المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌434 - باب: المسلم يستشهد جنبا - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢١

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أَبْوَابُ الجَنَابَةِ

- ‌419 - بَابٌ: المُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ وَإِنْ أَجْنَبَ

- ‌420 - بَابٌ: مُمَاسَّةُ الجُنُبِ وَمُضَاجَعَتُهُ

- ‌421 - بَابٌ: الجُنُبُ لَا يُصَلِّي

- ‌422 - بَابٌ: الجُنُبُ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا

- ‌423 - بَابٌ: قِرَاءَةُ الجُنُبِ لِلْقُرْآنِ

- ‌424 - بَابٌ: مَسُّ الجُنُبِ لِلْمُصْحَفِ

- ‌425 - بَابٌ: مُكْثُ الجُنُبِ فِي المَسْجِدِ

- ‌426 - بَابٌ: جُلُوسُ الجُنُبِ فِي المَسْجِدِ إِذَا تَوَضَّأَ

- ‌427 - بَابٌ: مُرُورُ الجُنُبِ فِي المَسْجِدِ

- ‌428 - بَابٌ: جَوَازُ نَوْمِ الجُنُبِ وَأَكْلِهِ إِذَا تَوَضَّأَ

- ‌429 - بَابٌ: مَا وَرَدَ فِي نَوْمِ الجُنُبِ دُونَ أَنْ يَمَسَّ مَاءً

- ‌430 - بَابٌ: هَلْ يَتَيَمَّمُ الجُنُبُ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ وَكَسِلَ عَنِ الوُضُوءِ

- ‌431 - بَابٌ: الوُضُوءُ لِلْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ الجِمَاعَ

- ‌432 - بَابٌ: الغُسْلُ لِمَنْ عَاوَدَ الجِمَاعَ

- ‌433 - بَابٌ: مَا رُوِيَ فِي غَسْلِ الفَرْجِ عِنْدَ المُعَاوَدَةِ

- ‌434 - بَابٌ: المُسْلِمُ يُسْتَشْهَدُ جُنُبًا

- ‌435 - فَصْلٌ فِيمَا رُوِيَ أَنَّ المَلَائِكَةَ غَسَّلَتْ حَمْزَةَ أَيْضًا

- ‌436 - بَابٌ: مَا رُوِيَ أَنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَقْرَبُ الجُنُبَ

- ‌437 - بَابٌ: مَا رُوِيَ أَنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَحْضُرُ مَنْ يُتَوفَّى جُنُبًا

- ‌438 - بَابٌ: مَا رُوِيَ أَنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ

- ‌439 - بابٌ: مَا رُوِيَ أَنَّ الجُنُبَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَلَا يُقَلِّمُ ظُفُرَهُ، وَلَا يَنْتِفُ إِبْطَهُ

- ‌كِتَابُ الغُسْلِ وَآدَابِهِ

- ‌440 - بَابٌ: وُجُوبُ الِاغْتِسَالِ لِلْجَنَابَةِ

- ‌441 - بَابٌ: الغُسْلُ الوَاحِدُ يَكْفِي لِأَكْثَرَ مِنْ جَنَابَةٍ

- ‌442 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اغْتِسَالِ الجُنُبِ فِي المَاءِ الدَّائِمِ

- ‌أَبَوابُ التَّسَتُّرِ عِنْدَ الغُسْلِ

- ‌443 - بَابٌ: فِي حِرْصِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى التَّسَتُّرِ عِنْدَ الغُسْلِ، وَحَثِّهِ عَلَى ذَلِكَ

- ‌444 - بَابٌ: فِيمَا وَرَدَ فِي الأَمْرِ بِالتَّسَتُّرِ عِنْدَ الغُسْلِ

- ‌445 - بَابٌ: مَا يَصْنَعُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ عِنْدَ الغُسْلِ

- ‌446 - بَابٌ مِنْهُ

- ‌447 - بَابٌ: مَشْرُوعِيَّةُ الِاغْتِسَالِ عُرْيَانًا إِذَا أَمِنَ رُؤْيَةَ العَوْرَةِ

الفصل: ‌434 - باب: المسلم يستشهد جنبا

‌434 - بَابٌ: المُسْلِمُ يُسْتَشْهَدُ جُنُبًا

2625 -

حَدِيثُ ابنِ الزُّبَيْرِ:

◼ عَنْ يَحْيَى بنِ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ -وَقَدْ كَانَ النَّاسُ انْهَزَمُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَهَى بَعْضُهُمْ إِلَى دُونِ الأَعْرَاضِ عَلَى جَبَلٍ بِنَاحِيَةِ المَدِينَةِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ كَانَ حَنْظَلَةُ بنُ أَبِي عَامِرٍ الْتَقَى هُوَ وَأَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ، فَلَمَّا اسْتَعْلَاهُ حَنْظَلَةُ رَآهُ شَدَّادُ بنُ الأَسْوَدِ، فَعَلَاهُ شَدَّادٌ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ، وَقَدْ كَادَ يَقْتُلُ أَبَا سُفْيَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ صَاحِبَكُمْ حَنْظَلَةَ تُغَسِّلُهُ المَلَائِكَةُ، فَسَلُوا صَاحِبَتَهُ))، فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ لَمَّا سَمِعَ الْهَائِعَةَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((فَذَاكَ (لِذَلِكَ) قَدْ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ)).

[الحكم]:

صحيحٌ بشواهدِهِ، وصَحَّحَهُ: ابنُ حِبَّانَ، والحاكمُ، والمَرْغِيناني الحنفيُّ -وأقرَّه ابنُ حَجَرٍ-، والنَّوويُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ التُّرْكُماني. وصَحَّحَه الألبانيُّ بشواهدِهِ.

[اللغة]:

أعراضُ المَدينةِ: قُراها التي في أوديتِها. وقيل: هي بُطونُ سوادِها حيثُ الزرعُ والنَّخلُ. (تهذيب اللغة 1/ 291)، (تاج العروس 18/ 399).

ص: 304

الهائِعة: الصِّياح والضَّجَّة، والصوتُ الشديدُ. والهَيْعة: كلُّ ما أفزعك من صوتٍ أو فاحشةٍ تُشاع. (لسان العرب 8/ 378).

[الفوائد]:

فيه: فضلُ الصحابةِ في سرعة استجابتِهم لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيه: إكرامُ الله لحَنْظَلةَ رضي الله عنه في تغسيلِ الملائكةِ إيَّاه.

[التخريج]:

[حب 7067 (واللفظ له) / ك 4987 (والرواية له ولغيره) / سراج (إصا 2/ 645)، (الخصائص 1/ 357) / هق 6895/ صحا 2225/ نبص 418 = (ج 6/ رقم 56/ طبعة جامعة أم القرى)].

[السند]:

قال ابنُ حِبَّانَ: أخبرنا محمد بن إسحاقَ بنِ إبراهيمَ مولى ثَقِيف، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأُمَوي، حدثنا أبي، عن ابن إسحاقَ، حدثني يحيى بن عَبَّاد بن عبد الله بن الزُّبَير، عن أبيه، عن جده، به.

ورواهُ الباقون من طريق مُحمد بن إسحاقَ بن إبراهيمَ -وهو الحافظُ أبُو العباسِ السَّرَّاج الثَقَفيُّ-، به.

وقال الحافظُ في (الإصابة 2/ 645): "وأخرجَ السَّرَّاجُ

فذكره". ونصَّ السُّيوطيُّ في (الخصائص 1/ 357) أنه في (مسنده)، ولم نقفْ عليه في (المسنَد) المطبوع ولا في الأجزاء المطبوعة من حديثه.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجاله ثقات عدا ابنَ إسحاقَ؛ فصدوقٌ مدلِّسٌ، وقد صرَّحَ

ص: 305

بالتحديثِ.

وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ في (صحيحه)، والمَرْغِيناني الحنفي في (الهداية ص 92)، وأقرَّه ابنُ حَجَر في (الدراية 1/ 244).

وقال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، ولم يخرجاه".

وفي كلامه نظرٌ من وجوه:

أولها: أن يحيى بن عَبَّادٍ ليس من رجالِ مسلمٍ.

الثاني: أن ابنَ إسحاقَ لم يحتجَّ به مسلمٌ؛ وإنما أخرجَ له في المتابعاتِ، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ في ترجمته من (التهذيب).

الثالث: أن الضميرَ في قوله: (عن جدِّه) يحتمل أحدَ أمرين:

الأمر الأول: ما قاله الحافظُ ابنُ حَجَر: "وظاهره أن الضميرَ في قوله: ((عن جدِّه)) يعودُ على عَبَّاد؛ فيكون الحديثُ من مسندِ الزُّبَيرِ؛ لأنه هو الذي يمكنه أن يسمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في تلك الحال"(التلخيص 2/ 118).

وقال أيضًا: "فإن كان عَبَّادٌ سمِعَ منَ الزُّبَير؛ فهو متَّصِل، وكذا إن كان يحيى سمِع من عبد الله"(إتحاف المهرة 4/ 548).

قال الألبانيُّ: "وحينئذٍ ففي السندِ انقطاعٌ؛ لأن عَبَّادًا لم يسمعْ من جده الزُّبَير، والله أعلم، إلا أن للحديثِ شواهدَ يتقوَّى بها"(الإرواء 3/ 167).

الأمر الثاني: أن يكون الضميرُ عائدًا على يحيى؛ فيكون من مسندِ ابنِ الزُّبَير؛ وحينئذٍ يكون مرسَلَ صحابيٍّ، وعلى هذا حمَله النَّوَويُّ وغيرُه.

فقال النَّوَويُّ: "رواهُ البَيْهَقيُّ مُرسَلًا ومتَّصَلًا، وإسنادُهُ جيِّدٌ

ثم إن الروايةَ الأُولى مرسَلُ صحابيٍّ؛ لأن ابنَ الزُّبَير لم يدرِكْ يومَ أُحُدٍ، كان له

ص: 306

سنتان. والجمهورُ يحتجُّون بمرسَل الصحابيِّ" (خلاصة الأحكام 2/ 949).

وقال في (المجموع): "وروايةُ عبدِ الله بنِ الزُّبَير لهذا يكون مرسَلَ صحابيٍّ رضي الله عنه؛ فإنه وُلِد قبل سنتين فقط، وهذه القضيةُ كانتْ بأُحُدٍ، ومرسَلُ الصحابيِّ حُجَّةٌ على الصحيحِ، والله أعلم"(المجموع 5/ 260). وبنحوه قال ابنُ المُلَقِّنِ في (البدر المنير 5/ 251)، وابنُ التُّرْكُماني في (الجوهر 4/ 15).

ولكن ذَهَلَ عن ذلك النَّوَويُّ، فقال -في موضعٍ آخَرَ-:"ذكر المصنِّفُ حديثَ حَنْظَلةَ بنِ الراهبِ وغُسْلَ الملائكةِ له حين استُشْهد جُنُبًا، وذكرْنا أنه حديثٌ ضعيفٌ"(المجموع 5/ 263).

ولهذا قال ابنُ المُلَقِّن: "وقعَ للنوويِّ رحمه الله في (شرح المهذب) نوعُ اضطرابٍ في هذا الحديثِ؛ فقال أولًا: رواه البَيْهَقي بإسنادٍ جيِّدٍ. ثم قال بعده بورقتين: قد قدمْنا أنه حديثٌ ضعيفٌ. وشرَع يجيب عنه على تقدير ثبوته؛ فيُتنبه لذلك"(البدر المنير 5/ 252).

قلنا: وللحديثِ شاهدٌ جيِّدٌ من مُرسَل صحابيٍّ آخَرَ، يرتقي به إلى درجةِ الصحيحِ، وهو التالي.

* * *

ص: 307

2626 -

حَدِيثُ مَحْمُودِ بنِ لَبِيدٍ:

◼ عَنْ مَحْمُودِ بنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه: عَنْ حَنْظَلَةَ بنِ أَبِي عَامِرٍ، أَخِي بَنِي عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ الْتَقَى هُوَ وَأَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمَّا اسْتَعْلَاهُ حَنْظَلَةُ رَآهُ شَدَّادُ بْنُ الأَسْوَدِ -وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: ابنُ شَعُوبٍ- قَدْ عَلَا أَبَا سُفْيَانَ فَضَرَبَهُ شَدَّادٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ صَاحِبَكُمْ -يَعْنِي: حَنْظَلَةَ- لَتُغَسِّلُهُ المَلَائِكَةُ، فَاسْأَلُوا أَهْلَهُ: مَا شَأْنُهُ؟ )). فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ حِينَ سَمِعَ الْهَائِعَةَ

(1)

. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ المَلَائِكَةُ)).

[الحكم]:

صحيحٌ بشواهدِهِ. وهذا مرسلُ صحابيٍّ حسَنُ الإسنادِ.

[التخريج]:

[إسحاق (ص 332) / حل (1/ 357)(واللفظ له) / نبص (ج 6/ رقم 55/ طبعة جامعة أم القرى)

(2)

/ نبق 109].

[السند]:

رواه أبو نُعَيمٍ في (الحلية) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا أبو شعيب الحَرَّاني، ثنا أبو جعفر النُّفَيْلي، ثنا محمد بن سلَمةَ، عن محمد بن إسحاقَ، قال: حدثني عاصم بن عُمرَ بن قَتادة، عن محمود بن لَبِيد، به.

(1)

في مطبوع الحلية: (الهاتفة)، والتصويب من (سيرة ابن إسحاقَ صـ 332)، وقد أخرجه أبو نعيم من طريقه. وتقدَّم أن الهائعة هي الصِّياح والضجَّة، وكان ذلك للنَّفِير.

(2)

وسقط هذا الحديث من طبعة دار النفائس المعتمدة.

ص: 308

وهو مخرَّجٌ من هذا الطريق في (سيرة ابن إسحاقَ ص 332).

ورواه إسماعيلُ الأَصْبَهانيُّ في (دلائل النبوة 109): من طريق الذُّهْلي، عن أبي جعفر النُّفَيْلي، به.

[التحقيق]:

هذا سندٌ حسَنٌ؛ رجالُه ثقات، غيرَ ابنِ إسحاقَ، وهو صدوقٌ مدلِّس، وقد صرَّحَ بالسماعِ، ومحمودٌ صحابيٌّ صغير، وُلِد في حياةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يدرِكِ القصةَ قطعًا؛ فهو مرسَلُ صحابيٍّ أيضًا كسابقه، وهو حُجَّة عند الجمهورِ كما سبقَ ذِكرُه.

وقد قصَّر بعضُهم فرواه عن ابنِ إسحاقَ عن عاصمِ بنِ عُمرَ مرسَلًا، وهذا الموصولُ أصحُّ، كما سيأتي بيانُه.

[تنبيه]:

جاء في الإسناد: (عن محمودِ بنِ لَبِيد عن حَنْظَلة)، ومحمود لم يدرِكْ حَنْظَلةَ ولم يَرَهُ؛ لأن حَنْظَلةَ قدِ استُشْهد ولم يحدِّثْ بالقصة أصلًا، فمعنى قولِه:(عن حَنْظَلة)؛ أي: عن شأنه وقصتِه، وليس المقصودُ أنه رواه عنه، ولهذا نظائرُ. انظر:(فتح الباري 2/ 408).

