الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونجهد فِي إجزال الشُّكْر وإجمال الثنا. وَالله عز وجل يطلعنا من مقامكم على كل بهج من الأنباء، ويحرس مالكم من أصيل الْعَلَاء، ويدافع عَن ذاتكم الْكَرِيمَة، بمعهود اللطف، وموصول الاعتناء. وَالسَّلَام الْكَرِيم يخصكم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَصد رعني أَيْضا فِي غَرَض الهنا بشفاء من مرض لسلطان الْمغرب
الْمقَام الَّذِي شفى الْمجد وَالْكَرم بشفائه، وَعَاد جفن الْملَّة بأنبا عصمته المستقيلة إِلَى إغفائه، ويلقى السرُور ضيف الْبشَارَة المختالة من خبر رَاحَته فِي أجمل الشارة باحتفائه واعتفائه، وَثَبت للدّين الحنيف مَا فرج بِهِ من التَّعْرِيف دَلِيل السعد المنيف، وَقد تطرق الْقيَاس الْجَلِيّ إِلَى انتفائه، فَعَاد مورد الْيمن إِلَى صفائه، وتبرأ الدَّهْر من ذَنبه [وَعَاد إِلَى وفائه] . مقَام مَحل أخينا الَّذِي أَسبَاب هَذِه الْبِلَاد الغريبة بأسبابه معقودة، وآمال الْإِسْلَام بِوُجُودِهِ مَوْجُودَة، وأبواب المخاوف بتأميل بَابه الْعلي مسدودة [وأيدي من بهَا من الْأُمَم على مجدها الرَّاعِي الذمم مشدودة] فأقطارها بقطر الْإِعْلَام بعافيته مجودة، وأكف ناسها على اخْتِلَاف أجناسها بالشكر ممدودة، [أبقاه الله يتلَقَّى زِيَارَة الله بالكنف الرحب وَالْعقد السَّلِيم، ويعجل بريد الضراعة والاستقالة، مهما أحس بتغيير الْحَالة، طَارِقًا بَاب السَّمِيع الْعَلِيم، ونقتني من الْأجر الموفور، وَالثَّوَاب المذخور، بضائع إِنَّمَا يخص الله بهَا [من عباده] خَزَائِن الأواه الْحَلِيم، وَجعل الْعِصْمَة مصاحبة لذاته الطاهرة، [فِي الْأَحْوَال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة] يطالع مِنْهَا زَاد الْمُسَافِر،
وتحفه القادم [وَزَاد الْمُقِيم] وشكر مَا يصله بعناية تَعْرِيفه من سَبَب الْوَلِيّ الْحَمِيم [من الْوَلِيّ الْحَمِيم] مُعظم قدره الَّذِي تَعْظِيمه مفترض، ومقيم بره الَّذِي لَا يقدم على تتميمه غَرَض، الَّذِي أقْصَى مَذَاهِب المساهمة لمجده مهما ألم بجوهر مقَامه الأبوي عرض، أَو شَاب مورد صِحَّته مرض، فلَان وَمِنْه: وَإِلَى هَذَا حرس الله ذاتكم الطاهرة من طرق النوائب، وصان مواردكم المؤملة من شبوب الشوائب، وكنفكم بجناح عصمته فِي الشَّاهِد وَالْغَائِب. فإننا فِي هَذِه الْأَيَّام، طرق بعض سواحلنا شاني مشنو الْخَبَر، وحث جنَاح الشراع مِنْهُ مارج مَكْرُوه الْعين والأثر، جمجم بِكَلَام ملفق، ونبإ غير مُحَقّق، عللنا النُّفُوس بتمحيله وتكذيبه، [وَلم نعن] بتقرير هدهده فضلا عَن تعذيبه، وغمضنا عِنْده