المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل زكاة الأبدان] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٢

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

الفصل: ‌[فصل زكاة الأبدان]

كَانَ الدَّافِعُ لَهُمْ الْإِمَامَ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ، وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ لَهُمْ الْوَصِيَّ أَوْ مُقَدِّمَ الْقَاضِي فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا أَجْزَأَتْ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّافِعُ لَهَا رَبَّهَا أَوْ وَكِيلَهُ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ غَرَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَخَذَهُ، وَلَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَغُرَّ فَإِنْ أَكَلَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً وَإِلَّا اُنْتُزِعَتْ مِنْهُ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهَا بِحَالِهِ وَيَدْفَعُ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهَا، وَلَوْ قَائِمَةً وَلَا تُجْزِئُهُ

. (ص) وَزَكَّى مُسَافِرٌ مَا مَعَهُ وَمَا غَابَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا حَالَ عَلَى مَالِهِ حَوْلٌ وَبَعْضُهُ مَعَهُ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ فِي بَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي مَا مَعَهُ بِكُلِّ حَالٍ اتِّفَاقًا لِاجْتِمَاعِ الْمَالِ وَرَبِّهِ، وَيُزَكِّي أَيْضًا مَا غَابَ عَنْهُ فِي بَلَدِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَيْضًا وَلَا يُؤَخِّرُ الْإِخْرَاجَ إلَى أَنْ يَرْجِعَ اعْتِبَارًا بِمَوْضِعِ الْمَالِكِ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَالَ أَيْضًا يُؤَخِّرُ اعْتِبَارًا بِمَوْضِعِ الْمَالِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ فِي اعْتِبَارِ الْمَالِكِ أَوْ الْمَالِ: لَوْ مَاتَ شَخْصٌ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا السُّلْطَانَ بِبَلَدِ سُلْطَانٍ وَمَالُهُ بِبَلَدِ سُلْطَانٍ آخَرَ فَاَلَّذِي فِي أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ: مَالُهُ لِمَنْ مَاتَ بِبَلَدِهِ وَالْخِلَافُ فِي تَزْكِيَةِ الْغَائِبِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا: خَاصٌّ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إنْ لَمْ يَكُنْ مُخْرِجٌ) عَنْهُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ إمَامٍ يُخْرِجُ عَمَّا بِبَلَدِهِ وَإِلَّا فَلَا لِئَلَّا يُزَكِّيَ مَرَّتَيْنِ وَيُخْرِجُ عَمَّا مَعَهُ فَقَطْ وَالثَّانِي: عَامٌّ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا ضَرُورَةَ) أَيْ: أَنَّ مَحَلَّ إخْرَاجِ الْمُسَافِرِ عَمَّا مَعَهُ وَمَا غَابَ عَنْهُ إنْ لَمْ تَدْعُهُ الضَّرُورَةُ إلَى عَدَمِ الْإِخْرَاجِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا لِمَا يُوَصِّلُهُ فِي عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُ حِينَئِذٍ لَا عَمَّا مَعَهُ وَلَا عَمَّا غَابَ عَنْهُ، وَيُؤَخِّرُ الْإِخْرَاجَ عَنْ ذَلِكَ جَمِيعِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى وَطَنِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ لِوَطَنِهِ فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مُخْرِجٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَمَا غَابَ وَقَوْلُهُ: وَلَا ضَرُورَةَ رَاجِعٌ لِمَا غَابَ وَمَا حَضَرَ وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ مَا يَشْمَلُ حَاجَتَهُ لِمَا يُنْفِقُهُ.

(تَنْبِيهٌ) : أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ بِمَا غَابَ: الْمَالَ الَّذِي خَلَّفَهُ عِنْدَهُ بِبَلَدِهِ، وَأَمَّا مَا دَفَعَهُ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً أَوْ وَدِيعَةً فَيَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ فِي مُودَعَةٍ وَمُتَّجَرٍ فِيهَا بِأَجْرٍ، وَفِي قَوْلِهِ: وَمَدْفُوعَةٍ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلَا ضَمَانٍ، وَفِي قَوْلِهِ: وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إنْ أَدَارَا إلَى أَنْ قَالَ وَصَبَرَ إنْ غَابَ إلَخْ فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى زَكَاةِ الْأَمْوَالِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَاخْتُلِفَ فِي وَجْهِ إضَافَتِهَا لِلْفِطْرِ فَقِيلَ: مِنْ الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْخِلْقَةُ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْدَانِ وَقِيلَ: لِوُجُوبِهَا بِالْفِطْرِ فَقِيلَ: الْفِطْرُ الْجَائِزُ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ وَقِيلَ الْوَاجِبُ بِفَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَبَنَى عَلَيْهِ الْخِلَافَ الْآتِي فِي وَقْتِ الْخِطَابِ بِهَا، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا الرِّفْقُ بِالْفُقَرَاءِ فِي إغْنَائِهِمْ عَنْ السُّؤَالِ.

وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: الْمُخْرِجُ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَالْمُخْرَجُ بِالْفَتْحِ، وَالْوَقْتُ الْمُخْرَجُ فِيهِ، وَالْمَدْفُوعَةُ إلَيْهِ وَالْمُؤَلِّفُ أَشَارَ إلَى هَذِهِ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: عَنْهُ إلَخْ، وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ: مِنْ مُعَشَّرٍ إلَخْ، وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ إلَخْ، وَإِلَى الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ:، وَإِنَّمَا تُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ إلَخْ، وَلَا يُقَاتَلُ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى مَنْعِ زَكَاةِ الْفِطْرِ،

وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ أَكَلَهُ، أَوْ أَتْلَفَهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ: يَضْمَنُهُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا اُنْتُزِعَتْ مِنْهُ أَيْ: فِي صُورَةِ الْغُرُورِ وَعَدَمِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَائِمَةً وَلَا تُجْزِئُهُ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا عُلِمَ بِحَالِهِ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ لَهُ كَأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ مَا وَهَبَهُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَزَكَّى مُسَافِرٌ مَا مَعَهُ وَمَا غَابَ) يَشْمَلُ الْمَاشِيَةَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا بَقِيَ مِنْهَا ولعج فَتْوَى بِصَبْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا فِي غَيْبَتِهِ عب (قَوْلُهُ: مَا مَعَهُ فِي بَلَدِهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ مَالُهُ فِي بَلَدِهِ، (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي فِي أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ بَلَدًا لَهُ سُلْطَانٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَاتَ بِغَيْرِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْبَلَدُ الَّذِي مَاتَ بِهِ، أَوْ الَّذِي بِهِ الْمَالُ؟ قَوْلَانِ مُخَرَّجَانِ وَاقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَكِيلٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِالْإِخْرَاجِ يَجْرِي عَلَى مَا فِي الْأُضْحِيَّةِ وَعَلَيْهِ، فَالْمُرَادُ بِالْوَكِيلِ وَلَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: وَلَا ضَرُورَةَ) " ضَرُورَةَ " اسْمُ لَا وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ أَيْ: حَاصِلُهُ أَوْ مَوْجُودَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَخْ) وَإِذَا وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ فَهَلْ يُؤَخِّرُ إلَى أَنْ يَجِدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَيُزَكِّي، أَوْ إلَى بَلَدِهِ؟ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ عَنْهَا تَرْجِيحُ الثَّانِي وَفِي اللَّخْمِيِّ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّرُورَةَ أَخَصُّ مِنْ الْحَاجَةِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ

[فَصْلٌ زَكَاةِ الْأَبْدَانِ]

(قَوْلُهُ: فَقِيلَ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالتَّقْدِيرُ فَقِيلَ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْدَانِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِطْرَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْخِلْقَةُ فَظَهَرَتْ الْعِلَّةُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مُشْتَقًّا اشْتِقَاقًا أَكْبَرَ مِنْ الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْخِلْقَةُ وَفِي ك وَالْفِطْرَةُ بِالْكَسْرِ لَفْظَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ حَيْثُ كَانَتْ بِمَعْنَى زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْخِلْقَةِ فَهِيَ عَرَبِيَّةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ) بِتَأَمُّلِ وَجْهِ ذَلِكَ فَإِنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ إمَّا اسْمٌ لِلْمُخْرَجِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ، أَوْ إخْرَاجُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ، وَقَدْ جُعِلَ الْمُخْرَجُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِهَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّكَاةِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَأَرَادَ بِالْأَرْكَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْإِخْرَاجَ الْمَوْصُوفَ بِالْوُجُوبِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَاتَلُ إلَخْ) زَادَ فِي ك وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَعْضِ السُّنَنِ الَّتِي يُقَاتَلُ عَلَى تَرْكِهَا، وَانْظُرْ هَلْ يَكْفُرُ جَاحِدُهَا، أَوْ لَا يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَجْحَدَ مَشْرُوعِيَّتَهَا فَيَكْفُرُ وَبَيْنَ مَنْ يَجْحَدُ وُجُوبَهَا فَلَا يَكْفُرُ؛؛ لِأَنَّهُ قِيلَ قَوْلٌ بِالسُّنِّيَّةِ اهـ.

وَكَذَا لَا يُقَاتَلُونَ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَالْجَمَاعَةِ فَيُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِهِمَا، وَقِيلَ فِي الْأَذَانِ: إنَّمَا قُوتِلَ عَلَى تَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَيَتَوَقَّفُ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ عَلَيْهِ

ص: 227

عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقُهَا أَشْرَفَ مِنْ مُتَعَلِّقِ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ: وَهُوَ الْأَبْدَانُ فَإِنَّهَا أَشْرَفُ مِنْ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ دِعَامَةٌ مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ، وَلَمَّا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِهَا وَسُنِّيَّتِهَا وَالْمَشْهُورُ الْوُجُوبُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(فَصْلٌ) يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ (ش) أَيْ: يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ وُجُوبًا ثَابِتًا بِالسُّنَّةِ صَاعٌ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِخَبَرِ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» اهـ.

وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ كُلُّ مُدٍّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرِّطْلَ الْمَذْكُورَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا

(ص) أَوْ جُزْؤُهُ (ش) إنْ حَمَلَ عَلَى مَسْأَلَةِ سَنَدٍ فَاتَهُ الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّقِيقِ، وَإِنْ حَمَلَ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّقِيقِ فَاتَهُ الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةِ سَنَدٍ، وَالْأَوْلَى كَلَامُ الْحَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْكَلَامَ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ، وَلَفْظُهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَاجِبَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ قَدْرُ صَاعٍ بِصَاعِهِ عليه السلام أَوْ جُزْءُ صَاعٍ، وَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا الصَّاعُ فَفِي حَقِّ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ الْقَادِرِ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ كُلِّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ، وَأَمَّا جُزْءُ الصَّاعِ فَفِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ، وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَفِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا جُزْءَ صَاعٍ، وَعَلَى حَمْلِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّقِيقِ لَا يَتَكَرَّرُ قَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي، وَالْمُشْتَرَكُ وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي الْوُجُوبِ، وَفِيمَا سَيَأْتِي فِي الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ أَيْ: هَلْ هُوَ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ عَلَى الْحِصَصِ فَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى الْحِصَصِ، وَعَلَى حَمْلِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ سَنَدٍ يَكُونُ قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَالْمُشْتَرَكُ وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ فِي بَيَانِ الْوُجُوبِ أَيْ: يَجِبُ الْإِخْرَاجُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ.

(ص) عَنْهُ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: عَنْهُ يَرْجِعُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ كَمَا قَرَّرْنَا، إذْ لَا بُدَّ لِلْوُجُوبِ مِنْ مُكَلَّفٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَوْلُهُ: فَضَلَ صِفَةُ صَاعٍ وَمَعْطُوفِهِ أَيْ: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ فَضَلَ عِنْدَهُ مَا ذَكَرَ مِنْ الصَّاعِ، أَوْ جُزْئِهِ عَنْ قُوتِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَوْ خَشِيَ الْجُوعَ فِيمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، أَوْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ اللَّازِمِ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَحْدَهُ.

(ص) وَإِنْ بِتَسَلُّفٍ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الصَّاعُ أَوْ جُزْؤُهُ الْفَاضِلُ عَنْ قُوتِهِ أَوْ قُوتِ عِيَالِهِ حَاصِلًا بِتَسَلُّفٍ أَيْ: وَهُوَ يَرْجُو قَضَاءَهُ أَوْ يَعْلَمُ مَنْ يَتَسَلَّفُ مِنْهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ التَّسَلُّفُ، فَلَوْ أَتَى بِلَوْ الْمُشِيرَةِ لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ لَكَانَ أَجْوَدَ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا هُنَا عَدَمُ سُقُوطِهَا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّا إذَا كُنَّا نَتَسَلَّفُ لَهَا فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ السَّابِقُ عَلَيْهَا مُسْقِطًا لَهَا مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَهُوَ الْمَذْهَبُ

