المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث في مخصصاته - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٣

[الحسين الشوشاوي]

الفصل: ‌الفصل الثالث في مخصصاته

‌الفصل الثالث في مخصصاته

(1)

ش: الضمير في مخصصاته عائد على العموم.

ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الفصل: عدد المخصصات، وشروط المخصصات.

أما عددها [فهي قوله: خمسة عشر (2).

وأما شروطها] (3) فهي: قوله في آخر الفصل: لنا في سائر (4) صور النزاع أن ما يدعى أنه مخصص، لا بد أن يكون منافيًا، وأخص من المخصص.

قوله: (و (5) هي خمس عشرة) هذا على القول المختار عنده، وإلا فقد وجد الخلاف في أكثرها، وجملتها: العقل، والإجماع، والقياس،

(1) انظر هذا الفصل في: شرح التنقيح للقرافي ص 202 - 215، شرح التنقيح للمسطاسي ص 110 - 117، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 172، 184.

(2)

في أوخ: "وهي خمسة عشر"، وفي ش:"وهي عند مالك خمسة عشر".

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(4)

"سائر" ساقطة من ز.

(5)

"الواو" ساقطة من ز.

ص: 225

والكتاب، والسنة المتواترة، وخبر الآحاد، وفعله عليه السلام، وإقراره، والعوائد، والشرط، والاستثناء، والصفة، و (1) الغاية، والحس، والمفهوم (2)، فهذه خمسة عشر.

[واعلم: أن](3) هذه المخصصات الخمسة عشر ترجع إلى ستة، وهي: اللفظ، والعقل، والحس، والواقع، والعادة، وقرائن الأحوال، [وسيأتي بيان جميعها إن شاء الله تعالى](4).

اعلم (5): أن التخصيص على أربعة أقسام وهي: تخصيص المقطوع بالمقطوع.

وتخصيص المظنون بالمظنون.

وتخصيص المقطوع بالمظنون.

وتخصيص المظنون بالمقطوع.

مثال المقطوع بالمقطوع: تخصيص الكتاب بالكتاب، وتخصيص السنة المتواترة بالسنة المتواترة، [وتخصيص الكتاب بالسنة المتواترة](6)، وتخصيص

(1)"الواو" ساقطة من ط.

(2)

في ط: "المفهوم والواقع".

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(5)

في ط وز: "واعلم".

(6)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

ص: 226

الكتاب بالإجماع أو بالعقل، وتخصيص السنة بالإجماع أو بالعقل (1).

ومثال تخصيص المظنون بالمظنون: تخصيص الآحاد بالآحاد، أو بالقياس.

ومثال تخصيص المقطوع بالمظنون: تخصيص الكتاب، أو السنة (2) المتواترة بالآحاد، وبالقياس.

ومثال المظنون (3) بالمقطوع: تخصيص الآحاد بالكتاب، والسنة (4) المتواترة، أو بالإجماع (5)، أو بالعقل (6).

قوله: (ويجوز (7) عند مالك رحمه الله، وعند أصحابه (8) تخصيصه بالعقل، خلافًا لقوم، كقوله تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كلِّ شَيْءٍ} (9)، خصص (10) العقل ذات الله تعالى وصفاته).

ش: هذا أول المخصصات، وذلك أن قوله تعالى:{خَالِقُ كلِّ شَيْءٍ} يعم جميع الأشياء من حيث الوضع، فتندرج (11) ذات الله تعالى وصفاته

(1)"أو بالعقل" ساقط من ز.

(2)

في ط وز: "والسنة".

(3)

في ط وز: "تخصيص المظنون".

(4)

في ط وز: "أو السنة".

(5)

في ط: "أو بالقياس أو بالإجماع".

(6)

ذكر هذه التقسيمات مع أمثلتها المسطاسي في: شرح التنقيح ص 111.

(7)

في أوخ وش: "فيجوز".

(8)

في ش: "فيجوز عند مالك وأصحابه"، وفي ط:"وعند جمهور أصحابه".

(9)

سورة الزمر آية 62.

(10)

في أ: "أخر العقل"

(11)

في ز: "فيندرج".

ص: 227

العلى (1) في ذلك؛ لأن الله تعالى من الأشياء، لقوله تعالى:{قلْ أَيُ شَيْءٍ أَكبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} (2) ولكن خصص العقل ذات الله تعالى وصفاته من متعلق هذا العموم؛ لأنه ليس بخالق لذاته وصفاته؛ لأن القدرة لا تتعلق بالواجب ولا بالمستحيل، ولا تتعلق إلا بالجائز؛ لأن ذات الله (3) وصفاته واجبة، وليست بجائزة، ولا مستحيلة.

وذلك أن أحكام العقل ثلاثة:

واجب، وجائز، ومستحيل (4).

ولا تعلُّق للقدرة (5) بالواجب ولا بالمستحيل، بل تعلق القدرة خاص بالجائز خاصة، ولفظ الشيء يتناول كل موجود كان واجبًا، أو جائزًا، أو مستحيلاً، فقد (6) تناول لفظ الشيء ذات الله تعالى وصفاته، من جهة وضع اللغة، ولكن أخرج العقل ذلك من عموم اللفظ بعد دخوله في عموم اللفظ، هذا مذهب الجمهور (7).

(1)"العلى" لم ترد في ز.

(2)

آية 19 من سورة الأنعام.

(3)

في ط وز: "تعالى".

(4)

انظر: أحكام العقل في شرح التنقيح للمسطاسي ص 111.

(5)

في ط: "ولا تتعلق القدرة"

(6)

في ز: "وقد".

(7)

انظر مذهب الجمهور في: شرح التنقيح للمسطاسي ص 11، مختصر ابن الحاجب 2/ 147، المحصول ج 1 ق 3 ص 111، الإحكام للآمدي 2/ 314، المستصفى 2/ 99، البرهان 1/ 408، 409، جمع الجوامع 2/ 24، نهاية السول 2/ 451، شرح الكوكب المنير 3/ 179، العدة 2/ 547، 548، مختصر البعلي ص 122، المسودة ص 118، تيسير التحرير 1/ 273، فواتح الرحموت 1/ 301، إرشاد الفحول ص 156.

ص: 228

وذهبت طائفة قليلة من المتكلمين إلى عدم دخول الذات القديمة في هذا (1) اللفظ (2)، وقالوا: دخول (3) خلاف المعقول تحت اللفظ لا يجوز، فإذا عدم دخوله عدم تخصيصه؛ إذ لا يختص (4) إلا ما يمكن دخوله، فلا دخول (5) ولا تخصيص.

أجيب: بأن ما به (6) دخوله خلاف ما به خروجه؛ لأنه داخل من حيث الوضع، وخارج من حيث العقل.

قوله: (يجوز تخصيصه بالعقل) يعني: تخصيصه بضرورة العقل وبنظره (7).

مثال ضرورته: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (8)، وقوله تعالى (9):{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (10).

ومثال تخصيصه بنظر العقل، قوله تعالى (11): {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ

(1) في ز: "حق".

(2)

انظر هذا المذهب في المصادر السابقة.

(3)

في ز: "دخل".

(4)

في ط وز: "لا يخصص".

(5)

في ز وط: "فلا".

(6)

"ما" ساقطة من ز.

(7)

في ط: "أو بنظره".

(8)

آية 16 من سورة الرعد، وآية 62 من سورة الزمر.

(9)

"تعالى" لم ترد في ز وط.

(10)

وردت هذه الآية في عدة مواضع هي: آية 120 من سورة المائدة، آية 4 من سورة هود، آية 50 من سورة الروم، آية 9 من سورة الشورى، آية 2 من سورة الحديد، آية 2 من سورة التغابن، آية 1 من سورة الملك.

(11)

"تعالى" لم ترد في ط.

ص: 229

الْبَيْتِ} (1) الآية.

خرج من عموم (2) اللفظ (3): من لا يفهم، كالصبي، والمجنون؛ لأن العقل دل على استحالة تكليف من (4) لا يفهم، قاله (5) الغزالي (6).

قال المؤلف في الشرح (7): الخلاف في هذه المسألة راجع إلى التسمية (8)، فإن خروج هذه الأمور من هذا (9) العموم لا ينازع (10) فيه مسلم.

وإنما الخلاف: هل يسمى تخصيصًا (11)؟، وأما بقاء (12) العموم على عمومه فلا يقوله مسلم (13).

وهذا الذي قاله المؤلف من كون الخلاف في التسمية، قاله أيضًا

(1) آية رقم 97 من سورة آل عمران

(2)

في ز: "العموم"، وفي ط:"عمومه".

(3)

"اللفظ" ساقطة من ز وط.

(4)

في ط: "ما".

(5)

في ز: "قال".

(6)

انظر: المستصفى للغزالي 2/ 100، وانظر أيضًا هذه المسألة في: مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/ 147، المحصول ج 1 ق 3 ص 111، الإحكام للآمدي 2/ 314، نهاية السول 2/ 451، العدة 2/ 548، شرح الكوكب المنير 3/ 280، إرشاد الفحول ص 156.

(7)

"في الشرح" ساقط من ط.

(8)

في ز: "التميمية" وهو تصحيف.

(9)

في ط وز: "هذه".

(10)

في ط: "يتنازع".

(11)

في ز: "تخصيصًا أم لا" وفي ط: "تخصيصًا أو لا".

(12)

في ط: "إبقاء".

(13)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 202.

ص: 230

القاضي عبد الوهاب في "الملخص"(1).

وقاله أيضًا أبو المعالي في "التلخيص"(2).

وقاله أبو جعفر الطبري (3) في "تنقيح الأدلة"(4).

قوله: (وبالإِجماع).

ش: هذا مخصص ثانٍ، أي: يجوز تخصيص العموم بالإجماع (5).

قال سيف الدين: لا أعلم خلافًا في التخصيص (6) به؛ لأنه إذا جاز

(1) انظر نسبة هذا القول للقاضي في شرح التنقيح للمسطاسي ص 111.

(2)

انظر نسبة القول لأبي المعالي في: شرح التنقيح للمسطاسي ص 111.

(3)

هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري، ولد سنة أربع وعشرين ومائتين (224 هـ)، وهو صاحب التفسير الكبير والتاريخ المشهور، كان إمامًا في فنون كثيرة، منها: التفسير، والحديث، والفقه، وكان من الأئمة المجتهدين، توفي رحمه الله سنة (310 هـ) ببغداد.

انظر: وفيات الأعيان 4/ 191، 192، تاريخ بغداد 2/ 162، شذرات الذهب 2/ 260.

(4)

انظر: النقل عن تنقيح الأدلة للطبري في: شرح المسطاسي ص 111، ولم أجد نسبة هذا الكتاب لابن جرير.

(5)

انظر هذا المخصص في: شرح التنقيح للقرافي ص 202، شرح التنقيح للمسطاسي ص 111، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 173، مختصر ابن الحاجب 2/ 150، المحصول ج 1 ق 3 ص 124، الإحكام للآمدي 2/ 327، المستصفى 2/ 102، العدة 2/ 578، شرح الكوكب المنير 3/ 369، مختصر البعلي ص 123، المسودة ص 126، إرشاد الفحول ص 160.

(6)

يقول سيف الدين: لا أعرف خلافًا في تخصيص القرآن والسنة بالإجماع.

انظر: الإحكام للآمدي 2/ 327.

ص: 231

تخصيصه بالظواهر فجواز (1) تخصيصه بالإجماع أولى.

مثال التخصيص بالإجماع: قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُم} (2) خرج (3) منه الأخت من الرضاعة، وغيرها من موطوءات الآباء والأبناء بالإجماع (4).

ومثاله أيضًا: قوله تعالى في آية القذف: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لمْ يَأْتوا بأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (5)؛ لأنه وقع الإجماع على تنصيف الحد في حق العبد والأمة (6).

و (7) مثال التخصيص بالإجماع أيضًا: قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (8) خصصت (9) منه الأمة (10) لأن عدتها حيضتان بالإجماع، قاله ابن العربي في أحكام القرآن (11).

(1) في ط: "يجوز".

(2)

آية رقم 3 من سورة النساء.

(3)

في ز: "أخرج".

(4)

انظر هذا المثال في: شرح التنقيح للقرافي ص 202، شرح التنقيح للمسطاسي ص 111.

(5)

آية رقم 4 من سورة النور.

(6)

انظر هذا المثال في: مختصر ابن الحاجب 2/ 150، المحصول ج 1 ق 3 ص 124، الإحكام للآمدي 2/ 327، شرح الكوكب المنير 3/ 370، فواتح الرحموت 1/ 352.

(7)

"الواو" ساقطة من ط.

(8)

آية رقم 228 من سورة البقرة.

(9)

في ز: "وخصصت".

(10)

في ط وز: "الأمة المطلقة".

(11)

ذكر هذا المثال ابن العربي في أحكام القرآن (1/ 185).

ص: 232

قوله: (والكتاب بالكتاب (1) خلافًا لبعض أهل الظاهر).

ش: هذا مخصص (2) ثالث (3).

مثاله (4): قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (5) خصصه قوله تعالى: {وَاللَاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيض} (6) إلى قوله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُن} (7) خصصه من عموم اللفظ للحائلات والحاملات، فخصصت باليائسة (8)، والصغيرة، والحاملة،

(1)"بالكتاب" ساقطة من خ.

(2)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"مخصوص".

(3)

هذا على رأي الجمهور، وفصل بعض الحنفية، والقاضي أبو بكر، وإمام الحرمين فقالوا: إن عُلم التاريخ فالخاص إن كان متأخرًا خصص العام، وإن كان متقدمًا فلا، بل كان العام ناسخًا للخاص، وإن جهل التاريخ تساقطا؛ لاحتمال بطلان حكم الخاص لتأخر العام.

انظر هذا التفصيل في: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 148، فواتح الرحموت 2/ 345.

وانظر مذهب الجمهور القائلين بالتخصيص مطلقًا في: شرح التنقيح للقرافي ص 202، شرح التنقيح للمسطاسي ص 111، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 173، مختصر ابن الحاجب 2/ 147، 148، المحصول ج 1 ق 3 ص 117، 118، الإحكام للآمدي 2/ 318، 319، شرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 26، شرح الكوكب المنير 3/ 359، 360، فواتح الرحموت 1/ 345، إرشاد الفحول ص 157.

(4)

في ز: "مثال".

(5)

آية رقم 228 من سورة البقرة.

(6)

آية رقم 4 من سورة الطلاق.

(7)

آية رقم 4 من سورة الطلاق.

(8)

في ط وز: "فخصص باليائسات".

ص: 233

وخصصت (1) بغير المدخول بها لقوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ من عدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (2).

[ومثاله أيضًا: قوله تعالِى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (3) خصصه قوله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أًجَلُهُنَّ أَن يَضعْنَ حَمْلَهُن} (4).

ومثاله أيضًا: قوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا المشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} (5) خصصه قوله تعالى: {وَالْمحْصَنَاتُ مِنَ الَذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} (6)] (7).

ومثاله أيضًا: قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (8) خصصه قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وهمْ صَاغِرُون} (9).

حجة أهل الظاهر (10): قوله (11): {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِليْهِمْ} (12)؛

(1) في ز: "وخصص"، وفي ط:"وخصصت أيضًا".

(2)

آية رقم 49 من سورة الأحزاب.

(3)

آية رقم 234 من سورة البقرة.

(4)

آية رقم 4 من سورة الطلاق.

(5)

آية رقم 221 من سورة البقرة.

(6)

آية رقم 5 من سورة المائدة.

(7)

المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.

(8)

آية رقم 5 من سورة التوبة.

(9)

آية رقم 29 من سورة التوبة.

(10)

انظر هذا المذهب في المصادر السابقة.

(11)

في ط وأ: "قوله تعالى".

(12)

آية رقم 44 من سورة النحل.

ص: 234

لأنه يقضي (1): أن البيان لا يكون إلا بالسنة، ولا يكون بالقرآن، والتخصيص بيان.

أجيب عنه: بقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيك الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} (2) والقرآن شيء فيبين نفسه، وهو المطلوب (3).

قوله: (وبالقياس الجلي والخفي للكتاب والسنة المتواترة، ووافقنا الشافعي، وأبو الحسين (4)، وخالفنا الجبائي، وأبو هاشم في القياس مطلقًا.

وقال عيسى بن أبان (5): إِن خص قبله بدليل مقطوع جاز (6)، وإِلا فلا.

(1) في ط وز: "يقتضي".

(2)

آية 89 من سورة النحل.

(3)

انظر هذا الجواب في: شرح التنقيح للقرافي ص 202، شرح التنقيح للمسطاسي ص 111، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 148، الإحكام للآمدي 2/ 319.

(4)

في أوخ وش وط: "ووافقنا الشافعي، وأبو حنيفة، والأشعري، وأبو الحسن البصري، وفي ز: "ووافقنا الشافعي، والأشعري، وأبو الحسين البصري".

(5)

هو أبو موسى عيسى بن أبان بن صدقة، لزم محمد بن الحسن لزومًا شديدًا، وهو من كبار فقهاء الحنفية، وكان شيخًا عفيفًا خيِّرًا فاضلاً سخيًا، ولي قضاء العسكر، ثم قضاء البصرة، توفي رحمه الله بالبصرة سنة إحدى وعشرين ومائتين (221 هـ)، من آثاره:"كتاب الحج"، و"خبر الواحد"، و"إثبات القياس"، و"اجتهاد الرأي".

انظر ترجمته في: الفوائد البهية في تراجم الحنفية ص 151، الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ج 1 ص 401، تاريخ بغداد 11/ 157، الفهرست لابن النديم تحقيق رضا تجدد ص 258.

(6)

في ز: "بأن".

ص: 235

وقال الكرخي: إِن خص قبله بدليل منفصل جاز، وإِلا فلا.

وقال ابن شريح (1) وكثير من الشافعية: يجوز بالجلي (2) دون الخفي.

و (3) اختلف في الجلي والخفي، فقيل: الجلي: قياس المعنى، والخفي: قياس الشبه، وقيل: الجلي: ما تفهم (4) علته، كقوله عليه السلام:"لا يقضي القاضي وهو غضبان"(5).

(1) في خ وش: "ابن سريج" وهو المشهور من اسمه، وذكره بعضهم أنه ابن شريح، وهو أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج، الفقيه الشافعي ولد سنة 249 هـ، وأخذ الفقه عن أبي القاسم الأنماطي، وروى الحديث عن الحسين بن محمد الزعفراني، وكان من عظماء الشافعية، قام بنصرة مذهب الإمام الشافعي، ومنه انتشر المذهب، ورد على المخالفين، وولي القضاء بشيراز، توفي رحمه الله سنة ست وثلثمائة (306 هـ) ببغداد.

انظر ترجمته في: طبقات الشافعية للسبكي، تحقيق الطناحي والحلو 3/ 21 - 28، وفيات الأعيان 1/ 66 - 67، البداية والنهاية 11/ 129، مرآة الجنان 2/ 246، شذرات الذهب 2/ 247.

(2)

في ط: "الجلي".

(3)

"الواو" ساقطة من ط.

(4)

في أ: "ما يفهم".

(5)

أخرجه الإمام البخاري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، قال: كتب أبو بكرة إلى ابنه وكان بسجستان بألا تقضي بين اثنين وأنت غضبان؛ فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان".

انظر: صحيح البخاري، كتاب الأحكام، باب: هل يقضي الحاكم أو يفتي وهو غضبان 4/ 236.

وأخرجه الإمام مسلم عن عبد الرحمن بن أبي بكرة وفيه: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحكم بين اثنين وهو غضبان" انظر: كتاب الأقضية باب كراهية قضاء القاضي وهو غضبان (5/ 132). =

ص: 236

وقيل: ما يُنقض (1) القضاء بخلافه، وقال الغزالي: إِن استويا توقفنا، وإِلا طلبنا الترجيح، وتوقف القاضي أبو بكر وإِمام الحرمين، وهذا إِذا كان أصل القياس متواترًا، فإِن كان خبر واحد كان الخلاف أقوى.

لنا: أن (2) اقتضاء النصوص تابع للحكم، والقياس مشتمل على علة الحكمة (3) فيقدم (4)).

ش: هذا مخصص رابع، ذكر المؤلف في تخصيص العموم بالقياس (5) سبعة أقوال:

= وأخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن أبي بكرة بلفظ: "لا يقضي الحكم بين اثنين وهو غضبان" في كتاب الأقضية، باب القاضي يقضي وهو غضبان (3/ 302).

وأخرجه النسائي عن عبد الرحمن بن أبي بكرة بلفظ: "لا يقضين أحد في قضاء بقضاءين، ولا يقضي أحد بين خصمين وهو غضبان".

انظر: سنن ابن ماجه، كتاب القضاة في النهي عن أن يقضي في قضاء بقضاءين 8/ 247.

وأخرجه ابن ماجه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة بلفظ: "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان" انظر حديث رقم 2316، كتاب الأحكام باب لا يحكم الحاكم وهو غضبان 2/ 776.

(1)

في ط: "تنقض".

(2)

"أن" ساقطة من ز.

(3)

في ش: "الحكم".

(4)

"فيقدم" ساقطة من ز.

(5)

يقول أحمد حلولو: كان الأولى في حق المصنف ألا يذكر التخصيص بالقياس إلا بعد استيفاء الكلام على تخصيص الكتاب والسنة، والتخصيص بهما، وكذا ذكره حقيقة القياس الجلي والخفي، الأولى عدم ذكره وتأخيره إلى محله.

انظر: التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 176.

ص: 237

قولان متقابلان (1)، وأربعة بالتفصيل، والقول السابع بالوقف.

مثال تخصيص القياس الجلي للكتاب: قوله تعالى: {فَاقْتلُوا الْمُشْرِكِينَ} (2) خصصه قوله عليه السلام: "نهيت (3) عن قتل النساء والصبيان"(4)، ثم قاسوا عليهما (5) الأحبار، والرهبان، والشيخ الفاني، بجامع عدم الإذاية، وهذه العلة ظاهرة.

ومثال تخصيص القياس الخفي للكتاب قوله تعالى: {وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ} (6)

(1) القولان المتقابلان هما:

القول الأول وهو: جواز تخصيص اللفظ العام بالقياس مطلقًا، وبينه القرافي بقوله: وافقنا الشافعي، وأبو الحسين البصري ونسبه ابن الحاجب والآمدي للأئمة الأربعة، والأشعري، وأبي هاشم، وأبي الحسين البصري.

