الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جُمْهُور الْأَغْرَاض السلطانيات
من ذَلِك مَا كتبت بِهِ
الْمقَام الَّذِي رمى لَهُ الْملك الْأَصِيل بأفلاذه، وَأَوَى مِنْهُ الْإِسْلَام إِلَى ملجأه الأحمى وملاذه، وكلفت السُّعُود بإمضاء أمره المطاع وإنفاذه، وشا حلبة الكروم فَكَانَ وحيد آماده، وفذ أفذاذه [وابتدع غَرِيب الْجُود فَقَالَ لِسَان الْوُجُود نعم الْبِدْعَة هَذِه] . مقَام مَحل أخينا الَّذِي أَرْكَان مجده راسية راسخة، وغرر عزه بادية باذخة، وأعلام فخره سامية شامخة، وآيات سعده محكمَة ناسخة. السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا، أبقاه الله يجْرِي بسعده الْفلك، ويجلى بِنور هَدْيه الحلك، ويسطر حَسَنَات ملكه الْملك، ويشيد بِفضل بأسه ونداه، النادي والمعترك. مُعظم حُقُوقه الَّتِي تَأَكد فَرضهَا، الْمثنى على مكارمه الَّتِي أعيا الْأَوْصَاف البليغة بَعْضهَا، الْأَمِير عبد الله يُوسُف ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد إِسْمَاعِيل بن فرج بن نصر. سَلام كريم، طيب بر عميم يخص أخوتكم الفضلى، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
أما بعد حمد الله الَّذِي هيأ لملة الْإِسْلَام بِظَاهِرِهِ ملككم الْمَنْصُور الْأَعْلَام، إِظْهَارًا وإعزازا، وَجعل لَهَا الْعَاقِبَة الْحسنى بيمن مقامكم الأسمى، تَصْدِيقًا لدَعْوَة الْحق وإنجازا، وَسَهل لَهَا بسعدكم كل صَعب المرام، وَقد سامتها صروف
الْأَيَّام ليا وإعوازا، وأتاح لَهَا مِنْكُم وليا يسوم أعداها إسلاما وابتزازا. وَسكن آمالها، وَقد استشعرت انحفازا. حمدا يكون على حلل النعم العميمة والآراء الْكَرِيمَة طرازا. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله، الَّذِي بهرت آيَاته وضوحا وإعجازا، واستحقت الْكَمَال صِفَاته حَقِيقَة لَا مجَازًا، وَنبيه الَّذِي بَين لِلْخلقِ أَحْكَام دينه الْحق امتناعا وجوازا، وَيسر لَهُم وَقد ضلوا فِي مفاوز الشَّك مفازا، وَالرِّضَا عَن آله وَأَصْحَابه المستولين على ميادين فَضَائِل الدُّنْيَا وَالدّين، اختصاصا بهَا واختبارا فَكَانُوا غيوثا إِذا وجدوا محلا، وليوثا إِذا شهدُوا برازا؛ وَالدُّعَاء لمقام أخوتكم الأسمى بنصر على أعدائه، تبدي لَهُ الْجِيَاد الجرد ارتياحا، والرماح الملد اهتزازا، وَعز بطأ من أكناف البسيطة وأرجائها المحيطة سهلا وعزازا، ويمن يَشْمَل من بِلَاد الْإِيمَان أقطارا نازحة ويعم أحوازا، وَسعد تجول فِي ميدان ذكره المطاع أَطْرَاف أسنة اليراع إسهابا وإيجازا، وفخر يجوب الأقطار جوب الْمثل السيار عراقا وحجازا [ولازالت كتايب سعده تنتهز فرص الدَّهْر انتهازا وَتوسع ملكات الْكفْر انتهابا واحتيازا] فَإنَّا كتبناه إِلَى مقامكم كتب الله لَهُ سَعْدا ثَابت المراكز، وَعزا لَا تلين قناته فِي يَد الغامز، وثناء لَا تثني عنان مداه عرض المفاوز، وصنعا رحيب الجوانب رغيب الحوايز.
من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وفضله عز وجل، قد أدال الْعسر يسرا، وأحال الْقَبْض بسطا، وَقرب نوازح الآمال بعد أَن تناءت ديارها شحطا، وراض
مركب الدَّهْر الَّذِي كَانَ لَا يلين لمن استمطى، وَقرب غَرِيم الرجا فِي هَذِه الأرجاء وَكَانَ مشتطا، والتوكل عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ قد أحكم مِنْهُ الْيَقِين، والاستبصار الْمُبين ربطا، ومشروط الْمَزِيد من نعمه قد لزم من الشُّكْر شطرا، ومقامكم هُوَ عدَّة الْإِسْلَام إِذا جد حفاظه، وظله الظليل إِذا ألفح الْكفْر شواظه، وملجأه الَّذِي تنام فِي كنف أَمنه إيقاظه، ووزره الَّذِي إِلَى نَصره تمد أيديه وتشير ألحاظه، فَفِي أرجاء ثنائه تسرح مَعَانِيه وَأَلْفَاظه، ولخطب تمجيده وتحميده يَقُول قسه عكاظه. وتشيعنا إِلَى ذَلِك الجناب طَوِيل وعريض، ومقدمات ودنا إِيَّاه لَا يعترضها نقيض، وأفلاك تعظيمنا لَهُ، لَيْسَ لأوجها الرفيع حضيض، وأنوار اعتقادنا الْجَمِيل فِيهِ يشف سَواد الحبر عَن أوجهها الْبيض، وَإِلَى هَذَا ألبسكم الله ثوب السَّعَادَة الْمُعَادَة فضفاضا، كَمَا صرف بإيالتكم الْكَرِيمَة، على ربوع الْإِسْلَام، وُجُوه اللَّيَالِي وَالْأَيَّام، وَقد ازورت إعْرَاضًا، وَبسطت آمالها، وَقد استشعرت انقباضا. فإننا ورد علينا كتابكُمْ الْكَرِيم الَّذِي كرم أنحاء وأغراضا، ومادت البلاغة من طرسه الفسيح المجال، الفصيح الْمقَال، رياضا، ووردت الأفكار من مَعَانِيه الغرائب، وَأَلْفَاظه المزرية بدرر النحور والترائب، بحورا صَافِيَة وحياضا، واجتلينا مِنْهُ حلَّة من حلل الود سابغة، وَحجَّة من حجج الْمجد بَالِغَة، وشمسا فِي فلك السعد بازغة، الَّذِي بَين الْمَقَاصِد الْكَرِيمَة وَشَرحهَا، وجلى الْفَضَائِل العميمة وأوضحها، فِي أكْرم شيم ذَلِك الْجلَال وأسمحها، [وَأفضل خلال ذَلِك الْكَمَال] وأرجحها، حثثتم فِيهِ على إحكام السّلم الَّذِي يحوط الانفس والحريم بسياج، ويداوي الْقطر العليل مِنْهَا بأنجى علاج، وَالْحَال ذَات احْتِيَاج، وساحة الْجَبَل عصمَة الله ميدان هياج، ومتبوأ
أعلاج، ومظنه اخْتِلَاف الظنون الموحشة واختلاج، فَحَضَرَ لدينا متحمله، وزيركم الشَّيْخ الْأَجَل، المرفع الْمُعظم الأسمى، الْخَاصَّة الأحظى، أَبُو عَليّ ابْن الشَّيْخ الْوَزير، الْأَجَل، الحافل الْفَاضِل، الْمُجَاهِد الْكَامِل، أبي عبد الله بن محلى، وَالشَّيْخ الْفَقِيه، الْأُسْتَاذ [الصَّالح الْمُبَارك] الأعرف الْفَاضِل الْكَامِل، أَبُو عبد الله ابْن الشَّيْخ الْفَقِيه، الْأَجَل الْعَارِف، الْفَاضِل الصَّالح الْمُبَارك، المبرور المرحوم أبي عبد الله الفشتالي، وصل الله سعادتهما، وحرص مجادتهما، حَالين من مَرَاتِب ترفيعنا أَعلَى محَال الإعزاز وواردين على أحلى الْقبُول، الَّذِي لَا تشاب حَقِيقَته بالمجاز، عملا بِمَا يجب علينا، لمن يصل إِلَيْنَا من تِلْكَ الأنحاء الْكَرِيمَة والأحواز، فتلقينا مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ الإحالة السُّلْطَانِيَّة من الود، الَّذِي كرم مفهوما ونصا، وَالْبر الَّذِي ذهب من مَذَاهِب الْفضل والكمال إِلَى الأمد الْأَقْصَى، وَقد كَانَ سبقهما، صنع الله جل جلاله، بِمَا أخلف الظنون، وَشرح الصُّدُور، وَأقر الْعُيُون، فَلم يصلا إِلَيْنَا، إِلَّا وَقد أهلك الله الطاغية، ومزق أحزابه الباغية، نعْمَة مِنْهُ سُبْحَانَهُ، ومنة مَلَأت الصُّدُور انشراحا، وعمت الأرجاء أفراحا، وعنوانا على سعد مقامكم، الَّذِي راق غررا فِي المكرمات وأوضاحا، وَمد يَده إِلَى سِهَام الْمَوَاهِب الإلاهية، فحاز أعلاما قداحا، فتشوفت نفوس الْمُسلمين إِلَى مَا كَانَت تؤمله من فضل الله وترجوه، وبدت فِي الْقَضِيَّة الَّتِي أشرتم بإعمالها الْوُجُوه، وانبعث الآمال بِمَا آلت إِلَيْهِ هَذِه الْحَال انبعاثا، والتأثت أُمُور الْعَدو قصمه الله التياثا، وانتقض غزله من بعد قوته بِفضل الله إنكاثا، واحتملت المسئلة الَّتِي تفضلتم بعرضها، وأشرتم إِلَى فَرضهَا، مآخذ وأبحاثا، فألقينا فِي هَذِه الْحَال إِلَى رسوليكم، أعزهما الله، مَا يلقيانه إِلَى مقامكم الْأَعْلَى، ومثابتكم الفضلى، وَبِمَا يتزيد عندنَا من الْأُمُور، فركائب التَّعْرِيف بهَا إِلَيْكُم محثوثه،
وجزئياتها بَين يَدي مقامكم الرفيع مبثوثة، وَقد اضْطَرَبَتْ أَحْوَاله، وفالت آراؤه، واستحكم بالشتات داؤه، وارتجت بزلزال الْفِتْنَة أرجاؤه، وتيسرت آمال الْإِسْلَام بِفضل الله ورجائه، وَمَا هُوَ إِلَّا السعد، يذلل لكم صَعب الْعَدو ويروضه. وَالله يهنى لكم فضل الْجِهَاد حَتَّى تقضى لكم فروضه. وَأما الَّذِي لكم عندنَا من الخلوص الصافية شرائعه، والثنا الَّذِي هُوَ الرَّوْض تأرج ذائعه، فأوضح من فلق الصُّبْح إِذا أشرقت طلائعه، جعله الله فِي ذَاته وَسِيلَة إِلَى مرضاته. ورسولاكم يشرحان الْحَال بجزئياته، ويقرران مَا عندنَا من الود الَّذِي سَطَعَ نور آيَاته. وَهُوَ سُبْحَانَهُ يصل لكم سَعْدا سامي المراقب والمراقي، وَيجمع لكم بعد بعد المدا، وتمهيد دين الْهدى، بَين نعيم الدُّنْيَا، وَالنَّعِيم الْبَاقِي. وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَمن ذَلِك
من الْأَمِير عبد الله يُوسُف ابْن أَمِير الْمُسلمين أَبى الْوَلِيد إِسْمَعِيل بن فرج ابْن نصر. إِلَى مَحل أخينا، الَّذِي نثني على مجادته أكْرم الثنا ونجدد مَا سلف بَين الأسلاف الْكِرَام من الْوَلَاء، ونتحفه من سَعَادَة الْإِسْلَام وَأَهله، بالأخبار السارة والأنباء. السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا. أبقاه الله رفيع الْمِقْدَار، كريم المآثر والْآثَار، وعرفنا من عوارف فَضله. كل مشرق الْأَنْوَار. كَفِيل بِالْحُسْنَى وعقبى الدَّار. سَلام كريم يخص جلالكم الأرفع، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
أما بعد حمد الله على عميم آلائه، وجزيل نعمائه، ميسر الصعب بعد إبائه، وَالْكَفِيل بتقريب الْفرج وإدنائه، لَهُ الْحَمد وَالشُّكْر ملْء أرضه وسمائه، وَالصَّلَاة
على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد خَاتم رسله الْكِرَام وأنبيائه، الْهَادِي إِلَى سَبِيل الرشد وسوائه، مطلع نور الْحق يجلو ظلم الشَّك بضيائه. وَالرِّضَا عَن آله وَأَصْحَابه وأصهاره وأحزابه وخلفائه السائرين فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة تَحت لوائه، الباذلين نُفُوسهم فِي إِظْهَار دينه القويم وإعلائه، والدعا لمقامكم بتيسير أمله من فضل الله سُبْحَانَهُ ورجائه، واختصاصه بأوفر الحظوظ من اعتنائه. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتبكم الله فِيمَن ارتضى قَوْله وَعَمله من أوليائه، وعرفكم عوارف السَّعَادَة الْمُعَادَة فِي نِهَايَة كل أَمر وابتدائه.
