المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌421 - باب: الجنب لا يصلي - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢١

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أَبْوَابُ الجَنَابَةِ

- ‌419 - بَابٌ: المُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ وَإِنْ أَجْنَبَ

- ‌420 - بَابٌ: مُمَاسَّةُ الجُنُبِ وَمُضَاجَعَتُهُ

- ‌421 - بَابٌ: الجُنُبُ لَا يُصَلِّي

- ‌422 - بَابٌ: الجُنُبُ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا

- ‌423 - بَابٌ: قِرَاءَةُ الجُنُبِ لِلْقُرْآنِ

- ‌424 - بَابٌ: مَسُّ الجُنُبِ لِلْمُصْحَفِ

- ‌425 - بَابٌ: مُكْثُ الجُنُبِ فِي المَسْجِدِ

- ‌426 - بَابٌ: جُلُوسُ الجُنُبِ فِي المَسْجِدِ إِذَا تَوَضَّأَ

- ‌427 - بَابٌ: مُرُورُ الجُنُبِ فِي المَسْجِدِ

- ‌428 - بَابٌ: جَوَازُ نَوْمِ الجُنُبِ وَأَكْلِهِ إِذَا تَوَضَّأَ

- ‌429 - بَابٌ: مَا وَرَدَ فِي نَوْمِ الجُنُبِ دُونَ أَنْ يَمَسَّ مَاءً

- ‌430 - بَابٌ: هَلْ يَتَيَمَّمُ الجُنُبُ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ وَكَسِلَ عَنِ الوُضُوءِ

- ‌431 - بَابٌ: الوُضُوءُ لِلْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ الجِمَاعَ

- ‌432 - بَابٌ: الغُسْلُ لِمَنْ عَاوَدَ الجِمَاعَ

- ‌433 - بَابٌ: مَا رُوِيَ فِي غَسْلِ الفَرْجِ عِنْدَ المُعَاوَدَةِ

- ‌434 - بَابٌ: المُسْلِمُ يُسْتَشْهَدُ جُنُبًا

- ‌435 - فَصْلٌ فِيمَا رُوِيَ أَنَّ المَلَائِكَةَ غَسَّلَتْ حَمْزَةَ أَيْضًا

- ‌436 - بَابٌ: مَا رُوِيَ أَنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَقْرَبُ الجُنُبَ

- ‌437 - بَابٌ: مَا رُوِيَ أَنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَحْضُرُ مَنْ يُتَوفَّى جُنُبًا

- ‌438 - بَابٌ: مَا رُوِيَ أَنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ

- ‌439 - بابٌ: مَا رُوِيَ أَنَّ الجُنُبَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَلَا يُقَلِّمُ ظُفُرَهُ، وَلَا يَنْتِفُ إِبْطَهُ

- ‌كِتَابُ الغُسْلِ وَآدَابِهِ

- ‌440 - بَابٌ: وُجُوبُ الِاغْتِسَالِ لِلْجَنَابَةِ

- ‌441 - بَابٌ: الغُسْلُ الوَاحِدُ يَكْفِي لِأَكْثَرَ مِنْ جَنَابَةٍ

- ‌442 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اغْتِسَالِ الجُنُبِ فِي المَاءِ الدَّائِمِ

- ‌أَبَوابُ التَّسَتُّرِ عِنْدَ الغُسْلِ

- ‌443 - بَابٌ: فِي حِرْصِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى التَّسَتُّرِ عِنْدَ الغُسْلِ، وَحَثِّهِ عَلَى ذَلِكَ

- ‌444 - بَابٌ: فِيمَا وَرَدَ فِي الأَمْرِ بِالتَّسَتُّرِ عِنْدَ الغُسْلِ

- ‌445 - بَابٌ: مَا يَصْنَعُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ عِنْدَ الغُسْلِ

- ‌446 - بَابٌ مِنْهُ

- ‌447 - بَابٌ: مَشْرُوعِيَّةُ الِاغْتِسَالِ عُرْيَانًا إِذَا أَمِنَ رُؤْيَةَ العَوْرَةِ

الفصل: ‌421 - باب: الجنب لا يصلي

‌421 - بَابٌ: الجُنُبُ لَا يُصَلِّي

2555 -

حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ:

◼ عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضي الله عنهما عَلَى ابنِ عَامِرٍ يَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقَالَ: أَلَا تَدْعُو اللهَ لِي يَا ابنَ عُمَرَ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ))، وَكُنْتَ عَلَى البَصْرَةِ.

