المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل حرم بالإحرام على امرأة لبس قفاز] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٢

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

الفصل: ‌[فصل حرم بالإحرام على امرأة لبس قفاز]

الرَّمْيُ بِالْمَرِيِّ بِهِ لَتَنَازَعَ النَّاسُ إلَى الرَّمْيِ بِمَا رَمَى بِهِ النَّبِيُّ عليه السلام وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ (ص) كَأَنْ يُقَالَ لِلْإِفَاضَةِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْكَرَاهَةِ يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يُسَمَّى طَوَافُ الْإِفَاضَةِ بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَارَةَ لَفْظٌ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ مَعَ أَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ رُكْنٌ فَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ أَيْضًا أَنْ تُسَمَّى أَيَّامُ مِنًى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَالْعِشَاءُ الْعَتَمَةَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ (ص) أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ عليه السلام (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ زُرْنَا قَبْرَهُ عليه السلام، أَوْ زُرْنَا النَّبِيَّ عليه السلام؛ لِأَنَّ الزِّيَارَةَ تُشْعِرُ بِعَدَمِ تَرَجُّحِ الْفِعْلِ مَعَ أَنَّ زِيَارَتَهُ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ الَّتِي يَرْجَحُ فِعْلُهَا عَلَى تَرْكِهَا، بَلْ إنَّمَا يُقَالُ قَصَدْنَاهُ، أَوْ حَجَجْنَا إلَى قَبْرِهِ عليه السلام.

(ص) وَرُقِيُّ الْبَيْتِ أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ عليه السلام بِنَعْلٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ دُخُولُ الْبَيْتِ بِنَعْلٍ، أَوْ خُفٍّ مُحَقَّقِ الطَّهَارَةِ وَكَذَا الصُّعُودُ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ الرُّقِيُّ عَلَى مِنْبَرِهِ عليه السلام بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ جَعْلُ نَعْلِهِ فِي الْبَيْتِ إذَا جَلَسَ لِلدُّعَاءِ وَلْيَجْعَلْهَا فِي حُجْزَتِهِ فَالْمُرَادُ بِرُقِيِّ الْبَيْتِ دُخُولُهُ لَا رُقِيُّ دَرَجِهِ وَسُمِّيَ دُخُولُهُ رُقِيًّا؛ لِأَنَّ بَابَهُ مُرْتَفِعٌ وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ، وَقَوْلُهُ: بِنَعْلٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (ص) بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَالْحَجَرِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الطَّوَافُ بِالنَّعْلَيْنِ الطَّاهِرِينَ وَكَذَا بِالْخُفَّيْنِ، وَكَذَلِكَ لَا يُكْرَهُ الدُّخُولُ لِلْحِجْرِ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ مِنْ الْبَيْتِ لِعَدَمِ تَوَاتُرِهِ عَلَى رَأْيٍ وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ (ص)، وَإِنْ قَصَدَ بِطَوَافِهِ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (ش) أَيْ: وَإِنْ طَافَ حَامِلُ شَخْصٍ طَوَافًا وَاحِدًا وَقَصَدَ الْحَامِلُ بِطَوَافِهِ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ: صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ، وَاحِدٍ، أَوْ مُتَعَدِّدٍ أَوْ مَرِيضٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْحَامِلِ، وَلَا عَنْ مَحْمُولِهِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ وَهِيَ لَا تَكُونُ عَنْ اثْنَيْنِ، فَإِنْ، قُلْت: يَرُدُّ هَذَا إجْزَاءُ الطَّوَافِ عَنْ الْمَحْمُولَيْنِ فَأَكْثَرَ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْمَحْمُولَيْنِ صَارَا بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ (ص) وَأَجْزَأَ السَّعْيُ عَنْهُمَا (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا حَمَلَ مَرِيضًا، أَوْ صَحِيحًا، أَوْ صَبِيًّا فِي ابْتِدَاءً سَعْيِهِ وَنَوَى بِذَلِكَ السَّعْيَ عَنْهُ وَعَنْ مَحْمُولِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا لِخِفَّةِ أَمْرِ السَّعْيِ إذْ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ؛ وَلِأَنَّ الطَّوَافَ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ.

(ص) كَمَحْمُولَيْنِ فِيهِمَا (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْإِجْزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَمَلَ صَبِيَّيْنِ أَوْ مَجْنُونَيْنِ، أَوْ نَحْوَهُمَا فَأَكْثَرَ فِي الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ يَنْوِي ذَلِكَ عَنْهُمَا أَوْ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا، أَوْ عَنْهُمْ فِي الْعِبَادَتَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَحْمُولُ مَعْذُورًا أَمْ لَا لَكِنَّ الدَّمَ عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِ فِي الطَّوَافِ إذَا لَمْ يُعِدْهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا قَدَّمَ لِقَادِرٍ لَمْ يُعِدْهُ أَيْ: بِأَنْ طَافَ غَيْرَ مَاشٍ، وَكَذَا غَيْرُ الْمَعْذُورِ فِي السَّعْيِ عَلَيْهِ دَمٌ

وَلَمَّا فَرَغَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا انْضَافَ إلَى كُلِّ رُكْنٍ مِنْ مَسْنُونٍ وَمَنْدُوبٍ تَكَلَّمَ عَلَى مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بَعْدَ كَمَالِهَا وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ مُفْسِدٌ وَغَيْرُ مُفْسِدٍ وَمُتَعَلِّقُهُمَا أَفْعَالُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَبَدَأَ بِغَيْرِ الْمُفْسِدِ وَبِالْمَرْأَةِ عَكْسُ صَنِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِيهِمَا قِيلَ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا بَدَأَ بِالْمَرْأَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الْبَدْءَ بِالرَّجُلِ كَمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ فِي آيٍ كَثِيرَةٍ وَالسُّنَّةُ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَخْتَصُّ بِهَا فَقَالَ: (فَصْلٌ)(ص) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى امْرَأَةٍ لُبْسُ قُفَّازٍ (ش) أَيْ وَحَرُمَ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَرْأَةِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٍ لُبْسُ مَخِيطٍ بِيَدَيْهَا نَحْو قُفَّازٍ عَلَى وَزْنِ رُمَّانٍ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ تَلْبَسُهُمَا الْمَرْأَةُ لِلْبَرْدِ وَخَصَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِمَّا تَعُدُّهُ الْمَرْأَةُ لِسَتْرِ يَدَيْهَا مَخِيطًا أَوْ مَرْبُوطًا كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُعَدُّ لِسِتْرِ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِهَا وَلُبْسٌ مَصْدَرٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ انْتَهَى مَاضِيهِ لَبِسَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ عليه السلام) لَا يُقَالُ اسْتَعْمَلَ لَفْظَ الزِّيَارَةِ حَيْثُ قَالَ، أَوْ تَرَكَ الزِّيَارَةَ وَرَجَعَ بِقِسْطِهَا لِأَنَّا نَقُولُ لَمْ يَذْكُرْهُ بِصِيغَةِ التَّكَلُّمِ وَلَا يُرَدُّ بِحَدِيثِ «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِإِطْلَاقِ لَفْظِ زِيَارَةٍ مِنْ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: بِنَعْلٍ، أَوْ خُفٍّ) وَيَحْرُمُ وَضْعُ الْمُصْحَفِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: فِي حُجْزَتِهِ) الْحُجْزَةُ بِالضَّمِّ مَعْقِدُ الْإِزَارِ (قَوْلُهُ: وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ فَسَّرَ الرُّقِيَّ بِالدُّخُولِ وَعَلَّلَ بِمَا قَالَهُ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ نَعَمْ لَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: مُرْتَفِعٌ فَلَمَّا كَانَ دُخُولُهُ مُسْتَلْزِمًا لِلرُّقِيِّ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ

(قَوْلُهُ كَمَحْمُولَيْنِ فِيهِمَا) ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي طَوَافِهِ عَنْ الْمَحْمُولِ طَهَارَةُ الْحَامِلِ وَحْدَهُ إذَا كَانَ الْمَحْمُولُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي الْمَحْمُولِ لَا فِي الْحَامِلِ

[فَصْلٌ حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى امْرَأَةٍ لُبْسُ قُفَّازٍ]

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَاهِيَّةِ) أَيْ: مَاهِيَّةِ الْإِحْرَامِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَاهِيَّتَهُ ذَاتُ أَجْزَاءٍ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمُتَعَلِّقُهُمَا أَفْعَالُ الرَّجُلِ) ، ظَاهِرُهُ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ أَفْعَالِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْمُتَعَلِّقِ ذَلِكَ الْمَعْنَى (فَصْلٌ حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)(قَوْلُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ) وَلَوْ صَغِيرَةً وَتَتَعَلَّقُ بِوَلِيِّهَا (قَوْلُهُ أَيْ وَحَرُمَ بِسَبَبٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَأَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى فِي لَكِنْ جَعْلُهَا سَبَبِيَّةً أَوْلَى لِإِفَادَتِهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ بِيَدَيْهَا) الْمُرَادُ بِالْيَدَيْنِ الْكَفَّانِ كَمَا فِي عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ) أَسْنَدَ فِي ك هَذَا لِلْحَطَّابِ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْفِدْيَةِ وَنَصُّهُ فَإِنْ لَبِسَتْ الْقُفَّازَيْنِ فَفِيهِمَا الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ مَخِيطًا أَوْ مَرْبُوطًا) فَإِنْ أَدْخَلَتْ يَدَيْهَا فِي قَمِيصِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا

ص: 344

بِكَسْرِ الْبَاءِ مُضَارِعُهُ يَلْبَسُ بِفَتْحِ الْبَاءِ هَذَا فِي لُبْسِ الثِّيَابِ وَأَمَّا مَصْدَرُ اللَّبْسِ الَّذِي هُوَ مِنْ تَخْلِيطِ الْأُمُورِ فَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ مَاضِيهِ لَبَسَ بِفَتْحِ الْبَاءِ مُضَارِعُهُ يَلْبِسُ بِكَسْرِ الْبَاءِ قَالَ تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9](ص) وَسِتْرُ وَجْهٍ إلَّا لِسِتْرٍ بِلَا غَرْزٍ وَرَبْطٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى لُبْسِ قُفَّازٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ وَجْهَهَا فِي إحْرَامِهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتُرَ يَدَيْهَا لِخَبَرِ: «إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا» مَعْنَاهُ تَكْشِفُهُمَا إلَّا أَنْ تُرِيدَ بِذَلِكَ السِّتْرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَسْتُرَهُ بِأَنْ تَسْدُلَ عَلَى وَجْهِهَا رِدَاءً وَلَا تَرْبِطَهُ وَلَا تَغْرِزَهُ بِإِبْرَةٍ فَإِنْ فَعَلَتْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِمَّا حَرُمَ عَلَيْهَا بِأَنْ لَبِسَتْ الْقُفَّازَيْنِ، أَوْ سَتَرَتْ وَجْهَهَا، أَوْ بَعْضَهُ لِغَيْرِ سِتْرٍ أَوْ لِسِتْرٍ وَغَرَزَتْ أَوْ رَبَطَتْ أَوْ سَتَرَتْهُ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لَزِمَتْهَا الْفِدْيَةُ إنْ طَالَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ) فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الْقُفَّازَيْنِ وَمَسْأَلَةِ الْوَجْهِ فَقَوْلُهُ وَسِتْرُ وَجْهٍ أَيْ تَرَفُّهًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لِسِتْرٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ.

(ص) وَعَلَى الرَّجُلِ مُحِيطٌ بِعُضْوٍ وَإِنْ بِنَسْجٍ، أَوْ زِرٍّ، أَوْ عَقْدٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ أَنْ يَلْبَسَ الْمُحِيطَ فَلَوْ ارْتَدَى بِثَوْبٍ مُحِيطٍ أَوْ بِثَوْبٍ مُرَقَّعٍ بِرِقَاعٍ أَوْ بِإِزَارٍ كَذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْهُ وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ لُبْسِ الْمُحِيطِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُحِيطًا بِكُلِّ الْبَدَنِ أَوْ بِبَعْضِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا أَحَاطَ بِنَسْجٍ أَوْ زِرٍّ يُقْفِلُهُ عَلَيْهِ، أَوْ عَقْدٍ يَرْبِطُهُ أَوْ يُخَلِّلُهُ بِعُودٍ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الذَّكَرُ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا بَالِغًا كَانَ أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ وَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يُجَنِّبَهُ الْمُحِيطَ مَخِيطًا أَوْ غَيْرَهُ، وَقَوْلُهُ: مُحِيطٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بِقَرِينَةِ الْمُبَالَغَةِ بَعْدَهُ وَعَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ تُنَافِيهِ الْمُبَالَغَةُ وَعَلَيْهَا يُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ بِعُضْوٍ عَامِلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ يُحِيطُ بِعُضْوٍ (ص) كَخَاتَمٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ وَوُجُوبِ الْفِدْيَةِ أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ أَنْ يَلْبَسَ الْخَاتَمَ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَيَجُوزُ لَهَا لُبْسُ الْخَاتَمِ وَنَحْوِهِ (ص) وَقَبَاءٍ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ كَمَا (ش) الْقَبَاءُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمَدِّ وَالْقَصْرِ مَا كَانَ مُفَرَّجًا مِثْلُ الْقُفْطَانِ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَهُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَلَا زَرَّرَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى اللِّبَاسِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَلَوْ نَكَّسَ الْقَبَاءَ بِأَنْ جَعَلَ أَسْفَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُلْبَسُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حُرْمَةُ لُبْسِ الْقَبَاءِ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي مَوْضِعِهِمَا مِنْ الْقَبَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا إذَا أَدْخَلَ كَتِفَيْهِ فِي الْقَبَاءِ.

(ص) وَسِتْرُ وَجْهٍ، أَوْ رَأْسٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَسْتُرَ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الرَّجُلِ وَرَأْسُهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ مُخَالِفَيْنِ لِسَائِرِ بَدَنِهِ حَرُمَ تَغْطِيَتُهُمَا مُطْلَقًا فَلِذَا قَالَ (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَطِينٍ) لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْحَرَّ وَدَخَلَ غَيْرُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى كَالْعِمَامَةِ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ تَغْطِيَتُهُ بِنَوْعٍ خَاصٍّ وَهُوَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَسِتْرُ وَجْهٍ) أَيْ أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ لَمْ يُلَاصِقْهُ (قَوْلُهُ إلَّا لِسِتْرٍ) أَيْ إلَّا لِقَصْدِ سِتْرٍ أَيْ حَيْثُ عَلِمَتْ، أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ يُنْظَرُ لَهَا بِقَصْدِ لَذَّةٍ كَذَا قُرِّرَ أَيْ وَلَوْ مَعَ مُلَاصَقَةٍ وَانْظُرْ فِي حَالَةِ الشَّكِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ يَحْرُمُ السِّتْرُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مُحَقَّقَةٌ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَّا بِأَمْرٍ قَوِيٍّ وَلَا يَكُونُ إلَّا ظَنَّ الْفِتْنَةِ أَوْ تَحَقُّقَهَا لَا شَكَّهَا وَانْظُرْ إذَا خَشِيَ الْفِتْنَةَ مِنْ وَجْهِ الذَّكَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ سِتْرُهُ إنْ كَانَ بَالِغًا وَعَلَى وَلِيِّهِ إنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ، أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الذَّكَرَ أَشَدُّ (قَوْلُهُ أَوْ سَتَرَتْهُ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ لِغَيْرِ سِتْرٍ (قَوْلُهُ إنْ طَالَ. . . إلَخْ) لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَقُولُ وَشَرْطُهَا فِي اللُّبْسِ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ إنْ طَالَ (قَوْلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ) أَيْ بِحَسَبِ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْمُرَادُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَّصِلٌ مِنْ حَيْثُ تَنَاوُلُ الْمُسْتَثْنَى لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَتَدَبَّرْ، وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ مُنْقَطِعًا لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الِاتِّصَالِ إلَّا لِسِتْرٍ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فَلَا يَحْرُمُ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْجَوَازِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ إلَّا لِسِتْرٍ فَيَجِبُ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ مَعَ الِانْقِطَاعِ وَالِانْقِطَاعُ كَمَا يَكُونُ بِمُبَايَنَةِ الْمَاصَدَقِ يَكُونُ بِمُبَايَنَةِ الْحُكْمِ نَحْوُ جَاءَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا مَاتَ كَمَا لِلْإِمَامِ الْقَرَافِيِّ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يُطْلَقُ بِمَعْنَى التَّعْرِيَةِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ فِي الْمَرْأَةِ تَعْرِيَةُ وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا وَفِي الرَّجُلِ تَعْرِيَةُ وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ وَيُطْلَقُ بِمَعْنَى التَّجْرِيدِ عَنْ الْمُحِيطِ بِعُضْوٍ لَا عَنْ التَّعْرِيَةِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ نَسْجٍ) كَدِرْعِ حَدِيدٍ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ نَسْجًا أَوْ لَصْقِ لِبْدٍ عَلَى صُورَتِهِ أَوْ جِلْدَ حَيَوَانٍ سُلِخَ بِغَيْرِ شَقٍّ لِبَدَنِهِ أَوْ أَعْضَائِهِ (قَوْلُهُ مَا أَحَاطَ بِنَسْجٍ) أَيْ بِسَبَبِ نَسْجٍ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ) هَذَا لَا يَنْفَعُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْمَخِيطُ فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ كَخَاتَمٍ) وَلَوْ فِضَّةً وَوَزْنُهُ دِرْهَمَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ كَمَا) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَلْبٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ كَمًّا، أَوْ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَمَفْعُولُ يُدْخِلُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي كُمِّهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُلْبَسُ إلَخْ) ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِ عَدَمُ الْفِدْيَةِ فِي لُبْسِهِ بِجَعْلِ بَطْنِهِ عَلَى ظَهْرِهِ وَظَهْرِهِ دَاخِلَ جَسَدِهِ مَعَ إدْخَالِ مَنْكِبَيْهِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ فِيهِ الْفِدْيَةُ أَيْضًا كَمَا إذَا جَعَلَ رِجْلَيْهِ فِي كُمَّيْهِ حِينَ جَعَلَ أَعْلَاهُ فِي أَسْفَلِهِ إنْ تَرَفَّهَ بِذَلِكَ، أَوْ أَزَالَ أَذًى وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ كَطِينٍ) وَمِثْلُ الطِّينِ مَا لَوْ جَعَلَ عَلَى وَجْهِهِ دَقِيقًا أَوْ جِيرًا لِأَنَّهُ جِسْمٌ أَيْ لِأَنَّ الطِّينَ يَدْفَعُ الْحَرَّ (قَوْلُهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ مِنْ كُلِّ مُحِيطٍ بِالْبَدَنِ أَوْ بَعْضِهِ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْجَسَدِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَجْهَ وَالرَّأْسَ لَمَّا كَانَا غَيْرَ عَوْرَةٍ مِنْ الرَّجُلِ كَالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَالْمُحْرِمُ مَأْمُورٌ بِالتَّجَرُّدِ حَرُمَ سَتْرُهُمَا بِكُلِّ شَيْءٍ وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ الْجَسَدِ عَوْرَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ حَرَّمْنَا سِتْرَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ كَالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ لَلَزِمَ عَلَيْهِ الْوُقُوعُ فِي مَعْصِيَةٍ وَرُبَّمَا يُتَوَصَّلُ فِي ذَلِكَ إلَى الْفَسَادِ فَلِذَا جَازَ سِتْرُهُ بِغَيْرِ الْمَخِيطِ وَالْمُحِيطِ وَحَرُمَ السِّتْرُ بِهِمَا

ص: 345

الْمَخِيطُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَقَوْلُهُ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا أَيْ عُرْفًا أَوْ لُغَةً بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَطِينٍ وَقَوْلُهُ كَطِينٍ جَعَلَهُ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ تَشْبِيهًا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعَدُّ سَاتِرًا أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ.

(ص) وَلَا فِدْيَةَ فِي سَيْفٍ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا تَقَلَّدَ بِسَيْفٍ فِي حَالِ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ لِذَلِكَ وَسَوَاءٌ تَقَلَّدَهُ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ نَزَعَهُ مَكَانَهُ أَمْ لَا وَفِي عِبَارَةٍ وَلَا فَدِيَةَ فِي سَيْفٍ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ ابْنُ الْمَوَّازِ نَحْوُهُ لِمَالِكٍ وَزَادَ وَلْيَنْزِعْهُ مَكَانَهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَلْبَسَهُ لِأَمْرٍ يَجُوزُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُ نَزْعِهِ حَيْثُ لَبِسَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَهُوَ مُفَادُ قَوْلِ ح كُلُّ مَا حُكِمَ فِي هَذَا الْفَصْلِ بِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنْ لَا فَدِيَةَ فِيهِ كَمَسْأَلَةِ السَّيْفِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ اهـ.

(ص) وَاحْتِزَامٌ، أَوْ اسْتِثْفَارٌ لِعَمَلٍ فَقَطْ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَا ذُكِرَ جَائِزٌ لِلْمُحْرِمِ إذَا فَعَلَهُ لِلْعَمَلِ وَمَعْنَى الِاحْتِزَامِ بِثَوْبِهِ أَوْ بِعِمَامَةٍ، أَوْ حَبْلٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبْقَاهَا أَبُو الْحَسَنِ وَصَاحِبُ تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مُوَافِقٌ لَهُمَا وَالِاسْتِثْفَارُ أَنْ يُدْخِلَ إزَارَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَيْ لَا مَعْقُودًا وَإِلَّا افْتَدَى فَمَا فِي تت مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ لِعَمَلٍ فَقَطْ رَاجِعٌ لَهُمَا.

(ص) وَجَازَ خُفٌّ قُطِعَ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ لِفَقْدِ نَعْلٍ أَوْ غُلُوِّهِ فَاحِشًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ عِنْدَ إحْرَامِهِ أَوْ وَجَدَهُمَا لَكِنْ بِثَمَنٍ فَاحِشٍ جِدًّا أَيْ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَلْبَسَ الْخُفَّيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ؛ لِوُرُودِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَفْقِدْ النَّعْلَ لَكِنْ احْتَاجَ إلَى لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ وَقَطَعَهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْفَقْدِ وَالْغُلُوِّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعْدَادُ النَّعْلَيْنِ قَبْلَهُ إذَا عَلِمَ بِفَقْدِهِمَا عِنْدَهُ وَفِي الطِّرَازِ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ إذَا وَجَدَ ثَمَنَهُمَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ قُطِعَ كَانَ الْقَاطِعُ لَهُ هُوَ، أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْقَطْعِ لَوْ ثَنَى أَسْفَلَهُ مِنْ كَعْبٍ.

(ص) وَاتِّقَاءُ شَمْسٍ، أَوْ رِيحٍ بِيَدٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَّقِيَ الشَّمْسَ، أَوْ الرِّيحَ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ يَدَيْهِ فَوْقَ حَاجِبَيْهِ يَسْتُرُ بِهِمَا وَجْهَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

فَقَطْ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَطِينٍ) فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا) أَيْ عُرْفًا وَإِنْ عُدَّ سَاتِرًا لُغَةً فَيُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا أَيْ عُرْفًا وَقَوْلُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعَدُّ سَاتِرًا فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسَّاتِرِ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ.

(قَوْلُهُ وَلَا فِدْيَةَ فِي سَيْفٍ) تَقَلَّدَ بِهِ فِي عُنُقِهِ عَرَبِيٍّ أَوْ رُومِيٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَالْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ الرُّومِيُّ عَلَّاقَتُهُ عَرِيضَةٌ وَمُتَعَدِّدَةٌ فَهِيَ حَرَامٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ السِّكِّينَ لَيْسَتْ كَالسَّيْفِ أَيْ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُحْرِمَ إلَخْ) الْمَشْهُورِيَّةُ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى قَوْلِهِ وَسَوَاءٌ تَقَلَّدَهُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا وَمُقَابِلُهُ لُزُومُ الْفِدْيَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا كَمَا فِي تت (قَوْلُهُ وَزَادَ) أَيْ مَالِكٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُفَادُ قَوْلِ ح) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَطَّابَ حَكَمَ بِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ أَيْ وَمَا كَانَ مَمْنُوعًا فَيَجِبُ نَزْعُهُ.

(قَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّ مَا ذُكِرَ جَائِزٌ لِلْمُحْرِمِ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُفَادٍ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْفِدْيَةِ لَا فِي الْجَوَازِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ يُرِيدُ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا فَعَلَهُ لِلْعَمَلِ) وَأَمَّا لِغَيْرِ الْعَمَلِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الِاحْتِزَامِ بِثَوْبِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَسَوَاءٌ كَانَ الِاحْتِزَامُ بِثَوْبِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهَا) أَيْ مِنْ الْعُمُومِ أَيْ وَبَعْضُهُمْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الِاحْتِزَامُ بِالثَّوْبِ فَقَطْ أَيْ، وَأَمَّا الِاحْتِزَامُ بِعِمَامَةٍ، أَوْ حَبْلٍ، أَوْ خَيْطٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَلَوْ احْتَزَمَ بِمَا ذُكِرَ لِلْعَمَلِ (قَوْلُهُ أَنْ يُدْخِلَ إزَارَهُ) أَيْ طَرَفَ إزَارِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا ظَاهِرُهُ بِدُونِ رَشْقٍ فِي حُجْرَتِهِ قَالَ مُحَشِّي تت وَقَيَّدَ مُخْتَصَرُ الْوَقَارِ الِاحْتِزَامَ بِكَوْنِهِ بِلَا عَقْدٍ وَاعْتَمَدَهُ الْحَطَّابُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُؤَلِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ فَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِهِ، أَوْ يُطْلَقُ كَمَا أَطْلَقُوا وَعَلَى التَّقْيِيدِ فَهَلْ يُقَيَّدُ الِاسْتِثْفَارُ بِذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ تَأْثِيرٌ وَأَمَّا تَفْسِيرُ تت لَهُ بِالْعَقْدِ فَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ غَازِيٍّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يُفَسِّرْهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَلَا ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا قَالُوا الِاسْتِثْفَارُ أَنْ يُدْخِلَ إزَارَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا وَقَوْلُ ح الِاسْتِثْفَارُ لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ بِلَا عَقْدٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ عَادَةً فَتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي تت مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ تت قَالَ أَنْ يَجْعَلَ طَرَفَ مِئْزَرِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا مَعْقُودًا فِي وَسَطِهِ كَالسَّرَاوِيلِ اهـ

(قَوْلُهُ وَجَازَ خُفٌّ) وَمِثْلُهُ جُرْمُوقٌ وَجَوْرَبٌ وَالْخُفُّ اسْمٌ لِلزَّوْجِ وَإِلَّا لَقَالَ خُفَّانِ (قَوْلُهُ: أَوْ غُلُوِّهِ) أَيْ النَّعْلِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: أَوْ غُلُوِّهَا؛ لِأَنَّ النَّعْلَ مُؤَنَّثَةٌ وَلَكِنْ أَطْلَقَ النَّعْلَ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ لِوُرُودِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ) وَهُوَ قَوْلُهُ «إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ» (قَوْلُهُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ) أَيْ كَشُقُوقٍ بِرِجْلَيْهِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ) وَقَدْ يُقَالُ وُجُودُ النَّعْلِ حِينَئِذٍ كَعَدَمِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ النَّعْلِ وَلَوْ مَعَ حَاجَةٍ لِثَمَنِهِ فَلَيْسَ كَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ، وَأَمَّا الْفَرْقُ بِأَنَّ لَهُ هُنَا مَنْدُوحَةً وَهُوَ الْحَفَاءُ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّ الْحَفَاءَ لَا يُطِيقُهُ أَحَدٌ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَبِمَشَقَّةٍ وَهُمَا مَنْفِيَّانِ مِنْ الدِّينِ وَيُؤْخَذُ مِنْ إضَافَةِ الْغُلُوِّ إلَى النَّعْلِ عَدَمُ النَّظَرِ إلَى قِلَّةِ مَالِ الْمُشْتَرِي وَكَثْرَتِهِ أَيْ أَنْ يَكُونَ الْغُلُوَّ فِي حَدِّ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُغْتَفَرُ لِمَنْ قَطَعَهُ لَا لِمَنْ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ قَالَهُ د وَلَعَلَّهُ تَعَبُّدٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَتَّقِيَ الشَّمْسَ أَوْ الرِّيحَ) وَاتِّقَاءُ الْبَرْدِ كَالْحَرِّ عِنْدَ مَالِكٍ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ

ص: 346

وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُوَارِي وَجْهَهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، وَلَوْ وَضَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا عَلَى رَأْسِهِ وَأَمْكَثَهُمَا بَعْضَ الْمُكْثِ كَانَ خَفِيفًا فَقَوْلُهُ بِيَدٍ مَقْصُودُهُ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّ الِاتِّقَاءَ بِالثَّوْبِ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ بِيَدٍ أَيْ وَلَا يُلْصِقُهَا عَلَى رَأْسِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إذَا طَالَ.

(ص) أَوْ مَطَرٌ بِمُرْتَفِعٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَّقِيَ الْمَطَرَ بِشَيْءٍ مُرْتَفِعٍ عَنْ رَأْسِهِ مِنْ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا الْخَيْمَةُ فَجَائِزٌ الدُّخُولُ تَحْتَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَمَا يَأْتِي وَلَا يُلْصِقُ الْمُظَلِّلَ بِرَأْسِهِ، وَمِثْلُ الْمَطَرِ فِي ذَلِكَ الْبَرْدُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الشَّمْسِ فِي جَوَازِ اتِّقَائِهِ بِالْبِنَاءِ وَالْخِبَاءِ وَالْمَحَارَةِ الرِّيحُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ اتِّقَاءِ الْمَطَرِ بِالْيَدِ وَالْبِنَاءِ وَالْخِبَاءِ بِالْأَوْلَى لِنَصِّهِ عَلَى جَوَازِهِ بِالْمُرْتَفِعِ مَعَ أَنَّهُ يَمْنَعُ اتِّقَاءَ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ بِهِ.

(ص) وَتَقْلِيمُ ظُفْرٍ انْكَسَرَ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَائِزِ قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا انْكَسَرَ لَهُ ظُفْرٌ وَاحِدٌ فَقَلَّمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْوَاحِدِ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ سَنَدٌ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا كُسِرَ مِنْهُ عَمَلًا بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ أَزَالَ جَمِيعَ ظُفْرِهِ كَانَ ضَامِنًا كَمَنْ أَزَالَ بَعْضَهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِنَّهُ بَعْضُ جُمْلَةٍ مَضْمُونَةٍ فَيَكُونُ مَضْمُونًا قَالَ بَعْضٌ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يَقْطَعُ الْمُنْكَسِرَ وَيُسَاوِي الْبَاقِيَ حَتَّى لَا يَبْقَى عَلَيْهِ ضَرُورَةٌ فِيمَا بَقِيَ فِي كَوْنِهِ يَتَعَلَّقُ بِمَا يَمُرُّ عَلَيْهِ اهـ وَانْظُرْ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ مَا حُكْمُهُ هَلْ فِي تَقْلِيمِهِ الْفِدْيَةُ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْكَسِرْ فَإِنْ قَلَّمَهُ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَحَفْنَةٌ كَمَا يَأْتِي وَهَذَا فِي الْوَاحِدَةِ، وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَيْهِ فَفِي تَقْلِيمِهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا تَقْلِيمُ ظُفْرِ الْغَيْرِ فَهُوَ لَغْوٌ.

(ص) وَارْتِدَاءٌ بِقَمِيصٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَرْتَدِيَ بِالْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُعَدُّ لَابِسًا لِمَا خِيطَ لَهُ وَإِنْ عَدُّوا الِارْتِدَاءَ لُبْسًا فِي بَابِ الْإِيمَانِ لِضِيقِهَا.

(ص) وَفِي كُرْهِ السَّرَاوِيلِ رِوَايَتَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ هَلْ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَرْتَدِيَ بِالسَّرَاوِيلِ لِقُبْحِ الزِّيِّ كَمَا كُرِهَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ مَعَ الرِّدَاءِ، أَوْ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يُبَاحُ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ، وَأَمَّا لُبْسُ السَّرَاوِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَفِي كُرْهِ ارْتِدَاءِ السَّرَاوِيلِ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ سَاقَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْمُحْرِمِ وَعَدَمِ الْكَرَاهَةِ رِوَايَتَانِ.

(ص) وَتَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ وَخِبَاءٍ (ش) الْبَاءُ لِلْآلَةِ أَيْ وَجَازَ تَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ مِنْ حَائِطٍ وَسَقْفٍ وَخِبَاءٍ خَيْمَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَثْبُتُ (ص) وَمَحَارَةٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَظَلَّلَ بِجَانِبِ الْمَحَارَةِ وَهِيَ الْمَحْمَلُ نَازِلَةً أَوْ سَائِرَةً، وَمِثْلُ ذَلِكَ الِاسْتِظْلَالُ بِالْبَعِيرِ كَانَ نَازِلًا، أَوْ سَائِرًا، أَوْ بَارِكًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا الِاسْتِظْلَالُ وَهُوَ فِي الْمَحْمَلِ بِأَعْوَادٍ يَرْفَعُهَا فَمَنَعَهُ مَالِكٌ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى، وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا اللَّخْمِيُّ وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ مَا عَلَى الْمَحَارَةِ افْتَدَى وَلَا يَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا إنْ كَانَ نَازِلًا فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ فِي ظِلِّهَا خَارِجًا عَنْهَا وَلَا يَمْشِي تَحْتَهَا وَاخْتُلِفَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَدِيلًا لِامْرَأَةٍ لَا يَسْتَظِلُّ هُوَ وَتَسْتَظِلُّ هِيَ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ شَعْبَانَ يَجُوزُ لِمُعَادِلِ امْرَأَةٍ، أَوْ مَرِيضٍ ابْنُ الْحَاجِّ عَنْ مَالِكٍ يَفْتَدِي الْمَرِيضُ فَعَدِيلُهُ أَحْرَى ابْنُ الْحَاجِّ وَفِي الِاسْتِظْلَالِ بِشَيْءٍ عَلَى الْمَحْمَلِ وَهُوَ فِيهِ بِأَعْوَادٍ قَوْلَانِ ابْنُ فَرْحُونٍ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِأَعْوَادٍ عَمَّا لَوْ كَانَ الْمَحْمَلُ مَقْبِيًّا كَالْمَحَارَةِ فَإِنَّهُمَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ) أَيْ بِأَنْ يُقِيمَ طَرَفَ الثَّوْبِ عَلَى عَصًا.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْمَطَرِ فِي ذَلِكَ الْبَرْدُ) بِسُكُونِ الرَّاءِ أَشَارَ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: وَفِي رَفْعِ مَا يَقِيهِ الْبَرْدَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَلَى هَذَا الْحَرُّ لَيْسَ كَالْبَرْدِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَاتِّقَاءُ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ، أَوْ مَطَرٍ بِيَدٍ أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ خِبَاءٍ، أَوْ مَحَارَةٍ لَا فِيهَا كَثَوْبٍ بِعَصًا إلَّا الْمَطَرَ بِهِ لَسَلِمَ مِنْ التَّشْتِيتِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَفْرَادَ الَّتِي يُتَّقَى بِهَا الْمَطَرُ أَكْثَرُ مِنْ الْأَفْرَادِ الَّتِي يُتَّقَى بِهَا الشَّمْسُ وَالرِّيحُ.

(قَوْلُهُ وَتَقْلِيمُ ظُفْرٍ) الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَتَأَذَّى بِكَسْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَلْمُهُ فَإِنْ قَلَّمَهُ جَرَى فِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَفِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى حَفْنَةٌ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ) عِبَارَةُ التُّونُسِيِّ: وَعَلَى هَذَا لَوْ انْكَسَرَ ظُفْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَقَلَّمَهَا مَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْحَاجَةِ وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثَةٍ.

(قَوْلُهُ وَارْتِدَاءٌ. . . إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت فَلَوْ ارْتَدَى بِقَمِيصٍ، أَوْ اشْتَمَلَهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَهَذَا وَاضِحٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لُبْسُ السَّرَاوِيلِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا.

(قَوْلُهُ بِالْبَعِيرِ) أَيْ بِجَانِبِ الْبَعِيرِ (قَوْلُهُ بِأَعْوَادٍ يَرْفَعُهَا) أَيْ وَيَضَعُ سَاتِرًا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ مَا عَلَى الْمَحَارَةِ افْتَدَى) أَيْ وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ عَلَى الْأَعْوَادِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوَّلًا بِجَانِبٍ (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ نَازِلًا وَجَلَسَ تَحْتَهَا فِيهِ الْفِدْيَةُ قَطْعًا، وَأَمَّا لَوْ اسْتَظَلَّ تَحْتَهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ فَجَعَلَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَانْظُرْ الْفَرْقَ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ تَقْتَضِي التَّسَاوِي وَنَصُّهُ: وَأَمَّا التَّظَلُّلُ بِظِلِّهَا الَّذِي تَحْتَهَا فَلَا يَجُوزُ سَائِرَةً أَمْ لَا وَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِظْلَالُ بِمَا تَحْتَهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ فِي ظِلِّهَا خَارِجًا عَنْهَا هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَنْ يَتَظَلَّلَ بِجَانِبِ الْمَحَارَةِ، هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِظْلَالُ بِمَا تَحْتَهَا فَقَدْ قَالَ عج: الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الِاسْتِظْلَالِ تَحْتَهَا فَلْيُعَوَّلْ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّازِلِ وَالسَّائِرِ فِي الِاسْتِظْلَالِ وَيَعْسُرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِظْلَالِ فِيهَا نَازِلًا وَبَيْنَ الْخَيْمَةِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ) أَيْ وَلِأَجْلِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْشِفْ مَا عَلَى الْمَحَارَةِ يَفْتَدِي (قَوْلُهُ وَرَوَى ابْنُ شَعْبَانَ) مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَعَدِيلُهُ أَحْرَى) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ ابْنُ الْحَاجِّ وَفِي الِاسْتِظْلَالِ) هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الِاسْتِظْلَالُ وَهُوَ فِي الْمُحْمَلِ بِأَعْوَادٍ. . . إلَخْ (قَوْله مَقْبِيًّا) أَيْ كَالْمُقَبَّبِ

ص: 347

كَالْبِنَاءِ وَالْأَخْبِيَةِ فَيَجُوزُ قَالَ بَعْضٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ لَا فِيهَا وَلَا يَجْلِسُ تَحْتَهَا لَا سَائِرًا وَلَا نَازِلًا، فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَكْشِفَهَا كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ كَشْفُ مَا فَوْقَهَا دُونَ كَشْفِ جَوَانِبِهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الِاسْتِظْلَالِ بِجَانِبِ الْمَحْمَلِ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ وَفِي عِبَارَةٍ مَا نَصُّهَا وَقَوْلُهُ لَا فِيهَا هَذَا فِي غَيْرِ مَحَايِرِ زَمَانِنَا وَهِيَ الْمَحَايِرُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا سَقْفٌ مِنْ خَشَبٍ، وَأَمَّا مَحَايِرُ زَمَانِنَا فَهِيَ أَثْبَتُ مِنْ الْخَيْمَةِ بَلْ كَالْبَيْتِ وَلَا فَدِيَةَ فِيهَا وَلَا يَدْخُلُهَا الْخِلَافُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ (ص) كَثَوْبٍ بِعَصًا فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ خِلَافٌ (ش) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ لَا فِيهَا، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الثَّوْبَ عَلَى الْعَصَا وَيَتَظَلَّلَ بِهِ فَإِنْ اسْتَظَلَّ دَاخِلَ الْمَحَارَةِ أَوْ تَحْتَ الثَّوْبِ الْمُرْتَفِعِ عَلَى الْأَعْوَادِ وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْجَوَازِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ، أَوْ لَا تَلْزَمُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إخْرَاجُهَا فِي ذَلِكَ خِلَافٌ.

(ص) وَحَمْلٌ لِحَاجَةٍ، أَوْ فَقْرٍ بِلَا تَجْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَانَ مَاشِيًا وَاحْتَاجَ إلَى حَمْلِ شَيْءٍ عَلَى رَأْسِهِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ أَيْ الضَّرُورَةِ كَأَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَحْمِلُ خُرْجَهُ مَثَلًا لَا بِأُجْرَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فَقِيرًا كَأَنْ يَحْمِلَ حُزْمَةَ حَطَبٍ يَبِيعُهَا، أَوْ خُرْجَ أَوْ جِرَابَ غَيْرِهِ لِيَتَمَعَّشَ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْ ثَمَنٍ، أَوْ أُجْرَةٍ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لَا لِلْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ أَيْ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ وَكُلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَإِلَّا فَلَا وَيَفْتَدِي مَا لَمْ يَكُنْ لِعَيْشِهِ كَالْعَطَّارِ فَقَوْلُهُ بِلَا تَجْرٍ زَائِدٍ عَلَى عَيْشِهِ.

