًا"(التمييز لمسلم صـ 203 - 204).

ص: 587

وقال عبدُ الرحمنِ بنُ مَهديٍّ: "قلتُ لسفيانَ الثوريِّ: لو حَدَّثْتَني بحديثِ أبي قَيسٍ، عن هُزيلٍ ما قَبِلْتُهُ منكَ. فقال سفيانُ: الحديثُ ضعيفٌ، أو وَاهٍ، أو كلمة نحوها"(السنن الكبرى للبيهقي 2/ 341).

2 -

يحيى بنُ سعيدٍ القطانُ. قال البخاريُّ: "وكان يحيى يُنكرُ على أبي قَيسٍ حديثين، وذكر منها حديثَهُ عن هُزيلٍ هذا"(التاريخ الكبير 3/ 137).

3 -

عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْديٍّ. قال الإمامُ أحمدُ: "أَبَى عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْديٍّ أن يُحَدِّثَ به، يقول: هو منكرٌ"(العلل ومعرفة الرجال رواية عبد الله 5612).

وفي (السنن الكبرى للبيهقي 2/ 341): "قال عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْديٍّ: قلتُ لسفيانَ الثوريِّ: لو حَدَّثْتَني بحديثِ أبي قَيسٍ، عن هُزيلٍ، ما قَبِلْتُهُ منك".

وقال أبو داود عقب الحديث: "كان عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْديٍّ لا يُحَدِّثُ بهذا الحديثِ؛ لأنَّ المعروفَ عنِ المغيرةِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الخُفَّينِ"(السنن).

4 -

الإمامُ أحمدُ. قال الميمونيُّ: "سمعتُ أحمدَ بنَ حَنبلٍ، وسُئِلَ عن حديثِ أبي قيسٍ الأَوديِّ، مما روى عنِ المغيرةِ بنِ شعبةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه مَسَحَ عَلَى النَّعْلَينِ، والجَورَبَينِ، فقالَ لي: المعروفُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه مَسَحَ عَلَى الخُفَّينِ، ليس هذا إلا من أبي قَيسٍ، إن له أشياء مناكير"(العلل ومعرفة الرجال، رواية المروذيِّ وغيره 417).

وقال مهنا: "سألتُ أحمدَ عن حديثِ سفيانَ، عن أبي قَيسٍ عبدِ الرحمنِ بنِ ثَرْوَانَ، عن هُزيلٍ؟ فقال: أحاديثُ أبي قَيسٍ ليستْ صحيحةً، المعروف عنِ المغيرةِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الخُفَّينِ"(شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 277).

ص: 588

وفي كتابِ (العلل) للخَلَّالِ: "أنبأ المروذيُّ أنَّ أبا عبدِ اللهِ ذكرَ أَبا قَيسٍ، فقال: ليسَ به بأس، قد أنكروا عليه حديثين، أحدهما: حديث المغيرةِ في المسحِ"(شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 277).

5 -

عليُّ بنُ المدينيِّ. حيثُ قالَ: "حديثُ المغيرةِ بنِ شعبةَ في المسحِ، رواه عنِ المغيرةِ أهلُ المدينةِ، وأهلُ الكوفةِ، وأهلُ البصرةِ، ورواه هزيلُ بنُ شُرَحْبِيلَ، عنِ المغيرةِ، إلا أنه قال: "وَمَسَحَ عَلَى الجَورَبَينِ"، وخَالفَ الناسَ"(السنن الكبرى للبيهقي 2/ 341 - 342).

6 -

يحيى بنُ مَعِينٍ. حيثُ قال عن هذا الحديثِ: "النَّاسُ كُلُّهم يروونه عَلَى الخُفَّينِ غير أبي قَيسٍ"(السنن الكبرى للبيهقي 2/ 342).

7 -

مسلمُ بنُ الحَجَّاجِ. حيثُ قال في (التمييز): "ذِكْرُ خَبرٍ ليسَ بمحفوظِ المتنِ"، فأسندَ هذا الحديثَ، ثم ذَكَرَ بعضَ طرقِ حديثِ المغيرةِ بنِ شعبةَ في المسحِ عَلَى الخُفَّينِ، ثُمَّ قَالَ: "قد بَيَّنَّا مَن ذَكَرَ أسانيدَ المغيرةِ في المسحِ بِخِلَافِ ما روى أبو قَيسٍ، عن هُزيلٍ، عنِ المغيرةِ ما قد اقْتَصَصْنَاهُ، وهم منَ التابعينَ وأجلتهم مثل: مسروق

"، وذَكَرَ جَماعةً ممن تقدَّمَ ذكرُهُم، ثُمَّ قال: "فكلُّ هؤلاءِ قدِ اتَّفَقُوا عَلَى خِلافِ روايةِ أَبي قَيسٍ عن هُزيلٍ، ومن خَالفَ خلاف بَعْضِ هؤلاءِ بين لأهلِ الفهمِ منَ الحفظِ في نقلِ هذا الخبرِ وتحمّل ذلك، والحَمْلُ فيه عَلَى أَبي قَيسٍ أشبه وبه أَولى منه بهُزيلٍ؛ لأن أبا قَيسٍ قدِ استنكرَ أهلُ العلمِ من روايتِهِ أَخبارًا غير هذا الخبر سنذكرها في مواضعها، إن شاء الله" (التمييز صـ 202 - 203).

وقال مسلمٌ أيضًا: "أبو قَيسٍ الأَوديُّ، وهزيلُ بنُ شُرَحْبِيلَ، لا يحتملان هذا مع مخالفتهما الأجلة الذين رووا هذا الخبر عنِ المغيرةِ، فقالوا: مَسَحَ عَلَى الخُفَّينِ". وقال: "لا نتركُ ظاهرَ القرآنِ بمثلِ أبي قَيسٍ، وهُزيلٍ" (السنن

ص: 589

الكبرى للبيهقي 2/ 341).

8 -

النسائيُّ. حيثُ قال عقبه: "ما نَعْلَمُ أنَّ أحدًا تابعَ أبا قَيسٍ عَلَى هذه الروايةِ، والصحيحُ عنِ المغيرةِ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الخُفَّينِ"(السنن الكبرى 160).

9 -

أبو داود. حيثُ قال عقب الحديث: "كان عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْديٍّ لا يُحَدِّثُ بهذا الحديثِ؛ لأن المعروفَ عنِ المغيرةِ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الخُفَّينِ"(السنن 2/ 140).