القول الثاني: تقديم العام على القياس، وهو مذهب الجبائي والرازي، ونسبه القرافي والغزالي لأبي هاشم الجبائي، ونسبه في المسودة لابن شاقلا والجزري من الحنابلة.

انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 153، 154، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 174، المستصفى 2/ 122، المحصول ج 1 ق 3 ص 148، جمع الجوامع 2/ 29، نهاية السول 2/ 463، المعالم للرازي ص 295، الإحكام للآمدي 2/ 337، العدة 3/ 559، شرح الكوكب المنير 3/ 377، 378، المسودة ص 119، 120، مختصر البعلي ص 124، تيسير التحرير 1/ 321، فواتح الرحموت 1/ 357، أصول السرخسي 1/ 142، كشف الأسرار 1/ 294.

(2)

آية رقم 5 من سورة التوبة.

(3)

في ز: "ونهيت".

(4)

سبق تخريج هذا الحديث.

(5)

في ط: "عليه".

(6)

قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} آية 173 من سورة البقرة.

ص: 238

فقاسوا جلده على لحمه.

ومثاله من السنة قوله عليه السلام: "ألا إن لحوم الحُمُر الأهلية حرام"(1) فقاسوا جلدها على لحمها.

قوله: (وقال عيسى بن أبان: [إن خص قبله بدليل مقطوع بصحته (2) جاز، وإِلا فلا).

هذا هو القول الثالث: يعني: أن عيسى بن أبان] (3) من الحنفية قال: إن خص العموم قبل القياس عليه (4) بدليل مقطوع بصحته، فإن القياس يجوز، وإن خص العموم قبل القياس بدليل مظنون وهو خبر الآحاد، أو كان العموم غير مخصوص أصلاً فإن القياس لا يجوز (5).

(1) لم أجده بهذا اللفظ، وأما معناه فقد رواه بألفاظ مختلفة عدد من الصحابة منهم: علي بن أبي طالب، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وعبدالله بن أبي أوفى، والبراء ابن عازب، وسلمة بن الأكوع، وأنس بن مالك، وغيرهم.

وأكتفي بذكر ما رواه علي بن أبي طالب، فقد أخرجه البخاري عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل الحمر الإنسية. كتاب المغازي، غزوة خيبر 3/ 52.

وأخرجه الإمام مسلم عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية.

انظر: كتاب النكاح، باب نكاح المتعة (4/ 134).

وأخرجه الترمذي عن علي بن أبي طالب في كتاب النكاح، باب ما جاء في تحريم نكاح المتعة، رقم الحديث العام 1121، (4/ 82).

(2)

"بصحته" ساقطة من ز.

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(4)

"عليه" ساقطة من ط.

(5)

انظر نسبة هذا القول لعيسى بن أبان من الحنفية في: التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 174، 175، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 153، 154، =

ص: 239

مثال المخصوص بدليل مقطوع: حديث عبادة بن الصامت (1)، وهو قوله عليه السلام:"البُر بالبُر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح ربًا، إلا هاء وهاء"

لأن هذا الحديث مقطوع بصحته، وهو تخصيص قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّه الْبَيعَ} (2)، ثم قاسوا الأرز على هذه الأربعة بجامع الاقتيات والادخار.

ومثال التخصيص بدليل مظنون، وهو خبر الآحاد: قوله (3) عليه السلام: "أحلت لنا ميتتان ودمان؛ فالميتتان: الحوت والجراد، والدمان: الكبد والطَّحال"(4)

= الإحكام للآمدي 2/ 337، المستصفى 2/ 123، جمع الجوامع 2/ 29، نهاية السول 2/ 463، 464، المحصول ج 1 ق 3 ص 148.

(1)

هو الصحابي الجليل عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصاري، الخزرجي، شهد العقبة مع السبعين من لأنصار وشهد بدرًا، وأحدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى كثيرًا من الأحاديث، وروى عنه أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، ومن التابعين: أبو أمامة الباهلي، ورفاعة بن رافع، ومحمود بن الربيع، وجهه عمر رضي الله عنه إلى الشام قاضيًا ومعلمًا فأقام بحمص، ثم انتقل إلى فلسطين، وتوفي بها، ودفن ببيت المقدس سنة أربع وثلاثين (34 هـ)، وقيل: مات بالرملة من أرض الشام.

انظر: الإصابة 3/ 624 - 626، الاستيعاب 2/ 807 - 809، الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 546.

(2)

آية رقم 275 من سورة البقرة.

(3)

في ط "كقوله".

(4)

أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحلت لكم ميتتان ودمان؛ فأما الميتتان: فالحوت والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال".

انظر: حديث رقم 3314، كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال 2/ 1102. =

ص: 240

كما نظمه المجاصي في أرجوزته قائلا (1):

أحلت (2) لنا السنة ميتتين (3)

ومثلها من الدماء اثنين

الحوت والجراد فيما قالوا

ثم الدماء الكبد والطحال (4)

وذلك أن هذا الحديث تخصيص لقوله (5) تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكم الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} (6).

فلا يجوز القياس على هذا العموم؛ لأن دليل تخصيصه مظنون، فلا يقاس على الجراد على هذا ميتة ما لا نفس له سائلة، كالحلزون مثلاً [بجامع عدم الدم](7).

[قال ابن العربي في أحكام القرآن في سورة البقرة: والصحيح: أن الكبد والطحال (8) ليس (9) بتخصيص للدم؛ لأن الكبد (10) والطحال (11) لحم، يشهد

= وأخرجه الإمام أحمد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال".

انظر: المسند 2/ 97.

(1)

في ز: "حيث قال".

(2)

في ز وط "حلت".

(3)

المثبت من ط، وفي الأصل وز:"ميتتان".

(4)

في ز: "الطيحال" ولم أتمكن من توثيق هذين البيتين من أرجوزة المجاصي، وهو مخطوط من مجموع (78 - 95) بالمكتبة العامة بالرباط رقم د 1645.

(5)

في ز: "بقوله".

(6)

آية رقم 3 من سورة المائدة.

(7)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(8)

في ز: "الطيحال".

(9)

في ط: "فليس".

(10)

"لأن الكبد" ساقطة من ز.

(11)

في ز: "الطيحال"

ص: 241

لذلك العيان الذي لا يعارضه بيان، ولا يفتقر إلى (1) برهان] (2).

قوله: (وقال الكرخي: إِن خص قبله بدليل منفصل جاز وإِلا فلا).

هذا هو القول (3) الرابع، معناه: قال أبو ثور الكرخي (4) من الحنفية: إن خص العموم قبل القياس لدليل منفصل عن العموم، سواء كان ذلك الدليل مقطوعًا أو مظنونًا جاز القياس، بخلاف ما إذا خص بدليل متصل بالعموم في اللفظ، فلا يجوز القياس عليه (5).

مثال تخصيصه بالدليل (6) المنفصل: حديث عبادة بن الصامت، وهو قوله المتقدم: "البُر بالبُر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر

" إلى آخر الحديث (7)، فهو تخصيص لقوله تعالى:{وَأَحَّلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (8) فيجوز قياس الأرز على

(1) انظر: أحكام القرآن لابن العربي، في سورة البقرة، في تفسيره لقوله تعالى:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلحْمَ الْخِنزِيرِ} من الآية 173، 1/ 54.

(2)

المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.

(3)

في ط: "الفصل".

(4)

الصواب أبو الحسن الكرخي، وقد سبقت ترجمته.

(5)

انظر نسبة هذا القول للكرخي في: شرح التنقيح للقرافي ص 203، شرح التنقيح للمسطاسي ص 112، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 874، المحصول ج 1 ق 3 ص 148، الإحكام للآمدي 2/ 337، نهاية السول 2/ 463، 464، جمع الجوامع 2/ 28، إرشاد الفحول ص 159.

(6)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"بدليل".

(7)

في ط وز: "والتمر بالتمر، والملح بالملح، ربًا إلا هاء وهاء".

(8)

آية رقم 275 من سورة البقرة.

ص: 242

هذه الأربعة المذكورة بجامع الاقتيات والادخار.

ومثال تخصيصه بالدليل المتصل بالعموم في اللفظ: قوله عليه السلام: "لا صلاة (1) بعد الفجر إلا ركعتي الفجر"(2).

فإن نفي (3) النوافل بعد طلوع الفجر خصص منه ركعتا الفجر، فلا يقاس: الوِتْرُ والوِرْدُ (4) على ركعتي الفجر عند الكرخي؛ لأن دليل التخصيص متصل.

قوله: (وقال ابن شريح وكثير من الشافعية: يجوز بالجلي دون الخفي).

هذا قول خامس معناه: يجوز تخصيص العموم بالقياس الظاهر البيِّن، ولا يجوز تخصيص العموم بالقياس الخفي (5).

قوله: (واختلف في الجلي والخفي).

(1) في ز وط: "لا صلاة نافلة".

(2)

سبق تخريج هذا الحديث.

(3)

في ط: "فنفي".

(4)

في ز: "والوتر دل".

(5)

انظر نسبة هذا القول لابن سريج في: شرح التنقيح للقرافي ص 203، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 174، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 153، الإحكام للآمدي 2/ 337، نهاية السول 2/ 463، 464، المحصول ج 1 ق 3/ 149، شرح الكوكب المنير 3/ 378، مختصر البعلي ص 124، تيسير التحرير 1/ 322، فواتح الرحموت 1/ 357، إرشاد الفحول ص 159.

ص: 243

معناه: واختلف على هذا القول في تفسير القياس (1) الجلي، والقياس الخفي على ثلاثة أقوال.

قوله: (فقيل: الجلي قياس المعنى، والخفي قياس الشبه)(2).

ومعنى قياس المعنى: هو القياس المشتمل على الوصف المناسب للحكم، ويقال له (3) أيضًا: قياس العلة.

ومعنى قياس الشبه: هو القياس (4) المشتمل على الوصف المستلزم للمناسب، ويقال له (5): قياس الشبهة.

مثال القياس المشتمل على الوصف المناسب للحكم (6): قياس الأرز على البر بجامع الاقتيات والادخار.

ومثاله أيضًا: قياس النبيذ على الخمر بجامع الإسكار.

ومثال القياس المشتمل على الوصف المستلزم للمناسب: قياس الخل على الدهن في عدم إزالة النجاسة (7)، بجامع كون القنطرة لا تبنى على جنسه،

(1) في ز: "قياس".

(2)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 203، شرح التنقيح للمسطاسي ص 113، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 174، المحصول ج 1 ق 3 ص 149، المستصفى 2/ 131، 132، نهاية السول 2/ 464، شرح الكوكب المنير 3/ 378، 379، روضة الناظر مع نزهة المخاطر 2/ 170.

(3)

"له" ساقطة من ز.

(4)

في ط: "قياس".

(5)

في ط وز: "أيضًا".

(6)

"للحكم" ساقطة من ز وط.

(7)

في ط وز: "النجاسة به".

ص: 244

فيقال: الخل مائع، لا تبنى القنطرة على جنسه، فلا تزال به النجاسة قياسًا على الدهن.

فالوصف الذي هو كونه لا تبنى القنطرة على جنسه غير مناسب، ولكن مستلزم للمناسب، الذي هو: القلة؛ لأن العادة (1) جارية بأن القناطير (2)[لا تبنى](3) إلا على المائع الكثير كالأنهار، ولا تبنى على المائع القليل، والقلة وصف مناسب لعدم مشروعية الطهارة (4) بالمائع المتصف بها، أي: بالقلة، فإن الطهارة شرع عام، والشرع (5) العام يقتضي: أن تكون أسبابه عامة الوجود (6) في كل زمان ومكان، رفقًا ولطفًا من الله تعالى (7) لعباده، فأما تكليف الكل بما لا يجده إلا البعض فبعيد عن القواعد (8)، فالوصف الذي هو كونه لا تبنى القنطرة على جنسه ليس بمناسب؛ لعدم مشروعية (9) الطهارة به، ولكنه مستلزم للقلة: التي هي وصف مناسب لعدم مشروعية الطهارة (10).

قوله: (فقيل: الجلي قياس المعنى، والخفي قياس الشبه)؛ وذلك

(1) المثبت من ط وز، وفي الأصل:"القاعدة".

(2)

في ط: "فإن القناطر".

(3)

المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.

(4)

في ز: "الطاهرة".

(5)

في ط: "والشرط".

(6)

"الوجود" ساقطة من ز.

(7)

"تعالى" لم ترد في ز وط.

(8)

في ز: "القاعدة".

(9)

المثبت من ز، وفي الأصل:"مشروعة".

(10)

في ز وط: "الطهارة به".

ص: 245

أن الوصف باعتبار القياس إما أن يكون مناسبًا، وإما ألا يكون مناسبًا، ولكن هو (1) مستلزم للمناسب، وإما أن لا يكون مناسبًا ولا مستلزمًا للمناسب.

فالوصف المناسب معتبر باتفاق، والوصف الذي ليس مناسبًا ولا مستلزمًا للمناسب لا يعتبر، بل هو ملغى بإجماع، وهو الذي يقال له: وصف طردي (2)، والوصف الذي هو مستلزم للمناسب مختلف فيه:

قيل: باعتباره.

وقيل: بعدم اعتباره.

وسيأتي بيان ذلك في باب القياس إن شاء الله تعالى؛ لأن ذلك موضعه (3) بالذات.

قوله: (وقيل: الجلي: ما تفهم علته) أي: القياس الجلي: هو القياس الذي تظهر علته للسامع بأول وهلة (4) أي: ببديهة العقل (5)، كقوله عليه السلام:"لا يقضي القاضي وهو غضبان".

لأن هذا المنصوص (6) يفهم منه السامع أول سماعه: أن علة منع القضاء

(1)"هو" ساقطة من ط.

(2)

في ز: "مرعي" وهو تصحيف.

(3)

في ز: "موضوعه".

(4)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 205، شرح التنقيح للمسطاسي ص 113، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 176، 177، المحصول ج 1 ق 3 ص 149، المستصفى 2/ 131، روضة الناظر مع نزهة المخاطر العاطر 2/ 170.

(5)

في ط وز: "ببديهة العقل أي: بأول مراتب العقل".

(6)

في ز: "هذه النصوص".

ص: 246

هو (1) التشويش (2) للفكر، فيقاس على ذلك كل ما يشوش الفكر: كالجوع، والعطش، والهم، والحاقن، وغير ذلك مما ظهر (3) فيه تشويش الفكر (4).

قوله: (ما تفهم علته) فيه تجوز بحذف مضاف تقديره: ما تفهم حكمة علته؛ لأن العلة التي جعلها الشارع لمنع القضاء هي: الغضب، وأما كونه يشوش الفكر: فهو الحكمة التي لأجلها (5) صار الغضب علة.

والتعليل بالحكمة مختلف فيه كما سيأتي في باب القياس إن شاء الله.

قوله: (والخفي (6) ما لا (7) تفهم [يعني: أن الخفي ما لا تفهم علته](8) إِلا بعد تدبر وتفكر.

مثاله: قياس الأرز على البر بجامع الاقتيات (9) والادخار، وكذلك قياس النبيذ على الخمر بجامع السكر؛ لأن العلة لا تفهم فيهما (10) بأول

(1) في ط: "هي".

(2)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"التشوش".

(3)

"ظهر" ساقطة من ط.

(4)

في ط: "الكفر" وهو تصحيف.

(5)

في ز: "من أجلها".

(6)

في ز: "والجلي ما تفهم علته، والخفي

" إلخ، وفي ط: "وقيل: الجلي ما تفهم علته يعني: والخفي ما لا تفهم علته".

(7)

المثبت من ز، ولم ترد "لا" في الأصل.

(8)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(9)

المثبت من ز، وفي الأصل:"الاقتات".

(10)

في ز: "فيها".

ص: 247

وهلة، ولا تفهم إِلا بعد بحث ونظر).

قوله: (وقيل: ما ينقض القضاء بخلافه).

أي: معنى القياس الجلي هو: القياس الذي ينقض به قضاء القاضي (1) إذا خالفه (2).

[يعني: ومعنى القياس الخفي هو: القياس الذي لا ينقض به قضاء القاضي إذا خالفه](3).

قالوا: ينقض قضاء القاضي إذا خالف الإجماع، أو النص، أو القياس الجلي، أو القواعد.

قال المؤلف في الشرح: قول من قال: القياس الجلي ما ينقض القضاء بخلافه، هو (4): تفسير يلزم منه الدور، فإن الفقهاء يقولون: ينقض قضاء القاضي إذا خالف الإجماع، أو النص، أو القواعد، أو القياس الجلي، فهذا (5) يقتضي أن يكون القياس الجلي معلومًا قبل النقض، فإذا عرف (6) بالنقض توقف معرفة كل واحد منهما على معرفة الآخر (7).

(1) في ز: "القضاء".

(2)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 203، شرح التنقيح للمسطاسي ص 113، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 177، المحصول ج 1 ق 3 ص 150، شرح الكوكب المنير 3/ 379.

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(4)

في ز: "وهو".

(5)

في ز: "فهذه".

(6)

في ط: "عد".

(7)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 205.

ص: 248

قوله: (وقال الغزالي: إِن استويا توقفنا (1)، وإِلا طلبنا الترجيح) (2).

هذا هو القول السادس في جواز التخصيص بالقياس، ومعناه: إن استوى (3) العموم والقياس في القوة والضعف (4) وجب التوقف، فلا يقدم أحدهما على الآخر حتى يرد البيان؛ لأجل كونهما قويين معًا، أو ضعيفين معًا في نظر المجتهد.

قوله: (وإِلا طلبنا الترجيح)، أي: وإن لم يستويا في القوة والضعف طلبنا الراجح منهما، فنقدمه على المرجوح؛ إذ (5) العمل بالراجح متعين.

ووجه هذا القول: أن مراتب القياس مختلفة، وكذلك مراتب العموم مختلفة أيضًا، وإنما قلنا: إن (6) مراتب القياس مختلفة؛ لأن القياس على أصل متفق عليه أقوى من القياس على أصل مختلف فيه، والقياس الذي

(1) في ز: "توقفنا".

(2)

يقول الغزالي: فكذلك العموم والقياس إذا تقابلا، فلا يبعد أن يكون قياس قوي أغلب على الظن من عموم ضعيف، أو عموم قوي أغلب على الظن من قياس ضعيف، فنقدم الأقوى، وإن تعادلا فيجب التوقف.

انظر: المستصفى 2/ 134.

وانظر: شرح التنقيح للقرافي ص 203، 205، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 175، المحصول ج 1 ق 3 ص 151، نهاية السول 2/ 463، فواتح الرحموت 1/ 358، إرشاد الفحول ص 159.

(3)

في ط: "استويا".

(4)

في ز: "والطبع" وهو تصحيف.

(5)

"إذ" ساقطة من ز.

(6)

"إن" ساقطة من ط.

ص: 249

ثبتت (1) علته بالنص أقوى من القياس الذي ثبتت (2) علته [بالاستنباط، والقياس الذي ثبتت (3) علته بالإيماء أقوى من القياس الذي ثبتت (4) علته](5) بالمناسبة، إلى غير ذلك، كما سيأتي في ترجيح الأقيسة إن شاء الله.

وإنما قلنا أيضًا: إن مراتب العموم مختلفة؛ لأن العموم الذي قلَّت أنواعه أقوى من العموم الذي كثرت أنواعه، والعام الذي لم تجر العادة باستعماله مجازًا أقوى من العام الذي جرت العادة باستعماله مجازًا، والعام المتفق على تخصيصه أقوى من العام المختلف في تخصيصه، إلى غير ذلك، وسيأتي بيان الترجيح في باب التعارض والترجيح إن شاء الله تعالى.

قال المؤلف في شرحه: و (6) هذا مذهب حسن، يعضده (7) قوله (8) عليه السلام:"نحن (9) نحكم بالظاهر، والله متولي السرائر"(10).

(1) في ط: "تثبت".

(2)

في ط: "تثبت".

(3)

في ط: "تثبت".

(4)

في ط: "تثبت".

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(6)

"الواو" ساقطة من ز.

(7)

في ز: "يقصد".

(8)

في ز: "قال".

(9)

"نحن" ساقطة من ز.

(10)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 206.

ويقول الزركشي في المعتبر (ص 99): هذا الحديث اشتهر في كتب الفقه وأصوله، وقد استنكره جماعة من الحفاظ، منهم: المزي، والذهبي، وقالوا: لا أصل له، =

ص: 250

قوله: (وتوقف القاضي أبو بكر وإِمام الحرمين).

هذا هو القول السابع في جواز التخصيص بالقياس، وهو: القول بالتوقف (1)(2).

قوله: (وهذا إِذا كان أصل القياس متواترًا، فإِن كان خبر (3) واحد كان الخلاف أقوى).

ش: يعني: أن الخلاف المذكور في جواز التخصيص بالقياس مخصوص بما إذا كان حكم أصله ثبت بالتواتر، كنص الكتاب والسنة المتواترة، أو

= وأفادني شيخنا علاء الدين مغلطاي - رحمه الله تعالى -: أن الحافظ أبا طاهر إسماعيل بن إبراهيم بن أبي القاسم الجنزوي رواه في كتابه إدارة الحكام، في قصة الكندي والحضرمي اللذين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأصل حديثهما في الصحيحين، فقال المقضي عليه: قضيت عليّ والحق لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما أقضي بالظاهر، والله يتولى السرائر".

وذكره السخاوي في المقاصد، وقال: إنه لا وجود له في كتب الحديث المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة، وجزم العراقي بأنه لا أصل له، وكذا أنكره المزي وغيره، وذكر السخَاوي ما ذكره الشيخ مغلطاي، ثم قال: وقال شيخنا: ولم أقف على هذا الكتاب، ولا أدري أساق له إسماعيل المذكور إسنادًا أم لا؟.

انظر: المقاصد (ص 91، 92)، كشف الخفاء (1/ 222 - 223).

(1)

انظر نسبة هذا القول للقاضي أبي بكر وإمام الحرمين في: شرح التنقيح للقرافي ص 205، 206، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 175، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 153، 154، البرهان 1/ 428، الإحكام للآمدي 2/ 337، نهاية السول 2/ 463، 464، المحصول ج 1 ق 3 ص 151، المسودة ص 120، تيسير التحرير 1/ 322، فواتح الرحموت 1/ 358.

