الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس فيما يجوز التخصيص إليه
ش: معنى (1) هذا الفصل في بيان القدر الذى يقع انتهاء التخصيص إليه في جميع ألفاظ العموم (2).
قوله: (و (3) يجوز عندنا إِلى الواحد (4)، هذا إِطلاق القاضي عبد الوهاب).
ش: وكذلك (5) الباجي، [وقال الباجي] (6): وإليه ذهب (7) أكثر الناس (8).
(1) في ز وط: "معناه".
(2)
انظر هذا الفصل في: شرح التنقيح للقرافي ص 224، شرح التنقيح للمسطاسي ص 110، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 191، 192، مختصر ابن الحاجب 2/ 131، إحكام الفصول للباجي 1/ 159، المحصول ج 1 ق 3 ص 15 - 17، المعتمد لأبي الحسين 1/ 236، نهاية السول 2/ 385 - 391، الإحكام للآمدي 2/ 283، جمع الجوامع 2/ 3، شرح الكوكب المنير 3/ 271 - 275، العدة 2/ 544، التمهيد 2/ 131 - 135، المسودة ص 117، مختصر البعلي ص 117، تيسير التحرير 1/ 326، فواتح الرحموت 1/ 306، إرشاد الفحول ص 144.
(3)
"الواو" ساقطة من خ.
(4)
في أوش: "للواحد"، وفي ط:"إلى الواحد".
(5)
في ط: "يعني وكذلك".
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(7)
في ط: "أثار".
(8)
انظر: إحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي 1/ 159.
حجة هذا القول بجواز التخصيص إلى الواحد: أن الجمع يطلق ويراد به الواحد، كما في قوله (1):{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} (2)، قيل: الجامع (3) هو أبو سفيان، وهو المراد بالناس (4).
الثاني: وكذلك المراد بالناس في قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (5).
قيل: المراد بالناس المحسودين هو: رسول الله صلى الله عليه وسلم (6)، فإذا صح إطلاق لفظ (7) العموم على الواحد: صح التخصيص إلى الواحد.
(1) في ز: "في قوله تعالى".
(2)
آية رقم 173 من سورة آل عمران.
(3)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"الجمع".
(4)
أي: المراد بالناس الثانية، أنها الناس الأولى فالمراد بها: الصحابي الجليل نعيم بن مسعود الغطفاني الذي أسلم في وقعة الخندق، وهو الذي أوقع الخلاف بين قريظة وغطفان وقريش يوم الخندق، فخالف بعضهم بعضًا، ورحلوا عن المدينة.
انظر ترجمته في: الإصابة 3/ 568، والاستيعاب 3/ 557.
وقد ذكر الشوكاني أن المراد بالناس الأولى في هذه الآية هو نعيم بن مسعود الأشجعي، والمراد بالناس الثانية في قوله:{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} أبو سفيان وأصحابه.
انظر: فتح القدير 1/ 400.
ويقول الزمخشري في تفسيره: فالناس الأولون المثبطون، والآخرون أبو سفيان وأصحابه.
انظر: الكشاف (1/ 441).
(5)
آية 54 من سورة النساء.
(6)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 225.
(7)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"لفظ إطلاق".
قوله: (وأما الإمام فحكى إِجماع أهل (1) السنة على ذلك في "من" و"ما" ونحوهما (2)).
ش: المراد بنحو "من" و"ما": كل ما له حالتان: حالة من جهة اللفظ، وحالة من جهة المعنى؛ لأن لفظ "من" و"ما" مفرد مذكر، و (3) معناهما: جمع، والمراد بنحوهما (4): كاللفظ المفرد المعرف باللام كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعْوا أَيْدِيَهُمَا} (5)، وقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا} (6) ومن ذلك: الذي والتي، ونحو ذلك مما له (7) لفظ مفرد ومعناه جمع، [قاله الباجي.
وإنما قال الإمام: يجوز التخصيص إلى الواحد في "من" و"ما" ونحوهما؛ لأن لفظه مفرد ومعناه جمع] (8)، تارة يعتبر لفظه، وتارة يعتبر معناه، وتارة يعتبر لفظه ومعناه معًا.
فمثال اعتبار اللفظ: قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)
(1)"أهل" ساقطة من أ.
(2)
يقول الإمام فخر الدين: اتفقوا في ألفاظ الاستفهام والمجازاة على جواز انتهائها في التخصيص إلى الواحد.
انظر: المحصول ج 1 ق 3 ص 16.
(3)
"الواو" ساقطة من ط.
(4)
في ط: "بحوهما".
(5)
آية رقم 38 من سورة المائدة.