(ص) وَإِبْدَالُ ثَوْبِهِ، أَوْ بَيْعُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ أَنْ يُبْدِلَ ثَوْبَهُ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ إزَارًا أَوْ غَيْرَهُ بِغَيْرِهِ وَلَوْ لِقَمْلٍ آذَاهُ بِمَثَابَةِ مَنْ ارْتَحَلَ مِنْ بَيْتِهِ وَأَبْقَاهُ بِبَقِّهِ حَتَّى مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ ثَوْبَهُ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ وَلَوْ لِإِذَايَةِ الْقَمْلِ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) بِخِلَافِ غَسْلِهِ إلَّا لِنَجَسٍ فَبِالْمَاءِ فَقَطْ، (ش) أَيْ أَنَّ غَسْلَ الْمُحْرِمِ ثَوْبَهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَجَاسَةُ جَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَيْ، أَوْ وَسَخٌ فَإِنَّهُ يَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ حُرُضٍ وَهُوَ الْغَاسُولُ وَلَا صَابُونٍ وَلَا أُشْنَانٍ خَشْيَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ، فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ غَسْلِهِ أَيْ فَإِنَّ فِيهِ الْفِدْيَةَ إذَا لَمْ يَأْمَنْ قَتْلَ الدَّوَابِّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَالنَّقْلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْكَرَاهَةُ قَالَ ح بَعْدَ ذِكْرِ الْأَنْقَالِ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا قَمْلَ فِي ثَوْبِهِ جَازَ لَهُ غَسْلُهُ بِمَا شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ جَازَ لَهُ غَسْلُهُ لِلنَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ فَقَطْ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَتَلَ بَعْضَ قَمْلٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ فِي الطِّرَازِ يُطْعِمُ اسْتِحْبَابًا، وَأَمَّا غَسْلُهُ لِلْوَسَخِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ جَائِزٌ، وَأَمَّا غَسْلُهُ لِغَيْرِ النَّجَاسَةِ وَالْوَسَخِ فَاتَّفَقَ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ: إنَّهَا عَلَى بَابِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الطِّرَازِ أَنَّ غَسْلَهُ لِغَيْرِ النَّجَاسَةِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى مَا إذَا غَسَلَهُ لِنَجَاسَةٍ بِصَابُونٍ وَنَحْوِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْ نَفْيُ الْقَمْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْفِدْيَةُ وَصَرَّحَ بِهِ تت.

(ص) وَبَطُّ جُرْحِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَبُطَّ جُرْحَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ قَالَ بَعْضٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ لَا فِيهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ لَا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ مَقْبِيًّا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجْلِسُ تَحْتَهَا) هَذَا تَقَدَّمَ فَهُوَ تَكْرَارٌ وَقَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا فِيهَا (قَوْلُهُ وَفِي عِبَارَةٍ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ قَوْلَهُ: قَالَ بَعْضٌ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ) أَيْ أَنَّ ابْنَ فَرْحُونٍ قَالَ وَلَا يَدْخُلُهَا الْخِلَافُ وَكَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ هُوَ الرَّاجِحُ وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذَا أَنْ تَقُولَ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا فِيهَا أَيْ لَا التَّظَلُّلُ بِشَيْءٍ زَائِدٍ حَالَ كَوْنِهِ فِيهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَتَظَلَّلُ فِيهَا مُقْتَصِرًا عَلَى مَا سُمِّرَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَيَجُوزُ التَّظَلُّلُ بِالْقِلَاعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ التَّظَلُّلِ لِلْمُحْرِمِ مَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّظَلُّلُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ أَيْ زَمَنَ الْوُقُوفِ وَلَعَلَّهُ لِتَكْثِيرِ الثَّوَابِ كَمَا اُسْتُحِبَّ الْقِيَامُ بِهِ دُونَ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ كَثَوْبٍ بِعَصًا) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ أَنْ يَجْعَلَ الثَّوْبَ عَلَى الْعَصَا وَيَتَظَلَّلَ بِهِ، أَوْ عَلَى أَعْوَادٍ فَلَا يَجُوزُ سَائِرًا اتِّفَاقًا وَلَا نَازِلًا عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِخِلَافِ الْخِبَاءِ وَالْبِنَاءِ قَالَ الْحَطَّابُ وَتَعْلِيلُهُمْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَبَطَ الثَّوْبَ بِأَوْتَادٍ وَحِبَالٍ حَتَّى صَارَ كَالْخِبَاءِ الثَّابِتِ أَنَّ الِاسْتِظْلَالَ بِهِ جَائِزٌ.

(قَوْلُهُ كَأَنْ لَا يَجِدَ إلَخْ) فَحِينَئِذٍ لَوْ كَانَ غَنِيًّا وَحَمَلَ بُخْلًا بِأُجْرَةٍ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ لَا بُخْلًا بَلْ لِكَسْرِ نَفْسِهِ وَيَنْبَغِي الْمَنْعُ كَمَا فِي شَرْحِ عب وَلَكِنَّ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي حَمْلِهِ لِهَضْمِ نَفْسِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى غَيْرِهِ اهـ.

وَالْحَاصِلُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحَمْلُ لِمَعَاشِهِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمَعَاشِهِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَحْمِلُهُ مَجَّانًا، أَوْ بِأُجْرَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ حَمَلَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ لِقَمْلٍ آذَاهُ) ، وَأَمَّا إذَا نَقَلَ الْهَوَامَّ مِنْ ثَوْبِهِ، أَوْ جَسَدِهِ الَّذِي عَلَيْهِ إلَى الثَّوْبِ الَّذِي يُرِيدُ طَرْحَهُ فَيَكُونُ كَطَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا أُشْنَانٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَظَاهِرُ عب أَنَّهُ غَيْرُ الْغَاسُولِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالنَّقْلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْكَرَاهَةُ) الْحَقُّ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ وَالْمُدَوَّنَةَ وَإِنْ عَبَّرَتْ بِالْكَرَاهَةِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا التَّحْرِيمُ فَقَدْ نَصَّ سَنَدٌ عَلَى الْمَنْعِ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى وَلَوْ جَهِلَ فَغَسَلَ رَأْسَهُ، أَوْ ثَوْبَهُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِذَلِكَ لَكَانَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فَوُجُوبُ الْفِدْيَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُنَا يُنَافِي صَدْرَ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ شَكَّ وَحِينَئِذٍ إنْ قَتَلَ بَعْضَ الْقَمْلِ أَخْرَجَ مَا فِيهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ قَمْلُهُ لَمْ يَجُزْ غَسْلُهُ لِتَرَفُّهٍ وَلَا لِوَسَخٍ فَإِنْ غَسَلَ وَقَتَلَ بِهِ أَخْرَجَ مَا فِيهِ أَيْضًا.

ص: 348

أَيْ يَشُقُّهُ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ وَيُخْرِجَ مَا فِيهِ بِعَصْرٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِ ذَلِكَ كَوَضْعِ لَزْقَةٍ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْجُرْحِ الدُّمَّلُ وَنَحْوُهُ.

(ص) وَحَكُّ مَا خَفِيَ بِرِفْقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُكَّ مَا خَفِيَ مِنْ بَدَنِهِ مِثْلُ رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِرِفْقٍ خَشْيَةَ قَتْلِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ وَمَفْهُومُ بِرِفْقٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِشِدَّةٍ فَيُكْرَهُ، وَأَمَّا مَا يَرَاهُ فَلَهُ حَكُّهُ وَإِنْ أَدْمَاهُ

(ص) وَفَصْدٌ إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْصِدَ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْصِبْهُ فَإِنْ عَصَبَهُ افْتَدَى وَإِنْ اُضْطُرَّ لِتَعْصِيبِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَمَّا الْفَصْدُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ كَمَا فِي الْحِجَامَةِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَفَصْدٌ إلَخْ لَيْسَ ضَرُورِيَّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ كَعَصْبِ جُرْحِهِ.

(ص) وَشَدُّ مِنْطَقَةٍ لِنَفَقَتِهِ عَلَى جِلْدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ شَدُّ مِنْطَقَةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ عَلَى جِلْدِهِ تَحْتَ إزَارِهِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِشَدِّهَا إدْخَالُ خُيُوطِهَا فِي أَثْقَابِهَا، أَوْ فِي الْكُلَابِ، أَوْ الْإِبْزِيمُ مَثَلًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ عَقَدَهَا عَلَى جِلْدِهِ افْتَدَى (ص) وَإِضَافَةُ نَفَقَةِ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُضِيفَ نَفَقَةَ الْغَيْرِ إلَى نَفَقَتِهِ الَّتِي شَدَّهَا أَوَّلًا عَلَى جِلْدِهِ لَا ابْتِدَاءً فَإِنْ شَدَّ نَفَقَةَ الْغَيْرِ ابْتِدَاءً، أَوْ شَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ، أَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ تَبَعًا أَوْ فَوْقَ مِئْزَرِهِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ) وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَلَى جِلْدِهِ مِمَّا إذَا شَدَّهَا فَوْقَ مِئْزَرِهِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ أُمُورًا جَائِزَةً فَقَالَ (ص) كَعَصْبِ جُرْحِهِ، أَوْ رَأْسِهِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَيْهِ فِي عَصْبِ جُرْحِهِ لِضَرُورَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا بِخِرْقَةٍ كَبِيرَةٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْجَرِيحِ وَالصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الْفِدْيَةُ فِي عَصْبِ رَأْسِهِ مِنْ صُدَاعٍ، أَوْ غَيْرِهِ (ص) أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ كَدِرْهَمٍ (ش) أَيْ عَلَى جُرْحِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَدِيَةَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْخِرْقَةُ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَعَلَّ نُكْتَةَ ذِكْرِهِ كَوْنُ الْحُكْمِ فِيهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ بِخِلَافِ الْخِرْقَةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مُقَيَّدٌ بِالدِّرْهَمِ فَأَكْثَرَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْبَغْلِيُّ.

(ص) أَوْ لَفُّهَا عَلَى ذَكَرٍ، أَوْ قُطْنَةٍ بِأُذُنَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا لَفَّ ذَكَرَهُ بِخِرْقَةٍ لِأَجْلِ الْبَوْلِ أَوْ لِأَجْلِ الْمَنِيِّ، أَوْ الْمَذْيِ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَهُ فِي خِرْقَةٍ مِنْ غَيْرِ لَفٍّ عِنْدَ النَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إذَا جَعَلَ قُطْنَةً كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً بِأُذُنَيْهِ لِعِلَّةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا مُطَيَّبَةً أَوْ غَيْرَ مُطَيَّبَةٍ وَكَذَلِكَ الْأُذُنُ الْوَاحِدَةُ.

(ص) أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ (ش) أَيْ أَوْ بِصُدْغٍ وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا جَعَلَ عَلَى صُدْغَيْهِ قِرْطَاسًا لِضَرُورَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَفْتَدِي لَكِنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ مَعَ الضَّرُورَةِ.

(ص) ، أَوْ تَرْكِ ذِي نَفَقَةٍ ذَهَبٍ، أَوْ رَدَّهَا لَهُ (ش) تَرْكُ مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى عَصْبٍ مِنْ قَوْلِهِ كَعَصْبِ رَأْسِهِ مُشَارِكٍ لَهُ فِي الْفِدْيَةِ أَيْ يَجِبُ الْفِدْيَةُ بِتَرْكِ ذِي نَفَقَةِ ذَهَبٍ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ وَقَدْ نَفِدَتْ نَفَقَتُهُ الَّتِي ضَمَّهَا إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُبْقِي نَفَقَةَ الْغَيْرِ مَعَهُ وَلَا يُخْرِجُهَا إلَى غَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ تَرْكِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَدِّهَا مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى ذِي الْمُضَافِ إلَيْهِ تَرْكٍ أَيْ، أَوْ تَرْكِ رَدِّهَا لَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ رَدَّ الْأُخْرَى إلَى صَاحِبِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا افْتَدَى.

(ص) وَلِمَرْأَةٍ خَزٌّ وَحُلِيٌّ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ فِي حَالِ إحْرَامِهَا الْخَزَّ وَالْحُلِيَّ وَجَمِيعَ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي اللِّبَاسِ كَحُكْمِهَا قَبْلَهُ إلَّا فِي سِتْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْخَزُّ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ خِلَافُهُ وَيَدْخُلُ فِي الْحُلِيِّ الْخَاتَمُ.

(ص) وَكُرِهَ شَدُّ نَفَقَتِهِ بِعَضُدِهِ، أَوْ فَخِذِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَشُدَّ نَفَقَتَهُ بِعَضُدِهِ، أَوْ فَخِذِهِ، أَوْ سَاقِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا فِدْيَةَ وَلَمْ يُوَسِّعْ مَالِكٌ أَنْ يَشُدَّهَا إلَّا فِي الْوَسَطِ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْفِدْيَةُ فِي الْعَضُدِ وَالْفَخِذِ لَا أَعْرِفُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَجْ فَيُكْرَهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَصْدٌ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ يُكْرَهُ

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَفَصْدٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ كَعَصْبِ جُرْحِهِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَشَدُّ مِنْطَقَةٍ) هِيَ الْهِمْيَانُ وَهِيَ مِثْلُ الْكِيسِ يَجْعَلُ فِيهَا الدَّرَاهِمَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرَقٍ كَمَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ (قَوْلُهُ وَإِضَافَةُ نَفَقَةٍ) أَيْ بِأَنْ يُودِعَهُ رَجُلٌ نَفَقَةً بَعْدَ شَدِّهَا لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ فَيَجْعَلُهَا مَعَهَا مِنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ فَإِنْ شَدَّ نَفَقَةَ الْغَيْرِ ابْتِدَاءً) وَدَخَلَ تَحْتَ إلَّا مَا إذَا شَدَّ مِنْطَقَتَهُ فَارِغَةً، أَوْ لِلتَّجْرِ وَنَفَقَتِهِ، أَوْ شَدَّهَا مُجَرَّدَةً عَنْ قَصْدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ شَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ أَيْ، أَوْ شَدَّ الْمِنْطَقَةَ لِلتِّجَارَةِ أَيْ تِجَارَتِهِ، أَوْ تِجَارَةِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ فِي الْخِرْقَةِ الصَّغِيرَةِ مَعَ أَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ (قَوْلُهُ أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ كَدِرْهَمٍ) يَعْنِي بِمَوْضِعٍ، أَوْ مَوَاضِعَ لَوْ جُمِعَتْ كَانَتْ دِرْهَمًا وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي جَمْعِهِ مَوَاضِعَ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَصْبَ وَالرَّبْطَ أَشَدُّ مِنْ اللَّصْقِ إذْ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ حُصُولِ شَيْءٍ عَلَى الْجِسْمِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ اللَّصْقِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَفُّهَا عَلَى ذَكَرٍ) لَا بِقَيْدِ دِرْهَمٍ فِيمَا يَظْهَرُ

(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ تَرْكِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ تَرْكٌ إلَّا مَعَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى ذِي الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ فِي الْمَعَاطِيفِ إذَا تَكَرَّرَتْ أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَجَعَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ مَعْطُوفًا عَلَى عَصْبٍ وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ وَيَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ تَرْكِ رَدِّهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ تَرْكِ ذِي نَفَقَةٍ ذَهَبٍ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ أَوْ رَدِّهَا لَهُ.

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) وَمُقَابِلٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ شَدُّ نَفَقَتِهِ بِعَضُدِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ عَادَةَ قَوْمٍ فَلَا يُكْرَهُ.

ص: 349

نَصًّا

(ص) وَكَبُّ رَأْسٍ عَلَى وِسَادَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَكُبَّ رَأْسَهُ عَلَى وِسَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرَفُّهِ، وَأَمَّا وَضْعُ خَدِّهِ عَلَيْهَا عِنْدَ النَّوْمِ فَلَا يُكْرَهُ، ثُمَّ إنَّ الرَّأْسَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْعُضْوِ بِتَمَامِهِ فَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ جُزْئِهِ أَيْ وَكَبُّ وَجْهٍ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِكْبَابٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكَبَّ.

(ص) وَمَصْبُوغٌ لِمُقْتَدًى بِهِ (ش) أَيْ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ أَنْ يَلْبَسَ فِي حَالَ إحْرَامِهِ الْمَصْبُوغَ الَّذِي لَا طِيبَ فِيهِ إذَا أَشْبَهَ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ كَالْمُوَرَّدِ وَهُوَ الْمُعَصْفَرُ غَيْرَ الْمُفْدَمِ، أَوْ الْمُفْدَمُ إذَا غُسِلَ، أَوْ الَّذِي صُبِغَ بِالْوَرْدِ أَقْوَالٌ فِي تَفْسِيرِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِلْمُقْتَدَى بِهِ مِنْ إمَامٍ وَعَالِمٍ مَا ذُكِرَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ الْجَاهِلُ بِفِعْلِهِ إلَى لُبْسِ غَيْرِ الْجَائِزِ وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِالْإِحْرَامِ مُخْرِجٌ لِغَيْرِ حَالَةِ الْإِحْرَامِ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ غَيْرَ الْمُفْدَمِ وَهُوَ الْمُوَرَّدُ وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِمَصْبُوغٍ غَيْرِ الْمُطَيَّبِ مُخْرِجٌ لِلْمَصْبُوغِ الْمُطَيَّبِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ فِي الْإِحْرَامِ كَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُوَرَّسِ، وَمِثْلُهُمَا الْمُعَصْفَرُ الْمُفْدَمُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْمُفْدَمُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الْقَوِيُّ الصَّبْغِ وَتَقْيِيدُنَا الْمَكْرُوهَ بِمَا يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ مُخْرِجٌ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَلْوَانِ فَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ وَلَوْ لِلْمُقْتَدَى بِهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامُ التِّلِمْسَانِيِّ وَالْقَرَافِيِّ مِنْ كَرَاهَةِ مَا سِوَى الْأَبْيَضِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ.

(ص) وَشَمُّ كَرَيْحَانٍ وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ وَاسْتِصْحَابُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشُمَّ فِي حَالِ إحْرَامِهِ الطِّيبَ الْمَذْكُورَ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ كَالْيَاسَمِينِ وَالرَّيْحَانِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَلَا فِي مَسِّهِ وَكَذَا يُكْرَهُ شَمُّ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ كَالْمِسْكِ وَالْوَرْسِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا فِدْيَةَ أَيْضًا بِخِلَافِ مَسِّهِ وَلَا يُكْرَهُ شَمُّ وَلَا مَسُّ الشِّيحِ وَالْعُصْفُرِ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَمْكُثَ مَعَ رَجُلٍ مُتَطَيِّبٍ، أَوْ بِمَكَانٍ غَيْرِ الْبَيْتِ الشَّرِيفِ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ مِنْهُ قُرْبَةٌ وَكَذَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ الطِّيبَ مَعَهُ، أَوْ مَعَ رُفْقَتِهِ وَلَا فِدْيَةَ.

(ص) وَحِجَامَةٌ بِلَا عُذْرٍ وَغَمْسُ رَأْسِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ فِعْلُهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَحْتَجِمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ خَشْيَةَ أَنْ يَقْتُلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ حَيْثُ لَمْ يَزُلْ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَيْهَا فَيَجُوزُ وَيَفْتَدِي عَلَى الْمَعْرُوفِ وَمَفْهُومُ بِلَا عُذْرٍ الْإِبَاحَةُ لِعُذْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَغْمِسَ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ مَخَافَةَ قَتْلِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ وَقَيَّدَ ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ وَفْرَةٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَكَبُّ رَأْسٍ) لَا يَخْتَصُّ بِالْمُحْرِمِ لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ النَّوْمُ عَلَى الْوَجْهِ نَوْمُ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ النَّارِ وَالشَّيَاطِينِ (قَوْلُهُ اسْمٌ لِلْعُضْوِ بِتَمَامِهِ) أَيْ اسْمٌ لِمَا فَوْقَ الْعُنُقِ كَمَا أَفَادَهُ شَرْحُ شب (قَوْلُهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ أَكَبَّ) وَالصَّوَابُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ أَكَبَّ مُتَعَدٍّ وَكَبَّ لَازِمٌ وَهُوَ مِنْ الْقَلِيلِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ) أَيْ لَا لِغَيْرِهِ فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْمُوَرَّدُ (قَوْلُهُ أَوْ الَّذِي صُبِغَ بِالْوَرْدِ) أَيْ وَلَيْسَ كَالْوَرْسِ؛ لِأَنَّ الْوَرْسَ مِنْ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ بِخِلَافِ الْوَرْدِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي صُبِغَ بِالْوَرْدِ يُفَصَّلُ فِيهِ كَمَا فُصِّلَ فِي الْمُعَصْفَرِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعَصْفَرُ غَيْرُ الْمُفْدَمِ) بَلْ وَالْمُفْدَمُ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ عب وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِالْإِحْرَامِ مُخْرِجٌ لِغَيْرِ حَالَةِ الْإِحْرَامِ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ اهـ أَيْ عَلَى نَقْلِ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ جَوَازُهُ وَظَاهِرُ الطِّرَازِ كَرَاهَتُهُ مُطْلَقًا وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «ابْنِ عُمَرَ لَمَّا لَبِسَ الْمُعَصْفَرَ نَهَاهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ لِبَاسِ الْكُفَّارِ» وَصَرَّحَ الْحَطَّابُ بِكَرَاهَةِ الْمُفْدَمِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَالْوَرْسُ نَبْتٌ بِالْيَمَنِ صَبْغُهُ بَيْنَ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْمُعَصْفَرُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَالْمُطَيَّبِ وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ وَلَمْ يَرَهُ مِنْ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ (قَوْلُهُ هُوَ الْقَوِيُّ الصَّبْغِ) أَيْ الَّذِي صُبِغَ فِي الْعُصْفُرِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى صَارَ ثَخِينًا (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُ الْبَيَاضِ بَلْ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:«الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» .

(قَوْلُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ) أَيْ تَعَلُّقُهُ بِمَا مَسَّهُ مِنْ جَسَدٍ، أَوْ ثَوْبٍ تَعَلُّقًا غَيْرَ شَدِيدٍ وَالْمُؤَنَّثُ مَا يَظْهَرُ لَوْنُهُ وَأَثَرُهُ أَيْ تَعَلُّقُهُ بِمَا مَسَّهُ تَعَلُّقًا شَدِيدًا وَقِيلَ الْمُذَكَّرُ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَتْ رَائِحَتُهُ وَالْمُؤَنَّثُ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ كَالْمِسْكِ (قَوْلُهُ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ) أَيْ فِي شَمِّهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَسِّهِ) أَيْ مَسِّ الْمُؤَنَّثِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَقْسَامَ الْمُؤَنَّثِ أَرْبَعَةٌ: اثْنَانِ مَكْرُوهَانِ وَهُمَا مُكْثُهُ بِمَكَانٍ بِهِ وَاسْتِصْحَابُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَوَاحِدٌ حَرَامٌ وَهُوَ مَسُّهُ وَسَيَذْكُرُهُ، وَوَاحِدٌ مَكْرُوهٌ وَهُوَ شَمُّهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لَا هُنَا وَلَا فِيمَا يَأْتِي وَلَكِنْ تُفْهَمُ الْكَرَاهَةُ فِيهِ مِنْ كَرَاهَةِ شَمِّ الْمُذَكَّرِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِالْأَوْلَى وَكَذَلِكَ أَقْسَامُ الْمُذَكَّرِ أَرْبَعَةٌ وَاحِدٌ مَكْرُوهٌ وَهُوَ شَمُّهُ وَثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ وَهِيَ مُكْثُهُ بِمَكَانٍ بِهِ وَاسْتِصْحَابُهُ وَمَسُّهُ بِدُونِ شَمٍّ فِي الْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ: خِيفَةَ أَنْ يَقْتُلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ) فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيُهَا لَمْ يُكْرَهْ بِلَا عُذْرٍ أَيْ فَلَيْسَ تَعْلِيلًا بِالْمَظِنَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَيَفْتَدِي (قَوْلُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قِيلَ مِنْ سُقُوطِهَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَالْفَرْضُ الِاضْطِرَارُ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ) أَيْ حَفْنَةً مِلْءَ يَدٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ وَفْرَةٌ) هِيَ فِي الْأَصْلِ الشَّعْرُ الطَّوِيلُ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا مُطْلَقُ شَعْرٍ يُمْكِنُ أَنْ تَخْفَى فِيهِ الْقَمْلَةُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا

ص: 350

وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْإِطْعَامَ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْإِطْعَامَ الْمَذْكُورَ فِي الْحِجَامَةِ وَلَا فِي تَخْفِيفِ الرَّأْسِ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِمَا خِيفَةُ قَتْلِ الدَّوَابِّ.

(ص) وَتَجْفِيفُهُ بِشِدَّةٍ وَنَظَرٌ بِمِرْآةٍ وَلُبْسُ امْرَأَةٍ قَبَاءً مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُجَفِّفَ رَأْسَهُ بِشِدَّةٍ بِثَوْبٍ أَوْ بِغَيْرِهِ إذَا غَسَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَقْتُلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَجْفِيفَهُ فِي الْهَوَاءِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْمِرْآةِ حَالَ إحْرَامِهِ وَالْمِرْآةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ، ثُمَّ مَدَّةٌ الَّتِي يُنْظَرُ فِيهَا وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى شُعْثًا فَيُزِيلَهُ وَكَذَا يُكْرَهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ الْقَبَاءَ بِالْمَدِّ وَهُوَ مَا كَانَ مَفْتُوحًا حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُحْرِمَةً أَوْ غَيْرَ مُحْرِمَةٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَصِفُهُنَّ أَيْ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا.

(ص) وَعَلَيْهِمَا دَهْنُ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الْمَرْأَةِ إلَخْ وَعَلَى الرَّجُلِ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ فِي حَالِ إحْرَامِهِمَا أَنْ يَدْهُنَا شَعْرَهُمَا رَأْسًا أَوْ لِحْيَةً أَوْ غَيْرَهُمَا بِالدُّهْنِ مُطْلَقًا أَيْ مُطَيَّبًا أَوْ غَيْرَ مُطَيَّبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُمَا شَعْرٌ أَمْ لَا وَلِهَذَا قَالَ (وَإِنْ صُلْعًا) وَهِيَ الْمُنْحَسِرَةُ شَعْرَ الْمُقَدَّمِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: وَعَلَيْهِمَا دَهْنُ اللِّحْيَةِ إنْ وُجِدَتْ لِلْمَرْأَةِ وَمَوْضِعُهَا لَهُمَا وَالرَّأْسُ وَإِنْ صُلْعًا جَمْعُ أَصْلَعَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الرَّأْسَ مُذَكَّرٌ فَكَيْفَ يَصِفُهُ بِصِفَةِ الْمُؤَنَّثِ وَالْمُرَادُ شَعْرُ الرَّأْسِ وَشَعْرُ اللِّحْيَةِ، وَأَمَّا دَهْنُ الْبَشَرَةِ فَهُوَ مِنْ دَهْنِ الْجَسَدِ.

(ص) وَإِبَانَةُ ظُفْرٍ، أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَسَخٍ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً أَنْ يُبِينَ ظُفْرَهُ أَيْ يُقَلِّمَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ حَفْنَةً إنْ لَمْ يَكُنْ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى، وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إذَا انْكَسَرَ ظُفْرُهُ أَنْ يُقَلِّمَهُ، وَأَمَّا ظُفْرُ غَيْرِهِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَإِبَانَةُ ظُفْرِ غَيْرِهِ لَغْوٌ اهـ.

وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا أَنْ يُزِيلَا شَعْرَهُمَا، أَوْ شَيْئًا مِنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِنَتْفٍ أَوْ حَلْقٍ، أَوْ نُورَةٍ، أَوْ قَرْضٍ بِأَسْنَانٍ لَكِنْ إنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا فَإِنَّهُ يُطْعِمُ حَفْنَةً مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي كَمَا يَأْتِي وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فِي حَالِ إحْرَامِهِ أَنْ يُزِيلَ الْوَسَخَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُحْرِمِ أَنْ يَكُونَ شَعِثًا وَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَلَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُنَقِّيَ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ مِنْ الْوَسَخِ وَلَا فِدْيَةَ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِمَا عَدَا مَا تَحْتَ الْأَظْفَارِ (ص) إلَّا غَسْلَ يَدَيْهِ بِمُزِيلِهِ (ش) أَيْ مِنْ غَيْرِ طِيبٍ كَحُرُضٍ بِضَمَّتَيْنِ آخِرُهُ ضَادٌ سَنَدٌ وَهُوَ الْغَاسُولُ وَالْأُشْنَانُ وَالصَّابُونُ وَكُلُّ مَا يُنَقِّي الزَّفَرَ وَيَقْطَعُ رِيحَهُ أَوْ خِطْمِيٌّ وَهُوَ بِزْرُ الْخَبِيزَيْ سَنَدٌ، وَيَجْتَنِبُ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الرَّيَاحِينِ وَالْفَوَاكِهِ الْمُطَيَّبَةِ الَّتِي تَبْقَى فِي الْيَدِ رَائِحَتُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالتَّطَيُّبِ فَإِنْ خُلِطَ مَعَ الْأُشْنَانِ وَشِبْهِهِ شَيْءٌ مِمَّا لَهُ رِيحٌ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَوْ اُسْتُعْمِلَ مُفْرَدًا لَمْ يَفْتَدِ مِنْهُ فَكَذَلِكَ إذَا خَلَطَهُ اهـ.

وَأَخْرَجَ بِيَدَيْهِ رَأْسَهُ فَفِي غَسْلِهِ بِمَا ذُكِرَ الْفِدْيَةُ، وَأَفْهَمَ الْغَسْلُ أَنَّ الْإِزَالَةَ بِغَيْرِ الْغَسْلِ أَحْرَى وَأَفْهَمَ الْمُزِيلُ أَنَّ الْغَسْلَ بِغَيْرِهِ أَحْرَى أَيْضًا وَالضَّمِيرُ فِي بِمُزِيلِهِ لِلْوَسَخِ.

(ص) وَتَسَاقُطُ شَعْرِهِ لِوُضُوءٍ أَوْ رُكُوبٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ إذَا تَوَضَّأَ فَمَرَّ بِيَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ، أَوْ نَحْوِهِ فَسَقَطَ مِنْهُ شَعْرٌ، أَوْ رَكِبَ دَابَّتَهُ فَحَلَقَ سَاقَهُ الْإِكَافُ وَنَحْوُهُ فَهُوَ مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى، وَانْظُرْ تَفْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَدَهْنُ الْجَسَدِ كَكَفٍّ وَرِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ، أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ وَلَهَا قَوْلَانِ اخْتَصَرْت

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَغْمِسُ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ وَذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِالْكَرَاهَةِ أَخْذًا بِظَاهِرِ قَوْلِهَا: وَأَكْرَهُ لَهُ غَمْسَ رَأْسِهِ فِي الْمَاءِ وَقَوْلِهَا: بِإِثْرِهِ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ الْمَنْعُ إذْ لَا إطْعَامَ فِي كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِطْعَامَ وَاجِبٌ وَقَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ بِاسْتِحْبَابِهِ خِلَافُهَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَصِفُهُنَّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقُفْطَانَ لَمَّا كَانَ مُفَرَّجًا يَجِبُ أَنْ تَضُمَّ أَطْرَافَهُ لِجَسَدِهَا فَيَحْصُلُ الْوَصْفُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَيْ يُكْرَهُ أَنْ تَلْبَسَهُ الْمَرْأَةُ أَيْ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا.

(قَوْلُهُ وَعَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْأُنْثَى وَالذَّكَرِ لِيَشْمَلَ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ. . . إلَخْ) يُنَافِي مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَانَ جَمْعًا بِأَنْ يُقْرَأَ بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ وَيُرَادُ جِنْسُ الرَّأْسِ وَإِلَّا يَلْزَمُ الْإِخْبَارُ بِالْجَمْعِ عَنْ الْمُفْرَدِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ أَيْ ذَا صَلَعٍ وَقَوْلُهُ جَمْعًا أَيْ لَا مُفْرَدًا بِأَنْ يُقْرَأَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَالْمَدِّ تَأْنِيثُ الْأَصْلَعِ؛ لِأَنَّ الْوُرُودَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا قُرِئَ مُفْرَدًا.

(قَوْلُهُ وَالْأُشْنَانُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، وَقَوْلُهُ بِضَمَّتَيْنِ وَيُقْرَأُ أَيْضًا بِسُكُونِ الرَّاءِ وَقَدْ فُسِّرَ الْحُرُضُ بِالْغَاسُولِ فَتَكُونُ الثَّلَاثَةُ أَلْفَاظٍ مُتَرَادِفَةً (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ) أَيْ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَوْ اُسْتُعْمِلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُخَالِطُ لِلْأُشْنَانِ مَاءَ وَرْدٍ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُذَكَّرٍ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ إذَا خَلَطَهُ) لَا فِدْيَةَ فِيهِ

(قَوْلُهُ لِوُضُوءٍ) أَيْ أَوْ غُسْلٍ وَاجِبَيْنِ، أَوْ مَنْدُوبَيْنِ، أَوْ مَسْنُونِ الْغُسْلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا قُتِلَ فِي وَاجِبٍ وَكَذَا فِي مَسْنُونٍ وَمَنْدُوبٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ كَثُرَ وَكَذَا يَجُوزُ الطُّهْرُ لِتَبَرُّدٍ وَلَوْ تَسَاقَطَ فِيهِ شَعْرٌ فَإِنْ قَتَلَ فِيهِ كَثِيرًا افْتَدَى فَإِنْ قَلَّ كَالْوَاحِدَةِ وَنَحْوِهَا فَعَلَيْهِ قَبَصَاتٌ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ جَمْعُ قَبْصَةٍ وَهِيَ التَّنَاوُلُ بِأَطْرَافِ الْأَنَامِلِ وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ الْآتِي: أَوْ قَمْلَةٌ أَوْ قَمَلَاتٌ بِغَيْرِ مَا قُتِلَ فِي غُسْلِ تَبَرُّدٍ وَأَرَادَ بِقَبَصَاتٍ قَبْصَةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ الْجَمْعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: بِمُطَيِّبٍ) أَيْ بِمَا فِيهِ طِيبٌ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَافْتَدَى بِمُطَيِّبٍ وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ

ص: 351

عَلَيْهِمَا (ش) أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَوْ امْرَأَةً أَنْ يَدْهِنَ جَسَدَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِلَّا فَلَا إثْمَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ وَالْمُرَادُ بِالْجَسَدِ مَا عَدَا بَاطِنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَيَفْتَدِي فِي دَهْنِ الْجَسَدِ أَوْ بَعْضِ كَفِّهِ أَوْ رِجْلِهِ بِمُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَكَذَلِكَ فِي دَهْنِ مَا ذُكِرَ لَا لِعِلَّةٍ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ وَإِنْ دَهَنَ مَا ذُكِرَ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَيُفَصَّلُ فِيهِ فَفِي دَهْنِ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي دَهْنِ الْجَسَدِ قَوْلَانِ فَقَوْلُهُ وَلَهَا قَوْلَانِ فِي دَهْنِ الْجَسَدِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَلَوْ قَالَ وَافْتَدَى فِي دَهْنِ الْجَسَدِ وَلَوْ بَعْضًا كَبَعْضِ بَطْنِ كَفٍّ، أَوْ رِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا كَبِغَيْرِهِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ لَا لَهَا بِبَطْنِ كَفَّيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَفِي جَسَدِهِ قَوْلَانِ لَوْ اقْتَصَرْت عَلَيْهِمَا لَوَفَّى بِالْمَقْصُودِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْكَفَّيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الْجَسَدِ.

(ص) وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ (ش) هَذَا مِنْهُ إشَارَةٌ إلَى حُرْمَةِ التَّطَيُّبِ بِالطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَأَثَرُهُ كَالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْعُودِ وَالْمُرَادُ بِالتَّطَيُّبِ بِهِ اسْتِعْمَالُهُ أَيْ إلْصَاقُهُ بِالْبَدَنِ أَوْ بِبَعْضِهِ، أَوْ بِالثَّوْبِ فَلَوْ عَبِقَ عَلَى جَالِسٍ بِحَانُوتِ عَطَّارٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَا فِدْيَةَ مَعَ كَرَاهَةِ تَمَادِيهِ عَلَى ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: بِكَوْرَسٍ عَنْ الطِّيبِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَالْوَرْسُ نَبْتٌ كَالسِّمْسِمِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ صَبْغُهُ بَيْنَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ يَبْقَى نَبْتُهُ عِشْرِينَ سَنَةً (ص) وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ، أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُطَيَّبَ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ الْمَنْعُ وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ وَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُهُ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ يَفْتَدِي إذَا فَعَلَ الْكُحْلَ الْمُطَيَّبَ لِضَرُورَةٍ مِنْ غَيْرِ إثْمٍ وَلَا فِدْيَةَ فِي الْكُحْلِ الْغَيْرِ الْمُطَيَّبِ لِضَرُورَةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلِغَيْرِهَا فِيهِ الْفِدْيَةُ فَقَوْلُهُ وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ تَضَمَّنَ حُكْمَيْنِ الْحُرْمَةَ وَوُجُوبَ الْفِدْيَةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ مُبَالَغَةً فِي الْحُكْمِ الْأَوَّلِ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ مُبَالَغَةً فِي الْحُكْمِ الثَّانِي فَهُوَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَزَّعِ وَبِهَذَا يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ كُلُّ مَا يَحْرُمُ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ (ص) وَلَوْ فِي طَعَامٍ، أَوْ لَمْ يَعْلَقْ (ش) أَيْ وَيَحْرُمُ التَّطَيُّبُ وَلَوْ وَقَعَ مَا يَتَطَيَّبُ بِهِ فِي طَعَامٍ وَأُكِلَ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ وَلَوْ قَالَ فِي كَطَعَامٍ لِيُدْخِلَ الْمَاءُ كَانَ أَحْسَنَ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَمَسَّ الطِّيبَ الْمُؤَنَّثَ بِيَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَقْ مِنْهُ شَيْءٌ فِيهَا فَقَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَقْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَاللَّامِ مِنْ عَلِقَ بِالْكَسْرِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ لَوْ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ أَنَّ لَمْسَ الطِّيبِ يَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَقْ بِهِ وَقَوْلُهُ (إلَّا قَارُورَةً سُدَّتْ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ إنْ قُدِّرَ مَسُّ أَيْ وَيَحْرُمُ مَسُّ الطِّيبِ لَكِنْ قَارُورَةً سُدَّتْ أَيْ لَكِنْ مُصَاحِبًا قَارُورَةً سُدَّتْ وَمُتَّصِلٌ إنْ قُدِّرَ مُلَابَسَةُ أَيْ وَيَحْرُمُ مُلَابَسَةُ الطِّيبِ إلَّا قَارُورَةً سُدَّتْ؛ لِأَنَّ الْمُلَابَسَةَ أَعَمُّ مِنْ اللَّمْسِ وَغَيْرِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا حَمَلَ فِي حَالِ إحْرَامِهِ قَارُورَةً، أَوْ خَرِيطَةً، أَوْ نَحْوَهُمَا مَسْدُودَةً سَدًّا وَثِيقًا مُحْكَمًا بِحَيْثُ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهَا رَائِحَةٌ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إذْ لَا رَائِحَةَ لَهَا حِينَئِذٍ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْمُسْتَثْنَى قَوْلَهُ (وَمَطْبُوخًا) أَيْ، وَإِلَّا طِيبًا مَطْبُوخًا مَعَ طَعَامٍ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ فَلَا فِدْيَةَ إنْ لَمْ يَصْبُغْ الْفَمَ اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ صَبَغَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَقَيَّدْنَا الطَّبْخَ بِالْإِمَاتَةِ إذْ لَوْ لَمْ يُمِتْهُ فَالْفِدْيَةُ.

(ص) أَوْ بَاقِيًا مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ (ش) يَعْنِي لَوْ اسْتَعْمَلَ الطِّيبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ وَرَائِحَتُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ، وَهَذَا فِي الْيَسِيرِ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فِي نَزْعِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح.

(ص) وَمُصِيبًا مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ، أَوْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَلْقَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ شَيْئًا مِنْ التَّطَيُّبِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَطْرَحَهُ بِسُرْعَةٍ فَإِنْ تَرَاخَى فِي طَرْحُهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى وَكَذَلِكَ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيمَا أَلْقَاهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ الطِّيبِ وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ.

(ص) ، أَوْ خَلُوقِ كَعْبَةٍ (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

هُنَا فِي الْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا لَا فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ أَيْ، أَوْ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِغَيْرِ عِلَّةٍ بَلْ لِلتَّحْسِينِ وَالتَّزْيِينِ وَقَوْلُهُ وَلَهَا أَيْ وَلِلْعِلَّةِ مِنْ شُقُوقٍ أَوْ شَكْوَى، أَوْ قُوَّةٍ عَلَى عَمَلٍ (قَوْلُهُ بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا) تَحْتَهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ وَهِيَ إذَا افْتَدَى بِمُطَيِّبٍ كَانَ لِعِلَّةٍ أَوْ لَا فَعَلَ بِجَسَدٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ وَقَوْلُهُ كَبِغَيْرِهِ أَيْ كَبِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِغَيْرِ عِلَّةٍ تَحْتَ ذَلِكَ صُورَتَانِ هُمَا مَا إذَا كَانَ بِجَسَدٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ وَقَوْلُهُ: لَا لَهَا بِبَطْنِ كَفَّيْهِ هَذِهِ سَابِعَةٌ وَقَوْلُهُ وَفِي جَسَدِهِ هِيَ الثَّامِنَةُ.

