الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَحُكْمِهَا)
وَأَتْبَعَ هَذَا الْفَصْلَ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ مِنْ الْمُشَابَهَةِ فِي الْحُكْمِ. وَالنَّفَلُ لُغَةً: الزِّيَادَةُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا زَادَ عَلَى الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ؛ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ. وَاصْطِلَاحًا: مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ وَهَذَا الْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ نَحْوِ الرُّكُوعِ قَبْلَ الظُّهْرِ لِمَا وَرَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدَاوِمُ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ» .
وَالسُّنَّةُ لُغَةً: الطَّرِيقَةُ. وَاصْطِلَاحًا: مَا فَعَلَهُ عليه الصلاة والسلام وَأَظْهَرَهُ فِي جَمَاعَةٍ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ. وَالْمُؤَكَّدُ مِنْ السُّنَنِ مَا كَثُرَ ثَوَابُهُ كَالْوِتْرِ وَنَحْوِهِ. وَالرَّغَائِبُ: جَمْعُ رَغِيبَةٍ وَهِيَ لُغَةً: التَّحْضِيضُ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ. وَاصْطِلَاحًا: مَا رَغَّبَ فِيهِ الشَّارِعُ وَحْدَهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فِي جَمَاعَةٍ كَصَلَاةِ الْفَجْرِ وَانْظُرْ بَسْطَ ذَلِكَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ
(ص) نُدِبَ نَفْلٌ
ــ
[حاشية العدوي]
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَحُكْمِهَا]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (فَصْلٌ: صَلَاةُ النَّافِلَةِ)(قَوْلُهُ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ) أَيْ: فِي بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ مِنْ تَأَكُّدِهَا قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَمِنْ نَدْبِ السِّرِّ نَهَارًا وَالْجَهْرِ لَيْلًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَحُكْمِهَا أَيْ: وَهُوَ النَّدْبُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ " نُدِبَ نَفْلٌ "(قَوْلُهُ: لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ إلَخْ) أَيْ: لِمَا بَيْنَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةِ التَّطَوُّعِ مِنْ الْمُشَابَهَةِ فِي الْحُكْمِ أَيْ: وَهُوَ النَّدْبُ. وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يَقُولَ: لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ مِنْ الِاتِّحَادِ فِي الْحُكْمِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَاحَظَ الْمُغَايَرَةَ بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ فَالنَّدْبُ بِاعْتِبَارِ إضَافَتِهِ لِصَلَاةِ التَّطَوُّعِ مُغَايِرٌ لِنَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ إضَافَتِهِ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ السُّنَّةَ وَالرَّغِيبَةَ فَلَيْسَ بِقَاصِرٍ عَلَى صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ الْكَلَامُ فِيهَا أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا إلَخْ) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ إرَادَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ) اُسْتُشْكِلَ بِإِثْبَاتِ عَمَلِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يَقْطَعَهُ رَأْسًا (قَوْلُهُ: نَحْوِ الرُّكُوعِ قَبْلَ الظُّهْرِ) أَدْخَلَ " بِنَحْوِ " الرُّكُوعَ قَبْلَ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ) أَيْ: وَقَبْلَ الْعَصْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ فِي الْمَدْخَلِ فِي آدَابِ طَالِبِ الْعِلْمِ: يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشُدَّ يَدَهُ عَلَى مُدَاوَمَتِهِ عَلَى فِعْلِ السُّنَنِ وَالرَّوَاتِبِ وَمَا كَانَ مِنْهَا تَبَعًا لِلْفَرَائِضِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِظْهَارُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ كَمَا كَانَ عليه الصلاة والسلام يَفْعَلُ عَدَا مَوْضِعَيْنِ كَانَ لَا يَفْعَلُهُمَا إلَّا فِي بَيْتِهِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ أَمَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ: فَلِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِأَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ صِحَّةَ الْجُمُعَةِ إلَّا خَلْفَ إمَامٍ مَعْصُومٍ. وَأَمَّا بَعْدَ الْمَغْرِبِ: فَشَفَقَةً عَلَى الْأَهْلِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَكُونُ صَائِمًا فَيَنْتَظِرُهُ أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ لِلْعَشَاءِ وَيَتَشَوَّفُونَ إلَى مَجِيئِهِ فَلَا يُطَوِّلُ عَلَيْهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَظْهَرَهُ فِي جَمَاعَةٍ) أَيْ: صَلَّاهُ فِي جَمَاعَةٍ ك (أَقُولُ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَالْعِيدَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ فِيهَا (قَوْلُهُ: التَّحْضِيضُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا نَفْسُ الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ الْمَصْدَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ الشَّيْءُ الْمَرْغُوبُ فِيهِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالرَّغِيبَةُ: الْعَطَاءُ الْكَثِيرُ وَلَعَلَّهُ فَسَّرَهَا بِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا وَانْظُرْهُ، وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الرَّغِيبَةَ فِي اللُّغَةِ مَا رُغِّبَ فِيهِ مُطْلَقًا كَانَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالْخَيْرِيَّةِ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمُرَغِّبِ (قَوْلُهُ: مَا رَغَّبَ فِيهِ الشَّارِعُ وَحَدَّهُ) فِيهِ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ مَثَلًا فَإِنَّهُ رَغَّبَ فِيهِ وَحَدَّهُ فَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» . وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ وَحَدَّهُ أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَسَدَ، وَالنَّفَلُ
وَتَأَكَّدَ بَعْدَ مَغْرِبٍ كَظُهْرٍ وَقَبْلَهَا كَعَصْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّنَفُّلَ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَجُوزُ إيقَاعُهُ فِيهِ لَكِنْ يَتَأَكَّدُ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَيْ: وَبَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ عَقِبَهَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَيَّ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ» وَكَذَلِكَ يَتَأَكَّدُ التَّنَفُّلُ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ أَدَاءِ فَرْضِ الْعَصْرِ كَمَا جَاءَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» وَلِخَبَرِ «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» وَدُعَاؤُهُ عليه السلام مُسْتَجَابٌ، فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَتَأَكَّدَ أَيْ: النَّدْبُ، وَعَوْدُهُ إلَى النَّفْلِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَهُوَ النَّدْبُ، فَعَوْدُهُ عَلَى النَّدْبِ ابْتِدَاءً أَوْلَى. وَفِي التَّوْضِيحِ حِكْمَةُ تَقْدِيمِ النَّوَافِلِ عَلَى الصَّلَاةِ وَتَأْخِيرِهَا عَنْهَا أَنَّ الْعَبْدَ مُشْتَغِلٌ بِأُمُورِ الدُّنْيَا فَتَبْعُدُ النَّفْسُ بِذَلِكَ عَنْ حُضُورِ الْقَلْبِ فَإِذَا تَقَدَّمَتْ النَّافِلَةُ عَلَى الْفَرِيضَةِ تَأَنَّسَتْ النَّفْسُ بِالْعِبَادَةِ فَكَانَ ذَلِكَ أَقْرَبَ لِحُضُورِ الْقَلْبِ.
وَأَمَّا التَّأْخِيرُ: فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّوَافِلَ جَابِرَةٌ لِنُقْصَانِ الْفَرَائِضِ اهـ. فَهِيَ لِتَكْمِيلِ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَقَصَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ وَنِيَّتُهُ ذَلِكَ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ، قَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ أَنْ يَتَنَفَّلَ وَيَقُولَ: أَخَافُ أَنِّي نَقَصْتُ مِنْ الْفَرَائِضِ وَمَا سَمِعْت أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ يَفْعَلُهُ اهـ.
مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ (ص) بِلَا حَدٍّ (ش) أَيْ: إنَّ الْمَطْلُوبَ الْمُتَأَكِّدَ مِنْ النَّوَافِلِ التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَدٍ خَاصٍّ بِحَيْثُ تَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ أَوْ النَّقْصُ عَنْهُ مُفَوِّتًا لَهُ أَوْ يَكُونُ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى. وَالْأَعْدَادُ الْوَارِدَةُ فِي الْأَحَادِيثِ لَيْسَتْ لِلتَّحْدِيدِ فَقَوْلُهُ " بِلَا حَدٍّ " أَيْ: بِلَا حَدٍّ لَازِمٍ لَا يَتَعَدَّاهُ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ
. (ص) وَالضُّحَى (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي تَأَكَّدَ كَمَا قَالَهُ تت أَيْ: وَتَأَكَّدَ هُوَ وَالضُّحَى فَهُوَ أَرْفَعُ مِنْ النَّفْلِ وَالْفَصْلُ مَوْجُودٌ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَعَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْلٍ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى كَلَامِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ عَطْفُ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمُرَغَّبُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسِّرَ الرَّغِيبَةَ بِالْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا مِنْهُ سِوَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ك (قَوْلُهُ: كَظُهْرٍ) أَيْ: بَعْدَ ظُهْرٍ وَقَوْلُهُ " وَقَبْلَهَا " مَعْطُوفٌ عَلَى " بَعْدَ " الْمُقَدَّرَةِ أَيْ: بِشَرْطِ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ: وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَلْيَبْدَأْ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ الْأَمْرُ بِخُصُوصِ الثَّنَاءِ الْمَعْهُودِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ أَيْ: الثَّنَاءُ الْمَعْهُودُ الْمُبَيَّنُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَتَأَكَّدُ التَّنَفُّلُ قَبْلَ الظُّهْرِ) أَيْ: بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَقَبْلَ فِعْلِهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ عِنْدَ الْأَذَانِ وَكَذَا بَعْدَهُ إلَى أَنْ تُقَامَ الْفَرِيضَةُ سَوَاءٌ كَانَ أَذَانَ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ الْأَذَانِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ دَاخِلًا فَلَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا تُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ وَحُقُوقَ الْعِبَادِ مَعَ أَنَّ الْكَبَائِرَ لَا تُكَفَّرُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ أَوْ عَفْوِ اللَّهِ، وَحَقَّ الْعِبَادِ لَا يُكَفَّرُ إلَّا بِإِعْطَائِهِ أَوْ مُسَامَحَتِهِ أَوْ إرْضَاءِ اللَّهِ خُصَمَاءَهُ عَنْهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ حَافَظَ الْمُحَافَظَةَ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ كَمَالِ الْخُشُوعِ وَإِتْقَانِ الْعِبَادَةِ. وَالْمُحَافَظَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَكُونُ مِنْ مُرْتَكِبِ الْكَبَائِرِ وَعَلَى فَرْضِ وُقُوعِهَا فَتَكُونُ سَبَبًا فِي عَفْوِ اللَّهِ عَنْهُ فَالتَّكْفِيرُ بِعَفْوِ اللَّهِ، وَنِسْبَةُ التَّحْرِيمِ لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا سَبَبٌ فِي الْعَفْوِ.
(تَنْبِيهٌ) : سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ النَّفْلِ بَعْدَ الْعِشَاءِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ. وَأَمَّا النَّفَلُ قَبْلَهَا فَلَمْ يَرِدْ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ: وَلَمْ يَرِدْ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ فِي النَّفْلِ قَبْلَ الْعِشَاءِ إلَّا عُمُومَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ. وَالْمُرَادُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَالْمَغْرِبُ مُسْتَثْنَاةٌ (قَوْلُهُ: مُفَوِّتًا لَهُ) أَيْ: لِثَوَابِهِ أَيْ: بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِيهِ ثَوَابٌ أَصْلًا (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ لِلتَّحْدِيدِ) أَيْ: بِحَيْثُ يُقَالُ: لَا ثَوَابَ أَصْلًا فِي أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ أَيْ: بَلْ لِلْفَضْلِ الْخَاصِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا أَيْ: إنَّ الْخَاصَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا لَا يَكُونُ عَلَى أَنْقَصَ مِنْهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهَا يَكُونُ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ النَّقْصَ عَنْهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى، أَقَلُّ مَا يَكُونُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَدَّاهُ) أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ تَعَدَّاهُ أَيْ: زَادَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ لَهُ ثَوَابٌ أَصْلًا، وَقَوْلُهُ " وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ " أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ نَقَصَ عَنْهُ لَانْتَفَى عَنْهُ الثَّوَابُ أَصْلًا فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ ثُمَّ أَقُولُ: وَبَعْدَ ذَلِكَ هَذَا مُنَافٍ لِلتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ أَيْ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِاللُّزُومِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ بِأَنْ يُفَسَّرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ " بِحَيْثُ يَكُونُ إلَخْ ".
(تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا تُطْلَبُ الرَّوَاتِبُ الْقَبْلِيَّةُ مِمَّنْ يَنْتَظِرُ جَمَاعَةً لَا مِنْ الْفَذِّ وَلَا مِمَّنْ لَا يَنْتَظِرُهَا وَلَا تُطْلَبُ إلَّا مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهَا إنْ ضَاقَ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: وَتَأَكَّدَ هُوَ وَالضُّحَى) لَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ هَذَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الضُّحَى وَالنَّفَلِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا مُتَأَكِّدٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا آكَدُ. وَنَقُولُ: إنَّ الضُّحَى آكَدُ مِنْ النَّفْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَهُ مَعْطُوفًا عَلَى نَفْلٍ وَاسْتَشْكَلَهُ بِعَطْفِهِ وَهُوَ مَعْرِفَةٌ عَلَى نَفْلٍ وَهُوَ نَكِرَةٌ
الْمَعْرِفَةِ عَلَى النَّكِرَةِ وَالْعَكْسُ بِإِجْمَاعِ النُّحَاةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ تَأَكَّدَ وَبِهَذَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ يُفَوِّتُ إفَادَةَ التَّأْكِيدِ، وَعَطَفَهُ الْبِسَاطِيُّ عَلَى الظَّرْفِ وَالتَّقْدِيرُ: وَتَأَكَّدَ أَيْ: النَّفَلُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَفِي وَقْتِ الضُّحَى وَعَلَيْهِ فَالضُّحَى اسْمٌ لِلْوَقْتِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي تَقَعُ عِنْدَهُ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ. وَكَوْنُ الضُّحَى مِنْ النَّوَافِلِ الْمُتَأَكِّدَةِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَمُنْتَهَاهَا عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ: ثَمَانٍ، وَأَقَلُّهَا: رَكْعَتَانِ. وَأَوْسَطُهَا: سِتٌّ. فَمَا زَادَ عَلَى الْأَكْثَرِ يُكْرَهُ، وَسُمِّيَتْ ضُحًى بِاسْمِ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ فَأَوَّلُهَا: ضَحْوَةٌ وَذَلِكَ عِنْدَ الشُّرُوقِ. وَثَانِيهَا: ضُحًى مَقْصُورٌ وَذَلِكَ إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ. وَثَالِثُهَا: ضَحَاءٌ بِالْمَدِّ وَذَلِكَ إلَى الزَّوَالِ. وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ وَهُوَ مَقْصُورٌ
. (ص) وَسَرَّ بِهِ نَهَارًا وَجَهَرَ لَيْلًا (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا السِّرُّ بِالنَّوَافِلِ نَهَارًا وَالْجَهْرُ بِهِ لَيْلًا فَقَوْلُهُ " وَسَرَّ " إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ؛ بِدَلِيلِ وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِإِسْرَارٍ وَإِجْهَارٍ لَكَانَ أَظْهَرَ. وَفِي كَرَاهَةِ الْجَهْرِ نَهَارًا قَوْلَانِ. وَأَمَّا السِّرُّ لَيْلًا فَجَائِزٌ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالسِّرُّ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الْوِتْرُ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى. وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ الْجَهْرُ فِي اللَّيْلِ قِيلَ: لِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُظْلِمَةِ فَيُنَبِّهُ بِالْجَهْرِ الْمَارَّةَ أَنَّ هَاهُنَا جَمَاعَةٌ تُصَلِّي وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ إذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ لَغَوْا فِيهِ فَأَمَرَ بِالْجَهْرِ وَقْتَ اشْتِغَالِهِمْ بِالنَّوْمِ وَتَرْكِ الْجَهْرَ فِي حُضُورِهِمْ، وَإِنَّمَا جَهَرَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِحُضُورِ أَهْلِ الْبَوَادِي وَالْقُرَى
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَبِهَذَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِيهِ تَسْلِيمُ امْتِنَاعِ عَطْفِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى النَّكِرَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ) أَيْ: الشَّارِحِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى نَفْلٍ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ) أَيْ: كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ الصَّلَاةُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّكَّةِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْمَعَاطِيفِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ثَمَانٍ) وَفِي خَارِجِ الْمَذْهَبِ اثْنَا عَشَرَ. (قَوْلُهُ: وَأَوْسَطُهَا سِتٌّ) وَانْظُرْ مَا حِكْمَتُهُ مَعَ أَنَّ الْوَسَطَ مَا يَنْقَسِمُ بِمُتَسَاوِيَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَوْسَطُهُ فِي الْفَضْلِ لَا فِي الْعَدَدِ مَثَلًا بِأَنْ يُقَالَ: إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَإِذَا صَلَّى سِتًّا يَحْصُلُ لَهُ عِشْرُونَ وَإِذَا صَلَّى ثَمَانِيًا يَحْصُلُ لَهُ أَرْبَعُونَ إلَّا أَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَصٍّ.