* * *

ص: 309

2627 -

حَدِيثُ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ، مُرْسَلًا:

• عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((إِنَّ صَاحِبَكُمْ تُغَسِّلُهُ المَلَائِكَةُ -يَعْنِي: حَنْظَلَةَ-، فَاسْأَلُوا أَهْلَهُ: مَا شَأْنُهُ؟))، فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ حِينَ سَمِعَ الهَائِعَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ المَلَائِكَةُ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وهذا إسنادُهُ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ.

[التخريج]:

[هق 6896 (واللفظ له) / هقل (3/ 246) / أسد (2/ 85)].

[السند]:

رواه البَيْهَقيُّ في (السنن)، و (الدلائل): عن أبي عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس -هو الأَصَمُّ-، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونسُ بن بُكَيْر، عن ابنِ إسحاقَ، قال: حدثني عاصمٌ، به.

[التحقيق]:

هذا مرسَلٌ. وأحمد بن عبد الجبار ضعيفٌ، إلا أنه صحيحُ السماعِ للسيرةِ كما في (التقريب)، وهذا منَ السيرةِ. وابنُ بُكَيْر صدوقٌ يخطئُ، وقد قصَّرَ في الإسنادِ فأرْسَلَه عن عاصمٍ.

وقد رواه محمد بنُ سلَمةَ الحَرَّاني -وهو ثقةٌ- عن ابنِ إسحاقَ، عن عاصمٍ، عن محمود بن لَبِيد، به كما سبقَ، وهو أصحُّ.

* * *

ص: 310

2628 -

حَدِيثُ أَنَسٍ:

◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: ((افْتَخَرَ الحَيَّانِ: الأَوْسُ، وَالخَزْرَجُ، فَقَالَ الأَوْسُ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ [لَيْسَ فِيكُمْ مِثْلُهُمْ]، وَقَالَ الخَزْرَجُ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ.

قَالَ الأَوْسُ: مِنَّا مَنِ اهْتَزَّ لَهُ (لِمَوْتِهِ) عَرْشُ الرَّحْمَنِ: سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، وَمِنَّا مَنْ عَدَلَتْ شَهَادَتُهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ: خُزَيْمَةُ بنُ ثَابِتٍ، وَمِنَّا مَنْ غَسَّلَتْهُ المَلَائِكَةُ: حَنْظَلَةُ بنُ الرَّاهِبِ، وَمِنَّا مَنْ حَمَى لَحْمَهُ الدَّبْرُ: عَاصِمُ بنُ ثَابِتِ بنِ الأَقْلَحِ.

وَقَالَ الخَزْرَجُ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ جَمَعُوا القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُمْ: أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ)). قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي.

[الحكم]:

صحيح. وصحَّحه: الحاكمُ، وابنُ عساكرَ، والضِّياءُ، وابنُ حَجَرٍ، والألبانيُّ.

وحَسَّنَهُ: البُوصيريُّ. والشطر الثاني من الحديث في (الصحيحين)، وبقية فقراته لها شواهدُ كذلك.

[اللغة]:

الدَّبْر -بفتح المهملة وسكون المُوَحَّدة-: الزَّنابير، وقيل: ذكور النحْل، ولا واحدَ له مِن لفظه. (فتح الباري لابن حَجَر 7/ 384).

[الفوائد]:

أولًا: إنما غسَّلتِ الملائكةُ حَنْظَلةَ رضي الله عنه؛ لأنه ماتَ جُنُبًا، كما سيأتي بيانُه في الأحاديثِ التاليةِ.

ص: 311

ثانيًا: قال ابنُ عبدِ البرِّ -معلِّقًا على قول الخزرج-: "يعني: لم يَقْرَأه كلَّه أحدٌ منكم يا معشرَ الأَوْس، ولكن قد قرأه جماعة من غير الأنصار، منهم: عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ، وسالمٌ مولى أبي حُذَيفةَ، وعبدُ الله بنُ عَمرو بن العاص، وغيرُهم"(الاستيعاب 1/ 382).

[التخريج]:

[ك 7172 (والرواية له) / بز 7090، (كشف 2802) (والزيادة له) / عل 2953/ عه 10848/ حكيم 65/ مشكل (10/ 375)، (14/ 222) / طب (4/ 10/ 3488) (واللفظ له) / صحا 2226/ نبص 420 = 59 ط. جامعة أم القرى/ أصبهان (2/ 93) / سعب (2/ 307 - مختصر جدًّا) / كر (7/ 323 - 324)، (16/ 368، 369) / ضيا (7/ 136 - 139/ 2570 - 2572)].

[السند]:

رواه الطَّبَراني في (المعجم الكبير)، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبةَ، ثنا يحيى بن مَعِين، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن أنس، به.

ورواه البَزَّار: عن محمد بن يحيى ويعقوبَ بنِ إبراهيمَ الدَّوْرَقي، عن عبد الوهاب بن عطاء، به.

ومداره عند الجميع على عبد الوهاب بن عطاءٍ الخَفَّاف، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ، إلا أن سعيدَ بنَ أبي عَرُوبةَ كان قدِ اختلطَ، وعبد الوهاب بن عطاء فيه كلامٌ، ولكن عبد الوهاب ممن سمِعَ من سعيدٍ

ص: 312

قديمًا قبلَ الاختلاطِ، بل ومقدَّم في سعيدٍ خاصَّةً؛ قال الإمامُ أحمدُ:"كان عالمًا بسعيدٍ"، وفي رواية، قال أحمد:"كان عبد الوهاب بن عطاء من أعلم الناس بحديث سعيد بن أبي عَرُوبة"، وقال محمد بن سعد:"لَزِمَ سعيدَ بن أبي عَرُوبة، وعُرِف بصُحبته، وكَتَب كُتُبَه"، انظر (تهذيب الكمال 18/ 511 - 513).

ولذا قال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخين".

وأخرجه الضِّياء في (المختارة)؛ فهو صحيحٌ على شرطه.

وقال ابنُ عساكرَ -عَقِبَه-: "هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ"(تاريخ دمشق (7/ 323 - 324)، وأقرَّه الألبانيُّ، فقال:"وهو كما قال"(الإرواء 3/ 168).

وقال الهَيْثَميُّ: "في الصحيح منه الذين جمعوا القرآنَ فقط. رواه أبو يَعْلَى، والبَزَّارُ، والطَّبَرانيُّ، ورجالهم رجالُ الصحيحِ"(المجمع 16537).

قال البُوصيريُّ: "رواه أبو يَعْلَى المَوْصِلي، والبَزَّارُ، والطَّبَراني في (الكبير)، بإسنادٍ حسَنٍ، وهو في الصحيح باختصارٍ"(إتحاف الخيرة 7/ 326).

وقال ابنُ حَجَر: "إسنادٌ صحيحٌ"(مختصر زوائد البَزَّار 2046).

قلنا: ولكلِّ فقرة في الحديثِ شاهدٌ صحيحٌ.

فشَطْرُ الحديثِ الأخير، في (الصحيحين): عن قَتادة، قال: سألتُ أنسَ بنَ مالكٍ رضي الله عنه: مَن جمعَ القرآنَ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ((أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ)). [قلتُ لأنس: مَن أبو زيد؟ قال: أحدُ عُمُومتي]. [البخاري (3810 (والزيادة له)، 5003 (واللفظ له)، ومسلم (2465)].

ص: 313

والشَّطْرُ الأولُ، لكل فقرة فيه شاهدٌ صحيح أيضًا؛

* فأمَّا اهتزازُ عرش الرحمن لموت سعد بن مُعاذ؛ فعند البخاري (3803)، ومسلمٍ (2466) من حديث جابر. وعند مسلم (2467) من حديث أنس.

* وأمَّا حمايةُ الدَّبْر لعاصم بن ثابت؛ فعند البخاري (3045، 3989، 4086) من حديث أبي هُريرة.