[الحكم]:

صحيح (م).

[اللغة]:

((الطُّهُورُ)): قال ابنُ الأَثِير: "الطُّهورُ بالضم: التَّطهرُ، وبالفتح: الماءُ الذي يُتطهر به"(النهاية 3/ 147)، وانظر (لسان العرب 4/ 505).

وهو يشملُ التَّطهرَ منَ الحدَثِ الأكبرِ: (الجنابة، والحَيض، والنفاس)، ومنَ الحدَثِ الأصغرِ: (الغائط، والبول، والريح

).

((الغُلُولُ)): قال ابنُ الأَثِير: "هو الخيانةُ في المغنَمِ، والسرقةُ من الغنيمةِ قبلَ القِسْمةِ"(النهاية 3/ 380)، وانظر:(لسان العرب 11/ 500).

[الفوائد]:

أولًا: في الحديثِ دليلٌ صريحٌ على شَرْطيةِ الطهارةِ منَ الحدَثِ الأكبرِ

ص: 38

والأصغرِ للصلاةِ، وهذا أمرٌ مجمَعٌ عليه بينَ أهلِ العلمِ.

ثانيًا: معنى قولِ ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما لابنِ عَامرٍ: ((وَكُنْتَ عَلَى البَصْرَةِ)) أي: إنك لستَ بسالمٍ من الغُلُولِ؛ فقد كنتَ واليًا على البصرةِ، وتعلَّقتْ بك تَبِعاتٌ مِن حقوقِ اللهِ تعالى وحقوقِ العبادِ، ولا يُقبلُ الدعاءُ لمَن هذه صفتُه، كما لا تُقبل الصلاةُ والصدقةُ إلا من متصَوِّن، والظاهر -والله أعلم- أن ابنَ عُمرَ قصدَ زجْرَ ابنِ عامرٍ، وحثَّهُ على التوبةِ، وتحريضَهُ على الإقلاعِ عن المخالفاتِ، ولم يُرِد القطع حقيقةً بأن الدعاءَ للفُسَّاقِ لا ينفعُ، فلم يزلِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم والسلَفُ والخلَفُ يدعو للكفارِ وأصحابِ المعاصي بالهدايةِ والتوبةِ، والله أعلم. (شرح صحيح مسلم 3/ 103 - 104).

[التخريج]:

[م 224 (واللفظ له) / ت 1 / جه 273 / ......... ].

سبق تخريجُه برواياته وشواهدِه في باب "الوضوء شرْط الصلاة"، حديث رقم (؟؟؟؟).

* * *

ص: 39

2556 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ قِيَامًا (فَسَوَّى النَّاسُ صُفُوفَهُمْ) 1 [قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم] 1، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، [فَتَقَدَّمَ، وَهُوَ جُنُبٌ] 2 فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ، [قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ] 3 ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ، فَقَالَ لَنَا (فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ أَنْ) 2:((مَكَانَكُمْ))، ثُمَّ رَجَعَ، [فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ] 4 فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ (يَنْطِفُ) 3 [مَاءً] 5، فَكَبَّرَ، فَصَلَّيْنَا مَعَهُ.

[الحكم]:

متفقٌ عليه (خ، م).

[التخريج]:

[خ 275 (واللفظ له)، 639 (والرواية الثالثة والزيادة الخامسة له ولغيره)، 640 (والرواية الأولى والزيادة الثانية له ولغيره) / م 605 (والرواية الثانية والزيادة الثالثة والرابعة له ولغيره) / د 235/ ن 821 (والزيادة الأولى له ولغيره) / كن 955، 971/ حم 9786 7515، 7804، 9786، 10719/ خز 1712/ حب 2235/ عه 1386 - 1388/ بز 7881/ طس 9192 (مختصرًا) / طش 1741/ سراج 918 - 921/ مسن 1343، 1344/ منذ 2039 (مختصرًا) / هق 4128/ مشكل 625 - 628/ محلى (3/ 147) / تمهيد (1/ 176) / غلق (2/ 159) / ثَقَفي (سابع - فوائد 21)].