(قَوْلُهُ: فَمَا زَادَ عَلَى الْأَكْثَرِ يُكْرَهُ) أَيْ: إنْ صَلَّاهُ بِنِيَّةِ الضُّحَى لَا بِنِيَّةِ نَفْلٍ مُطْلَقٍ كَذَا فِي عب وَفِيهِ أَنَّ الْوَقْتَ يَصْرِفُهُ لِلضُّحَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يَصْرِفُهُ لِلضُّحَى إذَا لَمْ يُصَلِّ فِيهِ الْقَدْرَ الْمَعْلُومَ الَّذِي هُوَ الثَّمَانُ. (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَتْ ضُحًى بِاسْمِ وَقْتِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ وَقْتَهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَيْدَ رُمْحٍ إلَى الزَّوَالِ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ عِنْدَ الشُّرُوقِ) أَيْ: شُرُوقِ الشَّمْسِ، ظَاهِرُهُ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ أَيْ: عِنْدَ طُلُوعِهَا كَمَا يُفِيدُهُ الْمُخْتَارُ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ) أَيْ: وَقْتَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ عَنْ الْأُفُقِ أَوْ قَيْدَ رُمْحٍ أَيْ: لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ هَذَا ظَاهِرُهُ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَى الزَّوَالِ) أَيْ: مُبْتَدَأٌ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ هَذَا ظَاهِرُهُ فَيَكُونُ الضُّحَى بِالْقَصْرِ بَعْضَ الضَّحَاءِ بِالْمَدِّ وَيَحْتَمِلُ وَذَلِكَ مُبْتَدَأٌ مِنْ بَعْدِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَيْدَ رُمْحٍ إلَى الزَّوَالِ فَيُفِيدُ الْمُبَايَنَةَ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يُفِيدُ الْمُدَّعِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ وَقْتَهَا يَسْتَمِرُّ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَيْدَ رُمْحٍ إلَى الزَّوَالِ وَقَدْ عَلِمْت مِقْدَارَ الضُّحَى بِالْقَصْرِ، وَفِي الْقَامُوسِ الضَّحْوُ وَالضَّحْوَةُ وَالضَّحِيَّةُ كَعَشِيَّةٍ ارْتِفَاعُ النَّهَارِ وَالضُّحَى فُوَيْقَهُ وَالضَّحَاءُ بِالْمَدِّ إذَا قَرُبَ انْتِصَافُ النَّهَارِ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ لَا يَخْفَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ مِنْ الْمُبَايَنَةِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ " وَذَلِكَ إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ " بَيَانٌ لِلْمَبْدَأِ أَيْ: وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ لِلزَّوَالِ إلَّا أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْقَامُوسِ. وَقَوْلُهُ " وَذَلِكَ إلَى الزَّوَالِ " أَيْ: مُبْتَدَأٌ مِمَّا بَعْدَهُ أَيْ: مِمَّا يُقَارِبُ نِصْفَ النَّهَارِ إلَى الزَّوَالِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقَامُوسُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَصْلُهَا لِلْأَقْفَهْسِيِّ وَالْأَحْسَنُ حَذْفُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَاسِبُ الْمَعْنَى الْمُرَادَ
. (قَوْلُهُ: وَسَرَّ بِهِ نَهَارًا) النَّهَارُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَاللَّيْلُ مِنْ غُرُوبِ قُرْصِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ قَالَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: كَانَ أَظْهَرَ) أَيْ: لِأَنَّ النَّدْبَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ. (أَقُولُ) أَمَّا جَهْرٌ فَهُوَ صَحِيحٌ لَا حَاجَةَ فِيهِ لِلتَّأْوِيلِ فَقَدْ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ جَهَرَ الشَّيْءُ يَجْهَرُ بِفَتْحَتَيْنِ جَهْرًا وَأَجْهَرْتُهُ بِالْأَلِفِ أَظْهَرْته وَيُعَدَّى بِنَفْسِهِ أَيْضًا وَبِالْبَاءِ فَيُقَالُ: جَهَرْته وَجَهَرْت بِهِ وَقَالَ الصَّغَانِيُّ وَأَجْهَرَ بِقِرَاءَتِهِ وَجَهَرَ بِهَا وَأَمَّا السِّرُّ فَقَدْ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ السِّرُّ مَا يُكْتَمُ وَهُوَ خِلَافُ الْإِعْلَانِ اهـ. فَانْظُرْ الْمُقَابَلَةَ فَإِنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ خِلَافَ الْإِعْلَانِ أَنْ يَكُونَ سِرٌّ بِمَعْنَى إسْرَارٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ " مَا يُكْتَمُ " إلَّا أَنْ تُجْعَلَ مَا مَصْدَرِيَّةً وَفِيهِ بُعْدٌ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) أَيْ: بِالْكَرَاهَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى إلَّا الْوِرْدَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَيْ: فَيَجْهَرُ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَجَائِزٌ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْوِتْرُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ: إنَّ الْإِسْرَارَ فِيهِ جَائِزٌ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ الْإِبْيَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ فَيَقُولُ: إذَا أَسَرَّ فِيهِ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَعَادَهُ وَإِنْ أَسَرَّ نَاسِيًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ. ثُمَّ أَقُولُ: وَقَضِيَّةُ كَوْنِ الْجَهْرِ يَتَأَكَّدُ بِالْوِتْرِ أَنْ يَكُونَ السِّرُّ مَكْرُوهًا لَا خِلَافَ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: أَنَّ هَاهُنَا جَمَاعَةً تُصَلِّي) أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ لَا يَمُرُّوا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يَقْتَدُوا بِهِمْ أَيْ: يَفْعَلُوا مِثْلَ أَفْعَالِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ إلَخْ) هَذَا لَا يُفِيدُ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: لِحُضُورِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ اللَّغْوَ يُوجَدُ حِينَئِذٍ وَالْجَوَابُ لَا بَلْ يَقِلُّ أَوْ يَنْعَدِمُ حِينَ يَحْضُرُ مَا ذُكِرَ وَأَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ أَقْوَى.
كَيْ يَسْمَعُوهُ فَيَتَعَلَّمُوهُ وَيَتَّعِظُوا بِهِ. (ص) وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ (ش) أَيْ: وَتَأَكَّدَ الْجَهْرُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ بِوِتْرٍ، وَأَمَّا الشَّفْعُ: فَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ " وَجَهَرَ لَيْلًا " وَإِنَّمَا تَأَكَّدَ الْجَهْرُ بِالْوِتْرِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الَّذِي فِيهِ فَقَدْ قَالَ الْإِبْيَانِيُّ: إذَا أَسَرَّ فِيهِ سَهْوًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَمْدًا وَجَهْلًا أَعَادَهُ وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْجَهْرَ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ مِنْ بَاقِي السُّنَنِ كَالْعِيدَيْنِ لَيْسَ بِمُتَأَكِّدٍ وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْجَهْرِ فِي سَائِرِ النَّوَافِلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي السِّرِّ فِي السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ
. (ص) وَتَحِيَّةُ مَسْجِدٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ أَيْ: نُدِبَ تَحِيَّةُ مَسْجِدٍ لِدَاخِلٍ مُتَوَضِّئٍ يُرِيدُ جُلُوسًا فِيهِ وَقْتَ جَوَازِهِ. قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِنْ كَثُرَ دُخُولُهُ كَفَاهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ، وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَلَّابِ ابْنُ نَاجِي وَلَوْ صَلَّاهَا ثُمَّ خَرَجَ لِحَاجَةٍ وَرَجَعَ بِالْقُرْبِ فَلَا تَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ. وَيُكْرَهُ جُلُوسُهُ قَبْلَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ طُلِبَتْ وَلَا تَسْقُطُ بِهِ، وَذَكَرَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَامَتْ مَقَامَ التَّحِيَّةِ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ لِمَكَانِ الْخِلَافِ اهـ.
وَهُوَ حَسَنٌ اهـ. قَالَهُ ح فَإِنْ قُلْت: فِعْلُ التَّحِيَّةِ وَقْتَ النَّهْيِ عَنْ التَّنَفُّلِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَكَيْفَ يُطْلَبُ بِبَدَلِهَا وَيُثَابُ عَلَيْهِ؟ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّحِيَّةَ وَقْتَ النَّهْيِ عَنْ التَّنَفُّلِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا بَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَفِي وَقْتِ الْجَوَازِ غَيْرَ أَنَّهَا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ يُطْلَبُ فِعْلُهَا صَلَاةً وَفِي وَقْتِ النَّهْيِ يُطْلَبُ فِعْلُهَا ذِكْرًا أَوْ أَنَّ فِعْلَهَا ذِكْرًا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ يَقُولُ إنَّهَا مَطْلُوبَةٌ وَقْتَ النَّهْيِ.
(ص) وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ (ش) أَيْ: وَهُوَ الَّذِي لَا يُرِيدُ الْجُلُوسَ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِجَوَازِ الْمُرُورِ بِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ فَإِنْ كَثُرَ مُنِعَ وَإِنَّمَا جَازَ تَرْكُ الْمَارِّ التَّحِيَّةَ لِلْمَشَقَّةِ وَلَهَا نَظَائِرُ بِجَامِعِ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ سُقُوطُ الْإِحْرَامِ عَنْ الْمُتَرَدِّدِينَ لِمَكَّةَ بِالْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا، وَالْمَارُّ فِي السُّوقِ لَا يَلْزَمُهُ السَّلَامُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَقِيَهُ، وَسُقُوطُ إعَادَةِ الْوُضُوءِ عَنْ مَاسِّ الْمُصْحَفِ مِنْ مُعَلِّمٍ أَوْ نَاسِخٍ وَسُقُوطُ غَسْلِ ثَوْبِ الْمُرْضِعَةِ وَصَاحِبِ الْقُرْحَةِ وَالْجَزَّارِ وَيَسِيرِ الدَّمِ اهـ.
وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَارَّ مُخَاطَبٌ بِالتَّحِيَّةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ " وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ " وَلَكِنْ صَرَّحَ الشَّارِحُ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْمَارَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ إلَّا مِنْ الدَّاخِلِ الْمُرِيدِ لِلْجُلُوسِ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ صَلَّاهَا الْمَارُّ تَكُونُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ (ص) وَتَأَدَّتْ بِفَرْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ لَيْسَتَا مُرَادَتَيْنِ لِذَاتِهِمَا إذْ الْقَصْدُ مِنْهُمَا تَمْيِيزُ الْمَسَاجِدِ عَنْ سَائِرِ الْبُيُوتِ؛ فَلِذَا إذَا صَلَّى صَلَاةً أَجْزَأَتْهُ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي الْقِيَامِ مَقَامَهَا فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ مَعَ حُصُولِ ثَوَابِهَا إذَا نَوَى بِالْفَرْضِ الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ أَوْ نَوَى نِيَابَةَ الْفَرْضِ عَنْهَا كَمَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ) أَيْ: سَوَاءٌ فَعَلَهُ لَيْلًا أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي وَقْتِهِ الضَّرُورِيِّ كَذَا فِي ك. (قَوْلُهُ: أَعَادَهُ) أَيْ: لِكَوْنِهِ تَرَكَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ فِيهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَتَرْكُهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا يُبْطِلُ وَسَهْوًا يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ
. (قَوْلُهُ: تَحِيَّةُ مَسْجِدٍ) أَيْ: تَحِيَّةُ رَبِّ مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا دَخَلَ بَيْتَ الْمَلِكِ إنَّمَا يُحَيِّي الْمَلِكَ لَا بَيْتَهُ فَيَنْوِي بِتِلْكَ التَّحِيَّةِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ لَا الْمَسْجِدِ وَنُكِّرَ مَسْجِدٌ لِيَشْمَلَ مَسْجِدَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرَهُ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ مَسْجِدٍ لُغَةً فَيَشْمَلُ مَا يَتَّخِذُهُ مَنْ لَا مَسْجِدَ لَهُمْ مِنْ بَيْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمَنْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا لَهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمَسْجِدَ الْمَعْرُوفَ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَلَهُ أَنْ يَرْكَعَهَا حَيْثُ أَرَادَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ جُلُوسُهُ فِي أَقْصَى الْمَسْجِدِ. وَقِيلَ: إنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَرْكَعَ عِنْدَ دُخُولِهِ ثُمَّ يَمْشِيَ إلَى حَيْثُ شَاءَ. وَاقْتَصَرَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: كَفَاهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ: إنْ قَرُبَ رُجُوعُهُ لَهُ عُرْفًا وَإِلَّا طُلِبَ بِهَا ثَانِيًا وَكَلَامُ ابْنِ نَاجِي الْآتِي مُبَيِّنٌ لِهَذَا. (قَوْلُهُ: لِمَكَانِ الْخِلَافِ) أَيْ: لِوُجُودِ الْخِلَافِ أَيْ: لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِطَلَبِهَا وَقْتَ النَّهْيِ كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت: فِعْلُ التَّحِيَّةِ إلَخْ) هَذَا السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ لَا وُرُودَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ " يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِوُجُودِ الْخِلَافِ " أَيْ: إنَّمَا قُلْنَا يُسْتَحَبُّ هَذَا الذِّكْرُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يُفْعَلُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ صَلَاةً فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ مُنِعَ) أَيْ: كُرِهَ فِيمَا يَظْهَرُ وَهُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَهَذَا كَمَا فِي تت إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَى الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِلْحَبْسِ. (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ السَّلَامُ) أَيْ: لَا يُطْلَبُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ لَازِمًا فَأَرَادَ بِاللُّزُومِ مُطْلَقَ الطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: مِنْ مُعَلِّمٍ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعَلِّمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا عَلَى الرَّاجِحِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ نَاسِخٍ. ضَعِيفٌ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَكْرَارُ الْوُضُوءِ عِنْدَ إرَادَةِ مَسِّهِ. (قَوْلُهُ: وَصَاحِبِ الْقَرْحَةِ) فِي الْمُخْتَارِ الْقَرْحَةُ وَاحِدَةُ الْقَرْحِ بِوَزْنِ الْفَلْسِ وَالْقُرُوحِ أَيْ: الْجِرَاحِ. (قَوْلُهُ: وَالْجَزَّارِ) أَيْ: وَالْكَنَّافِ أَيْ: إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَجْتَهِدُ فِي دَرْءِ الْأَذَى. (قَوْلُهُ: تَكُونُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ) أَيْ: لَا تَحِيَّةً. وَهَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا التَّحِيَّةَ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ قَالَ عج إنَّمَا يَفْتَرِقُ كَوْنُ مَا صَلَّاهُ الْمَارُّ هَلْ تَحِيَّةٌ أَوْ نَفْلٌ مُطْلَقٌ إنْ قِيلَ: إنَّ التَّحِيَّةَ مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ وَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا أَوْ يُفَرَّقُ فِيمَا إذَا طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ الْجُلُوسِ بَعْدَ صَلَاتِهِمَا فَعَلَى أَنَّهُ تَحِيَّةٌ أَجْزَأَتْ لَا عَلَى خِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى نِيَابَةَ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ طُلِبَتْ لَا إنْ صَلَّاهُ بِوَقْتِ نَهْيٍ. وَأَمَّا إذَا نَوَى بِهِ الْفَرْضَ وَلَمْ يَنْوِ مَعَهُ التَّحِيَّةَ وَلَا نِيَابَةً عَنْ التَّحِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ " نَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ " فَإِنْ قُلْت إذَا فَعَلَ الْفَرْضَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَنَوَى مَعَهُ التَّحِيَّةَ فَهَلْ يَحْصُلُ
وَالْجُمُعَةِ، وَلَا مَفْهُومَ لِفَرْضٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ كَذَلِكَ وَكَذَا الرَّغِيبَةُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّهَا إذَا تَأَدَّتْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا فَأَوْلَى بِجِنْسِهَا.
