المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل مصارف الزكاة] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٢

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

الفصل: ‌[فصل مصارف الزكاة]

وَإِلَّا دِفْنُ الْمُصَالِحِينَ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ دِفْنُ أَرْضِ الْمُصَالِحِينَ، وَلَوْ كَانَ الدَّافِنُ غَيْرَهُمْ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ حَيْثُ كَانَ هُوَ الْوَاجِدَ لَا إنْ كَانَ غَيْرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ لِرَبِّهَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ سَوَاءٌ وَجَدَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ. (ص) وَدِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لُقَطَةً (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَا دَفَنَهُ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لِعَلَامَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ تُعْرَفُ عَلَى سُنَّتِهَا وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: دِفْنُ فَلَوْ قَالَ وَمَالُ مُسْلِمٍ. . . إلَخْ لَشَمِلَ غَيْرَ الْمَدْفُونِ وَقَدْ يُقَالُ أَنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَدْفُونِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ رِكَازٌ

. (ص) وَمَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ كَعَنْبَرٍ فَلِوَاجِدِهِ بِلَا تَخْمِيسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ كَالْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَاجِدِهِ وَلَا يُخَمَّسُ فَلَوْ رَآهُ جَمَاعَةٌ فَبَادَرَ إلَيْهِ أَحَدُهُمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ كَالصَّيْدِ يَمْلِكُهُ الْمُبَادِرُ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَحَلِّ الْحَالِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ كَعَنْبَرٍ مِمَّا لَيْسَ أَصْلُهُ مِلْكَ أَحَدٍ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ لِجَاهِلِيٍّ، أَوْ شَكَّ فِيهِ فَهُوَ رِكَازٌ، وَإِنْ كَانَ لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ فَهُوَ لُقَطَةٌ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا قَصَدَ مِنْ أَجْزَاءِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ تَجِبُ لَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَقَالَ

(فَصْلٌ) وَمَصْرِفُهَا فَقِيرٌ وَمِسْكِينٌ وَهُوَ أَحْوَجُ

(ش) مَصْرِفُ اسْمُ مَكَان لَا مَصْدَرٌ لِأَنَّ الْأَصْنَافَ اسْمُ مَحَلِّ الزَّكَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَقِيرٌ إلَخْ. وَفِي كَلَامِهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ اللَّامَ الْوَاقِعَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] إلَخْ لِبَيَانِ الْمَصْرِفِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ وَالْمِلْكِ، وَإِلَّا لَكَانَ يُشْتَرَطُ تَعْمِيمُ الْأَصْنَافِ وَإِنَّمَا كَانَ الْمِسْكِينُ أَحْوَجَ مِنْ الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ مَنْ لَهُ بُلْغَةٌ لَا تَكْفِيهِ لِعَيْشِ عَامِهِ وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَكْسُهُ، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَكُلُّ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَعَ الْجَلَّابِ عَلَى تَرَادُفِهِمَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَيْسَ الْمَقْصُودُ طَلَبَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَلَا تُضَيِّعْ زَمَانَك فِي ذَلِكَ، إذْ كِلَاهُمَا يَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ اهـ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَوْله تَعَالَى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: 79] حَيْثُ أَثْبَتَ لِلْمَسَاكِينِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَسَاكِينُ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، فَلَا طَاقَةَ لَهُمْ بِدَفْعِ الْمَلِكِ عَنْ غَصْبِ سَفِينَتِهِمْ، وَهَذَا لَا يُنَافِي الْغِنَى، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ كَانُوا أُجَرَاءَ فِي السَّفِينَةِ

(ص) وَصُدِّقَا إلَّا لِرِيبَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا ادَّعَى الْفَقْرَ وَالْمَسْكَنَةَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إلَّا لِرِيبَةٍ بِأَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ كُلٍّ مِنْهُمَا يُخَالِفُ مَا يَدَّعِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدِّقُهُ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِيَالًا فَأَرَادَ الْأَخْذَ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَإِنَّ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى) رَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ الشَّيْخَ وَأَبَا سَعِيدٍ وَقَوْلُهُ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى هُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ قَالَ مُحَشِّي تت وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ اعْتِرَاضَ ح عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِهَذَا التَّعْقِيبِ وَجَعْلُ كَلَامِهِ خِلَافَ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأُمِّ مُحْتَمَلٌ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَلَيْسَ تَأْوِيلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ بِأَوْلَى مِنْ تَأْوِيلِ الشَّيْخِ وَأَبِي سَعِيدٍ حَتَّى يَجِبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: تُعْرَفُ عَلَى سُنَّتِهَا) لَكِنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ انْقِرَاضُ صَاحِبِهَا، أَوْ وَرَثَتِهِ أَنْ تَكُونَ كَمَالٍ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ فَمَوْضِعُهُ بَيْتُ الْمَالِ

. (قَوْلُهُ: وَمَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: كَعَنْبَرٍ) قَالَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنِي بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فَوَقَعَ إلَى جَزِيرَةٍ فَنَظَرَ إلَى شَجَرَةٍ مِثْلُ عِتْقِ الشَّاةِ وَإِذَا تَمْرُهَا عَنْبَرٌ قَالَ فَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَكْبَرَ فَنَأْخُذَهُ فَهَبَّتْ رِيحٌ فَأَلْقَتْهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ تَبْتَلِعُهُ أَوَّلَ مَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَيِّنٌ فَإِذَا ابْتَلَعَتْهُ قَلَّمَا تَسْلَمُ إلَّا قَتَلَهَا الْحَرَارَةُ الَّتِي فِيهِ فَإِذَا أَخَذَ الصَّيَّادُ السَّمَكَةَ وَجَدَهُ فِي بَطْنِهَا فَيَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ ثَمَرَةٌ نَبَتَتْ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ: فَلِوَاجِدِهِ) أَيْ آخِذِهِ لَا رَائِيهِ قَالَ الشَّارِحُ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا أَثَرَ لَهَا فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ الْيَدِ

[فَصْلٌ مَصَارِفُ الزَّكَاةِ]

(قَوْلُهُ: مِنْ أَجْزَاءِ الزَّكَاةِ إلَخْ) أَيْ: مِنْ أَنْوَاعِ الزَّكَاةِ مِنْ رُبُعِ الْعُشْرِ وَالْعُشْرِ وَنِصْفِهِ، وَإِطْلَاقُ الْأَجْزَاءِ عَلَى الْجُزْئِيَّاتِ مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَا تَجِبُ فِيهِ) أَيْ: الْقَدْرُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ، أَيْ: وَهُوَ أَرْبَعُونَ فِي الْغَنَمِ وَخَمْسَةٌ فِي الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحْوَجُ) أَحْوَجُ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنْ احْتَاجَ فَهُوَ شَاذٌّ قِيَاسًا لَا اسْتِعْمَالًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُبْنَى إلَّا مِنْ ثُلَاثِيٍّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَصَّلَ إلَى بِنَائِهِ مِنْ الْمَزِيدِ بِأَشَدَّ وَيَقُولُ: وَهُوَ أَشَدُّ حَاجَةً (قَوْلُهُ: لَا مَصْدَرٌ) أَيْ: وَلَا اسْمُ زَمَانٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَكَانَ إلَخْ) ظَاهِرٌ فِي الْمِلْكِ دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْإِعْطَاءُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: بُلْغَةٌ) بِضَمِّ الْبَاءِ مَا يَتَبَلَّغُ بِهِ مِنْ الْعَيْشِ وَلَا يَفْضُلُ (قَوْلُهُ: وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ) أَيْ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ» فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إنَّمَا سَأَلَ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إلَى التَّوَاضُعِ وَإِلَى اسْتِكَانَةِ الْقَلْبِ وَلَا يَكُونُ مِنْ الْجَبَّارِينَ، لَا الْمَسْكَنَةَ الَّتِي هِيَ نَوْعٌ مِنْ الْفَقْرِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ إذَا أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْمَسَاكِينِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالصَّقَلِّيِّ) هُوَ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ: تَرَادُفِهِمَا) أَيْ: بِأَنْ يُرَادَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الْمُحْتَاجُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ إلَخْ) قَدْ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ مَنْ قَالَ بِعَكْسِ الْمَشْهُورِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَسَاكِينُ إلَخْ) وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَجْوِبَةِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْجَرَةً لَهُمْ كَمَا يُقَالُ: هَذِهِ دَارُ فُلَانٍ إذَا كَانَ سَاكِنَهَا وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّوْا مَسَاكِينَ عَلَى جِهَةِ الرَّحْمَةِ وَالِاسْتِعْطَافِ، وَيَنْبَغِي لِلشَّخْصِ أَنْ يَخْتَارَ لِصَدَقَتِهِ أَهْلَ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ، فَإِنَّ سَدَّ خَلَّتِهِمْ أَوْلَى مِنْ سَدِّ خَلَّةِ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْكَنَةَ) أَيْ: أَوْ الْمَسْكَنَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ) أَيْ:، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، وَهَلْ يَكْفِي فِيهَا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي دَعْوَى الْمَدِينِ الْعُدْمَ

ص: 212

وَقَدَرَ عَلَى كَشْفِ ذَلِكَ كُشِفَ عَنْهُ وَإِلَّا صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَ طَارِئًا صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِيَسَارٍ كُلِّفَ بَيَانَ ذَهَابِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ صِنَاعَةٌ فِيهَا كِفَايَةٌ فَادَّعَى كَسَادَهَا صُدِّقَ، وَيُكَلَّفُ مُدَّعِي دَيْنٍ إثْبَاتَهُ وَالْعَجْزَ عَنْهُ إنْ كَانَ عَنْ مُبَايَعَةٍ لَا عَنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ

(ص) إنْ أَسْلَمَ وَتَحَرَّرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا حُرًّا فَلَا يُعْطَى كَافِرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاسُوسًا، أَوْ مُؤَلَّفًا، وَلَا يُعْطَى عَبْدٌ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِسَيِّدِهِ كَالزَّوْجَةِ بِزَوْجِهَا وَالْوَلَدِ بِوَالِدِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَلَا يَرِدُ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ كَأَنَّهَا اُشْتُرِطَتْ عَلَيْهِ بِمُكَاتَبَتِهِ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَيِّدِهِ أَسْقَطَ عَنْهُ فِي مُقَابَلَتِهَا جَانِبًا مِنْ الْكِتَابَةِ.

وَتُعْطَى لِذِي هَوًى خَفِيفٍ كَمُفَضِّلِ عَلِيٍّ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ، وَتُجْزِئُ لِلْخَارِجِيِّ وَالْقَدَرِيِّ وَنَحْوِهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَكْفِيرِهِمْ، وَيُعْطَى أَهْلُ الْمَعَاصِي مَا يَصْرِفُونَهُ فِي ضَرُورِيَّاتِهِمْ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ يُنْفِقُونَهَا فِي الْمَعَاصِي فَلَا يُعْطَوْا وَلَا تُجْزِئُ إنْ وَقَعَتْ

(ص) وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ، أَوْ إنْفَاقٍ، أَوْ صَنْعَةٍ (ش) أَيْ: وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِلْكِفَايَةِ إمَّا بِسَبَبِ مَالٍ قَلِيلٍ مَعَهُ لَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ، أَوْ إنْفَاقٍ أَيْ: عَلَيْهِ لَا يَكْفِيهِ، أَوْ صَنْعَةٍ لَا تَكْفِيهِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَدَعْوَى الْوَلَدِ الْعُدْمَ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ، وَانْظُرْ هَلْ يَحْلِفُ مَعَهُمَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ لَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؟ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صُدِّقَ) ظَاهِرُهُ بِلَا يَمِينٍ وَكَذَا قَوْلُهُ: صُدِّقَ (قَوْلُهُ: كُلِّفَ بَيَانَ ذَهَابِ مَالِهِ) وَهَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ؟ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى كَسَادَهَا صُدِّقَ) وَيُسْتَحْسَنُ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ فِيهَا كِفَايَةٌ، أَوْ لَا صُدِّقَ، هَذَا تَمَامُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ قَالَ عج: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ تُزْرِي بِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِصُدِّقَ أَوَّلًا، وَثَانِيًا يَقْتَضِي أَنَّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ (قَوْلُهُ: إثْبَاتُهُ إلَخْ) إثْبَاتُهُ يَحْصُلُ وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَإِثْبَاتُ عَجْزِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: عَنْ مُبَايَعَةٍ لَا عَنْ طَعَامٍ) أَيْ: لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تَظْهَرَ، وَقَوْلُهُ: لَا عَنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَخْفَى كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَيْ: فَلَا يُكَلَّفُ إثْبَاتَهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الطَّعَامَ لَمْ يَكُنْ اشْتَرَاهُ، فَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهِ وَأَكَلَهُ فَلَزِمَهُ، أَوْ افْتَرَضَهُ ثُمَّ يُقَالُ: وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ فِي التَّعَدِّي وَالْقَرْضِ حَتَّى قَالَ: لَا عَنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ، وَبَعْدُ فَأَقُولُ: لَعَلَّ الْعِبَارَةَ عَنْ مُبَايَعَةٍ فِي غَيْرِ طَعَامٍ لَا عَنْ طَعَامٍ مُتَّخَذٍ لِلْأَكْلِ، وَيَكُونُ الْفَرْقُ أَنَّ الطَّعَامَ الْمُتَّخَذَ لِلْأَكْلِ ضَرُورِيٌّ لَا يَسْتَغْنِي الْإِنْسَانُ عَنْهُ كُلَّ وَقْتٍ فَلَا يَتَعَرَّضُ فِيهِ لِلْإِشْهَادِ لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: إنْ أَسْلَمَ وَتَحَرَّرَ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ بَعْدَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ لِيَعُودَ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ مَا عَدَا الْمُؤَلَفَّةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْجَوَاهِرِ فِي شَرْطِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ ذِكْرِهِ الْأَصْنَافَ، قَالَ: فَهَؤُلَاءِ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْصُوفُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ كَافِرًا، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا ذَكَرَ فِي قِسْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ اهـ. لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ أَعَادَ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَصْنَافِ، وَكَذَا يُؤَخِّرُ قَوْلَهُ: وَعَدَمُ بُنُوَّةٍ كَمَا أَخَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَيُشْتَرَطُ خُرُوجُهُمْ عَنْ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أَيْ: وَالضَّمِيرُ فِي خُرُوجِهِمْ لِقَوْلِهِ: فَهَؤُلَاءِ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ مُحَشِّي تت

(قَوْلُهُ: كَالزَّوْجَةِ بِزَوْجِهَا) قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ: وَالْمَرْأَةُ يَغِيبُ عَنْهَا زَوْجُهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَلَا تَجِدُ مُسَلِّفًا تُعْطَى مَا تَحْتَاجُ أَيْ: مِنْ الزَّكَاةِ قَالَ بَعْضٌ: مَعْنَاهُ زَوْجُهَا مُوسِرٌ وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا أُعْطِيت، وَلَوْ وَجَدَتْ مُسَلِّفًا؛؛ لِأَنَّهَا لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَلَا يُعْطِي مِنْهَا فِي شُوَارِ يَتِيمَةٍ؛ لِعَدَمِ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ.

وَقَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ بِوَالِدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَالِدُ فَقِيرًا وَيَعْجِزُ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَنْهُ، كَذَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ الْمُكَاتَبُ) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ:؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِسَيِّدِهِ، أَيْ: بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُكَاتَبَ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ نَفَقَتَهُ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَيِّدِهِ؛؛ لِأَنَّهُ مَا كَاتَبَهُ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا مَثَلًا إلَّا لِكَوْنِهِ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْلَاهَا لَكَاتَبَهُ بِأَرْبَعِينَ، فَالْعَشَرَةُ الَّتِي أَسْقَطَهَا السَّيِّدُ فِي مُقَابَلَةِ النَّفَقَةِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ تت: فَإِنْ عَجَزَ سَادَاتُهُمْ بِيعَ مِنْهُمْ مَنْ يُبَاعُ وَعُجِّلَ عِتْقُ غَيْرِهِ اهـ.، وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ سَادَاتُهُمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ تت أَنَّهُ لَا يُؤَجَّرُ مِنْهُمْ مَنْ تَجُوزُ إجَارَتُهُ وَلَوْ كَانَ فِي أُجْرَتِهِ مَا يَفِي بِنَفَقَتِهِ، وَأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ وَلَا تُزَوَّجُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُؤَجَّرُ مَنْ يُؤَجَّرُ إنْ كَانَ فِي أُجْرَتِهِ مَا يَفِي بِنَفَقَتِهِ وَأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُزَوَّجُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِيعَ مَا يُبَاعُ وَعَتَقَ أُمُّ الْوَلَدِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِذِي هَوًى خَفِيفٍ) أَيْ: بِدْعَةٍ خَفِيفَةٍ لَا تَقْتَضِي الْكُفْرَ، وَلَا يُعْطَى إجْمَاعًا مَنْ يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ اتِّفَاقًا كَالْقَائِلِ بِنُبُوَّةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَأَنَّ جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام غَلِطَ،، وَالْقَائِلِ بِأَنَّ الْأَئِمَّةَ وَالْأَنْبِيَاءَ يَعْلَمُونَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَهَلْ الْإِعْطَاءُ لِذِي الْهَوَى الْخَفِيفِ خِلَافُ الْأَوْلَى، أَوْ مَكْرُوهٌ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ.

وَقَوْلُهُ: وَتُجْزِئُ لِخَارِجِيٍّ وَقَدَرِيٍّ، وَهَلْ يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ؟ .