. (ص) وَهَلْ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ بِفَجْرِهِ؟ خِلَافٌ (ش) التَّتَّائِيُّ أَيْ: وَهَلْ يَتَعَلَّقُ الْخِطَابُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَلَا يَمْتَدُّ بَعْدَهُ أَصْلًا؟ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ هُوَ الْفِطْرُ الْجَائِزُ، وَهُوَ الَّذِي يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ بِفَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَانِ عَنْ مَالِكٍ، وَشَهَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ هُوَ الْفِطْرُ الْوَاجِبُ الَّذِي يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، خِلَافٌ وَلَا يَمْتَدُّ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: دِعَامَةٌ) أَيْ: رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) أَيْ: صَاعٌ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ يُؤَدِّي مِنْ الْبُرِّ مُدَّيْنِ وَهُوَ نِصْفُ صَاعٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ بَهْرَامَ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَاعًا إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَى هَذَيْنِ مَعَ أَنَّهَا تَجِبُ فِي غَيْرِهِمَا لِكَوْنِهِ الْمَوْجُودَ إذْ ذَاكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ) أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الصَّاعِ كَائِنًا عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، (قَوْلُهُ: كُلُّ مُدٍّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ) كُلُّ مُدٍّ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَقَدْ حُرِّرَ الصَّاعُ فَوُجِدَ أَرْبَعَ حَفَنَاتٍ بِحَفْنَةِ الرَّجُلِ الَّذِي لَيْسَ بِعَظِيمِ الْكَفَّيْنِ وَلَا صَغِيرِهِمَا، وَذَلِكَ قَدَحٌ وَثُلُثٌ (قَوْلُهُ: إنْ حُمِلَ عَلَى مَسْأَلَةِ سَنَدٍ) هِيَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى كُلِّ الصَّاعِ بَلْ عَلَى جُزْئِهِ قَالَ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الزَّكَاةِ أَخْرَجَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ الْوُجُوبِ) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ فِي بَيَانِ الْوُجُوبِ مَعَ بَيَانِ كَوْنِهِ بِقَدْرِ الْحِصَصِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَشِيَ الْجُوعَ فِيمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) ، وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُخْرِجُهَا إذَا كَانَ لَا يَلْحَقُهُ فِي إخْرَاجِهَا مَضَرَّةٌ مِنْ فَسَادِ مَعَاشِهِ، أَوْ جُوعِهِ، أَوْ جُوعِ عِيَالِهِ يُرِيدُ وَلَوْ فَضَلَ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ صَاعٍ إذَا خَشِيَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَرْجُو قَضَاءَهُ، أَوْ يَعْلَمُ إلَخْ) أَيْ: أَوْ كَانَ لَا يَرْجُو قَضَاءَهُ لَكِنْ يُعْلِمُ مَنْ أَعْلَمَ مَنْ يَتَسَلَّفُ مِنْهُ أَيْ: يُعْلِمُهُ بِأَنَّهُ يُخْرِجُهَا زَكَاةً فَإِذَا بَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ يُخْرِجُهَا زَكَاةً فَيَجِبُ السَّلَفُ، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ الْقَضَاءَ اُنْظُرْ الْحَطَّابَ فَإِنَّ ذَلِكَ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِعْلَامَ وَاجِبٌ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الدُّيُونِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَتَى بِلَوْ إلَخْ) وَأَجَابَ عَنْهُ تت بِأَنَّهُ قَدْ يُشِيرُ بِأَنَّ لِلْمَذْهَبِيِّ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَالَ: وَبِلَوْ إلَخْ أَيْ: أَنِّي إذَا أَتَيْت بِلَوْ يَكُونُ إشَارَةً إلَى الْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ لَا أَنَّهُ مَتَى كَانَ خِلَافًا مَذْهَبِيًّا أُشِيرَ لَهُ بِلَوْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ مِنْ سُقُوطِهَا بِالدَّيْنِ

(قَوْلُهُ: وَهَلْ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ) أَيْ: عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إذْ بِهِ تَحْصُلُ فَرْحَةُ الْفِطْرِ فَنَاسَبَ الصَّدَقَةَ، أَوْ بِفَجْرِهِ لِخَبَرِ «أَغْنُوهُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَنْ السُّؤَالِ» ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ قَارَنَتْ وِلَادَتُهُ وَقْتَ الْغُرُوبِ أَوْ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَمَاتَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وُلِدَ وَقْتَهُمَا وَمَاتَ بَعْدَهُ لَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ وُلِدَ بَعْدَهُمَا وَأَنَّ مَنْ فُقِدَ وَقْتَهُمَا كَمَنْ فُقِدَ قَبْلُ، (قَوْلُهُ: الْفِطْرُ الْجَائِزُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْفِطْرِ عِنْدَ الْغُرُوبِ جَائِزًا وَبَعْدَ الْفَجْرِ وَاجِبًا فَإِنْ أُرِيدَ الْفِطْرُ بِالْفِعْلِ فَهُوَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالنِّيَّةِ فَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ،

ص: 228

الْوَقْتُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَمَنْ قَدَّرَ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَهَلْ مَبْدَأُ الْوُجُوبِ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ بِفَجْرِهِ؟ خِلَافٌ فَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ لِإِيهَامِ الْمَبْدَأِ بِالِامْتِدَادِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَقْتَ الْغُرُوبِ وَصَارَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَقْتَ الْفَجْرِ: كَالزَّوْجَةِ تَطْلُقُ، وَالْعَبْدُ يُبَاعُ أَوْ يُعْتَقُ وَعَكْسُهُ: كَمَنْ تَزَوَّجَهَا أَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ أَيْ: وَبَقِيَتْ لِلْفَجْرِ إذْ لَوْ طَلُقَتْ أَوْ بِيعَتْ قَبْلَهُ لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَقْتَ الْغُرُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ وَقْتَ الْفَجْرِ عَلَى الثَّانِي سَقَطَتْ عَنْهُ، وَلَوْ صَارَ مِنْ أَهْلِهَا بَعْدُ فَمَنْ مَاتَ، أَوْ بِيعَ، أَوْ طَلُقَتْ بَائِنًا أَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْغُرُوبِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ عَنْهُ وَعَنْ الْبَائِعِ، وَالْمُطَلِّقِ وَالْمُعْتِقِ اتِّفَاقًا، وَبَعْدَ الْفَجْرِ وَجَبَتْ عَلَى مَنْ ذُكِرَ اتِّفَاقًا وَفِيمَا بَيْنَهُمَا الْقَوْلَانِ فَتَجِبُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَعَلَى الْمَالِكِ وَالْمُعْتِقِ وَالْبَائِعِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي وَالْعَتِيقِ وَالْمُطَلَّقَةِ، وَتَسْقُطُ عَنْ الْمَيِّتِ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَجَبَتْ اتِّفَاقًا، وَبَعْدَ الْفَجْرِ سَقَطَتْ اتِّفَاقًا، وَفِيمَا بَيْنَهُمَا الْقَوْلَانِ الْوُجُوبُ عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ

. (ص) مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تُخْرَجُ مِنْ أَغْلَبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ فِي جَمِيعِ الْعَامِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قُوتِ الْمُخْرِجِ.

