الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول في أدوات العموم
(1)
ش: تعرض المؤلف ها هنا لبيان الصيغ التي تفيد العموم وفاقًا وخلافًا، مختارًا، أو مزيفًا (2).
قوله: (أدوات العموم)، أدوات، جمع أداة، وهي: الآلة التي يتوصل بها إلى المطلوب.
قوله: (وأدوات العموم) أي: بالوضع (3)، هذا قول الجمهور القائلين بأن العموم له صيغة موضوعة له تدل عليه.
خلافًا للقاضي أبي بكر، وغيره كما (4) بينه المؤلف في قوله آخر هذا الفصل: خالف (5) القاضي أبو بكر في جميع هذه الصيغ، وقال بالوقف مع (6) الواقفية (7).
(1) انظر هذا الفصل في: شرح التنقيح للقرافي ص 178 - 195، شرح التنقيح للمسطاسي ص 100 - 106، التوضيح شرح التنقيح ص 150 - 167.
(2)
في ز وط: "ومزيفًا".
(3)
"أي بالوضع" ساقطة من ط.
(4)
"كما" ساقطة من ز.
(5)
في ز وط: "وخالف".
(6)
"مع" ساقطة من ط.
(7)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 192.
قوله: (وهي: نحو من (1) عشرين صيغة).
ش: صرح المؤلف بثماني عشرة صيغة، وسنذكرها واحدة بعد واحدة.
قوله: (قال الإِمام: وهي: إِما أن تكون موضوعة للعموم بذاتها نحو: كل، أو بلفظ يضاف إِليها كالنفي، ولام التعريف، والإِضافة، وفيه نظر).
ش: يعني: أن الإمام فخر الدين نوع أدوات العموم نوعين:
أحد النوعين يفيد العموم بنفسه، أي: من غير إضافة شيء إليه، نحو:"كل"، و"جميع"، و"من"، و"ما".
والنوع الآخر: إنما يفيد العموم بإضافة شيء إليه (2) أي يفيد العموم بضميمة شيء إليه كحرف النفي، وحرف التعريف، والإضافة.
فقولك في النفي: لا رجل في الدار يفيد العموم، فلولا حرف النفي لما أفاد العموم؛ لأنه لو سقط (3) منه حرف النفي لم يفد العموم؛ لأنه لم يبق إلا مطلق النكرة، وهو لا يفيد العموم.
وقولك (4) في حرف التعريف: اقتلوا المشركين، يفيد العموم، فلو سقط منه حرف التعريف لم يفد العموم؛ لأنه لم يبق حينئذ إلا الجمع المنكّر وهو لا يفيد العموم.
وقولك في الإضافة: عبيدي أحرار يفيد العموم بسبب الإضافة، فلو
(1)"من" ساقطة من أوخ وش.
(2)
ذكر الإمام فخر الدين هذين النوعين باختصار في المحصول ج 1 ق 2 ص 516، وانظر: شرح التنقيح للقرافي ص 178.
(3)
في ط: "اسقط".
(4)
في ط: "فقولك".
سقطت (1) منه الإضافة لم يفد العموم، ولم يعم العتق جميع عبيده؛ لأنه لا يلزمه حينئذ إلا عتق ثلاثة أعبد فقط.
قوله: (وفيه نظر).
هذا كلام المؤلف، يعني: أن كلام الإمام (2) فخر الدين الذي نوع أدوات العموم إلى ما يفيد العموم بنفسه، وما لا يفيده إلا (3) بضميمة إليه - فيه نظر وبحث؛ أي: في هذا التفصيل نظر وبحث؛ لوجود الإضافة والانضمام [في جميع صيغ العموم.
قال المؤلف في الشرح: معنى هذا (4) النظر: أن "من" و"ما" أيضًا لا يفيدان العموم إلا بإضافة لفظ آخر يضاف] (5) إليها، وهي: الصلة في الخبرية نحو: رأيت من في الدار.
أو لفظ هو (6) شرط في الشرطية نحو: من دخل داري فله درهم.
أو لفظ مستفهم عنه (7) نحو: من عندك؟
فلو نطقنا بمن وما وحدهما لم يحصل عموم، بل يكون (8) كل واحد
(1) في ط: "سقط".
(2)
"الإمام" ساقطة من ز.
(3)
في ط: "لا".
(4)
"هذا" ساقطة من ط.
(5)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(6)
في ط: "وهو".
(7)
في ط: "منه عنه".
(8)
في ز وط: "بل قد يكون".
منهما نكرة موصوفة أو غير ذلك.
وكذلك "كل" و"جميع" لا بد من إضافة كل واحد منهما للفظ آخر؛ حتى يحصل العموم فيه نحو: كل رجل إنسان، أو جميع العالم ممكن.
فتخصيص الإمام المحتاج للفظ آخر بتلك الثلاثة لا يتجه. انتهى نصه (1).
قال بعضهم: قول (2) المؤلف: تفصيل الإمام لا يتجه، بل هو متجه لاختلاف جهتي الاحتياج.
أما النكرة المجردة عن النفي، والجمع المنكر المجرد عن اللام (3) والإضافة، كل واحد منها لا دلالة له على العموم ابتداءً، وإنما يفيد معناه الموضوع (4) له خاصة دون العموم، فإذا اقترنت النكرة بالنفي، واقترن الجمع المنكّر باللام، أو الإضافة أفادت (5) معنى آخر لم توضع له أولاً، وهو: العموم.
وأما "كل" و"جميع" و"من" و"ما" في الخبر والشرط والاستفهام فقد وضعت ابتداءً للعموم، وافتقارها إلى ما يضَم إليها لا يفيد فيها معنى آخر لم توضع له في الابتداء، فافترق (6) النوعان كما قال الإمام (7)، فالنظر إذًا في كلام المؤلف لا في كلام الإمام؛ لأن الإمام فرق بين ما يفيد العموم بالذات
(1) انظر شرح التنقيح للقرافي ص 178، 179.
(2)
في: "قال".
(3)
في ط: "الإمام" وهو تصحيف.
(4)
في ز: "معنى في الموضوع".
(5)
في ط: "أفادة"، وفي ز:"والإضافة أفاد".
(6)
المثبت من ط وز، وفي الأصل:"فاقترن".
(7)
في ز: "الإمام فخر الدين".
وبين ما يفيده بالقرينة (1).
قوله: (فمنها: كل، وجميع، ومن، وما، والمعرف باللام مفردًا وجمعًا (2)، والذي، والتي، وتثنيتهما، وجمعهما، وأي، ومتى في الزمان، وأين وحيث في المكان، قاله عبد الوهاب (3)، واسم الجنس إِذا أضيف، والنكرة في سياق النفي، فهذه عندنا للعموم).
ش: قوله: كل، وجميع (4) يعني: أن كل واحد منهما يعم فيما أضيف إليه، نحو قوله تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} (5).
وقوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (6).
وقوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (7).
وقوله تعالى: {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} (8) لأنه مضاف معنى.
(1) نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للمسطاسي ص 80.
(2)
في أوخ وش: "جمعًا ومفردًا"، وفي ز:"أو جمعًا".
(3)
في خ وش: "قاله القاضي عبد الوهاب"، وفي ز:"قال عبد الوهاب".
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 179، شرح التنقيح للمسطاسي ص 80، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 151، الإحكام للآمدي 2/ 197، المحصول ج 1 ق 2/ 517، 555، المعتمد 1/ 206، جمع الجوامع 1/ 409، نهاية السول 2/ 322، شرح الكوكب المنير 3/ 123 - 129، المسودة ص 101، تيسير التحرير 1/ 224، 225، كشف الأسرار 2/ 8، 10، أصول السرخسي 1/ 157، 158.
(5)
آية رقم 88 من سورة القصص.
(6)
وردت هذه الآية في عدة مواضع هي: آية رقم 102 من سورة الأنعام، وآية رقم 16 من سورة الرعد وآية رقم 62 من سورة الزمر.
(7)
آية 101 من سورة الأنعام.
(8)
آية 93 من سورة الأنبياء.
وقوله عليه السلام: "كل امرئ حسيب نفسه"(1).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "كل ما هو آت قريب"(2).
وقوله: "كل عين زانية"(3).
(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 305) عن أبي هريرة قال: لما قفا وفد عبد القيس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كل امرئ حسيب نفسه لينتبذ كل قوم فيما بدا لهم". وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب عن أبي هريرة قال: لما قدم وفد عبد قيس قال: "كل امرئ حسيب نفسه ليشرب كل قوم فيما بدا لهم".
انظر: مسند الشهاب حديث رقم (136) 1/ 147 - 148.
وفيه شهر وفيه ضعف، وهو حسن الحديث، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.
انظر مجمع الزوائد 5/ 62.
(2)
أخرجه القضاعي من حديث زيد بن خالد قال: تلقفت هذه الخطبة من فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها: "كل ما هو آت قريب"
انظر: مسند الشهاب للقضاعي حديث رقم (137) 1/ 148.
وذكره ابن الديبع في تمييز الطيب من الخبيث (ص 140) حديث رقم 1032.
وذكره السخاوي في المقاصد الحسنة حديث رقم (829) ص 325.
وأخرجه ابن ماجه من طريق آخر بلفظ: "ألا إن ما هو آت قريب".
انظر: سنن ابن ماجه في المقدمة باب اجتناب البدع والجدل 1/ 18.
(3)
أخرجه الترمذي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا" يعني زانية. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
انظر: سنن الترمذي كتاب الأدب، باب ما جاء في كراهية خروج المرأة متعطرة حديث رقم (2787) 3/ 25.
وأخرجه الإمام أحمد عن الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل عين زانية" انظر: المسند 4/ 394.
وأخرجه النسائي عن الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية".
انظر: سنن النسائي كتاب الزينة، باب ما يكره للنساء من الطيب 8/ 153.
وأخرجه الحاكم في المستدرك بمثل لفط النسائي 2/ 396.
وقوله (1): "كل شيء بقدر حتى العجز والكيس"(2).
وقوله: "كل صاحب علم غرثان (3) إلى علم"(4).
وقوله: "لكل (5) شيء عماد، وعماد هذا الدين الفقه"(6).
(1) في ز: "وقولك".
(2)
أخرجه الإمام مسلم عن طاوس أنه قال: أدركت أناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر، قال: وسمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل شيء بقدر حتى العجز والكيس - أو - الكيس والعجز".
انظر: كتاب القدر باب: كل شيء بقدر، رقم الحديث العام (2655)(4/ 2045).
وأخرجه بهذا اللفظ الإمام مالك في الموطأ في كتاب القدر باب النهي عن القول بالقدر 2/ 899.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند 2/ 110.
(3)
في ط: "ثان".
(4)
أخرجه القضاعي في مسند الشهاب عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث: "وكل صاحب علم غرثان إلى علم".
انظر: مسند الشهاب حديث رقم (140)(1/ 150).
وفي سنده مسعدة بن اليسع الباهلي، كذبه أَبو داود، وقال الذهبي: هالك.
انظر: ميزان الاعتدال للذهبي رقم (8467)(4/ 98).
وأخرجه الدارمي عن طاوس قال: قيل: يا رسول الله، أي الناس أعلم؟ قال:"من جمع علم الناس إلى علمه وقال طالب علم غرثان إلى علم".
انظر: سنن الدارمي المقدمة، باب من هاب الفتيا مخافة السقط 1/ 86 - 87.
(5)
في ز: "كل".
(6)
أخرجه الدارقطني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما عُبد الله بشيء أفضل من فقه في دين، ولَفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء عماد، وعماد هذا الدين الفقه".
انظر: سنن الدارقطني آخر كتاب البيوع 3/ 79.
وقوله: "كل مسكر حرام"(1).
وقوله: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته"(2).
= وأخرجه بهذا اللفظ القضاعي في مسند الشهاب، حديث رقم (141) 1/ 150.
وأخرجه بهذا اللفظ الآجري في أخلاق العلماء ص 13.
وأخرجه الخطيب البغدادي بلفظ: "لكل شيء دعامة، ودعامة الإسلام الفقه في الدين، ولَفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد".
انظر: الفقيه والمتفقه 1/ 25.
كلهم أخرجوه من طريق يزيد بني عياض كذبه مالك وغيره.
انظر: تقريب التهذيب 2/ 369، وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي 1/ 121.
وأخرجه أيضًا الخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 25) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 127) من طريق ابن عدي عن محمد بن سعيد بن مهران عن شيبان عن أبي الربيع السمان في أبي الزناد قال ابن عدي: لا أعلم رواه عن أبي الزناد غير أبي الربيع، قال هيثم: كان أَبو الربيع يكذب، وقال يحيى: ليس بثقة، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: يروي عن الأئمة الموضوعات.
وأخرجه ابن الجوزي من طريق خلف بن يحيى، قال أَبو حاتم الرازي: لا يشتغل بحديثه، وإبراهيم بن محمد متروك.
(1)
سبق تخريجه.
(2)
أخرجه الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته" قال: وحسبت أنه قد قال: "والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته".
انظر: صحيح البخاري كتاب الجمعة باب الجمعة في القرى والمدن (1/ 160).
وأخرجه الإمام مسلم عن ابن عمر في كتاب الإمارة حديث رقم 1829 باب فضيلة الإمام العادل (3/ 1549).
وأخرجه أيضًا أَبو داود عن ابن عمر في كتاب الخَراج، باب ما يلزم الإمام من حق =
وقوله: "لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته"(1).
وقوله: "كلٌ ميسَّر (2) لما خلق له"(3).
و (4) قوله: (وجميع) نحو قولنا: جميع الخلائق مقهورون بقدرة الله تعالى.
= الرعية، رقم الحديث العام 2928، (3/ 342 - 343).
وأخرجه الترمذي عن ابن عمر في كتاب الجهاد، باب ما جاء في الإمام، رقم الحديث العام 1507 (6/ 27، 28).
وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 5) عن ابن عمر.
(1)
أخرجه الإمام مسلم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرًا من أمير عامة".
انظر: صحيح مسلم كتاب الجهاد باب تحريم الغدر، رقم الحديث العام 1738، (3/ 1361).
وأخرجه أبن ماجه عن أَبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إنه ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته"، في الزوائد في إسناده علي بن زيد بن جدعان: ضعيف، رقم الحديث العام 2873 (2/ 959).
(2)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"مسير".
(3)
أخرجه الإمام مسلم عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسًا وفي يده عود ينكت به، فرفع رأسه فقال:"ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار" قالوا: يا رسول الله، فلم نعمل، أفلا نتكل؟ قال:"لا، اعملوا فكلٌ ميسّر لما خلق له" ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} إلى قوله: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} .
انظر: صحيح مسلم كتاب القدر باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه (8/ 47).
وأخرجه الترمذي في كتاب القدر رقم الحديث العام 2137 (6/ 309).
وابن ماجه في المقدمة باب القدر حديث رقم 78.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند 4/ 6.
(4)
"الواو" ساقطة من ط.
و (1) قوله: (ومن وما)(2) يعني: إذا كانتا (3) شرطًا أو استفهامًا أو خبرًا.
مثالهما (4) في الشرط: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (5).
وقوله تعالى (6): {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (7).
وقوله تعالى (8): {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ تُكْفَرُوهُ} (9).
وقوله تعالى (10): {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} (11).
وقوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} (12).
(1)"الواو" ساقطة من ط.
(2)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 199، شرح التنقيح للمسطاسي ص 80، المعتمد 1/ 206، البرهان 1/ 322، المحصول ج 1 ق 2 ص 517، الإحكام للآمدي 2/ 197 - 198، شرح الكوكب المنير 3/ 119، 120، المسودة ص 101، إرشاد الفحول ص 117، كشف الأسرار 2/ 5، 11، أصول السرخسي 1/ 155، 156.
(3)
في ط وز: "إذا كانت".
(4)
في ز: "مثالها".
(5)
سورة البقرة آية رقم (269).
(6)
"تعالى" لم ترد في ز.
(7)
سورة الزلزلة آية رقم (7، 8).
(8)
"تعالى" لم ترد في ط.
(9)
قال تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} آية 115 من سورة آل عمران، وقد أورد المؤلف هذه الآية على قراءة ورش، انظرها في: شرح الشاطبية للضباع ص 162.
(10)
"وقوله تعالى" لم يرد في ز وط.
(11)
سورة البقرة آية رقم (272).
(12)
سورة البقرة آية رقم (197).
وقوله تعالى (1): {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (2).
وقوله تعالى (3): {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} (4).
ومثالها (5) في الخبر (6): قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ
…
} (7) إلى آخره.
وقوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} (8).
وقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (9).
وقوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} (10).
وقوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ
…
} (11) إلى آخره.
(1)"تعالى" لم ترد في ز وط.
(2)
آية 106 من سورة البقرة.
(3)
تعالى" لم ترد في ز وط.
(4)
آية 2 من سورة فاطر.
(5)
في ز: "مثالهما"، وفي ط:"ومثالهما".
(6)
"في الخبر" ساقطة من ز.
(7)
آية 45 من سورة النور.
(8)
آية 23 من سورة الأحزاب.
(9)
آية 42 من سورة يونس.
(10)
آية 98 من سورة الأنبياء.
(11)
آية 1، 2 من سورة الكافرون.
وقوله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} (1).
وقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (2).
ومثالهما في (3) الاستفهام: قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} (4).
وقوله تعالى (5): {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} (6).
وقولنا: يشترط في "من" و"ما" أن تكونا شرطًا، أو استفهامًا، أو خبرًا؛ احترازًا مما إذا كانت نكرة موصوفة، أو نكرة غير موصوفة، أو وصفًا.
مثال النكرة الموصوفة: مررت بمن معجب لك، أي: بإنسان معجب لك، أو مررت بما معجب لك، أي: بشيء معجب لك، ومنه ما أنشد (7) سيبويه رضي الله عنه (8):
ربما تكره النفوس من الأمر
…
له فَرجة كحل العقال (9)
(1) آية 96 من سورة النحل.
(2)
آية رقم (1) من سورة الجمعة، وآية رقم (1) من سورة التغابن.
(3)
هذان المثالان في الاستفهام وردا في ز وط، بعد أمثلة الشرط.
(4)
آية 87 من سورة النساء.
(5)
"وقوله تعالى" لم ترد في ط.
(6)
آية 17 من سورة طه.
(7)
في ز: "أنشده".
(8)
في ط: "رحمه الله".
(9)
ذكره سيبويه في الكتاب، ونسبه لأمية بن أبي الصلت، ونسبه البغدادي لحنيف بن عمير اليشكري بلفظ "تجزع" بدل "تكره"، وورد أيضًا في ديوان عُبيد بن الأبرص بلفظ "تجزع" بدل "تكره".
والشاهد في البيت: دخول "رب" على "ما" لأنها نكرة في تأويل شيء والعائد عليها من =
فـ "ما"(1): نكرة موصوفة بدليل دخول رب عليها، وهي أيضًا اسم بدليل تفسيرها (2) بقوله: من الأمر، وبدليل رد الضمير عليها في قوله: فرجة (3).
وقوله: (4)(أو نكرة غير موصوفة) وهي "ما"(5) التي تكون في التعجب وفي نعم، وفي بئس، مثالها في التعجب: ما أحسن زيدًا.
قال أَبو موسى الجزولي: و"ما" مع "ما أفعله"(6) غير موصولة (7) بل نكرة غير موصوفة على رأي، وهي مبتدأة باتفاق (8)(9).
وساغ الابتداء بالنكرة؛ لأنها في تقدير المخصَّصة.
تقديره: شيء عظيم أحسن زيدًا، أي: جعله حسنًا؛ يعني: على رأي
= جملة الصفة، هاء محذوفة مقدرة، والمعنى: رب شيء تكرهه النفوس من الأمور الحادثة الشديدة، وله فرجة تعقب الضيق والشدة كحل عقال المقيد، والفرجة بالفتح في الأمر، وبالضم في الحائط ونحوه مما يرى.
انظر: الكتاب لسيبويه 1/ 270، 362، خزانة الأدب للبغدادي 2/ 541 - 545، ديوان عبيد بن الأبرص ص 128، الأمالي الشجرية 2/ 238.
(1)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"فجاء".
(2)
المثبت من ز وط، ولم ترد "تفسيرها" في الأصل.
(3)
في ط: "له فرجة".
(4)
في ز وط: "وقولنا".
(5)
"ما" ساقطة من ز.
(6)
في ط: "وما مع أفعاله".
(7)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"موصوفه".
(8)
في ز وط: "باتفاق انتهى نصه".
(9)
انظر: شرح الجزولية للشلوبين ص 89.
سيبويه خلافًا للأخفش القائل بأنها موصولة (1)، أو نكرة موصوفة.
ففي (2)"ما" ثلاثة أقوال:
"ما" في قولك: ما أحسن زيدًا: مبتدأ والجملة بعد (3)"ما" خبر "ما"(4) هذا مذهب سيبويه (5).
وأما على مذهب الأخفش: فما موصولة (6) مبتدأة (7)، والجملة بعدها صلتها، وخبر "ما" (8) محذوف تقديره: الذي أحسن زيدًا شيء عظيم.
[وتقديره على أنها نكرة موصوفة: شيء أحسن زيد عظيم، فحذف الخبر (9)](10)، وهذا ضعيف (11)؛ لأن الكلام على هذا التقدير ناقص لأجل حذف الخبر منه (12)، وأما على مذهب سيبويه فالكلام تام ولا حاجة فيه إلى الحذف (13).
(1) المثبت من ط، وفي الأصل وز:"موصوفة".
(2)
في ز: "يعني في ما".
(3)
في ط: "بعدها".
(4)
في ز وط: "خبرها".
(5)
انظر نسبة هذا المذهب في: الجنى الداني ص 335.
(6)
انظر نسبة هذا المذهب في: المصدر السابق.
(7)
في ز وط: "مبتدأ".
(8)
في ز وط: "وخبرها".
(9)
في ط: "فحذف الخبر عظيم".
(10)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
وهذا هو القول الثالث في: "ما".
(11)
"وهذا ضعيف" ساقطة من ط.
(12)
"منه" ساقطة من ز.
(13)
في ز: "الحد".
ومثالها في نعم وبئس: قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} (1)، وقوله تعالى:{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} (2).
قال أَبو موسى: ومما يفسر به المضمر (3) فيهما "ما" النكرة غير الموصوفة (4).
فقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} تقديره على مذهب سيبويه - وهو كونها نكرة غير موصوفة -: نعم شيئًا (5).
وقال الفراء: "ما" ها هنا فاعل، وهي: معرفة تامة، تقديره على هذا: فنعم (6) الشيء هي، أي: فنعم الشيء الصدقة.
وقوله تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} .
فقيل: "ما" نكرة موصوفة في موضع النصب، تقديره: بئس (7) شيئًا أشتروا (8) أنفسهم كفرهم.
[وقيل: "ما" نكرة غير موصوفة، والفعل الذي بعدها صفة لمخصوص
(1) آية 271 من سورة البقرة.
(2)
آية 90 من سورة البقرة.
(3)
في ز: "الضمير".
(4)
انظر: شرح الجزولية للشلوبين ص 90.
(5)
في ز وط: "شيئًا الصدقة".
(6)
في ز: "نعم".
(7)
"بئس" ساقطة من ط.
(8)
في ط: "اشتروا به".
محذوف (1) تقديره: بئس شيئًا شيء (2) اشتروا به أنفسهم] (3).
وقيل: "ما" نكرة غير موصوفة، والفعل الذي بعدها صفة (4) لموصوف محذوف وهي: ما أخرى، وهي المخصوص، تقديره: بئس شيئًا الشيء الذي اشتروا له أنفسهم.
هذه (5) ثلاثة أقوال، على القول بأن "ما" في موضع النصب على التمييز، وأما على القول بأنها في موضع الرفع على أنها فاعل:
فقيل: هي نكرة موصوفة بالفعل الذي بعد (6)"ما" تقديره (7): بئس شيء اشتروا (8) أنفسهم كفرهم.
وقيل: هي موصولة، والفعل الذي بعده صلة تقديره: بئس الذي اشتروا به أنفسهم كفرهم.
وقيل: هي اسم تام معرفة فلا (9) يحتاج إلى صلة، والفعل الذي بعد "ما"(10) صفة للمخصوص المحذوف، تقديره: بئس الشيء شيء اشتروا به أنفسهم.
(1)"محذوف" ساقطة من ز.
(2)
في ز: "شيء شيئًا".
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(4)
في ط: "صلة".
(5)
في ز: "هذا".
(6)
في ط: "بعدها".
(7)
في ط: "تقديرها".
(8)
في ط: "اشتروا به".
(9)
في ز وط: "لا".
(10)
في ز وط: "بعهدها".
فهذه أيضًا ثلاثة أقوال على القول بأنها في موضع الرفع على الفاعلية.
