الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول في مسماه
(1)
قوله: (الفصل الأول: في مسماه وهو عندنا للتحريم، وفيه من الخلاف ما سبق في الأوامر)(2).
ش: [وفي هذا الفصل أربعة مطالب:
ما مسماه؟
وهل يقتضي التكرار (3)؟
وهل يقتضي الفور أم (4) لا؟
وما متعلقه (5)؟] (6).
قوله: (في مسماه) هذا هو المطلب الأول.
قوله: (مسماه) يعني: مسمى مسماه، وأما مسماه وهو: لا تفعل فلم
(1) لم يرد هذا العنوان في النسخ الثلاث وهو زيادة يقتضيها البحث.
(2)
في أوخ وش: "في الأمر".
(3)
في ط: "التكرار أم لا".
(4)
"أم لا" ساقطة من ط.
(5)
انظر هذا الفصل وما يشتمل عليه من مطالب في: شرح التنقيح للقرافي ص 168 - 172، شرح التنقيح للمسطاسي ص 75، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 143 - 146.
(6)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
يتعرض له المؤلف، وإنما تعرض (1) لمسمى مسماه وهو: التحريم، ففي الكلام حذف مضاف تقديره: في مسمى مسماه.
وبيان ذلك: أن مسمى النهي: لا تفعل، ومسمى لا تفعل: التحريم، كما أن مسمى الأمر "افعل"، ومسمى أفعل "الوجوب" كما تقدم في الباب الرابع في قوله: أما لفظ الأمر فالصحيح (2): أنه اسم مطلق الصيغة الدالة على الطلب من سائر اللغات.
وقال بعد ذلك: وأما اللفظ الذي هو مدلول الأمر فهو: موضوع عند مالك - رحمه الله تعالى - (3) وعند أصحابه للوجوب (4).
فنقول على هذا: مسمى النهي: مطلق الصيغة الدالة على الترك من سائر اللغات، ومسمى هذه الصيغة الدالة على الترك هو: التحريم.
قوله: (في مسماه) المراد بالمسمى (5) هو: الموضوع، تقديره: الفصل الأول في بيان موضوع موضوع النهي، على حذف المضاف، كما تقدم فيكون على هذا من باب حذف المضاف.
أو تقول: أطلق المؤلف ها هنا (6) مسماه على مدلول مسماه مجازًا؛ لما بينهما من الملازمة والارتباط، وإنما لم يتعرض المؤلف ها هنا لبيان مسمى
(1) في ط: "يتعرض".
(2)
في ط: "قال صحيح".
(3)
"تعالى" لم ترد في ط.
(4)
انظر (2/ 443، 451) من هذا الكتاب.
(5)
في ط: "بالسما".
(6)
في ز وط: "هنا".
النهي اكتفاءً بما تقدم له في مسمى الأمر؛ لأن النهي مقابل الأمر (1)، والأشياء تعرف بمقابلاتها وأضدادها، ولم يتعرض المؤلف ها هنا إلا لمسمى مسماه كما قلنا، والمراد بمسمى المسمى هو: الحكم؛ أعني: حكم النهي، تقديره: الفصل الأول: في حكم مسماه على حذف المضاف.
قوله: (وهو عندنا للتحريم، وفيه من الخلاف ما سبق في الأوامر).
ش: قوله: (وهو عندنا للتحريم) معناه: وحكم مسماه عندنا للتحريم.
قوله: (عندنا) أي (2): نحن المالكية، ولا خلاف أن النهي مجاز في غير التحريم والكراهة، وإنما الخلاف في ظهوره في (3) أحدهما على سبعة مذاهب.
قوله: (وفيه من الخلاف ما سبق في (4) الأوامر) أي: في حكم مسمى النهي من الخلاف ما سبق (5) ذكره في باب الأوامر؛ وذلك أنه ذكر في الأوامر سبعة مذاهب ذكر منها أربعة في الأصل، وذكر ثلاثة أخرى في الشرح.