(ص) وَبَدْءٌ بِهَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم (ش) أَيْ: وَنُدِبَ بَدْءٌ بِتَحِيَّةِ مَسْجِدِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام بِأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يُسَلِّمُ؛ لِأَنَّ التَّحِيَّةَ حَقُّ اللَّهِ، وَالسَّلَامَ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَالْأَوَّلُ آكَدُ مِنْ الثَّانِي. فَقَوْلُهُ وَبَدْءٌ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ لَا عَلَى فَاعِلِ جَازَ. (ص) وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ بِمُصَلَّاهُ عليه الصلاة والسلام (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إيقَاعُ النَّفْلِ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مُصَلَّاهُ وَهُوَ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ مَالِكٍ لَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْأُسْطُوَانَةَ الْمُخَلَّقَةَ كَانَتْ مُصَلَّاهُ وَكَانَ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ يُصَلُّونَ وَيَجْلِسُونَ عِنْدَهَا وَصَلَّى لَهَا عليه الصلاة والسلام بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تَقَدَّمَ لِمُصَلَّاهُ الْمَعْرُوفِ الْيَوْمَ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ صَلَاةَ النَّافِلَةِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ. قُلْت: يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْلَى أَوْ عَلَى مَا صَلَاتُهُ بِمَسْجِدِهِ بِخُصُوصِهِ أَوْلَى كَمُطْلَقِ التَّنَفُّلِ لِلْغُرَبَاءِ. (ص) وَالْفَرْضِ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ. (ش) الْفَرْضُ مَخْفُوضٌ عَطْفًا عَلَى نَفْلٍ الْمَخْفُوضِ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَصْدَرِ أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ إيقَاعُ الْفَرْضِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مِنْ مَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام لَا فِي مُصَلَّاهُ عليه الصلاة والسلام بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا زِيدَ فِيهِ لَهُ حُكْمُهُ فَأَوْلَى الصَّفُّ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِ مَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام وَمَنْ لَا يَرَى مُسَاوَاةَ مَا زِيدَ فِيهِ لَهُ فِي الْحُكْمِ يَرَى تَفْضِيلَ مَا فُعِلَ بِمَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام وَلَوْ بِآخِرِ صَفٍّ مِنْهُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الزِّيَادَةِ وَإِلَيْهِ نَحَا ابْنُ عَرَفَةَ.
ــ
[حاشية العدوي]
بِذَلِكَ ثَوَابُهَا كَمَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ لَا يَحْصُلُ ثَوَابُهَا لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِ خَلَلِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِهَا. وَفِي ك لَهُ الثَّوَابُ وَالظَّاهِرُ لَا ثَوَابَ فَإِنْ قُلْت: لَا فَائِدَةَ فِي تَأْدِيَةِ التَّحِيَّةِ بِالْفَرْضِ مَعَ عَدَمِ ثَوَابِهَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّحِيَّةَ. قُلْت: لَا بَلْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهُوَ عَدَمُ اللَّوْمِ عَلَى تَارِكِهَا.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا يَكْفِي عَنْ التَّحِيَّةِ صَلَاةُ جِنَازَةٍ وَلَا سُجُودُ تِلَاوَةٍ وَلَا شُكْرٍ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَنَا.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَكْفِي. وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِ مَذْهَبِنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِفَرْضٍ إلَخْ) وَهَلْ يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْضِ مِنْ أَنَّ الثَّوَابَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ السُّنِّيَّةِ وَالتَّحِيَّةِ أَوْ نِيَابَةِ السُّنَّةِ عَنْ التَّحِيَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّحِيَّةَ حَقُّ اللَّهِ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ إذَا دَخَلْت مَسْجِدًا وَفِيهِ جَمَاعَةٌ فَلَا تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَأْتِيَ بِالتَّحِيَّةِ كَمَا ذَكَرُوهُ. (قَوْلُهُ: وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ) الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِمَسْجِدِ الرَّسُولِ وَقَوْلُهُ: بِمُصَلَّاهُ. بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ وَلِذَا أَعَادَ الْجَارَّ لِلْمُبْدَلِ مِنْهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَبِمُصَلَّاهُ. فَيَأْتِيَ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ) يَصِحُّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لَكِنَّهُ لِلْعَمُودِ الْمُخَلَّقِ وَالْمَعْنَى: لَكِنْ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ أَيْ: إلَى الْمُصَلَّيْ الَّذِي عِنْدَ مَالِكٍ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ، إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَيَانِ تُفِيدُ الْأَوَّلَ وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ: الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ لَيْسَ هُوَ قِبْلَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى مُصَلَّاهُ، خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ أَيْ: بِالزَّعْفَرَانِ هُوَ مُصَلَّاهُ. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ مُصَلَّاهُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُصِيبٌ. وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأُسْطُوَانَةَ الْمُخَلَّقَةَ أَيْ: الَّتِي يَقُولُ بِهَا مَالِكٌ وَقَوْلُهُ: بِمُصَلَّاهُ الْمَعْرُوفِ الْيَوْمَ أَيْ: الَّذِي يَقُولُ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَمُودَ الْمُخَلَّقَ غَيْرُ الْأُسْطُوَانَةِ وَتُسَمَّى تِلْكَ الْأُسْطُوَانَةُ أُسْطُوَانَةَ عَائِشَةَ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّ الْأُسْطُوَانَةَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً لِلصَّحَابَةِ.
وَعِبَارَةُ اللَّقَانِيِّ تُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ: وَبَدْءٌ بِمُصَلَّاهُ هُوَ مَجْهُولٌ حَتَّى فِي زَمَنِ عَائِشَةَ وَلَمْ تُعْلِمْ النَّاسَ بِالْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا خَشْيَةَ الِافْتِتَانِ وَالنِّزَاعِ عَلَيْهَا وَلِذَا قَالَتْ: لَوْ عَرَفَهَا النَّاسُ لَضَرَبُوا عَلَى الصَّلَاةِ عِنْدَهَا السُّهْمَانَ أَيْ: الْقُرْعَةَ، وَالْقُرْعَةُ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَأَيْضًا الْمَسْجِدُ حُرِقَ وَغُيِّرَ وَبُدِّلَ فَعَلَى هَذَا الِاحْتِيَاطُ الْآنَ اسْتِيعَابُ جَمِيعِ الْبُقْعَةِ الَّتِي هِيَ مُصَلَّاهُ بِالنَّفْلِ. وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعَمُودِ الْمُخَلَّقِ وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى مُصَلَّاهُ أَيْ: بِحَسَبِ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَلِي الْحُجْرَةَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْلِسُ قَرِيبًا مِنْ حُجْرَتِهِ، وَالْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ غَيْرُ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ عَائِشَةَ وَإِنَّمَا عَرَفَتْهَا دُونَ النَّاسِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَيْتِ أَدْرَى. (قَوْلُهُ: بِضْعَةَ عَشَرَ) الْبِضْعُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إلَى التِّسْعِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْلَى) أَيْ: وَهُوَ الرَّوَاتِبُ أَوْ النَّوَافِلُ النَّهَارِيَّةُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ فِي بَيْتِهِ صَلَاةُ النَّفْلِ نَهَارًا فَقَدْ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ اسْتِحْبَابَ النَّفْلِ نَهَارًا فِي الْمَسْجِدِ وَلَيْلًا فِي الْبَيْتِ ابْنُ رُشْدٍ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ فِي النَّهَارِ بِأَهْلِهِ فَإِنْ أَمِنَ فَالْبَيْتُ أَفْضَلُ، وَتَنَفُّلُ الْغَرِيبِ بِمَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ، وَغَيْرُهُ بِبَيْتِهِ، وَأَكْرَهُ تَطْوِيلَ سُجُودِ النَّفْلِ بِالْمَسْجِدِ لِلشُّهْرَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمُطْلَقِ التَّنَفُّلِ) أَيْ: رَوَاتِبَ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ نَهَارِيَّةٍ وَلَيْلِيَّةٍ، وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ مُطْلَقُ التَّنَفُّلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَبَاءِ بِالْمَدِينَةِ فَفِي تت وَلِمَالِكٍ صَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي مَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام لِلْغُرَبَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهَا فِي بُيُوتِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَصْدَرِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِإِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَيْهِ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمُضَافُ. (قَوْلُهُ: لَا فِي مُصَلَّاهُ) الْمُنَاسِبُ لَا مِنْ مُصَلَّاهُ.
(تَنْبِيهٌ) : وَهَلْ النَّفَلُ إذَا صُلِّيَ جَمَاعَةً كَالتَّرَاوِيحِ يَكُونُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ كَالْفَرْضِ؟ نَظَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْفَرْضِ وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْفَرْضِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَوْ لَا كَمَا تَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ اسْتِوَاءِ صُفُوفِهَا فِي الْفَضْلِ
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ ثَلَاثًا عَلَى أَهْلِ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ وَوَاحِدَةً عَلَى مَا يَلِيهِ. (ص) وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ. (ش) أَيْ: لِلْقَادِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ إفَاضَةٍ أَوْ الْمُقِيمِ الَّذِي يُرِيدُ الطَّوَافَ، أَمَّا مَنْ دَخَلَهُ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِلْمُشَاهَدَةِ فَتَحِيَّتُهُ رَكْعَتَانِ إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ تَحِلُّ فِيهِ النَّافِلَةُ وَإِلَّا جَلَسَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ. قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ
. (ص) وَتَرَاوِيحُ وَانْفِرَادٌ فِيهَا إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ. (ش) أَيْ: وَتَأَكَّدَ تَرَاوِيحُ قِيَامِ رَمَضَانَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُطِيلُونَ الْقِيَامَ فَيَقْرَأُ الْقَارِئُ بِالْمِئِينَ يُصَلُّونَ بِتَسْلِيمَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَيَقْضِي مَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَوَقْتُهَا وَقْتُ الْوِتْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِاسْتِمْرَارِ الْعَمَلِ عَلَى الْجَمْعِ مِنْ زَمَنِ عُمَرَ، وَالِانْفِرَادُ فِيهَا طَلَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ الرِّيَاءِ أَفْضَلُ وَالْمُرَادُ بِالِانْفِرَادِ فِيهَا فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ وَلَوْ جَمَاعَةً هَذَا إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ فَإِنْ خِيفَ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي التَّرَاوِيحِ التَّعْطِيلُ فَالْمَسَاجِدُ أَفْضَلُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَفْضَلِ الْكَرَاهَةُ فَلَوْ، قَالَ: وَفِعْلُهَا بِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ إنْ لَمْ تُعَطَّلْ أَيْ: الْمَسَاجِدُ لَوَفَّى بِالْمُرَادِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِتَعْطِيلِ الْمَسَاجِدِ عَنْ صَلَاتِهَا فِيهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ عَنْ صَلَاتِهَا فِيهَا جُمْلَةً. وَالثَّانِي: اسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ السَّنْهُورِيُّ وَبَقِيَ لِلِانْفِرَادِ شَرْطَانِ: أَنْ لَا يَكُونَ فَاعِلُهَا آفَاقِيًّا بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا فَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ وَإِنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ، وَأَنْ يَنْشَطَ لِفِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَأَكُّدِ التَّرَاوِيحِ تَبِعَنَا فِيهِ الْبِسَاطِيُّ وَالسَّنْهُورِيُّ وَس فِي شَرْحِهِ وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ وَتَبِعَهُ تت وَقَوْلُ عُمَرَ " نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ هَذِهِ " يَعْنِي بِالْبِدْعَةِ جَمْعَهُمْ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ مُوَاظَبَةً فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا يُصَلُّونَ أَوْزَاعًا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَقَدْ وَرَدَ إنَّ اللَّهَ) بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنَّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا مِنْ الْحَدِيثِ.