* وأمَّا تغسيلُ الملائكة لحَنْظَلةَ بن الراهب، فتقدَّم في الباب من حديث ابن الزُّبَير، ومحمودِ بن لَبِيد.

* وأمَّا إجازةُ شهادةِ خُزَيْمةَ بن ثابت بشهادة رجُلين؛ فعند البخاري (2807) من قول زيد بن ثابت.

وقصَّتُه في (سنن أبي داود 3607) وغيرِه بإسنادٍ صحيحٍ من حديثِ خُزَيمةَ بنِ ثابتٍ.

* * *

ص: 314

رِوَايَةٌ بِذِكْرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ بَدَلَ أَبِي زَيْدٍ:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: ((تَفَاخَرَتِ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ، فَقَالَ الأَوْسُ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ لَيْسَ فِيكُمْ مِثْلُهُمْ: مِنَّا مَنِ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِهِ: سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، وَمِنَّا غَسِيلُ المَلَائِكَةِ: حَنْظَلَةُ بنُ أَبِي عَامِرٍ، وَمِنَّا مَنْ حَمَتْ لَحْمَهُ الدَّبْرُ: عَاصِمُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَمِنَّا مَنْ جُعِلَتْ شَهَادَتُهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ: خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ [رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ].

فَقَالَتِ الخَزْرَجُ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ جَمَعَ كِتَابَ اللهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ، وَأَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَجْمَعْهُ رَجُلٌ مِنْكُمْ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ [عَامِرُ بنُ مَالِكٍ رضي الله عنهم])).

[الحكم]:

إسنادُهُ ساقطٌ بهذا السياقِ، والصواب:(أبو زيد) بدلَ: (أبي الدَّرْداء).

[التخريج]:

[مستغفض 371 (والزيادة له) / منتظم (3/ 39) (واللفظ له)].

[السند]:

أخرجه المُسْتَغْفِريُّ في (فضائل القرآن)، وابنُ الجَوْزي في (المنتظم): من طريق الهَيْثَم بن عَدِي، عن سعيد بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن أنس، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ آفتُه: الهَيْثَم بن عَدِي الطائي؛ فقد كذَّبه ابنُ مَعِين، والبخاريُّ، وأبو داودَ، وغيرُهم. انظر (لسان الميزان 8312).

وقد خالفه عبدُ الوهابِ بنُ عطاءٍ؛ فرواه عن سعيد به بغير هذا السياق، وقال في الأربعة الذين جمعوا القرآن:(أبو زيد) بدلَ: (أبي الدَّرْداء).

ص: 315

وكذا في (الصحيحين) من طريقِ شُعبةَ، وعند البخاريِّ من طريقِ هَمَّام، كلاهما عن قَتادة، عن أنس.

وأمَّا روايةُ عبد الله بن المُثَنَّى- كما عند البخاري (5004) -، عن ثابتٍ البُنانيِّ وثُمامةَ، عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال:((مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَجْمَعِ القُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ)).

فذَكَر فيه: (أبا الدَّرْداء) بدلَ: (أُبَيِّ بن كعب)، فهي وهَمٌ من عبد الله بن المُثَنَّى، فهو وإن وثَّقه بعضُهم، فقد ضَعَّفَهُ آخرون، ولخَّص حالَه الحافظُ بقوله:"صدوقٌ كثيرُ الغلَط"(التقريب 3571).

وقد جزمَ البَيْهَقيُّ وغيرُه بأن ذِكْر (أبي الدَّرْداء) وهَمٌ، انظر (فتح الباري 9/ 52).

وسيأتي مزيدُ بيانٍ لذلك في "موسوعة المناقب"، و"فضائل القرآن"، إن شاء الله تعالى.

* * *

ص: 316

2629 -

حَدِيثُ قَتَادَةَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ((افْتَخَرَتِ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ، فَقَالَتِ الأَوْسُ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ لَيْسَ فِيكُمْ مِثْلُهُمْ: سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الَّذِي اهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ، وَمِنَّا عَاصِمُ بنُ ثَابِتِ بنِ الأَقْلَحِ

(1)

الَّذِي حَمَتْهُ الدَّبْرُ، وَمِنَّا حَنْظَلَةُ غَسِيلُ المَلَائِكَةِ، وَمِنَّا خُزَيْمَةُ بنُ ثَابِتٍ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ.

فَقَالَتِ الخَزْرَجُ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ لَيْسَ فِيكُمْ مِثْلُهُمْ؛ جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ عليه السلام فِينَا: مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، وَفِينَا أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَفِينَا زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَفِينَا أَبُو زَيْدٍ)).

قَالَ: فَقال ابنُ أَبِي عَرُوبَةَ:

تِلْكَ المَفَاخِرُ لَا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ

شِيبَا بِمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أَبْوَالا

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ مرسَلٌ.

[التخريج]:

[مستغفض 372].

[السند]:

أخرجه المُسْتَغْفِريُّ في (فضائل القرآن) قال: أخبرنا الشيخ أبو عليٍّ زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاقَ إبراهيم بن محمد بن يحيى الخُوري بالبصرة، حدثنا بِشْر بن آدمَ -هو ابنُ بنتِ أزهرَ السَّمَّان-، حدثنا محمد بن عبد الله

(1)

تصحَّفَ في (المطبوع) إلى: الأفلح -بالفاء-، وفي التراجم: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح.

ص: 317

الأنصاري، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه -مع إرساله- بِشْرُ بنُ آدمَ؛ وهو "صدوقٌ فيه لِينٌ"، كما في (التقريب 675).

وأبو إسحاقَ إبراهيم بن محمد بن يحيى الخُوري؛ لم نعرفْه. وفي شيوخ زاهر بن أحمد أبي عليٍّ السَّرَخْسي: (أبو إسحاقَ إبراهيم بن أحمد المَرْوَزي الفقيه الشافعي)، فلعلَّه هو فتصحَّف. والله أعلم.

وقد تقدَّم الحديثُ موصولًا: من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قَتادةَ، عن أنس، وهو أصحُّ من هذه الرواية المرسَلة. والله أعلم.

ص: 318

2630 -

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ مَحْمُودِ بنِ لَبِيدٍ: ((إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْبِقَنَا المَلَائِكَةُ)):

◼ عَنْ مَحْمُودِ بنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه، قَالَ: ((لَمَّا أُصِيبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ يَوْمَ الخَنْدَقِ

))، الحَدِيثَ مُطَوَّلًا، وَفِيهِ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَأَسْرَعَ المَشْي حَتَّى تَقَطَّعَتْ شُسُوعُ نِعَالِنَا وَسَقَطَتْ أَرْدِيَتُنَا عَنْ أَعْنَاقِنَا، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتْعَبْتَنَا فِي المَشْيِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْبِقَنَا المَلَائِكَةُ إِلَيْهِ فَتُغَسِّلَهُ كَمَا غَسَّلَتْ حَنْظَلَةَ

))، وَسَاقَ الحَدِيثَ بِطُولِهِ.

[الحكم]:

مرسلُ صحابيٍّ حسَنُ الإسنادِ، وصحَّحَه الألبانيُّ.

[التخريج]:

[سعد (3/ 395) / تخأ 62].

[السند]:

رواه البخاريُّ في (التاريخ الأوسط)، وابنُ سعدٍ في (الطبقات): عن الفَضْلِ بنِ دُكَين، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن سُلَيمان بن الغَسِيل، عن عاصم بن عُمرَ بن قَتادةَ، عن محمود، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ حسَنٌ؛ رجالُه ثقات، غير عبد الرحمن ابن الغَسِيل؛ فاحتجَّ به الشيخان، ووثَّقه ابنُ مَعِين، وأبو زُرْعةَ، والنَّسائيُّ، والدَّارَقُطْني. وقال أحمد:"صالح". وفي رواية عن يحيى: "صُوَيْلِح". وفي روايةٍ عن النَّسائيِّ: "ليس بالقوي". وقال ابنُ عَدِيِّ: "هو ممن يُعتبَرُ حديثُه ويُكتَبُ"، انظر (تهذيب التهذيب 6/ 189 - 190). وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 85)،

ص: 319

وذكره أيضًا في (المجروحين 2/ 57) وقال: "كان ممن يُخطئُ ويَهِمُ كثيرًا".