لأنه قال في الشرح: و (6) في الأمر سبعة مذاهب: للوجوب، للندب، للقدر المشترك بينهما، مشترك بينهما (7)، لأحدهما لا يعلم حاله، للإباحة،
(1) في ز وط: "للأمر".
(2)
"أي" ساقطة من ز وط.
(3)
"في" ساقطة من ز.
(4)
في ط: "من".
(5)
في ط: "ما تقدم".
(6)
"الواو" ساقطة من ز وط.
(7)
"مشترك بينهما" ساقطة من ز.
الوقف في ذلك كله، ذكرها (1) الإمام فخر الدين في المحصول (2) والمعالم (3) [بعضها ها هنا وبعضها ها هنا (4). انتهى نصه (5).
قال المؤلف في الشرح: نظير تلك المذاهب السبعة ها هنا] (6) في النهي أن نقول (7):
إنه موضوع للتحريم.
للكراهة.
للقدر المشترك بينهما، وهو مطلق الترك.
اللفظ مشترك بينهما.
موضوع لأحدهما لا يعلم بعينه.
هو (8) موضوع للإباحة.
الوقف.
فهذه سبعة مذاهب في الأمر والنهي.
قال المؤلف في الشرح: وحكى القاضي عبد الوهاب في الملخص قولاً
(1) في ز: "ذكر الإمام".
(2)
انظر: المحصول ج 1 ق 2 ص 66، 67.
(3)
انظر: المعالم ص 91، 92.
(4)
"وبعضها ها هنا" ساقطة من ط.
(5)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 127، وانظر (2/ 451، 455) من هذا الكتاب.
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(7)
في ط: "تقول".
(8)
"هو" ساقطة من ز.
ثامنًا (1): بالفرق بين الأمر والنهي [فيحمل النهي على التحريم، ويحمل الأمر على الندب؛ لأن عناية العقلاء وصاحب الشرع بدرء المفاسد أشد من عنايتهم بالمصالح.
والنهي يعتمد المفاسد، والأمر يعتمد المصالح فنقول إذًا: في حكم كل واحد من الأمر والنهي سبعة مذاهب.
فإذا جمعت بين الأمر (2) والنهي قلت: ثمانية أقوال:
ثامنها: الفرق بين الأمر والنهي (3)] (4).
والمشهور من هذ الأقوال الثمانية (5) هو: التحريم.
حجة (6)[القول بتقوية هذا المذهب الذي هو التحريم](7): أن السيد إذا قال لعبده: لا تفعل كذا، فإن فعله (8) استحق الذم والتوبيخ فدل ذلك على التحريم.
قوله: (واختلف العلماء في إِفادته للتكرار (9) وهو المشهور من
(1) في ط: "قولاً ثامنًا في الملخص".
(2)
المثبت من ز، وفي الأصل:"الأمور".
(3)
نقل المؤلف بالمعنى، انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 168.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(5)
انظر المصادر السابقة التي ذكرتها في موضوع صيغة الأمر (2/ 452) من هذا الكتاب.
(6)
في ز وط: "حجته".
(7)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.
(8)
في ز: "فعل".
(9)
في خ وش: "التكرار".
مذهب (1) العلماء).
ش: هذا هو المطلب الثاني وهو قولنا: هل يقتضي النهي التكرار والدوام؟ أو لا (2) يقتضي إلا المرة الواحدة؟.
فذكر المؤلف أن المشهور عند العلماء أنه يقتضي التكرار (3) والدوام، معناه: تكرار الترك ودوامه، ومعنى ذلك: انسحاب (4) حكم النهي على جميع الأزمنة.
والقول الآخر: أن النهي لا يدل على الدوام، ولا يدل إلا على مجرد الترك.