(تَنْبِيهٌ) : الْمَشْهُورُ أَنَّ التَّضْعِيفَ الْوَارِدَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ - خَاصٌّ بِالْفَرَائِضِ وَبِصَلَاةِ الرِّجَالِ دُونَ الْإِنَاثِ وَوَجْهُهُ أَنَّ فِعْلَ النَّوَافِلِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ وَنَهَى النِّسَاءَ عَنْ حُضُورِ جَمَاعَتِهِنَّ فِي مَسْجِدِهِ لِكَثْرَةِ الْمُزَاحَمَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: لِلْقَادِمِ بِحَجٍّ) أَيْ: لِلْقَادِمِ الْمُتَلَبِّسِ بِحَجٍّ أَوْ الْمُتَلَبِّسِ بِعُمْرَةٍ. وَقَوْلُهُ: أَوْ إفَاضَةٍ. مَعْطُوفٌ عَلَى حَجٍّ وَالْمَعْنَى: لِلْقَادِمِ الْمُتَلَبِّسِ بِإِرَادَةِ طَوَافِ إفَاضَةٍ. هَذَا مَعْنَاهُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ حَذْفُ أَوْ إفَاضَةٍ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَلَبِّسِ بِالْحَجِّ شَامِلٌ لِلْإِفَاضَةِ كَمَا أَنَّهُ شَامِلٌ لِلْقُدُومِ وَالْوَدَاعِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْآفَاقِيِّ وَغَيْرِهِ وَظَهَرَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ مَنْ طُلِبَ بِالطَّوَافِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا تَحِيَّتُهُ الطَّوَافُ سَوَاءٌ كَانَ آفَاقِيًّا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُقِيمِ الَّذِي يُرِيدُهُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُقِيمَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُطَالَبًا بِالطَّوَافِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ مُتَلَبِّسًا بِحَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ يُفَصَّلُ فِيهِ إنْ أَرَادَ الطَّوَافَ فَتَحِيَّتُهُ الطَّوَافُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَتَحِيَّتُهُ رَكْعَتَانِ إنْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ جَوَازٍ وَإِلَّا فَلَا، وَلَمَّا جُعِلَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمُقِيمِ أَفَادَ أَنَّ الْآفَاقِيَّ لَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ: وَإِنَّ تَحِيَّتَهُ الطَّوَافُ مُطْلَقًا أَرَادَهُ أَمْ لَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ طُلِبَ بِالطَّوَافِ وَلَوْ نَدْبًا أَوْ أَرَادَهُ فَتَحِيَّتُهُ الطَّوَافُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ آفَاقِيًّا أَمْ لَا وَكَذَا إنْ لَمْ يُرِدْهُ وَهُوَ آفَاقِيٌّ فَهَذِهِ خَمْسٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ لَمْ يُرِدْهُ وَهُوَ مُقِيمٌ فَتَحِيَّتُهُ رَكْعَتَانِ
. (قَوْلُهُ: تَرَاوِيحُ قِيَامِ رَمَضَانَ) أَيْ: تَرَاوِيحُ هِيَ قِيَامُ رَمَضَانَ فَالْإِضَافَةُ مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ لِلْخَاصِّ وَشَأْنُهَا أَنْ تَكُونَ لِلْبَيَانِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ التَّرَاوِيحَ لَا تَخْتَصُّ بِالْقِيَامِ فِي رَمَضَانَ وَإِنَّمَا الْخَاصُّ بِرَمَضَانَ التَّأَكُّدُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَيَقْرَأُ الْقَارِئُ بِالْمِئِينَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَقَدْ تُفْتَحُ وَالْكَسْرُ أَنْسَبُ بِالْمُفْرَدِ وَهُوَ مِائَةٌ وَكَسْرُ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانُ التَّحْتِيَّةِ أَيْ: السُّوَرُ الَّتِي تَلِي السَّبْعَ الطِّوَالَ أَوْ الَّتِي أَوَّلُهَا مَا يَلِي الْكَهْفَ لِزِيَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مِائَةِ آيَةٍ أَوْ الَّتِي فِيهَا الْقَصَصُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ. (أَقُولُ) وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَهَلْ الْجَمَاعَةُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ أَوْ الثَّلَاثُ فَمَا فَوْقَ. (قَوْلُهُ: وَوَقْتُهَا وَقْتُ الْوِتْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ: بَعْدَ الْعِشَاءِ وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ فِعْلِهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ بِالصَّيْفِ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ: وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ) فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَرَاهَةِ صَلَاةِ النَّفْلِ جَمَاعَةً فَهِيَ كَصَلَاةِ الْعِيدِ تُصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالِانْفِرَادُ فِيهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الِانْفِرَادُ أَفْضَلَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُهُ خِلَافَ الْأَوْلَى أَوْ مَكْرُوهًا فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَالْجَمَاعَةُ مُسْتَحَبَّةٌ قُلْت: لَا وُرُودَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مَنُوطٌ بِالْفَاعِلِينَ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَيْ: إنَّ الْفَاعِلِينَ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ يُنْدَبُ لَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ الذَّهَابِ لِلْمَسْجِدِ وَيَفْعَلُهَا فِي بَيْتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالِانْفِرَادِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ تَفْسِيرًا بِالْحَقِيقَةِ فَلِذَا قَالَ: وَلَوْ قَالَ: وَفِعْلُهَا إلَخْ. أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا فِي إرَادَةِ الْمَقْصُودِ مِنْ أَنَّ فِعْلَهَا فِي الْبُيُوتِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَفْضَلِ الْكَرَاهَةُ) أَيْ: حَيْثُ قُلْنَا: فَالْمَسَاجِدُ أَفْضَلُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ مَكْرُوهًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى فَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ تَصْرِيحٌ بِالْمُرَادِ بَلْ هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْكَرَاهَةِ وَمُحْتَمِلٌ لِخِلَافِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: جَمْعَهُمْ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ) أَيْ: صَلَاتَهَا جَمَاعَةً بِإِمَامٍ مَعَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْزَاعًا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فَأَلِفٌ فَعَيْنٌ مُهْمَلَةٌ جَمَاعَاتٌ مُتَفَرِّقُونَ أَيْ: فَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ أَيْ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ؛ لِأَنَّهُ أَنْشَطُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُصَلِّينَ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَابْنُ التِّينِ وَغَيْرُهُمَا: اسْتَنْبَطَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ذَلِكَ مِنْ تَقْرِيرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ صَلَّى مَعَهُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي وَإِنْ كَانَ كَرِهَ
لَا أَنَّ الصَّلَاةَ نَفْسَهَا بِدْعَةً؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهَا جَمْعًا بِالنَّاسِ ثُمَّ تَرَكَهَا خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا أَمِنُوا تِلْكَ الْعِلَّةَ وَمِنْ تَجَدُّدِ الْأَحْكَامِ بِوَفَاتِهِ عليه الصلاة والسلام فَعَلُوا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ كَانَ مَقْصُودَهُ، فَوَقَعَتْ الْمُوَاظَبَةُ فِي الْجَمْعِ بِهِمْ بِدْعَةً وَإِلَّا فَلَيْسَتْ فِي الْحَقِيقَةِ بِدْعَةً؛ لِأَنَّ لَهَا أَصْلًا فِي الْجَوَازِ.
(فَائِدَةٌ) تَرَاوِيحُ عَلَى وَزْنِ مَفَاعِيلَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِصِيغَةِ مُنْتَهَى الْجُمُوعِ وَالرَّاجِحُ أَفْضَلِيَّةُ التَّرَاوِيحِ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ. (ص) وَالْخَتْمُ فِيهَا وَسُورَةٌ تُجْزِئُ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ خَتْمُ الْقُرْآنِ كُلِّهِ فِي التَّرَاوِيحِ أَيْ: فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ إنْ أَمْكَنَ لِيُوقِفَ الْمَأْمُومِينَ عَلَى سَمَاعِ جَمِيعِهِ، وَالسُّورَةُ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ تَكْفِي عَنْ طَلَبِ قِرَاءَةِ الْخَتْمِ فَيَسْقُطُ الطَّلَبُ بِذَلِكَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْإِجْزَاءِ. (ص) ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ. (ش) هُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ تَرَاوِيحَ أَيْ: بَدَلٌ مُطَابِقٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ وَإِذَا كَانَ بَدَلًا أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ مِنْ تَرَاوِيحَ فَإِدْخَالُ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ فِيهَا فِيهِ تَجَوُّزٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُرَادُ أَنَّهُ يُنْدَبُ كَوْنُهَا ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ فَهُوَ مَنْدُوبٌ آخَرُ وَلَوْ قَالَ وَثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ لَكِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ يَجْرِي فِيهِمَا مَا جَرَى فِي التَّرَاوِيحِ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَيْضًا " وَانْفِرَادٌ فِيهَا إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ " وَأَنَّ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ يُنْدَبُ فِعْلُهُ فِي الْجَمَاعَةِ كَالتَّرَاوِيحِ وَأَنَّهُ مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا. وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي جَعْلِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ بَدَلًا مِنْ تَرَاوِيحَ وَكَذَا عَلَى جَعْلِهِ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ فَتَأَمَّلْهُ اهـ.
قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام رَغَّبَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ فَقَامَ النَّاسُ وُحْدَانًا مِنْهُمْ
ــ
[حاشية العدوي]
ذَلِكَ لَهُمْ فَإِنَّمَا كَرِهَ خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا مَاتَ صلى الله عليه وسلم أَمِنَ مِنْ ذَلِكَ فَأَقَامَهَا وَأَحْيَاهَا سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَنَّ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صِيَامَ رَمَضَانَ وَسَنَنْت لَكُمْ قِيَامَهُ فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .
(قَوْلُهُ: لَا أَنَّ الصَّلَاةَ نَفْسَهَا) أَيْ: بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِي جَمَاعَةٍ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَرَكَهَا) أَيْ: تَرَكَهَا أَصْلًا وَرَأْسًا أَيْ: تَرَكَ فِعْلَهَا فِي جَمَاعَةٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي صَلَّاهَا عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ) اسْتَشْكَلَ الْخَطِيبُ أَصْلَ هَذِهِ الْخَشْيَةِ مَعَ مَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ» فَإِذَا أُمِنَ التَّبْدِيلُ فَكَيْفَ يَقَعُ الْخَوْفُ مِنْ الزِّيَادَةِ. وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ خَافَ جَعْلَ التَّهَجُّدِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّنَفُّلِ بِاللَّيْلِ وَيُومِئُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «خَشِيت أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ» فَمَنَعَهُمْ مِنْ التَّجْمِيعِ فِي الْمَسْجِدِ إشْفَاقًا عَلَيْهِمْ مِنْ اشْتِرَاطِهِ وَأَمِنَ مَعَ إذْنِهِ فِي الْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي بُيُوتِهِمْ مِنْ افْتِرَاضِهِ عَلَيْهِمْ. الثَّانِي: أَنَّهُ خَافَ افْتِرَاضَهُ كِفَايَةً لَا عَيْنًا فَلَا يَكُونُ زَائِدًا عَلَى الْخَمْسِ بَلْ هُوَ نَظِيرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ قَوْمٌ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهَا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ خَافَ فَرْضَ قِيَامِ رَمَضَانَ خَاصَّةً وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِدْعَةً) حَالٌ أَيْ: فَوَقَعَتْ الْمُوَاظَبَةُ فِي الْجَمْعِ بِهِمْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُوَاظَبَةِ بِدْعَةً. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَيْسَتْ فِي الْحَقِيقَةِ بِدْعَةً) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْجَمْعُ. (قَوْلُهُ: تَكْفِي عَنْ طَلَبِ قِرَاءَةِ الْخَتْمِ) أَيْ: تَكْفِي عَنْ جِنْسِ طَلَبِ قِرَاءَةِ الْخَتْمِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَقَوْلُهُ: فَيَسْقُطُ الطَّلَبُ أَيْ: جِنْسُهُ كَذَلِكَ لَا الْجِنْسُ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ فِي طَلَبِ قِرَاءَةِ الْخَتْمِ وَلَا الْجُزْئِيُّ الَّذِي هُوَ طَلَبُ قِرَاءَةِ الْخَتْمِ. (قَوْلُهُ: خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ) أَيْ: وَهِيَ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ بَدَلًا أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ فَإِدْخَالُ إلَخْ) أَقُولُ: بَلْ ذَلِكَ يَأْتِي عَلَى أَنَّهَا خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: فِيهِ تَجَوُّزُ) أَيْ: مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْبَعْضِ الْأَغْلَبِ عَلَى الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ) أَيْ: بِلَا كُلْفَةٍ فِي فَهْمِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي وَاحِدٍ) أَيْ: إنَّ الشَّفْعَ وَالْوَتْرَ لَا يُطْلَبُ فِيهِمَا جَمَاعَةٌ بَلْ فُرَادَى، كَانَ ذَلِكَ عَقِبَ تَرَاوِيحَ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ السُّنَّةِ وَأَظْهَرَهُ فِي جَمَاعَةٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ: لَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ مَشْرُوعَةً فِي الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَلَيْسَ الِانْفِرَادُ بِقَيْدِهِ مَطْلُوبًا فِيهِمَا وَلَيْسَا مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ فَهُوَ أَعْلَى مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَا رَغِيبَةٍ. وَأَمَّا الشَّفْعُ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَهَلْ هُوَ مُؤَكَّدٌ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ شَرْطَ كَمَالٍ أَوْ شَرْطَ صِحَّةٍ فِي الْوِتْرِ الْقَوْلَانِ الْمَعْرُوفَانِ أَوْ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مِنْ النَّفْلِ الْغَيْرِ الْمُؤَكَّدِ فَعَلَى الْأَوَّلِ: فَالْمَعْنَى لَيْسَا مَعًا مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الشَّفْعَ مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ وَعَلَى الثَّانِي: فَالْمَعْنَى لَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ بَلْ الْوِتْرُ مِنْ السُّنَنِ وَالشَّفْعُ مِنْ النَّفْلِ الْخَالِي عَنْ التَّأْكِيدِ. نَعَمْ مَا وَرَدَ مِنْ كَوْنِ التَّرَاوِيحِ تُصَلَّى ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ يُفِيدُ أَنَّ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ يُصَلَّيَانِ جَمَاعَةً.