من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وَلَا زَائِد بِفضل الله سُبْحَانَهُ، ثمَّ ببركة سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله الْكَرِيم الَّذِي أوضح برهانه، وَعظم أمره وَرفع شَأْنه، ثمَّ بِمَا عندنَا من الود الْكَرِيم، وتجديد الْعَهْد الْقَدِيم لمقامكم، أَعلَى الله سُلْطَانه، إِلَّا الْخَيْر الهامي السَّحَاب، واليسر الْمُبين الْأَسْبَاب، واليمن المفتح الْأَبْوَاب، والسعد الْجَدِيد الأثواب، ومقامكم مُعْتَمد بترفيع الجناب، متعهد بالود الْخَالِص والاعتقاد اللّبَاب، مَعْلُوم مَاله من فضل الدّين وأصالة الأحساب. وَإِلَى هَذَا وصل الله لكم سَعْدا مديد الْأَطْنَاب، ثاقب الشهَاب، وأطلع عَلَيْكُم وُجُوه البشائر سافرة النقاب. فَإِنَّهُ قد كَانَ بَلغَكُمْ مَا آلت الْحَال إِلَيْهِ بطاغية قشتالة، الَّذِي كلب على هَذِه الأقطار، الغريبة من وَرَاء الْبحار، وَمَا سامها من الإرهاق والأضرار وَأَنه جرى فِي ميدان الْإِمْلَاء والأغترار، ومحص الْمُسلمين على يَدَيْهِ بالوقائع الْعَظِيمَة الْكِبَار، وَأَنه نكث الْعَهْد الَّذِي عقده، وَحل الْمِيثَاق الَّذِي أكده، وَحمله الطمع الفاضح على أَن أجلب على بِلَاد الْمُسلمين بخيله وَرجله، ودهمها بتيار سيله وَقطع ليله، وأمل أَن يستولي على جبل الْفَتْح، الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ فتحهَا،
وطلع للملة المحمدية صبحها، فضيقه حصارا، واتخذه دَارا، وعندما عظم الإشفاق، وأظلمت الْآفَاق، ظهر فِينَا بقدرة الله، الصنع العجيب، وَنزل الْفجْر الْقَرِيب، وَقبل الدعا السَّمِيع الْمُجيب، وطرق الطاغية جند من جنود الله، أَخذه أَخْذَة رابية، وَلم يبْق لَهُ من بَاقِيَة، فَهَلَك على الْجَبَل حتف أَنفه، وغالته غوائل حتفه، فتفرقت جموعه وأحزابه، وانقطعت أَسبَابه، وتعجل لنار الله مآبه، وأصبحت الْبِلَاد مستبشرة، وَرَحْمَة الله منتشرة، فَرَأَيْنَا أَن هَذِه الْبشَارَة الَّتِي يَأْخُذ كل مُسلم مِنْهَا بالنصيب الموفور، ويشارك فِيمَا جلبته من السرُور، أَنْتُم أولى من نتحفه بِطيب رياها، ونطلع عَلَيْهِ جميل محياها، لما تقرر عندنَا من دينكُمْ المتين، وفضلكم الْمُبين، وعملكم من المساهمة، على شاكلة صالحي السلاطين، فَمَا ذَاك إِلَّا بِفضل نيتكم الْمُسلمين فِي هَذِه الْبِلَاد، واثر مَا عنْدكُمْ من جميل الِاعْتِقَاد. وَقد ورد رَسُولنَا عَلَيْكُم، الْقَائِد أَبُو عبد الله بن أبي الْفَتْح، أعزه الله، مقررا مَا لديكم من الود الراسخ الْقَوَاعِد، والخلوص الصافي الْمَوَارِد الْوَاضِح الشواهد، وَأثْنى على مكارمكم الأصيلة، وَألقى مَا عنْدكُمْ من الْمذَاهب الجليلة، فقابلنا ذَلِك بالشكر الَّذِي يتَّصل سَببه، ويتضح مذْهبه، وَسَأَلنَا الله بِأَن يَجعله ودا فِي ذَاته، ووسيلة إِلَى مرضاته، وتعرفنا مَا كَانَ من تفضلكم بالطريرة الْمَفْتُوحَة الموخر، وَمَا صدر عَن الرئيس الْمَعْرُوف بالناظر من خدام دَار الصَّنْعَة بالمرية من قبح محاولته وَسُوء مُعَامَلَته، فَأمرنَا بِقطع جرايته وثقافه بمطمورة القصبة، جَزَاء لجنايته، وَلَوْلَا أننا توقعنا أَن يكون عَظِيم عِقَابه مِمَّا لَا يَقع من مقامكم بوفقه [الْمَشْهُور عفافه ورفقه] ، لجعلناه نكالا لأمثاله، وعبرة لأشكاله. وَقد وجهنا جفنا سفريا لإيساق الْخَيل الَّتِي ذكرْتُمْ، وايصال مَا إِلَيْهِ
من ذَلِك اشرتم، ويكمل الْقَصْد إِن شَاءَ الله تَحت لحظ اعتنائكم وَفضل ولائكم. هَذَا مَا تزيد عندنَا عرفناكم بِهِ عملا على شاكلة الود الْجَمِيل، وَالْوَلَاء الْكَرِيم، الْإِجْمَال وَالتَّفْصِيل، فعرفونا بِمَا تزيد عنْدكُمْ يكون من جملَة أَعمالكُم الفاضلة، ومكارمكم الحافلة. وَالله يصل سعدكم، ويحرس مجدكم. وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَمن ذَلِك
الْمقَام الَّذِي عناية الله بِهِ مَوْجُودَة مؤملة، وأزمنة سعادته إِن شَاءَ الله حَاضِرَة مُسْتَقْبلَة، وواجبات بره فِي علن الْأَمر وسره متممة مكملة، وقضايا التَّشَيُّع فِي أبوته يَأْبَى الْحق أَن ترى وَهِي مُهْملَة، مقَام مَحل أَبينَا الَّذِي ودادنا لَهُ صافي الْوُرُود إِذا كدرت المشارب، وَاضح السبل إِذا التبست الْمذَاهب، وتعظيمنا لَهُ فسيح الْجَانِب، ووفائنا بِعَهْد فَضله من أوجب الْوَاجِب، وثناؤنا على مكارمه، تحدو نجائبه الصِّبَا والجنائب. السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا، أبقاه الله يسْتَقْبل وَجه السعد سافرا نقابه، ويستأنف الْعِزّ ضافيا جلبابه، والاعتناء الإلآهي مفتحا أبوابه، مَوْصُولَة أَسبَابه، مُعظم أبوته الَّتِي لَهَا الْحُقُوق المرعية، والمذاهب المرضية، الْمثنى على مكارمه الَّتِي راقت أنوارها السّنيَّة، وتعاضدت مِنْهَا الْأَعْمَال وَالنِّيَّة، الْأَمِير عبد الله يُوسُف ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد إِسْمَعِيل بن فرج بن نصر، سَلام كريم طيب بر عميم يخص مقامكم الْأَعْلَى وأبوتكم الفضلى، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
أما بعد حمد الله ميسر الألطاف، عذبة الجنى دانية القطاف، ومذلل الشدائد بعد الاستيساد والاستشراف، ومسكن الْأَهْوَال بعد الإرجاف، وجامع
الأهوا من بعد الِاخْتِلَاف، الَّذِي لَا معول إِلَّا على فَضله الْكَاف، ووعده الواف، وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد، رَسُوله الْمُخْتَار من لباب هَاشم بن عبد منَاف، الْآتِي بِالْآيَاتِ الْبَينَات، والبرهان الشاف، وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه الْكِرَام البررة الْأَشْرَاف، المتصفين من طَاعَة الله وطاعته بِأَحْسَن الْخلال وَأكْرم الْأَوْصَاف، وَالدُّعَاء لمقامكم الأسمى، بِسَعْد يُغني عَن الإيجاف، وَنصر على أعدائه تفنى بِهِ الْآحَاد عَن الآلاف. من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وَلَا زَائِد بِفضل الله سُبْحَانَهُ، ثمَّ بنية مقامكم، أَعلَى الله سُلْطَانه، ووالى لَدَيْهِ إنعامه وإحسانه، إِلَّا مَا جرت بِهِ العوائد من صلَة نعم الله بعد الافتقار، وإدالة الْيُسْر من الْإِعْسَار، عرفنَا الله وَإِيَّاكُم عوارف إحسانه المدرار، وَكَانَ لنا وَلكم حَيْثُ لَا يكون لأنفسنا من مَوَاطِن الشدائد والاضطرار، وجنابكم عندنَا عَظِيم الْمِقْدَار، كريم المآثر والْآثَار. نصل الدُّعَاء لَهُ، بإلإعلا على دين الله والإظهار، ونلازم التَّشَيُّع فِيهِ على بعد الدَّار، ونثني على فضائله الَّتِي ثبتَتْ حسناتها فِي صَحَائِف اللَّيْل وَالنَّهَار. من ذَلِك مُجمل يضيق عَنْهَا نطاق الْأَخْبَار، [ويعجز عَن استيفائها إنْشَاء الرسائل وخلال الأسطار، فنكلها إِلَى الْعَالم بخفيات الْأَسْرَار] ، وَإِلَى هَذَا، أيد الله سلطانكم، ونصركم على أعدائه وأعانكم، فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم مَعَ أرسالكم لنا يبين إِلَيْكُم، وصل الله كرامتهم، وسنى سلامتهم، بِمَا عَلَيْهِ الْأَحْوَال بِهَذَا الأرجاء، وَبِمَا نَحن نرومه من عقد المهادنة بَيْننَا وَبَين الْأَعْدَاء، وَبِمَا كتبنَا بِهِ فِي شَأْن الجفن الَّذِي اسْتَقر لكم فِي ملك قشتالة، بِحكم الْقدر الحتم والقضا، وأننا أمسكنا رَسُولكُم الشَّيْخ الْفَقِيه الْفَاضِل أَبَا الْعَبَّاس الْحصار، أعزه الله، بخلال مَا يعود جَوَاب الطاغية بِمَا كتبناه فِي ذَلِك الجفن إِلَيْهِ، وعرضنا فِي
قَضيته عَلَيْهِ، ليرْجع إِلَيْكُم فِي المسئلة بِجَوَاب يحصل بِهِ الإنجاز الصَّرِيح، أَو الْيَأْس المريح، وأخذنا فِي الْقَضِيَّة بِمَا يُوجب الْحبّ الْخَالِص، والاعتقاد الصَّحِيح، وآب أرسالنا، وَقد عقدوا الصُّلْح ببركة نيتكم الَّتِي هِيَ لِلْإِسْلَامِ عدَّة، وملجأ الْإِسْلَام كلما نالته شدَّة، وأحكموا شُرُوطه على مَا جرت بِهِ العوائد الْقَدِيمَة، [وتوخيها فِي تثبتها الطّرق القويمة] وَصدر من سلطانهم فِي قَضِيَّة الجفن الْمَذْكُور كِتَابه الَّذِي وجهنا إِلَيْكُم صُحْبَة هَذَا الْكتاب، بعد أَن أمرنَا بشرح مَا تضمنه، ووقفنا على مَا أعلنه، وأحوال النصرى مَعْرُوفَة، وأمورهم فِي هَذَا الْبَاب مَوْصُوفَة، وَلكم عِنْد الله خلف فِي كل مَفْقُود، وَإِذا سلمتم فَلَا خوف بِفضل الله من مَكْرُوه وَلَا فايت ومردود، وَالله تَعَالَى يعرفكم عوارف إحسانه الْمَوْجُود، ولطفه الَّذِي ظَهرت حكمته فِي الْوُجُود، ويظفر كم من مرضى خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بالغرض الْمَقْصُود. هَذَا مَا عندنَا شرحناه إِلَيْكُم [وأوضحناه لديكم] ورسولكم الشَّيْخ الْأَجَل أَبُو الْعَبَّاس الْحصار أعزه الله، يشْرَح لكم جزئيات الْأُمُور شرح المعاين الْمشَاهد، ويستوفى لكم مِنْهَا كل شارد. وَهُوَ سُبْحَانَهُ يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، وَالسَّلَام الْكَرِيم عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَمن ذَلِك