10 -

العقيليُّ. حيثُ ذَكَرَ هذا الحديثَ في ترجمةِ أبي قَيسٍ، ونقلَ عن أحمدَ أنه سُئِلَ عن أبي قَيسٍ عبدِ الرحمنِ بنِ ثَرْوَانَ؟ فقال:"هو كذا وكذا، وحَرَّكَ يَدَهُ، وهو يخالفُ في أحاديث"، ثم ذكر هذا الحديثَ وقال:"والروايةُ في الجَورَبَينِ فيها لِينٌ"(الضعفاء 2/ 448).

11 -

الدارقطنيُّ. حيثُ قال: "لم يروه غير أبي قَيسٍ، وهو مما يغمز عليه به؛ لأن المحفوظَ عنِ المغيرةِ المَسْحُ عَلَى الخُفَّينِ"(العلل 1240).

12 -

البيهقيُّ. قال: "وذاكَ الحديثُ منكرٌ، ضَعَّفَهُ سفيانُ الثوريُّ، وعبدُ الرحمنِ بنُ مَهْديٍّ، وأحمدُ بنُ حنبلٍ، ويحيى بنُ مَعِينٍ، وعليُّ بنُ المدينيِّ، ومسلمُ بنُ الحَجَّاجِ، والمعروفُ عنِ المغيرةِ، حديثُ المسحِ عَلَى الخُفَّينِ"(معرفة السنن 2/ 121).

وضَعَّفَ الحديثَ أيضًا:

13 -

ابنُ العربيِّ في (عارضة الأحوذي 1/ 148).

14 -

المنذريُّ في (مختصر أبي داود 1/ 121).

ص: 590

15 -

النوويُّ في (المجموع 1/ 500)، وفي (الخلاصة 251).

16 -

ابنُ الوزير في (الروض الباسم 2/ 200).

وكذا ضَعَّفَهُ غيرُ واحدٍ كما سيأتي.

* بينما ذَهَبَ آخرون إلى تصحيحِ الحديثِ:

فجمعوا بين هذا الحديثِ وأحاديث المسحِ؛ بأنَّ ذلك أَمْرًا زائدًا على روايةِ الجماعةِ، والزيادةُ منَ الثقةِ مقبولةٌ، مع احتماليةِ تَعَدُّدِ القِصَّةِ، وذلك لمجيئِهِ من طريقٍ مستقلٍ عن هُزيلٍ لم يُشاركِ المشهور في المسحِ، فمخالفةُ أبي قَيسٍ للجماعةِ ليستْ بعلةٍ قادحةٍ.

ولهذا قال الترمذيُّ: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"(الجامع 1/ 167)، وأقرَّهُ ابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 1/ 216).

وصَحَّحَهُ ابنُ خُزيمةَ، وابنُ حِبانَ في (صحيحيهما)، وابنُ حزمٍ حيثُ ذكره في (المحلى 2/ 81 - 82)، مصححًا له ومُحتَجًّا بِهِ.

وصَحَّحَهُ ابنُ التركمانيِّ -مُتَعَقِّبًا البيهقيَّ في تضعيفِهِ- فقال: "هذا الخبرُ أخرجه أبو داود وسكتَ عنه، وصَحَّحَهُ ابنُ حِبانَ، وقال الترمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وأبو قَيسٍ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ ثَرْوَانَ وَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، وقال العجليُّ: ثقةٌ ثبتٌ، وهزيلٌ وَثَّقَهُ العجليُّ، وأخرجَ لهما معًا البخاريُّ في (صحيحه)، ثم إنهما لم يخالفا الناس مخالفة معارضة؛ بل رويا أَمْرًا زَائدًا عَلَى ما رووه بطريقٍ مستقلٍ غير معارض، فيحمل على أنَّهما حديثان، ولهذا صَحَّحَ الحديثَ كما مرَّ"(الجوهر النقي 1/ 284).

وقال ابنُ دَقِيقِ العِيدِ: "مَن صَحَّحَهُ يعتمدُ بعدَ تعديلِ أبي قَيسٍ على كونِهِ ليسَ مخالفًا لروايةِ الجمهورِ عنِ المغيرةِ مخالفة معارضة، بل هو أَمْرٌ زَائِدٌ

ص: 591

على ما رووه، ولا يُعَارِضُهُ ولا سيَّما وهو طريقٌ مستقلٌ بروايةِ هُزيلٍ، عنِ المغيرةِ، لم يُشَاركِ المشهوراتِ في سَنَدِهَا" (الإمام 2/ 203).

وقال مغلطاي: "ولقَائِلٍ أنْ يقولَ: أبو قَيسٍ عبدُ الرحمنِ بنُ ثَرْوَانَ، وهُزيلٌ حديثُهُمَا في (صحيح البخاري)، ووَثَّقَهُما غيرُ واحدٍ، وما رَوَيَاهُ هنا ليسَ مخالفًا لروايةِ الجمهورِ عنِ المغيرةِ مخالفة معارضة؛ بل هو أَمْرٌ زائدٌ على ما رووه، ولا يعارضه، لكونه طريقًا مستقلًا على حِدَةٍ لم يشاركِ المشهورينَ في سندها، فيَترجَّحُ قولُ المصححينَ لهذه العلةِ، والله أعلم"(شرح ابن ماجه 2/ 279 - 280).

وقال الزركشيُّ: "وهذا كلُّه لا ينبغي أن يُرَدَّ به الحديثُ، إذ لا مانعَ من روايةِ المغيرةِ اللفظين معًا، ولهذا قال به أحمدُ، وبَنَى عليه مَذْهَبَهُ، ثم قد عَضَّدَهُ فِعْلُ الصحابةِ، فقال أحمدُ -في رواية الميموني-: قد فعله سبعةٌ، أو ثمانيةٌ، من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم"(شرح الزركشي على مختصر الخرقي 1/ 399).

وقال بدرُ الدينِ العينيُّ: "إنه ليسَ فيه مخالفة، بل أَمْرٌ زائِدٌ مستقلٌ، فلا يُكَابِرُ في هذه الأسانيدِ متعصبٌ"(البناية شرح الهداية 1/ 610).

وقال القاسميُّ: "وتصحيحُ الترمذيِّ مُقَدَّمٌ على تضعيفِ غيرِهِ؛ لأن الترمذيَّ من الطبقةِ التي تأخَّرَتْ عن تلك، ووَقَفَتْ على كلِّ ما قِيلَ فيه، ورَأَتْ أنَّ الحقَّ في تصحيحِهِ"(المسح على الجوربين للقاسمي صـ 29).