(2)

في ز: "بالوقف".

(3)

في ط: "فإن القياس خير".

ص: 251

الإجماع، وأما إن كان حكم (1) أصل القياس ثبت بخبر الآحاد كان الخلاف أقوى في منع التخصيص به؛ لضعف أصله.

قوله: (لنا: أن اقتضاء النصوص تابع للحكم، والقياس مشتمل على الحكمة (2) فيقدم (3)).

ش: هذا حجة القول الأول الذي عليه الجمهور، وهو القول بجواز التخصيص بالقياس (4)؛ وذلك: أن النصوص تقتضي الأحكام، والأحكام تابعة للحكم والمصالح؛ لأن الأحكام إنما شرعت لمصالح العباد، فلما (5) كانت النصوص تابعة للحكم صارت الحكمة أصلاً، وصار النص فرعًا عنها؛ لأن المتبوع أصل والتابع فرع، فإذا تعارض الأصل مع الفرع قدم الأصل على الفرع (6)، فيقدم القياس على العموم على هذا؛ لأن القياس على هذا كالأصل لاشتماله على الأصل الذي هو الحكمة، فلو قدم العموم على القياس لكان فيه تقديم الفرع على الأصل، هذا معنى هذا الدليل الذي قرره المؤلف ها هنا في الأم (7).

(1)"حكم" ساقطة من ز.

(2)

في ش: "مشتمل على الحكم".

(3)

"فيقدم" ساقطة من أ.

(4)

انظر أدلة هذا القول في: شرح التنقيح للقرافي ص 203، شرح التنقيح للمسطاسي ص 112، المستصفى 2/ 128، 129، المعالم للرازي ص 295، 296، تحقيق عائش أبو الريش، المحصول ج 1 ق 3 ص 152، إحكام الفصول في أحكام الأصول ج 1/ 187، 188

(5)

في ز: "فلو".

(6)

ذكر هذا الدليل المسطاسي في شرح التنقيح ص 112.

(7)

أي في متن التنقيح.

ص: 252

ودليل آخر على تقديم (1) القياس على العموم قرره المؤلف في الشرح، وهو: أن تقديم العموم على القياس يؤدي إلى تقديم الضعيف على القوي؛ لأن دلالة العام على ذلك الخاص أضعف من دلالة الخاص على ذلك الخاص؛ لجواز (2) إطلاق العام بدون إرادة الخاص، ولا يجوز إطلاق الخاص بدون إرادة ذلك الخاص؛ إذ ليس له مدلول غيره.

قال المؤلف في الشرح: وذلك أن القياس دليل شرعي، والعموم دليل شرعي، وهما متعارضان فلا يصح إعمالهما؛ لئلا يجتمع النقيضان، ولا يصح إلغاؤهما؛ لئلا يرتفع النقيضان، ولا يصح إعمال العام دون القياس؛ لأنه يؤدي إلى تقديم الأضعف (3) وهو العام، على الأقوى وهو القياس، وإنما قلنا بضعف العام وقوة القياس؛ لأن العام يجوز إطلاقه بدون إرادة الخاص، ولا يجوز إطلاق الخاص بدون إرادة القياس، فإذا انبطلت هذه الأوجه الثلاثة تعين الوجه الرابع، وهو تقديم القياس على العام، وهو المطلوب.

وبيانه بالمثال: قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّه الْبَيْعَ} (4) يقتضي بعمومه: حل بيع الأرز متفاضلاً ونسيئة، والقياس على البر يمنع (5)، فإن أعملناهما أبحنا التفاضل بالآية ومنعناه (6) بالقياس فيجتمع النقيضان، وإن ألغيناهما فنلغي

(1) في ز: "تقدم".

(2)

في ز: "بجوار".

(3)

في ط: "الضعف".

(4)

آية 275 من سورة البقرة.

(5)

في ط وز: "يمنع ذلك".

(6)

في ط: "ومعناه".

ص: 253

الحل من الآية ونلغي التحريم من القياس، فيحل ولا يحل، و (1) ذلك ارتفاع النقيضين، أو الجمع بين النقيضين، فإن إلغاء (2) العام يقتضي ألا يحل، وإلغاء القياس يقتضي ألا يحرم، فإن قدمنا العام لزم تقديم الأضعف؛ إذ يجوز إطلاق العام بدون إرادة الأرز، وقياس الأرز (3) لا (4) يمكن أن يثبت بدون التحريم في الأرز.

قال المؤلف في الشرح: وهذه الدلالة مطردة في جميع صور التخصيص على هذا التقدير (5).

قال بعض الشراح (6): ودليل آخر على تقديم القياس على العام: أن في (7) ذلك جمعًا بين الدليلين، بخلاف ما إذا قدم العام، فليس فيه إلا إعمال دليل وإلغاء الآخر (8).

حجة القول الثاني - وهو قول الجبائي وابنه (9) أبي هاشم في منع التخصيص بالقياس مطلقًا (10) -: أن القياس فرع النصوص، فلو قدم

(1)"الواو" ساقطة من ز.

(2)

في ط: "فإلغاء".

(3)

"وقياس الأرز" ساقط من ز.

(4)

في ز: "ألا".

(5)

المثبت من ط وش، وفى الأصل وز:"التقرير".

وقد نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 204.

(6)

الشارح هو المسطاسي.

(7)

"في" ساقطة من ط.

(8)

انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 112.

(9)

في ز: "وابن".

(10)

انظر حجة هذا القول في: شرح التنقيح للقرافي ص 204، شرح التنقيح =

ص: 254

القياس على النص للزم منه تقديم الفرع على الأصل.

أجيب عنه: بأن النص الذي هو أصل القياس مخالف للنص المخصوص بالقياس، فلم (1) يتقدم الفرع على الأصل؛ وذلك أن حديث عبادة بن الصامت في الربا في الأشياء، هو أصل القياس مثلاً، والنص المخصوص: الآية (2)، فما قدم فرع على أصل (3).

[حجة القول الثالث - الذي قاله عيسى بن أبان بالتفصيل بين دليل مقطوع ومظنون -: أن العام إذا خصص قبل القياس بدليل قطعي قطعنا بضعفه، فجاز (4) تسليط القياس عليه، وأما إذا خص بدليل ظني فلم يقطع (5) بضعفه، فلا يسلط عليه (6) القياس](7).

حجة القول الرابع - الذي قاله أبو ثور الكرخي (8) بالتفصيل بين دليل منفصل ومتصل -: أن المخصص المتصل كالشرط، والاستثناء، والصفة،

= للمسطاسي ص 112، المستصفى 2/ 123 - 127، مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/ 145، المعالم للرازي ص 297، 298، نهاية السول 2/ 465، المحصول ج 1 ق 3 ص 153 - 156.

(1)

في ز: "فقد".

(2)

في ط وز: "هو الآية".

(3)

انظر هذا الجواب في: شرح التنقيح للقرافي ص 204، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 112.

(4)

المثبت من ز، وفي الأصل:"مجازًا".

(5)

في ز: "نقطع".

(6)

انظر حجة هذا القول في: شرح التنقيح للقرافي ص 204، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 112.

(7)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(8)

الصواب: أبو الحسن الكرخي.

ص: 255

والغاية، لا يستقل بنفسه، فيتعين أن يكون مع الكلام الذي دخل عليه كلامًا واحدًا موضوعًا لما بقي بعد التخصيص، فهو كالحقيقة لقربه من الحقيقة، فلا يسلط (1) القياس عليه بخلاف المخصص المنفصل، فلا يمكن جعلهما كالكلام الواحد.

كقوله عليه السلام: "البر بالبر" الحديث، مع قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (2)، فلا يمكن جعل الكلامين كلامًا واحدًا موضوعًا لما بقي بعد التخصيص، فهو إذًا مجاز يسلط (3) عليه القياس؛ لضعف دلالته.

حجة القول الخامس - الذي قاله أبو العباس بن شريح من الشافعية، بالتفصيل بين القياس الجلي والخفي -: أن الجلي أقوى من الخفي فيسلط (4) الجلي على العموم لقوته، ولا يسلط عليه الخفي لضعفه (5).

حجة القول السادس - الذي قاله الغزالي -: أنه إذا ظهر الرجحان في أحدهما تعين تقديمه: كان ذلك الراجح عامًا أو قياسًا؛ لقوله عليه السلام: "نحن نحكم بالظاهر والله متولي السرائر" وإذا لم يظهر رجحان واحد

(1) في ز: "لقربه عن الخصيصة فلا يسقط" وهو تحريف للمعنى.

(2)

آية 275 من سورة البقرة.

(3)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"يسلط".

(4)

في ط وز: "فيسلط". انظر حجة الكرخي في: شرح التنقيح للقرافي ص 204، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 112.

(5)

انظر حجة هذا القول في: المستصفى (2/ 131)، وشرح التنقيح للمسطاسي (ص 112)، وقد أجاب عنه بقوله:"إن مراتب العموم كذلك مختلفة في القوة والضعف، فلا أولية".

ص: 256

منهما، بل تساويا عند المجتهد: وجب التوقف في ذلك (1).

حجة القول السابع - الذي قاله القاضي أبو بكر، وإمام الحرمين بالتوقف -: تعارض المدارك (2).

قوله: (ويجوز عندنا تخصيص السنة المتواترة بمثلها، وتخصيص الكتاب بالسنة المتواترة، كانت قولاً، أو فعلاً خلافًا لبعض الشافعية).

ش: هذا مخصص (3) خامس، وهو: التخصيص بالسنة المتواترة.

قوله: (ويجوز عندنا تخصيص السنة المتواترة بمثلها)(4).

اعلم أن عبارة كثير من الأشياخ هي: يجوز تخصيص السنة بمثلها (5)، وزاد الإمام فخر الدين (6): قيد التواتر (7)، وتبعه المؤلف على ذلك.

(1) انظر حجة قول الغزالي في: شرح التنقيح للقرافي ص 205، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 112.

(2)

يقول إمام الحرمين: وإذا تعارض الأمر في مسالك الظنون كما ذكره القاضي، ولم نجد أمرًا مثبوتًا سمعيًا، فيتعين الوقف.

انظر: البرهان 1/ 428، وانظر: شرح التنقيح ص 206.

(3)

في ز: "تخصيص".

(4)

انظر هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 206، 207، شرح التنقيح للمسطاسي ص 113، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 177، 178، مختصر ابن الحاجب 2/ 148، المحصول ج 1 ق 3 ص 110، الإحكام للآمدي 2/ 321، المستصفى 2/ 141، جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/ 26، شرح الكوكب المنير 3/ 359، 365، فواتح الرحموت 1/ 349.

(5)

"بمثلها" ساقطة من الأصل.

(6)

في ط وز: "فخر الدين في المحصول".

(7)

انظر المحصول ج 1 ق 3 ص 120.

ص: 257

قال المؤلف في الشرح: تصوير هذه المسألة في السنتين (1) المتواترتين إنما هو في زمان الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لشدة العناية (2) إذ ذاك بالرواية، وقرب العهد بالمروي عنه صلى الله عليه وسلم، وأما تصويرها (3) في زماننا فهو عسير أو منقطع، لقلة العناية بالرواية، وطول العهد بالمروي عنه صلى الله عليه وسلم، وليس في الأحاديث (4) في زماننا متواتر، وليس فيها إلا ما يفيد الظن حتى قال بعض الفقهاء: ليس في السنة متواتر إلا قوله عليه السلام (5): "الأعمال بالنيات"(6).

وعند التحقيق لا تجده (7) متواترًا عندنا؛ لفقدان العدد الذي يستحيل تواطؤهم على الكذب في جميع الطبقات بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغايتنا أن نرويه عن واحد، عن اثنين، عن ثلاثة، عن عشرة، وذلك لا يفيد التواتر (8).

قوله: ([تخصيص السنة المتواترة] (9) بمثلها).

والدليل على جوازه: المعقول والمنقول:

فالمعقول: [ما تقدم من](10) أن العام والخاص دليلان متعارضان، فإما أن

(1) في ز: "في السنة".

(2)

"العناية" ساقطة من ط.

(3)

في ز: "تصويره".

(4)

في ز: "الحديث".

(5)

في ط: " صلى الله عليه وسلم ".

(6)

سبق تخريج هذا الحديث.

(7)

في ط: "لا نجده".

(8)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 206، 207.

(9)

عبارة: "قوله تخصيص السنة المتواترة" ساقطة من ز.

(10)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

ص: 258

يعمل بهما أو لا يعمل بهما، أو يعمل بالعام دون الخاص، أو يعمل بالخاص دون العام، فالثلاثة الأولى (1) باطلة، والرابع هو: الصحيح، وهو: المطلوب (2)، كما تقدم بسطه في تخصيص العام بالقياس.

وأما الدليل المنقول: فمنه قوله عليه السلام: "فيما سقت السماء العشر"، خصصه قوله عليه السلام:"ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة"(3).

(1) في ط وز: "الأول".

(2)

انظر هذا الدليل من المعقول في: شرح التنقيح للقرافي ص 206، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 113.

(3)

هذا طرف من حديث أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة من الإبل، وليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة".

انظر: صحيح البخاري كتاب الزكاة، باب زكاة الورق (1/ 251).

وأخرجه الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمس ذود صدقة، ولا فيما دون خمس أواقٍ صدقة" انظر: أول كتاب الزكاة (3/ 66).

وأخرجه أبو داود عن أبي سعيد الخدري بنحو لفظ البخاري في كتاب الزكاة، باب ما تجب فيه الزكاة، رقم الحديث 1558، (2/ 94).

وأخرجه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صدقة فيما دون خمسة أوساق من التمر، ولا فيما دون خمس أواق، ولا فيما دون خمس من الإبل".

انظر: حديث رقم 1793، كتاب الزكاة، باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال (1/ 571).

وأخرجه الدارمي عن أبي سعيد الخدري في كتاب الزكاة، باب ما لا يجب فيه الصدقة من الحبوب (1/ 384).

وأخرجه أحمد عن أبي سعيد الخدري في المسند (3/ 6) وأخرجه عن ابن عمر في المسند 2/ 92.

ص: 259

وقوله عليه السلام: "في الرَّقَة ربع العشر"(1) خصه قوله عليه السلام:

= والأوسق جمع وسق، والوسق: ستون صاعًا، والصاع: أربعة أمداد، والمد: رطل وثلث بغدادي، فالأوسق الخمسة تساوي ألفًا وستمائة رطل بغدادي، والرطل البغدادي يساوي 408 غرامات، فالأوسق الخمسة تساوي 652.8 كيلو غرامًا.

انظر: الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان (ص 56).

وأواق: جمع: أوقية بضم الهمزة، ومقدارها أربعون درهمًا من الفضة الخالصة فيكون النصاب مائتي درهم ويساوي 140 مثقال من الفضة.

انظر: فتح الباري (7/ 65).

(1)

هذا طرف من حديث طويل أخرجه البخاري من طريق محمد بن عبد الله بن المثنى عن أبيه عن ثمامة بن عبد الله بن أنس أن أنسًا حدثه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، ثم ذكر حديثًا طويلاً في زكاة الماشية إلى أن قال في آخره: فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، وفي الرِّقّة ربع العشر، فإن لم يكن المال إلا تسعين ومائة فليس منها شيء إلا أن يشاء ربها".

انظر: كتاب الزكاة، باب زكاة الغنم 1/ 253.

وفي سنده عبد الله بن المثنى قد اضطرب فيه قول ابن معين، فقال مرة: صالح، ومرة: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي وقال العقيلي: لا يتابع في أكثر حديثه.

انظر: تخريج أحاديث اللمع ص 136، تهذيب التهذيب 5/ 388.

وأخرجه أبو داود من طريق موسى بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة قال: أخذت من ثمامة بن عبد الله بن أنس كتابًا زعم أن أبا بكر كتبه لأنس، وعليه خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه مصدِّقًا، وكتبه له، فإذا فيه: هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، ثم ذكر حديثًا طويلاً في زكاة الماشية، إلى أن قال في آخره: فإن لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها، وفي الرقة ربع العشر، فإن لم يكن المال إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها.

انظر: كتاب الزكاة، باب زكاة السائمة، رقم الحديث العام 1567، 2/ 96، 97.

وأخرجه النسائي في المجتبى، باب زكاة الورق (5/ 26 - 27). =

ص: 260

"ليس دون خمس أواق صدقة".

قوله: (وتخصيص الكتاب بالسنة المتواترة كانت قولاً أو فعلاً (1)).

= وأخرجه الإمام أحمد من طريق أبي كامل، حدثنا حماد بن سلمة قال: أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك، أن أبا بكر رضي الله عنه كتب لهم: أن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، ثم ذكر حديثًا طويلاً في زكاة الماشية، إلى أن قال في آخره: وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة، فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها، وفي الرقّة ربع العشور، فإذا لم يكن المال إلا تسعين ومائة درهم فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها.

انظر: المسند 1/ 11، 12.

وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق موسى بن إسماعيل.

وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه هكذا، إنما انفرد بإخراجه البخاري من وجه آخر عن ثمامة، وحديث حماد أصح وأشفى وأتم من حديث ابن المثنى.

انظر: المستدرك، كتاب الزكاة 1/ 390 - 392، وانظر: تخريج أحاديث اللمع ص 136.

والرِقَة بكسر الراء وتخفيف القاف: الفضة الخالصة، سواء كانت مضروبة أو غير مضروبة، قيل: أصلها الورق فحذفت الواو وعوضت الهاء.

وقيل: يطلق على الذهب والفضة بخلاف الورق، فعلى هذا فقيل: إن الأصل في زكاة النقدين نصاب الفضة، فإذا بلغ الذهب ما قيمته مائتا درهم فضة خالصة وجبت فيه الزكاة وهو ربع العشر، وهذا قول الأزهري، وخالفه الجمهور.

انظر: فتح الباري (7/ 77).

(1)

بقية المتن: "خلافًا لبعض الشافعية".

ويقول أحمد حلولو: وقول المصنف هنا: خلافًا لبعض الشافعية:

يحتمل عوده إلى جملة المسألة كما هو ظاهر كلام غيره: أن الخلاف في الجميع لكنه لم يعزه للشافعية.

ويحتمل عوده إلى قوله: أو فعلاً: فيكون القول بعد التخصيص في السنة الفعلية فقط.

انظر: التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 177.

ص: 261

تقدم لنا: أن التواتر إنما هو باعتبار الزمان الأول، وأما في زماننا فلا يوجد.

أما تخصيص الكتاب بالسنة القولية: فقال الأصوليون: قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ في أَوْلادِكُم} (1) خصصه قوله عليه السلام: "القاتل لا يرث"(2).

= وانظر هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 207، المحصول ج 1 ق 3 ص 120 - 123، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 149، الإحكام للآمدي 2/ 322، نهاية السول 2/ 456، 457، المعتمد 1/ 255، فواتح الرحموت 2/ 349، الميزان للسمرقندي ص 321، 322، إرشاد الفحول ص 157.

وذكر البناني الخلاف في هذه المسألة فقال: وقيل: لا يجوز بالسنة المتواترة الفعلية؛ بناءً على القول: بأن فعل الرسول لا يخصص.

انظر: حاشية البناني على جمع الجوامع (2/ 27 - 31).

وقال الشوكاني: وقال الشيخ أبو حامد الإسفراييني: لا خلاف في ذلك، إلا ما يحكى عن داود في إحدى الروايتين.

انظر: إرشاد الفحول ص 157.

ويقول أحمد حلولو: وحكى الفهري وغير واحد: الاتفاق على جواز تخصيص القرآن بالسنة المتواترة.

انظر: التوضيح شرح التنقيح ص 177.

(1)

آية 11 من سورة النساء.

(2)

أخرجه الترمذي، وابن ماجه عن الليث عن إسحاق بن أبي فروة عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"القاتل لا يرث".

انظر: سنن الترمذي، كتاب الفرائض، باب ما جاء في إبطال ميراث القاتل، رقم الحديث 2109 (4/ 425)، سنن ابن ماجه 2/ 883 كتاب الديات، باب القاتل لا يرث، رقم الحديث 2645.

وفي إسناده إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو متروك.

انظر: تخريج حديث اللمع ص 105، والمعتبر ص 168، وميزان الاعتدال (1/ 193). وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (4/ 79) عن عمرو بن شعيب عن =

ص: 262

وخصصه أيضًا (1): قوله عليه السلام: "لا توارث بين ملّتين"(2)؛ [لأن عموم الآية سواء كان الوارث قاتلاً أم لا، اتفقا في الدين أم لا](3).

وخصصه أيضًا قوله عليه السلام: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث".

= أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس للقاتل من الميراث شيء".

وأخرجه ابن ماجه من طريق آخر عن عمرو بن شعيب: أن أبا قتادة - رجل من بني مدلج - قتل ابنه، فأخذ منه عمر مائة من الإبل: ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين حقة، فقال: أين أخو المقتول؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس لقاتل ميراث".

انظر: سنن ابن ماجه حديث رقم 2646، (2/ 884).

وأخرجه الإمام مالك من حديث عمرو بن شعيب عن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس لقاتل شيء"(2/ 190).

وأخرجه الدارقطني عن ابن عباس، حديث رقم 87، 88، وعن عبد الله بن عمرو، الحديث رقم 84، 89 (4/ 95).

وانظر تخريج هذا الحديث في: المعتبر ص 168، وتخريج أحاديث اللمع (ص 105، 106)، وإرواء الغليل (6/ 117 - 118).

(1)

"أيضًا" ساقطة من ط

(2)

أخرجه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتوارث أهل ملتين شتى".

وأخرجه ابن ماجه والإمام أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتوارث أهل ملتين".

انظر: سنن ابن ماجه، كتاب الفرائض، باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك رقم الحديث العام 2731، (2/ 912)، ومسند الإمام أحمد (2/ 178).

وأخرجه الدارمي من طريق آخر عن عمرو قال: "لا يتوارث أهل ملتين" في كتاب الفرائض، باب ميراث أهل الشرك وأهل الإسلام (2/ 369).

وانظر أيضًا: التلخيص الحبير (2/ 265).

(3)

المثبت بين المعقوفتين من ز، ولم يرد في الأصل وط.

ص: 263

وأما تخصيص الكتاب بالسنة الفعلية: فقوله (1) تعالى: {الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (2).