الْمقَام الَّذِي بنيته الصَّالِحَة، تجْرِي الْأُمُور على أفضل معتادها، وبيمن نقيبته تسفر السُّعُود عَن وُجُوه إسعادها، وببركة دولته توضح الْأَيَّام مَذَاهِب صَلَاحهَا وسدادها، وَفِي ميدان جوده، تركض جِيَاد الأمل إِلَى أقْصَى آمادها. مقَام مَحل أخينا الَّذِي لَهُ الْقدر الرفيع، والمكارم الَّتِي راق مِنْهَا الصَّنِيع، والفواضل الَّتِي مقدماتها عِنْد الله سُبْحَانَهُ لَا تضيع، السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن
السُّلْطَان الكذا، أبقاه الله عالية أَعْلَامه، موسومة بِالْيمن والأمان أَيَّامه، كَرِيمًا عَهده فِي الله وذمامه، ميسرًا من فَضله سُبْحَانَهُ قَصده الْبر ومرامه، جَارِيا بِمَا يُرْضِي الله، حربه وَسلمهُ ونقضه وإبرامه، حَتَّى ينتشر فِي الْخَافِقين ثَنَاؤُهُ، كالزهر فض كمامه، وَترد الآمال مورد جوده ضافية جمامه، وتومي بعلاج عزمه فِي هَذَا الدّين وَلَو بعد حِين كَلَامه، مُعظم مقَامه الَّذِي تَعْظِيمه فرض أكيد، وموقر كَمَاله الَّذِي ظلّ أفضاله مديد، المتجمل من التَّشَيُّع فِيهِ بلباس إخلاص تخلق ملابس الدَّهْر وَهُوَ جَدِيد، الْمثنى على مكارمه الَّتِي توالت لدينا وانثالت والمزار بعيد، وسفرت عَن وُجُوه الرجا وَالْوَقْت شَدِيد، المعتد بوده اعتدادا مَا عَلَيْهِ مزِيد. الْأَمِير عبد الله يُوسُف بن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد إِسْمَاعِيل بن فرج بن نصر. سَلام كريم بر عميم يخص مقامكم الْأَعْلَى ومثابتكم الفضلى، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
أما بعد حمد الله ميسر المصاعب، وموضح الْمَقَاصِد بعد انبهامها والمذاهب، ومعرف أهل هَذَا الْقطر الْغَرِيب عوارف الصنع العجيب، بيمن مقامكم الرفيع الْجَانِب، حَتَّى تنام عيونه فِي كنف أفضالكم الدَّائِم الدائب، وتصبح ظنونه آمِنَة من النوائب، وتجري أُمُوره من التَّمْهِيد وَالنَّظَر السديد على السَّبِيل اللاحب. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وَرَسُوله، الحاشر العاقب، المجتبي من ذُرِّيَّة لؤَي بن غَالب، الَّذِي جلى بنوره الْحق قطع الغياهب، وَوصل أَسبَاب الود فِي الله بَين الشَّاهِد من أمته وَالْغَائِب. وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه أولي المفاخر والمناقب، الَّذين عمروا فِي طَاعَة الله وطاعته صُفُوف الحروب وصفوف الْمُحَارب، وَكَانُوا لأمته من بعده كَالنُّجُومِ الثواقب. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لملككم أَعلَى صَلَاح العواقب، وأطلع كواكب سعده [فِي أَعلَى] المراقي وأسعد المراقب.
من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وَلَا زَائِد بِفضل الله سُبْحَانَهُ إِلَّا الْخَيْر الَّذِي تبنيت ببركة نيتكم أَحْوَاله، فَأنْتم عقدَة الْإِسْلَام وثماله، وَفِي ميدان فضائلكم العميمة ومكارمكم الحديثة والقديمة، تمرح آماله، وباتصال الْيَد بسلطانكم الأسعد، تنجح أَعماله وترف ظلاله، وَعِنْدنَا من التَّشَيُّع الصافي وَلَاؤُه، المنزهة عَن الريب خلاله، مَا لَا يزَال مُتَّصِلا دَوَامه، دَائِما اتِّصَاله، شاهدة بِهِ بكر الزَّمَان وآصاله، وَإِلَى هَذَا وصل الله سعدكم، وحرس مجدكم. فَإنَّا بِحَسب الوداد الصَّرِيح، والاعتقاد الصَّحِيح، نود أَن لَا يمر لنا يَوْم إِلَّا عَن مُخَاطبَة نوردها عَلَيْكُم، ومراسلة نتعرف بهَا مَا اسْتَقر من فضل الله لديكم، وَقد كُنَّا فِي مُتَقَدم التَّارِيخ عرفنَا مقامكم بِمَا شرعنا فِيهِ من محاولة الْهُدْنَة، الَّتِي تَأْخُذ فِيهِ العزائم مَأْخَذ اعتدادها، وتنام الْعُيُون بعد إنضائها فِي الْجِهَاد وإجهادها، فأخذنا فِي ذَلِك بمعونة الله أكمل الْأَخْذ وأتمه، وأمضينا بعز مظاهرتكم الْكَرِيمَة حكمه، فَإِن [جهتكم هِيَ الْعدة] الَّتِي تتسنى بهَا فِي الْعَدو الْآرَاب، وتتأتى الصَّنَائِع الْعَجَائِب واللطائف الْغُرَاب، وآب أرسالنا من إشبيلية، أَعَادَهَا الله، وَقد عَقدنَا السّلم وعقدوها، وَأخذُوا المواثيق وأكدوها، على الشُّرُوط الَّتِي تصلكم نُسْخَة من عقدهَا صُحْبَة هَذَا الْكتاب، وضمنا عَنْكُم [إمضائكم] لما عقدناه على جهتكم الْعلية، ووصول كتاب كريم مِنْكُم بِمَا يكون فِيهِ خلاص الْقَضِيَّة. وَهَذِه الْهُدْنَة من يمن ملككم الْأَصِيل محسوبة، وَإِلَى ديوَان سعادتكم منسوبة، والرجا فِي فضل الله أَن تتمهد فِيهَا أيامكم الفاضلة، وتستكثر من عدَّة الْجِهَاد فِي مدَّتهَا دولتكم العادلة، وَتَكون الْيَد عَن استكمالها بِخَير وعافية، إِن شَاءَ الله مجتمعة، والعزائم إِلَى مَا يُرْضِي الله من الْعَمَل الصَّالح مسرعة، لتضربوا فِي جِهَاد الْعَدو
بِأَعْلَى القداح، وتأخذوا بأوفر حَظّ ناله لسلفكم الْكَرِيم من هَذِه الأرباح. أعانكم الله وأيدكم، وَأَعْلَى على أعدائه بدكم. وجوابكم الْعلي مرتقب بإمضاء مَا ذكر فِي الشُّرُوط، وَالْإِذْن فِي إِعْمَال تِلْكَ الربوط. هَذَا مَا زَاد عندنَا طالعنا بِهِ مقامكم الأسمى، ومثابتكم العظمي، عملا بِمَا يجب، وإبداء لوجوه الْبر الَّتِي تحتجب. وَالله يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَمن ذَلِك
الْمقَام الَّذِي أبوته مرعية الْحُقُوق، وآثار فَضله متلوة مَعَ الْغُرُوب والشروق، وقواعد وده لَا تعَارض بالفروق. مقَام مَحل أَبينَا، الَّذِي نعظمه ونجله، ونوجب لَهُ الْحق، الَّذِي هُوَ أَحَق بِهِ وَأَهله، السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا، أبقاه الله يستطلع وُجُوه السَّعَادَة رائقة، ويتلقى وُجُوه العنايات الالاهيات متسابقة، ويجتلى ثغورها باسمة، وأفنانها باسقة، ويتقلد عقودها الرائقة متناسقة، مُعظم مِقْدَاره، وملتزم إجلاله وإكباره، الْعَارِف بمآثره الْكَرِيمَة وآثاره، الْمثنى على أَصَالَة ملكه وكرم نجاره، وفضله الَّتِي ثبتَتْ صحائح أخباره، ثَنَا الرَّوْض على واكفات أمطاره. الْأَمِير عبد الله يُوسُف بن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد إِسْمَاعِيل بن فرج بن نصر. سَلام كريم، طيب بر عميم يخص مقامكم الْأَعْلَى، وأبوتكم الفضلى، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
أما بعد حمد الله ولي المحامد على اختلافها، ومستحقها على تبَاين أصنافها، مسنى أَسبَاب السَّعَادَة وميسر استئنافها. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد الْمُنْتَخب فِي لباب الْعَرَب مَا بَين بني زهرتها وَبني كلابها يمهد الأَرْض بالدعوة الحنيفية، عِنْد اضْطِرَاب أكنافها، وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه وأنصاره وَحزبه، سادة الْأمة
وأشرافها، فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم سَعْدا أَسبَابه وَثِيقَة مبرمة، وَعزا آيَاته ثَابِتَة محكمَة. من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله. وَلَا زَائِد بِفضل الله سُبْحَانَهُ، وبركة سيدنَا ومولانا مُحَمَّد] صلى الله عليه وسلم] الَّذِي رفع قدره وَأَعْلَى شَأْنه، ثمَّ بِمَا عندنَا من الِاعْتِقَاد الْجَمِيل فِي مقامكم، أسعد الله سُلْطَانه، إِلَّا الْخَيْر المنهمل السَّحَاب، واليسر المفتح الْأَبْوَاب، والصنع الْكَفِيل بنيل الْآرَاب. وَنحن نعتد بنيتكم الصَّالِحَة فِي تكييف الألطاف، وتيسر الْأَسْبَاب، ونصل الثنا على مجدكم الرفيع الجناب، ونمحض لكم من الود الْخَالِص وَالْحب اللّبَاب، مَا ترجى عَلَيْهِ إثابة الْعَزِيز الْوَهَّاب، ونعترف بِمَا لكم من المكارم والجلائل والفواضل الرغاب، عندنَا من ذَلِك، مَا لَا تحيله الْأَيَّام، وَلَا تبليه الأحقاب. وَإِلَى هَذَا وصل الله سعدكم، وحرس مجدكم، فإننا وَإِن حَالَتْ بَيْننَا الْبحار المترامية، والمراحل القاصية، لَو استطعنا أَن نجْعَل المخاطبة سَببا مَوْصُولا، وَالْمُكَاتبَة لَا تنفصل آخرتها عَن الأولى، لم نقدم عملا على ذَلِك، وَلَا تورعنا عَن سلوك هَذِه المسالك، وأننا خاطبنا مقامكم الْكَرِيم فِي هَذِه الْأَيَّام الْقَرِيبَة مَعَ خديمكم المكرم المبرور أبي عبد الله الجزيري حفظه الله، مُرَاجعَة عَن كتابكُمْ الرفيع الْمِقْدَار، وإلماعا بِبَعْض الْأَخْبَار، وتقريرا للود الْكَرِيم الإعلان والإسرار، وَلم يتزيد بعده مَا يحمل على الْإِسْرَاع بالتعريف والبدار. غير أَن الْحَال بصدد الصّلاح والاستقرار، والقلوب تستروح من الله سُبْحَانَهُ نسيم الاستبشار، ونرتقب مَا وعد بِهِ الدّين الحنيف من الْإِظْهَار، فالفرج مُوكل بالشدة، والجبر مُوكل بالانكسار، والآمال قد أشرقت آفاقها من بعد الاعتكار، بِمَا يتَوَقَّع من اتِّصَال