وقال أحمد شاكر: "والحديثُ صحيحٌ، وإسنادُهُ كلُّهم ثقاتٌ"(المسح على الجوربين صـ 7).

وقال: "الصوابُ صنيع الترمذيِّ في تصحيحِ هذا الحديثِ، وهو حديثٌ

ص: 592

آخرُ غير حديث المسح على الخُفَّينِ، وقد روى الناسُ عنِ المغيرةِ أحاديثَ المسحِ في الوضوءِ، فمنهم من روى المسحَ على الخُفَّينِ، ومنهم من روى المسحَ على العِمامةِ، ومنهم من روى المسحَ على الجَورَبَينِ، وليس شئٌ منها بمخالفٍ للآخرِ، إذ هي أحاديث متعددة، وروايات عن حوادث مختلفةٍ، والمغيرةُ صَحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نحو خمس سنين، فمن المعقولِ أن يَشْهَدَ منَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقائعَ متعددةً في وضوئِهِ ويحكيها، فيسمع بعضَ الرواةِ منه شيئاً آخر، وهذا واضح بديهي" (حاشية الترمذي 1/ 168)، (المسح على الجوربين صـ 10).

وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في (صحيح أبي داود 1/ 274).

وقال في (تمام المنة 1/ 112 - 113): "فأنتَ تَرَى أن أبا داودَ إنما ضَعَّفَهُ لا لعلةٍ في سندِ الحديثِ، بل لمخالفته للمعروف عنِ المغيرةِ من مسحه صلى الله عليه وسلم عَلَى الخُفَّينِ، ولا يَخْفَى على العاقلِ أن هذا ليس بعلةٍ تَقْدَحُ في صحةِ الحديثِ؛ لأنَّ ثُبُوتَ مَسْحِهِ صلى الله عليه وسلم على الخُفَّينِ لا يَنْفِي ثبوتَ مَسْحِهِ صلى الله عليه وسلم على الجَورَبَينِ والنَّعْلَينِ، فإذا روى هذا عنِ المغيرةِ ثقةٌ وَجَبَ الأَخْذُ به لعدمِ منافاته لما رواه غيرُهُ عنِ المغيرةِ منَ المسحِ على الخُفَّينِ، والواقعُ أن رواةَ هذا الحديثِ كُلُّهم رواةً ثقات، وإسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ البخاريِّ"اهـ. وانظر: (إرواء الغليل 1/ 137).

قلنا: أما الجوابُ على قولِ ابنِ التركمانيِّ: أن أبا قَيسٍ وَثَّقَهُ جماعةٌ وأخرجَ له البخاريُّ؛ بأنَّ احتجاجَ البخاريِّ بحديثِ أبي قَيسٍ هو فيما لم يخالفْ ولم ينكرْ عليه ولم يتبينْ خطؤُهُ فيه، والبخاريُّ نَفْسُهُ نقَل في (التاريخ الكبير) استنكارَ يحيى لبعضِ الأحاديثِ على أبي قَيسٍ منها حديثُ الجوربينِ هذا.

قال ابنُ حَجَرٍ: "وألزمَ الإسماعيليُّ البخاريَّ تخريجَ هذا الحديث،

ص: 593

قلت (أي: ابن حجر): وكلامُ أبي داود يُشْعِرُ بأنه معلولٌ، فكأنَّ البخاريَّ لم يخرجه لذلك" (النكت الظراف 8/ 493).

كما أنَّ الإمامَ أحمدَ ذَكَرَ في رواية له: "أنه لا بأسَ به"، ومع ذلك عَدَّهُ من مناكيرِهِ.

وأما الجوابُ عن تصحيحِ الترمذيِّ: فقد قال النوويُّ: "وهؤلاء هم أعلامُ أئمةِ الحديثِ، وإن كان الترمذيُّ قال: حديثٌ حسنٌ، فهؤلاء مُقَدَّمُونَ عليه، بل كلُّ واحدٍ من هؤلاءِ لوِ انْفَرَدَ قُدِّمَ على الترمذيِّ باتفاقِ أهلِ المعرفةِ"(المجموع 1/ 500).

وقال في (الخلاصة 1/ 129): "اتَّفَقَ الحفاظُ على تضعيفِهِ، ولا يُقْبَلُ قولُ الترمذيِّ إنه: حسنٌ صحيحٌ".

وقال المباركفوريُّ: "اعلمْ أنَّ الترمذيَّ حسَّنَ حديثَ البابِ وصَحَّحَهُ، ولكنَّ كثيرًا من أئمةِ الحديثِ ضَعَّفُوهُ"(تحفة الأحوذي 1/ 278).

فقد نصَّ أكثرُ الحفاظِ على تضعيفِ الحديثِ مخالفينَ للترمذيِّ في ذلك، وهذا مما يُؤكِّدُ على تساهلِ الترمذيِّ في تصحيحِهِ لبعضِ الأحاديثِ.

وقد ذكرَ الذهبيُّ في (الميزان 3/ 407)، بعضَ أمثلة للترمذيِّ صَحَّحَهَا مع مخالفةِ العلماءِ له بتضعيفها، منها ما ذكره في ترجمةِ كثيرِ بنِ عبدِ اللهِ الأبلي فقال:"وأما الترمذيُّ فروى من حديثِهِ: "الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ"، وصَحَّحَهُ، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذيِّ". وقد نَصَّ على تساهلِ الترمذيِّ في (الموقظة صـ 83).

وأما الجوابُ عن قولِهِم: "إنها زيادةُ ثقةٍ، والزيادةُ منَ الثقةِ مقبولةٌ"، فليسَ على إطلاقِهِ فأحيانًا تُقبلُ الزيادةُ، وأحيانًا تُرَدُّ حسب القرائنِ والمرجحاتِ،

ص: 594

ومخالفةُ الراوي هنا لكلِّ مَن روى الحديثَ عنِ المغيرةِ، قرينةٌ قويةٌ على خَطئِهِ في هذا الحديثِ، كما سبقَ عن غيرِ واحدٍ منَ الأئمةِ.

ولهذا قال الكشميريُّ: "واعلمْ أن المسحَ على الجَورَبَينِ لم يثبتْ عندي مرفوعًا وإن كان جائزًا بشرائطه فقهًا؛ لأن الترمذيَّ وإن صَحَّحَ حديثَ المغيرةِ في الجَورَبَينِ، لكنه معلولٌ عندي قطعًا؛ لأن حديثَ المغيرةِ واقعةٌ واحدةٌ قد رُوِي بنحوٍ من سبعينَ طريقًا، وليسَ فيهما إلا أنه مَسَحَ على الخُفَّينِ، فمن ذكرَ الجَورَبَينِ فقد وَهِمَ قطعًا"(فيض الباري على صحيح البخاري 1/ 363).

