المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السادس في حكمه بعد التخصيص - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٣

[الحسين الشوشاوي]

الفصل: ‌الفصل السادس في حكمه بعد التخصيص

‌الفصل السادس في حكمه بعد التخصيص

(1)

ش: ذكر المؤلف في هذا الفصل ثلاث (2) مسائل:

الأولى: دلالة العام على الباقي بعد (3) التخصيص، هل هي بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز؟

المسألة الثانية (4): إذا قلنا: إنه مجاز، هل هو مبين فيصح الاحتجاج به، أو هو مجمل فلا يصح الاحتجاج به؟

المسألة الثالثة: جواز القياس على الصورة المخصوصة إذا علمت.

قوله: (لنا وللشافعية، والحنفية، في كونه بعد التخصيص حقيقة أو مجاز قولان، واختار الإمام وأبو الحسين التفصيل بين تخصيصه

(1) انظر هذا الفصل في: شرح التنقيح للقرافي ص 226 - 230، شرح التنقيح للمسطاسي ص 120 - 122، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 192 - 196.

(2)

في ز: "ثلاثة".

(3)

في ط: "هذا".

(4)

في ز: "المسألة الثانية: هل يستدل بالعموم على الباقي بعد التخصيص، أم لا؟ ".

ص: 381

بقرينة (1) عقلية أو سمعية، فيكون مجازًا، أو (2) تخصيصة بالمتصل كالشرط، والاستثناء، والصفة، فيكون حقيقة).

ش: ذكر المؤلف في هذه المسألة ثلاثة أقوال (3): قولان متقابلان:

أحدهما: حقيقة مطلقًا.

والثاني: مجاز مطلقًا (4).

(1) في أوخ وز وش: "بقرينة مستقلة عقلية".

(2)

في ش وط: "وبين تخصيصه".

(3)

ذكر أحمد حلولو في المسألة سبعة أقوال، منها هذه الأقوال الثلاثة التي - ذكرها المؤلف - وأربعة أخرى وهي:

القول الرابع: أنه حقيقة في تناول ما بقي، مجاز في الاقتصار عليه، وبه قال إمام الحرمين، وضعفه الإبياري.

القول الخامس: وبه قال ابن فورك: أنه حقيقة إذا كان الباقي غير منحصر لبقاء خاصية العموم.

القول السادس: إن خص بالاستثناء كان مجازًا وإن خص بشرط أو صفة كان حقيقة وبه قال عبد الجبار، وقال الرهوني: قد اختلف النقل عنه هل الاستثناء تخصيص أو ليس بتخصيص؟

القول السابع: إن خص بغير لفظ كالعقل فهو مجاز، وإن خص بدليل لفظي سواء كان متصلًا أو منفصلًا فهو حقيقة.

انظر: التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 192، 193.

(4)

القول الأول: اختاره بعض المالكية والشافعية، وبعض الحنفية كالسرخسي.

القول الثاني: واختاره أكثر الأشعرية، والمعتزلة كأبي علي وأبي هاشم، واختار هذا القول الجويني، والقرافي، ورجحه الآمدي، ومال إليه الغزالي، واختاره بعض الحنفية كعيسى بن أبان، وبعض الحنابلة كأبي الخطاب.

انظر تفصيل هذين القولين في: شرح التنقيح للقرافي ص 226، شرح التنقيح للمسطاسي ص 120، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 192، مختصر ابن الحاجب 2/ 106، 107، المحصول ج 1 ق 3 ص 18، الإحكام للآمدي 2/ 227، =

ص: 382

والثالث: التفصيل بين تخصيصه بالمنفصل (1) وبين تخصصه بالمتصل، وهو الذي اختار (2) الإمام وأبو الحسين (3)، كما قاله المؤلف.

مثال تخصيصه بالمنفصل العقلي: قوله تعالى مثلًا: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (4).

فإن العقل خص (5) منه العاجز عن قتال المشركين.

ومثال تخصيصه بالمنفصل السمعي: قوله تعالى أيضًا: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} .