(قَوْلُهُ: فِي ضَرُورِيَّاتِهِمْ) أَيْ: فِي الْأُمُورِ الَّتِي يُضْطَرُّونَ إلَيْهَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا، وَهَلْ الْمُرَادُ مَا يَلِيقُ بِحَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا أَوْ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْحَاجَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَائِقًا بِهِ؟ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِذُلِّ الْمَعْصِيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ: زَادَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ، أَيْ: إدْرَاكُ أَنَّهُمْ، أَيْ: بِأَنْ تَقَوَّى الظَّنُّ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ، أَوْ الظَّنِّ الضَّعِيفِ يُعْطَوْنَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنَّ وَحْدَهُ كَافٍ فِي عَدَمِ الْإِعْطَاءِ

. (قَوْلُهُ: إمَّا بِسَبَبِ مَالٍ قَلِيلٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي كَوْنِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ بِقَلِيلٍ لِلسَّبَبِيَّةِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَدَمُ الْكِفَايَةِ بِسَبَبِ الْمَالِ الْقَلِيلِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ، وَقَوْلُهُ: وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ لِلسَّبَبِيَّةِ، بَلْ لِلتَّعْدِيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ كِفَايَةٍ فَيَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ: بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ شَيْءٌ وَهُوَ الْمِسْكِينُ، أَوْ عِنْدَهُ مَا لَا يَكْفِيهِ لِبَقِيَّةِ عَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْكِفَايَةُ بِالْقَلِيلِ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فَيَصْدُقُ بِالصُّورَتَيْنِ، فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَنَقُولُ: لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِصُورَتَيْهِ لِحَقِيقَةِ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، فَعَدَمُ وُجُودِ شَيْءٍ أَصْلًا يَرْجِعُ لِحَقِيقَةِ الْمِسْكِينِ، وَعَدَمُ وُجُودِ مَا يَكْفِيهِ الْعَامَ يَرْجِعُ لِحَقِيقَةِ الْفَقِيرِ؛ إذْ الْفَقِيرُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ لَا يَكْفِيهِ الْعَامَ، وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا، كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَإِنْ قُلْت: مَا وَجْهُ صِدْقِهِ بِالصُّورَتَيْنِ؟ قُلْت: لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ إنْفَاقٍ لَا يَكْفِيهِ)

ص: 213

وَقَوْلُهُ: وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ يَصْدُقُ بِعَدَمِ الْقَلِيلِ مِنْ أَصْلِهِ وَبِوُجُودِهِ مَعَ عَدَمِ الْكِفَايَةِ لَكِنْ فِي الْأُولَى يُعْطَى مَا يَكْفِيهِ وَفِي الثَّانِيَةِ يُعْطَى تَمَامَ مَا يَكْفِيهِ

(ص) وَعَدَمُ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ لَا الْمُطَّلِبِ (ش) هَكَذَا الصَّوَابُ بِالنَّفْيِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ آلَهُ مَنْ اجْتَمَعَ مَعَهُ عليه الصلاة والسلام فِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبُ لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهُ عليه السلام فِي هَاشِمٍ؛ لِأَنَّ الْمُطَّلِبَ أَخُو هَاشِمٍ وَلَهُمَا أَيْضًا أَخَوَانِ عَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ، فَفَرْعُ كُلٍّ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ لَيْسَ بِآلٍ قَطْعًا، وَفَرْعُ هَاشِمٍ آلٌ قَطْعًا، وَفَرْعُ الْمُطَّلِبِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِآلٍ، وَأَمَّا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَابْنُ هَاشِمٍ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِهَاشِمٍ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُطَّلِبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ اسْمُهُ شَيْبَةُ وَهُوَ ابْنُ أَخِي الْمُطَّلِبِ لَا عَبْدُهُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي لَوْنِهِ السُّمْرَةُ سُمِّيَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ أَوْلَادُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَالْأَرْبَعَةُ إخْوَةٌ لِأَبٍ، وَالْمُطَّلِبُ وَهَاشِمٌ شَقِيقَانِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ شَقِيقَانِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، وَالْمُرَادُ بِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ مَنْ لِهَاشِمٍ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ غَيْرِ أُنْثَى فَلَا يَدْخُلُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَلَدُ بَنَاتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ الْغَيْرِ.

وَقَوْلُهُ (كَحَسَبٍ عَلَى عَدِيمٍ) مُشَبَّهٌ فِي الْمَفْهُومِ، أَيْ: فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَمْ تَجُزْ كَحَسَبٍ لِدَيْنِهِ الْكَائِنِ عَلَى عَدِيمٍ مِنْ زَكَاتِهِ، كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَسْقَطْته عَنْك مِنْ زَكَاةِ مَالِي وَإِذَا

ــ

[حاشية العدوي]

كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مُنْفِقٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مَثَلًا دِرْهَمًا وَلَا يَكْفِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ مَا يَشْمَلُ الْكُسْوَةَ فَمَنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ مَلِيئًا لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَلَوْ لَمْ يُجْرِهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِالْحُكْمِ فَلَمْ يَعْدَمْ الْكِفَايَةَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا إذَا كَانَ الْمَلِيءُ لَا يُمْكِنُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، أَوْ يَتَعَذَّرُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ لَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ عَنْ الْمَازِرِيِّ خِلَافَهُ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَيْضًا مَا نَصُّهُ ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ مَنْ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَكْسُوهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَوْ احْتَاجَ إلَى ضَرُورِيَّاتٍ أُخَرَ لَا يَقُومُ بِهَا الْمُنْفِقُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطَى مَا يَسُدُّ ضَرُورِيَّاتِهِ الشَّرْعِيَّةَ كَذَا فِي عج.

(فَائِدَةٌ) جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَهَابِ النَّاسِ لِلْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَقِيلَ: لَا يُعْطَوْنَ وَأَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ أَحَقُّ وَقِيلَ: بِالتَّفْصِيلِ إنْ أَقَامُوا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَيُعْطَوْنَ وَإِلَّا فَلَا، وَالصَّوَابُ الْإِعْطَاءُ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْبُرْزُلِيِّ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانُوا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَأَمَّا إذَا كَانُوا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ.

(قَوْلُهُ: فَمَنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِهَاشِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لِهَاشِمٍ غَيْرَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: نُظِرَ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ خَارِجًا أَنَّهُ لَمْ يَعْقُبْ مِنْ هَاشِمٍ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي لَوْنِهِ السُّمْرَةُ) أَيْ: الْحُمْرَةُ أَيْ: وَيُرْدِفُهُ خَلْفَهُ وَبِذَلِكَ ظَهَرَ عِلَّةُ التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْلَادُ عَبْدِ مَنَافٍ) فِي شب خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ أَبْنَاءُ عَبْدِ مَنَافٍ وَهُمَا أَخَوَانِ لِأَبٍ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ إخْوَةٌ لِأُمٍّ وَكَانَ عَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ فِي كَفَالَةِ عَبْدِ مَنَافٍ وَلَيْسَا ابْنَيْهِ، وَإِنَّمَا هُمَا ابْنَا زَوْجَتِهِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ.

(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ عَدَمِ إعْطَاءِ بَنِي هَاشِمٍ إذَا أُعْطُوا مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُعْطُوهُ وَأَضَرَّ بِهِمْ الْفَقْرُ أُعْطُوا مِنْهَا، وَإِعْطَاؤُهُمْ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِمْ قَالَهُ ح فِي الْخَصَائِصِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِلُوا إلَى إبَاحَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَقَيَّدَ الْبَاجِيُّ إعْطَاءَهُمْ بِوُصُولِهِمْ لَهَا وَلَعَلَّهُ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ الثَّابِتِ بِالْخَبَرِ إنَّمَا يَكُونُ بِحِلِّ الْمَيْتَةِ كَذَا فِي عب.

(أَقُولُ) : قَدْ ضَعُفَ الْيَقِينُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ فَإِعْطَاءُ الزَّكَاةِ لَهُمْ أَسْهَلُ مِنْ تَعَاطِيهِمْ خِدْمَةِ الذِّمِّيِّ وَالْفَاجِرِ وَالْكَافِرِ، وَتَجُوزُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ لِآلِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت نَصًّا فِي كِتَابٍ لِبَعْضِ عُلَمَاءِ الْمَغْرِبِ يَذْكُرُ فِيهِ مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ مِمَّا يُوَافِقُ مَا قُلْته وَأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَنَصُّهُ هَذَا أَيْضًا مِمَّا شَاعَ الْعَمَلُ بِهِ لِضَرُورَةِ الْوَقْتِ وَهُوَ التَّصَدُّقُ عَلَى الشُّرَفَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَأَخْذِهِمْ مِنْ صَدَقَةِ الصَّالِحِينَ وَغَيْرِهِمْ إلَى أَنْ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ غَازِيٍّ فِي بَعْضِ أَجْوِبَتِهِ مَا نَصُّهُ: الرَّابِعُ يَحِلُّ لَهُمْ التَّطَوُّعُ وَالْفَرِيضَةُ وَبِهِ الْقَضَاءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْفَاسِدِ الْوَضْعِ خَشْيَةً عَلَيْهِمْ مِنْ الضَّيْعَةِ لِمَنْعِهِمْ مِنْ حَقِّ ذِي الْقُرْبَى، فَأَمَّا الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ فَتَحِلُّ لَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْفُتْيَا الصَّدَقَاتُ، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَا تَحِلُّ لَهُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ بِوَجْهٍ وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَيْضًا صَدَقَةُ الْفَرِيضَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ صِفَةٌ مِنْ بَقَايَا صِفَةِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] ، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَارِئِ وَالْأُمِّيِّ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ اهـ. بِلَفْظِهِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ) تَفْسِيرٌ لِلْبُنُوَّةِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا لَا الْبُنُوَّةِ بِقَيْدِ هَذَا الْمَقَامِ لِأَنَّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ بِلَا وَاسِطَةٍ لَا يَأْتِي هُنَا (قَوْلُهُ: كَحَسَبٍ عَلَى عَدِيمٍ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَى عَدِيمٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ تَأَوُّلًا قِيمَةٌ لَهُ، أَوْ لَهُ قِيمَةٌ دُونَ، وَدَائِمًا الدَّيْنُ قِيمَتُهُ دُونَ وَلَوْ عَلَى مَلِيءٍ وَهُوَ حَالٌّ؛؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُومُ بِدُونٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسَاوِي النَّقْدَ فَقَدْ يَكُونُ قِيمَةُ الْعَشَرَةِ مَثَلًا خَمْسَةً فَيَكُونُ قَدْ أَخْرَجَ أَقَلَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كَحَسَبٍ عَلَى مَدِينٍ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ وَإِلَّا زَكَّى دَيْنَهُ النَّقْدَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ عَدَدُهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ هُنَاكَ مُخْرَجٌ عَنْهُ وَهُنَا مُخْرَجٌ ك وَفِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ: وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ " عَدِيمٍ " أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ، أَوْ كَانَ لِلْمَدِينِ دَارٌ، أَوْ خَادِمٌ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ حَسَبُهُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ إنْ كَانَ مِمَّا يُسَوَّغُ لَهُ قَبُولُهَا وَكَذَا فِي شَرْحِ عب إلَّا أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ شَارِحَنَا قَدْ نَسَبَ مَا قَالَهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْإِجْزَاءِ فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْحَطَّابُ، ثُمَّ إنْ عَلِمَ مِنْ حَالِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْسُبْ مَا عَلَى الْعَدِيمِ مِنْ زَكَاتِهِ لَمْ يُزَكِّ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِمَا قَالَ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ عَلَى قَوْلٍ أَحْسَنُ مِنْ لُزُومِهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ

ص: 214

قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِيمَا يَحْسُبُهُ عَلَى الْمُعْدِمِ، فَهَلْ يَسْقُطُ مَا حَسَبَهُ عَلَى الْعَدِيمِ مِنْ الدَّيْنِ عَنْهُ أَمْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَ (هـ) فِي شَرْحِهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَحْصُلْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَهَبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ لِلرَّاهِنِ وَتَلِفَ الرَّهْنُ كَمَا سَيَأْتِي

(ص) وَجَازَ لِمَوْلَاهُمْ (ش) أَيْ لِمَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَلِذَا جَمَعَ الضَّمِيرَ أَيْ وَجَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِعَتِيقِ بَنِي هَاشِمٍ

(ص) وَقَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ (ش) أَيْ وَجَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِقَادِرٍ عَلَى كَسْبِ مَا يَكْفِيهِ بِصَنْعَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا لَوْ تَكَلَّفَهُ لِوُجُودِ مَا يَحْتَرِفُ بِهِ بِالْمَوْضِعِ مَعَ الرَّوَاجِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى خِلَافُهُ

(ص) وَمَالِكِ نِصَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِمَنْ مَلَكَ نِصَابًا لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ الْخَادِمُ وَالدَّارُ الَّتِي تُنَاسِبُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكْفِيَهُ الَّذِي مَعَهُ حَوْلًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَكِفَايَةِ سَنَةٍ

(ص) وَدَفْعِ أَكْثَرِ مِنْهُ (ش) أَيْ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَدْفَعَ مِنْ زَكَاتِهِ لِلْفَقِيرِ الْوَاحِدِ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ وَلَوْ صَارَ بِهِ غَنِيًّا؛؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ بِوَصْفٍ جَائِزٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَدَفْعِ أَكْثَرِ مِنْهُ - وَلَوْ كَانَ النِّصَابُ يَكْفِيهِ سِنِينَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَكِفَايَةِ سَنَةٍ، أَنَّهُ لَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَفِي كَلَامِهِ تَدَافُعٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كِفَايَةَ سَنَةٍ لَا أَكْثَرَ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَوْلُهُ: وَكِفَايَةِ سَنَةٍ، يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ: وَدَفْعِ أَكْثَرِ مِنْهُ لِمَا تَقَرَّرَ، فَلِمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: دَفَعَ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ لِأَجْلِ وُجُودِ دَيْنٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَرُدُّ هَذَا مَا يَأْتِي لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ قَدْرَ الْمُعْطَى

(ص) وَكِفَايَةِ سَنَةٍ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ دَفْعُ كِفَايَةِ سَنَةٍ مِنْ الزَّكَاةِ لِلْفَقِيرِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمَدْفُوعُ فَوْقَ النِّصَابِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ لَا تُدْفَعُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِلَّا أَعْطَى مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا يُبَلِّغَهُ لِلْأُخْرَى

(ص) وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا لِمَدِينٍ ثُمَّ أَخْذِهَا مِنْهُ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَفَعَ زَكَاتَهُ لِمَدِينِهِ الْمُعْدِمِ ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ فِي دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ عَلَى ذَلِكَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ تَرَدُّدٌ لِلْأَشْيَاخِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا مَعَ التَّوَاطُؤِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يُعْطَهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، ثُمَّ إنَّ إتْيَانَ الْمُؤَلِّفِ بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرَاخِي يُرْشِدُ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَرَاخٍ بِأَنْ أَخَذَهَا عَقِبَ دَفْعِهَا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ: وَالْحُكْمُ الْمَنْعُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ لِحَمْلِهِمَا حِينَئِذٍ عَلَى التَّوَاطُؤِ

(ص) وَجَابٍ وَمُفَرِّقٌ (ش) مَرْفُوعَانِ عَطْفٌ عَلَى فَقِيرٍ وَالْأَوَّلُ مَرْفُوعٌ بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ: وَهُمَا الْيَاءُ وَالتَّنْوِينُ، وَالثَّانِي بِضَمَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْجَابِي مَنْ لَهُ مَدْخَلِيَّةٌ فِي الزَّكَاةِ فَدَخَلَ الْكَاتِبُ وَالْحَاشِرُ، وَأَمَّا الْقَاسِمُ فَيَدْخُلُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرُوهُ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ رَهْنِهِ فَلْيَرْجِعْ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَ الدَّيْنَ لِيُسْقِطَ عَنْهُ الضَّمَانَ هَكَذَا قَالَ أَشْهَبُ وَارْتَضَى النَّاسُ كَلَامَهُ

(قَوْلُهُ: وَلِذَا جَمَعَ الضَّمِيرَ) أَيْ: وَلَوْ رَجَعَ لِهَاشِمٍ لَمْ يَجْمَعْ، بَلْ لَا يَتَأَتَّى

(قَوْلُهُ: قَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ) أَيْ: وَلَمْ يَكْتَسِبْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لَوْ تَكَلَّفَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي فِعْلِهَا كُلْفَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّاقِ وَظَاهِرُ الْحَطَّابِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهَا كُلْفَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّأْنَ فِي ذَلِكَ الْكُلْفَةُ فَلَا خَوْفَ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى خِلَافُهُ) أَيْ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يُعْطَى لِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ عَنْ مَالِكٍ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ: فَيُعْطَى مَا يُكْمِلُ بِهِ السَّنَةَ

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كِفَايَةَ سَنَةٍ إلَخْ) فَحِينَئِذٍ لَا يُعْطَى مَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ وَلَوْ بِدُونِ نِصَابٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ فَقَوْلُهُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ نَشَأَ مِمَّا قَبْلُ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ) انْتِقَالٌ لِوَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ مَا كَانَ بِصَدَدِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ هَذَا مَا يَأْتِي إلَخْ) أَيْ: لَا يَرُدُّ هَذَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ وَمَدِينٍ أَيْ: عَنْ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ لِأَجْلِ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا رَدَّ؛ لِأَنَّ الْمُبَيَّنَ هُنَا لَمْ يُبَيَّنْ فِيمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ قَالَ هُنَا وَدَفْعُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَهَذَا الْجَوَابُ بَعِيدٌ

. (قَوْلُهُ: وَكِفَايَةِ سَنَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَةِ عَامٍ حَيْثُ كَانَ يُرْجَى لَهُ شَيْءٌ وَإِلَّا أُعْطِيَ مَا يُغْنِيهِ حَيْثُ كَانَ حَالَ الْأَخْذِ فَقِيرًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ إلَخْ) يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّنَةِ حَقِيقَتَهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا إعْطَاؤُهُ بِقَدْرِ مَا يُغْنِيهِ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُعْطَى فِيهِ، ثُمَّ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّاعِيَ لَا يُخْرِجُ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَيُجَابُ بِفَرْضِ ذَلِكَ فِي الْعَيْنِ وَفِي الْحَرْثِ كَالْقَمْحِ لَهُ أَوَانٌ، وَالذُّرَةِ لَهَا أَوَانٌ، وَالْأُرْزِ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَخَذَهَا) فَلَوْ أَخَذَ غَيْرَهَا لَأَجْزَأَ، أَوْ أَخَذَ دَيْنَهُ، ثُمَّ دَفَعَهَا لَأَجْزَأَ.