حجة القول بالتكرار: أن قولنا (5) في النهي: لا تضرب زيدًا، يقتضي المنع من إدخال ماهية الضرب في الوجود، ولا يتحقق ذلك إلا إذا امتنع منها دائمًا، ولأن النهي [إنما يعتمد (6) المفاسد، واجتناب المفسدة إنما يحصل
(1) في أوش: "مذاهب".
(2)
في ط: "ولا".
(3)
هذا هو المشهور عند العلماء.
والقول الثاني: أنه لا يقتضي التكرار وهو مذهب القاضي الباقلاني، واختاره فخر الدين الرازي.
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 168، 169، شرح التنقيح للمسطاسي ص 75، المحصول ج 1 ق 2 ص 470 - 475، الإبهاج شرح المنهاج 2/ 66، 67، الإحكام للآمدي 2/ 194، نهاية السول 2/ 294، 295، العدة لأبي يعلى 2/ 428، المسودة ص 81، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 363.
(4)
في ز: "استصحاب".
(5)
في ز وط: "قولك".
(6)
في ط: "تعتمد".
إذا اجتنبها دائمًا] (1) كما إذا قلت لولدك: لا تقرب الأسد، فمقصودك (2) لا يحصل إلا بالاجتناب (3) دائمًا (4).
وحجة القول بعدم التكرار: أن النهي: تارة يرد (5) للتكرار (6) كالنهي عن السرقة، والزنا، ونحوها، وتارة يرد لعدم التكرار كقول الطبيب لمريض: لا تأكل اللحم، أو لا تفصد، و (7) كقول المنجم: لا تسافر؛ يعني في هذا الزمان، ولا يريد جميع الأزمنة، والمجاز والاشتراك خلاف الأصل فلا يكون حقيقة في أحدهما ولا فيهما، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك بين القسمين، وهو: مطلق الترك، ومعنى مطلق الترك: ترك المنهي عنه ولو مرة (8) واحدة؛ لأن مطلق الترك يصدق بترك ما في زمان ما (9).
وأجيب عن هذا: بأن جعل اللفظ للقدر المشترك بين أمرين يؤدي إلى رفع الاشتراك والتجوز بالكلية، بحيث لا يوجد لفظ مشترك ولا مجاز أبدًا؛ لأن ذلك لا يتعذر نظمه في كل لفظين؛ إذ ما من معنيين إلا وبينهما قدر مشترك.
وقول الخصم: يرد النهي للتكرار كالسرقة، والزنا، ويرد لعدم التكرار
(1) المثبت بين المعقوفتين من ز وط ولم يرد في الأصل.
(2)
في ط: "فمقتضى ذلك".
(3)
في ز: "اجتناب".
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 171، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 75.
(5)
"يرد" ساقطة من ط.
(6)
في ط: "التكرار".
(7)
"الواو" ساقطة من ط.
(8)
في ط: "مة" وهو تصحيف.
(9)
انظر هذا الدليل بمعناه في المصدرين السابقين.
كنهي الطبيب - لا دليل في ذلك؛ لأن النهي عن السرقة والزنا نهي شرعي، دل الدليل المنفصل على (1) تكراره على الدوام؛ لأن نواهي الشرع دائمة ونهي الطبيب المريض عن اللحم أو غيره (2) هو (3) نهي عرفي، دلت (4) قرينة عرفية على أنه لا يقتضي الدوام.
فلا نزاع في الأمرين - أعني النهي الشرعي والنهي العرفي - وإنما النزاع في النهي اللغوي المجرد عن القرائن هل يقتضي التكرار؟ أو لا يقتضي التكرار؟
وقد أورد المؤلف في الشرح على القول بعدم التكرار إشكالاً فقال: يلزم القائل بعدم تكرار النهي ألا يوجد عاصٍ البتَّة بمنهي عنه؛ لأن النهي عنده (5) يقتضي مطلق الترك، فيخرج الإنسان عن عهدته بمطلق الترك في زمان ما، وأشد الناس عصيانًا وفسوقًا لا بد أن يترك تلك المعصية في زمان ما، ولو لضرورة الحياة من النوم والاعتداء وغير ذلك، فإذا (6) كان الأمر كذلك فلا يوجد عاصٍ أبدًا (7).