وذلك أن النحاة اختلفوا في "ما" المتصلة بنعم، وبئس هل (1) هي (2) في موضع النصب على التمييز [أو في موضع رفع على الفاعلية؟ قولان في ذلك.
ثم إذا قلنا: بأنها في موضع النصب على التمييز] (3) فهل هي نكرة موصوفة، أو نكرة غير موصوفة؟ كما تقدم.
[وإذا قلنا: بأنها في موضع الرفع على الفاعلية، فهل هي نكرة، أو موصولة (4)، أو اسم تام معرفة؟ كما تقدم](5).
وقد أشار ابن مالك في الألفية إلى ذلك فقال:
وما مميز وقيل فاعل
…
في نحو نعم ما يقول الفاضل (6)
قوله: (ومن وما) يريد: في الاستفهام، والشرط، والخبر كما تقدم.
قال المؤلف: قول الأصوليين: من وما في الاستفهام للعموم يرد عليه أنّا إذا قلنا: من في الدار؟ حسن الجواب بقولنا: زيد، والعموم كيف ينطبق (7) عليه زيد؟
(1) المثبت من ز وط، ولم ترد "هل" في الأصل.
(2)
"هي" ساقطة من ط.
(3)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(4)
المثبت من ز، وفي الأصل:"موصوفة".
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(6)
انظر: ألفية ابن مالك المطبوع بهامشها تدقيق لمجموعة من العلماء ص 105، رقم البيت 489.
(7)
في ز: "يطلق".
والجواب: أن العموم باعتبار الاستفهام لا باعتبار الوقوع والكون في الدار، فلو قال: ليس فيها أحد، لكان جوابًا (1) مطابقًا، [يعني: المستفهِم يسأل عن: هل يتصور أن يكون في الدار أو لا يكون؟ ولذلك يحسن الجواب بقولك: ما فيها أحد] (2).
قوله: (والمعرف باللام مفردًا وجمعًا) يريد: تعريف الجنس، لا تعريف العهد، فإن تعريف العهد لا يقتضي العموم، لقوله (3) تعالى:{فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} (4)؛ لأن (5) المراد به رسول بعينه، وهو (6) نبي الله موسى بن عمران - صلوات الله عليه - (7).
وكذلك تعريف (8) الحقيقة لا يقتضي العموم، كقول السيد لعبده: اشتر الخبز واللحم من السوق، فالمراد به حقيقة الجنس، وهو: مطلق الخبز واللحم، ولا يريد (9) استغراق الجنس بأن يأتي بجميع أفراد الجنس، ولا يريد به (10) أيضًا المعهود؛ لأنه لا معهود هناك (11) بينهما.
(1) في ز: "جوابها".
(2)
المثبت بين المعقوفتين من ز، ولم يرد في الأصل وط.
(3)
في ط وز: "كقوله".
(4)
آية 16 من سورة المزمل.
(5)
"لأن" ساقطة من ز.
(6)
في ز: "وهي" وهو تصحيف.
(7)
"صلوات الله عليه" لم ترد في ز، وفي ط:"عليه الصلاة والسلام".
(8)
في ط: "وكذا لتعريف".
(9)
في ط: "ولا يريد به".
(10)
"به" ساقطة من ط.
(11)
في ز: "هنا لك"، وفي ط:"هنا".
و (1) ذكر المؤلف في القواعد (2) - في الفرق الثالث والسبعين - (3): أن الطلاق يستثنى منه، فإذا قال: الطلاق يلزمني، فلا يلزمه إلا طلقة واحدة إذا عدمت النية، مع أن مقتضى اللغة أن يلزمه ثلاث تطليقات، ولكن قاعدة العرف ناسخة لقاعدة اللغة (4).
[فقوله (5): (والمعرف باللام مفردًا) يريد (6): إلا الطلاق فإنه لا يعم أفراده؛ وذلك أن لام التعريف تدخل بثلاثة (7) معان: تعميم الجنس، أو معهود الجنس، أو معقول الجنس، وهو: حقيقة الجنس، فتعم في الأول خاصة؛ ولا تعم في الثاني لتعيينه، ولا تعم في الثالث أيضًا؛ إذ المراد (8) تحصيل الحقيقة، وهي: تصدق بفرد واحد من أفرادها](9).
قوله: (مفردًا) يعني به: اسم الجنس المعرف باللام (10) كقوله تعالى:
(1)"الواو" ساقطة من ط.
(2)
"في القواعد" ساقطة من ط.
(3)
في ط: "في الفرق السبعين".
(4)
انظر: الفروق للقرافي 2/ 94 - 95.
(5)
في ط: "قوله".
(6)
المثبت من ط، ولم ترد "يريد" في الأصل وز.
(7)
في ط: "لثلاث".
(8)
في ط: "إذ المراد به".
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(10)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 180، شرح التنقيح للمسطاسي ص 81، المحصول ج 1 ق 2/ 602، المستصفى 2/ 37، 89، شرح المحلى على متن جمع الجوامع 1/ 412، المنخول ص 144، المعتمد 1/ 244، الوصول إلى الأصول لابن =
{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (1)، قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (2)، وقوله تعالى:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3)، وقوله تعالى (4):{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (5)، وقوله تعالى (6):{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ} (7).
وقوله عليه السلام: "البر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح (8) ربا".
قوله: (الجمع)(9) يعني (10) به: الجمع المعرف باللام (11) تعريف الجنس
= برهان 1/ 219، شرح الكوكب المنير 3/ 134، العدة 2/ 485، التمهيد 2/ 6، القواعد والفوائد الأصولية ص 194، المسودة ص 105، تيسير التحرير 1/ 209، كشف الأسرار 2/ 14، المغني للخبازي ص 114 - 115.
(1)
آية 38 من سورة المائدة.
(2)
آية رقم 2 من سورة النور.
(3)
آية رقم 2 من سورة العصر.
(4)
"قوله تعالى" لم ترد في "ط"، ولم ترد "تعالى" في "ز".
(5)
آية رقم 275 من سورة البقرة.
(6)
"تعالى" لم ترد في ز.
(7)
وردت في موضعين هما: آية رقم 151 من سورة الأنعام، وآية 33 من سورة الإسراء.
(8)
المثبت من ط، وفي الأصل وز:"اللحم باللحم".
(9)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 180، شرح التنقيح للمسطاسي ص 81، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 153، المحصول ج 1 ق 2/ ص 518، الإحكام للآمدي 2/ 197، البرهان 1/ 323، المعتمد 1/ 207، مختصر ابن الحاجب 2/ 102، نهاية السول 2/ 321، المستصفى 2/ 37، جمع الجوامع 1/ 410، شرح الكوكب المنير 3/ 129، 131، العدة 2/ 484، كشف الأسرار 2/ 2، أصول السرخسي 1/ 151.
(10)
في ط: "قوله: وجمعًا يريد الجمع".
(11)
في ز: "بالألف واللام".
كما قلنا، كقوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (1).
ومنه قوله عليه السلام: "الأئمة من قريش"(2).
وقوله عليه السلام: "نحن - معاشر الأنبياء - لا نورث"(3).
(1) آية رقم 5 من سورة التوبة، وفي ز وط: " {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} ، وقوله:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} آية 221 من سورة البقرة.
وقوله: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} آية 221 من سورة البقرة، ومنه قوله عليه السلام
…
" إلخ.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 129) عن بكير بن وهب الجزري قال: قال لي أنس بن مالك: أحدثك حديثًا ما أحدثه كل أحد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب البيت ونحن فيه فقال:"الأئمة من قريش، إن لهم عليكم حقًا، ولكم عليهم حقًا، مثل ذلك إن استرحموا فرحموا، وإن عاهدوا وفوا، وإن حكموا عدلوا، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
وأخرجه النسائي في السنن الكبرى عن بكير بن وهب الجزري عن أنس كما في تحفة الأشراف (1/ 102).
وذكره الزركشي في المعتبر (ص 146 - 147) وقال: بكير لا يعرف حاله، ووثقه ابن حبان.
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير من طريق آخر عن أنس بن مالك رقم الحديث 725 (1/ 224).
وأخرجه الإمام أحمد في المسند عن أبي برزة مرفوعًا 4/ 421.
(3)
يقول الزركشي في المعتبر (ص 147): حديث: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" قيل: إنه ليس في الكتب الستة، وليس كذلك، فقد رواه النسائي في سننه الكبرى من حديث عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنا معاشر الأنبياء لا نورث".
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 462) عن أبي هريرة بلفظ: "إنا معشر الأنبياء =
قوله أيضًا (1): (مفردًا أو جمعًا)(2) يريد: أو تثنية، كقولك مثلاً: اقتلوا المشركين.
قوله: (والمعرف باللام مفردًا وجمعًا) احترازًا من المنكّر مفردًا أو جمعًا (3)، كقولك: أكرم رجالاً وأكرم رجلاً؛ فإنه لا يقتضي العموم؛ لأن الجمع المنكّر، والمفرد المنكر لا عموم له.
قوله: (والمعرف) يعني تعريف الجنس لا تعريف العهد (4) كما قلنا، وأما تعريف العهد فلا عموم له كقولك: أكرم الرجل، أو أكرم الرجال إذا أردت (5) بذلك المعهودين (6).
= لا نورث".
وورد في معناه ما أخرجه البخاري عن أبي بكر وعائشة بلفظ: "لا نورث ما تركنا صدقة" في كتاب الفرائض باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا صدقة".
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي (4/ 164).
وأخرجه الإمام مسلم عن أبي بكر وعائشة وأبي هريرة بلفظ: "لا نورث، ما تركنا صدقة" في كتاب الجهاد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا نورث، ما تركنا صدقة" رقم الحديث العام 1758 ورقم 1759، 1761، (3/ 1379 - 1383).
وأخرجه أيضًا الترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في تركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث 1610 (5/ 333).
وأخرجه أيضًا الإمام مالك في الموطأ في كتاب الكلام، باب ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 993).
(1)
"أيضًا" ساقطة من ط.
(2)
في ط: "مفردًا وجمعًا".
(3)
في ط: "وجمعًا".
(4)
في ط: "العهد ولا تعريف الحقيقة كما قلنا".
(5)
في ز: "أراد".
(6)
في ز: "المعهود ذكرًا".
قوله (1): (والمعرف باللام) يريد: إلا أن يتميز (2) بعلامة التأنيث، نحو: النخلة، أو الثمرة (3)، أو البرة (4) صدقه فلا يعم، قاله الغزالي (5).
قوله: (والمعرف باللام مفردًا أو جمعًا).
فقد أورد المؤلف في الشرح اعتراضًا على الجمع المعرف باللام: من حيث إن لام التعريف تعم أفراد ما دخلت عليه، فإن دخلت على المفرد فتعم أفراد أشخاصه، وإن (6) دخلت على الجمع فتعم أفراد جموعه (7)، فينبغي على هذا إذا دخلت على الجمع أن تعم (8) أفراد الجموع، ولا تعم الآحاد فيتعذر الاستدلال به حينئذ على الآحاد أمرًا، أو نهيًا (9)، ثبوتًا، ونفيًا، فإذا قيل مثلاً: اقتلوا المشركين، فلا يتناول الأمر إلا قتل أفراد المجموع، وأما قتل كافر واحد فلا يتناوله (10).
وكذلك إذا قيل مثلاً: لا تقتلوا الصبيان، فإنه لا يتناول النهي إلا أفراد المجموع، معناه: لا تقتلوا جماعات الصبيان، فذلك [يقتضي جواز قتل
(1) في ز: "فقوله"، وفي ط:"وقوله".
(2)
في ز: "يميز".
(3)
في ط: "أو الشجرة".
(4)
في ز: "والثمرة والبردة".
(5)
انظر: المستصفى للغزالي 2/ 53.
(6)
في ز: "فإن".
(7)
في ط: "جوعه" وهو تصحيف.
(8)
في ط: "أن لا تعم".
(9)
في ط: "ونهيًا".
(10)
في ط: "يناوله".
صبي واحد، فإن النهي إنما يقتضي أفراد الجموع، والواحد ليس بجمع، وهذا خلاف المعهود من] (1) صيغة العموم من كونها تقتضي ثبوت حكمها لكل فرد من أفرادها، أمرًا ونهيًا، ثبوتًا ونفيًا، فلا يختلف حالها في شيء من مواردها (2).
وأجاب المؤلف عن هذا الإشكال: بأن لام التعريف إذا دخلت على الجمع أبطلت (3) حقيقة الجمعية، ويصير الجمع حينئذ كالمفرد، فيكون الحكم فيهما (4) ثابتًا لكل فرد من الأفراد، سواء كانت الصيغة مفردًا، أو جمعًا أو تثنية (5).
قوله: (والذي، والتي، وتثنيتهما، وجمعهما)(6).
ش: يعني على حسب اختلاف اللغات في ذلك كما هو (7) مبين في كتب النحاة.
قال أبو موسى: الذيَّ، والذي، والذِ، والذْ: لغات في الذي، والتثنية: اللذان رفعًا، واللذين نصبًا، وجرًا، وتحَذف (8) النون فيقال: اللذا لطول
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(2)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 180.
(3)
في ط: "بطلت".
(4)
في ط: "فيها".
(5)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 180.
(6)
انظر: جمع الجوامع 1/ 409، مختصر ابن الحاجب 2/ 102، نهاية السول 2/ 322، إرشاد الفحول ص 121، شرح الكوكب المنير 3/ 123، فواتح الرحموت 1/ 260، أصول السرخسي 1/ 157.
(7)
"هو" ساقطة من ط.
(8)
في ز: "ويحذف".
الاسم بالصلة، واللغات في التي مثلها في الذي، وفي جمع الذي الذين رفعًا، ونصبًا، وجرًا، وربما قيل: الذون رفعًا، وتحذف النون للطول فيقال: الذي في الذين، وفي جمع التي: اللاي، واللايْ، واللاء (1)، واللائي، واللات، واللاتي، واللواتي، انتهى نصه (2).
قوله: (وأي)(3) يعني: في الاستفهام والشرط، نص عليه سيف الدين (4).
مثاله فى الاستفهام: أي شيء عندك.
ومثاله في الشرط: أيهم جاءك (5) فأكرمه، وكقولك: أي رجل جاءني فأكرمته (6).
وقولك: أي شيء تصنع أصنع مثله، ومنه قوله تعالى:{أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (7).
(1)"واللاء" ساقطة من ط.
(2)
انظر: شرح الجزولية للشلوبين ص 66.
(3)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 180، شرح التنقيح للمسطاسي ص 100، التوضيح شرح التنقيح ص 152، 153، المحصول ج 1 ق 2 ص 516، الإحكام للآمدي 2/ 197، المعتمد 2/ 206، جمع الجوامع 1/ 409، إرشاد الفحول ص 118، تيسير التحرير 1/ 226، شرح الكوكب المنير 3/ 12، العدة 2/ 485، التلويح على التوضيح 1/ 257.
(4)
انظر: الإحكام للآمدي 2/ 197.
(5)
في ز: "جاء فأكرمه".
(6)
في ز وط: "أكرمته".
(7)
سورة الإسراء آية (110).
قوله: (ومتى في الزمان وأين وحيث في المكان)(1) يعني: أن "متى" تعُمّ الأزمنة (2)، وأن "أين"، و"حيث" تعم الأمكنة (3) فإذا قلت: متى جئتني أكرمتك، فإنه يعم جميع الأزمنة، فإذا (4) قلت: أين وجدتك أكرمتك، أو حيث وجدتك أكرمتك، فإنه (5) يعم جميع الأمكنة.
وأورد المؤلف في الشرح اعتراضًا على هذه القاعدة فقال: إذا كانت هذه الظروف تقتضي العموم فيلزم (6) إذا قال القائل: متى دخلت الدار فأنتِ طالق، فدخلت مرارًا: أن تطلق ثلاث تطليقات عملاً بالعموم، وليس الأمر كذلك؛ إذ لا يلزمه إلا طلقة واحدة وإن دخلت مرارًا.
وكذلك إذا قال: أين وجدتك فأنتِ طالق، أو قال: حيث وجدتك فأنتِ طالق، فوجدها مرارًا لا تطلق إلا واحدة (7).
فإذا كان لا يلزمه إلا طلقة واحدة فليست إذًا للعموم (8) مع أنهم نصوا
(1) في ط: "وحيث في المكان قاله عبد الوهاب".
(2)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 180، شرح التنقيح للمسطاسي ص 100، المحصول ج 1 ق 2/ 518، الإحكام للآمدي 2/ 198، المعتمد 1/ 206، البرهان 1/ 323، المنخول ص 138، جمع الجوامع 1/ 409، شرح الكوكب المنير 3/ 121، العدة 2/ 485، مختصر الأصول للبعلي ص 107.
(3)
انظر: المصادر السابقة ما عدا الاحكام للآمدي.
(4)
في ز وط: "وإذا".
(5)
"فإنه" ساقطة من ز وط.
(6)
في ط: "فيلزمه".
(7)
في ز: "عليه مرة واحدة".
(8)
في ط: "لعموم".
على أنها للعموم، ونصوا أيضًا على أنه لا يلزمه إلا طلقة واحدة، فهذا وجه الإشكال.
وأجاب المؤلف عن هذا الإشكال: بأن الظرف المعلق عليه عام وهو: "متى"، و"أين"، و"حيث"، والمعلق مطلق، وهو: مطلق الطلاق، فلا يلزمه إلا مطلق في جميع الأزمنة [في "متى"، أو في (1) جميع البقاع في "أين" و"حيث"، فإذا لزمه طلقة واحدة فقد وقع ما التزمه من مطلق الطلاق](2) فلا تلزمه طلقة أخرى، بل تنحل اليمين بالطلقة الواحدة؛ إذ لا يلزم من عموم الظرف عموم المظروف، كما لو قال: أنت طالق في جميع الأيام طلقة، فالظرف عامّ والمظروف مطلق، فكذلك ها هَنا، فالمعلق عليه عام، والمعلق مطلق فاندفع الإشكال (3).
قال المؤلف - في الشرح - في الباب الثاني في معاني حروف يحتاج إليها الفقيه:
فائدة: التعليق ينقسم أربعة (4) أقسام:
مطلق على مطلق نحو: إن جاء زيد فأكرمه، فعلق الإكرام على مطلق
(1) في ز: "وفي".
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(3)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 180.
(4)
في ط: "على أربعة".
مجيء زيد.
وعام على عام نحو: كلما دخلت فكل عبد لي (1) حر، فكل دخلة (2) معلق (3) عليها عتق كل عبد.
وعام على مطلق نحو: إن دخلت الدار فكل عبد لي (4) حر.
ومطلق على عام نحو: متى دخلت الدار فأنت حر، علقت حريته على كل فرد من أفراد الأزمنة التي يقع الدخول فيها.
قال المؤلف: وينشأ (5) من هذه القاعدة فوائد عظيمة جليلة (6):
منها: أن اليمين تنحل (7) بالمرة الواحدة في قولنا: متى دخلت الدار فأنت طالق، فدخلت مرارًا، فإنها لا تطلق إلا طلقة واحدة؛ لأن المعلق مطلق وإن كان المعلق عليه عامًا.
ومنها: الفرق بين قول الفقهاء: كلما دخلت الدار فعليّ درهم، وبين قولهم: إن دخلت الدار، [ومتى (8) دخلت الدار] (9) فعليَّ درهم: أن لزوم
(1) في ط: "كلما دخلت الدار فكل عبدي حر".
(2)
في ط: "ما دخلت".
(3)
في ز: "عتق"، وفي ط:"علق".
(4)
في ط: "عبدي".
(5)
المثبت من ز وش، وفي الأصل:"وتتنشأ"، وفي ط:"وتنشأ".
(6)
في ط: "جميلة".
(7)
في ز: "ينحل".
(8)
في ط: "أو متى".
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
الدراهم يتكرر (1) في الأول دون الثاني، بسبب أن (2) في الأول علق عام على عام فيتكرر (3)، وفي الثاني علق مطلق على عام فلم (4) يتكرر.
وكذلك يتكرر عليه الطلاق في "كلما" دون "متى"، و"إن"، و"إذا". انتهى نصه (5).
فتأمل ذلك، انظر تفرقة المؤلف بين: كلما دخلت الدار فعليَّ درهم، وبين: متى دخلت الدار فعليَّ درهم.
والظاهر: أنه في الصورتين تعليق مطلق على عام فلا يتكرر (6) الدراهم في الصورتين. والله أعلم.
قال المؤلف في الشرح: فهذه قاعدة شريفة (7) تعلم منها مباحث (8) كثيرة في الأصول والفروع، فينبغي أن تضبط (9).
قوله: (ومتى في الزمان) يعني: الزمان المبهم؛ لأنها وضعت للسؤال عن الزمان المبهم.
فتقول: متى دخلتِ الدار فأنتِ طالق، [ولا تقل متى طلعت الشمس،
(1) في ز: "تتكرر".
(2)
في ط: "أنه".
(3)
في ط: "فتكرر".
(4)
في ط: "فلا".
(5)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 106، 107.
(6)
في ط: "تكرر".
(7)
في ز وط: "شرعية".
(8)
في ز: "مباحة".
(9)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 107.
أو متى زالت، أو متى غربت؛ لأن "متى" بمنزلة "إن"، فلا تدخل إلا على المشكوك بخلاف "إذا" فإنها تدخل عليهما] (1).
قوله: (ومتى في الزمان، وأين وحيث في المكان).
انظر: سكت المؤلف عن ظرفين آخرين، وهما:"أيان" من ظروف الزمان، و"أنى" من ظروف المكان، مع أن النحاة (2) نصوا على أنهما (3) للعموم، "فأيان" عام في الأزمنة، و"أنَّى" عام في الأمكنة، نص عليه المرادي في شرح الألفية، فذكر (4) أن "أيان" كـ "متى" في تعميم الأزمنة.
وقيل: لتعميم الأزمنة التي فيها (5) الأمور العظام.
وذكر أن (6)"أنى" كأين في تعميم الأمكنة.
وقيل: لتعميم الأحوال (7).
قوله: (واسم الجنس إِذا أضيف)(8).
(1) المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(2)
في ط: "الحاة" وهو تصحيف.
(3)
في ز: "أنها".
(4)
في ز وط: "فإنه ذكر".
(5)
في شرح الألفية: "التي تقع فيها".
(6)
"أن" ساقطة من ط.
(7)
انظر: شرح الألفية للمرادي 4/ 241.
(8)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 180، 181، شرح التنقيح للمسطاسي ص 100، =
ومعنى قولهم: اسم الجنس هو: الاسم الموضوع للحقيقة من حيث هي (1)، ملغي فيه اعتبار الآحاد، وهو غالب فيما يفرق فيه (2) بينه وبين واحده بالتاء، أو بياء النسب.
مثاله في التاء: ثمرة، وثمر، وبُرة، وبُر، ونخلة، ونخل، فالثمر والبر والنخل (3): اسم جنس.
ومثاله في ياء النسب: عربي وعرب، وعجمي وعجم، فالعرب والعجم: اسم جنس.
قوله: (اسم جنس)(4).
قال في الشرح (5): سواء كان مفردًا، أو مثنى، أو مجموعًا (6).
مثال المفرد: قوله عليه السلام: "الطهور ماؤه والحِل ميتته"(7) فعم جميع
= المحصول ج 1 ق 2 ص 518، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 413، شرح الكوكب المنير 3/ 136، مختصر البعلي في الأصول ص 108، القواعد والفوائد الأصولية القاعدة رقم 53 ص 200.
(1)
"هي" ساقطة من ط.
(2)
"فيه" ساقطة من ز وط.
(3)
"والنخل" ساقطة من ز.
(4)
في ز: "الجنس".
(5)
في ط: "قال المؤلف في الشرح".
(6)
في ط: "أو مجموعًا".
(7)
أخرجه أَبو داود عن المغيرة بن أبي بردة، وهو من بني عبد الدار، أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو الطهور ماؤه، الحل ميتته". =
أفراد الماء وأفراد الميتة (1).
ومثال المثنى قول (2) الأعرابي المفسد لصومه لرسول الله: "ما بين لابتَيْها أحوج مني إليها"(3).
= انظر: سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر (1/ 64).
وأخرجه الترمذي عن أبي هريرة، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
انظر: كتاب الطهارة باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور (1/ 74).
وأخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر رقم الحديث العام 386 (1/ 136).
وأخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب ماء البحر 1/ 44.
وأخرجه الإمام مالك في الموطأ في كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء (1/ 22)
وأخرجه الإمام أحمد في المسند 2/ 237، 361.
(1)
في ط: "الميت".
(2)
في ط: "وقول".