فإن الدليل السمعي المنفصل خصصه (6)، وهو قوله عليه السلام:"نهيت عن قتل النساء والصبيان".

ومثال تخصيصه بالمتصل، الذي هو شرط: اقتلوا المشركين إن حاربوا. ومثال تخصيصه بالمتصل، الذي هو الاستثناء: اقتلوا المشركين إلا أن يسلموا.

= 230، البرهان 1/ 410، 411، جمع الجوامع 2/ 5، المستصفى 2/ 54، 58، المنخول ص 153، العدة 2/ 533، 535، شرح الكوكب المنير 3/ 160، 161، المسودة ص 116، التمهيد 2/ 138، كشف الأسرار 1/ 307، تيسير التحرير 1/ 308، فواتح الرحموت 1/ 312، إرشاد الفحول ص 135.

(1)

المثبت من ط وز، وفى الأصل:"المفصل".

(2)

في ز وط: "اختاره".

(3)

انظر نسبة هذا القول للإمام فخر الدين وأبي الحسين البصري في: المحصول ج 1 ق 3 ص 19، المعتمد 1/ 282، 283، شرح التنقيح للقرافي ص 226، شرح التنقيح للمسطاسي 120، الإحكام للآمدي 2/ 227.

(4)

آية رقم 5 من سورة التوبة.

(5)

في ط: "خصص".

(6)

في ز: "خصصه بالرجال البالغين".

ص: 383

ومثال تخصيصه بالمتصل، الذي هو الصفة: اقتلوا المشركين المحاربين.

حجة القول بأنه حقيقة مطلقًا: أن تناول اللفظ للباقي قبل التخصيص كان (1) حقيقة، فيبقى تناوله له بعد التخصيص حقيقة؛ عملًا بالاستصحاب.

حجة القول بأنه مجاز مطلقًا: أن اللفظ إنما وضع حقيقة للعموم، ولم يستعمل فيه، فقد استعمل في بعض الأفراد دون البعض، فقد استعمل في غير ما وضع له فيكون مجازًا؛ لأنه وضع للعموم، ثم استعمل في الخصوص (2).

حجة القول بالتفصيل: أن الدليل المتصل كالشرط، والاستثناء، والصفة، لا يستقل بنفسه، فلا بد أن ينضم (3) إلى ما قبله، فيكون كاللفظ الواحد، فلا يثبت الحكم (4) إلا بمجموعهما، فيكون المجموع حقيقة فيما بقي بعد التخصيص، حتى قال القاضي أبو بكر وجماعة: إن الثمانية له عبارتان: ثمانية، وعشرة إلا اثنين.

وقالت الحنفية أيضًا: الاستثناء تكلُّم بالباقي بعد الثُّنيا (5)، ومرادهم ما ذكرناه.

وأما المخصص المنفصل: كنهيه عليه السلام عن قتل النساء والصبيان،

(1)"كان" ساقطة من ز.

(2)

انظر حجة هذا القول في: شرح التنقيح للقرافي ص 226، وقد رجح القرافي هذا القول.

(3)

في ط وز: "يضم".

(4)

"الحكم" ساقطة من ط.

(5)

في ز: "الثناء".

ص: 384

بعد الأمر بقتال المشركين.

ونهيه عليه السلام عن بيع الغرر (1)، بعد قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} (2) فلا يمكن جعله مع لفظ العموم كلامًا واحدًا، فيتعين أن يكون اللفظ الأول مستعملًا في غير ما وضع له، فيكون مجازًا.

قوله: (وهو حجة عند الجميع إِلا عيسى بن أبان وأبا ثور، وخصص الكرخيُّ التمسك به إِذا خصص (3) بالمتصل (4)، وقال الإمام فخر الدين: إِن خص (5) تخصيصًا إِجماليًا (6)، نحو قوله: هذا العام مخصوص (7) فليس بحجة، وما (8) أظنه يخالف في هذا التفصيل).

(1) أخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر.

انظر: كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذي فيه غرر.

وأخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب بيع الغرر (3/ 254) رقم الحديث 3376.