وقال في موضعٍ آخر: "فما أخرجه الترمذيُّ وَهْمٌ قطعًا، وإنما صَحَّحَهُ نظرًا إلى صورةِ الإِسنادِ فقط"(فيض الباري 1/ 402).

وقد أجابَ المباركفوريُّ عن قولهم: "بل هو أَمْرٌ زَائِدٌ على ما رووه

إلخ" بقوله:

((فيه نظرٌ؛ فإن الناسَ كلهم رووا عن المغيرة بلفظِ: "مَسَحَ عَلَى الخُفَّينِ" وأبو قيسٍ يخالفهم جميعًا فيروي عن هُزيلٍ، عن المغيرة، بلفظِ: "مَسَحَ عَلَى الجَورَبَينِ، وَالنَّعْلَينِ" فلم يزدْ على ما رووا بل خالفَ ما رووا، نَعَمْ لو روى بلفظِ: "مَسَحَ على الخُفَّينِ، وَالجَورَبَينِ، وَالنَّعْلَينِ" لصَحَّ أن يُقالَ: إنه روى أمرًا زائدًا على ما رووه، وإذ ليس، فليس، فتفكر، فإذا عرفتَ هذا كله ظهرَ لك أن أكثرَ الأئمةِ من أهلِ الحديثِ حكموا على هذا الحديثِ بأنه ضعيفٌ، مع أنهم لم يكونوا غافلينَ عن مسألةِ زيادةِ الثقةِ، فحكمهم عندي -والله تعالى أعلم- مقدَّمٌ على حُكمِ الترمذيِّ بأنه حسنٌ صحيحٌ" (تحفة الأحوذي 1/ 279).

ص: 595

وأما الجمعُ بينَ حديثَ أبي قَيسٍ وغيرِهِ بأنهما واقعتان؛ فبعيدٌ إِذ إنهما لو كانا واقعتين لرواه جمعٌ عنِ المغيرةِ، كما رُوي عنه المسحُ على الخُفَّينِ، ولما حَكَمَ الأئمةُ النُّقَّادُ على حديثِ أبي قَيسٍ بالوهمِ والخطأِ، ولم تَأتِ عن رسولِ اللهِ في المسحِ على الجَورَبَينِ أحاديثُ توازي في صحتها أحاديث المسحِ على الخُفَّينِ، بل كُلُّ ما وَرَدَ ضعيفٌ لا يصحُّ كما سيأتي.

وحديثُ المسحِ على الخُفَّينِ مشهورٌ مستفيضٌ عنِ المغيرةِ، وقد ذكرَ مسلمٌ في (التمييزِ صـ 202)، ما يزيدُ على خمسة عشر راويًا رووه عنِ المغيرةِ، لم يذكرْ أحدٌ منهم الجَورَبَينِ، والحديثُ متفقٌ عليه من روايةِ عروةَ بنِ المغيرةِ، ومسروقٍ، كلاهما عنِ المغيرةِ

به، بذكرِ "الخُفَّينِ"، وهذا منَ الدلائلِ الأكيدةِ على وقوعِ الخطأِ في هذا الحديثِ، فإن اجتماعَ الناسِ على روايةِ الحديثِ، وفيهم بعضُ الثقاتِ الأعلامِ، وفيهم بعضُ أهلِ بيتِ المغيرةِ ممن له اختصاصٌ به ومعرفةٌ بحديثِهِ يقضي بأن الصوابَ ما رووه، وأنَّ انفِرادَ بعضِ الرواةِ بذكرِ "الجَورَبَينِ" خطأٌ.

وقد قالَ ابنُ القيمِ بعد ذِكْرِ مَن ذَهبَ إلى المسحِ على الجَورَبِ مِنَ الصَّحابةِ: "فهؤلاء ثلاثة عشر صحابيًا، والعمدةُ في الجوازِ عَلَى هؤلاءِ رضي الله عنهم لا عَلَى حديثِ أَبي قَيسٍ"(تهذيب السنن 1/ 187).

وقد جاءتْ متابعتان لحديثِ أَبي قَيسٍ ولا تصحانِ:

المتابعةُ الأُولَى:

رواها أبو بكرٍ الإسماعيليُّ في (معجم شيوخه) قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن مرداس الواسطي أبو بكر من حفظه إملاءً، قال: سمعت أحمد بن سنان، يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول:

ص: 596

عندي، عن المغيرة بن شعبة، ثلاثة عشر حديثًا في المسحِ عَلَى الخُفَّينِ. فقال أحمد الدورقي: حدثنا يزيد بن هارون، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن فضالة بن عمرو الزهراني، عن المغيرة بن شعبة:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الجَورَبَينِ، وَالنَّعْلَينِ)) قال: فلم يكن عنده فاغتم.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه أكثر من علة:

الأُولى: شيخُ الإسماعيليِّ، لم نقفْ له على ترجمةٍ، والظاهرُ أنه مجهولٌ فقد أورده الإسماعيليُّ ولم يتكلمْ عليه بشيءٍ ولم يوردْ له إلا هذا الحديث.

الثانيةُ: المخالفةُ، فقد ذكرَ الإمامُ مسلمٌ في سياقٍ توهيم روايةِ أبي قَيسٍ من (التمييز)، رواية فَضَالَةَ فيمن روى حديثَ المسحِ عَلَى الخُفَّينِ، فلو صَحَّتْ روايةُ فَضَالَةَ في المسحِ عَلَى الجَورَبَينِ ما ذكرها مسلمٌ، والذي صَحَّ عن فَضَالَةَ هو ما رواه ابنُ أبي شيبةَ في (مسنده) - كما في (إتحاف الخيرة 4308)، و (المطالب 4315) -، قال: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن فضالة الزهراني، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فَبَينَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَهُ مِنَ اللَّيلِ إذْ مَالَتْ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَاحِلَتُهُ، فَاتَّبَعْتُهُ فَلمَّا رَآنِي، قَالَ:((أَيْنَ النَّاسُ؟ )) قُلْتُ: تَرَكْتُهُم بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَأَنَاخَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَاحْتُبِسَ قَدْرَ مَا يَقْضِي الرَّجُلُ حَاجَتَهُ

" فَذَكَرَ الحَديثَ في المسحِ عَلَى الخُفَّينِ، وَقَالَ في آخِرِهِ: " ثُمَّ قَالَ: ((حَاجَتُكَ؟ )) قُلْتُ: مَا لِي حَاجَةٌ، فَرَكِبْنَا حَتَّى أَدْرَكْنَا النَّاسَ".