(قَوْلُهُ: مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَأَثَرُهُ) أَيْ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْعُودُ) كَوْنُ الْعُودِ مِنْ الْمُؤَنَّثِ فِيهِ وَقْفَةٌ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (أَقُولُ) : وَجَعْلُهُ مِنْ الْمُؤَنَّثِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ دُخَانِهِ الَّذِي يَصْعَدُ مِنْهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي النَّارِ (قَوْلُهُ مَعَ كَرَاهَةِ تَمَادِيهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَشُمُّهُ بِاخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ الْحُرْمَةُ مِنْ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ حُرْمَةُ مَا سَبَقَ أَيْ وَافْتَدَى إنْ فَعَلَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَمْنُوعِ إذْ لَا مَنْعَ مَعَ الضَّرُورَةِ، وَأَمَّا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَيَحْرُمُ مَعَ الْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِ مَا فِيهِ الْفِدْيَةُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلزِّينَةِ فَقَطْ، أَوْ لَهَا وَلِدَوَاءٍ مَعًا فَيَجِبُ (قَوْلُهُ إلَّا قَارُورَةً) وَمِثْلُ الْقَارُورَةِ فِي عَدَمِ الْفِدْيَةِ حَمْلُ فَأْرَةِ الْمِسْكِ غَيْرَ مَشْقُوقَةٍ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِشِدَّةِ رِيحِهِ فِيهَا قَرِيبًا مِنْ الْمَشْقُوقَةِ (قَوْلُهُ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمَاتَتِهِ اسْتِهْلَاكُهُ فِي الطَّعَامِ وَذَهَابُ عَيْنِهِ حَتَّى لَا يَظْهَرَ مِنْهُ غَيْرُ رِيحٍ كَالْمِسْكِ أَوْ أَثَرِهِ كَزَعْفَرَانٍ بِأُرْزٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ بَاقِيًا) أَيْ وَإِلَّا طِيبًا يَسِيرًا بَاقِيًا أَثَرُهُ، أَوْ رِيحُهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ.

ص: 352

أَيْ وَكَذَلِكَ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيمَا أَصَابَهُ مِنْ الطِّيبِ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ وَلَوْ كَثِيرًا إذَا نَزَعَهُ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا افْتَدَى وَخَلُوقٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ كَصَبُورٍ ضَرْبٌ مِنْ الطِّيبِ وَلَا يُفَسَّرُ بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ سَنَدٌ وَهُوَ الْعُصْفُرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ (وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ) أَيْ وَخُيِّرَ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَاقِي قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَمَا بَعْدَهُ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ وَتَرْكِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ص، وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى ش أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَثُرَ بِحَيْثُ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ أَوْ لَمْسِهِ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي إنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ، وَارِجَاعُ التَّفْصِيلِ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ أَتَمُّ فَائِدَةً كَمَا فِي شَرْحِ الشَّارِحِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالْخَلُوقِ وَيَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ تَقْيِيدُ الْبَاجِيِّ لِلْبَاقِي قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْيَسِيرِ وَارْتَضَى (هـ) فِي شَرْحِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ خَاصٌّ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ، وَمِثْلُهُ يَسِيرُ الْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا يَسِيرُ الْمُصِيبِ مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجِبُ نَزْعُ يَسِيرِهِ كَكَثِيرِهِ وَإِنْ تَرَاخَى افْتَدَى فِيهِمَا فَقَوْلُهُ وَخُيِّرَ. . . إلَخْ شَامِلٌ لِمَا أَصَابَ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ وَلِلْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا افْتَدَى. . . إلَخْ خَاصٌّ بِالْأَوَّلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ نَزْعُ مَا أَصَابَهُ مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ قَلَّ فَوْرًا فَإِنْ تَرَاخَى فِي ذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ إنْ كَثُرَ، وَأَمَّا الْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ فَإِنْ كَثُرَ وَجَبَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ نَزَعَهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَوْرًا وَإِنْ قَلَّ خُيِّرَ فِي نَزْعِهِ كَمَا يُخَيَّرُ فِي نَزْعِ مَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ إنْ قَلَّ هَذَا مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ (ص) كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ نَائِمًا (ش) التَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا غَطَّى إنْسَانٌ رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَهُوَ نَائِمٌ بِثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ إذَا انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا مَرَّ مِنْ إلْقَاءِ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ فَإِنْ نَزَعَهُ عَنْ رَأْسِهِ فِي الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ.

(ص) وَلَا تُخَلَّقُ أَيَّامَ الْحَجِّ وَيُقَامُ الْعَطَّارُونَ فِيهَا مِنْ الْمَسْعَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَعْبَةَ يُكْرَهُ أَنْ تُخَلَّقَ أَيَّامَ الْحَجِّ لِكَثْرَةِ ازْدِحَامِ الطَّائِفِينَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى أَنَّ الطَّائِفَ يَسْتَعْمِلُهُ؛ وَلِذَلِكَ يُسْتَحْسَنُ أَنْ يُقَامَ الْعَطَّارُونَ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ مِنْ الْمَسْعَى مِنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

(ص) وَافْتَدَى الْمُلْقِي الْحِلُّ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَلْقَى عَلَيْهِ إنْسَانٌ ثَوْبًا وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ طِيبًا فَإِنَّهُ إذَا تَنَبَّهْ فَنَزَعَهُ فِي الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَلَالِ الْمُلْقِي فَقَوْلُهُ وَافْتَدَى وُجُوبًا وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ أَيْ لَمْ تَلْزَمْ الْفِدْيَةُ الْمُحْرِمَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِأَنْ نَزَعَ مَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ بِسُرْعَةٍ فَالضَّمِيرُ الْبَارِزُ عَائِدٌ عَلَى الْمُحْرِمِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ فَإِنْ لَزِمَتْهُ بِأَنْ تَرَاخَى فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي الْحِلَّ قَوْلُهُ وَافْتَدَى الْمُلْقِي الْحِلُّ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ هُوَ وَإِنْ صَدَقَ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مُلْقِي الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِلْمُحْرِمِ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُلْقِي الْحَلَالُ مَا يَفْتَدِي بِهِ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ يَمْنَعُ هَذَا الصِّدْقُ وَقَوْلُهُ (بِلَا صَوْمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِافْتَدَى وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحِلَّ الْمُلْقِيَ إذَا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْمُحْرِمِ وَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ عَنْ أَحَدٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَ شَاةً تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً أَوْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ يَدْفَعُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ الْحِلُّ مَا يَفْتَدِي بِهِ (فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ) وَلَوْ بِالصَّوْمِ وَقَوْلُهُ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ.

(ص) كَأَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحِلَّ إذَا حَلَقَ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِلَا إذْنِهِ فَإِنَّ عَلَى الْحِلِّ الْفِدْيَةُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وَأَمَّا إذَا حَلَقَهُ بِإِذْنِهِ وَلَوْ حُكْمًا فَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (ص) وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِصَوْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَخْرَجَ مَعَ عُسْرِ الْحَلَالِ الْمُلْقَى أَوْ يُسْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْحَلَالِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ أَوْ كَيْلِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِهِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ وَمَحَلُّ الرُّجُوع إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِالصَّوْمِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ وَإِنَّمَا رَجَعَ عَلَى الْحَلَالِ الْمُلْقَى لِأَنَّ الْمُحْرِمَ إنَّمَا افْتَدَى بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُلْقَى لِأَنَّهَا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ) اُنْظُرْ مَا حَدُّ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ إنْ تَرَاخَى) فَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فَلَا فِدْيَةَ مَعَ وُجُوبِ نَزْعِهِ فَوْرًا لِلْكَثِيرِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى إزَالَتِهِ بِمُجَرَّدِ صَبِّ الْمَاءِ فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَزْعِهِ إلَّا بِمَاشِرَتِهِ بِيَدَيْهِ فَعَلَ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ مَعَ الْفَوْرِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ) الصَّوَابُ أَنَّ الْمُصِيبَ مِنْ إلْقَاءِ الرِّيحِ أَوْ الْغَيْرِ يَجِبُ نَزْعُهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَإِنْ تَرَاخَى افْتَدَى وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ فِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ قَلَّ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى لِأَنَّهُ مَهْمَا بَقِيَ مَا يَجِبُ بِإِتْلَافِهِ أَوْ لَمْسِهِ الْفِدْيَةُ افْتَدَى كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَاجِيِّ فَجَعَلَ الزَّرْقَانِيُّ وَالْحَطَّابُ رُجُوعَ التَّخْيِيرِ فِي الْيَسِيرِ أَيْضًا، وَاسْتِدْلَالهمَا بِكَلَامِ الْبَاجِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْبَاجِيَّ لَمْ يَقُلْ إنْ بَقِيَ الْيَسِيرُ خُيِّرَ فِي نَزْعِهِ وَإِنَّمَا قَالَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْهُ مَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ أَوْ لَمْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَمَتَى بَقِيَ مَا يَجِبُ بِإِتْلَافِهِ أَوْ لَمْسِهِ الْفِدْيَةُ افْتَدَى فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ التَّخْيِيرُ فِي نَزْعِ الْيَسِيرِ الَّذِي يُمْكِنُ إتْلَافُهُ وَلَمْسُهُ بَلْ النَّصُّ فِي خَلُوقِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي نَزْعِهِ إنْ كَانَ يَسِيرًا، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَحَبِّيَّةِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ نَائِمًا) أَيْ وَإِذَا كَانَ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَلَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ الْمُغَطِّيَ لِرَأْسِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَعُورِضَتْ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ غَطَّى رَأْسَهُ سَاهِيًا وَالْجَزَاءِ عَلَى مَنْ انْقَلَبَ فِي نَوْمِهِ عَلَى فِرَاخِ الصَّيْدِ فَقَتَلَهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ السَّاهِيَ مُنْتَفِعٌ دُونَ النَّائِمِ وَأَنَّ الصَّيْدَ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ لَا مِنْ بَابِ التَّرَفُّهِ كَمَا لَوْ تَدَحْرَجَ النَّائِمُ عَلَى طِيبٍ وَلَوْ انْقَلَبَ النَّائِمُ عَلَى نُورَةٍ فَانْحَلَقَ رَأْسُهُ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي لِبَقَاءِ أَثَرِهِ بَعْدَ الْيَقِظَةِ بِخِلَافِ مَا يَزُولُ بِإِزَالَتِهِ.

(قَوْلُهُ هُوَ وَإِنْ صَدَقَ عَلَى مُلْقِي الْيَسِيرِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا: وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَمُصِيبًا مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ

(قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ) ، ثُمَّ رُجُوعُهُ

ص: 353

لَا بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ عَنْ الْمُحْرِمِ وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ

(ص) وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْمُلْقِي فِدْيَتَانِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَانَ هُوَ الْمُلْقِيَ عَلَى مُحْرِمٍ مِثْلِهِ طِيبًا، أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ فِدْيَتَانِ فِدْيَةٌ لِمَسِّ الطِّيبِ وَفِدْيَةٌ لِتَطَيُّبِ الْمُحْرِمِ هَذَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَهَذَا حَيْثُ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَرَاخَ أَمَّا لَوْ تَرَاخَى الْمُحْرِمُ الْمَفْعُولُ بِهِ فِي نَزْعِ الطِّيبِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَلَيْسَ عَلَى الْفَاعِلِ حِينَئِذٍ إلَّا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِمَسِّهِ الطِّيبَ فَقَوْلُهُ وَعَلَى الْمُحْرِمِ إلَخْ هَذَا إذَا مَسَّ الطِّيبَ وَلَمْ تَلْزَمْ الْفِدْيَةُ الْمُحْرِمَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ وَلَزِمَتْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي وَإِنْ مَسَّ وَلَزِمَتْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ فَعَلَى الْمُلْقِي فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا إنْ لَمْ يَمَسَّ وَلَمْ تَلْزَمْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَتَرَاخَ وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْمُلْقِيَ فِي حَالَةِ عَدَمِ مَسِّهِ، وَعَدَمُ لُزُومِهَا لِلْمُلْقَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَإِلْقَاءِ الْحِلِّ عَلَى مُحْرِمٍ حَيْثُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ.

(ص) وَإِنْ حَلَقَ حِلٌّ مُحْرِمًا بِإِذْنٍ فَعَلَى الْمُحْرِمِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَلَالَ إذَا حَلَقَ رَأْسَ الْمُحْرِمِ، أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ، أَوْ طَيَّبَهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمُحْرِمِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ رَضِيَ بِفِعْلِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنْ فَعَلَ لَهُ مَا ذُكِرَ فِي حَالِ نَوْمِهِ أَوْ مُكْرَهًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ لَا عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ.

(ص) وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حِلٍّ أَطْعَمَ وَهَلْ حَفْنَةٌ أَوْ فِدْيَةٌ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ إذَا حَلَقَ الْحَلَالُ رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَهَذِهِ عَكْسُهَا وَهُوَ مَا إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ شَعْرَ حِلٍّ مِنْ مَحَلٍّ يَتَيَقَّنُ نَفْيَ الْقَمْلِ عَنْهُ كَسَاقِهِ أَوْ أَزَالَ عَنْهُ أَذًى كَقَلْمِ ظُفْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَ حِلٍّ فَإِنَّهُ يُطْعِمُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَفْيُ الْقَمْلِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ يَفْتَدِي وَاخْتُلِفَ هَلْ مُرَادُهُ بِالْفِدْيَةِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ فِدْيَةٌ حَقِيقِيَّةٌ مِنْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ نُسُكٍ بِشَاةٍ فَأَعْلَى.

(تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَمَّا إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا حَلَقَهُ بِرِضَاهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ فَإِنْ أَعْسَرَ فَهَلْ تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ تَكُونُ عَلَى الْحَالِقِ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْآخَرِ، وَأَمَّا إنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَعَلَى الْحَالِقِ.

(ص) وَفِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى حَفْنَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا قَلَّمَ ظُفْرًا مِنْ أَظْفَارِهِ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ إمَاطَةِ الْأَذَى وَلِغَيْرِ كَسْرٍ فَفِيهِ حَفْنَةٌ مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ حَيْثُ أَعْسَرَ الْمُلْقِي، أَوْ الْحَالِقُ الْحِلُّ، أَوْ أَيْسَرَ وَأَذِنَ لِلْمُحْرِمِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَأْذَنْ (قَوْلُهُ وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ إنَّمَا افْتَدَى بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ إلَخْ، وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عَنْ الْمُلْقِي وَالنِّيَابَةِ عَنْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ لَصَحَّ الصَّوْمُ مِنْ الْمُلْقِي دُونَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ الْعَكْسُ وَحَاصِلُ مَا يُقَالُ أَنَّهَا عَلَى الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْأَصَالَةِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْمُلْقِي لِتَعَدِّيهِ فَلُزُومُهَا لَهُ فَرْعٌ فَلِذَلِكَ صَحَّ الصَّوْمُ مِنْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ دُونَ الْمُلْقِي فَالْمُلْقِي نَائِبٌ مِنْ حَيْثُ الْأَصَالَةُ وَالْمُلْقَى عَلَيْهِ نَائِبٌ لَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ بَلْ بِاعْتِبَارِ لُزُومِهَا لِلْمُلْقِي بِاعْتِبَارِ تَعَدِّيهِ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْمُلْقِي) أَيْ وَأَمَّا إلْقَاءُ مُحْرِمٍ عَلَى حِلٍّ فَعَلَى الْمُلْقِي فِدْيَةٌ إنْ مَسَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ) وَمُقَابِلُهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ طَيَّبَ نَفْسَهُ.

(قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُحْرِمِ) أَيْ وَلَوْ أَعْسَرَ وَلَا يَلْزَمُ الْحِلُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ كَأَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَأَعَادَهَا لِكَوْنِهَا مَفْهُومَ قَوْلِهِ هُنَا بِإِذْنٍ.

(قَوْلُهُ حَفْنَةٌ أَوْ فِدْيَةٌ) يَجُوزُ رَفْعُهُمَا وَنَصْبُهُمَا أَيْ وَهَلْ إطْعَامُهُ حَفْنَةً أَوْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ، أَوْ هَلْ يُطْعِمُ حَفْنَةً أَوْ يُخْرِجُ فِدْيَةً (قَوْلُهُ قَالَ مَالِكٌ إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ يَفْتَدِي) بِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حِلٍّ افْتَدَى أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَتَلَ فِي حِلَاقِهِ لَهُ دَوَابَّ (قَوْلُهُ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ) الْحَفْنَةُ لُغَةً مِلْءُ الْكَفَّيْنِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهَا هَاهُنَا مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى الْيَدُ الْمُتَوَسِّطَةُ (قَوْلُهُ: هَلْ مُرَادُهُ بِالْفِدْيَةِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ) أَيْ فَيَكُونُ وِفَاقًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ حَقِيقَةُ الْفِدْيَةِ فَيَكُونُ خِلَافًا وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِهَا فَقَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ لِلْحِلَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لِلدَّوَابِّ وَإِلَى الْأَوَّلِ ذَهَبَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَوَجْهُهُ حَمْلُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] عَلَى عُمُومِهِ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ رَأْسِ غَيْرِهِ وَلْيُعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَلَّلَ بِالْحِلَاقِ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ قَمْلًا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا أَوْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَهُمَا كَمَا قَالَ س وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَوْلُ الْحَطَّابِ أَطْعَمَ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَ الْقَمْلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى ذَلِكَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ يُوهِمُ خُرُوجَهُ مِنْ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَلَّدَهُ ح فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَفْيَ الْقَمْلِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ كَثْرَتَهُ بِحَيْثُ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيَهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ تَحَقَّقَ كَثْرَتَهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ حِينَئِذٍ اهـ.

وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَيْفَ وَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِ الْحَلَالِ قَمْلٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَقَالَ مَالِكٌ يَفْتَدِي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وتت فِي كَبِيرِهِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَإِنَّمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا تَحَقَّقَ نَفْيُ الْقَمْلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ عَلَّلَ الْفِدْيَةَ بِقَتْلِ الدَّوَابِّ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْكَثِيرِ لِأَنَّ أَصْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْقَمْلِ الْكَثِيرِ الْإِطْعَامُ فَكَلَامُهُ كُلُّهُ جَارٍ عَلَى تَعْلِيلِهِ وَتَبِعَ سَنَدٌ اللَّخْمِيَّ فِي تَفْصِيلِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ اهـ كَلَامُ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ) وَفِيهَا مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحَلْقُ فَلَوْ حَصَلَ قَتْلُ قَمْلٍ مِنْ الْحَالِقِ لَجَرَى عَلَى تَفْصِيلِهِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْحَالِقِ) فَلَوْ أَعْسَرَ فَهَلْ تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ يُخْرِجُهَا الْمَحْلُوقُ رَأْسُهُ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْحَالِقِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْحَالِقِ فِي الْأُولَى وَعَلَى الْمَحْلُوقِ فِي الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) أَيْ بَلْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ عَبَثًا أَوْ تَرَفُّهًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

ص: 354

فَفِيهِ فِدْيَةٌ فَإِنْ قَلَّمَهُ لِكَسْرِهِ أَوْ أَزَالَ وَسَخَهُ، أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَ حَلَالٍ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَانْظُرْ لِمَ قَلَّمَ ظُفْرَ مِثْلِهِ لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ قُلِّمَ لَهُ بِأَمْرِهِ افْتَدَى وَإِنْ فُعِلَ بِهِ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ مِنْ حَلَالٍ، أَوْ حَرَامٍ اهـ.

وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ الْوَاحِدِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ الْفِدْيَةُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى أَمْ لَا وَلَوْ أَبَانَ وَاحِدًا بَعْدَ إبَانَةِ آخَرَ فَإِنْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَفِيهِمَا الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ حَفْنَةٌ (ص) كَشَعْرَةٍ أَوْ شَعَرَاتٍ أَوْ قَمْلَةٍ، أَوْ قَمَلَاتٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي إطْعَامِ حَفْنَةٍ مِنْ طَعَامٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَزَال مِنْ جَسَدِهِ شَعْرَةً وَاحِدَةً، أَوْ شَعَرَاتٍ إلَى عَشْرَةٍ وَمَا قَارَبَهَا لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَإِنَّهُ يُطْعِمُ حَفْنَةً مِنْ طَعَامٍ وَتَقَدَّمَ مَا إذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهِ لِوُضُوءٍ، أَوْ رُكُوبٍ، أَوْ غَسْلٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَزَالَ وَسَخَ نَفْسِهِ أَيْ الْوَسَخَ الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ حَفْنَةٌ إذَا قَتَلَ قَمْلَةً، أَوْ قَمَلَاتٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّعْرِ، وَمِثْلُ قَتْلِ الْقَمْلِ طَرْحُهُ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْبُرْغُوثِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ (وَطَرْحِهَا) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قَتْلِ الْمُقَدَّرِ (ص) كَحَلْقِ مُحْرِمٍ لِمِثْلِهِ مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَ الْقَمْلِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ أَيْ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ حَفْنَةٌ لِحَلْقِ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ لِمُحْرِمٍ آخَرَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَعَادَ حَرْفَ التَّشْبِيهِ فِي الْحَفْنَةِ وَإِنْ أَغْنَى عَنْهُ الْعَطْفُ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ الْحَالِقُ نَفْيَ الْقَمْلِ عَنْ رَأْسِ الْمَحْلُوقِ فَلَا حَفْنَةَ عَلَى الْحَالِقِ وَعَلَى الْمَحْلُوقِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْفِدْيَةُ (ص) وَتَقْرِيدِ بَعِيرِهِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُطْعِمُ الْمُحْرِمُ حَفْنَةً مِنْ طَعَامٍ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ إذَا قَرَّدَ بَعِيرَهُ أَيْ أَزَالَ عَنْهُ الْقُرَادَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلْقَتْلِ وَأَحْرَى بَعِيرُ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ فِي كَثِيرِهِ وَحَفْنَةٌ فِي قَلِيلِهِ، وَمِثْلُ الْقُرَادِ فِيمَا ذُكِرَ سَائِرُ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ جَسَدِ الْبَعِيرِ وَيَعِيشُ فِيهِ كَالْحَلَمِ وَنَحْوِهِ.

(ص) لَا كَطَرْحِ عَلَقَةٍ، أَوْ بُرْغُوثٍ (ش) جَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ يُدْخِلُ الْكَافَ عَلَى الْمُضَافِ وَمُرَادُهُ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَيْ وَلَا شَيْءَ فِي طَرْحِ مَا لَا يَتَوَلَّدُ مِنْ جَسَدِ غَيْرِهِ كَعَلَقَةٍ وَبُرْغُوثٍ وَنَمْلٍ وَذَرٍّ وَبَعُوضٍ وَذُبَابٍ وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ إلَّا الْقَمْلَ عَنْ جَسَدِهِ وَالْقُرَادَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ عَنْ دَابَّتِهِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ طَرْحِ أَنَّ قَتْلَ مَا ذُكِرَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ إنْ كَثُرَ ذَلِكَ.

(ص) وَالْفِدْيَةُ فِيمَا يُتَرَفَّهُ بِهِ، أَوْ يُزِيلُ أَذًى كَقَصِّ الشَّارِبِ، أَوْ ظُفْرٍ، أَوْ قَتْلِ قَمْلٍ كَثُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِدْيَةَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى:" {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] " يَكُونُ سَبَبُهَا مُنْحَصِرًا فِي أَمْرَيْنِ: التَّرَفُّهُ وَإِمَاطَةُ الْأَذَى وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فَعَلَهُ الْمُحْرِمُ مِمَّا يَحْصُلُ لَهُ بِهِ التَّرَفُّهُ أَوْ يُزِيلُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَذًى فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَمَا إذَا حَلَقَ عَانَتَهُ، أَوْ قَصَّ أَظْفَارَهُ أَوْ شَارِبَهُ، أَوْ نَتَفَ إبْطَهُ أَوْ أَنْفِهِ، أَوْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا بِأَنْ زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْتُلْهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ كَثُرَ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ يُتَرَفَّهُ أَيْ يُتَنَعَّمُ بِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيُزِيلُ أَذًى بِالْوَاوِ وَهِيَ بِمَعْنَى، أَوْ وَأَوْلَى لَوْ اجْتَمَعَا وَقَوْلُهُ كَقَصِّ الشَّارِبِ أَوْ ظُفْرٍ مِثَالَانِ صَالِحَانِ لِلْأَمْرَيْنِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَخَضْبً بِكَحِنَّاءٍ وَإِنَّمَا عَرَّفَ الشَّارِبَ لِاتِّحَادِهِ وَنَكَّرَ الظُّفْرَ لِتَعَدُّدِهِ.

(ص) وَخَضْبٍ بِكَحِنَّاءٍ وَإِنْ رُقْعَةً إنْ كَبُرَتْ (ش) الْحِنَّاءُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْمَدِّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إذَا خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ رَأْسَهُ، أَوْ لِحْيَتَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ إنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ) أَيْ ظُفْرَ نَفْسِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ خِلَافًا لِمَا فِي عب وَقَوْلُهُ: أَوْ قُلِّمَ لَهُ بِأَمْرِهِ أَيْ قَلَّمَ لَهُ الْغَيْرُ بِأَمْرِهِ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا رَضِيَ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ حَفْنَةٌ) أَيْ إنْ أَبَانَ الثَّانِيَ بَعْدَ مَا أَخْرَجَ مَا وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ هَذَا مَا يُفِيدُهُ عج وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُ هَذَا فِيمَا إذَا قَتَلَ قَمْلَةً وَأُخْرَى (قَوْلُهُ وَمَا قَارَبَهَا) وَهُوَ الْأَحَدَ عَشْرَ وَالِاثْنَا عَشْرَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا رحمه الله (قَوْلُهُ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَيَلْزَمُ الْفِدْيَةُ كَمَا إذَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْقَمْلِ (قَوْلُهُ بِالْجَرِّ) وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مُبْتَدَأً مَحْذُوفَ الْخَبَرِ أَيْ وَطَرْحُهَا كَذَلِكَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الْقَطْعِ عَنْ الْعَطْفِ إلَى غَيْرِهِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الرَّضِيُّ وَحَاصِلُ مَا عِنْدَهُ فِيهَا أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَطْعُ عَنْ الْعَطْفِ إلَى غَيْرِهِ إنْ كَانَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيُّ يُفْهَمُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ لَبْسٍ وَيَمْتَنِعُ إنْ حَصَلَ لَبْسٌ (قَوْلُهُ وَتَقْرِيدِ بَعِيرِهِ) ظَاهِرُهُ فِي الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَقَالَ مَالِكٌ: يَفْتَدِي فِي الْكَثِيرِ وَيُطْعِمُ فِي الْيَسِيرِ وَكَلَامُ الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَالنَّفْسُ أَمْيَلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ بَعْضٌ وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْكَثْرَةِ قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَثْرَةَ هُنَا كَالْكَثْرَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَمْلِ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ وَأَحْرَى بَعِيرُ غَيْرِهِ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ بَعِيرَهُ لَمَّا كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَالْقُرَادُ يُضْعِفُهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي تَقْرِيدِهِ.

(قَوْلُهُ لَا كَطَرْحِ عَلَقَةٍ) أَيْ عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعِيرِهِ لِأَنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بُرْغُوثٍ أَيْ طَرْحِ بُرْغُوثٍ (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ طَرْحُ إلَخْ) وَبَعْضُهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّ قَتْلَ الْبُرْغُوثِ فِيهِ قَوْلَانِ قِيلَ يُطْعِمُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: يُتَرَفَّهُ بِهِ) أَيْ يُتَنَعَّمُ بِهِ (قَوْلُهُ مِثَالَانِ صَالِحَانِ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظُّفْرَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِإِمَاطَةِ الْأَذِي بَلْ لِلتَّرَفُّهِ فَلَيْسَ فِيهِ فِدْيَةٌ وَإِنَّمَا فِيهِ حَفْنَةٌ (قَوْلُهُ لِاتِّحَادِهِ) أَيْ فَصَارَ مُتَعَيِّنًا فِي الْأَذْهَانِ فَلِذَلِكَ عَرَّفَهُ

(قَوْلُهُ وَخَضْبٍ بِكَحِنَّاءٍ) مِثَالٌ صَالِحٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ الْوَسْمَةَ بِكَسْرِ السِّينِ وَتَسْكِينِهَا كَمَا فِي الصِّحَاحِ نَبْتٌ مِنْ شَجَرَةٍ كَالْكُزْبَرَةِ يُدَقُّ وَيُخْلَطُ مَعَ الْحِنَّاءِ سُمِّيَتْ وَسْمَةً مِنْ الْوَسَامَةِ وَهِيَ الْحُسْنُ لِأَنَّهَا تُحَسِّنُ الشَّعْرَ

ص: 355

أَوْ جَسَدَهُ وَهِيَ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ الطِّيبِ وَسَوَاءٌ عَمَّ الْعُضْوَ، أَوْ لَمْ يَعُمَّهُ بَلْ كَانَتْ رُقْعَةً إنْ كَبُرَتْ كَدِرْهَمٍ فَإِنْ صَغُرْت فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالرُّقْعَةِ مَوْضِعُ الْحِنَّاءِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ خَضْبً أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ فِي فَمِ جُرْحٍ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ كَمَا لَوْ شَرِبَهُ، أَوْ حَشَا شُقُوقَ رِجْلَيْهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَ وَأَنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ وَلَوْ نَزَعَهُ مَكَانَهُ وَأَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ

(ص) وَمُجَرَّدِ حَمَّامٍ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) الْمَشْهُورُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ رِوَايَاتٍ ثَلَاثٍ حَكَاهَا أَنَّ الْفِدْيَةَ تَلْزَمُ الْمُحْرِمَ بِمُجَرَّدِ صَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَى جَسَدِهِ بَعْدَ جُلُوسِهِ فِيهِ وَعَرَقِهِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ إزَالَةِ الْوَسَخِ سَوَاءٌ تَدَلَّكَ أَمْ لَا أَنْقَى الْوَسَخَ أَمْ لَا وَالثَّانِيَةُ إنْ تَدَلَّكَ وَالثَّالِثَةُ وَأَنْقَى الْوَسَخَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَبِمَا قَرَّرْنَا يَكُونُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ قَوْلُهُ مُجَرَّدُ حَمَّامٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دُخُولٌ وَأَنْ يَكُونَ غَسْلٌ وَالْمُرَادُ الثَّانِي، الثَّانِي أَنَّهُ لَا بُدَّ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ جُلُوسِهِ فِيهِ حَتَّى يَعْرَقَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَمِنْ صَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَيْهِ، الثَّالِثُ مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى مَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ إذَا تَدَلَّكَ وَأَنْقَى الْوَسَخَ وَحِينَئِذٍ عَلَى الْمُؤَلِّفِ الِاعْتِرَاضُ فِي عُدُولِهِ عَنْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَشْيِهِ عَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ وَاعْتَذَرَ الشَّارِحُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ؛ لِاخْتِيَارِ عِدَّةٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ لِمَا اخْتَارَهُ لَا لِمَا فِيهَا.

(ص) وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ، أَوْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا بِفَوْرٍ، أَوْ نَوَى التَّكْرَارَ، أَوْ قَدَّمَ الثَّوْبَ عَلَى السَّرَاوِيلِ (ش) الْأَصْلُ فِي الْفِدْيَةِ أَنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهَا إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهَا تَتَّحِدُ وَإِنْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا الْأَوْلَى إذَا ظَنَّ الْإِبَاحَةَ، أَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ، أَوْ نَاسِيًا لَهُ وَصُورَتُهَا لَبِسَ ثَوْبًا مَثَلًا فَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ، ثُمَّ لَبِسَ ثَانِيًا ظَانًّا أَنَّ فِعْلَهُ الثَّانِيَ لَا يُوجِبُ غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ الْأَوَّلُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ الثَّانِي عَلَى الْفَوْرِ مِنْ الْأَوَّلِ، أَوْ عَلَى التَّرَاخِي مِنْهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَعَدَّدَ مُوجِبُ الْفِدْيَةِ بِفَوْرٍ كَمَا إذَا لَبِسَ وَتَطَيَّبَ وَقَلَّمَ وَقَتَلَ الْقَمْلَ وَحَلَقَ الشَّعْرَ دُفْعَةً مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْفِعْلِ الْوَاحِدِ، الثَّالِثَةُ أَنْ يَتَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ لَكِنَّهُ عِنْدَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ نَوَى التَّكْرَارَ مِنْ جِنْسٍ أَوْ أَجْنَاسٍ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَضُرُّ بُعْدُ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ تَدَاوَى لِقُرْحَةٍ بِمُطَيِّبٍ وَنَوَى تَكْرَارَ التَّدَاوِي لَهَا، أَوْ لَبِسَ وَتَطَيَّبَ وَحَلَقَ وَقَلَّمَ وَنِيَّتُهُ فِعْلُ جَمِيعِهَا فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَ تِلْكَ الْأَفْعَالِ، الرَّابِعَةُ أَنْ يُقَدِّمَ مَا نَفْعُهُ أَعَمُّ عَلَى مَا نَفْعُهُ أَخَصُّ كَأَنْ يُقَدِّمَ فِي لُبْسِهِ الثَّوْبَ أَوْ الْقَلَنْسُوَةِ، أَوْ الْقَمِيصِ عَلَى السَّرَاوِيلِ أَوْ الْعِمَامَةِ أَوْ الْجُبَّةِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَفِدْيَةٌ وَإِنْ تَرَاخَى وَلَوْ عَكَسَ الْأَمْرَ أَيْ فِي الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ خَاصَّةً وَتَرَاخَى تَعَدَّدَتْ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الْأَوَّلَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالرُّقْعَةِ مَوْضِعُ الْحِنَّاءِ) أَيْ مِنْ الْعُضْوِ لَا كُلُّ الْعُضْوِ.

(قَوْلُهُ صَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ إلَخْ) وَانْظُرْ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ الْبَارِدَ فِي الْحَمَّامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ غُسْلٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَنْ يَكُونَ صَبٌّ (قَوْلُهُ حَتَّى يَعْرَقَ) مِنْ بَابِ تَعِبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ وَلَمْ يُسْمَعْ لِلْعَرَقِ جَمْعٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ أَوْ نَاسِيًا) هَذَا الْحَلُّ غَيْرُ مَرْضِيٍّ وَالْمَرْضِيُّ حَلُّ الْحَطَّابِ بِحَلٍّ آخَرَ وَتَبِعَهُ عب وَنَصُّهُ: إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ كَاَلَّذِي يَطُوفُ فِي عُمْرَتِهِ، ثُمَّ يَسْعَى وَيَحِلُّ أَيْ، أَوْ لِلْإِفَاضَةِ وَيَظُنُّ أَنَّهُ فِيهِمَا عَلَى طَهَارَةٍ فَيَتَبَيَّنُ خِلَافُهُ، أَوْ يَعْتَقِدُ رَفْضَ إحْرَامِهِ وَاسْتِبَاحَةَ مَوَانِعِهِ، أَوْ يُفْسِدُهُ بِوَطْءٍ فَتَأَوَّلَ أَوْ جَهِلَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يُسْقِطُ حُرْمَتَهُ بِالْفَسَادِ فَيَفْعَلُ مُتَعَدِّدًا يُوجِبُ كُلُّ وَاحِدٍ فِدْيَةً مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ فَتَتَّحِدُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِي الثَّلَاثِ، وَأَمَّا مَنْ ظَنَّ إبَاحَةَ مَا فَعَلَهُ عَلَى الْحَاجِّ أَيْ ظَنَّ أَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ مُحَرَّمَاتِهِ أَوْ أَنَّ كُلًّا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ إذَا انْفَرَدَ وَعِنْدَ التَّعَدُّدِ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِالْأَوَّلِ فَقَطْ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فَإِنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ الِاتِّحَادَ كَمَا قَرَّرَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْبِسَاطِيُّ أَيْ وتت قَالَ مُحَشِّي تت فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ الِاتِّحَادِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ أَيْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ الْمَذْكُورَةُ وَالْأُولَى مِنْهَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا شَكُّ الْإِبَاحَةِ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفِدْيَةَ تَتَعَدَّدُ فِيهِمَا فِي حَالَةِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا لَبِسَ وَتَطَيَّبَ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُخْرِجْ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ فِعْلِ الثَّانِي وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ وَقَوْلُهُ بِفَوْرٍ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَفْعَالُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ عِنْدَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ وَالْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ وَنَوَى تَكْرَارَ التَّدَاوِي لَهَا) أَيْ كَمَا احْتَاجَ لِلدَّوَاءِ (قَوْلُهُ وَنِيَّتُهُ فِعْلُ جَمِيعِهَا) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيَدْفَعَ التَّكْرَارَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَدِّمَ مَا نَفْعُهُ أَعَمُّ) أَيْ أَعْظَمُ (قَوْلُهُ عَلَى السَّرَاوِيلِ) رَاجِعٌ لِلثَّوْبِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْعِمَامَةِ رَاجِعٌ لِلْقَلَنْسُوَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ السِّينِ وَفِيهَا لُغَةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ الْقُلَنْسِيَةُ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّك إذَا فَتَحْت الْقَافَ ضَمَمْت السِّينَ وَإِنْ ضَمَمْت الْقَافَ كَسَرْت السِّينَ وَقَلَبْت الْوَاوَ يَاءً فَإِذَا جَمَعْت أَوْ صَغَّرْت فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَتَيْنِ الْوَاوَ وَالنُّونَ إنْ شِئْت حَذَفْت الْوَاوَ وَقُلْت قَلَانِسُ وَإِنْ شِئْت حَذَفْت النُّونَ وَقُلْت قَلَاسٍ رَاجِعْ صِحَاحَ الْجَوْهَرِيِّ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْجُبَّةِ رَاجِعٌ لِلْقَمِيصِ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْقَلَنْسُوَةُ أَعْظَمَ مِنْ الْعِمَامَةِ لِأَنَّهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ الْقَلَنْسُوَةُ أَعْظَمُ فِي الِاتِّسَاعِ عَلَى الْعُضْوِ مِنْ الْعِمَامَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجُبَّةِ مَعَ الْقَمِيصِ بِأَنْ يَكُونَ الْقَمِيصُ أَطْوَلَ مِنْ الْجُبَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَاخَى) الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ) لَا دَاعِيَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ بَلْ الْمُنَاسِبُ التَّعْمِيمُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقَلَنْسُوَةَ أَعْظَمُ مِنْ الْعِمَامَةِ وَالْقَمِيصَ أَعْظَمُ مِنْ الْجُبَّةِ

ص: 356

بِمَا إذَا لَمْ تُفَضَّلْ السَّرَاوِيلُ عَلَى الثَّوْبِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ اللَّخْمِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَلَنْسُوَةِ وَالْعِمَامَةِ أَمَّا إذَا نَزَلَ فَتَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ انْتَفَعَ ثَانِيًا بِغَيْرِ مَا انْتَفَعَ بِهِ أَوَّلًا اهـ. قَالَ بَعْضٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّامِلِ.

(ص) وَشَرْطُهَا فِي اللُّبْسِ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لَا إنْ نَزَعَ مَكَانَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِدْيَةَ لَا تَجِبُ فِيمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ طُولٍ إلَّا بَعْدَ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا إذَا لَبِسَ قَمِيصًا، أَوْ خُفًّا وَانْتَفَعَ بِهِ مِنْ دَفْعِ إذَايَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، أَوْ دَوَامٍ كَالْيَوْمِ فَلَوْ لَبِسَهُ وَنَزَعَهُ مَكَانَهُ لِقِيَاسٍ وَنَحْوِهِ فَلَا تَجِبُ فِيهِ فِدْيَةٌ، وَأَمَّا مَا لَا يَقَعُ إلَّا مُنْتَفَعًا بِهِ كَحَلْقِ الشَّعْرِ وَالطِّيبِ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (ص) وَفِي صَلَاةٍ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَفِي انْتِفَاعِهِ بِالْمَلْبُوسِ فِي صَلَاةٍ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا قَوْلَانِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ سَنَدٌ فَرَاعَى مَرَّةً حُصُولَ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ وَنَظَرَ مَرَّةً إلَى التَّرَفُّهِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالطُّولِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ: بِالْفِدْيَةِ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ قَالَ بَعْضٌ فَفِيهِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَكَانَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجَوَاهِرِ يُفِيدُ أَنَّ لُبْسَهُ دُونَ الْيَوْمِ لَا شَيْءَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعْ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ يَشْمَلُ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ، وَهَذَا مَا لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا فَإِنْ طَوَّلَ فِيهَا طُولًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.

(ص) وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ إذَا فَعَلَ مَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ لِأَجْلِ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَأَمَّا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَيَأْثَمُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ جَوَازَ الْإِقْدَامِ عَلَى فِعْلِ الْمُوجِبِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ.

وَقَالَ التَّاجُورِيُّ إنَّ خَوْفَ وُجُودِ الْعُذْرِ كَافٍ فِي ذَلِكَ.