وأخرجه الترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع الغرر، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح (2/ 349).

وأخرجه النسائي في كتاب البيوع، باب بيع الحصاة (7/ 262).

وأخرجه ابن ماجه في كتاب التجارات، باب النهي عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر، رقم الحديث 2194 - 2195، (2/ 739).

(2)

آية رقم 275 من سورة البقرة.

(3)

في ط وز: "إذا خص".

(4)

في أ: "إلا عيسى بن أبان وأبا ثور، خصصا التمسك به إذا خص بالمنفصل".

(5)

في أوخ وش: "وقال الإمام: إن خصص تخصيصًا".

(6)

في ز: "جماليًا".

(7)

في ط: "مخصص".

(8)

في ط: "وأما".

ص: 385

ش: هذه هي (1) المسألة الثانية، وهي (2) قولنا: هل يستدل بالعموم على الباقي بعد التخصيص، أو لا (3) يستدل به؟

ذكر المؤلف في الاستدلال به (4) ثلاثة أقوال (5):

قولان متقابلان.

وثالث بالتفصيل بين التخصيص بالمتصل، والتخصيص بالمنفصل.

وأما تفصيل الإمام: فهو بيان محل الخلاف (6).

(1)"هي" ساقطة من ط.

(2)

في ز: "وهو".

(3)

"لا" ساقطة من ط.

(4)

"به" ساقطة من ز.

(5)

وذكر أحمد حلولو ستة أقوال، منها هذه الثلاثة التي ذكرها المؤلف.

والقول الرابع: إن خص بمعين كان حجة، وإن خص بمبهم فليس بحجة.

والقول الخامس: وبه قال أبو الحسين البصري، إن كان العموم منفكًا عن الباقي؛ لأنه لم يتناول بأصل وضعه سوى المخصوص.

والقول السادس: أنه حجة في أقل الجمع دون ما زاد عليه.

انظر تفصيل هذه الأقوال في: التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 194، 195، وانظر الخلاف في هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 227، 228، شرح التنقيح للمسطاسي ص 121، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 108، المحصول ج 1 ق 3 ص 22، 23، المستصفى 2/ 57، جمع الجوامع 2/ 7، الإحكام للآمدي 2/ 233، المعتمد 1/ 286، التمهيد 2/ 142، 143، شرح الكوكب المنير 3/ 162، 163، مختصر البعلي ص 109، كشف الأسرار 1/ 307، أصول السرخسي 1/ 144، تيسير التحرير 1/ 313، فواتح الرحموت 1/ 308، إرشاد الفحول ص 137، 138.

(6)

في ز: "محل الخلاف، وهو تفسير وليس بتفصيل"، وفي ط:"محل الخلاف، وليس بخلاف".

ص: 386

حجة القول المشهور القائل (1): بأنه حجة يستدل به على الباقي بعد التخصيص فيستدل بقوله تعالى مثلًا: {فَاقْتلُوا الْمُشْرِكِينَ} (2) على قتل المشركين بعد خروج النساء والصبيان: أنه (3) لو قلنا: لا يستدل بالعموم على (4) الباقي بعد تخصيصه، لأدى ذلك [إلى](5) تعطيل كثير العمومات (6)، ولا سيما على قول ابن عباس رضي الله عنه القائل: ما من عام إلا وهو مخصوص، إلا قوله تعالى:{وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (7) فيؤدي ذلك إلى تعطيل جميع عمومات (8) الكتاب والسنة (9).

حجة عيسى بن أبان وأبي ثور (10) الحنفيين: أن الإجمال حاصل فيه؛ لأن الحقيقة التي هي الاستغراق غير مرادة، فالمراد المجاز، والمجاز مجمل؛ لأنه لم يتعين أي مجاز يحمل اللفظ عليه بعد التخصيص؛ إذ ليس البعض أولى من البعض، فلما تعين الإجمال سقط الاستدلال (11).

(1) في ط: "والقائل".

(2)

آية رقم 5 من سورة التوبة.

(3)

في ز: "لأنه".

(4)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"بعد".