(قَوْلُهُ: بَدَلًا) أَيْ: أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ. (قَوْلُهُ: رَغَّبَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ) أَيْ: صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ مُطْلَقُ الصَّلَاةِ الْحَاصِلِ بِهَا قِيَامُ اللَّيْلِ كَالتَّهَجُّدِ أَيْ: بِقَوْلِهِ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» اهـ. أَيْ: ذَنْبُهُ الْمُتَقَدِّمُ كُلُّهُ، فَمِنْ لِلْبَيَانِ لَا لِلتَّبْعِيضِ أَيْ: الصَّغَائِرُ لَا الْكَبَائِرُ كَمَا قَطَعَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْفُقَهَاءُ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَقَالَ قَوْمٌ: تَدْخُلُ فِيهِ الْكَبَائِرُ.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا تَدْخُلُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّوْبَةَ وَالنَّدَمَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَنْ يُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجِبَهُ أَمْرُ نَدْبٍ وَتَرْغِيبٍ كَذَا قَالَهُ شُرَّاحُ الْمُوَطَّأِ. (قَوْلُهُ: وُحْدَانًا)
فِي بَيْتِهِ وَمِنْهُمْ فِي الْمَسَاجِدِ فَمَاتَ عليه السلام عَلَى ذَلِكَ. وَفِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ثُمَّ رَأَى عُمَرُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ عَلَى إمَامٍ فَأَمَرَ أُبَيًّا وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يُصَلِّيَا بِهِمْ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ يَقْرَءُونَ بِالْمِئِينَ فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ فَخُفِّفَ فِي الْقِيَامِ وَزِيدَ فِي الرُّكُوعِ فَكَانُوا يَقُومُونَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ وَكَانَ يَقْرَأُ بِالْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَرُبَّمَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَقِيلَ: كَانَ مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً إلَى عِشْرِينَ إلَى يَوْمِ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ طُولُ الْقِيَامِ فَنَقَصُوا مِنْ الْقِرَاءَةِ وَزِيدَ فِي الرُّكُوعِ فَجُعِلَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْرُ بِثَلَاثٍ، فَمَضَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ جُعِلَتْ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ جُعِلَتْ إلَخْ وَإِنَّمَا أَمَرَ عُمَرُ أُبَيًّا وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْدَادِ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَزِدْ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ، وَحِكْمَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ الْعَدَدِ أَنَّهُ الْبَاقِي مِنْ جُمْلَةِ الْفَرَائِضِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ لِاكْتِنَافِهِمَا صَلَاةَ اللَّيْلِ فَنَاسَبَ أَنْ يُحَاكِيَ مَا عَدَاهُمَا.
(ص) وَخَفَّفَ مَسْبُوقُهَا ثَانِيَتَهُ وَلَحِقَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ بِرَكْعَةٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مُخَفَّفَةً وَيَلْحَقَ الْإِمَامَ فِي أُولَى التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلِابْنِ الْجَلَّابِ أَنَّهُ يُخَفِّفُ بِحَيْثُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْ التَّرْوِيحَةِ الَّتِي تَلِي مَا وَقَعَ فِيهِ السَّبْقُ وَلَوْ الْأَخِيرَةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ حِينَئِذٍ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ
. (ص) وَقِرَاءَةُ شَفْعٍ بِسَبِّحْ وَالْكَافِرُونَ وَوِتْرٍ بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ فَمِنْهُ فِيهِمَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ قِرَاءَةُ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي أُولَى الشَّفْعِ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى
ــ
[حاشية العدوي]
جَمْعُ وَاحِدٍ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْوَاحِدُ أَوَّلُ الْعَدَدِ وَالْجَمْعُ وُحْدَانٌ كَشَابٍّ وَشُبَّانٍ وَرَاعٍ وَرُعْيَانٍ. اهـ. وَأَرَادَ بِالْوُحْدَانِ مَعْنَى الْأَوْزَاعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَفِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ) أَيْ: وَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (قَوْلُهُ: وَصَدْرًا إلَخْ) مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ " فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ " وَالْمَعْنَى فَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ وَفِي صَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. (قَوْلُهُ: فَأَمَرَ أُبَيًّا) أَيْ: أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ اخْتَارَ أُبَيًّا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ» أَيْ: أَمَرَ أُبَيًّا أَنْ يُصَلِّيَ بِالرِّجَالِ. (قَوْلُهُ: وَتَمِيمًا) هُوَ ابْنُ أَوْسِ بْنِ خَارِجَةَ. (قَوْلُهُ: الدَّارِيَّ) نِسْبَةٌ إلَى جَدِّهِ الْأَعْلَى الدَّارِ بْنِ هَانِئٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ: إلَى دَارِينَ مَكَان عِنْدَ الْبَحْرَيْنِ أَيْ: أَنْ يُصَلِّيَ بِالنِّسَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ الرِّجَالَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَالنِّسَاءَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَجُمِعَ بِأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتَيْنِ. (قَوْلُهُ: إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) قَالَ الْبَاجِيُّ: لَعَلَّ عُمَرَ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَفِي حَدِيثِ «عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ صَلَاتِهِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» .
(قَوْلُهُ: فِي ثَمَانِيِ رَكَعَاتٍ) لِحَدِيثِ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقِيَامِ» . (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا قَامَ إلَخْ) وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي مَبْلَغِ الْقِرَاءَةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ كَانَ مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً) أَيْ: فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِي هَذَا تَبْيِينُ مَا يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى وَقْعَةِ الْحَرَّةِ) أَيْ: فِي زَمَنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَالْحَرَّةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ وَالْجَمْعُ حِرَارٌ مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ كَمَا قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى " وَالْحَرَّةُ " بِفَتْحِ الْحَاءِ مَوْضِعٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالْعَقِيقِ وَقِصَّتُهَا أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَيْعَةَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَأَخْرَجُوا عَامِلَهُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَجَهَّزَ إلَيْهِمْ الْيَزِيدُ جَيْشًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ فَلَمَّا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ نَادَاهُمْ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ مَا تَصْنَعُونَ أَتُسَلِّمُونَ أَمْ تُحَارِبُونَ قَالُوا: بَلْ نُحَارِبُ فَوَقَعَ الْقِتَالُ بِالْحَرَّةِ وَكَانَتْ الْهَزِيمَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَبَاحَ مُسْلِمٌ الْمَدِينَةَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَخَذَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ لِيَزِيدَ عَلَى أَنَّهُمْ عَبِيدٌ لَهُ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ قَتَلَ. اُنْظُرْ تَمَامَ الْقِصَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَجُعِلَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّكَعَاتِ الْعِشْرِينَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ كُلُّ تَرْوِيحَةٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَفْرَادًا وَكَانُوا لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالتَّرَاوِيحِ وَلَا بَيْنَ التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ فَأَرَادَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنْ يُسَاوُوهُمْ فِي الْفَضِيلَةِ فَجَعَلُوا مَكَانَ كُلِّ أُسْبُوعٍ تَرْوِيحَةً فَحَصَلَ أَرْبَعُ تَرْوِيحَاتٍ وَهِيَ سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً تُضَمُّ إلَى الْعِشْرِينَ تَصِيرُ سِتًّا وَثَلَاثِينَ وَمَعَ رَكَعَاتِ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ الثَّلَاثِ تَصِيرُ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْدَةِ وَالْجَاعِلُ لَهُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقِيلَ عُثْمَانُ وَقِيلَ مُعَاوِيَةُ أَقْوَالٌ. (قَوْلُهُ: لِاكْتِنَافِهِمَا) أَيْ: لِإِحَاطَتِهِمَا بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، عِلَّةٌ لِلْإِسْقَاطِ أَيْ: فَلَمْ يُعْتَبَرَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ. (قَوْلُهُ: فَنَاسَبَ أَنْ يُحَاكَى مَا عَدَاهُمَا) وَهُوَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ فِي اللَّيْلَةِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً لِأَجْلِ أَنْ تُحَاكَى بِالْفَرَائِضِ وَأَسْقَطَ مِنْ ذَلِكَ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ لِاكْتِنَافِهِمَا صَلَاةَ اللَّيْلِ أَيْ: فَلَمْ يَكُونَا بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ مِنْ النَّهَارِيَّاتِ.
(تَنْبِيهٌ) : الَّذِي صَارَ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ وَاسْتَمَرَّ إلَى زَمَانِنَا فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ هُوَ مَا جَمَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ النَّاسَ وَهُوَ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ. (قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ) هَذَا مُرْتَضَى عج، وَالْأَوَّلُ مُرْتَضَى اللَّقَانِيِّ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ تت فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَحِقَ الْإِمَامَ فِي أُولَى التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ اهـ. أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ فَالتَّرْوِيحَةُ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الرَّكْعَتَيْنِ
. (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ شَفْعٍ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُصَلَّى بَعْدَهُ الْوِتْرُ لَا مُطْلَقُ شَفْعٍ فَلَا يُنْدَبُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ. (قَوْلُهُ: بِسَبِّحْ) أَدْخَلَ حَرْفَ الْجَرِّ عَلَى سَبِّحْ وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظِ التِّلَاوَةِ فِعْلًا؛ لِأَنَّهُ الْآنَ اسْمٌ؛ لِأَنَّهُ أُرِيدَ لَفْظُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْكَافِرُونَ)
وَفِي الثَّانِيَةِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الْوِتْرِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ بِهَذِهِ السُّوَرِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حِزْبٌ أَيْ: قَدْرٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْقُرْآنِ يَقْرَؤُهُ فِي نَافِلَةٍ يَفْعَلُهَا لَيْلًا فَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَالْمُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ حِزْبِهِ فِي شَفْعِهِ وَوِتْرِهِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ تَابِعٌ لِبَحْثِ الْمَازِرِيِّ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ الْعُدُولُ عَنْ نُقُولِ الْأَئِمَّةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ السُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَلَوْ لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ إلَى بَحْثِ الْمَازِرِيِّ هَذَا حَاصِلُ مَا نَقَلَ ابْنُ غَازِيٍّ.
(ص) وَفِعْلُهُ لِمُنْتَبِهٍ آخِرَ اللَّيْلِ وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدَّمٌ ثُمَّ صَلَّى وَجَازَ. (ش) وَهَذَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ لِلْوِتْرِ وَسَيَأْتِي وَقْتُهُ الِاخْتِيَارِيُّ وَالضَّرُورِيُّ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْدَبُ فِعْلُ الْوِتْرِ آخِرَ اللَّيْلِ لِمَنْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ مِنْ نَفْسِهِ الِانْتِبَاهُ آخِرَ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ آخِرِهِ مَشْهُودَةٌ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الِانْتِبَاهِ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ عِنْدَهُ فَإِنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ تَقْدِيمُهُ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَكَلَامُ الرِّسَالَةِ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ عِنْدَهُ يُؤَخِّرُ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ أَخَّرَ تَنَفُّلَهُ وَوِتْرَهُ إلَخْ فَذَلِكَ أَفْضَلُ لَهُ إلَّا مَنْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْتَبِهَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُقَدِّمْ وِتْرَهُ، وَنَحْوُ مَا فِي الرِّسَالَةِ لِابْنِ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَإِذَا قَدَّمَ الْوِتْرَ ثُمَّ صَلَّى نَافِلَةً فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ الْوِتْرَ لِخَبَرِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» تَقْدِيمًا لِخَبَرِ النَّهْيِ عَلَى خَبَرِ الْأَمْرِ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا. وَيَجُوزُ لَهُ التَّنَفُّلُ بَعْدَ الْوِتْرِ حَيْثُ حَدَثَتْ لَهُ نِيَّتُهُ، أَمَّا مَنْ نَوَى جَعْلَ الْوِتْرِ أَثْنَاءَ تَنَفُّلِهِ فَمُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ، وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ بَدَا لَهُ نِيَّةُ النَّفْلِ أَنْ يَفْصِلَ نَفْلَهُ عَنْ وِتْرِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَوْتَرَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَهُ تَرَبَّصَ قَلِيلًا وَإِنْ انْصَرَفَ بَعْدَ وِتْرِهِ إلَى بَيْتِهِ تَنَفَّلَ مَا أَحَبَّ انْتَهَى. وَيُكْرَهُ بِلَا فَاصِلٍ عَادِيٍّ قَالَهُ سَيِّدِي زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ عَطْفُ الْمُؤَلِّفِ صَلَّى بِثُمَّ الْمُفِيدَةِ لِلْمُهْلَةِ عَلَى مُقَدَّمٍ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الْمُشْبِهِ لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} [العاديات: 3] {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 4] وَقَوْلُهُ " آخِرَ اللَّيْلِ " يَتَنَازَعُهُ كُلٌّ مِنْ الْمَصْدَرِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ وَهُوَ فِعْلُهُ وَمُنْتَبِهٌ، وَأَعْمَلَ الثَّانِيَ أَيْ: وَفِعْلُهُ آخِرَ اللَّيْلِ لِمُنْتَبِهٍ آخِرَ اللَّيْلِ. فَقَوْلُهُ " وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدَّمٌ " أَيْ: يُكْرَهُ. وَقَوْلُهُ " ثُمَّ صَلَّى " أَيْ: حَيْثُ حَدَثَتْ لَهُ نِيَّةُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ الْوِتْرَ ثُمَّ أَوْقَعَ نَافِلَةً لَا يُعِيدُ الْوِتْرَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ ذَلِكَ هَلْ حُكْمُ إيقَاعِ النَّافِلَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْجَوَازُ أَمْ لَا. أَشَارَ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْجَوَازُ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) أَيْ: هَذَا الْفِعْلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ أَيْ: يُسْتَحَبُّ، وَمَحَلُّهُ إذَا طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ أَوْ فِيهِ فَإِنْ طَرَأَتْ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ تَنَفُّلُهُ بَعْدَهُ جَائِزًا بِهَذَا الْمَعْنَى بَلْ مَكْرُوهًا، وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا طَرَأَتْ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْوِتْرِ فَهِيَ كَطُرُوئِهَا بَعْدَهُ ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ جَعْلُ الْوِتْرِ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَهِيَ وِتْرٌ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ آخِرُهُ وِتْرًا أَيْضًا.
(ص) وَعَقِيبَ شَفْعٍ. (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " آخِرَ اللَّيْلِ " أَيْ: نُدِبَ فِعْلُ الْوِتْرِ عَقِيبَ شَفْعٍ عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُسْتَحَبُّ اتِّصَالُهُ بِهِ فَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الشَّفْعِ، وَشَهَرَ الْبَاجِيُّ أَنَّ كَوْنَهُ عَقِيبَ شَفْعٍ شَرْطُ صِحَّةٍ وَعَلَيْهِ فَفِي شَرْطِ اتِّصَالِهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ
ــ
[حاشية العدوي]
بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى بَحْثِ الْمَازِرِيِّ) أَيْ: إلَى مَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فَلَمْ يُرِدْ بِالْبَحْثِ الْمُنَاقَشَةَ فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مُوَافِقًا لتت وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا ابْنَ الْعَرَبِيِّ، خِلَافُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ شَارِحِنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَازِرِيَّ قَدْ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْبَحْثِ، وَنَصُّ الْمَوَّاقِ الْمَازِرِيِّ: وَقَعَ فِي نَفْسِي عَدَمُ تَعَيُّنِ قِرَاءَةٍ إثْرَ تَهَجُّدٍ فَأَمَرْت بِهِ إمَامَ تَرَاوِيحِ رَمَضَانَ ثُمَّ خِفْت انْدِرَاسَ الشَّفْعِ عِنْدَ الْعَوَامّ إنْ لَمْ يَخْتَصَّ بِقِرَاءَةٍ فَرَجَعْت لِلْمَأْلُوفِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدَّمٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ التَّنَفُّلِ مَكْرُوهًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ صَلَاةَ آخِرِهِ مَشْهُودَةٌ) أَيْ: مَحْضُورَةٌ تَحْضُرُهَا الْمَلَائِكَةُ.