وَلَمَّا كَانَ الصَّاعُ هُنَا يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ عَامٍ أَتَى بِأَغْلَبِ بِالْهَمْزِ بِخِلَافِ الصَّاعِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْمُصَرَّاةِ إنَّمَا يَقَعُ لِأَفْرَادِ النَّاسِ فَعَبَّرَ عَنْهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ " بِغَالِبِ " وَقِيلَ: تَفَنُّنًا فِي الْعِبَارَةِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِ " يَجِبُ " وَبِ " صَاعٌ "؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ جَامِدًا لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُشْتَقِّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مِقْدَارٍ أَوْ مِكْيَالٍ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الِاعْتِبَارُ بِالْأَغْلَبِ مُطْلَقًا بَلْ بِكَوْنِهِ مِنْ أَصْنَافٍ مَخْصُوصَةٍ تِسْعَةٍ إذَا وُجِدَتْ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا، وَلَوْ كَانَ الْغَيْرُ أَغْلَبَ أَشَارَ إلَى ثَمَانِيَةٍ بِقَوْلِهِ:(مِنْ مُعَشَّرٍ) وَلَا يُرِيدُ كُلَّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ بَلْ: الْقَمْحَ، وَالشَّعِيرَ، وَالسَّلْتَ، وَالزَّبِيبَ، وَالتَّمْرَ، وَالذُّرَةَ، وَالْأُرْزَ، وَالدُّخْنَ وَإِلَى التَّاسِعِ بِقَوْلِهِ:(أَوْ أَقِطٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَتُكْسَرُ الْقَافُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتُسَكَّنُ عَلَى الثَّانِي: خَاثِرُ اللَّبَنِ الْمُخْرَجُ زُبْدُهُ، وَالْقَمْحُ أَفْضَلُهَا.

وَلَمَّا أَرَادَ بِالْمُعَشَّرِ الثَّمَانِيَةَ الْمَذْكُورَةَ وَتَمَّمَ التَّاسِعَ فَبِهَذَا الْمُرَادِ خَرَجَ غَيْرُهَا فَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ مَتَى وُجِدَتْ، وَلَوْ غَلَبَ اقْتِيَاتُ ذَلِكَ الْغَيْرِ، وَخَالَفَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْعَلَسِ خَاصَّةً فَأَجَازَ الْإِخْرَاجَ مِنْهُ إذَا غَلَبَ اقْتِيَاتُهُ، وَلَوْ وُجِدَتْ التِّسْعَةُ رَوَاهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ خَصَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِالرَّدِّ فَقَالَ:(غَيْرِ عَلَسٍ) وَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَقْتَاتَ غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرَ الْمُعَشَّرِ وَالْأَقِطِ مِنْ عَلَسٍ وَلَحْمٍ وَلَبَنٍ وَغَيْرِهِمْ فَيُخْرِجُ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ الْأَنْوَاعِ التِّسْعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقُوتُ وَاحِدًا مِنْ التِّسْعَةِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ مِمَّا غَلَبَ اقْتِيَاتُهُ، فَإِنْ لَمْ يُقْتَتْ شَيْءٌ مِنْ التِّسْعَةِ وَاقْتِيتَ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ مِمَّا غَلَبَ اقْتِيَاتُهُ مِنْ غَيْرِ التِّسْعَةِ، أَوْ مِمَّا انْفَرَدَ بِالِاقْتِيَاتِ مِنْ غَيْرِهَا وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ التِّسْعَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا أَخْرَجَ مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَوْجُودُ مِنْهَا وَاحِدًا، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ مِنْهَا، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أُمُورٌ نَبَّهْنَا عَلَيْهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ

. (ص) وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: مِنْ أَغْلِبْ الْقُوتِ إلَخْ) نَقَلَ ابْنُ نَاجِي عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْغَالِبِ، الْغَالِبُ فِيمَا يُخْرِجُهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا فِيمَا قَبْلَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ) ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَغْلِبُ اقْتِيَاتُهُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، وَأَمَّا الْقَطَانِيُّ فَلَا تُقْتَاتُ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ أَفْتَى الشَّبِيبِيُّ بِأَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ مِقْدَارَ عَيْشِ الصَّاعِ أَيْ: غَدَاؤُهُمْ وَعَشَاؤُهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَمْ يَرْتَضِ الْبُرْزُلِيُّ كَلَامَ الشَّبِيبِيِّ وَقَالَ الصَّوَابُ: أَنَّهُ يُكَالُ أَيْ: يُوزَنُ قَالَ الْحَطَّابُ: وَمَا قَالَهُ الشَّبِيبِيُّ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَفَنُّنًا) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ دُونَ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبِيَّةَ وَالْغَلَبَةَ مُضَافَةٌ لِلْقُوتِ الْغَالِبِ فَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِتَكَرُّرِ الصَّاعِ كُلَّ عَامٍ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُشْتَقِّ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِصَاعٍ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمَجْرُورَاتِ بَعْدَ النَّكِرَاتِ الْمَحْضَةِ صِفَاتٌ (قَوْلُهُ: أَقِطٍ) جَمْعُهُ أَقْطَانٌ إلَخْ حَاصِلُهُ يُخْرِجُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ التِّسْعَةِ إنْ انْفَرَدَ، وَمِنْ غَالِبِهِ إنْ تَعَدَّدَ وَغَلَبَ وَاحِدٌ وَمِنْ أَيِّ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَغْلِبْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: خَاثِرُ اللَّبَنِ) جَامِدُهُ (قَوْلُهُ: وَالْقَمْحُ أَفْضَلُهَا) أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُؤَدِّيَ فِي الْبُلْدَانِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَأَدَاءُ السُّلْتِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الشَّعِيرِ، وَالشَّعِيرُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الزَّبِيبِ، وَالزَّبِيبُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْأَقِطِ اهـ.

ك (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ مَتَى وُجِدَتْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ ظَاهِرُ النُّصُوصِ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى مُحَشِّي تت أَنَّهُمْ مَتَى اقْتَاتُوا غَيْرَ التِّسْعَةِ يُعْطِي مِنْهُ إذَا كَانَ عَيْشَهُمْ، وَلَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً، أَوْ بَعْضُهَا وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُ تَبِعُوا الْحَطَّابَ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أُمُورٌ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي ك، ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرُهُ مُشْكِلٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا: أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْمُعَشَّرِ الشَّامِلِ لِلْقَطَانِيِّ وَلِغَيْرِ ذَلِكَ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ إذَا غَلَبَ اقْتِيَاتُهُ، وَلَوْ وُجِدَتْ الْأَصْنَافُ التِّسْعَةُ، أَوْ أَحَدُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ خَصَّصْنَاهُ بِالْمُرَادِ وَهُوَ فِي تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ تَابِعٌ لِصَاحِبِ الْحَاوِي،، وَمِنْهَا أَنَّهُ أَخْرَجَ الْعَلَسَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بِالْإِخْرَاجِ عَمَّا سِوَاهُ، وَقَدْ الْتَمَسْنَا لَهُ وَجْهًا وَهُوَ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ وَمِنْهَا الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْتَاتُوا غَيْرَهُ فَظَاهِرُهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَوْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ الْمُعَشَّرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.