(3)
هذا جزء من حديث، وتمام الحديث كما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: هلكت، قال:"ولم؟ "، قال: وقعت على أهلي في رمضان، قال:"فأعتق رقبة" قال: ليس عندي، قال:"فصم شهرين متتابعين" قال: لا أستطيع، قال:"فأطعم ستين مسكينًا" قال: لا أجد، فأتيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال:"أين السائل؟ " قال: ها أنا ذا، قال:"تصدق بهذا"، قال: على أحوج منا يا رسول الله؟ فوالذي بعثك بالحق، ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، قال:"فأنتم إذًا". أخرجه البخاري في كتاب النفقات، باب نفقة المعسر 3/ 289، وأخرجه أيضًا في كتاب الصوم، باب المجامع في رمضان (1/ 232).
وأخرجه مسلم عن أبي هريرة وفيه: "فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا" في كتاب الصيام، باب تغليظ الجماع في نهار رمضان رقم الحديث العام (1111)، (2/ 782).
وأخرجه أَبو داود عن أبي هريرة، وفيه:"ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا" في كتاب الصوم، باب كفارة من أتى أهله في رمضان، رقم الحديث العام 2390، (2/ 783 - =
واللابة هي: الحجارة السود، فعم ذلك جميع الحجارة (1) السود التي هنالك (2).
ومثال الجمع قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (3).
قوله: (واسم الجنس) يريد: اسم الجنس الذي يصدق على القليل والكثير، نحو: ماء، ومال، وذهب، وفضة؛ لأن الماء يصدق على ما قلّ وكثر (4) من جنس الماء، وكذلك المال، والذهب، والفضة، فهذا هو الذي يعم.
وأما اسم الجنس الذي يصدق على القليل دون الكثير، أي: لا يصدق إلا على الواحد، نحو: دينار، ودرهم، ورجل، وعبد؛ إذ لا يصدق على
= 784).
وأخرجه الترمذي عن أبي هريرة وفيه: "ما بين لابتيها أحد أفقر منا" في كتاب الصوم، باب ما جاء في كفارة الفطر في رمضان، رقم الحديث العام 724، (3/ 75).
وأخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة وفيه: "ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا" في كتاب الصيام، باب ما جاء في كفارة من أفطر يومًا من رمضان رقم الحديث العام 1671، (1/ 534).
وأخرجه الإمام مالك في الموطأ عن أبي هريرة وفيه: "ما أحد أحوج مني" في كتاب الصيام، باب كفارة من أفطر في رمضان (1/ 296).
وأخرجه الإمام أحمد في المسند عن أبي هريرة بلفظ: "ما أجد أحوج مني"(2/ 516).
(1)
في ط: "الحجرات" وهو تصحيف.
(2)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 180، 181.
(3)
آية رقم 11 من سورة النساء.
(4)
في ط: "وما كثر".
جماعة الدراهم أنها درهم، ولا يصدق على جماعة الدنانير أنها دينار، ولا يصدق على جماعة الرجال أنها رجل، ولا يصدق على جماعة العبيد أنها عبد، فهذا النوع الذي لا يصدق على الكثير ينبغي ألا يعم إذا أضيف؛ ولأجل ذلك إذا قال: عبدي حر، أو امرأتي (1) طالق، أو ديناري أو درهمي صدقة، فلا يعم من حيث اللفظ، بخلاف قوله: عبيدي أحرار، أو نسائي (2) طوالق (3) أو دنانيري، أو دراهمي صدقة.
قال المؤلف في الشرح: ينبغي أن يفصل (4) بين النوعين في اسم الجنس إذا أضيف، ويدعى العموم في أحدهما دون الآخر، لكني لم أره منقولاً، والاستعمالات العربية والعرفية تقتضيه.
قال: وكذلك فرق الغزالي بين الفرد (5) الذي فيه هاء التأنيث يمتاز بها عن الجنس، نحو: برة، وبر، وبين ما ليس كذلك، فجعل لام التعريف تعم في الثاني دون الأول، فتعم في البر دون البرة، و (6) في الثمر دون الثمرة (7).
قال المؤلف في الشرح (8): وهو تفصيل حسن، وهو يعضد هذا (9)
(1) في ز وط: "وامرأتي".
(2)
في ط: "ونسائي".
(3)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 181.
(4)
في ز: "أن لا يفصل".
(5)
في ط: "المفرد".
(6)
"الواو" ساقطة من ط.
(7)
انظر تفريق الغزالي هذا فى المستصفى 2/ 53.
(8)
"في الشرح" ساقطة من ز.
(9)
في ز: "هذه".
الموضع أيضًا في اسم الجنس إذا أضيف (1).
قوله: (واسم الجنس إِذا أضيف) يريد: ما لم يتميز بعلامة التأنيث نحو: برتي، أو ثمرتي، أو نخلتي صدقة، أو لا يصدق إلا على القليل دون الكثير نحو عبدي، أو ديناري، أو درهمي صدقة، فلا يعم في هذين النوعين.
قوله: (والنكرة في سياق النفي)(2).
مثالها (3): قوله تعالى: {لَا رَيْبَ فِيهِ} (4)، وقوله:{لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ} (5)، وقوله:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ} (6).
وقوله عليه السلام: "لا عقد في الإسلام"(7).
(1) انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 181.
(2)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 181، 182، شرح التنقيح للمسطاسي ص 100، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 157، 158، المحصول ج 1 ق 2/ 518، 563، المستصفى 2/ 90، الإحكام للآمدي 2/ 197، البرهان 1/ 323، 337، المنخول ص 146، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 413، مختصر ابن الحاجب 2/ 102، شرح الكوكب المنير 3/ 136، المسودة ص 100، 101، مختصر البعلي ص 108، القواعد والفوائد الأصولية ص 201، إرشاد الفحول ص 119، تيسير التحرير 1/ 219، كشف الأسرار 2/ 12، 13، أصول السرخسي 1/ 160، المغني للخبازي ص 116، 117.
(3)
في ز: "مثاله".
(4)
آية رقم 2 من سورة البقرة.
(5)
آية رقم 15 من سورة الشورى.
(6)
آية رقم 197 من سورة البقرة.
(7)
أخرجه القضاعي في مسند الشهاب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عقد في الإسلام". =
و"لا صرورة (1) في الإسلام"(2).
و"لا هجرة بعد الفتح"(3).
= انظر: مسند الشهاب للقضاعي، رقم الحديث (549)(2/ 40).
وفي سنده مقدام بن داود الرعيني، قال النسائي في الكنى: ليس بثقة، وقال ابن يونس وغيره: تكلموا فيه.
انظر: ميزان الاعتدال للذهبي، رقم الترجمة (8745)(4/ 175، 176).
وأخرجه من طريق آخر أَبو نعيم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عقد في الإسلام، ولا إسعاد، ولا إشغار، ولا جلب، ولا جنب".
انظر الحلية لأبى نعيم 7/ 118.
(1)
الصرورة هو الذي لم يحج قط.
(2)
أخرجه أَبو داود عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صرورة في الإسلام".
انظر: سنن أبي داود، كتاب الحج، باب لا صرورة في الإسلام، رقم الحديث (1729)(2/ 348، 349).
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن عباس رقم الحديث (11595)، (11/ 234 - 235).
وأخرجه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (1/ 448)، وذكره في مجمع الزوائد، وقال:"ورجاله ثقات"(3/ 234).
(3)
أخرجه البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا".
انظر: صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية (2/ 142).
وأخرجه بهذا اللفظ مسلم عن عائشة رضي الله عنها في كتاب الإمارة باب المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام، رقم الحديث العام 1864 (3/ 1488).
وأخرجه بهذا اللفظ الترمذي عن ابن عباس في كتاب السير، باب ما جاء في الهجرة رقم الحديث العام (1590)، (5/ 316 - 317).
"لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"(1).
"لا رقية إلا من عين أو حمة"(2).
= وأخرجه أَبو داود عن ابن عباس في كتاب الجهاد، باب في الهجرة هل انقطعت رقم الحديث (2479)(3/ 7 - 8).
وأخرجه الدارمي عن ابن عباس في كتاب السير، باب لا هجرة بعد الفتح (2/ 239).
وأخرجه الإمام أحمد فى المسند عن ابن عباس 1/ 226.
(1)
أخرجه الإمام أحمد في المسند عن أنس بن مالك قال: ما خطبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له".
انظر: المسند 3/ 135، 154، 210.
وأخرجه البيهقي في السنن بهذا اللفظ عن أنس بن مالك (6/ 288).
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له".
انظر: المصنف، كتاب الإيمان رقم الحديث العام (10369)، (11/ 11).
وأخرجه البغوي في شرح السنة عن أنس، وقال: هذا حديث حسن، رقم الحديث 38، (1/ 74).
كلهم أخرجوه من طريق أبي هلال محمد بن سليم الراسبي البصري، وثقه أَبو داود، ومال أَبو حاتم: محله الصدق ليس بذلك المتين، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن معين: صدوق يرمى بالقدر.
انظر: ميزان الاعتدال (3/ 574)، وذكره ابن الديبع في التمييز، حديث رقم (1585)(ص 208)، والعجلوني في كشف الخفاء والالتباس، حديث رقم (2984)(2/ 485)، والسخاوي في المقاصد الحسنة حديث رقم (1284)(ص 459).
(2)
أخرجه الإمام مسلم عن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ قلت. أنا، ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لدغت، قال: فماذا صنعت؟ قلت: استرقيت، قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، فقال: وما حدثكم الشعبي؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن حصيب الأسلمي أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة
…
الحديث. =
و"لا هجرة فوق ثلاث (1) "(2).
"لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار"(3).
= انظر: صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب (1/ 199) حديث رقم 374.
وأخرجه أبو داود عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا رقية إلا من عين أو حمة" في كتاب الطب، باب تعليق التمائم، رقم الحديث العام 3884، (4/ 213).
وأخرجه الترمذي عن عمران بن حصين رقم الحديث العام 2058 في كتاب الطب، باب ما جاء في الرخصة في ذلك (6/ 252).
وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 271) عن حصين بن عبد الرحمن عن سعيد ابن جبير.
(1)
في ط: "ثلاثة".
(2)
أخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا هجرة بعد ثلاث" رقم الحديث العام (2562)(4/ 1984).
وأخرجه الإمام أحمد في المسند عن أبي هريرة بهذا اللفظ (2/ 378).
(3)
أخرجه القضاعي في مسند الشهاب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار" انظر حديث رقم: (555)(2/ 44).
وفي إسناده أبو شيبة الخراساني، قال عنه الذهبي: أتى بخبر منكر، وذكر هذا الحديث. انظر: ميزان الاعتدال (10298)، (4/ 537).
وقال صاحب كشف الخفاء: رواه أبو الشيخ والديلمي عن ابن عباس رفعه، وكذا العسكري عنه في الأمثال بسند ضعيف، لا سيما ورواه ابن المنذري في تفسيره عن ابن عباس من قوله، والبيهقي عن ابن عباس موقوفًا، وله شاهد عند البغوي ومن جهة الديلمي عن أنس مرفوعًا، ورواه إسحاق بن بشر في المبتدأ عنه عن عائشة لكن حديثه منكر، وأخرجه الطبراني عن أبي هريرة، وزاد في آخره:"فطوبى لمن وجد في كتابه استغفارًا كثيرًا" لكن في إسناده بشر بن عبيد الفاسي متروك، ورواه الثعلبي، وابن شاهين في الترغيب عن أبي هريرة.
انظر: كشف الخفاء 2/ 508.
وذكره السخاوي وقال: سنده ضعيف، انظر: المقاصد الحسنة ص 467.
وذكره ابن الديبع في تمييز الطيب من الخبيث (ص 189).
وذكره صاحب كتاب الغماز على اللماز (ص 155).
و"لا همَّ إلا همَّ الدين، ولا وجع إلا وجع العين (1) "(2) وهو كثير.
قوله: (في سياق النفي (3)).
أي: إذا وقعت النكرة بعد النفي، احترازًا من النكرة في سياق الثبوت، كقولك، في الدار رجل أو رجال، فلا تعم باتفاق.
واعلم أن النكرة في سياق النفي تقتضي العموم في قسمين:
مقيس، ومسموع.
فالمقيس إذا بنيت مع لا، أو كانت مجرورة بمن (4).
مثال المبنية مع لا: لا رجل في الدار.
(1) في ز: "العينين".
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الصغير عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا همّ إلا همّ الدين، ولا وجع إلا وجع العين"(2/ 31).
وأخرجه القضاعي من مسند الشهاب حديث رقم (556)(2/ 45).
وهذا الحديث من الأحاديث الموضوعة، قال الإمام أحمد: لا أصل له، وأخرجه البيهقي في الشعب، وقال: إنه منكر، ونسب ابن الجوزي لابن عدي أنه قال: هذا الحديث باطل الإسناد والمتن.
انظر الكلام حول هذا الحديث في: كتاب الموضوعات لابن الجوزي (2/ 244)، باب تعظيم أمر الدين، تنزيه الشريعة كتاب المعاملات الفصل الأول، رقم الحديث 21، 2/ 193، الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ص 597، اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، رقم الحديث 112 (ص 85)، تمييز الطيب من الخبيث، حديث رقم (1637)(ص 215)، كشف الخفاء والالتباس حديث رقم (3094)، (2/ 515).
(3)
في ط: "والنكرة في سياق".
(4)
في ط: "مجرورة بمن أو كانت لفظًا عامًا نحو: أحد، وشيء، كقولك: ما رأيت أحدًا، أو ما رأيت شيئًا، مثال المبنية
…
" إلخ.
ومثال المجرورة بمن: ما جاءني (1) من رجل، فإن "من" ها هنا هي التي تفيد العموم، فلو قلت: ما جاءني رجل لم يحصل العموم.
نص عليه الجرجاني (2) في أول شرح الإيضاح (3).
قال (4) المؤلف في الشرح: وكذلك أبو القاسم الزمخشري، وغيره: قالوا (5): في قوله تعالى: {مَا لَكم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (6) لو قال: ما لكم إله، بحذف "من" لم يحصل العموم (7).
وكذلك قالوا في قوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} (8) لو قال: ما تأتيهم (9) آية، بحذف "من" لم يحصل العموم.
ومثال النكرة إذا كانت لفظًا عامًا قولك (10): ما جاءني أحد، أو (11) ما رأيت شيئًا، فإنه يقتضي العموم، فلو قلت: ما جاءني من
(1) في ز وط: "قولك ما جاءني".
(2)
في ط: "الزرجاني".
(3)
في المقتصد: تقول: ما جاءني رجل، فلا يوجب استغراق الجنس، حتى يجوز أن تقول: ما جاءني رجل بل أكثر، فإذا دخلت "من" فقلت: ما جاءني من رجل، أفادت استغراق الجنس، حتى لا يجوز أن تقول: ما جاء من رجل بل أكثر.
انظر: المقتصد للجرجاني 1/ 89.
(4)
في ط: "وقاله".
(5)
في ز: "قاله".
(6)
آية 59 من سورة الأعراف.
(7)
في ط: "لم يحمل على العموم".
(8)
آية رقم 4 من سورة الأنعام.
(9)
المثبت من ز، وفي الأصل:"لو"، وفي ط:"وما".
(10)
في ز: "قوله".
(11)
في ط: "وما".
أحد، أو (1) ما رأيت من شيء بإثبات "من" كانت مؤكدة للعموم لا منشئة للعموم (2).
يعني: إذا دخلت (3)"من" على الأسماء الموضوعة للعموم فهي لتأكيد العموم، كقوله تعالى:{مَا سَبَقَكم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ} (4)، وقوله تعالى (5):{فَمَا مِنكم مِّنْ أَحَد عَنهُ حَاجِزِينَ} (6).
وإذا دخلت "من" على أسماء الأجناس [التي](7) لم توضع للعموم، فهي: للعموم كرجل، وغلام، وفرس، كقوله تعالى:{مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ} (8)، وقوله تعالى (9):{مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} (10).
قال المؤلف في الشرح: هكذا (11) نقله النحاة، والمفسرون (12)، فهذه الأنواع الثلاثة هي القسم المقيس.
فأما القسم المسموع: فهي: الألفاظ التي لا تستعمل إلا في النفي.
(1) في ط: "وما".
(2)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 182.
(3)
في ز: "كانت".
(4)
آية رقم 80 من سورة الأعراف، وآية رقم 28 من سورة العنكبوت.
(5)
"تعالى" لم ترد في ط.
(6)
آية 47 من سورة الحاقة.
(7)
المثبت بين المعقوفتين من "ز" و"ط" ولم يرد في الأصل.
(8)
آية 19 من سورة المائدة.
(9)
"تعالى" لم ترد في ط.
(10)
آية رقم 3 من سورة الملك.
(11)
في ط: "هذا".
(12)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 182.
وذكرها (1) صاحب إصلاح المنطق (2) وغيره من اللغويين (3): فهي (4) قولهم: ما بها أحد، ولا وابر (5)، ولا صافر، ولا عريب، ولا كتيع، ولا دبِّي، ولا دبيج، ولا نافخ ضَرَمة، ولا ديَّار، ولا طُوري، ولا دوري، ولا طوئي، ولا تُؤْمُري، ولا لا عي قَرْوٍ (6)، ولا أرم، ولا داعٍ، ولا مجيب، ولا مُعْرب، ولا أنيس، ولا ناخر، ولا نابح، ولا ثاغ، ولا راغ (7)، ولا دعوي، ولا شفر، ولا صوات، ولا زابن، ولا رايم، ولا تأمور، ولا عين، ولا عاين، وما لي عنه بد (8).
فهذه اثنان وثلاثون لفظًا.
قال المؤلف في شرح المحصول: "ينبغي أن يلحق بها: شيء، وموجود (9)، ومعلوم"(10).
فتكون خمسة وثلاثين لفظًا.
فهذه الألفاظ وضعت للعموم في النفي، وما عداها لا يقتضي العموم إلا
(1) في ط: "وذكره".
(2)
انظر: تهذيب إصلاح المنطق للتبريزي ص 805 - 806.
(3)
في ط: "كاللغويين".
(4)
في ز: "وهو"، وفي ط:"وهي".
(5)
في ز: "وابي".
(6)
في ط: "قرف".
(7)
انظر: الألفاظ السابقة في تهذيب إصلاح المنطق للتبريزي ص 805 - 806.
(8)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 182 - 183، نفائس الأصول تحقيق عادل عبد الموجود (4/ 1799).
(9)
في ز: "وهو موجود".
(10)
انظر: نفائس الأصول (4/ 1799).
بواسطة "من"؛ أعني الظاهرة، أو المضمرة، قاله (1) المؤلف في الشرح (2).
ذكر المؤلف هذه الألفاظ في الشرح تجميلًا وتفصيلًا، أما التجميل فقد ذكرنا جملتها.
وأما تفصيلها فقال (3) المؤلف: "أحد" الذي يستعمل في الثبوت غير "أحد" الذي يستعمل [في النفي](4)، فالذي يستعمل في الثبوت معناه: واحد متوحد، كقوله تعالى:{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} (5).
والذي يستعمل في النفي معناه: إنسان، كقولك (6): ما في الدار أحد، أي: إنسان (7)، وألفه أصلية بخلاف الأول (8) فإن ألفه (9) فيه بدل من الواو.
وقول أبي علي في الإيضاح: أحد وواحد بمعنى واحد (10)، يريد: الذي (11) ألفه بدل من الواو، قاله المسطاسي (12).
(1) في ز: "قال".
(2)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 183.
(3)
في ط: "قال".
(4)
المثبت بين المعقوفتين من ز، ولم يرد في الأصل وط.
(5)
الإخلاص (1).
(6)
في ز: "كقوله".
(7)
في ط: "أي ما في الدار إنسان".
(8)
في ز: "الآخر".
(9)
في ز وط: "الألف".
(10)
انظر: التكملة لأبي علي الفارسي ص 67، وانظر أيضًا: شرح التنقيح للمسطاسي ص 101.
(11)
في ز وط: "أحد الذي".
(12)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"المستاصي". =
ومعنى وابر: أي (1): صاحب وبر.
ومعنى صافر: هو من الصفير، وهو الصوت الخاص (2).
ومعنى عريب: من الإعراب الذي هو: البيان، ومنه الثيّب تعرب عن نفسها، أي: ما بها مبين، ويحتمل أن يكون معناه (3): ما فيها من نسب (4) إلى يعرب بن قحطان (5).
ومعنى كتيع: من التكتع (6) وهو: التجمع، يقال: تكتع الجلد، إذا ألقي في النار فاجتمع، ومنه قولهم: أكتعون أبصعون.
= وانظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 101.
(1)
"أي" ساقطة من ز وط.
(2)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"الخالص".
(3)
في ز: "معناها فيها".
(4)
في ز وط: "ينسب".
(5)
هو يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بن اليارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام.
وكان يعرب بن قحطان من أعظم ملوك العرب، يقال: إنه أول من حياة قومه بتحية الملك، وهو الذي ملك بلاد اليمن وولى إخوته، فولى جرهمة على الحجاز، وحضرموت بن قحطان على جبال الشحر، وعاد بن قحطان على الشحر، وعمان ابن قحطان على بلاد عمان، ويعرب هو أول من تنحنح بالعربية الواسعة ونطق بأفصحها، وأبلغها، وأوجزها، والعربية منسوبة إليه مشتقة من اسمه، وهو الذي ذكره حسان بن ثابت في قوله: تعلمتم من منطق الشيخ "يعرب" أبينا فصرتم معربين.
انظر ترجمته في: تاريخ ابن خلدون 2/ 86، 87، سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب للبغدادي ص 16
(6)
في ز: "الكتع".
[ومعنى دبي: من دببت](1).
ومعنى دبيج: متلون.
والضرمة هي: النار.
وديَّار منسوب إلى الدار، والطوري منسوب إلى الطور وهو: جبل (2)، والدوري منسوب إلى الدور جمع دار، أي: ليس فيها (3) صاحب نار، ولا دار، ولا جبل.
والطوئي من الطي أي ما هنالك أحد يطوي.
والتؤمري التأمور، وهو (4): دم القلب.
ولاعي القرو (5): قال الجوهري: معناه: لاحس عسل من قدح (6).
ومعنى (7) الأرم (8): الساكن، ويطلق على البالي الدارس.
والداعي والمجيب من: الدعاء والإجابة.
ومعنى (9) معرب مثل عريب.
والناخر: من النخير.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(2)
في ط وز: "الجبل".
(3)
"فيها" ساقطة من ز.
(4)
في ط: "وهي".
(5)
في ط: "القرف".
(6)
انظر: الصحاح 6/ 2483.
(7)
في ط: "ومعناه".
(8)
المثبت من ز، وفي الأصل:"الأم".
(9)
في ط: "ومعناه".
والنابح: الكلب.
والثغاء: صوت الغنم.
والرغاء (1): صوت الأبل.
والدعوي: من الدعوة وهي: وليمة الطعام.
والشفر: من الشفير: وهو: الحافة.
وزابن: من الزبن.
ورايم: من الأرم.
والتأمور: القلب.
وعين وعاين: من العين.
والبد: الانفكاك (2)، أي: ما لي عنه انفكاك. انتهى كلامه (3).
قوله: (النكرة في سياق النفي) يريد: إذا كانت مبنية مع لا، أو كانت مجرورة بمن، أو كانت لفظًا عامًا (4) وقد تقدم جميع (5) ذلك.
قوله: (والنكرة في سياق النفي)[يريد أو في سياق النهي](6)، أو
(1) في ط: "والرغاغ" وهو تصحيف.
(2)
في ز: "أي انفكاك".
(3)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 183، 184.
وانظر أيضًا: نفائس الأصول تحقيق عادل عبد الموجود (4/ 1799 - 1800) ، شرح التنقيح للمسطاسي ص 101.
(4)
في ط وز: "لفظًا عامًا نحو: أحد وشيء".
(5)
في ط وز: "بيان".
(6)
المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.
الاستفهام.
نص على ذلك أبو موسى في حروف الجر فقال في حرف "من": وتزاد لاستغراق الجنس في الفاعل، والمفعول به (1)، في النهي فيهما (2)، وفي المبتدأ في النفي والاستفهام. انتهى نصه (3).
مثال النهي: لا تضرب من رجل.
[ومثال الاستفهام: هل عندك من رجل](4).
[قال المسطاسي (5): قال الإمام فخر الدين: النكرة إذا كانت في سياق الإثبات الذي معناه النفي: تعم (6)، كقولك: أنت حر إن كلمت رجلًا؛ لأن معناه النفي، تقديره: لا كلمت رجلًا.
وإذا كانت النكرة في سياق النفي الذي معناه الإثبات فإنها لا تعم، كقولك: أنت حر إن لم أكلم رجلًا؛ لأن معناه الإثبات، تقديره: لأكلمن رجلًا.
(1)"به" ساقطة من ط.
(2)
في ط وز: "وفيهما".
(3)
انظر: شرح الجزولية للشلوبين ص 83.