شتات الْكفَّار، واشتعال الْفِتْنَة بَين أهل النَّار، وَذَلِكَ أَن العلجة الَّتِي كَانَت خَاصَّة صَاحب قشتالة الْهَالِك، على مَا كَانَت عَلَيْهِ من الثِّقَات وَأَوْلَادهَا وقرابتها، قد شبوا نَار الْخلاف، والوحشة بَينهم وَبَين سلطانهم مقتبلة، وَأَسْبَاب القطيعة بَينهم مُتَّصِلَة، وسلطانهم يجْتَهد فِي مصالحتهم الْحِيَل، ويروم مصالحة مَا أصَاب كلمة النَّصْرَانِيَّة من الْعِلَل، وَعَسَى الله أَن يَجْعَل بأسهم بَينهم شَدِيدا، ويضفي على الْإِسْلَام ظلّ عنايته مديدا بفضله، وَلم يمْنَع من لدينا من أرسالكم الجلة الأثرا الفضلا المبرورين خديمكم أبي بكر بن مُوسَى، والفقيه أبي الْعَبَّاس الْحصار، والقائد أبي إِسْحَاق بن الْحَاج، وصل الله عزتهم ووالى مبرتهم من الْقدوم على بَابَكُمْ، واللحاق بِخِدْمَة ركابكم. إِلَّا أَن الأنواء فِي هَذِه الْأَيَّام شَدِيدَة الإلحاح، والآفاق غاصة بالأمطار الهامية والرياح. وَأَسْبَاب السّفر متعذرة مَعَ الْمسَاء، والإصباح، وَإِذا من الله سُبْحَانَهُ بانجلا الأنواء، واستقامة حَال الهوا، فَنحْن نَنْظُر لَهُم، وَلمن بالمرية حرسها الله، من خدامكم مَا يسافرون إِلَيْكُم فِيهِ، وَيحمل كلا مِنْهُم على مَا يرضيه، عملا بِمَا توجبه مبرة الْأُبُوَّة الْكَرِيمَة وتقضيه. وَالله الْمَسْئُول أَن يقْضِي خير م يَقْضِيه، ويحرس مقامكم الباهرة معاليه. هَذَا مَا عندنَا بادرنا بِهِ أعلامكم، وَأخْبرنَا بِهِ مقامكم، وَالله سُبْحَانَهُ يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَمن ذَلِك
الْمقَام الَّذِي تكفل فَضله بتيسير الْأَغْرَاض، وَضمن ملكه لِلْإِسْلَامِ صَلَاح الْأَحْوَال، وشفاء الْأَمْرَاض، وتبرأت مَذَاهِب مجده عَن شبه الْأَعْرَاض، وحسدت أنفاس الثنا على معاليه أنفاس الرياض. مقَام مَحل أخينا الَّذِي نجتلى على الأحيان
من بره وُجُوهًا ضاحكة مسفرة، [أَو نستنشق من أفقه الْأَعْلَى ريَاح النَّصْر مبشرة] السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا، أبقاه الله يختال فِي ملابس السعد، ويشد أَرْكَان الْمجد، ويتكفل لِلْإِسْلَامِ ببلوغ الْقَصْد، ويخلد فِي صفحات الْأَيَّام سطور الْحَمد، مُعظم سُلْطَانه الْأَعْلَى السالك من بره وَإِيجَاب شكره على الطَّرِيقَة المثلى، المتحلى من أمحاض وده، وإجلال مجده بأنفس مَا يتحلى، الْمثنى على مكارمه الَّتِي أَخْبَارهَا تتلى، وأنوارها تجلى، الْأَمِير عبد الله يُوسُف ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد إِسْمَاعِيل من فرج بن نصر، سَلام كريم بر عميم، يخص مثابتكم الْعُظْمَى وأخوتكم الفضلى، وَرَحْمَة الله تَعَالَى وَبَرَكَاته.
أما بعد حمد الله الَّذِي، فِي ذَاته تزكو ثَمَرَات الوداد، ولدى ابتغا مرضاته، تخلق موارد الِاعْتِقَاد، منجد الْإِسْلَام على مر الْأَيَّام، بمظاهرة ملككم الرفيع الْعِمَاد. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله. هادي الْعباد إِلَى سَبِيل الرشاد، المستولي من كَمَال الْخلال وخلال الْكَمَال، على أقْصَى الآماد، الَّذِي شهد بِصَدقَة لِسَان الْحَيّ والجماد، وبهرت أنوار معجزاته كالصباح الباد، وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه وعثرته وَحزبه، أولى الْجِدَال فِي نَصره والجلاد، المدافعين عَنهُ بالبيض الرقَاق والسمر الْحداد، حَتَّى اسْتَقَرَّتْ أنوار دَعوته راسية الأطوار. والدعا لمقام أخوتكم الْعُظْمَى بتوالي الإسعاد، واتصال الْيُسْر الخصيب المُرَاد. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم من فَضله أجزل الْمَوَاهِب، وحملكم من توفيقه وتسديده على أوضح الْمذَاهب، وطرز بنصركم على أعدائه صَحَائِف الْكتب وصفحات الْكَتَائِب، وَبلغ الْإِسْلَام مَا يؤمله فِيكُم، ويرجوه فِي معاليكم، من تمهيد الأرجاء، وَكتب كفرة الْأَعْدَاء، وتكييف الصَّنَائِع الْعَجَائِب.
من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وَلَا زَائِد بِفضل الله سُبْحَانَهُ، ثمَّ بِمَا عندنَا من الِاعْتِدَاد بمقامكم أَعلَى الله سُلْطَانه، ومهد بِالْخَيرِ العاجل والآجل أوطانه، إِلَّا ود يستحكم سَببه، وتشيع يَتَّضِح مذْهبه، واعتقاد سما عماده، وانفسحت طنيه، وَوَلَاء ثَبت فِي شَجَرَة الخلوص نسبه. وَإِلَى هَذَا أيد الله أَمركُم، وأعز نصركم، فإننا ورد على بابنا خديمكم الشَّيْخ الْفَقِيه الْخَطِيب، الافضل الأرضى العابد الْمُجَاهِد الأمضى، المبرور، أَبُو الْعَبَّاس بن الْخَطِيب، وصل الله كرامته، وسنى سَلَامَته، فَألْقى إِلَيْنَا مشافهة من جميل اعتقادكم، وكريم ودادكم، مَا لَو اجتهدت الأقلام فِي تنميقه، وثابرت الْكتب على تَحْصِيله وتحقيقه، لم تَجِد مزيدا عَلَيْهِ، وَلَا فضلت مَا لَدَيْهِ، وَبَالغ فِي تَقْرِير مَا لديكم بِهَذِهِ الْجِهَات من الْعِنَايَة بأحوالها، وَالتَّحْقِيق لآمالها، وَالنِّيَّة الْخَالِصَة لله فِي جِهَاد أعدائها، وتمهيد رحابها. فحمدنا الله مَا وهبنا من ودكم، وَعلمنَا أَن نِيَّة الْجِهَاد كفيلة لكم فِي الدَّاريْنِ ببلوغ قصدكم، وَمَا أَعمالكُم، وَالْحَمْد لله، مُنْذُ أقامكم الله ذَلِك الْمقَام، إِلَّا متسابقة، فِي النّظر لَهَا مُتَوَالِيَة، وَلَا همتكم فِي الْعِنَايَة بهَا إِلَّا عالية، أعانكم الله على مَا يعظم لكم الْأجر، ويخلد الْفَخر. وَقد ألقينا إِلَيْهِ من شكر أفضالكم، وَالثنَاء على جلالكم، مَا نرجو أَن يقوم فِيهِ أحسن الْقيام، وَيعْمل فِيهِ عمل مثله من سراة الخدام، وَإِن كَانَ مَا ألقيناه إِلَيْهِ تعجز عَنهُ فُصُول الْكَلَام، وألسنة الأقلام. وتلاحق بِنَا أَيَّام مقَامه لدينا رَسُولكُم، والقائد الْأَجَل خديمنا أَبُو عبد الله بن غرون، أعزه الله، وأوصل إِلَيْنَا كتابكُمْ متضمنا مَا سناه الله لكم من مساعدة الْأَيَّام، وتيسير المرام، واستصحب أَيْضا مَا عَقدنَا على مقامكم فِي صلح الْعَدو من الْأَحْكَام، فَحصل الْغَرَض الْمَطْلُوب، واستبشرت بِتمَام الصُّلْح والقلوب، وَمَا زَالَ ملككم، حفظ الله معاليه، وشكر مكارمه المتوالية، يتمم لهَذِهِ الْبِلَاد الْمصَالح ويوفيها، ويسلك بهَا سبل الْخَيْر ويقتفيها، ويثابر على الْأَعْمَال الَّتِي يرضى الله فِيهَا، فيلي فضائلكم المترادفة، فضل الشُّكْر، وتوجب
الْبر، أبملفوظها أم بمكتوبها، أعاننا الله على الْقيام بِوُجُوبِهَا، وَمَا عندنَا مَا نعرفكم بِهِ إِلَّا الْخَيْر الَّذِي يُرْجَى بمظاهرتكم اتِّصَاله، واليسر الممتدة ظلاله. وَعِنْدنَا من الْقيام بحقكم الْوَاجِب، وَالثنَاء على محلكم الرفيع الْجَانِب، مَالا يزَال مُتَّصِل الدَّوَام. بَاقِيا على الْأَيَّام. وَالله تَعَالَى يقْضى على يديكم بعز الْإِسْلَام، ويصل لكم من عنايته كل وافر الْأَقْسَام بفضله، وَهُوَ سبحانه وتعالى يصل سعدكم، ويحرس مجدكم. وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله.
وَمن ذَلِك
الْمقَام الَّذِي حُقُوق بره موفاة مُؤَدَّاة، وواجبات شكره مُقَدمَات مبداه، وأخبار عصمته تحف هداه. مقَام مَحل والدنا الَّذِي نعظمه ونكبره، ونجله ونوقره، ونعترف بِمَالِه من الْمجد الزاكي عنصره، وَالْفضل الْكَرِيم أَثَره السُّلْطَان الكذا، ابْن السُّلْطَان الكذا، ابْن السُّلْطَان الكذا. أبقاه الله، ومساعيه فِي الله ناصحة، ومعاليه بَاقِيَة صَالِحَة، وغرر مآثره مشرقة وَاضِحَة، وآيات سعادته لمعاني الْعِنَايَة الإلهية شارحة. مُعظم سُلْطَانه الرفيع الْجَلالَة، والمثنى على فضائله المنثالة، ومكارمه الَّتِي يقصر عَنْهَا لِسَان الإطالة، الْأَمِير عبد الله يُوسُف ابْن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد إِسْمَاعِيل بن فرج بن نصر. سَلام كريم، طيب بر عميم يخص مقامكم الأسمى، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
أما بعد حمد الله ميسر الألطاف الخافية، ومحول الْمَوَاهِب الوافرة الوافية، ومانح العصم الكافلة الكافية، وجاعل الْعَاقِبَة للتقوى، إسباغا للنعم الضافية، وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله، ذِي الدعْوَة الهادية، والمعجزات الظَّاهِرَة الْبَادِيَة [والدرجة الرفيعة الْعَالِيَة، وَالْبركَة المترادفة المتوالية] وَالرِّضَا
عَن آله وَصَحبه، أولي الْآثَار الصَّالِحَة الْبَاقِيَة، والهمم السامية الراقية، وَالدُّعَاء لمقامكم الأسمى بنجح الْأَعْمَال الراضية، وَنصر العزائم الصادقة، فِي فِي جِهَاد الْعَدو الْمَاضِيَة، والصنائع الَّتِي تسفر عَن وجود الْيُسْر والعافية. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم سَعْدا وَاضح السمات، وصنعا يتكفل بدرء الشدائد وَرفع الأزمات.