خصصه ما (3) تواتر عنه عليه السلام من رجم ماعز والغامدية.

قال المؤلف في شرحه: قول الأصوليين: إن قوله عليه السلام: "القاتل لا يرث"(4) مخصص لقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} (5).

ليس (6) الأمر كذلك؛ لأنه تقدم لنا: أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال، والأزمان، والبقاع، والمتعلقات، فالآية على هذا تقتضي: أن كل ولد يرث في حالة ما، أي: في حالة غير معينة [وحالة القتل هي: حالة معينة](7)، ولا تتعين الحالة غير المعينة للحالة المعينة؛ لأن الحالة غير المعينة أعم من الحالة المعينة، والدال على الأعم غير دال على الأخص.

فإذا قلت مثلاً: في الدار رجل، ثم قلت: ليس في الدار زيد، فإن الكلام الثاني لا يناقض الكلام الأول؛ لأن لفظ رجل أعم من لفظ زيد، فلا يتعين رجل لزيد، ومن شرط الخاص: أن يكون مناقضًا للعام، ولا تناقض بين ثبوت الحكم في حالة غير معينة وبين عدم ثبوته في حالة معينة، بل المناقض

(1) في ط: "كقوله".

(2)

آية رقم 2 من سورة النور.

(3)

"ما" ساقطة من ز.

(4)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"لا يورث".

(5)

آية 11 من سورة النساء.

(6)

في ط: "وليس".

(7)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

ص: 264

لثبوت الحكم في حالة غير معينة، هو عدم (1) ثبوت الحكم في جميع الحالات، كما لو قال الشارع: بعض الأولاد لا يرث في جميع الحالات (2).

قال المؤلف في شرحه: وكذلك يلزم أن يكون قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكيِنَ} (3) غير مخصوص بالنساء، ولا الصبيان، ولا الرهبان (4)، ولا بأهل الذمة (5)؛ لأن كل واحد من هؤلاء [يقتل في بعض الحالات؛ لأن النساء والرهبان (6) وأهل الذمة يقتلون إذا قاتلوا، والصبيان يقتلون أيضًا إذا كبروا، وليس في هؤلاء شخص](7) لا يقتل في جميع الحالات (8).

قال المؤلف في شرحه: وإنما يتصور العموم والخصوص (9) في قوله تعالى: {اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (10).

فإن الواجب الوجود جل وعلا لا يقبل هذا الحكم، أعني خلق نفسه في جميع الحالات.

(1) في ز: "هل ثبوت".

(2)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 207.

(3)

سورة التوبة آية رقم 5.

(4)

في ط: "ولا بالرهبان"، وفي ز:"ولا بالبرهان" وهو تصحيف.

(5)

في ز: "الزمنة" وهو تصحيف.

(6)

في ط: "والصبيان".

(7)

ما بين المعقوفتين ورد في ز بهذه العبارة: "لا يقتل في بعض الحالات، قال المؤلف في شرحه: يقتلون إذا قاتلوا، والصبيان يقتلون إذا كبروا، وليس في هؤلاء شخص".

(8)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 207، 208.

(9)

في ط: "والخصوم" وهو تصحيف.

(10)

آية رقم 62 من سورة الزمر.

ص: 265

وكذلك قوله تعالى: {وَأوتِيَتْ مِن كلِّ شَيْء} (1): فإنها لم تؤت النبوة، ولا ملك سليمان، ولا الشمس والقمر، مثلاً في جميع الحالات.

وكذلك قوله تعالى: {تدَمِّرُ كلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} (2).

فإنها لم تدمر الجبال ولا السموات في جميع الحالات، فهذا تخصيص محقق لما فيه من المناقضة للعموم (3).

قال المؤلف في شرحه: وبهذه الطريقة يظهر لك: أن أكثر ما يعتقد فيه التخصيص ليس مخصوصًا؛ فإن تلك الأفراد الخارجة من العموم إنما خرجت (4) في أحوال خاصة لا (5) في جميع الحالات، [فلا يحصل التناقض (6) بين العام والخاص الذي هو شرط التخصيص، فتلك الأفراد إذًا إنما أخرجت بالتقييد لا بالتخصيص](7).

قوله: (وتخصيص الكتاب بالسنة المتواترة).

وكذلك يجوز عكس هذا، وهو: تخصيص السنة المتواترة بالكتاب على المشهور، نص عليه فخر الدين وغيره (8).

(1) آية 23 من سور النمل.

(2)

آية 25 من سورة الأحقاف.

(3)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 208.

(4)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"اخرجت".

(5)

"لا" ساقطة من ط.

(6)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 208.

(7)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(8)

هِذا على رأي الجمهور، ودليلهم: قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكتَابَ تبْيَانًا لّكُلِّ شيْء} [89 النحل]، والسنة من الأشياء فكانت داخلة تحت العموم.

مثال ذلك: ما رواه مسلم عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيّب =

ص: 266

قوله: (ويجوز عندنا، وعند الشافعي (1)، وأبي حنيفة تخصيص الكتاب بخبر الواحد، وفصل ابن (2) أبان والكرخي كما تقدم، وقيل: لا يجوز مطلقًا، وتوقف (3) القاضي فيه).

ش: هذا هو (4) مخصص سادس، وهو التخصيص بخبر [الآحاد](5)، وهذا هو تخصيص (6) الكتاب بخبر الآحاد.

قال أبو المعالي: وخبر الآحاد هو كل خبر عن (7) جائز ممكن لا سبيل إلى

= بالثيب جلد مائة والرجم".

انظر: كتاب الحدود، باب حد الزنا 5/ 115.

وهذا الحديث حكمه عام في الحر والعبد، فخص بقوله تعالى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [آية 25 من سورة النساء].

وقد خالف بعضهم ومنعوا تخصيص السنة بالكتاب، دليلهم: قوله تعالى: {لتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [44 النحل].

وجه الاستدلال: أن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم مبيّن للقرآن، فلا يكون القرآن مبينًا لكلامه.

والجواب: أن الكل بلسانه، فهو المبيّن بالقرآن.

انظر هذه المسألة في: مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 149، المحصول ج 1 ق 3/ 123، الإحكام للآمدي 2/ 321، جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/ 26، إحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي 1/ 185، العدة 2/ 569، مختصر البعلي ص 123، المسودة ص 122، شرح الكوكب المنير 3/ 363، 364، فواتح الرحموت 1/ 349.

(1)

في ز: "الشافعية".

(2)

في ز: "أبي".

(3)

في ط: "وتواقف".

(4)

"هو" ساقطة من ز وط.

(5)

المثبت من "ز" و"ط" وفي الأصل "الواحد".

(6)

في ط وز: "هذا مخصص آخر هو تخصيص

" إلخ.

(7)

في ز: "غير".

ص: 267

القطع بصدقه، ولا سبيل إلى القطع بكذبه، سواء رواه (1) واحد أو جماعة (2).

ذكر المؤلف في جواز التخصيص به خمسة (3) أقوال:

الجواز مطلقًا، للأئمة الأربعة (4).

والمنع مطلقًا، لبعضهم (5).

(1)"رواه" ساقطة من ط.

(2)

يقول أبو المعالي: "فأما القسم الثالث فهو الذي لا يقطع فيه بالصدق ولا الكذب، وهو الذي نقله الآحاد من غير أن يقترن بالنقل قرينة تقتضي الصدق والكذب".

انظر: البرهان 1/ 598.

(3)

في ز: "أربعة".

(4)

يقول أحمد حلولو في مناقشة نسبة القول بجواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد لأبي حنيفة: المسألة الخامسة: يجوز عندنا، وعند الشافعي، وأبي حنيفة تخصيص الكتاب بخبر الواحد، هكذا حكاه المصنف عن أبي حنيفة، ونحوه للآمدي وابن الحاجب والفهري، وقال الرهوني وغيره: لا يثبت ذلك عن الحنفي، وهذا هو الظاهر.

انظر: التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 180.

وانظر نسبة هذا القول للأئمة الأربعة في: مختصر المنتهى لابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 149، الإحكام للآمدي 2/ 322، نهاية السول 2/ 460، ونسبه القرافي، والمسطاسي، والرازي للمالكية، والشافعي، وأبي حنيفة.

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 208، شرح التنقيح للمسطاسي ص 114، المحصول ج 1 ق 3 ص 131، ونسبه ابن السبكي في جمع الجوامع (2/ 27) للجمهور، ونسبه الباجي في إحكام الفصول (1/ 81) لجماعة من المالكية والشافعية.

(5)

نسب حلولو هذا القول في التوضيح على التنقيح (ص 180) لبعض المتكلمين وبعض المعتزلة.

وانظر هذا القول في: شرح التنقيح للقرافي ص 208، المحصول ج 1 ق 3 ص 131، =

ص: 268

والتفصيل لعيسى بن أبان بين تخصيصه قبل بدليل مقطوع، وبين تخصيصه بدليل مظنون (1)، كما تقدم له في التخصيص بالقياس.

والقول الرابع للكرخي: بالتفصيل بين تخصيصه بدليل منفصل، وبين تخصيصه بدليل متصل (2)، كما تقدم له (3) أيضًا في التخصيص بالقياس.

= شرح التنقيح للمسطاسي ص 114، البرهان 1/ 426، الإحكام للآمدي 2/ 322، نهاية السول 2/ 460، حاشية البناني على جمع الجوامع 2/ 27، المستصفى 2/ 114، ونسبه في المنخول ص (174) للمعتزلة، ونسبه أبو يعلى لبعض المتكلمين. انظر: العدة 2/ 552، وصححه السمرقندي في الميزان ص 323.

(1)

انظر نسبة هذا القول لابن أبان في: شرح التنقيح للقرافي ص 208، إحكام الفصول للباجي 1/ 181، شرح التنقيح للمسطاسي ص 114، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 181، المحصول ج 1 ق 3 ص 131، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 149، الإحكام للآمدي 2/ 322، المستصفى 2/ 115، حاشية البناني على جمع الجوامع 2/ 27، نهاية السول 2/ 460، المسودة ص 119، مختصر البعلي ص 123.

ونسب هذا القول للحنفية.

انظر: أصول السرخسي 1/ 133، 142، فواتح الرحموت 1/ 149، المسودة ص 119، شرح الكوكب المنير 3/ 363، العدة 2/ 551.

(2)

انظر نسبة هذا القول للكرخي في: شرح التنقيح للقرافي ص 208، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 181، شرح التنقيح للمسطاسي ص 114، مختصر المنتهى لابن الحاجب وشرح االعضد عليه 2/ 149، الإحكام للآمدي 2/ 322، جمع الجوامع 2/ 28، نهاية السول 2/ 460، المحصول ج 1 ق 3 ص 131، إرشاد الفحول ص 158.

(3)

"له" ساقطة من ز.

ص: 269

والقول الخامس للقاضي أبي بكر بالتوقف (1).

حجة القول الأول الذي قاله الجمهور (2): المعقول والمنقول.

فالمعقول (3) هو: ما تقدم في التخصيص بالقياس، وهو: أن الكتاب وخبر الآحاد دليلان شرعيان، فإما أن يعمل بهما معًا [أو لا يعمل بهما معًا](4)، أو يعمل بالعام دون الخاص، أو يعمل بالخاص دون العام، فالثلاثة الأولى باطلة، والرابع هو الصحيح كما تقدم.

وأما دليل المنقول فهو: إجماع الصحابة - رضوان الله عليهم - على تخصيص قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} (5) بما رواه أبو بكر رضي الله عنه: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث".

وتخصيصهم قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (6)

(1) انظر نسبة هذا القول للقاضي أبي بكر في: شرح التنقيح للقرافي ص 208، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 181، شرح التنقيح للمسطاسي ص 114، مختصر ابن الحاجب 2/ 149، البرهان 1/ 426، الإحكام للآمدي 2/ 322، المنخول ص 174، جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/ 29، المحصول ج 1 ق 3 ص 131، المسودة ص 119، فواتح الرحموت 1/ 349، إرشاد الفحول ص 158.

(2)

انظر حجة هذا القول في: شرح التنقيح للقرافي ص 208، شرح التنقيح للمسطاسي ص 114، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 149، 150، الإحكام للآمدي 2/ 322، 323، المحصول ج 1 ق 3 ص 132 - 137.

(3)

في ط: "فالمنقول".

(4)

المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.

(5)

آية 11 من سورة النساء.

(6)

آية رقم 38 من سورة المائدة.

ص: 270

بقوله عليه السلام: "لا قطع (1) إلا في ربع دينار فصاعدًا"(2).

وتخصيصهم: قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (3) بما رواه أبو هريرة (4) رضي الله عنه، وهو قوله عليه السلام:"لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها"(5).

(1) في ط: "لا تقطع".

(2)

أخرجه البخاري عن عائشة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا".

انظر: كتاب الحدود، باب قول الله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (4/ 173).

وأخرجه مسلم عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدًا".

انظر: كتاب الحدود، باب حد السرقة (5/ 112).

وأخرجه أبو داود عن عائشة في كتاب الحدود، باب ما يقطع فيه السارق 4/ 136.

وأخرجه النسائي عن عائشة فى كتاب قطع السارق 8/ 78، 79.

وأخرجه ابن ماجه عن عائشة في كتاب الحدود، باب حد السارق، رقم الحديث العام 2585 (2/ 862).

وأخرجه الدارمي عن عائشة في كتاب الحدود، باب ما يقطع فيه اليد 2/ 172.

(3)

آية رقم 24 من سورة النساء.

(4)

هو الصحابي الجليل عبد الرحمن بن سلمة، من قبيلة دوس، لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي، فكان من أحفظ الصحابة وأكثرهم حديثًا، توفي رضي الله عنه في خلافة معاوية سنة 57 هـ.

انظر: الإصابة 4/ 202، الاستيعاب 4/ 202، المطبوع بهامش الإصابة.

(5)

أخرجه بهذا اللفظ مسلم عن أبي هريرة، في كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها 4/ 135، 136.

وابن ماجه عن أبي هريرة في كتاب النكاح، باب لا تنكح المرأة على عمتها، رقم الحديث 1929، 1/ 621، والإمام أحمد في المسند (1/ 78) عن علي رضي الله عنه. =

ص: 271

وتخصيصهم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّه البيع} (1)، بحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه (2)، وهو قوله عليه السلام:"البر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح ربًا إلا مِثْلاً بمثل، يدًا بيد" وغير ذلك.

حجة القول الثاني بالمنع مطلقًا: أن الكتاب مقطوع السند لتواتره (3)، وخبر الواحد مظنون السند لعدم تواتره؛ فلا يقدم المظنون على المقطوع.

ودليل آخر: أن عمر (4) رضي الله عنه رد حديث فاطمة بنت قيس (5) فيما

= وورد بلفظ نحو هذا، فقد أخرجه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها.

وأخرجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها"(3/ 245).

وأخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة (4/ 136).

وأخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء (2/ 224).

وأخرجه الترمذي في كتاب النكاح، باب ما جاء لا تنكح المرأة على عمتها، حديث رقم 1125، 1126 (4/ 88).

وأخرجه الدارمي في كتاب النكاح، باب الحال التي يجوز للرجل أن يخطب فيها (2/ 136).

(1)

آية 275 من سورة البقرة.

(2)

"عنه" ساقطة من ط.

(3)

في ز: "بتواتره".

(4)

"أن عمر" ساقطة من ز.

(5)

هي الصحابية فاطمة بنت قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة القرشية، وهي من المهاجرات الأول، وكانت عند أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها، فخطبها معاوية بن أبي سفيان، وأبو جهم بن حذيفة العدوي، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم =

ص: 272

روته عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لم يجعل للمبتوتة نفقة ولا سكنى؛ تخصيصًا لقوله تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (1).

وقال: "كيف نترك كتاب ربنا، وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت؟! "(2) بمحضر من الصحابة من غير نكير، فكان ذلك إجماعًا.

= فقال لها: "أما معاوية: فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم: فلا يضع عصاه عن عاتقه، ولكن انكحي أسامة بن زيد" وروت بعض الأحاديث.

انظر: الإصابة 8/ 69، رقم الترجمة 11604، الاستيعاب 4/ 1901، رقم الترجمة 4062، أسد الغابة 5/ 526، طبقات ابن سعد 8/ 273 - 275.

(1)

آية رقم 6 من سورة الطلاق.

(2)

أخرجه مسلم عن أبي إسحاق قال: كنت مع الأسود بن يزيد جالسًا في المسجد الأعظم ومعنا الشعبي فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة، ثم أخذ الأسود كفًا من حصى فحصبه به، فقال: ويلك، تحدث بمثل هذا؟ قال عمر: لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت، لها السكنى والنفقة، قال الله عز وجل:{لا تُخْرِجُوهن منْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يخْرُجْنَ إِلأَ أَن يأتين بفَاحشَةِ مّبَيِّنَةٍ} .

انظر: كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها (4/ 198).

وأخرجه أبو داود عن أبي إسحاق في كتاب الطلاق، باب من أنكر ذلك على فاطمة (2/ 288)، وانظر: بقية روايات الحديث في باب نفقة المبتوتة (2/ 285 - 288).

وأخرجه الدارمي عن سلمة بن كهيل عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثًا، فلم يجعل لها النبي صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى، قال سلمة: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: قال عمر بن الخطاب: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبيه بقول امرأة، فجعل لها السكنى والنفقة.

انظر: كتاب الطلاق، باب في المطلقة ثلاثًا السكنى والنفقة أم لا؟ (2/ 164 - 165).

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 415) عن عامر عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثًا، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه فلم يجعل لها سكنى ولا نفقة، قال عمر بن الخطاب: لا ندع كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لعلها نسيت.

ص: 273

ودليل آخر: أنه لو جاز التخصيص به لجاز النسخ به.

أجيب عن الأول: بأن (1) التخصيص إنما هو في الدلالة لا (2) في السند، ودلالة العام على الأفراد الداخلة تحته ظنية، ودلالة الخبر على مدلوله قطعية، والقطعي مقدم على الظني جمعًا بين الدليلين، كما تقدم في التخصيص بالقياس.

وأجيب عن الثاني: أن الخبر إنما رده عمر رضي الله عنه لتردده في صدقها؛ ولذلك قال: لا ندري أصدقت أم كذبت، ونحن نساعد على ذلك، وإنما النزاع في الخبر إذا سلم من الطعن.

وأجيب عن الثالث (3): الفرق بين التخصيص والنسخ: أن التخصيص: بيان ما لم يرد، والنسخ: إبطال ما ورد وثبت (4) أنه مراد، فيحتاط فيه أكثر (5).

حجة القول الثالث - الذي قاله عيسى بن أبان -: أن (6) العام إذا خصص بدليل قطعي قطعنا بضعفه، فيجوز تسليط الخبر عليه، وإذا خص (7) بدليل ظني لم نقطع (8) بضعفه، فلا يجوز تسليط الخبر عليه (9).

(1) في ز: "أن".

(2)

"لا" ساقطة من ط.

(3)

في ز: "ثالث".

(4)

في ط: "إبطال ما ثبت"، وفي ز:"إبطال ما يثبت أنه مراد، فيحتاط ما فيه أكثر".

(5)

انظر أدلة هذا القول وأجوبتها في: شرح التنقيح للقرافي ص 209، وشرح التنقيح للمسطاسي (ص 114)، المحصول ج 1 ق 3 ص 140 - 147.

(6)

"أن" ساقطة من ط.

(7)

في ز: "وإذا قال خص"، وفي ط:"إذا خصص".

(8)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"يقطع".

(9)

سبق هذا الدليل في مسألة التخصيص بالقياس، وانظره في: شرح التنقيح للقرافي =

ص: 274

حجة القول الرابع - الذي قاله الكرخي -: أن العام إذا خصص بدليل منفصل فهو ضعيف؛ إن لا يمكن جعل مخصصه معه كالكلام الواحد، [فيجوز تسليط الخبر عليه بالتخصيص، وإذا خصص بدليل متصل فهو قوي؛ إذ المخصص المتصل مع العام كالكلام الواحد](1)، فكأن الكلامين موضوعان (2) لشيء واحد، وهو ما بقي بعد التخصيص، فهو كالحقيقة لقربه من الحقيقة، فلا يسلط الخبر عليه بالتخصيص (3).

حجة القول الخامس - الذي قاله القاضي بالتوقف - فهو: تعارض المدارك (4).

قال المؤلف في شرحه: سكت الغزالي ها هنا، عن خبر الواحد، ولم يذكره كما ذكر (5) القياس.

قال: ويلزم الغزالي ها هنا: أن ينظر (6) إلى مراتب الظنون، كما تقدم له في القياس (7)، فإن مراتب خبر الواحد في الظن مختلفة كاختلاف مراتب العموم، وليس له أن يقول: خبو الواحد أقوى من القياس؛ لأنه وإن كان

= ص 204، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 112، والمحصول ج 1 ق 3 ص 147.

(1)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(2)

في ط وز: "موضوع".

(3)

سبق ذكر هذا الدليل، وانظر: شرح التنقيح للقرافي ص 204، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 112، المحصول ج 1 ق 3 ص 147.

(4)

سبق ذكر هذا الدليل، وانظر: شرح التنقيح للقرافي ص 206، والبرهان 1/ 428.

(5)

في ط: "كما ذكره".

(6)

في ط وز: "قال المؤلف: يلزم الغزالي أن ينظر ها هنا".

(7)

"له في القياس" ساقطة من ط.

ص: 275

أقوى فذلك المدرك بعينة موجود ها هنا، فيلزم انتقاضه، وهو: خلاف الأصل (1).

قال المؤلف في الشرح: أكثر النحاة والمحدثين على منع "أبان" من الصرف؛ لوجود علتين فرعيتين فيه، وهما: العلمية، ووزن الفعل، اعتبارًا بأصله؛ لأن أصله أبين على وزن أفعل، فانقلبت ياؤه ألفًا بعد نقل حركته إلى ما قبله فصار أبان، ومن النحاة من نزع إلى أنه (2) منصرف؛ لأن وزنه عنده فعال، وليس فيه إلا علة واحدة، وهي: العلمية على هذا القول، وهذا القول (3) ذكره (4) ابن يعيش (5) في شرح المفصل.

