الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إفْهَامِ الْمُسْتَخْلَفِ أَوْ بِسَبَبِهِ. وَإِذَا جَهِلَ وَجَهِلُوا فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى الْمُحَقَّقِ وَيُلْغِي غَيْرَهُ. (ص) وَإِنْ قَالَ لِلْمَسْبُوقِ: أَسْقَطْت رُكُوعًا عَمِلَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ لِلْمُسْتَخْلَفِ الْمَسْبُوقِ: أَسْقَطْت رُكُوعًا أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يُوجِبُ إبْطَالَ الرَّكْعَةِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ الْمُسْتَخْلَفُ الْمَسْبُوقُ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ أَيْضًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَهُوَ مَنْ عَلِمَ صِحَّةَ مَقَالَتِهِ أَوْ ظَنَّهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا أَوْ ظَنَّ خِلَافَهَا، وَلَا يَعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ عَلِمَ صِحَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَصَلَاةِ نَفْسِهِ بَلْ يَعْمَلُ عَلَى مَا عَلِمَ.
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ الْمُسْتَخْلَفَ، وَفِي لُزُومِ اتِّبَاعِ مَنْ تَيَقَّنَ صِحَّةَ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَشَكَّ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُغْنِي عَنْهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ " وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ إلَخْ " وَأَعَادَهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ " وَسَجَدَ قَبْلَهُ إلَخْ " وَإِنَّمَا فَرَضَهَا فِي الْمَسْبُوقِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ فِي أَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ إذْ لَا يَتَأَتَّى هَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ وَلَا مَفْهُومَ لِرُكُوعٍ وَلَوْ قَالَ " رُكْنًا " لَكَانَ أَشْمَلَ.
(ص) وَسَجَدَ قَبْلَهُ إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ. (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ السُّجُودَ الْقَبْلِيِّ يَسْجُدُهُ عَقِبَ كَمَالِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَقَبْلَ تَمَامِ صَلَاتِهِ كَمَا إذَا أَخْبَرَهُ بَعْدَمَا عَقَدَ الثَّالِثَةَ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا مَثَلًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ هُنَا بَعْدَ كَمَالِ صَلَاةِ إمَامِهِ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ؛ لِأَنَّ هُنَا زِيَادَةً وَنَقْصَ السُّورَةِ لِرُجُوعِ الثَّالِثَةِ ثَانِيَةً أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِهَا وَلَوْ فِي الْجَلْسَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْأُولَى فَتَنْقَلِبَ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً وَهَذَا مَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَنَّهُ مِنْ الثَّالِثَةِ أَوْ مِنْ الرَّابِعَةِ، فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ تَتَمَحَّضُ الزِّيَادَةُ فَيَسْجُدُ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَكَذَا إذَا أَخْبَرَهُ وَهُوَ فِي الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى مَثَلًا أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ هُنَا بَعْدِيٌّ لِتَمَحُّضِ الزِّيَادَةِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ، كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ السَّهْوِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ يَصِيرُ مَطْلُوبًا بِمَا يُطْلَبُ بِهِ الْإِمَامُ فَيُطْلَبُ حِينَئِذٍ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّهْوِ بِغَيْرِ مَا هُنَا وَحَيْثُ كَانَ السُّجُودُ بَعْدِيًّا لِتَمَحُّضِ الزِّيَادَةِ فَمَحَلُّهُ بَعْدَ سَلَامِ الْمُسْتَخْلَفِ وَلَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِيمَا اسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ فِيمَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءُ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَجْزَأَهُ لِذَلِكَ سُجُودُ الْإِمَامِ، فَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ بِزِيَادَةٍ كَسَهْوِ الْإِمَامِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ بِنَقْصٍ فَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَنْقَلِبُ لَهُمَا قَبْلِيًّا. وَظَاهِرُ مَا فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يَنْقَلِبُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الظَّرْفَ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ " مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ " سَجَدَ " قَالَ بَعْضٌ: وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ " إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ " لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الشَّرْطِ لَهُ إذْ يَصِيرُ التَّرْكِيبُ هَكَذَا " وَسَجَدَ قَبْلَهُ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ " فَيُوهِمُ أَنَّهُ عِنْدَ تَمَحُّضِ الزِّيَادَةِ يَسْجُدُ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَهُوَ فَاسِدٌ
وَلَمَّا كَانَتْ الْفَرِيضَةُ تَقَعُ مَرَّةً تَامَّةً غَيْرَ مَجْمُوعَةٍ مَعَ فَرْضٍ آخَرَ وَمَجْمُوعَةً وَمَرَّةً مَقْصُورَةً مَجْمُوعَةً وَغَيْرَ مَجْمُوعَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ التَّامَّةِ غَيْرِ الْمَجْمُوعَةِ شَرَعَ فِيمَا عَدَاهَا مُبْتَدِئًا بِبَيَانِ حُكْمِ الْقَصْرِ فَقَالَ (فَصْلٌ) سُنَّ لِمُسَافِرٍ غَيْرِ عَاصٍ بِهِ وَلَاهٍ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ سَفَرًا طَوِيلًا
ــ
[حاشية العدوي]
التَّعْلِيلِ وَالسَّبَبِيَّةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ) قَالَ عب وَيَعْمَلُ الْمَأْمُومُ الْمَسْبُوقُ الْعَالِمُ مَعَ الْمُسْتَخْلَفِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ وَلَكِنْ لَا يَتْبَعُهُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا يَجْلِسُ مَعَهُ إذَا جَلَسَ فِي مَحَلٍّ لَا يَجْلِسُ فِيهِ فَإِذَا اُسْتُخْلِفَ فِي ثَانِيَةِ الظُّهْرِ وَقَالَ لَهُ الْأَصْلِيُّ بَعْدَمَا صَلَّى ذَلِكَ الْمُسْتَخْلَفُ الثَّالِثَةَ: أَسْقَطْت رُكُوعًا مِنْ الْأُولًى فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ مِنْ الْمَأْمُومِينَ خِلَافَ قَوْلِهِ لَا يَجْلِسُ مَعَ الْمُسْتَخْلَفِ إذَا جَلَسَ بَعْدَ فِعْلِ الثَّالِثَةِ الَّتِي صَارَتْ ثَانِيَةً وَيَفْعَلُ مَعَهُ الرَّابِعَةَ فَإِذَا جَلَسَ الْمُسْتَخْلَفُ بَعْدَهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فَإِنَّ الْعَالِمَ خِلَافَهُ يَسْتَمِرُّ جَالِسًا حَتَّى يَأْتِيَ الْمُسْتَخْلَفُ بِرَكْعَةِ الْقَضَاءِ فَيَتَشَهَّدَ مَعَهُ وَيُسَلِّمَ بَعْدَ سَلَامِهِ كَذَا فِي عب وَلَمْ يَظْهَرْ قَوْلُهُ: فَإِذَا جَلَسَ الْمُسْتَخْلَفُ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَجْلِسُ بَعْدَهَا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَقْرِيرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ اتِّبَاعِ) أَيْ: اتِّبَاعِ هَذَا الْمَأْمُومِ الْإِمَامَ الْمُسْتَخْلَفَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ) اعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ عَقِبَ تَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ دُونَ بَعْدُ؛ لِأَنَّ بَعْدُ حَقِيقَةٌ فِي التَّرَاخِي قَالَ عب: فَإِنْ أَخَّرَهُ وَسَجَدَ بَعْدَ إكْمَالِهِ صَلَاةَ نَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ: سُجُودُ الْإِمَامِ) أَيْ: الْبَعْدِيُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ بِزِيَادَةٍ) أَيْ: كَانَ فِيمَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءٌ أَوْ كَانَ فِيمَا اُسْتُخْلِفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِنَقْصٍ أَيْ: كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: يَنْقَلِبُ لَهُمَا قَبْلِيًّا) أَيْ: لِلْقَاعِدَةِ الْمَعْلُومَةِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ يُغَلَّبُ جَانِبُ النَّقْصِ عَلَى جَانِبِ الزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَنْقَلِبُ) أَيْ: بَلْ يَكْتَفِي بِالسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ أَيْ: الَّذِي هُوَ لِزِيَادَةِ الْإِمَامِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ وَانْظُرْ لِمَ كَانَ النَّقْصُ الَّذِي حَصَلَ فِيمَا اُسْتُخْلِفَ عَلَيْهِ يُبْقِيهِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَهَلَّا فَعَلَهُ عَقِبَ كَمَالِ صَلَاةِ الْإِمَامِ مِثْلَ السَّهْوِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ نَظَرَ فِيهِ لِفِعْلِهِ هُوَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي السُّجُودِ بَعْدَ إكْمَالِ صَلَاةِ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ مِنْ كَوْنِهِ يَسْجُدُ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ إنَّمَا هُوَ فِي مَحْضِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْإِمَامِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْأَصْلِ سُجُودًا بِنَقْصٍ ثُمَّ سَهَا الْمُسْتَخْلَفُ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ فِيمَا كَمَّلَهُ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ فَإِنَّ سُجُودَهُ لِإِمَامِهِ يُغْنِيهِ عَنْ سُجُودِهِ هُوَ أَيْ: بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ وَيَبْقَى مَا إذَا حَصَلَ لِلْمُسْتَخْلَفِ سَهْوٌ فِيمَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءً فَإِنَّهُمْ لَا يَسْجُدُونَ مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ هَذَا كُلُّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْحَطَّابِ
[فَصْلٌ صَلَاة الْمُسَافِر]
(فَصْلٌ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ)(قَوْلُهُ غَيْرِ عَاصٍ بِهِ) صِفَةٌ لِمُسَافِرٍ أَيْ مُرِيدِ السَّفَرِ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ.