(4)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(5)
المثبت من ز، وفي الأصل وط:"المستاصي".
(6)
يقول أحمد حلولو: تنبيه: ذكر ولي الدين العراقي: أن النكرة المثبتة إذا كانت في معرض الامتنان نحو قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} (الفرقان 48) فإنها تعم، وحكاه عن القاضي أبي بكر.
انظر: التوضيح شرح التنقيح ص 159.
فضابط هذا: أن الكلام إذا قصد به النفي فيعم، ولو كان اللفظ مثبتًا، وإذا قصد به الإثبات فلا يعم، ولو كان اللفظ منفيًا (1)، فقول المؤلف: في سياق النفي يريد: في سياق النفي لفظًا ومعنى، أو معنى دون لفظ] (2).
قوله: (فهذه عندنا للعموم) يعني: أن هذه الصيغ المذكورة هي: التي تفيد عندنا - نحن المالكية - العموم.
قوله: (واختلف في الفعل في سياق النفي نحو قوله: والله لا آكل).
ش: لما ذكر أن الاسم النكرة في سياق النفي يعم، ذكر هنا أن الفعل إذا أورد (3) في سياق النفي مختَلف فيه، هل يقتضي العموم أو لا يقتضيه (4)؟
قوله: (في الفعل في سياق النفي) احترازًا من الفعل في سياق الإثبات فإنه لا يعم كقول الراوي: "صلى عليه السلام (5) داخل الكعبة"(6).
(1) نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للمسطاسي ص 101.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(3)
في ط وز: "ورد".
(4)
مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية: أنه يقتضي العموم، ومذهب الرازي وأبي حنيفة: أنه لا يقتضي العموم.
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 184، شرح التنقيح للمسطاسي ص 101، 102، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 159، المحصول ج 1 ق 2 ص 626، 627، المستصفى 2/ 62، الإحكام للآمدي 2/ 251، مختصر ابن الحاجب 2/ 116، 117، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 423، شرح الكوكب المنير 3/ 202، 203، مختصر البعلي ص 111، فواتح الرحموت 1/ 286.
(5)
في ز: "صلى النبي صلى الله عليه وسلم"، وفي ط:"صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم".
(6)
أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته مردفًا أسامة بن زيد، ومعه بلال، ومعه عثمان بن طلحة من الحجبة، حتى أناخ في المسجد، فأمره أن يأتي بمفتاح البيت، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم =
فلا يعم الفرض والنفل معًا، وإنما هو محتمل لأحدهما.
وقوله أيضًا: "صلى العشاء بعد غيبوبة الشفق"(1).
فلا يعم الحمرة والبياض معًا؛ أي (2): فلا يقال: صلى العشاء بعد غيبوبة
= ومعه أسامة بن زيد، وبلال، وعثمان بن طلحة، فمكث فيه نهارًا طويلًا، ثم خرج فاستبق الناس، فكان عبد الله بن عمر أول من دخل، فوجد بلالًا وراء الباب قائمًا، فسأله أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأشار له إلى المكان الذي صلى فيه، قال عبد الله: فنسيت أن أسأله: كم صلى من سجدة؟ ".
أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أعلى مكة (3/ 62).
وأخرجه مسلم في كتاب الحج رقم الحديث 1329 (2/ 966).
وأخرجه النسائي في كتاب المناسك (7/ 171)، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 3).
(1)
أخرجه أبو داود ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمّني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس، وكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله وصلى بي العصر حين كان ظله مثلَيْه وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل، وصلى بي الفجر فأسفر، ثم التفت إليّ فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين".
انظر: سنن أبي داود كتاب الصلاة، باب في المواقيت (1/ 107).
وأخرجه الترمذي في مواقيت الصلاة، رقم الحديث العام 149، (1/ 278).
وأخرجه الإمام أحمد في المسند عن ابن عباس 3/ 333.
وذكره ابن حجر وقال: وفي إسناده عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، مختلف فيه لكنه توبع، ثم ذكر طرقًا أخرى للحديث.
انظر تفصيل الكلام حول طرق هذا الحديث في: التلخيص الحبير، كتاب الصلاة، باب أوقات الصلاة، رقم الحديث 242 (1/ 173، 174).
(2)
"أي" ساقطة من ط.
الشفقين (1) معًا، وإنما هو محتمل (2) لأحدهما على البدلية؛ [لأن الأصوليين يقولون: الفعل المثبت لا يكون عامًا في أقسامه] (3).
قوله: (واختلف في الفعل) يعني: الفعل المتعدي، وأما القاصر فيعم، كقولك (4): لا أقوم، أو لا أقعد (5) فإن نفي الفعل نفي لمصدره، فكأنه قال (6): لا قيام ولا قعود فهو عام، ومنه قوله تعالى:{ثُمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} (7) أي: لا موت، ولا حياة (8).
قوله: (واختلف في الفعل في سياق النفي) المراد به هو: الفعل (9) المتعدي المجرد عن المفاعيل، أعني: الفعل الذي لم يصرح معه (10) بذكر المصدر ولا بالمفعول به، ولا بالمفعول فيه (11) زمانًا أو مكانًا - وهذا هو محل الخلاف - إذا ورد (12) في سياق النفي نحو قولك: والله لا آكل.
فقيل: يعم مفاعيله، قاله الشافعي.
(1) في ط: "الشفق".
(2)
في ط: "محل".
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(4)
في ز: "كقوله"، وفي ط:"لأن قولك".
(5)
في ز: "ولا أقعد".
(6)
في ط وز: "يقول".
(7)
آية رقم 13 من سورة الأعلى.
(8)
في ط: "أو حياة".
(9)
"الفعل" ساقطة من ز.
(10)
"معه" ساقطة من ز.
(11)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"به".
(12)
في ز: "أورد".
وقال: لا يعم مفاعيله، أبو حنيفة (1).
قوله: (فعند الشافعي للعموم في المآكل (2) فله تخصيصه بنيته (3) في بعضها، وهذا هو الظاهر من مذهبنا، وقال أبو حنيفة: لا يصح).
ش: ذكر المؤلف قول الشافعي: بأنه يقتضي العموم (4).
وقول الحنفي بأنه لا يقتضي العموم (5).
وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا قال: والله لا آكل، ونوى مأكولًا معينًا، هل يحنث بغيره، أو لا يحنث بغيره؟
قال الشافعي: لا يحنث بغيره، بناء على عموم لفظه، وقد خصصه ببعض مدلولاته.
قوله: (فعند الشافعي للعموم في المآكل).
أي: في المأكولات وهو: جمع مأكول (6) وهو المفعول به.
(1) في ز: "وقيل: لا يعم مفاعيله وهو قول أبي حنيفة"، وفي ط:"وقيل: لا يعم مفاعيله قاله أبو حنيفة".
(2)
في أوش وخ: "المواكيل".
(3)
في ط: "بنية".
(4)
في ط وز: "والعموم".
وانظر نسبة هذا القول للشافعية في المستصفى 2/ 62، المحصول ج 1 ق 2 ص 626، الإحكام للآمدي 2/ 251.
(5)
انظر نسبة هذا القول للحنفية في فواتح الرحموت 1/ 286.
(6)
في ز: "مآكل".
قوله: (فله تخصيصه بنيته (1) في بعضها) أي: في بعض المأكولات.
قوله: (وقال أبو حنيفة: لا يصح) أي: لا يصح (2) تخصيصه بنيته في بعض المأكولات، فإذا نوى مأكولًا بعينه فلا يقبل ذلك منه، وإنما لا (3) يقبل منه تخصيصه؛ لأن التخصيص ثانٍ عن العموم، فلا عموم هنا، فلا تخصيص.
قوله: (لأن الفعل يدل على المصدر وهو لا واحد ولا كثير، فلا تعميم ولا تخصيص (4)).
ش: هذه حجة أبي حنيفة وبيانها: أن الفعل نحو لا آكل يدل على المصدر وهو الأكل، والمصدر لا واحد أي لا إشعار له بالوحدة المصححة (5) لنية التعيين؛ لأنه جنس، ولا كثير أي لا إشعار له بالكثرة والتعدد المصححة (6) لنية التخصيص؛ لصدقه على القليل والكثير فلا (7) تعميم فيه إذًا ولا (8) تخصيص، أي: فلا يتحقق فيه العموم ولا (9) يتحقق فيه التخصيص، أي: المصدر ليس مختصًا (10) بواحد من الأحداث، وليس موضوعًا لاقتضاء العموم، فلا تنفع فيه نية التقييد، ولا نية التخصيص.
(1) في ز: "بنية".
(2)
المثبت من ط وز، وفي الأصل:"يصح".
(3)
في ز: "لم".
(4)
في أ: "فلا تخصيص".
(5)
المثبت من ط وز، وفي الأصل:"المصلحة".
(6)
المثبت من ز، وفي الأصل:"المصلحة".
(7)
في ط: "ولا".
(8)
في ز: "فلا".
(9)
في ط وز: "فلا".
(10)
في ز: "غير مخصص"، وفي ط:"غير مختص".
قوله: (واتفق الإِمامان على قوله: لا أكلت (1) أكلًا، أنه عام يصح تخصيصه).
ش: هذه حجة الشافعية على أبي حنيفة، وبيانها: أن الفعل إذا أكد بالمصدر، نحو: لا آكل أكلًا، فاتفق الإمامان: الشافعي والحنفي على أنه عام يصح تخصيصه بالنية، فإنه إذا قال: والله لا آكل أكلًا، وقال: نويت خبزًا، فله نيته باتفاق الإمامين، فيلزم من ذلك: أن يكون الفعل المجرد من المصدر عامًا أيضًا، نحو: لا (2) آكل؛ إذ لا فرق بين المؤكد والمجرد عن التأكيد بالنسبة إلى التخصيص؛ لأن النحاة اتفقوا على أن ذكر المصدر بعد الفعل إنما هو لتأكيد الفعل، والتأكيد لا ينشئ حكمًا آخر، بل الحكم الثابت مع ذكر المصدر هو ثابت أيضًا مع السكوت عن المصدر؛ لأن المصدر وإن لم يصرح به فهو في حكم المصرَّح (3) به؛ لأنه يدل عليه الفعل بالتضمن، فهو كالملفوظ به؛ لأن (4) دلالة التضمن لفظية، فيلزم أبا حنيفة على هذا أن يقول بالتخصيص بالنية في نحو: لا آكل، كما قاله الشافعي.
قوله: (وعلى عدم تخصيص الأول ببعض الأزمنة والبقاع (5)).
ش: هذه حجة الحنفية على الشافعية، وبيانها: أن الفعل الأول وهو الفعل الذي لم يذكر معه المصدر، نحو: لا آكل قد اتفق الإمامان الشافعي والحنفي: على أنه لا عموم له بالنسبة إلى المفعول فيه، وهو: ظرف الزمان
(1) في ط: "والله لا أكلت".
(2)
"لا" ساقطة من ز.
(3)
في ط: "الصرح".
(4)
في ط: "كالمأبوه لأن".
(5)
في أوخ وش: "أو البقاع".
وظرف المكان، فإذا قال: والله لا آكل (1)، ونوى زمانًا معينًا [أو نوى مكانًا معينًا](2) فلا يقبل منه ذلك، أي: فلا تنفعه نيته (3)، فإذا كان لا يقبل التخصيص بالمفعول فيه زمانًا ومكانًا (4)، فيلزم من ذلك: ألا يقبل (5) التخصيص بالمفعول به؛ لأن حقيقة الأكل لا تتم (6) بدون الزمان والمكان كما لا تتم (7) بدون المفعول به؛ فإن المفعول فيه كالمفعول به في هذا المعنى، فيلزم الشافعي أن يقول بعدم التخصيص في: لا آكل، كما قاله أبو حنيفة.
وأجيب: بالفرق بين المفعول به والمفعول فيه (8): أن الفعل المتعدي لا يعقل إلا بالمفعول به، ولا يوجد إلا معه؛ لأن المفعول به من لوازم ماهية الفعل في الذهن، بخلاف المفعول فيه - وهو الزمان والمكان - فإنهما ليسا من لوازم الفعل في الذهن؛ ولدْلك ينفك فعل الباري جل وعلا عن الزمان والمكان، بخلاف المفعول به، فإن لفظ الفعل يدل بالوضع على المفعول به دون المفعول فيه؛ لكون المفعول به لازمًا لماهية الفعل، وأما المفعول فيه فهو
(1) في ز: "لا تأكل".
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(3)
في ز: "نية".
(4)
في ط وز: "أو مكانًا".
(5)
في ز: "يقيد".
(6)
في ز: "لا تصح".
(7)
في ز: "لا تصح".
(8)
انظر هذا الفرق في شرح التنقيح للقرافي ص 185، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 102، الإحكام للآمدي 2/ 251، فواتح الرحموت 2/ 286.
لازم اتفاقي؛ فلأجل هذا يقبل لفظ (1) الأكل التخصيص بالمفعول به دون المفعول فيه؛ لأن التخصيص عبارة عن حمل اللفظ على بعض مدلولاته لا على غير مدلولاته.
وقال بعضهم: الفرق بين المفعول به، والمفعول فيه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن المفعول (2) به أقوى تعلُّقًا من المفعول فيه؛ لاجتماع النحاة على أن المفعول به إذا وجد مع الظرف [في](3) باب ما لم يسمّ فاعله، فإن المفعول به هو الذي يقام (4) مقام الفعل.
الوجه الثاني: أن المفعول به هو: موضوع (5) قصد الفاعل؛ لأن من أكرم زيدًا أو أهانه (6) إنما قصده (7) حصول الإكرام أو الإهانة به، دون زمان ذلك أو مكانه.
الوجه الثالث: أن المفعول به أخص بالفعل المتعدي، بخلاف الظرف فإن الفعل يتعدى إليه متعديًا كان أو قاصرًا، فذلك يقتضي خصوص (8) المفعول به بالمتعدي، فالاقتضاء الخاص مقدم على الاقتضاء العام في جميع الموارد؛ ولأجل ذلك قدم تحريم النجس على الحرير في الصلاة؛ لأن تحريم النجس
(1)"لفظ" ساقطة من ط.
(2)
المثبت من ز، وفي الأصل:"لفعول".
(3)
المثبت بين المعقوفتين من ط، ولم يرد في الأصل وز.
(4)
في ط: "يقوم".
(5)
في ط وز: "موضع".
(6)
في ط: "وأهانه".
(7)
في ط: "قصد".
(8)
في ز: "حصول".
خاص بالصلاة، وكذلك (1) تقديم تحريم الصيد على الميتة في حق المحرم؛ لأن (2) تحريم الصيد خاص بالمحرم (3)، فكان أولى بالاعتبار.
قال المؤلف في الشرح (4): أما إلزامهم (5) لنا عدم جواز التخصيص بالزمان والمكان، وقياسهم (6) المفعول به على المفعول فيه، فنحن لا نساعدهم ولا الشافعية على الحكم في الظرفين، بل إذا قال: والله لا أكلت ونوى يومًا معينًا أو مكانًا معينًا، لم يحنث بغيره، فيلزمهم ما ألزمناهم ولا يلزمنا ما ألزمونا (7).
قوله: (لنا: أنه (8) إِن كان عامًا صح التخصيص، وإِلا فمطلق (9) يصح تقييده (10) ببعض محاله وهو المطلوب).
ش: هذا دليل المالكية على أن (11) قوله مثلًا: لا آكل تنفع فيه النية مطلقًا في المفعول له، والمفعول فيه زمانًا، والمفعول فيه مكانًا.
(1) في ز: "وكذا".
(2)
في ط: "ولأن".
(3)
المثبت من ز، وفي ط:"خاص بالحج"، ولم ترد كلمة "خاص" في الأصل.
(4)
في ز: "في شرحه".
(5)
محلها بياض في ز.
(6)
في ط: "وقيامهم".
(7)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 185.
(8)
"أنه" ساقطة من خ.
(9)
في ط: "فهو مطلق".
(10)
في ز: "تقييد".
(11)
المثبت من ط وز، ولم ترد "أن" في الأصل.
بيان (1) ذلك: أن قوله: لا آكل يدل على نفي المصدر مطابقة، وعلى نفي المفعول التزامًا؛ إذ (2) من لوازم الفعل: أن له مفعولًا، فهذا اللازم إن كان عامًا دخله التخصيص، وإن لم يكن عامًا، وهو (3) مطلق، دخله التقييد؛ لأن المطْلَقات (4) تقيد، كقولك: والله لا كلمت رجلًا، ونويت تقييده بزيد فلا تحنث (5) بغير زيد، فكذلك ها هنا إذا (6) قلت: والله لا آكل (7)، ونويت زمانًا معينًا، أو مكانًا معينًا فلا تحنث بغير ذلك.
قوله: (ببعض محاله) أي: ببعض مفعولاته (8): من مفعول به، ومفعول فيه زمانًا، ومفعول فيه مكانًا.
[قوله: (وهو المطلوب)، أي: وهو المقصود من مذهبنا نحن المالكية](9).
قوله: (قال (10) الشافعي رحمه الله: ترك الاستفصال في حكاية (11)
(1) في ز: "وبيان".
(2)
في ز: "وأن".
(3)
في ط: "فهو".
(4)
في ز: "المطلقة".
(5)
في ز: "يحنث".
(6)
في ط: "إذ قلت".
(7)
في ط وز: "لا أكلت".
(8)
في ط: "مفصلاته".
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(10)
في أوخ وش: "وقال".
(11)
في أوخ وش: "حكايات".
الأحوال يقوم (1) مقام العموم (2) بالمقال (3)) (4).
ش: يعني أن الشارع إذا أطلق الجواب في واقعة محتملة لوجوه، ولم يسأل الشارع عن تلك الوجوه المحتملة، فإن عدم السؤال عنها يقوم مقام العموم بالمقال فيها؛ فإن ترك الاستفصال كالتعميم بالمقال.
قوله: (نحو قوله عليه السلام (5) لغيلان (6) حين أسلم على عشر نسوة: "أمسك أربعًا وفارق سائرهن"(7) من غير كشف عن تقدم
(1) في ز: "تقوم".
(2)
في ط: "العموم فيتنزل منزلة العموم".
(3)
في أوخ وش وز وط: "في المقال".
(4)
انظر هذه القاعدة المنسوبة للشافعي في: شرح التنقيح للقرافي ص 186، 187، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 161، المحصول ج 1 ق 2/ 631، البرهان 1/ 345، المنخول ص 150، نهاية السول 2/ 367، إرشاد الفحول ص 132، شرح الكوكب المنير 3/ 171، مختصر البعلي ص 116، القواعد والفوائد الأصولية ص 234، المسودة ص 108، تيسير التحرير 1/ 264، فواتح الرحموت 1/ 289.
(5)
في ش: "نحو قوله عليه الصلاة والسلام".
(6)
في أ: "لابن غيلان" وهو: غيلان بن سلمة ين معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس الثقفي، وكان أحد وجوه ثقيف ومقدَّميهم، وكان شاعرًا محسنًا، أسلم بعد فتح الطائف، وكان تحته عشر نسوة فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار أربعًا منهن ويفارق باقيهن، توفي في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، انظر ترجمته في: الاستيعاب 3/ 1256، الإصابة 5/ 234، طبقات فحول الشعراء ص 217، 226.
(7)
أخرجه الترمذي في سننه (3/ 326).
وابن ماجه في كتاب النكاح 1/ 628.
وذكر ابن حجر أن في سنده معمرًا، وأنه يهم، وأن هذا الحديث مما وهم فيه.
انظر: تفصيل كلام ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 168، رقم الحديث 1527.
وأخرجه أيضًا الحاكم في المستدرك 2/ 193، واليبهقي في سننه 7/ 149.
عقودهن (1)، أو تأخيرها (2)، أو اتحادها، أو تعددها (3)).
ش: هذا مثال القاعدة المتقدمة في العموم؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم (4) لم يستفصل (5) غيلان الثقفي (6) ولم يسأله عن كيفية عقده على نسائه في الترتيب، أي: لم يسأله عن متقدم من العقود ومتأخر منها، وهذا معنى قوله:(عن تقدم عقودهن (7) أو تأخيرها).
ولم يسأله أيضًا عن اجتماع العقود أو افتراقها، وهذا معنى قوله:(أو اتحادها أو تعددها) أي: لم يسأله هل عقد عليهن عقدًا واحدًا في مرة (8) واحدة (9)، أو عقد عليهن عقودًا متعددة في أوقات مختلفة.
فترك النبي عليه السلام (10) السؤال عن هذه الأحوال المحتملة (11)، يدل على تعميم الجواب لجميع (12) هذه الأحوال، فلا فرق بين غيلان الثقفي
(1) في ز: "عقدهن".
(2)
في أوخ وش: "أو تأخرها".
(3)
في ز: "تعدادها".
(4)
في ط: "عليه السلام".
(5)
في ط: "لم يستفصل بين".
(6)
في ز: "الشعبي" وهو تصحيف.
(7)
في ز: "عقدهن".
(8)
في ز: "صورة".
(9)
"واحدة" ساقطة من ز.
(10)
في ز وط: "النبي صلى الله عليه وسلم".
(11)
"المحتملة" ساقطة من ز.
(12)
في ط وز: "بجميع".
وغيره، ولا فرق بين هذه الأحوال، فكل (1) من أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة فله أن يختار الأوائل، وله أن يختار الأواخر، وله أن يختار الأواسط، وله أن يختار الأربع من أي جهة شاء، هذا مذهب مالك، والشافعي (2) رضي الله عنهما.
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: إن عقد عليهن عقودًا مترتبة (3)، أي: عقدًا بعد عقد، فلا يجوز له أن يختار من المتأخرات بعد الأربع لفساد عقودهن، فإن عقد الخامسة ومن بعدها فاسد وباطل (4)، والخيار في الباطل باطل.
وأما إن عقد عليهن عقدًا واحدًا فيجوز له أن يختار ما شاء منهن من غير تفصيل بين المتقدمات، والمتأخرات؛ لعدم التفاوت بينهن فلا (5) يتعين الباطل من الصحيح؛ فلأجل ذلك يختار من أي جهة شاء.
وأما نحن - المالكية والشافعية - فنقول (6): أنكحة الكفار كلها باطلة، وإنما
(1) في ط وز: "فلا فرق بين هذه الأحوال ولا فرق بين غيلان الثقفي وغيره من كل من أسلم
…
" إلخ.
(2)
انظر هذا التوجيه في: شرح التنقيح للقرافي ص 187، شرح التنقيح للمسطاسي ص 103، البرهان 1/ 346، المحصول ج 1 ق 2 ص 632.
وذكر إمام الحرمين والرازي توجيهًا آخر وهو احتمال أنه صلى الله عليه وسلم عرف خصوص الحال فأجاب بناء على معرفته ولم يستفصل.
انظر: البرهان 1/ 346، والمحصول ج 1 ق 2/ ص 633.
(3)
في ز: "مرتبة".
(4)
في ط وز: "ومن بعدها باطل".
(5)
في ط: "ولا".
(6)
في ط: "فيقول".
الإسلام يصححها فإذا كانت أنكحتهم باطلة فلا نقرر أربعًا ويكون من عداهن يبطل عقده، مع أن الحديث لم يفصل في هذه الأحوال، فلولا تعميم الاختيار لهذه الأحوال لما أطلق الشارع القول فيها (1).
ومثاله أيضًا: قوله عليه السلام للمفطر (2) عمدًا في رمضان: "أعتق رقبة"(3)؛ لأن الرقبة تحتمل الذكر والأنثى، والصغيرة والكبيرة، والطويلة والقصيرة، والبيضاء والسوداء، فترك الاستفصال في تلك الأحوال كالعموم في المقال.
ومثاله أيضًا (4): قوله عليه السلام: "إذا شهد عدلان فصوموا، وأفطروا، وأنسكوا (5) "(6)؛ لأن العدلين يحتمل الشيخين والكهلين، والعربيين والعجميين، والأبيضين والأسودين، وغير ذلك، فيعم الحكم جميع ذلك؛ لأن ترك السؤال عن الأحوال كالعموم بالمقال.
(1) نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 388.
(2)
في ط: "في المفطر".
(3)
سبق تخريج هذا الحديث.
(4)
"أيضًا" ساقطة من ز.
(5)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"وأمسكوا".
(6)
أخرجه النسائي عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب: أنه خطب في اليوم الذي يشك فيه فقال: ألا إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلتهم، وأنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وأنسكوا لها، فإن غمّ عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا" كتاب الصوم، باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان.
انظر: سنن النسائي (4/ 131 - 133).
وأخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 321) عن عبد الرحمن بن زيد بهذا اللفظ.
ومثاله أيضًا: قوله تعالى: {فصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} (1).