(6)
آية رقم 2 من سورة النور.
(7)
في ط: "من كل ما له".
(8)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (1).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} (2).
وقوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ} (3).
وقوله تعالى: {وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّنَّ لَا يُؤْمِنُ بِهِ} (4).
وقوله تعالى: {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} (5).
ومثال اعتبار المعنى [قوله تعالى](6): {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (7)
وقوله تعالى: {وَمِنَ الشَّيَاطِيِنِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} (8).
ومنه قول الشاعر:
تعال فإن عاهدتني لا تخونني
…
نكن مثل من - يا ذئب - يصطحبان (9)
(1) آية رقم 7، 8 من سورة الزلزلة.
(2)
آية رقم 36 من سورة الزخرف.
(3)
آية رقم 55 من سورة النساء.
(4)
آية رقم 40 من سورة يونس.
(5)
آية رقم 25 من سورة الأنعام، وآية رقم 16 من سورة محمّد.
(6)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(7)
آية رقم 42 من سورة يونس.
(8)
آية رقم 82 من سورة الأنبياء.
(9)
قائل هذا البيت هو: الفرزدق من قصيدة يخاطب فيها الذئب الذىِ أتاه، وهو نازل فىِ بعض أسفاره في بادية، وكان قد أوقد نارًا، ثم رمى إليه من زاده، ثم قال له: تعال تعش، ثم بعد ذلك ينبغي ألا يخون أحد منا صاحبه حتى نكون مثل الرجلين اللذين يصطحبان، ومطلع القصيدة:
وأطلسَ عسالٍ وما كان صاحبًا
…
دعوتُ بناري مُوهِنًا فأتاني
إلى أن قال: =
مثال اعتبارهما معًا: قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسولَهُ فِإِنَّ لَة نَارَ جَهنَّمَ خَالِدِينَ فِيْهَا أَبَدًا (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ} (1) فأفرد الضمير وجمع الحال.
حجة التخصيص في "من"[و"ما"](2) ونحوهما: لأنه يجوز إطلاقهما على الواحد بإعتبار اللفظ.
قوله: (قال: وقال القفال: يجب (3) إِبقاء أقل الجمع في الجموع المعرّفة).
ش: هذا قول ثانٍ، ومعناه: أن أبا بكر القفال قال بالتفصيل بين (4) الجموع المعرفة: كالرجال، والمسلمين، والمشركين، فيجب إبقاء أقل الجمع منها (5) وهو ثلاثة، وأما غير الجموع المعرفة من سائر صيغ العموم فيجوز التخصيص فيها إلى الواحد (6).
= تَعِشْ فإن واثقتني لا تخونني
…
نكن مثل من - يا ذئب - يصطحبان
والشاهد في البيت: مراعاة المعنى في "من"، فإن لفظها مفرد، ومعناها في البيت مثنى، فلذلك لما راعى الشاعر المعنى، قال: يصطحبان، وهو من شواهد سيبويه.
انظر: ديوان الفرزدق ص 329، الدرر اللوامع 1/ 64، الخصائص 2/ 422، الكتاب 1/ 404، شرح شواهد الألفية للعيني المطبوع مع خزانة الأدب 1/ 461.
(1)
آية رقم 23، 24 من سورة الجن.
(2)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط ولم يرد في الأصل.
(3)
في ش: "ويجب".
(4)
في ط: "في".
(5)
"منها" ساقطة من ز.
(6)
انظر نسبة هذا القول للقفال في: شرح التنقيح للقرافي ص 224، شرح التنقيح للمسطاسي ص 120، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 191، المحصول ج 1 ق 3 ص 16، الإحكام للآمدي 2/ 283، المعتمد 1/ 254، جمع الجوامع 2/ 3 التمهيد 2/ 131، شرح الكوكب المنير 3/ 272، إرشاد الفحول ص 144.
حجة القفال: أن صيغ الجمع يصح الجمع إطلاقها حقيقة على أقل الجمع، والمحافظة على أقل الجمع تمنع من إرادة الواحد والتخصيص إليه، بخلاف "من" و"ما" وغيرهما، مما هو في اللفظ مفرد، فيجوز تخصيصه إلى الواحد؛ لأنه يطلق على الواحد.
قوله: (وقيل: يجوز إِلى الواحد فيها).
ش: هذا تكرار؛ لأنه قول القاضي عبد الوهاب الذي (1) ذكره المؤلف أولًا.
قوله: (وقال أبو الحسين (2): لا بد من الكثرة (3) في الكل (4)، إلا إِذا استعمله الواحد المعظم نفسه (5)).
ش: هذا قول ثالث، وهو قول أبي الحسين البصري (6).