(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ لِلْأَشْيَاخِ إلَخْ) فَالْجَوَازُ رَأْيُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَنْعُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالْإِجْزَاءِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقُولَ بِالْجَوَازِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الشِّقَّيْنِ أَيْ: مَعَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) أَيْ: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ أَخْذَهُ بَعْدَ إعْطَائِهِ بِتَطَوُّعِ الْفَقِيرِ دُونَ تَقَدُّمِ شَرْطٍ أَجْزَأَهُ وَبِشَرْطٍ كَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ اهـ. أَيْ: الْجَزْمُ مَعَ تَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَتَرَدَّدَ وَنَصَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الزَّكَاةَ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ دَيْنِهِ فَانْظُرْ قَوْلَهُ: لَوْ دَفَعَ هَلْ هُوَ عَلَى التَّوَاطُؤِ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ،.

وَأَمَّا عَلَى التَّوَاطُؤِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يُعْطِ شَيْئًا فَهُوَ قَدْ تَرَدَّدَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِشَيْءٍ قَالَ مُحَشِّي تت: وَتَعْبِيرُ الْمُؤَلِّفِ بِثُمَّ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ حِينِهِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ شَرَطَ التَّرَاخِيَ اهـ. مُحَشِّي تت

(. قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْجَابِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ وَمُفَرِّقٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَاشِرُ) هُوَ الَّذِي يَجْمَعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ لِأَخْذِ مَا عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقَاسِمُ فَيَدْخُلُ

ص: 215

فِي الْمُفَرِّقِ وَيَخْرُجُ الرَّاعِي وَالسَّاقِي وَالْقَاضِي وَالْعَالِمُ وَالْمُفْتِي؛ لِأَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلِذَا لَوْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهُ أُعْطُوا (ص) حُرٌّ عَدْلٌ عَالِمٌ بِحُكْمِهَا (ش) أَيْ: وَكُلُّ حُرٍّ أَيْ: يُشْتَرَطُ فِي الْجَابِي وَالْمُفَرِّقِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمَا: الْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ وَالْعِلْمُ بِحُكْمِ الزَّكَاةِ فِيمَنْ تُدْفَعُ لَهُ، وَمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ، وَقَدْرِ مَا يُؤْخَذُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا الذُّكُورِيَّةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَذْكِيرِ الْأَوْصَافِ، وَالْبُلُوغُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ فِي بَابِ الْمَفْقُودِ فِي السَّاعِي إذْ جَعَلَهُ حَاكِمًا وَالْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ: عَدَالَةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِيمَا يَفْعَلُهُ فَعَدَالَةُ الْمُفَرِّقِ فِي تَفْرِقَتِهَا، وَالْجَابِي فِي جِبَايَتِهَا، وَهَكَذَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَالَةَ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا لَكَانَ قَوْلُهُ: حُرٌّ وَغَيْرُ كَافِرٍ مُكَرَّرًا وَاقْتَضَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَا مُرُوءَةٍ بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ إلَى آخِرِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَيْ: مَعَ أَنَّ ذَا لَا يُعْتَبَرُ، وَلَا عَدْلَ رِوَايَةٍ وَإِلَّا لَكَانَ قَوْلُهُ: وَغَيْرُ كَافِرٍ مُكَرَّرًا أَيْضًا، وَلَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَدْلُ رِوَايَةٍ

(ص) غَيْرُ هَاشِمِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ أَحَدٍ مِنْ آلِ النَّبِيِّ عليه السلام عَلَى الزَّكَاةِ وَهُمْ: بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُوهُمْ؛ لِأَنَّ أَخْذَهَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ عَلَيْهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا أَوْسَاخَ النَّاسِ وَعَنْ الْإِذْلَالِ فِي الْخِدْمَةِ لَهَا وَفِي سَبِّهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ: وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُجَاهِدِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ وَكَذَا فِي الْجَاسُوسِ حَيْثُ كَانَ مُسْلِمًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يُعْطَى وَلَوْ هَاشِمِيًّا لِخِسَّتِهِ بِالْكُفْرِ

(ص) وَكَافِرٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُسْتَعْمَلُ عَلَى جِبَايَةِ الزَّكَاةِ وَتَفْرِقَتِهَا، وَيُعْطَى الْعَامِلُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ غَنِيًّا) ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَتُهُ فَلَا تُنَافِي الْغِنَى وَكَوْنُهَا أَوْسَاخًا يُنَافِي نَفَاسَةَ آلِهِ عليه السلام

(ص) وَبُدِئَ بِهِ (ش) أَيْ: بِالْعَامِلِ قَبْلَ كُلِّ الْأَصْنَافِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَصِّلُ حَتَّى لَوْ حَصَلَتْ لَهُ مَشَقَّةٌ وَجَاءَ بِيَسِيرٍ لَا يُسَاوِي مِقْدَارَ أُجْرَتِهِ أَخَذَ جَمِيعَهُ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَفِي عِبَارَةٍ وَبُدِئَ بِهِ أَيْ: حَتَّى عَلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ سَدَّ الْخَلَّةِ أَفْضَلُ، وَتُقَدَّمُ الْمُؤَلَّفَةُ إنْ وُجِدُوا؛ لِأَنَّ الصَّوْنَ عَنْ النَّارِ مُقَدَّمٌ عَلَى الصَّوْنِ عَنْ الْجُوعِ، كَمَا يَبْدَأُ بِالْغَزْوِ إذَا خَشِيَ عَلَى النَّاسِ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ السَّبِيلِ إذَا لَحِقَهُ الضَّرَرُ عَلَى الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ فِي وَطَنِهِ اهـ. قَوْلُهُ: تُقَدَّمُ الْمُؤَلَّفَةُ إنْ وُجِدُوا أَيْ: عَلَى الْفُقَرَاءِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ: كَمَا يُبْدَأُ بِالْغَزْوِ إلَخْ الظَّاهِرُ حِينَئِذٍ يُبْدَأُ حَتَّى عَلَى الْعَامِلِ (ص) وَأَخَذَ الْفَقِيرُ بِوَصْفَيْهِ (ش) : وَصْفِ الْفَقْرِ

ــ

[حاشية العدوي]

فِي الْمُفَرِّقِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُفَرِّقَ كُلِّيٌّ وَالْقَاسِمَ مِنْ أَفْرَادِهِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ الرَّاعِي) وَمِثْلُهُ: الْحَارِسُ إلَخْ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ شَأْنَ الزَّكَاةِ الِاحْتِيَاجُ إلَى الْجَابِي وَالْكَاتِبِ وَالْحَاشِرِ وَالْمُفَرِّقِ بِخِلَافِ الرَّاعِي وَالسَّاقِي وَالْحَارِسِ فَالشَّأْنُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِمْ؛ لِكَوْنِهَا تُفَرَّقُ عِنْدَ أَخْذِهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَالسَّاقِي) مِنْ السَّقْيِ كَمَا قَالَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ وَالْقَاضِي وَالْعَالِمُ إلَخْ) أَيْ: قَاضِي الْمُسْلِمِينَ وَعَالِمُهُمْ وَمُفْتِيهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْقَاضِيَ فِي الزَّكَاةِ وَالْعَالِمَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي شُرُوطِ السَّاعِي عَدْلٌ عَالِمٌ، (قَوْلُهُ: وَلِذَا إذَا لَمْ يُعْطَوْا مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ فَقَدْ أَجَابَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الصَّالِحُ بْنُ سُلَيْمٍ الْأَوْجَلِيُّ حِينَ سُئِلَ عَنْ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ لِلْعَالِمِ الْغَنِيِّ وَالْقَاضِي وَالْمُدَرِّسِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِمَّنْ نَفْعُهُ عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَجُوزُ إعْطَاءُ الزَّكَاةِ لِلْقَارِئِ وَالْعَالِمِ وَالْمُعَلِّمِ وَمَنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ لِعُمُومِ نَفْعِهِمْ وَلِبَقَاءِ الدَّيْنِ كَمَا نَصَّ عَلَى جَوَازِهَا ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَقَدْ عَدَّهُمْ اللَّهُ سبحانه وتعالى فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي تُعْطَى لَهُمْ الزَّكَاةُ حَيْثُ قَالَ {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] يَعْنِي: الْمُجَاهِدَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِعُمُومِ نَفْعِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ فَيُعْطَى الْمُجَاهِدُ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي عُمُومِ النَّفْعِ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى الْعَالِمُ وَالْقَارِئُ وَالْمُعَلِّمُ وَالْمُؤَذِّنُونَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ بَقَاءَ الْإِسْلَامِ وَشُهْرَتَهُ وَتَعْظِيمَهُ وَإِرَاحَةَ الْقُلُوبِ عَلَيْهِ فَيَنْخَرِطُ ذَلِكَ فِي سِلْكِ قَوْله تَعَالَى {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] قَالَهُ مُحَمَّدٌ الصَّالِحُ بْنُ سُلَيْمٍ الْأَوْجَلِيُّ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: الْعُلَمَاءُ أَوْلَى بِالزَّكَاةِ وَلَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْفَاسِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ قَالَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ: هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَاتِبٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ.

وَفِي أَسْئِلَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجُوزُ لِلْعُلَمَاءِ الْفُقَرَاءِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ اهـ. أَيْ: فَقَيَّدَ بِالْفُقَرَاءِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: عَدْلٌ) فِي تَفْرِقَتِهَا لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذًا لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ عَدْلَ الشَّهَادَةِ وَلَا عَدْلَ الرِّوَايَةِ، بَلْ الْمُرَادُ الْعَدَالَةُ فِي التَّفْرِقَةِ يَشْمَلُ الْفَاسِقَ فَلَوْ قَالَ: غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَفَاسِقٍ لَكَانَ أَوْلَى لِخُرُوجِ الْكَافِرِ مِنْ بَابٍ أَحْرَى قَالَ السَّنْهُورِيُّ وَلَا يُسْتَعْمَلُ عَلَيْهَا فَاسِقٌ إذْ لَا أَمَانَةَ لَهُ قَالَ فِي ك فَلَا يُسْتَعْمَلُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ وَلَا الْكَافِرُ وَلَا الْمَرْأَةُ وَلَا الصَّبِيُّ وَلَا الْفَاسِقُ فَإِنْ اُسْتُعْمِلُوا اُعْطُوا أَجْرَ مِثْلِهِمْ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ: مِنْ حَيْثُ يُعْطَى الْعُمَّالُ وَالْوُلَاةُ، وَذَلِكَ مِنْ الْفَيْءِ قَالَ بَعْضٌ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ لِصِحَّةِ إعْطَاءِ الْجَابِي مِنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ كَوْنِهِ جَابِيًا كَالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَعَدَمِ الْهَاشِمِيَّةِ شَرْطَانِ فِي صِحَّةِ إعْطَائِهِ مِنْهَا ك

(قَوْلُهُ: غَيْرُ هَاشِمِيٍّ) فَلَا يُسْتَعْمَلُ جَابِيًا، أَوْ مُفَرِّقًا أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا يُعَدُّ بِهِ عَامِلًا عَلَيْهَا أَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ الْبَاجِيُّ يُجَوِّزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي الْحِرَاسَةِ وَالسُّوقِ الْهَاشِمِيُّ وَالذِّمِّيُّ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ مَحْضَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِي سَبَبِهَا) عَيَّنَ قَوْلَهُ لَهَا

(لَا يُسَاوِي مِقْدَارَ أُجْرَتِهِ)، بَلْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ قَدْرَ أُجْرَتِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي عِبَارَةٍ وَبُدِئَ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بُدِئَ الْعَامِلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ سَدَّ الْخَلَّةِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ إلَّا تَقْدِيمَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ عَلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَتُقَدَّمُ الْمُؤَلَّفَةُ) أَيْ: عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْفَقِيرِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمِسْكِينَ، وَالْخَلَّةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْفَقْرُ وَالْحَاجَةُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْفَقِيرُ بِوَصْفَيْهِ) لَكِنْ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْإِمَامِ وَكَذَا لَا يَأْخُذُ بِوَصْفِ الْغُرْمِ إذَا كَانَ مِدْيَانًا إلَّا بِإِعْطَاءِ إمَامٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْسِمُهَا فَلَا يُحْكَمُ لِنَفْسِهِ

ص: 216

وَالْعَمَلِ إنْ لَمْ يَفُتْهُ حَظُّ الْعَمَلِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ وَصْفَيْنِ أَوْ أَوْصَافٍ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ سَعَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ فِيمَا يَأْخُذُهُ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ أَوْ الْأَوْصَافِ مَا يَكْفِيهِ وَلَا يَقْصُرُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْعَامِلِ

(ص) وَلَا يُعْطَى حَارِسُ الْفِطْرَةِ (ش) بَلْ يُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهَا، أَمَّا بِوَصْفِ الْفَقْرِ فَيُعْطَى مِنْهَا، وَكَذَا جُبَاتُهَا أَيْ: وَلَا يُعْطَى أُجْرَةَ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا مَفْهُومَ لِلْفِطْرَةِ

(ص) وَمُؤَلَّفٌ كَافِرٌ لِيُسْلِمَ وَحُكْمُهُ بَاقٍ (ش) الصِّنْفُ الرَّابِعُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ وَهُمْ كُفَّارٌ يُعْطَوْنَ لِيَتَأَلَّفُوا عَلَى الْإِسْلَامِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ بَاقٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَكِنْ لَا يُعْطَوْنَ إلَّا وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِمْ اهـ.

وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ الْحَاجَةُ إلَى دُخُولِهِمْ الْإِسْلَامَ لِإِنْقَاذِهِمْ مِنْ الْكُفْرِ، أَوْ إلَى إعَانَتِهِمْ لَنَا فَعَلَى الثَّانِي لَا يُعْطَوْنَ إلَّا إنْ اُحْتِيجَ لِإِعَانَتِهِمْ فِي الْخِدْمَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْطَوْنَ إنْ عُلِمَ مِنْ حَالِ الْمُعْطَى التَّأَلُّفُ لِلْإِسْلَامِ بِالْإِعْطَاءِ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّارِحِ وَهُوَ الْمُلَائِمُ لِجَعْلِهِ شَرْطًا

(ص) وَرَقِيقٌ مُؤْمِنٌ وَلَوْ بِعَيْبٍ يُعْتَقُ مِنْهَا (ش) هَذَا هُوَ الصِّنْفُ الْخَامِسُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَهُوَ الرَّقِيقُ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُشْتَرَى مِنْ الزَّكَاةِ لِأَجْلِ الْعِتْقِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّلَامَةُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ مَعِيبًا عَيْبًا خَفِيفًا، أَوْ ثَقِيلًا كَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ إلَى الْإِعَانَةِ بِخِلَافِ الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ وَفِي عِبَارَةِ التَّنْوِينِ فِي بِعَيْبٍ لِلتَّعْظِيمِ إذْ هُوَ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَبَاؤُهُ لِلْمَعِيَّةِ وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ: حَيْثُ عَمَّمَ فِي الْعَيْبِ فَإِنَّ الْخَفِيفَ لَا يُنَاسِبُ الْمُبَالَغَةَ، وَغَايَرَ الْمُؤَلِّفَ فِي التَّعْبِيرِ حَيْثُ عَبَّرَ هُنَا بِمُؤْمِنٍ وَفِيمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: إنْ أَسْلَمَ تَفَنُّنًا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُسْلِمِ الْمُؤْمِنُ، وَبَنَى يُعْتَقُ لِلْمَجْهُولِ إشَارَةً إلَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْتِقَهُ الْإِمَامُ، أَوْ الْمُتَصَدِّقُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ

(ص) لَا عَقْدَ حُرِّيَّةٍ فِيهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ (ش) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الرَّقَبَةَ الَّتِي تُعْتَقُ مِنْ الزَّكَاةِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِنْ شَوَائِبِ الْحُرِّيَّةِ، وَيَكُونَ وَلَاءُ ذَلِكَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَصِحُّ عِتْقُ مُدَبَّرِهِ وَلَا مُكَاتَبِهِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْآخَرِ لَا يُرَدُّ وَلَا يُجْزِئُهُ