وَلَمَّا كَانَتْ دِمَاءُ الْحَجِّ عَلَى ضَرْبَيْنِ هَدْيٌ وَهُوَ مَا وَجَبَ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَمَا نَوَى بِهِ مِنْ النُّسُكِ الْهَدْيَ، كَمَا سَيَأْتِي وَنُسُكٌ وَهُوَ مَا وَجَبَ لِإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَطَلَبِ الرَّفَاهِيَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِفِدْيَةِ الْأَذَى كَمَا أَفَادَ التَّسْمِيَتَيْنِ بِقَوْلِهِ (ص) وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ فَأَعْلَى أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدَّانِ كَالْكَفَّارَةِ أَوْ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِدْيَةَ هِيَ النُّسُكُ أَيْ الْعِبَادَةُ مُخَيَّرٌ فِيهَا بَيْنَ أَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ يَذْبَحَ شَاةً فَأَكْثَرَ لَحْمًا مِنْهَا مِنْ بَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ لَكِنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ طِيبَ اللَّحْمِ هُنَا أَفْضَلُ كَالضَّحَايَا وَإِمَّا أَنْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ بِمُدِّهِ عليه السلام وَمِنْ غَالِبِ عَيْشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَإِمَّا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ تُفَضَّلْ السَّرَاوِيلُ عَلَى الْعِمَامَةِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا فُضِّلَتْ السَّرَاوِيلُ عَلَى الْعِمَامَةِ أَيْ بِالْكَثِيرِ فَتَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ بِالسَّرَاوِيلِ انْتِفَاعٌ مِنْ دَفْعِ بَرْدٍ فَتَتَعَدَّدُ بِلُبْسِهَا (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الْقَلَنْسُوَةِ وَالْعِمَامَةِ) أَشَارَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ إلَى أَنَّهُ إذَا عَظُمَتْ الْعِمَامَةُ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ بِأَنْ نَزَلَتْ تَحْتَ الْقَلَنْسُوَةِ أَيْ بِكَثِيرٍ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ تَتَعَدَّدُ وَإِلَى مَا ذَكَرْنَا أَشَارَ فِي الشَّامِلِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَبِسَ قَلَنْسُوَةً ثُمَّ عِمَامَةً أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يُفَضَّلْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ مَنْ ائْتَزَرَ بِمِئْزَرٍ فَوْقَ مِئْزَرٍ فَعَلَيْهِ فِدْيَتَانِ إلَّا أَنْ يَبْسُطَهُمَا وَيَتَّزِرَ بِهِمَا وَأَمَّا رِدَاءٌ فَوْقَ رِدَاءٍ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَالْحَالُ أَنَّهُ عَقَدَ كُلًّا مِنْ تِلْكَ الْمَآزِرِ وَأَطَالَ مَا بَيْنَ الْمِئْزَرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ الرِّدَاءِ وَغَيْرِهِ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ) إذَا تَعَدَّدَ مُوجِبُ الْحَفْنَةِ جَرَى فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا فَتَتَّحِدُ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ.

(قَوْلُهُ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْعَامَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ (قَوْلُهُ: أَوْ دَوَامٍ كَالْيَوْمِ) كَمَا لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا رَقِيقًا لَا يَقِي حَرًّا وَلَا بَرْدًا وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الِانْتِفَاعِ غَالِبًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّوَامِ يُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُرَادَ انْتِفَاعٌ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ فَتَدْخُلُ تِلْكَ الصُّورَةُ فِي الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَرَاعَى مَرَّةً حُصُولَ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ السِّتْرُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَمَرَّةً نَظَرَ إلَى التَّرَفُّهِ) الَّذِي مَرْجِعُهُ إلَى الِانْتِفَاعِ مِنْ الْحَرِّ، أَوْ الْبَرْدِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعْ) أَيْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ يَشْمَلُ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ) ، وَالظَّاهِرُ خُرُوجُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، أَوْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ جَارٍ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ طَوَّلَ فِيهَا طُولًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ) وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا أَيْ، وَأَمَّا لَوْ طَوَّلَ فِيهَا فَالْفِدْيَةُ اتِّفَاقًا وَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّولِ مَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ أَيْ بِأَنْ كَانَ كَالْيَوْمِ لَا مَا زَادَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَإِلَّا فَالْفِدْيَةُ قَطْعًا وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ كَلَامِ عب.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ) فَإِنْ زَالَ الْعُذْرُ وَاسْتَمَرَّ تَعَدَّدَتْ لِأَنَّ نِيَّتَهُ كَانَتْ بِلُبْسِهِ حَالَ الْعُذْرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ مَعْنَاهَا وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِخَوْفِ عُذْرٍ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عب قَالَ مَا نَصُّهُ: وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ حَاصِلٍ بِالْفِعْلِ أَوْ مُتَرَقَّبٍ فَخَوْفُ الْعُذْرِ كَافٍ.

(قَوْلُهُ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَمَا نَوَى بِهِ إلَخْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي جَعْلِهِ جَزَاءَ الصَّيْدِ مِنْ أَفْرَادِ الْهَدْيِ (قَوْلُهُ التَّفَثُ إلَخْ) هُوَ نَحْوُ قَصِّ الْأَظْفَارِ وَالشَّارِبِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ التَّسْمِيَتَيْنِ) هِيَ نُسُكٌ وَفِدْيَةُ الْأَذِي (قَوْلُهُ نُسْكٌ) مُثَلَّثُ النُّونِ مَعَ سُكُونِ السِّينِ وَبِضَمَّتَيْنِ الْعِبَادَةُ وَكُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: بِشَاةٍ) حَلُّ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَهِيَ نُسُكٌ مُصَوَّرٌ إمَّا بِشَاةٍ وَإِمَّا إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ وَإِمَّا بِصِيَامٍ (قَوْلُهُ شَاةٍ) وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ السِّنِّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الضَّحِيَّةِ، وَالظَّاهِرُ لَا بُدَّ مِنْ ذَبْحِهَا وَلَا يَكْفِي إخْرَاجُهَا غَيْرَ مَذْبُوحَةٍ وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي الضَّحَايَا الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَضَأْنٌ مُطْلَقًا ثُمَّ مَعْزٌ إلَخْ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ طِيبَ اللَّحْمِ هُنَا أَفْضَلُ. . . إلَخْ وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْإِبِلَ أَفْضَلُ ثُمَّ دُونَهَا الْبَقَرُ ثُمَّ دُونَهَا الْغَنَمُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ لِكُلٍّ مُدَّانِ) فَإِنْ حَصَلَ لِبَعْضٍ أَكْثَرُ مِنْ مُدَّيْنِ وَلِبَعْضٍ أَقَلُّ مِنْهُمَا كَمَّلَ لَهُ بَقِيَّتَهُمَا وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ نَزْعَ الْأَكْثَرِ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ إذَا بَيَّنَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ

ص: 357

أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى.

(ص) وَلَمْ يَخْتَصَّ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالذَّبْحِ الْهَدْيَ فَكَحُكْمِهِ (ش) أَيْ لَمْ يَخْتَصَّ النُّسُكُ ذَبْحًا أَوْ نَحْرًا أَوْ إطْعَامًا، أَوْ صِيَامًا بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان كَاخْتِصَاصِ الْهَدْيِ بِأَيَّامِ مِنًى وَبِمَكَّةَ، أَوْ مِنًى هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بِالْمَذْبُوحِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ النُّسُكِ الْهَدْيَ فَإِنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ فَكَحُكْمِهِ فِي الِاخْتِصَاصِ بِمِنًى إنْ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ، وَإِلَّا فَمَكَّةُ وَالْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَتَرْتِيبُهُ وَدُخُولُ الصَّوْمِ فِيهِ نِيَابَةً وَأَفْضَلِيَّةُ الْأَكْثَرِ فِيهَا لَحْمًا وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ فَكَحُكْمِهِ الْأَكْلُ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا بَعْدَ الْمَحَلِّ وَلَوْ جُعِلَتْ هَدْيًا كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ كَالْكَفَّارَةِ أَيْ أَنَّ حُكْمَ الْإِطْعَامِ هُنَا مِثْلُ الْحُكْمِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَيَأْتِي حُكْمُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ: وَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ وَلَا مُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ وَنَاقِصٍ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِغَالِبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا غَالِبِ قُوتِهِ هُوَ، وَأَنَّ الْمُدَّ يُعْتَبَرُ بِمُدِّهِ عليه السلام إذْ بِهِ تُؤَدَّى جَمِيعُ الْكَفَّارَاتِ مَا عَدَا كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَإِنَّهَا بِمُدِّ هِشَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مُدٌّ وَثُلُثَانِ بِمُدِّهِ عليه السلام.

(ص) وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَصْنَافِ فِدْيَةِ الْأَذَى إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ يَأْخُذُ كُلُّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ فَلَوْ أَطْعَمَهُمْ غَدَاءً وَعَشَاءً لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام سَمَّى مُدَّيْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ إطْعَامُ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ بَلَغَ مُدَّيْنِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَلَغَ مَا ذُكِرَ أَجْزَأَ وَلَوْ حَصَلَ لِبَعْضِهِمْ مُدَّانِ وَأَكْثَرُ وَأَقَلُّ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ لِمَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مُدَّانِ بَقِيَّتَهُمَا.

(ص) وَالْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَمْنُوعِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَعَلَيْهِمَا دَهْنُ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ أَيْ وَحَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْقُبْلَةُ لِوَدَاعٍ، أَوْ رَحْمَةٍ مَا لَمْ يُنْزِلْ وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَتُكْرَهُ فَقَطْ مَعَ عِلْمِهَا لِيَسَارَةِ الصَّوْمِ.

(ص) وَأَفْسَدَ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَطْءَ إذَا وَقَعَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا، فِي قُبُلِ أَوْ دُبُرِ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنْزَلَ أَوْ لَا مُبَاحَ الْأَصْلِ أَوْ لَا كَانَ مُوجِبًا لِلْمَهْرِ وَالْحَدِّ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْ بَالِغٍ، أَوْ لَا وَقَوْلُهُ (كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ وَإِنْ بِنَظَرٍ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَالْجِمَاعُ أَيْ كَمَا يَفْسُدُ الْحَجُّ بِالْجِمَاعِ كَذَلِكَ يُفْسِدُهُ اسْتِدْعَاءُ الْمَنِيُّ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِيَدِهِ أَوْ بِنَظَرِهِ الْمُسْتَدَامِ أَوْ بِتَذَكُّرٍ

ــ

[حاشية العدوي]

لَا يُتْبِعُهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ كَالْحُكْمِ الْآتِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَقَوْلُهُ كَالْكَفَّارَةِ قَالَ الْبَدْرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى) رَدَّ بِهِ عَلَى الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ) الْمَذْهَبُ أَنَّ الْإِبِلَ أَفْضَلُ، ثُمَّ دُونَهَا الْبَقَرُ ثُمَّ دُونَهَا الْغَنَمُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ مُدَّانِ بِمُدِّهِ عليه السلام) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْتَصَّ) أَيْ النُّسُكُ إطْلَاقُ النُّسُكِ عَلَى غَيْرِ الشَّاةِ خُرُوجٌ عَنْ الِاصْطِلَاحِ كَمَا قَالَ مُحَشِّي تت وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ وَمُقْتَضَاهُ إطْلَاقُ النُّسُكِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَمُقْتَضَى الْآيَةِ تَخْصِيصُهُ بِالذَّبِيحَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ هَذَا الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ إطْعَامٌ. . . إلَخْ عُطِفَ عَلَى شَاةٍ وَأَنَّ نُسُكٌ مُسَلَّطٌ عَلَى الثَّلَاثِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّ أَوْ إطْعَامٌ عُطِفَ عَلَى نُسُكٍ فَلَا يَكُونُ الْإِطْعَامُ وَالصِّيَامُ مِنْ أَفْرَادِ النُّسُكِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ تَخْتَصَّ أَيْ وَلَمْ تَخْتَصَّ الْفِدْيَةُ بِأَنْوَاعِهَا الثَّلَاثَةِ مِنْ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ أَوْ الْإِطْعَامِ، أَوْ الصِّيَامِ اهـ وَقَالَ الْبَدْرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الذَّبْحَ نَهَارًا أَفْضَلُ وَالْإِطْعَامَ أَفْضَلُ أَنْوَاعِهَا كَالصَّوْمِ (قَوْلُهُ: أَوْ إطْعَامٌ أَوْ صِيَامًا) اُنْظُرْ هَلْ يُتَوَهَّمُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِزَمَانٍ، أَوْ مَكَان حَتَّى يَنْفِيَهُ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بِالْمَذْبُوحِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذُبِحَ فِي الْمُصَنِّفِ يُقْرَأُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ) بِأَنْ يُقَلِّدَهُ، أَوْ يُشْعِرَهُ فِيمَا يُقَلَّدُ أَوْ يُشْعَرُ وَلَمْ يَنْوِ فَتَقْلِيدُ مَا لَا يُقَلَّدُ كَالْغَنَمِ كَالْعُدْمِ فَيَذْبَحُهَا حَيْثُ شَاءَ فِي أَيِّ زَمَنٍ وَلَوْ نَوَى بِهَا الْهَدْيَ وَنِيَّةُ الْهَدْيِ فِيمَا يُقَلَّدُ أَوْ يُشْعَرُ بِدُونِ تَقْلِيدٍ وَإِشْعَارٍ كَالْعَدَمِ كَذَا ذَكَرَ شُرَّاحُهُ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت وَأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ (قَوْلُهُ وَتَرْتِيبُهُ) سَيَأْتِي أَنَّ الْهَدْيَ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ وَدُخُولُ الصَّوْمِ فِيهِ نِيَابَةً) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَوُّرُهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِجْزَاءَ مَعَ بُلُوغِ مُدَّيْنِ لَا يُنَافِي أَنَّ الْأَفْضَلَ خِلَافُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الظِّهَارِ وَلَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ كَفِدْيَةِ الْأَذَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ إجْزَائِهِمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِمَا هُنَا وَفِي الظِّهَارِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ لِكُلٍّ مُدٌّ وَهُوَ الْغَالِبُ فِي أَكْلِ كُلِّ شَخْصٍ فِي يَوْمٍ وَالْكَفَّارَةُ هُنَاكَ لِكُلٍّ مُدَّانِ وَهُمَا قَدْرُ أَكْلِ الشَّخْصِ فِي يَوْمَيْنِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فِيهِمَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ لِأَنَّهُمَا أَكْلُ يَوْمٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ) يُوهِمُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ أَشْهَبَ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يُجْزِئُهُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ وَقُيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُنْزِلْ) فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ.

(قَوْلُهُ وَأَفْسَدَ مُطْلَقًا) فِي شَرْحِ عب وشب تَبَعًا لعج وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْبَالِغُ عَلَى ذَكَرِهِ خِرْقَةً كَثِيفَةً، أَوْ غَيَّبَهُ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ أَنَّهُ يُفْسِدُ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْغُسْلَ كَوَطْءِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِيَدِهِ) اعْلَمْ أَنَّ اسْتِمْنَاءَ الشَّخْصِ بِيَدِهِ حَرَامٌ خَشِيَ الزِّنَا أَمْ لَا لَكِنْ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ الزِّنَا إلَّا بِهِ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ وَفِي اسْتِمْنَائِهِ بِيَدِ زَوْجَتِهِ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ وَهُوَ مَا دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَمَتُّعٌ بِغَيْرِ دُبُرٍ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِمَحْرَمٍ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ قَدَّمَ الْأَجْنَبِيَّةَ لِأَنَّهَا تُبَاحُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَدَّمَ الْغَيْرَ (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ كَوْنِ الِاسْتِدْعَاءِ مُوجِبَ الْفَسَادِ إنْ وَقَعَ قَبْلَ إفَاضَةِ مَحَلِّهِ حَيْثُ كَانَ الْغَالِبُ الْإِنْزَالَ عَنْ

ص: 358

حَتَّى أَنْزَلَ، أَوْ بِمُلَاعَبَةٍ حَتَّى أَنْزَلَ وَقَوْلُهُ كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا، أَوْ نِسْيَانًا لِلْإِحْرَامِ وَقَوْلُهُ مَنِيٌّ أَيْ وَحَصَلَ، وَإِلَّا فَالْهَدْيُ بِأَنْ حَصَلَ مَذْيٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بِنَظَرٍ أَيْ وَإِنْ حَصَلَ مَنِيٌّ بِإِدَامَةِ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ فَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَالْهَدْيُ نَدْبًا مِنْ غَيْرِ إفْسَادٍ كَمَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ وَفِي ح مَا يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْأَبْهَرِيِّ هَذَا خِلَافُ الرَّاجِحِ وَأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُ الْهَدْيِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ لَا تُشْتَرَطُ الْإِدَامَةُ أَيْ حَيْثُ حَصَلَ إنْزَالٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْقُبْلَةُ فَالْهَدْيُ إنْ كَانَتْ لِلَذَّةٍ لَا لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ.

(ص) قَبْلَ الْوُقُوفِ مُطْلَقًا، أَوْ بَعْدَهُ إنْ وَقَعَ قَبْلَ إفَاضَةٍ وَعَقَبَةٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَطْءَ أَوْ الْمَنِيَّ الْمَذْكُورَ يُفْسِدُ الْحَجَّ إنْ وَقَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ سَوَاءٌ فَعَلَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ شَيْئًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ أَوْ لَا، وَهَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ، وَإِنْ وَقَعَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ أَيْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، أَوْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ يَوْمُ الْوُقُوفِ فَقَطْ (ص) ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مَا ذُكِرَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَلَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ بَلْ وَقَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْوَطْءِ، أَوْ الْإِنْزَالِ بِغَيْرِهِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، أَوْ بَعْدَهُمَا مَعًا يَوْمَ النَّحْرِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَحْلِقْ، وَإِلَّا فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُمَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنَّ الْحَجَّ لَا يَفْسُدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ (ص) كَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً (ش) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِدَامَةٍ فِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ فَإِنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ بِهِمَا إذْ الْفَسَادُ إنَّمَا يَكُونُ عَنْهُمَا إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلَذَّةٍ وَإِدَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَهَا وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ عَنْهُ، وَأَمَّا إنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ، أَوْ لَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ.

(ص) وَإِمْذَائِهِ (ش) أَيْ فِيهِ الْهَدْيُ وَسَوَاءٌ خَرَجَ ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ مُدَاوَمَةِ النَّظَرِ أَوْ الْفِكْرِ، أَوْ الْقُبْلَةِ أَوْ الْمُبَاشَرَةِ، أَوْ غَيْرِهَا.

(ص) وَقُبْلَتُهُ (ش) أَيْ فِيهَا الْهَدْيُ إنْ كَانَتْ بِفَمٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلَى الْجَسَدِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُلَامَسَةِ قَالَهُ ح، وَذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ فِيهَا الْهَدْيُ إذَا خَرَجَ مَعَهَا مَذْيٌ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَخْرُجْ بِشَرْطِ أَنْ تَكْثُرَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكْثُرْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا.

(ص) وَوُقُوعُهُ بَعْدَ سَعْيٍ فِي عُمْرَتِهِ، وَإِلَّا فَسَدَتْ (ش) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ مُفْسِدُ الْحَجِّ بَعْدَ تَمَامِ سَعْيِ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ حِلَاقِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ مِنْ غَيْرِ فَسَادٍ؛ لِانْقِضَاءِ أَرْكَانِهَا وَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ إتْمَامِ سَعْيِهَا وَلَوْ بِشَوْطٍ فَإِنَّهَا تَفْسُدُ وَيَجِبُ قَضَاؤُهَا وَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَأَمَّا لَوْ فَعَلَ فِي الْعُمْرَةِ غَيْرَ الْمُفْسِدِ لِلْحَجِّ مِمَّا يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْحَجِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْمَذْيِ وَالْقُبْلَةِ وَطُولِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُلَاعَبَةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ س فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِيهِ سَوَاءٌ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الَّذِي يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْعُمْرَةِ إنَّمَا هُوَ مَا يُوجِبُ الْفَسَادَ فِي الْحَجِّ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مِنْ وَطْءٍ وَإِنْزَالٍ، وَأَنَّ مَا يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْحَجِّ لَا يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْعُمْرَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ.

(ص) وَوَجَبَ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهِ وَإِنْ أَحْرَمَ (ش) لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إلَّا دَاوُد أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَفْسَدَ حَجَّهُ، أَوْ عُمْرَتَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ لِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ قَالَ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] ؛ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْفَاسِدِ فِيهِ حُكْمُ الصَّحِيحِ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ بِإِفْسَادِهِ وَتَمَادَى إلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَأَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْقَضَاءِ، أَوْ عُمْرَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ الْفَائِتِ وَإِحْرَامُهُ الثَّانِي لَغْوٌ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا وَهُوَ عَلَى إحْرَامِهِ الْفَاسِدِ وَلَا يَكُونُ مَا أَحْرَمَ بِهِ قَضَاءً عَنْهُ، ثُمَّ إنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ إتْمَامُ الْمُفْسِدِ إذَا أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِالْعَامِ الْوَاقِعِ فِيهِ الْفَسَادُ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ فَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وُجُوبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمَادِيًا عَلَى الْفَاسِدِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْخُلُوصِ مِنْهُ.

(ص) وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَفْسَدَ حَجَّهُ فَلَمْ يُتِمَّهُ وَأَحْرَمَ لِقَضَائِهِ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ هَذَا الثَّانِي وَهُوَ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَفْسَدَهُ وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إنْ كَانَ عُمْرَةً

ــ

[حاشية العدوي]

الِاسْتِدْعَاءِ، أَوْ تَرَدَّدَ هَلْ يَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْغَالِبُ الْعَدَمَ فَأَنْزَلَ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ نُسُكُهُ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ ذَكَرَهُ تت عَنْ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ قَبْلَهُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ اهـ.

وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَبَعْضٌ جَعَلَهُ ظَرْفًا لِأَفْسَدَ وَاسْتِدْعَاءً وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِأَفْسَدَ وَاسْتِدْعَاءً (قَوْلُهُ وَهَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ) وَهُوَ فِي مُقَابَلَةِ التَّقْيِيدِ الْآتِي فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الْإِفَاضَةَ رُكْنٌ وَجَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَاجِبٌ وَالسَّعْيَ رُكْنٌ وَطَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهَدْيٌ) الْفَرْقُ بَيْنَ وَطْئِهِ قَبْلَهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ وَبَيْنَ وَطْئِهِ قَبْلَهُمَا بَعْدَهُ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ يَوْمَ النَّحْرِ صَارَتْ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ قَضَاءً وَصَارَ الطَّوَافُ كَالْقَضَاءِ لِخُرُوجِهِ عَنْ وَقْتِهِ الْفَاضِلِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا وَالْقَضَاءُ أَضْعَفُ مِنْ الْمَقْضِيِّ (قَوْلُهُ كَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً) سَوَاءٌ كَانَ فِي مَحَلٍّ يَفْسُدُ الْحَجُّ بِحُصُولِهِ فِيهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَإِدَامَةِ كُلٍّ) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ التَّقْدِيرُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلَّذَّةِ مَعَ إدَامَةٍ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ وَخُرُوجٌ. إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَإِمْذَاؤُهُ) سَوَاءٌ خَرَجَ فِي حَالَةٍ لَوْ خَرَجَ فِيهَا الْمَذْيُ لَأَفْسَدَ أَمْ لَا لَكِنْ أَوْجَبَ الْهَدْيَ.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ بِفَمٍ) أَيْ عَلَى فَمٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكْثُرْ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا النَّظَرُ الطَّوِيلُ وَالْفِكْرُ الطَّوِيلُ فَلَا شَيْءَ فِيهِمَا حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مَذْيٌ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا كَالْحَجِّ أَوْ أَنَّهَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا وُقُوفٌ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْفَاسِدِ فِيهِ حُكْمُ الصَّحِيحِ) فِيهِ مُصَادَرَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ إلَخْ) وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا جَدَّدَ

ص: 359

أَوْ حَجًّا إلَّا فِي الْعُمْرَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى فَاتَ الْوُقُوفُ فِي الْعَامِ الثَّانِي، وَإِلَّا أُمِرَ وُجُوبًا بِالتَّحَلُّلِ مِنْ الْفَاسِدِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَوْ دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ وَقَضَاهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي.

(ص) وَفَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَطَوُّعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَفْسَدَ حَجَّةَ الْفَرْضِ أَوْ التَّطَوُّعِ أَوْ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ فَيَقْضِي الْحَجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَيَقْضِي الْعُمْرَةَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ فَاسِدِهَا فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَوْرًا فَقَدْ أَثِمَ قَالَ بَعْضٌ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَضِّحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ قَضَاءَ فَاسِدِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَفَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي؛ لِأَنَّهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ وَجَبَ

(ص) وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ قَضَاءً عَمَّا أَفْسَدَهُ، ثُمَّ إنَّهُ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ حَجَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأَصْلِ وَالْأُخْرَى عَنْ الْقَضَاءِ الَّذِي أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ وَلَوْ تَسَلْسَلَ.

(ص) وَنَحْرُ هَدْيٍ فِي الْقَضَاءِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ أَيْ وَوَجَبَ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ حَجَّتَهُ أَوْ عُمْرَتَهُ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيًا فِي زَمَانِ قَضَاءِ حَجِّهِ، أَوْ عُمْرَتِهِ لَا فِي زَمَانِ فَسَادِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِيَتَّفِقَ لَهُ الْجَابِرُ الْمَالِيُّ وَالْجَابِرُ النُّسُكِيُّ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ؛ لِأَنَّ هَدْيَ الْفَسَادِ جَابِرٌ لِلْفَسَادِ فَيَكُونُ فِي الْقَضَاءِ الْجَابِرِ لِلْفَسَادِ أَيْضًا فَالْوُجُوبُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مُنْصَبٌّ عَلَى كَوْنِهِ فِي الْقَضَاءِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ أَيْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَسَادِ فِي الْقَضَاءِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ تُعْطِي أَنَّ الْهَدْيَ لِلْقَضَاءِ فَلَوْ قَالَ وَنَحَرَ هَدْيَهُ فِيهِ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي هَدْيِهِ عَائِدًا عَلَى الْفَسَادِ وَفِي فِيهِ عَائِدًا عَلَى الْقَضَاءِ كَانَ أَحْسَنَ.

(ص) وَاتَّحَدَ وَإِنْ تَكَرَّرَ لِنِسَاءٍ (ش) ضَمِيرُ وَإِنْ تَكَرَّرَ عَائِدٌ عَلَى مُوجِبِ الْهَدْيِ وَطْئًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ عُمْرَتَهُ بِغَيْرِ الْوَطْءِ أَوْ بِالْوَطْءِ مِرَارًا فِي نِسَاءٍ أَوْ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَجْلِ الْفَسَادِ الْوَاقِعِ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَهُ فَقَطْ (ص) بِخِلَافِ صَيْدٍ وَفِدْيَةٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَزَاءَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ جَزَاءَهُ عِوَضٌ عَمَّا أَتْلَفَ وَالْأَعْوَاضُ تُكَرَّرُ بِحَسَبِ تَكَرُّرِ الْإِتْلَافِ وَسَوَاءٌ فَعَلَهُ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَإِنْ لِمَخْمَصَةٍ وَجَهْلٍ وَنِسْيَانٍ وَكَذَلِكَ فِدْيَةُ الْأَذَى تَتَعَدَّدُ أَيْضًا بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهَا يُرِيدُ إذَا فَعَلَهَا عَمْدًا؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّكْرَارَ إلَّا فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ: وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ. . . إلَخْ.

(ص) وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَدْيَ الْفَسَادِ إذَا عَجَّلَهُ قَبْلَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ أَيْ قَبْلَ قَضَاءِ الْمُفْسَدِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَضَاءِ وَأَجْزَأَ إنْ قَدَّمَ.

(ص) وَثَلَاثَةٌ إنْ أَفْسَدَ قَارِنًا ثُمَّ فَاتَهُ وَقَضَى (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حَالَ كَوْنِهِ قَارِنًا، ثُمَّ إنَّهُ أَفْسَدَ حَجَّهُ هَذَا بِأَنْ وَطِئَ ثُمَّ فَاتَهُ ذَلِكَ الْحَجُّ بِأَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوَّلًا، ثُمَّ أَفْسَدَهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَإِنَّمَا أَتَى بِثُمَّ لِلنَّصِّ عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَوَهَّمِ فِيهَا عَدَمُ تَعَدُّدِ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهِ وُجُوبًا وَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ هَدَايَا هَدْيٌ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَإِلَّا أُمِرَ وُجُوبًا بِالتَّحَلُّلِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّهُ يَجِبُ إتْمَامُ الْمُفْسِدِ وَإِتْمَامُهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أَدْرَكَ الْوُقُوفَ فِي عَامِ الْفَسَادِ وَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ الْحَلُّ وَإِنَّمَا الَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ أَيْ إذَا كَانَ لَمْ يُتِمَّ حَجَّهُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ فِعْلِ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ عُهْدَةِ الْأَوَّلِ عَنْ زَمَنٍ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مِنْهُ إلَّا لِعُذْرٍ، وَأَمَّا إذَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ فِي عَامِ الْفَسَادِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَيُفَصَّلُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَّا بَعْدَ أَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فِي عَامِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ وَإِنْ تَحَلَّلَ قَبْلَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الْقَضَاءُ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَهُوَ شَبِيهٌ بِاَلَّذِي أَدْرَكَ الْوُقُوفَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ يَصْدُقُ بِالصُّورَتَيْنِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَوَجَبَ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ

(قَوْلُهُ وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ أَنَّ الْحَجَّ كُلْفَتُهُ شَدِيدَةٌ يُشَدَّدُ فِيهِ بِقَضَاءِ الْقَضَاءِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُتَهَاوَنَ فِيهِ وَأَمَّا مَنْ أَفْسَدَ قَضَاءَ صَلَاةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَلْ لَهُ تَقْدِيمُ الْقَضَاءِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَنْحَرُهُ فِي الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ وَالْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ لِيَتَّفِقَ لَهُ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ) الَّذِي هُوَ حَجَّةُ الْقَضَاءِ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ الَّذِي هُوَ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ أَيْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَسَادِ فِي الْقَضَاءِ) أَيْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَسَادِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي زَمَنِ الْقَضَاءِ (فَائِدَةٌ) نَصَّ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي قَوْلِهِ: كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَنُوبُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَنَصَّ عج فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ آخِرَ الْبَابِ أَنَّ مَنْ حَلَّلَ زَوْجَتَهُ مِنْ حَجِّهَا الْفَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاءُ مَا حَلَّلَهَا مِنْهُ بَلْ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَفْسَدَهُ عَلَيْهَا فَيَجِبُ إتْمَامُهُ وَقَضَاؤُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَيْضًا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ اهـ.

وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْمُفْسَدِ لَا يُسْقِطُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْفَائِتِ الْمُتَحَلَّلِ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَقَضَاؤُهُ كَافٍ عَنْهَا وَجَعَلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا كَلَامَ الشَّيْخِ سَالِمٍ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ

(قَوْلُهُ لِنِسَاءٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي وَنِسَاءٌ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ (قَوْلُهُ وَفِدْيَةٌ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَصَيْدٌ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ فِي الْجَزَاءِ أَنْ يَقُولَ وَمُوجِبُ فِدْيَةٍ فَيُجْعَلُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ (قَوْلُهُ إذَا فَعَلَهَا عَمْدًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إذَا فَعَلَهُ عَمْدًا.

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ إلَخْ) لَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي الْفَوَاتِ وَهَذَا فِي الْقَضَاءِ عَلَى أَنَّ التَّكْرَارَ إنَّمَا يُنْسَبُ لِلثَّانِي

(قَوْلُهُ الْمُتَوَهَّمِ فِيهَا عَدَمُ تَعَدُّدِ الْهَدْيِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ

ص: 360

لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ وَهَدْيٌ لِلْقِرَانِ الثَّانِي، وَأَمَّا الْقِرَانُ الْأَوَّلُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ بَلْ آلَ أَمْرُهُ إلَى فِعْلِ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ دَمِهِ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ كَمَا مَرَّ وَكَوْنُهُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ يُرْشِدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْأَوَّلِ إذْ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ هَدْيٌ لَكَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ هَدَايَا (ص) وَعُمْرَةٌ إنْ وَقَعَ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى هَدْيٍ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ وَلَوْ وَصَلَهُ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ وَصْلُهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا فَعَلَ بَعْضٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ أَيْ حَيْثُ قُلْنَا لَا فَسَادَ فَهَدْيٌ وَيَجِبُ مَعَ الْهَدْيِ عُمْرَةٌ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى إنْ وَقَعَ وَطْؤُهُ قَبْلَ تَمَامِ سَعْيٍ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَامِ الطَّوَافِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لِيَأْتِيَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ لَا ثَلْمَ فِيهِمَا وَإِنْ وَقَعَ وَطْؤُهُ بَعْدَ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ بِرَكْعَتَيْهِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحَلْقِ فَهَدْيٌ فَقَطْ لِسَلَامَةِ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ مِنْ الثَّلْمِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.

(ص) وَإِحْجَاجُ مُكْرَهَتِهِ وَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ الْمُحْرِمَةَ فَجَامَعَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْجِجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَيُهْدِيَ عَنْهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانِيَ عَلَى الْإِذْنِ لَهَا فِي الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ، فَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَذَلِكَ عَلَيْهَا دُونَهُ، وَأَمَّا أَمَتُهُ إذَا أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ فَلَمَّا أَحْرَمَتْ وَطِئَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْجِجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَيَهْدِيَ عَنْهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ أَيْ، أَوْ بَاعَ الْأَمَةَ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا فَإِنْ بَيَّنَ، وَإِلَّا فَعَيْبٌ (ص) وَعَلَيْهَا إنْ أَعْدَمَ وَرَجَعَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ إذَا أَعْدَمَ عَنْ إحْجَاجِ مُكْرَهَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهَةِ أَنْ تَحُجَّ وَتَهْدِيَ وَتَفْتَدِيَ مِنْ مَالِهَا، ثُمَّ إنْ أَيْسَرَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَا أَنْفَقَتْ فِي سَفَرِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّرَفِ وَبِالْأَقَلِّ فِي الْفِدْيَةِ مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِهِ، وَفِي الْهَدْيِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَبِالْأَقَلِّ فِي الْهَدْيِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي الْفِدْيَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ النُّسُكِ وَالْإِطْعَامِ أَيْ حَيْثُ أَطْعَمَتْ، وَأَمَّا حَيْثُ افْتَدَتْ بِشَاةٍ فَأَعْلَى فَهَلْ تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَثَمَنِهَا كَمَا فِي الْهَدْيِ، أَوْ تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ كَمَا إذَا افْتَدَتْ بِالْإِطْعَامِ وَهَلْ يُرَاعَى الْأَقَلُّ يَوْمَ الْإِخْرَاجِ، أَوْ يَوْمَ الرُّجُوعِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُسَلِّفَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالْمُتَقَدِّمِ) فِي الْحِلِّ يُلْقِي طِيبًا عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَمْ يَجِدْ الْمُلْقِي فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وَيَرْجِعْ بِالْأَقَلِّ إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِصَوْمٍ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِصَوْمٍ.

(ص) وَفَارَقَ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ مِنْ إحْرَامِهِ لِتَحَلُّلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ، أَوْ أُمَّتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ طَوْعًا حَالَ الْإِحْرَامِ وَقُلْنَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ بِهَا مِنْ قَابِلٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ الَّتِي أَفْسَدَ حَجَّهَا بِالْوَطْءِ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ لِحَجَّةِ الْقَضَاءِ إلَى أَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

الْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ أَمْرٌ مُخِلٌّ بِالْعِبَادَةِ فَلَا فَرْقَ فِيهِمَا فِي أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ حُصُولِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الثَّانِي مِنْهُمَا شَيْءٌ عَلَى أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ فِي تَقَدُّمِ الْفَوَاتِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لِكَوْنِ الْعِبَادَةِ لَمْ تَتِمَّ بِخِلَافِ الْفَسَادِ فَإِنَّهُ مَعَهُ التَّمَامُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَرْطَ دَمِهِ. . . إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ وَعُمْرَةٌ إلَخْ) قَالَ الْحَطَّابُ وَانْظُرْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الْعُمْرَةِ هَلْ يَصِحُّ إحْرَامُهُ أَمْ لَا اهـ. قَالَ عج وَمُقْتَضَى جَعْلِهَا كَالْجُزْءِ مِنْ النُّسُكِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ إنْ وَقَعَ وَطْؤُهُ قَبْلَ تَمَامِ سَعْيٍ) يُصَوَّرُ بِمَا إذَا كَانَ أَخَّرَ سَعْيَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَدَّمَ السَّعْيَ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ يَصْدُقُ بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ وَبِمَا إذَا وَقَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ غَيْرِ الْمُفْسِدَةِ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَفْصِيلًا وَإِذَا كَانَ الْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا اعْتِرَاضَ بِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِحْجَاجُ مُكْرَهَتِهِ) وَلَوْ صَغِيرَةً وَقَوْلُهُ أَوْ كَرْهًا أَيْ مَا لَمْ تَتَزَيَّنْ لَهُ أَوْ تَطْلُبْهُ قَالَ فِي ك وَانْظُرْ لَوْ أَكْرَهَ صَبِيًّا وَلَاطَ بِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْجَاجُهُ أَمْ لَا وَلَوْ مَاتَ الْمُكْرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ تَحَاصَصَ بِأُجْرَةِ الْحَجِّ وَبِقِيمَةِ الْهَدْيِ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْحَجِّ تَرُدُّ الْأُجْرَةَ وَيَنْفُذُ الْهَدْيُ اهـ.

وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ رَجُلًا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ إحْجَاجُهُ وَانْظُرْ هَلْ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ قَضَاءٌ أَوْ هَدْيٌ أَمْ لَا وَانْظُرْ لَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُكْرَهَةُ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا مَا يَكْفِي حَجَّةً وَاحِدَةً مَا الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: إنْ أَعْدَمَ وَرَجَعَتْ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَعْدَمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ. . . إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ إجْحَافٌ وَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَرَجَعَتْ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ فِي الْكِرَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَمِمَّا اكْتَرَتْ بِهِ وَفِي النَّفَقَةِ تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَتْهُ وَمِنْ نَفَقَةِ مِثْلِهَا فِي السَّفَرِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّرَفِ وَبِالْأَقَلِّ فِي الْفِدْيَةِ مِنْ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ، أَوْ ثَمَنِهِ وَفِي الْهَدْيِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ قِيمَتِهِ إنْ اشْتَرَتْهُ وَبِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ تَشْتَرِهِ وَإِنْ صَامَتْ لَمْ تَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ وَكَيْلُ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنُهُ إذَا اشْتَرَتْهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَشْتَرِهِ فَبِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَرْجِعُ. . . إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِتِلْكَ الْعِبَارَةِ وَمَا تَقَدَّمَ وَيُمْكِنُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ احْتِبَاكًا حَذَفَ فِي الْأُولَى الطَّرَفَ الثَّانِيَ وَحَذَفَ فِي الثَّانِي الطَّرَفَ الْأَوَّلَ وَالتَّقْدِيرُ تَرْجِعُ مِنْ جِهَةِ الْأُجْرَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَا اكْتَرَتْ بِهِ وَمِنْ جِهَةِ النَّفَقَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ نَفَقَةِ الْمِثْلِ وَمَا أَنْفَقَتْ فِي سَفَرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْجِعُ فِي الْأَوَّلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا) هَذَا إذَا لَمْ تَشْتَرِهِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَتْهُ فَتَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ وَقِيمَةِ الطَّعَامِ.

(قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ) مُفَادُهُ أَنَّ عَامَ الْفَسَادِ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الطِّرَازِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْفَسَادُ حَصَلَ فِي عَامِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ وُجُوبُ الْإِتْمَامِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ صُورَةً لَيْسَ فِيهَا إفْسَادٌ ظَاهِرًا وَلِذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ عَامَ الْفَسَادِ كَذَلِكَ وَهُوَ وَاضِحٌ بَلْ

ص: 361

يُحِلَّا مِنْهَا بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُفَارَقَةُ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مَا كَانَ مِنْهُمَا أَوَّلًا فَقَوْلُهُ مَعَهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَفْسَدَ لَا بِفَارَقَ؛ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ لَا تَكُونُ لِمَنْ مَعَهُ وَغَيْرِ مَنْ مَعَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَفْظُ مَعَهُ مَعْمُولٌ لَأَفْسَدَ أَيْ فَارَقَ مَنْ وَقَعَ الْإِفْسَادُ مَعَهُ لَا غَيْرُهُ فَالْمَعِيَّةُ مُفِيدَةٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ مَنْ لَمْ يَفْسُدْ مَعَهَا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهَا.

