الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: أقوال السلف في زيادة الإيمان ونقصانه
…
المبحث الثالث
أقوال السلف الصالح في زيادة الإيمان ونقصانه
لقد جاء عن السلف الصالح آثار كثيرة قرروا فيها ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من حجج ودلالات على زيادة الإيمان ونقصانه، فبينوا رحمهم الله أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وكثرة العبادة والمداومة عليها، وينقص باللهو والغفلة والمعصية والتقصير في فعل الطاعة، بل لقد حكى إجماعهم واتفاقهم على ذلك غير واحد من أهل العلم.
قال يحيى بن سعيد القطان:"ما أدركت أحداً من أصحابنا، إلا على سنتنا في الإيمان، ويقولون: الإيمان يزيد وينقص"1.
وقال الإمام عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله:"لقيت اثنين وستين شيخاً،
…
فذكر عدداً منهم ثم قال: كلهم يقولون:"الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص"2.
وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام:"هذه تسمية من كان يقول الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص،
…
فسمى أكثر من مائة وثلاثين رجلاً من أهل العلم من الصحابة وغيرهم.. ثم قال: هؤلاء كلهم
1 رواه ابن هاني في مسائل الإمام أحمد (2/ 162) وذكر نحوه الذهبي في السير (9/179) في ترجمة يحيى بن سعيد.
2 رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (5/ 958 ح 1737) .
يقولون الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، وهو قول أهل السنة، والمعمول به عندنا"1.
وقال إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمه الله:"أجمع سبعون رجلاً من التابعين وأئمة المسلمين وفقهاء الأمصار على أن السنة التي توفي عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فذكر أموراً منها: الإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية"2.
وقال أمير المؤمنين في الحديث أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله:"لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحداً يختلف في أن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص"3.
وقال أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي 4:"الإيمان عندنا أهل السنة الإخلاص لله بالقلوب والألسنة، والجوارح، وهو قول وعمل، يزيد وينقص، على ذلك وجدنا كل من أدركنا من عصرنا بمكة والمدينة
1 رواه ابن بطة في الإبانة (2/ 814 برقم:1117) وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان (ص 293- 295) .
2 رواه ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد (ص 228) وابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/ 130) بلفظ أجمع تسعون
…
إلخ.
3 ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 47) ، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين (2/ 256) وعزواه للالكائي في السنة، وصححا إسناده، قلت: وهو في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي"المطبوع"(5/ 889 رقم:1597) بنحوه، وليس فيه"ويزيد وينقص، فلعل هذه اللفظة سقطت من المطبوع، أو أن الحافظ والزبيدي اطلعا على نسخة اشتملت على ما حكياه. وانظر (ص 418) من هذه الرسالة.
4 هو الإمام الحافظ الحجة الرحال، محدث إقليم فارس أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي، من أهل فسا، له تاريخ كبير، توفي سنة سبع وسبعين ومائتين، انظر ترجمته في السير للذهبي (13/180) .
والشام والبصرة والكوفة،. ثم ذكر منهم بعضاً وثلاثين"1.
وقال سهل بن المتوكل الشيباني2:"أدركت ألف استاذ وأكثر كلهم يقولون الإيمان قول وعمل يزيد وينقص
…
"3.
وقال ابن جرير الطبري:"وأما القول في الإيمان هل قول وعمل يزيد وينقص، أم لا زيادة فيه ولا نقصان؟ فإن الصواب فيه قول من قال: هو قول وعمل يزيد وينقص، وبه جاء الخبر عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه مضى أهل الدين والفضل"4.
وقال أبو عمر بن عبد البر:"أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول وعمل، ولا عمل إلا بنية، والإيمان عندهم يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية"5.
وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله:"وأجمعوا على أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وليس نقصانه عندنا شك فيما أمرنا بالتصديق به، ولا جهل به، لأن ذلك كفر، وإنما هو نقصان في مرتبة العلم وزيادة البيان كما يختلف وزن طاعتنا وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإن كنا جميعاً مؤديين للواجب علينا"6.
1 رواه اللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 963 ح 1753) .
2 هر سهل بن المتوكل بن حجر أبو عصمة البخاري من بني شيبان، يروى عن أبي الوليد الطيالسي وأهل العراق، روى عنه أهل بلده. انظر الثقات لابن حبان (294/8) .
3 رواه اللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 964 ح 1754) .
4 صريح السنة (ص 25) .
5 التمهيد (9/ 238) ، ونقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية انظر الفتاوى (7/330) .
6 رسالة إلى أهل الثغر (ص 272) قلت: وقول أبي الحسن هذا وكذا قوله المماثل له في كتابه مقالات الإسلاميين (ص 290) إنما كان منه بعد رجوعه لمعتقد أهل السنة والجماعة وهو المعتقد الذي استقر عليه قدمه آخر عمره بعد تنقل طويل في الاعتزال أولا ثم الكلابية ثانياً ثم عقيدة أهل السنة والجماعة، إلا أن اتباعه الاشاعرة أصروا إلى يومنا هذا على البقاء على المعتقد الذي تبين لإمامهم فساده وبطلانه.
وقوله:"وإن كنا جميعاً مؤديين للواجب علينا" فيه نظر سيأتي بيانه (ص 368) .
وقال ابن أبي زيد القيرواني في كتابه المفرد في السنة:"فصل فيما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة ومن السنن التي خلافها بدعة وضلالة.. فذكر أموراً منها: أن الإيمان قول باللسان وإخلاص بالقلب وعمل بالجوارح يزيد ذلك بالطاعة وينقص بالمعصية نقصاً عن حقائق الكمال لا محبط للإيمان، ولا قول إلا بعمل ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بموافقة السنة"1.
وقال ابن بطال المالكي:"مذهب جماعة أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الأيمان قول وعمل، يزيد وينقص"2.
وقال الحافظ عبد الغني المقدسي في عقيدته:"اعلم وفقنا الله وإياك.. أن صالح السلف وخيار الخلف وسادات الأئمة وعلماء الأمة اتفقت أقوالهم وتطابقت آراؤهم فذكر أموراً ثم قال: والإيمان بأن الإيمان قول وعمل ونية يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية"ثم
1 نقله عنه ابن القيم في اجتماع الجيوش (ص 150-152) .
2 نقله عنه النووي في شرحه لمسلم (1/146) والكرماني في شرحه للبخاري (1/76) .