لأن الموضع الذي يرجع إليه [يحتمل](2): شرقًا وغربًا، وشمالًا وجنوبًا (3)، ومدينة (4) وبرية، فيعم الحكم جميع ذلك؛ إذ القاعدة عند المالكية والشافعية: أن ترك الاستفصال في حكاية الأحوال مع قيام الاحتمال يقوم مقام العموم بالمقال.
هذا بيان القاعدة المتقدمة وهي قولنا: ترك الاستفصال في حكاية الأحوال مع (5) الاحتمال يقوم مقام العموم بالمقال، وهذه القاعدة منقولة عن الشافعي رضي الله عنه (6).
ونقل عنه قاعدة أخرى وهي قوله: حكاية الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط بها الاستدلال (7).
وظاهر هذه القاعدة مخالف لظاهر القاعدة الأولى، فاختلف العلماء في ذلك:
(1) آية رقم 196 من سورة البقرة.
(2)
المثبت بين المعقوفتين من ط، ولم يرد في الأصل وز.
(3)
في ط: "وجوفًا" وهو تصحيف.
(4)
في ط: "وميتة" وهو تصحيف.
(5)
في ز: "في قيام"، وفي ط:"مع قيام الاحتمال".
(6)
"رضي الله عنه" لم ترد في ز وط.
(7)
انظر هذه القاعدة المنسوبة للشافعي في: شرح التنقيح للقرافي ص 186، 187، الفروق للقرافي الفرق الحادي والسبعين 2/ 87، نهاية السول 3/ 370، شرح الكوكب المنير 3/ 172، القواعد والفوائد الأصولية ص 234.
فقال بعضهم: هذان (1) قولان مرويان للشافعي.
قول بأنَّه عام يستدل (2) به.
وقول (3) بأنه مجمل فلا يستدل به.
قال المؤلف في شرحه (4)، وفي (5) قواعده في الفرق الحادي والسبعين (6): إن كل واحدة من القاعدتين لها محل خلاف محل الأخرى، أي: إحداهما في دليل الحكم، والأخرى في محل الحكم، فإذا كان الاحتمال في دليل الحكم سقط به الاستدلال، وإلى هذا أشار بقوله:"حكاية الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال، وسقط بها الاستدلال".
وإذا كان الاحتمال في محل الحكم فلا يسقط (7) به الاستدلال بل يعم الدليل سائر الأحوال، وإلى هذا أشار (8) بقوله:"ترك الاستفصال في حكاية (9) الأحوال مع قيام الاحتمال يقوم مقام العموم بالمقال".
مثال ما إذا كان الاحتمال في الدليل: قوله عليه السلام في المحرم الذي أوقصته (10) ناقته: "لا تمسوه بطيب، فإنه يبعث يوم القيامة ملبَّيًا"(11).
(1) المثبت من ط، وفي الأصل وز:"هذا".
(2)
في ز: "فيستدل".
(3)
في ز: "وقوله".
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 187.
(5)
"في" ساقطة من ز وط.
(6)
انظر: الفروق للقرافي 2/ 93 - 96.
(7)
في ط: "فاسقط".
(8)
في ز: "أشار المؤلف".
(9)
المثبت من ط وز، وفي الأصل:"حكايات".
(10)
المثبت من ط، وفي الأصل وز:"أو مضته".
(11)
أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ =
فهذا الدليل فيه احتمال في نفسه؛ لأنه يحتمل أن يراد به رجل بعينه، ويحتمل أن يعمه مع غيره من سائر المحرمين، فالإجمال ها هنا في الدليل، وأما الحكم وهو عدم مسه بالطيب فلا إجمال فيه، فيسقط الاستدلال بهذا الدليل.
ومثاله أيضًا: قوله عليه السلام في الحج: "الخير كله بيدك والشر ليس إليك"(1).
= وقع على راحلته فوقصته، أو قال: فأوقصته، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا".
كتاب الجنائز، باب الكفن في ثوبين 1/ 219.
وأخرجه مسلم عن ابن عباس بلفظ: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا" كتاب الحج، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (4/ 23).
وأخرجه أبو داود عن ابن عباس بلفظ: "كفنوه في ثوبيه، واغسلوه بماء وسدر، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة يلبي" كتاب الجنائز، باب المحرم يموت كيف يصنع به (3/ 219).
وأخرجه الدارمي في سننه عن ابن عباس بلفظ: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة ملبيًا".
كتاب المناسك، باب المحرم إذا مات ماذا يصنع به (2/ 50).
(1)
أخرجه بهذا اللفظ النسائي عن علي رضي الله عنه من حديث طويل في دعاء الاستفتاح، وفيه:"لبيك وسعديك، والخير كله في يديكَ، والشر ليس إليك، أنا بِكَ وإليك، تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك".
كتاب الافتتاح، باب نوع آخر من الذكر والدعاء 2/ 130. =
استدل المعتزلة على (1) أن الشر من العبد لا من الله عز وجل بهذا الحديث، فقالوا: معنى قوله: والشر ليس إليك، أي، والشر ليس منسوبًا إليك.
ونحن نقول: هذا الجارّ يحتمل تعلقه بمحذوف آخر تقديره: والشر ليس قربة إليك.
فالمعتزلة يعلقونه بالأول، ونحن نعلقه بالثاني، فقد حصل الاحتمال في الدليل؛ لأنه يحتمل ما قاله المعتزلة، ويحتمل ما قلناه، فإذا احتمل واحتمل سقط الاستدلال به، فبطل استدلال (2) المعتزلة به على أن الشر (3) من العبد للإجمال (4) فيه.
ومثاله أيضًا: "نهيه عليه السلام عن الركعة البتراء"(5).
= وأخرج مسلم نحو هذا وفيه: "كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات ويقول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك والخير في يديك، والرغباء إليك والعمل".
كتاب الحج، باب التلبية وصفتها (4/ 8).
وأخرجه أبو داود وفيه: "وكان عبد الله بن عمر يزيد في تلبيته: لبيك لبيك، لبيك وسعديك، والخير بيدك والرغباء إليك والعمل".
كتاب المناسك باب كيفية التلبية رقم الحديث العام 1812 (2/ 162).
وأخرجه ابن ماجه وفيه: وكان ابن عمر يزيد فيها: لبيك لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، لبيك والرغباء إليك والعمل".
رقم الحديث العام 2918، كتاب المناسك، باب التلبية (2/ 974).
(1)
في ز: "إلى".
(2)
في ز: "فيبطل الاستدلال"، وفي ط:"فبطل الاستدلال".
(3)
المثبت من ط وز، وفي الأصل:"على الشر".
(4)
في ط: "لا إجمال"
(5)
رواه ابن عبد البر بسنده إلى أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء أن يصلي =
يحتمل أن يراد بها الركعة التي لم يتقدم لها شيء، فلا يؤتى بركعة الوتر من غير تقدم الشفع قبلها، قاله مالك.
ويحتمل أن يراد بالركعة البتراء: الركعة المنفردة عما قبلها، أي: المقطوعة عما قبلها بسلام، فلا يفصل بين ثلاث ركعات الوتر بسلام، قاله أبو حنيفة.
لأنه قال: لا يجوز أن توتر (1) بركعة واحدة، بل بثلاثٍ بتسليمة (2) واحدة.
فالبتراء (3) يحتمل أن يراد بها: ركعة [ليس قبلها شيء.
= الرجل واحدة يوتر بها، كما عزاه له الزيلعي في نصب الراية، وابن حجر في التلخيص، والذهبي في الميزان.
ورواه عبد الحق في الأحكام من جهة ابن عبد البر عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل واحدة يوتر بها.
وقد عزاه لعبد الحق الزيلعي، وابن حجر، والعجلوني، والسخاوي، كلهم من طريق عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن المدني.
قال عبد الحق في أحكامه: الغالب على حديثه الوهم.
وقال القطان: والحديث شاذ لا يعرج عليه ما لم يعرف عدالة رواته، وقال النووي في الخلاصة: حديث محمد بن كعب في النهي عن البتيراء ضعيف ومرسل، ولم أجده.
انظر: نصب الراية لأحاديث الهداية للزيلعي حديث رقم (132)(2/ 172)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر حديث رقم (266)(1/ 208)، ميزان الاعتدال للذهبي رقم الترجمة (5560)(3/ 53)، كشف الخفاء والالتباس للعجلوني حديث رقم (877)(1/ 230)، المقاصد الحسنة للسخاوي حديث رقم (282)(ص 142).
(1)
في ط وز: "يوتر".
(2)
في ط: "تسليمة".
(3)
في ط: "في البتراء".
ويحتمل أن يراد بها ركعة] (1) منفردة عما قبلها، فالأبتر في اللغة هو: الذي لا ذنب له أو لا عقب له، ومنه قوله تعالى لنبيه عليه السلام:{إِنَّ شَانِئكَ هُوَ الأَبْتَر} (2) أي: هو الذي لا عقب له (3).
فاستدلال الحنفية على أن الوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة ساقط؛ لأجل الإحمال (4) في الدليل.
فهذه الأمثلة الثلاثة (5) وقع الإجمال فيها (6) في نفس الدليل؛ فلأجل ذلك قلنا: سقط (7) بها الاستدلال، بخلاف الأمثلة المتقدمة أولًا، فإن الإجمال إنما وقع فيها في (8) محل الحكم، ولا إجمال (9) في الدليل.
فقوله عليه السلام لغيلان الثقفي: "أمسك أربعًا"، فإن الدليل الذي هو الإذن في اختيار (10) الأربع لا إجمال فيه، وإنما الإجمال في محل الحكم وهو عقود النساء، فيصح الاستدلال به لعدم الإجمال في الدليل؛ إذ الإجمال في محل الدليل لا في (11) نفس الدليل.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(2)
آية رقم 3 من سورة الكوثر.
(3)
"له" ساقطة من ز.
(4)
في ز: "الاحتمال".
(5)
نقل المؤلف هذه الأمثلة بالمعنى مع تقديم وتأخير من الفروق للقرافي 2/ 90، 91.
(6)
في ط: "وقع فيها الإجمال".
(7)
في ط: "ساقط".
(8)
"في" ساقطة من ط.
(9)
في ط: "والإجمال".
(10)
في ز: "الاختيار".
(11)
"في" ساقطة من ز.
وقولنا: حكاية الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال، المراد بهذا الاحتمال: إنما هو الاحتمال المساوي؛ لأنه هو الذي يوجب الإجمال في الدليل كما تقدم من أمثلته (1)، وأما الاحتمال (2) المرجوح فلا يقدح في الدليل، أي: لا يسقط به الاستدلال؛ لأن جميع الأدلة السمعية يتطرق (3) إليها الاحتمال من التخصيص، والتقييد، والمجاز، والاشتراك، والنقل، والإضمار، وغير ذلك كما تقدم في الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ (4)، ومع ذلك فلا تؤثر تلك الاحتمالات المرجوحة في الاستدلال (5) بالدليل.
فالمراد إذًا بهذه القاعدة التي يسقط بها الاستدلال: إنما هو إذا كان الاحتمال مساويًا للاحتمال (6) الآخر، وأما إذا كان أحد الاحتمالين (7) مرجوحًا فلا يقدح في الدليل.
قوله: (وخطاب المشافهة لا يتناول من يحدث بعد إِلا بدليل).
ش: معنى (8) هذه المسألة: أن الخطاب الوارد في زمان النبي عليه السلام مشافهة، كقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ} (9)، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
(1) في ط: "الأمثلة".
(2)
في ز: "الإجمال".
(3)
في ز: "قد تطرق".
(4)
انظر (2/ 417 - 431) من هذا الكتاب.
(5)
في ط: "استدلال".
(6)
في ز: "لاحتمال".
(7)
المثبت من ز، وفي الأصل وط:"الاحتمال".
(8)
في ط وز: "معنى".
(9)
وردت هذه الآية في مواضع كثيرة جدًا، أكتفي بذكر موضع واحد وهو قوله تعالى: =
آمَنُوا} (1)، وقوله تعالى (2):{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (3)، وغير ذلك من خطابات (4) المواجهة هل يخص (5) الموجودين (6) في زمانه عليه السلام دون غيرهم؟ أو هو عامّ لهم ومن (7) سيحدث بعدهم؟ اختُلف (8) في ذلك:
فذهب جمهور العلماء من المالكية (9)، والشافعية (10)، والحنفية (11) وغيرهم: إلى اختصاصه بالموجودين في وقت الخطاب، ولا يثبت الحكم في حق من يحدث بعدهم إلا بدليل من نص، أو قياس، أو إجماع.
= {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} آية رقم 21 من سورة البقرة.
(1)
وردت هذه الآية في مواضع كثيرة، أكتفي بذكر موضع واحد، وهو قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} آية رقم 104 من سورة البقرة.
(2)
"تعالى" لم ترد في ز وط.
(3)
آية 7 من سورة الحشر.
(4)
في ط: "الخطابات".
(5)
في ز وط: "يختص".
(6)
في ز: "بالموجودين".
(7)
في ز وط: "ولمن".
(8)
في ط: "فاختلف".
(9)
انظر نسبة هذا القول للمالكية في شرح التنقيح للقرافي ص 188، شرح التنقيح للمسطاسي ص 103، مختصر ابن الحاجب 2/ 127، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 163.
(10)
انظر: نسبة هذا القول للشافعية في: البرهان 1/ 270، المحصول ج 1 ق 2 ص 634، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 427، 428، الإحكام للآمدي 2/ 274، المنخول ص 124، نهاية السول 2/ 364، المستصفى 1/ 81 - 84.
(11)
انظر نسبة هذا القول للحنفية في: تيسير التحرير 1/ 255، فواتح الرحموت 1/ 279.
وذهبت (1) الحنابلة (2) وطائفة من السلف إلى تعميمه للموجودين والغائبين.
ولا خلاف أن خطاب المشافهة مسترسل (3) على الموجودين وعلى من يحدث بعدهم إلى يوم القيامة، وإنما النزاع بينهم في مستند (4) ثبوته في حق من يحدث بعد (5)، هل ثبت الحكم بخطاب المشافهة؟ أو إنما ثبت بدليل آخر؟
كقوله عليه السلام: "حكمي على الواحد كحكمي على الجماعة"(6)(7).
(1) في ط: "وهبت"، وفي ز:"وذهبت الحنابلية".
(2)
انظر نسبة هذا القول للحنابلة في: شرح الكوكب المنير 3/ 250، 251.
(3)
في ز: "مترسل".
(4)
في ط: "مسند".
(5)
في ط: "بعدهم".
(6)
في ز: "حكم الواحد حكم على الجماعة".
(7)
نقل السخاوي في المقاصد الحسنة (ص 192) عن المزي والذهبي والعراقي قولهم: "إن هذا الحديث لا أصل له".
ويقول الزركشي في المعتبر: لا يعرف بهذا اللفظ، ولكن معناه ثابت، رواه الترمذي، والنسائي من حديث مالك عن محمد بن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم نساء من المهاجرات تبايعه، فقال:"إني لا أصافح النساء وإنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة" وقال الترمذي: حسن صحيح.
انظر: المعتبر ص 157، تحفة الأحوذي 5/ 220.
وأخرجه النسائي من حديث طويل وفيه: "إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة، أو مثل قولي لامرأة واحدة" كتاب البيعة، بيعة النساء 7/ 149، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 357).
وأخرجه الدارقطني في سننه (4/ 46).
وقوله تعالى (1): {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} (2) أي: و (3) لأنذر به من بلغه القرآن.
وقيل معناه (4): ولأنذر به من بلغ الحلم (5).
قوله: (لأن الخطاب موضوع (6) في اللغة للمشافهة).
ش: هذا دليل الجمهور وبيانه: أن الخطاب - لغةً - معناه: مراجعة الكلام، والمراجعة لا تكون إلا مع الموجود الحاضر (7) وهو معنى المشافهة.
قال صاحب العين: شافهت الرجل إذا كلمته من فيّ إلى فيه، فلا تقول العرب: أمرتكم ونهيتكم (8)، أو قوموا (9) أو اقعدوا، أو افعلوا أو اتركوا، إلا لمن هو موجود (10)، فإذا كان الخطاب موضوعًا في أصل الوضع للمشافهة، فلا يعدل عن الأصل إلى غيره إلا بنص أو قياس أو إجماع.
حجة الحنابلة (11) القائلين بالتعميم: أنه لو لم يتناول خطاب الشفاه من
(1)"تعالى" لم ترد في ز.
(2)
آية رقم 19 من سورة الأنعام.
(3)
"الواو" ساقطة من ز.
(4)
"معناه" ساقطة من ط.
(5)
المثبت من ز، وفي الأصل وط:"الحكم".
(6)
المثبت من أوخ وز وش وط، وفي الأصل:"موضوعة".
(7)
في ط: "الخاص".
(8)
في ط: "أو نهيتكم".
(9)
في ط: "وقوموا".
(10)
انظر: العين 3/ 402.
(11)
في ز: "الحنابلية".
سيوجد لما صح الاستدلال بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} (1)، أو (2){يَاأَيُّهَا النَّاسُ} (3)، أو غير (4) ذلك من الأوامر والنواهي في حق من سيوجد إلى يوم القيامة، مع وقوع الإجماع على الاستدلال بذلك.
أجيب عن هذا: أنه إنما صح الاستدلال بخطاب المشافهة في حق المعدومين؛ لثبوت الإجماع على أن أوامر الشارع ونواهيه عامة [على الخلق](5) إلى يوم القيامة جمعًا بين الأدلة.
قوله: (وقول الصحابي: "نهى عليه السلام عن بيع الغرر" (6)، أو "قضى بالشفعة"(7)،
(1) سورة التوبة آية رقم (119).
(2)
"أو" ساقطة من ط.
(3)
سورة النساء آية رقم (1).
(4)
في ز وط: "وغير".
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(6)
أخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر" كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر (5/ 3).
وأخرجه الترمذي عن أبي هريرة في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع الغرر، رقم الحديث العام 1230، 4/ 225.
وأخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة في كتاب التجارات، باب النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر رقم الحديث العام 2194، (2/ 739).
وأخرجه أبو داود في (3/ 254) عن أبي هريرة في كتاب البيوع، باب بيع الغرر.
(7)
أخرجه البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" كتاب الشفعة، باب الشفعة (2/ 32). =
أو "حكم بالشاهد واليمين"(1)، قال الإِمام (2) فخر الدين: لا عموم له).
ش: هذه الأمثلة التي ذكر (3) المؤلف يريد: وما في معناها من قضايا الأعيان، كقول الصحابي:"قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) بالكفارة في الإفطار"(5).
= وأخرجه مسلم عن جابر بلفظ: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم" في كتاب البيوع، باب الشفعة (5/ 57).
وأخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة" رقم الحديث العام 2497، كتاب الشفعة، باب إذا وقعت الحدود فلا شفعة (2/ 834).
وأخرجه النسائي عن جابر قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة والجوار" كتاب البيوع، في ذكر الشفعة وأحكامها (7/ 321).
(1)
أخرجه الإمام مسلم عن ابن عباس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد" كتاب الأقضية، باب القضاء باليمين والشاهد (5/ 128).
وأخرجه أبو داود عن ابن عباس في كتاب الأقضية، باب القضاء باليمين والشاهد، رقم الحديث العام 3608، (3/ 308).
وأخرجه ابن ماجه عن ابن عباس قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاهد واليمين" رقم الحديث العام 2370، كتاب الأحكام باب القضاء بالشاهد واليمين (2/ 793).
وأخرجه مالك في الموطأ 2/ 721.
(2)
في أ: "قال الإمام رحمة الله عليه"، وفي ش:"قال الإمام رحمه الله تعالى"، وفي خ:"قال الإمام رحمه الله".
(3)
في ط: "ذكرها".
(4)
في ط وز: "قضى عليه السلام".
(5)
أورده الشيرازي في اللمع، وذكر الغماري أنه لم يرد بهذا اللفظ، وإنما ورد بمعناه من حديث الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان.
انظر: تخريج أحاديث اللمع ص 94، وقد سبق تخريج هذا الحديث.
مذهب الأكثرين: أنه غير عام (1) كما قاله (2) الإمام فخر الدين (3).
وذهب الأقلون: إلى أنه عام (4) وهو: الصحيح.
وإنما قال فخر الدين: لا عموم له، وإن كان لفظ الراوي صيغة عامة؛ إذ لفظه مفرد معرف باللام، لأجل الاحتمال (5)[لأنه يحتمل](6) أنه عليه السلام نهى عن غرر مخصوص، وقضى بالشفعة لجار مخصوص، وحكم بالشاهد واليمين في شيء مخصوص.
ويحتمل: أن يكون الراوي سمع صيغة خاصة فتوهم أنها عامة، فإذا وقع الاحتمال في الدليل سقط الاستدلال له.
(1) انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 188، 189، شرح التنقيح للمسطاسي ص 103، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد 2/ 119.
المحصول ج 1 ق 2/ 647، المستصفى 2/ 66، البرهان 1/ 348، جمع الجوامع 2/ 35، 36، نهاية السول 2/ 366، 367، شرح الكوكب المنير 3/ 231، مختصر البعلي ص 113، نزهة الخاطر العاطر على روضة الناظر 2/ 145، 146، فواتح الرحموت 1/ 294.
(2)
في ز: "قال".
(3)
انظر: المحصول ج 1 ق 2 ص 647.
(4)
اختار هذا القول الآمدي، وابن الحاجب، وابن الهمام، والشوكاني، وابن قدامة، والفتوحي، والبعلي وغيرهم.
انظر: الإحكام للآمدي 2/ 255، مختصر ابن الحاجب 2/ 119، إرشاد الفحول ص 125، شرح الكوكب المنير 3/ 231، مختصر البعلي ص 113، روضة الناظر وشرحها، نزهة الخاطر العاطر 3/ 145، 146، تيسير التحرير 1/ 249.
(5)
يقول الإمام فخر الدين: فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "قضيت بالشفعة للجار" وقول الراوي: إنه صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة للجار، فالاحتمال فيها قائم ولكن جانب العموم أرجح".
انظر: المحصول ج 1 ق 2 ص 647.
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
فلا يستدل على هذا بقول الراوي: [نهى عليه السلام عن بيع الغرر، على منع كل بيع فيه غرر، يسير أو كثير (1)، ولا يستدل على هذا بقول الراوي](2): قضى عليه السلام بالشفعة (3) للجار (4)، على ثبوت الشفعة لكل جار شريك، أو غير شريك.
ولا يستدل على هذا بقول الراوي: حكم عليه السلام بالشاهد واليمين، [على ثبوت الحكم بالشاهد واليمين](5) في جميع الحقوق من الأموال، والدماء، والبضع وغيرها.
وحجة القائلين بالعموم: أن الراوي عدل عارف بالعربية، فالظاهر: أنه لم ينقل صيغة العموم إلا وقد سمع صيغة لا يشك في عمومها، أو يغلب
(1) في ط: "الغر يسيرًا أو كثيرًا".
(2)
المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.
(3)
في ط: "قضى عليه السلام على ثبوت الشفعة للجار".
(4)
أخرجه النسائي عن جابر قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة والجوار" كتاب البيوع، في ذكر الشفعة، وأحكامها (7/ 321).
وأخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه بلفظ: "الجار أحق بشفعة جاره".
وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي بلفظ: "جار الدار أحق بالدار" وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
انظر: مسند الإمام أحمد 2/ 353، 5/ 17، 22، سنن أبي داود، رقم الحديث العام 3517، 3518، كتاب البيوع، باب في الشفعة 3/ 286، سنن ابن ماجه رقم الحديث العام 2494، كتاب الشفعة، باب الشفعة بالجوار (2/ 833)، سنن الترمذي رقم الحديث العام 1361، كتاب الأحكام، باب ما جاء في الشفعة (3/ 650).
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
على ظنه عمومها، فإذا ظن صدق الراوي فيما ينقله (1) عن النبي عليه السلام وجب اتباعه بالاتفاق (2).
قوله: (لأن الحجة في المحكي لا في الحكاية).
ش: هذه (3) حجة القائلين بعدم العموم، معناه: وإنما قلنا: لا عموم له أي: لا عموم لقول الراوي؛ لأنه لم (4) ينقل كلام (5) النبي عليه السلام، والحجة الشرعية (6): إنما تكون في الكلام المحكي، وهو كلام النبي عليه السلام، ولا تكون الحجة في الحكاية (7) وهي (8) كلام الراوي إلا إذا طابق كلام الراوي كلام النبي عليه السلام، ولكن المطابقة بينهما غير معلومة للاحتمال المذكور (9).
(1) في ز: "نقله"، وفي ط:"فما نقله".
(2)
انظر حجة القائلين بالعموم في: الإحكام للآمدي 2/ 255، مختصر ابن الحاجب 2/ 119، تيسير التحرير 1/ 249، إرشاد الفحول ص 125، شرح الكوكب المنير 3/ 231.