(ص) وَإِنْ اشْتَرَطَهُ لَهُ (ش) إنْ جُعِلَ مُبَالَغَةً فِيمَا قَبْلَهُ كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْوَلَاءِ، وَإِنْ جُعِلَ مُسْتَأْنَفًا وَجَوَابُهُ لَمْ يُجْزِهِ الْآتِي كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْعِتْقِ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَنِّي وَوَلَاؤُك لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ فَقَوْلُهُ:(أَوْ فَكَّ أَسِيرًا) عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَوْلُهُ: وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ وَصْفَيْنِ كَأَنْ يَكُونَ فَقِيرًا وَمِدْيَانًا.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا جُبَاتُهَا) أَيْ: يُعْطَوْنَ بِوَصْفِ الْفَقْرِ (قَوْلُهُ: فَلَا مَفْهُومَ لِلْفِطْرَةِ) بَلْ كَذَلِكَ حَارِسُ الزَّكَاةِ لَا يُعْطَى مِنْهَا

(قَوْلُهُ: وَمُؤَلَّفٌ كَافِرٌ إلَخْ) وَقِيلَ الْمُؤَلَّفَةُ مُسْلِمٌ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ يُعْطَى لِيَتَمَكَّنَ إسْلَامُهُ وَبِهِ صَدَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى عَزْوِهِ أَنَّهُ رَاجِحٌ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ بَاقٍ) تَبِعَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالصَّحِيحُ بَقَاءُ حُكْمِهِمْ؛ لِأَنَّهُ نَصَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَبِعَ ابْنَ بَشِيرٍ فِي تَعْبِيرِهِ بِالصَّحِيحِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ عَلَى مَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: إلَّا وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِمْ) أَيْ: إلَّا وَقْتَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِمْ أَيْ: أَنَّ الْمُؤَلَّفَ الْكَافِرَ لَا يُعْطَى لِعِلَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا وَقْتَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ: الْحَاجَةُ إلَى دُخُولِهِمْ الْإِسْلَامَ أَيْ: احْتِيَاجُنَا إلَى دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ: اتِّصَافُنَا بِالِاحْتِيَاجِ إلَى ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ إلَى إعَانَتِهِمْ لَنَا، أَوْ الْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِمْ احْتِيَاجُنَا لَهُمْ فِي الْخِدْمَةِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْطَوْنَ إنْ عُلِمَ أَيْ: أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا الثَّانِي أَيْ: فِي التَّفْرِيعِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُلَائِمُ أَيْ: الْمُنَاسِبُ لِجَعْلِهِ شَرْطًا أَيْ: لِجَعْلِ الِاحْتِيَاجِ شَرْطًا فِي الْإِعْطَاءِ لِلْمُؤَلَّفِ لِعِلَّةِ الْإِسْلَامِ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْطَوْنَ إلَّا بِشَرْطِ الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مُنَاسِبًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ إعْطَاءُ الْمُؤَلَّفِ لِعِلَّةِ الْإِسْلَامِ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ فِيهِ إلَّا اتِّصَافَنَا بِاحْتِيَاجِنَا لِدُخُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَعَلِمْنَا بِتَأْلِيفِهِ فَإِذَا لَمْ نَعْلَمْ بِالتَّأْلِيفِ فَلَا نَتَّصِفُ بِالِاحْتِيَاجِ لِدُخُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ فَصَارَ الْمَنْظُورُ لَهُ الْعِلْمَ بِالتَّأْلِيفِ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤَلَّفَ الْكَافِرَ لَا يُعْطَى لِعِلَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا لِعِلْمِنَا أَنَّنَا إذَا أَعْطَيْنَاهُ يُسْلِمُ فَإِذَا لَمْ نَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَا يُعْطَى وَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ فِيهِ احْتِيَاجَنَا لَهُ فِي الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاجَ لِلْخِدْمَةِ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِإِسْلَامٍ وَلَا عَدَمِهِ.

(ثُمَّ أَقُولُ) وَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَاجَةِ إلَى الْإِسْلَامِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ الْإِنْقَاذُ، بَلْ مِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا لَوْ نُظِرَ لِلْإِنْقَاذِ فَهُوَ أَمْرٌ دَائِمٌ لَا يُعْقَلُ جَعْلُهُ شَرْطًا

(قَوْلُهُ: يُعْتَقُ مِنْهَا) أَيْ: يُعْتَقُ بِثَمَنٍ يُشْتَرَى مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَهُ مَالِكُهُ بِغَيْرِ شِرَائِهِ مِنْهَا إلَّا أَنَّ اللَّخْمِيَّ سَوَّى بَيْنَ شِرَائِهِ مِنْهَا، وَعِتْقِ الْمَالِكِ بِقِيمَتِهِ عَنْ زَكَاتِهِ وَارْتَضَاهُ مُحَشِّي تت وَاسْتَظْهَرَ الْإِجْزَاءَ إذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ زَكَاتِي، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ خِلَافَهُ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَلَا يُجْزِئُ وَإِنْ دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ فَاشْتَرَى بِهَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الدَّافِعِ بِالشِّرَاءِ وَأَعْتَقَهُ الْحَاكِمُ جَازَ وَيُعْتَقُ فِي الْمُصَنَّفِ صِفَةٌ، أَوْ حَالٌ مُنْتَظَرَةٌ وَأَصْلُهُ أَنْ يُعْتَقَ فَحُذِفَ النَّاصِبُ فَارْتَفَعَ الْفِعْلُ، وَالشَّاذُّ هُوَ بَقَاءُ النَّصْبِ مَعَ حَذْفِ النَّاصِبِ قَالَهُ الْبَدْرُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إعَانَةُ الْمُكَاتَبِينَ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِمْ بِمَا يُعْتَقُونَ بِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ) أَيْ: أَنَّ ذَا الْعَيْبِ أَشَدُّ احْتِيَاجًا إلَى الْعِتْقِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا صَارَ حُرًّا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَمِنْ غَيْرِهَا وَلَا يُوكَلُ أَمْرُهُ إلَى سَيِّدِهِ

(قَوْلُهُ: لَا يَرِدُ وَلَا يُجْزِئُهُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ (قَوْلُهُ: كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْعِتْقِ) وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا إنْ اُشْتُرِطَ الْعِتْقُ لَهُ وَقَوْلُهُ وَوَلَاؤُك إلَخْ ذِكْرُهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ قَالَ مُحَشِّي تت: وَالْحَاصِلُ إنْ أَعْتَقَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يُجْزِئُ سَوَاءٌ

ص: 217

الْأَوَّلِ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ أَيْ: أَوَانَ فَكَّ أَسِيرًا، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى اشْتَرَطَهُ وَقَوْلُهُ:(لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ: وَالْعِتْقُ وَالْفَكُّ مَاضٍ فِيهِمَا

(ص) وَمَدِينٌ وَلَوْ مَاتَ يُحْبَسُ فِيهِ (ش) هَذَا هُوَ الصِّنْفُ السَّادِسُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة: 60] وَالْمُرَادُ بِالْمَدِينِ هُنَا الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْغُرَمَاءِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ الَّذِينَ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ فِي الْفَلَسِ فَخَرَجَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَدِينِ بَيْنَ كَوْنِهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا فَيَأْخُذُ مِنْهَا السُّلْطَانُ لِيَقْضِيَ بِهَا دَيْنَ الْمَيِّتِ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: دَيْنُ الْمَيِّتِ أَحَقُّ مِنْ دَيْنِ الْحَيِّ فِي أَخْذِهِ مِنْ الزَّكَاةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْمَدِينِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ مِمَّا يُحْبَسُ فِيهِ كَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا لَا يُحْبَسُ فِيهِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا؛ لِوَفَاءِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّينَ

(ص) لَا فِي فَسَادٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: قَدْ اسْتَدَانَهُ وَوَضَعَهُ فِي مَصَالِحِهِ لَا فِي فَسَادٍ: كَزِنًا وَخَمْرٍ وَقِمَارٍ وَغَصْبٍ فَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ

(ص) وَلَا لِأَخْذِهَا (ش) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ: وَلَا إنْ اسْتَدَانَ لِأَخْذِهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَدَايَنَ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ فَاتَّسَعَ فِي الْإِنْفَاقِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ فَلَا يُعْطَى، وَأَمَّا إذَا اسْتَدَانَ لِلضَّرُورَةِ نَاوِيًا أَدَاءَ ذَلِكَ مِنْ الزَّكَاةِ فَلَا مَنْعَ وَقَوْلُهُ:(إلَّا أَنْ يَتُوبَ عَلَى الْأَحْسَنِ) رَجَّعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ لِقَوْلِهِ: لَا فِي فَسَادٍ

(ص) إنْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ مِنْ عَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ لَا يُعْطَى شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ لِوَفَاءِ مَا عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ دَفْعِ مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ لِلْغُرَمَاءِ، مَثَلًا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَبِيَدِهِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ إلَّا بَعْدَ إعْطَاءِ الْعِشْرِينَ الَّتِي بِيَدِهِ لِلْغُرَمَاءِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ عِشْرُونَ فَحِينَئِذٍ يُعْطَى وَيَكُونُ مِنْ الْغَارِمِينَ

(ص) وَفَضَلَ غَيْرُهَا (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْعَيْنِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمِدْيَانَ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ دَفْعِ الْفَاضِلِ مِمَّا بِيَدِهِ غَيْرَ الْعَيْنِ لِلْغُرَمَاءِ، مَثَلًا لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي خَمْسِينَ دِينَارًا وَيُنَاسِبُهُ دَارٌ بِثَلَاثِينَ فَإِنَّ تِلْكَ الدَّارَ تُبَاعُ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَى لَهُ دَارٌ تُنَاسِبُهُ وَيَدْفَعُ الْفَاضِلَ: وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا لِلْغُرَمَاءِ ثُمَّ يُوَفِّي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الْفَاضِلُ يُسَاوِي مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِلْغُرَمَاءِ وَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا إذْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَصِيرُ فَقِيرًا لَا غَارِمًا

(ص) وَمُجَاهِدٌ وَآلَتُهُ وَلَوْ غَنِيًّا (ش) هَذَا هُوَ الصِّنْفُ السَّابِعُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَهُوَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

أَطْلَقَ، أَوْ قَالَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِيهِمَا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَاشْتَرَطَ وَلَاءَهُ لَهُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيُجْزِئُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ إنْ فَكَّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِتْيَانَ بِأَوْ يُبْعِدُ جَعْلَهُ مُسْتَأْنَفًا وَجَعْلَ أَوْ إنْ مُبَالَغَةً، بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ " وَإِنْ أَيْ " شَرْطِيَّةٌ، وَقَوْلَهُ أَوْ فَكَّ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ فَكَّ أَسِيرًا أَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا لِمَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ بِثَمَنٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي ذِمَّةِ الْأَسِيرِ، أَوْ اشْتَرَى نَفْسَهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لَأَجْزَأَ فَالْمُرَادُ: فَكُّ أَسِيرٍ مِنْ الْعَدُوِّ بِالزَّكَاةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَكَّ لِغَيْرِهِ وَبِهِ قَرَّرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَأَمَّا فَكُّهُ بِزَكَاةِ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ.

(قَوْلُهُ: يُحْبَسُ فِيهِ) أَيْ: شَأْنُهُ أَنْ يُحْبَسَ فِيهِ فَدَخَلَ دَيْنُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ فَيَدْفَعُ الزَّكَاةَ لِلْوَالِدِ يَقْضِي بِهَا دَيْنَ ابْنِهِ وَفِي الْفِيشِيِّ عَلَى الْعِزِّيَّةِ لَا يُعْطَى وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَدَخَلَ أَيْضًا: الدَّيْنُ عَلَى الْمُعْدِمِ فَإِنَّ شَأْنَ كُلِّ الْحَبْسِ فِيهِ وَعَرَضَ عَلَى الْحَبْسِ عَارِضُ الْأُبُوَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْعُدْمِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ دَيْنُ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الْحَيِّ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ إلَخْ) أَيْ: أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ كِفَايَتُهُ إلَّا أَنَّهُ اسْتَدَانَ زِيَادَةً عَلَى مَا بِهِ الْحَاجَةُ فَالزَّائِدُ لَا يُعْطَى لِأَجْلِ قَضَائِهِ، وَكَذَا لَا يُعْطَى مِنْهَا مَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مِثْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَتُوبَ أَوْ يُخَافَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِضَرُورَةٍ نَاوِيًا إلَخْ) فِي ك، وَوَجْهُ ذَلِكَ بَيِّنٌ وَهُوَ أَنَّ الْأَوَّلَ غَنِيٌّ وَاحْتَالَ لِيَكُونَ مِدْيَانًا فَهَذَا قَصْدٌ ذَمِيمٌ فَيُعَامَلُ بِنَقِيضِهِ، وَالثَّانِي مَقْصِدُهُ صَحِيحٌ فَيُوَفَّى لَهُ بِقَصْدِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْأَصْلِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَيَضُرُّ بِهِ أَكْلُ اللَّحْمِ الْخَشِنِ أَنَّهُ إذَا اسْتَدَانَ لِأَكْلِ الضَّأْنِ لِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي يَصْلُحُ بِهِ لَا غَيْرُهُ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: رَجَّعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَانْظُرْ هَلْ يُجْزِئُ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ يُقَالُ التَّدَايُنُ لِأَخْذِهَا لَيْسَ مُحَرَّمًا حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّوْبَةِ اهـ.

وَعَلَيْهِ فَمَنْ تَدَايَنَ لِأَجْلِ أَخْذِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يُعْطَى بِحَالٍ كَذَا فِي عب (أَقُولُ) : وَالظَّاهِرُ الْجَرَيَانُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْمُحَرَّمِ وَمَنْدُوبَةٌ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مُصَرَّحًا وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت فِيمَا نُقِلَ عَنْ اللَّقَانِيِّ أَنَّهُ يُمْكِنُ رُجُوحُهُ لِلثَّانِيَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَدَايَنَ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ كَانَ سَفِيهًا وَالسَّفَهُ حَرَامٌ اهـ.

(إنْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ لَيْسَ إعْطَاءُ الْعَيْنِ وَفَضْلُ غَيْرِهَا بِالْفِعْلِ شَرْطًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا بَلْ يَكْفِي أَنْ يُقَدَّرَ إنْ لَوْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ مِنْ الْعَيْنِ وَفَضَلَ غَيْرُهَا مِنْ دَارٍ وَنَحْوِهِ يُوَفِّي مَا عَلَيْهِ فَلَا يُعْطَى إلَّا مِنْ حَيْثُ الْفَقْرُ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ فَيُعْطَى تَمَامَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَى لَهُ دَارٌ تُنَاسِبُهُ) فِي عب وَيَكْفِي الِاسْتِبْدَالُ بِمَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ، وَكَذَا الْمَرْكُوبُ وَإِنْ لَمْ يُنَاسِبْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَكَذَا عِبَارَةُ غَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ: وَيَكْفِيهِ دَارٌ إلَخْ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْكِفَايَةِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْمُنَاسَبَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ مِمَّا قَالَهُ شَارِحُنَا وَفِي شَرْحِ شب، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدِينَ يُعْطَى مِنْهَا وَلَوْ كَانَ هَاشِمِيًّا إذْ لَا مَذَلَّةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ مَذَلَّةَ الدَّيْنِ أَعْظَمُ مِنْ مَذَلَّةِ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ فِي دَيْنِهِ وَنُظِرَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَمِنْ الْمَدِينِ الْمُصَادَرُ مِنْ ظَالِمٍ إنْ فَكَّهُ مِنْهُ شَخْصٌ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْمُصَادَرِ بِالْفَتْحِ

ص: 218

قَوْله تَعَالَى {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ: الْمُتَلَبِّسَ بِهِ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُعْطَى أَيْضًا لِأَجْلِ آلَةِ الْجِهَادِ: مِنْ سِلَاحٍ وَرُمْحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آلَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُجَاهِدِ هُنَا مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا ذَكَرًا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا قَادِرًا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ

(ص) كَجَاسُوسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَاسُوسَ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ سَاعٍ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ: وَهُوَ شَخْصٌ يُرْسِلُهُ الْإِمَامُ لِيَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَاتِ الْعَدُوِّ وَيَعْلَمَ حَالَهُمْ، ثُمَّ يُعْلِمَنَا بِذَلِكَ لِنَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ

(ص) لَا سُورٍ وَمَرْكَبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّكَاةَ لَا يَجُوزُ عَمَلُ سُورٍ مِنْهَا وَلَا مَرْكَبٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِثْلُ السُّورِ وَالْمَرْكَبِ: الْفَقِيهُ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ قَالَ فِي الْجَلَّابِ وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَقَاتِ فِي غَيْرِ الْوُجُوهِ الْمُبَيَّنَةِ: مِنْ عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ أَوْ بِنَاءِ الْقَنَاطِرِ أَوْ تَكْفِينِ الْمَوْتَى أَوْ فَكِّ الْأَسَارَى أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ

(ص) وَغَرِيبٍ مُحْتَاجٍ لِمَا يُوَصِّلُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا وَهُوَ مَلِيءٌ بِبَلَدِهِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى الصِّنْفِ الثَّامِنِ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ وَهُوَ آخِرُهَا، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ابْنَ السَّبِيلِ؛ الْغَرِيبُ الْمُنْقَطِعُ يُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ إلَى مَا يُوَصِّلُهُ إلَى وَطَنِهِ، فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِمَا يُوَصِّلُهُ فَلَا يُعْطَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إنَّمَا هُوَ إيصَالُهُ إلَى بَلَدِهِ بِخِلَافِ الْمُجَاهِدِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فِي الْمَوْضِعِ الْمُقِيمِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِرْهَابُ.