(تَنْبِيهٌ) : السَّفَرُ لُغَةً قَطْعُ الْمَسَافَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْإِسْفَارِ وَمِنْهُ أَسْفَرَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا أَظْهَرَتْهُ وَأَسْفَرَ الصُّبْحُ ظَهَرَ؛ لِأَنَّهُ لِمَشَقَّتِهِ يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ وَقَوْلُهُ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ مَعْمُولٌ لِمُسَافِرٍ وَلَوْ قَطَعَهَا فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ طَارَ مَثَلًا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ تَحْدِيدٌ لَا تَقْرِيبٌ فَلَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فِيمَا دُونَهَا
(قَوْلُهُ: أَرْبَعَةَ بُرُدٍ) وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ
أَرْبَعَةَ بُرُدٍ فَأَكْثَرَ كُلُّ بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ كُلُّ مِيلٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعُ مَا بَيْنَ طَرَفِ طَيِّ الْمِرْفَقِ إلَى طَرَفِ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى كُلُّ ذِرَاعٍ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ إصْبَعًا كُلُّ إصْبَعٍ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ بَطْنُ إحْدَاهَا إلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى كُلُّ شُعَيْرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ الرُّبَاعِيَّةَ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ عَاصٍ بِسَفَرِهِ أَوْ لَاهٍ فَيُمْنَعُ قَصْرُ الْعَاصِي كَالْآبِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ مَا لَمْ يَتُبْ فَإِنْ تَابَ قَصَرَ وَيُنْظَرُ لِلْمَسَافَةِ مِنْ وَقْتِ التَّوْبَةِ
وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ أَنَّ الْعَاصِيَ فِيهِ يَقْصُرُ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا وَفِي قَصْرِ الْعَاصِي قَوْلَانِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَفِي اللَّاهِي قَوْلَانِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ وَالرَّاجِحُ الْحُرْمَةُ فِي الْعَاصِي وَالْكَرَاهَةُ فِي اللَّاهِي فَلَوْ قَصَرَ الْعَاصِي أَعَادَ أَبَدًا عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ قَصَرَ اللَّاهِي أَعَادَ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ ق
(ص) وَلَوْ بِبَحْرٍ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي طَلَبِ هَذِهِ الْمَسَافَةِ لَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ مَسَافَةِ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ بِبَحْرٍ مَعَ السَّاحِلِ، أَوْ اللُّجَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْبَحْرِ سَيْرُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دُونَ الْمَسَافَةِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي اللُّجَّةِ بِالزَّمَانِ وَمَعَ السَّاحِلِ بِالْمَسَافَةِ وَلَوْ اتَّفَقَ لَهُ سَفَرُ بَرٍّ وَبَحْرٍ وَيُقْصِرُ وَيُلَفَّقُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلِابْنِ الْمَوَّازِ تَفْصِيلٌ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ شَارِحُ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ كَمَا اقْتَصَرَ بَهْرَامُ عَلَيْهِ وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ بِإِيهَامِهِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ
(ص) ذَهَابًا (ش) إمَّا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يَذْهَبُهَا ذَهَابًا فَلَوْ كَانَتْ مُلَفَّقَةً مِنْ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ لَا يَقْصُرُ أَوْ تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ أَيْ مِنْ جِهَةِ الذَّهَابِ، أَوْ حَالٌ مِنْ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ لَكِنْ يُؤَوَّلُ ذَهَابًا بِمَذْهُوبًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مَذْهُوبًا فِيهَا
(ص) قُصِدَتْ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً إذْ لَوْ قَطَعَهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَمْ يَقْصُرْ كَالْهَائِمِ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ جَاوَزَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ
(ص) دَفْعَةً (ش) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يَدْفَعُهَا دَفْعَةً وَمَعْنَى يَدْفَعُهَا يُوقِعُهَا وَإِعْرَابُهُ تَمْيِيزًا مِنْ عَدَمِ التَّمْيِيزِ لِأَنَّ دَفْعَةً وَطَوْرًا وَمَرَّةً وَنَحْوَهَا مَصَادِرُ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الْأَرْبَعَةِ بُرُدٍ قُصِدَتْ دَفْعَةً أَنْ لَا يُقِيمَ فِيمَا بَيْنَهَا إقَامَةً تُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فَمَنْ قَصَدَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ وَنَوَى أَنْ يَسِيرَ مِنْهَا مَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يُقِيمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ، ثُمَّ يُسَافِرَ بَاقِيَهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَقْطَعَهَا عَلَى ظَهْرٍ وَاحِدٍ أَيْ أَنَّهُ يَقْطَعُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً أَيْ يَسِيرُهَا فِي سَيْرَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْعَادَةَ قَاضِيَةٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَدَفْعَةً بِفَتْحِ الدَّالِ
(ص) إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ (ش) لَمَّا كَانَ الْإِتْمَامُ هُوَ الْأَصْلَ وَالنِّيَّةُ لَا تَخْرُجُ عَنْ الْأَصْلِ بِمُجَرَّدِهَا اشْتَرَطَ مَعَهَا الشُّرُوعَ وَاشْتَرَطَ فِي الشُّرُوعِ الِانْفِصَالَ عَنْ حُكْمِ مَحَلَّتِهِ، ثُمَّ قَسَّمَ الْمَحَلَّ الْمُنْفَصِلَ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ بَلَدًا فَلَا
ــ
[حاشية العدوي]
وَبِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ مَرْحَلَتَانِ أَيْ سَيْرَ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ بِسَيْرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَوْ سَفَرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِسَيْرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ عَلَى الْمُعْتَادِ كَمَا لِلشَّاذِلِيِّ وَظَاهِرُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ الرَّاجِحُ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ، وَانْظُرْ هَلْ يُحْسَبُ الْيَوْمَانِ مِنْ الْفَجْرِ أَوْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: كُلَّ مِيلٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ) قِيلَ وَمُفَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْمِيلَ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إصْبَعًا مُعْتَرِضَةً مُعْتَدِلَةً وَالْمُرَادُ بِهِ الذِّرَاعُ الْهَاشِمِيُّ وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مُعْتَدِلَةٍ مُعْتَرِضَةٍ وَكُلُّ شُعَيْرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ وَالذِّرَاعُ الْهَاشِمِيُّ يَنْقُصُ عَنْ الذِّرَاعِ الْحَدِيدِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ الثَّمَنُ فَتَكُونُ السِّتَّةُ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ وَسَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا بِالْحَدِيدِ (قَوْلُهُ: كُلُّ شُعَيْرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ) كَذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الشُّعَيْرَةَ بِهَذَا الْوَصْفِ وَهُوَ كَوْنُ بَطْنِ إحْدَاهُمَا لِظَهْرِ الْأُخْرَى لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشُّعَيْرَةَ بِهَذَا الْوَصْفِ تَكُونُ عَلَى جَنْبِهَا وَهَذَا لَا يَسَعُ السِّتَّ شَعَرَاتٍ وَإِنَّمَا يَسَعُهَا ظَهْرُهَا أَوْ بَطْنُهَا كَمَا هُوَ نَقْلُ النَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ) أَيْ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ سُنَّةَ عَيْنٍ مُؤَكَّدَةً وَفِي آكَدِيَّتِهَا عَلَى سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ وَعَكْسِهِ قَوْلَا ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: غَيْرِ عَاصٍ بِسَفَرِهِ) وَأَمَّا الْعَاصِي فِيهِ كَالزَّانِي وَشَارِبِ الْخَمْرِ فَيُقْصِرُ اتِّفَاقًا وَلَا فَرْقَ فِي مَنْعِ الْعَاصِي مِنْ الْقَصْرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عِصْيَانُهُ مَدْخُولًا عَلَيْهِ أَوْ طَارِئًا فَلَوْ عَصَى بِالسَّفَرِ فِي أَثْنَائِهِ أَتَمَّ.
(قَوْلُهُ: بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ) وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ الْحُرْمَةُ فِي الْعَاصِي وَالْكَرَاهَةُ فِي اللَّاهِي فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَقَصَرَ فَالرَّاجِحُ لَا إعَادَةَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَصَرَ. . . إلَخْ) الرَّاجِحُ لَا إعَادَةَ فِي الْعَاصِي وَاللَّاهِي (قَوْلُهُ: وَلِابْنِ الْمَوَّازِ تَفْصِيلٌ) وَهُوَ أَنَّهُ يُلَفِّقُ تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ أَوْ تَأَخَّرَتْ حَيْثُ كَانَ السَّيْرُ فِيهِ بِمِجْذَافٍ أَوْ بِهِ وَبِالرِّيحِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرُ فِيهِ بِالرِّيحِ فَقَطْ لَمْ يَقْصُرْ فِي مَسَافَةِ الْبَرِّ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ دُونَ قَصْرٍ؛ إذْ لَعَلَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الرِّيحُ وَقَصَرَ إنْ نَزَلَهُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ مَسَافَةُ قَصْرٍ لَا أَقَلُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِشَارِحِنَا وَلَا يَقْصُرُ مَا دَامَ فِي الْمَرْسَى اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ: شَارِحُ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَوْفِيُّ (قَوْلُهُ: إمَّا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَلِذَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ عِنْدَنَا نِسْبَةً بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَفِيهَا إبْهَامٌ كَقَوْلِك طَابَ زَيْدٌ نَفْسًا وَبُيِّنَتْ بِالتَّمْيِيزِ، وَنَقُولُ هُنَا نِسْبَةُ السَّفَرِ أَرْبَعَةٌ تِلْكَ النِّسْبَةُ الْإِيقَاعِيَّةُ فِيهَا إبْهَامٌ بُيِّنَتْ بِقَوْلِهِ ذَهَابًا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مِنْ جِهَةِ الذَّهَابِ أَوْ الْإِيَابِ فَأَفَادَ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الذَّهَابِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُسَوِّغُ مَوْجُودٌ وَهُوَ التَّخْصِيصُ بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ: يُرِيدُ. . . إلَخْ) تُرَاهُ جَعَلَ قَوْلَهُ قُصِدَتْ شَرْطًا عَلَى حِدَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ وَقَوْلُهُ دَفْعَةً شَرْطٌ وَاحِدٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهَائِمَ قَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ لِمُسَافِرٍ أَيْ لِمُرِيدِ سَفَرٍ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ وَالْهَائِمُ لَا يُقَالُ فِي حَقِّهِ إنْ كَانَ مُرِيدَ سَفَرٍ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) كَعَادَةٍ.
(قَوْلُهُ إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ) أَيْ الْحَضَرِيُّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَمُودِيُّ إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ ثُمَّ أَرَادَ الِارْتِحَالَ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ الْبَسَاتِينَ
يَقْصُرُ حَتَّى يَتَعَدَّى الْبُنْيَانَ وَالْبَسَاتِينَ الْمُتَّصِلَةَ بِهِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ كَانَتْ بَلَدَ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرَهَا وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَزَارِعِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ السُّورِ إنْ كَانَ لِلْبَلَدِ سُورٌ وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ بُنْيَانِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَيَكْفِي مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ فَقَطْ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنُ رُشْدٍ، أَوْ خِلَافٌ وَهُوَ رَأْيُ الْبَاجِيِّ وَغَيْرِهِ وَتَأَوَّلْت الْمُدَوَّنَةَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ السَّفَرِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَابِ الْجُمُعَةِ سَوَاءٌ فَكَمَا أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَسْقُطُ عَمَّنْ هُوَ دُونَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَاضِرِ كَذَلِكَ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَتَأَوَّلْت أَيْضًا عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ) انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ حَيْثُ لَا تَزِيدُ الْبَسَاتِينُ الْمَسْكُونَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَإِنْ زَادَتْ عَنْهَا اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ عَلَى اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الثَّلَاثَةُ أَمْيَالٍ تَزِيدُ عَلَى الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ فَيَجْرِي فِيمَا زَادَ مِنْهَا عَلَى الْبَسَاتِينِ التَّأْوِيلَانِ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوَزَتِهَا وَعَدَمِهَا وَالْمُرَادُ بِالْمَسْكُونَةِ الْمَسْكُونَةُ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْبِنَاءِ الْخَرِبِ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ (ص) وَالْعَمُودِيُّ حِلَّتَهُ (ش) أَيْ وَإِنْ جَاوَزَ، وَفَارَقَ الْعَمُودِيُّ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ حِلَّتَهُ الصِّحَاحُ هُوَ فِي حِلَّةِ صِدْقٍ أَيْ مَحَلَّةِ صِدْقٍ وَالْمَحَلَّةُ مَنْزِلُ الْقَوْمِ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ الْبُيُوتُ بِحَيْثُ يَجْمَعُهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَاسْمُ الدَّارِ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ الْجَمِيعَ وَيَكُونُ ذَلِكَ حُكْمَ الْفَضَاءِ وَالرِّحَابِ وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَاسْمُ الدَّارِ قَصَرَ إذَا جَاوَزَ بُيُوتَ حِلَّتِهِ هُوَ وَإِذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الدَّارِ دُونَ اسْمِ الْحَيِّ فَهُوَ كَمَا إذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَاسْمُ الدَّارِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَلَمْ يَجْمَعْهُمْ اسْمُ الدَّارِ بِأَنْ كَانَ لِكُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ دَارٌ أَنْ تُعْتَبَرَ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ لَا يَرْتَفِقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَإِلَّا فَهُمْ كَأَهْلِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ كَذَا يَنْبَغِي كَمَا فِي شَرْحِ (هـ)
(ص) وَانْفَصَلَ غَيْرُهُمَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ لَا أَبْيَاتَ بِهَا مُتَّصِلَةٍ وَلَا بَسَاتِينَ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْ قَرْيَتِهِ وَكَذَا مَنْ كَانَ فِي الْجِبَالِ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ مَحَلَّهُ
(ص) قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ وَقْتِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ قَصْرُ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ الْوَقْتِيَّةِ وَلَوْ فِي الضَّرُورِيِّ فَيَقْصُرُ الظُّهْرَيْنِ مَنْ سَافَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ وَلَوْ أَخَّرَ لَهُ عَمْدًا وَلِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ إلَى رَكْعَةٍ صَلَّى الْعَصْرَ سَفَرِيَّةً وَتَرَتَّبَتْ الظُّهْرُ حَضَرِيَّةً وَيَقْصُرُ فَائِتَةَ السَّفَرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ فَائِتَةً فِيهِ) وَلَوْ أَدَّاهَا فِي الْحَضَرِ وَخَرَجَ بِالرُّبَاعِيَّةِ الثُّلَاثِيَّةُ وَالثُّنَائِيَّةُ فَإِنَّهُمَا لَا يُقْصَرَانِ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ نَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْوَقْتِيَّةِ الْحَاضِرَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: أَوْ فَائِتَةٌ فِيهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِحَاضِرَةٍ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْفَائِتَةَ وَقْتِيَّةٌ أَيْضًا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ) كَارْتِفَاقِ سَاكِنِيهَا بِأَهْلِ الْبَلَد بِنَارٍ وَطَبْخٍ وَخَبْزٍ وَشِرَاءٍ مِنْ سُوقِهَا وَإِذَا سَافَرَ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي لَا بَسَاتِينَ بِهِ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يُجَاوِزَ قَدْرَ مَا هِيَ بِهِ أَيْ إذَا سَافَرَ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي لَا بَسَاتِينَ فِيهِ وَالْفَرْضُ الْمُحَاذَاةُ كَمَنْ سَافَرَ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ النَّصْرِ لِجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ إمَّا بِجَانِبِ الْبَسَاتِينِ أَوْ لَيْسَ بِجَانِبِهَا إلَّا أَنَّهُ مُحَاذِيهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْبَسَاتِينُ مِنْ جِهَةِ بَابِ النَّصْرِ وَسَافَرَ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى بِأَنْ سَافَرَ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَزْبَكِيَّةِ وَفُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا بَسَاتِينُ فَيَكْفِي تَعْدِيَةُ الْبِنَاءِ.