(3)
في ط وز: "هذا".
(4)
في ز: "لا".
(5)
في ط: "في كلام".
(6)
في ز: "المشروعية".
(7)
"في الحكاية" ساقطة من ط.
(8)
في ز: "وهو"، وفي ط:"وفي هي".
(9)
انظر: أدلة الجمهور في عدم العموم في: العضد على ابن الحاجب 2/ 119، المحصول ج 1 ق 2/ 642، المستصفى 2/ 66، 67، المحلي على جمع الجوامع 3/ 232، الإحكام للآمدي 2/ 255، إرشاد الفحول ص 125، شرح الكوكب المنير 3/ 232، تيسير التحرير 1/ 249، فواتح الرحموت 1/ 294.
قوله: (لأن الحجة في المحكي لا في الحكاية).
قد استشكله المؤلف في الشرح، فقال: هذا الموضع مشكل؛ لأن العلماء اختلفوا في نقل الحديث بالمعنى، فإن منعناه: امتنع هذا الفصل؛ لأن قول الراوي: نهى عليه السلام، أو قضى أو حكم، ليس بلفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[وإن قلنا: يجوز نقل الحديث بالمعنى، فمن شرطه ألا يزيد (1) لفظ الراوي في (2) معناه على لفظه عليه السلام](3)، وألا ينقص وألا يكون أجلى منه ولا أخفى منه (4).
كما قرره المؤلف في الباب السادس عشر في الخبر في الفصل العاشر منه في قوله: ونقل الخبر بالمعنى عند أبي الحسين، والشافعي، وأبي حنيفة جائز؛ خلافًا لابن سيرين، وبعض المحدثين بثلاثة شروط:
ألا تزيد الترجمة.
ولا تنقص.
وألا تكون (5) أخفى.
لأن المقصود (6) إنما هو إيصال المعاني فلا يضر فوات غيرها (7).
(1) في ط: "لا يزيد".
(2)
في ط: "على".
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(4)
نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 189.
(5)
في ز: "يكون".
(6)
في ط: "المقصد".
(7)
هذا نص كلام القرافي في التنقيح.
فإذا روى العدل مع هذه الشروط بصيغة (1) العموم، كقوله:"نهى عليه السلام (2) عن بيع الغرر" مثلًا، تعين (3) أن يكون لفظ (4) المحكي عامًا، وإلا كان ذلك قدحًا في عدالته، حيث روي بصيغة العموم ما ليس عامًا، والمقدر أنه عدل مقبول القول، هذا خلف، فلا يتجه قولنا: الحجة في المحكي لا في الحكاية، بل الحجة في الحكاية؛ لأجل قاعدة الرواية (5) بالمعنى (6).
قوله: (أو قضى بالشفعة أو حكم بالشاهد واليمين).
ذكر المؤلف في الشرح أن تصرفه عليه السلام ها هنا، أعني: تصرفه بالقضاء بالشفعة و (7) بالحكم بالشاهد واليمين، يحتمل هذا التصرف أن يكون من باب التصرف بالقضاء وتنفيذ (8) الحكم بين الخصمين، فيكون معنى: قضى بالشفعة، أي: نفذ (9) الحكم بين الخصمين، كقولك: قضى القاضي بين
= انظر: شرح التنقيح ص 380 - 382.
(1)
"الصيغة" ساقطة من ط.
(2)
"عليه السلام" لم ترد في ط.
(3)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"بعين".
(4)
في ز وط: "اللفظ".
(5)
في ط: "رواية الحديث".
(6)
نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 198.
(7)
"الواو" ساقطة من ط.
(8)
في ز: "وتفيد".
(9)
في ز: "عقد".
الخصمين، أي: نفَّذ (1) الحكم بينهما.
ويحتمل أن يكون من باب التصرف بالفتيا والتبليغ (2).
فإذا احتمل واحتمل سقط الاستدلال (3).
فإذا قلنا: المراد به تنفيذ (4) الحكم فلا يصح فيه العموم؛ لأنه (5) عليه السلام لم يقضِ بالشفعة بين الخصمين إلى يوم القيامة، ولا حكم بالشاهد واليمين في جميع الأشياء إلى يوم القيامة.
وإذا قلنا: المراد به الفتيا والتبليغ فيكون عامًا، انظره (6).
وهذا هو سبب الخلاف فيمن اتصل بمال رجل له عليه حق، هل يجوز له أن يأخذ منه حقه بغير إذن قاضٍ، أو لا بد من إذن (7) القاضي؟
والأصل في هذا قوله عليه السلام لهند (8) بنت عتبة، امرأة أبي
(1) في ز: "عقد".
(2)
في ز: "والتبلغ، فيكون معنى قضى بالشفعة أمر وإلزام، كقوله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23].
(3)
في ط: "الاستدلال به".
(4)
في ط: "تفيد".
(5)
في ط: "لا أنه".
(6)
نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 189.
(7)
في ط: "أو لا يجوز له إلا بإذن القاضي".
(8)
هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية، والدة معاوية بن أبي سفيان، ولما كان فتح مكة أسلم زوجها أبو سفيان، ثم أسلمت هي بعده، وكانت امرأة ذات رأي سديد، شهدت اليرموك، وحرضت على قتال الروم مع زوجها أبي سفيان، وتوفيت هند في خلافة عمر بن الخطاب. =
سفيان (1) حين قالت له (2) عليه السلام: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني وولدي (3) ما يكفيني، فقال لها:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"(4).
= انظر: الإصابة 8/ 155، 156، الاستيعاب 4/ 1922، أسد الغابة 5/ 562، 563، الروض الأنف 2/ 277، الطبقات لابن سعد 8/ 235 - 237، خزانة الأدب للبغدادي 1/ 556.
(1)
هو أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وُلدَ سنة 57 قبل الهجرة، وهو من سادات قريش ومن دهاة العرب، ومن أهل الشرف والرأي، أسلم بعد فتح مكة سنة 8 للهجرة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من دخل دار أبي سفيان فهو آمن"، وشهد يوم حنين وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنائم، أصيبت عينه يوم الطائف، وشهد اليرموك وأصيبت عينه الأخرى، وسكن في آخر عمره بالمدينة إلى أن توفي سنة 34 هـ.
انظر: تهذيب ابن عساكر 6/ 388 - 407، سير أعلام النبلاء للذهبي 2/ 105 - 106.
(2)
"له" ساقطة من ط.
(3)
في ز: "لا يعطي ولدي".
(4)
أخرجه البخاري عن عائشة أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" كتاب النفقات، باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف (3/ 289).
وأخرجه النسائي عن عائشة في كتاب آداب القضاة، في قضاء الحاكم على الغائب إذا عرفه (8/ 246 - 247).
وأخرجه ابن ماجه عن عائشة في كتاب التجارات، باب ما للمرأة من مال زوجها، رقم الحديث العام 2293، (2/ 769).
وأخرجه الدارمي في سننه عن عائشة في كتاب النكاح، باب في وجوب نفقة الرجل على أهله (2/ 159).
فاختلف (1) العلماء في هذا التصرف منه عليه السلام: هل هو من باب القضاء فلا يجوز لمن ظفر بحقه أو بجنسه أن يأخذه (2) إلا بقضاء قاضٍ (3)؟ أو هو من باب الفُتيا فيجوز له أن يأخذه بغير علم صاحبه؟
قال ابن الحاجب في كتاب الوديعة: وإذا استودعه من ظلمه بمثلها (4):
فثالثها: الكراهية (5).
ورابعها: الاستحباب (6).
وقال الباجي: والأظهر الإباحة لحديث هند (7).
انظر: القواعد السنية في الفرق السادس والثلاثين بين تصرفه عليه السلام بالقضاء، وبين تصرفه بالفتيا (8).
قوله: ([وكذلك قوله: كان يفعل كذا] (9)، وقيل: يفيده عرفًا).
ش: يعني: أن قول الراوي: "كان عليه السلام يفعل كذا" لا يقتضي العموم (10).
(1) في ز: "واختلف".
(2)
في ز: "يأخذ".
(3)
وهو المشهور من مذهب مالك. انظر: الفروق 1/ 208.
(4)
في ز: "بمثله".
(5)
في ز وط: "الكراهة".
(6)
في ز: "الإباحة".
(7)
هو الحديث السابق.
(8)
انظر: الفروق للقرافي 1/ 208.
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من أ.
(10)
انظر هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 189، 190، التوضيح شرح =
كقول الراوي: "كان عليه السلام يجمع بين الصلاتين في السفر"(1) فلا
= التنقيح لأحمد حلولو ص 64، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 118، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 224، 225، نهاية السول وحاشيته 2/ 361، 363، الإحكام للآمدي 2/ 253، المحصول ج 1 ق 2 ص 648 - 651، اللمع المطبوع مع تخريجه ص 92، 93، شرح الكوكب المنير 3/ 214، 215، مختصر البعلي ص 112، إرشاد الفحول ص 125، تيسير التحرير 1/ 248، فواتح الرحموت 2/ 293.
(1)
أخرجه بهذا اللفظ البزار عن أبي هريرة وإسناده ضعيف؛ لأن فيه محمد بن أبان الجعفي وهو ضعيف، ولأبي يعلى عن ابن مسعود مثله ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي.
انظر: كشف الأستار عن زوائد البزار 1/ 331، مجمع الزوائد 2/ 159، تخريج أحاديث اللمع ص 93.
وفي معناه ما أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء" باب هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء (1/ 194).
وأخرجه مسلم عن ابن عمر في كتاب الصلاة، باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر 2/ 150.
وأخرجه أبو داود عن ابن عمر في كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين 2/ 7.
وأخرجه الترمذي في باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين 2/ 33 رقم الحديث 553، 555.
وأخرجه النسائي عن ابن عمر في كتاب الصلاة، باب الحال التي يجمع فيها بين الصلاتين 1/ 289.
وأخرجه الدارمي في سننه عن عبد الله بن عمر في كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين 1/ 357.
وأخرجه مالك في الموطأ في كتاب قصر الصلاة 1/ 143، رقم الحديث 1، 2.
وأخرجه أبو داود عن معاذ بن جبل في غزوة تبوك بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء"(2/ 5).
وأخرجه ابن ماجه عن معاذ بهذا اللفظ في كتاب إقامة الصلاة، باب الجمع بين =
يعم وقتي الصلاتين (1)، وهو محتمل لوقوع الجمع في وقت الأولى، ولوقوعه في وقت الثانية؛ لأن الفعل إنما يدل على وقوع الجمع في أحد الوقتين، ولا يقتضي تعيين الوقت.
هذا (2) معنى قول الأصوليين: الفعل المثبت لا يكون عامًا في أقسامه، وإنما قال بأن (3)"كان" لا تدل على العموم؛ لأنها موضوعة لمطلق وقوع الفعل في الزمان الماضي كسائر الأفعال، وذلك أعم من كون الفعل تكرر بعد ذلك، أو لم يتكرر، انقطع بعد ذلك أو لم ينقطع.
قال أبو موسى الجزولي: فكان لاقتران (4)[مضمون](5) الجملة بالزمان الماضي (6).
قوله: (وقيل: يفيده (7) عرفًا).
أي: وقال بعضهم: يفيد العموم من جهة العرف والعادة، لا من جهة اللغة؛ لأنه إذا قيل: كان فلان يتهجد (8) بالليل لا يحسن ذلك إلا إذا كان
= الصلاتين في السفر، رقم الحديث العام 1070، (1/ 340).
وأخرجه الدارمي في سننه (1/ 356) عن معاذ بلفظ نحو هذا.
(1)
في ز: "الصلاة".
(2)
في ط وز: "وهذا".
(3)
في ز: "لأن"، وفي ط:"إن".
(4)
في ز: "الاقتران".
(5)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(6)
انظر: الشرح الصغير لمقدمة الجزولية تحقيق الشيخ ناصر الطريم ص 79.
(7)
في ط: "يفيد".
(8)
في ط: "يتجهدد".
متكررًا منه، وهذا معنى قوله: وقيل: يفيده عرفًا؛ أي: يفيد العموم عرفًا لا لغة.
ولكن المراد بالعموم ها هنا التكرار، [وإطلاق العموم (1) على التكرر (2) مجاز، فإن الذي يفيده "كان" في العرف هو التكرار في الزمان الماضي، كقولهم: كان حاتم يكرم الضيف، وكقولك (3): كان زيد يفعل كذا، وقولك: كنا نفعل كذا إنما يفيد (4) التكرار ولا يفيد العموم، فإطلاق العموم على التكرار](5) مجاز، فلو كان يفيد العموم الحقيقي لكان حاتم في قولنا: كان حاتم يكرم الضيف، يكرم جميع أضياف الدنيا، وليس كذلك.
وهذا كله إذا (6) نسب إلى الله تعالى (7) كقوله: {وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا} (8)، {وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (9)، {وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (10)، {وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} (11)، فدلت قرينة عقلية (12) أن (13)
(1) المثبت من ز، وفي الأصل:"العمر".
(2)
في ز: "التكرار".
(3)
في ز: "وقولك".
(4)
في ز: "يفيده".
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(6)
في ز وط: "كله بخلاف كان إذا".
(7)
في ز وط: "تبارك وتعالى".
(8)
آية 96 من سورة النساء.
(9)
آية 40 من سورة الأحزاب.
(10)
وردت هذه الآية في عدة مواضع منها: آية رقم 158، 165 من سورة النساء، آية رقم 7، 19 من سورة الفتح.
(11)
آية رقم 147 من سورة النساء.
(12)
"عقلية" ساقطة من ط.
(13)
في ز: "على أن".
الله تعالى (1) موصوف بذلك دائمًا في الماضي، والحال، والمستقبل؛ لأن هذه الصفات واجبة له تعالى، فما كان واجبًا (2) امتنع عدمه وذلك من دليل العقل لا من لفظ "كان".
قوله: (قال القاضي عبد الوهاب: إِن سائر ليست للعموم فإِن معناها: باقي الشيء لا جملته (3)، وقال صاحب الصحاح وغيره من الأدباء: إِنها بمعنى (4) جملة الشيء، وهي مأخوذة (5) من سور المدينة المحيط بها (6)، لا من (7) السؤر الذي هو البقية، فعلى هذا (8) تكون (9) للعموم، والأول عليه الجمهور والاستعمال (10)).
ش: ذكر المؤلف لفظين (11) في هذه اللفظة وهي سائر.
قيل: هي من صيغ العموم، وهو مذهب صاحب الصحاح (12) - وهو
(1)"تعالى" لم ترد في ط.
(2)
في ز: "واجبة لله تعالى جوابًا امتنع".
(3)
في ط: "جمته".
(4)
في أ: "إنها لمعنى".
(5)
في أوز وط: "وهو مأخوذ".
(6)
"بها" ساقطة من أوش.
(7)
في ط: "لأن".
(8)
في ز: "فهذا".
(9)
في أوش: "يكون".
(10)
في أوش: "وعلى الأول".
(11)
في ط: "قولين".
(12)
يقول الجوهري في الصحاح (2/ 692): وسائر الناس جميعهم.
وانظر نسبة هذا المذهب للجوهري في: شرح التنقيح للقرافي ص 190، نهاية السول =
إسماعيل بن أحمد صاحب تاج اللغة - وقال به طائفة من الأدباء.
واستدلوا على ذلك: بأنه (1) مأخوذ من السور الذي هو الحائط، فيقتضي هذا الاشتقاق العموم، فكما أن الحائط يعم ما أحاط به، فكذلك هذا اللفظ الذي أخذ منه.
ومن هذا قوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ} (2) وهذا السور هو المراد بقوله (3) تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} (4).
فالسور هو: الحجاب (5) ومنه قول الشاعر:
لما أتى خبر الزبير تواضعت
…
سور المدينة والجبال الخشع
وأصل السور غير المهموز: الارتفاع، مأخوذة (6) من قولهم: سار يسور سورًا إذا علا وارتفع، يقال لفلان سورة في المجد أي: علو وارتفاع، وسميت سورة القرآن سورة لعلوها وارتفاعها (7).
ومنه قول النابغة:
= 2/ 323، شرح الكوكب المنير 3/ 159، مختصر البعلي ص 109، كشف الأسرار 1/ 110.
(1)
في ط: "أنه".
(2)
آية رقم 13 من سورة الحديد.
(3)
في ط وز: "المراد بالحجاب في قوله".
(4)
آية رقم 46 من سورة الأعراف.
(5)
في ط وز: "حجاب في سورة الأعراف".
(6)
في ط وز: "مأخوذ".
(7)
انظر: لسان العرب مادة (سور).
ألم تر أنَّ الله أعطاك سورة
…
ترى كلَّ ملك دونها يتذبذب
فإنك شمس والملوك كواكب
…
إذا طلعتْ لم يبدُ منهن كوكب (1)
وقيل: ليس (2) من صيغ العموم، وهو مذهب القاضي عبد الوهاب وجمهور الأصوليين (3).
والدليل على ذلك (4) قوله عليه السلام لغيلان: "أمسك أربعًا وفارق سائرهن" أي: باقيهن.
وقوله عليه السلام: "إذا أكلتم (5) فاستفضلوا"(6) و"إذا شربتم فاستسئروا"(7) أي: إذا شربتم فأبقوا بقية من الشراب في الإناء.
(1) هذان البيتان من قصيدة للنابغة الذبياني يعتذر فيها للنعمان بن المنذر ويمدحه ومطلع القصيدة:
أتاني أبيت اللعن أنك لمتني
…
وتلك التي أهتم منها وأنصب
انظر: ديوان النابغة ص 17، 18، والمصون لأبي أحمد العسكري ص 154.
(2)
"ليس" ساقطة من ز.
(3)
انظر نسبة هذا القول للقاضي عبد الوهاب وجمهور الأصوليين في: شرح التنقيح للقرافي ص 190، شرح الكوكب المنير 3/ 158، مختصر البعلي ص 109.
واختار هذا القول الإسنوي في نهاية السول 2/ 323.
(4)
"على ذلك" ساقطة من ز.
(5)
في ط: "إذا أكلتم".
(6)
لم أجده في كتب الحديث المسندة.
وذكره ابن الديبع في تمييز الطيب من الخبيث، رقم الحديث 65 (ص 19)، وذكره العجلوني في كشف الخفاء حديث رقم (205)(1/ 85 - 86) وذكره القاري في الأسرار المرفوعة حديث رقم (22) ص 88.
(7)
لم أجده في كتب الحديث المسندة، وذكره القاري حيث قال: حديث: "إذا أكلتم =
ومنه قول ابن دريد في المقصورة:
حاش لما (1) أسأره (2) في الحجا
…
والحلم أن اتبع رواد الخَنَا (3)
أي: أبقاه الحجا والحلم في، والحجا هو: العقل، والخنا هو: الفحش من الكلام، والرواد جمع رائد، والرائد هو: المتقدم أمام القوم (4).
ومنه أيضًا ما أنشده سيبويه رحمه الله تعالى (5):
ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه
…
وسائره بادٍ إلى الشمس أجمع (6)
قوله: وسائره أي: باقيه (7).
= فأفضلوا" يوافقه حديث: "لا خير في طعام ولا شراب ليس له سؤرٌ" وحديث: "إذا شربتم فاسئروا" ذكرهما عياض، وابن الأثير الثاني.
انظر: الأسرار المرفوعة حديث رقم (22) ص 88، ونقل العجلوني كلام القاري هذا، انظر: كشف الخفاء، حديث رقم (205) ص 85، 86.
(1)
"لما" ساقطة من ط.
(2)
في ز: "بما استأسره".
(3)
انظر: شرح مقصورة ابن دريد للخطيب التبريزي رقم البيت (252) ص 222.
(4)
انظر شرح هذه الألفاظ في المصدر السابق.
(5)
"تعالى" لم ترد في ز وط.
(6)
هذا البيت من شواهد سيبويه ولم أجد قائله.
والشاهد فيه: إضافة مدخل إلى الظل، ونصب الرأس به على الاتساع، وكان الوجه أن يقول: مدخل رأسه الظل؛ لأن الرأس هو الداخل في الظل، والظل المدخَل فيه.
انظر: الكتاب وحاشيته 1/ 56، 57، الدرر اللوامع 2/ 156، أمالي المرتضي 1/ 216.
(7)
في ط: "أي وباقيه".
وقوله: مدخل الظل رأسه: هذا من باب قلب الكلام، وهو من فصيح الكلام (1)، تقديره (2): مدخل رأسه الظل، كما يقال: أدخلت الخاتم في أصبعي، وأدخلت القلنسوة رأسي (3)، وأدخلت الخف رجلي (4).
ومنه قوله تعالى: {وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ} (5) أي: قد (6) بلغت الكبر.
ومنه قوله عليه السلام: "زينوا القرآن بأصواتكم"(7) أي: زينوا أصواتكم بالقرآن.
(1) في ط وز: "المقال".
(2)
في ط: "تقدير".
(3)
في ز وط: "في رأسي".
(4)
في ز: "في رجلي"، وفي ط: "في رجلي فإن تقدير جميع ذلك أدخلت أصبعي في الخاتم وأدخلت رجلي في الخف ومنه
…
" إلخ.
(5)
آية رقم 40 من سورة آل عمران.
(6)
في ط وز: "أي وقد".
(7)
هذا الحديث جعله البخاري عنوانًا فقال: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع الكرام البررة، وزينوا القرآن بأصواتكم".
ثم أورد هذا الحديث: عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به".
انظر: صحيح البخاري كتاب التوحيد (4/ 308).
وأخرجه أبو داود عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "زينوا القرآن بأصواتكم" رقم الحديث العام 1468 كتاب الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة (2/ 74).
وأخرجه النسائي عن البراء بهذا اللفظ في كتاب الافتتاح، تزيين القرآن بالصوت 2/ 179.
وأخرجه ابن ماجه عن البراء بهذا اللفظ في كتاب الإقامة، باب في حسن الصوت بالقرآن رقم الحديث العام 1342، (1/ 426).
وأخرجه الدارمي في سننه عن البراء بهذا اللفظ في كتاب فضائل القرآن، باب التغني بالقرآن (2/ 474).
ومنه قول العرب: إذا طلعت الشعرى (1) استوى العود على الحرباء؛ أي إذا طلعت الشعرى استوى الحرباء على العود.
وقال صاحب درة الغواص: استعمال سائر بمعنى الجميع من لحن الخواص، وإنما هو في كلام العرب بمعنى الباقي.
واختلف هل يستعمل في الباقي مطلقًا (2) قلّ أو كثر؟ قولان:
قيل (3): لا يستمعل إلا في الباقي القليل.
فالصحيح (4) أنه يستعمل في الباقي مطلقًا لا فرق بين الباقي القليل، والباقي الكثير.
بدليل: إجماع أهل اللغة على معنى قوله عليه السلام: "إذا شربتم فاستسئروا" أي: أبقوا في الإناء بقية ماء.
ويدل عليه أيضًا قوله عليه السلام في حديث غيلان: "وفارق سائرهن"؛ لأن الباقي أكثر من الأربع.
ويدل عليه أيضًا (5) بيت سيبويه المتقدم وهو قوله:
............................ وسائره باد إلى الشمس أجمع
(1) في لسان العرب: الشعرى كوكب نير يقال له: المرزم، يطلع بعد الجوزاء، وطلوعه في شدة الحر، تقول العرب: إذا طلعت الشعرى جعل صاحب النحل يرى.
انظر: اللسان مادة (شعر).
(2)
"مطلقًا" ساقطة من ز.
(3)
"قيل" ساقطة من ط.
(4)
في ز وط: "والصحيح".
(5)
"أيضًا" ساقطة من ز.
لأن الباقي من الثور أكثر من رأسه.
وهذا كله يقتضي: أن سائر يستعمل في كل باقٍ كان (1) قليلًا أو كثيرًا.
انظر: درة الغواص (2).
قوله: (وقال (3) الجبائي: الجمع المنكَّر للعموم، خلافًا للجميع في حملهم له (4) على أقل الجمع).
ش: ذكر قولين في الجمع المنكر:
مذهب الجمهور: أنه لا يقتضي العموم.
ومذهب الجبائي، ومن معه: أنه يقتضي العموم (5).
قوله: (الجمع) احترازًا من المفرد معرفًا ومنكرًا (6).
(1)"كان" ساقطة من ط.
(2)
انظر: درة الغواص للقاسم الحريري ص 4، 5 تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.
(3)
"وقال" ساقطة من ط.
(4)
"له" ساقطة من أ.