قال الآمدي في المنتهى: وإليه مال إمام الحرمين، وهو مذهب أكثر أصحابنا، وهو أنه لا بد من إبقاء جمع يقرب من مدلول اللفظ وإن لم يكن محدودًا، وهو أن يكون الباقي أكثر من النصف.
(1) في ز: "والذي".
(2)
المثبت من أوز وط، وفي ش:"أبو الحسين البصري"، وفي الأصل:"أبو الحسن".
(3)
في ز: "أكثره".
(4)
"في الكل" ساقطة من ز.
(5)
"نفسه" ساقطة من أ.
(6)
انظر نسبة هذا القول لأبي الحسين البصري في: المعتمد 1/ 254، شرح التنقيح للقرافي ص 224، 225، شرح التنقيح للمسطاسي ص 120، المحصول ج 1 ق 3 ص 16، التمهيد 2/ 131.
حجة أبي الحسين: أن من قال: أكلت كل رمانة في البيت، وكان في البيت ألف رمانة مثلًا، وقد أكل ثلاثًا ونحوها، فإن أهل اللغة يستقبحون (1) كلامه [ويعدونه (2) لاغيًا، وكذلك إذا قال: قتلت (3) كل من في المدينة، وقد قتل ثلاثة ونحوها، فإن أهل اللغة يستقبحون (4) كلامه](5)، فحينئذٍ لا بد من كثرة يحسن (6) العموم لأجلها، وإلا امتنع (7).
قال المؤلف في الشرح: وقد نص إمام الحرمين وغيره على استقباح تخصيص الحنفية، قوله عليه السلام:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل"(8) بالمكاتبة والأمة، وأن هذا التخصيص في غاية البعد (9)، ولا
(1) في ط: "يستقيمون".
(2)
في ط: "ويعيدونه".
(3)
في ط: "قلت".
(4)
في ط: "يستقيمون".
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(6)
في ط: "يحسين".
(7)
نقل المؤلف بالمعنى. انظر: منتهى السول في علم الأصول للآمدي ص 40، 41.
(8)
أخرجه أبو داود عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل - ثلاث مرات - فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن ثشاجروا فالسلطان ولي من لا وليَّ له".
انظر: كتاب النكاح، باب في الولي (2/ 229)، رقم الحديث العام 2083.
وأخرجه الترمذي في كتاب النكاح، باب: ما جاء لا نكاح إلا بولي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن 2/ 280، رقم الحديث 1108، وأخرجه الدارمي في كتاب النكاح، باب النهي عن النكاح بغير ولي (2/ 137).
وأخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 166).
(9)
في ط: "العبد".
البعد (1)، ولا يجوز لغة، مع أن أنواع (2) المكاتبة والأمة، أفراده غير متناهية، فكيف إذا لم يبق إلا فرد واحد؟! كان أشد في القبح.
وأما الواحد المعظم نفسه: فهو في معنى الجمع العظيم (3)، كقوله تعالى:{فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} (4)، فقد وزن أبو بكر بالأمة فرجح بها، ووزن (5) عمر بالأمة فرجح بها رضي الله عنه (6)، فكيف بالأنبياء عليهم السلام؟! فكيف بسيد (7) المرسلين محمّد صلى الله عليه وسلم (8)؟!
قال المسطاسي: ليس في كلام المؤلف إلا ثلاثة أقوال:
يجوز إلى الواحد في الكل.
لا بد من الكثرة في الكل.
الفرق بين الجموع المعرفة وغيرها.
(1) في ط: "العبد".
(2)
المثبت من ز، وفي الأصل:"وقوع"، وفي ط:"نوع".
(3)
في ز: "المعظم".
(4)
آية رقم 23 من سورة المرسلات.
(5)
في ز: "وزن".
(6)
في ط وز: "عنهما".
(7)
في ز: "سيد".
(8)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 225.
وهناك قول رابع: أنه يجوز إلى الاثنين، ولا يجوز إلى الواحد (1).
…
(1) انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 120.
وذكر أحمد حلولو أقوالًا أخرى وهي:
1 -
أنه يمتنع إلى الواحد مطلقًا، سواء كان لفظ العام جمعًا أو لا، وأن غاية جوازه أن يبقى أقل الجمع.
2 -
لا بد من بقاء غير محصور.
3 -
لا بد من بقاء جمع يقرب من مدلول العام قبل التخصيص.
والفرق بين هذا القول والذي قبله: أن مقتضى هذا عدم صحة إخراج الأكثر، أو النصف، وإن كان الباقي غير منحصر، ومقتضى الذي قبله جوازه.
انظر: التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 191 - 192.