(تَنْبِيهٌ) : مِثْلُ الْبَسَاتِينِ الْقَرْيَتَانِ الَّتِي تَرْتَفِقُ أَحَدُهُمَا بِأَهْلِ الْأُخْرَى بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا فَيُنْظَرُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمُفْرَدِهَا بِأَنْ كَانَ عَدَمُ الِارْتِفَاقِ لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ وَفِي شَرْحِ شب وَانْظُرْ إذَا كَانَ بَعْضُ سَاكِنِيهَا يَرْتَفِقُ بِالْبَلَدِ كَالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ دُونَ الْآخَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا كُلَّهَا كَحُكْمِ الْمُتَّصِلَةِ اهـ. يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ) تُقَامُ بِهَا وَلَوْ فِي زَمَنٍ دُونَ زَمَنٍ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنَّمَا يُحْسَبُ الْأَرْبَعَةُ بُرُدٍ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ قَطْعًا وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَهَلْ يُحْسَبُ الثَّلَاثَةُ الْأَمْيَالِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بُرُدٍ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ لَا؟ وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي وَصَوَّبَ بَعْضُهُمْ مَا لِشَيْخِهِ (قَوْلُهُ تَفْسِيرٌ) أَيْ تَقْيِيدٌ (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ) هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَتُؤُوِّلَتْ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ مَوْجُودٌ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَمْ تُؤَوَّلْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَتُؤُوِّلَتْ. . إلَخْ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ مَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ بِالْفِعْلِ أَوْ مَا يُوجَدُ فِيهِ شَرْطُ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ هَكَذَا قَالَ عج وَهُوَ مَرْدُودٌ بَلْ ظَاهِرُ النَّقْلِ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَيَجْرِي فِيهِ التَّأْوِيلَانِ) أَيْ فَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ) وَمُجَاوَزَةُ مُقَابِلِهِ مِنْ الطَّرَفِ الَّذِي لَيْسَ بِهِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْعَمُودِيُّ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ بَيْتَهُ عَلَى عُمُدٍ (قَوْلُهُ: أَيْ مَحَلَّةِ صِدْقٍ) أَيْ مَنْزِلَةِ صِدْقٍ أَيْ مَرْتَبَةٍ هِيَ صِدْقٌ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي الصِّدْقِ أَوْ أَنَّهُ جَعَلَ مَنْزِلَةً ظَرْفًا لِلصِّدْقِ وَكَأَنَّ الصِّدْقَ جِسْمٌ مِنْ الْأَجْسَامِ مَظْرُوفًا فِي الْمَنْزِلِ وَيَكُونُ أَيْضًا كِنَايَةً عَنْ اتِّصَافِهِ بِأَعْظَمِ الصِّدْقِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ حُكْمَ الْفَضَاءِ) أَيْ وَيَكُونُ الْبُيُوتُ الْمُتَفَرِّقَةُ بِمَثَابَةِ الْفَضَاءِ وَالرِّحَابِ الَّتِي بِلَصْقِ الْأَبْنِيَةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْفَضَاءِ كَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ جَمِيعِ الْبُيُوتِ الْمُتَفَرِّقَةِ (قَوْلُهُ إذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ) أَيْ يَنْتَسِبُونَ لِأَبٍ وَاحِدٍ كَبَنِي ثَعْلَبٍ هَذَا مَعْنَاهُ لُغَةً وَالشَّارِحُ تَبِعَ عج فِي هَذَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ كَوْنُهُمْ مُجْتَمَعِينَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَلَوْ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى فَعَلَى هَذَا اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ شَيْءٌ وَاحِدٌ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَالدَّارُ) بِأَنْ جَمَعَتْهُمْ الْجِيزَةُ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مِصْرَ (قَوْلُهُ: لَا أَبْيَاتَ بِهَا مُتَّصِلَةٍ) أَيْ سَاكِنَةً أَوْ خَرِبَةً بِهِ أَيْ أَوْ مُنْفَصِلَةً مُرْتَفِقَةً (قَوْلُهُ: أَوْ فَائِتَةً فِيهِ) وَلَوْ صَلَّاهَا تَامَّةً أَجْزَأَ وَلَا إعَادَةَ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَ وَقْتُهَا
لِأَنَّ الْوَقْتِيَّةَ مَنْسُوبَةٌ لِلْوَقْتِ وَكُلُّ صَلَاةٍ لَهَا وَقْتٌ وَقَوْلُهُ، أَوْ فَائِتَةٌ أَيْ، أَوْ رُبَاعِيَّةٌ فَائِتَةٌ فِيهِ
(ص) وَإِنْ نُوتِيًّا بِأَهْلِهِ (ش) يُرِيدُ أَنْ يُسَنَّ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ بِشُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ كَانَ نُوتِيًّا مَعَهُ أَهْلُهُ خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَأَحْرَى غَيْرُ النُّوتِيِّ وَالنُّوتِيُّ بِغَيْرِ أَهْلِهِ فَنَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْقَصْرِ لِأَنَّ الْمَرْكَبَ صَارَتْ لَهُ كَالدَّارِ وَالنُّوتِيُّ خَادِمُ السَّفِينَةِ
(ص) إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ لَا يَزَالُ يَقْصُرُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَصَرَ مِنْهُ فِي خُرُوجِهِ فَإِذَا أَتَاهُ أَتَمَّ حِينَئِذٍ لِأَنَّ مُنْتَهَى الْقَصْرِ فِي الدُّخُولِ هُوَ مَبْدَؤُهُ فِي الْخُرُوجِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيَقْصُرْ حَتَّى يَدْخُلَ الْبُيُوتَ أَوْ قُرْبَهَا لِدَلَالَتِهَا أَنَّ مُنْتَهَى الْقَصْرِ لَيْسَ كَمَبْدَئِهِ وَنَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ وَلِذَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مُنْتَهَى سَفَرِهِ فِي الذَّهَابِ لَا فِي الرُّجُوعِ أَيْ يَقْصُرُ إذَا بَلَغَ مُنْتَهَى سَفَرِهِ إلَى نَظِيرِ مَحَلِّ الْبَدْءِ أَيْ وَهُوَ الْبَسَاتِينُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَهُ ذَلِكَ، أَوْ الْحِلَّةُ فِي الْبَدْوِيِّ وَمَحَلُّ الِانْفِصَالِ فِي غَيْرِهِمَا وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ مُنْتَهَى رُجُوعِهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مُنْتَهَى رُجُوعِهِ لِئَلَّا يَكُونَ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ
(ص) لَا أَقَلَّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى أَرْبَعَةَ بُرُدٍ عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُوفِ أَيْ لَا مَسَافَةً أَقَلَّ أَيْ لَا يُبَاحُ الْقَصْرُ فِي مَسَافَةٍ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يُعْطِي إلَّا عَدَمَ سَنِّ الْقَصْرِ وَلَوْ قَالَ: وَلَا قَصْرَ بِأَقَلَّ لَأَفَادَ هَذَا فَإِنْ قَصَرَ فِي الْأَقَلِّ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ قَصَرَ فِيمَا بَيْنَ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ إلَى أَرْبَعِينَ وَفِيمَا بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فِي إعَادَتِهِ فِي الْوَقْتِ أَيْ وَعَدَمِ الْإِعَادَةِ أَصْلًا قَوْلَانِ وَفِيمَا دُونَ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ بَعِيدٌ أَبَدًا
(ص) إلَّا كَمَكِّيٍّ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَرُجُوعِهِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ السَّفَرَ الْمُبِيحَ لِلْقَصْرِ إنَّمَا هُوَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ فَصَاعِدًا لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةَ الْمَكِّيِّ وَالْمُحَصَّبِيِّ وَالْمَنْوِيِّ وَالْمُزْدَلِفِيِّ فَإِنَّهُ يُبَاحُ بَلْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ وَطَنِهِ لِعَرَفَةَ لِلنُّسُكِ وَرُجُوعِهِ مِنْهَا لِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا مِنْ تِلْكَ الْأَوْطَانِ لِلسُّنَّةِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فِي خُرُوجِهِ وَرُجُوعِهِ أَنَّ كُلَّ خَارِجٍ مِنْ وَطَنِهِ يَقْصُرُ فِي خُرُوجِهِ مِنْهُ وَرُجُوعِهِ إلَيْهِ لَا فِيهِ فَلَا يَقْصُرُ مَكِّيٌّ وَمَنْوِيٌّ وَمُزْدَلِفِيٌّ وَمُحَصَّبِيٌّ بِمَحَالِّهِمْ وَيَقْصُرُ الْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ لِمِنًى وَلَوْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا عَلَى الْأَحْسَنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِعَ إلَى بَلَدِهِ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ يَقْصُرُ حَيْثُ كَانَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ يَعْمَلُهُ فِي غَيْرِ وَطَنِهِ فَلِذَا أَتَمَّ الْمُنَاوِيُّ لِأَنَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ إنَّمَا يَعْمَلُهُ بِوَطَنِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَلَا يُتِمُّ الْمَكِّيُّ فِي رُجُوعِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِوَطَنِهِ لَكِنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَعْمَلُهُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ النُّزُولُ بِالْمُحَصَّبِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَرَفِيَّ فِي ذَهَابِهِ لِمِنًى لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَفِي رُجُوعِهِ لِمِنًى لِلرَّمْيِ يَقْصُرُ مَعَ أَنَّهُ يَقْصُرُ وَفِي كَلَامِهِ فِي بَابِ الْحَجِّ مَا يُفِيدُهُ حَيْثُ قَالَ وَجَمَعَ وَقَصَرَ إلَّا كَأَهْلِهَا كَمِنًى وَعَرَفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ غَيْرُ ظَاهِرٍ
(ص) وَلَا رَاجِعٍ لِدُونِهَا وَلَوْ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ وَلَا عَادِلٍ عَنْ قَصِيرٍ بِلَا عُذْرٍ وَلَا هَائِمٍ وَطَالِبِ رَعْيٍ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاجِعَ إلَى مَوْضِعِهِ بَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى سَفَرِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَانْفِصَالِهِ عَنْ وَطَنِهِ لَا يَقْصُرُ إذَا كَانَ رُجُوعُهُ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَوْ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ فِيهِ وَيَعُودُ لِإِتْمَامِ سَفَرِهِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ مُعْتَبَرٌ سَفَرًا بِنَفْسِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إذَا رَجَعَ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ يَقْصُرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ سَفَرَهُ وَهَذَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَطَنَهُ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ فِي إتْمَامِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَكَانُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْوَقْتِيَّةَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْوَقْتَ إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِوَقْتِ الْأَدَاءِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قُرْبَهَا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَقَلُّ مِنْ مِيلٍ قَالَ عب: دُخُولُ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَوْ حُكْمًا كَدُخُولِ الْبَلَدِ وَالْقُرْبُ بِهَا بِأَقَلَّ مِنْ مِيلٍ كَالْقُرْبِ مِنْ الْبَلَدِ بِأَقَلَّ مِنْهُ ثُمَّ أَوْرَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الدُّخُولِ الْقُرْبُ وَأُجِيبُ بِأَجْوِبَةٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْعَطْفَ لِلتَّفْسِيرِ أَيْ أَنَّ (أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْقَصْدُ التَّفْسِيرُ، الثَّانِي أَنَّ الدُّخُولَ لِمَنْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا وَقَوْلُهُ أَوْ قُرْبَهَا إذَا نَزَلَ خَارِجَهَا أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ: حَتَّى يَدْخُلَ قَوْلٌ وَقَوْلُهُ أَوْ قُرْبَهَا قَوْلٌ آخَرُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ نَزَلَ خَارِجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الْمِيلِ وَعَلَيْهِ الْعَصْرُ وَلَمْ يَدْخُلْ الْبَلَدَ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُصَلِّي الْعَصْرَ سَفَرِيَّةً وَعَلَى الثَّانِي يُصَلِّيهَا حَضَرِيَّةً (قَوْلُهُ عَلَى مُنْتَهَى سَفَرِهِ) أَيْ انْتِهَاءِ سَفَرِهِ (قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَ مُنْتَهَى) أَيْ انْتِهَاءُ سَفَرِهِ فَانْتِهَاءُ فَاعِلٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَا قَصْرَ بِأَقَلَّ. . . إلَخْ) الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ بُرُدٍ تَحْدِيدٌ فَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَصْرِ فِيمَا دُونَهَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا وَقَعَ (قَوْلُهُ: إلَى أَرْبَعِينَ) الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ تَحْقِيقًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ بَيْنَ تَقْتَضِي مُتَعَدِّدًا وَإِلَى لِلِانْتِهَاءِ فَالْمُنَاسِبُ لِلَفْظَةِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ وَأَرْبَعِينَ بَلْ يَقُولُ فِيمَا بَيْنَ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَاَلَّذِي بَيْنَ ذَلِكَ الْأَرْبَعُونَ وَالثَّمَانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ إلَى أَرْبَعِينَ أَنْ يَقُولَ عَلَى مَنْ قَصَرَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ إلَى أَرْبَعِينَ بِإِدْخَالِ الْغَايَةِ وَكَذَا يُقَال فِيمَا بَعْدُ وَالثَّمَانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ مِيلًا هِيَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ (قَوْلُهُ: إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ) الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْحَطَّابِ وتت.