فإن قيل: إذا فرعنا على القول المشهور بمنع صرف أبان، ما الفرق بينه وبين بيع، وقيل (6): إذا سمي به رجل فإنه منصرف عندهم باتفاق؟.

(1) نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 209.

(2)

في ز وط: "زعم أنه".

(3)

"وهذا القول" ساقطة من ز.

(4)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"ذكر".

(5)

هو يعيش بن علي بن يعيش بن محمد النحوي الحلبي موفق الدين أبو البقاء، المشهور بابن يعيش، ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة (553 هـ) بحلب، قرأ النحو على أبي العباس النيروزي، وكان من كبار أئمة العربية، ماهر في النحو والتصريف، تصدر بحلب للإقراء، وطال عمره، وشاع ذكره، وكان حسن الفهم، لطيف الكلام، توفي رحمه الله سنة ثلاث وأربعين وستمائة (643 هـ)، من مصنفاته:"شرح المفصل"، و"شرح التصريف الملوكي لابن جني".

انظر: وفيات الأعيان 7/ 46، شذرات الذهب 5/ 228، بغية الوعاة 2/ 351، مفتاح السعادة 1/ 158.

(6)

في ز: "أو قيل".

ص: 276

قال المؤلف: الفرق بينهما: أن بيع ونحوه يرجع إلى وزن ما هو أصل في الأسماء، وهو وزن فِعْل، نحو ديك وفيل، وأما أبان فلم يرجع بعد التغير إلى بناء أصل، فلذلك امتنع صرفه (1).

قوله: (وعندنا يخصص (2) فعله عليه السلام وإِقراره الكتاب والسنة، وفصل الإمام فخر الدين (3)، فقال (4): إن تناوله العام كان الفعل مخصصًا له (5) ولغيره، إِن علم بدليلٍ أن حكمه كحكمه، لكن المخصص: فعله مع ذلك الدليل، وكذلك إِذا (6) كان العام متناولاً لأمته (7) فقط، وعلم بدليل أن حكمه كحكم (8) أمته، وكذلك الإِقرار يخصص الشخص السكوت عنه لما خالف العموم، ويخصص غيره، إِن علم أن حكمه على الواحد حكم (9) على الكل).

ش: ذكر المؤلف - رحمه الله تعالى - (10) ها هنا مسألتين، وهما: تخصيص العام بفعله صلى الله عليه وسلم، وتخصيص العام بإقراره صلى الله عليه وسلم.

(1) نقل المؤلف بالمعنى مع تقديم وتأخير. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 209، 210.

(2)

في أوخ وش: "تخصيص"، وفي ط:"يخص".

(3)

"فخر الدين" ساقطة من أوش.

(4)

في أ: "وقال".

(5)

المثبت من أوخ وش وز، ولم ترد:"له" في الأصل.

(6)

في ش: "إن كان العام"، وفي أوط:"إذا كان ذلك العام".

(7)

المثبت من أوخ وش وز وط، وفي الأصل:"مته".

(8)

في خ: "وعلم بدليل منفصل أن حكمه حكم أمته".

(9)

في خ: "حكمه".

(10)

"رحمه الله تعالى" لم ترد في ز وط.

ص: 277

ومعنى قولنا: تخصيص العام بفعله عليه السلام: أنه إذا ورد لفظ عام، [ثم فعل عليه السلام خلاف مقتضى ذلك العام.

ومعنى قولنا: تخصيص العام بإقراره عليه السلام: أنه ورد لفظ عام] (1)، ثم رأى عليه السلام رجلاً فعل خلاف مقتضى ذلك العام، فأقره (2) على ذلك، ولم ينكره عليه.

قال المؤلف في شرحه: أما تخصيص الفعل والإقرار للكتاب والسنة، فكما تقدم من تخصيص خبر الواحد لهما خلافًا، ومدركًا، وسؤالاً، وجوابًا، إلا أن الفعل والإقرار أضعف دلالة من القول؛ لأن القول يدل بنفسه، والفعل يدل بغيره، أي: لا يكون دليلاً شرعيًا إلا بغيره، أي: لا يكون مدركًا شرعيًا إلا بالقول؛ لأن دلالته إنما يستفاد (3) من القول (4)، كقوله (5) تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (6).

[وقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (7)](8).

وقوله عليه السلام: "خذوا عني مناسككم".

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(2)

في ط: "فأقده".

(3)

في ط وز: "تستفاد".

(4)

"القول" ساقطة من ط.

(5)

في ط: "قوله".

(6)

آية 7 من سورة الحشر.

(7)

آية 31 من سورة آل عمران.

(8)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.

ص: 278

وقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي"(1).

قوله: (وعندنا يخصِّص فعله (2) عليه السلام وإِقراره (3) الكتاب والسنة).

مثال تخصيص الكتاب بفعله عليه السلام: قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي

(1) انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 210.

(2)

هذا هو القول المشهور، واختاره أكثر الأصوليين. انظر تفصيل هذا القول في: شرح التنقيح للقرافي ص 210، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 182، شرح التنقيح للمسطاسي ص 114، مختصر ابن الحاجب 2/ 151، إحكام الفصول للباجي 1/ 191، الإحكام للآمدي 2/ 329، المستصفى 2/ 106، حاشية البناني على جمع الجوامع 2/ 331، العدة 2/ 573، التمهيد 2/ 116، فواتح الرحموت 1/ 354.

ونسبه الفتوحي للأئمة الأربعة. انظر: شرح الكوكب المنير 3/ 371. ونسبه في المسودة (ص 125) للإمام أحمد، والمالكية، والشافعية، والحنفية.

وقد ذكر القرافي وتابعه المؤلف قول الإمام فخر الدين، وهناك أقوال أخرى أذكرها تتميمًا للفائدة:

منها: أنه لا يخصص بالفعل مطلقًا، وممن قال به الكرخي، انظر نسبته له في: الإحكام للآمدي 2/ 329، التمهيد 2/ 116، شرح الكوكب المنير 3/ 372، المسودة ص 125.

ومنها: أنه إن فعله مرة فلا تخصيص؛ لاحتمال كونه من خصائصه. ذكر هذا القول الفتوحي في شرح الكوكب المنير 3/ 372.

ومنها: الوقف، انظره في: مختصر ابن الحاجب 2/ 151، المسودة ص 125، فواتح الرحموت 2/ 354.

(3)

انظر: التخصيص بالإقرار في: التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 182، مختصر ابن الحاجب 2/ 151، المحصول ج 1 ق 3 ص 127، نهاية السول 2/ 472، 473، المستصفى 2/ 109، العدة 2/ 573، المسودة ص 126، فواتح الرحموت 1/ 354، إرشاد الفحول ص 159.

ص: 279

فَاجلِدُوا كلَّ وَاحِدٍ مِّنهُمَا مِائةَ جلْدَةٍ} (1).

خصصه: فعله عليه السلام برجم ماعز والعامرية.

ومثال تخصيص الكتاب بإقراره عليه السلام: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (2).

خصصه: ما رواه مسلم "من أنه عليه السلام وجد عبد الرحمن بن عوف في الصلاة، فأحرم عليه السلام وراءه، فأقره عليه السلام على الإمامة، مع أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يكون إمامًا للنبي عليه السلام".

ومثال تخصيص السنة لفعله عليه السلام: قوله عليه السلام: "لا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها لبول أو غائط، و (3) لكن شرقوا أو غربوا".

خصصه: ما رواه ابن عمر رضي الله عنه "أنه سعد على ظهر بيت حفصة، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين لبنتين لقضاء الحاجة، مستقبل بيت المقدس، مستدبر الكعبة".

ومثاله أيضًا: قوله عليه السلام: "من دخل المسجد على وضوء فلا يجلس حتى يصلي ركعتين"(4).

(1) آية 2 من سورة النور.

(2)

آية رقم 1 من سورة الحجرات.

(3)

"الواو" ساقطة من ط.

(4)

أخرجه البخاري عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين".

انظر: صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى (1/ 203). =

ص: 280

خصصه: كونه دخل المسجد يوم الجمعة فرقى المنبر، كما يدخل (1).

ومثال تخصيص السنة بإقراره عليه السلام: قوله عليه السلام: "فيما سقت السماء العشر".

خصصه: إقراره عليه السلام أهل المدينة على أكل الخضر وبيعها من غير زكاة.

قوله: (وفصل الإمام فخر الدين فقال: إِن تناوله العام كان الفعل مخصصًا له ولغيره (2)، و (3) إن علم بدليل أن حكمه كحكمه، لكن المخصص فعله مع ذلك الدليل، وكذلك إِذا كان العام (4) متناولاً لأمته فقط، وعلم (5) بدليل أن حكمه كحكم أمته) (6).

ش: فهذا (7) الذي نقله المؤلف عن فخر الدين [في](8) المعنى عين (9) ما

= وأخرجه مسلم عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس" انظر: كتاب المسافرين، باب استحباب تحية المسجد بركعتين (2/ 155).

وأخرجه النسائي عن أبي قتادة بلفظ مسلم في كتاب المساجد في الأمر بالصلاة قبل الجلوس فيه (2/ 53).

(1)

أخرج البيهقي عن ابن عمر قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يوم الجمعة سلّم على من عند المنبر جالسًا، فإذا صعد المنبر توجه الناس ثم سلم عليهم".

انظر السنن الكبرى للبيهقي "3/ 205" كتاب الجمعة، باب الإمام يسلم على الناس إذا صعد المنبر قبل أن يجلس

(2)

في ط: "مختصًا له ولغيره".

(3)

"الواو" ساقطة من ز وط.

(4)

في ط: "ذلك العام".

(5)

في ط: "وعمل".

(6)

انظر نص كلام فخر الدين في: المحصول ج 1 ق 3 ص 126.

(7)

في ز: "وهذا".

(8)

المثبت بين المعقوفتين من ز، وفي الأصل وط:"هو".

(9)

في ط وز: "غير".

ص: 281

قاله أولاً، لكن (1) ما تقدم مجمل، وكلام الإمام مفصل.

ولم ينقل المؤلف ها هنا إلا قولاً واحدًا، خلافًا لبعض الشراح، القائل (2): بأن المؤلف نقل ها هنا قولين، وذلك وهم.

ومعنى كلام الإمام: أن اللفظ إذا كان معناه شاملاً للنبي عليه السلام مع أمته، فإن فعله عليه السلام بخلاف مقتضى ذلك اللفظ يخصصه عليه السلام وغيره، سواء كان ذلك اللفظ خاصًا بصيغته للنبي عليه السلام (3) خاصة، أو كان خاصًا بصيغته لأمته (4) دونه عليه السلام؛ إذ المعتبر ها هنا عموم المعنى [لا عموم اللفظ](5).

مثال المتناول (6) له عليه السلام فقط: قوله عليه السلام: "نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا وساجدًا"(7).

(1) في ط وز: "ولكن".

(2)

في ز: "القائلين".

(3)

"عليه السلام" لم ترد في ز وط.

(4)

في ز: "بصيغة فلأمة".

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(6)

في ط: "متناوله".

(7)

هذا طرف من حديث، وتمام الحديث كما أخرجه الإمام مسلم عن ابن عباس قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال:"أيها الناس، إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا فى الدعاء فقمن أن يستجاب لكم".

انظر: صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود (2/ 48).

وأخرجه النسائي عن ابن عباس بهذا اللفظ في كتاب الافتتاح، باب التطبيق في =

ص: 282

ولكن وإن كان لفظه خاصًا به عليه السلام، فمعناه له ولأمته عليه السلام؛ لأنه علم بدليل آخر [أن حكم غيره من الناس كحكمه عليه السلام، وذلك الدليل هو قوله عليه السلام: "صلوا كما رأيتموني أصلي"](1).

ومثال المتناول لأمته عليه السلام فقط: قوله عليه السلام: "لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها لبول أو غائط، ولكن شرّقوا أو غرّبوا"

ولكن وإن كان لفظه خاصًا بالأمة، فمعناه عام لأمته (2) مع النبي عليه السلام؛ لأنه علم بدليل آخر أن حكمه عليه السلام كحكم غيره من أمته (3)؛ لأنه عليه السلام أولى بتنزيه القبلة (4) ممن سواه، فيكون فعله مخصوصًا (5) له من حكم هذا النص الذي تناوله بالدليل، ومن الناس من حمل فعله على حالة، وهي أن هذا حكم الأبنية، والنهي محمول على الصحارى (6) والأفضية.

ومثال المتناول له عليه السلام ولأمته معًا: قوله عليه السلام: "من دخل

= تعظيم الرب في الركوع (2/ 189 - 190).

وأخرجه الدارمي عن ابن عباس بهذا اللفظ في كتاب الصلاة، باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود (1/ 304).

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 155) عن علي رضي الله عنه قال: سأله رجل: أأقرأ في الركوع والسجود؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني نهيت أن أقرأ في الركوع والسجود، فإذا ركعتم فعظموا الله، وأنا سجدتم فاجتهدوا في المسألة، فقمن أن يستجاب لكم".

(1)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(2)

في ز: "طامة" وهو تصحيف.

(3)

في ز وط: "كحكم الأمة".

(4)

في ط: "للقبلة".

(5)

في ز وط: "مخصصًا".

(6)

في ط: "السجاري" وهو تصحيف.

ص: 283

المسجد على وضوء فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" فهذا عام باللفظ والمعنى؛ لأن (1) "من" موضوعة للعموم.

قوله: (كان الفعل مخصصًا له)، [أى: فعله عليه السلام مخصصًا] (2) لنفسه مطلقًا.

قوله: (ولغيره، إِن عُلِمَ بدليل أن حكمه كحكمه) معناه: ويخصص فعله عليه السلام غيره من الناس، بشرط أن يدل دليل على أن حكم غيره من الناس كحكمه عليه السلام، أي: يدل دليل (3) على وجوب التأسي به عليه السلام في ذلك الفعل.

[قوله: (لكن (4) المخصص: فعله مع ذلك الدليل)، معناه: أن المخصص لغيره عليه السلام شيئان: أحدهما: فعله عليه السلام، والثاني: هو الدليل الدال على وجوب التأسي به في ذلك الفعل، والمخصص للنبي عليه السلام شيء واحد، والمخصص لغيره شيئان: فعله عليه السلام، والدليل الدال على وجوب التأسي به (5) في ذلك الفعل](6).

قوله: (وكذلك الإِقرار يخصص الشخص المسكوت عنه لما خالف

(1)"من" ساقطة من ط.

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(3)

في ط: "الدليل".

(4)

في ط: "ولكن".

(5)

المثبت من ط، ولم ترد "به" في الأصل وز.

(6)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

ص: 284

العموم، ويخصص غيره إِن علم (1) أن حكمه على الواحد حكم على الكل).

ش: ومثل هذا قوله (2) عليه السلام: "فيما سقت السماء العشر" مع أنه أقر عليه السلام أهل المدينة على أكل الخضر وبيعها من غير زكاة، فأهل المدينة هم الشخص المسكوت عنه في هذا المثال.

قوله: (ويخصص غيره) أي: ويخصص الإقرار أيضًا غير ذلك الشخص المسكوت عنه، والمراد بذلك الغير في هذا المثال هو: سائر أهل البلاد سوى أهل المدينة؛ لأنه علم أن حكم أهل المدينة وغيرهم في الزكاة واحد؛ لقوله (3) عليه السلام: "حكمي على الواحد كحكمي (4) على الجماعة"

قوله: (ويخصص غيره) المواد بذلك الغير: بعض الأشخاص لا جملة ما يصدق عليه أنه غيره؛ لأن ذلك يؤدي إلى خروج (5) جملة الأفراد من ذلك اللفظ، فلا يبقى فيه شيء، [فيكون إذ ذاك نسخًا لا تخصيصًا](6).

قوله: (وعندنا العوائد مخصصة للعموم، قال (7) الإمام: إِن علم وجودها في زمان (8) الخطاب، وهو متجه).

(1) في ز: "إن علم بدليل".

(2)

في ط وز: "كقوله".

(3)

في ط: "كقوله".

(4)

في ز وط: "حكمي".

(5)

في ز: "خراج".

(6)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(7)

في ز: "وقال".

(8)

في أوخ وش: "زمن".

ص: 285

ش: هذا مخصص آخر، تعرض المؤلف هنا لتخصيص العام بالعادة، وهي العرف، وهي: الحقيقة العرفية كانت عامة أو خاصة، وظاهر كلام المؤلف: أن العادة تخصص مطلقًا، سواء كانت قولية أو فعلية، وليس الأمر كذلك، بل العادة التي تخصص العموم هي: العادة القولية خاصة دون الفعلية (1).

(1) اختار هذا القول بعض الأصوليين، وممن اختاره: القرافي في التنقيح (ص 211)، حيث قال: قال الإمام: إن علم وجودها في زمن الخطاب وهو متجه.

واختاره الإمام فخر الدين، ولكنه فصل في ذلك فقال: والحق أن نقول: العادات إما أن يعلم من حالها أنها كانت حاصلة في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم ما كان يمنعهم منها، أو يعلم أنها ما كانت حاصلة، أو لا يعلم واحد من هذين الأمرين، فإن كان الأول صح التخصيص بها، وإن كان الثاني لم يجز التخصيص بها، وإن كان الثالث كان محتملاً للقسمين الأولين.

انظر: المحصول ج 1 ق 3 ص 198، 199.

واختار هذا القاضي عبد الوهاب، انظر: إحكام الفصول 1/ 198.

واختاره الغزالي في المستصفى (2/ 111، 112)، والآمدي في الإحكام 2/ 334.

واختار هذا القول أيضًا ابن دقيق، كما نسبه له الفتوحي في شرح الكوكب المنير (3/ 338)، والمجد في المسودة (ص 123).

ونقل صاحب تيسير التحرير (1/ 317)، وصاحب فواتح الرحموت (1/ 345) الاتفاق على تخصيص العموم بالعرف القولي.

وقيل: يجوز تخصيص العموم بالعوائد القولية والفعلية، واختار هذا القول الباجي، وحكاه عن ابن خويز منداد من المالكية. انظر: إحكام الفصول 1/ 198، شرح التنقيح للمسطاسي ص 115.

وهو مذهب الحنفية، انظر: تيسير التحرير 2/ 117، وفواتح الرحموت 2/ 345.

وقيل: المنع مطلقًا، أي: لا يجوز تخصيص العموم بالعادات، سواء كانت قولية أم فعلية.

واختار هذا القول الجويني في البرهان 1/ 445 - 447، والشيرازي في اللمع ص 120. =

ص: 286

[وإنما قلنا: بأن العادة القولية هي المخصصة دون الفعلية](1)؛ لأن القولية هي المعارضة للغة دون الفعلية، فكل من له عرف وعادة في لفظه فإنما (2) يحمل لفظه (3) على عرفه وعادته؛ لأن دلالة العرف مقدمة على دلالة اللغة؛ لأن العرف ناسخ للغة، فالناسخ مقدم على المنسوخ.

قوله: (قال الإمام (4): إِن علم وجودها في زمان الخطاب).

قول الإمام هو تفسير لا خلاف؛ يعني: أن العادة التي يخصص بها العموم هي: العادة الحاضرة في وقت الخطاب؛ لأنها هي المعارضة للخطاب، وأما العادة الحادثة بعد الخطاب فلا عبرة بها، أي: لا يخصص بها العموم، ولا يقيد بها المطلق، ولا تأثير لها أصلاً.

قوله: (وهو متجه) ، أي قول (5) الإمام له وجه (6)، وتوجيهه (7): أن من له عوف [وعادة في لفظه، حمل لفظه على عرفه](8) وعادته الحاضرة لنطقه، دون العادة الغائبة عن نطقه، فلا يحمل عليها لفظه؛ لعدم معارضتها لنطقه

= واختاره أيضًا من الحنابلة أبو يعلى في العدة 2/ 593، 594، والفتوحي في شرح الكوكب المنير 3/ 387، 388، والبعلي في مختصره ص 124، واختاره ابن الحاجب ونسبه للجمهور، انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 152.

(1)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(2)

في ز: "فإنه".

(3)

"لفظه" ساقطة من ز.

(4)

في ز: "قال الإمام فخر الدين".

(5)

في ط: "وقول".

(6)

في ط: "متجه أي له وجه".

(7)

في ز: "وتوجيهها".

(8)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

ص: 287

في حال (1) الخطاب، فإذا كان المتكلم هو الشارع حملنا لفظه على عرفه، وخصصنا عموم لفظه بذلك العرف، [أو قيدنا (2) إطلاق لفظه بذلك العرف](3)؛ فإن نصوص الشريعة لا يؤثر (4) في تخصيصها [وتقييدها إلا ما قارنها من العوائد](5).

ونظير (6) ذلك: الأعواض، والنذور، والإقرار، والوصية، وغير ذلك، فإذا وقع البيع مثلاً فإنما (7) يحمل العوض فيه (8)، وهو الثمن على السَّكَّة الحاضرة في زمان التبايع، ولا عبرة بسكة حادثة (9) بعد ذلك.

وقد أشار القاضي عبد الوهاب في التلقين إلى ذلك بقوله (10): ومن باع بنقد أو اقترض، ثم بطل التعامل به لم يكن عليه غيره إن وجد، وإلا فقيمته إن فقد (11).

(1) في ز: "حالة".

(2)

في ط: "وقيدنا".

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(4)

في ط: "لا تؤثر".

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(6)

في ز: "تصير".

(7)

في ز: "فإنه".

(8)

"فيه" ساقطة من ز.

(9)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"حادث".

(10)

في ط: "قوله".

(11)

انظر: التلقين للقاضي عبد الوهاب كتاب البيوع (ورقة 81 ب)، والمخطوط موجود بالمكتبة العامة بالرباط برقم ج 672.

ص: 288

وأشار إليه ابن الحاجب أيضًا (1) بقوله: ولو (2) قطعت الفلوس فالمشهور: المثل، ولو (3) عدمت فالقيمة وقت اجتماع (4) الاستحقاق والعدم (5).

وكذلك إذا نذر دراهم أن يتصدق بها، فإن ذلك يحمل على السكة الحاضرة وقت النذر.

وكذلك إذا أقر بدراهم أو وصى (6) بها، فالمعتبر هو السكة الحاضرة وقت الإقرار ووقت الإيصاء.

قوله: (وعندنا العوائد مخصصة للعموم)، يريد: القولية دون الفعلية.