أورد المؤلف هذا السؤال في مجلس الشيخ عز الدين بن عبد السلام (8)
(1) في ز: "عن".
(2)
في ط: "وغيره".
(3)
"هو" ساقطة من ز.
(4)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"ذات"
(5)
في ط: "عنه".
(6)
في ز: "فإن".
(7)
نقل المؤلف بالمعنى، انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 169.
(8)
هو عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم الدمشقي الشافعي المعروف بابن عبد السلام، الملقب سلطان العلماء، ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة =
رحمه الله - فأجاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام عن هذا السؤال بقاعدة التعليق.
وذلك أنه قد يعلق (1) عامّ على عامّ، ومطلق (2) على مطلق، أو عامّ على مطلق، أو مطلق على عام.
مثال العامّ على العامّ قولك (3): أكرم (4) الناس كلهم في كل يوم (5).
ومثال المطلق على المطلق قولك: أكرم رجلاً في يوم.
[ومثال العامّ على المطلق قولك: أكرم الناس كلهم في يوم.
ومثال المطلق على العامّ: قولك أكرم رجلاً] (6) في كل يوم.
= (577 هـ)، برع في الفقه، والأصول، والعربية، ومن شيوخه: فخر الدين بن عساكر، وسيف الدين الآمدى، والقاسم بن عساكر وغيرهم، وكان عز الدين ورعًا، آمرًا بالمعروف، لا يخاف في الله لومة لائم، ولي خطابة دمشق، وأزال رحمه الله كثيرًا من البدع المنتشرة في زمانه مثل دق الخطباء السيف على المنبر، وصلاة الرغائب، وصوم نصف شعبان، وقد درس عز الدين، وأفتى، وبرع في المذهب، وبلغ رتبة الاجتهاد وقصده الطلبة من الآفاق، ومن أشهر تلاميذه: ابن دقيق العيد، توفي رحمه الله سنة 660 هـ بالقاهرة، من مصنفاته:"قواعد الأحكام في مصالح الأنام"، "الإلمام في أدلة الأحكام"، "الفتاوى".
انظر: طبقات السبكي 5/ 80 - 107، فوات الوفيات 1/ 287 - 288، النجوم الزاهرة 7/ 208.
(1)
في ط: "يتعلق".
(2)
في ط: "أو مطلق".
(3)
"قولك" ساقطة من ط.
(4)
في ط: "أكري".
(5)
"في كل يوم" ساقطة من ز.
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
فعلى مقتضى هذه القاعدة أن القائل بالتكرار في النهي يقول: هذا تعليق عامّ على عامّ؛ لأنه مأمور بجميع المتروك (1) في جميع الأزمنة، والقائل بعدم التكرار في النهي يقول: هذا تعليق مطلق على عامّ؛ لأنه مأمور بترك واحد في جميع الأزمنة (2).
فالمطلوب (3) في النهي على هذا ترك واحد في جميع الأزمان، فلا يجوز أن يلابس المنهي عنه أصلاً، فمتى لابسه تحقق العصيان (4).
وهذا الجواب فيه نظر؛ لأنه يقتضي ألا فرق بين القولين؛ لأن القائل بالتكرار والقائل بعدم التكرار كل واحد منهما يمنع ملابسة المنهيّ عنه على الدوام.
قال بعضهم: هذا السؤال الذي أورده (5) الشهاب رحمه الله[لا يرد؛ لأن البحث في التكرار وعدمه إنما هو في مقتضى اللغة، وأما نواهي الشرع فلا نزاع أنها (6) تقتضي الدوام والتكرار، فلما رد الشهاب رحمه الله](7) البحث اللغوي إلى القضية الشرعية تعرض له الإشكال، والله أعلم.