، ثُمَّ إنَّ عب جَعَلَ الصُّوَرَ خَمْسًا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِمَّا اعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت فَقَالَ فَعُلِمَ: أَنَّ هُنَا خَمْسَ صُوَرٍ إحْدَاهَا: وُجُودُ التِّسْعَةِ مَعَ اقْتِيَاتِ جَمِيعِهَا سَوِيَّةً فَيُخَيَّرُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ، ثَانِيهَا وُجُودُهَا مَعَ غَلَبَةِ اقْتِيَاتِ وَاحِدٍ مِنْهَا فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ، ثَالِثُهَا وُجُودُهَا، أَوْ بَعْضُهَا مَعَ غَلَبَةِ اقْتِيَاتِ غَيْرِهَا فَيَجِبُ مِنْهَا تَخْيِيرًا إنْ تَعَدَّدَ، وَلَا يَنْظُرُ لِمَا كَانَ غَالِبًا قَبْلَ تَرْكِهَا، وَوَاحِدٌ إنْ انْفَرَدَ وَلَوْ اُقْتِيتَ نَادِرًا، رَابِعُهَا فَقَدَ جَمِيعَهَا مَعَ غَلَبَةِ اقْتِيَاتِ غَيْرِهَا فَمَا غَلَبَ، خَامِسُهَا فَقَدَ جَمِيعَهَا مَعَ

ص: 229

هَذَا عَطْفٌ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مِنْ قَوْلِهِ: عَنْهُ أَيْ: يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ صَاعٌ عَنْ نَفْسِهِ، وَصَاعٌ عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ أَيْ: تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ شَرْعًا بِجِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالصَّاعِ الْجِنْسَ، لَا يَرِدُ أَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ الصَّاعَ الْوَاحِدَ يُخْرِجُهُ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُسْلِمِ عَمَّنْ يَمُونُهُ مِنْ الْكُفَّارِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ: كَزَوْجَةٍ، أَوْ أَبٍ، أَوْ وَلَدٍ، أَوْ عَبِيدٍ كُفَّارٍ وَانْظُرْ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ عَمَّنْ يَمُونُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؟ مِثْلَ: أَنْ يَمْلِكَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَيَهُلُّ شَوَّالٌ قَبْلَ نَزْعِهِ مِنْهُ، أَوْ تُسْلِمُ أُمُّ وَلَدِهِ، أَوْ يَكُونُ لَهُ قَرَابَةٌ مُسْلِمُونَ فِي نَفَقَتِهِ كَأَبَوَيْهِ قَالَ سَنَدٌ: وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَى الْكُفَّارِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَحْمَدُ: يَجِبُ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُوَافِقُ مَا لِأَحْمَدَ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ.

ثُمَّ عَدَّدَ جِهَاتِ النَّفَقَةِ الثَّلَاثِ لِإِخْرَاجِ مَا عَدَاهَا مُشِيرًا لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: (بِقَرَابَةٍ) وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِيَمُونُهُ فَدَخَلَ الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ الذُّكُورُ حَتَّى يَحْتَلِمُوا قَادِرِينَ عَلَى الْكَسْبِ وَالْإِنَاثُ حَتَّى يَدْخُلَ بِهِنَّ الْأَزْوَاجُ أَوْ يَدْعُوا إلَى الدُّخُولِ، وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ:(أَوْ زَوْجِيَّةٍ) أَيْ:، وَلَوْ أَمَةً دَخَلَ بِهَا، أَوْ دَعَا إلَى الدُّخُولِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَنِيَّةً أَوْ فَقِيرَةً أَوْ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً لَا بَائِنًا، وَلَوْ حَامِلًا وَلِهَذَا جَعَلَهَا سَبَبًا مُسْتَقِلًّا وَلَمْ يُلْحِقْهَا بِالْقَرَابَةِ وَإِلَّا لَسَقَطَتْ بِيُسْرِهَا، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ بَالَغَ فِي الزَّوْجِيَّةِ فَقَالَ:(وَإِنْ لِأَبٍ) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ زَوْجَةِ أَبِيهِ يُرِيدُ إذَا كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: (وَخَادِمِهَا) لِلْجِهَةِ الَّتِي وَجَبَتْ بِهَا النَّفَقَةُ فَيَشْمَلُ: الْقَرَابَةَ، وَالزَّوْجِيَّةَ وَلَا تَتَعَدَّدُ نَفَقَةُ خَادِمِ الزَّوْجَةِ، وَكَذَا فِطْرَتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ قَدْرٍ، وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ:(أَوْ رِقٍّ وَلَوْ مُكَاتَبًا) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرَةِ عَنْ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ: كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ رَجَعَ رِقًّا لِسَيِّدِهِ، وَلَا بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لِلْقِنْيَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَانَتْ قِيمَتُهُمْ نِصَابًا أَوْ دُونَهُ أَصِحَّاءَ أَوْ مَرْضَى أَوْ زَمْنَى أَوْ ذَوِي شَائِبَةٍ، وَخَصَّ الْمُكَاتَبَ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ قَالَ فِيهَا: وَلَا زَكَاةَ عَلَى عَبِيدِ الْعَبِيدِ أَيْ: لَا يُزَكِّي عَنْهُمْ سَيِّدُهُمْ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَلَا سَيِّدُ سَيِّدِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَبِيدًا لَهُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُمْ بِالِانْتِزَاعِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ.

(ص) وَآبِقًا رُجِيَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ لَوْ مُشَارِكَهُ فِي الْخِلَافِ فَإِنْ لَمْ يُرْجَ لَمْ تَجِبْ، وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ كَذَلِكَ أَيْ: فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ يُرْجَى وَمَنْ لَا يُرْجَى قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَمَّا فِي حَالَةِ كَوْنِهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ

ــ

[حاشية العدوي]

اقْتِيَاتِ غَيْرِهَا مُتَعَدِّدًا مِنْ غَيْرِ غَلَبَةِ شَيْءٍ مِنْهُ فَيُخَيَّرُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُ، وَقَدْ يُقَالُ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ بِالْمُعَشَّرِ خُصُوصُ الثَّمَانِيَةِ

(قَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ) مِنْ بَابِ الْكُلِّ الْجَمِيعِيِّ أَيْ: عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ لَا مِنْ بَابِ الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ (قَوْلُهُ: يَمُونُهُ) صِفَةٌ لِمُسْلِمٍ أَيْ: مُسْلِمٍ مَمُونٍ لَهُ وَكَانَ الْوَاجِبُ إبْرَازَ الضَّمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ فَلَعَلَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ وَاللَّبْسُ مَأْمُونٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يَمُونُ أَيْ: يَقُومُ بِالْإِنْفَاقِ إنَّمَا هُوَ الْمُخْرِجُ لَا الْمُخْرَجُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: قَالَ سَنَدٌ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ وُجُوبِهَا) أَيْ: بِالنَّظَرِ لِعِبَارَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى خِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَدَمَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَ الْوُجُوبَ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ عَنْهُ وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ عَنْهُ وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ إلَخْ، كَانَ ظَاهِرُهُ عَدَمَ الْوُجُوبِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ تَوَهُّمِ الْمُنَافَاةِ وَأَيْنَ تُتَوَهَّمُ الْمُنَافَاةُ مَعَ انْضِمَامِ الْكَلَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَوَهَّمَ الْمُنَافَاةَ مِنْ كَوْنِ الْكَافِرِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَتَأَمَّلْ، (قَوْلُهُ: بِقَرَابَةٍ إلَخْ) كَالْأَوْلَادِ وَالْآبَاءِ الْفُقَرَاءِ وَخَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفَقَتِهِ وَمَنْ يَمُونُهُ بِالْتِزَامٍ أَوْ بِحَمْلٍ كَمَنْ طَلُقَتْ بَائِنًا وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجِيَّةٍ) وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ الْأَمَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَظَاهِرُهُ شُمُولُهُ لِلزَّوْجِ الْعَبْدِ فَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَلَوْ حُرَّةً عَلَيْهِ لِوُجُوبِ إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ، وَلَيْسَتْ عَلَى سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ: وَلِهَذَا التَّعْمِيمِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَنِيَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْقَرَابَةَ إلَخْ) أَيْ: فَيَشْمَلُ كَلَامُهُ خَادِمَ الْأَوْلَادِ وَالْأَبَ وَالْأُمَّ وَخَادِمَ زَوْجَةِ الْأَبِ، وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ: فِي التَّبْصِرَةِ لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ أَبَوَيْهِ خَادِمٌ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا وَهُمَا فَقِيرَانِ أَدَّى عَنْهُمَا وَعَنْ خَادِمِهِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ فِي عِصْمَةِ الْأَبِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَكَانَا يَسْتَغْنِيَانِ بِخَادِمِ الْأَبِ عَنْ خَادِمِ الْأُمِّ أَدَّاهَا عَنْ الْجَمِيعِ لَا خَادِمِ الْأُمِّ، وَإِنْ اسْتَغْنَيَا بِخَادِمِ الْأُمِّ لَمْ يُؤَدِّ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِيُسْرِ الْأَبِ بِخَادِمِهِ فَعَلَيْهِ بَيْعُهَا وَيُؤَدِّي مِنْ ثَمَنِهَا عَنْهُ وَعَنْ زَوْجَتِهِ وَعَنْ خَادِمِهَا، وَالْوَلَدُ يَكُونُ لَهُ الْخَادِمُ كَذَلِكَ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : يُخْرِجُ الْأَبُ عَنْ ابْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا إنْ صَغُرَ فَإِنْ بَلَغَ أَيْ: قَادِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الزَّكَاةِ مِنْ النِّيَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ، وَإِعْلَامُهُ قَائِمٌ مَقَامَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَعَدَّدُ نَفَقَةُ إلَخْ) يُوَافِقُهُ قَوْلُ غَيْرِهِ وَيُخْرِجُ عَنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ لِزَوْجَتِهِ إذَا كَانَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أَخْرَجَ عَنْ ذَلِكَ اهـ.

وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِذَلِكَ بِخَادِمِ الزَّوْجَةِ بَلْ خَادِمِ الْقَرَابَةِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا) اسْمُ كَانَ عَائِدٌ عَلَى الرَّقِيقِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ يَمُونُهُ، وَفِي كِتَابَةٍ أُخْرَى فَإِنَّ النَّفَقَةَ وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْهُ حَالًا فَهِيَ مُتَوَقَّعَةٌ مَآلًا قُلْت: وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ) أَيْ: مُبَاشَرَةً

ص: 230

فَكَمَا قَالَ، وَأَمَّا إنْ قَبَضَهُ بَعْدَ سِنِينَ فَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ إذَا قَبَضَهَا بَعْدَ سِنِينَ مِنْ الْغَاصِبِ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ، صَحَّ تَهْذِيبٌ انْتَهَى

. (ص) وَمَبِيعًا بِمُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ أَمَةً فِيهَا مُوَاضَعَةٌ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ عَلَى الرَّقِيقِ أَوْ مِنْ وَضِيعِهِ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهَا وَزَكَاةَ فِطْرِهَا عَلَى بَائِعِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ رَقِيقًا عَلَى الْخِيَارِ لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّ نَفَقَتَهُ وَزَكَاةَ فِطْرِهِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ

. (ص) أَوْ مُخْدِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ لِشَخْصٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً فَإِنَّ زَكَاةَ فِطْرِهِ عَلَى مَالِكِ رَقَبَتِهِ لَا عَلَى مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ كَنَفَقَتِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ:(إلَّا لِحُرِّيَّةٍ فَعَلَى مُخْدِمِهِ) إلَى أَنَّ مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهُ وَزَكَاةَ فِطْرِهِ عَلَى مَنْ لَهُ خِدْمَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْمُخْدِمِ - بِالْكَسْرِ - كَانَ مَرْجِعُ الرَّقَبَةِ لَهُ أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا؛ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْمُوصَى لَهُ بِهَا، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِهَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَفْهُومُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِحُرِّيَّةٍ فَلَا يَكُونُ عَلَى مُخْدِمِهِ وَيُفَصَّلُ، فَإِنْ كَانَ مَرْجِعُ الرَّقَبَةِ لِلْمُخْدِمِ - بِالْكَسْرِ - فَعَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا فَعَلَيْهِ

. (ص) وَالْمُشْتَرَكُ وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ زَكَاةُ فِطْرِهِ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ فِيهِ فَيُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: بِقَدْرِ الْمِلْكِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُبَعَّضُ وَهُوَ الَّذِي بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ يُخْرِجُ زَكَاةَ فِطْرِهِ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ يَعْنِي: أَنَّ صَاحِبَ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ يُخْرِجُ عَنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَأَمَّا الْجُزْءُ الْحُرُّ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، أَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فَإِنَّ الْحُرَّ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ حِصَّتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ فِي حِصَّتِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ وَكَذَا لَا تَلْزَمُ الْعَبْدَ زَكَاةُ فِطْرِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لِسَيِّدِهِ وَلَنَا عَبْدٌ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ عَنْهُ وَهُوَ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ عَلَى مَسْجِدٍ

. (ص) وَالْمُشْتَرَى فَاسِدًا عَلَى مُشْتَرِيهِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا زَكَاةُ فِطْرِهِ وَنَفَقَتُهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ حَيْثُ قَبَضَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ وَأَحْرَى مِنْهُ الْمَعِيبُ