(قَوْلٌ: أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَقْوَالٌ فَقِيلَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَقِيلَ أَرْبَعُونَ مِيلًا وَقِيلَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ (قَوْلُهُ: وَيَقْصُرُ الْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ لِمِنًى) أَيْ قَاصِدًا عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ) وَمُقَابِلُهُ الْوَقْفُ لِمَالِكٍ (قَوْلُهُ: فَلِذَا أَتَمَّ الْمُنَاوِيُّ) أَيْ إذَا طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَرَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَيُتِمُّ فِي رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ وَهُوَ الرَّمْيُ يَعْمَلُهُ فِي بَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُتِمُّ الْمَكِّيُّ فِي رُجُوعِهِ) أَيْ مِنْ مِنًى بَعْدَ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ وَتَوَجَّهَ إلَى مَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ النُّزُولُ بِالْمُحَصَّبِ) أَيْ إذَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفِيدُ. . . إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَصْرَ مَنُوطًا بِالْخَارِجِ لِعَرَفَةَ وَالرَّاجِعِ مِنْهَا مِنْ نَحْوِ الْمَكِّيِّ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ
خُرُوجِهِ وَطَنًا لَهُ وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ لَهُ إقَامَةٌ جَرَى قَصْرُهُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَقْصُرُ مِنْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقٍ قَصِيرٍ لَيْسَ فِيهَا مَسَافَةُ قَصْرٍ بِلَا عُذْرٍ إلَى طَرِيقٍ فِيهَا الْمَسَافَةُ أَمَّا إنْ كَانَ عُذْرٌ لِخَوْفٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فَقَوْلُهُ قَصِيرٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَرِيقٍ قَصِيرٍ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ يَبْلُغُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَإِحْدَاهُمَا أَطْوَلُ وَسَلَكَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ هَلْ يَقْصُرُ فِي زَائِدَةٍ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ قَصْرِ اللَّاهِي بِسَفَرِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ قَصْرِهِ أَيْ فِي زَائِدِ الطَّوِيلِ، وَأَمَّا الْهَائِمُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَعْزِمُ عَلَى مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَا يَقْصُرُ كَالْفُقَرَاءِ الْمُتَجَرِّدِينَ فَإِنَّهُمْ يَخْرُجُونَ لِيَدُورُوا فِي الْبُلْدَانِ لَا يَقْصِدُونَ مَكَانًا مَعْلُومًا لَكِنْ كَيْفَمَا طَابَتْ لَهُمْ بَلْدَةٌ يَمْكُثُونَ فِيهَا وَمِثْلُ الْهَائِمِ طَالِبُ رَعْيٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي الرُّعَاةِ يَتَّبِعُونَ الْكَلَأَ بِمَوَاشِيهِمْ أَنَّهُمْ يُتِمُّونَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ كُلٌّ مِنْ الْهَائِمِ وَالرَّاعِي قَطْعَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ قَبْلَ الْبَلَدِ الَّذِي يَطِيبُ لَهُ الْمُقَامُ بِهِ وَقَبْلَ مَحَلِّ الرَّعْيِ يُرِيدُ وَقَدْ عَزَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ فَيَقْصُرُ حِينَئِذٍ، ثُمَّ إنَّهُ يَصِحُّ رَفْعُ قَوْلِهِ وَلَا رَاجِعٍ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَلَا يَقْصُرُ رَاجِعٌ لِدُونِهَا أَيْ لِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَرُّهُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ عُطِفَ عَلَى مُسَافِرٍ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ أَقَلَّ إذْ التَّقْدِيرُ لَا مُسَافِرٍ أَقَلَّ مِنْهَا وَلَا مُسَافِرٍ رَاجِعٍ لِدُونِهَا ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَلَا عَادِلٍ وَمَا بَعْدَهُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَكْسَ عُذْرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا لَهُ بَالٌ
(ص) وَلَا مُنْفَصِلٍ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ بَرَزَ عَنْ الْبَلَدِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ إلَّا أَنَّهُ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً لِيُسَافِرَ مَعَهُمْ فَإِنْ كَانَ جَازِمًا بِالسَّفَرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسِيرُ إلَّا بِسَيْرِهِمْ فَلَا يَقْصُر حَتَّى يَسِيرُوا وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فَقَوْلَانِ وَالْإِتْمَامُ هُوَ الْأَصْلُ
(ص) وَقَطْعُهُ دُخُولُ بَلَدِهِ وَإِنْ بِرِيحٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي وَقَطْعُهُ رَاجِعٌ لِلْقَصْرِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لَهُ بِقَيْدِ السُّنَّةِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ السُّنَّةَ تَنْقَطِعُ وَيَبْقَى الْجَوَازُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَقَطْعُ حُكْمِ السَّفَرِ مِنْ الْقَصْرِ وَغَيْرِهِ كَفِطْرِ رَمَضَانَ دُخُولُ بَلَدِهِ الْأَعَمِّ مِنْ وَطَنِهِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَقَدَّمَتْ فِيهِ إقَامَةٌ طَوِيلَةٌ تُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَانَتْ إقَامَتُهُ فِيهِ عَلَى نِيَّةِ الِانْتِقَالِ أَوْ عَدَمِهِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِنَّمَا قَطَعَ دُخُولَهُ السَّفَرَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِقَامَةِ وَإِذَا كَفَتْ نِيَّتُهَا فَفِعْلُهَا الْمَظْنُونُ أَحْرَى وَسَوَاءٌ رَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ إذَا دَخَلَهُ، وَأَمَّا إتْمَامُهُ أَوْ قَصْرُهُ فِي رُجُوعِهِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ سَفَرًا بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا وَلَا فَرْقَ فِي قَطْعِ حُكْمِ السَّفَرِ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ الْبَلَدَ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً كَمَا لَوْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ رَدَّهُ غَاصِبٌ لَكَانَ عَلَى الْقَصْرِ فِي رُجُوعِهِ وَإِقَامَتِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ اهـ. أَيْ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهُ بِخِلَافِ الرِّيحِ وَمِثْلُ الرِّيحِ الدَّابَّةُ إذَا جَمَحَتْ بِهِ وَرَدَّتْهُ
(ص) إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ رَفَضَ سُكْنَاهَا وَرَجَعَ نَاوِيًا السَّفَرَ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي كَمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ اتِّخَاذِهَا وَطَنًا بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا سُكْنَاهَا وَرَجَعَ إلَيْهَا بَعْدَ بُلُوغِ مَسَافَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لِعَرَفَةَ.
(قَوْلُهُ: جَرَى قَصْرُهُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي) الْخِلَافُ الْآتِي إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ الدُّخُولِ فِي الْبَلَدِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الذَّهَابِ فَيَقْصُرُ بِلَا خِلَافٍ لِمَا يَتَبَيَّنُ أَقُولُ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعَمَّ فَيُقَالُ قَوْلُهُ: وَلَا رَاجِعٍ لِدُونِهَا شَامِلٌ حَتَّى لِمَا إذَا نَوَى إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّهُ الْأَرْجَحُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيلُهُمْ) أَيْ بِعَدَمِ الْقَصْرِ فِي الطَّرِيقِ الْقَصِيرَةِ (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ قَصْرِ اللَّاهِي. . . إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّاهِيَ إذَا قَصَرَ الرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مَعَ أَنَّ نَقْلَ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ أَنَّ الْعَادِلَ عَنْ التَّقْصِيرِ بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ حُرْمَةُ قَصْرِ اللَّاهِي (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ. . . إلَخْ) بِأَنْ يَجْزِمَ الْفَقِيرُ الْمُتَجَرِّدُ بِأَنَّهُ مِنْ مَبْدَإِ سَفَرِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لَا يَتَيَسَّرُ فِيهِ طِيبُ الْعَيْشِ (قَوْلُهُ: بِمَا لَهُ بَالٌ) أَيْ بِحَسَبِ الْأَمْتِعَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا) أَيْ قَبْلَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ تَعَدِّيهِ مَحَلَّ بَدْءِ الْقَصْرِ وَكَذَا إنْ تَحَقَّقَ مَجِيئُهَا لَهُ قَبْلَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَأَمَّا لَوْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ دُونَهَا لَكِنْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ شَكَّ هَلْ يَلْحَقُونَهُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ لَا أَتَمَّ (قَوْلُهُ وَالْإِتْمَامُ هُوَ الْأَصْلُ) فِي ك مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ.
(قَوْلُهُ: الْأَعَمِّ مِنْ وَطَنِهِ) مُفَادُهُ أَنْ يُرَادَ بِالْبَلَدِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ الْوَطَنُ وَهُوَ مَا اتَّخَذَ فِيهِ الْإِقَامَةَ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ، الثَّانِي مَا مَكَثَ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِنِيَّةِ عَدَمِ التَّأْيِيدِ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا مُتَوَطِّنٌ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامٌّ لِصِدْقِهِ بِصُورَتَيْنِ وَالْمُسْتَثْنَى إحْدَى الصُّورَتَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْبَلَدِ مَا يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ: بَلَدُهُ الْأَصْلِيَّةَ وَاَلَّتِي لَمْ تَكُنْ أَصْلًا لَهُ إلَّا أَنَّهُ نَوَى الْإِقَامَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَا نَوَى إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ دُونَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ، (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَفَتْهُ نِيَّتُهَا) أَيْ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ: وَنِيَّةُ دُخُولِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ رَجَعَ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ لَا) أَقُولُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ يُتِمُّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدُّخُولِ وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَلَا رَاجِعٍ لِدُونِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ) وَبَالَغَ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَى سَحْنُونَ الْقَائِلِ بِجَوَازِ قَصْرِ مَغْلُوبِ الرِّيحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهُ) أَيْ بِحِيلَةٍ كَأَنْ يَتَشَفَّعَ بِآخَرَ أَوْ يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِأَعْلَى مِنْهُ فَهُوَ بِمَظِنَّةِ عَدَمِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، بِخِلَافِ الرِّيحِ فَإِنَّهُ لَا حِيلَةَ تُفْعَلُ مَعَهُ إلَّا إذَا كَانَ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ وَادَّعَى شب أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ يُفِيدُ عَكْسَ الْمَقْصُودِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي (قَوْلُهُ بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَدْخُولٍ غَيْرِ الَّذِي هُوَ اتِّخَاذُهَا وَطَنًا أَيْ أَنَّ اتِّخَاذَ الْوَطَنِ يَتَحَقَّقُ بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَرَفَضَ سُكْنَاهَا) وَالْحَالُ أَنَّهُ نَوَى بِسَفَرِهِ الْقَصْرَ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَيْهَا بَعْدَ بُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَلَوْ رَجَعَ قَبْلَ بُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ
الْقَصْرِ كَمُعْتَمِرٍ مِنْ كَالْجُحْفَةِ نَاوِيًا السَّفَرَ بِأَنْ يُقِيمَ بِهَا دُونَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي إقَامَتِهِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ (ص) وَقَطْعُهُ دُخُولُهُ وَطَنَهُ (ش) وَعَلَى مَا قَرَّرْنَا مِنْ أَعَمِّيَّةِ الْبَلَدِ يَصِيرُ قَوْلُهُ وَقَطْعُهُ دُخُولُهُ وَطَنَهُ وَهُوَ مَوْضِعٌ نُوِيَتْ الْإِقَامَةُ فِيهِ عَلَى الدَّوَامِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ مِنْ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا التَّنْبِيهُ عَلَى أَصَالَتِهِ فِي قَطْعِ السَّفَرِ وَمَحَلُّ الِاسْتِيطَانِ شَبِيهٌ بِهِ فِي ذَلِكَ، أَوْ التَّنْصِيصُ عَلَى شَرْطِيَّةِ دُخُولِهِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْمُرُورِ بِهِ وَلَا الِاجْتِيَازِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ، أَوْ نِيَّةٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمُرُورُهُ بِوَطَنِهِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ كَنِيَّةِ إقَامَتِهِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ فِي تَوْضِيحِهِ بِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مُطْلَقَ الْمُرُورَ مَانِعٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا يَمْنَعُ بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَوْ نِيَّةِ دُخُولِهِ لَا إنْ اجْتَازَ فَقَطْ
(ص) أَوْ مَكَانُ زَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا (ش) أَيْ وَقَطْعُهُ دُخُولُ مَكَانِ زَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَتَّخِذْهُ وَطَنًا وَلِذَلِكَ قَالَ (فَقَطْ) وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِلزَّوْجَةِ لِيُخْرِجَ السُّرِّيَّةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ كَمَا فَعَلَ بَعْضٌ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُخْرِجْهُمَا وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ عَرَفَةَ أَلْحَقَا السُّرِّيَّةَ بِالزَّوْجَةِ عَلِمْتَ مَا فِي الشَّارِحِ الْوَسَطِ وَلَوْ انْتَقَلَتْ الزَّوْجَةُ لِبَلَدٍ بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَطَنًا أَيْضًا فَلَوْ مَاتَتْ وَعَلِمَ بِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ مَوْضِعُهَا حِينَئِذٍ إذَا كَانَ مُتَوَطِّنًا غَيْرَهُ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ لِأَنَّ مَوْتَهَا كَالرَّفْضِ وَالْوَطَنُ لَا يُرْفَضُ إلَّا أَنْ يَتَوَطَّنَ غَيْرَهُ اُنْظُرْ الطِّخِّيخِيَّ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ بِرِيحٍ غَالِبَةٍ) قَيْدُ الْغَلَبَةِ مُرَاعًى فِي الرِّيحِ السَّابِقَةِ، ثُمَّ إنَّ رِيحَ الْمُرُورِ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ إلَّا إذَا انْضَمَّ لِذَلِكَ دُخُولٌ، أَوْ نِيَّةُ دُخُولٍ وَفِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
وَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ التَّعْمِيمِ هَكَذَا فَهِمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ جَاءَ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ إذْ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا إذَا أَحْرَمَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا رَاجِعٍ لِدُونِهَا وَقَصْرُهُ عَلَى مَا إذَا خَرَجَ مِنْ وَطَنِهِ لَا مِنْ مَحَلٍّ أَقَامَ بِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ (قَوْلُهُ: نَاوِيًا السَّفَرَ) لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمُرَادُ لَمْ يَكُنْ نَاوِيًا الْإِقَامَةَ فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا نَوَى السَّفَرَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ رَجَعَ نَاوِيًا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ كَمَا إذَا خَرَجَ مِنْهَا لِمَحَلٍّ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ يَجْلِسُ فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَفْتَرِقُ دُخُولُ بَلَدِهِ وَوَطَنِهِ وَدُخُولُهُ مَحَلًّا أَقَامَ بِهِ مَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ دُخُولَ الْأَوَّلَيْنِ يَقْطَعُ وَلَوْ دَخَلَ نَاوِيًا السَّفَرَ حَيْثُ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهَا وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ الرَّفْضِ حَيْثُ مَاتَ أَهْلُهُ بِهِ حِينَ الرَّفْضِ أَوْ لَا أَهْلَ لَهُ، وَأَمَّا الرَّفْضُ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ أَيْ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَيُتِمُّ وَدُخُولُهُ مَحَلَّ الْإِقَامَةِ لَا بِقَطْعٍ إلَّا إذَا نَوَى بِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ، ثَانِيهِمَا أَنَّ نِيَّةَ دُخُولِ مَحَلِّ الْإِقَامَةِ غَيْرِ نَاوِيهَا لَا يَقْطَعُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَيْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَحْثِ بِخِلَافِ نِيَّةِ دُخُولِ وَطَنِهِ وَمَا مَعَهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ) وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ بِالْإِتْمَامِ أَنَّهُ لَمَّا أَوْطَنَهَا وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ بِهَا صَارَ لَهَا حُكْمُ الْوَطَنِ فَكَأَنَّهُ رَجَعَ لِوَطَنِهِ وَوَجْهُ الْقَصْرِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ وَطَنَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا أَتَمَّ بِمَا نَوَى الْإِقَامَةَ (قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى وَطَنِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الرُّجُوعِ لَا يُعْتَبَرُ الْبَسَاتِينُ فِي الْقَصْرِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمَتْنِ عَلَى دُخُولِ الْمُرُورِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ. . . إلَخْ لَا حَاجَةَ لَهُ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَقَطْعُهُ دُخُولُ بَلَدِهِ فِي دُخُولِ رُجُوعٍ وَقَوْلُهُ وَقَطْعُهُ دُخُولُ وَطَنِهِ فِي دُخُولِ مُرُورٍ (قَوْلُهُ: فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ. . . إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ يَحْتَاجُ لِنُكْتَةٍ وَمَا هِيَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَصَالَتِهِ) أَيْ أَصَالَةِ ذَلِكَ الْخَاصِّ فِي قَطْعِ السَّفَرِ أَيْ وَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْهُ وَطَنًا أَيْ عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَيْسَ مُتَأَصِّلًا فِي قَطْعِ السَّفَرِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ الِاسْتِيطَانِ فَلَمْ يُرِدْ بِالِاسْتِيطَانِ ظَاهِرَهُ بَلْ أَرَادَ بِهِ الْإِقَامَةَ الْقَاطِعَةَ حُكْمَ السَّفَرِ الْخَالِيَةَ عَنْ نِيَّةِ الْمُكْثِ عَلَى التَّأْبِيدِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) أَيُّ صُورَةٍ تُوجَدُ فِيهَا الْمُشَابَهَةُ مَعَ قَوْلِهِ: إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ. . . إلَخْ (قُلْت) تُوجَدُ فِيمَا إذَا رَجَعَ مُتَوَطِّنٌ لِمَكَّةَ نَاوِيًا الْإِقَامَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّنْصِيصُ عَلَى شَرْطِيَّةِ دُخُولِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَالَ وَقَطْعُهُ دُخُولُهُ بَلَدَهُ وَالْوَطَنُ مِنْ أَفْرَادِ الْبَلَدِ وَجَعَلَ عب بَلَدَهُ مَحَلَّ إقَامَتِهِ أَصَالَةً فَقَالَ دُخُولُ بَلَدِهِ أَيْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ أَصَالَةً وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ حَيْثُ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهَا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ إقَامَتِهَا وَجَعَلَ وَطَنَهُ مَا نَوَى عَدَمَ الِانْتِقَالِ عَنْهُ بَلْ نَوَى إقَامَتَهُ بِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَيْسَ بَلَدَهُ أَصَالَةً.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: إنَّ الدُّخُولَ فِي الْبَلَدِ بِالرُّجُوعِ وَالدُّخُولَ فِي الْوَطَنِ بِالْمُرُورِ أَقُولُ: وَهُوَ الَّذِي تُفِيدُهُ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ الْآتِيَةُ فَاخْتَلَفَ الْمَوْضُوعُ فَلَا يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ أَنَّ قَوْلَهُ وَقَطْعُهُ دُخُولَ بَلَدِهِ دُخُولُ رُجُوعٍ وَقَوْلُهُ وَقَطَعَهُ دُخُولُ وَطَنِهِ. . . إلَخْ دُخُولَ مُرُورٍ فَاخْتَلَفَ الْمَوْضُوعُ فَلَا يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: الِاجْتِيَازِ) هُوَ نَفْسُ الْمُرُورِ (قَوْلُهُ: عَلِمْت مَا فِي الشَّارِحِ الْوَسَطِ) مِنْ إخْرَاجِ السُّرِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْوَطَنُ لَا يُرْفَضُ) أَيْ لَا يُعْتَبَرُ رَفْضُهُ إلَّا إذَا تَوَطَّنَ غَيْرَهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَطَّنْ غَيْرُهُ وَرَفَضَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا عَزَمَ بَعْدَ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ عَلَى السَّفَرِ فَقَالَ سَحْنُونَ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَظْعَنَ كَالِابْتِدَاءِ وَابْنُ حَبِيبٍ يَقْصُرُ بِالْعَزْمِ رَفْعًا لِلنِّيَّةِ بِالنِّيَّةِ ابْنُ نَاجِي وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ شَاهَدْتُ شَيْخَنَا يُفْتِي بِهِ وَلَوْ نَوَى أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعٍ ثُمَّ رَجَعَهُ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ الدُّخُولُ فِي الْبَلَدِ الرُّجُوعُ، وَالدُّخُولُ فِي الْوَطَنِ الْمُرُورُ أَقُولُ يُمْكِنُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الدُّخُولَ فِي الْبَلَدِ يَكُونُ فِي حَالَةِ الرُّجُوعِ وَالدُّخُولَ فِي الْوَطَنِ يَكُونُ فِي حَالَةِ الْمُرُورِ فَلَا اعْتِرَاضَ بَلْ هَذَا مُتَعَيِّنٌ.
وَنِيَّةُ دُخُولٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يُبْطِلُ حُكْمَ السَّفَرِ أَيْضًا نِيَّةُ دُخُولِ بَلَدِهِ، أَوْ وَطَنِهِ، أَوْ مَكَانِ زَوْجَتِهِ، أَوْ سُرِّيَّتِهِ، أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَيْسَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَبَيْنَ الْمَحَلِّ الْمَنْوِيِّ دُخُولُهُ مِقْدَارُ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ مِنْ مَحَلِّ نِيَّتِّهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْمَنْوِيِّ دُخُولُهُ، ثُمَّ يُعْتَبَرُ بَاقِي سَفَرِهِ فَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ وَإِلَّا أَتَمَّ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَالْمَكَانِ الْمَنْوِيِّ دُخُولُهُ الْمَسَافَةَ قَصَرَ إلَيْهِ وَاعْتُبِرَ بَاقِي سَفَرُهُ أَيْضًا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَقْصُرُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ إنْ وُجِدَتْ الْمَسَافَةُ فِيهِمَا، لَا يَقْصُرُ فِيهَا إنْ عُدِمَتْ الْمَسَافَةُ فِيهِمَا، يَقْصُرُ قَبْلَهُ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ لَا بَعْدَهُ إنْ عُدِمْت فِيهِ يَقْصُرُ بَعْدَهُ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ لَا قَبْلَهُ إنْ عُدِمَتْ فِيهِ
(ص) وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُبْطِلُ حُكْمَ السَّفَرِ أَنْ يَنْوِيَ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي أَيِّ مَكَان مِنْ بَرٍّ، أَوْ بَحْرٍ وَإِنَّمَا قَالَ نِيَّةُ إقَامَةٍ وَلَمْ يَقُلْ إقَامَةُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ الْمُجَرَّدَةَ عَنْ النِّيَّةِ لَا أَثَرَ لَهَا كَمَا يَأْتِي وَوَصَفَ الْأَيَّامَ بِقَوْلِهِ صِحَاحٍ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُلْغَى يَوْمُ دُخُولِهِ الْمَسْبُوقُ بِالْفَجْرِ وَيَوْمُ خُرُوجِهِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِاعْتِبَارِ عِشْرِينَ صَلَاةٍ وَلِابْنِ نَافِعٍ فِي تَلْفِيقِ يَوْمِ الدُّخُولِ وَالِاعْتِدَادِ بِهِ إلَى مِثْلِهِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ اعْلَمْ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَيَّامَ تَسْتَلْزِمُ عِشْرِينَ صَلَاةً بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَوْ دَخَلَ قَبْلَ الْعَصْرِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَنَوَى أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ فِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَقَدْ نَوَى عِشْرِينَ صَلَاةً وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ انْتَهَى وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ الصِّحَاحِ بِلَيَالِيِهَا كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَالْمَعُونَةِ وَغَيْرِهَا وَلَعَلَّ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ إنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَيَّامَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِعِشْرِينَ صَلَاةً وَإِلَّا فَلَوْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَنِيَّتُهُ الْخُرُوجُ بَعْدَ غُرُوبِ الرَّابِعِ لَكَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ صِحَاحًا وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا تِسْعَ عَشْرَةَ صَلَاةً فَالْإِقَامَةُ الْقَاطِعَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَخْرُجَ بَعْدَ عِشَاءِ الرَّابِعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَمَالَ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ إلَى الْفَجْرِ كَمَا يُوهِمُهُ التَّعْبِيرُ بِاللَّيَالِيِ وَقَالَ ق قَوْلُهُ صِحَاحٌ بِأَنْ يَدْخُلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَرْتَحِلَ بَعْدَ غُرُوبِ الرَّابِعِ وَلَا يُعْتَبَرُ عِشْرُونَ صَلَاةً عَلَى الْمَذْهَبِ
(ص) وَلَوْ بِخِلَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ مُعْتَبَرَةٌ فِي قَطْعِ السَّفَرِ وَلَوْ حَدَثَتْ بِخِلَالِ السَّفَرِ أَيْ فِي أَثْنَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِأَوَّلِهِ وَفِيهِ رَدٌّ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ الْمُؤَثِّرَةَ هِيَ مَا كَانَتْ فِي غَيْرِ السَّفَرِ لَا مَا كَانَتْ فِي أَثْنَائِهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَأَنَّهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَإِرْجَاعُ الْمُبَالَغَةِ إلَى نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْحَادِثَةِ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ الْمَذْكُورِ أَمْسِ بِلَفْظِهِ وَأَوْلَى مِنْ إرْجَاعِهَا إلَى نَفْسِ الْإِقَامَةِ لِمَا بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ
(ص) إلَّا الْعَسْكَرَ بِدَارِ الْحَرْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نِيَّةَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ تُبْطِلُ حُكْمَ سَفَرِ غَيْرِ الْعَسْكَرِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا هُوَ بِهَا فَإِنَّهُمْ يَقْصُرُونَ وَإِنْ نَوَوْا إقَامَةَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ الْعَسْكَرَ إتْمَامَ الْأَسِيرِ بِدَارِهِمْ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِتْمَامَ الْعَسْكَرِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُرَادُ بِدَارِ الْحَرْبِ مَحَلُّ إقَامَةِ الْعَسْكَرِ وَلَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ لَا أَمْنَ
(ص) ، أَوْ الْعِلْمُ بِهَا عَادَةً (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَيْ وَمِمَّا يُبْطِلُ حُكْمَ السَّفَرِ الْعِلْمُ بِالْإِقَامَةِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ عَادَةِ الْحَاجِّ إذَا نَزَلَ الْعَقَبَةَ أَوْ دَخَلَ مَكَّةَ أَنْ يُقِيمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَالضَّمِيرُ فِي بِهَا لِلْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ لِحُكْمِ السَّفَرِ وَهُنَاكَ احْتِمَالٌ آخَرُ اُنْظُرْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ وَعَادَةً مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ) هَذَا تَقْرِيرٌ وَتَقْرِيرٌ آخَرُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَيْسَ بَيْنَهُ أَيْ مَحَلِّ بَدْءِ سَفَرِهِ لَا بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ التَّقْرِيرَيْنِ فِيمَا إذَا قَصَدَ سَفَرًا زَائِدًا عَلَى بَلَدِهِ وَبَيْنَ ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ وَبَلَدِهِ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَنَوَى دُخُولَهَا بَعْدَ سَفَرِهِ بَعْضَ الْمَسَافَةِ بِحَيْثُ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ نِيَّتِهِ إلَى بَلَدِهِ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُتِمُّ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ مَحَلِّ نِيَّتِهِ وَبَلَدِهِ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَعَلَى الثَّانِي يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّ النِّيَّةِ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت.