(ص) وَلَا يُرَاعَى زَمَنُ إحْرَامِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ لَا يُرَاعَى زَمَنُ الْإِحْرَامِ فِي الْحَجَّةِ الْأُولًى أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ ثَانِيًا فِي زَمَنِ الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ بَلْ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يُحْرِمَ فِي زَمَنِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ فَلِمَنْ أَحْرَمَ مِنْ شَوَّالٍ مَثَلًا وَأَفْسَدَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْقَضَاءِ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ مَثَلًا (ص) بِخِلَافِ مِيقَاتٍ إنْ شُرِعَ فَإِنْ تَعَدَّاهُ فَدَمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمِيقَاتَ الْمَكَانِيَّ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ فِي الْحَجَّةِ الْأُولًى إذَا كَانَ مَشْرُوعًا فَإِنَّهُ يُرَاعَى وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ فَمَنْ أَحْرَمَ مَثَلًا مِنْ الْجُحْفَةِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاقِيتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ ثَانِيًا مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ تَعَدَّى ذَلِكَ الْمِيقَاتَ الْمَشْرُوعَ وَأَحْرَمَ بَعْدَهُ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ وَلَوْ تَعَدَّاهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَعْدَ كَمَالِ الْمُفْسِدِ بِمَكَّةَ إلَى قَابِلٍ وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِالْقَضَاءِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنْسَكِهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ؛ إذْ لَا يَجِبُ الدَّمُ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَهَذَا يُخَصِّصُ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَمَكَانُهُ لَهُ لِلْمُقِيمِ مَكَّةُ وَنُدِبَ الْمَسْجِدُ كَخُرُوجِ ذِي النَّفْسِ لِمِيقَاتِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ شُرِعَ كَمَا لَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَهُ قَالَ فِيهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ ثَانِيًا إلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ وَعَمَّا لَوْ كَانَ تَعَدَّاهُ أَوَّلًا فَلَا يَتَعَدَّاهُ ثَانِيًا إلَّا مُحْرِمًا، وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ وَتَأَوَّلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَاَلَّذِي تَجَاوَزَهُ غَيْرَ مُرِيدٍ دُخُولَ مَكَّةَ، وَأَمَّا مَنْ تَعَدَّاهُ أَوَّلًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَيُؤْمَرُ الْآنَ أَنْ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَّا مُحْرِمًا وَنَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ وَالتُّونُسِيِّ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنْ شَرَعَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْعُذْرِ مَشْرُوعٌ.

(ص) وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ عَنْ إفْرَادٍ وَعَكْسُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ فَأَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ إفْرَادٌ وَزِيَادَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْقَضَاءِ التَّسَاوِي فِي الصِّفَةِ، وَأَمَّا عَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ مُتَمَتِّعًا فَيَفْسُدَ أَيْ وَقَعَ الْإِفْسَادُ فِي الْحَجِّ بَعْدَ أَنْ فَرَغَتْ الْعُمْرَةُ، ثُمَّ قَضَاهُ مُفْرِدًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ أَيْضًا فَفِي الْحَقِيقَةِ إجْزَاءُ إفْرَادٍ عَنْ إفْرَادٍ وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِلتَّمَتُّعِ يُعَجِّلُهُ وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ يُؤَخِّرُهُ لِلْقَضَاءِ (ص) لَا قِرَانً عَنْ إفْرَادٍ، أَوْ تَمَتُّعٍ (ش) يَعْنِي لَوْ أَحْرَمَ مُفْرِدًا فَقَضَاهُ قَارِنًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ حَجَّ الْقَارِنِ نَاقِصٌ عَنْ حَجِّ الْمُفْرِدِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا فَأَفْسَدَهُ فَقَضَاهُ قَارِنًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقَارِنَ يَأْتِي بِفِعْلٍ وَاحِدٍ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْمُتَمَتِّعَ يَأْتِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَمَلٍ عَلَى حِدَتِهِ (ص) وَعَكْسُهُمَا (ش) مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَارِنًا فَأَفْسَدَهُ، ثُمَّ قَضَاهُ مُفْرِدًا، أَوْ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ دَمَانِ دَمٌ لِلْقِرَانِ وَدَمٌ لِلتَّمَتُّعِ وَيَقْضِي أَيْضًا قَابِلًا قَارِنًا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِلْقِرَانِ الثَّانِي وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ (ص) وَلَمْ يَنُبْ قَضَاءُ تَطَوُّعٍ عَنْ وَاجِبٍ (ش) أَيْ وَيَنُوبُ عَنْ الْقَضَاءِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِمَثَابَةِ مَنْ حَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ النَّذْرِ كَمَا يَأْتِي، وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَاجِبٍ دُونَ فَرْضٍ الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْهُ الْحَجُّ اللَّازِمُ بِالْأَصَالَةِ لِيَشْمَلَ النَّذْرَ أَيْضًا فَإِذَا نَوَى الْقَضَاءَ وَالنَّذْرَ فَلَا يَنُوبُ عَنْ النَّذْرِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنُوبُ عَنْ حَجَّةِ الْفَرْضِ.

(ص) وَكُرِهَ حَمْلُهَا لِلْمَحْمِلِ؛ وَلِذَلِكَ اُتُّخِذَتْ السَّلَالِمُ وَرُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا لَا شَعْرِهَا (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

رُبَّمَا كَانَ عَامُ الْفَسَادِ أَوْلَى لِكَثْرَةِ التَّهَاوُنِ مِنْهُ فِي الْفَاسِدِ الْوَاجِبِ إتْمَامُهُ (قَوْلُهُ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ) أَيْ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ لَا تَكُونُ لِمَنْ مَعَهُ وَغَيْرِ مَنْ مَعَهُ) أَيْ مَعَ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِمَنْ مَعَهُ أَيْ وَلَوْ عَلَّقْنَاهَا بِفَارِقٍ لَاقْتَضَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، ثُمَّ أَقُولُ: وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ أَمْكَنَ تَعَلُّقُهُ بِفَارِقٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِفَارِقٍ (قَوْلُهُ فَالْمَعِيَّةُ إلَخْ) قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ سُرِّيَّةً إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَفْعَلَ كَفِعْلِهِ الْأَوَّلِ قَالَهُ تت.

(قَوْلُهُ وَتَأَوَّلَهُ اللَّخْمِيُّ إلَخْ) أَيْ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَلَمْ يَذْهَبْ لِبَلَدِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ.

(قَوْلُهُ وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ عَنْ إفْرَادٍ) وَيُشْعِرُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْقَضَاءِ التَّسَاوِي فِي الصِّفَةِ) أَيْ وَهَذَا زَادَ فِي الصِّفَةِ فَالْإِجْزَاءُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (أَقُولُ) إلَّا أَنَّهُ يُعَارِضُ ذَلِكَ أَفْضَلِيَّةُ الْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ وَالْمُتَمَتِّعُ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْعُمْرَةَ سَالِمَةٌ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ قِرَانٍ عَنْ إفْرَادٍ وَهُوَ لَا يُجْزِئُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِمَا أَفْسَدَ الْحَجَّ كَانَ ذَلِكَ الْفَسَادُ لِلْعُمْرَةِ الْمَفْعُولَةِ قَبْلُ (قَوْلُهُ فَأَفْسَدَهُ) أَيْ وَقَعَ الْإِفْسَادُ فِي الْحَجِّ بَعْدَ تَمَامِ الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَضَاهُ مُفْرِدًا) أَيْ لِنَقْصِهِ مِنْ حَيْثُ الْكَمِّيَّةُ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُتَمَتِّعًا أَيْ لِنَقْصِهِ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ أَيْ الصِّفَةُ لِكَوْنِهِ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ لِلْقِرَانِ (قَوْلُهُ أَيْ وَيَنُوبُ عَنْ الْقَضَاءِ) أَيْ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ قَبْلَ حَجَّةِ الْفَرْضِ ثُمَّ أَفْسَدَ تَطَوُّعَهُ وَلَزِمَهُ قَضَاءُ التَّطَوُّعِ فَحَجَّ نَاوِيًا الْفَرْضَ وَقَضَاءَ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ عَنْ الْقَضَاءِ وَلَا يَجْزِيهِ عَنْ الْفَرْضِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ وَيَنُوبُ عَنْ الْقَضَاءِ أَيْ فَإِذَا شَرَّكَ فَلَا يَنُوبُ إلَّا عَنْ الْقَضَاءِ وَلَا يَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ وَقِيلَ لَا يَنُوبُ لَا عَنْ هَذَا وَلَا عَنْ هَذَا، وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِمَا فَعَلَهُ الْوَاجِبَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُ وَيَكُونُ قَضَاءُ التَّطَوُّعِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ إنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ قَضَاءُ التَّطَوُّعِ أَنَّ قَضَاءَ الْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ إذَا نَوَى بِهِ الْحَجَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ مَعَ قَضَاءِ النَّذْرِ الْمُفْسِدِ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْوَاجِبِ أَصَالَةً.

(قَوْلُهُ وَرُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا) ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا وَلَا يَلْمِسُ ذِرَاعَيْهَا تَلَذُّذًا وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ لَا شَعْرِهَا) وَأَمَّا مَسْكُهُ فَمُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ

ص: 362

الْمَحْمِلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ هُوَ مَا يُحْمَلُ فِيهِ عَلَى ظُهُورِ الْإِبِلِ أَوْ غَيْرِهَا وَبِالْعَكْسِ عَلَّاقَةُ السَّيْفِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ الْمُحْرِمِ مِنْ مَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَوْ زَوْجٍ أَنْ يَحْمِلَ مَحْرَمَهُ أَوْ امْرَأَتَهُ إلَى الْمَحْمِلِ كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَرَى ذِرَاعَيْهَا وَلَا يُقَلِّبُ أَمَةً لِلشِّرَاءِ مَخَافَةَ أَنْ تُعْجِبَهُ فَيَتَلَذَّذُ بِهَا فَرُبَّمَا آلَ لِنَقْصِ أَجْرٍ أَوْ أَوْجَبَ هَدْيًا، أَوْ أَفْسَدَ وَلِأَجْلِ كَرَاهَةِ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ اُتُّخِذَتْ السَّلَالِمُ لِرُقِيِّ النِّسَاءِ عَلَيْهَا لِلْمَحْمِلِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي رُؤْيَةِ شَعْرِ امْرَأَتِهِ الْمُحْرِمَةِ لِخِفَّتِهِ وَلَمْ يَحْكِ فِي مَنْسَكِهِ إلَّا الْكَرَاهَةَ وَقَوْلُنَا: مِنْ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ مُخْرِجٌ لِلْأَجْنَبِيِّ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَحْرَمِ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ وَقَوْلُهُ (وَالْفَتْوَى فِي أُمُورِهِنَّ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْضِيَ فِي أُمُورِ النِّسَاءِ مِنْ أَمْرِ حَيْضِهِنَّ وَنِفَاسِهِنَّ وَمَا أَشْبَهَهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَكْرُوهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ خَاصَّةً شَرَعَ فِي مُحَرَّمَاتِهِ مَعَ الْحَرَمِ عَلَى أَنَّهُمَا مُرَادَانِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَمَا قَالَ بِكُلٍّ مِنْ الْأَقْوَالِ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ فَقَالَ (ص) وَحَرُمَ بِهِ وَبِالْحَرَمِ مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ، أَوْ خَمْسَةٌ لِلتَّنْعِيمِ وَمِنْ جِهَةِ الْعِرَاقِ ثَمَانِيَةٌ لِلْمَقْطَعِ وَمِنْ عَرَفَةَ تِسْعَةٌ وَمِنْ جُدَّةَ عَشْرَةٌ لَآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلْإِحْرَامِ الصَّادِقِ بِأَيِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ وَالْبَاءُ فِي بِالْحَرَمِ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ وَحَرُمَ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ بِحَجَّةٍ، أَوْ عُمْرَةٍ وَحَرُمَ فِي الْحَرَمِ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ. . . إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَلَمَّا كَانَ لِلْحَرَمِ حُدُودٌ حَدَّدَهُ بِهَا سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ عليه السلام، ثُمَّ قُرَيْشٌ بَعْدَ قَلْعِهِمْ لَهَا، ثُمَّ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ، ثُمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَكَانَ فِي بَعْضِهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمُؤَلِّفِ الْمُعْتَمَدُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَمْيَالِ وَمَرْكَزُهَا الْبَيْتُ فَذَكَرَ أَنَّ حَدَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ وَقِيلَ خَمْسَةٌ وَكُلٌّ يَنْتَهِي وَلِلتَّنْعِيمِ الْمُسَمَّى الْآنَ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ فَأَوْ لِلْإِشَارَةِ لِلْخِلَافِ فِي قَدْرِ أَمْيَالِهَا وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْغَايَةَ التَّنْعِيمُ وَأَنَّ حَدَّهُ مِنْ جِهَةِ الْعِرَاقِ ثَمَانِيَةُ أَمْيَالٍ وَقِيلَ سَبْعَةٌ لِلْمَقْطَعِ أَيْ عَلَى ثَنِيَّةِ جَبَلٍ بِمَكَانٍ يُسَمَّى الْمَقْطَعَ فَهُوَ اسْمُ مَكَان وَأَنَّ حَدَّهُ مِنْ جِهَةِ عَرَفَةَ مِنْ الْبَيْتِ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ وَأَنَّ حَدَّهُ مِنْ جِهَةِ جُدَّةَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعٌ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ غَرْبِيَّ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا مَرْحَلَتَانِ عَشْرَةُ أَمْيَالٍ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ مَقْطَعَ الْأَعْشَاشِ جَمْعُ عُشٍّ وَالْحُدَيْبِيَةُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ وَضَبَطَهَا الشَّافِعِيُّ بِالتَّخْفِيفِ وَهِيَ فِي الْحَرَمِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَسُمِّيَتْ جُدَّةُ؛ لِأَنَّهَا حَاضِرَةُ الْبَحْرِ وَالْجُدَّةُ مَا وَلِيَ الْبَحْرَ وَالنَّهْرُ مَا وَلِيَ الْبَرَّ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ، وَأَصْلُ الْجُدَّةِ الطَّرِيقُ الْمُمْتَدُّ قَالَهُ الْبَكْرِيُّ فِي الْمُعْجَمِ.

(ص) وَيَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرَمَ يُعْرَفُ أَيْضًا بِأَنَّ سَيْلَ الْحِلِّ إذَا جَرَى إلَيْهِ لَا يَدْخُلُهُ وَسَيْلُهُ إذَا جَرَى يَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ وَيَجْرِي فِيهِ، وَهَذَا تَحْدِيدٌ لِلْحَرَمِ بِالْأَمَارَةِ وَالْعَلَامَةِ وَالْأَوَّلُ تَحْدِيدٌ لَهُ بِالْمِسَاحَةِ.

(ص) تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ (ش) هُوَ فَاعِلُ حَرُمَ وَمَا قَبْلَهُ جُمَلٌ اعْتِرَاضٍ بَيْنَهُمَا أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَرَمِ وَعَلَى مَنْ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا أَنْ يَتَعَرَّضَ لِحَيَوَانٍ بَرِّيٍّ فَيَحْرُمُ اصْطِيَادُهُ وَالتَّسَبُّبُ فِي اصْطِيَادِهِ يُرِيدُ مَا لَمْ يَكُنْ صَادَهُ حَلَالٌ لِحَلَالٍ فِي الْحِلِّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) مُفَادُ النَّقْلِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْفَتْوَى فِي أُمُورِهِنَّ.

(قَوْلُهُ أَرْبَعَةُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ رَفْعُهُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَعْدَادِ عَلَى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَحَدُّهُ كَذَا فَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَيَجُوزُ نَصْبُهَا عَلَى الظَّرْفِ لِحَرَمٍ وَجَرُّهَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ الْحَرَمِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ بَدَلَ بَعْضٍ أَوْ بَدَلَ اشْتِمَالٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وُجُودَ الضَّمِيرِ عَلَى طَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ لِلْمَقْطَعِ) ضَبَطَهُ ابْنُ خَلِيلٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَفِي خَطِّ الطَّبَرِيِّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا مِنْهُ أَحْجَارَ الْكَعْبَةِ فِي زَمَنِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ عليه السلام (قَوْلُهُ ثُمَّ قُرَيْشٌ. . . إلَخْ) هَؤُلَاءِ أَظْهَرُوا مَا جَدَّدَهُ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ بَعْدَ دَرْسِهِ لَا أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا حُدُودًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عب (قَوْلُهُ وَقِيلَ خَمْسَةٌ) وَالْخِلَافُ فِي أَنَّ أَقَلَّ الْأَمْيَالِ أَرْبَعَةٌ أَوْ خَمْسَةٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَدْرِ الْمِيلِ وَفِي قَدْرِ الذِّرَاعِ هَلْ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ أَوْ ذِرَاعُ الْبَزِّ الْمِصْرِيِّ، وَالتَّنْعِيمُ خَارِجٌ عَنْ الْحَرَمِ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ وَأَنَّ حَدَّهُ مِنْ جِهَةِ عَرَفَةَ مِنْ الْبَيْتِ) أَيْ وَيَنْتَهِي لِلْجِعْرَانَةِ وَمِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ سَبْعَةٌ بِتَقْدِيمِ السِّينِ إلَى مَوْضِعٍ يُسَمَّى أَضَاةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ قَالَهُ فِي مَنْسَكِهِ (قَوْلُهُ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ) الْمُرَادُ آخِرُهَا مِنْ جِهَةِ الْحِلِّ وَإِلَّا فَالْحُدَيْبِيَةُ مِنْ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ عَشْرٌ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَرْحَلَةَ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةِ أَمْيَالٍ اهـ لَكِنَّ الْمُشَاهَدَةَ وَالْعِيَانَ مَعَ مَنْ قَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَةٌ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ وَالْجُدَّةُ مَا وَلِيَ الْبَحْرَ. . . إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجُدَّةَ فِي الْأَصْلِ مَا وَلِيَ الْبَحْرَ وَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ الْقَرْيَةُ مُوَالِيَةً لِلْبَحْرِ جُعِلَ عَلَيْهَا هَذَا الْعَلَمُ (قَوْلُهُ: وَالنَّهْرُ مَا وَلِيَ الْبَرَّ) أَيْ كَنَهْرِ مِصْرَ فَإِنَّهُ مُوَالٍ لِلْبَرِّ لِأَنَّ الْبَرَّ أَعْظَمُ مِنْهُ فَلَا يُنْسَبُ إلَى الْبَحْرِ بِخِلَافِ النَّهْرِ لِقِلَّتِهِ أُضِيفَ إلَيْهِ وَقِيلَ مَا وَلِيَ الْبَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الْجُدَّةِ الطَّرِيقُ الْمُمْتَدُّ) يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا فِي الْأَصْلِ السَّبِيلُ أَيْ الطَّرِيقُ الْمُمْتَدُّ، ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى مَا وَلِيَ الْبَحْرَ ثُمَّ نُقِلَتْ لِلْقَرْيَةِ الْمَعْلُومَةِ (قَوْلُهُ وَيَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ) أَيْ لِأَنَّ الْحَرَمَ أَعْلَى مِنْ الْحِلِّ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ رحمه الله.

(قَوْلُهُ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ) وَانْظُرْ مَا تَوَلَّدَ مِنْ إنْسِيٍّ وَوَحْشِيٍّ وَمِنْ بَحْرِيٍّ وَبَرِّيٍّ وَالِاحْتِيَاطُ الْحُرْمَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ

ص: 363

فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَلَالِ أَنْ يَذْبَحَهُ فِي الْحَرَمِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَذَبْحُهُ بِحَرَمٍ مَا صِيدَ بِحِلٍّ عَلَى مَا فِيهِ.

وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الْبَحْرِيُّ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَصْطَادَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] ، وَمِنْهُ الضِّفْدَعُ وَتُرْسُ الْمَاءِ، بِخِلَافِ السُّلَحْفَاةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبَرَارِيِ، وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ: تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ أَيْ تَعَرُّضٌ لِبَرِّيٍّ وَلَيْسَ مِنْهُ الْكَلْبُ الْإِنْسِيُّ وَيَدْخُلُ فِي الْبَرِّيِّ الْجَرَادُ (ص) وَإِنْ تَأَنَّسَ، أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ وَبِالْحَرَمِ التَّعَرُّضُ لِلْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ وَإِنْ تَأَنَّسَ أَيْ صَارَ كَالْحَيَوَانِ الْإِنْسِيِّ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَأَمَّا الْبَرِّيُّ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إتْلَافُهُ جَمِيعُهُ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ وَمَا لَمْ يُؤْكَلْ كَانَ مُتَأَنِّسًا أَوْ مُتَوَحِّشًا مَمْلُوكًا، أَوْ مُبَاحًا فَقَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ إنْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ كَقِرْدٍ وَخِنْزِيرٍ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِلْمَأْكُولِ (ص) ، أَوْ طَيْرَ مَاءٍ وَبَيْضَهُ وَجُزْأَهُ (ش) طَيْرٌ بِالنَّصْبِ عُطِفَ عَلَى خَبَرِ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ الْمَعْطُوفَةِ عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى بَرِّيٍّ كَأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مُسَمَّاهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ طَيْرَ الْمَاءِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي الْبَرِّيِّ وَهُوَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ يُلَازِمُ الْمَاءَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَطِيرُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَكَمَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِكُلِّهِ يَحْرُمُ لِبَعْضِهِ وَضَبَطَ ابْنُ غَازِيٍّ لِجَرْوِهِ بِالرَّاءِ وَالْوَاوِ أَيْ أَوْلَادِهِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَبَيْضَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لِبَيْضِهِ فَأَحْرَى جَرْوُهُ فَدَعْوَاهُ أَنَّ نُسْخَةَ جُزْئِهِ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْهَمْزِ تَصْحِيفٌ مَمْنُوعَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي شُرْبِ لَبَنِ الصَّيْدِ حَيْثُ وَجَدَهُ مَحْلُوبًا كَمَا يَجِدُ مِنْ لَحْمٍ قَدْ ذُكِّيَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِبَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْسِكُهُ وَلَا يُؤْذِيهِ فَإِنْ حَلَبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يُشْبِهُ الْبَيْضَ.

(ص) وَلْيُرْسِلْهُ بِيَدِهِ، أَوْ رُفْقَتِهِ (ش) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ أَنْتَ قَدْ ذَكَرْت حُرْمَةَ التَّعَرُّضِ لِلْبَرِّيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَمَا حُكْمُهُ إذَا كَانَ مَعَهُ فَقَالَ وَلْيُرْسِلْهُ. . . إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يُرْسِلَ الصَّيْدَ الَّذِي هُوَ مِلْكٌ لَهُ إذَا كَانَ بِيَدِهِ، أَوْ مَعَ رُفْقَتِهِ فَضَمِيرُ يُرْسِلُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُحْرِمِ كَالضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي رُفْقَتِهِ وَمِلْكِهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ رُفْقَتِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِالْمُضَافِ أَيْ وَلْيُرْسِلْهُ حَالَ كَوْنِهِ كَائِنًا فِي يَدِهِ، أَوْ فِي رُفْقَتِهِ أَيْ مُرَافِقًا لَهُ وَمُصَاحِبًا، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ مَعَهُ صَيْدٌ بِيَدِهِ يَقُودُهُ، أَوْ فِي قَفَصٍ مَعَهُ فَلْيُرْسِلْهُ (ص) وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ (ش) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ لَا لِلْعَطْفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَطْفُ الْخَبَرِ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَالضَّمِيرُ فِي مِلْكُهُ يَرْجِعُ لِلْمُحْرِمِ، أَوْ الْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ وَالْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَبْسُوطِ أَنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ عَنْهُ بِنَفْسِ الْإِحْرَامِ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ فَلَوْ أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِالْوَحْشِ وَلَمْ يَزَلْ بِيَدِهِ حَتَّى حَلَّ صَاحِبُهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ وَهُوَ لِآخِذِهِ فَلَوْ لَمْ يُرْسِلْهُ صَاحِبُهُ بَلْ أَبْقَاهُ بِيَدِهِ حَتَّى حَلَّ لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ فَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ صَاحِبُهُ يَدَهُ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ إذَا أَلْقَاهُ بِيَدِهِ حَتَّى حَلَّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَلَالَ إذَا اصْطَادَ فِي الْحِلِّ وَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ فَإِنْ ذَبَحَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ ذَبَحَهُ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ خَرَجَ بِهِ عَنْ الْحَرَمِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ جَازَ لَهُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ آفَاقِيٍّ صَادَهُ فِي الْحِلِّ وَفِي تت أَنَّ مَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ طَوِيلًا كَأَهْلِهَا وَالْمُرَادُ بَعْدَ إحْلَالِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ (تَنْبِيهٌ) يُعْتَبَرُ التَّحْرِيمُ وَقْتَ الْإِصَابَةِ لَا وَقْتَ الرَّمْيِ فَلَوْ رَمَى عَلَى صَيْدٍ وَهُوَ حَلَالٌ ثُمَّ أَحْرَمَ قَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيِ إلَيْهِ وَأَصَابَتْهُ الرَّمْيَةُ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا الْجَزَاءُ الَّذِي يُوجِبُهُ الْحَرَمُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُ الصَّيْدِ بِالْحَرَمِ وَقْتَ الْإِصَابَةِ، أَوْ مُرُورِ السَّهْمِ بِالْحَرَمِ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهُ الضِّفْدَعُ وَتُرْسُ الْمَاءِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مِنْهُمَا بَرِّيٌّ مَعَ أَنَّهُ يُوجَدُ مِنْهُمَا بَرِّيٌّ وَهُوَ مَا مَقَرُّهُ الْبَرُّ وَإِنْ كَانَ يَعِيشُ فِي الْمَاءِ بِخِلَافِ الْبَحْرِيِّ فَإِنَّهُ مَقَرُّهُ الْبَحْرُ وَإِنْ كَانَ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ الْكَلْبُ الْإِنْسِيُّ) أَيْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ قَتْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَأَيْضًا الْكَلَامُ فِي صَيْدِ الْوَحْشِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ) أَيْ وَفِيهِ الْجَزَاءُ عَلَى أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ يُلَازِمُ الْمَاءَ) أَيْ وَيَعِيشُ فِي الْبَرِّ، وَأَمَّا الطَّيْرُ الَّذِي يَأْلَفُ الْمَاءَ وَلَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ كَالْغَطَّاسِ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ لِأَنَّهُ بَحْرِيٌّ، وَأَمَّا الطَّيْرُ الَّذِي يَتَوَلَّدُ مِنْ الْمَاءِ فَهُوَ سَمَكٌ (قَوْلُهُ كُلُّهُ) أَيْ بِقَتْلِهِ وَقَوْلُهُ لِبَعْضِهِ أَيْ كَقَطْعِ جَنَاحٍ

(قَوْلُهُ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ) لَا أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَطْفُ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ أَنْتَ قَدْ ذَكَرْت حُرْمَةَ التَّعَرُّضِ لِلْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَمَا حُكْمُهُ إذَا كَانَ مَعَهُ فَقَالَ: وَلْيُرْسِلْهُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ وَلْيُرْسِلْهُ حَالَ كَوْنِهِ) هَذَا يُنَافِي عَطْفَهُ عَلَى الضَّمِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَعَطْفُهُ عَلَى الضَّمِيرِ يُنَاسِبُ حَلَّ تت فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ بِيَدِهِ شَامِلًا لِمَا إذَا كَانَ بِيَدِهِ يَقُودُهُ، أَوْ فِي قَفَصٍ مَعَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ رُفْقَتُهُ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَمَاعَةِ الْمُرَافِقِينَ لَهُ انْتَهَى أَيْ وَهُوَ مِلْكُهُ وَكَأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُرَافِقِينَ لَهُ أَتْبَاعُهُ كَمَا فِي ك وَهَذَا الْحَلُّ هُوَ الْحَلُّ الْأَوَّلُ لِلشَّارِحِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ بِيَدِهِ أَوْ مَعَ رُفْقَتِهِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ فِيهِ تَلْفِيقٌ فَإِنْ قِيلَ الْإِحْرَامُ مَانِعٌ مِنْ الصَّيْدِ وَمَانِعٌ مِنْ النِّكَاحِ وَأَوْجَبْتُمْ إرْسَالَ الصَّيْدِ وَلَمْ تُوجِبُوا طَلَاقَ الزَّوْجَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْإِحْرَامِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّيْدَ يَحْرُمُ لِذَاتِهِ فَهُوَ مَقْصُودٌ بِالتَّحْرِيمِ وَالنِّكَاحَ يَحْرُمُ لِأَجْلِ الْوَقْتِ فَلَمْ يَتَسَاوَيَا فِي التَّحْرِيمِ فَافْتَرَقَا أَيْ فَأَمْرُ النِّكَاحِ أَخَفُّ مِنْ أَمْرِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ مَا حَرُمَ لِذَاتِهِ أَشَدُّ مِمَّا حَرُمَ لِشَيْءٍ آخَرَ وَأَقُولُ جَوَابًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ النِّكَاحَ إنَّمَا نُهِيَ عَنْ اسْتِحْدَاثِهِ لَا عَمَّا سَبَقَ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَالنَّهْيُ عَنْهُ عَامٌّ بِدَلِيلِ:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: 96] ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَصِيدًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ

ص: 364

ثُمَّ ذَبَحَهُ.

(ص) لَا بِبَيْتِهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِيَدِهِ أَيْ وَلْيُرْسِلْهُ مِنْ يَدِهِ لَا مِنْ بَيْتِهِ، وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى زَالَ مِلْكُهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْكَوْنِ أَيْ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ بِيَدِهِ لَا فِي حَالِ كَوْنِهِ بِبَيْتِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلْيُرْسِلْهُ وَمِنْ قَوْلِهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ فَقَوْلُ تت يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ بِيَدِهِ، أَوْ مِنْ زَالَ مِلْكُهُ. . . إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ، وَهَذَانِ غَيْرُ مُتَنَاقِضَيْنِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيهَا وَمَنْ أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ صَيْدٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُرْسِلُهُ انْتَهَى سَوَاءٌ أَحْرَمَ مِنْ مَنْزِلِهِ، أَوْ مِنْ مِيقَاتِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْتِهِ وَبَيْنَ الْقَفَصِ أَنَّ الْقَفَصَ حَامِلٌ لَهُ وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ فَهُوَ كَاَلَّذِي بِيَدِهِ وَمَا بِبَيْتِهِ مُرْتَحِلٌ عَنْهُ وَغَيْرُ مُصَاحِبٍ لَهُ وَإِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ (ش) أَيْ وَهَلْ عَدَمُ وُجُوبِ إرْسَالِهِ وَعَدَمُ زَوَالِ مِلْكِهِ مُطْلَقٌ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ أَيْ مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ مَرَّ بِهِ أَوْ مُقَيَّدٌ بِمَنْ لَا يُحْرِمُ مِنْهُ وَلَا يَمُرُّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا وَجَبَ إرْسَالُهُ وَزَوَالُ مِلْكِهِ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.

(ص) فَلَا يَسْتَجِدُّ مِلْكُهُ (ش) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ حَرُمَ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ لَا عَلَى قَوْلِهِ وَلْيُرْسِلْهُ بِيَدِهِ وَلَا عَلَى قَوْلِهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ وَزَوَالَ الْمِلْكِ كَافٍ وَالسِّينُ زَائِدَةٌ وَلَيْسَتْ لِلتَّوْكِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهَا لِلتَّوْكِيدِ وَلَيْسَتْ لِلطَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ تَجْدِيدِ مِلْكِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُجَدِّدَ مِلْكَ صَيْدٍ فَلَا يَقْبَلُهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ إقَالَةٍ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا مَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ جَبْرًا كَالْمِيرَاثِ وَالْمَرْدُودِ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: وَلْيُرْسِلْهُ بِيَدِهِ، وَأَمَّا حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَعْنَى فَلَا يَسْتَجِدُّ مِلْكُهُ بَعْدَ إحْلَالِهِ فَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ.

(ص) وَلَا يَسْتَوْدِعُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ صَيْدًا مِنْ أَحَدٍ فَإِنْ قَبِلَهُ رَدَّهُ إلَى رَبِّهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ غَابَ وَوَجَدَ مَنْ يَحْفَظُهُ اسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَرْسَلَهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَوْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ أَخْذِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَرْسَلَهُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرْسَلَهُ بِغَيْبَتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ عَمَّا غَابَ مِنْ الصَّيْدِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ (ص) وَرَدَّ إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ، وَإِلَّا بَقِيَ (ش) أَيْ وَرَدَّ الصَّيْدَ إلَى مَنْ أَوْدَعَهُ لَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ وَيُرْسِلُهُ رَبُّهُ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِنْ كَانَ حَلَالًا جَازَ لَهُ حَبْسُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهُ وَلَا وَجَدَ حَلَالًا يَحْفَظُهُ أَبْقَاهُ فِي يَدِهِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يُرْسِلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ وَإِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَهُ لِرَبِّهِ، أَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ أَدَّى جَزَاءَهُ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ يَضْمَنُ الصَّيْدَ بِالْيَدِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَرَدَّ. . . إلَخْ مُفَرَّعًا عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ) أَقُولُ لَا نَظَرَ إذْ التَّرَدُّدُ يَكْفِي فِيهِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَلَازِمَيْنِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ وَهَلْ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ مَرَّ بِهِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهَا لِلتَّأْكِيدِ) نَقُولُ بَلْ هِيَ لِلتَّأْكِيدِ وَيَرْجِعُ التَّأْكِيدُ لِلنَّهْيِ وَالْمَعْنَى فَيُنْهَى نَهْيًا مُؤَكَّدًا عَنْ التَّجْدِيدِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46](قَوْلُهُ وَالْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ. . . إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ حَاضِرًا وَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَقَبُولُ هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ (قَوْلُهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَثْبُتْ الْعَيْبُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَلَوْ قَبِلَهُ أَرْسَلَهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

(قَوْلُهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ صَيْدًا) أَيْ لَا يَقْبَلُهُ هَذَا عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ مَنْ شَرَحَ قَوْلَهُ وَلَا يَسْتَوْدِعُهُ لِلْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَا يَقْبَلُهُ مِنْ الْغَيْرِ وَدِيعَةً وَبِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ لَا يَجْعَلُهُ عِنْدَ الْغَيْرِ وَدِيعَةً وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ ثَمَرَاتِ قَوْلِهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَجَعَلَهُ اللَّقَانِيِّ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَقْبَلُ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ اسْتَوْدَعَ كَمَا فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهُ اسْتَحْفَظَ الْغَيْرَ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَبِلَهُ رَدَّهُ لِرَبِّهِ) أَيْ الْحَلَالِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَقَوْلُهُ وَوَجَدَ مَنْ يَحْفَظُهُ أَيْ حَلَالًا يَحْفَظُهُ وَقَوْلُهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ الْحَلَالِ حِينَ الْإِيدَاعِ وَلَوْ طَرَأَ إحْرَامُهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الصَّيْدُ حِينَئِذٍ بِيَدِ رُفْقَتِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ رَبُّهُ حِينَ الْإِيدَاعِ مُحْرِمًا فَإِنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ يُرْسِلُهُ وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَلَا يُطْلَبُ بِرَدِّهِ لَهُ لِيُرْسِلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ بَعْدَ إيدَاعِهِ وَحَضَرَ مَعَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ وَأَبَى مِنْ قَبُولِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَأَرْسَلَهُ بِحَضْرَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ رَبُّهُ أَحْرَمَ بَعْدَ الْإِيدَاعِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ حِينَ الْإِيدَاعِ مُحْرِمًا فَيُرْسِلُهُ أَبَى رَبُّهُ مِنْ الْقَبُولِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ أَيْ وَرَدَّ الصَّيْدَ إلَى مَنْ أَوْدَعَهُ لَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ) فَإِنْ أَبَى مِنْ قَبُولِهِ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا أَرْسَلَهُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ وَلَمْ يَضْمَنْهُ لِإِبَايَةِ رَبِّهِ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ وَلَعَلَّهُ حَيْثُ تَعَذَّرَ جَبْرُهُ بِحَاكِمٍ وَنَحْوِهِ عَلَى أَخْذِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ صَيْدٌ وَدِيعَةً ثُمَّ أَحْرَمَ وَهُوَ مَعَهُ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مِلْكَهُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِرَبِّهِ إنْ وَجَدَهُ وَيَجِبُ عَلَى رَبِّهِ إرْسَالُهُ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهُ فَإِنَّهُ يُودِعُهُ لَهُ عِنْدَ حَلَالٍ يَحْفَظُهُ إنْ وَجَدَ وَإِلَّا صَحِبَهُ وَلَا يُرْسِلُهُ وَإِنْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ قَبُولِهِ أَرْسَلَهُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ حَلَالًا لِأَنَّهُ أَبَى قَبُولَهُ وَلَعَلَّ هَذَا حَيْثُ تَعَذَّرَ جَبْرُهُ عَلَى قَبُولِهِ مِنْ الْحَاكِمِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَحُكْمُ مَنْ قَبِلَ وَدِيعَةً بَعْدَمَا أَحْرَمَ كَذَلِكَ إلَّا فِيمَا غَابَ وَلَمْ يَجِدْ حَلَالًا حَافِظًا وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُرْسِلُهُ وَيَضْمَنُ لِرَبِّهِ قِيمَتَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ وَالْمُودِعَ تَارَةً يَكُونَانِ مُحْرِمَيْنِ وَتَارَةً يَكُونُ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ مُحْرِمًا وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ حَلَالًا وَعَكْسُهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مُحْرِمًا أَوْ طَرَأَ إحْرَامُهُ بَعْدَ قَبُولِهِ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَجِبُ رَدُّهُ لِرَبِّهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَوْدَعَهُ عِنْدَ حَلَالٍ إنْ وَجَدَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَجِبُ إرْسَالُهُ وَيُؤَدِّي إلَى صَاحِبِهِ قِيمَتَهُ وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ يَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ فَإِنْ مَاتَ أَدَّى جَزَاءَهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ صَاحِبُهُ حَلَالًا وَقْتَ الْإِيدَاعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَاحِبُهُ مُحْرِمًا حِينَ الْإِيدَاعِ إلَخْ وَجَبَ عَلَى الْمُودِعِ إرْسَالُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِزَوَالِ مِلْكِهِ اهـ.

ص: 365

مَا قَبْلَهُ لِتَغَايُرِ التَّصْوِيرِ؛ لِأَنَّ مَا قَبِلَهُ قَبِلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ.

وَلَمَّا قَدَّمَ مَنْعَ اسْتِحْدَاثَ مِلْكِهِ وَمَرَّ بِنَا الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِبَتِهِ ذَكَرَ حُكْمَ شِرَائِهِ فَقَالَ (ص) وَفِي صِحَّةِ اشْتِرَائِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا اشْتَرَى صَيْدًا مِنْ حَلَالٍ فَهَلْ هَذَا الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ، أَوْ هُوَ فَاسِدٌ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَوْلَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي إرْسَالُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ دُونَ ثَمَنِهِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَقِيلَ يَغْرَمُ ثَمَنَهُ وَاسْتُظْهِرَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لَوْ لَمْ يُرْسِلْهُ وَرَدَّهُ لِرَبِّهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَرُدُّهُ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ حَلَالًا يُودِعُهُ عِنْدَهُ أَنْ يُرْسِلَهُ وَيَضْمَنَ لِرَبِّهِ قِيمَتَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَقَوْلُنَا مِنْ حَلَالٍ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُحْرِمًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ بَاعَ مَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ.

وَلَمَّا ذَكَرَ حُرْمَةَ التَّعَرُّضِ لِلْبَرِّيِّ عُمُومًا أَخْرَجَ مِنْهُ أَفْرَادًا وَرَدَ بِجَوَازِ قَتْلِهَا الْخَبَرُ فَقَالَ (ص) إلَّا الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ مُطْلَقًا وَغُرَابًا وَحِدَأَةً وَفِي صَغِيرِهِمَا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تُقْتَلُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ مِنْهَا الْفَأْرَةُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَقَدْ تُسَهَّلُ وَيُلْحَقُ بِهَا بِنْتُ عِرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الثِّيَابَ مِنْ الدَّوَابِّ وَالتَّاءُ فِي الْفَأْرَةِ لِلْوَحْدَةِ وَكَذَلِكَ فِي حَيَّةٍ لَا لِلتَّأْنِيثِ وَمِنْهَا الْحَيَّةُ، وَلَمَّا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ بِإِسْقَاطِ الْعَقْرَبِ وَذِكْرَ الْحَيَّةِ وَبِالْعَكْسِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ وَالْعَقْرَبُ، وَيُلْحَقُ بِهَا الرُّتَيْلَاءُ وَهِيَ دَابَّةٌ صَغِيرَةٌ سَوْدَاءُ رُبَّمَا قَتَلَتْ مَنْ لَدَغَتْهُ وَالزُّنْبُورُ وَهُوَ ذَكَرُ النَّحْلِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ؛ لِأَنَّ صَغِيرَهَا يُؤْذِي كَمَا يُؤْذِي كَبِيرُهَا وَسَوَاءٌ بَدَأَتْ بِالْإِذِايَةِ أَمْ لَا، وَمِنْهَا الْغُرَابُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْأَبْقَعِ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هَلْ لَفْظُ الْغُرَابِ عَامٌّ فَالْأَبْقَعُ فَرْدٌ لَا يُخَصَّصُ، أَوْ مُطْلَقٌ فَالْأَبْقَعُ مُبَيِّنٌ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَعَلَيْهِ غَالِبُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ انْتَهَى وَالْأَبْقَعُ هُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ وَالْبُقْعُ فِي الطَّيْرِ وَالْكِلَابِ بِمَنْزِلَةِ الْبُلْقِ فِي الدَّوَابِّ كَمَا فِي الصِّحَاحِ، وَمِنْهَا الْحِدَأَةُ.