(5)

المثبت من ط وز، ولم ترد "إلى" في الأصل.

(6)

في ط: "من العمومات".

(7)

آية رقم 11 من سورة التغابن.

(8)

في ط: "العمومات".

(9)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 227.

(10)

لقد تقدم في ترجمته: أن أبا ثور كان حنفيًا، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي.

(11)

انظر حجة هذا القول في شرح التنقيح للقرافي ص 227.

وانظر نسبة هذا القول لعيسى بن أبان وأبي ثور في: التوضيح شرح التنقيح ص 195، المحصول ج 1 ق 3 ص 22، المعتمد 1/ 286، الإحكام للآمدي 2/ 232، التمهيد 2/ 142.

ص: 387

قال المؤلف في الشرح: جواب هذا: أن هذا يصح (1) في المجاز الأجنبي عن الحقيقة، كالأسد إذا أريد به الرجل الشجاع، فليس حمله [على بعض الشجعان بأولى من حمله](2) على البعض الآخر، فيتعين الإجمال، وأما المجاز في العام المخصص (3): فليس أجنبيًا عن الحقيقة، بل محل التجوز البعض الباقي بعد التخصيص، فلا إجمال (4).

و (5) حجة الكرخي الحنفي: أن المخصص المتصل يصير مع الأصل حقيقة فيما بقي بعد التخصيص، بخلاف المخصص المنفصل، فلا يكون (6) جعله (7) مع الأصل كلامًا واحدًا، فيتعين فيه الإجمال (8).

قوله: (إِن خص تخصيصًا إِجماليًا)، كقوله عليه السلام مثلًا (9):"نهيت عن قتل (10) طائفة من المشركين" بعد قوله: {فَاقْتلُوا الْمُشْرِكِينَ} (11).

(1) في ز وط: "إنما يصح".

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(3)

في ط وز: "المخصوص".

(4)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 228.

(5)

"الواو" ساقطة من ز.

(6)

في ط وز: "فلا يمكن".

(7)

في ط: "جمعه".

(8)

في ط وز: "المجاز والإجمال".

وانظر حجة هذا القول في شرح التنقيح للقرافي ص 228، وانظر نسبة هذا القول للكرخي في: المحصول ج 1 ق 3 ص 23، التمهيد 2/ 143، فواتح الرحموت 1/ 308، تيسير التحرير 1/ 313، أصول السرخسي 1/ 144.

(9)

"مثلًا" ساقطة من ز، والأولى أن يقول المؤلف: لو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهيت عن قتل طائفة من المشركين".

(10)

"قتل" ساقطة من ز.

(11)

آية رقم 5 من سورة التوبة.

ص: 388

قال المؤلف في الشرح: أنها تفصيل الإمام فخر الدين فليس تفصيليًا (1) في التحقيق (2)، بل هو راجع إلى القول بأنه حجة، فإن الله تعالى إذا قال مثلًا (3):{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} ، ثم قال: حرمت عليكم قتل (4) طائفة معينة لا أعينها لكم، فلا شك أنّا نتوقف عن (5) القتل قطعًا، حتى نعلم الواجب قتله من المحرم قتله (6)، وهذا لا يتصور فيه الخلاف، بل هذا تفريع على أنه حجة بعد التخصيص. انتهى (7).

قوله: (لنا أنه وضع للاستغراق، ولم (8) يستعمل فيه فيكون مجازًا).

ش: هذا دليل على أنه مجاز في الباقي بعد التخصيص، وقد تقدمت هذه الحجة.

قوله: (ومقتضيًا (9) ثبوت (10) الحكم لكل فرد من أفراده (11)، وليس

(1) المثبت من ط وفي الأصل و"ز": "تفصيليًا".

(2)

في ط: "بالتحقيق".

(3)

"مثلًا" ساقطة من ز وط.

(4)

"قتل" ساقطة من ز.

(5)

في ز: "على".

(6)

"قتله" ساقطة من ز.

(7)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 228.

(8)

في ط: "فلم".

(9)

في خ: "ومقتضاه".