[السند]:

قال البخاريُّ (275): حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عثمان بن عُمرَ، قال: أخبرنا يونس، عن الزُّهْريِّ، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، به.

* * *

ص: 40

رِوَايَةٌ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلَاةِ (صَلَاةِ الصُّبْحِ) وَكَبَّرَ، ثُمَّ [انْصَرَفَ وَ] أَشَارَ إِلَيْهِمْ [أَيْ: كَمَا أَنْتُمْ]، فَمَكَثُوا، ثُمَّ انْطَلَقَ فَاغْتَسَلَ، [ثُمَّ جَاءَ] وَكَانَ رَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً، فَصَلَّى بِهِمْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:((إِنِّي خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ جُنُبًا، وَإِنِّي نَسِيتُ [أَنْ أَغْتَسِلَ] حَتَّى قُمْتُ فِي الصَّلَاةِ)).

[الحكم]:

المحفوظُ من حديثِ أبي هريرةَ كما سبقَ ((أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ))، وأما روايةُ ((أَنَّهُ كَبَّرَ ثُمَّ انْصَرَفَ)) فلا تثبُتُ من حديثِ أبي هريرةَ، ولها شواهدُ من حديثِ أبي بَكْرةَ وأنسٍ وعليٍّ، ومرسَلِ ابنِ سِيرينَ، ومرسَلِ عطاءِ بنِ يَسارٍ، ولا تخلو الشواهدُ المتصلةُ من مقالٍ، فإما أن يُحمَلَ ذلك على التعددِ، وإلا فما في الصحيحين أصحُّ وأقوى، والله أعلم.

[التخريج]:

[جه 1192 (واللفظ له) / حم 9786 (والزيادات له ولغيره) / طس 5420 (والرواية له ولغيره) / طص 806/ شف 323/ أم 327، 328، 3292، 3294/ هق 4124 - 5216/ هقع 4849 - 4851/ قط 1361/ تمهيد (1/ 175)].

[التحقيق]:

هذه الرواية -التي فيها أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ بَعْدَمَا كَبَّرَ- لها طريقان:

الأول:

رواه أحمدُ، قال: ثنا وَكِيعٌ، ثنا أسامة بن زيد، عن عبد الله بن يزيدَ مولى الأسودِ بنِ سفيانَ، عن ابنِ ثَوْبانَ، عن أبي هريرةَ، به.

ص: 41

ورواه ابنُ ماجه، والشافعيُّ، والدَّارَقُطْنيُّ، والبَيْهَقيُّ، من طرقٍ عن أسامةَ بنِ زيدٍ، به.

فمدارُ هذا الطريقِ على أسامةَ بنِ زيدٍ، وهو: اللَّيْثيُّ أبو زيدٍ المَدَنيُّ؛ مختلَفٌ فيه: فأخرجَ له مسلمٌ، والبخاريُّ تعليقًا. ووَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، والعِجْليُّ. وقال أبو داودَ:"صالح". وقال الذَّهَبيُّ: "صدوقٌ، قويُّ الحديثِ، أكثرَ مسلمٌ إخراجَ حديثِ ابنِ وَهْبٍ عنه، ولكن أكثرها شواهدُ ومتابعات، والظاهرُ أنه ثقةٌ"(مَن تُكُلِّم فيه وهو موثَّقٌ ص 41).

وفي المقابلِ: تركه يحيى القَطَّانُ. وقال أحمدُ: "ليس بشيءٍ". وقال أبو حاتم: "يُكتَبُ حديثُهُ، ولا يُحتجُّ به". وقال النَّسائيُّ: "ليسَ بالقويِّ"(تهذيب الكمال: 317).

ولخَّص حالَه الحافظُ، فقال:"صدوقٌ يَهِمُ"(تقريب 317).