وَهَذَا إذَا وَصَلَ كُلٌّ مِنْ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ حَدَّ الْإِيذَاءِ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِذَلِكَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ فَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْقَتْلِ نَظَرًا لِلَفْظِ غُرَابٍ وَحِدَأَةٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُ وَمَنَعَهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ

الْإِيذَاءُ

وَهُوَ مُنْتَفٍ حَالًا وَشَهَرَهُ ابْنُ هَارُونَ خِلَافٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ لَا جَزَاءَ فِيهِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْآخَرِ وَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَهُ إنَّمَا هُوَ بِقَصْدِ دَفْعِ الْإِذَايَةِ أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ بِقَصْدِ الذَّكَاةِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يُؤْكَلُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ تَأَمَّلْ (ص) وَعَادِي سَبُعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ هُوَ عَادِي السِّبَاعِ مِنْ أَسَدٍ وَفَهْدٍ وَنَمِرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ «؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي عُتَيْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِك فَعَدَا عَلَيْهِ السَّبُعُ فَقَتَلَهُ» وَقِيلَ الْإِنْسِيُّ الْمُتَّخَذُ وَهُوَ شَاذٌّ وَقَوْلُهُ (كَذِئْبٍ) تَمْثِيلٌ لِلْعَادِي وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ بِقَتْلِهِ وَقَوْلُهُ (إنْ كَبُرَ) شَرْطٌ فِي كُلِّ عَادٍ لَا بِخُصُوصِ الذِّئْبِ وَلَا يَرِدُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي كَلَامِهِ رُجُوعُ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ؛ لِأَنَّهَا فِي كَافِ التَّشْبِيهِ لِإِفَادَةِ حُكْمٍ فِي غَيْرِ جِنْسِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لَا كَافِ التَّمْثِيلِ بِبَعْضِ أَفْرَادٍ فَإِنْ صَغُرَ كُرِهَ قَتْلُهُ وَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) كَطَيْرٍ خِيفَ إلَّا بِقَتْلِهِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُقْتَلُ الطَّيْرُ إذَا عَدَا عَلَيْهِ وَخِيفَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ نَفْسِ الْغَيْرِ، أَوْ مَالِهِ وَلَا يَنْدَفِعُ عَمَّا ذُكِرَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ إذَا اشْتَرَى صَيْدًا مِنْ حَلَالٍ) أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِحْدَاثُ مِلْكِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ قَالَهُ سَنَدٌ) وَيُلْغِزُ بِهَا فَيُقَالُ بَيْعٌ صَحِيحٌ يَمْضِي بِالْقِيمَةٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَغْرَمُ ثَمَنَهُ وَاسْتَظْهَرَ) أَيْ اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا تَلْزَمُ فِي الْفَاسِدِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ قَوِيٌّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَحَلُّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَوْ ابْتَاعَهُ بِالْخِيَارِ وَهُمَا حَلَالَانِ، ثُمَّ أَحْرَمَا قَبْلَ مُضِيِّ أَمَدِ الْخِيَارِ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُبْتَاعُ الْإِمْضَاءَ غَرِمَ الثَّمَنَ وَأَرْسَلَهُ وَإِلَّا فَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ وَوَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ إرْسَالُهُ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَقَفَ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ فَهُوَ مِنْهُ وَيُسَرِّحُهُ وَإِنْ أَمْضَى فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُسَرِّحُهُ فَإِنْ سَرَّحَهُ قَبْلَ إيقَافِ الْبَائِعِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِإِتْلَافِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَمْضِ الْبَيْعُ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَانْظُرْ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا.

(قَوْلُهُ وَالْحَيَّةَ) وَيَدْخُلُ فِيهَا الْأَفْعَى وَهِيَ حَيَّةٌ رَقْشَاءُ دَقِيقَةُ الْعُنُقِ (قَوْلُهُ وَحِدَأَةٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ كَعِنَبَةٍ (قَوْلُهُ بِنْتُ عِرْسٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ابْنُ عِرْسٍ وَالْجَمْعُ بَنَاتُ عِرْسٍ (قَوْلُهُ وَالزُّنْبُورُ) بِضَمِّ الزَّايِ (قَوْلُهُ فَالْأَبْقَعُ فَرْدٌ لَا يُخَصَّصُ) أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ وَشَرْطُ الْمُخَصَّصِ أَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ بِقَصْدِ الذَّكَاةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا قَتَلَهُ لَا بِقَصْدِ الِاصْطِيَادِ لِيَصْدُقَ الْجَوَازُ بِصُورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ) قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهَا فَهِيَ صَيْدٌ تُؤَثِّرُ فِيهَا الذَّكَاةُ وَيَطْهُرُ جِلْدُهُ وَالْمُحْرِمُ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَكَاةِ الصَّيْدِ وَمِنْ قَتْلِهِ اهـ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام) هَذَا الْحَدِيثُ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ (قَوْلُهُ فِي عُتَيْبَةَ) بِالتَّصْغِيرِ كَذَا فِي نُسْخَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عُتْبَةُ وَصَوَابُهُ عُتَيْبَةُ، وَأَمَّا عُتْبَةُ وَمُعَتِّبٌ الْمُكَبَّرَانِ فَقَدْ أَسْلَمَا وَصَحِبَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَبُو لَهَبٍ لَهُ أَوْلَادٌ أَرْبَعَةٌ عُتْبَةُ وَمُعَتِّبٌ وَقَدْ أَسْلَمَا وَعُتَيْبَةُ بِالتَّصْغِيرِ وَلَهَبٌ وَقَدْ مَاتَا كَافِرَيْنِ نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ الزَّرْقَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْإِنْسِيُّ الْمُتَّخَذُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ.

(قَوْلُهُ كَذِئْبٍ) أَيْ إذَا قَتَلَهُ لِأَجْلِ الْإِيذَاءِ فَإِنْ قَتَلَهُ بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ فَلَا يَجُوزُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ (قَوْلُهُ إنْ كَبِرَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَمُضَارِعُهُ بِفَتْحِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ الْكِبَرُ فِي السِّنِّ، وَأَمَّا فِي الْجِسْمِ وَالْمَعْنَى فَالضَّمُّ مَاضِيًا وَمُضَارِعًا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ} [الصف: 3] (قَوْلُهُ وَخِيفَ عَلَى نَفْسِهِ. . . إلَخْ) أَيْ فَحَذَفَ الْمُتَعَلِّقَ لِلْعُمُومِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ بَالٌ كَمَا فِي شَرْحِ عب

ص: 366

إلَّا بِقَتْلِهِ فَقَوْلُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ كَمَا تَرَى وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ خِيفَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ أَيْ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ.

(ص) وَوَزَغًا لِحِلٍّ بِحَرَمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَزَغَ يَجُوزُ قَتْلُهُ لِلْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهَا الْأَذَى، وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ قَتْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُطْعِمْ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (ص) كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ وَاجْتَهَدَ (ش) فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا جَزَاءَ فِي هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ حَيْثُ اجْتَهَدَ وَتَحَفَّظَ الْمُحْرِمُ مِنْ قَتْلِهِ فَمَا أَصَابَ مِنْهُ بَعْدَ هَذَا فَهَدَرٌ، وَالْوَاوُ فِي وَاجْتَهَدَ وَاوُ الْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ اجْتَهَدَ فِي عَدَمِ إصَابَتِهِ (ص) ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ (ش) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْجَرَادِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الْجَرَادُ أَوْ عَمَّ وَلَمْ يَجْتَهِدْ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ قَتْلِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ إنْ قَتَلَهُ، وَكَذَا حَلَّ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِهِ لِمَسْأَلَةِ الْوَزَغِ أَيْضًا أَيْ وَإِنْ كَانَ قَتَلَ الْوَزَغَ لِمُحْرِمٍ فَقِيمَتُهُ مَالِكٌ وَإِذَا قَتَلَهُ مُحْرِمٌ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ وَقَوْلُهُ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا مِمَّا تَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ ابْنُ رُشْدٍ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُكُومَةٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِحُكُومَةٍ، وَإِلَّا أَعَادَ (ص) وَفِي الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ (ش) أَيْ وَفِي الْجَرَادَةِ الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ وَتَنْتَهِي الْحَفْنَةُ إلَى الْعَشَرَةِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فِيهِ الْقِيمَةُ (ص) وَإِنْ فِي نَوْمٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا انْقَلَبَ عَلَى الْجَرَادِ فِي نَوْمٍ، أَوْ نِسْيَانٍ فَقَتَلَهُ.

وَقَوْلُهُ (كَدُودٍ) وَذَرٍّ وَنَمْلٍ وَذُبَابٍ تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَغَيْرِهَا (ص) وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ (ش) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ كَائِنٌ وَحَاصِلٌ بِقَتْلِهِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ تَعَرَّضَ لَهُ فَتَارَةً يَقْتُلُهُ وَتَارَةً لَا يَقْتُلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَجِبُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ (ص) وَإِنْ لِمَخْمَصَةٍ وَجَهْلٍ وَنِسْيَانٍ وَتَكَرُّرٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَزَاءَ يَلْزَمُ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ لِأَجْلِ مَخْمَصَةٍ أَيْ مَجَاعَةٍ عَامَّةٍ أَوْ خَاصَّةٍ تُبِيحُ الْمَيْتَةَ وَتُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي أَوْ وَقَعَ لِأَجْلِ جَهْلٍ بِحُكْمِ قَتْلِ الصَّيْدِ، أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لِأَجْلِ نِسْيَانٍ، أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لِأَجْلِ تَكَرُّرٍ فَإِنَّ الْجَزَاءَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ بِتَكَرُّرِ قَتْلِ الصَّيْدِ وَسَوَاءٌ نَوَى التَّكْرَارَ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ وَتَكَرُّرٍ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِهَا وَمَنْ قَتَلَ صُيُودًا فَعَلَيْهِ بِعَدَدِهَا كَفَّارَاتٌ (ص) كَسَهْمٍ مَرَّ بِالْحَرَمِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ رَمَى بِالسَّهْمِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحِلِّ إلَّا أَنَّ السَّهْمَ مَرَّ بِبَعْضِ الْحَرَمِ فَقَطَعَهُ وَخَرَجَ إلَى الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَفِيهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ.

(ص) وَكَلْبٌ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرْسَلَ كَلْبًا مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ إلَّا أَنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ لَهُ بِطَرِيقٍ إلَّا الْحَرَمَ فَدَخَلَ الْكَلْبُ الْحَرَمَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ فَقَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْحِلِّ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُنْتَهِكٌ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ.

(ص) أَوْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُقَدَّرَ هُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَنْدَفِعُ مَعَ أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مُسْتَثْنًى مِمَّا ذُكِرَ بَلْ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَنْدَفِعُ عَمَّا ذُكِرَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ إلَّا بِقَتْلِهِ وَقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مَنْ خِيفَ أَيْ مِنْ مُتَعَلِّقِ خِيفَ وَالْمَعْنَى لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ إلَّا بِقَتْلِهِ

. (قَوْلُهُ وَوَزَغًا لِحِلٍّ إلَخْ) جَمْعُهُ أَوْزَاغٌ وَوَزَغَاتٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ قَتْلُهُ) أَيْ يَحْرُمُ فَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ الْحُرْمَةُ وَقَوْلُهُ فَلْيُطْعِمْ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ فَلْيُطْعِمْ حَفْنَةً كَسَائِرِ الْهَوَامِّ وَهَذَا مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَا جَازَ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ جَازَ قَتْلُهُ لِلْمُحْرِمِ فِي الْحِلِّ إلَّا أَنَّ مَالِكًا رحمه الله رَأَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ لَغَلَبَتْ فِي الْبُيُوتِ وَحَصَلَ مِنْهَا الضَّرَرُ بِإِفْسَادِ مَا تَصِلُ إلَيْهِ وَمُدَّةُ الْإِحْرَامِ قَصِيرَةٌ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ مُشَبَّهًا فِي الْجَوَازِ كَمَا هُوَ السِّيَاقُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُجْتَهِدِ مِنْ الْقَتْلِ إنَّمَا يَكُونُ خَطَأً وَلَا يَتَّصِفُ مَا كَانَ خَطَأً لَا بِجَوَازٍ وَلَا بِحُرْمَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِهِ. . . إلَخْ) أَقُولُ بَلْ فِيهِ مَانِعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَزَغَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ إنَّمَا فِيهِ إطْعَامُ حَفْنَةٍ لَا قِيمَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا قَتَلَهُ مُحْرِمٌ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ (قَوْلُهُ كَدُودٍ) ظَاهِرُهُ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْحَفْنَةِ كَمَا مَرَّ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَبْضَةٌ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَهِيَ دُونَ الْحَفْنَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ وَذَرٍّ) هُوَ النَّمْلُ الصَّغِيرُ فَعَطْفُ النَّمْلِ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفِعْلُ، ثُمَّ إنَّ تِلْكَ الْجُمْلَةَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَحَرُمَ بِهِ وَبِالْحَرَمِ تَعَرُّضٌ لِبَرِّيٍّ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ فَإِنْ تَعَرَّضَ فَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مِثْلِهَا مِنْ قَوْلِهِ: وَفِي الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لِمَخْصَمَةٍ) فِي ك وَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ لِلْمَخْصَمَةِ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْجَوَازِ وَالْجَزَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحُرْمَةِ وَنَفْيِ الْجَزَاءِ.

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ) إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ فِي اصْطِيَادِهِ وَقَتْلِهِ لِلضَّرُورَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَقِيلَ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَحَكَى فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ حَكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ لَا جَزَاءَ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ وَلَا فِيمَا تَكَرَّرَ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَرَفْته وَمُخَالِفُهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ فَأَشْهَبُ يَقُولُ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يُوَافِقُ أَشْهَبَ بِشَرْطِ الْبُعْدِ وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّمْيِ وَبَيْنَ الْحَرَمِ مَسَافَةٌ لَا يَقْطَعُهَا السَّهْمُ غَالِبًا فَوَافَقَ مِنْ مَقْدُورِ اللَّهِ أَنَّهُ قَطَعَهَا وَمَرَّ بِطَرَفِ الْحَرَمِ لِقُوَّةٍ حَصَلَتْ لِلرَّامِي

(قَوْلُهُ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ) مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ لِلْكَلْبِ طَرِيقٌ غَيْرَ الْحَرَمِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَزَاءٌ لِعَدَمِ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْحَرَمِ وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ.

ص: 367

صُورَتُهَا إنْسَانٌ مُحْرِمٌ، أَوْ فِي الْحَرَمِ وَمَعَهُ كَلْبٌ جَارِحٌ يَصْطَادُ بِهِ فَقَصَّرَ فِي رَبْطِهِ فَانْفَلَتَ مِنْهُ فَقَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ، أَوْ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ لَا تُؤْكَلُ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَقْصِيرِهِ فِي رَبْطِهِ فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي رَبْطِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ أَرْسَلَ بِقُرْبِهِ فَقَتَلَ خَارِجَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ الْكَلْبَ، أَوْ الْبَازَ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ قُرْبَ الْحَرَمِ فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ فِيهِ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَقَتَلَهُ خَارِجَهُ فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ لَا يُؤْكَلُ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَأَمَّا لَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ مِنْ الْحَرَمِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْكَلْبَ يَأْخُذُ الصَّيْدَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْحَرَمِ، أَوْ يَرْجِعُ عَنْهُ فَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ وَقَتَلَهُ فِيهِ، أَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهُ فَقَتَلَ الصَّيْدَ خَارِجَهُ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَلَا يُؤْكَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ يَعْنِي فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَلَوْ قَتَلَهُ خَارِجَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُ الْحَرَمَ فَلَا جَزَاءَ وَيُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِقُرْبِهِ سَوَاءٌ تَعَيَّنَ الْحَرَمُ طَرِيقَهُ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَرُبَ الْحَرَمُ جُوِّزَ دُخُولُهُ إيَّاهُ.

(ص) وَطَرْدُهُ مِنْ حَرَمٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ، ثُمَّ عَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا طَرَدَ الصَّيْدَ مِنْ الْحَرَمِ وَأَخْرَجَهُ إلَى الْحِلِّ فَصَادَهُ صَائِدٌ فِي الْحِلِّ، أَوْ هَلَكَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ لِلْحَرَمِ، أَوْ شَكَّ فِي هَلَاكِهِ وَهُوَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الطَّارِدَ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ التَّعْرِيضِ لِلتَّلَفِ فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.

(ص) وَرَمَى مِنْهُ، أَوْ لَهُ (ش) الضَّمِيرَانِ الْمَجْرُورَانِ رَاجِعَانِ لِلْحَرَمِ أَيْ أَنَّ مَنْ رَمَى مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ نَظَرًا لِابْتِدَاءِ الرَّمْيَةِ، وَكَذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِيمَا لَوْ رَمَى شَخْصٌ مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ وَلَوْ أَصَابَهُ فِي الْحِلِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَرُبَ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ بَعُدَ عَلَى الْمَشْهُورِ (تَنْبِيهٌ)، وَمِثْلُ الرَّمْيِ فِي أَوَّلِهِ إرْسَالُ الْكَلْبِ ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَغْنَى بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَسَهْمٍ مَرَّ بِالْحَرَمِ عَنْ قَوْلِهِ وَرَمَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الرَّامِيَ فِي هَذَا كُلِّهِ حَلَالٌ (ص) وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ وَجَرْحُهُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ وَلَوْ بِنَقْصٍ (ش) عَطَفَ عَلَى بِقَتْلِهِ أَيْ وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْجَزَاءُ بِتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ كَمَا لَوْ نَتَفَ رِيشَهُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَحَهُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِنَقْصٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ وَلَمْ. . . إلَخْ قَيْدٌ فِيهِمَا أَيْ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ حَتَّى يُوَافِقَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَقْصٍ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ فَلَوْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَتُهُ فَلَا جَزَاءَ وَلَوْ كَانَ مَعَ نَقْصٍ خِلَافًا لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ وَمَعِيبًا مُدَّيْنِ فَيَلْزَمُهُ مُدٌّ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ.

(ص) وَكَرَّرَ إنْ أَخْرَجَ لِشَكٍّ، ثُمَّ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْجَزَاءَ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِ الصَّيْدِ فَإِذَا جَرَحَ الصَّيْدَ وَغَابَ عَنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَاتَ أَمْ لَا فَأَخْرَجَ جَزَاءَهُ عَلَى شَكٍّ مِنْ مَوْتِهِ، ثُمَّ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ جَزَاءَهُ ثَانِيًا، وَلَوْ كَانَتْ الرَّمْيَةُ أَنْفَذَتْ مَقَاتِلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَلَامُ لِشَكٍّ مُتَعَلِّقٌ بِأَخْرَجَ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ، أَوْ عَلَى التَّعْلِيلِ وَلَيْسَ تَعْلِيلًا لَكَرَّرَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَقَوْلُهُ: تَحَقَّقَ مَوْتُهُ أَيْ حُصُولُ مَوْتِهِ لَا الْإِخْبَارُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِمَوْتِهِ قَدْ يَكُونُ بِمَوْتٍ مُتَقَدِّمٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَوْتٍ مُتَأَخِّرٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا قَالَهُ ق (ص) كَكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَكَرَّرَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَصُورَتُهَا إنْسَانٌ مُحْرِمٌ أَوْ فِي الْحَرَمِ إلَخْ) الدَّلِيلُ عَلَى هَذَا لَفْظُ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُطْلَبُ مَعَهُ رَبْطُ الْكَلْبِ، أَوْ الْبَازِ إنَّمَا هُوَ مَنْ يُمْنَعُ مِنْ الصَّيْدِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ كَسَهْمٍ مَرَّ بِالْحَرَمِ.

وَقَوْلُهُ: وَكَلْبٌ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ أُرْسِلَ بِقُرْبِهِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْجَزَاءُ لِانْتِهَاكِهِ الْحُرْمَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلَهُ خَارِجَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُ الْحَرَمَ إلَخْ) أَيْ مَعَ الْقُرْبِ هَكَذَا تَرَى الشَّارِحَ حَكَى الْخِلَافَ وَلَمْ يَذْكُرْ عج قَوْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْمُقَابِلُ يَقُولُ: مَا قَرُبَ مِنْ الْحَرَمِ فَلَهُ حُكْمُ الْحَرَمِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ قَوْلِهِ فَصَادَهُ. . . إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَنْجُو بِنَفْسِهِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى طَارِدِهِ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ التَّلَفُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ صِيدَ لِأَنَّ طَرْدَهُ لَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ: إرْسَالُ الْكَلْبِ) أَيْ مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ وَفِيهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ) فَاعِلُ التَّعَرُّضِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّيْدُ وَهُوَ الْمُحْرِمُ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ حَلَالًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَتَحَقَّقْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَطَرْدُهُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَرَمَى مِنْهُ أَوْ لَهُ وَلِقَوْلِهِ وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَتَفَ رِيشَهُ) أَيْ الَّذِي لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الطَّيَرَانِ وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ وَإِذَا نَتَفَ رِيشَهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ عِنْدَهُ حَتَّى نَبَتَ وَأَطْلَقَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِنَقْصٍ) فَكَمَا لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي أَبْعَاضِ الْإِنْسَانِ كَذَلِكَ لَا تَجِبُ فِي أَبْعَاضِ الصَّيْدِ

(قَوْلُهُ لِشَكٍّ) أَيْ مُطْلَقِ تَرَدُّدٍ مَعَ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ حِينَئِذٍ فَلَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ لَمْ يُكَرِّرْ وَكَذَا إنْ تَحَقَّقَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مَوْتَهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَمْ يَجِبْ التَّكْرَارُ (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِ الصَّيْدِ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ وَجَرْحُهُ وَلَمْ تَتَحَقَّ سَلَامَتُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أُخْرِجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ) أَيْ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ الشَّكِّ أَيْ أَنَّهُ كَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّهُ أُخْرِجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ) أَيْ حُصُولُ مَوْتِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّقْدِيرِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْ هَذَا بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ بِمَوْتٍ مُتَقَدِّمٍ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ مَوْتُهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَا يَتَكَرَّرُ

ص: 368

يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ الْمُحْرِمِينَ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ وَلَمْ يَكُونُوا فِي الْحَرَمِ أَوْ كَانُوا فِي الْحَرَمِ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مُحْرِمِينَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ فَقَوْلُهُ مِنْ الْمُشْتَرَكَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ بَيَانٌ لِأَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الِاشْتِرَاكُ أَوْ بِالْجَمْعِ وَأَلْ لِلْجِنْسِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَفِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِهِ فَقَتَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَجَزَاؤُهُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِمَنْ فِعْلُهُ أَقْوَى فِي حُصُولِ الْمَوْتِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ أَوْ أَمْسَكَهُ لِيُرْسِلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ ضَرَبَاتُهُ وَعَلِمَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّ مَوْتَهُ عَنْ ضَرْبَةِ مُعَيَّنٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ اخْتَصَّ بِقَتْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةُ غَيْرِهِ هِيَ الَّتِي عَاقَتْهُ مِنْ النَّجَاةِ وَلَوْ اشْتَرَكَ حِلٌّ وَمُحْرِمٌ لَيْسَ بِالْحَرَمِ فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ فَقَطْ.

(ص) وَبِإِرْسَالٍ لِسَبُعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ، أَوْ مَنْ بِالْحَرَمِ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ عَلَى سَبُعٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مِمَّا مَرَّ فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ، وَلَوْ قَالَ: لِكَسَبُعٍ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ فِي ظَنِّهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ مِنْ بَقَرِ وَحْشٍ، أَوْ ظَبْيَةٍ مَثَلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ عَلَى سَبُعٍ فَقَتَلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ: وَعَادِي سَبُعٍ فَمَا سَبَقَ قَرِينَةٌ عَلَى الْمُرَادِ.

(ص) أَوْ نَصْبِ شَرَكٍ لَهُ (ش) الضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ لِسَبُعٍ وَالشَّرَكُ بِالتَّحْرِيكِ حِبَالَةُ الصَّائِدِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا نَصَبَ شَرَكًا لِمَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ فَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) وَبِقَتْلِ غُلَامٍ أُمِرَ بِإِفْلَاتِهِ فَظَنَّ الْقَتْلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَانَ مَعَهُ صَيْدٌ فَأَمَرَ الْغُلَامَ أَنْ يُرْسِلَهُ فَظَنَّ الْغُلَامُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَتْلِهِ فَقَتَلَهُ الْغُلَامُ فَعَلَى سَيِّدِهِ جَزَاؤُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغُلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ آخَرُ وَلَا يَنْفَعُهُ خَطَأُ الْغُلَامِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْمُحْرِمَ بِقَتْلِ غُلَامٍ مُحْرِمٍ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ طَائِعًا، أَوْ مُكْرَهًا جَزَاءَانِ عَنْهُ وَعَنْ الْغُلَامِ وَوَاحِدٌ إنْ كَانَ الْمُحْرِمُ أَحَدَهُمَا (ص) وَهَلْ إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِيهِ، أَوْ لَا تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي هَلْ وُجُوبُ الْجَزَاءِ عَلَى السَّيِّدِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ تَسَبَّبَ فِي الصَّيْدِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي اصْطَادَهُ، ثُمَّ أَمَرَ الْعَبْدَ بِإِفْلَاتِهِ، أَوْ بِأَنْ يَأْذَنَ لِلْعَبْدِ فِي صَيْدِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ وَالْجَزَاءُ عَلَى الْعَبْدِ إذْ لَمْ يَفْعَلْ السَّيِّدُ إلَّا خَيْرًا إذْ نَهَاهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ الْكَاتِبِ، أَوْ الْجَزَاءُ لَازِمٌ لِلسَّيِّدِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَسَبَّبَ فِي اصْطِيَادِهِ أَمْ لَا وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ مُحْرِزٍ تَأْوِيلَانِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ أَوْ لَا نَفْيٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ أَيْ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ تَسَبُّبُ السَّيِّدِ فِيهِ وَجَوَّزَ ابْنُ غَازِيٍّ تَشْدِيدَ الْوَاوِ فِيهِ نَصْبًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ حَالَةَ الِاصْطِيَادِ وَعَلَيْهِ فَقَدْ حَذَفَ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ وَالْمَذْهَبُ هُوَ التَّأْوِيلُ بِالْإِطْلَاقِ.

(ص) وَبِسَبَبٍ وَلَوْ اتَّفَقَ كَفَزَعِهِ فَمَاتَ (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْجَزَاءَ يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ بِالتَّسَبُّبِ الِاتِّفَاقِيِّ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَ الصَّيْدِ بِوَجْهٍ وَإِنَّمَا اتَّفَقَ أَنَّ الصَّيْدَ رَآهُ فَفَزِعَ مِنْهُ فَعَطِبَ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ نَفَرَ مِنْ رُؤْيَتِهِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ إذَا رَكَزَ رُمْحًا فَعَطِبَ فِيهِ صَيْدٌ فَقَوْلُهُ وَبِسَبَبٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقَتْلٍ أَيْ وَالْجَزَاءُ بِسَبَبٍ. . . إلَخْ يَعْنِي لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ وَقَوْلُهُ وَبِسَبَبٍ أَيْ إنْ كَانَ مَقْصُودًا كَمَا إذَا نَصَبَ لَهُ شَرَكًا فَوَقَعَ فِيهِ بَلْ وَلَوْ اتَّفَقَ كَفَزَعِهِ فَمَاتَ (ص) وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (ش) أَيْ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفِ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي التَّسَبُّبِ الِاتِّفَاقِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يُؤْكَلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَفُسْطَاطِهِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِئْرٍ لِمَاءٍ وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ح فِي الْفَرْعِ الثَّانِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ.

(ص) كَفُسْطَاطِهِ وَبِئْرِ الْمَاءِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْجَزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةُ غَيْرِهِ هِيَ الَّتِي عَاقَتْهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ضَرْبُهُ أَوَّلًا عَاقَهُ عَنْ كَوْنِهِ يَنْجُو بِنَفْسِهِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ إنْسَانٌ بَعْدَ ذَلِكَ ضَرْبَةً مَاتَ بِهَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جَزَاءٌ بِمَثَابَةِ الْمُشْتَرِكَيْنِ.

(قَوْلُهُ أَيْ فِي ظَنِّهِ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ غَيْرِ مَا أَشَارَ لَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ لَهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ قَالَ فِيهَا وَمَنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى ذِئْبٍ فِي الْحَرَمِ فَأَخَذَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا جَزَاءَ فِيهِ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ مَوْضِعًا يُتَخَوَّفُ فِيهِ عَلَى الصَّيْدِ وَدَاهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ غُلَامٍ) وَمِثْلُهُ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ قَالَهُ وَالِدُ عب (قَوْلُهُ أُمِرَ بِإِفْلَاتِهِ) أَيْ بِالْقَوْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَمَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَشَارَ لَهُ بِمَا ظَنَّ مِنْهُ الْقَتْلَ وَإِنْ كَانَ مَا أَشَارَ لَهُ بِهِ لَا يُظَنُّ غَيْرُهُ مِنْهُ الْقَتْلُ ك (قَوْلُهُ فَظَنَّ الْقَتْلَ) وَمَفْهُومُ ظَنَّ الْقَتْلَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي الْقَتْلِ لَكَانَ الْجَزَاءُ عَلَى الْعَبْدِ وَحْدَهُ كَمَا يُفِيدُهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ آخَرُ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ (قَوْلُهُ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِالْقَتْلِ) أَيْ أَوْ بِالِاصْطِيَادِ (قَوْلُهُ تَشْدِيدَ الْوَاوِ) أَيْ وَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي حَالَةِ الصَّيْدِ.

(قَوْلُهُ: وَبِسَبَبٍ وَلَوْ اتَّفَقَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا لَوْ فَتَحَ شَخْصٌ بَابَهُ وَكَانَ مُسْتَنِدًا عَلَيْهِ جَرَّةُ عَسَلٍ فَانْكَسَرَتْ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ قَارَنَ الْإِتْلَافَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ نَارًا فِي مَحَلٍّ فَأَحْرَقَتْ دَارَ جَارِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُطْلِقِ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يُقَارِنْ التَّلَفَ.

ص: 369

الْمُحْرِمَ إذَا نَصَبَ لَهُ خَيْمَةً وَهِيَ الْمُرَادُ بِالْفُسْطَاطِ فَتَعَلَّقَ بِأَحَدِ أَطْنَابِهَا صَيْدٌ فَمَاتَ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا لِلْمَاءِ فَهَلَكَ فِيهَا صَيْدٌ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَى صَاحِبِ الْخَيْمَةِ وَلَا عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: وَذَلِكَ فِعْلُ الصَّيْدِ بِنَفْسِهِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِمَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ فَمَاتَ رَجُلٌ فَلَا فِدْيَةَ لَهُ عَلَى الْحَافِرِ فَلَا مَفْهُومَ لِبِئْرِ الْمَاءِ.

(ص) وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ أَوْ حِلٍّ (ش) أَيْ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ وَالصَّيْدُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ كَانَ الْمَدْلُولُ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا وَقَوْلُهُ أَوْ حِلٍّ كَانَ الْمَدْلُولُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ أَوْ حِلٍّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَفَاعِلُهُ الْمُحْرِمُ أَيْ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ بِسَبَبِ دَلَالَتِهِ عَلَى الصَّيْدِ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا إذَا قَتَلَهُ الْمَدْلُولُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا لَوْ أَعَانَ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا عَلَى الصَّيْدِ بِمُنَاوَلَةِ سَوْطٍ، أَوْ رُمْحٍ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُعِينِ بَلْ عَلَى الْمَدْلُولِ أَوْ الْمُعَانِ إذَا كَانَ مُحْرِمًا.

(ص) وَرَمْيِهِ عَلَى فَرْعِ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ (ش) الْمَشْهُورُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ شَجَرَةٌ ثَابِتَةٌ أَصْلُهَا بِالْحَرَمِ وَمِنْهَا فَرْعٌ فِي الْحِلِّ وَعَلَيْهِ طَائِرٌ فَرَمَاهُ الْحَلَالُ بِسَهْمِهِ فَقَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحِلِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ عَلَى فَرْعٍ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ.

(ص) ، أَوْ بِحِلٍّ وَتَحَامَلَ فَمَاتَ بِهِ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى فَرْعٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بِالْحَرَمِ، وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى عَلَى فَرْعِ أَصْلِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّائِدُ وَالْمَصِيدُ فِي الْحِلِّ وَضَرَبَهُ فَتَحَامَلَ الصَّيْدُ فَمَاتَ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ أَمْ لَا لَكِنْ فِي حَالِ إنْفَاذِهَا يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَى الضَّارِبِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُنْفِذْ مَقَاتِلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يُنْفِذْ عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ.

(ص) أَوْ أَمْسَكَهُ لِيُرْسِلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ وَغَرِمَ الْحِلُّ لَهُ الْأَقَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَمْسَكَ صَيْدًا لِيُرْسِلَهُ لَا لِيَقْتُلَهُ فَعَدَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَقَتَلَهُ فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ لَهُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا فِي الْحَرَمِ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ لَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ فِي الْحِلِّ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ لِئَلَّا يَخْلُوَ الصَّيْدُ عَنْ الْجَزَاءِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ لَكِنْ إنْ صَامَ الْمُحْرِمُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ وَإِنْ أَطْعَمَ أَوْ أَخْرَجَ الْمِثْلَ رَجَعَ عَلَى الْحَلَالِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الصَّيْدِ طَعَامًا وَمِثْلِهِ وَيَنْبَغِي عَلَى مَا مَرَّ، أَوْ ثَمَنَ الطَّعَامِ إنْ اشْتَرَاهُ كَمَا قَالَهُ س فِي شَرْحِهِ.

(ص) وَلِلْقَتْلِ شَرِيكَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَمْسَكَ الصَّيْدَ لِأَجْلِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ نَظَرًا إلَى التَّسَبُّبِ وَالْمُبَاشَرَةِ، وَأَمَّا إنْ قَتَلَهُ حَلَالٌ فَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَهُ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ وَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحِلِّ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ وَيَغْرَمُ الْحَلَالُ لَهُ قِيمَتَهُ.

(ص) وَمَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ مَيْتَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا صَادَ صَيْدًا مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَلَا عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ) وَلَوْ حَفَرَ الْبِئْرَ عَلَى الطَّرِيقِ فَلَيْسَ كَالْآدَمِيِّ فِي هَذَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصَّيْدَ شَأْنُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ مُعَيَّنَةٌ بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ، ثُمَّ رَأَيْته ذَكَرَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ فِي ك بَعْدَ مَا قَالَهُ هُنَا.

(قَوْلُهُ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ) لِأَنَّ الدَّالَّ إمَّا مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ وَالْمَدْلُولَ كَذَلِكَ وَالصَّيْدَ فِي الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ وَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ حَاصِلَةٌ عَلَى إضَافَتِهِ لِلْفَاعِلِ وَعَلَى إضَافَتِهِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُعَيِّنُ أَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ أَيْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَالصُّوَرُ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الثَّالِثَةُ أَحْسَنُهَا وَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الدَّالَّ عَلَيْهَا الْمُحْرِمُ فَقَطْ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ قَالَ فِي الْإِكْمَالِ إذَا دَلَّ الْمُحْرِمُ الْحَلَالَ عَلَى الصَّيْدِ لَمْ يُؤْكَلْ الصَّيْدُ انْتَهَى، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُورُ عَبْدًا أَوْ وَلَدًا لِلْآمِرِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ إطَاعَتُهُ فَالْجَزَاءُ عَلَى الْآمِرِ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ ضَمَانٌ بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ صَيْدٌ فَأَمَرَ عَبْدَهُ فَذَبَحَهُ فَعَلَيْهِمَا الْجَزَاءُ.

(قَوْلُهُ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ) أَيْ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ جِدَارِ الْحَرَمِ وَيُؤْكَلُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْفَرْعُ مُسَامِتًا لِجِدَارِ الْحَرَمِ وَالطَّيْرُ فَوْقَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ الْجَزَاءَ كَمَا لَوْ كَانَ الطَّيْرُ عَلَى الْجِدَارِ نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى غُصْنٍ بِالْحَرَمِ وَأَصْلُهُ فِي الْحِلِّ وَأَوْلَى فِي الْحُرْمَةِ وَالْجَزَاءِ وَعَدَمِ الْأَكْلِ إذَا كَانَ الْغُصْنُ وَالْأَصْلُ فِي الْحَرَمِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَيْضًا) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ وُجُوبِ الْجَزَاءِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا فَاسِدٌ) إنَّمَا كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي الْحِلِّ وَالْفَرْعُ فِي الْحَرَمِ وَرَمَى عَلَى الصَّيْدِ الَّذِي فَوْقَ الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ (فَائِدَةٌ) لَوْ كَانَ بَعْضُ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضَهُ فِي الْحَرَمِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى، قَالَ الْأُجْهُورِيُّ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ رَأْسُهُ كَانَ نَائِمًا فِي الْحِلِّ وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَيُؤْكَلُ فِي هَذِهِ أَيْضًا اعْتِبَارًا بِأَصْلِ الرَّمْيِ لَا بِوَقْتِ الْإِنْفَاذِ بَلْ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ لِلْقَوْلِ بِأَكْلِهِ لَا لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ فَإِنَّ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَحَدَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ الْجَزَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلِهِ) قَالَ فِي ك وَجَدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَغَرِمَ الْأَقَلَّ أَيْ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ طَعَامًا وَمِنْ الْمِثْلِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمِثْلُ كَالشَّاةِ مَثَلًا فِي الثَّعْلَبِ وَيُنْظَرَ لِلْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّيْدِ مِثْلٌ فَقِيمَةُ الصَّيْدِ.

(قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ الْحَلَالُ لَهُ قِيمَتَهُ) أَيْ قِيمَتَهُ طَعَامًا أَيْ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا حَلَالَيْنِ فِي الْحَرَمِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْرِمًا وَالْآخَرُ حَلَالًا بِالْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ كَصُورَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَلَالًا أَوْ بِالْحَرَمِ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْجَزَاءُ عَلَى الْمُحْرِمِ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ مُحْرِمٍ وَلَيْسَ بِالْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

ص: 370

صَيْدُهُ أَيْ مَاتَ بِصَيْدِهِ، أَوْ سَهْمِهِ، أَوْ كَلْبِهِ، أَوْ ذَبَحَهُ وَإِنْ لَمْ يَصِدْهُ أَوْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ، أَوْ أَعَانَ عَلَى صَيْدِهِ بِإِشَارَةٍ، أَوْ مُنَاوَلَةٍ لِسَوْطٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَيْتَةً وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَكَذَا إذَا صَادَهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ يَكُونُ مَيْتَةً لِكُلِّ أَحَدٍ وَكَذَا إذَا صَادَهُ حَلَالٌ، أَوْ حَرَامٌ لِأَجْلِ مُحْرِمٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لِيُبَاعَ لَهُ، أَوْ يُهْدَى لَهُ وَذُبِحَ فِي حَالِ إحْرَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ الْمُحْرِمُ فَيَكُونُ مَيْتَةً عَلَى كُلِّ أَحَدٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَوْلُنَا وَذُبِحَ فِي حَالِ إحْرَامِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا ذُبِحَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَ (ص) كَبَيْضِهِ (ش) أَيْ أَنَّ بَيْضَ الطَّيْرِ غَيْرَ الْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ إذَا كَسَرَهُ مُحْرِمٌ، أَوْ شَوَاهُ، أَوْ شُوِيَ لَهُ مَيْتَةٌ لَا يَأْكُلُهُ حَرَامٌ وَلَا حَلَالٌ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْبَيْضَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْشَأُ عَنْهُ نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ، أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَنِينٌ وَيُرَشِّحُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ وَكْرَ طَيْرٍ فِيهِ فِرَاخٌ وَبَيْضٌ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَيْضِ الدِّيَةُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى جَعَلُوا الْبَيْضَ لَهُ حُكْمُ الْمَيْتَةِ حُكْمًا لَا لِفَقْدِ الذَّكَاةِ بَلْ تَغْلِيظًا عَلَى الْمُحْرِمِ وَمِنْ هُنَا كَانَ الْقِشْرُ نَجَسًا إذْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَذِرِ أَوْ مَا خَرَجَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَبَحَثَ سَنَدٌ خِلَافَ الْمَذْهَبِ حَيْثُ قَالَ أَمَّا مَنْعُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْبَيْضِ فَبَيِّنٌ.