(قَوْلُهُ: فِي تَلْفِيقِ يَوْمِ الدُّخُولِ) أَيْ تَلْفِيقِ الْبَاقِي مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ وَقَوْلُهُ إلَى مِثْلِهِ أَيْ إلَى مِثْلِ الْمَاضِي مِنْهُ مِنْ يَوْمِ الْخُرُوجِ مَعَ مَا بَيْنَهُمَا وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى الدُّخُولُ فِي الْبَلَدِ بِالرُّجُوعِ وَفِي الْوَطَنِ بِالْمُرُورِ أَقُولُ مُفَادُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَقَطْعُهُ دُخُولُ وَطَنِهِ فِي مُرُورٍ لَا رُجُوعٍ وَلَا يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ الصِّحَاحِ بِلَيَالِيِهَا) هَذَا مُعْتَمَدُ عج فَقَالَ وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ أَيْ مَعَ وُجُودِ عِشْرِينَ صَلَاةٍ فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ الَّتِي نَوَاهَا (قَوْلُهُ: هِيَ مَا كَانَتْ فِي غَيْرِ السَّفَرِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ فِي الْبَلَدِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ لِمَا بَيَّنَّاهُ) أَيْ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ تَقْطَعُ إنْ كَانَتْ فِي مُنْتَهَاهُ بَلْ وَلَوْ بِخِلَالِهِ كَمَنْ خَرَجَ لِسَفَرٍ طَوِيلٍ نَاوِيًا سَيْرَ مَا لَا تَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَيُقِيمُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَسِيرُ مَا بَقِيَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُلَفِّقُ مَا قَبْلُ لِمَا بَعْدَهَا وَتَصِيرُ هِيَ وَالْإِقَامَةُ سَفَرَيْنِ فَلَا تُقْصَرُ وَقَالَ سَحْنُونَ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يُلَفِّقُ وَيَقْصُرُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ الْإِشَارَةُ بِلَوْ إلَى خِلَافِ مَذْهَبِي لَكِنْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ قُصِدَتْ دَفْعَةً (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَسْكَرُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَسْكَرُ الْعَظِيمُ قَوْلُهُ: (وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: الْعَسْكَرَ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ أَفْهَمَ قَوْلُهُ الْعَسْكَرَ. . إلَخْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْعَسْكَرَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْعِلْمُ بِهَا عَادَةً) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الشَّكِّ فِيهَا فَيَسْتَمِرُّ عَلَى قَصْرِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ خُوطِبَ بِالْقَصْرِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِتْمَامِ بِأَمْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ احْتِمَالٌ آخَرُ) أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَيُمْكِنُ عِنْدِي أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى الْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَقَطْعُهُ دُخُولُ بَلَدِهِ وَمَا بَعْدَهُ؛ بِدَلِيلِ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْعِلْمُ بِهِمَا بِالْعَادَةِ مَثَلًا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ أَيْ وَالْعِلْمُ بِمُرُورِهِ بِالْوَطَنِ أَوْ مَا فِي حُكْمِ الْوَطَنِ كَمُرُورِهِ بِهِمَا أَيْ وَيُقَيَّدُ بِأَنْ تَكُونَ الْمَسَافَةُ أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَعَادَةً مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ) أَيْ وَاعْتِيدَ الْعِلْمُ عَادَةً
لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَاعْتِيدَ الْعِلْمُ عَادَةً
(ص) لَا الْإِقَامَةُ وَإِنْ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْإِقَامَةَ الْمُجَرَّدَةَ لَا أَثَرَ لَهَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَقَامَ بِمَوْضِعٍ شُهُورًا وَإِنْ كَثُرَتْ لِحَاجَةٍ يَرْجُو قَضَاءَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَنِيَّتُهُ السَّفَرُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ إقَامَةٍ أَنَّهُ يَقْصُرُ فَقَوْلُهُ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ وَرَفْعُ (سَفَرُهُ) فَاعِلٌ لَهُ هُوَ نَحْوُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ وَإِنْ كَثُرَتْ وَيَصْدُقُ بِأَثْنَاءِ السَّفَرِ وَمُنْتَهَاهُ وَإِنْ قُرِئَ وَإِنْ بِآخِرِ سَفَرِهِ بِالْمُوَحَّدَةِ كَانَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِلَّا قَصَرَ أَبَدًا وَلَوْ فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ وَقَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَقَالَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمُرَّ بِوَطَنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِقَامَةِ قَصَرَ أَبَدًا وَلَوْ كَانَ فِي آخِرِ سَفَرِهِ كَمَا لَوْ سَافَرَ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَدَخَلَهَا وَلَمْ يَنْوِ بِهَا إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بِهَا انْتَهَى
(ص) وَإِنْ نَوَاهَا بِصَلَاةِ شَفْعٍ لَمْ تَجُزْ حَضَرِيَّةً وَلَا سَفَرِيَّةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا دَخَلَ فِي صَلَاةٍ سَفَرِيَّةٍ ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ فِيهَا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ عَنْ رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً يُرِيدُ ثُمَّ يَبْتَدِئُ صَلَاتَهُ حَضَرِيَّةً لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ وَلَمْ تَجْزِ حَضَرِيَّةٌ إنْ أَتَمَّهَا أَرْبَعَةً وَلَا سَفَرِيَّةٌ إنْ أَضَافَ إلَى الرَّكْعَةِ أُخْرَى وَمِثْلُ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا إذَا أَدْخَلَتْهُ الرِّيحُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَحَلًّا يَقْطَعُ دُخُولُهُ حُكْمَ السَّفَرِ مِنْ بَلَدِهِ، أَوْ وَطَنِهِ أَوْ مَحَلِّ زَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا فِيهِ وَقَوْلُهُ بِصَلَاةٍ لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا سَوَاءٌ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَيُحْتَمَلُ وَقَدْ عَقَدَ رَكْعَةً كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ رُبَّمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ شَفَعَ نَدْبًا وَخَرَجَ عَنْ نَافِلَةٍ وَاخْتَارَ ق الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ
(ص) وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي وَقْتٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِصَلَاةٍ أَيْ وَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ بَعْدَ إيقَاعِ الصَّلَاةِ وَالْفَرَاغِ مِنْهَا سَفَرِيَّةً أَعَادَهَا حَضَرِيَّةً فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابًا وَاسْتُشْكِلَتْ الْإِعَادَةُ لِوُقُوعِ الصَّلَاةِ مُسْتَجْمِعَةً لِلشَّرَائِطِ قَبْلَ طُرُوِّ النِّيَّةِ فَيَكَادُ أَنْ لَا وَجْهَ لَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ فِيهَا إنَّ الْجَزْمَ بِالنِّيَّةِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَرَوٍّ قَبْلَهُ فَلَعَلَّ مَبْدَأَ النِّيَّةِ كَانَ فِيهَا فَاحْتِيطَ لَهُ بِالْإِعَادَةِ
وَلَمَّا كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَؤُمَّ الْمُسَافِرُ مُقِيمًا وَلَا عَكْسَهُ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحُ بَيَّنَ الْحُكْمَ لَوْ وَقَعَ فَقَالَ
(ص) وَإِنْ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِهِ فَكُلٌّ عَلَى سُنَّتِهِ وَكُرِهَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُقِيمَ إذَا اقْتَدَى بِالْمُسَافِرِ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ فَرْضِهِ وَيَصِيرُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى سُنَّتِهِ فَيُصَلِّي الْمُسَافِرُ فَرْضَهُ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَمَّ الْمُقِيمُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ فَذًّا وَكُرِهَ لِمُخَالَفَتِهِ نِيَّةَ إمَامِهِ
(ص) كَعَكْسِهِ وَتَأَكَّدَ وَتَبِعَهُ (ش) أَيْ كَكَرَاهَةِ اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ مَعَ الْإِمَامِ الْأَكْبَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُ ذَا سِنٍّ أَوْ فَضْلٍ أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا أَشَدُّ مِنْ الْأُولَى؛ لِمُخَالَفَةِ سُنَّةَ الْقَصْرِ وَلُزُومِ الِانْتِقَالِ إلَى الْإِتْمَامِ لَهُ مَعَ الْإِمَامِ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ وَإِلَّا قَصَرَ وَبَنَى عَلَى إحْرَامِهِ صَلَاةَ سَفَرٍ وَكَذَا يُتِمُّ لَوْ دَخَلَ مَعَهُ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا مَعَهُ شَيْئًا فَقَدَّمَهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي حُكْمِهِ وَلَوْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ لَمْ يُصَلِّ هَذَا إلَّا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَإِنْ قُرِئَ بِآخِرِ سَفَرِهِ بِالْمُوَحَّدَةِ) أَيْ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي آخِرِ السَّفَرِ فَقَدْ انْفَصَلَ عَنْ السَّفَرِ فَيُتِمُّ.
(قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْأُولَى نِيَّةُ السَّفَرِ الْمُوجِبِ لِلْقَصْرِ وَهَذِهِ النِّيَّةُ الَّتِي حَدَثَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْإِتْمَامِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْعَصْرِ بَعْدَ الْغُرُوبِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ فَلَا يَضُرُّ وَيَتَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ سَفَرِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُقْضَى عَلَى نَحْوِ مَا فَاتَتْهُ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ ق الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ) ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةً كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً فَيَقْطَعُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ اُخْتُلِفَ فِي الْمُسَافِرِ يَنْوِي الْإِقَامَةَ فِي سَفَرِهِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ لِصَلَاتِهِ فَهُوَ كَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً فِي صَلَاةٍ يَخْرُجُ عَنْ نَافِلَةٍ أَوْ يَقْطَعُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ اهـ. وَتَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُ الشَّفْعِ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ وَعَلَى تَخْرِيجِ ابْنِ رُشْدٍ يَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَطْعِ قَبْلَ عَقْدِ رَكْعَةٍ وَالتَّكْمِيلِ بَعْدَ شَفْعٍ مِنْ الْمَغْرِبِ كَثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِهَا وَقَطْعِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ قَالَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: الْجَزْمَ بِالنِّيَّةِ) النِّيَّةُ هِيَ الْقَصْدُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ جَزْمٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذْ النِّيَّةُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْجَزْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمَعْلُومِ حَقِيقَتَهُ بَلْ أَرَادَ بِهِ مَعْنًى آخَرَ مَجَازِيًّا بُيِّنَ بِقَوْلِهِ بِالنِّيَّةِ فَالْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ وَقَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ تَرَوٍّ أَيْ تَرَدُّدٍ وَقَوْلُهُ فَلَعَلَّ مَبْدَأَ النِّيَّةِ أَيْ مُقَدِّمَتَهَا؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ لَيْسَ مَبْدَأَ النِّيَّةِ بَلْ مُقَدِّمَةً لَهَا.
(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِمُخَالَفَتِهِ نِيَّةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُقْتَدِي وَهَلْ تَتَعَلَّقُ الْكَرَاهَةُ بِالْإِمَامِ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُ ذَا سِنٍّ. . . إلَخْ) فِيهِ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ ذِي السِّنِّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ وَهَذَا يَقْتَضِي الْعَكْسَ الثَّانِيَ أَنَّهُ كَيْفَ يَتْرُكُ سُنَّةً لِتَحْصِيلِ مُسْتَحَبٍّ وَهُوَ كَوْنُهُ مَعَ ذِي سِنٍّ أَوْ فَضْلٍ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ مُحَشِّيَ تت اعْتَرَضَهُ فَقَالَ مَا نَصُّهُ قَالَ س - أَيْ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَكُرِهَ كَعَكْسِهِ أَيْ وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ مَعَ الْإِمَامِ الْأَكْبَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُ ذَا سِنٍّ أَوْ فَضْلٍ أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ اهـ.
وَتَبِعَهُ ج أَيْ عج قَائِلًا هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي اقْتِدَاءِ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ أَنْ يَكُونَ رَبَّ مَنْزِلٍ أَيْ وَتَبِعَهُ مِنْ بَعْدُ عَلَى ذَلِكَ فَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُقَيَّدُ بِهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْكَرَاهَةُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْحَطَّابُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ تَقْيِيدًا إلَى أَنْ قَالَ وَقَدْ أَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَلُزُومِ الِانْتِقَالِ. . . إلَخْ) مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ أَيْ وُجُوبًا.