وقال الحافظ: "صدوقٌ، فيه لِينٌ"(التقريب 3887)، مع أنه قال في (مقدمة الفتح ص 417):"تضعيفهم له بالنسبة إلى غيره ممن هو أثبتُ منه مِن أقرانه، وقد احتجَّ به الجماعةُ سوى النَّسائيِّ".

وقال الذَّهَبي: "صدوقٌ"(الكاشف 3213)، وقال في (ديوان الضعفاء 2454):"ثقة، قال النَّسائي: ليس بالقوي".

قلنا: فلا ينزل حديثُه عن رتبةِ الحسنِ. والله أعلم.

وقد صحَّح سندَهُ الألبانيُّ في (الصحيحة 1158).

ورواه ابنُ سعدٍ أيضًا: عن الواقِديِّ، عن عاصمٍ، به نحوَه. ولكن الواقِدي متروكٌ متَّهَمٌ.

ص: 320

2631 -

حَدِيثُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ:

◼ عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه:

وَذَكَرَ حَدِيثَ تَحْكِيمِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ مَاتَ سَعْدٌ رضي الله عنه مِنَ الخَنْدَقِ بِشَهْرٍ -بَعْدَ قُرَيْظَةَ بِلَيَالٍ-، فَانْتَقَلَهُ قَوْمُهُ مِنَ المَسْجِدِ، فَأَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأُخْبِرَ أَنَّ قَوْمَهُ قَدِ انْتَقَلُوهُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسْرِعًا، فَإِنَّهُ لَيَنْقَطِعُ شِسْعُ الرَّجُلِ فَمَا يَرْجِعُ، وَيَسْقُطُ رِدَاؤُهُ فَمَا يَلْوِي عَلَيْهِ، وَمَا يعج أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ

وَقَالَ المُسْلِمُونَ: إِنْ كِدْتَ لَتُقَطِّعَنَا [-يَعْنُونَ: فِي السُّرْعَةِ-]، قَالَ:((خَشِيتُ أَنْ تَسْبِقَنَا المَلَائِكَةُ إِلَى غُسْلِهِ -أَوْ قَالَ: إِلَى الصَّلَاةِ- كَمَا سَبَقَتْنَا إِلَى غُسْلِ حَنْظَلَةَ بنِ أَبِي عَامِرٍ)). وَذَكَرَ الحَدِيثَ.

[الحكم]:

إسنادُهُ ليِّنٌ. وقصةُ الإسراعِ إلى سعد بن معاذ، مع قول النبي صلى الله عليه وسلم ((خَشِيتُ أَنْ تَسْبِقَنَا

إلخ))، تقدَّمتْ بإسنادٍ حسَنٍ من حديثِ محمودِ بنِ لَبِيد.

[التخريج]:

[مشكل 4174 مختصرًا / نبص (ج 6/ رقم 58/ طبعة جامعة أم القرى)

(1)

"واللفظ له"].

[السند]:

أخرجه الطَّحاوي في (شرح مشكل الآثار)، قال: حدثنا أبو أُمَيَّةَ، قال: حدثنا يعقوب بن محمد بن عيسى الزُّهْري، قال: حدثنا صالح بن محمد بن

(1)

وسقط هذا الحديث من طبعة دار النفائس المعتمدة.

ص: 321

صالح التَّمَّارُ، ومَعْنُ بن عيسى، وعبد العزيز بن عِمْرانَ، عن محمد بن صالح، عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه، به.

وأخرجه أبو نُعَيم في (الدلائل) من طريق عليِّ بن سَهْل بن المُغيرة، عن يعقوبَ بن محمد، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ليِّنٌ؛ فيه يعقوبُ بن محمد بن عيسى الزُّهْري؛ وهو "صدوق كثيرُ الوهَمِ"(التقريب 7834).

ومحمدُ بنُ صالح بن دينار التَّمَّار؛ وهو "صدوقٌ يخطئُ" كما في (التقريب 5961).

وقد وهَّمه الدَّارَقُطْنيُّ في هذا الإسنادِ، انظر (العلل 573).

ص: 322

2632 -

حَدِيثُ ابنِ عَبَّاسٍ: فِي فَضلِ حَمْزَةَ وَحَنْظَلَةَ:

◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ حَمْزةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَحَنْظَلَةُ بنُ الرَّاهِبِ رضي الله عنهما وَهُمَا جُنُبَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((رَأَيْتُ المَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُمَا)).

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَبْصَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَنْظَلَةَ بنَ الرَّاهِبِ وَحَمْزَةَ رضي الله عنهما تُغَسِّلُهُمَا المَلَائِكَةُ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ: البَيْهَقيُّ، والنَّوَويُّ، والزَّيْلَعيُّ، وابنُ حَجَرٍ. وإنما ثبَتَ ذلك لحَنْظَلةَ فقط، كما سبقَ.

[التخريج]:

تخريج السياق الأولى: [طب (11/ 391/ 12094) / هقع 7460/ سط (ص 153)].

تخريج السياق الثاني: [طب (11/ 395/ 12108) (واللفظ له) / هق 6897/ كر (6/ 442) / سلمي (طبقات ص 304) / نبق 108].

[التحقيق]:

هذا الحديث له طريقان:

الطريق الأول:

رواه الطَّبَراني في (الكبير 12094): عن محمد بن عثمانَ بن أبي شَيْبة، حدثني عمِّي القاسمُ، ثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ بن سعد، ثنا شَرِيك، عن حَجَّاج، عن الحَكَم، عن مِقْسَم، عن ابن عباس، به.

ورواه البَيْهَقي في (المعرفة): من طريق الحسن بن سفيانَ، عن القاسم،

ص: 323

به.

وهذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عللٍ:

الأولى: حَجَّاجٌ هو ابنُ أَرْطاةَ؛ وهو "صدوقٌ، كثيرُ الخطإِ والتدليسِ" كما في (التقريب 1119).

العلة الثانية: شَرِيكٌ هو النَّخَعيُّ؛ سيِّئ الحفظ. وقال الحافظ: "صدوقٌ، يخطئُ كثيرًا". (التقريب 2787).

العلة الثالثة: القاسمُ بنُ أبي شَيْبةَ؛ ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 9/ 18)، وقال:"يخطئُ ويخالفُ".

وقد تُوبِع شَرِيكٌ بما لا يُعتدُّ به؛ فرواه بَحْشَل في (تاريخ واسط): عن وَهْب بن بَقِيَّة، عن عبد الرحمن بن حَكِيم، عن حَجَّاج، بإسناده ومتْنِه.

فظاهر هذه الرواية أن عبد الرحمن بن حَكِيم تابع شَرِيكًا، فتنحصر العلةُ في حَجَّاجٍ وحدَه، ولكن متابعته هذه لا تُفيد؛ من وجهين:

الوجه الأول: أن عبد الرحمن هذا لم نجدْ مَن ترجم له غيرَ أسلَمَ، ولم يذكرْ فيه شيئًا، ولم نجدْ مَن روَى عنه غيرَ وَهْب؛ فهو مجهول العين والحال.

الوجه الثاني: أن أسلَمَ ذَكر في (تاريخه ص 61): "أن شَرِيكًا لما قَدِم إلى واسِط نزلَ على عبد الرحمن بن حَكِيم هذا"، فيحتمل أنه أخذه من شَرِيكٍ فأسقَطه، والله أعلم.