وَأَمَّا مَنْعُ غَيْرِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْضَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى ذَكَاةٍ حَتَّى يَكُونَ بِفِعْلِ الْمُحْرِمِ مَيْتَةً وَلَا يَزِيدُ فِعْلُ الْمُحْرِمِ فِيهِ فِي حُكْمِ الْغَيْرِ عَلَى فِعْلِ الْمَجُوسِيِّ وَهُوَ إذَا شَوَى الْبَيْضَ، أَوْ كَسَرَهُ لَا يَحْرُمُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى ذَكَاةٍ مَشْرُوعَةٍ وَالْمُحْرِمُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا انْتَهَى (ص) وَفِيهِ الْجَزَاءُ إنْ عَلِمَ وَأَكَلَ (ش) الضَّمِيرُ فِي: وَفِيهِ الْجَزَاءُ يَرْجِعُ لِمَا صِيدَ، أَوْ لِمَا شُوِيَ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ لَا لِمَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا الصَّيْدَ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ، أَوْ صِيدَ مِنْ أَجْلِ مُحْرِمٍ آخَرَ وَأَكَلَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ فَفَاعِلُ عَلِمَ وَأَكَلَ هُوَ الَّذِي صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَوْ مُحْرِمٍ آخَرَ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (لَا فِي أَكْلِهَا) يَرْجِعُ لِلْمَيْتَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ أَوْ صِيدَ لَهُ فَأَخْرَجَ جَزَاءَهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ ثَانِيًا إذَا أَكَلَ مِنْهُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَكْلِ الْمَيْتَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ. إلَخْ فِيمَا صِيدَ لِلْمُحْرِمِ فَقَطْ يَعْنِي أَنَّ مَا صِيدَ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِمِ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ مُحْرِمٌ وَلَا حَلَالٌ لَكِنْ عَلَى الْآكِلِ مِنْهُ الْجَزَاءُ إذَا كَانَ مُحْرِمًا وَعَلِمَ أَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْرِمُ الْآكِلُ هُوَ الَّذِي صِيدَ لَهُ، أَوْ غَيْرَهُ وَعَلَى هَذَا فَضَمِيرُ عَلِمَ رَاجِعٌ لِلْمُحْرِمِ الْآكِلِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا وَجَبَ الْجَزَاءُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ أَكْلُهُ عَالِمًا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ وَأَكَلَ مِنْهُ مُحْرِمٌ آخَرُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ صَادَهُ مُحْرِمٌ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَى الْآكِلِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَيْضًا لَا فِي أَكْلِهَا وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ مَا يُفِيدُهُ.

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَوْ أَعَانَ عَلَى صَيْدِهِ بِإِشَارَةٍ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُعَانُ وَالْمَأْمُورُ غُلَامًا لِلْمُعِينِ، أَوْ الْآمِرِ فَإِنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الْآمِرِ وَالْمُعِينِ وَإِلَّا كَانَ عَلَى الْمُعَانِ وَالْمَأْمُورِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ أَنَّ الْإِعَانَةَ لَا تُوجِبُ جَزَاءً عَلَى الْمُعِينِ وَكَذَا الْآمِرُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غُلَامَهُ (قَوْلُهُ وَذَبَحَ فِي حَالِ إحْرَامِهِ) أَيْ أَوْ ذَبَحَهُ شَخْصٌ لِأَجْلِ أَنْ يُضَيِّفَ بِهِ الْمُحْرِمَ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا. . . إلَخْ) ، وَأَمَّا مَا صَادَهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَلَوْ ذَبَحَ بَعْدَ إحْلَالِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ ذَبَحَهُ هُوَ أَوْ أَذِنَ فِي ذَبْحِهِ كَانَ الْإِذْنُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدُ، وَأَمَّا إذَا ذَبَحَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَكُونُ مَيْتَةً عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ هَذَا وَوَجْهُ كَوْنِ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ وَذَبَحَهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ مَيْتَةً أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا ذَبَحَهُ حَالَ إحْرَامِهِ وَبُحِثَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا يَجْرِي فِيمَا إذَا ذَبَحَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَيْتَةً وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَجَزَاؤُهُ وَلَكِنْ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَعْقُولَ لَا يَرُدُّ الْمَنْقُولَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَتَقُولُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَيْ مَاتَ بِصَيْدِهِ بِسَهْمِهِ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَمُتْ بِصَيْدِهِ وَلَكِنْ ذَبَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ أَذِنَ فِي ذَبْحِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْلَالِ.

(قَوْلُهُ وَيُرَشِّحُ هَذَا) أَيْ الْوَجْهَ الثَّانِيَ نَقُولُ: لَا تَرْشِيحَ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ فِي الْبَيْضِ الدِّيَةَ إمَّا لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا الْبَيْضَ بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ، أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَنِينٌ فَإِنْ قُلْت: يَرْجِعُ اسْمُ الْإِشَارَةِ لِلْأَمْرَيْنِ قُلْت: لَا مَعْنَى لِلتَّرْشِيحِ (قَوْلُهُ: حُكْمًا) لَا حَاجَةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا) أَيْ مِنْ كَوْنِهِمْ جَعَلُوا الْبَيْضَ حُكْمَ الْمَيْتَةِ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَذِرِ) أَيْ إذْ هُوَ حِينَ جَعَلُوهُ حُكْمَ الْمَيْتَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَذِرِ أَوْ مَا خَرَجَ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ) أَيْ مَاتَ بِالصَّيْدِ مِنْ أَجْلِهِ أَيْ بِأَنْ صَادَهُ حَلَالٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْرِمٍ آخَرَ) بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ أَيْ أَوْ صِيدَ مِنْ أَجْلِ مُحْرِمٍ آخَرَ (قَوْلُهُ إذَا أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ) أَيْ مَاتَ بِصَيْدِهِ (قَوْلُهُ أَوْ صِيدَ لَهُ) أَيْ وَكَانَ عَالِمًا (قَوْلُهُ إذَا أَكَلَ مِنْهُ ثَانِيًا) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ فِيمَا إذَا مَاتَ بِصَيْدِهِ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ بِصَيْدِهِ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، أَوْ ثَانِيَ مَرَّةٍ.

(قَوْلُهُ مَا صِيدَ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِمِ) أَيْ صَادَهُ حَلَالٌ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْجَزَاءَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْآكِلُ مُحْرِمًا وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ صَيْدٌ لِمُحْرِمٍ وَأَمَّا حُرْمَةُ الْأَكْلِ فَلَا تَتَقَيَّدُ بِمُحْرِمٍ بَلْ الْحَلَالُ كَذَلِكَ وَيَتَعَدَّدُ فِي هَذَا الْجَزَاءُ وَقَوْلُهُمْ لَا يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ مَعْنَاهُ لَا يَتَعَدَّدُ عَلَى صَائِدٍ بِأَكْلِهِ صَيْدَهُ وَلَا بِأَكْلِ مُحْرِمٍ آخَرَ مِنْهُ لَا إنْ صَادَهُ حَلَالٌ لِمُحْرِمٍ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَكَلَ عَالِمًا انْتَهَى. أَيْ إذَا أَكَلُوا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا إذَا لَزِمَ الْجَزَاءُ بِأَكْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْجَزَاءُ عَلَى الْآكِلِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ أَنَّ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ) أَيْ مَاتَ بِصَيْدِهِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: لَا فِي أَكْلِهَا) أَقُولُ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ لَا فِي أَكْلِهَا صُوَرٌ وَهِيَ مَا إذَا صَادَهُ حَلَالٌ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ أَيْ مَاتَ بِصَيْدِ الْحَلَالِ الْمَذْكُورِ وَأَكَلَ مِنْهُ مُحْرِمٌ كَانَ

ص: 371

ص) وَجَازَ مَصِيدُ حِلٍّ لِحِلٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِحَلَالٍ آخَرَ قَالَ الْبَاجِيُّ اتِّفَاقًا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ سَيُحْرِمُ) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلصَّائِدِ وَلِلْحِلِّ الْمُصَادِ لَهُ، أَوْ لَهُمَا بِتَأْوِيلِ مَنْ ذُكِرَ وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْمُحْرِمِ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ الْمَذْكُورِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الصَّائِدُ، أَوْ الْمِصْيَدُ مِنْ أَجْلِهِ سَيُحْرِمُ بَعْدَ أَكْلِهِ، وَهَذَا إذَا تَمَّتْ ذَكَاتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَيْتَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ الَّذِي صِيدَ لَهُ مُحْرِمٌ.

(ص) وَذَبْحُهُ بِحَرَمٍ مَا صِيدَ بِحِلٍّ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ لِلْحَلَالِ الْمُقِيمِ بِالْحَرَمِ إذَا خَرَجَ لِلْحِلِّ وَأَتَى بِصَيْدٍ مِنْهُ أَنْ يَذْبَحَهُ فِي الْحَرَمِ وَيُبَاحُ أَكْلُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَأَمَّا عَابِرُ السَّبِيلِ فَلَا يَذْبَحُهُ فِيهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَرَمِ وَدَاهُ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا أَمَّا الْمُحْرِمُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الْحَلَالُ فَلِأَنَّهُ لَمَّا أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ صَارَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ وَبِمَا قَرَّرْنَا يُعْلَمُ مَا فِي حِلِّ الشَّارِحِ مِنْ النَّظَرِ.

(ص) وَلَيْسَ الْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ بِصَيْدٍ بِخِلَافِ الْحَمَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْإِوَزَّ وَالدَّجَاجَ وَيَأْكُلَهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ لَا يَطِيرُ وَالدَّجَاجُ جَمْعُ دَجَاجَةٍ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَأْكُلَ بَيْضَ الْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَالْإِبِلَ لَا الْبَقَرَ الْوَحْشِيَّ؛ لِأَنَّهَا صَيْدٌ، وَأَمَّا الْحَمَامُ جَمْعُ حَمَامَةٍ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَإِنَّهُ صَيْدٌ فَلَا يُؤْكَلُ وَلَا بَيْضُهُ وَحْشِيًّا أَوْ رُومِيًّا يُتَّخَذُ لِلْفِرَاخِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَصْلِ مَا يَطِيرُ قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَفِي كِتَابِ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَذْبَحَ الْمُحْرِمُ الْحَمَامَ الْوَحْشِيَّ وَغَيْرَ الْوَحْشِيِّ وَالْحَمَامَةَ الرُّومِيَّةَ الَّتِي لَا تَطِيرُ وَإِنَّمَا تُتَّخَذُ لِلْفِرَاخِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَصْلِ مَا يَطِيرُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: هَذِهِ الْكَرَاهَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى بَابِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَلَا جَزَاءَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعَ فَيَجِبُ الْجَزَاءُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ

ــ

[حاشية العدوي]

هُوَ الْمَصِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَمْ لَا وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا، أَوْ كَانَ عَالِمًا وَأَكَلَ مِنْهُ ثَانِيًا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ بِصَيْدِ مُحْرِمٍ وَلَزِمَهُ جَزَاؤُهُ فَلَا جَزَاءَ ثَانِيًا عَلَى آكِلِهِ كَانَ هُوَ الصَّائِدَ أَوْ مُحْرِمٌ آخَرُ فَهِيَ صُوَرٌ أَرْبَعٌ تَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا فِي أَكْلِهَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَأَكَلَ مِنْهُ مُحْرِمٌ آخَرُ أَقُولُ وَكَذَا لَوْ أَكَلَ مِنْهُ نَفْسُ الصَّائِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْأَكْلِ لِلُزُومِ الْجَزَاءِ لَهُ بِالِاصْطِيَادِ

(قَوْلُهُ وَجَازَ مَصِيدُ حِلٍّ لِحِلٍّ) قَالَ اللَّقَانِيِّ مُتَعَلِّقُ جَازَ مَحْذُوفٌ أَيْ جَازَ لِمُحْرِمٍ أَكْلُ مَصِيدِ حِلٍّ لِحِلٍّ مِنْ حِلٍّ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ سَيُحْرِمُ) اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ فِي إتْيَانِهِ بِالسِّينِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ اقْتِضَاؤُهَا التَّوْسِعَةَ فِي الزَّمَنِ وَعِنْدَ إتْسَاعِ الزَّمَنِ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَالْأَكْلِ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْأَكْلِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا ضَاقَ الزَّمَنُ بَيْنَ الصَّيْدِ وَالْإِحْرَامِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْعُذْرُ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْإِتْيَانِ بِالسِّينِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَأْتِ بِهَا لَصَدَقَ بِالْحَالِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ فَخَفَّ الِاعْتِرَاضُ وَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ وَالثَّانِي بِأَنَّ إنْ لَا تَقْتَرِنُ بِعِلْمِ اسْتِقْبَالٍ وَأَجَابَ هَذَا الشَّارِحُ عَنْ هَذَا الثَّانِي بِأَنَّ إنْ دَاخِلَةٌ عَلَى كَانَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الصَّائِدَ.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَيَجُوزُ لِلْحَلَالِ الْمُقِيمِ بِالْحَرَمِ) يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، أَوْ الْآفَاقِيُّ الْقَائِمُ بِهَا بَعْدَ طَوَافِهِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَرَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَلَّ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ مَا بَقِيَ مِنْ صَيْدٍ وَنِسَاءٍ وَطِيبٍ ظَاهِرُهُ جَوَازُ الِاصْطِيَادِ سَوَاءٌ أَقَامَ بِمَكَّةَ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ أَمْ لَا انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَأَتَى بِصَيْدٍ مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الصَّيْدُ صَادَهُ حَلَالٌ أَوْ صَادَهُ مُحْرِمٌ فَإِنْ قُلْت مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ لَا يَمْلِكُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ فَمَا صُورَةُ وُصُولِهِ لِسَاكِنِ الْحَرَمِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ قُلْت قَدْ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَهُ لَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ وَلَا عَلَى وَجْهِ الْعَطِيَّةِ بَلْ لِيُرْسِلَهُ مَثَلًا فَذَبَحَهُ وَفِيمَا إذَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُحْرِمِ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ رَحْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا هُنَا لَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ إذْ مَا مَرَّ مَاتَ بِصَيْدِ الْمُحْرِمِ وَمَا هُنَا ذَبَحَهُ كَذَا ذَكَرُوا.

(أَقُولُ) بَلْ وَلَوْ كَانَ قَدْ تَعَدَّى الْمُحْرِمُ وَوَهَبَهُ لِحِلٍّ فِي الْحَرَمِ فَأَخَذَهُ الْحِلُّ وَذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَمَّا مَا صِيدَ بِالْحَرَمِ فَلَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ لِسَاكِنِ الْحَرَمِ وَلَوْ كَانَ الصَّائِدُ حَلَالًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَابِرُ السَّبِيلِ) أَرَادَ أَنَّ الْآفَاقِيَّ الدَّاخِلَ فِي الْحَرَمِ بِصَيْدٍ مَعَهُ مِنْ الْحِلِّ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ الْحَرَمِ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا (قَوْلُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ) أَيْ فَإِنْ ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ.

(قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْنَا يُعْلَمُ مَا فِي حَلِّ الشَّارِحِ) أَيْ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَذَبْحُهُ بِحَرَمٍ مَا صِيدَ بِحِلٍّ شَامِلًا لِمَا إذَا كَانَ الصَّائِدُ حَرَامًا أَوْ حَلَالًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقْصَرُ عَلَى الْحَلَالِ هَذَا مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْإِوَزُّ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ وَالْوَزُّ لُغَةٌ فِي الْإِوَزِّ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ الْوَاحِدَةُ إوَزَّةٌ وَقَدْ يَجْمَعُونَهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فَقَالُوا إوَزُّونَ ك (قَوْلُهُ جَمْعُ دَجَاجَةٍ) هَذَا مَذْهَبُ الْفَرَّاءِ وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ (قَوْلُهُ مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ) كَذَا قَالَ فِي ك وَالدَّجَاجُ جَمْعُ دَجَاجَةٍ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ انْتَهَى فَهَلْ قَوْلُهُ مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ رَاجِعٌ لِلْجَمْعِ وَالْمُفْرَدِ، أَوْ خَاصٌّ بِالْمُفْرَدِ فَفِي الْقَامُوسِ الدَّجَاجَةُ مَعْرُوفٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَيُثَلَّثُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكَرَ فِي ك مَا نَصُّهُ وَالدَّجَاجُ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَالْوَاحِدَةُ دَجَاجَةٌ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الدَّجِّ وَهُوَ الْمَشْيُ الرُّوَيْدُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِقْبَالِهَا وَإِدْبَارِهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْحَمَامُ. . . إلَخْ) قَالَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مَا ذَبَحُوا مِنْهُ لِأَنْفُسِهِمْ وَهُوَ مُحْرِمٌ اهـ. أَيْ مَا ذَبَحُوهُ مِنْ الْحَمَامِ قَالَ سَنَدٌ وَيُخْتَلَفُ فِي دَجَاجِ الْحَبَشَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي دَجَاجِ الْحَبَشَةِ الْجَزَاءُ لِأَنَّهَا وَحْشِيَّةٌ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا جَزَاءَ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنْ يُنْظَرَ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَطِيرُ كَانَتْ كَحُكْمِ حَمَامِ الدُّورِ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مِمَّا يَطِيرُ فَهِيَ صَيْدٌ (قَوْلُهُ وَحْشِيًّا، أَوْ رُومِيًّا) حَصَرَ الْحَمَامَ فِي اثْنَيْنِ وَحْشِيٍّ وَرُومِيٍّ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْوَحْشِيِّ وَغَيْرَ الْوَحْشِيِّ وَالْحَمَامَةَ الرُّومِيَّةَ يُفِيدُ عَدَمَ الِانْحِصَارِ فِي الْوَحْشِيِّ وَالرُّومِيِّ فَحَمَامُنَا الَّذِي فِي بُيُوتِنَا عَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الرُّومِيِّ وَحَرَّرَ الْمَقَامَ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ فَيَجِبُ الْجَزَاءُ)

ص: 372

عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّيْدِ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّابِتِ مُشَارَكَةٌ لِحُرْمَتِهِ بِالْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ ذَلِكَ فَقَالَ (ص) وَحَرُمَ بِهِ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ إلَّا الْإِذْخِرَ وَالسَّنَى (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ عَائِدٌ عَلَى الْحَرَمِ يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ بِالْحَرَمِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَقْطَعَ مَا جِنْسُهُ أَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَاجٍ كَالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ وَشَجَرِ الطَّرْفَاءِ وَأُمِّ غَيْلَانَ وَلَوْ اسْتُنِبْتَ نَظَرًا لِجِنْسِهِ كَمَا يَأْتِي فِي عَكْسِهِ وَسَوَاءٌ أَخْضَرُهُ وَيَابِسُهُ إلَّا الْإِذْخِرَ وَالسَّنَى لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الْأَدْوِيَةِ وَالْإِذْخِرُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ كَالْحَلْفَاءِ طَيِّبُ الرِّيحِ وَاحِدُهُ إذْخِرَةٌ وَجَمْعُ الْإِذْخِرِ أَذَاخِرُ كَأَفَاعِلَ وَالسَّنَى بِالْقَصْرِ الَّذِي يُتَدَاوَى بِهِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْبَرْقِ، وَأَمَّا بِالْمَدِّ فَالرِّفْعَةُ قَالَهُ تت وَفِي الْقَامُوسِ السَّنَى ضَوْءُ الْبَرْقِ وَنَبْتٌ مُسَهِّلٌ لِلصَّفْرَاءِ وَالسَّوْدَاءِ وَالْبَلْغَمِ وَيُمَدُّ (ص) كَمَا يُسْتَنْبَتُ (ش) أَيْ كَعَدَمِ حُرْمَةِ قَطْعِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُسْتَنْبَتَ مِنْ كَخَسٍّ وَبَقْلٍ وَحِنْطَةٍ وَبِطِّيخٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ سَوَاءٌ اسْتُنِبْتَ، أَوْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ (وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ) فَيَجُوزُ قَطْعُهُ نَظَرًا إلَى الْجِنْسِ (ص) وَلَا جَزَاءَ (ش) أَيْ لَا جَزَاءَ فِي قَطْعِ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى التَّحْرِيمِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ بَلْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ (ص) كَصَيْدِ الْمَدِينَةِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي تَحْرِيمِ قَطْعِ شَجَرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ فِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَدِينَةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى يَحْرُمُ الصَّيْدُ فِي حَرَمِهَا وَلَا جَزَاءَ فِيهِ وَلَا يُؤْكَلُ حِينَئِذٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَطْعُ شَجَرِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَمَا نَبَتَ فِيهِ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَمَا اُسْتُثْنِيَ هُنَاكَ يُسْتَثْنَى هُنَا وَهَلْ عَدَمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ بِالْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، أَوْ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَدِينَةِ عِنْدَنَا أَشَدُّ كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ قَوْلَانِ.

(ص) بَيْنَ الْحِرَارِ (ش) بَيْنَ هُنَا تَحْدِيدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّيْدِ وَبِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ الشَّجَرِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّيْدِ مَا بَيْنَ الْحِرَارِ الْأَرْبَعِ الْمُحِيطَةِ بِهَا جَمْعٌ لِحَرَّةٍ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ نَخِرَةٍ كَأَنَّهَا أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ وَالْمَدِينَةُ دَاخِلَةٌ فِي حَرِيمِ الصَّيْدِ وَبِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ الشَّجَرِ بَرِيدٌ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَشَجَرُهَا بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ) مِنْ طَرَفِ الْمَدِينَةِ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ حَرِيمِ الشَّجَرِ فَقَطْعُ الشَّجَرِ الَّذِي بِهَا غَيْرُ حَرَامٍ وَيُعْتَبَرُ طَرَفُ الْبُيُوتِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِهِ عليه السلام وَسُورُهَا الْآنَ هُوَ طَرَفُهَا فِي زَمَنِهِ عليه السلام وَمَا كَانَ خَارِجًا عَنْهُ مِنْ الْبُيُوتِ يَحْرُمُ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ قَلَقٌ؛ لِأَنَّ الْبَرِيدَ فِي الْبَرِيدِ بِبَرِيدٍ فَيَكُونُ نِصْفَ بَرِيدٍ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَرِيدَيْنِ إذَا تَقَاطَعَا تَقَاطُعًا صَلِيبِيًّا نِصْفِيًّا هَكَذَا يَكُونُ نِصْفَ بَرِيدٍ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَفِي بِمَعْنَى مَعَ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] أَيْ مَعَ أُمَمٍ أَيْ بَرِيدًا مُصَاحِبًا لِبَرِيدٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ جِهَاتِهَا.

(ص) وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ بِذَلِكَ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ لَيْسَ كَالْفِدْيَةِ وَالْهَدْيِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ يَسْتَلْزِمُ الْحُرِّيَّةَ وَالْبُلُوغَ وَمَعْرِفَةَ مَا يَحْكُمُ بِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ وَلَا تَكْفِي الْفَتْوَى وَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ أَمْرًا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِذَلِكَ الْبَابِ فَقَطْ، وَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ وَالْحُكْمُ إنْشَاءٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّفْظِ (ص) مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ، أَوْ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ يَوْمَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ وَحَرُمَ بِهِ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ) وَلَوْ لِاحْتِشَاشِ الْبَهَائِمِ وَالسَّنَى أَحَدُ الْمُلْحَقَاتِ؛ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ اسْتِثْنَاؤُهُ وَهُوَ الْإِذْخِرُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ فَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى السَّنَى لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَالْمُلْحَقَاتُ بِالْإِذْخِرِ سِتَّةٌ السَّنَى وَالْهَشُّ أَيْ قَطْعُ وَرَقِ الشَّجَرِ بِالْمِحْجَنِ وِزَانُ مِقْوَدٍ وَالْعَصَا وَالسِّوَاكُ وَقَطْعُ الشَّجَرِ لِلْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى بِمَوْضِعِهِ وَقَطْعُهُ لِإِصْلَاحِ الْحَوَائِطِ وَالْبَسَاتِينِ وَقَوْلُنَا قَطْعُ الْوَرَقِ بِالْمِحْجَنِ وَهُوَ الْعَصَا الْمُعْوَجَّةُ مِنْ الطَّرَفِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْجَمْعُ الْمَحَاجِنُ بِأَنْ يَضَعَهُ عَلَى الْغُصْنِ وَيُحَرِّكَهُ لِيَقَعَ الْوَرَقُ، وَأَمَّا خَبْطُ الْعَصَا عَلَى الشَّجَرِ لِيَقَعَ وَرَقُهُ فَهُوَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ) أَيْ وَالْجَزَاءُ كَفَّارَةٌ فَلَا يُقَاسُ الْجَزَاءُ فِي صَيْدِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْجَزَاءِ فِي صَيْدِ مَكَّةَ.

(قَوْلُهُ بَيْنَ الْحِرَارِ الْأَرْبَعِ) فِيهِ شَيْءٌ إنَّمَا ذَلِكَ حَرَّتَانِ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِكُلِّ حَرَّةٍ طَرَفَانِ اُعْتُبِرَ كُلُّ طَرَفٍ حَرَّةً وَقَوْلُهُ الْمُحِيطَةُ بِهَا أَيْ تَقْدِيرًا لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا مُحِيطَتَيْنِ بِهَا لِأَنَّهُمَا فِي صَوْبٍ وَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى بِقَوْلِهِ بَيْنَ الْحِرَارِ أَيْ بَيْنَ وَسَطِ الْبَلَدِ وَالْحِرَارُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ نِصْفَ بَرِيدٍ) قَضِيَّةُ التَّفْرِيعِ أَنْ يَكُونَ رُبْعَ بَرِيدٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.

(قَوْلُهُ وَالْجَزَاءُ) مُبْتَدَأٌ وَمِثْلُهُ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ بِحُكْمٍ إمَّا حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ أَوْ مِنْ الْخَبَرِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ بِحُكْمٍ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ اسْمٌ أَيْ الْمُجَازِي أَوْ الْمُكَافِئُ مِثْلُهُ وَعَلَى الْإِعْرَابِ الثَّانِي يَكُونُ مِثْلُ بَدَلًا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ فِي الْكُلِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُكْمٌ وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَدْلَيْنِ أَنْ لَا يَكُونَا مُتَأَكِّدِي الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ وَمَعْرِفَةٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُكْمٌ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ قَالَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ يَسْتَلْزِمُ الْحُرِّيَّةَ وَالْبُلُوغَ وَمَعْرِفَةَ مَا يُحْكَمُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِغَيْرِ عِلْمٍ مُنَافٍ لِلْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ بِالْجَزَاءِ) أَيْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ يَأْمُرُهُمَا بِالْجَزَاءِ أَيْ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ لَا بِخُصُوصِيَّةِ لَفْظِ الْجَزَاءِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ أَمَرَهُمَا بِالْحُكْمِ وَالْجَزَاءِ مِنْ النَّعَمِ فَحَكَمَا وَأَصَابَا. . . إلَخْ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ قَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ وَنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ اُحْكُمَا فَحَكَمَا عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ مِثْلُهُ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ فَلَا يَكُونُ فِيمَا ذُكِرَ هُنَا بَلْ مَا سَيَذْكُرُهُ قَرِيبًا إمَّا بِحُكْمٍ أَوْ بِلَا حُكْمٍ كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِ فَقَوْلُهُ وَالْجَزَاءُ قَضِيَّةٌ مُهْمَلَةٌ لَا كُلِّيَّةٌ فَالْحُكْمُ فِيهَا عَلَى بَعْضِ الْأَفْرَادِ لَا كُلِّهَا.

(قَوْلُهُ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ) مَفْهُومُهُ لَوْ دَفَعَ قِيمَتَهُ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا لَمْ يَجْزِهِ وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ

ص: 373

التَّلَفِ بِمَحَلِّهِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ عَلَى التَّخْيِيرِ فَإِنْ شَاءَ الْإِنْسَانُ أَخْرَجَ مِثْلَهُ مِنْ النَّعَمِ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ طَعَامًا مَا يَعْدِلُ قِيمَةَ الصَّيْدِ يَوْمَ تَلَفِهِ مِنْ جُلِّ عَيْشِ مَكَانَ التَّلَفِ لَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا يَوْمَ الْقَضَاءِ وَلَا الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا فَالضَّمِيرُ فِي مِثْلِهِ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ أَيْ مِثْلُ الصَّيْدِ أَوْ مُقَارِبُهُ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا فَالْقَدْرُ كَافٍ وَالْمُرَادُ بِالنَّعَمِ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: بِمَحَلِّهِ لِلْإِتْلَافِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: إطْعَامٌ وَبِقِيمَةِ الصَّيْدِ أَيْ وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ الْإِطْعَامِ وَالتَّقْوِيمِ بِمَحَلِّهِ أَيْ مَحَلِّ التَّلَفِ فَيُقَالُ كَمْ يُسَاوِي هَذَا الظَّبْيُ مَثَلًا مِنْ طَعَامِ غَالِبِ عَيْشِ هَذَا الْمَحَلِّ فَيُقَالُ كَذَا فَيَلْزَمُهُ.

(ص) وَإِلَّا فَبِقُرْبِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فِي مَحَلِّ الْإِتْلَافِ، أَوْ لَمْ يَجِدْ بِهِ مَسَاكِينَ فَيُقَوَّمُ، أَوْ يُطْعِمُ بِقُرْبِ مَحَلِّ التَّلَفِ مِنْ الْأَمَاكِنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ عَلَيْهِ حَتَّى رَجَعَ لِأَهْلِهِ فَأَرَادَ الْإِطْعَامَ حَكَّمَ اثْنَيْنِ مِمَّنْ يَجُوزُ تَحْكِيمُهُمَا وَوَصَفَ لَهُمَا الصَّيْدَ وَذَكَرَ لَهُمَا سِعْرَ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِ الصَّيْدِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا تَقْوِيمُهُ بِالطَّعَامِ قَوَّمَاهُ بِالدَّرَاهِمِ وَيَبْعَثُ بِالطَّعَامِ إلَى مَوْضِعِ الصَّيْدِ كَمَا يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ إلَى مَكَّةَ وَقَوْلُهُ (وَلَا يَجْزِي بِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَا يَجْزِي شَيْءٌ مِنْ التَّقْوِيمِ أَوْ الْإِطْعَامِ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ مَعَ الْإِمْكَانِ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ س (ص) وَلَا زَائِدَ عَنْ مُدٍّ لِمِسْكِينٍ (ش) قَدْ عَلِمَتْ أَنَّهُ يَدْفَعُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا فَقَطْ فَإِنْ دَفَعَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْمُدِّ لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِذَا وَجَبَ مَثَلًا خَمْسَةُ أَمْدَادٍ فَأَطْعَمَهَا لِأَرْبَعَةِ أَشْخَاصٍ فُقَرَاءَ فَلَا بُدَّ مِنْ إطْعَامِ شَخْصٍ آخَرَ وَهُوَ لَهُ نَزْعَ الزَّائِدَ بِالْقُرْعَةِ إنْ بَيَّنَ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَمْ لَا وَكَمَا لَا يَجْزِي الزَّائِدُ لَا يَجْزِي النَّاقِصُ إلَّا أَنْ يُكْمِلَ وَهَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا بَقِيَ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، أَوْ لَا (ص) وَهَلْ لَا إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ (ش) هَذَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الْإِطْعَامِ بِغَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي يُقَوَّمُ فِيهِ وَيُخْرَجُ فِيهِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ وَفِي التَّقْوِيمِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ وَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرُ الْإِطْعَامِ بِبَلَدِ الْإِخْرَاجِ سِعْرَهُ بِبَلَدِ التَّلَفِ أَوْ قُرْبَهُ فَفِي إجْزَائِهِ تَأْوِيلَانِ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُمَا لَا يَجْرِيَانِ فِي التَّقْوِيمِ وَاضِحٌ إذْ مَعَ تَسَاوِي الْقِيمَةِ فِي الْمَحَلَّيْنِ لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ

(ص) ، أَوْ لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ وَكَمَّلَ لِكَسْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

بَاقِيًا وَلَوْ قَوَّمَ الصَّيْدَ بِنَقْدٍ وَاشْتَرَى بِهِ طَعَامًا لَأَجْزَأَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُحَصَّلُ ذَلِكَ إنْ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ هَدْيًا اخْتَصَّ بِالْحَرَمِ أَوْ صِيَامًا فَحَيْثُ شَاءَ، أَوْ طَعَامًا اخْتَصَّ بِمَحَلِّ التَّقْوِيمِ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا نَظَرَ إلَيْهِ أَوَّلًا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحُكْمِ، وَأَمَّا لَوْ تَقَرَّرَ الْحُكْمُ بِالْإِطْعَامِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ طَعَامًا يَعْدِلُ قِيمَتَهُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ لِلصَّيْدِ قِيمَةً وَالْإِطْعَامُ يَكُونُ بِقَدْرِهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ ذَاتَ الصَّيْدِ يَقُومُ بِالْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ لَا يَوْمَ التَّعَدِّي) أَيْ لِأَنَّ التَّلَفَ أَيْ الْمَوْتَ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ يَوْمِ الضَّرْبِ الَّذِي هُوَ يَوْمُ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالنَّعَمِ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ) أَيْ فَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ.

(قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إطْعَامٌ) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ كَائِنَةٌ يَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ وَبِقِيمَةِ الصَّيْدِ) وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَخِنْزِيرٍ وَيُنْظَرُ لِقِيمَتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ يُقَوَّمَ الصَّيْدُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِالْإِطْعَامِ وَلَوْ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ طَعَامًا أَجْزَأَ (قَوْلُهُ مِنْ التَّقْوِيمِ) أَرَادَ أَثَرَهُ وَهُوَ مَا يُقَوَّمُ بِهِ وَإِلَّا فَذَاتُ التَّقْوِيمِ بِبَلَدِنَا (قَوْلُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَوْلَى وَنَصُّهُ وَلَا يُجْزِئُ التَّقْوِيمُ أَوْ الْإِطْعَامُ بِغَيْرِهِ أَيْ بِغَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ يُقَوِّمُ أَوْ يُطْعِمُ فِيهِ مَعَ الْإِمْكَانِ الشَّامِلِ لِمَحَلِّ التَّلَفِ أَوْ قُرْبِهِ وَانْظُرْ أُجْرَةَ نَقْلِهِ إنْ احْتَاجَ لِأَجْرٍ عَلَى مَنْ.

(قَوْلُهُ وَهَلْ لَهُ نَزْعُ الزَّائِدِ بِالْقُرْعَةِ) لَا تَتَأَتَّى هُنَا قُرْعَةٌ نَعَمْ تَتَأَتَّى الْقُرْعَةُ فِيمَا إذَا كَانَ أَعْطَى الْعَشَرَةَ الْأَمْدَادَ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا وَأَمَرْنَاهُ بِأَنْ يُكْمِلَ لِعَشْرَةٍ فَإِنَّ الْقُرْعَةَ تُمْكِنُ فِي هَذِهِ (وَقَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ تَأْوِيلَانِ) نُسْخَةٌ تَأْوِيلَانِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَنُسْخَةٌ فَتَأْوِيلَانِ فَالْفَاءُ زَائِدَةٌ اعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجْزِي الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ أَصَابَ الصَّيْدَ بِمِصْرَ فَأَخْرَجَ الطَّعَامَ بِالْمَدِينَةٍ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ سِعْرَهَا أَعْلَى وَعَكْسُهُ لَمْ يَجْزِهِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ سِعْرَاهُمَا وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ كَلَامُهُ خِلَافٌ لِلْمُدَوَّنَةِ أَيْ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَقَرَّرَ لِلْمَسَاكِينِ مَكَانَ إصَابَةِ الصَّيْدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ وِفَاقٌ فَهُوَ تَقْيِيدٌ لَهَا انْتَهَى.

وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا يَجْزِي بِغَيْرِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَزَائِدٌ فَيَقُولُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ تَأْوِيلَانِ وَحَاصِلُ إيضَاحِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّيْدُ يُقَوَّمُ بِعَشْرَةِ أَمْدَادٍ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْأَمْدَادَ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَمْدَادِ فِي مَحَلِّ الْإِخْرَاجِ مُسَاوِيَةً لِقِيمَتِهَا فِي مَحَلِّ التَّلَفِ كَأَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ فِي الْمَحَلَّيْنِ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ أَيْ أَوْ تَكُونَ قِيمَتُهَا فِي مَحَلِّ الْإِخْرَاجِ أَكْثَرَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْعَشَرَةَ الْأَمْدَادَ فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَشَرَةِ الْأَمْدَادِ فِي مَحَلِّ الْإِخْرَاجِ أَقَلَّ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ الْعَشَرَةَ الْأَمْدَادَ فَهَذَا بِاتِّفَاقٍ لَا يَجْزِي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ عب وشب تَبَعًا لعج.

(قَوْلُهُ إذْ مَعَ تَسَاوِي الْقِيمَةِ) وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَأَجْزَأَ التَّقْوِيمُ بِغَيْرِهِ إنْ سَاوَى سِعْرَهُ وَإِلَّا فَلَا كَالْإِطْعَامِ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَكَانَ يُقَدَّمُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا يَجْزِي بِغَيْرِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَزَائِدٌ فَيَقُولُ وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ) لَوْ قَالَ، أَوْ صَوْمُ يَوْمٍ لِكُلِّ مُدٍّ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا يُوَافِقُ هَذَا بِجَعْلِ صَوْمِ يَوْمٍ عَطْفًا

ص: 374

إذَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ بِمُدِّ النَّبِيِّ عليه السلام يَوْمًا فَلَوْ كَانَ فِي الْأَمْدَادِ كَسْرٌ فَإِنَّهُ يَصُومُ لَهُ يَوْمًا كَامِلًا فَإِذَا قِيلَ مَا قِيمَةُ هَذَا الظَّبْيِ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةُ أَمْدَادٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنِصْفُ مُدٍّ فَإِنَّهُ يَصُومُ سِتَّةَ أَيَّامٍ.

(ص) فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ وَالْفِيلُ بِذَاتِ سَنَامَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَوْ كَانَ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ إذَا قَتَلَ نَعَامَةً، أَوْ فِيلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَنَةٌ مِنْ الْإِبِلِ إلَّا أَنَّ بَدَنَةَ الْفِيلِ تَكُونُ خُرَاسَانِيَّةً ذَاتَ سَنَامَيْنِ لِقُرْبِ الْفِيلِ مِنْ خِلْقَتِهَا فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي الذَّخِيرَةِ فَقِيمَتُهَا وَقَوْلُهُ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ فَجَزَاءُ النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ وَقَوْلُهُ وَالْفِيلُ. . . إلَخْ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَحَذْفُ الْمُتَعَلِّقِ أَيْ وَجَزَاءُ الْفِيلِ بَدَنَةٌ كَائِنَةٌ بِذَاتِ سَنَامَيْنِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا الْبَاءُ أَوْ لَفْظَةُ ذَاتٍ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَافٍ أَيْ وَالْفِيلُ بَدَنَةٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ أَوْ وَالْفِيلُ بَدَنَةٌ بِسَنَامَيْنِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إجْمَالٌ اُنْظُرْ تَفْصِيلَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَحِمَارُ الْوَحْشِ وَبَقَرُهُ بَقَرَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ، أَوْ مَنْ بِالْحَرَمِ إذَا قَتَلَ حِمَارَ وَحْشٍ، أَوْ بَقَرَةَ وَحْشٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بَقَرَةٌ.

(ص) وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ شَاةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ إذَا قَتَلَ ضَبُعًا، أَوْ ثَعْلَبًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا شَاةٌ لَكِنْ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِي وَالشَّاةُ مِنْ الْغَنَمِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ شَاةٌ وَلَوْ خِيفَ مِنْهُمَا بِحَيْثُ لَا يَنْجُو مِنْهُمَا إلَّا بِقَتْلِهِمَا وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ كَطَيْرٍ خِيفَ إلَّا بِقَتْلِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُمَا لَا يَعْسُرُ كَعُسْرِهِ مِنْ الطَّيْرِ وَقَدْ يَحْصُلُ مِنْهُمَا بِصُعُودِ نَخْلَةٍ وَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ التَّحَرُّزُ مِنْ الطَّيْرِ (ص) كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِ بِلَا حُكْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ أَيْ صِيدَ مِنْهُ بِمَكَّةَ وَيَمَامِهَا، أَوْ مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ، أَوْ مِنْ يَمَامِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ شَاةٌ بِلَا حُكْمٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْهَدْيِ وَلَا يُخْرِجُ طَعَامًا وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ شَاةٌ؛ لِأَنَّهُ يَأْلَفُ النَّاسَ فَشُدِّدَ فِيهِ لِئَلَّا يَتَسَارَعَ النَّاسُ إلَى قَتْلِهِ وَالْمُرَادُ بِحَمَامِ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى مِثْلِهِ وَقَوْلُهُ لِكُلِّ إلَخْ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ فِيهِ تَكْلِيفٌ وَفِيهِ تَقْدِيمُ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ لَكِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ إذَا كَانَ جَارًّا وَمَجْرُورًا.