قال البوصيريُّ وابنُ حَجَرٍ: "إسنادُهُ صحيحٌ".

ورواه الطبرانيُّ في (الكبير 20/ 425/ 1029) قال: حدثنا إدريس بن

ص: 597

جعفر العطار، ثنا يزيد بن هارون، به.

وقال في (الكبير 20/ 425/ 1028): حدثنا سعيد بن سيار الواسطي، ثنا عمرو بن عون، أنا خالد، عن داود بن أبي هند

به، ((مختصرًا)).

ورواه أبو عَلِيٍّ الرَّفَّاءُ في (الجزء الثاني من الثاني من حديثه 215) قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثنا خالد بن هياج، حدثنا الهياج، عن داود بن أبي هند

به، ((مختصرًا)).

الثالثةُ: أن مدارَ القصةِ على عبد الرحمن بن مهدي، وقد عَلِمْنَا قبلُ أن عبدَ الرحمنِ كان ينكرُ حديثَ المسحِ عَلَى الجَورَبَينِ، وأَبَى أنْ يُحَدِّثَ به، فلو صَحَّتْ متابعةُ فَضَالَةَ لأَبي قَيسٍ لقالَ بها عبدُ الرحمنِ.

المتابعةُ الثانيةُ:

رواها أبو الشيخِ في (طبقات المحدثين 4/ 13) قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: ثنا إسماعيل بن يزيد، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا سعيد بن عبد الرحمن، عن ابن سيرين، عن عمرو بن وهب، عن المغيرة بن شعبة، قَالَ:«رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى العِمَامَةِ، وَالجَورَبَينِ، وَالخُفَّينِ» .

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ غير إسماعيل بن يزيد القطان، قال أبو الشيخِ:"اخْتَلَطَ حديثُهُ ولم يَتَعَمَّدِ الكذبَ، وروى عن وكيعٍ، والوليدِ بنِ مسلمٍ، ومَعْنٍ، والنَّاسِ، وكان خَيِّرًا فَاضِلًا، كثيرَ الفوائدِ والغَرائِبِ"(طبقات المحدثين 2/ 270).

وهذا الحديثُ من تَخَالِيطِهِ؛ فقد خَالفَهُ عبدةُ بنُ عبدِ اللهِ الصَّفَّارُ -وهو ثقةٌ- فرواه عن أبي داود، قال: نا سعيد بن عبد الرحمن أخو أبي حَرَّةَ، عن محمد بن سيرين، عن عمرو بن وهب، عن المغيرة بن شعبة، أنه: «أَفْرَغَ

ص: 598

عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِدَاوَةٍ، وَقَدْ قَضَى حَاجَتَهُ، فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيهِ مِنَ الجُبَّةِ، فَإِذَا هِي ضَيِّقَةُ الكُمَّينِ. فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الجُبَّةِ، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيهِ».

أخرجه الطبرانيُّ في (الأوسط 1389) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة، قال: نا عبدة بن عبد الله الصفار

به.

وهذا إسنادٌ صحيحٌ.

ورواه في (الكبير 20/ 428/ 1037)، عن جعفر بن أحمد بن سنان الواسطي، والعباس بن حمدان الحنفي الأصبهاني، قالا: ثنا محمد بن عمرو

(1)

البحراني، ثنا أبو داود الطيالسي، وزاد فيه:(وَالعِمَامَةِ).

وهذا إسنادٌ حسنٌ.

وهو عند أبي داود الطيالسيِّ في (مسنده 734)، قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن، عن محمد بن سيرين، عن عمرو بن وهب الثقفي، عن المغيرة بن شعبة، قال:«رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى العِمَامَةِ، وَالخُفَّينِ» . ليسَ فيه ذِكْرُ (الجَورَبَينِ).

والحديثُ جاءَ منْ طُرُقٍ أُخْرَى كَثيرةٍ عن محمدِ بنِ سِيرينَ ليسَ فيها ذِكْرُ (الجَورَبَينِ)، فَذِكْرُهَا من حديثِ عمرِو بنِ وَهْبٍ شَاذٌّ.

* * *

(1)

هكذا في المطبوع، والصواب:(محمد بن مَعْمَرٍ).

ص: 599

2517 -

حديثُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ:

◼ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ [ثَلَاثًا ثَلَاثًا] 1، وَمَسَحَ عَلَى الجَورَبَينِ، وَالنَّعْلَينِ، [وَالعِمَامَةِ] 2)).

[الحكم]:

ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ أبو داودَ، والعقيليُّ، والبيهقيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ دَقِيقِ العِيدِ، والنوويُّ، وابنُ عبدِ الهادي، والذهبيُّ، وابنُ القيمِ، ومغلطاي، والبوصيريُّ، وابنُ حَجَرٍ، والسنديُّ، والشوكانيُّ، والعظيمُ آبادِي، والكشميريُّ، والمباركفوريُّ.

[التخريج]:

[جه 560 ((واللفظ له)) / تخ (4/ 333) ((مختصرًا)) / طح (1/ 97) / عق (3/ 278) ((والزيادة الأولى له)) / طس 1108 ((والزيادة الثانية له ولغيره)) / ني 574 مقتصرًا على ذكر العمامة/ هق 1365/ بغا 9/ تحقيق 249].

[السند]:

قال ابنُ مَاجهْ: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا معلى بن منصور، وبشر بن آدم، قالا: حدثنا عيسى بن يونس، عن عيسى بن سنان، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب، عن أبي موسى الأشعري، به.

ومداره عند الجميع على عيسى بن سنان،

به.

قال الطبرانيُّ: "لا يُروى هذا الحديث عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد تَفَرَّدَ بِهِ عيسى"(الأوسط).