من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وَلَا زَائِد بِفضل الله جلّ وَتَعَالَى، وآلائه الَّتِي لم تزل تترادف وتتوالى إِلَّا الْخَيْر الْكَامِل، واليسر الشَّامِل، وَالْفضل الَّذِي تقضى بِهِ الْحَاج، وتنال المآمل، وَالْحَمْد لله كثيرا كَمَا هُوَ أَهله، فَلَا فضل إِلَّا فَضله. وَعِنْدنَا لمقامكم الأسمى تشيع ثَابِتَة أَرْكَانه، وود جَدِيد على بلَى الجديدين ريعانه، وخلوص لَا تغيره حوادث الدَّهْر وإيوانه. وَإِلَى هَذَا وصل الله سعدكم، وحرس مجدكم، فإننا فِي هَذِه الْأَيَّام، أجبنا مقامكم الْكَرِيم عَن فُصُول الْكِتَابَيْنِ الواردين علينا، المهديين تحف أنبائكم السارة إِلَيْنَا، المتأديين على يَدي خديمكم الشَّيْخ الْأَجَل المكرم المبرور أبي بكر بن مُوسَى وَأبي عبد الله الجزيري، أعزهما الله فِي خطاب آب بِهِ أَبُو عبد الله الجزيري الْمَذْكُور إِلَى بَابَكُمْ، وَتوجه إِلَى، جنابكم، إِلَّا مَا كَانَ من مضمن المدرج فِي شَأْن الغرقورة، فإننا أرجأنا جَوَابه خلال مَا يتَّجه لنا فِي ذَلِك نظر يعْمل أَو وَجه لَا يهمل. وَظهر لنا الْآن أَن وجهنا إِلَى سُلْطَان قشتالة قريبنا الريس الْأَجَل أَبَا جَعْفَر بن نصر، وَصَاحب ترجمتنا، وصل الله كرامتها، وَيسر سلامتهما. ليلقيا إِلَيْهِ فِي شَأْن مَا جرا على أَبِيه من هَلَاكه، وَمَا تصير إِلَيْهِ من مِيرَاث ملكه، مَا لَا يُنكر بَين الْمُلُوك تردده، وَلَا يجهل فِي أَبْوَاب التَّدْبِير مقْصده، وَجَعَلنَا قَضِيَّة الغرقورة
الْغَرَض الْمُقدم، والسبيل المتمم، وكتبنا إِلَى صَاحب قشتالة فِي هَذِه الْقَضِيَّة كتابا يصلكم نسخته طي كتَابنَا هَذَا، لِتَكُونُوا على علم من فصوله، واطلاع على فروع هَذَا الْحَال وأصوله، وأذنا لِلشَّيْخَيْنِ الْأَجَليْنِ رسوليكم الوافدين علينا، والواصلين إِلَيْنَا، الخديم الْأَجَل أبي بكر بن مُوسَى، والقائد أبي سَالم بن الْحَاج أعزهما الله فِي اللحاق بمقامكم الأسمى، والقدوم على أبوتكم الْعُظْمَى، لِكَوْنِهِمَا مِمَّن لَهما فِي الْحَرَكَة بَين يديكم غنا، ومذاهب سبيلهما فِي الْخدمَة سوا، وأمسكنا ثالثهما الْفَقِيه أَبَا الْعَبَّاس الْحصار حفظه الله لَا يعدمه بحول الله مبرة وَلَا اعتنا، حَتَّى يقف من جَوَاب الطاغية على مَا يكون فِيهِ إِعْلَام لكم وإنبا، أطلع الله تَعَالَى من الْأَمر كُله، على مَا يكون فِيهِ لاعتلال الْأَيَّام شفا، وَلدين الله ظهورا واعتلا، ولعوائده سُبْحَانَهُ اتِّصَال وولا. هَذَا مَا عندنَا خاطبنا بِهِ مقامكم الْعلي، وصل الله أَسبَاب سعده، وحرس أكناف مجده. وَهُوَ سُبْحَانَهُ يصل لديكم مواهب آلائه، ويشملكم بمواهب نعمائه، ويوفر حظكم من اعتنائه. وَالسَّلَام الْكَرِيم يخص مقامكم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَمن ذَلِك
الْمقَام الَّذِي شأو فسيح المدا، وتتراكض فِيهِ جِيَاد الباس والندا، وأخبار فخره، يرْوى صحائفها كل من رَاح وَغدا. وَنِيَّته فِي نصر الْإِسْلَام يعرفهُ عوارف النعم الجسام يَوْمًا وَغدا. مقَام مَحل أخينا الَّذِي مَقَاصِد وده سافرة الْغرَر، وآيات مجده خالدة الْأَثر، ومكارمه هامية الدُّرَر، ومواعيد نَصره على أَعدَاء الْإِسْلَام، يتشوف الدّين إِلَى ميقاتها المنتظر، ورايات جلالته لَا تونى من ضعف الْخَبَر، وصنايعه فِي سَبِيل الله، يرفل الْإِسْلَام مِنْهَا فِي رايق الحبر.
السُّلْطَان الكذا بن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا. أبقاه الله عالي الْمجد، كريم الْقَصْد، رافلا فِي حلل الْفَخر والسعد، مُعظم مقَامه السَّامِي المصاعد، الْمثنى على مجده الأثيل الْقَوَاعِد، ووده العذب الْمَوَارِد، وفضله الْوَاضِح الشواهد، الْأَمِير عبد الله بن يُوسُف بن أَمِير الْمُسلمين أبي الْوَلِيد إِسْمَاعِيل بن فرج بن نصر. سَلام كريم بر عميم، يخص أخوتكم الفاضلة، ومملكتكم الحافلة، وَرَحْمَة الله تَعَالَى وَبَرَكَاته.
أما بعد حمد الله، ولي الْحَمد وَأَهله، الَّذِي تخلص المودات الصادقة من أَجله، ويستعان بحوله وقوته فِي الْأَمر كُله، فَلَا يخيب من اعْتمد على كرمه، أَو عول على فَضله، وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد، خيرة أنبيائه، وَخَاتم رسله، الَّذِي نأوي عِنْد الْفَزع الْأَكْبَر إِلَى ظله، ونرتجي النجَاة فِي التَّمَسُّك بحبله، ونستجير بجاهه على شَدَائِد الدَّهْر وأزله، ونتوسل إِلَى الله بعزة قدره لَدَيْهِ ورفعة مَحَله، فسلك من الإسعاد على أوضح سبله، وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه وعترته وَأَهله، المقتدين بِهِ فِي قَوْله الْكَرِيم وَفعله. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم من عنايته أوفى الحظوظ والأقسام، وعرفكم عوارف الآلاء الجسام، وأنجح [فِي نصركم] على أعدائه الْكَافرين، أمل أهل الْإِسْلَام، حَتَّى ترتسم [حَسَنَات جهادكم] فِي صحف الْأَيَّام.
من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وَلَا زَائِد بِفضل الله سُبْحَانَهُ، ثمَّ بِمَا عندنَا من الِاعْتِدَاد بمقامكم الأسمى، مهد الله سُلْطَانه، إِلَّا الْخَيْر المديد الرواق، والصنع الباهر الْإِشْرَاق، والأمن المنسحب على الْآفَاق، وتشيعنا إِلَى مثابتكم الْعلية مُحكم الْمِيثَاق، ومورد ثنائنا على مكارمكم السّنيَّة عذب المذاق، وَلَا نزال نجتلى
من مخاطباتكم الْبرة أزهار الْبَيَان، من فَوق الأوراق، ونقتني من أنفاسها إثمد الأحداق، ونثني بِمَا خولكم الله تَعَالَى من الْمجد الَّذِي أحرزتموه بِالِاسْتِحْقَاقِ، وجريتم فِيهِ جرى الْجِيَاد على الأعراق. وَإِلَى هَذَا أيدكم الله بالنصر على أعدائه، وعرفكم عوارف الْعِنَايَة الإلهية فِي مختم كل أَمر وابتدائه. فإننا ورد علينا كتابكُمْ السافرة عَن محيا الدّين فصوله، الْقَائِمَة على كريم الْعَهْد أُصُوله، النَّاطِق بِلِسَان الْفضل الْمُبين محصوله، اجتنينا مِنْهُ رَوْضَة نمت صوادح الْبر بأفنانها، وحلة نم طيب الخلوص من أردائها، تعرفُون بِمَا كَانَ من وجهتكم الَّتِي اتخذتم فِيهَا الحزم طَرِيقا، والعزم مصاحبا ورفيقا، والتوكل على الله سُبْحَانَهُ قبيلا وفريقا، وَإِن ركابكم لم يلو على من تلوم، وطرق عزمكم مَا اغضى وَلَا هوم. فَلم تقفكم الأطواد، وَقد سمت صياصيها [وشابت بالثلج نَوَاصِيهَا، حَتَّى ألحقتم أدانيها بأقاصيها، وحللتم بسجلماسة، حُلُول الإصراخ والبدار، والمعاجلة المسقطة للأعذار، وطلعتم بآفاقها طُلُوع النَّهَار، وأعدتموها إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ من التَّمْهِيد والقرار، ووفد بهَا عَلَيْكُم من سميتم من الْأَشْيَاخ الْكِبَار، ووجوه الْقَبَائِل الْأَحْرَار، على اخْتِلَاف الصِّفَات، وتباين الأقدار، وَأَنَّهُمْ وردوا من قبولكم على أعذب المشارب، وشملهم صفح مقامكم الرفيع الْجَانِب، وانتظموا فِيمَن حف بكم من الجيوش والكتائب، وَأَنْتُم صرفتم إِلَى الأحواز المراكشية صُدُور الركائب، وشرعتم فِي صلَة الْعَزْم الدائب. واستوفينا مَا قَرَّرَهُ مقامكم الْأَعْلَى بِمُقْتَضى الود الْكَرِيم الْوَاضِح الْمذَاهب، ورأينا أَن الَّذِي يحمل أخوتكم
الْكَرِيمَة على تعريفنا بجزيئات أحوالها فِي مقَامهَا الرفيع وارتحالها، على انتزاح حلالها، [وشواغل جلالها] إِنَّمَا هُوَ الود الَّذِي زكتْ شُهُوده، وَثبتت عقوده، وعذب فِي الله وُرُوده، فأطلقنا فِي الثَّنَاء على مقامكم أَعِنَّة اللِّسَان، وأطنبنا فِي ذكر فواضلكم العميمة، ومقاصدكم الحسان، وَقُلْنَا نعم الود الَّذِي أصبح على مرضاة الله قَائِم الْبُنيان، فَلَو استعرنا لِسَان بديع الزَّمَان، وَغَيره من فرسَان الْبَيَان، لما وَفينَا بعض شكركم الفسيح الميدان، الْكَرِيم الْأَثر والعيان. وَاعْلَمُوا أَن ذَلِك الْقطر، وصل الله لَهُ، عوائد التَّمْهِيد، وعرفه عارفة الْيمن المديد، إِذا سكن زلزاله، وَحسنت عواقبه. وكرم مَاله، وصلحت باجتماع الْكَلِمَة أَحْوَاله، عَادَتْ على بِلَادنَا عوائد الْأمان، وأغضى عَن هَذَا الْقطر جفن الزَّمَان، وَعلم الْعَدو أَن نَاصِر الْإِسْلَام، يُمكنهُ الدفاع عَن أرجائه، والتفرغ إِلَى تيسير رجائه، مَعَ الأحيان، فَمن الله سُبْحَانَهُ، نسل أَن يعرفنا من تِلْكَ الْجِهَات الْعلية المؤملة، مَا يكون فِيهِ سُكُون الأقطار، وتمهيد الديار، والصنع الْكَفِيل بعز الْإِسْلَام، وثبار الْكفَّار. وَأما مَا لدينا من الِاعْتِدَاد بمقامكم الْعلي الْمِقْدَار، وَالثنَاء على فَضلكُمْ المتألق الْأَنْوَار، فشيء تضيق عَنهُ أَلْسِنَة الأقلام، وبطون الْأَسْفَار، فواصلوا تعريفنا بِمَا يتزيد لديكم، ويتجدد من الْأُمُور عَلَيْكُم، يكون ذَلِك صلَة لما عودتم من مكارمكم الفائقة وفواضلكم السَّابِقَة. وَالله تَعَالَى يشْكر مجدكم، ويبلغكم من نصر الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين قصدكم بمنه، وَالسَّلَام الْكَرِيم يخصكم، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَمن ذَلِك
الْمقَام الَّذِي وسع [بالأمتين] عدله وإحسانه، وتكفل بجبر الْقُلُوب
وتيسير الأمل الْمَطْلُوب علمه وَلسَانه، واشتمل على المكارم المتعددة شَأْنه، وَقَامَ على الْفضل الْمُبين، والمآثر الرائقة الجبين برهانه، مقَام مَحل أخينا الَّذِي حكمه عدل، وشيمته مجد وَفضل، وَملكه لنصر الله إِيَّاه أهل، وحقوقه على أهل الْإِسْلَام لَا يصدعها جهل، وسيل مكارمه لَا حب سهل. السُّلْطَان الكذا، ابْن السُّلْطَان الكذا، ابْن السُّلْطَان الكذا، أبقاه الله، مخولا من التَّوْفِيق أَسْنَى الْمَوَاهِب، سالكا نظره فِي السداد أوضح الْمذَاهب، متغمدا جَوَانِب الْإِسْلَام بألطافه الْعَجَائِب، ذاخرا من نَصره إِيَّاه جيوش عزم، تسير أَمَام الْكَتَائِب، صارفا إِلَيْهِ من وُجُوه سياسته، مَا يقْضى بِحِفْظ الشَّاهِد مِنْهُ وَالْغَائِب، مُعظم مِقْدَاره الَّذِي فاق الأقدار، ووضح فَضله فَأشبه النَّهَار، وموقر ملكه الَّذِي حَاز الفخار، وَعم فَضله الأقطار فلَان.