الثَّانِي أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ كَمَنْ خَرَجَ لِقَتْلِ نَفْسٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ.

الثَّالِثُ أَنْ لَا يَجِدَ مُسَلِّفًا لَهُ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَهُوَ شَرْطٌ عَدَمِيٌّ مَشْرُوطٌ بِوُجُودِيٍّ يَعْنِي إنَّمَا يُعْطَى إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُسَلِّفُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا فِي بَلَدِهِ، فَإِنْ وُجِدَ وَهُوَ غَنِيٌّ انْتَفَى أَحَدُهُمَا فَانْتَفَى لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَخْذُهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنْ، وُجِدَ وَهُوَ فَقِيرٌ كَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ ضِدِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَهُوَ فَقِيرٌ فَهُوَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ، وَلَوْ قَالَ: وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا مُطْلَقًا أَوْ وَجَدَهُ وَهُوَ عَدِيمٌ بِبَلَدِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمَعْنَى، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصُدِّقَ) إلَى أَنَّ الْغَرِيبَ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إذَا كَانَ عَلَى هَيْئَةِ الْفُقَرَاءِ إذْ لَا يَجِدُ مَنْ يَعْرِفُهُ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ مَالِكٌ: وَأَيْنَ يَجِدُ مَنْ يَعْرِفُهُ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ.

(ص) وَإِنْ جَلَسَ نُزِعَتْ مِنْهُ كَغَازٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ وَالْغَازِي إذَا أَخَذَ مِنْ الزَّكَاةِ لِيَغْزُوَ بِهِ أَوْ لِيُسَافِرَ إلَى بَلَدِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَلْ جَلَسَ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُرَدُّ إلَى مَحَلِّهَا إلَّا أَنْ يُسَوَّغَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ بِوَصْفِ الْفَقْرِ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمِدْيَانُ إذَا أَخَذَ مِنْ الزَّكَاةِ لِأَجْلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَاسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَلَبِّسَ بِهِ) أَيْ: فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَتَى بِاسْمِ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّلَبُّسَ بِهِ يَحْصُلُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، أَوْ فِي السَّفَرِ لَهُ حَيْثُ اُحْتِيجَ لَهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُرَابِطُ الْمُتَلَبِّسُ بِالرِّبَاطِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ فِي غَزْوِهِ مَا يُغْنِيهِ وَهُوَ غَنِيٌّ بِبَلَدِهِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آلَتِهِ) كَالْخَيْلِ إلَخْ وَيَبْقَى ذَلِكَ لِلْمُجَاهِدِينَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْلِمًا جَاسُوسًا

(قَوْلُهُ: لَا سُورٍ) يَتَحَفَّظُ بِهِ مِنْ الْكُفَّارِ وَلَا مَرْكَبٍ يُقَاتِلُونَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا أَعَمُّ مِمَّا هُوَ الْمَقْصُودُ الْآنَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ أَنَّهُ يُنْشَأُ مِنْهَا الْمَرَاكِبُ لِلْغَزْوِ وَيُعْطَى مِنْهَا كِرَاءُ النَّوَاتِيَّةِ وَيُبْنَى مِنْهَا حِصْنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: الْفَقِيهُ) أَيْ: يُدَرِّسُ، أَوْ يُفْتِي أَيْ: إذَا كَانُوا يُعْطَوْنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَيُعْطَوْنَ، وَيُعْطَى الْفَقِيهُ وَلَوْ كَثُرَتْ كُتُبُهُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ قَابِلِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ قَابِلِيَّةٌ لَمْ يُعْطَ إلَّا أَنْ تَكُونَ كُتُبُهُ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ وَقَوْلُهُ، وَالْإِمَامُ أَيْ: إمَامُ مَسْجِدٍ أَيْ: حَيْثُ أُجْرِيَ رِزْقُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا أُعْطُوهَا كَمَا فِي عب

(قَوْلُهُ: وَغَرِيبٌ) مُسْلِمٌ غَيْرُ هَاشِمِيٍّ (قَوْلُهُ: لِمَا يُوَصِّلُهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِمَا يُنْفِقُهُ فَإِنْ احْتَاجَ لِمَا يُنْفِقُهُ أُعْطِيَ لَهُ أَيْضًا وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ يُجْزِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا؟ .

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِغَرِيبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ رَائِحَةِ الْفِعْلِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مَلِيءٌ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ ضَمِيرِ " يَجِدْ " وَهُوَ جُزْءُ شَرْطٍ لَا شَرْطٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، الْمَشْهُورُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ الْغَازِي وَضَعُفَ بِعَطْفِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي الْآيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِرْهَابُ) أَيْ: وَبِدَفْعِ الزَّكَاةِ لَهُ بِتَقَوِّي بَأْسِهِ فَيَحْصُلُ لِلْعَدُوِّ إرْهَابٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، وَأَمَّا الْعَاصِي فِيهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ إعْطَاؤُهُ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَالْقَصْرِ فِي الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ) أَيْ: وَإِلَّا أَنْ يَتُوبَ فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ حُصُولَ التَّوْبَةِ مِنْهُ مُسَوِّغٌ لِإِعْطَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ الْمَوْتُ كَذَا يَنْبَغِي، وَالْأَحْسَنُ مَا فِي شَرْحِ شب مِنْ أَنَّهُ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَقَطْ، وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَوْبَةٌ لَا يُعْطَى حَيْثُ خَرَجَ لِقَتْلٍ، أَوْ هَتْكِ حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ: فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ) الْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ الْأَخْذِ وَإِذَا انْتَفَى عَدَمُ الْأَخْذِ ثَبَتَ الْأَخْذُ فَالْحُكْمُ هُنَا غَيْرُ الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَوْ قَالَ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ وَهُوَ الْأَخْذُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْفَقْرُ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ شَرْطِ ضِدِّهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِوُجُودِ شَرْطِ ضِدِّهِ أَيْ: لِوُجُودِ شَرْطِ الْأَخْذِ وَهُوَ الْفَقْرُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ: أَنْ لَا يَجِدَ مُسَلِّفًا مُطْلَقًا، أَوْ وَجَدَ وَهُوَ عَدِيمٌ بِبَلَدِهِ فَلَوْ وَجَدَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ بِهَا لَمْ يُعْطَ (قَوْلُهُ: إذَا ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ السَّبِيلِ) أَيْ: مُحْتَاجٌ لِمَا يُوَصِّلُهُ لِبَلَدِهِ، وَقَوْلُهُ كَغَازٍ أُعْطِيَ بِرَسْمِ الْغَزْوِ وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً.

ص: 219

قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ لِلْغُرَمَاءِ فِي دَيْنِهِ فَهَلْ يُنْتَزَعُ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلَّخْمِيِّ وَحْدَهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (ص) وَفِي غَارِمٍ يَسْتَغْنِي تَرَدُّدٌ (ش) وَلَا وَجْهَ لِحِكَايَةِ التَّرَدُّدِ، وَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ أَنْ يَقُولَ: وَاخْتَارَ أَخْذَهَا مِنْ غَارِمٍ اسْتَغْنَى ثُمَّ إنَّ التَّعْبِيرَ بِنُزِعَتْ يَقْتَضِي أَنَّهَا بَاقِيَةٌ، فَلَوْ ذَهَبَتْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْغَازِي فَإِنَّهَا تُنْزَعُ مِنْهُ إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً، وَتَكُونُ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْأَصْنَافِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى كَيْفِيَّةِ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ:

(ص) وَنُدِبَ إيثَارُ الْمُضْطَرِّ دُونَ عُمُومِ الْأَصْنَافِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُتَوَلِّي تَفْرِقَةُ الزَّكَاةِ إمَامًا أَوْ مَالِكًا إيثَارُ الْمُضْطَرِّ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبُلْدَانِ وَالْأَصْنَافِ عَلَى بَعْضِهَا وَإِفْرَادُ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى بَقِيَّتِهَا بِأَنْ يُزَادَ فِي إعْطَائِهِ، وَأَمَّا عُمُومُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَعُمَّهَا عِنْدَ وُجُودِهَا، خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَلَا يُنْدَبُ أَيْضًا فَيَجُوزُ دَفْعُ جَمِيعِهَا الصِّنْفُ وَاحِدٌ مَعَ إمْكَانِ تَعْمِيمِهِمْ، وَلَوْ الْعَامِلُ إذَا أَتَى بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُسَاوِي تَعَبَهُ، وَلِشَخْصٍ وَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ اللَّامَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] الْآيَةَ لِبَيَانِ الْمَصْرِفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ أَيْ: إنَّمَا الصَّدَقَاتُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْإِعْطَاءُ بِالْفِعْلِ لَا لِلْمِلْكِ، أَمَّا إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ أَوْ شَخْصٌ مِنْهُ أَجْزَأَ الْإِعْطَاءُ لَهُ إجْمَاعًا وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ تَعْمِيمَ الْأَصْنَافِ إذَا وُجِدُوا، وَلَا يَجِبُ تَعْمِيمُ آحَادِهِمْ إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَاسْتَحَبَّ أَصْبَغُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ قَالَ: لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الْعِلْمُ بِاسْتِحْقَاقِهِمْ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَصَالِحِ مِنْ سَدِّ الْخَلَّةِ وَالْغَزْوِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِمَا يُوجِبُهُ مِنْ دُعَاءِ الْجَمِيعِ وَمُصَادَقَةِ وَلِيٍّ فِيهِ.

(ص) وَالِاسْتِنَابَةُ وَقَدْ تَجِبُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ تُسْتَحَبُّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَلِيَهَا بِنَفْسِهِ خَوْفَ الْمَحْمَدَةِ وَالثَّنَاءِ، وَعَمَلُ السِّرِّ أَفْضَلُ وَقَدْ تَجِبُ الِاسْتِنَابَةُ عَلَى مَنْ تَحَقَّقَ وُقُوعُ الرِّيَاءِ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ بِأَحْكَامِهَا وَمَصْرِفِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ إنْ طَلَبَ فَقَالَ قَدْ أَخْرَجْتهَا فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ انْتَهَى.

وَمِنْ آدَابِهَا دَفْعُهَا بِالْيَمِينِ، وَدُعَاءُ الْمُصَدِّقِ وَالْإِمَامِ لِدَافِعِهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَأَوْجَبَهُ دَاوُد وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ: فِي قَوَاعِدِهِ مِنْ آدَابِ الزَّكَاةِ أَنْ يَسْتُرَهَا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَقَدْ قِيلَ: الْإِظْهَارُ فِي الْفَضَائِلِ أَفْضَلُ وَنَحْوُهُ لِسَيِّدِي زَرُّوقٍ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ تَرْكَهَا فَيُسْتَحَبُّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ لِلَّخْمِيِّ وَحْدَهُ) فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي الْغَارِمِ يَأْخُذُ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ، ثُمَّ يَسْتَغْنِي قَبْلَ أَدَائِهِ إشْكَالٌ، وَلَوْ قِيلَ يُنْزَعُ مِنْهُ لَكَانَ وَجْهًا، وَتَقَدَّمَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ كَمَا هُنَا، وَتَبَيَّنَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ اخْتَارَ أَنَّهَا تُنْزَعُ فَلَا وَجْهَ لِحِكَايَةِ التَّرَدُّدِ؛ فَلِذَا قَالَ: وَلَا وَجْهَ لِحِكَايَةِ التَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ مَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى النِّزَاعِ

(قَوْلُهُ: عَلَى بَعْضِهَا) بِأَنْ يُقَدِّمَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضِهَا، بِأَنْ يُقَدِّمَ هَذِهِ الْبَلَدَ عَلَى هَذِهِ الْبَلَدِ وَلَوْ كَانَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ: فُقَرَاءَ، أَوْ مَسَاكِينَ، وَيُقَدِّمَ صِنْفَ الْمَسَاكِينِ عَلَى صِنْفِ الْفُقَرَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالِاضْطِرَارِ شِدَّةُ الِاحْتِيَاجِ.

وَقَوْلُهُ: وَأَفْرَادِ كُلِّ صِنْفٍ إلَخْ فَإِنَّ الْمَسْكَنَةَ مَقُولَةٌ بِالتَّشْكِيكِ، وَكَذَا الْفَقْرُ، وَقَوْلُهُ وَأَفْرَادُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْبُلْدَانِ وَقَوْلُهُ: عَلَى بَقِيَّتِهَا مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: بِأَنْ يُقَدِّمَ بَعْضَهَا عَلَى بَقِيَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْدَبُ أَيْضًا إلَخْ) إلَّا أَنْ يَقْصِدَ رَعْيَ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَيَعُمُّ لِنَدْبِ مُرَاعَاتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا يُسَاوِي تَعَبَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُسَاوِي تَعَبَهُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ قَالَ فِي ك مَا نَصُّهُ قَالَ الْحَطَّابُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا لَوْ دُفِعَتْ لِصِنْفٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ أَيْ: وَيَجُوزُ إلَّا الْعَامِلَ فَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَتْ قَدْرَ عَمَلِهِ اهـ. قُلْت الَّذِي فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا: إنَّهَا لَا تُدْفَعُ إلَّا إذَا كَانَتْ شَيْئًا يَسِيرًا لَا يُسَاوِي عَمَلَهُ اهـ.

الْمُرَادُ مِنْهُ هَذَا مَا فِي ك، وَالظَّاهِرُ مَا لِلْحَطَّابِ مِنْ أَنَّهُ يَأْخُذُ مَا كَانَ قَدْرَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَسِيرًا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الْعِلْمُ) أَيْ: يَذْهَبَ الْعِلْمُ بِاسْتِحْقَاقِهِمْ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّ آيَةَ الْقُرْآنِ نَاطِقَةٌ بِالْمَصَارِفِ فَكَيْفَ يَأْتِي النِّسْيَانُ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ يَنْسَى وَلَوْ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْسَى بِاعْتِبَارِ أَهْلِ الْقُرْآنِ، أَوْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ.

(قَوْلُهُ: خَوْفَ الْمَحْمَدَةِ) أَيْ: الْحَمْدِ وَقَوْلُهُ: " وَالثَّنَاءِ " عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ: خَوْفَ حُبِّ الْمَحْمَدَةِ (قَوْلُهُ: وَعَمَلُ السِّرِّ أَفْضَلُ) أَيْ:؛ وَلِأَنَّ عَمَلَ السِّرِّ أَفْضَلُ، وَالِاسْتِنَابَةُ نَوْعٌ مِنْ السِّرِّ، وَإِنْ كَانَ النَّائِبُ قَدْ يَجْهَرُ بِهَا لَكِنْ سَيَأْتِي، يَقُولُ: وَمِنْ آدَابِهَا سَتْرُهَا عَنْ النَّاسِ (قَوْلُهُ: إذَا جَزَمَ بِقَصْدِ الْمَحْمَدَةِ) أَيْ: جَزَمَ الْآنَ بِأَنَّهُ مَتَى تَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ يَقْصِدُ مَدْحَ النَّاسِ لَهُ أَيْ: يُحِبُّ مَدْحَ النَّاسِ لَهُ، وَإِنَّمَا أَوْ لَنَا قَصْدُهُ بِحُبٍّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِفِعْلِهِ لَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ أَيْ: جَزَمَ بِحُبِّ حَمْدِ النَّاسِ لَهُ بِحَيْثُ يَصْرِفُهُ عَلَى الْعَمَلِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يَفْرَحَ بِالْمَدْحِ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: 188] فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُمْدَحَ بِمَا فَعَلَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَالْبَاعِثُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةُ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ لِلْحَدِيثِ «إذَا مُدِحَ الْمُؤْمِنُ فِي وَجْهِهِ رَبَا الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ» وَيُفْهَمُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى الْجَوَازُ إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ إذَا تَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ لَا يَقْصِدُ مَدْحَ النَّاسِ لَهُ.

(قَوْلُهُ: الْمُصَدِّقِ) هُوَ السَّاعِي (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ) عَطْفٌ عَلَى الدُّعَاءِ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ: وَأَوْجَبَهُ دَاوُد) أَيْ: أَوْجَبَ دُعَاءَ السَّاعِي وَمَنْ مَعَهُ لِدَافِعِهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ الْإِظْهَارُ إلَخْ) الْفَضَائِلُ مُقَابِلُ الْفَرَائِضِ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ إظْهَارُ الْفَضَائِلِ أَوْلَى فَلْيَكُنْ إظْهَارُ الْفَرَائِضِ أَوْلَى وَأَوْلَى، وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَيْ: وَنَحْوُ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ

ص: 220

الْإِظْهَارُ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ.