وقال البَيْهَقيُّ في (المعرفة): "فهذا إنما يرويه الحَجَّاج بن أَرْطاة، وهو غيرُ محتَجٍّ به، غير أن له في حَنْظَلةَ بنِ الراهبِ مِن نقْل أهلِ المغازي شواهدَ ذكرْناها في كتاب (السنن) ".

ص: 324

وضَعَّفَهُ النَّوَويُّ في (الخلاصة 3369)، والزَّيْلَعيُّ في (نصب الراية 2/ 317).

ورغم ذلك كلِّه قال الهَيْثَميُّ: "إسنادُهُ حسَنٌ"!! (المجمع 4080).

وتبِعه الحافظُ في (الفتح 3/ 212)، فقال: "روى الطَّبَرانيُّ

بإسنادٍ لا بأسَ به"، ثم قال: "غريبٌ في ذِكْر حمزةَ".

مع أن الحافظَ قد ضَعَّفَهُ في (التلخيص 2/ 239)، وفي (الدراية 1/ 244)، فأصابَ.

ورمز لحُسْنه السُّيوطيُّ في (الجامع الصغير 4378).

وحسَّنَه الألبانيُّ في (صحيح الجامع 3463)، و (أحكام الجنائز ص 56).

الطريق الثاني:

رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير 12094)، والبَيْهَقيُّ في (السنن)، وغيرُهما: من طريق منصور بن أبي مُزاحِم، ثنا أبو شَيْبةَ، عن الحَكَم، عن مِقْسَم، عن ابن عباس، به.

وهذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ أبو شَيْبةَ هو إبراهيمُ بنُ عثمانَ العَبْسيُّ؛ وهو "متروك الحديث" كما في (التقريب 215)؛ فلا يُعتبَرُ بروايته هذه.

وبه ضَعَّفَهُ الحافظُ، فقال:"وفي إسنادِ البَيْهَقيِّ: أبو شَيْبةَ الواسِطيُّ، وهو ضعيفٌ جدًّا"(التلخيص الحبير 2/ 239).

* * *

ص: 325

رِوَايَةُ حَنْظَلَةَ وَحْدَهُ:

• عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قُتِلَ حَنْظَلَةُ بنُ عَامِرٍ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((لَقَدْ رَأَيْتُ المَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ)). فَبَعَثَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَسَأَلَهَا؟ فَقَالَتْ: سَمِعَ الْهَيْعَةَ وَهُوَ نَائِمٌ فِي ثَوْبِهِ، وَهُوَ جُنُبٌ لَمْ يَغْتَسِلْ.

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ مظلمٌ.

[التخريج]:

[قوام (ص 380)].

[السند]:

أخرجه إسماعيلُ الأَصْبَهاني المعروفُ بقَوَّام السُّنَّةِ في (سِيَر السلف الصالحين)، قال: أخبرنا أبو مسعود السوزرجاني، حدثنا عليُّ بن ماشَاذَه، حدثنا عبد الله بن الحسن، حدثنا محمد بن اللَّيْث المُرِّيُّ، حدثنا شُعيب بن سلامةَ بن محمد الصريح، حدثنا موسى بن عُتْبةَ، عن قُرَيْظ، عن ابن عباس، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ مظلِمٌ؛ لم نهتدِ إلى معرفة أكثرِ رُواته، ولعلَّ في الأسماءِ تَصحيفًا، والله أعلم.

[تنبيه]:

قال الحافظُ: "ورواه الحاكمُ في (الإكليل) من حديثِ أبي أُسَيد، وفي إسنادِهِ ضعْفٌ"(التلخيص الحبير 2/ 239).

ولكن قال الشَّوْكانيُّ: "رواه الحاكمُ في (الإكليل) من حديثِ ابنِ عباسٍ

ص: 326

بإسنادٍ ضعيفٍ" (نيل الأوطار 4/ 37). وكذا قال صاحبُ (فتح الغفار 2183).

ولم نقفْ عليهما، فالله أعلم.

ص: 327

2633 -

حَدِيثُ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ:

◼ عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ المَلَائِكَةَ لَتُغَسِّلُ حَنْظَلَةَ مِنْ بَيْنِ القَتْلَى)). قَالَ: فَقُمْنَا إِلَى حَنْظَلَةَ فَمَسِسْنَا رَأْسَهُ فَوَجَدْنَاهُ رَطْبًا.

[الحكم]:

إسنادُهُ واهٍ. والمرفوعُ منه صحيحٌ بشواهدِهِ، كما سبقَ.

[التخريج]:

[ني 1112].

[السند]:

قال الرُّوياني: نا أبو زُرْعةَ عُبَيدُ الله بن عبد الكريم، نا أبو إبراهيمَ بن يعقوبَ، عن محمد العَوْفي، نا أبي، نا يعقوب بن إسحاقَ بن إبراهيمَ (بن)

(1)

مُجَمِّع، عن بعض بني ساعِدة، عن العباس، عن أبيه، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ واهٍ؛ مسلسَلٌ بالعِلل:

الأولى: إبهام مَن روى عن العباس بن سَهْل.

الثانية: يعقوب بن إسحاقَ؛ قال البخاري: "روَى عنه يعقوب بن محمد الزُّهْري حديثًا منكَرًا"، قال الذَّهَبي:"ويعقوب بن محمدٍ منكَرُ الحديث أيضًا"، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات). وانظر:(اللسان 8626).

الثالثة: أبو محمد العَوْفي هو الحسن بن عَطِيةَ العَوْفي؛ ضعيفٌ كما في

(1)

في المطبوع: (عن)! وهو خطأٌ.

ص: 328

(التقريب 1256).

الرابعة: محمد العَوْفي؛ قال الذَّهَبيُّ: "ليَّنُوه"(الكاشف 4796).

الخامسة: أبو إبراهيمَ شيخُ أبي زُرْعةَ؛ ذكره ابنُ أبي حاتم وسكتَ عنه، ولم يذكر له راويًا غيرَ أبي زُرْعةَ. (الجرح والتعديل 2/ 80).

* * *

ص: 329

2634 -

حَدِيثُ مَسْلَمَةَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْظَلَةَ الغَسِيلِ:

◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ عِيسَى بنِ مَسْلَمَةَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْظَلَةَ بنِ أَبِي عَامِرِ بنِ عَبْدِ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ:((أَنَّ حَنْظَلَةَ بنَ أَبِي عَامِرٍ تَزَوَّجَ فَدَخَلَ بِأَهْلِهِ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَتْ صَبِيحَتُهَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ لَزِمَتْهُ جَمِيلَةُ، فَعَادَ فَكَانَ مَعَهَا فَأَجْنَبَ (مِنْهَا)

(1)

، ثُمَّ إِنَّهُ لَحِقَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم).

[الحكم]:

إسنادُهُ واهٍ. وقال الذَّهَبيُّ: مظلمٌ.

[التخريج]:

[ك 4986].

[السند]:

أخرجه الحاكمُ في (المستدرك 4986)، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانِئ، حدثنا أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن إسحاقَ بن إبراهيمَ بن عيسى بن مسَلَمةَ بن سُلَيمانَ بن عبد الله بن حَنْظَلةَ بن أبي عامر بن عبد عَمرٍو، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ واهٍ مظلمٌ؛ فيه إبراهيمُ بن إسحاقَ؛ قال عنه ابنُ حِبَّانَ: "كان يقلبُ الأخبارَ، ويسرقُ الحديثَ"(المجروحين 1/ 119).

وذكرَ الحاكمُ في (تاريخ نيسابور) أن ابنَ الأَخْرَم حدَّثَ عنه في (صحيحه

(1)

تصحَّفت في المطبوع من طبعة التأصيل إلى: (فيها)! والصواب المثبَت كما في الطبعات الأخرى كلها؛ فهي المناسبة للسياق.