وقد خالفَ أسامةُ بنُ زيدٍ هنا روايةَ الثقاتِ: فروَى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كبَّر -يعني: تكبيرةَ الإحرام- ثم انصرفَ، والمحفوظُ من حديثِ أبي هريرةَ -من روايةِ أبي سَلَمةَ عنه- أن انصرافَهُ صلى الله عليه وسلم كان قبلَ أن يُكَبِّرَ؛ هكذا صرَّحَ به عند مسلمٍ.

قال ابنُ رَجبٍ: "وهذه الروايةُ -يعني: روايةَ مسلمٍ- صريحةٌ في أنه صلى الله عليه وسلم انصرفَ قبلَ التكبيرِ، وهو -أيضًا- ظاهرُ روايةِ البخاريِّ. قال الحسنُ بنُ ثَوَاب:((قيلَ لأَبي عبد الله -يعني: أحمدَ بنَ حَنْبَلٍ- وأنا أسمعُ: النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين أَوْمَأ إليهم ((أَنِ امْكُثُوا))، فدخلَ فتوضَّأَ ثم خرجَ، أكان كَبَّر؟ فقال: يُروَى أنه كبَّر، وحديثُ أبي سَلَمةَ لَمَّا أخذَ القومُ أماكنَهم منَ الصَّفِ، قال لهم:((امْكُثُوا))، ثم خَرَجَ فَكَبَّرَ)).

ص: 42

فبيَّنَ أحمدُ أن حديثَ أبي سَلَمةَ عن أبي هريرةَ يدلُّ على أنه لم يكنْ كبَّرَ، وأما قولُهُ:((يُروَى أنه كبَّرَ))، فيدلُّ على أن ذلك قد رُوي، وأنه مخالفٌ لحديثِ أبي سَلَمةَ عن أبي هريرةَ، وأن حديثَ أبي سَلَمةَ أصحُّ، وعليه العملُ" (الفتح لابن رجب 5/ 430 - 431).

وقد ضَعَّفَ جماعةٌ منَ العلماءِ روايةَ أُسامةَ هذه:

قال الحافظُ ابنُ رَجَبٍ -بعد أن أوردَ هذا الحديثَ-: "وأُسامةُ بنُ زيدٍ هو: اللَّيْثيُّ، وليسَ بذلك الحافظ"(فتح الباري لابن رجب 5/ 432).

وضَعَّفَهُ أبو الحسنِ السُّبْكيُّ، وقال: "والصحيحُ ما رواه البخاريُّ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه:

انْتَظَرْنَاهُ أَنْ يُكَبِّرَ، فَانْصَرَفَ

" (الفتاوى 1/ 145).

وقال الزَّيْلَعيُّ: "والأظهرُ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم تذكَّرَ الجنابةَ قبلَ أن يصلِّي، وقد صرَّح به مسلمٌ في الحديثِ"(نصب الراية 2/ 59).

وقال البُوصيريُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ أسامةَ"(الزوائد 1/ 144).

وقال الحافظُ: "في إسنادِهِ نظرٌ، وأصله في (الصحيحين) بغيرِ هذا السياق"(التلخيص 2/ 87).

قال الألبانيُّ: "ولعلَّ وجهَ النظرِ أن أُسامةَ بنَ زيدٍ، وإن كان ثقةً من رجالِ مسلمٍ، فإن في حفظه بعضُ الضعفِ، وقد جاءَ الحديثِ في (الصحيحين) وغيرِهما عن أبي هريرةَ من طريقِ أُخْرَى

وفيه: ((أن انصرافَهُ كان قبل الدخول في الصلاة بالتكبير))؛ فهذا خلافُ ما روَى أسامة! ".

قال الألبانيُّ: "قلتُ: لكنَّ أُسامةَ لم يتفرَّدْ بهذا اللفظِ عن أبي هريرةَ؛ بل جاءَ عنه من طريقٍ أُخرى، كما جاءَ مرسَلًا من وجوهٍ تأتي

فالظاهرُ أن لأبي هريرةَ في البابِ حديثين: أحدهما مِثْلُ حديث أبي بَكْرةَ

" (صحيح

ص: 43

أبي داود 1/ 422).