قوله: (وعلى القول (8) بعدم إفادته وهو مذهب الإِمام فخر الدين لا يفيد الفور عنده).
(1) في ز وط: "المشترك".
(2)
في ز وط: "الأزمان".
(3)
في ز: "فالمطلق".
(4)
نقل المؤلف جواب الشيخ ابن عبد السلام من شرح التنقيح للقرافي ص 169.
(5)
في ط: "أورد".
(6)
في ز: "أنه".
(7)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(8)
"وعلى القول" ساقطة من "ز".
ش: هذا هو المطلب الثالث: وهو قولنا: هل يقتضي الفور أم لا؟
ومعنى الفور: تعجيل (1) الانتهاء عن المنهي (2) عنه.
ذكر (3) المؤلف في الشرح: أنّا إذا فرعنا على القول بالتكرار (4) فإنه يقتضي الفور قطعًا؛ لأن الزمان الحاضر مندرج في التكرار، وإن فرعنا على عدم التكرار ففيه قولان:
قيل: يتعيّن الترك لذلك المعنى في الزمان الحاضر.
وقيل: لا يتعين له إلا بدليل منفصل (5).
حجة القول بالفور: حملاً على الأمر بأولى (6) وأحرى.
وحجة عدم الفور: أن النهي إنما يدل على مطلق الترك، ومطلق الترك أعم من الزمان الحاضر، والزمان المستقبل، فالدال على الأعم غير دال على الأخص (7).
قوله: (ومتعلقه: فعل ضد المنهي عنه؛ لأن العدم غير مقدور، وعند (8) أبي هاشم: عدم المنهي عنه (9)).
(1)"تعجيل" ساقطة من ط.
(2)
في ط: "النهي".
(3)
في ز وط: "فذكر".
(4)
"بالتكرار" ساقطة من ز.
(5)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 171.
(6)
في ز: "بالأولى".
(7)
انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 76.
(8)
في ش: "وعن أبي هاشم".
(9)
كلمة "عنه" ساقطة من أ.
ش: هذا هو المطلب الرابع، وهو متعلق النهي، المتعلَّق (1) بفتح اللام هو: المطلوب بالنهي.
قوله: (ومتعلَّقه) أي: ومتعلَّق النهي، أي: ومطلوب النهي، معناه: والمطلوب بالنهي هو (2) فعل ضد المنهي عنه، وهو الشيء المحرم.
مثاله: قولك: لا تتحرك فكأنك قلت له: اسكن؛ لأن السكون ضد الحركة.
وقولك: لا تتكلم كأنك قلت: اسكت؛ لأن السكوت ضد الكلام.
وقولك: لا تصم يوم العيد، كأنك قلت: أفطِر يوم العيد.
فالمطلوب بالنهي على هذا هو (3) فعل ضد المنهي عنه.
هذا معنى قوله: "ومتعلقه (4) فعل ضد المنهي (5) عنه".
بناء على أن النهي عن الشيء أمر بضده، وهو مذهب المؤلف.
وقيل: متعلق النهي أي: المطلوب بالنهي هو: كف النفس عن المنهي عنه، أي: كف النفس عن المحرم (6)، وكف النفس فعل أيضًا بناء على أن النهي عن الشيء لمس أمرًا بضده.
(1) في ز: "المعلق".
(2)
في ط: "وهو".
(3)
"هو" ساقطة من ط.
(4)
في ز: "قوله هو فعل".
(5)
في ط: "النهى".
(6)
في ز وط: "الفعل المحرم".
فاتفق هذان القولان على أن المطلوب في النهي هو الفعل، واختلفا في تعيين ذلك الفعل: فقيل: فعل ضد (1) المنهي عنه.
وقيل: هو كفّ النفس عن المنهي عنه.
ولم يذكر المؤلف هذا القول، وهو مختار ابن الحاجب؛ لأنه قال في كتابه في (2) الأصول: مسألة لا تكليف إلا بفعل، فالمكلف به (3) في النهي كف النفس عن المنهي عنه (4). انتهى نصه (5).