الأجفان، طَمَعا فِي أَن يكون حلما، وتغافلنا عَن استفسار كَلَام يجر كلما، فَلم تقر الْجَوَارِح على هَذِه الصدمة المتعرفة، وَلَا سكن اضْطِرَاب النَّفس فِي مثل هَذِه الْأُمُور المصرفة، فزند القلق فِي مثلهَا أورى، واضطراب البال بِمِثْلِهَا أَحْرَى، والشفيق كَمَا قيل بِسوء الظَّن مغرى، فعجلنا إِلَى جبل الْفَتْح، من يجلب مِنْهُ نفسا بِنَفس من بَث، وعينا لَهُ المراحل تَحت الْحَث، فَلم يكن يهب نسيمه، وَيقْضى إِلَى الْمَطْلُوب سيره وتقسيمه، حَتَّى طلع علينا من كتابكُمْ صبح جلي الظلمَة المعتركة، وَعلم عرف النكرَة، وَحكم حزم الظنون المذهلة المسكرة، عرفتمونا فِيهِ بالألم الَّذِي ألم، واتصال الْعَافِيَة الَّتِي خص صنعها وَعم، وشرحتم مَا أوجب
الألقية الَّتِي صدقت الآمال بتكذيبها، وسهلت الْعبارَة بِحَذْف وحشيها وغريبها، وقررتم اسْتِقْرَار الْعَافِيَة فِي مهادها، وَرُجُوع الْحَال الصَّحِيحَة إِلَى معتادها، واستبشار قبَّة الْإِسْلَام باستقامة عمادها، وَذَهَاب جِيَاد السرُور فِي أقطار الْمَعْمُور إِلَى غاياتها وآمادها. فقدمنا أَولا شكر الله الَّذِي تعزى لِسَان الْفرج بتقديمه، ونظرنا إِلَى وَجه الْإِسْلَام، وَقد عَادَتْ نظرة أديمه، وبهرتنا فواضل مقامكم الَّذِي اتَّصل فضل حَدِيثه بقديمه. فَلَقَد كَانَ كتاب مقامكم إِلَيْنَا أَمر من توقع الشفا لديكم، وَأنس من عوايد الصنع الَّذِي ورد عَلَيْكُم، فَنحْن نسهب فِي الثَّنَاء ونطيل، ونتحكم على الْأَيَّام ونستطيل [ونطرح بِظُهُور الْحق مَا دلسته الأباطيل] ونهنئكم بمراجعة عقيلة الصِّحَّة الَّتِي لَا ينبو بهَا من بعد إِن شَاءَ الله بَيت، وَلَا يتَطَرَّق إِلَيْهَا [كَيْت وَلَا كَيْت] وَلَا يعْمل بِسَبَبِهَا بعل وَلَا لَيْت، فلتهن راحتكم مجَالِس الْعلم وخلوات الْعَمَل، لَا بل الْإِسْلَام بِمَا حمل، فَإِنَّمَا عصمتكم على الدّين الحنيف وَأَهله رواق، وظل خفاق، ومكارمكم فِي أسواقها للدّين وَالدُّنْيَا نفاق، فَإِذا تألمتم كَانَ بِالدّينِ الحنيف وَأَهله إشفاق، وَإِذا عوفيتم، كَانَ للأمن اتساق، وللسعد إشراق. ثمَّ أتبعتم رَحل الْمرة بالحقيبة، وَجِهَاد الشَّيْطَان التاعق بالتعقيبة [جَارِيا على فضل من فضل الضريبة ويمن النقيبة] فسرحتم مَا عنْدكُمْ من الْعَزْم الَّذِي جعلتم هَذِه الحركات المباركات مُقَدمَات قِيَاسه، وأنواعا لأجناسه، وأنكم تباشرون إعداد الْمُنْشَآت وتستظهرون على قطع مَسَافَة الْبَحْر لجيادها الْكِرَام الشيات، وعملكم على مَا فِيهِ رضى الله، قَضِيَّة لَا تحْتَمل النقيض،