قلنا: وهذا فيه نظرٌ يتضحُ بعد بيانِ حالِ الطريقِ الأُخْرى:

الطريقُ الثاني:

رواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط والصغير)، قال: حدثنا محمد بن هارون الأنصاري، قال: حدثنا أبو الربيع عُبَيد الله بن محمد الحارثي، قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن العُريان الحارثي، قال: حدثنا ابنُ عَوْن، عن محمد، عن أبي هريرةَ، به.

ورواه البَيْهَقيُّ من طريقِ عَبْدانَ، عن أبي الربيعِ الحارثيِّ، به.

قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عنِ ابنِ عَوْنٍ إلا الحسنُ بنُ عبدِ الرحمنِ، تفرَّدَ به أبو الربيعِ".

قلنا: وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

العلةُ الأُولى: الحسن بن عبد الرحمن بن العُريان الحارثي، ذكره البخاريُّ في (التاريخ الكبير 2/ 296/ 2526)، ومسلمٌ في (الكُنى 2959)، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 24/ 101)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وأما ابنُ حِبَّانَ فذكره في (الثقات 8/ 168) على قاعدته.

وقد خولِفَ الحسنُ هذا في وصْلِه، كما سيأتي.

وأما أبو الربيع عُبَيدُ اللهِ بنُ محمدٍ الحارثيُّ، فقد ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 407) وقال عنه:"مستقيم الحديث". وقال البَزَّارُ: "كان ثقةً مأمونًا"(مسند البَزَّار 17/ 244). وقد ذكر الألبانيُّ أنه لم يجدْ لهما ترجمةً (صحيح أبي داودَ 1/ 423)، فالحمدُ للهِ على توفيقه.

ص: 44

العلةُ الثانيةُ: أن الحسنَ الحارثيَّ قد أخطأَ في وصْلِ هذا الحديثِ، والصوابُ فيه عنِ ابنِ عَوْنٍ، عنِ ابنِ سِيرينَ مرسَلًا؛ فقد رواه الشافعيُّ في (الأم 7/ 157) عنِ ابنِ عُلَيَّةَ، عنِ ابنِ عَوْنٍ، عنِ ابنِ سِيرينَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسَلًا.

وكذلك رواه ابنُ مَنِيعٍ في "مسنَده" -كما في (إتحاف الخِيَرة 1241) - عن يزيدَ بنِ هارونَ، عنِ ابنِ عَوْنٍ وهشامٍ، عنِ ابنِ سِيرينَ مرسَلًا.

وبهذا أعلَّه البَيْهَقيُّ، فقال:"ورواه إسماعيلُ ابنُ عُلَيَّةَ وغيرُه عنِ ابنِ عَوْن، عن محمدٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسَلًا، وهو المحفوظُ"(السنن الكبرى 2/ 398).

فهذان الطريقان لا يَنهضان لإثبات لفظ: ((وَكَبَّرَ، ثُمَّ انْصَرَفَ))؛ لضعْفهما ومخالفتِهما لما ثبَتَ في (الصحيح) من حديثِ أبي سَلَمةَ عن أبي هريرةَ بلفظِ: ((

قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ))، وعليه؛ فرواية ((وَكَبَّرَ

)) من حديثِ أبي هريرةَ منكَرةٌ.

غيرَ أن هذه الروايةَ وردتْ في أحاديثَ عدةٍ، منها حديثُ أبي بَكْرة، وأنسٍ، وعليٍّ، ومرسَل عطاءِ بنِ يَسَارٍ، وابنِ سِيرينَ، وسيأتي الكلامُ على هذه الشواهد كلِّها، فإنْ صحَّ حَمْلُ هذه الشواهدِ على التعدُّد -كما جزمَ به ابنُ حِبَّانَ في (صحيحه تحت حديث رقم 2235)، ووافقه عليه النوويُّ في (المجموع 4/ 261)، والألبانيُّ في (صحيح أبي داود 234)، وإلا فما في الصحيحِ أصحُّ كما قالَ الحافظُ في (الفتح 2/ 122)، وسيأتي نصُّ كلامِهِ.