ص: 330

المستخرَج)، ثم قال:"وأنا أتعجَّبُ من شيخنا كيفَ حدَّثَ عن هذا الشيخ في (الصحيح) وليس في كتابه من أشباهه منَ المجهولين أحدٌ؟! وكتابه الصحيح نظيفٌ بمَرَّة"(لسان الميزان 1/ 238).

قلنا: فالعجبُ كيف خرَّجَ هو عنه في (المستدرك على الصحيحين)!!.

وفيه أيضًا: إسحاقُ بنُ إبراهيمَ بنِ عيسى والدُ إبراهيم، وأبوه إبراهيم بن عيسى بن مَسْلَمة، وجدُّه مسلمة: لم نجدْ لهم ترجمةً.

ولذا قال الذَّهَبيُّ: "روَى بإسنادٍ مظلمٍ

" فذكره، (تلخيص المستدرك 3/ 204).

* * *

ص: 331

2635 -

حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قُتِلَ حَنْظَلَةُ بنُ الرَّاهِبِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَرَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَمْ يَكُنْ هَذَا لِأَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ غَيْرِهِ.

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ بما تقدَّمَ، وإسنادُهُ مرسَلٌ ضعيفٌ.

[التخريج]:

[صمند (ص 378)].

[السند]:

قال ابنُ مَنْدَهْ في (معرفة الصحابة): أخبرنا أبو عثمانَ عَمرُو بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب النَّيْسابُوري، قال: حدثنا يَعْلَى بن عُبَيد، عن عُبَيْدة بن مُعَتِّب، عن إبراهيمَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأُولى: الإرسال؛ فإبراهيمُ هو النَّخَعي، من صغار التابعين؛ فروايتُه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسَلة.

الثانية: عُبَيدة بن مُعَتِّب؛ "ضعيفٌ، واختلطَ بأَخَرَة" كما في (التقريب 4416).

وقد صحَّ الحديثُ من حديثِ ابنِ الزُّبَير ومحمودِ بن لَبِيد رضي الله عنهم، كما سبق.

* * *

ص: 332

2636 -

حَدِيثُ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، مُرْسَلًا:

◼ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:((قُتِلَ حَمْزَةُ رضي الله عنه يَوْمَ أُحُدٍ، وَقُتِلَ حَنْظَلَةُ بنُ الرَّاهِبِ الَّذِي طَهَّرَتْهُ المَلَائِكَةُ رضي الله عنه يَوْمَ أُحُدٍ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ: عَنْ عَامِرٍ: ((أَنَّ حَنْظَلَةَ بنَ الرَّاهِبِ رضي الله عنه طَهَّرَتْهُ المَلَائِكَةُ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ.

[التخريج]:

[ش 11110، 32873 (واللفظ له)، 33489، 37920/ سعد (4/ 292) / صمند (ص 377) / هق 6896 (واللفظ له)].

[السند]:

رواه ابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنف 32873، 37920)، قال: حدثنا عبدُ الرَّحيم بن سُلَيمانَ، عن زكريا، عن عامر، به. بلفظ الرواية الأولى.

ورواه ابنُ أبي شَيْبةَ أيضًا (11110، 33489): عن وَكِيع، عن زكريا، به بلفظ الرواية المختصَرة.

ومداره عندَهم على زكريا بن أبي زائِدة، عن عامر الشَّعْبي، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ، إلا أنه ضعيفٌ؛ لإرساله؛ فعامرٌ الشَّعْبيُّ تابعيٌّ من الثالثة.

وقال البَيْهَقيُّ -عَقِبَه-: "مرسَلٌ، وهُو فيما بين أهلِ المغازي معروفٌ".

* * *

ص: 333

2637 -

حَدِيثُ عُرْوَةَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِامْرَأَةِ حَنْظَلَةَ بنِ أَبِي عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: ((مَا كَانَ شَأْنُهُ؟ )). فَقَالَتْ: كَانَ جُنُبًا يَغْسِلُ أَحَدَ شِقَّيْ رَأْسِهِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْهَيْعَةَ خَرَجَ فَقُتِلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((لَقَدْ رَأَيْتُ المَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ)).

[الحكم]:

صحيح المتن، إلا قولَ زوجتِه:((كَانَ جُنُبًا يَغْسِلُ أَحَدَ شِقَّيْ رَأْسِهِ))، وهذا إسنادُهُ ضعيفٌ؛ لإرساله.

[التخريج]:

[غو (2/ 591)].

[السند]:

رواه ابنُ بَشْكُوال في (الغوامض): عن أبي محمد عبد الرحمن بن محمد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن مَرْوانَ القُنازعي، قال: ثنا أبو محمد الباجي، ثنا أحمد بن خالد، ثنا عليُّ بن عبد العزيز، ثنا حَجَّاج بن مِنْهال، ثنا حَمَّاد بن سلمة، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيه، به.

[التحقيق]:

هذا سندٌ ضعيفٌ؛ لإرساله، وقد صحَّ الحديثُ بشواهدِهِ كما سبقَ، إلا قولَ زوجته:((كَانَ جُنُبًا يَغْسِلُ أَحَدَ شِقَّيْ رَأْسِهِ))، تعني: أنه كان يغتسلُ منَ الجنابةِ فخرجَ ولم يُتِمَّ الغُسل.

* * *

ص: 334

رِوَايَةٌ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: خَرَجَ حَنْظَلَةُ بنُ أَبِي عَامِرٍ رضي الله عنه مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ وَاقَعَ امْرَأَتَهُ، فَخَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ لَمْ يَغْتَسِلْ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ لَقِيَ حَنْظَلَةَ أَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ، فَسَقَطَ أَبُو سُفْيَانَ عَنْ فَرَسِهِ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ حَنْظَلَةُ، وَقَعَدَ عَلَى صَدْرِهِ يَذْبَحُهُ، فَمَرَّ بِهِ جَعْوَنَةُ بنُ شَعُوبٍ الكِنَانِيُّ، فَاسْتَغَاثَ بِهِ أَبُو سُفْيَانَ، فَحَمَلَ عَلَى حَنْظَلَةَ، فَقَتَلَهُ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ، وَيَقُولُ:

لَأَحْمِيَنَّ صَاحِبِي وَنَفْسِي

بِطَعْنَةٍ مِثْلِ شُعَاعِ الشَّمْسِ

[الحكم]:

مرسَلٌ ضعيف.

[التخريج]:

[دلائل (نصب 2/ 318)].

[السند]:

رواه قاسم بن ثابت السَّرَقُسْطي في (الدلائل في غريب الحديث) -كما في (نصب الراية)

(1)

- قال: حدثنا عبد الله بن عليٍّ، ثنا محمد بن يحيى، ثنا إبراهيم بن يحيى، ثنا أبي، عن محمد بن إسحاقَ، عن محمد بن مسلم الزُّهْري، عن عُروةَ بن الزُّبَير، به.

عبد الله بن عليٍّ هو: ابن الجارُود الحافظُ صاحبُ المنتقَى، وشيخُه هو: محمد بن يحيى الذُّهْلي.

(1)

ولم نقف عليه في الأجزاء المطبوعة من الكتاب.

ص: 335

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه أربعُ علل:

الأولى: الإرسالُ.

الثانية: محمد بن إسحاقَ؛ مدلِّسٌ، وقد عنعن.

الثالثة: يحيى والدُ إبراهيمَ هو: يحيى بن محمد بن عَبَّاد الشَّجَري؛ قال عنه الحافظ: "ضعيف، وكان ضريرًا يتلقَّن"(التقريب 7637).

الرابعة: إبراهيم بن يحيى بن عَبَّاد؛ قال عنه الحافظ: "ليِّنُ الحديث"(التقريب 268).