أورد بعض النصوص الدالة على ذلك1.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وأجمع السلف أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص"2.
وقال ابن القيم:".. فإنه بإجماع السلف: يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية"3. وقد تقدم معنا قول ابن كثير رحمه الله: وهذا"مذهب جمهور الأمة، بل حكى الإجماع عليه غير واحد من الأئمة كالشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد"4.
وقال السفاريني:"والذي اعتمده أئمة الأثر وعلماء السلف: أن الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان"5.
وبعد هذه النقول السابقة المبينة لإجماع أهل السنة والجماعة على زيادة الإيمان ونقصانه، وأنهم متضافرون على قول واحد فيه، أذكر جملة من النقول عن بعض الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن نقل عنه ذلك، ذاكراً أقوال الصحابة أولاً، فالتابعين، فمن بعدهم، مرتباً لهم حسب وفياتهم عدا الصحابة فلم أراع في ترتيبهم ذلك:
1-
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأصحابه:"هلموا
1 عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي ضمن"المجموعة العلمية السعودية" جمع الشيخ العلامة عبد الله بن حميد رحمه الله (ص 30- 49) .
2 الفتاوى (7/ 672) .
3 مدارج السالكين (1/ 421) .
4 تفسير ابن كثير (2/285)
5 شرح ثلاثيات المسند (2/ 218) .
نزداد إيماناً"وفي لفظ:"تعالوا نزداد إيماناً"1.
2-
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"اجلسوا بنا نزداد إيماناً"2 وكان يقول في دعائه:"اللهم زدني إيماناً ويقيناً وفقهاً"3.
3-
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يقول:"اجلسوا بنا نؤمن ساعة"4
1 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (11/26) وفي الإيمان (ص 36) والخلال في السنة (ق 108/أ، ح 1122) والآجري في الشريعة (ص 112) وابن بطة في الإبانة (2/847 ح 1134) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 941ح 0 170) والبيهقي في الشعب (ص 86) ، من طرق عن محمد بن طلحة عن زبيد اليامي عن زر بن حبيش، قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأصحابه، فذكره. وزاد الآجري في روايته (فيذكرون الله عز وجل وإسناده صحيح.
2 أخرجه البيهقي في الشعب (ص 91) من طريق محمد بن فضيل عن أبيه عن شباك الضبي عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه.
3 أخرجه عبد الله في السنة (1/368 ح 797) والخلال في السنة (ق 108/أ، ح 1120) والآجري في الشريعة (ص 112) وابن بطة في الإبانة (2/846 ح 1132) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 942 ح 1704) والبيهقي في الشعب (ص ا 9) من طرق عن شريك عن هلال بن حميد عن عبد الله بن عكيم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عه. قال الحافظ في الفتح (1/48) :"وإسناده صحيح".
4 رواه البخاري في صحيحه تعليقاً (1/45 فتح) ووصله أبو عبيد في الإيمان (ص 72) وابن أبي شيبة في المصنف (11/25، 26) وفي الإيمان (صر 35) وعبد الله في السنة (1/368 ح 796، 1/378 ح 823) وأبو بكر الخلال في السنة (ق 108/أ، ح 1121) وأبو نعيم في الحلية (1/ 235) وابن بطة في الإبانة (2/847 ح 1135) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/943 ح 1706 و 1707) والبيهقي في الشعب (ص90) . من طرق عن جامع بن شداد عن الأسود بن هلال المحاربي قال: قال معاذ فذكره، بألفاظ متقاربة في بعضها" اجلس" بالإفراد، وبعضها"اجلسوا" بالجمع، وبعضها بزيادة"أي: نذكر الله" وزيادة:"فيجلسان يتذاكران الله ويحمدانه". وصحح الحافظ إسناده في الفتح (1/ 48) والألباني في تعليقه على الإيمان لابن أبي شيبة (ص 3) والإيمان لأبي عبيد (ص 72) .
قال ابن حجر مبيناً وجه دلالته على زيادة الإيمان ونقصانه:"ووجه الدلالة منه ظاهرة، لأنه لا يحمل على أصل الإيمان لكونه كان مؤمناً وأي مؤمن، وإنما يحمل على إرادة أنه يزداد إيماناً بذكر الله تعالى"1.
أما قول ابن العربي عنه:"لا تعلق فيه للزيادة"معلالاً ذلك:"بأن معاذاً إنما أراد تجديد الإيمان، لأن العبد يؤمن في أول مرة فرضاً، ثم يكون أبداً مجدداً كلما نظر أو فكر"2.
فغير صحيح، لأن الإيمان الذي ينجم عن النظر والتفكر بعد تحقق أصل الإيمان، يعد في الحقيقة زيادة إيمان، فما سماه ابن العربي هنا تجدد إيمان هو في واقع أمره زياد إيمان وإن سمي بغير اسمه.
ولذا تعقبه الحافظ بقوله:"وما نفاه أولاً أثبته آخراً، لأن تجدد الإيمان إيمان"3.
4-
وكان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يأخذ بيد النفر من أصحابه فيقول:"تعالوا نؤمن ساعة، تعالوا فلنذكر الله ونزدد
1 فتح الباري (1/ 48) .
2 نقله عنه الحافظ في الفتح (1/48) .
3 فتح الباري (1/ 48) .
إيماناً بطاعته، لعله يذكرنا بمغفرته"1.
5-
وعن أبي الدرداء عويمر الأنصاري رضي الله عنه أنه قال:"الإيمان يزداد وينقص"2.
1 رواه ابن أبي شيبة في المصنف (11/43) وفي الإيمان (ص 38) من طريق موسى بن مسلم عن ابن سابط قال"كان عبد الله بن رواحة يأخذ.." وإسناده ضعيف لأن سابط هذا لم يدرك عبد الله بن رواحة.
وله طريق أخرى من رواية أحمد بن يونس عن شيخ من أهل المدينة عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار أن عبد الله بن رواحة قال لصاحب له: فذكره بنحوه. أخرجه البيهقي في الشعب (1/ 192) .
وإسناده ضعيف، لإبهام شيخ أحمد بن يونس، ولأن عطاء لم يدرك عبد الله بن رواحة.
وله طريق ثالث يرويه عبد الله بن المبارك عن سعيد بن عبد العزيز عن بلال بن سعد أن أبا الدرداء قال:" كان ابن رواحة يأخذني بيدي فيقول: تعال نؤمن ساعة إن القلب أسرع تقلياً من القدر إذا استجمعت غلياً".