(قَوْلُهُ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ) وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ لِمُنْتَبِهٍ أَيْ: الْغَالِبُ عَلَيْهِ الِانْتِبَاهُ أَيْ: لِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الِانْتِبَاهُ وَلَوْ كَانَ عَادَتُهُ عَدَمَ الِانْتِبَاهِ كَنَوْمٍ بِمَحَلٍّ يَكْثُرُ فِيهِ الْمُسَبِّحُونَ بِالصَّوْتِ الرَّفِيعِ بِحَيْثُ يَنْتَبِهُ لِذَلِكَ النَّائِمُ وَلَوْ ثَقُلَ نَوْمُهُ غَالِبًا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ الِانْتِبَاهِ كَالْإِفْرَاطِ فِي الشِّبَعِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَالْأَفْضَلُ التَّقَدُّمُ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الرِّسَالَةِ إلَخْ) كَلَامُ الرِّسَالَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ جَعَلَ الْوِتْرَ أَثْنَاءَ تَنَفُّلِهِ) أَيْ: وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُصَلِّيَ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ ثُمَّ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَمُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ) أَيْ: فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَشِّيَ تت نَقَلَ نُقُولًا اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ أَعْنِي قَوْلَهُ " حَيْثُ حَدَثَتْ إلَخْ " غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَفَعَلَهُ آخِرَ اللَّيْلِ) بَيَانٌ لِوَجْهِ التَّنَازُعِ وَإِلَّا فَعِنْدَ إعْمَالِ الثَّانِي يَقُولُ: وَفَعَلَهُ فِيهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي الْوِتْرَ بِالْأَرْضِ وَأَمَّا الْمُسَافِرُ إذَا صَلَّى الْعِشَاءَ بِالْأَرْضِ وَنِيَّتُهُ الرَّحِيلُ وَالتَّنَفُّلُ عَلَى دَابَّتِهِ فَاسْتَحَبَّ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُصَلِّيَ وِتْرَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ يَتَنَفَّلَ عَلَى دَابَّتِهِ، وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ: رَجُلٌ صَلَّى الْعِشَاءَ وَنِيَّتُهُ التَّنَفُّلُ وَيُقَدِّمُ الْوِتْرَ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ قَالَهُ الْحَطَّابُ فَيُقَدِّمُ الْوِتْرَ، وَيَجُوزُ لَهُ التَّنَفُّلُ وَلَوْ عَقِبَ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِالْأَرْضِ رَاكِعًا وَسَاجِدًا أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِ عَلَى الدَّابَّةِ إيمَاءً. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوِتْرِ) أَيْ: أَوْ فِي الْوِتْرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلَمْ إلَخْ) أَقُولُ إذَا كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فَيَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ صَلَّى إخْبَارٌ بِحَسَبِ مَا اتَّفَقَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا تُفِيدُ، ثُمَّ إنَّ الْمَطْلُوبَ تَأَخُّرُ صَلَاةِ النَّفْلِ عَنْ الْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: نُدِبَ فِعْلُ الْوِتْرِ عَقِيبَ شَفْعٍ) وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ الشَّفْعُ لِنِيَّةٍ خَاصَّةٍ بَلْ يَكْتَفِي بِأَيِّ رَكْعَتَيْنِ كَانَتَا. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ نُدِبَ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَشَهَرَ الْبَاجِيُّ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ.
ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ " وَعَقِيبَ " بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ عَقِبَ بِحَذْفِهَا. (ص) مُنْفَصِلٍ بِسَلَامٍ إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ وَكُرِهَ وَصْلُهُ وَوِتْرٌ بِوَاحِدَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِسَلَامٍ وَيُكْرَهُ وَصْلُهُ مَعَ الشَّفْعِ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ كَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ لَا شَفْعَ قَبْلَهَا لِحَاضِرٍ أَوْ مُسَافِرٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ. قَالَ سَنَدٌ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَشْفَعُهُ انْتَهَى. وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ فَإِنْ تَبَاعَدَ أَجْزَأَهُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ وَقَالَ أَشْهَبُ: يُعِيدُ وِتْرَهُ بِإِثْرِ شَفْعٍ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ.
وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِسَلَامٍ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ خَلْفَ مَنْ يَفْصِلُ بِسَلَامٍ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا كَمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ انْفِصَالُهُ بِسَلَامٍ بَلْ يَتْبَعُهُ لِمَا يُؤَدِّي فَصْلُهُ إلَى السَّلَامِ قَبْلَ الْإِمَامِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: يُسَلِّمُ انْتَهَى. وَلَوْ قَالَ " وَمُنْفَصِلٍ " بِالْوَاوِ لَكَانَ صَرِيحًا فِي كَوْنِ الِانْفِصَالِ مُسْتَحَبًّا مُسْتَقِلًّا إذْ وَصْلُهُ مَكْرُوهٌ وَانْظُرْ هَلْ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ يَصِلُ الشَّفْعَ بِالْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يَصِلُ يَتْبَعُهُ أَنْ لَا يُكْرَهَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّهُمْ يَغْتَفِرُونَ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يَغْتَفِرُونَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ كَلَامُ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ كَرَاهَتَهُ
. (ص) وَقِرَاءَةُ ثَانٍ مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ. (ش) يَعْنِي إذَا صَلَّى اثْنَانِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِلثَّانِي أَنْ يَقْرَأَ مِنْ غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي انْتَهَتْ إلَيْهِ قِرَاءَةُ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ يَحْفَظُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَخَيَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ أَعْشَارًا تُوَافِقُ صَوْتَهُ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ سَمَاعُ الْمُصَلِّينَ لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ انْتِهَاءَ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَحْتَاطُ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُمْ سَمَاعُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ. (ص) وَنَظَرٌ بِمُصْحَفٍ فِي فَرْضٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْمُصَلِّي فِي الْمُصْحَفِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَوْ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِهِ لِاشْتِغَالِهِ غَالِبًا وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي النَّافِلَةِ إذَا ابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ لَا فِي الْأَثْنَاءِ فَكُرِهَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ " أَوْ أَثْنَاءَ نَفْلٍ لَا أَوَّلَهُ ".
(فَائِدَةٌ) جُمْلَةُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْآيِ سِتَّةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَسِتٌّ وَسِتُّونَ آيَةً أَلْفٌ مِنْهَا أَمْرٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا نَهْيٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا وَعْدٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا وَعِيدٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا عِيَادَةُ الْأَمْثَالِ وَأَلْفٌ مِنْهَا قَصَصٌ وَأَخْبَارٌ وَخَمْسُمِائَةٍ حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَمِائَةٌ دُعَاءٌ وَتَسْبِيحٌ وَسِتٌّ وَسِتُّونَ نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ أَبُو الْحَسَنِ. (ص) وَجَمْعٌ كَثِيرٌ لِنَفْلٍ أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ وَإِلَّا فَلَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ اجْتِمَاعُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ فِي النَّافِلَةِ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ وَلَوْ فِي مَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام وَهَذَا فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ اجْتِمَاعُ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ كَالثَّلَاثَةِ لَكِنْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ، وَأَمَّا بِمَكَانٍ غَيْرِ مُشْتَهِرٍ فَلَا كَرَاهَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَوْقَاتِ الَّتِي صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ حِينَ دُخُولِهِ مَعَهُ أَنَّهُ يُوصِلُ وَصَلَ مَعَهُ وَلَكِنْ يَنْوِي بِالْأُولَيَيْنِ الشَّفْعَ وَبِالْأَخِيرَةِ الْوِتْرَ وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ بِالثَّلَاثِ الْوِتْرَ وَلَا تَضُرُّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةُ كَنِيَّةِ ظُهْرٍ خَلْفَ جُمُعَةٍ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حِينَ دُخُولِهِ أَنَّهُ يُوصِلُ وَنَوَى خَلْفَهُ الشَّفْعَ فَقَطْ أَحْدَثَ نِيَّةَ الْوِتْرِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِهِ عِنْدَ فِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. وَمَنْ دَخَلَ مَعَ الْوَاصِلِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ صَارَ وِتْرُهُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ شَفْعٍ وَفِي الثَّالِثَةِ صَارَ وِتْرُهُ قَبْلَ شَفْعِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ) وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ سَلَّمَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: وَلَوْ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ شَفَعَهَا وَلَوْ سَلَّمَ إنْ كَانَ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ سَلَّمَ عَامِدًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتِ بِالشَّفْعِ الَّذِي قَدْ طُلِبَ بِهِ صَارَ سَلَامُهُ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا يُؤَثِّرُ بُطْلَانَهَا. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ وِتْرَهُ) يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَإِنْ تَبَاعَدَ أَجْزَأَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ انْفِصَالُهُ) وَحِينَئِذٍ فَمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ الْوَاصِلِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ وِتْرَهُ وَيَأْتِي بَعْدَهَا بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِجُلُوسٍ وَيَكُونَانِ شَفْعَهُ وَيُلْغَزُ فَيُقَالُ: صَلَّى شَفْعَهُ بَعْدَ وِتْرِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَتْبَعُهُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ فَلَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا فَانْظُرْ هَلْ تَبْطُلُ أَوْ تَصِحُّ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ أَشْهَبَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَرَّرَهُ وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ شَفْعٍ قَبْلَ الْوِتْرِ سَلَّمَ مِنْهُ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَمَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ يَتْبَعُهُ. (قَوْلُهُ: إذْ كَلَامُ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ كَرَاهَتَهُ) وَنَصَّهُ الْجَلَّابُ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ بَعْدَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ مِنْهُمَا بِتَسْلِيمَةٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي آخِرِهَا اهـ. فَإِفَادَةُ الْكَرَاهَةِ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُهُ وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ
. (قَوْلُهُ: لِاشْتِغَالِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ حَتَّى فِي النَّفْلِ. (قَوْلُهُ: وَأَلْفٌ مِنْهَا عِيَادَةُ الْأَمْثَالِ) وَالْمُرَادُ الْأَمْثَالُ الْمُتَكَرِّرَةُ وَالْأَمْثَالُ جَمْعُ مَثَلٍ وَالْعِيَادَةُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَأَلْفٌ مُكَرَّرٌ مُتَمَاثِلٌ وَتَكْرَارُهُ لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا اللَّهُ لَا أَنَّهُ تَكْرَارٌ خَالٍ عَنْ الْفَائِدَةِ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ تَتَوَقَّفْ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَلَى النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ إلَّا بِالِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ بَلْ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ إلَّا جَالِسًا فَعَلَهُ وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْمُصْحَفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ) فِيهِ حَذْفُ مَعْطُوفٍ عَلَى كَثِيرٍ " وَمَكَانٍ " صِفَةٌ لَهُ أَيْ: قَلِيلٍ كَائِنٍ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ) أَيْ: مَعَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مَسْجِدِهِ) أَيْ: لِأَنَّ التَّضْعِيفَ الْوَارِدَ فِي ثَوَابِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام خَاصٌّ بِالْفَرَائِضِ. (قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ) وَهَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ مَنْدُوبٌ اُنْظُرْهُ.
بِبِدْعَةِ الْجَمْعِ فِيهَا كَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَيْلَةِ عَاشُورَاءَ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي كَرَاهَتِهِ وَيَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ فِي أَيِّ مَكَان كَانَ لَكِنْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ قَالَ «فَضْلُ صَلَاةِ الْخَلْوَةِ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى صَلَاةِ الْعَلَانِيَةِ كَفَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَرِيضَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ» . (ص) وَكَلَامٌ بَعْدَ صُبْحٍ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ لَا بَعْدَ فَجْرٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا لَا يُكْرَهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَمَّا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَيُكْرَهُ إلَى قُرْبِ طُلُوعِ الشَّمْسِ. قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَيُسْتَحَبُّ بِإِثْرِ صَلَاةِ الصُّبْحِ التَّمَادِي فِي الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُرْبِ طُلُوعِهَا لِخَبَرِ «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّتَيْنِ» وَإِنَّمَا وَرَدَ الْحَثُّ عَلَى الذِّكْرِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الصُّبْحِ إلَى الطُّلُوعِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ صَحِيفَةِ الْيَوْمِ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ إلَى الْغُرُوبِ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ كَانَ أَوَّلُ صَحِيفَتِهِ حَسَنَاتٍ وَفِي آخِرِهَا حَسَنَاتٌ مَحَا اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا» . (ص) وَضَجْعَةٌ بَيْنَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُكْرَهُ أَيْضًا الضِّجْعَةُ بَيْنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حَيْثُ فَعَلَهَا عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ لَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِرَاحَةِ وَهِيَ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَبِالْكَسْرِ الْهَيْئَةُ وَبِهِ يُضْبَطُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو وَالضِّجْعَةُ بَعْدَهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْهَيْئَةُ لَا الْمَرَّةُ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَصُبْحٍ لَأَفَادَ الْمُرَادَ
. (ص) وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ آكَدُ ثُمَّ عِيدٌ ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ. (ش) إنَّمَا عَطَفَ بِثُمَّ إشَارَةً مِنْهُ إلَى أَنَّ مَرَاتِبَ هَذِهِ السُّنَنِ تَتَفَاوَتُ فَآكَدُهَا الْوِتْرُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَهُوَ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ الْمَوْصُوفَةُ بِالْأَوْصَافِ الْآتِيَةِ، وَيَلِي الْوِتْرَ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَلِيهِمَا صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ ثُمَّ الِاسْتِسْقَاءُ، وَيَأْتِي أَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: بِبِدْعَةِ الْجَمْعِ فِيهَا إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ اتِّخَاذُهُمْ ذَلِكَ سُنَّةً. (قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ) أَيْ: إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ تَرْكُ الْمَكَانِ الْمُشْتَهِرِ كَذَا فِي ك. (قَوْلُهُ: رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ إلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ رُبَّمَا يُفِيدُ كَرَاهَةَ صَلَاةِ الْوَاحِدِ فِي الْمَكَانِ الْمُشْتَهِرِ حَيْثُ قَالَ: كَفَضْلِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُشَبَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. (فَائِدَةٌ) الْجَمْعُ فِي الرَّغِيبَةِ كَالْجَمْعِ فِي النَّافِلَةِ. (قَوْلُهُ: فِي أُمُورِ الدُّنْيَا) أَيْ: الْكَلَامُ الْمُبَاحُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْكَلَامُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْهِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيُكْرَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَلَامُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ وَبِغَيْرِ الْعِلْمِ بِالْمَسْجِدِ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا قَالَ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ كَانَ مَالِكٌ يَتَحَدَّثُ وَيُسْأَلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ ثُمَّ لَا يُجِيبُ مَنْ يَسْأَلُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَلْ يُقْبِلُ عَلَى الذِّكْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. (قَوْلُهُ: التَّمَادِي فِي الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْقُرْآنِ أَوْلَى مِنْهُ وَسُئِلَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ أَيُّمَا أَفْضَلُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ الْقُرْآنُ أَوْ الذِّكْرُ؟ فَقَالَ: تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ إلَّا أَنَّ هَدْيَ السَّلَفِ الذِّكْرُ.