مثال العادة القولية: إذا كان إنسان (7) لا يُطْلِق الثوب في كلامه إلا على (8) ثوب الكتان، فإن حلف وقال: والله لا ألبس (9) ثوبًا فلا يحنث إلا بالكتان؛ تنزيلاً لكلامه على عرفه، وتفسيرًا لكلامه بكلامه.

(1) في ز: "وأشار ابن الحاجب أيضًا إليه".

(2)

في ز: "فلو".

(3)

في ط: "فلو".

(4)

في ط: "إجماع".

(5)

انظر: الفروع لابن الحاجب، كتاب البيوع (ورقة رقم 63/ أ) مخطوط موجود بالمكتبة العامة بالرباط برقم د 87.

(6)

في ط: "وأوصى".

(7)

في ط: "الإنسان".

(8)

"على" ساقطة من ط.

(9)

في ز "وقال لا ألبس"

ص: 289

وكذلك إذا كان إنسان (1) لا يطلق الدابة (2) إلا على الفرس، فإذا حلف وقال: والله لا أركب دابة فلا يحنث إلا بالفرس، ولا يحنث بركوب غيره من سائر الدواب

وكذلك إذا كان لا يطلق الرأس في كلامه إلا على رأس الغنم، [فإذا حلف ألا يأكل رأسًا](3) فلا يحنث إلا برأس الغنم، ولا يحنث بأكل غيره من رؤوس البقر، والإبل، وغير (4) ذلك من رؤوس الحيوانات.

وكذلك إذا كان إنسان لا يطلق لفظ الخبز إلا على خبز القمح (5)، فإذا حلف وقال: والله لا آكل الخبز فلا يحنث إلا بأكل خبز (6) القمح دون غيره من خبز الشعير، أو خبز الفول، أو خبز الذرة، أو الدخن (7)، وغير (8) ذلك.

فقد تبين بما قررناه: أن العوائد القولية يخصص بها.

وأما مثال العادة الفعلية فهو: إذا كان الإنسان لا يلبس إلا ثوب الكتان، فإذا حلف وقال: والله لا ألبس ثوبًا، فإنه يحنث بكل ثوب، لا فرق بين الكتان وغيره، ولا عبرة بعادته (9) الفعلية.

(1) في ط: "الإنسان".

(2)

في ط: "الدابة في كلامه".

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.

(4)

في ز وط: "بأكل رأس البقر، أو الإبل، أو غير ذلك".

(5)

في ز: "القبح".

(6)

"خبز" ساقطة من.

(7)

في ز: "أو الدترا".

(8)

في ط: "أو غير".

(9)

في ز: "بعادة".

ص: 290

وكذلك إذا كان إنسان لا يركب إلا الفرس، فإذا حلف وقال: والله لا أركب دابة، فإنه يحنث بكل دابة، لا فرق بين الفرس وغيره من الدواب، ولا عبرة بعادته (1) الفعلية.

وكذلك إذا كان إنسان لا يأكل إلا رؤوس الغنم، فإذا حلف وقال: والله لا آكل [رأسًا، فإنه يحنث لكل رأس أكله (2)، لا فرق بين رؤوس الغنم وغيرها، ولا عبرة بعادته الفعلية.

وكذلك إذا كان إنسان لا يأكل إلا خبز القمح، فإذا حلف وقال: والله لا آكل] (3) خبزًا فإنه يحنث بكل خبز، لا فرق بين خبز القمح وغيره، ولا عبرة بعادته الفعلية، وغير ذلك من الأمثلة.

فقد (4) تبين بما قررناه: أن المعتبر من العوائد هو: العادة القولية دون الفعلية.

وقد حكى المؤلف الاتفاق على ذلك، أعني: الاتفاق على التخصيص بالقولية، والاتفاق على عدم التخصيص بالفعلية (5).

وقد نقل غيره (6) الخلاف في الفعلية (7).

(1) في ز: "بعادة".

(2)

"أكله" ساقطة من ز.

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(4)

المثبت من ط، وفي الأصل وز:"قد".

(5)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 211.

(6)

في ز: "غير".

(7)

سبق ذكر الخلاف في الفعلية.

ص: 291

قال المازري في شرح التلقين: اختلف قول (1) مالك رضي الله عنه في غسل الإناء من ولوغ الكلب في مائع سوى الماء:

فمرة حمل الحديث (2) على عمومه، ولم يفرق بين الماء وغيره من المائعات.

ومرة خصصه بالعادة؛ لأن عادة الكلاب في زمان النهي أن تلغ (3) من المياه دون المائعات؛ لأن الماء هو الموجود المألوف في ذلك الوقت دون المائع؛ لقلة الطعام عندهم في ذلك الزمان (4).

قال المؤلف في النفائس: وما نقله المازري عن المالكية في ذلك (5) مؤوَّل برجوعه إلى العوائد القولية (6).

قال المؤلف في الشرح: فقد غلط في هذا جماعة من أكابر الفقهاء المالكية وغيرهم، وقالوا: من (7) حلف بأيمان المسلمين، إنما (8) يلزمه صيام شهرين متتابعين والحج دون الاعتكاف، لأجل العادة الفعلية؛ لأن عادة

(1) في ز: "قال" وهو تصحيف.

(2)

إشارة إلى الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات"، وفي رواية أخرى:"إذا ولغ" وقد سبق تخريجه.

(3)

في ز: "في زمان النبي أن تقع".

(4)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التلقين، ورقة 38 مصور فلميًا في مركز البحث بجامعة أم القرى برقم 234 فقه مالكي.

(5)

"في ذلك" ساقط من ط.

(6)

انظر: نفائس الأصول، تحقيق عادل عبد الموجود ص 2147.

(7)

في ط وز: "إن من حلف".

(8)

في ط: "أنه".

ص: 292

الناس أنهم (1) يصومون كثيرًا ويحجون كثيرًا (2)، ولم تجر عادتهم بالاعتكاف إلا نادرًا، وليس ذلك كما قالوا: إنما (3) يلزمهم الصوم والحج دون الاعتكاف؛ لأجل عادتهم القولية؛ لأن عادتهم إذا نطقوا (4) بالأيمان أن يحلفوا بإلزام (5) الصوم والحج، ولم تجر عادتهم في النطق بالأيمان التزام الاعتكاف.

وكذلك أيضًا قالوا: إذا حلف الإنسان (6)، وقال: والله لا آكل رؤوسًا.

فمنهم من حنَّثه برؤوس الأنعام خاصة؛ لأن رؤوس الأنعام قد جرت العادة الفعلية بأكلها دون غيرها.

وليس ذلك كما قالوه (7)، بل نقول: منشأ الخلاف في هذا: أن عادتهم القولية إذا نطقوا للفظ الرؤوس في الأيمان، فإنهم يخصون رؤوس الأنعام دون غيرها، فهي إذًا عادة قولية لا فعلية.

وإنما سبب الخلاف بين العلماء: في كونه يحنث بجميع الرؤوس، أو يحنث برؤوس الأنعام دون غيرها، هل وصلت هذه الغلبة في النطق إلى هذا النقل عن اللغة (8)؟

فمن قال بالوصول، قال: هذه العادة ناسخة، وناقلة للغة، فلا يحنث إلا برؤوس الأنعام.

(1) في ز: "لأن عادتهم إنما يصومون".

(2)

"ويحجون كثيرًا" ساقطة من ز.

(3)

في ز وط: "بل نقول إنما يلزمهم".

(4)

في ز: "نطق".

(5)

في ط وز: "بالتزام".

(6)

في ط وز: "إنسان".

(7)

في ط: "قالوا".

(8)

في ز وط: "اللغة أم لا".

ص: 293

ومن قال بعدم وصولها، قال: يحنث بجميع الرؤوس؛ لأن مقتضى اللغة باقٍ غير منسوخ (1). انتهى معنى كلامه (2) في الشرح (3).

قال القاضي عبد الوهاب في "الملخص": أما العادة الفعلية فلا يخص بها العموم.

وقد أشار إلى ذلك في "التلقين"، ونصه فيه: ويعتبر في اليمين ثلاثة أشياء: أولها: النية فيعمل عليها إذا كانت مما يصلح أن يراد اللفظ بها، كانت مطابقة له أو زائدة فيه، أو ناقصة عنه، بتقييد مطلقه، أو تخصيص عامه، فإن عدم الحالف تحصيلها (4) نظر السبب المثير (5) لليمين ليعرف منه، فإن عدم أجري اللفظ على ما يقتضيه إطلاقه في عرف اللغة وعادة التخاطب دون عادة الفعل (6)، وذلك كالحالف: لا آكل رؤوسًا (7)، أو بيضًا، أو لا أسبح في نهر أو غدير، فإن قصد معنى عامًا عبر (8) عنه بلفظ خاص، أو معنى خاصًا عبر (9) بلفظ عام حكم بنيته إذا قارنها عرف التخاطب، كالحالف: لا أشرب لفلان ماء، يقصد قطع المن، فإنه يحنث بكل ما ينتفع به من ماله، كذلك (10): لا ألبس ثوبًا

(1) في ط: "ناسخ".

(2)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 212 - 213.

(3)

في ط: "في الشرط" وهو تصحيف.

(4)

في ط: "تخصيصها".

(5)

في ز: "نظر إلى السبب المؤثر".

(6)

"الفعل" ساقطة من ز.

(7)

في ز: "لحمًا أو رؤوسًا".

(8)

في ط وز: "وعبر".

(9)

في ط: "وعبر عنه".

(10)

في ط وز: "وكذلك".

ص: 294

من غزل زوجته، يقصد قطع المن دون عين المحلوف عليه. انتهى نصه (1).

قوله (2): (أو كانت (3) مما يصلح أن يراد اللفظ بها)؛ احترازًا مما إذا كانت النية لا يصلح أن يراد اللفظ بها، كما إذا (4) قال: والله لا آكل اللحم، فسئل، فقال: أردت الخضروات (5) أو أردت الخبز.

و (6) قوله: (كانت مطابقة له) أي: سواء كانت النية مساوية للفظه (7)، كما إذا (8) قال: والله لا آكل رؤوسًا، فسئل فقال: أردت جميع الرؤوس؛ لأن نيته مطابقة للفظه (9) في العموم، وكذلك إذا قال: والله لا آكل بعض الرؤوس، فسئل فقال: أردت رؤوس المعز؛ لأن نيته مطابقة للفظه في الخصوص.

و (10) قوله: (أو زائدة فيه)، كما إذا (11) قال: والله لا آكل رؤوس (12) الغنم، فسئل عن نيته، فقال: نويت جميع الرؤوس، فإنه قصد معنى

(1) انظر كتاب التلقين للقاضي عبد الوهاب، كتاب الأيمان (ورقة 53 أ) مخطوط موجود بالمكتبة العامة بالرباط برقم ج 672.

(2)

بدأ في شرح كلام القاضي عبد الوهاب في التلقين.

(3)

في ز وط: "إذا كانت".

(4)

في ز وط: "كإذا".

(5)

في ز: "الضروات".

(6)

"الواو" ساقطة من ط.

(7)

في ز: "للفظ".

(8)

في ز وط: "كإذا".

(9)

في ز: "للفظ".

(10)

"الواو" ساقطة من ط.

(11)

في ط وز: "كإذا".

(12)

في ط: "الرؤوس".

ص: 295

عامًا بلفظ (1) خاص.

و (2) قوله: (أو ناقصة عنه)، كما (3) إذا قال: والله لا آكل رؤوسًا، فسئل عن نيته فقال: نويت رؤوس الغنم.

قوله: (بتقييد مطلقه أو تخصيص عامه).

التقييد والتخصيص راجعان إلى النية الناقصة، تقديره: أو ناقصة عنه بالتقييد، أو التخصيص، والضمير في قوله: مطلقه وعامه، راجع إلى اللفظ، ويحتمل أن يرجع إلى اللافظ، وهو الحالف.

مثال تقييد المطلق، إذا قال: والله لا آكل رؤوسًا، فقال: نويت رؤوس البقر.

ومثال تخصيص العام: كإذا قال: والله لا آكل الرؤوس، فقال: نويت رؤوس البقر، فإن الرؤوس ها هنا (4) لفظ عام؛ لأنه جمع (5) معرف بالألف واللام.

قوله: (ليعرف منه) أي: ليعرف منه قصد الحالف، أو لتعرف منه نية الحالف على نسخة التاء (6)، كإذا قال: والله لا آكل رؤوسًا، ولا نية له، فسئل فقيل له: وما سبب يمينك؟ فقال: أكلت رؤوس المعز فضرني، فإنه لا يحنث إلا برأس المعز خاصة.

(1) في ط وز: "وعبر عنه بلفظ خاص".

(2)

"الواو" ساقطة من ط.

(3)

في ط: "كإذا".

(4)

في ط: "هنا".

(5)

في ط: "لا جمع".

(6)

أي نسخة التنقيح التي فيها "لتعرف منه" بالتاء.

ص: 296

و (1) قوله: (في عرف اللغة، وعادة التخاطب) هذان (2) قولان:

قال ابن القاسم: عرف اللغة مقدم على عرف التخاطب؛ لأنه الأصل.

وقال أشهب (3): عرف التخاطب (4) مقدم على عرف اللغة (5)؛ لأنه الغالب في الاستعمال.

وقيل: عرف الشرع هو المقدم؛ لأنه العالم بالأحكام، فهذه ثلاثة أقوال (6).

مثال العرف الشرعي: إذا قال: والله لأصومَنَّ، أو قال: والله لأركعنَّ، أو قال: والله لأهجرن فلانًا، فيصوم يومًا واحدًا، ويصلي ركعتين، ويهجر

(1)"الواو" ساقطة من ز.

(2)

في ط: "هذا".

(3)

هو أشهب بن عبد العزيز القيسي الفقيه المصري المالكي، ولد سنة خمس وأربعين ومائة تقريبًا، روى عن مالك، والليث، وسليمان بن بلال، والفضل بن عياض، روى عنه: الحارث بن مسكين، وسحنون، وغيرهم، توفي سنة أربع ومائتين 204 هـ، من آثاره:"كتاب الحج" برواية سحنون.

انظر: تهذيب التهذيب 1/ 359، وفيات الأعيان 1/ 238، الديباج ص 98، ترتيب المدارك 2/ 447، شذرات الذهب 2/ 12.

(4)

في ز: "عرفًا للتخاطب".

(5)

ضرب ابن جزي لهذين القولين مثالاً، فقال: لو حلف ألا يأكل بيضًا حنث عند ابن القاسم حتى ببيض الحوت، ولم يحنث عند أشهب إلا ببيض الدجاج، وما جرت به العادة بأكله من البيض.

انظر: القوانين الفقهية لابن جزي ص 142.

(6)

انظر تفصيل هذه الأقوال الثلاثة في: المقدمات لابن رشد ص 310، 311.

ص: 297

فلانًا ثلاثة أيام؛ لأنه (1) الهجران (2) الشرعي على هذا (3) القول.

و (4) قوله: (في عرف اللغة وعادة التخاطب) ظاهره: أن عرف اللغة عنده مقدم على عرف التخاطب.

وقال في المعونة: يقدم عرف التخاطب على عرف اللغة (5)، ولكن يجاب عنه بأن الواو لا ترتب (6)، فمذهبه (7) تقديم عرف التخاطب على عرف اللغة، وهو قول أشهب.

وتظهر ثمرة الخلاف فيما إذا قال: والله لا آكل رؤوسًا، ولم تكن له نية، ولا ظهر له سبب:

فعلى قول ابن القاسم الذي اعتبر عرف اللغة: يحنث (8) بجميع الرؤوس.

وعلى قول أشهب: لا يحنث إلا برؤوس الأنعام.

(1) المثبت من ز وط، وفي الأصل:"لأن".

(2)

في ط: "الهجر".

(3)

في ز: "هذه".

(4)

"الواو" ساقطة من ز.

(5)

يقول القاضي عبد الوهاب في المعونة: "الاعتبار في الأيمان بالنية، فإن عدمت فالسبب الذي أثر اليمين ليستدل منه عليها، فإن عدم أجري اللفظ على ما يقتضيه عرف التخاطب دون عرف اللغة في الفعل المحلوف عليه، فإن لم يكن عرف أجري على موضوعه".

انظر: كتاب الأيمان من كتاب المعونة، مخطوط مصور في مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى برقم (33) عن مخطوط مكتبة الجامع الكبير بمكناس برقم (777).

(6)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"يرتب".

(7)

في ز: "فمذهبهم".

(8)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"فحنث".

ص: 298

وقوله: (وعادة الفعل) معناه: لا عبرة بالعادة الفعلية، كما إذا (1) قال: والله لا آكل خبزًا، وعادته أنه لا يأكل إلا خبز القمح، فإنه يحنث بجميع الأخباز، لا (2) فرق بين خبز القمح وغيره.

وكذلك إذا قال: والله لا ألبس ثوبًا، وعادته أنه لا يلبس إلا ثوب الكتان، فإنه يحنث بجميع الأثواب، لا فرق بين ثوب الكتان وغيره.

وكذلك إذا قال: والله لا أركب دابة، وعادته أنه لا يركب إلا الخيل، فإنه يحنث بجميع الدواب، ولا فرق بين الخيل وغيرها.

قوله: (دون عادة الفعل) يحتمل أن يكون الفعل راجعًا إلى الحالف، أي: دون عادة فعل الحالف كما قررناه بالأمثلة.

ويحتمل أن يرجع الفعل إلى الفعل المحلوف عليه، كما إذا (3) قال: والله لا آكل اللحم، فإنه يحنث بأكل اللحم، سواء كان مطبوخًا، أو كان (4) نيًا، وإن كانت عادة اللحم (5) ألا يؤكل إلا مطبوخًا، فلا عبرة (6) بالعادة (7) الفعلية.

قوله: (وذلك كالحالف: لا آكل رؤوسًا أو بيضًا) الإشارة عائدة

(1) في ط وز: "كإذا".

(2)

في ط: "ولا".

(3)

في ز وط: "كإذا".

(4)

"كان" ساقطة من ز.

(5)

في ط: "الفعل" وهو تصحيف.

(6)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"فلا عادة".

(7)

في ز: "بعاده".

ص: 299

على (1) زيادة النية ونقصانها بالتقييد والتخصيص، تقديره: وبيان زيادة النية ونقصانها [بالتقييد والتخصيص.

ويحتمل أن تعود الإشارة على الثلاثة الأشياء: النية، والسبب، والعرف، تقديره: وبيان اعتبار النية والبساط (2) والعرف.

قوله: (فإن قصد معنى عامًا وعبر عنه بلفظ خاص، أو معنى خاصًا وعبر عنه بلفظ عام (3)).

هذا بيان زيادة النية على اللفظ، كإذا قال: لا آكل (4) رؤوس البقر، فقال: نويت جميع الرؤوس، أو قال: والله لا آكل بيض النعامة، فقال: نويت جميع البيض، أو قال: والله لا أسبح في نهر بني فلان أو غدير بني فلان، فقال: نويت جميع الأنهار أو جميع الغدر.

قوله: (أو معنى خاصًا

) (5) إلى آخره.

هذا بيان نقصان النية عن اللفظ، فإذا قال: والله لا آكل رؤوسًا، وقال (6): نويت رؤوس البقر، أو قال: والله لا آكل بيضًا، فقال: نويت بيض النعامة، أو قال: والله لا أسبح في نهر، أو: لا أسبح في غدير، فقال: نويت نهر بني فلان أو غدير (7) بني فلان.

(1) في ز: "إلى".

(2)

بساط اليمين: هو السبب الحامل على اليمين، والبساط نية حكمية، وهو من باب القرائن. انظر دليل المسالك ص 37.

(3)

قوله: "أو معنى خاصًا وعبر عنه بلفظ عام" ساقط من ط.

(4)

في ط: "والله لا آكل".

(5)

في ط: "أو معنى خاصًا وعبر عنه بلفظ عام".

(6)

في ط: "فقال".

(7)

في ط: "وغدير".

ص: 300

قوله: (فإِن قصد معنى عامًا وعبر (1) عنه بلفظ خاص، أو معنى خاصًا، وعبر عنه بلفظ عام) وسكت عما إذا قصد معنى عامًا، وعبر عنه بلفظ عام، أو قصد (2) معنى خاصًا، وعبر عنه بلفظ خاص، مع أن الحكم في جميع الصور الأربع واحد، وهو الحكم بنيته، وإنما سكت عن حكم النية المطابقة؛ لأنه يؤخذ من كلامه بأولى وأحرى؛ لأنه (3) إذا كان يحكم بالنية المخالفة للفظ فأولى وأحرى أن يحكم بالنية الموافقة للفظ، وبالله التوفيق بمنّه] (4).

و (5) قوله: (كالحالف: لا أشرب لفلان ماء) مثال أيضًا لزيادة النية على اللفظ.

وكذلك قوله: (وكذلك (6) لا ألبس ثوبًا من غزل زوجته).

[قوله: (دون عين المحلوف عليه): راجع إلى المسألتين، أعني قوله (7): "لا أشرب لفلان ماء" أو قوله: "لا ألمس ثوبًا من غزل زوجته"](8).

قوله: (عندنا: يخصص (9) الشرط (10) والاستثناء العموم (11) مطلقًا،

(1) في ز: "أو عبر".

(2)

"قصد" ساقطة من ط.

(3)

في ط: "ولأنه".

(4)

المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.

(5)

"الواو" ساقطة من ط.

(6)

"وكذلك" ساقطة من ط.

(7)

"قوله" ساقطة من ط.

(8)

المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.

(9)

في أوش: "تخصيص".

(10)

في أ: "الشخص".

(11)

في أوش: "للعموم".

ص: 301

ونص الإمام على الصفة والغاية (1)، وقال (2): إِن (3) تعقبت الصفة جملًا جرى فيها الخلاف الجاري في الاستثناء.

والغاية: "حتى" و"إِلى"(4)، فإِن اجتمع غايتان، كما لو قال (5): لا تقربوهن حتى يطهرن حتى يغتسلن، قال الإمام: فالغاية (6) في الحقيقة الثانية، والأولى سميت غاية (7)؛ لقربها منها).

ش: ذكر المؤلف ها هنا أربعة أشياء من المخصصات (8)، و (9) هي:

الشرط (10)، والاستثناء (11)،

(1) في أوخ وش: "على الغاية والصفة".

(2)

في ش: "قال"، وفي خ:"فقال".

(3)

في ش: "وإن".