ص: 600

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأولى: عيسى بنُ سِنَانٍ. وقد ضَعَّفَهُ جمهورُ النقادِ، فضَعَّفَهُ: ابنُ مَعِينٍ في رواية: الكوسَجِ، والدوريِّ، والغلابيِّ، وعبدِ اللهِ بنِ أحمدَ الدروقيِّ، وخالفهم يعقوبُ بنُ شيبةَ فَرَوَى عنِ ابنِ مَعِينٍ تَوثِيقَهُ، وضَعَّفَهُ: أحمدُ، وأبو زرعةَ، وأبو حاتمٍ، والنسائيُّ، ويعقوبُ بنُ سفيانَ. انظر (تهذيب التهذيب 8/ 211 - 212)، وكذا ضَعَّفَهُ ابنُ المدينيِّ كما في (سؤالات ابن أبي شيبة له 216)؛ ولذا قال ابنُ حَجَرٍ:"لينُ الحديثِ"(التقريب 5295).

وشذَّ العجليُّ فقال: "لا بأس به"، وذكره ابنُ حِبانَ في (الثقات)، وقال ابنُ خِراشٍ:"صدوقٌ"، وقال مرة:"في حديثِهِ نكرةٌ". (تهذيب التهذيب 8/ 211).

قلنا: أما ابنُ خِرَاشٍ فليسَ بمعتمدٍ، وأما العجليُّ، وابنُ حِبانَ فمعروفان بالتساهلِ؛ ولذا قال المعلميُّ اليمانيُّ:"ولا ينفعُهُ ذِكرُ ابنِ حِبانَ في (الثقات) لما عُرفَ من تساهلِ ابنِ حِبانَ، ولا قول العجليِّ: "لا بأسَ به"؛ فإن العجليَّ قريبٌ منِ ابنِ حِبانَ أو أشد، عرفتُ ذلك بالاستقراءِ"(الأنوار الكاشفة صـ 108).

فالرَّاجحُ: أنه ضعيفٌ.

وبه ضَعَّفَ الحديثَ العقيليُّ؛ حيثُ أخرجه في ترجمتِهِ من (الضعفاء)، ونقلَ عنِ ابنِ مَعِينٍ تضعيفَهُ، وقال عقبه:"والأسانيدُ في الجَورَبَينِ والنَّعْلينِ، فيها لِينٌ"(الضعفاء 3/ 276).

ص: 601

وكذا ضَعَّفَهُ به ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 216).

الثانيةُ: الانقطاعُ بين: الضَّحاكِ بنِ عبدِ الرحمنِ، وأبي موسى.

قال أبو حاتمٍ: "روى عن أبي موسى الأشعريِّ مرسل"(الجرح والتعديل 4/ 459)، وقال المزيُّ:"يُقالُ: لم يَلْقَهُ"(تحفة الأشراف 6/ 420)، وقال الذهبيُّ:"الضَّحاكُ عن أبي موسى مرسلٌ"(مختصر سنن البيهقي 3/ 1415)، وقال ابنُ حَجَرٍ:"يُقالُ: لم يَسمعْ منه"(إتحاف المهرة 10/ 32).

وبهاتين العلتينِ أَعَلَّهُ أبو داودَ؛ فقال: "ليسَ بالمتصلِ، ولا بالقويِّ"(السنن عقب رقم 158).

وقال البيهقيُّ: "الضَّحاكُ بنُ عبدِ الرحمنِ لم يثبتْ سماعُهُ من أبي موسى، وعيسى بنُ سِنَانٍ ضعيفٌ لا يُحتجُّ به"(السنن الكبرى 1365).

وأقرَّهما: النوويُّ في (المجموع 1/ 500)، وابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام 2/ 256)، وابنُ عبدِ الهادي في (التنقيح 1/ 345)، وابنُ القيمِ في (تهذيب السنن 1/ 189)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 280)، والبوصيريُّ في (مصباح الزجاجة 1/ 96)، وابنُ حَجَرٍ في (الدراية 1/ 82)، والسنديُّ في (حاشية سنن ابن ماجه 1/ 198)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 228)، والعظيمُ آبادي في (عون المعبود 1/ 274)، والكشميريُّ في (فيض الباري 1/ 364)، والمباركفوريُّ في (تحفة الأحوذي 1/ 331 - 332).

ولكن تَعَقَّبَ البيهقيَّ ابنُ التركمانيِّ، فقال: "هذا أيضًا كما تَقَدَّمَ أنه على مذهبِ مَن يَشترطُ للاتصالِ ثبوتَ السَّماعِ، ثم هو مُعَارَضٌ بما ذكره عبدُ الغنيِّ، فإنه قال في (الكمال): سَمِعَ الضَّحاكُ من أبي موسى،

ص: 602

وابنُ سِنانٍ وَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، وضَعَّفَهُ غيرُهُ، وقد أخرجَ الترمذيُّ في الجنائزِ حديثًا في سندِهِ عيسى بنُ سِنانٍ هذا وحَسَّنَهُ" (الجوهر النقي 1/ 284)، وأقرَّه القاسميُّ في (المسح على الجوربين صـ 51).

قلنا: (عيسى) الجمهورُ على تضعيفِهِ، وهو المعتمدُ، كما بَيَّنَّاهُ آنفًا.

وأما عن قولِ صاحبِ الكمالِ: "سَمِعَ الضَّحاكُ من أبي موسى"؛ فإنه قد أَخَذَ ذلك من البخاريِّ، فقد نَصَّ على سَماعِ الضحاكِ من أبي موسى في (التاريخ الكبير 4/ 333)، واعْتَمَدَ في ذلك على روايةٍ من طريقِ عبدِ اللهِ بنِ نُعَيمٍ، قال: حدثنا الضَّحاكُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ عَرْزَبٍ الأشعريُّ، سَمِعَ أبا موسى، قال:" كَتَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي عَامِرٍ".

ولكن عبد الله بن نعيم هذا، هو الشاميُّ، قال عنه الحافظ:"لينُ الحديثِ"(التقريب 3667)، فلا يُعْتَمَدُ عليه في إثباتِ السماعِ، لا سيَّما وقد نَفَاهُ أبو حاتم، وغيرُهُ منَ الأَئمةِ، واللهُ أَعْلمُ.

وضَعَّفَ إسنادَ الحديثِ أيضًا: الألبانيُّ في (صحيح سنن أبي داود 148)، إلا أنه صَحَّحَ المتنَ، وذلك لأنَّ حديثَ المغيرةِ عنده صحيحٌ!.

* * *

ص: 603

روايةُ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ:

• وفي رِوايةٍ مُطَوَّلًا بلفظِ: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ، فَرَفَعَ بِلَالٌ بِالأَذَانِ، وَكَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ، فَقَالَ: ((مَنْ مَعَهُ مَاءٌ؟)) فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِهَا فَتَوَضَّأَ ثَلاثًا ثَلاثًا، وَمَسَحَ عَلَى الجَورَبَينِ، وَالنَّعْلَينِ".