وَقَالَ التَّادَلِيُّ: يَقُومُ مِنْهَا أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ وَالذِّكْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْعِلْمِ فِيهِ.
وَقَالَ الْأَشْيَاخُ: تَعَلُّمُ الْعِلْمِ فِيهِ أَوْلَى.
قَالَ ابْنُ نَاجِي قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ كَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ يُفْتِي لَا سِيَّمَا فِي زَمَنِنَا لِقِلَّةِ الْحَامِلِينَ لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَذَا قَالَ ابْنُ نَاجِي. (قَوْلُهُ: إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ " لِقُرْبِ الطُّلُوعِ " فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ لِلطُّلُوعِ. قُلْت: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْقُرْبِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) أَيْ: وَصَلَّى رَكْعَتَيْ الضُّحَى كَمَا فِي الرِّوَايَةِ. (قَوْلُهُ: تَامَّتَيْنِ) بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ قَالَ: تَامَّتَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوَّلُ صَحِيفَةِ الْمُؤْمِنِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ يَنْزِلَانِ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوَّلُ مَا يَكْتُبُونَ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لَكِنْ يَرِدُ أَنْ يَكُونَ صَحِيفَةُ اللَّيْلِ آخِرُهَا غَيْرُ حَسَنَاتٍ إذَا تَكَلَّمَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِكَلَامِ الدُّنْيَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: آخِرُهَا مَا يُذْكَرُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ لَا مَا قَبْلَهُ مِنْ الْكَلَامِ الْمُبَاحِ.
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ مَلَكَيْ اللَّيْلِ يَنْزِلَانِ عِنْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ نَعَمْ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُمَا يَنْزِلَانِ عِنْدَ الْغُرُوبِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْجَوْهَرَةِ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعَانِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ» قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ وَاضِحٌ بِأَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ إنَّمَا تَنْزِلُ وَالنَّاسُ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَحِينَئِذٍ تَصْعَدُ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ ضِدُّ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ إنَّمَا تَنْزِلُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. (قَوْلُهُ: مَحَا اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: مِنْ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ. (قَوْلُهُ: الِاسْتِرَاحَةِ) بَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، وَعِبَارَةُ عج تُفِيدُ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: أَبِي عَمْرٍو) بِوَاوٍ بَعْدَ الرَّاءِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ الْهَيْئَةُ) أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ الضِّجْعَةُ الَّتِي عَلَى الْيَمِينِ فَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ لِلْمُقَابِلِ وَهُوَ كَوْنُ الِاضْطِجَاعِ عَلَى يَمِينِهِ، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ يَمِينِهِ فَلَمْ يَقُلْ الْمُخَالِفُ بِنَدْبِهِ. (أَقُولُ) وَحَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ الْهَيْئَةَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَبِهِ يَضْبِطُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ الْأَوْلَى بِالِالْتِفَاتِ لِضَبْطِهِ. قَالَ فِي ك وَانْظُرْ هَلْ كَرَاهَةُ الضِّجْعَةِ خَاصَّةٌ بِالضِّجْعَةِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَأَمَّا لَوْ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقْصِدَ بِهَا اسْتِنَانًا أَوْ الْكَرَاهَةُ لَا تَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: لَأَفَادَ الْمُرَادَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهِيَ لَا تَكُونُ بَعْدَ الصُّبْحِ بَلْ تَكُونُ قَبْلَهُ ثُمَّ أَقُولُ: وَكَوْنُهُ يُتَوَهَّمُ بَيْنَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مِنْ ثَانِي يَوْمٍ بَعِيدٌ، أَوْ كَوْنُهُ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ الصُّبْحُ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ
صَلَاةَ خُسُوفِ الْقَمَرِ مَنْدُوبَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنَّمَا كَانَ الْوِتْرُ آكَدَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْعِيدُ آكَدَ مِمَّا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الْكُسُوفُ آكَدَ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ بِلَا نِزَاعٍ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الِاسْتِسْقَاءِ فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّهَا لَا تُفْعَلُ. ثُمَّ إنَّ الْعُمْرَةَ آكَدُ مِنْ الْوِتْرِ كَمَا أَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ كَذَلِكَ وَانْظُرْ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعُمْرَةِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فَهِيَ دُونَ الْوِتْرِ وَآكَدُ مِنْ الْعِيدِ. (ص) وَوَقْتُهُ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ لِلْفَجْرِ وَضَرُورِيُّهُ لِلصُّبْحِ. (ش) أَيْ: وَوَقْتُ الْوِتْرِ الِاخْتِيَارِيُّ بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ الصَّحِيحَةِ وَالشَّفَقِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَلَوْ سَهْوًا وَلَا بَعْدَ عِشَاءٍ فَاسِدَةٍ أَوْ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَقَبْلَ الشَّفَقِ كَلَيْلَةِ الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْعِشَاءَ قُدِّمَتْ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَرَفْعِ الْمَشَقَّةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْوِتْرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ " مِنْ بَعْدِ " كَمَا قَالَ فِي الْأَوْقَاتِ " مِنْ زَوَالِ "؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمَبْدَأِ هُنَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بِخِلَافِ تَعْيِينِهِ هُنَاكَ فَإِنَّهُ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِكَوْنِ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا أَفْضَلَ.
وَقَدْ عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ بِمِثْلِ مَا هُنَاكَ فَقَالَ: وَوَقْتُهُ مِنْ بَعْدِ الشَّفَقِ وَالْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ كَمَا قَالَهُ " ز " وَفِي قَوْلِهِ " لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمَبْدَأِ هُنَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ " فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إنَّمَا غَايَرَ بَيْنَهُمَا تَفَنُّنًا وَيَمْتَدُّ اخْتِيَارِيُّ الْوِتْرِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الصَّحِيحَةِ وَالشَّفَقِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَضَرُورِيُّهُ مِنْ الْفَجْرِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَيْ: لِلشُّرُوعِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَلِانْقِضَائِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ، وَالْمَأْمُومُ كَالْإِمَامِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْمَأْمُومَ كَالْفَذِّ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْقَطْعُ فَلَا يَفُوتُ الْوَقْتُ بِالشُّرُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَاتَ بِهِ لَزِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَطْعُ، تَأَمَّلْ. ثُمَّ إنَّ تَأْخِيرَ الْوِتْرِ لِوَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ مَكْرُوهٌ. (ص) وَنُدِبَ قَطْعُهَا لَهُ لِفَذٍّ لَا مُؤْتَمٍّ، وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ. (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لِلْوِتْرِ وَقْتًا ضَرُورِيًّا يَعْنِي إذَا نَسِيَ الْوِتْرَ فَلَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى شَرَعَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَإِنْ كَانَ فَذًّا اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ لِبَعْضِ شُيُوخِهِ خِلَافًا لِابْنِ زَرْقُونٍ، وَيَأْتِي بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ،
ــ
[حاشية العدوي]
بَعِيدٌ أَيْضًا.
. (قَوْلُهُ: بِوُجُوبِهِ عَلَى الْأَعْيَانِ) أَيْ: خَارِجَ الْمَذْهَبِ. وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْ: فِي الْمَذْهَبِ فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْفَرْضَ عَلَى الْأَعْيَانِ وَلَوْ فِي الْخَارِجِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكِفَائِيِّ وَلَوْ فِي الدَّاخِلِ (قَوْلُهُ: بِلَا نِزَاعٍ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ: عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ أَيْ: فَكَوْنُهُ بِلَا نِزَاعٍ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَيْ: فَبَعْضُهُمْ حَكَى أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَلْ حَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُمْ ادَّعَى أَنَّهُ مَشْهُورٌ لَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلِذَا قَالَ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الْعُمْرَةَ آكَدُ مِنْ الْوِتْرِ) أَيْ: لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا فِي الْمَذْهَبِ دُونَ الْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعُمْرَةِ) فِي عب وَآكَدُ مِنْ الْعُمْرَةِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ لِجَزْمِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي فِي الْعُمْرَةِ بِالسُّنِّيَّةِ، وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْوُجُوبِ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ دُونَ الْوِتْرِ) اسْتَظْهَرَ عب أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ أَيْضًا فِي سُنِّيَّتِهَا وَوُجُوبِهَا بِهَا بِخِلَافِ الْوِتْرِ. (أَقُولُ) بَلْ الصَّوَابُ أَنْ يَجْزِمَ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ. (فَإِنْ قُلْت) مَا وَجْهُ مَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ. (قُلْت) لِأَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ عَلَى الْأَعْيَانِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْمَذْهَبِ وَالْعَيْنِيَّةِ وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ تُقَدَّمُ عَلَى الْكِفَايَةِ وَلَوْ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمُخَالِفُ لِهَذَا لَا يُسَلِّمُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَلَيْلَةِ الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ لَيْلَةَ الْجَمْعِ، إذَا قُدِّمَ الْفَرْضُ فَأَحْرَى غَيْرُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْعِشَاءَ قُدِّمَتْ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَلِرَفْعِ الْمَشَقَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: لِكَوْنِ إيقَاعِ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ الْوِتْرِ فَلَا يَكُونُ تَقْدِيمُهُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ الِاخْتِيَارِيِّ أَفْضَلَ. (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ: بَلْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَيْ: فَيَكُونُ فِعْلُ الْوِتْرِ أَوَّلَ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ: بَلْ إنَّمَا غَايَرَ تَفَنُّنًا) وَتَعَيُّنُ الْمَبْدَأِ ظَاهِرٌ بِدُونِ مِنْ. (قَوْلُهُ: لِصَلَاةِ الصُّبْحِ) أَيْ: لِوَقْتٍ يُدْرِكُ الصُّبْحَ فِي مُخْتَارِهَا بَعْدَ الْفَجْرِ لِنَائِمٍ عَنْهُ أَوْ نَاسِيهِ مَثَلًا كَتَارِكِهِ اخْتِيَارًا مَعَ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِهِ لِلْفَجْرِ كَذَا فِي عب. وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: لِوَقْتٍ يُدْرِكُ الصُّبْحَ فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَخْ. مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ. (قَوْلُهُ: عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ رِوَايَةٌ بِنَدْبِ قَطْعِ الصُّبْحِ وَرِوَايَةٌ بِجَوَازِ الْقَطْعِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْكَلَامُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ إبَاحَةَ الْقَطْعِ لَا تُفَوِّتُ الْوَقْتَ بِالشُّرُوعِ هَذَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ حِكَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ نَعَمْ يَصِحُّ عَلَى حِلِّ الْمَوَّاقِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَقْطَعُ الْإِمَامُ إلَّا إنْ أَسْفَرَ جِدًّا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا يَقْطَعُ. فَعَلَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ هَذَا يَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَيْ: الْقَائِلَةِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْإِمَامِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ: اسْتِحْبَابُ الْقَطْعِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ. وَالنَّهْيُ عَنْ الْقَطْعِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمُغِيرَةِ قَائِلًا: لَا يَقْطَعُ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ. وَالتَّخْيِيرُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْبَاجِيِّ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ الثَّلَاثَ رِوَايَاتٍ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا سِوَى أَنَّهُ قَدَّمَ الْأَوَّلَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلِانْقِضَائِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ) أَيْ: لِأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ، وَقَوْلُهُ: وَالْمَأْمُومِ أَيْ: عَلَى غَيْرِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ ثُمَّ رَجَعَ فَقِيلَ بِجَوَازِ الْقَطْعِ وَقِيلَ بِنَدْبِ عَدَمِ الْقَطْعِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمَرْجُوعَ إلَيْهِ جَوَازُ التَّمَادِي لَا نَدْبُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت وَالرَّاجِحُ جَوَازُ التَّمَادِي لَا نَدْبُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْمَأْمُومَ كَالْفَذِّ) أَيْ: مَعْنًى أَيْ: بِقَوْلِهِ إلَى الْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُبَاحُ) الْمُرَادُ بِهَا الْإِذْنُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) تَأَمَّلْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ قَابِلًا لِلْبَحْثِ كَمَا رَأَيْت. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا) صَادِقٌ بِأَنْ لَا يُسْفِرَ أَوْ يُسْفِرَ لَا جِدًّا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ زَرْقُونٍ) فَإِنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً وَإِنْ اقْتَصَرَ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بِالشَّفْعِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ قَدَّمَهُ.
ذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ كَمَا لَوْ ذَكَرَ مَنْسِيَّةً بَعْدَ أَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَيَأْتِي بِهَا وَيُعِيدُ الْفَجْرَ، ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ سَحْنُونَ وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ: الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا يُعِيدُهَا إنَّمَا التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ قَطْعُ الصُّبْحِ لِلْوِتْرِ بَلْ يُنْدَبُ تَمَادِيهِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ أَيْقَنَ أَنَّهُ إنْ قَطَعَ وَصَلَّاهَا أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ خِلَافًا لِسَنَدٍ وَإِنْ كَانَ إمَامًا فَهَلْ يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا أَوْ لَا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ رِوَايَتَانِ. وَلَوْ ذَكَرَ الْوِتْرَ فِي الْفَجْرِ فَهَلْ يَقْطَعُهَا؟ لَهُ قَوْلَانِ لِابْنِ نَاجِي وَشَيْخِهِ الْبُرْزُلِيِّ. وَإِنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ بَعْدَ مَا صَلَّى الْفَجْرَ أَتَى بِهِ وَأَعَادَ الْفَجْرَ.