(4)

في ز: "أو إلى".

(5)

في خ: "قالوا".

(6)

في خ: "هي في".

(7)

المثبت من أوخ وز وش وط، ولم ترد "غاية في الأصل".

(8)

في ز: "التخصصات".

(9)

"الواو" ساقطة من ط.

(10)

انظر تفصيل الكلام فى الشرط في: شرح التنقيح للقرافي ص 259 - 265، المحصول ج 1 ق 3 ص 89 - 98، المستصفى 2/ 180 - 183، الإحكام للآمدي 2/ 309 - 311، المعتمد 1/ 240، 241، نهاية السول 2/ 437 - 441، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 145، 146، شرح الكوكب المنير 3/ 340 - 346، تيسير التحرير 1/ 279، 280، فواتح الرحموت 1/ 339.

(11)

انظر تفصيل الكلام في الاستثناء في: الاستغناء في أحكام الاستثناء للقرافي، شرح التنقيح للقرافي ص 237 - 241، المحصول ج 1 ق 3 ص 38 - 85، الإحكام للآمدي 2/ 286 - 299، المستصفى 2/ 163 - 173، نهاية السول 2/ 407 - 436، المعتمد 1/ 242 - 245، العدة 2/ 659 - 677، التمهيد 2/ 73 - 90، شرح الكوكب المنير 3/ 281، القواعد والفوائد الأصولية ص 245، 246.

ص: 302

و (1) الصفة (2)، والغاية (3).

مثال الشرط: اقتلوا المشركين إن حاربوا.

ومثال الاستثناء: اقتلوا المشركين إلا أن يتركوا الحرابة.

فالشرط والاستثناء يقصران القتل على المحاربين، ويخرج منه القتل في حالة عدم الحرابة، ولولا الشرط والاستثناء لعم القتل جميع الأحوال لغة (4)، ولم يحصل لنا العلم بعدم القتل عند عدم الحرابة، فكان الشرط أو الاستثناء (5) مخصصًا للعموم.

وأما على قاعدة المؤلف من كون العام في الأشخاص هو مطلق في الأحوال فإنه تقضي (6): أن يكون الشرط مقيدًا لتلك الحالة المطلقة لا مخصصًا، وكذلك الاستثناء، والصفة، والغاية.

(1)"الواو" ساقطة من ط.

(2)

انظر تفصيل الكلام في الصفة في: شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 146، المحصول ج 1 ق 3 ص 105، المستصفى 2/ 204، الإحكام للآمدي 2/ 312، جمع الجوامع 2/ 23، المعتمد 1/ 239، نهاية السول 2/ 242، شرح الكوكب المنير 3/ 347، 348، فواتح الرحموت 1/ 344، إرشاد الفحول ص 153.

(3)

انظر تفصيل الكلام في الغاية في: شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 146، المحصول ج 1 ق 3 ص 102 - 104، المستصفى 2/ 208، الإحكام للآمدي 2/ 313، نهاية السول 2/ 443 - 448، جمع الجوامع 2/ 23، المعتمد 1/ 239، 240، شرح الكوكب المنير 3/ 349 - 354، القواعد والفوائد الأصولية ص 362، فواتح الرحموت 1/ 343، إرشاد الفحول ص 154.

(4)

"لغة" ساقطة من ز.

(5)

في ط وز: "والاستثناء".

(6)

في ط: "تقتضي".

ص: 303

و (1) قوله: (مطلقًا) أي: كان الشرط شرط سبب، أو كان شرط حكم.

مثال شرط السبب: القدرة على التسليم في البيع.

ومثال شرط الحكم: الطهارة للصلاة (2).

ومعنى قولنا: شرط السبب: أن يكون عدم الشرط مستلزمًا لعدم حكمة السبب، [كالقدرة على تسليم المبيع؛ لأن عدم القدرة على التسليم مستلزم لعدم الانتفاع بالمبيع (3)، الذي هو حكمة السبب](4).

ومعنى قولنا: وشرط الحكم: أن يكون عدم الشرط مستلزمًا لحكمة تقتضي نقيض حكم السبب مع بقاء حكمة السبب، كالطهارة في الصلاة؛ لأن عدم الطهارة يستلزم عدم الثواب الذي هو نقيض الحكم الذي هو الثواب، مع بقاء حكمة السبب الذي هو التوجه إلى الله تعالى، وقد تقدم هذا في الفصل الخامس عشر فيما تتوقف عليه الأحكام (5).

قوله: (مطلقًا) أي: كان (6) الشرط شرط سبب، أو شرط حكم، كان (7) الاستثناء استثناء شخص، أو استثناء (8) نوع.

(1)"الواو" ساقطة من ز.

(2)

في ط وز: "في الصلاة".

(3)

في ط: "بالمباع".

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(5)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 78 - 84، وانظر (2/ 102 - 103) من هذا الكتاب.

(6)

لعلها: "سواء كان".

(7)

لعلها: "وسواء كان".

(8)

"استثناء" ساقطة من ز.

ص: 304

مثال الشخص (1): اقتلوا المشركين إلا زيدًا.

ومثال النوع: إلا أهل الذمة.

قوله: (ونص الإمام على الصفة، والغاية (2)).

وكذلك نص عليها القاضي عبد الوهاب (3) وغيره.

مثال الصفة: اقتلوا المشركين المحاربين.

ومثال الغاية: اقتلوا المشركين حتى يعطوا الجزية.

وكذلك: اقتلوا المشركين إلى (4) أن يسلموا (5).

قوله: (وقال: إِن تعقبت الصفة جملًا جرى فيها الخلاف الجاري في الاستثناء).

مثال ذلك: أكرم النحاة والفقهاء الزهاد، هل يرجع وصف الزهد إلى الجميع، أو يرجع إلى الآخر؟

فقد (6) ذكر المؤلف: أن حكم الصفة ها هنا كحكم (7) الاستثناء إذا تعقب (8)

(1) المثبت من ز وط، ولم ترد "الشخص" في الأصل.

(2)

انظر: المحصول ج 1 ق 3 ص 102، 103، 105.

(3)

انظر نسبة هذا القول في: شرح التنقيح للمسطاسي ص 116.

(4)

في ط: "إلا".

(5)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"أسلموا".

(6)

في ز: "فقط" وهو تصحيف.

(7)

في ز: "حكم".

(8)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"تعقبت".

ص: 305

الجمل، وفيه خمسة أقوال (1) ذكرها المؤلف في باب الاستثناء في قوله: إذا (2) تعقب الاستثناء الجمل يرجع إلى جملتها (3) عند مالك والشافعي، وعند أصحابهما.

وإلى (4) الأخيرة عند أبي حنيفة.

ومشترك بين الأمرين عند المرتضي (5).

(1) انظر الخلاف في هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 239 - 253، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 139، 140، المحصول ج 1 ق 3 ص 63 - 85، الإحكام للآمدي 2/ 300 - 307، البرهان 1/ 388، وما بعدها، المعتمد 1/ 245، المستصفى 2/ 174 - 180، نهاية السول 2/ 430 - 436، اللمع ص 128، المنخول ص 160، جمع الجوامع 2/ 17، 18، العدة 2/ 678 - 683، شرح الكوكب المنير 3/ 313 - 315، التمهيد 2/ 91 - 100، المسودة ص 156، مختصر البعلي ص 119، 120، القواعد والفوائد الأصولية ص 257، تيسير التحرير 1/ 302 - 305، فواتح الرحموت 1/ 332، 333، ميزان الأصول للسمرقندي ص 376، أصول السرخسي 1/ 275، كشف الأسرار 3/ 123.

(2)

في ز وط: "وإذا".

(3)

في ز: "جعلتها" وهو تصحيف.

(4)

في ز: "أو إلى".

(5)

هو الشريف المرتضي: علي بن الحسين بن موسى بن محمّد بت موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولد سنة 355 هـ، أخذ عن الشيخ المفيد، وروى الحديث عن سهل الديباجي الكذاب، وجمع بين علوم كثيرة كعلم الكلام، والفقه، وأصول الفقه، والأدب، والنحو، والشعر، واللغة.

واختلف في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام علي بن أبي طالب، هل هو جَمْعُه أو جمع أخيه الرضي؟ وقد قيل: إنه ليس من كلام علي بن أبي طالب، وإنما الذي جمعه ونسبه له هو الذي وضعه، والشريف المرتضي شيخ الشيعة ورئيسهم بالعراق، توفي سنة ست وثلاثين وأربعمائة (436 هـ)، من مصنفاته:"ديوان شعر"، "المغني =

ص: 306

ومنهم من فصّل فقال: إن تنوعت الجملتان: بأن تكون إحداهما (1) خبرًا، والأخرى أمرًا (2) عاد إلى الأخيرة فقط، وإن لم تتنوع الجملتان، ولا كان حكم إحداهما في الأخرى، ولا (3) أضمر اسم إحداهما في الأخرى (4) فكذلك أيضًا، وإلا عاد إلى الكل، واختاره الإمام، وتوقف أبو بكر منا (5) في الجميع. انتهى نصه (6).

وسيأتي بيان ذلك في باب الاستثناء، إن شاء الله تعالى (7).

قوله: (والغاية: حتى وإِلى): لما ذكر المؤلف الغاية أراد أن يبين أدواتها، فقال: والغاية، حتى وإلى (8)، معناه: أدوات الغاية حرفان (9)، وهما: حتى وإلى (10)، هذا هو الغالب.

= في الإمامة"، "الذخيرة" في أصول الفقه.

انظر: معجم الأدباء 13/ 146 - 160، تاريخ بغداد 11/ 402، شذرات الذهب 3/ 256، إنباه الرواة 2/ 249، النجوم الزاهرة 5/ 39، مرآة الجنان 3/ 55 - 57.

(1)

في ز: "أحدهما".

(2)

في ز: "خبرًا مرًا والآخر خبرًا عاد

" إلخ.

(3)

المثبت من ز، وفي الأصل وط:"وإلا".

(4)

في ز: "الآخر".

(5)

في ط: "القاضي أبو بكر".

(6)

هذا نص كلام القرافي في متن التنقيح. انظر: شرح التنقيح ص 249.

(7)

في ز: "وسيأتي بيان ذلك - إن شاء الله - في باب الاستثناء".

(8)

في ز: "أو إلى".

(9)

في ز: "صنفان".

(10)

انظر: أدوات الغاية في: مختصر ابن الحاجب 2/ 146، المحصول ج 1 ق 3 ص 102، الإحكام للآمدي 2/ 313، المستصفى 2/ 208، جمع الجوامع 2/ 23، =

ص: 307

وقد تكون الغاية باللام وهو قليل، ومنه قوله تعالى:{سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} (1) أي: إلى بلد ميت، وأشار إليه ابن (2) مالك في الألفية بقوله في حروف الجر:

للانتهاء حتى ولام وإلى (3) ...........................

قال المرادي: إلا أن "إلى" أمكن (4) في الغاية من "حتى"؛ لأن "إلى" تدخل فيما لا تدخل فيه "حتى"؛ لأن المجرور (5) بـ "حتى"(6) يلزم أن يكون آخر (7) جزء (8)، بخلاف إلى؛ لأنك تقول: سرت النهار إلى نصفه، ولا تقول: سرت (9) النهار حتى نصفه (10).

= شرح الكوكب المنير 3/ 349، مختصر البعلي ص 121، القواعد والفوائد الأصولية ص 262، فواتح الرحموت 1/ 343.

(1)

آية رقم 57 من سورة الأعراف.

(2)

"ابن" ساقطة من ز.

(3)

يقول ابن مالك:

للانتهاء حتى ولام وإلى

ومن وباء يفهمان بدلا

انظر: ألفية أبن مالك، رقم البيت 371، ص 83 المطبوع بهامشه حواش وشروح لمجموعة من العلماء.

(4)

في ز: "مكن".

(5)

فى ز: "الفجرور" وهو تصحيف.

(6)

المثبت من ط، وفي الأصل وز:"حتى".

(7)

في ز: "آخره".

(8)

"جزء" ساقطة من ز.

(9)

في ز: "صرت".

(10)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح الألفية للمرادي 2/ 205.

وفي ز: "حتى نصفه ليس بآخر جزء من النهار"، وفي ط:"حتى نصفه؛ لأن نصفه ليس بآخر جزء من النهار".

ص: 308

و (1) قوله: (والغاية: حتى وإِلى)، انظر حصر المؤلف الغاية في "إلى" و"حتى"(2)، مع أن الغاية موجودة في غيرهما، كقوله (3):{وَحُرِّمَ علَيكمْ صَيدُ الْبَر مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (4).

قوله: (وعندنا يخصص الشرط والاستثناء العموم مطلقًا، ونص الإمام على الصفة والغاية).

ذكر المؤلف ها هنا أربعة أشياء من المخصصات المتصلة، كما (5) ذكرها غيره.

قال المؤلف في القواعد السنية في الفرق التاسع والعشرين، في الفرق بين النية المخصصة (6) والنية المؤكدة -: المعدود (7) في كتب (8) الأصوليين (9) من المخصصات المتصلة أَربعة خاصة، وهي (10): الشرط، والاستثناء (11)، والصفة، والغاية.

(1)"الواو" ساقطة من ط.

(2)

في ط: "في حتى وإلى".

(3)

في ز: "كقوله تعالى".

(4)

آية رقم 96 من سورة المائدة.

(5)

في ز: "لما".

(6)

في ط: "المخصوصة".

(7)

في ط: "المعدودة".

(8)

في ز: "كتاب".

(9)

في ز وط: "الأصول".

(10)

في ط: "وهو".

(11)

"والاستثناء" ساقط من ط.

ص: 309

قال: وقد وجدتها بالاستقراء اثني عشر، وهي هذه الأربعة المذكورة، وثمانية أخرى، وهي: ظرف الزمان، وظرف المكان، والمجرور، والحال، والتمييز، والمفعول معه، والمفعول من أجله، والبدل، فهذه اثنا عشر (1).

وقد بينها المؤلف أيضًا في الفرق الثاني عشر (2).

مثال الشرط: اقتلوا المشركين إن حاربوا.

ومثال الاستثناء: اقتلوا المشركين إلا أن يسلموا.

[ومثال الصفة: اقتلوا المشركين المحاربين](3).

ومثال الغاية: اقتلوا المشركين حتى يعطوا (4) الجزية.

مثال (5) ظرف الزمان: اقتلوا المشركين عند طلوع الفجر.

ومثال ظرف المكان: اقتلوا المشركين أمام زيد.

ومثال المجرور: اقتلوا المشركين في شهر رمضان.

ومثال الحال: اقتلوا المشركين عراة.

ومثال التمييز: اقتلوا المشركين رؤوسًا (6).

ومثال المفعول معه: اقتلوا المشركين وزيدًا.

(1) انظر: الفروق للقرافي 1/ 186.

(2)

انظر: الفروق 1/ 115.

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(4)

في ز: "يعصوا" وهو تصحيف.

(5)

في ط: "ومثال".

(6)

في ز: "رأسًا".

ص: 310

ومثال المفعول من أجله: اقتلوا المشركين (1) إذهابًا (2) لغيظكم (3).

ومثال البدل: اقتلوا المشركين أهل الحرب (4).

قوله (5): (فإِن اجتمع غايتان، كما لو قال: لا تقربوهن حتى يطهرن حتى يغتسلن).

قال الإمام: فالغاية في الحقيقة الثانية (6)، والأولى سميت غاية؛ لقربها منها، وإنما صارت الثانية هي الغاية (7) حقيقة؛ لأن الحكم إنما تعلق بها وحدها؛ إذ لا يجوز وطؤهن إلا بالاغتسال (8)، وإنما سميت الغاية الأولى غاية (9) مجازًا؛ لأجل قربها منها؛ أي (10): من الغاية الثانية التي هي الحقيقة.

وقال غير الإمام: بل كل واحدة منهما غاية معتبرة؛ لتعلق الحكم بهما معًا؛ لأن هذا من باب تعليق (11) الحكم على شرطين، وهما: انقطاع الدم، والغسل بالماء (12)، فإن الحائض لا توطأ إلا باجتماعهما، وأما إن عدما

(1)"اقتلوا المشركين" ساقطة من ط.

(2)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"ذهابًا".

(3)

في ز: "ليعطكم"، وفي ط:"لغيضهم".

(4)

ذكر بعض هذه الأمثلة القرافي في الفروق 1/ 115.

(5)

في ط: "ومثال قوله".

(6)

في ز: "هي الثانية".

(7)

في ط: "غاية".

(8)

في ط: "باغتسال".

(9)

"غاية" ساقطة من ط.

(10)

"منها أي" ساقطة من ز وط.

(11)

في ط: "تعلق".

(12)

"بالماء" ساقطة من ط.

ص: 311

معًا (1)، أو وجد أحدهما (2)، فلا يجوز وطؤها.

قاله ابن العربي في أحكام القرآن (3)، هذا كله على (4) قراءة التخفيف (5)، وأما على قراءة التشديد: فالمراد بالطهر في اللفظين شيء واحد وهو: الاغتسال بالماء.

وذلك أن القراء اتفقوا على التشديد في اللفظ الثاني، وإنما اختلفوا في الأول بالتخفيف والتشديد: [قراءة (6) حمزة (7) والكسائي وأبي بكر بالتشديد (8)

(1) المثبت من ط وز، ولم ترد:"معًا" في الأصل.

(2)

في ط: "إحداهما".

(3)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 166.

(4)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"مع".

(5)

المراد: قراءة يطهرن في قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} آية 222 من سورة البقرة.

(6)

"قراءة" ساقطة من ط.

(7)

هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الكوفي المعروف بالزيات، أحد القراء السبعة، ولد سنة ثمانين، أخذ القراءة عن: سليمان الأعمش، وحمران بن أعين، وأبي إسحاق السبيعي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهم، وأخذ عنه القراءة: أبو الحسن الكسائي وغيره، وإليه صارت الإمامة في القراءة بعد عاصم والأعمش، وكان إمامًا، حجة، ثقة، ثبتًا، قيّمًا بكتاب الله، بصيرًا بالفرائض، عارفًا بالعربية، حافظًا للحديث، عابدًا، خاشعًا، زاهدًا، ورعًا، وإنما قيل له: الزيات؛ لأنه كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان، ويجلب الجوز والجبن إلى الكوفة، توفي رحمه الله سنة ست وخمسين ومائة (156 هـ) بحلوان.

انظر: غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 261 - 263، وفيات الأعيان 2/ 216، تهذيب التهذيب 3/ 27.

(8)

في ط: "بتشديد".

ص: 312

فى (1) الطاء والهاء مفتوحتين (2)] (3).

و (4) قال ابن العربي: و (5) نظير هذه الآية قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغوا النِّكَاحَ

} (6) الآية.

فعلق دفع المال على وجود شرطين، وهما: بلوغ النكاح، وإيناس الرشد (7).

قوله: (فالغاية في الحقيقة الثانية (8)) يريد: إذا كانتا (9) على طريق الاجتماع، وأما إذا كانتا (10) على طريق البدل فالغاية هي إحداهما من غير تعيين.

كقولك: أكرم بني تميم إلى أن يدخلوا المسجد، أو الدار (11)، فإن مقتضى ذلك. أن الإكرام يستمر إلى حصول إحدى الغايتين، إما دخول المسجد،

(1)"في" ساقطة من ط.

(2)

يقول أبو عمرو الداني: أبو بكر وحمزة والكسائي: {حَتَّى يطَّهَّرنَ} بفتح الطاء والهاء مع تشديدهما، والباقون بإسكان الطاء وضم الهاء.

انظر: التيسير في القراءات السبع ص 80.

(3)

المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.

(4)

"الواو" ساقطة من ز.

(5)

"الواو" ساقطة من ز وط.

(6)

آية رقم 6 من سورة النساء.

(7)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 166، 167.

(8)

في ز: "هي الثانية".

(9)

في ز: "كان".

(10)

في ز: "كان".

(11)

في ز: "أن يدخلوا الدار أو المسجد"، وفي ط:"أن يدخلوا الدار والمسجد".

ص: 313

وإما دخول الدار (1) من (2) غير تعيين أحد المدخولين (3).

وقد بين المؤلف هذا في الباب التاسع في قوله: (إِذا رتب مشروط على شرطين لا يحصل إِلا عند حصولهما إِن كانا (4) على الجمع، وإِن كانا على البدل حصل عند أحدهما). انتهى نصه (5).

فحكم (6) الغايتين يفهم من حكم الشرط مع جوابه (7).

وحاصل الغاية مع المغيا تسعة أوجه:

وذلك أن الغاية: إما أن تكون متحدة، وإما أن تكون متعددة على الجمع، وإما أن تكون متعددة على البدل.

فهذه ثلاثة أقسام في الغاية، وفي كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة ثلاثة أوجه:

فإذا كانت الغاية متحدة فإما أن يكون المُغَيَّا متحدًا، وإما أن يكون متعددًا على الجمع، وإما أن يكون متعددًا على البدل، فهذه ثلاثة أوجه في اتحاد الغاية.

(1) في ز وط: "إما دخول الدار وإما دخول المسجد".

(2)

"من" ساقطة من ط.

(3)

في ط وز: "الدخولين".

(4)

في ط: "كانتا".

(5)

هذا نص كلام القرافي في متن التنقيح. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 263.

(6)

في ط وز: "فإن حكم".

(7)

في ز: "مع جوازه".

ص: 314

مثال (1) اتحاد الغاية مع اتحاد المغيا: أكرم بني تميم إلى أن يدخلوا الدار.

ومثال اتحاد الغاية مع تعدد المغيا على الجمع: أعط بني تميم دينارًا ودرهمًا إلى أن يدخلوا الدار.

ومثال اتحاد الغاية مع تعدد المغيا على البدل: أعط بني تميم دينارًا أو درهمًا إلى أن يدخلوا الدار.

فهذه ثلاثة أوجه مع أمثلتها (2) في اتحاد الغاية.

وأما إذا كانت الغاية متعددة على الجمع: فإما أن يكون المغيا متحدًا، وإما أن يكون متعددًا على الجمع، وإما أن يكون متعددًا على البدل.

مثال تعدد الغاية على الجمع مع اتحاد المغيا: أكرم بني تميم إلى أن يدخلوا الدار ويأكلوا.

ومثال تعدد الغاية على الجمع مع تعدد المغيا على الجمع: أعط بني تميم دينارًا ودرهمًا (3) إلى أن يدخلوا الدار ويأكلوا.