(ص) وَكُرِهَ لَهُ حِينَئِذٍ تَخْصِيصُ قَرِيبِهِ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِاللَّامِ يَرْجِعُ لِلنَّائِبِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْمُضَافِ يَرْجِعُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّائِبَ يُكْرَهُ لَهُ حِينَ الِاسْتِنَابَةِ أَنْ يُخَصِّصَ قَرَابَةَ رَبِّ الْمَالِ بِالزَّكَاةِ، وَكَذَا إيثَارُهُ، وَأَمَّا إعْطَاؤُهُمْ مِثْلَ غَيْرِهِمْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَلِلنَّائِبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخَصِّصَ قَرِيبَهُ الَّذِي لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِالزَّكَاةِ فَإِنْ أَعْطَاهُ مِثْلَ غَيْرِهِ فَلَا كَرَاهَةَ

. (ص) وَهَلْ يُمْنَعُ إعْطَاءُ زَوْجَةٍ زَوْجًا أَوْ يُكْرَهُ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا تُعْطِي الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مِنْ زَكَاتِهَا، اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي ذَلِكَ: فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَنْعِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُهَا وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ حَمَلَهَا ابْنُ زَرْقُونٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ لَهَا فِي نَفَقَتِهَا أَوْ لَا، وَأَمَّا إعْطَاءُ الزَّوْجِ زَكَاتَهُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ بِلَا إشْكَالٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ دَيْنٌ فَيَكُونُ مِنْ الْغَارِمِينَ

. (ص) وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ الذَّهَبِ زَكَاةً عَنْ الْوَرِقِ، وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَوْلَوِيَّةٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ: وَجَازَ إلَخْ وُجِدَ مَسْكُوكٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا إخْرَاجُ الْفُلُوسِ عَنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ.

(ص) بِصَرْفِ وَقْتِهِ مُطْلَقًا (ش) الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِخْرَاجِ أَيْ: الْإِخْرَاجُ مُقَدَّرٌ بِصَرْفِ وَقْتِهِ وَافَقَ الصَّرْفَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ عَنْ كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِينَارٌ، أَوْ خَالَفَهُ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ فِضَّةً فَلْيُخْرِجْ صَرْفَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ سَوَاءٌ أَزَادَ عَنْ الصَّرْفِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ نَقَصَ

(ص) بِقِيمَةِ السِّكَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الْوَرِقَ عَنْ الذَّهَبِ، أَوْ عَكْسَهُ فَإِنَّهُ يُرَاعِي السِّكَّةَ فَيُخْرِجُ قِيمَتَهَا فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ مَثَلًا فِي عِشْرِينَ دِينَارًا مَسْكُوكَةٍ فَإِنْ وَجَدَهُ كَذَلِكَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ مَسْكُوكًا وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ وَرِقًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ صَرْفَهُ مَعَ قِيمَةِ السِّكَّةِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَلَوْ فِي نَوْعٍ) إلَى أَنَّ السِّكَّةَ تُعْتَبَرُ وَيُخْرِجُ قِيمَتَهَا وَلَوْ فِي نَوْعٍ (وَاحِدٍ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْمُخْرَجُ فِي نَوْعِهِ فَالتَّنْوِينُ عِوَضٌ عَنْ الضَّمِيرِ كَمَا إذَا أَخْرَجَ تِبْرَ ذَهَبٍ عَنْ جُزْءِ دِينَارٍ مَسْكُوكٍ وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ فِي نَوْعَيْنِ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ وَيُخْرِجُ قِيمَتَهَا كَمَا إذَا أَخْرَجَ الْوَرِقَ الْمَسْكُوكَ عَنْ جُزْءِ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكِ مَثَلًا

(ص) لَا صِيَاغَةٍ فِيهِ (ش) صِيَاغَةٌ بِالْجَرِّ مُنَوَّنٌ عَطْفٌ عَلَى السِّكَّةِ أَيْ: لَا لِقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَصُوغٌ وَزْنُهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَلِصِيَاغَتِهِ يُسَاوِي مِائَةً وَعَشَرَةً فَإِنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ الْمِائَةِ فَقَطْ، وَفِي كِتَابَةٍ بِجَرِّ صِيَاغَةٍ وَتَنْوِينِهِ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ السِّكَّةِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: أَنْ يُخَصِّصَ قَرَابَةَ رَبِّ الْمَالِ) ، وَأَمَّا تَخْصِيصُ النَّائِبِ قَرِيبَ نَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا اسْتَنَابَهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ عب، وَاَلَّذِي فِي الْبَدْرِ أَنَّهُ يُكْرَهُ مِثْلُ قَرِيبِ رَبِّ الْمَالِ

(قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ) وَهُوَ الظَّاهِرُ

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَحْنُونٍ إلَخْ) أَيْ: الْقَائِلِ بِأَنَّ إخْرَاجَ الْوَرِقِ عَنْ الذَّهَبِ أَجْوَزُ مِنْ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْوَرِقَ أَيْسَرُ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ أَيْ:؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ مُتَعَدِّدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ) وَمُقَابَلَةُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ، (قَوْلُهُ: الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِخْرَاجِ) وَهِيَ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ أَيْ: مُتَلَبِّسًا بِصَرْفِ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ السِّكَّةِ) أَيْ: فِي الْمُخْرَجِ عَنْهُ، وَأَمَّا قِيمَةُ السِّكَّةِ فِي الْمُخْرَجِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ عَنْ غَيْرِ مَسْكُوكٍ قَالَ فِي ك: وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِقِيمَةِ السِّكَّةِ أَنَّ السِّكَّةَ لَهَا قِيمَةٌ فَلَوْ كَانَتْ مِنْ السِّكَكِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا لَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا وَقْتَهُ اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: بِقِيمَةِ السِّكَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ وَجَازَ إلَخْ، وَالتَّقْدِيرُ وَيَكُونُ الْإِخْرَاجُ مُطْلَقًا بِقِيمَةِ السِّكَّةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ فِي نَوْعٍ، (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُخْرِجُ صَرْفَهُ مَعَ قِيمَةِ السِّكَّةِ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مَعَ قِيمَةِ السِّكَّةِ؛ لِأَنَّ صَرْفَ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ اعْتِبَارَ قِيمَةِ السِّكَّةِ.

(تَنْبِيهٌ) : الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِقِيمَةِ السِّكَّةِ بِمَعْنَى مَعَ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي نَوْعٍ) أَيْ: خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُخْرَجُ فِي نَوْعِهِ) أَيْ: مِنْ نَوْعِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا أَخْرَجَ الْوَرِقَ الْمَسْكُوكَ إلَخْ) الْمَدَارُ عَلَى إخْرَاجِ صَرْفِهِ مَسْكُوكًا أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ صَرْفُهُ بِغَيْرِ الْمَسْكُوكِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَسْكُوكِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ الْمَسْكُوكَةَ عَنْ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكِ أَنَّهُ يُخْرِجُ قِيمَةً غَيْرَ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى صَرْفِهَا بِهَا كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْعِبَارَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: مَعَ قِيمَةِ السِّكَّةِ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ مَعَ قَوْلِهِ بِصَرْفِ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أُرِيدَ صَرْفُ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكِ بِوَصْفِ سِكَّتِهِ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الصَّرْفَ مُتَضَمِّنٌ لِاعْتِبَارِ قِيمَةِ السِّكَّةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمُخْرَجِ وَالْمُخْرَجُ عَنْهُ صِنْفًا كَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَسْكُوكًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَسْكُوكُ هُوَ الْمُخْرَجَ عَنْهُ اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ سِكَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ اُعْتُبِرَ وَزْنُ الْمُخْرَجِ عَنْهُ كَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِثْقَالُ تِبْرٍ فَلَا يُخْرِجُ عَنْهُ دِينَارًا مَسْكُوكًا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ مِثْقَالِ التِّبْرِ؛ لِأَنَّ وَزْنَ الدِّينَارِ أَقَلُّ مِنْ وَزْنِ مِثْقَالِ التِّبْرِ، بَلْ يُخْرِجُ عَنْهُ وَزْنَهُ مِنْ الْمَسْكُوكِ وَلَا يَعْتَبِرُ زِيَادَةَ قِيمَةِ سِكَّتِهِ وَكَذَا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ رُبُعُ عُشْرِ قِطَعِ فِضَّةٍ عِنْدَهُ وَزْنُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيَّةٍ فَيُخْرِجُ عَنْهَا مِنْ الْفِضَّةِ الْمَسْكُوكَةِ وَزْنَهَا وَلَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ قِيمَةِ سِكَّتِهَا اهـ.

، وَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَعْنَى قَوْلِهِ، بَلْ يُخْرِجُ عَنْهُ وَزْنَهُ مِنْ الْمَسْكُوكِ أَيْ: إذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مَسْكُوكًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْوَزْنِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَ غَيْرَ مَسْكُوكٍ لَصَحَّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْمِائَةَ فَقَطْ) وَلَوْ ذَهَبًا مَكْسُورًا أَيْ:

ص: 221

وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا بِقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ لَا مِنْ بَابِ لَا النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ، وَصِيَاغَةٌ اسْمُهَا وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُهَا وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ أَيْ: وَلَوْ فِي نَوْعٍ مَوْصُوفٍ بِأَنَّهُ لَا صِيَاغَةَ فِيهِ، أَوْ بِكَوْنِهِ لَا صِيَاغَةَ فِيهِ وَهَذَا إعْرَابٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِيَاغَةٌ فَأَيُّ شَيْءٍ يُعْتَبَرُ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ

(ص) وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ: وَفِي الْمَصُوغِ غَيْرِهِ أَيْ: غَيْرِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ أَيْ: وَفِي اعْتِبَارِ قِيمَةِ الصِّيَاغَةِ الْجَائِزَةِ كَالْحُلِيِّ، أَوْ الْمُحَرَّمَةِ كَالْأَوَانِي فِي غَيْرِهِ أَيْ: فِي غَيْرِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَإِخْرَاجِ فِضَّةٍ عَنْ ذَهَبٍ مَصُوغٍ جَائِزٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ ذَهَبٍ عَنْ فِضَّةٍ مَصُوغَةٍ كَذَلِكَ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْوَزْنُ كَمَا فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ، تَرَدُّدٌ بَيْنَ ابْنِ الْكَاتِبِ وَأَبِي عِمْرَانَ

(ص) لَا كَسْرِ مَسْكُوكٍ إلَّا لِسَبْكٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى إخْرَاجٍ أَيْ: وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ لَا كَذَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَسْكُوكَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً كَامِلًا، أَوْ غَيْرَ كَامِلٍ لَا يَجُوزُ كَسْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَسَادِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ نَعَمْ يَجُوزُ كَسْرُ الْمَسْكُوكِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ حُلِيًّا لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ كَزَوْجَتِهِ، وَهَذَا مَعْنَى السَّبْكِ الْجَوْهَرِيُّ: سَبَكْت الْفِضَّةَ وَغَيْرَهَا أَسْبِكُهَا سَبْكًا أَذَبْتهَا، وَالْفِضَّةُ سَبِيكَةٌ وَالْجَمْعُ سَبَائِكُ وَقَوْلُهُ: إلَّا لِسَبْكٍ أَيْ: فَيَجُوزُ وَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى السَّبْكِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ: فَيَجُوزُ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بَيَانٌ لِلْعِلَّةِ لَا لِلِاحْتِرَازِ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا لِعِلَّةٍ.

(ص) وَوَجَبَ نِيَّتُهَا (ش) أَيْ: عِنْدَ عَزْلِهَا، أَوْ تَفْرِقَتِهَا فَأَحَدُهُمَا كَافٍ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا كَانَ أَتَمَّ. سَنَدٌ يَنْوِي إخْرَاجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ أَجْزَأَتْ وَتَجِبُ بِالتَّعْيِينِ فَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ عَزْلِهَا أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ نَاوِيًا أَجْزَأَتْ، وَلَوْ عَزَلَهَا نَاوِيًا لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ عِنْدَ دَفْعِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْزِلْهَا أَيْ: أَوْ عَزَلَهَا وَوَجَبَتْ النِّيَّةُ عِنْدَ تَسْلِيمِهَا اهـ، وَإِنَّمَا احْتَاجَتْ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَاجِبٍ وَغَيْرِهِ فَاحْتَاجَتْ إلَيْهَا، وَيَنْوِي عَنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَلِيُّهُ وَنَقَلَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْإِجْزَاءَ فِيمَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ أَوْ جَهِلَهَا تَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُقَيِّدْ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ.

(ص) وَتَفْرِقَتُهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ نِيَّةَ الزَّكَاةِ وَاجِبَةٌ

ــ

[حاشية العدوي]

لَهُ أَنْ يُخْرِجَ رُبُعَ الْعُشْرِ ذَهَبًا مَكْسُورًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَصُوغِ وَالْمَسْكُوكِ بَعْدَ أَنْ نَقُولَ: إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا زِيَادَةٌ أَنَّ الْمَصُوغَ لِصَاحِبِهِ كَسْرُهُ وَإِعْطَاءُ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ بَعْدَ الْكَسْرِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْفَقِيرِ حَقٌّ فِي الصِّيغَةِ، وَالسِّكَّةُ لَيْسَ لَهُ كَسْرُهَا فَلَمْ يَأْخُذْ الْفَقِيرُ مَا نَابَهُ، بَلْ دُونَهُ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِنْ قُلْت قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ السِّكَّةَ وَالصِّيَاغَةَ وَالْجَوْدَةَ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَقَدْ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ قِيمَةِ السِّكَّةِ مُطْلَقًا وَقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ ذَهَبًا عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَبْلَهُ قُلْت: مُرَادُهُ مَنْ تَقَدَّمَ بِزَكَاةِ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ بِقِيمَتِهَا النِّصَابَ وَلَا يُزَادُ رُبُعُ الْعُشْرِ بِهَا فَمَنْ عِنْدَهُ وَزْنُ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ الذَّهَبِ وَقِيمَتُهَا بِمَا فِيهِ مِنْ السِّكَّةِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّصَابِ وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ الْوَزْنُ لَا الْقِيمَةُ، وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ الذَّهَبِ عِشْرُونَ دِينَارًا وَزْنًا وَسِكَّتُهَا تُسَاوِي أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ رُبُعَ عُشْرِ عِشْرِينَ مَثَلًا، وَهُوَ نِصْفُ دِينَارٍ لَا رُبُعُ عُشْرِ قِيمَتِهَا وَهُوَ دِينَارٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُ رُبُعِ عُشْرِ وَزْنِهِ لَا إخْرَاجُ رُبُعِ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَالْفُقَرَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ شُرَكَاءُ رَبِّ الْمَالِ بِرُبُعِ الْعُشْرِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ إنْ تِبْرًا فَتِبْرًا، وَإِنْ مَسْكُوكًا فَمَسْكُوكًا وَيَأْخُذُونَهُ بِصَنْعَتِهِ أَوْ يَأْخُذُونَ قِيمَتَهُ بِصَنْعَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِيَاغَةٌ فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ يُعْتَبَرُ إلَخْ) أَيْ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ وَعَدَمَهُ فِي الشَّيْءِ فَرْعُ وُجُودِهِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الصِّيَاغَةَ مُنْتَفِيَةٌ.

(أَقُولُ) عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ لَيْسَ الِاعْتِبَارُ مُتَعَلِّقًا بِالصِّيَاغَةِ، بَلْ بِالسِّكَّةِ نَعَمْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ السِّكَّةَ تُجَامِعُ الصِّيَاغَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ) يَعْنِي: إذَا كَانَ لَهُ حُلِيٌّ وَزْنُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقِيمَتُهُ مَصُوغًا ثَلَاثُونَ دِينَارًا وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ ذَلِكَ وَرِقًا فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ يُخْرِجُ عَنْ الْوَزْنِ لَا عَنْ الْقِيمَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَهُ حُلِيًّا) لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا فِي عب، بَلْ يَجُوزُ جَعْلُهَا سَبِيكَةً، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى السَّبْكِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: سَبَكْت الْفِضَّةَ مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَالسَّبِيكَةُ الْقِطْعَةُ الْمُسْتَطِيلَةُ

(قَوْلُهُ: عِنْدَ عَزْلِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ عَزْلَهَا بِوَصْفِ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُسْتَلْزِمٌ لِلنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ) أَيْ: لَاحَظَ الزَّكَاةَ بِعُنْوَانِ زَكَاةٍ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ الْوُجُوبُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ بِمَرْجُوحِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِالتَّعْيِينِ) فَإِذَا عَيَّنَ لِلْفُقَرَاءِ دَرَاهِمَ فَإِنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ يَجِبُ إخْرَاجُهَا بِحَيْثُ لَوْ أَخْرَجَ غَيْرَهَا أَثِمَ، هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، بَلْ أَرَادَ بِالْوُجُوبِ التَّحَقُّقَ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ مَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ تَلِفَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ نَاوِيًا) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَاجِبٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ الَّتِي هِيَ وَاجِبَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَاجِبٍ وَغَيْرِهِ كَدَفْعِهَا بِالْيَمِينِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي ذَلِكَ اشْتِمَالَ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الزَّكَاةِ الْكَامِلَةِ، وَيُجْعَلُ الِاشْتِمَالُ مِنْ اشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى أَجْزَائِهِ، وَيُلَاحَظُ فِي الْمُشْتَمَلِ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ وَفِي الْمُشْتَمِلِ الْإِجْمَالُ (قَوْلُهُ: نَسِيَ النِّيَّةَ) أَيْ: بِأَنْ أَخْرَجَ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ مَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ حَتَّى دَفَعَ ذَلِكَ الْجُزْءَ لِنَحْوِ فَقِيرٍ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا مُلَاحِظًا كَوْنَ هَذَا زَكَاةً فَهُوَ نِيَّةٌ وَتَكْفِي، وَلَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ عِنْدَ الدَّفْعِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ لِنِسْيَانٍ، أَوْ جَهْلٍ، وَنَقْلُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: تَأَمَّلْ خَبَرٌ أَيْ: وَهَذَا النَّقْلُ تَأَمَّلْهُ.