(10)

في ش وز وط: "الثبوت".

(11)

في أ: "الحكم الجلي أفراده"، وفي ش وخ:"الحكم لكل أفراده".

ص: 389

البعض شرطًا في البعض، وإِلا للزم الدور، فيبقى حجة في (1) الباقي بعد التخصيص).

ش: هذا دليل (2) الإمام (3) في المحصول (4)، وهو دليل القول بأنه حجة، فيستدل (5) به في الباقي بعد التخصيص، ومعنى كلام المؤلف: لنا في الاستدلال على كونه حجة في الباقي بعد التخصيص: أنه وضع حالة كونه مقتضيًا ثبوت (6) الحكم لكل فرد من أفراده، من (7) غير توقف، بعضها على بعض.

قوله: (وليس البعض شرطًا في البعض) أي: وثبوت الحكم في الباقي ليس شرطًا في ثبوته في الخارج، ولا بالعكس، فإذا خرج بعض الأفراد بالتخصيص بقي اللفظ متناولًا للبعض الآخر؛ [لأن خروج ما ليس بشرط في دلالة اللفظ لا يضر؛ لأن كل واحد من الباقي والخارج لا يتوقف حكمه على حكم الآخر](8)، فيبقى اللفظ حجة في الباقي بعد التخصيص؛ لعدم التوقف.

قوله: (وإِلا لزم الدور) أي: وإن قدرنا أن ثبوت الحكم في البعض شرط في ثبوت الحكم في البعض الآخر لزم الدور، وهو توقف البعض على

(1)"في" ساقطة من ط.

(2)

في ز: "هذا الدليل".

(3)

"الإمام" لم ترد في ز.

(4)

انظر دليل الإمام في المحصول ج 1 ق 3 ص 23 - 27.

(5)

في ط وز: "يستدل".

(6)

في ط: "بثبوت".

(7)

في ز: "من حيث".

(8)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

ص: 390

البعض، فإذا وجد الدور سقط الاستدلال به، ولكن لم يتوقف أحدهما على الآخر، فيبقى الاستدلال به بعد التخصيص.

قوله: (وإِلا لزم الدور) هذه العبارة اعترضها المؤلف في الشرح على الإمام فخر الدين من وجهين:

أحدهما: أنّا لا نسلم الدور إذا توقف أحدهما على الآخر، ولا يحصل الدور إلا إذا توقف كل واحد منهما على الآخر، أي توقف هذا على ذاك، وتوقف ذاك على هذا، فحصل التوقف من الطرفين، وأما إذا حصل التوقف من أحد الطرفين ولم يحصل التوقف (1) من الطرف الآخر، فذلك ليس من باب الدور، وإنما هو من باب الترجيح من غير مرجِّح، ولكن الترجيح من غير مرجح هو أيضًا محذور؛ لأنه محال، فلو قال: وإلا لزم الدور، والترجيح (2) من غير مرجح، لكان أكمل للفائدة.

الوجه الثاني: أن التوقف سلمناه ها هنا، ولكن التوقف ها هنا معي لا سبقي، والتوقف المعي لا يضر، وإنما الذي يضر هو التوقف السبقي.

مثال التوقف المعي: قول رجل لرجل (3): لا أخرج من هذا البيت حتى تخرج معي، ويقول له الآخر: لا أخرج حتى تخرج معي، فإنهما يخرجان معًا، فلا دور، ولا محال ها هنا.

ومثال التوقف السبقي: إذا قال أحد الرجلين للآخر: لا أخرج حتى تخرج قبلي، ويقول الآخر: لا أخرج حتى تخرج قبلي، فإن خروج كل

(1)"التوقف" ساقطة من ط.

(2)

في ط: "أو الترجيح".

(3)

"لرجل" ساقطة من ط.

ص: 391

واحد منهما متوقف على خروج الآخر توقفًا (1) سبقيًا (2)، وهو محال لعدم إمكان ذلك؛ لأن ذلك جمع بين النقيضين، وهما القبلية و (3) البعدية.