وتصريح لَا يقبل التَّعْرِيض. إِنَّمَا هُوَ جد خلص لله قَصده، وعزم أرهف فِي سَبِيل الله حَده، وكريم يقفو مَا سنه أَبوهُ وجده، فاستكثروا من الْخَيْر الَّذِي أَنْتُم بسبيله، واستعدوا على الْبَحْر الْقَاطِع بَيْننَا وَبَيْنكُم بتوفر عدد أساطيله، فَقبل الرَّمْي تراش السِّهَام، وَقبل اللِّقَاء يكْتب الْجَيْش اللهام، وعقل التجربة قد بَين مَا أشكل، وَفِي معرض الاستعداد قيدها وتوكل، وَمن قبلكُمْ تلتمس العوارف، ونقتبس المعارف، ونتوسد الظل الوارف، وبنظركم السديد تحمد الْمَوَارِد والمصارف [بِفضل الله. ومماأطرف بِهِ كتابكُمْ الَّذِي أطْعم وسْقا، وَأورد المسرات نسقا، وجلا من [الظُّلم المتظاهر] غسقا، خبر مأ آل إِلَيْهِ حَال مَدِينَة إطرابلس الَّتِي أوقعت بالقلوب وقيعتها الشنيعة، وفرعت بملكة الْكفْر هضبتها المنيعة، وَمَا ذخر الله فِيهَا لملككم من حسن الصنيعة، وأنكم لبيتم على الْبعد نداءها، وشفيتم داءها، وعاجلتم من يَد الْكفَّار فداءها، وَذَلِكَ عنوان قبُول الله على مقامكم وإقباله، ومنقبة حباها الله الجلاله، فَمن طمح إِلَى مَا طمحتم إِلَيْهِ نظر لمناله، وَمن شراها بِالثّمن الخطير، وَالله مَا جَار على مَاله، فياله من فَخر جلّ قدره عَن الثّمن، وَذكر تخَلّل بَغْدَاد الْعرَاق وصنعا الْيمن، وصفقة رابحة إِن لم يعقدها مثلكُمْ، وَإِلَّا فَمن لمثل ذَلِك تطمح الهمم، وَفِي مثله تتنافس الْأُمَم، وَالله يذخر المَال، وَعَلِيهِ تحوم الآمال، لِدَة الْإسْكَنْدَريَّة، وَأم من أُمَّهَات المدن البحرية، أَرَادَ الله أَن يبْقى التَّوْحِيد بهَا بسببكم، وَأَن يَجْعَلهَا بِالْملكِ الصَّرِيح من مكتسبكم، فاهنوا بِهَذِهِ الصَّنَائِع الَّتِي يلْبِسكُمْ الله أطواقها، وَيفتح بسعدكم أغلاقها، مَا ذَلِك إِلَّا لنِيَّة اطلع عَلَيْهَا من ضميركم، فسدد إِلَى [الْغَرَض
الْكَرِيم] سِهَام تدبيركم، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يزيدكم من مواهبه، ويحملكم من الْبر على أوضح مذاهبه. وأننا لما استجلينا من كتابكُمْ غرَّة السَّعَادَة المشرقة، وشكرنا مِنْكُم موقع الغمامة المغرقة [أمرنَا برفد] المنشور، فصدع بِهِ فِي الحفل الْمَشْهُود [وبلغنا من الإشادة بِهِ أقْصَى الشُّهُود] ورحبنا بوافده الْمَرْدُود، وأرغمنا أنوف أَعدَاء الله وأعدائنا بلوائه الْمَعْقُود، حَتَّى يَبْدُو للقريب والبعيد تشيعنا لمقامكم الْمَحْمُود، واستظلالنا بظلكم الْمَمْدُود، وَنحن نجمع فِي مراجعتنا بَين الشُّكْر والثنا، ومضاعفة الهنا، ونسل الله تَعَالَى أَن يُطِيل بقاءكم فِي الْملك الوثيق الْبناء، ويعرفكم من لَدَيْهِ عوارف الاعتناء [وَهُوَ سُبْحَانَهُ يديم سعدكم ويحرس مجدكم] . وَالسَّلَام.