هذا، وقد خَفِيَ على ابنِ عبدِ البرِّ التصريحُ الواقعُ في روايةِ مسلمٍ وغيرِهِ، فذهبَ إلى أن روايةَ أبي سلَمةَ عن أبي هريرةَ محتمِلةٌ للأمرين: التكبيرِ وعدمِه، وأن روايةَ مَنْ قال: إنه ((كَبَّرَ)) مفسِّرةٌ لها، فقال -بعد أن روَى الحديثَ-: "ولم يُذْكَرْ في هذا الحديثِ أنه كبَّر قبل أن يَذْكُرَ، وإنما فيه أنه

ص: 45

لَمَّا قامَ في مُصَلَّاهُ ذَكَرَ أنه لم يغتسلْ، فاحتمل أن يكونَ ذَكرَ ذلك قبلَ أن يكبِّرَ، فأمَرَهم أن ينتظروه، فلو صحَّ هذا لم يكنْ في هذا الحديثِ معنًى يُشْكِلُ حينئذٍ

واحتمل أن يكونَ قولُهُ: ((فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ)) أي: قامَ في صلاتِهِ. فلما احتمل الوجهين؛ كانت روايةُ مَن رَوَى أنه كان كبَّر تفسِّر ما أَبْهَم مَن لم يَذكُر ذلك؛ لأن الثقات مِن رُواةِ مالكٍ والشافعيِّ قالوا فيه: إنه كبَّرَ، ثم أشارَ إليهم ((أَنِ امْكُثُوا)) " (التمهيد 1/ 176).

هكذا قال ابنُ عبدِ البرِّ! وكأنه لم يقفْ على -أو ذَهَلَ عن- روايةِ مسلمٍ التي فيها التصريحُ بأنه انصرفَ قبل أن يكبِّرَ، وهو ظاهرُ روايةِ البخاريِّ أيضًا كما قال ابنُ رَجبٍ، وقد تقدَّمَ كلامُه قريبًا.

* * *

ص: 46

2557 -

حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَابْنِ مَسْعُودٍ:

◼ عَنْ شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللهِ وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: لَوْ أَنَّ رجلًا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدِ المَاءَ شَهْرًا، أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي؟ [فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ المَاءَ شَهْرًا. فقَالَ أَبُو مُوسَى: ] 1 فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الآيَةِ فِي سُورَةِ (المَائِدَةِ): {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ المَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ. قُلْتُ: وإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ المَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((إِنَمَّا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هكَذَا))، فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبةً [وَاحِدَةً] 2 عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُم مَسَحَ بِهَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ، أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُم مَسَحَ بِها وَجْهَهُ (مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى اليَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ، وَوَجْهَهُ)؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ؟ .

[الحكم]:

متفقٌ عليه (خ، م).

[التخريج]:

[خ 345 (مختصرًا)، 347 (واللفظ له) / م 368 (والرواية والزيادتان له) / د 321/ ن 324/ كن 378/ حم 18328، 18329، 18334، 19542/ خز 287/ حب 1299، 1300، 1302/ عه 932 - 934/ ش 1683، 1689/ مسن 811/ قط 684/ شا 1025، 1026/ همذ

ص: 47

36/ طبر (7/ 92) / هق 1021، 1024/ هقغ 233/ مشب (1/ 308) / سرج 6، 7/ تمهيد (19/ 272) / غلق (2/ 192) / عساكر (مساواة 5)].

[السند]:

قال البخاريُّ: حدثنا محمد بن سَلَام، قال: أخبرنا أبو مُعاوية، عن الأعمش، عن شَقِيق، به.