وبيان هذا (4) الاستدلال المذكور بالمثال: أن قوله تعالى مثلًا: اقتلوا المشركين، يتناول الحربي والذمي مثلًا تناولًا واحدًا، فكونه حجة في الحربي: إما أن يتوقف على كونه حجة في الذمي، أو لا يتوقف، فإن لم يتوقف عليه، فإذا خص الذمي خرج الذمي بدليل التخصيص، وبقي اللفظ متناولًا للحربي (5)، فيكون حجة في الحربي، وهو المطلوب.

وأما أن يوقف (6) كونه حجة في الحربي على كونه حجة في الذمي: فإما أن يتوقف (7) كونه حجة في الذمي على كونه حجة في الحربي، أو لا يتوقف عليه، فإن حصل التوقف من الجهتين بحيث يكون كل واحد منهما متوقفًا على الآخر: لزم الدور، وإن حصل التوقف من جهة واحدة، ولم يحصل من الجهة الأخرى لزم ترجيح من غير مرجح؛ لأن نسبة التوقف إلى أحدهما دون الآخر لا (8) دليل له، فهو ترجيح من غير مرجح؛ إذ ليس أحدهما في نسبة

(1) في ط: "متوقفًا".

(2)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 229.

(3)

"الواو" ساقطة من ط.

(4)

في ز: "هذه".

(5)

في ز: "لحربي".

(6)

في ز: "أن لو توقف"، وفي ط:"إن توقف".

(7)

في ط: "توقف".

(8)

"لا" ساقطة من ز.

ص: 392

التوقف إليه بأولى من الآخر؛ لأن العام تناولهما تناولًا واحدًا، ولا (1) مزية لأحدهما في ذلك على الآخر.

فحصل مما ذكرنا: أن التوقف لا يصح على كل تقدير؛ لأن التوقف يؤدي إما إلى الدور، وإما إلى الترجيح من غير مرجح، [وكلاهما](2) محال؛ وذلك أن التوقف إن حصل من الجهتين فذلك دور، والدور يؤدي إلى تعطيل الدليل؛ لأنه إذا توقف كل واحد منهما على الآخر، يلزم ألا (3) يعمل في هذا حتى يعمل في هذا، ولا (4) يعمل في هذا حتى يعمل في هذا، فيلزم ألا يعمل في كل واحد منهما، فذلك تعطيل اللفظ، وإن حصل التوقف من جهة واحدة (5) أيضًا، فذلك ترجيح من غير مرجح، [والترجيح من غير مرجح](6) ممنوع محال (7)، فإذا كان التوقف لا يصح على كل تقدير، ثبت حينئذٍ أن حكم (8) كل واحد من أفراد العام لا يتوقف على حكم الآخر، فيكون اللفظ العام حجة في الباقي بعد التخصيص.

قوله: (والقياس على الصورة (9) المخصوصة إِذا علمت جائز عند

(1) في ط.: "أولًا".

(2)

المثبت هو الأولى، وفي الأصل وز:"وكلامهما"، وفي ط:"وكلامه".

(3)

في ز: "أن يعمل".

(4)

في ط: "أولًا".

(5)

في ز: "وحدة".

(6)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(7)

في ط: "محال أيضًا".

(8)

"أن حكم" ساقطة من ط.

(9)

في ز: "الصور"، وفي ط:"السورة".

ص: 393

القاضي إِسماعيل (1) منا، وجماعة من الفقهاء).

ش: هذه المسألة (2) من تخصيص العموم بالقياس (3). ومعنى كلام المؤلف. إذا خرجت صورة (4) من العموم بالتخصيص، هل يجوز القياس على تلك الصورة (5) أم لا؟

مثال ذلك: قوله عليه السلام: "نهيت عن قتل النساء والصبيان" هذه صورة مخصوصة من عموم قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (6)، فهل يقاس الأحبار، والرهبان، والشيخ الفاني على النساء، والصبيان، بجامع عدم (7) الإذاية أم لا؟

وكذلك قوله عليه السلام: "البر بالبر ربًا إلا هاء وهاء" هذه صورة

(1) هو أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي، ولد سنة مائتين (200 هـ) أصله من البصرة، وبها نشأ واستوطن، وهو من بيت من أجلّ بيوت العلم بالعراق وهو بيت آل حماد، والقاضي إسماعيل جمع بين علوم القرآن، والحديث، والفقه، والكلام، واللغة، وكان رحمه الله فاضلًا، عالمًا، فطنًا، شديدًا على أهل البدع، فقيهًا على مذهب مالك، شرح مذهبه ولخصه، واحتج له، وبلغ درجة الاجتهاد، توفي رحمه الله سنة 282 هـ.