أخرجه ابن بطة في الإبانة (2/ 848 ح 1137) ورواية بلال عن أبي الدرداء مرسلة، انظر جامع التحصيل (ص 179) .
وله طريق رابع يرويه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب بنحوه مرسلاً، أخرجه ابن أبي زمنين في أصول السنة (2/ 790) .
وله طريق خامس يرويه أحمد بن حنبل عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن
عمارة عن زياد النميري عن أنس بن مالك قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحابه يقول: تعال نؤمن بربنا ساعة.. فذكره بسياق آخر. أخرجه ابن عساكر في تاريخه (9/ 201) .
وهذا إسناد ضعيف فزياد هو ابن عبد الله ضعيف كما في التقرب (1/269) . فالأثر بمجموع هذه الطرق حسن إن شاء الله.
2 رواه عبد الله في السنة (1/ 314ح 623) والخلال في السنة (ق 110/أ، ح1161) وابن بطة في الإبانة (2/843 ح 1126) و (2/848 ح 1138 واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/944 ح 1709) والبيهقي في الشعب (ص 97) ، من طريق إسماعيل بن عياش عن حريز بن عثمان عن أبي حبيب الحارث بن مخمر عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
ورجاله ثقات، فإسماعيل بن عياش ثقة في روايته عن الشاميين، وهذا منها، انظر الكاشف للذهبي (1/ 76) .
وحريز بن عثمان، ثقة ثبت، وهو حمصي. انظر التقريب (1/ 159) .
والحارث بن مخمر ثقة. وثقة الإمام أحمد وغيره، وقد لقي أبا الدرداء، انظر تاريخ دمشق لابن عساكر (4/ 125) .
تنبيه: وقع عدة تصحيفات في إسناد هذا الأثر في بعض مصادره المتقدمة، وصوابه ما أثبته.
وروى عنه رضي الله عنه أنه قال:"من فقه العبد أن يعلم أمزداد هو أو منتقص، وإن من فقه العبد أن يعلم نزغات الشيطان أنى تأتيه"1.
6-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"الإيمان يزداد وينقص"2.
1 رواه ابن بطة في الإبانة (2/849 ح 1140) من طريق حريز بن عثمان عن بعض أشياخه عن أبي الدرداء رضي الله عنه، وذكره شيخ الإسلام في كتاب الإيمان (ص 211) وإسناده ضعيف لإبهام شيخ حريز.
2 رواه عبد الله في السنة (1/ 314 ح 622) والخلال في السنة (ق 58 1/ أ، ح 1118) والآجري في الشريعة (ص 111) وابن بطة في الإبانة (2/ 844 ح 1127،1128) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 945 ح 1711) والبيهقي في الشعب (ص 98) من طرق عن إسماعيل بن عياش قال حدثني صفوان بن عمرو عن عبد الله بن ربيعة الحضرمي عن أبي هريرة رضي الله عنه. ورجال إسناده ثقات، غير عبد الله بن ربيعة الحضرمي لم يوثقه إلا ابن حبان (5/27) ، وذكره البخاري في التاريخ (3/1/ 85) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 51) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وروي عنه وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا:"الإيمان يزيد وينقص"1.
7-
وعن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:"كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتياناً حزاورة فتعلمنا الإيمان، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً"2.
8-
وعن عمير بن حبيب الخطمي رضي الله عنه قال."الإيمان يزيد وينقص، فقيل: وما زيادته ونقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله عز وجل وحمدناه وسبحناه فذلك زيادته، وإذا غفلنا وضيعنا
1 رواه ابن ماجه (28/1 ح 75) والآجري في الشريعة (ص 111) وابن بطة في الإبانة (2/ 845 ح 1129، 1130) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 945 ح 1712) والبيهقي في الشعب (ص 97) من طرق عن إسماعيل بن عياش عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: فذكره. وإسناده ضعيف جداً، فيه عبد الوهاب بن مجاهد"متروك" التقريب (1/528) .
وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذا منها. انظر التقريب (1/ 73) والكاشف (1/ 76) والأثر ضعفه البوصيري في زوائد ابن ماجه، وقال الألباني في ضعيف ابن ماجه (ص 8)"ضعيف جداً".
2 رواه ابن ماجه (1/23 ح61) وعبد الله في السنة (1/ 369 ح 799 و1/379 ح 825) والطبراني في الكبير (12/77 ح1678) وابن منده في الإيمان (2/370) وابن بطة في الإبانة (2/848 ح1136) من طرق عن حماد بن نجيح عن أبي عمران الجوني عن جندب رضي الله عنه وإسناده صحيح، ورجاله ثقات، وصحح إسناده البوصيري في زوائد ابن ماجه (1/ 12 مصباح الزجاجة) ، والألباني في صحيح ابن ماجه (1/ 16) .
ونسينا، فذلك نقصانه"1.
1 تفرد بروايته حماد بن سلمه عن أبي جعفر الخطمي، وأختلف فيه على حماد، فروي عنه من وجهين. أحدهما: حماد بن سلمة عن أبي جعفر عمير بن يزيد بن عمير بن حبيب الخطمي عن أبيه عن جده. والثاني: حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن جده، بإسقاط أبيه، رواه على الوجه الأول عن حماد:
1-
عفان بن مسلم: أخرجه ابن سعد في الطبقات (4/381) وابن أبي شيبة في المصنف (11/13) وفي الإيمان (ص 17) وعبد الله في السنة (1/ 315 خ 324) .
2-
أبو نصر التمار: أخرجه ابن بطة في الإبانة (2/845 ح1131) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 77 ح 1720) والبيهقي في الشعب (ص 98) والبغوي (كما في الاصابه 3/30) .
3-
عبد الأعلى بن حماد النرسي: أخرجه عبد الله في السنة (1/ 331 ح 680) .
4-
الحسن بن موسى الأشيب وعنه احمد بن حنبل، أخرجه الخلال في السنة (ق 109، ح 1141) والآجري في الشريعة (ص 112) وابن جرير الطبري في صريح السنة (ص 25) والصابوني في عقيدة السلف (ص 67) وابن أبي يعلى في الطبقات (1/ 307) .
ورواه على الوجه الثاني عن حماد:
1-
محمد بن الفضل: أخرجه الآجري في الشريعة (ص 111) .
2-
يزيد بن هارون: أخرجه الحاكم في شعار أصحاب الحديث (ص 27) .
3-
أسد بن موسى: أخرجه ابن أبي زمنين في أصول السنة (2/ 786) .
4-
الحجاج بن المنهال ومحمد بن عبد الجبار الخزاعي وداود بن شبيب: أخرجه اللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 77 ح 1721) .
5-
أبو سلمة موسى ابن إسماعيل: أخرجه الجورقانى فى الأباطيل محتجاً به (1/31) .
فالأثر بهذا الوجه الأخير منقطع، لأن أبا جعفر الخطمي لم يدرك جده، إلا إن الوجه الأول ثابت عن حماد، فإن حماداً هو سبب الاختلاف فيه، فقد كان يرويه أولا عن أبي جعفر عن أبيه عن جده.
ثم شك فيه قصار يسقط أبا أبي جعفر. نبه على هذا عفان بن مسلم أحد رواته عن حماد فقال بعد أن رواه عن حماد على الوجه الأول (.. ثم سمعت حماداً بعد يشك يقول عن عمير بن حبيب، فقلت: عن أبيه عن جده قال: أحسب أنه عن أبيه عن جده) .
انظر طبقات ابن سعد (4/ 381) ، وحسبك بكلام عفان هذا، فإنه من أثبت الناس في حماد، قال يحيى بن معين:"من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة فعليه بعفان بن مسلم) . انظر شرح علل الترمذي لابن رجب (517/2) .
وعلى هذا فالأثر ليس فيه انقطاع. أما عمير بن حبيب فهو ابن حباشة بن جويبر الخطمي الأنصاري صحابي جليل عده ابن سعد في الصحابة الذين أسلموا قبل الفتح. الطبقات (4/ 381) وأما يزيد بن عمير: فلم أقف على من ترجمه.
وأما عمير بن يزيد: فهو أبو جعفر الخطمي نزيل البصرة، ثقة، وثقه يحيى بن معين والنسائي والذهبي وغيرهم وروى له الجماعة عدا الشيخين. انظر تهذيب الكمال للمزي (2/ 1062) . والكاشف للذهبي (2/ 303) فالأثر إسناده فيه ضعف لجهالة حال يزيد بن عمير إلا أن عبد الرحمن بن مهدي قال:"كان أبو جعفر وأبوه وجده قوماً يتوارثون الصدق بعضهم عن بعض". انظر تهذيب الكمال للمزي (2/ 1062) فإن عد هذا توثيقاً فإسناده حسن، والله أعلم.
قال ابن القيم رحمه الله:"وأقدم من روي عنه زيادة الإيمان ونقصانه
من الصحابة عمير بن حبيب الخطمي"1.
قلت: ولم يتبين لي وجه هذه الأقدمية، ولم أقف على تاريخ وفاة عمير رضي الله عنه، وإنما عد ممن أسلم قبل الفتح، وفي الذين نقل عنهم من الصحابة ذلك عبد الله بن رواحه وكان قد استشهد في غزوة مؤتة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم2.
1 تهذيب السنن (7/ 56) .
2 وقد وقعت غزوة مؤتة في أدنى البلقاء من أرض الشام في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وقد عد ابن رواحة رضي الله عنه ممن استشهد فيها من الأنصار انظر السيرة النبوية لابن هشام (3/ 1200) وعيون الأثر لابن سيد الناس (2/165) .
9-
وعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: إن الرجل ليتفضل بالإيمان كما يتفضل ثوب المرأة"1.
قلت: ولعل التشبيه بثوب المرأة هو لكونه ضافياً وافياً، وقد تقدم معنا الرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:"بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون عليّ وعليهم قمص.." الحديث، ثم فسر القمص بالدين.
10-
وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:"ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من النفس، وبذل السلام للعالم"2.
1 رواه عبد الله في السنة (1/334 ح 694) وابن بطة في الإبانة (716/2 ح 969) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 947 ح 1716) .
2 رواه بهذا اللفظ موقوفاً على عمار البخاري في صحيحه (1/ 82 فتح) تعليقاً، ووصله ابن أبي شيبة من الإيمان (ص 44) وعبد الرزاق في المصنف (10/386) والبيهقي في الشعب (1/191) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي عن صلة بن زفر عن عمار رضي الله عنه. ورواه يعقوب بن شيبة في مسنده (كما في الفتح 1/ 82) من طريق شعبة عن أبي إسحاق به. ورواه اللالكائي في شرح الاعتقاد (5/945 ح 1713) من طريق فطر عن أبي إسحاق به كلهما بلفظ"ثلاث من كان فيه فقد استكمل الإيمان
…
" قال شيخ الإسلام:"وصح عن عمار بن ياسر أنه قال: ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان" الفتاوى (7/ 225) . قلت: وقد روي هذا الأثر من طريق عبد الرزاق مرفوعاً ولكنه ضعيف الإسناد، ضعفه الحافظ في الفتح ثم قال:"إلا أن مثله لا يقال بالرأي فهو في حكم المرفوع" الفتح (1/83) وقد أفرد فيه الحافظ ابن ناصر الدين جزءاً سماه:"الإتحاف بحديث فضل الإنصاف" وهو مطبوع، وقد جمع فيه طرقه وذكر بعض الفوائد المتعلقة به، فليراجع.
11-
وعن علقمة بن قيس النخعي1 رحمه الله أنه كان يقول لأصحابه:"امشوا بنا نزدد إيماناً"2.
12-
وكتب عمر بن عبد العزيز3 إلى عدي بن عدي4 أحد عماله على الجزيرة:"أما بعد: فإن للإيمان حدوداً وشرائع وفرائض، من استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان"5.
1 هو فقيه الكوفة وعالمها ومقرئها الإمام الحافظ أبو شبل علقمة بن قيس النخغي، ولد في أيام الرسالة المحمدية، وعداده في المخضرمين، هاجر في طلب العلم والجهاد، ونزل الكوفة ولازم ابن مسعود رضي الله عنه حتى رأس في العلم والعمل، وتفقه به العلماء، وبعد صيته، حدت عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، توفي بعد الستين من الهجرة النبوية، انظر ترجمته في السير للذهبي (4/53) .
2 أخرجه ابن أبي شيبة، في مصنفه (11/ 25) وفي الإيمان (ص 34) وأبو نعيم في الحلية (2/ 99) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 952 ح1730) عن شباك عن إبراهيم عن علقمة. وحسن الألباني إسناده في حاشيته على الإيمان لابن أبي شيبة.
3 هو أمير المؤمنين الإمام الحافظ الزاهد أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي المدني، وأمه هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، كان رحمه الله ثقة مأموناً له فقه وعلم وورع، وروى حديثاً كثيراً، كان إمام عدل، توفي سنة إحدى ومائة رحمه الله. انظر ترجمته في السير (5/ 114) .
4 هو الإمام الفقيه الناسك أبو فروة عدي بن عدي بن عميرة، لأبيه صحبة، وكان عاملاً لعمر بن عبد العزيز على الجزيرة توفي سنة عشرين ومائة انظر ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 480) ، والجرح والتعديل (7/ 3) ، والعبر للذهبي (1/116) .
5 رواه البخاري تعليقاً (1/ 45 فتح) ووصله ابن أبي شيبة في المصنف (11/48) ، وفي الإيمان (ص 45) والخلال في السنة (ق 110/ ب) وابن بطة في الإبانة (2/ 859 ح 1166) واللالكائي في شرح الاعتقاد (4/ 844 ح 1572) والبيهقي في الشعب (1/197) والبغوي في شرح السنة (1/ 40) كلهم من طريق جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم عن عدي، وصحح الألباني إسناده.
علقه البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه، وقال ابن حجر مبيناً سبب ذكر البخاري له:"والغرض من هذا الأثر أن عمر بن عبد العزيز كان ممن يقول بأن الإيمان يزيد وينقص، حيث قال: استكمل ولم يستكمل"1.
13-
وعن مجاهد بن جبر2 قال: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص3.
1 فتح الباري (1/ 47) .
2 هو شيخ القراء والمفسرين الإمام أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي الأسود، روى عن ابن عباس وأبي هريرة وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم. توفي سنة أربع ومائة. انظر ترجمته في السير (4/449) .
3 رواه عبد الله في السنة (1/ 311 ح 611) وابن بطة في الإبانة (859/2 ح1167) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 952 ح 1728) والبيهقي في الشعب (ص 100) من طريق عبد الصمد بن حسان عن صفيان الثوري عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد.
وإسناده ضعيف فيه يزيد بن أبي زياد ضعيف. التقريب (2 /365) وله طريق أخرى من رواية سويد بن سعيد عن يحيى بن سليم عن ابن مجاهد عن أبيه، أخرجه عبد الله في السنة (1/ 335 ح 695) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 951 ح 1727) . وهو أشد ضعفاً من سابقه ففيه ابن مجاهد وهو عبد الوهاب متروك الحديث وكذبه الثوري. التقريب (1/528) فالأثر إسناده ضعيف لكن يشهد له تفسير مجاهد لقوله تعالى:{بلى ولكن ليطمئن قلبي} أي يزداد إيماني، وقد تقدم ذكره (ص57) .
14-
وقال عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي1: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص فمن زعم أن الإيمان يزيد ولا ينقص فاحذروه فإنه مبتدع"2.
وسئل رحمه الله عن الإيمان أيزيد؟ قال: نعم حتى يكون كالجبال. قيل: فينقض؟ قال: نعم حتى لا يبقى منه شيء"3.
15-
وقال سفيان الثوري4:"الإيمان يزيد وينقص"5.
1 هو شيخ الإسلام، وعالم الشام، أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، كان يسكن بمحلة الأوزاعي، بدمشق، كان واسع العلم كثير الاجتهاد في العبادة، توفي سنة سبع وخمسين ومائة. انظر ترجمته في السير (7/107) .
2 رواه الآجري في الشريعة (ص 117) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 958 ح 1739) من طريق فديك بن سليمان قال سمعت الأوزاعي يقول: فذكره وفديك قال فيه الحافظ: مقبول التقريب (2/107) أي حيث يتابع وإلا فلين الحديث. ويشهد لأوله الآتي بعده في المتن.
3 رواه اللالكائي في السنة (5/ 959 ح 1340) .
4 هو شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، سيد العاملين في زمانه أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، كان ينوّه بذكره في صغره من أجل فرط ذكائه وحفظه، وحدث وهو شاب قال يحيى بن معين: لا يقدم على سفيان أحداً في زمانه في الفقه والحديث والزهد وكل شيء توفي رحمه الله سنة إحدى وستين ومائة، انظر ترجمته في السير (7/ 229) .
5 رواه عبد الله في السنة (1/ 310 ح 604) وابن بطة في الإبانة (2/ 852 ح 1149) من طريق أحمد بن حنبل عن أبي نعيم قال سمعت سفيان يقول: فذكره. وإسناده صحيح، وله طريق ثاني من رواية محمد بن يحيى الذهلي عن أبي أحمد الزبيري قال: سمعت سفيان- يعني الثوري- غير مرة يقول: فذكره. أخرجه اللالكائي في شرح الاعتقاد (5/958 ح 1738) وله طريق ثالث من رواية يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال سمعت محمد بن القاسم الأسدي قال سمعت سفيان الثوري يقول: فذكره. أخرجه الآجري في الشريعة (ص 117) وابن بطة في الإبانة (2/ 850 ح 1143) .
16-
وكتب حماد بن زيد1 إلى جرير بن عبد الحميد:"بلغني أنك تقول في الإيمان بالزيادة، وأهل الكوفة يقولون بغير ذلك، أثبت على ذلك ثبتك الله"2.
17-
وثبت عن الإمام مالك رحمه الله القول بزيادة الإيمان ونقصانه من طرق متعددة يأتي ذكرها في مبحث مستقل.
18-
وقال عبد الله بن المبارك 3:"الإيمان قول وعمل، والإيمان يتفاضل"4.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وبعضهم أي: السلف عدل عن لفظ الزيادة والنقصان إلى لفظ التفاضل. فقال أقول: الإيمان يتفاضل ويتفاوت، ويروى هذا عن ابن المبارك، وكان مقصوده الإعراض عن لفظ وقع فيه النزاع إلى معنى لا ريب في ثبوته"5.
1 هو العلامة الحافظ الثبت أبو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي، مولى آل جرير بن حازم البصري، توفي سنة تسع وسبعين ومائة انظر ترجمته في السير للذهبي (7/456) .
2 رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/177) ، ومن طريقه اللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 961 ح 1746) بإسناد حسن.
3 هو الإمام شيخ الإسلام عالم زمانه، وأمير الأتقياء في وقته أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح، عولاهم التركي ثم المروزي، توفي سنة إحدى وثمانين ومائة رحمه الله انظر ترجمته في السير للذهبي (8/378) .
4 رواه عبد الله في السنة (1/316 ح 631) ، والخلال في السنة (ق110/ ب، ح1163) ، واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 961 ح 1747) بإسناد صحيح، وسئل الإمام أحمد عن قول ابن المبارك في الإيمان فقال:" كان يقول الإيمان يتفاضل" رواه الخلال في السنة (2/ 682 ح 1018) بإسناد صحيح.
5 الفتاوى (7/ 506، 507) .
قلت: ولا ريب كذلك في ثبوت لفظ الزيادة والنقصان عند السلف؛ فالزيادة مصرح بها في القرآن والنقصان مصرح به في السنة، كما تقدم بيانه، ولعل سبب عدول ابن البارك رحمه الله عن لفظ الزيادة والنقصان هو استحسانه لكلمة"التفاضل"، لا لسبب آخر، كما إنه روي ذلك عن بعض السلف، فقد ساق الخلال بسنده إلى محمد بن أبان1 قال قلت لعبد الرحمن بن مهدي2: الإيمان قول وعمل؟ قال: نعم. قلت: يزيد وينقص؟ قال يتفاضل كلمة أحسن من كلمة3. فهذا هو وجه عدول ابن مهدي عن كلمة الزيادة والنقصان كما هو منصوصه على ذلك، فلعل ذلك أيضاً هو سبب عدول ابن المبارك عن هذه الكلمة، والله أعلم.
وقد كان من السلف من ينكر على من عدل عن لفظة الزيادة والنقصان لثبوتها، كما قد روى ذلك عبد الرحمن بن مهدي نفسه رحمه الله قال:"أنا أقول الإيمان يتفاضل، وكان الأوزاعي يقول: ليس هذا زمان تعلم، هذا زمان تمسك"4.
ثم وقفت على أثر عن الإمام أحمد- رحمه الله قد يفهم منه سبب
1 هو الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن أبان بن وزير البلخي المستملي، مستملي وكيع مدة طويلة نحو بضع عشرة سنة، توفي سنة ارتع وأربعين ومائتين ببلخ، انظر ترجمته في السير (11/117) .
2 هو الإمام الناقد المجود الحافظ أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبري وقيل الأزدي، مولاهم البصري كان إماماً حجة قدوة في العلم والعمل، توفي بالبصرة سنة ثمان وتسعين ومائة، انظر ترجمته في السير (9/192) .
3 السنة (2/677 ح 1005) .
4 رواه عبد الله في السنة (1/333 ح 688) ، وابن بطة في الإبانة (2/848 ح 1137) بإسناد صحيح.
اختيار ابن المبارك للفظة"يتفاضل"فقد قال ابن هاني في مسائله:"سمعت أبا عبد الله سأل ابن أبي رزمة ما كان أبوك يقول عن عبد الله بن المبارك في الإيمان؟ قال: كان يقول: الإيمان يتفاضل.
قال أبو عبد الله:"يا عجباه، إن قال لكم بزيد وينقص رجمتموه، وإن قال يتفاضل تركتموه، وهل شيء يتفاضل إلا وفيه الزيادة والنقصان"1.
وعلى كل فابن المبارك عدل عن ذلك، وصار يصرح بزيادة الإيمان لكونها منصوصاً عليها في القرآن، قال رحمه الله:"م أجد بداً من الإقرار بزيادة الإيمان إزاء كتاب الله".
ذكر ذلك لما قال له المستملي: يا أبا عبد الرحمن: إن ها هنا قوماً يقولون: الإيمان لا يزيد، فسكت عبد الله، حتى سأله ثلاثاً. فأجابه، فقال: لا تعجبني هذه الكلمة منكم أن ها هنا قوماً، ينبغي أن يكون أمركم جمعاً، ثم ساق ابن المبارك بسنده قول عمر بن الخطاب:"لو وزن إيمان أبي بكر الصديق بإيمان أهل الأرض لرجحهم"ثم قال: بلى إن الإيمان يزيد، بلى إن الإيمان يزيد ثلاثاً، وقال:"لم أجد بداً من الإقرار بزيادة الإيمان إزاء كتاب الله"2.
وقال له شيبان بن فروخ: ما تقول فيمن يزنى ويشرب الخمر ونحو هذا أمؤمن هو؟ قال ابن المبارك: لا أخرجه من الإيمان. فقال شيبان: على كبر السن صرت مرجئاً؟ فقال له ابن البارك: يا أبا عبد الله إن المرجئة لا تقبلني أنا أقول الإيمان يزيد والمرجئة لا تقول ذلك، والمرجئة تقول: حسناتنا متقبلة وأنا لا أعلم تقبلت مني حسنة3.
1 مسائل الإمام أحمد لابن هاني (2/127) .
2 رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (3/ 671) .
3 رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (3/ 670) .
بل قد وجد في كلامه رحمه الله التصريح بنقصان الإيمان. كما روى ذلك النجاد عن علي بن الحسن بن شقيق قال سمعت عبد الله بن المبارك يقول:"الإيمان قول وعمل يزيد وينقص"1.
وروى إسحاق بن راهويه في مسنده عن محمد بن أعين قال: قال ابن المبارك وذكر له الإيمان فقال: قوم يقولون إيماناً مثل جبريل وميكائيل. أما فيه زيادة أما فيه نقصان، هو مثله سواء، وجبريل ربما صار مثل الوضع من خوف الله تعالى. وذكر أشباه ذلك2.
قلت: أي ذكر أشباه ذلك من أساليب الإنكار على المرجئة القائلين بعدم زيادة الإيمان ونقصانه، وأن أهله فيه سواء، وبهذا يعلم أن ابن المبارك رحمه الله كان يقول بزيادة الإيمان ونقصانه كغيره من أئمة أهل السنة والجماعة، رحم الله الجميع.
19-
وقال خالد بن الحارث3:"الإيمان قول وعمل، يزيد وبنقص"4.
20-
وقال جرير بن عبد الحميد5:"الإيمان قول وعمل، يزيد
1 الرد على من يقول القرآن مخلوق للنجاد (ص 54) .
2 مسند إسحاق (3/ 670) .
3 هو الحافظ الحجة الإمام أبو عثمان خالد بن الحارث بن عبيد الهجمي البصري، كان من أوعية العلم، كثير التحري، مليح الاتقان، متين الديانة، توفي سنة ست وثمانين ومائة.. انظر ترجمته في السير (9/ 128) .
4 رواه عبد الله في السنة (1/ 336 ح 699) بسند صحيح.
5 هو الإمام الحافظ القاضي أبو عبد الله جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ولد سنة عشرة من الهجرة، توفي سنة ثمان وثمانين ومائة
…
انظر ترجمته في السير (9/9) .
وبنقص1.
21-
وقال وكيع بن الجراح2:"الإيمان يزبد وينقص"3.
22-
وحسن يحيى بن سعيد القطان4: الزيادة والنقصان ورآه5.
قاله الإمام أحمد.
وتقدم في صدر هذا المبحث قول يحيى:"ما أدركت أحداً من أصحابنا، إلا على سنتنا في الإيمان ويقولون: الإيمان يزيد وينقص".
1 رواه أبو داود في مسائل الأمام أحمد (ص 273) وعبد الله في السنة (1/ 315 ح 626) والخلال في السنة (ق 110/ أ، ح 1163) والآجري في الشريعة (ص 132)، واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 961 ح 1747) كلهم من طريق أحمد بن حبل عن إبراهيم بن شماس قال سمعت جرير بن عبد الحميد يقول: فذكره، وإسناده صحيح.
2 هو الإمام الحافظ محدث العراق أبو سفيان وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي الرؤسي الكوفي، كان من بحور العلم وأئمة الحفظ، توفي سنة سبع وتسعين ومائة.. انظر ترجمته في السير (9/ 140) .
3 رواه أبو داود في مسائل الإمام أحمد (ص 272) وعبد الله في السنة (1/ 310/ ح 606) والخلال في السنة (ق 113/أ، ح 1178) وابن بطة في الإبانة (2/ 851ح1146) ، واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 962 ح 1749) كلهم من طريق الإمام احمد رحمه الله تعالى.
4 هو الإمام الكبير أمير المؤمنين في الحديث أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان التميمي مولاهم البصري توفي سنة ثمان وتسعين ومائة.. انظر ترجمته في السير (9/175) .
5 رواه أبو داود في مسائل الإمام أحمد (ص 272) وعبد الله في السنة (1/ 310 ح 605) والخلال في السنة (2/ 682 ح 1015) ، وإسناده صحيح.
23-
وقال ابن عيينة1"الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم ابن عيينة2 يا أبا محمد لا تقولن يزيد وينقص فغضب وقال: اسكت يا صبي بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء"3.
وقيل له: هل الإيمان يزيد وينقص؟ قال: فأي شيء إذن؟ 4.
وسئل أيضاً عن الإيمان فقال:"قول وعمل، يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتى ما يبقى منه شيء مثل هذه وأشار بيده"5.
24-
وقال النضر بن شميل6:"الإيمان قول وعمل، والإيمان يتفاضل"7.
1 هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران مولى محمد بن مزاحم، توفي سنة ثمان وتسعين ومائة
…
انظر ترجمته في السير (8/454) .
2 هو أبو إسحاق إبراهيم بن عيينة أخو سفيان، ولد سنة عشرين ومائة، توفي سنة تسع وتسعين ومائة
…
انظر ترجمته في السير (8/475) .
3 رواه الحميدي في رسالته أصول السنة (2/546)"آخر مسنده" ومن طريقه العدني في الإيمان (ص 94) ، والآجري في الشريعة (ص 117) ، وابن بطة في الإبانة (2/ 855 ح1155) ، واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 0 96 ح 1745) ، والصابوني في عقيدة السلف (ص 69) ، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 254) وقد جاء لفظه في بعض المصادر"لا تقولن ينقص".
4 رواه الآجري في الشريعة (ص 116) ، وابن بطة في الإبانة (2/ 855 ح 1157) .
5 رواه ابن بطة في الإبانة (2/ 855 ح 1156) ، ورواه بنحوه أبو نعيم في الحلية (7/290) .
6 هو العلامة الإمام الحافظ أبو الحسن النضر بن شميل بن خرشة المازني البصري، توفي آخر يوم من ذي الحجة سنة ثلاث ومائتين، ودفن بمرو
…
انظر ترجمته في السير (9/328) .
7 رواه عبد الله في السنة (6/316 ح 632) عن أبيه عن إبراهيم بن شماس عن النضر، وهذا إسناد صحيح.
25-
وقال الإمام محمد بن إدريس الشافعي:"الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص"1.
وروي أن اثنين تناظرا عند الشافعي في هذه المسألة فذهب أحدهما إلى القول بعدم زيادة الإيمان ونقصانه، فحمي الشافعي وتقلد المسألة على أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص2.
26-
وقال عبد الرزاق الصنعاني3:"سمعت معمراً وسفيان الثوري ومالك بن أنس، وابن جريج، وسفيان بن عيينة يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص"4.
1 رواه أبو نعيم في الحلية (10/115) ، والحاكم في مناقب الشافعي (كما في الفتح 1/ 47) وابن عبد الير في الانتقاء (ص 81)، والبيهقي في الشعب (1/81) وفي الاعتقاد (ص 120) وفي مناقب الشافعي (1/ 385) من طريق الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول: فذكره.
وذكره النووي في تهذيب الأسماء واللغات (1/ 66) ، والذهبي في السير (10/ 32) ، وابن حجر في الفتح (1/47) .
2 روى ذلك ابن أبي حاتم في آداب الشافعي (ص 192) ، وأبو نعيم في الحلية (10/115) ، واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/962 ح 1751) ، والبيهقي في مناقب الشافعي (1/ 387) .
3 هو الحافظ الكبير عالم اليمن أبو بكر عبد الرزاق بن همام، بن نافع الحميري مولاهم الصنعاني كان عنده تشيع، توفي سنة إحدى عشرة ومائتين، انظر ترجمته في السير (9/563) .
4 رواه عبد الله في السنة (1/ 342) والآجري في الشريعة (ص 132) واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/957- 1735) ، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 252) ، وذكره الذهبي في السير (8/108) من طرق عن مسلمة بن شبيب عن عبد الرزاق، وإسناده صحيح.
ورواه الأجري في الشريعة (ص 117) 5 واللالكائي في شرح الاعتقاد (5/ 957 ح 1736) ، والجورقاني في الأباطيل (1/ 32) ، من طريق ابن زنجويه عن عبد الرزاق، وأسقط منه مالكاً وابن عيينة.
ورواه ابن عبد البر في التمهيد (9/253) من طريق محمد بن يزيد عن عبد الرزاق وزاد فيه عبد الله بن عمر والأوزاعي.