. (ص) وَنُدِبَ إخْرَاجُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ يُنْدَبُ لِلْمُزَكِّي أَنْ يُخْرِجَهَا يَوْمَ الْعِيدِ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَوْ بَعْدَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى أَبُو الْحَسَنِ مَحَلُّ الِاسْتِحْسَانِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلَوْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى فَهُوَ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ انْتَهَى فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهَا الْمُسْتَحَبُّ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى وَبَعْدَ الْفَجْرِ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَكَمَا قَالَ) أَيْ: ابْنُ الْقَصَّارِ (قَوْلُهُ: فَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ) أَيْ: اعْتِبَارُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَنْ يُرْجَى وَمَنْ لَا يُرْجَى بَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ: فَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ زَكَاةً أَيْ: تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا قُبِضَتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ وَهُوَ أَنَّهَا تُزَكَّى كُلَّ عَامٍ، أَوْ عَامًا عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ: أَنَّ النَّعَمَ الْمَغْصُوبَةَ تُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ يُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ فَلْتَكُنْ زَكَاةُ فِطْرَةِ الْآبِقِ إذَا قَبَضَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَحَّ تَهْذِيبٌ) اُنْظُرْ هَذَا التَّرْكِيبَ فَهَلْ فَاعِلُ صَحَّ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى مَا ذَكَرَ، وَالْمَعْنَى: صَحَّ هَذَا مِنْ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: انْتَهَى أَيْ: انْتَهَى كَلَامُ النَّاقِلِ لِكَلَامِ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْحَقِّ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا) فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا فَيُقَالُ لَهَا مُسْتَبْرَأَةٌ فَنَفَقَتُهَا وَزَكَاةُ فِطْرِهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ كَمَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ فِي وَسَطِهِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ بِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ بِالْعَقْدِ فَيَجْعَلُ الزَّكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) الْمُرَادُ حَتَّى تَرَى الدَّمَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِبْرَاءُ الْحَقِيقِيُّ؛ لِأَنَّهَا فِيهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْمُتَوَاضِعَةِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ، وَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: إنْ طَالَتْ فَهِيَ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ لَهُ الرَّقَبَةُ نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ مَفْهُومُهُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مَنْطُوقٌ لَا مَفْهُومٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ بَابِ الْمَفْهُومِ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَنْطُوقِ فَفِي الْكَلَامِ مَنْطُوقَانِ، وَأَقُولُ: وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ فِي صُورَةِ مَا إذَا قُلْنَا كَانَ الْمَرْجِعُ لِشَخْصٍ آخَرَ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ لَا الْمُخْدِمُ - بِكَسْرِ الدَّالِ - إلَّا أَنَّ فِيهِ شَيْئًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي الْمَرْجِعُ لَهُ لَا يُقَالُ لَهُ الْآنَ يَمُونُهُ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَكَاةً كَامِلَةً، وَقِيلَ: عَلَى الْعَدَدِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُنْفِقُ إلَخْ) هَذَا لَا يُنْتِجُ عَدَمَ لُزُومِ زَكَاةِ فِطْرِ زَوْجَتِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَكَذَا لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ زَكَاةُ فِطْرِ زَوْجَتِهِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ قُوتِهِ مِنْ غَيْرِ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ فَضْلَةٌ فَيُخْرِجُ، (قَوْلُهُ: مِنْ خَرَاجِهِ إلَخْ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَرَاجِ مَا يُجْعَلُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ دِرْهَمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ وَبِالْكَسْبِ مَا يَحْصُلُ مِنْ رِبْحٍ فِي تِجَارَةٍ، كَأَنْ يُعْطِيَهُ السَّيِّدُ دَرَاهِمَ يَتَّجِرُ بِهَا وَرِبْحُهَا لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَنَا عَبْدٌ إلَخْ) قَالَ عج مَا مَعْنَاهُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ لِلْوَاقِفِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ لِلْوَاقِفِ فَزَكَاةُ الْعَبْدِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ عَلَى وَاقِفِهِ هَذَا هُوَ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى فَحِينَئِذٍ يُقَالُ ذَلِكَ فِي عَبِيدِ الْعَبِيدِ لِمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مَعَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ فَالتَّنَاقُضُ إنَّمَا هُوَ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ، وَأَمَّا قَوْلُهَا فَلَمْ يَقَعْ فِيهِ تَنَاقُضٌ وَنَصُّهَا: وَيُسْتَحَبُّ

ص: 231

فَقَدْ فَعَلَ مَكْرُوهًا، فَإِنَّ بَيْنَهُمَا تَنَافِيًا وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إخْرَاجُهَا قَبْلَ أَنْ يَرُوحَ إلَى الْمُصَلَّى؛ لِيَأْكُلَ مِنْهَا الْفَقِيرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَبْلَ غُدُوِّهِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لِقَوْلِهِ: عليه الصلاة والسلام «أَغْنُوهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ عَنْ السُّؤَالِ» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] أَيْ: يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ يَغْدُو ذَاكِرًا لِلَّهِ تَعَالَى إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى

(ص) وَمِنْ قُوتِهِ الْأَحْسَنِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ كَانَ يَقْتَاتُ أَحْسَنَ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ قُوتِهِ الْأَحْسَنِ، فَإِذَا كَانَ غَالِبُ الْقُوتِ الشَّعِيرَ وَهُوَ يَقْتَاتُ الْقَمْحَ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ قُوتِهِ فَقَوْلُهُ: الْأَحْسَنِ أَيْ: مِنْ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ غَالِبِ قُوتِهِمْ

. (ص) وَغَرْبَلَةُ الْقَمْحِ إلَّا الْغَلَثَ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ غَرْبَلَةُ الْقَمْحِ الَّذِي يُخْرِجُهُ زَكَاةً عَنْ الْفِطْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَمْحُ غَلَثًا فَتَجِبُ غَرْبَلَتُهُ حَيْثُ كَانَ غَلَثُهُ يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ، وَيُسْتَحَبُّ حَيْثُ كَانَ غَلَثُهُ الثُّلُثَ فَمَا قَارَبَهُ بِيَسِيرٍ كَمَا فِي بَابِ الْقِسْمَةِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ، ثُمَّ إنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْقَمْحِ بَلْ كُلُّ مُخْرَجٍ كَذَلِكَ قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَلَا يُجْزِئُ الْمُسَوَّسُ الْفَارِغُ بِخِلَافِ الْقَدِيمِ الْمُتَغَيِّرِ الطَّعْمُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ

(ص) وَدَفْعُهَا لِزَوَالِ فَقْرٍ وَرِقٍّ يَوْمَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ زَالَ فَقْرُهُ يَوْمَ الْعِيدِ أَنْ يُخْرِجَ الْفِطْرَةَ وَإِنْ زَالَ فَقْرُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ مَنْ زَالَ رِقُّهُ بِأَنْ عَتَقَ الْعَبْدُ فَقَوْلُهُ: وَدَفْعُهَا إلَخْ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ وَقَوْلُهُ: " لِزَوَالِ " أَيْ: لِأَجْلِ زَوَالِ فَقْرِهِ أَوْ رِقِّهِ فَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْتَقِ - بِالْفَتْحِ - وَنُدِبَتْ عَلَى سَيِّدِهِ