وسبب الخلاف بين هذين القولين هو: النهي عن الشيء هل هو أمر بضده أم لا؟ قولان (6).
وقال أَبو هاشم وكثير من المتكلمين: إن المطلوب بالنهي (7) عدم (8) الفعل المنهي عنه (9) أي: نفى الفعل المنهيِّ عنه (10)، وهو معنى قوله: (وعند أبي هاشم
(1) في ط: "من".
(2)
"في" ساقطة من ط.
(3)
"به" ساقطة من أ.
(4)
في ز وط ومختصر ابن الحاجب: "كف النفس عن الفعل".
(5)
انظر: مختصر المنتهى لابن الحاجب 1/ 13.
(6)
القول الأول: النهي عن الشيء أمر بضده، وهو: قول الجمهور.
القول الثاني: النهي عن الشيء ليس أمرًا بضده سواء كان له ضد أو أضداد، وهو: قول الجرجاني.
انظر: العدة لأبي يعلى 2/ 430، 431، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 364 - 368، المسودة ص 81، 82، ميزان الأصول ص 235، كشف الأسرار 1/ 257.
(7)
في ط: "بالمنهي هو".
(8)
في ز: "هو عدم".
(9)
"عنه" ساقطة من ط.
(10)
ذكر المؤلف القول الأول وهو: أن المطلوب بالنهي هو فعل ضد المنهي عنه، وذكر =
عدم النهي عنه) أي: المطلوب في المنهي عنه، أي: المطلوب في النهي عند أبي هاشم نفس لا تفعل، مع قطع النظر عن فعل الضد وعن الكف.
فتحصل مما ذكرنا: أن المطلوب بالنهي عند الجماعة هو: الفعل، والمطلوب به عند أبي هاشم هو: العدم، أي: عدم الفعل.
فقولك: لا تتحرك على (1) قول الجماعة أمر بالسكون، وعلى قول أبي هاشم أمر بعدم الحركة.
ومنشأ هذا الخلاف: هل النظر إلى اللفظ؟ أو النظر إلى المعنى؟.
فمن لاحظ صورة اللفظ وهو: أَبو هاشم، قال: متعلقه العدم؛ إذ ليس في صورة اللفظ إلا عدم الفعل، فإذا قال: لا تتحرك، فليس في هذا اللفظ إلا عدم الحركة، وكذلك إذا قال له: لا تتكلم، فليس في هذا اللفظ إلا عدم الكلام.
ومن لاحظ المعنى وهو: الجماعة، قال: متعلقه الفعل لا العدم؛ لأن معنى النهي إنما هو طلب الفعل؛ لأن النهي من أنواع الطلب فإذا قال له (2):
= القول الثاني وهو: أن المطلوب بالنهي هو كف النفس عن المنهي عنه، واختاره ابن الحاجب.
وهذا هو القول الثالث وهو: مذهب أبي هاشم، وقد عزاه إليه الإمام فخر الدين والبيضاوي وابن السبكي وابن الحاجب وغيرهم.
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 171، 172، شرح التنقيح للمسطاسي ص 76، المحصول ج 1 ق 2 ص 505 - 507، شرح المختصر لابن الحاجب وشرح العضد عليه وحواشيه 1/ 13، الإبهاج في شرح المنهاج 2/ 69 - 73، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 213 - 216، نهاية السول في شرح منهاج الأصول 2/ 305 - 307.
(1)
في ط: "عن".
(2)
"له" ساقطة من ز.
لا تتحرك، فمعناه: اسكن، أو اكفف عن الحركة، وإذا (1) قال له (2): لا (3) تتكلم فمعناه: اسكت، أو اكفف عن الكلام.