(ص) وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ تَرَكَهُ لَا لِثَلَاثٍ وَلِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ وَلَوْ قَدَّمَ وَلِسَبْعٍ زَادَ الْفَجْرَ. (ش) الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْوِتْرَ وَنَامَ عَنْهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَقَدْ بَقِيَ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِقْدَارُ مَا يُدْرِكُ فِيهِ الصُّبْحَ وَهُوَ رَكْعَتَانِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ الْوِتْرَ وَالشَّفْعَ وَيُصَلِّي الصُّبْحَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُؤَخِّرُ الْفَجْرَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْوِتْرِ فَقَطْ مَعَ الصُّبْحِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَيْ: وَكَذَا الْأَرْبَعُ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ اتَّسَعَ لِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَالصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ بَعْدَ حِلِّ النَّافِلَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَنَفَّلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَفَّلَ فَقَالَ أَصْبَغُ: يُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَالصُّبْحَ أَيْضًا وَيَتْرُكُ الْفَجْرَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَدَّمَ أَيْ: صَلَّى الشَّفْعَ وَتَرَكَ الْفَجْرَ وَلَوْ قَدَّمَ نَفْلًا بَعْدَ الْعِشَاءِ أَيْ: أَوَّلَ اللَّيْلِ لِانْفِصَالِهِ وَالْمَطْلُوبُ اتِّصَالُهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ الْفَجْرِ، وَقِيلَ: إنْ قَدَّمَ أَشْفَاعًا فَلَا يُعِيدُ الشَّفْعَ بَلْ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بَدَلَهُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهُمَا وَهُمَا تَابِعَتَانِ لِلْفَرْضِ، وَالشَّفْعُ مِنْ تَوَابِعِ الْوِتْرِ وَإِذَا كَانَ الصُّبْحُ أَوْلَى عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ كَانَ تَابِعُهُ أَوْلَى. وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ اللَّائِقُ بِالْمُؤَلِّفِ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ لَكِنْ نُوزِعَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الِاتِّفَاقِ انْتَهَى. وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِسَبْعٍ صَلَّى الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالصُّبْحَ، وَمَفْهُومُ لِسَبْعٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِسِتٍّ لَا يَزِيدُ الْفَجْرَ بَلْ يَفْعَلُ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَالصُّبْحَ وَيَقْضِي بَعْدَ حِلِّ النَّافِلَةِ وَتَبْقَى رَكْعَةٌ ضَائِعَةٌ. وَقَوْلُنَا " الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ " يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُرَاعَى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ فَيُصَلِّي هَذِهِ وَلَوْ أَدَّى إلَى أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ وَقْتَهَا الِاخْتِيَارِيَّ لِلطُّلُوعِ، هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّاذِلِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ
. (ص) وَهِيَ رَغِيبَةٌ. (ش) الضَّمِيرُ فِي هِيَ رَاجِعٌ إلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ أَيْ: وَصَلَاةُ الْفَجْرِ رَغِيبَةٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ لِتَصْدِيرِهِ بِهِ بِقَوْلِهِ " وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ مِنْ الرَّغَائِبِ " وَقِيلَ: مِنْ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا وَأَخَذَ بِهِ أَشْهَبُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَحَكَى اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ الْقَوْلَيْنِ عَنْ أَصْبَغَ وَأَشْهَبَ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا. (ص) تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ زَائِدَةٍ عَلَى نِيَّةِ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ تُمَيِّزُهَا عَنْ سَائِرِ النَّوَافِلِ كَافْتِقَارِ السُّنَنِ لِذَلِكَ. قَالَ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فَيَأْتِي بِهَا وَيُعِيدُ الْفَجْرَ) أَيْ: وَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: لَا يُعِيدُهَا) أَيْ: الْفَجْرَ. الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ بِمَنْزِلَةِ أَخِيرَتَيْ رُبَاعِيَّةٍ مِنْ الصُّبْحِ فَالْخَلَلُ فِي الصُّبْحِ خَلَلٌ فِيهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ) وَكَانَ يَقُولُ أَوَّلًا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَنَدٍ) فَإِنْ قَالَ: مَحَلُّ كَوْنِ الْمَأْمُومِ لَا يَقْطَعُ إذَا كَانَ بِقَطْعِهِ وَوِتْرِهِ تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْجَمْعِ فَلَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ كَانَ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْهَا قَطَعَ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا) أَيْ: بِحَيْثُ يُخْشَى أَنْ يُوقِعَهَا أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا خَارِجَ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ خِلَافًا لعب. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ) أَيْ: بَلْ يَجُوزُ لَهُ. (قَوْلُهُ: رِوَايَتَانِ) يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ تَرْجِيحُ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ عَزَاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَعَزَا الثَّانِيَةَ لِلْبَاجِيِّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: لِابْنِ نَاجِي وَشَيْخِهِ الْبُرْزُلِيِّ) قَالَ ابْنُ نَاجِي كُنْت أَقُولُ إنَّهُ يَقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَقْطَعُ الصُّبْحَ فِي قَوْلٍ فَأَحْرَى أَنْ يَقْطَعَ هُنَا وَكَانَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ لَا يَرْتَضِي ذَلِكَ وَيَعْتَلُّ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْطَعْ فِي الصُّبْحِ فَاتَ الْوِتْرُ وَهَا هُنَا إذَا تَمَادَى عَلَى الْفَجْرِ لَا يَفُوتُ بَلْ يُعِيدُهُ. (قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي الصُّبْحَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لِأَصْبَغَ يَأْتِي بِالْوِتْرِ وَيُصَلِّي رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَرَكْعَةً بَعْدَهَا وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ بَعْضَ الْفَرْضِ لِأَجْلِ سُنَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْأَرْبَعُ عَلَى الرَّاجِحِ) وَمُقَابِلُهُ يَأْتِي بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَلَوْ فَاتَتْ رَكْعَةٌ مِنْ الصُّبْحِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَفَّلَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي " وَلَوْ قَدَّمَ " لَيْسَ عَائِدًا عَلَى الشَّفْعِ الْمَخْصُوصِ بَلْ عَائِدٌ عَلَيْهِ لَا بِهَذَا الْمَعْنَى بَلْ بِمَعْنَى النَّفْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ مَفْرُوضٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إذَا قَدَّمَ النَّفَلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ أَيْ: أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ نُوزِعَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الِاتِّفَاقِ) أَقُولُ: أَقَلُّ مَا هُنَاكَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحَ فَلَا يَتِمُّ الْجَوَابُ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت أَنَّ الْحَطَّابَ قَدْ قَالَ: كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَوْ ذَكَرَهُ مَعَ ذِكْرِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يُرَاعَى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ) يَرِدُ أَنْ يُقَالَ: إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ وَاجِبٌ فَكَيْفَ يُتْرَكُ لِأَجْلِ الشَّفْعِ مَثَلًا؟ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ قَدْ رُجِّحَ أَوْ أَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ مُقَابِلِهِ
. (قَوْلُهُ: وَهِيَ رَغِيبَةٌ) بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ: مُرَغَّبٌ فِيهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينَا وَمَا فِيهَا» فَإِنْ قُلْت: قَدْ رُغِّبَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا قُلْت: كَانَ التَّرْغِيبُ فِيهَا أَشَدَّ وَبَعْدَ ذَلِكَ صَارَتْ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ عَلَيْهَا. وَالرَّغِيبَةُ مَرْتَبَتُهَا دُونَ السُّنَّةِ وَفَوْقَ الْفَضِيلَةِ وَهُوَ اصْطِلَاحٌ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ.
الطِّرَازِ: النَّوَافِلُ الْمُقَيَّدَةُ بِأَزْمَانِهَا أَوْ بِأَسْبَابِهَا كَالسُّنَنِ الْخَمْسِ وَالْفَجْرِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نِيَّةِ التَّعْيِينِ فَمَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا لِهَذِهِ لَمْ تُجْزِهِ. وَالْمُطْلَقَةُ مَا عَدَاهَا يَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ سُمِّيَتْ قِيَامًا وَعِنْدَ أَوَّلِ النَّهَارِ سُمِّيَتْ ضُحًى وَعِنْدَ دُخُولِ مَسْجِدٍ سُمِّيَتْ تَحِيَّةً وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ صَوْمٍ لَا يَفْتَقِرُ مُطْلَقُهَا إلَى التَّعْيِينِ بَلْ يَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الْعِبَادَةِ. (ص) وَلَا تُجْزِئُ إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا لِلْفَجْرِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ مِنْ شَرْطِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَنْ يَقَعَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا تُجْزِئُ إذَا تَقَدَّمَتَا عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْإِحْرَامِ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ تَحَرَّى الْفَجْرَ فِي غَيْمٍ فَرَكَعَ لَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ رَكَعَهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَهُمَا بَعْدَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بِتَحَرٍّ) وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُعِيدُهُمَا بَعْدَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَالتَّحَرِّي الِاجْتِهَادُ وَهُوَ بَذْلُ الْوُسْعِ لِتَحْصِيلِ الظَّنِّ بِدُخُولِ الْوَقْتِ. وَلَا يُعْتَرَضُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ " وَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ تُجْزِئْ وَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ " لِأَنَّ ذَاكَ فِي الشَّاكِّ الَّذِي لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ. وَلَا يُقَالُ: رَكْعَتَا الْفَجْرِ الْأَمْرُ فِيهِمَا أَخَفُّ مِنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مُخْتَلِفٌ إذْ فَرْقٌ بَيْنَ الشَّاكِّ وَالْمُجْتَهِدِ.
(ص) وَنُدِبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَإِيقَاعُهَا بِمَسْجِدٍ وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عَلَى الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُمَا مَعَ الصُّبْحِ كَرُبَاعِيَّةٍ رَكْعَتَانِ بِالْحَمْدُ وَسُورَةٍ وَرَكْعَتَانِ بِالْحَمْدُ فَقَطْ وَلِذَلِكَ شُرِعَ فِيهِمَا الْإِسْرَارُ، وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا إيقَاعُهَا فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا تَنُوبُ عَنْ التَّحِيَّةِ فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ فَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ مُحَصِّلٌ لِلتَّحِيَّةِ بِخِلَافِ فِعْلِهَا فِي الْبَيْتِ فَإِنَّهُ مُخِلٌّ بِذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ اسْتِحْبَابَ إيقَاعِهَا فِي الْمَسْجِدِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فَالْمُؤَلِّفُ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَى نِيَابَتِهَا عَنْ التَّحِيَّةِ فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ لَا فِي الثَّوَابِ مَا لَمْ يَنْوِ التَّحِيَّةَ بِهَا، فَإِنْ قُلْت: التَّحِيَّةُ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ مِنْهُ حِينَئِذٍ وَالثَّوَابُ يَتْبَعُ الطَّلَبَ قُلْت: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِطَلَبِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ أَوْ أَنَّهُ فِيمَا إذَا صَلَّى الْفَجْرَ بَعْدَ الشَّمْسِ قَضَاءً. (ص) وَإِنْ فَعَلَهَا بِبَيْتِهِ لَمْ يَرْكَعْ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ خَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ وَصَلَّى الْفَجْرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَمْ يَرْكَعْ بَلْ يَجْلِسُ مِنْ غَيْرِ رُكُوعٍ أَيْ: لَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَيْ: لَمْ يُعِدْهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَرْكَعُ غَيْرَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ.
(ص) وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَلِلزَّوَالِ. (ش) هَذَا مِمَّا لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَهَا مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهَا، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِمَّا عَدَا الْفَرَائِضَ وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمُسْتَثْنَى إنْ وَقَعَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: كَالسُّنَنِ الْخَمْسِ) الْعِيدَيْنِ - وَهُمَا اثْنَتَانِ - وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ) أَيْ: الْإِجْمَالُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ) أَيْ: فِي لَيْلِ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ) فَإِنْ قُلْت: الضُّحَى مُقَيَّدٌ بِوَقْتٍ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالسُّنَنِ الْخَمْسِ لِلتَّقْيِيدِ أَيْ: بِقَيْدِ كَوْنِهَا السُّنَنَ الْخَمْسَ وَالْفَجْرَ أَوْ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ وَالضُّحَى وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا عِبَادَةٌ مُتَمَاثِلَةٌ رَكْعَتَانِ نَافِلَةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِالصِّفَةِ بِخِلَافِ السُّنَنِ الْخَمْسِ وَالرَّغِيبَةِ وَقَوْلُهُ: وَالْمُطْلَقَةُ مَا عَدَاهَا أَيْ: مَا عَدَا الْخَمْسَ وَالْفَجْرَ. (قَوْلُهُ: لَا يَفْتَقِرُ مُطْلَقُهَا إلَى التَّعْيِينِ) وَأَمَّا مُقَيَّدُهَا كَالْحَجِّ النَّذْرِ أَوْ الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَانْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّ صُدُورَ نِيَّةِ الْحَجِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَعْدَ حُصُولِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ يُحَصِّلُ التَّمَتُّعَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِحَجِّهِ خُصُوصَ التَّمَتُّعِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا يَوْمُ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ فَلَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ أَيْ: مَعَ أَنَّهُمَا مِنْ الْمُقَيَّدَاتِ بِأَزْمَانِهَا وَكَأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ مُعَيَّنًا صَارَا مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ. (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) أَيْ: إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ) أَيْ: لَيْسَ بِمُتَحَرٍّ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ أَيْ: الْمُتَحَرِّي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَحَرِّيَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ لَهُ أَحْوَالًا ثَلَاثَةً تُجْزِئُ فِي صُورَتَيْنِ وَلَا تُجْزِئُ فِي وَاحِدَةٍ وَمِثْلُهُ الْمُتَيَقِّنُ أَيْ: الْجَازِمُ. وَأَمَّا الشَّاكُّ فَلَا تُجْزِئُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَالصُّوَرُ تِسْعَةٌ. جَعَلَ عج مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ الْجَزْمَ وَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا بَعْدَهَا فَالْأَوْلَى جَعْلُهَا لِلْحَالِ. وَصُورَةُ الْجَزْمِ تُفْهَمُ مِنْ صُوَرِ التَّحَرِّي أَيْ: الظَّنِّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُتَحَرِّيَ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ فِي الْفَرْضِ تَبَيَّنَ التَّأَخُّرُ عَنْ الْوَقْتِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَقَدْ قَرَّرَ الْحَطَّابُ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: وَهُمَا بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْوَقْتَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ) أَيْ: وَمَا كَانَ يَتِمُّ مَا ذُكِرَ إلَّا لَوْ كَانَ الْمَوْضُوعُ مُتَّفِقًا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَصُورَةً مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ.
(قَوْلُهُ: فَالْمُصَنِّفُ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هَذَا مَشْهُورٌ مُرَاعًى فِيهِ الضَّعِيفُ وَهُوَ أَنَّهَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ إظْهَارَ السُّنَّةِ خَيْرٌ مِنْ كِتْمَانِهَا لِيَقْتَدِيَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ كَذَا لِمَالِكٍ وَهُوَ يُؤَيِّدُ أَنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ الْفَرِيضَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ أَهْلِ بَيْتِهِ جَمَاعَةً وَلَوْ لَزِمَ صَلَاةُ أَهْلِ بَيْتِهِ فُرَادَى لَا إنْ لَزِمَ عَدَمُ صَلَاتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ: لِأَنَّهَا تَنُوبُ عَنْ التَّحِيَّةِ إلَخْ. يُفِيدُ طَلَبَهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّهَا رَغِيبَةٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا صُلِّيَتْ فِي وَقْتِهَا الْمَعْهُودِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ كَتَبْت هَذَا رَأَيْت مُحَشِّيَ تت جَعَلَ الصَّوَابَ حَذْفَهُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْمُوَافَقَةِ وَنَقَلَ النَّقْلَ الَّذِي يَدُلُّ لِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَعْطُوفٌ إلَخْ أَيْ: إنْ قُلْنَا إنَّهُ مَعْطُوفٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَيْ: لَمْ يُعِدْهُمَا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَرْكَعُ غَيْرَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْغَيْرُ هُوَ التَّحِيَّةُ وَقِيلَ يَرْكَعُ التَّحِيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ) أَيْ: يَحْرُمُ، كَذَا كَتَبَ وَالِدُ عب. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمُسْتَثْنَى إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ أَيْ: مِنْ الَّتِي