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[فقط (أطراف 4968) / حنا (جصاص ق 3/أ) / طاهر (تصوف 203) ((واللفظ له))].

[السند]:

قال أبو يوسف الجصاص: حدثنا رجاء بن الجارود أبو المنذر، ثنا حجاج بن نصير، ثنا القاسم بن مطيب، عن عيسى بن سنان، عن الضحاك بن عبد الرحمن، عن أبي موسى

به.

ورواه ابنُ القيسرانيِّ في (صفوة التصوف): من طريق حجاج بن نصير

به.

وقال الدارقطنيُّ في (الأفراد): "غريبٌ تَفَرَّدَ بِهِ القاسمُ بنُ مُطَيَّبٍ، عن أبي سِنانٍ عيسى بن سنان، عن الضحاكِ".

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه أربعُ عللٍ:

الأُولى، والثانيةُ: ضَعْفُ عيسى بنِ سِنَانٍ، وعدمُ سَمَاعِ الضَّحاكِ من أبي موسى،

ص: 604

وقد تَقَدَّمَ الكلامُ عَلَى هاتينِ العِلَّتينِ في الروايةِ السَّابِقَةِ.

الثالثةُ: القَاسمُ بنُ مُطَيِّبٍ، قال ابنُ حِبانَ:"كان ممن يخطئُ عمن يروي على قلةِ روايته، فاستحقَ الترك لما كثر ذلك منه"(المجروحين 2/ 216)، ووَثَّقَهُ الدارقطنيُّ في (العلل 2/ 361)، وقال ابنُ حَجَرٍ:"فيه لين"(التقريب 5496).

الرابعةُ: حَجَّاجُ بنُ نُصَيرٍ، "ضعيفٌ" كما في (التقريب 1139).

* * *

ص: 605

2518 -

حديثُ بِلَالٍ صلى الله عليه وسلم:

◼ عَنْ بِلَالٍ رضي الله عنه، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الخُفَّينِ، وَالجَورَبَينِ» .

[الحكم]:

منكرٌ بِذكرِ (الجَورَبَينِ)، وضَعَّفَهُ العقيليُّ، وابنُ دَقِيقِ العيدِ، وأقرَّه الزيلعيُّ.

[التخريج]:

[طب (1/ 350/ 1063)].

[السند]:

قال الطبرانيُّ: حدثنا إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي، حدثني أبي، ثنا ابن فُضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عُجرة، عن بلال، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ يزيدَ بنِ أبي زيادٍ، قال الحافظُ:"ضعيفٌ، كَبُرَ فتغيَّرَ وصارَ يتلقنُ"(التقريب 7717).

قلنا: ومع ضَعْفِهِ فقد تَفَرَّدَ بذكرِ (الجَورَبِ) في حديثِ بِلالٍ، وقد رواه الحكمُ بنُ عُتيبةَ، عن ابنِ أبي ليلَى .. بلفظ:"يَمْسَحُ عَلَى الخُفَّينِ، وَالِخمَارِ" ليس فيه ذِكرُ (الجوربِ)، وهكذا جاءَ عن بِلالٍ من طُرُقٍ كثيرةٍ كما قَدَّمْنَاهُ في "باب مشروعية المسح على الخُفَّينِ"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

والحديثُ ضَعَّفَهُ ابنُ دَقِيقِ العيدِ فقال: "ويزيدُ بنُ أبي زيادٍ، وابنُ أَبي ليلَى، مستضعفان مع نسبتهما إلى الصدقِ"(الإمام 2/ 204 - 205)، وأقرَّه

ص: 606

الزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 186).

ولكن قوله: "وابنُ أبي ليلى مستضعفٌ" فذهولٌ من ابنِ دَقِيقِ العيدِ رحمه الله، ظنَّه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الضعيف، والصوابُ: أنه عبدُ الرحمنِ بنُ أبي ليلى الثقةُ.

وقد تَقَدَّمَ أنَّ العقيليَّ قال: "والأسانيدُ في الجوربينِ، والنَّعْلينِ فيها لِينٌ"(الضعفاء 3/ 276).

[تنبيه]:

ذكر الزيلعيُّ أن الطبرانيَّ رَوَى الحديثَ في (معجمه)، من طريقِ ابنِ أبي شيبةَ، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال،

قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الخُفَّينِ، وَالجَورَبَينِ» ، (نصب الراية 1/ 185 - 186).

وقد تبع ابنُ حَجَرٍ الزيلعيَّ في نسبةِ الحديثِ للطبرانيٍّ، من طريقِ ابنِ أَبي شيبةَ، فقال:"وفي البابِ عن بلالٍ أخرجه الطبرانيُّ بسندين أحدهما ثقات"(الدراية 1/ 82).

وكذلك تَبِعَ الزيلعيَّ على هذا: العينيُّ في (البناية شرح الهداية 1/ 610)، وفي (شرح أبي داود 1/ 374)، والمباركفوريُّ في (تحفة الأحوذي 1/ 281)، وتَكلَّفَ المباركفوريُّ تضعيفَ الحديثِ فأعلَّهُ بأن الأعمشَ مدلسٌ، وقد عنعن! .

قلنا: لم يخرجْهُ الطبرانيُّ بهذا اللفظِ من هذا الطريقِ، بل أخرجه في (الكبير 1060)، من الطريقِ المذكورِ بلفظ:«يَمْسَحُ عَلَى المُوقَينِ، وَالخِمَارِ» .

ص: 607

وكذا رواه ابنُ أَبي شيبةَ في ثلاثةِ مواضع من (مصنفه 220، 1871، 37252) -وعنه مسلمٌ (275) -: بهذا الإسناد، بلفظ:«أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الخُفَّينِ، وَالخِمَارِ» .

* * *

ص: 608

2519 -

حديثُ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ:

◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ:((رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الجَورَبَينِ عَلَيهِمَا النَّعْلانِ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ العقيليُّ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، والذهبيُّ.

[التخريج]:

]

علقط 2478 "معلقًا"/ خط (4/ 491 - 492) / عساكر (تجريد ق 22 أ) / نبلا (17/ 480) / ميز (4/ 210)].

[التحقيق]:

رُوِيَ هذا الحديثُ عن أنسٍ من طريقين:

الطريقُ الأَولُ:

أخرجه الخطيبُ في (تاريخه) قال: حدثنا طلحة بن علي بن الصقر الكتاني، حدثنا أبو الطيب أحمد بن ثابت بن بقية الواسطي، حدثنا محمد بن مسلمة، حدثنا موسى الطويل، عن أنس

به.