وإنما (4) قلنا: إن معنى النهي هو: طلب الفعل؛ لأن العلماء اتفقوا على أن الإنسان لا يكلف (5) إلا بما هو مقدوره، لقوله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا} (6) ففعله هو مقدوره (7)، وأما العدم فليس بمقدوره (8)، فلا يكلف (9) به.
وإنما قلنا: العدم ليس مقدورًا للإنسان (10)؛ لأن العدم ليس بشيء، [وما ليس بشيء](11) لا (12) تتعلق له القدرة، وما لا تتعلق به القدرة لا يكون مقدورًا، وما لا يكون مقدورًا لا يتعلق به التكليف؛ لأن القدرة إنما تؤثر في الوجود، ولا تؤثر في العدم، وإلى هذا أشار المؤلف بقوله:(لأن العدم غير (13) مقدور).
(1) في ز: "فإذا".
(2)
"له" ساقطة من ز.
(3)
"لا" ساقطة من ط.
(4)
في ط: "وأما".
(5)
في ز: "يتكلف"، وفي ط:"لا يكف".
(6)
آية 286 من سورة البقرة.
(7)
في ز: "مقدور".
(8)
في ز: "بمقدور".
(9)
في ط: "يكف" وهو تصحيف.
(10)
في ط: "مدور الإنسان".
(11)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(12)
في ط: "فلا".
(13)
"غير" ساقطة من ط.
قوله: (لأن العدم غير مقدور) وذلك: أن العدم كان قبل الفعل واستمر ذلك العدم إلى خلق قدرة المكلف، والقدرة تقتضي أثرًا عقليًا، والعدم المستمر ليس أثرًا للقدرة؛ لثبوته قبل خلق القدرة فلا يكون أثرًا (1) لها بعد خلقها.
واحتج أَبو هاشم: بأن العقلاء يمدحون من لم يزن على عدم الزنا، وإن لم يخطر (2) ببالهم فعل الضد.
وأجيب (3) عن هذا: بأنهم يمدحونه (4) بما هو من صنعه، والعدم ليس من صنعه، وإنما يمدحونه على فعله، وهو الامتناع من ذلك الفعل، والامتناع هو أمر وجودي وهو: إما فعل الضد، وإما كف النفس.
قال المؤلف في الشرح: سؤال: ما (5) الفرق بين قولهم: متعلق النهي فعل ضد المنهي عنه، وبين قولهم: النهي عن الشيء أمر بضده؛ لأن قولهم: النهي عن الشيء أمر بضده هو معنى قولهم: متعلق (6) النهي فعل ضد المنهي عنه؟.
قال: جوابه: أن الأمر والنهي متعلِّقان بكسر اللام، والمنهي عنه وضده
(1) المثبت من ز وط، وفي الأصل:"أمرًا".
(2)
في ط: "يحضر".
(3)
في ط: "وأجيبوا".
(4)
في ز: "يمدحون".
(5)
في ز: "من".
(6)
في ط: "ومتعلق".
متعلَّقان بفتح اللام، فإذا قلنا: النهي عن الشيء أمر بضده فهو: بحث في (1) المتعلِّقات - بكسر اللام - هل هو ذلك أو غيره؟
ثم إذا تقرر (2) بيننا شيء في المتعلِّقات (3) - بكسر اللام - من اتحاد أو تعداد أمكننا بعد ذلك أن نختلف في المتعلَّقات (4) - بفتح اللام - هل المتعلق نفس العدم أو الضد؟ فهذه مسألة أخرى وليس عين المسألة الأولى. انتهى نصه (5).
يعني: أن البحث في إحدى المسألتين في المتعلِّق بالكسر، والبحث في الأخرى (6) في المتعلَّق بالفتح.
…
(1) في ز: "عن".
(2)
في ط: "تقول".
(3)
في ز: "المعلقات".
(4)
في ط وز: "المعلقات".
(5)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 172، وانظر أيضًا: الإبهاج في شرح المنهاج 2/ 71.
(6)
في ز: "الآخر".