* * *

رِوَايَةٌ: فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عُرْوَةَ:((فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: حَنْظَلَةُ بنُ أَبِي عَامِرِ بنِ صَيْفِيِّ بنِ نُعْمَانَ غَسِيلُ المَلَائِكَةِ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ مرسَلٌ ضعيفٌ.

[التخريج]:

[طب (4/ 10/ 3486) / صحا 2223].

[السند]:

أخرجه الطَّبَراني في (المعجم الكبير) -وعنه أبو نُعَيم في (الصحابة) - قال: حدثنا محمد بن عَمرو بن خالد الحَرَّاني، حدثني أبي، ثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأَسْود، عن عُروةَ، به.

ص: 336

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه -مع إرساله- ابنُ لَهِيعة؛ وهو ضعيفٌ كما تقدَّم مِرارًا.

* * *

ص: 337

2638 -

حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ، مُرْسَلًا:

◼ عَنِ ابنِ شِهَابٍ: ((فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: حَنْظَلَةُ بنُ أَبِي عَامِرٍ رضي الله عنه، وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَتْهُ المَلَائِكَةُ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ مرسَلٌ.

[التخريج]:

[طب (4/ 10/ 3487) (واللفظ له) / صحا 2224].

[السند]:

أخرجه الطَّبَرانيُّ في (المعجم الكبير)، قال: حدثنا الحسن بن هارونَ بن سُلَيمانَ الأَصْبَهانيُّ، حدثنا محمد بن إسحاقَ المُسَيِّبي، حدثنا محمد بن فُلَيح، عن موسى بن عُقْبة، عن ابن شهاب، به.

ورواه أبو نُعَيم في (الصحابة 2224): من طريق إبراهيم بن المُنْذِر، عن محمد بن فُلَيْح، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لإرساله، فالزُّهْريُّ من صغار التابعين، ومراسيلُه واهيةٌ.

وفيه أيضًا: محمدُ بن فُلَيْح بن سُلَيمان، مختلف فيه؛ روَى له البخاري، ووثَّقَه الدَّارَقُطْنيُّ، وليَّنه ابنُ مَعِين وأبو حاتم، (تهذيب التهذيب 9/ 406). وقال الحافظُ:"صدوق يَهِم"(التقريب 6228). وقال في (مقدمة الفتح ص 442): "أخرج له البخاريُّ نسخةً

تُوبِع على أكثرِها عنده". وذكره العُقَيليُّ في (الضعفاء 3/ 538)، وقال: "يخالَفُ في حديثِهِ"، وفي بعض

ص: 338

النسخ: "لا يتابَعُ في حديثه".

وأما الهَيْثَميُّ فاكتفى بقوله: "ورجاله رجالُ الصحيح"(المجمع 6/ 135).

* * *

ص: 339

2639 -

حَدِيثُ الْوَاقِدِيِّ:

◼ عَنِ الوَاقِدِيِّ، قَالَ: قَالُوا: وَكَانَ حَنْظَلَةُ بنُ أَبِي عَامِرٍ رضي الله عنه تَزَوَّجَ جَمِيلَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ ابنِ سَلُولَ، فَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي فِي صُبْحِهَا قِتَالُ أُحُدٍ. وَكَانَ قَدِ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا، فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ غَدَا يُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَزِمَتْهُ جَمِيلَةُ، فَعَادَ فَكَانَ مَعَهَا، فَأَجْنَبَ مِنْهَا، ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ، وَقَدْ أَرْسَلَتْ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ قَوْمِهَا فَأَشْهَدَتْهُمْ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِهَا، فَقِيلَ لَهَا بَعْدُ: لِمَ أَشْهَدْتِ عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ كَأَنَّ السَّمَاءَ فُرِجَتْ فَدَخَلَ فِيهَا حَنْظَلَةُ ثُمَّ أُطْبِقَتْ، فَقُلْتُ: هَذِهِ الشَّهَادَةُ. فَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِهَا

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنِّي رَأَيْتُ المَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَنْظَلَةَ بنَ أَبِي عَامِرٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ بِمَاءِ المُزْنِ فِي صِحَافِ الفِضَّةِ)).

قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رضي الله عنه: فَذَهَبْنَا فَنَظَرْنَا إِلَيْهِ، فَإِذَا رَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً. قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ رضي الله عنه: فَرَجَعْت إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ.

[الحكم]:

إسنادُهُ ساقطٌ، ومتْنُه شِبْهُ الموضوعِ. وضَعَّفَهُ الألبانيُّ.

[التخريج]:

[واقِدي (1/ 274) (واللفظ له) / سعد (4/ 292) / نبص 419].

[التحقيق]:

ذَكره الواقِديُّ في (المغازي) -وعنه ابنُ سعدٍ في (الطبقات)

(1)

،

(1)

وذكره ابنُ الجَوْزي في (التحقيق 873) من طريق ابن سعد من قوله، فكأن الواقِدي سقط من الناسخ أو الطابع، والله أعلم. وتصحَّف قوله (بماء المُزْن) في طبعة دار الكتب العلمية لكتاب (التحقيق) إلى (بماء الفرات)، وقد جاء على الصواب في (طبعة دار الوعي 1015).

ص: 340

وأبو نُعَيم في (دلائل النبوة 419) -، ولم نهتدِ إلى إسنادِهِ، ولكن على كلِّ حالٍ هو ساقطٌ؛ فالواقِديُّ متروك متَّهَمٌ بالكذبِ والوضعِ، وسبقَ الكلامُ عليه مِرارًا.

والحديثُ ضَعَّفَهُ الألبانيُّ في (ضعيف الجامع 2087).

[تنبيه]:

عزاه السُّيوطيُّ في (الخصائص الكبرى 1/ 358): لابنِ سعدٍ من طريقِ هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، بلفظ:((إِنِّي رَأَيْتُ المَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَنْظَلَةَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ بِمَاءِ المُزْنِ فِي صِحَافِ الفِضَّةِ)). قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رضي الله عنه: فَذَهَبْنَا فَنَظَرْنَا إِلَيْهِ، فَإِذَا رَأْسُهُ تَقْطُرُ مَاءً. وَفِيهِ: أَنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ: رَأَيْتُ كَأَنَّ السَّمَاءَ فُرِجَتْ لَهُ فَدَخَلَ فِيهَا ثُمَّ أُطْبِقَتْ، فَقُلْتُ: هَذِهِ الشَّهَادَةُ. اهـ.

ولم نقفْ عليه في كلِّ النسخِ المطبوعةِ من (الطبقات) لابنِ سعدٍ.

فلعلَّه في أجزاءِ مفقودةٍ حتى الآن، والله أعلم.

ثم وجدتُ السُّيوطيَّ في (الحبائك في أخبار الملائك ص 145)، وفي (جمع الجوامع 3/ 117)، و (الجامع الصغير 2646): عزاه إلى ابن سعد -أيضًا- عن خُزَيمةَ بن ثابت رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنِّي رَأَيْتُ المَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَنْظَلَةَ بنَ أَبِي عَامِرٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ بِمَاءِ المُزْنِ فِي صِحَافِ الفِضَّةِ)). ورمز لصحته في (الجامع الصغير).

ص: 341

ولم نقفْ عليه أيضًا، وهذه القصةُ بهذا السياقِ لا تُعرَف إلا من قول الواقِدي، وكذا ذكرها ابنُ سعدٍ في (الطبقات)، وأبو نُعَيمٍ في (الدلائل)، وكلُّ مَن ذكر هذا السياقَ فإنما يعزوه للواقِدي، وبعضُهم يُسقِط الواقِديَّ، فيَنسُبه لابنِ سعدٍ نفْسِه، كما تقدَّم.

* * *

ص: 342