(5)
انظر مذهب الجمهور ومذهب الجبائي ومن وافقه في الجمع المنكر في: شرح التنقيح للقرافي ص 191، شرح التنقيح للمسطاسي ص 104، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 164، 165، مختصر ابن الحاجب 2/ 104، المحصول ج 1 ق 2/ 614، المعتمد 1/ 229، 230، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 418، 419، البرهان 1/ 336، نهاية السول 2/ 347 - 349، شرح الكوكب المنير 3/ 142، 143، العدة لأبي يعلى 2/ 523، مختصر البعلي ص 108، القواعد والفوائد الأصولية ص 238، المسودة ص 106، التمهيد 2/ 50 - 52، إرشاد الفحول ص 123، تيسير التحرير 1/ 205، فواتح الرحموت 1/ 268.
(6)
في ز: "أو منكرًا".
وقوله: (المنكر) احترازًا من الجمع المعرَّف؛ وذلك أن ها هنا أربعة أشياء: المفرد المعرف، والمفرد المنكر، فالمعرف يقتضي العموم دون المنكر، كما أشار إليه المؤلف بقوله أولًا: والمعرف باللام مفردًا، والثالث والرابع: الجمع المعرف، والجمع المنكر.
أما الجمع المعرف: فهو الذي يفيد العموم، كما أشار إليه المؤلف أيضًا بقوله (1):(والمعرف باللام جمعًا).
وأما الجمع المنكر: هو (2) الذي (3) تكلم عليه ها هنا:
ذكر (4) أن المشهور فيه عند الأصوليين أنه لا يفيد العموم.
وقال الجبائي وجماعة (5): يفيد العموم.
مثاله: قولك: أكرم رجالا (6) فلا يفيد العموم على مذهب الجماعة، فإذا أكرم ثلاثة رجال فقد خرج عن عهدة التكليف.
وقال الجبائي: لا بد أن يكون جميع الرجال.
ودليل الجمهور: أنه نكرة في سياق الإثبات فلا يعم حتى تدخل عليه أداة التعريف، وهي اللام أو الإضافة (7).
(1) في ط: "أولًا بقوله".
(2)
في"ط" و"ز": "فهو".
(3)
"الذي" ساقطة من ط.
(4)
في ط وز: "وذكر".
(5)
في ز: "وجماعته".
(6)
في ز: "رجلًا".
(7)
في ز: "والإضافة".
ودليل آخر: اتفاق العلماء على باب الإقرار، وباب النذر، وباب الوصية، وباب الصدقة: بأنه (1) إذا أقر بدراهم، أو نذر (2) دراهم، أو أوصى بدراهم، أو تصدق بدراهم، فلا يلزمه إلا أقل الجمع في جميع هذه الأبواب، وهو: ثلاثة دراهم، ولا يعم أكثر من ذلك.
ودليل آخر: حمل الجمع المنكر على المفرد المنكر، فكما أن رجلًا حقيقة في كل فرد من أفراد الرجال على طريق البدل، كذلك رجال حقيقة في كل جمع من أفراد الجموع على طريق البدل، فهو: للقدر المشترك بين الجموع.
ودليل آخر: أنه لو استغرق الجمع (3) لم يكن نكرة والمقدر (4) أنه نكرة، فهذا (5) خُلف.
وحجة الجبائي: أن حمله على العموم حمل له على جميع حقائقه، فيكون أولى؛ لأن حمل اللفظ على جميع حقائقه أولى من حمله على بعض حقائقه (6).
وأجيب عن هذا: بأن حقيقته واحدة، وهي القدر المشترك بين الجموع (7) كزيد وعمرو، فهي محل حقيقته لا أنها حقائقه، فقوله: جميع حقائقه، كلام
(1) في ز: "فإنه".
(2)
في ز: "أو أنذر".
(3)
في ط وز: "الجنس".
(4)
في ز: "والمقصود".
(5)
في ط: "وهذا".
(6)
انظر دليل الجبائي في: شرح التنقيح للقرافي ص 191، شرح التنقيح للمسطاسي ص 104، المحصول ج 1 ق 2 ص 615، نهاية السول 2/ 348.
(7)
في ط وز: "الجموع وأما أفراد الجموع كزيد".
باطل (1).
وأيضًا: يلزمه أن يحمل رجلًا على جميع أفراد الرجال ولا قائل به.
قوله: (والجمع المنكَّر للعموم
…
) (2) المسألة، المراد بهذا الجمع هو: جمع الكثرة، وأما جمع القلة فلا يتصور فيه الخلاف؛ لأنه ظاهر في العشرة فما دونها فلا عموم له (3).
قوله: (والعطف على العام لا (4) يقتضي العموم، نحو قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يتَرَبَّصْنَ بِأَنفسِهِنَّ ثَلاثَةَ قرُوءٍ} (5)، ثم قال:{وَبُعُولَتهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (6) فهذا الضمير لا يلزم أن يكون [عامًا في جميع (7) ما تقدم؛ لأن العطف مقتضاه التشريك في الحكم الذي سيق الكلام لأجله فقط).
ش: ومعنى هذه المسألة: أنه إذا عطف] (8) خاص (9) على عام (10) فلا
(1) انظر هذا الجواب في: شرح التنقيح للقرافي ص 191، شرح التنقيح للمسطاسي ص 104.
(2)
في أوخ وش: "وقال الجبائي: الجمع المنكر للعموم خلافًا للجميع في حملهم له على أقل الجمع".
(3)
"فلا عموم له" ساقطة من ط.
(4)
"لا" ساقطة من ط.
(5)
آية رقم 228 من سورة البقرة.
(6)
آية رقم 228 من سورة البقرة.
(7)
في أوخ وش: "في جملة".
(8)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(9)
في ط: "على خاص".
(10)
في ط: "عدم".
يحكم بعموم المعطوف عليه على المعطوف (1)، تقديره: وعطف الخاص على العام لا يقتضي عموم ذلك الخاص حملًا له (2) على ذلك العام.
نحو قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (3)، ثم قال بعد ذلك:{وَبعُولَتهُنَّ أَحَقّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (4).
فالمعطوف عليه هو قوله (5): {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (6) فهو (7) عام؛ لأنه جمع معرف بلام التعريف (8)، فهو عام للبائنات، والرجعيات؛ لأن الجميع يؤمرن بالتربص ثلاثة قروء.
وقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (9).
(1) انظر هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 191، شرح التنقيح للمسطاسي ص 104، الإحكام للآمدي 2/ 258، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 224، المحصول ج 1 ق 2 ص 633، 634، المستصفى 2/ 70، 71، شرح الكوكب المنير 3/ 259، مختصر البعلي ص 124، تيسير 1/ 320.
وهذه المسألة فرع عن مسألة أخرى سيأتي تفصيل المؤلف لها في الفصل الرابع من هذا الباب عند شرح قول القرافي في التنقيح: وعطف الخاص على العام لا يقتضي تخصيصه خلافًا للحنفية.
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 222.
(2)
"له" ساقطة من ز.
(3)
آية رقم 228 من سورة البقرة.
(4)
"بعد ذلك" ساقطة من ز.
(5)
في ط: "قوله تعالى".
(6)
آية رقم 228 من سورة البقرة.
(7)
في ز: "فهذا".
(8)
في ط: "بالألف واللام فهو".
(9)
آية رقم 228 من سورة البقرة.
فهذا (1) الضمير المذكور في المعطوف هو خاص بالرجعيات دون البائنات؛ إذ لا رجعة في البائنات.
قوله: (لأن العطف مقتضاه التشريك في الحكم الذي سيق الكلام لأجله فقط).
ش: هذا (2) توجيه عدم العموم، بيانه (3): أنه لا يلزم التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه، إلا في الحكم الذي سيق الكلام لأجله، والحكم الذي سيق الكلام لأجله ها هنا هو: الأمر بالتربص (4)، ولا يلزم الاشتراك بين المتعاطفين في غير ذلك من عوارض الكلام من (5) عموم وخصوص وظروف وأحوال وغير ذلك.
فإذا قلت: أكرمت زيدًا أو عمرًا (6) وقع الاشتراك بين المتعاطفين في الإكرم.
وإذا قلت: أكرمت زيدًا في الدار وعمرًا، فلا يلزم الاشتراك إلا في الإكرام دون مكانه الذي هو الدار.
وإذا (7) قلت: أكرمت زيدًا يوم الجمعة وعمرًا، فلا يلزم الاشتراك إلا في
(1) في ز: "فهو".
(2)
في ز: "هذه".
(3)
في ز: "وبيانه".
(4)
في ز: "هو التربص".
(5)
في ط: "ومن"
(6)
في ط: "وعمرًا".
(7)
في ز: "فإذا".
الإكرام، وإذا قلت: أكرمت زيدًا قائمًا وعمرًا، فلا يلزم الاشتراك إلا في الإكرام، ولا يلزم الاشتراك في حال الإكرام، وهو: القيام، فإنه يقتضي إكرام عمرو سواء كان قائمًا أو قاعدًا، بخلاف زيد فإنه يقتضي إكرامه في حال قيامه خاصة دون غيره (1).
قال الباجي في الفصول: قد يرد (2) أول اللفظ عامًا وآخره خاصًا، وقد يرد (3) أوله خاصًا وآخره عامًا، [ويحمل](4) كل واحد منهما على ما يقتضيه لفظه من خصوص أو عموم (5). انتهى نصه (6).
فهاتان مسألتان:
إحداهما: أن يكون الأول عامًا، والثاني خاصًا.
والثانية: عكسها، وهو: أن يكون الأول خاصًا، والثاني عامًا.
تكلم المؤلف ها هنا على إحدى المسألتين، وهو (7) كون الأول عامًا والثاني خاصًا، فذكر أنه لا يحكم بحكم الأول على الثاني.
وتكلم في الفصل الرابع على أنه لا يحكم بحكم الثاني على الأول في قوله: "والضمير الخاص [لا يخصص](8) عموم ظاهره، كقوله تعالى:
(1) في ط وز: "قعوده".
(2)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"يراد".
(3)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"يراد"
(4)
في الأصل و"ز" و"ط""ويحتمل" والمثبت من إحكام الفصول وهو الصواب.
(5)
في ز: "لفظه من عموم أوخصوص".
(6)
انظر: إحكام الفصول في أحكام الأصول لأبي الوليد الباجي (1/ 165) تحقيق عمران العربي.
(7)
في ط: "وهي".
(8)
المثبت من "ز" و"ط" وفي الأصل "يخصص".
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ} (1) هذا عام، ثم قال:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِردِّهِنَّ} (2) فهذا (3) خاص بالرجعيات، نقله الباجي منا خلافًا للشافعي والمزني" (4)(5)، وسيأتي بيانه هنالك (6) إن شاء الله تعالى (7).
قوله: (وقال الغزالي: المفهوم لا عموم له، قال الإِمام: إِن عنى به (8) أنه لا يسمى عامًا لفظيًا فقريب (9)، وإِن عنى به أنه (10) لا يفيد عموم
(1) آية رقم 228 من سورة البقرة.
(2)
آية رقم 228 من سورة البقرة.
(3)
في ط وز: "وهذا".
(4)
في ز: "والمازني" والمزني هو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو ابن إسحاق المزني، نسبة إلى مزينة من مضر، ولد سنة خمس وسبعين ومائة (175 هـ)، صاحب الإمام الشافعي وحدث عنه، وكان زاهدًا عالمًا مجتهدًا ثقة، وهو إمام الشافعيين وأعرفهم بطرقه وفتاويه، ولم يتقدم عليه أحد من أصحاب الشافعي، روى عنه أبو بكر بن خزيمة والطحاوي، توفي رحمه الله سنة أربع وستين ومائتين (264 هـ) بمصر. من مصنفاته:"المسائل المعتبرة"، "الوثائق"، "المنثور"، "الترغيب في العلم".
انظر: طبقات الشافعية للسبكي، تحقيق: الحلو والطحان 2/ 93 - 109، طبقات الشافعية للشيرازي ص 79، وفيات الأعيان 1/ 217، مرآة الجنان 2/ 177 - 179، النجوم الزاهرة 3/ 39، شذرات الذهب 2/ 148.
(5)
هذا نص كلام القرافي في التنقيح، انظر: شرح التنقيح ص 218، 219.
(6)
في ط وز: "هناك"، وانظر (3/ 340 - 343) من هذا الكتاب.
(7)
"تعالى" لم ترد في ط.
(8)
"به" ساقطة من أوش.
(9)
في ط: "وقريب".
(10)
المثبت من ط، وفي الأصل وز:"عنى أنه".
انتفاء الحكم فدليل كون المفهوم حجة ينفيه (1)).
ش: المراد بالمفهوم ها هنا هو (2): مفهوم المخالفة، ذكر المؤلف في الباب الأول في الفصل الثامن في التخصيص: أن المفهوم يقتضي العموم في قوله [في حقيقة التخصيص: إخراج بعض ما يتناوله اللفظ العام أو ما يقوم مقامه (3).
فقوله: أو ما] (4) يقوم مقامه، المراد (5) به: المفهوم (6).
وذكر ها هنا أن الغزالي - وهو (7) محمد بن محمد الطوسي -: [قال](8) إن المفهوم لا عموم له (9).
(1) المثبت من أوخ وش وز وط، وفي الأصل:"لنفيه".
(2)
"هو" ساقطة من ط.
(3)
هذا نص كلام القرافي في التنقيح، انظر: شرح التنقيح ص 51، وانظر (1/ 461 - 464) من هذا الكتاب.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(5)
في ط وز: "أراد".
(6)
انظر تفصيل هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي (ص 191)، مختصر ابن الحاجب (2/ 119 - 120)، الإحكام للآمدي (2/ 257)، شرح المحلي على جمع الجوامع (1/ 416)، المحصول ج 1 ق 2 (ص 654 - 655)، تيسير التحرير (3/ 260)، فواتح الرحموت 1/ 297.
(7)
"هو" ساقطة من ط.
(8)
المثبت لم يرد في الأصل و"ز" و"ط" وإثباته يقتضيه السياق.
(9)
انظر: المستصفى (2/ 70).
ووافق الغزالي في أن المفهوم لا عموم له: شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عقيل والبعلي.
انظر: المسودة ص 143، 144، مختصر البعلي ص 113، القواعد والفوائد الأصولية ص 237.
وهذا الخلاف إنما هو لفظي لا معنوي؛ إذ الخلاف في التسمية خاصة دون المعنى؛ وذلك أن الغزالي إنما قال: لا عموم له أي: لا يسمى عامًا؛ لأنه من قبيل المسكوت عنه، والعموم من قبيل (1) الملفوظ به (2).
بيَّن الإمام فخر الدين هذا فقال: إن عنى الغزالي بقوله: لا عموم للمفهوم (3): أنه لا يسمَّى عامًا (4) لفظيًا، وإنما هو عام معنوي، فذلك قريب، أي: فذلك ممكن أن يريده، أي: فقريب مكانه.
وإن عنى الغزالي بقوله: لا عموم للمفهوم: أنه لا يفيد عموم عدم الحكم في المسكوت عنه، فالقول بكون المفهوم حجة (5) يكذِّب ما قاله الغزالي من عدم إفادة المفهوم للعموم، فإن الغزالي رحمه الله ممن قال (6) بأن المفهوم حجة؛ لأنه قال بمفهوم (7) النفي في المسكوت (8) عنه، فقول الغزالي: المفهوم لا عموم (9) له، يعني: من حيث اللفظ لا من حيث المعنى؛ ليكون (10) ذلك موافقًا لمذهبه؛ لأنه يقول بمفهوم المخالفة (11).
(1) في ط: "قبل".
(2)
"به" ساقطة من ز.
(3)
في ط: "المفهوم".
(4)
"عامًا" ساقطة من ط.
(5)
في ط: "يكون حجة".
(6)
في ط وز: "من القائلين".
(7)
في ط: "لأنه يقول بمفهوم"، وفي ز:"لأنه يقول بعموم".
(8)
في ط: "السكوت".
(9)
"لا عموم" ساقطة من ط.
(10)
في ز: "فيكون".
(11)
ذكر المؤلف كلام الرازي بمعناه.
انظر: المحصول ج 1 ق 2 ص 654، 655.
قوله: (وخالف القاضي أبو بكر في جميع هذه الصيغ، وقال بالوقف مع الواقفية، وقال أكثر الواقفية: إِن الصيغ مشترك (1) بين العموم والخصوص، وقيل: يحمل على أقل الجمع، وخالف أبو هاشم مع الواقفية في الجمع المعرف باللام، وخالف الإِمام فخر الدين مع الواقفية في المفرد (2) المعرف باللام (3)).
ش: اختلف العلماء في العموم هل له صيغة تخصه في لسان العرب أم لا؟
فقالت المرجئة (4): لا صيغة للعموم في لسان العرب (5).
وقال جمهور العلماء: له صيغة تخصه (6).
(1) في أوز وش وط: "مشتركة".
(2)
المثبت من أوخ وز وش، وفي الأصل:"الفرد".
(3)
في أ: "وخالف الإمام في المفرد المعرف باللام"، وفي خ:"وخالف الإمام فخر الدين في المفرد المعرف باللام".
(4)
الإرجاء إما مأخوذ من التأخير أو الرجاء، والمرجئة اثنتا عشرة فرقة، من مقالاتهم: أنه لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة، ومعظمهم لا يدخل العمل في الإيمان، والمرجئة أربعة أصناف: مرجئة الخوارج، ومرجئة القدرية، ومرجئة الجبرية، والمرجئة الخالصة.
انظر: الفرق بين الفرق ص 202، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 186.
(5)
انظر: الإحكام في أصول الأحكام 2/ 200، اللمع مع تخريجه ص 91، التمهيد 2/ 6، الوصول إلى الأصول لابن برهان 2/ 207، شرح الكوكب المنير 3/ 109، المسودة ص 89، إرشاد الفحول ص 115.
(6)
انظر تفصيل هذا القول وأدلته في: شرح التنقيح للقرافي ص 194، شرح التنقيح للمسطاسي ص 105، إحكام الفصول في أحكام الأصول لأبي الوليد الباجي 1/ 137 - 143، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 102، 103، الإحكام =
وهو القول الذي صدر به المؤلف في أول الفصل في قوله: (الفصل الأول (1) في أدوات العموم وهي نحو من عشرين صيغة (2))، فأثبت المؤلف بذلك (3) للعموم صيغة تخصه كما قال الجمهور.
القول الثالث: بالوقف، وهو قول القاضي أبي بكر مع الواقفية (4).
وإليه أشار المؤلف بقوله ها هنا: (وخالف القاضي أبو بكر في جميع هذه الصيغ وقال بالوقف مع الواقفية)(5) والمراد بقوله: هذه الصيغ: جميع
= للآمدي 2/ 200 - 203، المعتمد 1/ 195 - 201، المستصفى 2/ 38 - 44، شرح الكوكب المنير 3/ 110، 111، العدة 2/ 485، مختصر البعلي ص 106، التمهيد 2/ 7 - 13، القواعد والفوائد الأصولية ص 194، المسودة ص 89، 100، الوصول إلى الأصول لابن برهان 1/ 210، 211 تيسير التحرير 1/ 195، 229، فواتح الرحموت 1/ 260.
(1)
"الأول" ساقطة من ز.
(2)
انظر (3/ 61 - 62) من هذا الكتاب.
(3)
في ز: "فأثبت بذلك المؤلف"، وفي ط:"فأثبت المؤلف لذلك العموم".
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 192، مختصر ابن الحاجب 2/ 102، المحصول ج 1 ق 2 ص 523، البرهان 1/ 322، الإحكام للآمدي 2/ 200، جمع الجوامع 1/ 410، شرح الكوكب المنير 3/ 109، مختصر البعلي ص 106، القواعد والفوائد الأصولية ص 194، المسودة ص 89، تيسير التحرير 1/ 197، فواتح الرحموت 1/ 260.
(5)
ومن الواقفية من فصل بين الأخبار والوعد والوعيد والأمر والنهي، فقال بالوقف في الأخبار والوعد والوعيد دون الأمر والنهي.
حجتهم: أن الأمر تكليف فلو لم يعرف المراد به لاقتضى تكلُّف ما لا يطاق، وليس كذلك الخبر، والوعد، والوعيد.
والجواب: أن من الأخبار العامة ما كلفنا بمعرفتها، وكذلك عمومات الوعد والوعيد فإنا مكلفون بمعرفتها؛ لأن بذلك يتحقق الانزجار عن المعاصي، ومع التساوي في =
[الصيغ](1) المفيدة للعموم المذكور في هذا الفصل من أوله إلى ها هنا.
القول الرابع: بالاشتراك بين العموم والخصوص (2)
وإليه أشار المؤلف بقوله: (وقال أكثر الواقفية: إِن الصيغ مشترك بين العموم والخصوص).
القول الخامس: أن صيغة العموم تحمل على الخصوص (3).
وإليه أشار المؤلف (4) بقوله: (وقيل: يحمل على أقل الجمع).
القول السادس: الوقف في الجمع المعرف باللام خاصة (5).
= التكليف فلا معنى للوقوف.
انظر تفصيل الكلام عن هذا القول في: الإحكام للآمدي 2/ 201، 221، العدة لأبي يعلى 2/ 512، التمهيد 2/ 7، فواتح الرحموت 1/ 260.
(1)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(2)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 192، 193، مختصر ابن الحاجب 2/ 104، الحصول ج 1 ق 2 ص 523، البرهان 1/ 322، الإحكام للآمدي 2/ 200، جمع الجوامع 1/ 410، شرح الكوكب المنير 3/ 109، مختصر البعلي ص 106، القواعد والفوائد الأصولية ص 194، المسودة ص 89، تيسير التحرير 1/ 197، 229، فواتح الرحموت 1/ 260، أصول السرخسي 1/ 132.
(3)
في ط: "أنه يحمل على أقل الجمع".
وانظر تفصيل هذا القول في: شرح التنقيح للقرافي ص 193، مختصر ابن الحاجب 2/ 103، المستصفى 2/ 36، 45، البرهان 1/ 321، شرح الكوكب المنير 3/ 109، التمهيد 2/ 7، فواتح الرحموت 1/ 260.
(4)
"المؤلف" ساقطة من ط.
(5)
انظر هذا القول في: شرح التنقيح للقرافي ص 193، شرح التنقيح للمسطاسي ص 106، المحصول ج 1 ق 2 ص 584 - 594، المستصفى 2/ 37، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 410، البرهان 1/ 323، شرح الكوكب المنير 3/ 129، =
[وإليه أشار المؤلف (1) بقوله: وخالف أبو هاشم مع الواقفية في الجمع المعرف باللام (2)
القول السابع: الوقف في المفرد المعرف باللام (3)] (4).
وإليه أشار المؤلف بقوله: (وخالف الإِمام فخر الدين (5) في المفرد المعرف باللام).
فتلخص مما (6) ذكرنا سبعة أقوال.
أما حجة القول الذي عليه الجمهور وهو كون العموم له صيغة تخصه فقد
= 130، العدة 2/ 484، التمهيد 2/ 45 - 49، مختصر البعلي ص 107، روضة الناظر مع نزهة الخاطر العاطر 2/ 132، 135، 136، تيسير التحرير 1/ 210، فواتح الرحموت 1/ 26، ميزان الأصول ص 264، أصول السرخسي 1/ 151، إرشاد الفحول ص 119.
(1)
"المؤلف" ساقطة من ط.
(2)
انظر نسبة هذا القول لأبي هاشم في: شرح التنقيح للقرافي ص 193، والمحصول ج 1 ق 2 ص 584، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 410، التمهيد 2/ 45، ميزان الأصول ص 264.
(3)
نسبه أبو يعلى للجرجاني ونسبه الرازي للفقهاء والمبرد.
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 193، المحصول ج 1 ق 2/ 599 - 605، جمع الجوامع 1/ 412، المستصفى 2/ 37، 89، شرح الكوكب المنير 3/ 133، 134، العدة 2/ 485، 519 - 522، المسودة ص 105، التمهيد 2/ 53 - 57، مختصر البعلي ص 107، القواعد والفوائد الأصولية ص 194، تيسير التحرير 1/ 209، كشف الأسرار 2/ 14، أصول السرخسي 1/ 160.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(5)
انظر: المحصول ج 1 ق 2 ص 599 - 601.
(6)
في ز: "ما".
بينها المؤلف بعد هذا بقوله: لنا (1) أن العموم هو المتبادر فيكون مسمى اللفظ كسائر الألفاظ كما سيأتي.
وحجة الواقفية مع القاضي بالوقف: قال المؤلف في الشرح: سبب توقف القاضي في الجميع: أن أكثر صيغ العموم مستعملة في الخصوص، حتى قيل (2): ما من عام إلا وقد خص إلا قوله تعالى: {وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (3) ولما تعارضت (4) الأدلة عنده من جهة أن الأصل عدم التخصيص، وعدم المجاز، وعدم الاشتراك حصل له التوقف.
وقال: مستند (5) هذا (6) التوقف: أنه لو علم مسمَّى هذه الصيغ من كونه للعموم [والخصوص](7) معًا، أو لأحدهما لَعُلِم: إما بالعقل، وهو باطل لعدم استقلال العقل بدرك (8) اللغات.