(قَوْلُهُ: إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ) هَذَا إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا قَصَرَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ نَوَى الْقَصْرَ فَلَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُتِمُّ) أَيْ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا شَيْئًا) وَأَوْلَى لَوْ فَعَلَ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ. . . إلَخْ) أَيْ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ غَيْرُهُ نَقُولُ بَلْ وَلَوْ كَانَ وَرَاءَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يُقَدِّمْهُ فَالْحُكْمُ
رَكْعَتَيْنِ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ سَنَدٌ يُرِيدُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ وَإِلَّا صَلَّى أَرْبَعًا، ثُمَّ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ
(ص) وَلَمْ يُعِدْ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِالْفَرْعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ إذْ يُقَالُ إنَّهُ مُسَافِرٌ قَدْ أَتَمَّ وَسَيَأْتِي فِي الْمُسَافِرِ يَنْوِي الْإِتْمَامَ وَيُتِمُّ أَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَأَمَّا الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ صَلَّى أَرْبَعًا وَإِنَّمَا لَمْ يُعِدْ هُنَا وَأَعَادَ فِي الْفَرْعِ الْآتِي مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَتَمَّ الْمُسَافِرُ فِيهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ هُنَا قَدْ أَوْقَعَهَا فِي الْجَمَاعَةِ وَقَدْ قِيلَ إنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ فَضِيلَةِ الْقَصْرِ، أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهَا وَفِيمَا يَأْتِي قَدْ أَوْقَعَهَا مُنْفَرِدًا فَلِذَلِكَ لَمْ يُطْلَبْ بِالْإِعَادَةِ هُنَا وَطُلِبَ بِهَا هُنَاكَ
(ص) وَإِنْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ نَوَى إتْمَامًا وَإِنْ سَهْوًا سَجَدَ وَالْأَصَحُّ إعَادَتُهُ كَمَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ وَالْأَرْجَحُ الضَّرُورِيُّ إنْ تَبِعَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ (ش) الْكَلَامُ السَّابِقُ فِيمَا إذَا نَوَى فِي الصَّلَاةِ، أَوْ بَعْدَهَا وَهَذَا فِيمَا إذَا نَوَى قَبْلَهَا وَلَا يُنْظَرُ لِكَثْرَةِ الصُّوَرِ وَقِلَّتِهَا إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ غَرَضٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا خَالَفَ السُّنَّةَ وَنَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا وَأَتَمَّهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ أَرْبَعًا إنْ دَخَلَ فِي الْحَضَرِ فِي وَقْتِهَا وَمَقْصُورَةً إنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي وَقْتِهَا وَلَوْ شَكَّ فِيمَا نَوَى مِنْ قَصْرٍ، أَوْ إتْمَامٍ قَالَ سَنَدٌ فَلْيُتِمَّ ثُمَّ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ سَهْوًا عَنْ سَفَرِهِ أَوْ عَنْ إقْصَارِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِأَنَّ إتْمَامَهُ مِنْ مَعْنَى الزِّيَادَةِ وَسَوَاءٌ أَتَمَّ سَهْوًا، أَوْ عَمْدًا وَالسُّجُودُ فِي الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ وَفِي الثَّانِي مُرَاعَاةً لِحُصُولِ السَّهْوِ فِي نِيَّتِهِ وَقِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مَنْ نَوَى الْإِتْمَامَ سَهْوًا وَأَتَمَّ أَيْ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَأْمُومُهُ أَيْضًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَانَ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا لَكِنَّ الْمُقِيمَ يُعِيدُ أَرْبَعًا وَغَيْرَهُ رَكْعَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ الْحَضَرَ فِي وَقْتِهَا فَيُعِيدُ أَرْبَعًا وَهَلْ الْوَقْتُ فِي هَذَا الْبَابِ الِاخْتِيَارِيُّ كَمَا عِنْدَ الْإِبْيَانِيِّ، أَوْ الضَّرُورِيُّ كَمَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ لَكِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
الْإِتْمَامُ حَيْثُ كَانَ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي حُكْمِهِ (قَوْلُهُ: سَنَدٌ يُرِيدُ إلَخْ) ذَكَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ سَنَدٌ قَالَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَذَكَرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْإِتْمَامَ لَظَنِّهِ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهَا يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ يُرِيدُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ أَيْ بِأَنْ نَوَى الْقَصْرَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَسَيَأْتِي يُنَبِّهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَفِي تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ تَرَدُّدٌ وَالْحَاصِلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عج أَنَّهُ إنْ نَوَى الْإِتْمَامَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لَزِمَهُ الِاتِّبَاعُ فِي الْإِتْمَامِ لَحِقَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَإِنْ نَوَى الْقَصْرَ خَلْفَهُ وَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً فَإِنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةَ مُنْفَرِدٍ وَيَصِحُّ لَهُ وَإِنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيَبْتَدِئُهَا وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ خَلَفَ الْمُسَافِرِ تَارَةً يَنْوِي الْإِتْمَامَ خَلْفَهُ وَمِثْلُهُ الْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَتَارَةً يَنْوِي صَلَاةَ سَفَرٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُدْرِكَ مَعَهُ رَكْعَةً أَمْ لَا فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ يَتَّبِعُهُ مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِي إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا صَحَّتْ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ هَذَا حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ عج فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَنَقُولُ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَدْرَكَ مُسَافِرٌ خَلْفَ مُقِيمٍ رَكْعَةً أَتَمَّ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا قَصَرَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ إمَامَهُ مُقِيمٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ ثُمَّ إنَّ مُحَشِّيَ تت ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ عج خِلَافُ النَّقْلِ وَأَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ نَوَى الْقَصْرَ لَا الْإِتْمَامَ وَأَنَّ أَبَا الْحَسَنِ تَوَقَّفَ فِي كَوْنِهِ نَوَى الْقَصْرَ أَوْ الْإِتْمَامَ وَذَكَرَ بَعْدُ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ كَمَا نُبَيِّنُهُ وَأَنَّ مَا قَالَهُ عج خِلَافُ النَّقْلِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدُ أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا حَمَلَهُ عَلَى نِيَّةِ الْقَصْرِ كَمَا قَالَهُ مُحَشِّي تت فَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعِدْ) هَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَذْهَبُهَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَعَادَ فَقَطْ فِي الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ إنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ) هَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ آكَدِيَّةُ الْقَصْرِ وَالْمُسَاوَاةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا يَأْتِي أَوْقَعَهَا مُنْفَرِدًا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ فِيمَا يَأْتِي أَيْضًا أَوْقَعَهَا جَمَاعَةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ إعَادَتُهُ كَمَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ وَأَجَابَ عج بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَنْ الْإِتْمَامِ مَنْدُوحَةٌ حَيْثُ قَصَدَ تَحْصِيلَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَفِيمَا يَأْتِي لَهُ مَنْدُوحَةٌ إذْ تَرْكُهُ الْقَصْرَ وَنِيَّتُهُ الْإِتْمَامُ حَصَلَ مِنْهُ اخْتِيَارًا وَعَنْ قَصْدِهِ وَالسَّاهِي مُلْحَقٌ بِهِ لِتَفْرِيطِهِ وَإِعَادَةُ مَأْمُومِهِ لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ لِإِمَامِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا يُنْظَرُ لِكَثْرَةِ الصُّوَرِ. . . إلَخْ) أَيْ لَا يُنْظَرُ لِكَوْنِ الصُّوَرِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً بَلْ يُنْظَرُ لِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَفَهْمِهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ كَثْرَةَ الصُّوَرِ وَقِلَّتَهَا لَازِمَةٌ لِفَهْمِ الْمَعْنَى عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ مَطْلُوبٌ فَصَارَ النَّظَرُ لَهَا لَازِمًا وَالصُّوَرُ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً وَذَلِكَ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ فَتَارَةً يَنْوِيهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ سَهْوًا وَإِذَا أَتَمَّ فَتَارَةً يُتِمُّ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ سَهْوًا، وَأَرْبَعَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِسِتَّةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّهَا) أَيْ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ (قَوْلُهُ: سَهْوًا أَوْ عَمْدًا) أَيْ أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ السَّهْوِ فِي نِيَّتِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ) أَيْ الْقَوْلُ بِكَوْنِ السَّاهِي يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَمَأْمُومُهُ أَيْضًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ تَبَعًا لِإِعَادَةِ إمَامِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ اتِّفَاقًا فِيمَا عَدَا السَّهْوَ وَفِيهِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي قَالَ مُحَشِّي تت قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَمَأْمُومِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا دَخَلَ عَلَى الْقَصْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُ ج أَيْ الْأُجْهُورِيِّ هَذَا إذَا نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِتْمَامَ كَمَا نَوَى الْإِمَامُ وَأَمَّا إنْ دَخَلَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ظَانًّا أَنَّ إمَامَهُ كَذَلِكَ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفَرًا. . . إلَخْ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ خِلَافَ إطْلَاقَاتِهِمْ إذْ لَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُؤَلِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا أَبُو الْحَسَنِ وَلَا ابْنُ رُشْدٍ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الْوَقْتِ أَوْ أَبَدًا أَوْ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ أَمْ لَا
تَشْبِيهِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْمُصَلِّي بِالنَّجَسِ أَنَّهُ الِاصْفِرَارُ وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ مِنْ الْمَأْمُومِ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ، أَوْ السُّجُودِ فِي السَّهْوِ وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ إنْ تَبِعَ الْإِمَامَ فِي إتْمَامِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيُعِيدُونَ أَبَدًا كَانُوا مُقِيمِينَ أَوْ مُسَافِرِينَ لِمُخَالَفَتِهِمْ إمَامَهُمْ فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ نَوَى إتْمَامًا أَعَادَ بِوَقْتٍ، كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِإِثْبَاتِ أَعَادَ بِوَقْتٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ وَقَعَ الْإِتْمَامُ عَمْدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ سَهْوًا لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ سَهْوًا سَجَدَ، مُسْتَأْنَفٌ أَيْ وَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ سَهْوًا وَأَتَمَّ وَسَوَاءٌ أَتَمَّ سَهْوًا، أَوْ عَمْدًا وَعَلَى إسْقَاطِ قَوْلِهِ أَعَادَ بِوَقْتٍ يَصِيرُ قَوْلُهُ وَإِنْ سَهْوًا مُبَالَغَةً فَيُحْتَمَلُ فِي قَوْلِهِ نَوَى، أَوْ أَتَمَّ فَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا بَلْ وَإِنْ سَهْوًا، أَوْ إنْ أَتَمَّ عَمْدًا بَلْ وَإِنْ سَهْوًا وَجَوَابُ الشَّرْطُ سَجَدَ لَكِنْ يُشْكِلُ عُمُومُهُ بِأَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ إنَّمَا عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ وَالْمُتَأَوِّلُ
(ص) كَأَنْ قَصَرَ عَمْدًا وَالسَّاهِي كَأَحْكَامِ السَّهْوِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ بَطَلَتْ وَقَصَرَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِهَا وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ تَأْوِيلًا، أَوْ سَهْوًا، ثُمَّ قَصَرَ عَمْدًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُقِيمَ يَقْصُرُ صَلَاتَهُ عَمْدًا وَيُعِيدُهَا سَفَرِيَّةً لَا حَضَرِيَّةً وَإِنْ قَصَرَهَا سَهْوًا عَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ كَانَ كَأَحْكَامِ السَّهْوِ الْحَاصِلِ لِمُقِيمٍ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ وَإِنْ قَرُبَ جَبَرَهَا وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَعَادَ بِالْوَقْتِ كَمُسَافِرٍ أَتَمَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الْجَاهِلِ وَالْمُتَأَوِّلِ كَالْعَامِدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَاتِ إلْحَاقُهُمَا بِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا فَإِنْ قُلْت يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْجَاهِلَ وَالْمُتَأَوِّلَ مُلْحَقَانِ بِالسَّاهِي فَمَا الْفَرْقُ قُلْت إنَّهُ فِيمَا يَأْتِي فِعْلُهُمَا رُجُوعٌ لِلْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْإِتْمَامُ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَالْمُتَأَوِّلُ هُنَا هُوَ مَنْ تَأَوَّلَ وُجُوبَ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ لِأَنَّهُ قَالَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلَ الْفَصْلِ
(ص) وَكَأَنْ أَتَمَّ وَمَأْمُومُهُ بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا فَفِي الْوَقْتِ (ش) عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ قَصَرَ عَمْدًا يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ بَعْدَ أَنْ نَوَى الْقَصْرَ فَإِمَّا أَنْ يُتِمَّهَا عَمْدًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ تَأْوِيلًا، أَوْ سَهْوًا فَإِنْ أَتَمَّهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَةِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَصَلَاةُ مَأْمُومِهِ تَبَعُهُ أَمْ لَا كَانَ مَأْمُومُهُ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا سَوَاءٌ نَوَى مَأْمُومُهُ الْقَصْرَ عَمْدًا، أَوْ غَيْرَ عَمْدٍ وَإِنْ أَتَمَّهَا سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ تَأْوِيلًا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَيَسْجُدُ فِي حَالَةِ السَّهْوِ لِلسَّهْوِ فَقَوْلُهُ عَمْدًا مَعْمُولُ أَتَمَّ وَقَوْلُهُ وَسَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَأَوْلَى تَأْوِيلًا مَعْطُوفَانِ عَلَى عَمْدًا وَالْعَامِلُ فِيهِمَا أَتَمَّ وَالتَّأْوِيلُ هُنَا هُوَ مُرَاعَاةُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَصْرَ لَا يَجُوزُ، أَوْ لِمَنْ يَرَى أَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ
(ص) وَسَبَّحَ مَأْمُومُهُ وَلَا يَتَّبِعُهُ وَسَلَّمَ الْمُسَافِرُ بِسَلَامِهِ وَأَتَمَّ غَيْرُهُ بَعْدَهُ أَفْذَاذًا وَأَعَادَ فَقَطْ بِالْوَقْتِ (ش) الضَّمِيرُ فِي مَأْمُومِهِ عَائِدٌ عَلَى الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ عَلَى الْقَصْرِ ثُمَّ قَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا فَإِنَّ مَأْمُومَهُ يُسَبِّحُ بِهِ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمْ فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِمْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَصَحَّتْ وَإِنْ تَمَادَى لَمْ يَتَّبِعُوهُ كَمَا إذَا قَامَ لِخَامِسَةٍ بَلْ يَجْلِسُونَ لِفَرَاغِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ مُقِيمًا، أَوْ مُسَافِرًا فَإِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ الْمُسَافِرُ وَلَا يُسَلِّمْ قَبْلَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى مُتَابَعَتِهِ وَقَامَ الْمُقِيمُ لِيَأْتِيَ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ فَذًّا لَا مُقْتَدِيًا بِأَحَدٍ لِامْتِنَاعِ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ وَيُعِيدُ الْإِمَامُ وَحْدَهُ فِي الْوَقْتِ السَّابِقِ دُونَ الْمَأْمُومِينَ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَتَّبِعُوهُ فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِبَعْدَ عَائِدٌ عَلَى السَّلَامِ أَيْ وَأَتَمَّ غَيْرُ الْمُسَافِرِ وَهُمْ الْمُقِيمُونَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَفْذَاذًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ وَهَذَا ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْخَامِسَةِ وَأَرَادَ بِالْغَيْرِ الْجِنْسَ الصَّادِقَ بِمُتَعَدِّدٍ وَلِذَلِكَ قَالَ أَفْذَاذًا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ الِاصْفِرَارُ) أَيْ أَنَّهُ يَنْتَهِي فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ أَيْ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ فَيَكُونُ فِي الْعَصْرِ الِاخْتِيَارِيُّ وَفِي الظُّهْرِ الِاخْتِيَارِيُّ وَبَعْضُ الضَّرُورِيِّ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ وَالصُّبْحِ الضَّرُورِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ طَلَبُهَا فِي الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ دُونَ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَالسُّجُودِ فِي السَّهْوِ) هَذَا حِلٌّ بِحَسَبِ الْفِقْهِ وَإِلَّا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِسُجُودِ الْمَأْمُومِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَهُ شَرْطًا فِي الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَفِي الْحَقِيقَةِ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا بَطُلَتْ (قَوْلُهُ: وَيُعِيدُونَ. . . إلَخْ) جَمَعَ نَظَرًا لِإِفْرَادِ الْمُؤْتَمِّ.