ورواه ابن عد البر في الانتقاء (ص 34) من طريق مؤمل بن إهاب عن عبد الرزاق، فذكره بتقديم وتأخير في ذكر الأسماء.
وفي رواية أن عبد الرزاق قال:"وأنا أقول ذلك، الإيمان قول وعمل، والإيمان يزيد وينقص، فإن خالفتهم فقد ضللت إذن وما أنا من المهتدين"1.
27-
وقال عبد الله بن الزبير الحميدي2: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، لا ينفع قول إلا بعمل، ولا عمل ولا قول إلا بنية، ولا قول وعمل بنية إلا بسنة"3.
28-
وقال إسحاق بن راهويه4:"الإيمان يزيد وينقص حتى لا يبقى منه شيء"5.
1 هذه الزيادة عند عبد الله في السنة، وعند ابن عبد البر في التمهيد.
2 هو الإمام الحافظ الفقيه شيخ الحرم أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الأسدي الحميدي المكي صاحب المسند، توفى سنة تسع عشرة ومائتين انظر ترجمته في السير (10/ 616) .
3 أصول السنة له، طبعت في آخر مسنده (2/546) .
4 هو الإمام الكير شيخ المشرق سيد الحفاظ أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن راهويه التميمي ثم الحنظلي المروزي نزيل نيسابور، توفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين انظر ترجمته في السير (11/358) .
5 رواه الخلال في السنة (2/680 ح1011) و (2/694 ح 1048) .
29-
وأما أقوال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل في زيادة الإيمان ونقصانه فكثيرة جداً.
قال رحمه الله:"الإيمان بعضه أفضل من بعض، يزيد وينقص، وزيادته في العمل، ونقصانه في ترك العمل، لأن القول هو مقر به"1.
وقال:"الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، إذا عملت الخير زاد، وإذا ضيعت نقص"2.
وسئل رحمه الله عن زيادة الإيمان ونقصانه فقال:"يزيد حتى يبلغ أعلى السموات السبع وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع"3 وأقواله غير ما ذكرت كثيرة يطول ذكرها4.
30-
وقال أبو زرعة الرازي5:"الإيمان عندنا قول وعمل، يزيد
1 رواه الخلال في السنة (2/678 ح 1008) .
2 رواه الخلال في السنة (2/680 ح 1013) .
3 رواه ابن أبي يعلى في الطبقات (1/259) .
4 أنظرها في السنة للخلال (5/655 ح 957 و 676 ح 1004 و680 ح 1010، و683 ح 1020 و 689 ح 1032) ومسائل الإمام أحمد لأبى داود (ص 272) ، ومسائل الإمام احمد لابن هانىء (2/162، 164، 156، 162) والشريعة للآجري (ص 132 و117) ، والإبانة لابن بطة (2/ 851ح 1146) و (2/ 875 ح 1199) ، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1/24، 25، 130، 131، 295، 313، 343) ، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ص 201) ، وغيرها مما يطول ذكره.
5 هو الإمام سيد الخفاظ أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد الرازي محدث الري، مولده بعد نيف ومائتين، توفي سنة أريع وستين ومائتين انظر ترجمته في السير (13/65) .
وينقص، ومن قال غير ذلك فهو مبتدع مرجىء"1.
31-
وقال أبو حاتم الرازي2:"مذهبنا واختيارنا وما نعتقده وندين الله به ونسأله السلامة في الدين والدنيا: أن الإيمان قول وعمل.. يزيد وينقص"3.
هذه بعض أقوال السلف الصالح أهل السنة والجماعة في زيادة الإيمان ونقصانه، والأمر كما قال شيخ الإسلام:"والآثار في هذا كثيرة، رواها المصنفون في هذا الباب عن الصحابة والتابعين في كتب كثيرة معروفة"4.
وقد قال بهذا القول غير من تقدم خلق كثير من أهل السنة يطول ذكرهم، يمكن مطالعة أقوالهم في الكتب التي تعني بنقل أقوال السلف والآثار الواردة عنهم في ذلك أمثال: الإيمان لأبي عبيد، والإيمان لابن أبي شيبة، والمصنف له، والمصنف لعبد الرزاق، والسنة لعبد الله، والسنة للخلال، والشريعة للآجري، وتهذيب الآثار للطبري، والتفسير له، والإيمان لابن مندة، والإبانة لابن بطة، وأصول السنة لابن أبي زمنين، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي، والتمهيد لابن عبد البر، وشعب الإيمان للبيهقي، والاعتقاد له، وغيرها وهؤلاء العلماء المشار إلى مصنفاتهم آنفاً كلهم قالوا بهذا القول، ولهذا ذكروه في
1 رواه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/203) .
2 هو الإمام الحافظ الناقد شيخ المحدثين أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الرازي الحنظلي، كان من بحور العلم، توفي سنة سبع وسبعين ومائتين. انظر ترجمته في السير (13/147) .
3 رواه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/286) .
4 الفتاوى (7/225) .
مصنفاتهم، واحتجوا له بنصوص الكتاب والسنة وآثار سلف الأمة.
وقال بهذا القول بعدهم خلق كثير، ممن نهج منهج السلف الصالح، أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والذهبي، وابن كثير، وابن رجب، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، والصنعاني، والشوكاني وغيرهم كثير مما يصعب حصره، ويطول ذكره، ولو تقصيت أقوالهم في ذلك، ودونتها، لطال المقام، وأفضى إلى الإملال.
والمقصود بيان أن قول أهل السنة والجماعة بلا ريب، أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، لا قول لهم غيره، بل هم مجمعون عليه ومن نسب إليهم خلاف ذلك فقد جهل مذهبهم ونسب إليهم ما لم يقولوه.
ثم إني بعد ذلك لأعجب أشد العجب ممن يعد هذه المسألة من مسائل الخلاف بين أهل السنة ثم يقول: وجمهور أهل السنة على أنه يزيد وينقص، وذلك لأنه رأى البعض شذ في هذا، وأتى بقول ليس عليه دليل لا من كتاب ولا سنة ولا عقل، بل الكتاب والسنة والعقل على خلافه.
فهل كل من شذ في مثل هذا عد شذوذه معتبراً، وعد الأمر المجمع عليه خلافياً؟!
وهل كل من خالف النور الأبلج والحق المبين، عد ما خالف فيه من الأمور المتنازع فيها؟!