أو بالنقل، وهو: إما متواتر، وهو: باطل، وإلا (9) لعلمه الكل؛ لأن التواتر مفيد للعلم.
(1) في ط: "بنا" وهو تصحيف.
(2)
"قيل" ساقطة من ز.
(3)
قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إلا بإذْنِ اللهِ وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} آية رقم 11 من سورة التغابن.
(4)
في ز: "تعارض".
(5)
في ط: "مسند".
(6)
"هذا" ساقطة من ز وط.
(7)
المثبت من "ط" و"ز" وفي الأصل "أو الخصوص".
(8)
في ز: "بذكر".
(9)
في ز: "وإما".
أو آحاد، وهو: باطل؛ لأن الآحاد لا يفيد إلا الظن، والمسألة علمية، وهذا المستند طرده القاضي في الأوامر، والعمومات، وجميع الألفاظ التي حصل له (1) فيها التوقف (2).
وجوابه: أنه علم بالاستقراء التام من اللغة على سبيل القطع: أن تلك الصيغ للعموم، ولا يلزم أن يعلم ذلك كل واحد (3) لعدم الاشتراك في هذا الاستقراء التام (4)، فرب قضية تتواتر (5) عند قوم، ولا تتواتر عند آخرين.
وحجة الاشتراك: أن هذه الصيغ تستعمل تارة في العموم، كقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} (6)، وتستعمل تارة في الخصوص، كقوله تعالى:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (7)؛ إذ المراد به النبي صلى الله عليه وسلم (8)، والأصل في الاستعمال الحقيقة، والأصل عدم المجاز.
وأجيب عن هذا: لأن الأصل عدم الاشتراك فيكون اللفظ مجازًا في الخصوص، والمجاز أولى من الاشتراك (9) كما (10) تقدم في معارضة المجاز
(1) في ط: "به".
(2)
انظر هذا الدليل للقاضي في شرح التنقيح للقرافي ص 192.
(3)
في ط وز: "أحد".
(4)
نقل المؤلف هذا الجواب بمعناه من شرح التنقيح للقرافي ص 92.
(5)
في ز: "تتواترت".
(6)
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ} آية 33 من سورة لقمان.
(7)
آية 54 من سورة النساء.
(8)
في ط: "عليه السلام".
(9)
انظر حجة هذا القول وجوابها في شرح التنقيح للقرافي ص 193، وشرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 104، والإحكام للآمدي 2/ 220.
(10)
في ط وز: "لما".
مع الاشتراك (1) في الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ (2).
وحجة الخصوص وهو حمله على أقل الجمع؛ لأن أقل الجمع هو المتيقن، وأما العموم فهو مشكوك فيه، وحمل اللفظ على المتيقن أولى من حمله على المشكوك فيه، وإنما قلنا: أقل الجمع متيقن لثبوته على تقدير العموم وتقدير الخصوص، وأما تناوله للعموم فيحتمل لثبوته على تقدير العموم خاصة، ولا يثبت على تقدير الخصوص، فما هو ثابت على كل حال أولى مما يثبت في حالة واحدة.
وأجيب: بأن العموم أحوط لمراد المتكلم؛ لأن المتكلم على تقدير أن يكون مراده العموم فلو حمل على الخصوص لم يحصل مراد المتكلم (3).
وحجة أبي هاشم: أن الجمع المعرف باللام تارة تكون اللام للعموم، وتارة تكون للعهد، وتارة تكون لبيان حقيقة (4) الجنس، كقول السيد لعبده: اذهب إلى السوق فاشتر لنا الخبز واللحم، مراده: المعقول من هذين الجنسين، فإذا كانت اللام تصلح للعموم وغيره فلا يتعين العموم فيجب
(1)"مع الاشتراك" ساقطة من ز.
(2)
انظر تعارض الحقيقة مع المجاز في (2/ 427 - 428) من هذا الكتاب.
(3)
وانظر بقية حجج هذا المذهب والجواب عنها في: الإحكام للآمدي 2/ 218 - 220، التمهيد 2/ 40 - 43، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 103، 104.
(4)
في ز: "بيانًا للحقيقة".
التوقف فيه (1).
وحجة الإمام فخر الدين في المفرد المعرف باللام هي هذه الحجة المذكورة في الجمع المعرف باللام، غير (2) أنه فرق بين المفرد والجمع بأن قال: لو كان المفرد المعرف باللام للعموم لصح نعته بالجمع وتأكيده، فنقول: جاء الفقيه الفضلاء، وجاء الفقيه أجمعون (3)، مع أن ذلك ممنوع؛ إذ لا ينعت المفرد بالجمع ولا يؤكد به، فإذا كان المفرد المعرف باللام لا ينعت بما يفيد العموم، ولا يؤكد بما يفيد العموم، فلا يصح أن يكون للعموم (4).
وجوابه: أنه يشترط (5) في النعت، والتأكيد، مع المساواة في المعنى: المناسبة اللفظية، فلا ينعت المفرد إلا بالمفرد، ولا التثنية إلا بالتثنية، ولا الجمع إلا بالجمع (6).
قوله: (وخالف أبو هاشم مع الواقفية في الجمع المعرف باللام).
وقوله: (وخالف الإِمام فخر الدين مع الواقفية في المفرد المعرف باللام).
(1) انظر هذا الدليل في شرح التنقيح للقرافي ص 193، شرح التنقيح للمسطاسي ص 106، وذكر الإمام فخر الدين أدلة أخرى وأجاب عنها. انظر: المحصول ج 1 ق 2 ص 592 - 594.
(2)
في ط: "من غير".
(3)
"أجمعون" ساقطة من ط.
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 193، شرح التنقيح للمسطاسي ص 106، وانظر هذا الدليل وبقية الأدلة في: المحصول ج 1 ق 2 ص 599 - 601
(5)
في ز: "أنه لا يشترط".
(6)
انظر هذا الجواب في: شرح التقيح للقرافي ص 195.
اعترضه بعض الشراح فقال: ظاهره يقتضي أن أبا هاشم، والإمام فخر الدين قالا ها هنا بالوقف، كما قالت به الواقفية، وليس الأمر كذلك، بل قال أبو هاشم بعدم العموم في الجمع المعرف باللام، ولم يقل بالوقف كما قالت (1) به الواقفية.
وكذلك الإمام فخر الدين إنما (2) قال أيضًا بعدم العموم في المفرد المعرف باللام، ولم يتوقف فيه كما توقفت فيه الواقفية.
ونص (3) الإمام في المحصول: الواحد المعرف بلام الجنس لا يفيد العموم.
وأجاب عنه بأن قال: موافقة أبي هاشم وفخر الدين للواقفية إنما هي في مطلق مخالفة الجمهور، أي: اتفق الفريقان في (4) مطلق المخالفة، واختلفا (5) في تعيين المخالفة؛ وذلك: أن (6) الواقفية قالوا في هذا المعرف بالوقف خلافًا للجمهور، وقال أبو هاشم (7) وفخر الدين بعدم العموم، خلافًا للجمهور القائلين بالعموم فيه.
قوله: (لنا أن العموم هو المتبادر فيكون مسمى اللفظ (8) كسائر
(1) في ز: "قال".
(2)
"إنما" ساقطة من ز.
(3)
في ط: "وخص".
(4)
في ز: "على".
(5)
في ز: "واختلفوا".
(6)
المثبت من ز، ولم ترد "أن" في الأصل.
(7)
في ز: "فيه أبو هاشم".
(8)
في ش: "عمومًا كسائر".
الألفاظ).
ش: هذا دليل الجمهور (1) على أن الصيغ [المذكورة من قوله: فمنها: كل وجميع
…
إلى آخرها، هي موضوعة للعموم؛ لأن هذه الصيغ] (2) إذا أطلقت فالمتبادر عند سماعها إلى فهم السامع هو، العموم والاستغراق، فيكون العموم مسماها حقيقة كسائر الألفاظ التي يتبادر معناها إلى الفهم عند سماعها؛ إذ المبادرة دليل الحقيقة.
مثال تلك الألفاظ: كالألفاظ المذكورة في الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ في قوله: يحمل اللفظ على الحقيقة دون المجاز وعلى العموم دون الخصوص، وعلى الإفراد دون الاشتراك، وعلى الاستقلال دون الإضمار إلى آخرها (3).
وكذلك صيغ الأمر والنهي، كقولك: افعل، فالمتبادر إلى الفهم هو الوجوب، وقولك (4): لا تفعل، فالمتبادر إلى الفهم هو الحظر.
واعترض هذا الاستدلال بالمجاز الراجح؛ إذ المتبادر إلى الفهم عند
(1) انظر أدلة الجمهور في: شرح التنقيح للقرافي ص 184، شرح التنقيح للمسطاسي ص 105، إحكام الفصول في أحكام الفصول لأبي الوليد الباجي 1/ 137 - 143، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 102، 103، الإحكام للآمدي 2/ 200 - 203، المعتمد 1/ 195 - 201، المستصفى 2/ 38 - 44، شرح الكوكب المنير 3/ 110، 111، التمهيد 2/ 7 - 13.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(3)
انظر (2/ 360 - 364) من هذا الكتاب.
(4)
في ط: "وكقولك".
سماعه هو المجاز لا الحقيقة.
قوله: (و (1) لصحة الاستثناء في كل فرد وما صح استثناؤه وجب اندراجه).
ش: وهذا دليل القياس الحملي (2)، ترتيبه أن نقول (3): كل فرد من أفراد مدلول تلك الصيغ يصح استثناؤه، وكل ما يصح استثناؤه وجب اندراجه [فينتج: كل فرد فرد (4) من أفراد مدلول تلك الصيغ وجب (5) اندراجه] (6).
وإنما قلنا: وكل ما يصح استثناؤه وجب اندراجه بناء على إجماع أهل العربية: أن (7) حقيقة الاستثناء إخراج (8) ما لولاه لوجب دخوله قطعًا أو ظنًا.
مثال القطع: قولك (9): عندي عشرة إلا اثنين، ومثال الظن نحو (10) قولك: اقتلوا المشركين إلا أهل الذمة، أو اقتلوا المشركين إلا زيدًا، وأما استثناء ما لولاه لجاز دخوله فهو مجاز لا حقيقة، كقولك: أكرم رجالًا إلا زيدًا وعمرًا (11).
(1)"الواو" ساقطة من ش.
(2)
في ط: "الجملى".
(3)
في ط: "تقول".
(4)
"فرد" ساقطة من ط.
(5)
في ط: "يجب".
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(7)
"أن" ساقطة من ط.
(8)
في ط: "يخرج".
(9)
في ز: "قوله".
(10)
"نحو" ساقطة من ز وط.
(11)
في ز: "أو عمرًا"
قوله: (تنبيه (1): النكرة في سياق النفي يستثنى منها صورتان: إِحداهما: لا رجل في الدار بالرفع، فإِن المنقول عن العلماء أنها لا تعم، وهي تبطل على الحنفية ما ادعوه من أن النكرة إِنما عمت لضرورة نفي المشترك، وعند غيرهم (2) عمت؛ لأنها موضوعة لغة لإِثبات السلب لكل واحد من أفرادها (3)).
ش: التنبيه: إيقاظ من غفلة الوهم كأنه يقول: هذا تنبيه على وهم.
وقال بعضهم: معنى التنبيه: إيقاظ الغافل وتذكير الناسي، كأنه قال: نقول (4) هذا إيقاظ للغافل وتذكير للناسي.
وإنما أتى المؤلف بهذا التنبيه؛ لأن العلماء يطلقون العبارة فيقولون (5): النكرة في سياق النفي تعم، ولا يفصلون فيها، فأراد المؤلف أن يبين (6) أن إطلاقهم يحتاج إلى تقييده، فذكر ها هنا أن هناك صورتين لا تعم النكرة في سياق النفي فيهما:
إحداهما: قولهم: لا رجل في الدار برفع رجل (7)، فإن المنقول عن
(1) في ط: "شبيهه" وهو تصحيف.
(2)
في ط: "غير".
(3)
في أ: "أفراده".
(4)
في ز وط: "كأنه يقول".
(5)
في ز: " فيقولوا".
(6)
المثبت من ز، ولم ترد "أن يبين" في الأصل وط.
(7)
انظر هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 182، 184، شرح التنقيح للمسطاسي ص 106، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 413، 414، شرح الكوكب المنير 3/ 138، فواتح الرحموت 1/ 260، 261.
العلماء - يعني علماء العربية، مثل: سيبويه وابن السيد (1) وغيرهما - أنها لا تعم؛ وذلك أن النكرة المرفوعة بعد [لا كقولك](2): لا رجل بالرفع (3) يخالف معناها معنى النكرة المبنية مع لا؛ لأن معناها في الرفع نفي مفهوم الرجولية بوصف الوحدة؛ لأن العرب تقول: لا رجل في الدار (4) بل اثنان أو أكثر (5)(6)، أعني: برفع رجل، فإذا كان معناها في الرفع نفي الرجولية بوصف الوحدة، ووصف الوحدة أخص من مطلق الرجولية فلا تعم؛ إذ لا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم.
ومعنى النكرة المبنية مع لا (7): نفي مفهوم الرجولية [مطلقًا، فقولك: لا
(1) هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي النحوي، ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة بمدينة بطليوس، كان عالمًا بالأدب واللغات متبحرًا فيها، سكن مدينة بلنسية، وكان الناس يجتمعون إليه ويقرءون عليه، وكان حسن التعليم جيد التفهيم، درس علم النحو، وله نظم حسن، ومن ذلك قوله:
أخو العلم حي خالد بعد موته
…
وأوصاله تحت التراب رميم
وذو الجهل مَيْت وهو ماش على الثرى
…
يُظن من الأحياء وهو عديم
توفي رحمه الله سنة إحدى وعشرين وخمسمائة (521 هـ)، من مصنفاته:"الاقتضاب"، "الحلل في شرح أبيات الجمل"، "التنبيه على الأسباب الموجبة لاختلاف الأمة".
انظر: وفيات الأعيان 2/ 282، البداية والنهاية 12/ 198، قلائد العقيان لابن خاقان ص 193 - 200.
(2)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(3)
في ط: "في الرفع".
(4)
في ط: "لا رجل في الدار بالرفع".
(5)
في ز: "وأكثر".
(6)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 182.
(7)
"لا" ساقطة من ط.
رجل في الدار بالبناء مع لا، معناه: ليس في الدار من اتصف بالرجولية مطلقًا لا مقيدًا بوحدة، ولا تثنية، ولا جمعية] (1)، بل ينتفي مفهوم الرجولية على الإطلاق، إلا أن العلماء اختلفوا في نفي النكرة المبنية مع "لا" بماذا يقع هذا النفي؟: هل بالالتزام؟ قاله الحنفية. أو بالمطابقة؟ قاله الجمهور.
ومعنى ذلك عند الحنفية: أن النكرة المذكورة وضعتها العرب لنفي القدر المشترك بين أفراد الجنس، فالمشترك بين أفراد (2) هو أعم من كل واحد منها، فإذا انتفى الأعم انتفى الأخص بالضرورة؛ لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص بالضرورة (3).
فقولك: لا رجل في الدار إذا (4) بنيت النكرة، معناه: نفي مسمَّى الرجولية، ومسمى الرجولية أعم من أفراد الرجال، والأفراد هي أخص (5) من ذلك الأعم، فإذا انتفى الأعم انتفى الأخص بالضرورة، أي: بدلالة الالتزام، هذا مذهب الحنفية، وهو معنى قول المؤلف: إنها (6) عمت لضرورة نفي المشترك.
وأما عند (7) الجمهور فإن النكرة المذكورة إنما انتفت بدلالة المطابقة؛ بناء
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.
(2)
في ز: "الأفراد"، وفي ط:"أفراد الجنس".
(3)
"بالضرورة" ساقطة من ط.
(4)
"إذا" ساقطة من ط.
(5)
في ز: "الأخص".
(6)
في ز وط: "إنما".
(7)
"عند" ساقطة من ط.
على أن العرب إنما وضعتها لإثبات النفي لكل واحد من أفرادها بحيث لا يبقى فرد.
قال المؤلف في الشرح: ويدل على مذهبنا قول النحاة: إن ذلك جواب لقول القائل: هل من رجل في الدار؟ فكأن الأصل أن يكون الجواب: لا من رجل في الدار، بإثبات "من"؛ لأن الجواب يطابق السؤال، إلا أن العرب حذفتها تخفيفًا وأبقت معناها، وهو سبب البناء؛ لأجل تضمن (1) الكلام معنى المبني وهو:"من"، فإذًا تقرر أن "من" هي في أصل الكلام، وهي سبب البناء و"من" لا تدخل ها هنا إلا للتبعيض (2) والتبعيض لا يتأتى في ذلك القدر المشترك لأنه أمر كلي، وإنما يتأتى التبعيض في الأفراد، فيكون النافي إنما نفى الأفراد وهو المطلوب. انتهى نصه (3).
فإذا كان النفي متسلطًا على الأفراد فدلالته على نفي الأفراد مطابقة، بخلاف مذهب الحنفية، فإن النفي عندهم إنما تسلط على القدر المشترك بين الأفراد، وهو معنى الرجولية ولم يسلط (4) عندهم على الأفراد، وإنما انتفت الأفراد بدلالة الالتزام عندهم (5)، وأما عندنا فقد انتفت (6) الأفراد بالمطابقة.
قوله: (لضرورة نفي المشترك) معناه: إنما عمت الأفراد بالنفي لأجل (7)
(1) في ط: "البناء لتضمن".
(2)
في ط: "لتبعيض".
(3)
نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 194.
(4)
في ط وز: "يتسلط النفي".
(5)
في ط: "الأفراد عندهم بدلالة الالتزام".
(6)
في ز: "انتفى".
(7)
في ط وز: "لا رجل".
انتفاء القدر المشترك بينها (1)؛ لأنه يلزم من نفي المشترك نفي أفراده بضرورة العقل؛ إذ لا يلزم (2) من نفي الأعم نفي الأخص.
قال المؤلف في الشرح: وأما ما ذكرته من أن النكرة المرفوعة تبطل مذهب الحنفية فليس كذلك؛ لأن قولنا: لا رجل في الدار بالرفع، معناه: نفي مفهوم الرجولية بوصف الوحدة، فالنفي لم يدخل على المشترك من حيث هو مشترك، وإنما دخل على ما هو أخص منه، وهو المشترك المقيد بالوحدة، ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم، فلم ينتف ها هنا المشترك الذي هو أعم، فإذا لم ينتف الأعم لم تنتف (3) الأفراد.
وإنما يلزم السؤال لو كان هذا الكلام - وهو لا رجل في الدار بالرفع - نفيًا للمشترك من حيث هو مشترك ولم تنتف (4) الأفراد، فحينئذ يلزمهم (5) هذا السؤال، فإن نفي المشترك يلزم منه (6) نفي الأفراد قطعًا. انتهى نصه (7).
فقوله (8): (وهي تبطل على الحنفية ما ادعوه) غير صحيح؛ فلا خلاف بين الحنفية وغيرهم: أن (9) النكرة في سياق النفي تعم الأفراد بالنفي.
(1)"بينها" ساقطة من ط.
(2)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"إذ لا يلزم".
(3)
في ز وط: "ينتف".
(4)
في ط وز: "ينتف".
(5)
في ز: "يلزم".
(6)
في ط: "يلزم ما يلزم منه".
(7)
نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 195.
(8)
في ط وز: "قوله".
(9)
في ط "إلى" وهو تصحيف.
وإنما الخلاف فيما به (1) تنتفي الأفراد، هل تنتفي (2) بدلالة الالتزام، وهي (3) نفي القدر المشترك بين الأفراد؟ قاله الحنفية.
أو إنما تنتفي (4) الأفراد بدلالة المطابقة، وهي (5) وضع النكرة المذكورة لنفي (6) الأفراد؟ قاله الجمهور.
قوله: (وثانيهما (7): سلب الحكم عن العمومات، نحو: ليس (8) كل بيع حلالًا، فإِنه وإِن كان (9) نكرة في سياق (10) النفي فلا يعم (11)؛ لأنه سلب للحكم (12) عن العموم لا حكم بالسلب عن (13) العموم).
ش: هذه هي الصورة الثانية التي لا (14) تعم النكرة فيها، وإن وقعت [في
(1) في ط: "فيما ما غير به تنتفي".
(2)
في ز: "ينتفي".
(3)
في ط: "وهو".
(4)
في ز: "ينتفي".
(5)
في ز: "وهو".
(6)
في ط: "ينفي".
(7)
في ط: "وتأنيث هنا".
(8)
"ليس" ساقطة من أ.
(9)
"وإن كان" ساقطة من أوخ وش.
(10)
"سياق" ساقطة من أ.
(11)
في أوش: "ولا يعم"، وفي خ:"ولا تعم".
(12)
في ز: "الحكم".
(13)
في أوخ وز وش وط: "على"
(14)
"لا" ساقطة من ط.
سياق النفي] (1) وهي: سلب الحكم عن العمومات (2).
فقولك: ليس كل بيع حلالًا، لا (3) عموم له؛ لأنه ليس فيه حكم بسلب الحلية عن كل فرد من أفراد البيوع، وإنما المقصود به: إبطال قول من قال: كل بيع حلال، فقيل له: ليس كل بيع حلالًا، أي: ليست الكلية صادقة، بل بعض البيع ليس كذلك، فهو سلب الحكم عن العموم، لا أنه حكم بالسلب على العموم؛ لأنه لم يحكم على العموم بالسلب، فهو إذًا سلب الحكم عن بعض الأفراد، لا سلب الحكم عن جميع (4) الأفراد، فلو كان معناه سلب الحكم عن جميع أفراد البيوع لما كان في البيوع (5) حلال، وذلك باطل.
ومثال ذلك أيضًا: قولك: ليس كل عدد زوجًا، وقولك (6): ليس كل حيوان إنسانًا، وغير ذلك، فإن هذا (7) سلب الحكم عن العموم، لا حكم بالسلب على (8) العموم، كأنه يقول: ليس هذا العموم صادقًا في جميع أفراده، بل هو صادق في بعض الأفراد دون البعض.
قوله: (فائدة: النكرة في سياق النفي تعم، سواء دخل النفي عليها، نحو: لا رجل في الدار، أو دخل على ما هو متعلق بها، نحو قولك: ما جاءني
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(2)
انظر هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 182.
(3)
في ط وز: "فلا".
(4)
في ط: "الجميع".
(5)
في ط: "البيع".
(6)
في ز: "أو قولك".
(7)
في ز: "فإن هذا كله".
(8)
في ز: "عن".
من أحد (1)).
ش: أي (2): لا فرق بين أن يكون مباشرًا (3) للنكرة، أو يدخل على ما تعلق بها، فقولك: ما جاءني من أحد، دخل النفي ها هنا على الفعل المستند إلى النكرة.
قوله: (النكرة في سياق النفي تعم (4)) ظاهره: أنها تعم جميع متعلقات الفعل المنفي، وليس كذلك، بل لا تعم إلا في الفاعل والمفعول (5)، كقولك: ما جاءني أحد، وما (6) رأيت أحدًا، وأما ما زاد علي ذلك من ظرف زمان، أو ظرف (7) مكان (8)، وما (9) أشبه ذلك فلا تعم فيه، فإذا قلت: ما جاءني أحد اليوم، أو ما جاءني أحد في الدار، أو ما جاءني أحد ضاحكًا، فليس ذلك نفيًا للظرفين ولا للحال.
قال المؤلف في الشرح: وهل يعم ذلك متعلقات الفعل المنفي أم لا؟
قال: الذي يظهر لي: أنه إنما (10) يعم في الفاعل والمفعول إذا كانا متعلقي
(1) في أ: "نحو ما جاء أحد"، وفي خ وش:"نحو ما جاءني أحد".
(2)
"أي" ساقطة من ط.
(3)
في ط: "النفي مباشرًا".
(4)
"تعم" ساقطة من ط.
(5)
انظر هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 184.
(6)
في ز: "ولا".
(7)
"أو ظرف" ساقطة من ز.
(8)
في ط: "وظرف مكان أو حال".
(9)
في ط وز: "أو ما".
(10)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"أنها يعم".
الفعل، أما ما زاد على ذلك فلا، نحو قولنا: ليس في الدار أحد، أو (1) لم يأتني اليوم أحد، فإن ذلك ليس نفيًا للظرفين المذكورين، وكذلك قولك: ما جاءني أحد ضاحكًا، أو إلا (2) ضاحكًا، ليس نفيًا للأحوال (3)، وبالله التوفيق (4).
…
(1) في ز: "ولم".
(2)
في ز: "أولًا".
(3)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 184.
(4)
في ط وز: "التوفيق بمنه".