وَقَوْلُهُ فَاحْتَاجَتْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ عِبَادَةٌ وَقَوْلُهُ: وَالْقُدْرَةِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْعِلْمِ

ص: 222

وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَفْرِقَتُهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الْمَالُ وَفِيهِ الْمَالِكُ وَالْمُسْتَحَقُّونَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ:(أَوْ قُرْبِهِ) إلَى قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ إلَّا لِعُذْرٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُنْقَلَ إلَى مَا يَقْرُبُ مِمَّا هُوَ فِي حُكْمِ مَوْضِعِ وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَخُصَّ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ، وَجِيرَانَهُ بَلْ يَجُوزُ إيثَارُ أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ بَلَدِهِ فَكَذَا مَا قَرُبَ مِنْهَا اهـ.

وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ مَوْضِعُ الْمَالِكِ وَهَذَا فِي الْعَيْنِ كَالْحَرْثِ، وَالْمَاشِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمَوْضِعِهَا وَكَلَامُ الْإِرْشَادِ ضَعِيفٌ، وَأَوْ فِي أَوْ قُرْبِهِ تَنْوِيعِيَّةٌ أَيْ: أَنَّ تَفْرِقَتَهَا عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٍ هُوَ مَوْضِعُ الْوُجُوبِ، وَنَوْعٍ هُوَ قُرْبُهُ وَالْمُرَادُ بِقُرْبِهِ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، سَوَاءٌ لَمْ يَكُنْ فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ مُسْتَحِقٌّ أَوْ كَانَ وَفَضَلَ عَنْهُ أَوْ أَعْدَمَ، أَوْ مِثْلُ أَوْ دُونَ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَيْهِ وَلَا تُجْزِئُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ أَوْ كَانَ أَعْدَمَ، فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ دُونَ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْهُ لَكِنْ فِي الْمُسَاوِي تُجْزِئُ وَفِي دُونَ، لَا تُجْزِئُ وَانْظُرْ رَدَّ تَأْوِيلِ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ لِكَلَامِ سَحْنُونَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ

(ص) إلَّا لِأَعْدَمَ فَأَكْثَرُهَا لَهُ (ش) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ فُهِمَ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَيْ: بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا لِأَعْدَمَ فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا لَهُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ بَعْدَ صَرْفِ أَقَلِّهَا فِي مَحَلِّهَا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَقَوْلُهُ: " أَعْدَمَ " لَهُ مَفْهُومَانِ: مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ، وَمَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ وَسَيَأْتِيَانِ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَأَكْثَرُهَا لَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْرِقَةِ الْأَقَلِّ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ

(ص) بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ وَإِلَّا بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِثْلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّا إذَا قُلْنَا بِنَقْلِ الزَّكَاةِ إلَى الْبَلَدِ الْمُحْتَاجِ وَاحْتَاجَتْ إلَى كِرَاءٍ يَكُونُ مِنْ الْفَيْءِ أَيْ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا مِنْ عِنْدِ مَخْرَجِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيْءٌ أَوْ كَانَ وَلَا أَمْكَنَ نَقْلُهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ الْآنَ أَيْ: فِي بَلَدِ الْوُجُوبِ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا مِثْلُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُنْقَلُ إلَيْهِ إنْ كَانَ خَيْرًا، وَلَا يَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ ثَمَنَهَا

(ص) كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ (ش) تَشْبِيهٌ فِي النَّقْلِ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ وَإِلَّا بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ مِثْلُهَا

(ص) وَقُدِّمَ لِيَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الزَّكَاةَ إذَا نُقِلَتْ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ وُجُوبًا قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ أَيْ: يُقَدِّمُهَا الْإِمَامُ بِحَيْثُ إنَّهَا تَصِلُ إلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ الَّتِي نُقِلَتْ إلَيْهَا فِي آخِرِ حَوْلِهَا فَقَوْلُهُ: وَقُدِّمَ أَيْ: وُجُوبًا وَهَذَا فِي الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ، وَأَمَّا الْحَرْثُ فَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَقَدَّمَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ: الْمُزَكِّي، أَوْ الْإِمَامُ، وَبِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: الْمَالُ الْمَنْقُولُ لِلزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا أَيْ: دَفَعَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ أَيْ:

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: عَلَى الْفَوْرِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالُوا مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُبْقِيَ زَكَاتَهُ عِنْدَهُ يُعْطِيهَا عَلَى التَّدْرِيجِ لِمَنْ يَجْتَمِعُ بِهِ مِمَّنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا (قَوْلُهُ: يُجْبَى فِيهِ الْمَالُ وَفِيهِ الْمَالِكُ وَالْمُسْتَحَقُّونَ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمَوْضِعُ كَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي مَوْضِعٍ وَالْمَالِكُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ أَحْسَنُ مِنْ الْعِبَارَةِ الَّتِي قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِمَوْضِعِهَا) أَيْ: الَّتِي جُبِيَتْ فِيهِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مُوَافِقَةٌ لِعِبَارَةِ عب (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْإِرْشَادِ ضَعِيفٌ إلَخْ)، عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ: وَلَا تُنْقَلُ عَنْ بَلَدِهَا مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَجْزَأَتْ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ أَيْ:؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ عَامَّةٌ وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَصَلَ بَيْنَ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ وَقُرْبِهِ وَالْبَعِيدِ وَأَنَّ مَوْضِعَ الْوُجُوبِ وَقُرْبَهُ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ دُونَ الْبَعِيدِ، وَكَلَامُ الْإِرْشَادِ جَعَلَ حُكْمَ الْكُلِّ وَاحِدًا، (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْدَمَ، أَوْ مِثْلَ) أَيْ: أَوْ كَانَ الْقَرِيبُ أَعْدَمَ مِنْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ، أَوْ مِثْلَ، أَوْ دُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ رَدَّ تَأْوِيلِ) رَاجَعْت ك فَوَجَدْت عِبَارَةَ س مُوفِيَةً بِالْمُرَادِ وَنَصُّهُ: أَوْ قُرْبُهُ وَهُوَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فِي قَوْلِ سَحْنُونَ: إنَّ الْقَرِيبَ مِقْدَارُ مَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَأَمَّا مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ اهـ.

الْمُرَادُ مَا لَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ كَالْبُيُوتِ وَالْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ اهـ.

وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ لِلْعِبَارَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَيْهِ، وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِأَعْدَمَ) بِغَيْرِ تَنْوِينٍ أَيْ: مِنْ غَيْرِهِ فَمِنْ مُقَدَّرَةٌ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا) وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَانْظُرْ هَلْ قَوْلُهُ: الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَفِي الْعَجْمَاوِيِّ فَأَكْثَرُهَا يُنْقَلُ جَوَازًا لَهُ اهـ. فَإِنْ نُقِلَ كُلُّهَا لَهُ، أَوْ فُرِّقَ الْكُلُّ بِمَوْضِعِ وُجُوبِهَا مَعَ وُجُوبِ نَقْلِ أَكْثَرِهَا فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ فِيهِمَا عب (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ) هَذَا إذَا نُقِلَتْ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَأَمَّا إنْ نُقِلَتْ مِنْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ إلَى قُرْبِهِ فَبِأُجْرَةٍ مِنْهَا اهـ.

وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِثْلَهَا) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا حَقِيقَتَهَا، بَلْ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِيَّةِ الْجِنْسِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ ثَمَنَهَا) هَذَا إذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِمَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ فِعْلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي نَقْلِهَا، أَوْ شِرَاءِ مِثْلِهَا، أَوْ بَيْعِهَا وَتَفْرِيقِ ثَمَنِهَا تَعَيَّنَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِي النَّقْلِ بِالْأُجْرَةِ وَفِي الْبَيْعِ بِوَجْهَيْهِ يُخَيَّرُ فِيهِمَا كَمَا يُخَيَّرُ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِي تَفْرِيقِهِ الثَّمَنَ، وَفِي شِرَاءِ مِثْلِهَا وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ ثَمَنَهَا أَيْ: إنْ كَانَ خَيْرًا

(قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ إلَخْ) مُقَابِلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ لَا تُقَدَّمُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَا يُرْسِلُهَا إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهَا، (قَوْلُهُ: إذَا نُقِلَتْ) أَيْ: أُرِيدَ نَقْلُهَا (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ أَيْ: وُجُوبًا) وَهُوَ لِلْعَلَمِيِّ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: جَوَازًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَرْثُ فَهُوَ قَوْلُهُ: إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا اتَّحَدَ التَّقْدِيمُ وَإِلَّا فَالتَّقْدِيمُ هُنَا تَقْدِيمُ نَقْلٍ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ (قَوْلُهُ: الْمَنْقُولُ) أَيْ: الَّذِي أُرِيدَ نَقْلُهُ

ص: 223

دُفِعَتْ لِمُسْتَحِقِّهَا وَمَفْهُومُ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَرْثًا فَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا فَالتَّقْدِيمُ هُنَا، وَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ، وَفِي قَوْلِهِ وَقُدِّمَ لِيَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ تَقْدِيمُ نَقْلٍ

(ص) وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا أَوْ دَيْنًا أَوْ، عَرْضًا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ، أَوْ دُفِعَتْ بِاجْتِهَادٍ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا إلَّا الْإِمَامَ، أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِرٍ فِي صَرْفِهَا أَوْ بِقِيمَةٍ لَمْ تَجُزْ (ش) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ سَبْعَ مَسَائِلَ وَأَجَابَ عَنْهَا بِجَوَابٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَمْ تَجُزْ مِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ حَبِّهِ وَثَمَرِهِ قَبْلَ إفْرَاكِهِ وَطَيِّبِهِ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ أَجْزَأَتْ، وَمِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَبَعْدَ حَوْلِهِ وَهَذَا فِي دَيْنِ الْمُحْتَكِرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يُزَكِّي حَتَّى يَقْبِضَ، وَمِثْلُ الْمُحْتَكِرِ: دَيْنُ الْمُدِيرِ عَلَى الْمُعْسِرِ وَكَذَلِكَ دَيْنُ الْقَرْضِ، وَأَمَّا دَيْنُ الْمُدِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَرْضًا وَهُوَ مَرْجُوٌّ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ يُزَكِّي عَيْنَهُ أَوْ قِيمَتَهُ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي دَيْنٍ يَتَوَقَّفُ زَكَاتُهُ عَلَى الْقَبْضِ اهـ.

وَمِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَأَمَّا الْمُدِيرُ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ، وَمِنْهَا إذَا نُقِلَتْ الزَّكَاةُ لِدُونِ بَلَدِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ فِي الْحَاجَةِ وَلِمِثْلِهِمْ سَيَأْتِي أَنَّهَا تُجْزِئُ وَهَذَا إذَا نَقَلَهَا لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَأَمَّا دُونَهَا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، وَمِنْهَا إذَا اجْتَهَدَ وَدَفَعَ زَكَاتَهُ لِشَخْصٍ مِنْ أَهْلِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقِّهَا: كَعَبْدٍ، أَوْ كَافِرٍ، أَوْ غَنِيٍّ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا، أَمَّا إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ رَدُّهَا فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ وَتُصْرَفُ فِي أَهْلِهَا، وَأَمَّا الْإِمَامُ إذَا اجْتَهَدَ فَدَفَعَهَا لِمَنْ يَظُنُّهُ مِنْ أَهْلِهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا؛ لِأَنَّ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ نَافِذٌ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لَا يُتَعَقَّبُ، وَظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ وَلَوْ أَمْكَنَ رَدُّهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ س فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لتت وَمِنْهَا إذَا طَاعَ بِدَفْعِهَا لِإِمَامٍ جَائِرٍ فِي صَرْفِهَا أَيْ: وَجَارَ وَلَمْ يَعْدِلْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْوَاجِبُ جَحْدُهَا وَالْهُرُوبُ بِهَا مَا أَمْكَنَ، وَأَمَّا الْجَائِرُ فِي أَخْذِهَا بِأَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ وَلَكِنْ يَصْرِفُهَا فِي مَصْرِفِهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ كَمَا لَوْ كَانَ جَائِرًا فِي صَرْفِهَا، لَكِنْ قَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ عَدَلَ فِيهِ، وَمِنْهَا إذَا طَاعَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ: حَبٍّ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ عَيْنٍ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مُوَافِقٌ لِمَا شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ قَالَ: إنَّ الْمَشْهُورَ إجْزَاءُ إخْرَاجِ الْعَيْنِ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: لَمْ تَجُزْ: جَوَابٌ عَنْ السَّبْعِ مَسَائِلَ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ: لَمْ تَجُزْ جَوَابًا عَنْ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِ الْمَجْمُوعِ لَا يَجُوزُ وَيُجْزِئُ

(ص) لَا إنْ أُكْرِهَ أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ (ش) الْأَوَّلُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِزٍ أَوْ بِقِيمَةٍ أَيْ: فَإِنْ أُكْرِهَ فِي الْحَالَتَيْنِ أَجْزَأَهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ كَخَوْفِ أَنْ يُحَلِّفَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِدُونِهِمْ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ مَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُسْتَغْنَى بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ هَذَا، وَأَمَّا كَوْنُهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا قُلْنَاهُ

(ص) أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سُعَاةٌ إذَا قُدِّمَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ لِأَرْبَابِهَا أَوْ وَكِيلٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ بِخِلَافِ الْحَرْثِ كَمَا أَشَارَ لَهُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا إلَخْ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ: زَكَاةُ عَرْضِ التِّجَارَةِ، وَزَكَاةُ الدَّيْنِ الْعَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَالتَّقْدِيمُ هُنَا) أَيْ: فِي قَوْلِهِ، أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ، أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ يَأْتِي فَلَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ: قَبْضِ الدَّيْنِ وَقَبْضِ ثَمَنِ الْعَرْضِ أَيْ: وَبَعْدَ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ التَّقْدِيمُ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطُولَ فَيَكُونُ مِمَّا قُدِّمَ عَلَى الْحَوْلِ بِكَثِيرٍ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا تَعَذَّرَ رَدُّهَا أَمْ لَا.

اعْلَمْ أَنَّهُ تَارَةً تَتْلَفُ بِسَمَاوِيٍّ، وَتَارَةً بِأَكْلِهِمْ أَوْ صَرْفِهِمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ فَيَرُدُّوا عِوَضَهَا إنْ فَاتَتْ بِأَكْلِهِمْ أَوْ صَرْفِهِمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ، وَكَذَا إنْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ إنْ غَرُّوا فَتُؤْخَذُ وَتُصْرَفُ لِمُسْتَحِقِّيهَا لَا إنْ لَمْ يَغِرُّوا وَهَلْ يَغْرَمُهَا رَبُّهَا لِلْفُقَرَاءِ أَمْ لَا؟ خِلَافٌ، وَأَمَّا عَكْسُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا دُفِعَتْ لِمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ غَنِيٌّ، أَوْ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فَقِيرٌ، أَوْ حُرٌّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ وَيَأْثَمُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْإِمَامَ) وَالْوَصِيَّ وَمُقَدِّمَ الْقَاضِي تُجْزِي إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا وَإِلَّا لَمْ تُجْزِئْ، فَأَقْسَامُ الدَّافِعِ ثَلَاثَةٌ: الْمُزَكِّي لَا تُجْزِئُ تَعَذَّرَ رَدُّهَا أَمْ لَا، وَالْإِمَامُ تُجْزِئُ مُطْلَقًا، وَمُقَدِّمُ الْقَاضِي فِيهِ التَّفْصِيلُ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ) أَيْ: زَكَاةَ ثَمَنِ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ، وَقَوْلُهُ: قَبْلَ بَيْعِهِ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَذْفِ عَاطِفٍ وَمَعْطُوفٍ أَيْ: وَقَبْلَ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَكْفِي، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ ثَمَنِ الْعَرْضِ (قَوْلُهُ: الْعَيْنِ إلَخْ) ، وَأَمَّا إعْطَاءُ الْعَرْضِ عَنْ عَيْنٍ، أَوْ حَرْثٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ فَلَا يُجْزِئُ وَكَذَا حَرْثٌ، أَوْ أَنْعَامٌ عَنْ عَيْنٍ، وَلَا حَرْثٌ عَنْ أَنْعَامٍ أَوْ عَكْسُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) ، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُجْزِ رَاجِعٌ لِلْكُلِّ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ وَجَوَابُ الشَّارِحِ بَعِيدٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ جَعْلُ قَوْلِهِ، أَوْ بِقِيمَةٍ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا قُلْنَاهُ) فِيهِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالتَّوْطِئَةِ يَقُولُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ لِمَا قُلْنَاهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ قُدِّمَتْ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ) كَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِأَرْبَابِهَا أَيْ: وَكِيلٍ يُفَرِّقُهَا قَبْلَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُجْزِئُ) أَيْ: مَعَ كَرَاهَةِ التَّقْدِيمِ خِلَافًا لِتَشْهِيرِ ابْنِ هَارُونَ جَوَازَهُ بِخِلَافِ مَا لَهَا سَاعٍ فَكَالْحَرْثِ لَا تُجْزِئُ.

(تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّهَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ وَهُوَ لَا يَعْتَبِرُهُ

ص: 224

وَفِي مِنْ قَوْلِهِ: فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ سَبَبِيَّةٌ أَوْ ظَرْفِيَّةٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي بِمَعْنَى عَنْ، أَوْ ظَرْفِيَّةٌ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: فِي زَكَاةِ عَيْنٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَشَهْرٍ وَهِيَ حَسَنَةٌ؛ لِأَنَّ بِهَا يُعْلَمُ التَّقْيِيدُ بِالْيَسِيرِ وَحْدَهُ، وَهُوَ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ عَلَى مَا فِي رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ مِنْ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ

(ص) فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ فَعَنْ الْبَاقِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُقَدَّمَ عَلَى حَوْلِهِ إذَا ضَاعَ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ الَّذِي يَحْمِلُهُ لِلْأَعْدَمِ، أَوْ السَّاعِي، أَوْ الْوَكِيلِ الَّذِي دُفِعَتْ لَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ، أَوْ الْكَثِيرِ الْمَمْنُوعِ تَقْدِيمُهَا بِهِ قَبْلَ إنْفَاذِهَا لِأَهْلِهَا فَيُخْرِجُ عَنْ الْبَاقِي إنْ كَانَ نِصَابًا، وَضَمَانُ مَا ضَاعَ سَاقِطٌ عَنْهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا تَوْسِعَةٌ وَرُخْصَةٌ فَإِذَا هَلَكَتْ وَلَمْ تَصِلْ إلَى أَرْبَابِهَا، وَلَا بَلَغَتْ مَحَلَّهَا زَكَّى مَا بَقِيَ عِنْدَ حَوْلِهِ، وَقَيَّدَ ابْنُ الْمَوَّازِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ التَّقْدِيمُ بِالْأَمَدِ الْكَثِيرِ قَالَ: وَأَمَّا لَوْ قَدَّمَهَا بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَالْوَقْتِ الَّذِي لَوْ أَخْرَجَهَا فِيهِ لَأَجْزَأَتْهُ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ وَلَا يَلْزَمُ غَيْرُهَا، لَكِنْ قَالَ س وَتَقْيِيدُ ابْنِ الْمَوَّازِ ضَعِيفٌ

. (ص) وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ (ش) أَيْ: وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ بَعْدَ الْحَوْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ إذْ هُوَ يَشْعُرُ بِأَنَّهُ قَدْ خُوطِبَ، وَتَلَفُ الْمَالِ كُلِّهِ كَتَلَفِ جُزْئِهِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَا تَفْصِيلَ فِيهِ بَيْنَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَيَنْظُرُ لِمَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يُعْطِي مَا تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ مِمَّا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِيهِ حُكْمُ مَا تَلِفَ بَعْدَهُ، وَلَوْ تَلِفَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يُجْزِئُ إخْرَاجُهُ فِيهِ كَانَ بَعْدَ طَلَبِهِ بِهَا أَوْ قَبْلَهُ، إذْ هُوَ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بِالْإِخْرَاجِ قَبْلَهُ فَلَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا هُوَ مَطْلُوبٌ بِإِخْرَاجِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ إخْرَاجُهَا قَبْلَهُ بِالْيَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَلِفَ جُزْءُ النِّصَابِ أَوْ مَا عُزِلَ مِنْ الزَّكَاةِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ

(ص) كَعَزْلِهَا فَضَاعَتْ (ش) أَيْ: عَزْلِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ نَاوِيًا بِهَا الزَّكَاةَ فَضَاعَتْ أَيْ: فَإِنَّهَا تَسْقُطُ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ، وَضَاعَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهَا وَإِلَّا ضَمِنَهَا، وَلَوْ قَالَ: فَتَلِفَتْ كَمَا فِي النَّقْلِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الضَّيَاعَ لَا يُطْلَقُ عَلَى التَّلَفِ، وَرُبَّمَا يُطْلَقُ التَّلَفُ عَلَى الضَّيَاعِ فَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا، وَلَوْ كَانَ حِينَئِذٍ فَقِيرًا مَدِينًا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَضَاعَتْ ضَمِنَهَا قَالَهُ مَالِكٌ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ بِمَا سَبَقَ لَهُ بِمَا إذَا عَزَلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ بِكَثِيرٍ، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: سَبَبِيَّةٌ) لَا تَظْهَرُ السَّبَبِيَّةُ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَرْفِيَّةٌ) مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْكُلِّيِّ فِي الْجُزْئِيِّ، وَالْمَقْصُودُ ذَلِكَ الْجُزْئِيُّ وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَوْ قُدِّمَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي رِوَايَةِ عِيسَى إلَخْ) لَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ إجْزَاءِ التَّقْدِيمِ بِالشَّهْرِ، فَإِمَّا أَنْ تَسْقُطَ الْكَافُ أَوْ هَذِهِ النُّسْخَةُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَصِيرُ مُجْمَلًا مُحْتَمِلًا لِكُلِّ قَوْلٍ، وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ فِي ك: وَالْخِلَافُ فِي إجْزَاءِ التَّقْدِيمِ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَرْكُهُ ابْتِدَاءً، فَفِي سَمَاعِ عِيسَى وَأَرَى الشَّهْرَ قَرِيبًا عَلَى زَحْفٍ وَكُرْهٍ، وَزَحْفٌ بِالزَّايِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: اسْتِثْقَالٍ قَالَ بَعْضٌ: وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ إذَا قُدِّمَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ بِكَثِيرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ) بَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ وَهِيَ: الشَّهْرَانِ وَنَحْوُهُمَا، أَوْ الْيَوْمُ، أَوْ الْيَوْمَانِ، أَوْ الْعَشَرَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهَا، أَوْ خَمْسَةُ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالْخِلَافُ فِي إجْزَاءِ التَّقْدِيمِ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ إلَخْ

. (قَوْلُهُ: إذَا ضَاعَ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ الَّذِي يَحْمِلُهُ لِلْأَعْدَمِ) فِيهِ أَنَّهُ فِعْلٌ وَاجِبٌ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْبَاقِي فَهَذَا التَّقْرِيرُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ كَمَا أَفَادَهُ عج، وَقَوْلُهُ: أَوْ السَّاعِي مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْأَعْدَمِ لَا أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهَا إذَا ضَاعَتْ مِنْ يَدِ السَّاعِي لَا يَلْزَمُ رَبَّهَا شَيْءٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْوَكِيلِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ أَيْ: الْوَكِيلِ فِي التَّفْرِقَةِ وَقَوْلُهُ: بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَهُوَ الشَّهْرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْكَثِيرِ وَهُوَ مَا زَادَ عَنْ الشَّهْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَالْوَقْتِ الَّذِي إلَخْ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا أَكْثَرُ، وَهَذَا عَلَى نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْهُ فَلَيْسَ إلَّا الْيَوْمَانِ، كَذَا قَالَ عج

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ) لِعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ، أَوْ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهِ، أَوْ لِغَيْبَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُجْزِئُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا، وَالْمَعْنَى: مِنْ الزَّكَاةِ الَّتِي يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْحَوْلِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْقَبْلِيَّةَ مُجْمَلَةٌ لَفْظًا بَالَغَ عَلَى أَحَدِ فَرْدَيْهَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَلِفَ فِي الزَّمَنِ إلَخْ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: هَذَا إذَا تَلِفَتْ قَبْلَ الزَّمَنِ الَّذِي يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِيهِ، بَلْ وَلَوْ تَلِفَتْ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِيهِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يُقَالُ: إنَّ الْمُبَالَغَةَ عَيْنُ قَوْلِهِ وَلَا يُعْطَى مَا تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ مِمَّا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إخْرَاجُهَا إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءِ.

(قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ تَلِفَ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَهَا) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ تَلِفَ جُزْءُ النِّصَابِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَا ضَمَانَ وَلَا زَكَاةَ مُطْلَقًا أَيْ: فَرَّطَ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِكَثِيرٍ، أَوْ يَسِيرٍ وَلَوْ كَانَ فِي زَمَنٍ بِحَيْثُ لَوْ أَخْرَجَ يُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ وَيَنْظُرُ لِمَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَ مُطْلَقًا وَيُطْلَبُ بِالزَّكَاةِ سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِخْرَاجِ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَإِنْ كَانَ مَعَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، وَتَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: أَيْ عَزَلَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ) أَيْ: أَوْ قَبْلَهُ حَيْثُ يُطْلَبُ بِالتَّقْدِيمِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَضَاعَتْ ضَمِنَهَا) قَالَ فِي ك: مُرَادُهُ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ، وَيَنْظُرُ لِمَا بَقِيَ بَعْدَ الضَّيَاعِ هَلْ هُوَ نِصَابٌ أَوْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ وَلَا يَنْظُرُ لِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ وَلَا لِعَدَمِ إمْكَانِهِ حَيْثُ كَانَ ضَيَاعُهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِيهِ وَلَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِيهِ

ص: 225

الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي لَوْ أَخْرَجَهَا فِيهِ لَأَجْزَأَتْهُ فَلَا ضَمَانَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ

(ص) لَا إنْ ضَاعَ أَصْلُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَزَلَ زَكَاةَ مَالِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ لِمُسْتَحِقِّهَا وَقَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهَا ضَاعَ الْأَصْلُ وَهُوَ الْمَالُ الْمُزَكَّى فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَيُخْرِجُهَا لِأَرْبَابِهَا، وَسَوَاءٌ ضَاعَ الْأَصْلُ لِتَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهَا أَوْ فِي عَدَمِ إخْرَاجِهَا بِأَنْ يُمْكِنَهُ الْأَدَاءُ وَلَمْ يَفْعَلْ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْأَدَاءُ وَتَلِفَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهَا، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ وَتَلِفَ أَصْلُهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجَوَاهِرِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا أَخْرَجَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا لِأَنَّهَا زَكَاةٌ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا

(ص) وَضَمِنَ إنْ أَخَّرَهَا عَنْ الْحَوْلِ (ش) أَيْ: وَضَمِنَ الزَّكَاةَ إذَا ضَاعَتْ بَعْدَ عَزْلِهَا أَوْ قَبْلَهُ مَعَ الْمَالِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ: بِأَنْ أَخَّرَهَا عَنْ الْحَوْلِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا عِنْدَهُ فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَضَمِنَ إنْ أَخَّرَهَا إلَخْ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ أَيَّامًا فَإِنْ كَانَ يَوْمًا وَنَحْوَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا أَنْ يُقَصِّرَ فِي حِفْظِهَا فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا تَلِفَ جُزْءُ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ تَلِفَ مَا عَزَلَهُ مِنْ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَمَا فِي حُكْمِهِ فَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ فِي حِفْظِهَا ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ تَأْخِيرِهَا مَعَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ ضَمِنَ أَيْضًا لَكِنْ فِيمَا إذَا أَخَّرَهَا أَيَّامًا لَا فِيمَا إذَا أَخَّرَهَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.

(ص) أَوْ أَدْخَلَ عُشْرَهُ مُفَرِّطًا لَا مُحَصِّنًا (ش) يَعْنِي إذَا عَزَلَ عُشْرَهُ أَوْ نِصْفَهُ وَأَدْخَلَهُ فِي بَيْتِهِ مُفَرِّطًا فِي عَدَمِ دَفْعِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ ثُمَّ ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَإِنْ أَدْخَلَهُ مُحَصِّنًا لَهُ حَتَّى يُفَرِّقَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ فَضَاعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَجْهَ الَّذِي أَدْخَلَ عُشْرَهُ فِيهِ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ ضَاعَ فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ التَّحْصِينَ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ إدْخَالِ الْبَيْتِ أَوْ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الضَّمَانِ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَصْدُهُ فِي الْإِدْخَالِ وَادَّعَى التَّحْصِينَ فَهَلْ يُصَدَّقُ أَوْ لَا؟ تَرَدُّدٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إدْخَالِ عُشْرِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جُمْلَةِ زَرْعِهِ بَعْدَ حَصْدِهِ وَذَرْوِهِ

. (ص) وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ (ش) أَيْ: وَأُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ عَلَى تَفْصِيلٍ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا وَيُوصِيَ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ.

(ص) وَكَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ (ش) أَيْ: وَأُخِذَتْ كَرْهًا مِنْ الْمُمْتَنِعِ عِنَادًا أَوْ تَأْوِيلًا وَإِنْ بِقِتَالٍ سَنَدٌ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُمْتَنِعِ مَالٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْمَالِ فَلِلْإِمَامِ سَجْنُهُ حَتَّى يَظْهَرَ مَالُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّ الْفُقَرَاءِ، وَالْإِمَامُ نَاظِرٌ فِيهِ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ بَعْضُ الْمَالِ وَاتُّهِمَ بِإِخْفَاءِ غَيْرِهِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يَحْلِفُ مَالِكٌ أَخْطَأَ مَنْ يُحَلِّفُ النَّاسَ مِنْ السُّعَاةِ وَلْيُصَدَّقُوا بِغَيْرِ يَمِينٍ اهـ.

وَنِيَّةُ الْإِمَامِ نَائِبَةٌ عَنْ نِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ: (وَأُدِّبَ) مُتَعَلِّقٌ بِكَرْهًا وَهُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا

. (ص) وَدُفِعَتْ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ وَإِنْ عَيْنًا (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الزَّكَاةِ يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا فِي أَخْذِهَا وَصَرْفِهَا أَنْ يَدْفَعَهَا لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنًا أَوْ مَاشِيَةً أَوْ حَرْثًا

. (ص) وَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ بِحُرِّيَّةٍ فَجِنَايَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا غَرَّ مُفَرِّقَهَا: إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ بِحُرِّيَّةٍ وَأَخَذَهَا ثُمَّ ظَهَرَ رِقُّهُ وَهِيَ مَعَهُ أُخِذَتْ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَوْ بَعْضَهَا فَجِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(عَلَى الْأَرْجَحِ) .

فَلِلسَّيِّدِ حِينَئِذٍ أَنْ يَفْدِيَهُ أَوْ يُسَلِّمَهُ لِرَبِّهَا وَيُبَاعَ فِيهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَبْدِ مِمَّا لَا يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ لِقِيَامِ مَانِعٍ مِنْ غِنًى أَوْ كُفْرٍ أَوْ كَوْنِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَوْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ اسْتِحْقَاقِهِ فَإِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لَأَجْزَأَتْهُ) أَيْ: وَلَا يُطَالَبُ بِزَكَاةِ الْبَاقِي لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ ضَاعَ الْأَصْلُ بِتَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهَا) كَلَامٌ غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ ضَاعَ الْأَصْلُ أَنْ يَقُولَ بِتَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ، فَالْكَلَامُ فِي ضَيَاعِ الْأَصْلِ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ إلَّا ضَيَاعَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ فِي عَدَمِ إخْرَاجِهَا) ظَاهِرُهُ ضَاعَ الْأَصْلُ بِتَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ إخْرَاجِهَا مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لَهُ إنَّمَا هُوَ ضَيَاعُهَا لَا ضَيَاعُ أَصْلِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: فِي إخْرَاجِهَا لَا فِي عَدَمِ إخْرَاجِهَا، وَعِبَارَةُ عب أَحْسَنُ وَنَصُّهُ ضَاعَ أَصْلُهَا بِتَقْصِيرٍ أَمْ لَا أَمْكَنَ أَدَاؤُهَا قَبْلَ ضَيَاعِهِ أَمْ لَا فَلَا تَسْقُطُ وَيَجِبُ إنْفَاذُهَا، (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَخَّرَهَا) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِضَمِنَ.

(قَوْلُهُ: وَمَا فِي حُكْمِهِ) هَذِهِ عِبَارَةُ عج وَقَدْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الْعَزْلَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِالْيَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَدْخَلَ عُشْرَهُ)، وَأَمَّا لَوْ ضَاعَ فِي الْجَرِينِ فَلَا يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ: مُفَرِّطًا) بِأَنْ يُمْكِنَهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ إدْخَالِهِ، أَوْ لَا يُمْكِنَهُ وَقَصَّرَ فِي حِفْظِهِ حَتَّى تَلِفَ (قَوْلُهُ: لَا مُحَصِّنًا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ وَتَلِفَ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ) ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ انْتَفَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى التَّحْصِينِ وَالتَّفْرِيطِ فَلَا يُعْلَمُ حِينَئِذٍ كَوْنُ الْإِدْخَالِ لِلتَّحْصِينِ أَوْ عَدَمِهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) هَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَرْهًا) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ أَيْ: إكْرَاهًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَحَلِّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، وَهُوَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ نَصْبٌ؛ لِأَنَّ النَّائِبَ ضَمِيرٌ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ نَصْبُهُ فِي الْفَصِيحِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُعْرَبَ حَالًا؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ، لَغْوٌ تَأَمَّلْ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ بِقِتَالٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَإِلَّا لَقَالَ: وَإِنْ بِقَتْلٍ اهـ. إلَّا أَنَّ نَصْبَ كَرْهًا إمَّا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ: أَخْذًا كَرْهًا، أَوْ حَالٌ فَلَمْ يَحْصُلْ تَنَاسُبٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ ظَرْفٌ - لَغْوٌ - إلَّا أَنْ يُقَالَ مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَفِيهِ مَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ) أَيْ: إذَا امْتَنَعَ وَأُخِذَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَأَمَّا إذَا أُخِذَتْ بِالْقِتَالِ كَفَى بِالْقِتَالِ أَدَبًا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ، وَلِذَلِكَ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِكَرْهًا أَيْ: مُرْتَبِطٌ بِهِ لَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ بِقِتَالٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَدُفِعَتْ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ) طَلَبَهَا، أَوْ لَا أَيْ: الْمُحَقَّقِ عَدَالَتُهُ (قَوْلُهُ: فِي أَخْذِهَا وَصَرْفِهَا) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَإِنْ جَازَ فِي غَيْرِهَا

(قَوْلُهُ: لَا فِي ذِمَّتِهِ) وَمُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ

ص: 226