ورواه ابنُ عساكر في (الجزء الرابع من التجريد)، والذهبيُّ في (سير أعلام النبلاء)، وفي (الميزان)، من طريق طلحةَ بنِ عليٍّ

به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: موسى بنُ عبد الله الطويلُ، قال ابنُ حِبانَ:"روى عن أنسٍ أشياء موضوعة"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"روى عن أنسٍ مناكير، وهو مجهولٌ"، وقال أبو نُعَيمٍ:"روى عن أنسٍ المناكيرَ، لا شيء" انظر (لسان الميزان 8/ 206 - 207).

وقال الذهبيُّ: "هذا حديثٌ تساعي لنا، لكن موسى ليس بثقةٍ" (السير

ص: 609

17/ 480).

الطريقُ الثاني:

علَّقَهُ الدارقطنيُّ في (العلل 2478)، عن إسماعيل بن نصر، عن عمران القطان، عن عاصم الأحول، عن أنس:"أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الجَورَبَينِ".

ثم قال: "وكلاهما وهم"، يعني: حديثنا هذا، وحديث أنس:«أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى المُوقَينِ، وَالخِمَارِ» ، ثُمَّ قَالَ:"والصحيحُ عن عاصمٍ ما رواه عليُّ بنُ مُسْهِرٍ، وثابتُ بنُ يزيدَ، وزهيرٌ، وطلحةَ بنُ سِنانٍ، عن عاصمٍ، عن أنسٍ موقوفًا: أن أنسًا مَسَحَ عَلَى خُفَّيهِ"(العلل 2478).

والوهم فيه من عمرانَ القطانِ، وهو عمرانُ بنُ دَوَّارٍ العميُّ، قال ابنُ حَجَرٍ:"صدوقٌ يَهِمُ"(التقريب 5154).

والراوي عنه إسماعيلُ بنُ نَصْرٍ، قال أبو حاتم:"قد رأيتُهُ، ولا أرى بحديثِهِ بأسًا"(تاريخ الإسلام 5/ 33).

وقد ثبتَ المسحُ عَلَى الجَورَبَينِ عن أنسٍ موقوفًا، كما سيأتي تخريجُهُ قريبًا.

وقال البيهقيُّ -عقب الرواية الموقوفة-: "وَرَفَعَهُ بعضُ الضعفاءِ وليسَ بشيءٍ"(السنن الكبرى 2/ 344 - 345).

وقد تَقَدَّمَ أنَّ العقيليَّ قال: "والأسانيدُ في الجَورَبَينِ والنَّعْلينِ فيها لِينٌ"(الضعفاء 4/ 504).

* * *

ص: 610

2520 -

حديثُ عُمَرَ:

◼ عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: وَقَعَ بَينَ عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ، وَبَينَ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ مُشَاجَرَةٌ فِي المَسْحِ عَلَى الخُفَّينِ، فَأَنْكَرَ عَلَيهِ عَبدُ اللَّهِ، فَقَالَ مُعَاذٌ: القَ أَبَاكَ فَاسْالهُ، فَلَقِيَهُ فَسَأَلَهُ عَمَّا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَاذٍ فِي المَسْحِ عَلَى الخُفَّينِ، فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ: مُعَاذٌ أَفْقَهُ مِنْكَ، ((رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَا أُحْصِي يَمْسَحُ عَلَى الخُفَّينِ، وَعَلَى كَوْرِ العِمَامَةِ، وَالجَورَبِ، وَشِرَاكِ النَّعْلِ)).

[الحكم]:

باطلٌ، وحَكَمَ عليه بالبطلانِ العقيليُّ.

[التخريج]:

[عق (3/ 613) ((واللفظ له)) / فقط (أطراف 148)].

[السند]:

قال العقيليُّ: حدثنا أحمد بن داود، قال: حدثنا معاوية بن عطاء، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، به.

قال الدارقطنيُّ في (الأفراد): "تَفَرَّدَ بِهِ معاويةُ بنُ عطاءٍ، عنِ الثوريِّ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عنِ الأسودِ".

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: معاويةُ بنُ عَطاءٍ البصريُّ، قال العقيليُّ:"كان يرى القدر، عنِ الثوريِّ، وغيرِهِ، ولا يُتَابعُ على أكثرِهِ، منكرُ الحديثِ"، وساقَ له العقيليُّ حديثَنَا هذا وغيره، ثم قال:"وهذه الأحاديثُ كلُّها بواطيل، لا أصولَ لها "(الضعفاء 3/ 613 - 614).

ص: 611

وقد ساقَ ابنُ عَدِيٍّ له ثلاثة أحاديث منكرة، وقال عنِ اثنينِ منهم:"هذان باطلان عن الثوريِّ"؛ ولذا قال الذهبيُّ: "تُكُلِّمَ فيه". انظر (لسان الميزان 8/ 102).

ومما يدلُّ على بُطلانِ هذه الروايةِ: أنه ذكر أن عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ قد تَشَاجَرَ مع معاذٍ في المسحِ عَلَى الخُفَّينِ، والمحفوظُ في ذلكَ ما رواه البخاريُّ وغيرُهُ: أن ابنَ عمرَ تَشَاجَرَ مع سعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ في ذلك، وليسَ فيه ذكرُ (الجوربِ) ولا (النَّعْلِ)، وقد سبقَ تخريجُهُ في "باب مشروعية المسح على الخُفَّينِ".

* * *

ص: 612

2521 -

حديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الجَورَبَينِ وَالخُفَّينِ وَالخِمَارِ))، يعني: العِمَامَةَ.

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، دون المسح على (الجَورَبَينِ) فمنكرٌ، وهذا إسنادُهُ ساقطٌ.

[التخريج]:

[طرس 18].

[السند]:

قال أبو أُمَيَّةَ الطرسوسيُّ في (مسند أبي هريرة): حدثنا المعلى بن عبد الرحمن الواسطي، ثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ سَاقطٌ؛ آفتُهُ: المعلَّى بنُ عبدِ الرحمنِ الواسطيُّ، قال ابنُ حَجَرٍ:"مُتَّهَمٌ بالوضعِ، وقد رُمِيَ بالرفضِ"(التقريب 6805).

وقد تَقَدَّمَ أنَّ العقيليَّ قال: "والأسانيدُ في الجَورَبيَنِ والنَّعْلينِ فيها لِينٌ"(الضعفاء 4/ 504). * * *

ص: 613