انظر: الديباج المذهب 1/ 282 - 284.

(2)

في ط: "مسألة".

(3)

انظر هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 229، 230، شرح التنقيح للمسطاسي ص 122.

(4)

في ط: "سورة".

(5)

في ط: "السورة".

(6)

آية رقم 5 من سورة التوبة.

(7)

"عدم" ساقطة من ط.

ص: 394

مخصوصة (1) من (2) عموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ} (3)، فهل يقاس الأرز، والدخن، والذرة على البر، بجامع الاقتيات والادخار، أم لا؟

قوله: (إِذا علمت) لا يصح أن يكون معناه: إذا علمت الصورة المخصوصة، احترازًا مما إذا جهلت، فإن القياس على مجهول لا يصح ولا يمكن (4)، فإنما (5) يقاس الشيء على المعلوم، ولا يقاس على المجهول.

[وقال (6) بعضهم](7): قوله: (إِذا علمت)[معناه: إذا علمت](8) الصورة المخصوصة بطريق علمي، كالإجماع، أو نص (9) الكتاب أو السنة المتواترة، وقال بعضهم: معنى قوله: إذا علمت، علتها (10) على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، أي: إذا عرفت العلة الجامعة بين الصورة المخصوصة، والصورة المقيسة.

قوله: (جائز عند القاضي إِسماعيل منا، وجماعة من (11) الفقهاء) مفهومه: أن ذلك ممنوع عند آخرين.

(1)"مخصوصة" ساقطة من ز.

(2)

في ط: "عن".

(3)

آية رقم 275 من سورة البقرة.

(4)

في ط وز: "مجهول لا يمكن".

(5)

في ط: "وإنما".

(6)

في ط: "فقال".

(7)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(8)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(9)

في ط وز: "ونص".

(10)

في ط وز: "إذا علمت معناه إذا علمت علتها على حذف المضاف

" إلخ.

(11)

"من" ساقة ط من ز.

ص: 395

قال القاضي [عبد الوهاب في الملخص: مذهب الجمهور: منع القياس على الصورة المخصوصة، وهو قول جمهور أصحابنا.

وقال كثير من الشافعية بجوازه] (1).

حجة المنع: أن الصورة المخصوصة على خلاف الأصل؛ لأنها مخالفة لقاعدة العموم، فلو قسنا عليها غيرها لأدى ذلك إلى تكثير مخالفة الأصل الذي هو قاعدة العموم (2).

حجة القول بالجواز: أن قاعدة الشرع [تقتضي](3) مراعاة المصالح والحكم، فإذا استثنى الشارع صورة لمصلحة، ثم وجدت صورة أخرى تشاركها في تلك المصلحة وجب إثبات الحكم (4) لها؛ تكثيرًا للمصلحة (5).

قال المؤلف في الشرح: ومراعاة المصالح أولى من مراعاة العموم؛ فإن إبقاء (6) العموم على عمومه اعتبار لغوي، ومراعاة المصالح اعتبار شرعي، والشرع مقدم على اللغة (7).

(1) المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.

(2)

انظر حجة المنع في شرح التنقيح للقرافي ص 229.

(3)

المثبت بين المعقوفتين من ز، ولم يرد في الأصل، وفي ط:"تقضي".

(4)

في ط وز: "ذلك الحكم".

(5)

انظر حجة الجواز في: شرح التنقيح للقرافي ص 230.

(6)

في ط: "بقاء".

(7)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 230.

ص: 396