أما بعد حمد الله الَّذِي آلاؤه العميمة لَا يقْلع مدرارها، وألطافه الْخفية لَا تَلْتَبِس آثارها، وعناياته بِمن وقف عَلَيْهِ رجاؤه تشرق أنوارها، الَّذِي أقامكم لنصر كلمة الْإِسْلَام، ليحمي ذمارها، ويعلو منارها، فآراؤكم لَهُ تتعدى السداد أنظارها، وعزائمكم تنْتَظر مقطع الوفا شفارها، ومكارمكم تَعب فِي سَبِيل الله بحارها. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد، وسيلتنا الَّذِي عظم عِنْد الله مقدارها، وعمدتنا الَّتِي فِي التعويل على شَفَاعَته من هَذِه الْأمة استبصارها، وملجأها الَّذِي تمد إِلَيْهِ أيديها وأبصارها. وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه، شموس سَمَاء الدعْوَة الحنيفية وأقمارها، الَّذين كَانُوا غيوثا تستسقى أمطارها، وليوثا يرهب زأرها، وأعلاما تمهد سنَن الِاقْتِدَاء أَخْبَارهَا. وَالدُّعَاء لإيالتكم الْعليا بالعز الَّذِي تعمر بِهِ أقطارها، والسعد الَّذِي يتسنى بِهِ أوطارها. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم عناية تكرم أسرارها، وسعادة تجنى فِي سَبِيل الله ثمارها.
من حَمْرَاء غرناطة، حرسها الله، وَلَا زَائِد بِفضل الله سُبْحَانَهُ. إِلَّا الْخَيْر المنسحب البرود، واليسر المنتظم الْعُقُود. وَالْحَمْد لله. وَنحن نعتمد من مقامكم على الظل الْمَمْدُود، والمورد الْمَقْصُود. وَإِلَى هَذَا وصل الله لكم أَسبَاب السُّعُود وإنجاز الوعود، فإننا وصلنا كتابكُمْ يسطع أرجه نشرا، وتزف عزته بشرا، تعرفُون بِمَا كَانَ من لحاق الشَّيْخ أبي زَكَرِيَّا يحي بن رحو، بمثابتكم الْعلية وَشَرحه مَا انْتهى إِلَيْهِ عمله فِي تِلْكَ الْقَضِيَّة، ووقوفه عِنْد مَذَاهِب الْعدْل المرضية، وَمَا ظهر لكم من شمائل الْأمة النَّصْرَانِيَّة، من دغل الطوية، والحيدة عَن الْمذَاهب الجلية، وَإِنَّكُمْ آثرتم الْحق طَرِيقا، وارتضيتم الْعدْل فِي جنب الْعَدو صديقا، وأمرتم بخلاصهم من الشكايات الَّتِي تَقْتَضِي عَلَيْهِم إِيمَانهم، وطلبتم بِمَا يثبت للْمُسلمين بِمثل ذَلِك مِمَّا يَقْتَضِيهِ ضمانهم، وتوجيه من يُبَاشر هَذَا الْغَرَض، الَّذِي تفضلتم بإبرام عقده، وإتمام قَصده، فقابلنا هَذِه الْمَقَاصِد الْكَرِيمَة، الَّتِي لم تدع سَبِيلا فِي الوفا إِلَّا نهجته، وَلَا مَطْلُوبا إِلَّا أنتجته بالشكر الطَّوِيل المديد، وَالثنَاء الغض الْجَدِيد، وَالدُّعَاء لمقامكم بصلَة التَّوْفِيق والتسديد، وَاعْلَمُوا أيدكم الله، أَن النصرى كَمَا تقدم، أمه تجَادل فِي الْحق بعد بَيَانه، وتتمسك بالحبال الرثيثة بعد وضوح برهانه، وَلَو كَانُوا على آثاره من إنصاف، واتصفوا من الانقياد للْوَاجِب بِبَعْض اتصاف، لم يَكُونُوا أهل بَاطِل مُعْتَقد، وزيغ منتقد، ولاكن أبلغ عدلكم الْأُمُور مُنْتَهَاهَا، وتمم أَسبَاب النصفة ووفاها، وَنحن ناظرون فِي تعْيين من يُبَاشر مَا ذكرْتُمْ حَسْبَمَا بِهِ أشرتم، وَعِنْدنَا من الشُّكْر الجزيل مَا يقصر عَنهُ اللِّسَان، وَمن الثنا على هَذِه الْأَغْرَاض الْكَرِيمَة مَا لَا يُدْرِكهُ الِاسْتِحْسَان، فَمَا زَالَت أَعمالكُم فِي سَبِيل الله كَرِيمَة الْخَوَاتِم والفواتح شاهدة بِمَا لكم عِنْد الله
من التَّجر الرابح، كافأ الله قصدكم المتكفل برعي الْمصَالح. وَإِن تشوقتم إِلَى أَحْوَال النصرى، فَهِيَ على حسب مَا عرفناكم بِهِ فِي كتاب أصدرناه إِلَى مقامكم قبله، نؤكد الود وتقرره، ونشرح من ذكر ونفسره، وبحسب مَا يتزيد عندنَا نعجل أعلامكم، ونطالع بمتزيده مقامكم. وَالله تَعَالَى يعمر بالعز أيامكم، ويبشر بالنصر على أعدائه أعلامكم. وَهُوَ يصل سعدكم، ويحرس مجدكم. وَالسَّلَام يعْتَمد أخوتكم الفاضلة، ومجادتكم الحافلة، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَمن ذَلِك
الْمقَام الَّذِي يكل لصلاح الْأُمُور نظره الْجَمِيل، ويعدلها كلما هَمت أَن تميل، وتبلغ هَذِه
…
المستمسكة بأسبابه الْقَصْد والتأميل، ويلاحظ من مصلحها الْكثير والقليل، وَيذْهب عَن مَذْهَب أمانها التَّأْوِيل وَالتَّعْلِيل، ويؤويها من جناب رعيه الظل الظليل، مقَام مَحل أخينا الَّذِي على وداده الِاعْتِمَاد، وَإِلَى جميل نظره الِاسْتِنَاد، وَبِه الِانْتِصَار إِذا وَقع العناد، وَمن جِهَته التَّمْهِيد إِذا قلق المهاد، وَمن تِلْقَاء تَدْبيره العلاج، إِذا تطرق إِلَى كَون الْهُدْنَة الْفساد، فمكارمه قد وضحت مِنْهَا الأشهاد، ومفاخره يعرفهَا الحسام العضب والقنا المياد، وعزماته [يدخرها الْجِهَاد، وفضائله يعرفهَا الْعباد والبلاد، السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا ابْن السُّلْطَان الكذا أبقاه الله مُؤَمل النّظر، كريم الْخَبَر وَالْخَبَر كَفِيلا] عدله يرْعَى الْمصلحَة ودرء الضَّرَر، وَلَا زَالَت سعوده متألقة الْغرَر، ومكارمه هامية الدُّرَر، مرجوا للنصر المنتظر، حميد المساعي مرضِي السّير، محروسا مقَامه من الْحَوَادِث والغير، مُعظم قدره، وملتزم بره المطنب بملء اللِّسَان فِي حَمده وشكره، الْعَارِف بكبير مجده، وأصيل فخره. فلَان.
أما بعد حمد الله المتوالي حَمده، المتوالي إنعامه ورفده، الَّذِي جعل التواصل فِي ذَاته سَببا لَا يفصم عقده، وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد الرفيع قدره، الْكَرِيم مجده، رَسُول الله الرَّحْمَة الَّذِي اشرق بدعوته غور المعمورة ونجده، الدَّاعِي إِلَى الدّين القويم، والصراط [الْمُسْتَقيم الَّذِي لَا يضل قَصده، وَالرِّضَا عَن آله وَأَصْحَابه الَّذين أنْجز بنصرهم وعده، وَرفعت بهم أَرْكَان مِلَّته، بعد مَا ضم عَلَيْهِ ضريحه الطَّاهِر ولحده] وَالدُّعَاء [لمقام أخوتكم الْعَالِيَة] بالسعد الَّذِي لَا يبلغ حَده، والنصر الَّذِي يمْضِي فِي الْأَعْدَاء حَده، والتأييد الإلهي الَّذِي لَا يَتَقَلَّص ممتده. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم سَعْدا باهر الْأَنْوَار، ومجدا عالي الْمِقْدَار، وصنعا تجْرِي بمصاعدته أَحْكَام الأقدار، وتتصرف وفْق إِرَادَته، حَرَكَة الْفلك الدوار، وأجرى مجْرى أُمُور هَذِه الْبِلَاد الغريبة والأقطار، من تدبيركم الحميد الْآثَار، ونظركم الْجَمِيل الْأَعْمَال وَالْأَخْبَار، على مَا يَقع من الْإِسْلَام موقع الِاخْتِيَار، ويتكفل بتأمين الْحَال والديار.
من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، والاعتماد عَلَيْكُم بعد الله وثيق السَّبَب، وَاضح الْمَذْهَب، والتشيع لكم [كَفِيل للدّين بنيل الأرب] وَإِلَى هَذَا وصل الله سعدكم، وحرس مجدكم، [فإننا إِن] عَقدنَا سلما عقدناه بريحكم الَّتِي] يحذر الْعَدو وهبوبها] وَإِن شننا حَربًا استغثنا بعزماتكم، الَّتِي تنَال بهَا الْملَّة مطلوبها، وَإِن ضمنا عَنْكُم أمرا، صدق الضَّمَان، وَإِن وثقنا بكم انْقَادَ الزَّمَان، وَرَأى مَا يسره الْإِيمَان. فأحوال الْمُسلمين فِي هَذَا الْقطر، على جميل نظركم مُعْتَمدَة،
وعناياتكم فِي كل يَوْم متجددة، فَكلما توقع فِي أَسبَاب هدنتها مرض، عرض مِنْكُم على الأسى الطَّبِيب، أَو حذر من عدوها مَكْرُوه، صرفت الْوُجُوه مِنْكُم إِلَى الْوَلِيّ الحبيب، فوجوه لحظكم سافرة على حَال المغيب، وَهِي وَإِن كَانَت بعيدَة مِنْكُم، توجبون لَهَا بدينكم حق الْغَرِيب، وَإِن هَذَا الصُّلْح الَّذِي تسنى فِي أيامكم وانقاد [إِلَيْهِ الْعَدو بِسَبَب] اعتزامكم، واتصال الْيَد بمقامكم [تكاثرت فِيهِ بَين الْفَرِيقَيْنِ] شكايات وَهِي إِذا [تكاثرت فِي النُّفُوس] نكايات، وَإِن تغوفل فِي حسم عللها، وَإِصْلَاح خللها، والتنزل فِيهَا الْإِنْصَاف، وَرفع النزاع فِي سَببهَا وَالِاخْتِلَاف، أدَّت لانطلاق الْأَيْدِي، ومجازات التَّعَدِّي بِالتَّعَدِّي حَتَّى تتقلص ظلال الْهُدْنَة والمساهمة. وينتقل الحكم من الْكَلَام إِلَى المكالمة، وَالْحَاجة إِلَى الْهُدْنَة، لَا خَفَاء بهَا عَن مقامكم الرفيع الْعِمَاد، إِذْ فِي اقتضا مَا عين لَهَا الْآن من الآماد، جبر الاعداد، وَإِمْكَان الاستعداد بخلال مَا يَسْتَوْفِي إِن شَاءَ الله، على الْمهل أغراض الْجِهَاد، وَأَن رَسُول قشتاله، ردد إِلَيْنَا الْإِرْسَال بِطَلَب خلاص ناسه مَا بِهِ إِلَيْهِ ستظهروا، وَقد حشدوا كثيرا من الشكايات، وحضروا بَين يدينا، فَألْقوا مَا يخْتَص بإيالتنا، مَنْسُوبا إِلَى الْمَوَاضِع والبلاد [وَمَا يخْتَص بِمَا رَجَعَ] لإيالتكم الرفعية الْعِمَاد، وطلبوا [بالإنصاف مِمَّا تثبت] دَعْوَاهُ وخلاص كل شَاك من شكواه، فَبَلغنَا [الْجهد] فِيمَا يرجع إِلَيْنَا فِي دفع الْحجَّة الَّتِي فِيهَا مدفع، والإتيان بِمَا فِيهِ مقنع، وَغرم مَا لزمنا، واتجه علينا حكمه بِحَسب التسديد الَّذِي تتمشى بِهِ الْأَحْوَال، ويحمد فِيهِ بِفضل الله الْمَآل، وقيدوا
بِتِلْكَ الْجِهَة الَّتِي لجميل نظركم قضايا مقررة، ودعاوي مفسرة، ذكرنَا لكم مِنْهَا فِي مدرج كتَابنَا، أشهرها عِنْد الِاعْتِبَار، وأولاها بالإيثار، وسايرها كثير يَقع الْكَلَام فِيهِ بَين منتحلي الْجوَار من الْمُسلمين وَالْكفَّار، وتبني الْأَحْكَام فِيهِ على ثُبُوت الْآثَار، وَلم تَجِد فِيهَا حِيلَة إِلَّا مُخَاطبَة مقامكم الرفيع الْمِقْدَار، إِذْ وُجُوه خدامكم بِهَذِهِ الْبِلَاد، أعزهم الله قد تنزلوا من هَذِه [الدعاوي منزلَة الْخُصُوم] وَطَالَ الْكَلَام فِي الْمَنْطُوق [مِنْهَا وَالْمَفْهُوم] . فَنحْن الْآن نرغب من مقامكم الْأَعْلَى، ومثابتكم الفضلى، أَن يتَعَيَّن من بَابَكُمْ، من يصل لخلاص مَا يجب خلاصه، واستخلاص مَا يحِق استخلاصه، مِمَّن يمْضِي بأمركم الْعلي الْحق حَيْثُ تعين، ويفصل بِالْوَاجِبِ فِيمَا ظهر وَتبين، ونعين نَحن من يقوم فِيمَا يخْتَص بجهتنا هَذَا الْمقَام، ويعين سُلْطَان قشتالة من جِهَته من يروم هَذَا المرام، حَتَّى يرْتَفع النزاع، وَيظْهر الْحق الشعاع، وتستأنف الْهُدْنَة والأمان الأصقاع. فَمَا زَالَ مقامكم يلْتَمس لَهَا أَسبَاب الرِّفْق، ويدر لَهَا سحائب الرزق، ويلتمس فِي التمَاس صَلَاحهَا أوضح الطّرق. وَبِهَذَا النّظر الَّذِي سألناه من علاكم تتمشى الْأُمُور، وتشرح بِالْحَقِّ الصُّدُور، وَيطْلب بِجَمِيعِ مَا للْمُسلمين من الشكايات على مَا تضمنه الْعَهْد المنشور، وَالْعقد المسطور، وَملك الرّوم فِي الْوَقْت قريب الدَّار، داني الْجوَار، يغتنم دنوه لخلاص هَذِه الْأُمُور، الَّتِي يعوق عَنْهَا المطال إِذا بعد مَكَانَهُ، وشطت دَاره، ونزحت أوطانه، عرضنَا عَلَيْكُم هَذَا الْأَمر المهم قبل أَن يخْتل مَا عقد، ويهي مَا سدد، وَأَنْتُم أكفى وأكفل. وَجَمِيل نظركم المؤمل، وعَلى مقاصدكم الْكَرِيمَة الْمعول. وَقد وجهنا إِلَى بَابَكُمْ فِي هَذَا الْغَرَض من يشْرَح الْأُمُور فِيهَا، ويقرر الْمَقَاصِد ويستوفيها، وَله بذلك دربة وخبرة وَمَعْرِفَة مُسْتَقِرَّة، ذَلِك الْقَائِد الكذا، ومقامكم يتفضل بالإصغا لما يلقيه، وَالْقَبُول
لما يُؤَدِّيه. وَالله تَعَالَى يبْقى مقامكم سامية معاليه، عَائِدًا بجميل نظره بِالْخَيرِ على من يواليه. وَالسَّلَام الْكَرِيم يخصكم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَمن ذَلِك
الْمقَام الَّذِي تبادر بالمتزيدات أَعْلَامه، ويتأكد على مر الزَّمَان إكباره وإعظامه، ويقابل جَانِبه بالتشيع الثَّابِتَة أَحْكَامه، الْوَاضِحَة أَعْلَامه. مقَام مَحل أخينا، الَّذِي سعده كَفِيل بِحسن العواقب، ومجده كلف [بإحراز المناقب، وسما فخره قد زينت من نُجُوم الْفَخر بِالشُّهُبِ الثواقب، مكابده مسدود الْمذَاهب، ومنازعه مغالب، وَنِيَّته الصَّالِحَة ضمينة لنيل المطالب، وَإِدْرَاك الرغائب. السُّلْطَان الكذا، ابْن السُّلْطَان الكذا، ابْن السُّلْطَان الكذا. أبقاه الله عَزِيز الْجلَال، كريم الْخلال، قريب النوال، بعيد المنال، كَفِيلا توكله على الله بِحسن الْمَآل منشرحا صَدره فِي جَمِيع الْأَحْوَال، تشهد بمجده ظُهُور الْجِيَاد، وَالسّنة الْبيض الْحداد، ومواقف النزال، مُعظم مقَامه الَّذِي تَعْظِيمه الْفَرْض المحتوم، وإجلاله تطابق مِنْهُ الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم، وَالْمَنْقُول والمعلوم، الْمثنى على مكارمه الَّتِي خجلت مِنْهَا الغيوم، ومناقبه الَّتِي اقتبست مِنْهَا النُّجُوم. فلَان
…
سَلام كريم بر عميم يخص مقامكم الْأَعْلَى وأخوتكم الفضلى، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
أما بعد حمد الله عَالم خفيات الصُّدُور، الَّذِي أحَاط علمه بِمَا خَفِي من جزئيات الْأُمُور، الْكَفِيل لمن توكل عَلَيْهِ، وفوض الْأُمُور إِلَيْهِ بالعلي والظهور، جَاعل الْعَاقِبَة للتقوى، كَمَا وعد فِي كِتَابه الْحَكِيم المسطور، الَّذِي فِي ذَاته تعقد أَسبَاب الْمَوَدَّة الْخَالِصَة على مر الدهور، ولابتغاء مرضاته، نصل الْيَد على جِهَاد
الْعَدو الكفور. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد المبتعث بِالْهدى والنور الْهَادِي إِلَى السَّبِيل الْوَاضِح وَالسّنَن الْمَأْثُور، الَّذِي بجاهه نرد موارد السرُور، وببركته نستقبل وُجُوه الْخَيْر بادية السفور. [وبالاعتماد على رُكْنه الْأَقْوَى نتعرف عوارف السعد فِي الدُّنْيَا وَيَوْم النشور] وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه الَّذين كَانُوا فِي سَمَاء الْملَّة الحنيفية أَمْثَال البدور، وَفِي لبتها كاللآلي والشذور، الَّذين دافعوا عَنَّا فِي حَيَاته بالحسام المطرور، وخلفوه بعد مماته بالسعي المبرور، والدعا لمقامكم الْأَعْلَى بصلَة النَّصْر الْمَشْهُور، والصنع الْكَفِيل لِلْإِسْلَامِ وَأَهله بالسرور. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتب الله لكم أَسْنَى مواهب الْخَيْر الموفور. وَجعل الْعَاقِبَة الحميدة لملككم الْمَنْصُور.
من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وَعِنْدنَا من التَّشَيُّع فِي مقامكم الْأَعْلَى، مَا هُوَ أوضح من النَّهَار، وَأجلى من شروق الْأَنْوَار، فبحسبه نبادر إِلَى مقامكم بأنباء الْأَخْبَار، ونحرس على بسط الْأَعْذَار، ونبذل من إمحاض النِّيَّة لكم مَا يُعلمهُ الْعَالم بخفيات الْأَسْرَار. وَإِلَى هَذَا أيد الله أَمركُم، وأعز نصركم، فَإِن الْإِنْسَان وَإِن توصل إِلَى معرفَة الظَّوَاهِر والبواطن عَنهُ محجوبة، والخفيات إِلَى علم الله، لَا إِلَى غَيره منسوبة، وَله فِي كل شَيْء أَحْكَام مَكْتُوبَة. وَكُنَّا عرفنَا مقامكم الْأَعْلَى بِمَا عندنَا من صرف نظر الملاحظة إِلَى من لدينا من إخْوَانكُمْ وقرابتكم، بِحَيْثُ لَا يبرح رقيبها وَلَا يخْتل ترتيبها، وإننا نصل التفقد إِلَى أَحْوَالهم، وندلي الْعُيُون إِلَى أَقْوَالهم وأعمالهم، فجرينا من ذَلِك على السّنَن اللاحب وقمنا مِنْهُ بِالْوَاجِبِ، وَلم نَدع جهدا إِلَّا سلكنا مِنْهُ أوضح الْمذَاهب. وَمن اضمر المكيدة يرتقب أوانها، ويلتمس مَكَانهَا، والخواطر لَا يعلم إِلَّا الله شَأْنهَا، وبظاهر
حضرتنا أَمَاكِن مباركة مَشْهُورَة. وزواياها مباركة مَقْصُودَة، ينفر إِلَيْهَا الْجُمْهُور فِي اللَّيَالِي الَّتِي يقوم بهَا للبر سوق، وَتوفى من تعظيمها حُقُوق، وخصوصا لَيْلَة مِيلَاد رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، ابْتِغَاء الْبركَة لَدَيْهِ، فَهِيَ بِحَيْثُ ذكر من المواسم الَّتِي ينتدب إِلَيْهَا النَّاس، وتتسابق مِنْهُم الْأَنْوَاع والاجناس، وَإِن أَخَاكُم أَبَا الْفضل، لما كَانَ قد استبطن عقيدة المكيدة، وَأثر اتِّبَاع الآراء غير السديدة، جعل قصد ذَلِك ليلتئذ سَببا لأربه، وورى بهَا عَن مذْهبه. وَمن الْغَد تفقدنا ففقدناه، ووصلنا عادتنا فِي طلبه، فتعرفنا مَا كَانَ من هربه، فبادرنا إِلَى تَوْجِيه الفرسان فِي أَثَره، وطيرنا من أنجاد الخدام من يعوقه عَن وطره، والمرحلة الَّتِي بَيْننَا وَبَين بلد النصرى قريبَة على من يرْكض الْخَيل، وَيقطع بحث ركابه اللَّيْل، فألفوه قد لحق بِأَرْض النصرى، رَاكِبًا فِي قَصدهَا الْخطر، ومقتحما فِي تأميلها الْغرَر، فِي حميلة تنتمي إِلَى ثَلَاثَة عشر لَيْسَ فيهم من بِهِ عِبْرَة، وَلَا من تميزه شهرة، إِلَّا من كَانَ من يَعْقُوب بن أبي عياد شَيْطَانه الَّذِي أغواه، وجذبه من شطن هَوَاهُ، وأرداه فِي ورطة، يتَعَذَّر مِنْهَا منجاه، فَإِن من خاطر بِنَفسِهِ فِي قصد بِلَاد النصرى للغرض الَّذِي قَصده، وَالْمذهب الَّذِي اعْتَمدهُ، قَلما نجح لَهُ عمل، وَلَا تأتى لَهُ مِنْهَا أمل، وَلَا يساعده حَاضر من الزَّمَان وَلَا مُسْتَقْبل، فَهِيَ مثابة وجودهَا عدم، ومفازة، لَيْسَ على الطَّرِيق بهَا علم، قطعت بِمن قَصدهَا على الْقدَم، وقضت بتمزيق الشمل، ومذلة النَّدَم. فامتعضنا لهَذَا الْوَاقِع عِنْدَمَا تعرفناه، ووجهنا إِلَيْهِ وَجه الْعَزْم وصرفناه، ورجعنا على أَخِيه وَأَبْنَاء عَمه باللأئمه الَّتِي لم نقبل فِيهَا عذرا، وَلَا أثرنا فِيهَا صبرا إِذْ كُنَّا قد أغرينا بَينهم، فَجعلنَا بَعضهم على بعض عيُونا ساهرة، ورقبا تبحث عَن كل خافية وظاهرة، فاتهمناهم بكتمانهم مَا استوثقنا مِنْهُم فِيهِ، والمداهنة فِي هَذَا الْأَمر الَّذِي لَا ترتضيه، فكبسنا مَنَازِلهمْ بِالرِّجَالِ مرّة وَاحِدَة، لم نوسعهم
فِيهَا إمهالا، وَلَا فسحنا لَهُم فِي الْإِقَالَة مجالا، وقبضنا على جَمِيعهم، مَعَ تبَاين أُمُورهم، وتباعد مَنَازِلهمْ ودورهم قبضا هائلا، لم يفلت مَعَه مِنْهُم أحد، وَلَا انخرم من جُمْلَتهمْ عدد، وثقفناهم بحمرائنا فِي أَمَاكِن لَهُم أعددناها، ورتبنا عَلَيْهِم الحراسة وجددناها، نكالا لما وَقع من الْأَمر الَّذِي حرصنا على سد بَابه، وجهدنا فِي قطع أَسبَابه، وبادرنا إِلَى تَعْرِيف مقامكم الَّذِي نعتد بجنابه، ونمحض لَهُ من الود صفو لبابه، ليَكُون على علم من هَذَا الْوَاقِع الَّذِي اتّفق، وَالْأَمر الَّذِي غلب الحزم عَلَيْهِ قدر سبق، بِمُقْتَضى الود الَّذِي تقرر وَتحقّق، والخلوص الَّذِي فرع وانبثق، وَنحن على علم بِأَن أَخَاكُم ركب بحرا لَا نجاة لراكبه، وامتطى صعبا يقطع بِهِ عَن مآربه، إِذْ لَا بُد للنصرى من أَصْحَابه إِلَى سلطانهم، وَهُوَ فِي الْوَقْت بداخل سُلْطَان قشتالة، بِحَيْثُ تَتَعَدَّد المراحل، وتطول الْأَيَّام، ويتعذر على قاصده المرام، وأحوال النصرى فِي فتور هَذِه الْأُمُور لديهم لَا تتخيلها الأوهام، وَلم يزل يتَّصل بهم أهل البسالة من كبار الْبَأْس والإقدام، وأولو المضا الْمَشْهُور والاعتزام، فيستولي على أُمُورهم الاختلال، وتشملهم الْحَاجة، وتضيق مِنْهُم الْأَحْوَال، فَمنهمْ من يرجع أدراجه، بعد أَن يكون الصفح وَالْإِقَالَة أقْصَى أمْنِيته. وَمِنْهُم من يرتجيه مِمَّا تورط فِيهِ حُلُول منيته، وسعادتكم تتكفل بجريان الْأُمُور أفضل مجاريها، واستقامة الْأَحْوَال على أوثق مبانيها، وَقد وجهنا إِلَيْكُم بكتابنا هَذَا الْقَائِد الكذا لكَونه مِمَّن اتّفق لمشاهدة هَذَا الْأَمر حُضُوره، وَحدثت بمرأى مِنْهُ أُمُوره، فَهُوَ يلقى إِلَيْكُم مَا قَررنَا مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْحبّ، ويشرح منَّة مَا أجمله الْكتب. ومقامكم يصغي إِلَى مَا يلقيه، ويقابل بِالْقبُولِ مَا يُؤَدِّيه. وَالله سُبْحَانَهُ يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، وَالسَّلَام الْكَرِيم يخصكم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَمن ذَلِك
الْمقَام الَّذِي وده متأكد الْوُجُوب، وَوجه فَضله لَيْسَ بالمحجوب، وَعقد فَضله متقرر فِي الْقُلُوب، وَنِيَّته الصَّالِحَة متكفلة لِلْإِسْلَامِ وَأَهله بنيل الْمَطْلُوب، وبلوغ المرغوب، مقَام مَحل أخينا الَّذِي شَأْننَا كُله تشيع لَهُ وخلوص، وَحكم ودنا فِيهِ عُمُوم وخصوص، وثنا اعتقادنا الْجَمِيل فِيهِ على أساس ابتغا رضوَان الله مرصوص، [أبقاه الله] رفيع الْقدر، عَزِيز الْأَمر، معترفا بِوُجُوب حَقه لِسَان الدَّهْر، مُعظم مِقْدَاره الخليق بالتعظيم، الْمثنى على مجده العالي، وفضله العميم، المعتد مِنْهُ بالذخر الْكَرِيم، فلَان.
أما بعد حمد الله الَّذِي إلهامنا إِلَيْهِ من أعظم نعمه، وهدايتنا إِلَيْهِ من أكْرم كرمه. منجح بأخلص من وَسَائِل الود وذممه، وموفق الآراء إِلَى سلوك قَصده الْوَاضِح وأممه، الَّذِي عَلَيْهِ نتوكل فِي مبدأ كل أَمر ومختتمه، فنظفر من السعد بأوفر قسمه، وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله الَّذِي تسير الْأَنْبِيَاء والإرسال تَحت علمه، سيد الْكَوْن بَين عربه وعجمه، وَنور الله الَّذِي أذهب مَا تكاثف من غياهب الْبَاطِل وظلمه، وغيث الرَّحْمَة الَّذِي تمد يَد السُّؤَال إِلَى استقامة ديمه. وَالرِّضَا عَن آله وأنصاره، السالكين مناهج سجاياه الشَّرِيفَة وشيمه، الآوين من اتِّبَاعه إِلَى أمنع حرمه، المثابرين على إعلاء معلمة المهتدين بِفِعْلِهِ وَكلمَة. وَالدُّعَاء لمقامكم الأسمى بنصر عَزِيز تكون الْفتُوح الغر من خدمه، وَسعد يُغني عَن اختبار نصب الْفلك الدوار وتعديل أنجمه، وصنع تكفل الْعِنَايَة الآلهية بإيضاح محكمه. فَإنَّا كتبنَا إِلَيْكُم، كتب الله لكم تأييدا يقر عين الْإِسْلَام برسوخ قدمه.
من حَمْرَاء غرناطة حرسها الله، وَلَا زَائِد بِفضل الله، إِلَّا الْخَيْر الَّذِي يُقَوي باعتداد بَابَكُمْ سَببه، وَيبين مذْهبه، واليسر الَّذِي يَتَأَتَّى بإعانتكم أمل الْإِسْلَام ومطلبه. وَعِنْدنَا من الْبر لكم عقائد لَا يدْخل الشَّك أُصُولهَا، وَلَا يعْتَرض النَّقْد فصولها، وَلَا تفوت الْأَيَّام محصولها، وَمن الِاعْتِدَاد بجهاتكم عَزمَات يشحذ الْحق نصولها، وآمال يرتب حسن الظَّن بِاللَّه صلتها وموصولها. وَإِلَى هَذَا أيد الله أَمركُم، وأعز نصركم، فإننا بادرنا تعرفكم بِمَا حدث عندنَا من قَضِيَّة أخيكم أبي الْفضل الَّذِي كُنَّا وثقنا فِيمَا كُنَّا شرطنا عَلَيْهِ من الهدو والاستقامة بِحسن عَهده، ورجونا عمله فِيهِ على شاكلة مجده، وأصلنا لَهُ أصلا ظننا وُقُوفه عِنْد حَده، وَأَنه قيض لَهُ من يَعْقُوب بن أبي عياد مثير عجاجه ومنفق لجاجه، صدع بهَا شَمل سكونه، وانسحاب الْعَافِيَة عَلَيْهِ، صدع زجاجه، فورى بِقَصْدِهِ ربط الْعِبَادَات، وأماكن الْقرب المودات وَقد أضمر الْحِيلَة، وأكذب فِيهِ المخيلة، وَلحق بالروم فِي عدد نذر، وَطَائِفَة لَا تستقل بِأَمْر، متورطا فِي لجج هائلة، بآراء فائلة، وأننا اتهمنا أَخَاهُ، وَابْني عَمه بالإدمان فِي قَضيته، وَالْعلم بِمَا كَانَ فِي طويته، وأنكرنا عَلَيْهِم مَا كَانَ من إخفاء هَذَا الْغَرَض، الَّذِي أَخذنَا عَلَيْهِم بإعلامنا بِهِ اشد الْمِيثَاق، وركنا إِلَى مَا تَقْتَضِيه أَصَالَة الأحساب، وَمَكَارِم الْأَخْلَاق، فنضا شَمل جَمَاعَتهمْ واستوعبها، وراع جُمْلَتهمْ وأرعبها، ومازلنا نبحث عَن أَحْوَالهم، ونواصل النقير عَن أَقْوَالهم وأعمالهم، ونختبر مَا نطنا بهم من الشيم الداعية إِلَى اعتقالهم، والريب الحاملة على نكالهم، فَثَبت عندنَا بَرَاءَة جوانبهم، وسلامة مذاهبهم، وحققنا من بسط الْأَحْوَال، واستقل لدينا أتم الِاسْتِقْلَال أَن أَبَا الْفضل
انْفَرد عَنْهُم بتدبيره، وطوى عَنْهُم مَا هجس بضميره، حَتَّى ركب الْخطر الَّذِي يتَعَذَّر الْخَلَاص مَعَه، وآثر الطمع، الَّذِي قل مَا صارع أحدا إِلَّا صرعه، وَانْقَضَت مُدَّة من تعرف ركُوبه الْبَحْر لم يسمع لَهُ خبر، وَلَا دلّت مِنْهُ عين على أثر، حَتَّى أَن حَالَة التّلف أقرب إِلَيْهِ، بِحَسب مَا تدل العوائد عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ الله ليظْهر لملككم من الْعَجَائِب مَا أظهره، وأيد سُلْطَانه فِي كل موطن وَنَصره إِلَّا لخبيئة عناية لَا يضر مَعهَا كيد من كاده، وَلَا ينجح بِسوء أَرَادَهُ. تمّ المجلد الأول من كتاب " الريحانة "