ومثال تعدد الغاية على الجمع مع تعدد المغيا على البدل: أعط بني تميم دينارًا أو درهمًا إلى أن يدخلوا الدار ويأكلوا.

فهذه ثلاثة أوجه في تعدد الغاية على الجمع.

وأما إذا كانت الغاية متعددة على البدل: فإما أن يكون المغيا متحدًا، وإما

(1) في ز: "ومثال".

(2)

في ط: "أمثلها".

(3)

في ز: "أو درهما".

ص: 315

أن يكون متعددًا على الجمع، وإما أن يكون متعددًا على البدل.

مثال تعدد الغاية على البدل مع اتحاد المغيا: أكرم بني تميم إلى أن يدخلوا الدار أو المسجد (1).

ومثال تعدد الغاية على البدل مع تعدد المغيا على الجمع: أعط بني تميم دينارًا ودرهمًا إلى أن يدخلوا الدار أو المسجد (2).

ومثال تعدد (3) الغاية على البدل مع تعدد المغيا على (4) البدل: أعط بني تميم دينارًا أو درهمًا إلى أن يدخلوا الدار أو المسجد (5).

فهذه تسعة أوجه بحسب اتحاد الغاية والمغيا وتعددهما جمعًا وبدلًا، وأحكامها ظاهرة مما ذكر في باب الشرط (6)؛ لأن ترتيب المغيا على الغاية بمنزلة ترتيب المشروط على الشرط (7)، كما سيأتي في باب الشروط (8)، إن شاء الله تعالى (9).

(1) في ز: "والمسجد".

(2)

في ز: "والمسجد".

(3)

المثبت من ط، ولم ترد:"تعدد" في الأصل وز.

(4)

في ز: "مع".

(5)

في ز: "والمسجد".

(6)

في ط: "الشروط".

(7)

انظر هذه الأقسام في ترتيب الغاية مع المغيا، وترتيب المشروط على الشرط في: مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 145، 146، الإحكام للآمدي 2/ 310، 311، 313، نهاية السول 2/ 440، 441، شرح الكوكب المنير 3/ 354، تيسير التحرير 1/ 280، 282، فواتح الرحموت 1/ 342 - 343.

(8)

في ز: "الشرط"، وانظر شرح التنقيح للقرافي ص 263.

(9)

"تعالى" لم ترد في ز.

ص: 316

قوله: (ونص على الحِسِّ نحو قوله تعالى (1): {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} (2)).

ش: هذا مخصص آخر، يعني: أن الإمام فخر الدين (3) نص في المحصول على أن التخصيص يكون بالحس (4)، أي: بحاسة البصر؛ وذلك أن البصر شاهد بقاء الجبال والسموات لم تدمرها الريح (5).

ويقرب من التخصيص بالحس التخصيص بالواقع، كقوله تعالى:{وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} (6) فإن الواقع أنها لم تؤت النبوة، ولا ملك سليمان، ومثله (7) قوله تعالى:{وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} (8) فإنه لم يؤت أسباب السموات.

ومثله (9) أيضًا: قوله تعالى: {يُجْبَى (10) إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} (11)، فإن

(1)"تعالى" لم ترد في أوخ.

(2)

آية 25 من سورة الأحقاف.

(3)

في ط: "الفخر".

(4)

انظر: التخصيص بالحس في: شرح التنقيح للقرافي ص 215، شرح التنقيح للمسطاسي ص 116، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 184، المحصول ج 1 ق 3 ص 115، الإحكام للآمدي 2/ 317، المستصفى 2/ 99، جمع الجوامع 2/ 24، نهاية السول 2/ 451، شرح الكوكب المنير 3/ 278، إرشاد الفحول ص 157.

(5)

في ط: "لم تدمر بالريح".

(6)

آية رقم 23 من سورة النمل.

(7)

في ط: "ومثاله".

(8)

آية رقم 84 من سورة الكهف.

(9)

في ط: "ومثاله".

(10)

تجبى بالتاء على قراءة نافع، والباقون بالياء، انظر: التيسير في القراءات السبع ص 278.

(11)

آية رقم 57 من سورة القصص.

ص: 317

الحرم لم تُجْبَ إليه جميع ثمرات الدنيا.

وكذلك أيضًا يقرب من التخصيص بالحس: التخصيص (1) بقرائن الأحوال، كقول السيد لعبده: ائتني بمن يحدثني، فإن ذلك يختص بمن يحدثه في مثل حاله (2).

قال المؤلف في الشرح: ومن التخصيص بالواقع: قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولهُ فَإنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} (3)؛ لأنا نقطع أن (4) بعض العصاة لا يعذب، إما بفضل الله، وإما بسبب توبته، وإما بسبب شفاعة شافع.

ومنه أيضًا: قوله تعالى (5): {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (6)؛ لأن بعض من عمل خيرًا لا يرى خيرًا؛ إما بسبب ارتداده، وإما بسبب ظلمه فيؤخذ (7) ذلك الخير في ظلمه، وبعض من عمل شرًا أيضًا (8) قد لا يرى شرًا؛ لما تقدم من التوبة، والشفاعة،

(1) في ز: "الحس بالتخصيص".

(2)

في ز وط: "حالة خاصة".

(3)

آية رقم 23 من سورة الجن.

(4)

"أن" ساقطة من ط.

(5)

في ز: "ومنه قوله تعالى أيضًا"، وفي ط:"ومنه قوله أيضًا".

(6)

آية رقم 7، 8 من سورة الزلزلة.

(7)

في ط: "فيؤخذ منه ذلك".

(8)

"أيضًا" ساقطة من ط.

ص: 318

وفضل (1) الله عز وجل، لقوله تعالى:{وَيعْفُو عَن كَثِيرٍ} (2)(3).

قوله: (قال: وفي المفهوم نظر، وإِن قلنا: إِنه حجة؛ لكونه أضعف من المنطوق (4)).

ش: هذا [مخصص آخر وهو](5) آخر المخصصات، وهو التخصيص بالمفهوم (6).

معناه: قال الإمام فخر الدين (7): في جواز تخصيص العموم بالمفهوم نظر، ولو قلنا بأنه حجة.

وإنما قال: في المفهوم نظر، إشارة إلى ضعف التخصيص به؛ لأن دلالة المفهوم ضعيفة؛ لأنها معنوية، ودلالة العام قوية؛ لأنها لفظية، وتخصيص الأقوى بالأضعف ممنوع (8).

(1) في ط وز: "أو الشفاعة أو فضل".

(2)

آية رقم 15 من سورة المائدة.

(3)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 215.

(4)

في خ: "من المنطوق به".

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(6)

انظر هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 215، شرح التنقيح للمسطاسي ص 117، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 184، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 150، المحصول ج 1 ق 3 ص 159، 160، الإحكام للآمدي 2/ 328، المستصفى 2/ 210، جمع الجوامع 2/ 30، نهاية السول 2/ 467، 468، اللمع ص 108، المطبوع مع تخريجه، شرح الكوكب المنير 3/ 366 - 368، المسودة ص 127، العدة 2/ 578، 579، التمهيد 2/ 118، مختصر البعلي ص 123، تيسير التحرير 1/ 316، فواتح الرحموت 1/ 353، إرشاد الفحول ص 160.

(7)

في ط: "الفخر".

(8)

يقول الإمام فخر الدين في المحصول: ولقائل أن يقول: إنما رجحنا الخاص على العام؛ لأن دلالة الخاص على ما تحته أقوى من دلالة العام على ذلك الخاص، والأقوى راجح. =

ص: 319

وقيل: لأنه يخصص؛ لأن في تخصيصه الجمع بين الدّليلين؛ إذ الجمع بين الدليلين، ولو (1) من وجه واحد، أولى من إعمال أحد الدليلين وإلغاء الآخر.

قال سيف الدين الآمدي في المنتهى: لا نعرف خلافًا بين القائلين بالعموم في تخصيص العموم بالمفهوم: كان من مفهوم الموافقة (2)، أو من مفهوم المخالفة؛ لأن كل واحد منهما دليل شرعي، فأمكن أن يكون لخصوصه (3) تخصيص للعام. انتهى نصه (4).

ونقل الشيرازي في اللمع القول الثالث: بالتفصيل بين مفهوم الموافقة فيخصص العموم، وبين مفهوم المخالفة فلا يخصص العموم، وهو قول العراقيين (5)؛ لأنهم أنكروا مفهوم المخالفة جملة.

= وأما ها هنا، فلا نسلم أن دلالة المفهوم على مدلوله أقوى من دلالة العام على ذلك الخاص، بل الظاهر أنه أضعف، وإذا كان كذلك كان تخصيص العام بالمفهوم ترجيحًا للأضعف على الأقوى، وأنه لا يجوز والله أعلم.

انظر: المحصول ج 1 ق 3 ص 159، 160.

(1)

"ولو" ساقطة من ز.

(2)

يقول أحمد حلولو: "وأما مفهوم الموافقة فظاهر كلام غير واحد: صحة التخصيص به من غير خلاف، ولا يبعد جريان الخلاف فيه إذا قلنا: إن دلالته قياسية، وكان الإلحاق فيه مظنونًا، أو ثبت الأصل بغير الواحد، ومثاله ما لو قيل لك: من أساء إليك فعاقبه، ثم قال: إذا أساء إليك فلا تقل له: أف".

انظر: التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 184.

(3)

في ز: "خصوصه".

(4)

انظر: منتهى السول في علم الأصول للآمدي ص 51، 52، وانظر أيضًا: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 328.

(5)

نسبه الشيرازي لأهل العراق، ونسبه أيضًا لأبي العباس بن سريج من الشافعية.

انظر: اللمع ص 108 المطبوع مع تخريجه.

ص: 320

مثال مفهوم المخالفة: قوله عليه السلام: "في كل أربعين شاةً شاةٌ (1) "(2).

فهو (3) عام (4) للسائمة (5) والمعلوفة.

ثم قال عليه السلام: "في الغنم السائمة الزكاة" مفهومه: عدم الزكاة في المعلوفة.

فمن العلماء من قدم العموم على المفهوم فقال بوجوب الزكاة في المعلوفة؛ لأن دلالة المنطوق أولى (6) من دلالة المفهوم.

ومنهم من قدم المفهوم على العموم؛ لأن المفهوم أخص من العموم؛ لأنه لم يتناول (7) إلا (8) المعلوفة، والعموم أعم (9)، والأخص يقدم على العموم،

(1)"شاة" ساقطة من ط.

(2)

أخرجه البخاري من حديث أنس في كتاب الصديق الطويل، وفيه:"وفي صدقة الغنم: في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة" كتاب الزكاة، باب زكاة الغنم (1/ 253).

وأخرجه أبو داود من حديث أنس في كتاب الصديق الطويل وفيه: "وفي سائمة الغنم: إذا كانت أربعين: ففيها شاة إلى عشرين ومائة"، وفي رواية أخرى:"وفي الغنم في كل أربعين شاة شاة"، كتاب الزكاة باب في زكاة السائمة حديث رقم 1567، 1568، (2/ 97 - 98).

وأخرجه ابن ماجه عن سالم بن عبد الله عن أبيه بلفظ: "في أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة" كتاب الزكاة، باب صدقة الغنم، رقم الحديث العام 1805، (1/ 577).

(3)

"فهو" ساقطة من ز وط.

(4)

"عام" ساقطة من ط.

(5)

في ط: "المسائمة".

(6)

في ط وز: "أقوى".

(7)

في ط: "يتأول".

(8)

"ألا" ساقطة من ط.

(9)

"أعم" ساقطة من ز.

ص: 321

وهو قول الشافعي في خصوص مسألة الزكاة هذه (1).

و (2) مثال مفهوم الموافقة: قول السيد لعبده: كل من دخل داري فاضربه، ثم قال له (3): إن دخلها زيد فلا تقل له: أف، فإنه يدل على تحريم ضرب زيد، وإخراجه من العموم نظرًا إلى مفهوم الموافقة.

قوله: (لنا في سائر صور (4) النزاع أن ما يدعى أنه مخصص لا بد (5) أن يكون منافيًا وأخص من المخصص).

ش: ذكر المؤلف ها هنا: أن المخصص للعموم يشترط فيه شرطان:

أحدهما: أن يكون منافيًا للعموم، أي: مناقضًا له.

والثاني: أن يكون المخصِّص - وهو: الخاص - أخص من المخصَّص، الذي هو العام.

فلا بد في كل دليل يدعى أنه مخصص للعموم من هذين الشرطين: كونه مناقضًا للعموم بحيث يمتنع اجتماعهما وارتفاعهما، وكونه أيضًا أخص من العموم، وأما إن كان مساويًا للعموم مع مناقضته إياه فهو نسخ لا تخصيص.

قوله: (فإِن أعملا أو ألغيا اجتمع النقيضان).

ش: أي: فإن أعمل العام والخاص معًا في الصورة المخصوصة اجتمع

(1) انظر: البرهان 1/ 449، وشرح التنقيح للقرافي ص 215.

(2)

"الواو" ساقطة من ز.

(3)

"له" ساقطة من ز، وفي ط:"قاله".

(4)

في ش: "طرق النزاع".

(5)

في ش: "لا بد وأن يكون".

ص: 322

النقيضان في الصورة المخصصة (1).

قوله: (وإِن أعمل العام مطلقًا: بطلت جملة الخاص بخلاف العكس).

ش: معناه: وإن أعمل العام في صورة التخصيص، وغيرها: بطلت جملة الخاص، بخلاف العكس؛ وهو: إعمال الخاص في صورة التخصيص فلا تبطل جملة العام؛ لأنه يعمل بالعام في الصورة الباقية بعد صورة التخصيص.

قوله: (فيتعين وهو المطلوب).

ش: أي: فيتعين العكس، وهو: إعمال الخاص، وإعمال الخاص هو: المطلوب من الدليل؛ إذ يلزم من إعماله الجمع بين الدليلين، ولا يلزم من إعماله خاصة الجمع بين النقيضين، كما في الوجهين الأولين؛ إذ الجمع بين الدليلين أولى من إعمال أحدهما وإلغاء الآخر.

قوله: (لنا في سائر صور النزاع).

استعمل المؤلف ها هنا سائر في الجميع، وهو خلاف المشهور، كما تقدم في أدوات العموم في قوله: قال القاضي عبد الوهاب: إن سائر ليست للعموم، فإن معناها: باقي الشيء لا جملته (2).

(1) في ط: "المخصوصة".

(2)

انظر (3/ 145) من هذا الكتاب.

ص: 323

قوله: (و (1) لا بد أن يكون منافيًا): معناه: مناقضًا للعام، كما إذا قال الشارع مثلًا: اقتلوا المشركين، ثم قال: لا تقتلوا أهل الذمة، فإن النفي والإثبات متناقضان، فإن العام يقتضي ثبوت القتل في أهل الذمة، والخاص يقتضي نفي القتل في أهل الذمة، والخاص أيضًا أخص من العام وليس بمساوٍ له، فقد وجد الشرطان.

قوله: (و (2) لا بد أن يكون منافيًا)؛ احترازًا مما إذا كان مؤكدًا.

ولأجل هذا قال المؤلف في الشرح (3)، وكذلك في القواعد السنية، في الفرق التاسع (4) والعشرين، في الفرق بين النية المخصصة والنية المؤكدة: أكثر أرباب الفتاوى لا يفرقون بين النية المخصصة والنية (5) المؤكدة، فإذا قال لهم الحالف: حلفت (6): لا لبست ثوبًا، ونويت ثوب الكتان، قالوا له: لا تحنث بغير الكتان.

وليس الأمر كما قالوا، بل لا بد في ذلك من التفصيل، وهو: أن (7) ها هنا أربعة أوجه:

أحدها (8): أن ينوي جميع الثياب.

(1)"الواو" ساقطة من ز وط.

(2)

"الواو" ساقطة من ز وط.

(3)

لم يذكره القرافي في شرح التنقيح، وإنما ذكره في الفروق، وذكره المسطاسي في شرح التنقيح.

(4)

"التاسع" ساقطة من ط.

(5)

في ز: "وبين النية".

(6)

"حلفت" ساقطة من ز وط.

(7)

"أن" ساقطة من ط.

(8)

في ز: "إحداها".

ص: 324

والثاني: ألا ينوي (1) واحدًا منها.

والثالث: أن ينوي بعض الثياب، ولم ينوِ إخراج غيره.

والرابع: أن ينوي بعض الثياب، وينوي أيضًا إخراج غيره.

فهذه أربعة أوجه.

فإذا نوى جميع الثياب: فإنه يحنث بجميع الثياب باللفظ والنية (2)، إلا أن النية ها هنا مؤكدة، فإن اللفظ يستقل بالحنث في جميع الثياب.

وأما إذا لم ينو أصلًا: فإنه يحنث أيضًا بجميع الثياب للفظ (3)؛ لأن اللفظ العام إذا أطلق من غير نية، ولا بساط (4)، ولا عادة تصرفه إلى الخصوص، فإن الحنث يلزم فيه جميع (5) أفراد ذلك العام.

وأما إذا نوى بعض الثياب، ولم ينو إخراج غيره: فإنه يحنث بجميع الثياب، إلا أنه يحنث في البعض المنوي باللفظ والنية، فالنية ها هنا أيضًا مؤكدة لا مخصصة، ويحنث في غير المنوي بمجرد اللفظ؛ لأن اللفظ كافٍ في ثبوت حكمه من (6) غير احتياج إلى نية، كما إذا لم تكن له نية أصلًا لا في البعض ولا في الكل.

وأما إذا نوى بعض الثياب، ونوى إخراج غيره: فلا يحنث إلا بالمحلوف

(1) المثبت من ز وط، وفي الأصل:"أن ينوي".

(2)

"والنية" ساقطة من ط.

(3)

في ط: "باللفظ".

(4)

سبق التعريف به في (3/ 300) من هذا الكتاب.

(5)

في ط وز: "فإن يحنث بجميع أفراد".

(6)

في ط: "عن".

ص: 325

عليه خاصة (1).

فالواجب (2) على المفتي: ألا (3) يكتفي بمجرد قول المستفتي: نويت ثوب الكتان (4)، حتى يقول له: هل نويت إخراج غير الكتان، أو (5) لا؟ فإن قال له: نويت إخراج غيره: حنثه (6) بالكتان دون غيره، وإن قال له: لم أتعرض لإخراج غيره: حنث (7) بالجميع، أي: بالكتان وبغيره؛ لأنه إذا نوى الكتان مع إخراج غيره من يمينه فالنية (8) ها هنا مناقضة للعموم؛ لأن العموم يقتضي إدخال غير الكتان، والنية تقتضي إخراج غير الكتان، فالإدخال والإخراج متناقضان (9)، فالنية ها هنا مناقضة (10) للعموم.

وإذا قال له المستفتي: لم أنوِ إلا الكتان، ولم أتعرض لإخراج غيره (11) من اليمين: فالنية ها هنا مؤكدة لحكم العموم في البعض المنوي، وأما غير المنوي: فإنه (12) باقٍ على حكم العموم فيحنث بالجميع،

(1) في ز وط: "فلا يحنث إلا بالكتان مثلًا".

(2)

في ط وز: "قال فالواجب".

(3)

في ط: "لا".

(4)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"الكتاب".

(5)

في ز: "أم لا".

(6)

في ز: "جنة" وهو تصحيف.

(7)

في ط وز: "حنثه".

(8)

في ط: "فإن النية".

(9)

في ط: "منتقضان".

(10)

في ط: "لغو مناقضة".

(11)

في ط: "غير الكتان".

(12)

في ط وز: "فهو".

ص: 326

بالكتان، وبغيره (1)، إلا أن حنثه في الكتان (2) بشيئين: باللفظ، وبالنية المؤكدة، وحنثه (3) في غير الكتان هو: باللفظ دون النية.

قال: فإن قيل: ما الفرق بين تقييد هذا الكلام بالنية وبين تقييده باللفظ، فإنه إذا قال: لا ألبس ثوبًا ونوى ثوب الكتان، هو بمنزلة ما إذا قال: لا ألبس ثوب الكتان، فإنهم اتفقوا على أنه: لا يحنث بغير الكتان في التقييد باللفظ بخلاف التقييد بالنية، ما الفرق بين التقيدين؟

فالفرق بينهما (4) من وجهين:

أحدهما: أن المخصصات اللفظية المتصلة، كالشرط والصفة والغاية (5)، لا تستقل بنفسها، فجعلتها العرب مع ما قبلها كالكلمة الواحدة في مدلولها، حتى في الإقرار الذي هو أشد الأشياء، فإذا قال له: عندي الدراهم الزيوف، أو الدراهم الخفيفة (6) مثلًا فلا يلزم إلا بالموصوف بتلك الصفة، فإذا لم يلزمه غير ما قيد به في الإقرار فأولى وأحرى (7) في غير الإقرار، وأما النية فليس للعرب فيها هذا الموضوع.

الجواب (8) الثاني: أن القيد "اللفظ": يدل بمفهومه على عدم دخول غير

(1) في ط: "وغيره".

(2)

في ز: "بالكتان".

(3)

في ط: "وحنث".

(4)

في ط: "بهما".

(5)

في ط: "والغاية والصفة".

(6)

في ز: "الخفية".

(7)

في ز: "في الإقرار فأحرى".

(8)

في ط: "والجواب".

ص: 327

الكتان، فتكون هذه الدلالة معارضة لظاهر العموم فيخصص بها العموم بخلاف النية؛ إذ لا دلالة لها، فليس هنالك ما يعارض العموم (1) إذا نوى الكتان وذهل عن غيره، وإنما قلنا: لا دلالة للنية؛ لأنها من المعاني، والمعاني مدلولات (2) لا دالات، بخلاف اللفظ، فإنه يدل: إما بمطابقة، وإما بتضمن، وإما بالتزام، والفرق بين النية المخصصة، والنية المؤكدة من المباحث (3) العظيمة، فيجب على أرباب الفتاوى (4) التفطن إليه (5)، وبالله التوفيق بمنّه.

(1) في ط: "للعموم".

(2)

في ز: "لا دلالة"، وفي ط:"لا دالة".

(3)

في ز: "الباحث".

(4)

في ز: "العبارة".

(5)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: الفروق للقرافي 1/ 178 - 183، وانظر أيضًا: شرح التنقيح للمساطسي ص 117.

ص: 328