. (ص) وَلِلْإِمَامِ الْعَدْلِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ دَفْعُهَا لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْوُجُوبُ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ حَمَلَهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُهَا لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ مَشَقَّةَ دَفْعِ الْمَالِ عَلَى النَّفْسِ بِخِلَافِ الْفِطْرِ، وَلَوْ أَخَذَهَا الْفَقِيرُ ثُمَّ اسْتَغْنَى بِهَا فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا لَكِنْ إنْ مَلَكَهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ، وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدَهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِخْرَاجُ

. (ص) وَعَدَمُ زِيَادَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ وَهُوَ الصَّاعُ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ بِدْعَةٌ أَيْ: الزَّائِدُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ لَا ثَوَابَ فِيهِ قِيلَ لِمَالِكٍ: أَيُؤَدِّي بِالْمُدِّ الْأَكْبَرِ قَالَ لَا بَلْ بِمُدِّ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام فَإِنْ أَرَادَ خَيْرًا فَعَلَى حِدَةٍ الْقَرَافِيُّ سَدًّا لِتَغَيُّرِ الْمَقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ

. (ص) وَإِخْرَاجُ الْمُسَافِرِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ إخْرَاجُ الْمُسَافِرِ أَيْ: يَتَوَلَّى إخْرَاجَهَا عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّهِ وَلَا يُوَكِّلُهُ إلَى أَهْلِهِ لِقَوْلِهَا وَيُؤَدِّيهَا الْمُسَافِرُ حَيْثُ هُوَ، وَإِنْ أَدَّاهَا عَنْهُ أَهْلُهُ أَجْزَأَهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَجَازَ إخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ) إذَا تَرَكَ عِنْدَهُمْ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ، وَوَثِقَ بِهِمْ وَأَوْصَاهُمْ زَادَ فِي التَّوْضِيحِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِفَقْدِ النِّيَّةِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ أَهْلِهِ أَخْرَجَ مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ، وَإِنْ أَخْرَجُوا عَنْهُ أَخْرَجُوا مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي يَأْكُلُهُ انْتَهَى

. (ص) وَدَفْعُ صَاعٍ لِمَسَاكِينَ وَآصُعٍ لِوَاحِدٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ صَاعٍ وَاحِدٍ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرَةِ لِجَمَاعَةِ مَسَاكِينَ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ دَفْعُ آصُعَ مِنْهَا لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ

. (ص) وَمِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ (ش) عَطْفٌ عَلَى صَاعٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَدَفْعُ صَاعٍ أَيْ: وَجَازَ دَفْعُ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ أَيْ: مِنْ قُوتِهِ الْآخَرِ وَهُوَ مُسَاوٍ لِقُوتِ الْبَلَدِ، كَمَا إذَا كَانَ لَهُ قُوتَانِ أَحَدُهُمَا: مُسَاوٍ لِقُوتِ الْبَلَدِ، وَالْآخَرُ أَحْسَنُ لَا الْأَدْوَنُ مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَغْلَبِ وَلَيْسَ لَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ إلَّا لِعَجْزٍ عَنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْأَغْلَبِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنْ يُؤَدِّيَ بَعْدَ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى، فَإِنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَوَاسِعٌ اهـ.

وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ بِأَدَائِهَا قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى» ، وَيُوَافِقُهُ نَصُّ الْمَوَّاقِ وَنَصُّهُ فِيهَا اسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاةُ الْفِطْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى لِقَوْلِهِ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] إلَى فَصَلَّى أَيْ: مَنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، ثُمَّ غَدَا ذَاكِرًا لِلَّهِ إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إخْرَاجُهَا إلَخْ) هَذَا مِمَّا يُقَوِّي مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَيْ، يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ.

(تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحِقٌّ فِي الْوَقْتِ الْمَنْدُوبِ فَعَزْلُهَا كَإِخْرَاجِهَا.

(قَوْلُهُ: فَمَا قَارَبَهُ بِيَسِيرٍ) لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهُ وَقَوْلُهُ: كَمَا فِي بَابِ الْقِسْمَةِ أَيْ: أُرِيدَ أَنْ يُقَسَّمَ شَيْءٌ مِنْ الْقَمْحِ فِيهِ غَلَثٌ فَيَجْرِي فِيهِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ) أَيْ: فَالْحَامِلُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ وَإِلَّا فَقَدْ قَرَّرَ الْمُصَنِّفُ بِتَقْرِيرٍ آخَرَ وَنَصُّهُ أَيْ: وَنُدِبَ غَرْبَلَةُ الْقَمْحِ الَّذِي يُخْرِجُهُ زَكَاةً عَنْ الْفِطْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَمْحُ غَلَثًا فَيَجِبُ غَرْبَلَتُهُ حَيْثُ كَانَ غَلَثُهُ يَنْقُصُهُ مِنْ النِّصَابِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالثُّلُثِ وَلَا بِغَيْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِزَوَالِ فَقْرٍ) وَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ إخْرَاجُهَا عَنْهُ وَيُلْغِزُ بِهَا فَيُقَالُ زَكَاةُ فِطْرٍ أُخْرِجَتْ عَنْ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ عَلَيْهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِالْفَجْرِ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِالْفَجْرِ

(قَوْلُهُ: أَيْ، الزَّائِدُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ) أَيْ: حَيْثُ تَحَقَّقَ الزَّائِدُ لَا إنْ شَكَّ، (قَوْلُهُ: أَيُؤَدِّي بِالْمُدِّ الْأَكْبَرِ) الَّذِي هُوَ مُدُّ هِشَامٍ وَهُوَ مُدٌّ وَثُلُثَانِ؟

(قَوْلُهُ: إخْرَاجُ الْمُسَافِرِ) فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُخْرِجُ عَنْهُ أَهْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ، وَإِنَّمَا نُدِبَ الْإِخْرَاجُ لِلِاحْتِيَاطِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يُخْرِجَ أَهْلُهُ عَنْهُ، (قَوْلُهُ: إذَا تَرَكَ عِنْدَهُمْ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ) لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ حَيْثُ أَوْصَاهُمْ وَوَثِقَ بِهِمْ يَكْفِي (قَوْلُهُ: أَخْرَجَ مِنْ الصِّنْفِ إلَخْ) ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُخْرِجُ - بِالْكَسْرِ - صِنْفَ مَا يَأْكُلُهُ الْمُخْرَجُ عَنْهُ أَخَّرَ الْإِخْرَاجَ حَتَّى يَعْلَمَ، كَذَا يَنْبَغِي.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ: أَيْ: وَجَازَ دَفْعُ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ: وَجَازَ الدَّفْعُ مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ إلَّا لِعَجْزٍ)

ص: 232