(قَوْلُهُ: عَمْدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَتَمَّ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا) أَيْ أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا (قَوْلُهُ وَعَلَى إسْقَاطِ. . . إلَخْ) أَقُولُ يُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى نُسْخَةِ الْإِسْقَاطِ يَكُونُ الْجَوَابُ مَحْذُوفًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ سَهْوًا مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ. . . إلَخْ) فَيَكُونُ صُوَرُهُ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ وَأَمَّا إذَا قَصَرَ سَهْوًا أَيْ وَكَانَ نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: وَالْمُتَأَوِّلُ هُنَا هُوَ. . . إلَخْ) هَذَا بِاعْتِبَارِ الْقَصْرِ لَا بِاعْتِبَارِ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَالَ بِهِ جَمْعٌ) وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ مُتَأَوِّلًا مُلَاحَظَةُ ذَلِكَ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ سَهْوًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضْرَبُ فِي أَحْوَالِ الْإِتْمَامِ الْأَرْبَعِ غَيْرَ أَنَّ الْبُطْلَانَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الْإِتْمَامُ عَمْدًا (قَوْلُهُ وَسَهْوًا أَوْ جَهْلًا فَفِي الْوَقْتِ) أَيْ الضَّرُورِيِّ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْعَامِلُ فِيهِمَا أَتَمَّ) أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْقَيْدِ صَرَّحَ بِهِ السَّعْدُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أَتَمَّ عَمْدًا بَطَلَتْ وَإِنْ أَتَمَّ سَهْوًا فَفِي الْوَقْتِ، فَالْأَوَّلُ قَيْدٌ بِالْبُطْلَانِ وَالثَّانِي لَمْ يَجْرِ فِيهِ ذَلِكَ الْقَيْدُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: يُسَبِّحُ بِهِ) أَيْ تَسْبِيحًا يَحْصُلُ بِهِ الْإِفْهَامُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُونَهُ) أَيْ عِنْدَ سَحْنُونَ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ يُكَلِّمُونَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشِيرُ إلَيْهِ وَالْعِبْرَةُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِمْ يُشِيرُونَ لَهُ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ سَبَّحَ فَإِنْ قَدَّمَ لَمْ يَضُرَّ شَيْخُنَا، فَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ فَهَلْ تَبْطُلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَامِسَةِ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَخَفُّ مِنْ شَرْحِ عب قَالَ عج وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ قَامَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَ لَهُ
وَانْظُرْ لَوْ تَبِعُوهُ، وَالظَّاهِرُ جَرْيُهَا عَلَى حُكْمِ وَإِنْ قَامَ إمَامُ الْخَامِسَةِ
(ص) وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا فَظَهَرَ خِلَافُهُ أَعَادَ أَبَدًا إنْ كَانَ مُسَافِرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَرَّ بِجَمَاعَةٍ يُصَلُّونَ فَظَنَّهُمْ مُسَافِرِينَ فَدَخَلَ مَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ مُقِيمُونَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا إنْ كَانَ الدَّاخِلُ مُسَافِرًا لِأَنَّهُ حِينَ ظَنَّهُمْ سَفَرًا نَوَى الْقَصْرَ فَإِنْ انْتَظَرَ الْإِمَامَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ وَسَلَّمَ مَعَهُ خَالَفَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا وَإِنْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ خَالَفَهُ فِي النِّيَّةِ وَخَالَفَ فِعْلَهُ مَا أَحْرَمَ هُوَ بِهِ فَهُوَ كَمَنْ نَوَى الْقَصْرَ فَأَتَمَّ عَمْدًا وَلَوْ كَانَ مُقِيمًا لَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ ظَنُّ الْمُخَالَفَةِ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَقَدْ وَافَقَ الْإِمَامَ فِي النِّيَّةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا مُخَالَفَةَ وَاحْتَرَزَ بِمَفْهُومِ ظَهَرَ خِلَافُهُ عَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ بِأَنْ ظَهَرَ مَا يُوَافِقُ ظَنَّهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَيَنْبَغِي فِيهِ الْبُطْلَانُ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ فِي مَسْأَلَةِ الْعَكْسِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمَفْهُومِ الصِّدْقَ بِالصُّورَتَيْنِ
(ص) كَعَكْسِهِ (ش) الْعَكْسُ فِي الظَّنِّ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الظَّانَّ مُسَافِرٌ وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا عَنْ قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا ظَنَّ الْقَوْمَ مُقِيمِينَ فَنَوَى الْإِتْمَامَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الظَّانُّ مُقِيمًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ مُقِيمٌ صَلَّى خَلَفَ مُسَافِرٍ، ثُمَّ إنَّهُ لَا إعَادَةَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فِي الْوَقْتِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ نَقْلِ الْمُقَدِّمَاتِ فَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَعَكْسِهِ فِي الْإِعَادَةِ أَبَدًا وَفِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا
(ص) وَفِي تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي كَيْفِيَّةِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ بَلْ دَخَلَ بِنِيَّةِ
ــ
[حاشية العدوي]
حَالَ قِيَامِهِ فَإِنْ رَجَعَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ يَسْأَلُونَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ إنْ قَالَ: قُمْتُ عَمْدًا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ: ظَنَّهُمْ سَفْرًا) جَمْعٌ لِسَافِرٍ لَا لِمُسَافِرٍ كَصَحْبٍ وَصَاحِبٍ خِلَافًا لعب، وَمَفْهُومُ (ظَنَّهُمْ) أَنَّهُ إنْ شَكَّهُمْ مُسَافِرٌ سَفْرًا فَإِنْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ إمَامُهُ صَحَّتْ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ وَكَذَا مُقِيمٌ إنْ أَتَمَّ مَعَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَبَقِيَ مَا إذَا شَكَّهُمْ مُسَافِرٌ سَفْرًا فَأَحْرَمَ بِحَضَرِيَّةٍ أَوْ سَفَرِيَّةٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حَضَرِيَّةٌ أَوْ سَفَرِيَّةٌ أَوْ لَا يَتَبَيَّنُ شَيْءٌ فَالصُّوَرُ سِتٌّ اُنْظُرْهَا، وَلَوْ شَكَّهُمْ مُقِيمٌ سَفْرًا صَحَّتْ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ إنْ نَوَى حَضَرِيَّةً فَإِنْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ صَحَّتْ أَيْضًا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُقِيمٌ لَا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَتَبْطُلُ (قَوْلُهُ: فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ ظَهَرَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ مُقِيمٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ) أَيْ بِأَنْ ذَهَبُوا حِينَ سَلَّمُوا مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هِيَ صَلَاتُهُمْ أَوْ أَخِيرَةً تَامَّةً.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ س أَيْ الشَّيْخُ سَالِمٌ اُنْظُرْ تَعْلِيلَهُمْ الْبُطْلَانَ فِي هَاتَيْنِ بِمُخَالَفَةِ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ وَمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ نِيَّتَهُ وَقَوْلَهُمْ: مَتَى أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ رَكْعَةً مَعَ الْمُقِيمِ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ وَإِلَّا قَصَرَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُتِمُّ مَعَ كَوْنِهِ نَوَى الْقَصْرَ بَلْ يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: وَإِلَّا قَصْرَ إذْ لَوْ دَخَلَ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ لَأَتَمَّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ أَوْ دُونَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْكَلَامُ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْوِ قَصْرًا وَلَا إتْمَامًا اهـ.
(قُلْت) لَا مُعَارَضَةَ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَمُخَالَفَةَ النِّيَّةِ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَتَارَةً يَلْغُونَهُ وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَهُ، فَالْمُدَوَّنَةُ لَمْ تَعْتَبِرْهُ فِي الْمُدْرَكِ وَإِنْ اعْتَبَرَتْهُ فِي مَسَائِلَ، وَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُنَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا مُعَارَضَةَ مَعَ الِاخْتِلَافِ وَقَوْلُهُ مَعَ قَوْلِهِمْ مَتَى أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَعَكْسِهِ) وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا لِمُخَالَفَةِ نِيَّتِهِ لِنِيَّةِ إمَامِهِ وَمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ أَيْ إنْ صَلَّى بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، فَإِنْ صَلَّى صَلَاةَ مُقِيمٍ فَلَمْ يُخَالِفْ فِعْلُهُ نِيَّتَهُ فَكَانَ الْقِيَاسُ الصِّحَّةَ كَمَا فِي النَّاصِرِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِهِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا كَمَا فِي هَذِهِ، وَلَوْ صَلَّى صَلَاةَ مُقِيمٍ وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ اقْتَدَى مُقِيمٌ. . . إلَخْ دَخَلَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ بِخِلَافِ هَذِهِ دَخَلَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَتَبَيَّنَ الْمُخَالَفَةُ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى مُقِيمٌ بِإِنْسَانٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُقِيمٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي صَحِيحَةٌ مَعَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَتَبَيَّنَ الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ اللَّتَيْنِ هُمَا قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا فَظَهَرَ خِلَافُهُ، وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ وَقَوْلُهُ: فَالتَّشْبِيهُ هَذَا مُعَارِضٌ صَدْرَ حِلِّهِ حَيْثُ قَالَ الْعَكْسُ فِي الظَّنِّ بِاعْتِبَارِ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَوْضُوعُ هَكَذَا فَلَا يُقَالُ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا. . . إلَخْ وَقَوْلُهُ الْعَكْسُ فِي الظَّنِّ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَفْعُولِهِ لَا بِاعْتِبَارِ فَاعِلِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ وَفِي كَيْفِيَّةِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ تَرْكِ. . . إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤْخَذُ بِظَاهِرِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَيْ وَفِي كَيْفِيَّةِ. . .، وَقَدَّرَ عب أَيْ وَفِي مُوجَبِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةٌ كَمَا قَالَ عج وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ مَا قَرَّرَهُ بِهِ تت مِنْ قَوْلِهِ: وَفِي صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ دَخَلَ عَلَى صَلَاةِ ظُهْرٍ مَثَلًا عَلَى تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ مَعًا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا وَعَدَمِ صِحَّتِهَا تَرَدُّدٌ اهـ.
وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إنْ صَلَّاهَا سَفَرِيَّةً وَإِلَّا صَحَّتْ اتِّفَاقًا وَيَجْرِي مَا قَالَهُ تت فِي الْمَأْمُومِ أَيْضًا فَإِذَا نَوَى الصَّلَاةَ وَتَرَكَ نِيَّةَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي صَلَاةَ سَفَرٍ جَرَى فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ حَضَرٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ عج فِي حَاشِيَتِهِ فَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا كُلَّهُ فَنَقُولُ: قَدْ أَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ: الثَّالِثَةُ إنْ أَتَمَّ أَوْ قَصَرَ فَفِي الصِّحَّةِ قَوْلَانِ اهـ.
وَمُرَادُهُ بِالثَّالِثَةِ أَنْ يَتْرُكَ النِّيَّتَيْنِ إمَّا سَاهِيًا أَوْ مُضْرِبًا أَيْ عَامِدًا وَقَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فَنَحْنُ فِي غُنْيَةٍ عَنْ تَقْرِيرِ شَارِحِنَا التَّابِعِ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ، وَالْمُنَاسِبُ حِينَئِذٍ هُوَ تَقْرِيرُ تت وَلَا يَقْصُرُ عَلَى مَا إذَا صَلَّاهَا سَفَرِيَّةً كَمَا قَالَ عج لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَذْكُورِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت.