المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وصدر عني في مخاطبة السلطان أبي عنان في غرض العزا والهناء - ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب - جـ ١

[لسان الدين بن الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم

- ‌(التحميدات الَّتِي صدرت بهَا بعض التواليف المصنفات وَهِي بعض من كل ويسير من جلّ)

- ‌الصَّدقَات والبيعات

- ‌الفتوحات الْوَاقِعَة والمراجعات التابعة

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. وَصلى الله على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وعَلى آله وصحبة وَسلم تَسْلِيمًا

- ‌(وكتبت فِي مثل هَذَا الْغَرَض إِلَى أَمِير الْمَدِينَة المقدسة على ساكنها من الله أفضل الصَّلَاة وَأطيب السَّلَام)

- ‌التهاني بالصنايع المكيفات

- ‌(وَمن التهاني فِي الإبلال من الْمَرَض مَا صدر عني مهنئا أَمِير الْمُسلمين أَبَا عنان رَحْمَة الله عَلَيْهِ)

- ‌وَصد رعني أَيْضا فِي غَرَض الهنا بشفاء من مرض لسلطان الْمغرب

- ‌كتب التعازي فِي الْحَوَادِث والنائبات

- ‌وَصدر عني فِي مُخَاطبَة السُّلْطَان أبي عنان فِي غَرَض العزا والهناء

- ‌(وأصحبت فِي معنى العزاء والهنا إِلَيْهِ فِي غَرَض الرسَالَة، كتابا نَصه بعد سطر)

- ‌كتب الشفاعات

- ‌كتب الِاسْتِظْهَار على العداه والاستنجاز للغداه

- ‌كتب الشُّكْر على الْهَدَايَا الواردات

- ‌(كتب تَقْرِير المودات)

- ‌(صدر عَنى مُخَاطبَة السُّلْطَان أَبى الْحسن بن)

- ‌(السُّلْطَان أَبى سعيد ابْن السُّلْطَان أَبى يُوسُف)

- ‌(ابْن عبد الْحق مَا نَصه:)

- ‌جُمْهُور الْأَغْرَاض السلطانيات

الفصل: ‌وصدر عني في مخاطبة السلطان أبي عنان في غرض العزا والهناء

‌كتب التعازي فِي الْحَوَادِث والنائبات

‌وَصدر عني فِي مُخَاطبَة السُّلْطَان أبي عنان فِي غَرَض العزا والهناء

الْمقَام الَّذِي صبره فِي النوائب جميل. وشكره على الْمَوَاهِب بالمزيد كَفِيل، وفضله لَا يلتبس مِنْهُ سَبِيل [وَحكم فخره لَا يتطرقه تَعْلِيل] ، ومحكم مجده لَا يتَنَاوَلهُ تَأْوِيل، مقَام مَحل أخينا الَّذِي استولى على غايات الْكَمَال مجده، وَرفع راية الْعِنَايَة الإلهية سعده، واشتهر فِي مقَام الصَّبْر صبره، وَفِي مقَام الشُّكْر، شكره وحمده، [وطوق الْأَعْنَاق بذله ورفده] وشف نور قلبه بإلهام من ربه، فأخلص ضَمِيره لمن يوده، السُّلْطَان الكذا [أبي عنان] ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا. أبقاه الله مشكور المساعي والخلال، جليل الْخطر خطير الْجلَال، كَامِل الذَّات ذاتي الْكَمَال، جَارِيا على مهيع السّنة فِي جَمِيع الْأَحْوَال، مُعظم سُلْطَانه الَّذِي تَعْظِيمه فرض محتوم، وموقر ملكه الَّذِي لَهُ فِي الْملك حق مَعْلُوم، الْمثنى على مكارمه الَّتِي تطابق مِنْهَا مَنْقُول وَمَفْهُوم، ومساهمه فِيمَا سَاءَ وسر حكمهَا فِي صَحَائِف الصدْق مرسوم. الْأَمِير عبد الله يُوسُف ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد بن فرج بن نصر. سَلام كريم، طيب بر عميم، يخص مقامكم الأعلي، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

ص: 326

أما بعد حمد الله الَّذِي بِيَدِهِ الْأَمر كُله، وَلَيْسَ فِي الْوُجُود إِلَّا فعله، وَالتَّسْلِيم لأحكامه، وَالشُّكْر على إنعامه، أولى مَا اكْتسب بِهِ رِضَاهُ واستزيد بِهِ فَضله، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله [الْمُصْطَفى الْكَرِيم] ، الَّذِي ختم بِهِ رسله، وَنبيه الْعَظِيم قدره، الْكَرِيم مَحَله، ملْجأ الْأمة يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله، وَالرِّضَا عَن آله وَأَهله وَأَصْحَابه، فسيا حبذا أَصْحَابه الْكِرَام وَأَصله، الَّذين كَانُوا فِي آفَاق دينه الحنيف شهبا أَضَاءَت بهم سبله، وَالدُّعَاء لمقامكم الْأَسْنَى أبقاه الله مَعْرُوفا صبره وشكره وعدله، مجموعا فِي مَوَاقِف الْفِرَاق شَمله، بالنصر الَّذِي يمْضِي فِي مَوَاقِف السعد نصله، والعز الَّذِي تميز فئته الْغَالِبَة فَضله. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم بقا يتَّصل باتصال الزَّمَان حبله، وَعزا جوزاء نطاق السما نطاقه، وبدرها تاجه، وثرياها تعله. . من حَمْرَاء غرناطة، حرسها الله، وَلَا زايد بِفضل الله سُبْحَانَهُ، ثمَّ بِمَا عندنَا من الِاعْتِدَاد بمقامكم، أَعلَى الله سُلْطَانه، ومهد باتصال السعد والعافية أوطانه، إِلَّا الاستبشار الَّتِي أشرقت فِي سما الْغَيْم كواكبه، ووضحت بعد الالتباس مذاهبه، وَأَنْتُم عدَّة الْإِسْلَام إِذا ارْتَاحَ جَانِبه، وردءه الَّذِي يحذرهُ من يحاربه. أبقاكم الله يزين بحمدكم كتبه، وبنصركم كتائبه، وتستعذب بوجودكم موارده [ومشاربه] . وَعِنْدنَا من التَّشَيُّع لجلالكم الأسمى، جمل لاتوفيها الْعبارَة وَإِن اِنْفَسَحَ مداها، وَلَا تدركها البلاغة وَإِن طَال مداها، نغتبط بعصمة ذاتكم الَّتِي لَو خير الْإِسْلَام [فِي الْمَوَاهِب] مَا تعداها، ونستنصر بعزمكم كلما غلبت على هَذِه الثغور

ص: 327

الغريبة عَداهَا، وَإِلَى هَذَا أيدكم الله بنصر من عِنْده، وَوصل لملككم أَسبَاب سعده، فَإنَّا وصلنا كتابكُمْ المرفع، عرفتمونا فِيهِ بِمَا كَانَ من استبشار الله بِمحل والدنا السُّلْطَان الباهر العالي، الَّتِي اعْترفت بعظيم قدره أَلْسِنَة الْأَيَّام والليالي، والدكم تغمد الله لحده من الرَّحْمَة بغمام، وحشره فِي زمرة من يُخَاطب عِنْد بَاب الْجنَّة ادخلوها بِسَلام، فَلَو لم يكن لَهُ من المآثر الَّتِي يسْتَحق بهَا الْحَمد، ويسترق الْمجد، إِلَّا أَن كُنْتُم سلالته، وورثتم بِالْحَقِّ جلالته، لَكَانَ فخرا لَا يُنَازع فِي حَقه، وَلَا يضايق فِي طرقه، فَإنَّا لله تَسْلِيمًا لحكمه الحتم، وتفويضا إِلَى أمره الْجَزْم، سَبِيل مُبين، وَقصد يَدْعُو إِلَى الصَّبْر فِيهِ عقل وَدين. من ذَا الَّذِي سَالم الْأَيَّام فَسلم من غوائلها، وتمتع بطالعها، جعلنَا الله مِمَّن عمل عملا بَاقِيا، واسلف سعيا صاعدا [إِلَى مَحل الْقبُول] راقيا. وَنحن مهما اعْتبرنَا هَذَا الْحَادِث على انْفِرَاده، وَلم نَنْظُر إِلَى أضداده، بلغ منا الوجد إِلَى غَايَة مُرَاده. وَإِذا نَظرنَا إِلَى أَصْحَاب الدَّهْر، بعد تصعب قياده، وَلما أنعم الله بِهِ من ارْتِفَاع سمك الدّين واستقامة عماده، وَإِن الميدان سلم إِلَى جَوَاده، والغيل إِلَى اسد آساده، وَالْإِسْلَام ظفر بمراده، بِمَا كَانَ من خلوص الْأَمر إِلَيْكُم، وَحُصُول أزمته فِي يديكم، انقلبت الْحَسْرَة حبرَة، والكآبة نعيما ونضرة، وَعَاد الْغم مَسَرَّة. وَقُلْنَا هَذِه نعْمَة بِأَيّ لِسَان تشكر، وَبشَارَة مثلهَا يردد وَيذكر. الْآن صدقت الآمال فِي حَافظ الدّين وناصره، وَالْكَفِيل برعى أواصره، لقد آن للخيل أَن يظْهر عَلَيْهَا المراح، ولصدور المراكب أَن يشملها الانشراح، وللسيوف أَن تضحك مِنْهَا المباسم، لوأقلام الرماح، أَن تحيا بهَا للجياد المراسم. وَقد كُنَّا عِنْد استجلاء هَذَا الْخَبَر قمنا فِي طرفِي المساهمة بِالْحَقِّ الْوَاجِب، وسرنا من الْبر على السّنَن اللاحب، وعينا من يفد على مقامكم الْعلي الْجَانِب. وأبرمنا الْأَمر فِي ذَلِك إبرام الْحبّ الصافي المشارب، وذهبنا من عزائكم وهنائكم فِي أوضح الْمذَاهب. فَلَمَّا ورد الْآن كتابكُمْ أعدنا مَا أصدرنا

ص: 328

ابْتِدَاء، وأكدنا هَذَا الْقَصْد قيَاما بحقكم ووفاء، وَلم نأل لمجدكم الْعلي فِي التَّعْرِيف بِهِ حمدا وشكرا وثناء. فَنحْن نعرفكم وجلالكم فِي الخطوب أثبت قدما، وَأَعْلَى فِي الْفضل علما، من أَن يهدي إِلَى قصد سنى أَو يدل على عمل هنى، ونهنئكم بالسعد الَّذِي إِنَّمَا [فِي الْفضل علما] هُوَ فِي الْحَقِيقَة علينا عَائِد، ولعز الله [دينه] فِي أقطارنا شَاهد، هنانا الله وَإِيَّاكُم مَا خولكم من هدنة الأوطان، وخلوص السُّلْطَان، فَلَقَد اسْتَقَرَّتْ مقاليده مِنْكُم بيد الْوَلِيّ الكافل الْقَائِل الْفَاعِل الَّذِي أغمد [بالصفاح الصفح] ، وَاسْتحق أشتات الْحَمد والمدح، وشرحت دولته الفارسية إِيضَاح الْكَلَام حق الشَّرْح. وَلَو ذَهَبْنَا إِلَى تَقْرِير مَا لدينا من خلوص وضح وضوح الصُّبْح، وثنا كَمَا الرَّوْض فِي المرءى (؟) أَو النفح، لما وفى للسان بِبَعْضِه، وَلَا قَامَت البراعة عَنَّا بفرضه، فنكل علمه إِلَى الْعَالم بخفيات سمائه وأرضه، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يشْكر عَنَّا مقامكم، الَّذِي نتعرف مَعَ الْأَيَّام مزِيد أفضاله، ونستقبل وُجُوه إكماله بِمَا يَلِيق بِحَسبِهِ ومجده وكماله، ونسله أَن يسبغ عَلَيْكُم ملابس إقباله، ويعرفكم عوارف السعد فِي بكر الزَّمَان وآصاله. وأشرتم علينا أَن نعجل صرف من اسْتَقر بالمرية من خدام جنابكم وَارِث بَابَكُمْ، ليردوا على الْأمان المبذول، والوعد الفعول، وَالْعَفو المسدول، وَقد كُنَّا عَملنَا بِمُقْتَضى ذَلِك لأوّل إِشَارَة. وَالله يصل سعادتكم ويحرس مجادتكم. وَالسَّلَام عَلَيْكُم كثيرا أثيرا، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته

ص: 329