الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويُوفِّقه حتى لا يسمع إلاّ إلى ما يرضي مولاه، ولا ينظر إلاّ إلى ما يحبه مولاه، ولا تبطش يداه إلاّ فيما يرضي اللَّه، ولا تمشي قدماه إلاّ إلى الطاعات، فهو مُوفَّق مُسدّد مُهتدٍ مُلْهَم من المولى وهو اللَّه عز وجل، ولهذا فسّر هذا الحديث بهذا أهل العلم كابن تيمية وغيره؛ ولأنه جاء في رواية الحديث رواية أخرى:«فبي يسمع، وبي يُبصر، وبي يبطش وبي .. يمشي» (1)، هذا يدل على نصرة اللَّه لعبده، وتأييده، وإعانته، فيوفقه اللَّه للأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء، ويعصمه عن مواقعة ما يكره اللَّه عز وجل (2).
97 - المَوْلَى
«المولى» اسم يقع على جماعة كثيرة، فهو: الربُّ، والمالكُ، والسَّيدُ، والمُنعمُ، والمُعتِقُ، والناصرُ، والمُحبُّ، والتابعُ، والجارُ، وابنُ العم، والحليفُ، والصِّهرُ، والعبدُ، والمنعمُ عليه، وأكثرها قد جاء في
(1) فتح الباري، 11/ 344.
(2)
فتح الباري، 11/ 344.
الحديث، فيضاف كل واحدٍ إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكل من ولي أمراً أو قام به فهو مولاهُ، ووَليُّهُ، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء: فالوَلايةُ - بالفتح - في النسب، والنصرة والمُعتِق.
والوِلاية - بالكسر- في الإمارة، والوَلاءُ المُعتق، والموالا من والى القوم (1).
واللَّه عز وجل هو المولى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (2)، فهو المولى، والربُّ، الملكُ، السيدُ، وهو المأمول منه النصر والمعونة؛ لأنه هو المالك لكل شيء، وهو الذي سمى نفسه عز وجل بهذا الاسم، فقال سبحانه وتعالى:{فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (3). وقال اللَّه سبحانه وتعالى: {وَإِن
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، 5/ 228، وانظر: القاموس المحيط، ص1782، والمعجم الوسيط، ص1058، والمصباح المنير، 2/ 672.
(2)
سورة الشورى، الآية:11.
(3)
سورة الحج، الآية:78.
تَوَلَّوْاْفَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (1)، وقال اللَّه سبحانه:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} (2).
واللَّه سبحانه وتعالى هو مولى الذين آمنوا، وهو سيدهم وناصرهم على أعدائهم، فنعم المولى ونعم النصير (3)، فاللَّه عز وجل هو الذي يتولّى عباده المؤمنين، ويوصل إليهم مصالحهم، ويُيَسِّر لهم منافعهم الدينية والدنيوية «وَنِعْمَ النَّصِيرُ» الذي ينصرهم، ويدفع عنهم كيد الفجار وتكالب الأشرار، ومن كان اللَّه مولاه وناصره فلا خوف عليه، ومن كان اللَّه عليه فلا عِزّ له ولا قائمة تقوم له (4). فاللَّه سبحانه هو مولى المؤمنين فيدبرهم بحسن تدبيره فنعم المولى لمن تولاّه فحصل له مطلوبه، ونعم النصير لمن استنصره فدفع عنه المكروه»، وقال اللَّه عز وجل: {بَلِ اللَّهُ
(1) سورة الأنفال، الآية:40.
(2)
سورة محمد، الآية:11.
(3)
انظر تفسير ابن كثير، 4/ 310.
(4)
انظر تفسير العلامة السعدي، 3/ 168، و5/ 331، وتفسير ابن كثير، 4/ 310، و2/ 238، و1/ 344.
مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} (1)، ومن دعاء المؤمنين لربهم تبارك وتعالى ما أخبر اللَّه عنهم بقوله:{أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (2)، أي أنت ولينا وناصرنا وعليك توكَّلْنا، وأنت المستعان، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة لنا إلا بك (3). وقال عز وجل:{إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} (4). وقال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (5).
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة حينما قال لهم أبو سفيان لنا العُزى ولا عُزى لكم فقال: «قولوا اللَّه مولانا ولا مولى لكم» (6).
(1) سورة آل عمران، الآية:150.
(2)
سورة البقرة، الآية:286.
(3)
تفسير ابن كثير، 1/ 344.
(4)
سورة التحريم، الآية:4.
(5)
سورة التحريم، الآية:2.
(6)
أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه، برقم 3039، وفي كتاب المغازي، باب غزوة أحد، برقم 4043.