أبو مُعاويةَ هو: محمد بن خازِم الضرير. وشَقيق هو: ابن سلَمةَ، أبو وائِلٍ الكوفيُّ، من كبار التابعين. وعبدُ الله الذي سأله أبو موسى هو: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

ص: 48

رِوَايَةٌ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ:((كُنْتُ عِنْدَ عبدِ اللهِ وَأَبِي مُوسَى، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: أَرَأَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِذَا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ المَاءَ (إِنْ لَمْ نَجِدِ المَاءَ شَهْرًا لَمْ نُصَلِّ). فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِقَوْلِ عَمَّارٍ حِينَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((كَانَ يَكْفِيكَ

))؟ قَالَ: أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لم يَقْنَعْ بِذَلِكَ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ؟ فَمَا دَرَى عَبْدُ اللهِ مَا يَقُولُ، فَقَالَ: إِنَّا لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَى أَحَدِهِمُ المَاءُ أَنْ يَدَعَهُ وَيَتَيَمَّمَ.

فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ: فَإِنَّمَا كَرِهَ عَبْدُ اللهِ لِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ)).

[الحكم]:

صحيح (خ).

[الفوائد]:

الأُولى: قال ابنُ حَجَرٍ: " (فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ) فيه جوازُ الانتقالِ من دليلٍ إلى دليلٍ أوضحَ منه، وبما فيه الاختلافُ إلى ما فيه الاتفاقُ"(فتح الباري 1/ 455).

الثانيةُ: وقال ابنُ رَجبٍ: "كان عُمرُ بنُ الخطابِ وعبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ يقولان: إن التيممَ إنما يجوزَ عن الحدَثِ الأصغرِ، وأما عنِ الجنابةِ فلا يجوزُ، وقالا: لا يُصَلِّي الجُنُبُ حتَّى يجدَ الماءَ ولو عَدِمه شهرًا.

ورُوي ذلك عن طائفةٍ من أصحابِ ابنِ مسعودٍ وأتباعِهم، كالأسودِ، وأبي عطيةَ، والنَّخَعيِّ.

وقد رُوي عن عُمرَ وابنِ مسعود أنهما رجَعا عن ذلك، ووافقا بقيةَ الصحابةِ

ص: 49

.. " (فتح الباري 2/ 283).

الثالثةُ: قال ابنُ حَجَرٍ: "قولُه: (قُلْتُ: وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا) قائلُ ذلك هو شَقيقٌ، قاله الكَرْمانيُّ، وليس كما قال؛ بل هو الأعمشُ، والمَقُولُ له شَقيقٌ؛ كما صرَّحَ بذلك في روايةِ حفصٍ"(فتح الباري 1/ 456).

[التخريج]:

[خ 346 (واللفظ له) / حم 18330 (والرواية له) / حب 1299، 1300، 1302/ عه 933/ هقع 1575، 1576/ هق 1028، 1086/ شا 1025، 1026/ غلق (2/ 192)].

[السند]:

قال البخاريُّ: حدثنا عُمرُ بنُ حفصٍ، قال: حدثنا أَبي، قال: حدثنا الأعمشُ، قال: سمِعتُ شَقيقَ بنَ سلَمةَ، به.

وسيأتي هذا الحديثُ برواياته كاملًا في "فصل التيمم".

ص: 50

2558 -

حَدِيثُ عِمْرَانَ:

◼ عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: ((كُنْتُ مَعَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَأَدْلَجْنَا لَيْلَتَنَا، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ عَرَّسْنَا، فَغَلَبَتْنَا أَعْيُنُنَا حَتَّى بَزَغَتِ الشَّمْسُ

)) الحديثَ. وفيه: ((

فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ وَرَأَى الشَّمْسَ قَدْ بَزَغَتْ، قَالَ:((ارْتَحِلُوا))، فَسَارَ بِنَا، حَتَّى إِذَا ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ نَزَلَ فَصَلَّى بِنَا الغَدَاةَ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((يَا فُلَانُ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟ )). قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، فَصَلَّى

)) الحديثَ بطوله.

[الحكم]:

متفقٌ عليه (خ، م).

[اللغة]:

: ((عَرَّسَ)): نزلَ في آخِرِ الليلِ. (الفائق في غريب الحديث 2/ 409).

[التخريج]:

[خ 344، 348 (مختصرًا)، 3571/ م 682 (واللفظ له) / حم 19898/ ..... ].

وسيأتي تخريجُه برواياته في "فصل التيمم"، باب:"مشروعية التيمم".

ص: 51