(قَوْلُهُ فَالنَّعَامَةُ) بِفَتْحِ النُّونِ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَالنَّعَامُ اسْمُ جِنْسٍ مِثْلُ حَمَامَةٍ وَحَمَامٍ ك وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَالنَّعَامَةُ لِلسَّبَبِيَّةِ مُسَبَّبٌ عَنْ قَوْلِهِ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ وَلَوْ قَالَ إلَّا النَّعَامَةَ فَبَدَنَةٌ وَالْفِيلُ جَزَاؤُهُ بَدَنَةٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ لِقُرْبِهِ مِنْ خَلْقِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي النَّعَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا بَيْنَ إخْرَاجِ الْبَدَنَةِ الَّتِي هِيَ مِثْلُهَا وَإِخْرَاجِ الْمُمَاثِلِ لِمَا سَنَذْكُرُهُ وَبَيْنَ إطْعَامٍ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ أَوْ عَدْلِهِ صِيَامًا مَعَ أَنَّ النَّقْلَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذِكْرُهَا هُنَا فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْإِطْعَامُ.

(قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاعْتِرَاضَ بَاقٍ وَلَا انْدِفَاعَ (قَوْلُهُ اُنْظُرْ تَفْصِيلَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ) وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَفِي الْفِيلِ يُخْرِجُ قِيمَتَهُ طَعَامًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَيَصُومُ عَدْلَهُ وَكَذَا يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي النَّعَامَةِ وَلَا يُنْظَرُ فِي قِيمَةِ الْفِيلِ لِغَلَاءِ عَظْمِهِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ الْبَقَرَةُ فِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرِهِ فَقِيمَتُهَا طَعَامًا فَإِنْ عَدِمَ فَصَوْمُ عَدْلِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَالضَّبُعُ. . . إلَخْ وَالتَّاءُ فِي بَقَرَةٍ لِلْوَحْدَةِ لِصِدْقِ الْبَقَرَةِ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَقَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ طَعَامًا أَيْ حِينَ الْإِتْلَافِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُتَعَيِّنًا فِي الضَّبِّ وَالْأَرْنَبِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الدَّوَابِّ الَّتِي لَا مِثْلَ لَهَا يُجْزِئُ ضَحِيَّةً بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقِيمَةِ طَعَامًا أَوْ عَدْلَ الطَّعَامِ صِيَامًا وَيَجُوزُ أَنْ يُعَوِّضَهُمَا بِهَدْيٍ فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ.

وَأَمَّا فِي الطَّيْرِ غَيْرِ حَمَامِ الْحَرَمِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْقِيمَةُ طَعَامًا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَجِدْهَا فَعَدْلُهَا صِيَامًا هَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الصَّوَابُ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ فَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مِنْ النَّعَمِ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ حَاصِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا لَهُ مِنْ الصَّيْدِ مِثْلٌ فَالتَّخْيِيرُ فِيهِ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ لِصِغَرِهِ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا أَوْ عَدْلُهُ صِيَامًا عَلَى التَّخْيِيرِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ بَيَانٌ لِلْمِثْلِ الْمُخَيَّرِ فِيهِ وَفِي الْإِطْعَامِ أَوْ الصِّيَامِ نَعَمْ الْفِيلُ لَا مِثْلَ لَهُ فَلِذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَقَوْلُهُ: وَلِلْحِلِّ وَضَبٍّ بَيَانٌ لِمَا لَا مِثْلَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْقِيمَةُ طَعَامًا يَعْنِي أَوْ عَدْلَهُ صِيَامًا كَمَا قَالَهُ س وَهُوَ الصَّوَابُ.

قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْوَاجِبُ فِي الصَّيْدِ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ، أَوْ مُقَارِبُهُ فِي الْخِلْقَةِ، أَوْ الصُّورَةِ أَوْ طَعَامٌ بِمِثْلِ قِيمَةِ الصَّيْدِ أَوْ صِيَامٌ بِعَدْلِ الطَّعَامِ وَهُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَالْعَصَافِيرِ وَغَيْرِهَا فَعَدْلُ قِيمَتِهِ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا إلَى أَنْ قَالَ وَالْوَاجِبُ فِي الْمِثْلِ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ كُلَّ مَا صَغُرَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَظِيرٌ مِنْ النَّعَمِ يُهْدَى فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الصِّيَامُ أَوْ صَدَقَةٌ وَقَالَ أَيْضًا وَلَا يَجِبُ فِي سَائِرِ الْحَمَامِ غَيْرَ حَمَامِ مَكَّةَ، أَوْ الْحَرَمِ غَيْرَ الْإِطْعَامِ أَوْ الصِّيَامِ

(قَوْلُهُ كَحَمَامِ مَكَّةَ) وَلَوْ حَذَفَ مَكَّةَ لَكَانَ أَوْلَى بِمَرَامِهِ بِوَزْنِ الِاخْتِصَارِ (قَوْلُهُ بِلَا حُكْمٍ) كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ الْجَزَاءِ وَالْأَصْلِ بَيْنٌ عَظِيمٌ فِي الْقَدْرِ لَمْ يُنْظَرْ إلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْأَصْلِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا بَيْنَ النَّعَامَةِ وَالْبَدَنَةِ فَلِذَا طُلِبَ الْحَكَمَانِ فِيهَا وَبِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ أَفْرَادِ الْحَمَامِ يَسِيرٌ فَجُعِلَ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ النَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ صَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ) أَيْ وَلَا يُطْعِمُ خِلَافًا لَأَصْبَغَ

ص: 375

وَيَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ مَا يُصَادُ بِهِمَا لَا مَا تَوَلَّدَ بِهِمَا وَلَا مَا تَوَطَّنَهُمَا.

(ص) وَلِلْحِلِّ وَضَبٍّ وَأَرْنَبٍ وَيَرْبُوعٍ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ الْقِيمَةُ طَعَامًا (ش) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي خَبَرٌ مُقَدَّمٌ مُبْتَدَؤُهُ الْقِيمَةُ بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا قَتَلَ حَمَامًا فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا وَتَقَدَّمَ إذَا قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَمَّا إذَا قَتَلَ ضَبًّا فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ يَرْبُوعًا فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ جَمِيعَ الطَّيْرِ وَلَوْ بِمَكَّةَ وَالْحَرَمِ خِلَافُ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا.

(ص) وَالصَّغِيرُ وَالْمَرِيضُ وَالْجَمِيلُ كَغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ مِنْ الصَّيْدِ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ، أَوْ إطْعَامٍ، أَوْ صِيَامٍ كَالْكَبِيرِ وَأَنَّ الْمَرِيضَ فِيمَا ذُكِرَ كَالسَّلِيمِ وَأَنَّ الْجَمِيلَ فِي مَنْظَرِهِ كَالشَّنِيعِ وَأَنَّ الْأُنْثَى كَالذَّكَرِ وَأَنَّ الْمُعَلَّمَ وَلَوْ لِمَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَغَيْرِهِ فَتُقَوَّمُ ذَاتُ الصَّيْدِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ وَلَا تُقَوَّمُ الْأُنْثَى عَلَى أَنَّهَا ذَكَرٌ وَلَا الذَّكَرُ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى، وَإِلَّا لَقَالَ: وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ مَثَلًا وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ: وَالْقَبِيحُ بَدَلَ وَالْجَمِيلُ مَعَ أَنَّهُ مُنَاسِبٌ لِمَا قَبْلَهُ لِاقْتِضَائِهِ خِلَافَ الْمَنْصُوصِ فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ لِأَنَّ الْجَمِيلَ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ لَا الْعَكْسُ الْقَرَافِيُّ وَالْفَرَاهَةُ وَالْجَمَالُ لَا تُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ كَانَ لِلْأَكْلِ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ (ص) وَقُوِّمَ لِرَبِّهِ بِذَلِكَ مَعَهَا (ش) أَيْ قُوِّمَ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ لِشَخْصٍ بِذَلِكَ الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنْ صِغَرٍ وَمَرَضٍ وَغَيْرِهِمَا مَعَ الْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ الْجَزَاءُ فَيُقَوَّمُ لِرَبِّهِ بِدَرَاهِمَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا قُوِّمَ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ صَغِيرًا، أَوْ مَرِيضًا وَلِحَقِّ اللَّهِ بِالطَّعَامِ كَبِيرًا صَحِيحًا.

(ص) وَاجْتَهَدَا وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ فِيهِ (ش) أَيْ حَيْثُ كَانَ لِلْحُكْمَيْنِ دَخْلٌ فَإِنَّهُمَا يَجْتَهِدَانِ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ فَلَا دَخْلَ لَهُمَا فِيهِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ النَّعَامَةَ فِيهَا بَدَنَةٌ وَالْفِيلَ أَيْضًا فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا فَمَا مَحَلُّ الِاجْتِهَادُ فِيمَا رُوِيَ فِيهِ فَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلسِّمَنِ وَالْهُزَالِ فَمَصَبُّ الْحُكْمِ النَّبَوِيِّ الْجِنْسُ وَمَصَبُّ الِاجْتِهَادِ الْأَعْرَاضُ وَالْجُزْئِيَّاتُ اللَّاحِقَةُ كَالسِّمَنِ وَالصِّغَرِ وَالصِّحَّةِ وَالْجَمَالِ وَضِدُّهَا بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً سَمِينَةً أَوْ هَزِيلَةً مَثَلًا لِسِمَنِ النَّعَامَةِ، أَوْ هُزَالِهَا مَثَلًا وَهَكَذَا فَقَوْلُهُ وَاجْتَهَدَا أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لَا مَا تَوَلَّدَ بِهِمَا. إلَخْ) أَيْ فَقَطْ أَيْ فَالْمُرَادُ مَا صِيدَ بِهِمَا سَوَاءٌ تَوَلَّدَ بِهِمَا أَمْ لَا

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالْكَبِيرِ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ أَيْ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يُمَاثِلْ مِمَّا يَصِحُّ ضَحِيَّةً كَالْكَبِيرِ أَيْ الَّذِي يَجْزِي ضَحِيَّةً أَيْ بِحَيْثُ إنَّهُ يَجْزِي فِيهِ أَقَلُّ مَا يَصِحُّ ضَحِيَّةً وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْمَرِيضَ كَالسَّلِيمِ أَيْ الْمَرِيضَ الَّذِي لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ضَحِيَّةً كَالسَّلِيمِ أَيْ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَزَاؤُهُ صَحِيحًا يَجْزِي ضَحِيَّةً (قَوْلُهُ وَإِنَّ الْجَمِيلَ فِي مَنْظَرِهِ كَالشَّنِيعِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ جَمَالَتِهِ وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْأُنْثَى كَالذَّكَرِ أَيْ يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ أُنُوثَتِهِ وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْمُعَلَّمَ. . . إلَخْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ تَعَلُّمِهِ وَقَوْلُهُ فَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ ذُكُورَتِهِ أَيْ وَعَنْ تَعَلُّمِهِ مُجَامَلَتُهُ وَقَبَاحَتُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا يُقَوَّمُ إلَخْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ قَاطِعِينَ النَّظَرَ عَنْ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَقَالَ وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ) أَيْ لَوْ كَانَتْ الْأُنْثَى تُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهَا ذَكَرٌ لَقَالَ: وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ مُقْتَضَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْجَمِيلُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْجَمِيلَ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ جَمَالَتِهِ (قَوْلُهُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ يُقَوَّمُ مَقْطُوعًا النَّظَرَ عَنْ جَمَالَتِهِ وَقَبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ وَالْفَرَاهَةُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ فَرُهَ الدَّابَّةُ وَغَيْرُهُ يَفْرَهُ مِنْ بَابِ قَرُبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَهُوَ النَّشَاطُ وَالْخِفَّةُ (قَوْلُهُ وَلِحَقِّ اللَّهِ بِالطَّعَامِ كَبِيرًا صَحِيحًا) أَيْ إذَا كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَصِلْ لِدَرَجَةِ الْإِجْزَاءِ ضَحِيَّةً يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ يَجْزِي ضَحِيَّةً فَإِذَا كَانَ الثَّعْلَبُ صَغِيرًا لَمْ يُكْمِلْ سَنَةً يُخْرِجُ شَاةً كَبِيرَةً أَيْ كَمَّلَتْ سَنَةً فَالْكِبَرُ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ وَإِذَا كَانَ مَرِيضًا أَضْنَاهُ الْمَرَضُ بِحَيْثُ لَا يَجْزِي ضَحِيَّةً يَجِبُ إخْرَاجُ شَاةٍ مَثَلًا صَحِيحَةٍ بِحَيْثُ تَجْزِي ضَحِيَّةً.

(قَوْلُهُ كَالسِّمَنِ وَالصَّغِيرِ) أَيْ أَنَّ الِاجْتِهَادَ يَكُونُ فِي السِّمَنِ وَضِدِّهِ أَيْ الضِّدِّ الَّذِي مَعَهُ الْإِجْزَاءُ، وَاَلَّذِي لَا إجْزَاءَ مَعَهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ (قَوْلُهُ وَالصَّغِيرُ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالْكَبِيرِ فَكَيْفَ يَكُونُ الِاجْتِهَادُ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّغِيرَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ مَثَلًا الثَّعْلَبُ الَّذِي لَمْ يُكْمِلْ سَنَةً يَكُونُ جَزَاؤُهُ شَاةً كَمَّلَتْ سَنَةً وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ لَا أَزْيَدَ وَثَعْلَبٌ كَمَّلَ سَنَتَيْنِ يُخْرِجُ شَاةً كَمَّلَتْ سَنَتَيْنِ وَثَعْلَبٌ كَمَّلَ أَرْبَعَ سِنِينَ يَكُونُ الْوَاجِبُ شَاةً كَذَلِكَ فَمَرْجِعُ الِاجْتِهَادِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقِسْ وَقَوْلُهُ وَالْجَمَالُ لَا يُعْتَبَرُ فَهَذَا لَا يُسَلَّمُ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ هَذِهِ النَّعَامَةَ بَدَنَةٌ سَمِينَةٌ، أَوْ هَزِيلَةٌ) أَيْ هُزَالًا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَأَمَّا الْهُزَالُ الَّذِي يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَخَارِجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ وَقَوْلُهُ وَهَكَذَا أَيْ بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً تَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ وَبِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً صَحِيحَةً أَوْ ضَعِيفَةً لِصِحَّةِ النَّعَامَةِ وَضَعْفِهَا يُرَادُ ضَعْفٌ مَعَهُ إجْزَاءٌ، أَوْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً جَمِيلَةً أَوْ قَبِيحَةً لِجَمَالَةِ النَّعَامَةِ وَقُبْحِهَا تَقَدَّمَ رَدُّهُ ثُمَّ ذَكَرَ مُحَشِّي تت مَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ قَوْلُهُ وَاجْتَهِدَا أَمَرَ الْحَكَمَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ كَانَا مِنْ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لِمَالِكٍ وَزَمَانُهُ زَمَنُ اجْتِهَادٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَكْتَفِيَانِ فِي الْجَزَاءِ بِمَا رُوِيَ وَلْيَبْتَدِئَا الِاجْتِهَادَ وَلَا يَخْرُجَا بِاجْتِهَادِهِمَا عَنْ آثَارِ مَنْ مَضَى اهـ أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَضَى فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ وَهِيَ دُونَ الْعَنَاقِ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ مُحْتَجًّا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُخْرِجَ مَا لَيْسَ بِهَدْيٍ لِصِغَرِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِاجْتِهَادِهِمَا لَا بِمَا رَوَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي عَنْ السَّلَفِ وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَصِحُّ

ص: 376

وُجُوبًا وَقَوْلُهُ: فِيهِ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ وَلَوْ أَسْقَطَ أَحَدَهُمَا كَانَ أَحْسَنَ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ (ص) وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَكَمَيْنِ لَا يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِالْجَزَاءِ إلَّا بَعْدَ تَخْيِيرِهِ فِي أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ إمَّا الْمِثْلُ، أَوْ الْإِطْعَامُ أَوْ الصِّيَامُ فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَمَّا حَكَمَا بِهِ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِهِ وَلْيَحْكُمَا عَلَيْهِ بِهِ هُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا.

وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَأَحْرَى قَبْلَهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ الِانْتِقَالُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَرَفَ مَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ أَوْ لَا الْتَزَمَهُ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَوْ لَهُ الِانْتِقَالُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَهُ وَيَلْتَزِمَ بِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ الْكَاتِبِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ تَأْوِيلَانِ لِلشُّيُوخِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا اُبْتُدِئَ (ش) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحُكْمَانِ فِي قَدْرِ مَا حَكَمَا بِهِ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِجَفْرَةٍ مَثَلًا وَقَالَ الْآخَرُ بِعَنْزٍ كَبِيرَةٍ مَثَلًا، أَوْ فِي نَوْعِهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُبْتَدَأُ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً حَتَّى يَقَعَ الِاجْتِمَاعُ عَلَى أَمْرٍ لَا خُلْفَ فِيهِ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْحُكْمُ ثَانِيًا وَثَالِثًا مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِ صَاحِبِهِ؛ وَلِذَلِكَ بَنَى الْمُؤَلِّفُ اُبْتُدِئَ لِلْمَجْهُولِ (ص) وَالْأَوْلَى كَوْنُهُمَا بِمَجْلِسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْحَكَمَانِ وَقْتَ الْحُكْمِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِيَطَّلِعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حُكْمِ صَاحِبِهِ (ص) وَنُقِضَ إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ (ش) أَيْ وَنُقِضَ حُكْمُ الْحَكَمَيْنِ إنْ اتَّضَحَ وَظَهَرَ خَطَؤُهُمَا فِيمَا حَكَمَا فِيهِ كَحُكْمِهِمَا فِي شَيْءٍ فِيهِ بَدَنَةٌ بِشَاةٍ وَبِالْعَكْسِ.

(ص) وَفِي الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ وَلَوْ تَحَرَّكَ، وَدِيَتُهَا إنْ اسْتَهَلَّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ إذَا ضَرَبَ بَطْنَ ظَبْيَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا لَا حَرَكَةَ فِيهِ، أَوْ تَحَرَّكَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَذَلِكَ فِي بَيْضِ الْحَيَوَانِ الْوَحْشِ مُطْلَقًا نَعَمًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَانَ فِيهِ فَرْخٌ أَمْ لَا وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْهُ الْفَرْخَ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ، أَوْ تَحَرَّكَ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا عُشْرُ ثَمَنِ أُمِّهِ وَالْمُرَادُ بِالْبَيْضِ غَيْرُ الْمَذِرِ، وَأَمَّا الْمَذِرُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَسَرَهُ فَقَوْلُهُ وَفِي الْجَنِينِ أَيْ وَالْوَاجِبُ فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْجَنِينِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْعُدُولُ عَنْهُ كَمَا فِي الضَّبُعِ أَنَّهُ قَضَى فِيهِ بِكَبْشٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَكْتَفِيَانِ بِحُكْمِ مَنْ حَكَمَ بِذَلِكَ مِنْ السَّلَفِ فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ لَمْ يَكْتَفِ الْحَكَمَانِ بِمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ قُلْت لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ بِاجْتِهَادِهِمَا لَا بِمَا رُوِيَ إنَّمَا هُوَ إذَا وَقَعَ بَيْنِ الصَّحَابَةِ أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ خِلَافٌ، وَأَمَّا إذَا اتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَحِلُّ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا فِي غَيْرِهِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَكْتَفِيَانِ فِي الْجَزَاءِ بِمَا رُوِيَ وَلْيَبْتَدِئَا الِاجْتِهَادَ وَلَا يَخْرُجَانِ بِاجْتِهَادِهِمَا عَنْ أَثَرِ مَنْ مَضَى وَكَذَلِكَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا يُكْتَفَى فِي الْجَرَادِ وَلَا فِي غَيْرِهِ أَوْ النَّعَامَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ فَمَا دُونَهَا بِاَلَّذِي جَاءَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَأْتَنِفَا فِيهِ الْحُكْمَ وَلَا يَخْرُجَا عَمَّا مَضَى انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.

وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ اجْتِهَادَهُمَا فِيمَا يَجِبُ لَا فِي السِّمَنِ وَالْهُزَالِ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ لَا يَتَعَارَضَانِ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِمَا أَنْ يَأْتِيَا بِمَا يُجْزِئُ فِي الضَّحِيَّةِ وَهُنَا أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا الْحُكْمُ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ حَتَّى فِي الْمَرْوِيِّ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ كَلَامُ السَّلَفِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: يَحْكُمُ بِهِ فَأَتَى بِالْمُضَارِعِ الدَّالِّ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَوَقَعَ فِي الْآيَةِ جَوَابُ الشَّرْطِ فَيَخْلُصُ لِلِاسْتِقْبَالِ ثَانِيهِمَا إذَا حَكَمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي مَحَلِّهِ فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ فِي النَّعَامَةِ إذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ بَدَنَةٌ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ شَائِعٌ قَدِيمٌ قَدْ تَكَرَّرَ حُكْمُ الْأَئِمَّةِ بِهِ وَفَتْوَى الْعُلَمَاءِ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا وَتَكَرُّرِ الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.

اُنْظُرْهُ فَتَجِدْ قَوْلَهُ ثَانِيهِمَا يُضَارِبُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا) قَالَ فِيهَا إنْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِالْجَزَاءِ فَأَرَادَ بَعْدَ حُكْمِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الطَّعَامِ أَوْ الصِّيَامِ فَحَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ هُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا فَذَلِكَ لَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَهُ وَيَلْتَزِمَ بِهِ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِالْتِزَامَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ: بِجَفْرَةٍ) الْأُنْثَى مِنْ الْمَعَزِ الَّتِي بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ كَحُكْمِهِمَا فِيمَا) احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ حَكَمَا فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعَزِ الَّتِي لَمْ تُكْمِلْ سَنَةً كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا أَقُولُ فِي شَيْءٍ قَضَى بِهِ عُمَرُ أَنَّهُ يُرَدُّ وَقَالَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ إذَا قَضَى قَاضٍ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ مَضَى وَلَمْ يُرَدَّ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ انْتَهَى.

ك وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ النَّقْضُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنَّ الْجَزَاءَ لَا بُدَّ أَنْ يَبْلُغَ سِنَّ الْأُضْحِيَّةِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَفِي الْجَنِينِ) أَيْ أَنَّ فِي كُلِّ جَنِينٍ عُشْرَ دِيَةِ أُمِّهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ كَالتَّوْأَمَيْنِ بِضَرْبَةٍ، أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَالْبَيْضُ) وَلَوْ أَتْلَفَ اثْنَيْنِ مَعًا فَأَكْثَرَ فِي فَوْرٍ أَوْ فِي ضَرْبَةٍ وَلَوْ وَصَلَ لِعَشْرَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ لَوْ كَسَرَ عَشْرَ بَيْضَاتٍ فَفِي كُلِّ بَيْضَةٍ وَاجِبُهَا لَا شَاةٌ عَنْ جُمْلَتِهَا؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَنْ قَتَلَ مِنْ الْيَرَابِيعِ مَا يَبْلُغُ قَدْرَ شَاةٍ فَلَا يُجْمَعُ فِيهَا.

(قَوْلُهُ إنْ اسْتَهَلَّ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الِاسْتِهْلَالِ سَائِرُ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْحَيَاةُ كَكَثْرَةِ الرَّضْعِ فِيمَا يُرْضِعُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالْبَيْضُ أَنَّ فِيهِ الْعُشْرَ مِنْ غَيْرِ حُكُومَةٍ كَانَ بَيْضَ حَمَامِ حَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ عَدْلَيْنِ قَالَ إنَّهُ مِنْ بَابِ الصَّيْدِ انْتَهَى. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ حَمَامُ الْحَرَمِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْجَزَاءِ الْحُكُومَةُ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْهُ حَمَامُ الْحَرَمِ لِقَضَاءِ عُثْمَانَ فِيهِ بِالشَّاةِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ وَمِنْهُ الْبَيْضُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَذِرُ) وَكَذَا فِيمَا يَظْهَرُ مَا اخْتَلَطَ صَفَارُهُ بِبَيَاضِهِ أَوْ وُجِدَ فِي صَفَارِهِ نُقْطَةُ دَمٍ لِعَدَمِ تَخَلُّقِ فَرْخٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَرَدَّ مَا قَالَهُ شب فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَاطِ

ص: 377

عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ أَيْ عُشْرُ قِيمَتِهَا مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ عَدْلُهُ مِنْ الصِّيَامِ بِسَبَبِ ضَرْبِ مُحْرِمٍ أَوْ حَلَالٍ فِي الْحَرَمِ أُمَّهُ فَتُلْقِيهِ مَيِّتًا فَلَوْ أَيْقَنَ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ بِرَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْبَيْضِ إذَا كَسَرَهَا مِنْ ذَكَرٍ مِنْ طَائِرٍ كَانَ فِيهِ فَرْخٌ وَخَرَجَ مَيِّتًا بَعْدَ كَسْرِهِ أَوْ لَا عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْجَنِينِ. . . إلَخْ بِشَرْطِ أَنْ يُزَايِلَهَا وَهِيَ حَيَّةٌ وَهُوَ مَيِّتٌ كَجَنِينِ الْآدَمِيَّةِ فَلَوْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا وَهِيَ مَيْتَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الْبَيْضِ الْعُشْرُ كَانَ فِيهِ فَرْخٌ، أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُفْرِخَ وَفِي جَنِينِ حَمَامِ مَكَّةَ وَبَيْضِهِ عُشْرُ قِيمَةِ الشَّاةِ، أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لَكِنْ بِحُكُومَةٍ وَرَدَّ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَحَرَّكَ قَوْلَ أَشْهَبَ إنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُتَحَرِّكِ جَزَاءُ أُمِّهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَتَجِبُ دِيَتُهَا إنْ اسْتَهَلَّ الْجَنِينُ أَوْ الْفَرْخُ صَارِخًا.

(ص) وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ وَالصَّيْدِ مُرَتَّبٌ هَدْيٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ فِدْيَةَ الْأَذَى عَلَى التَّخْيِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ إلَخْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ عَلَى التَّخْيِيرِ حَيْثُ قَالَ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ إلَخْ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمَا هُوَ الْهَدْيُ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ عَلَى التَّرْتِيبِ هَدْيٌ، ثُمَّ صِيَامٌ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْهَدْيِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْإِطْعَامِ فِي ذَلِكَ وَالْهَدْيُ مَا وَجَبَ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ كَدَمِ الْقِرَانِ وَالْفَوَاتِ وَالْمُتْعَةِ وَتَعْدِيَةِ الْمِيقَاتِ، أَوْ تَرْكِ الْجِمَارِ، أَوْ تَرْكِ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ مِنًى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَلْ فِي الْفِدْيَةِ لِلْعَهْدِ كَمَا قَالَهُ تت أَيْ؛ لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يُطْلِقُونَ الْفِدْيَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَيْ عَلَى فِدْيَةِ الْأَذَى وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالْهَدْيِ وَقَوْلُهُ هَدْيٌ خَبَرُ غَيْرُ وَمُرَتَّبٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ لِبَيَانِ الْحُكْمِ أَيْ وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ وَالصَّيْدِ هَدْيٌ وَهُوَ مُرَتَّبٌ أَيْ وَاجِبٌ تَرْتِيبُهُ (ص) وَنُدِبَ إبِلٌ فَبَقَرٌ، ثُمَّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ إحْرَامِهِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْهَدْيَ عَلَى التَّرْتِيبِ فَإِذَا وَجَبَ فَالْأَفْضَلُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام كَانَ أَكْثَرُ هَدَايَاهُ الْإِبِلَ وَضَحَّى بِكَبْشَيْنِ» ، ثُمَّ الْبَقَرِ ثُمَّ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِي بَابِ الْهَدَايَا كَثْرَةُ اللَّحْمِ عَكْسُ بَابِ الضَّحَايَا وَإِنَّمَا سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ ذِكْرِ الْغَنَمِ لِلْعِلْمِ بِانْحِصَارِ الْهَدْيِ فِي الثَّلَاثَةِ بَلْ يَتَعَيَّنُ حَذْفُهَا إذْ لَا نَدْبَ فِيهَا لِفَقْدِ الْأَعْظَمِيَّةِ مِنْهَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْهَدْيِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُسَلِّفُهُ فَإِنَّهُ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ أَيْ مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ بِهِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ.

وَيُنْدَبُ عَدَمُ تَفْرِقَتِهَا وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى وَأَلْحَقَ الْعُلَمَاءُ بِذَلِكَ كُلَّ نَقْصٍ وَجَبَ فِيهِ هَدْيٌ، وَهَذَا إذَا تَقَدَّمَ النَّقْصُ عَلَى وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ وَتَعَدِّي الْمِيقَاتِ فَإِنْ أَخَّرَ الصِّيَامَ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنَّهُ يَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَهِيَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَإِنْ نَهَى عَنْ صِيَامِهَا فِي غَيْرِ هَذَا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى بِنَقْصٍ بِحَجٍّ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ أَيْ عُشْرُ قِيمَتِهَا مِنْ الطَّعَامِ) فَسَّرَ الدِّيَةَ بِالْقِيمَةِ. . . إلَخْ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدِّيَةُ الْقِيمَةَ مِنْ الطَّعَامِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلِلْحِلِّ وَضَبٍّ وَأَرْنَبٍ وَيَرْبُوعٍ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ الْقِيمَةُ طَعَامًا، وَأَمَّا مِثْلُ حَمَامِ مَكَّةَ مِمَّا كَانَ الدِّيَةُ شَاةً فَيُقَالُ فِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ جَزَاءِ الْأُمِّ طَعَامًا وَكَذَا يُقَالُ فِي النَّعَامَةِ وَالْبَدَنَةِ وَلَوْ وَقَعَ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا جَازَ فَيُطْعِمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ عَدْلُهُ مِنْ الصِّيَامِ) أَيْ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِطْعَامِ أَيْ فَإِذَا تَعَذَّرَ الطَّعَامُ فِي حَمَامِ مَكَّةَ صَامَ يَوْمًا عَنْ الْجَنِينِ، أَوْ الْبَيْضِ وَإِنْ تَعَذَّرَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الطَّيْرِ صَامَ يَوْمًا أَيْضًا إنْ وَجَبَ فِي أُمِّهِ مُدٌّ أَوْ أَكْثَرُ إلَى عَشْرَةٍ فَإِنْ وَجَبَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةٍ إلَى عِشْرِينَ صَامَ يَوْمَيْنِ وَإِنْ وَجَبَ فِيهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ إلَى ثَلَاثِينَ صَامَ فِي جَنِينِهَا أَوْ بَيْضِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهَكَذَا، وَأَمَّا إنْ وَجَبَ فِيهَا دُونَ مُدٍّ كَنِصْفِهِ وَجَبَ صَوْمُ يَوْمٍ فِيهِ لِوُجُوبِ تَكْمِيلِ الْكَسْرِ فَيَجِبُ فِي جَنِينِهَا، أَوْ بَيْضِهَا مِثْلُ ذَلِكَ فَهُوَ فِي هَذَيْنِ مُسَاوٍ لِأُمِّهِ فِي الصَّوْمِ عِنْدَ تَعَذُّرِ مَا يَجِبُ فِيهِ ابْتِدَاءً وَإِنْ تَعَذَّرَ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُخَيَّرُ فِي أُمِّهِ بَيْنَ إطْعَامٍ وَصَوْمٍ أَوْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مِثْلِهِ فَإِنَّهُ يَصُومُ أَيْضًا وَإِنْ تَعَذَّرَ فِيمَا يَتَعَيَّنُ فِي أُمِّهِ الْمِثْلُ كَالنَّعَامَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي أُمِّهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مِنْ طَائِرٍ) أَيْ كَانَ الْبَيْضُ مِنْ أَيِّ طَائِرٍ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُزَايِلَهَا وَهِيَ حَيَّةٌ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ وَهِيَ إمَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ، أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْهَا حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً فَإِنْ اسْتَهَلَّ وَمَاتَا فَدِيَتَانِ فَإِنْ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَدِيَةُ الْمَيِّتِ فَقَطْ كَمَا إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ وَمَاتَتْ هِيَ فَإِنْ لَمْ تَمُتْ هِيَ فَفِيهِ الْعُشْرُ.

(قَوْلُهُ إبِلٌ فَبَقَرٌ) أَيْ فَضَأْنٌ فَمَعْزٌ وَلَوْ زَادَ فَضَأْنٌ لَكَانَ أَوْلَى لِتَقْدِيمِهِ عَلَى الْمَعَزِ فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ مَرْتَبَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْعُلَمَاءُ بِذَلِكَ) فِي الْعِبَارَةِ إجْحَافٌ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ وَهَذَا وَإِنْ جَاءَ فِي التَّمَتُّعِ إلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَاسُوا عَلَيْهِ كُلَّ نَقْصٍ حَصَلَ فِي الْحَجِّ (قَوْلُهُ وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى) وُجُوبًا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ أَخَّرَ الصَّوْمَ إلَيْهَا لِعُذْرٍ، وَأَمَّا إنْ أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ مَعَ الْإِجْزَاءِ كَذَا قَالَ الشُّرَّاحُ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ تَقْدِيمُهَا أَفْضَلَ وَقَدْ تَرَدَّدَ فِي صَوْمِهَا أَيَّامَ مِنًى هَلْ هُوَ قَضَاءٌ أَوْ أَدَاءٌ وَجَمَعَ بِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالْأَدَاءِ يَحْمِلُ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَيَحْمِلُ مَنْ قَالَ بِالْقَضَاءِ عَلَى مَنْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ أَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ، أَوْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ حَلَالًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنْ صَامَ بَعْضَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كَمَّلَهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ صَامَ مَتَى شَاءَ وَصَلَهَا بِالسَّبْعَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِنَقْصٍ بِحَجٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِصَامَ فَقَطْ لِيَكُونَ كَلَامُهُ شَامِلًا لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَكُونَ قَوْلُهُ مِنْ إحْرَامِهِ بَيَانًا لِبَدْءِ صِيَامِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَكُونَ قَوْلُهُ بِنَقْصٍ بِحَجٍّ بَيَانًا لِلْغَايَةِ الْمُفَصَّلَةِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَيْ إنْ كَانَ النَّقْصُ فِي حَجٍّ صَامَ أَيَّامَ مِنًى وَإِنْ كَانَ فِي عُمْرَةٍ أَخَّرَ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ عَنْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَجَّ وَاجِبٌ وَالْعُمْرَةَ سُنَّةٌ فَأَفْعَالُهُ أَقْوَى، ثُمَّ نَقُولُ: أَمَّا الْحَجُّ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَبِأَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِعُمْرَةٍ وَحَصَلَ فِيهَا

ص: 378

إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ (ش) وَمَفْهُومُهُ إنْ تَأَخَّرَ النَّقْصُ عَنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَتَرْكِ مُزْدَلِفَةَ، أَوْ رَمْيٍ أَوْ حَلْقٍ، أَوْ مَبِيتِ مِنًى أَوْ وَطْءٍ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ لَا يُطْلَبُ بِصَوْمِ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَصُومُ مَتَى شَاءَ.

(ص) وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى (ش) سَبْعَةٍ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَيْ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الْهَدْيِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى، وَبِهِ فَسَّرَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْله تَعَالَى {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفَسَّرَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِالرُّجُوعِ إلَى الْأَهْلِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَشْهُورُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ الْحَجُّ لَا السَّفَرُ فَالرُّجُوعُ إذًا مِنْ الْحَجِّ لَا مِنْ السَّفَرِ فَصَوَابُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ تت فِي قَوْلِهِ وَسَبْعَةٍ. . . إلَخْ وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ. . . إلَخْ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَامَ بِمَكَّةَ فَهُوَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا لَمْ يُقِمْ بِمَكَّةَ وَالْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى الْفَرَاغُ مِنْ الرَّمْيِ لِيَشْمَلَ أَهْلَ مِنًى، أَوْ مَنْ أَقَامَ بِهَا (ص) وَلَمْ تُجْزِ إنْ قُدِّمَتْ عَلَى وُقُوفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّبْعَةَ الْأَيَّامَ إذَا صَامَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَمْ تُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ صَامَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا وَلَا تُجْزِئُ أَيْضًا إنْ قُدِّمَتْ عَلَى رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى وَهَلْ يُجْتَزَى مِنْهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ لَا فِيهِ كَلَامٌ لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ يُونُسَ.

(ص) كَصَوْمٍ أَيْسَرَ قَبْلَهُ أَوْ وَجَدَ مُسَلِّفًا لِمَالٍ بِبَلَدِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَيْسَرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَكَذَا لَوْ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ ثَمَنَ هَدْيٍ وَهُوَ مَلِيءٌ بِبَلَدِهِ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا، أَوْ لَا مَالَ لَهُ بِبَلَدِهِ صَامَ وَلَا يُؤَخِّرُ لِبَلَدِهِ وَلَا الْمَالُ يَرْجُوهُ بَعْدَ خُرُوجِ أَيَّامِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالصَّوْمِ فِيهَا فَلَا سَعَةَ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ (ص) وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ (ش) ضَمِيرٌ لَهُ يَرْجِعُ لِلْهَدْيِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَيْسَرَ بَعْدَ أَنْ صَامَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ الصَّوْمُ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْهَدْيِ وَلَوْ قَالَ: وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ قَبْلَ كَمَالِ ثَالِثِهِ لَكَانَ أَوْضَحَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّهُ بَعْدَ يَوْمٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ يَوْمٍ لَاقْتَضَى أَنَّهُ بَعْدَ أَكْثَرَ لَا يُنْدَبُ الرُّجُوعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ بَعْدَ أَنْ صَامَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ؛ لِأَنَّهَا جَمْعٌ فَهِيَ قَسِيمَةُ السَّبْعَةِ فِي الْعَشْرِ فَكَانَتْ كَالنِّصْفِ.

(ص) وَوُقُوفُهُ بِهِ الْمَوَاقِفَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: وَنُدِبَ إبِلٌ إلَخْ.

وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ أَنْ يُوقِفَ هَدْيُهُ مَعَهُ الْمَوَاقِفَ التَّابِعَةَ لِعَرَفَةَ كَالْمُزْدَلِفَةِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَأَمَّا وُقُوفُهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ فَوَاجِبٌ وَإِنْ شِئْت حَمَلْت الْمَوَاقِفَ عَلَى مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ أَيْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهَا مُسْتَحَبٌّ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ وَاجِبٌ وَإِنَّمَا عُدَّتْ مِنًى مِنْ الْمَوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ يَقِفُ فِيهَا عَقِبَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَالنَّحْرُ بِمِنًى إنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَوَقَفَ بِهِ هُوَ، أَوْ نَائِبُهُ كَهُوَ بِأَيَّامِهَا (ش) النَّحْرُ مُبْتَدَأٌ وَبِمِنًى مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ أَيْ وَالنَّحْرُ مَنْدُوبٌ بِمِنًى بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْهَدْيُ مَسُوقًا فِي إحْرَامِ حَجٍّ سَوَاءٌ كَانَ نَقْصُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

نَقْصٌ، ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهَا وَإِنْ بِقِرَانٍ (قَوْلُهُ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ) لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِحَجٍّ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْوُقُوفِ قَدْ يَكُونُ فِي عُمْرَةٍ أَيْضًا كَمَا إذَا كَانَ مُتَمَتِّعًا، أَوْ قَارِنًا (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ إنْ تَأَخَّرَ النَّقْصُ) وَسَكَتَ عَمَّا وَجَبَ فِي يَوْمِ الْوُقُوفِ وَلَكِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا وَجَبَ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْهَا بِالرُّجُوعِ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى الرُّجُوعِ لِلْأَهْلِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] لِيَأْتِيَ بِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعَ لِأَهْلِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّعْجِيلُ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَجْتَزِي مِنْهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَالَ مَالِكٌ لَوْ نَسِيَ الثَّلَاثَةَ حَتَّى صَامَ السَّبْعَةَ فَإِنْ وَجَدَ هَدْيًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُهْدِيَ وَإِلَّا صَامَ وَقَوْلُهُ فِيهِ كَلَامٌ لَلتُّونِسِيِّ أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ أَيْ التُّونُسِيُّ فَسَّرَ كَلَامَ مَالِكٍ بِأَنَّهُ لَا يَجْتَزِي مِنْهَا بِشَيْءٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ وَابْنُ يُونُسَ يَقُولُ يُكْتَفَى مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ كَذَا يُفْهَمُ مِنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ، وَأَمَّا لَوْ صَامَ الْعَشَرَةَ قَبْلَ رُجُوعِهِ فَإِنَّهُ يَجْتَزِي مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّبْعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ جُزْءُ الْعَشَرَةِ فَتَنْدَرِجُ فِيهَا وَقَسِيمَةُ السَّبْعَةِ فَلَا تَنْدَرِجُ فِيهَا (قَوْلُهُ كَصَوْمٍ أَيْسَرَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ كَمَالِ يَوْمِهِ فَلَا يَجْزِيهِ الصَّوْمُ بَلْ يَرْجِعُ لِلْهَدْيِ لِأَنَّهُ صَارَ وَاجِبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ (قَوْلُهُ لِمَالٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ مُتَعَلِّقٌ بِوَجَدَ أَيْ أَوْ وَجَدَ مُسَلِّفًا مَعَ مَالٍ، أَوْ أَنَّ الْمَالَ مُتَعَلِّقٌ بِمُسَلِّفٍ وَقَوْلُهُ بِبَلَدِهِ إمَّا صِفَةٌ لِمَالٍ أَيْ مَالٌ كَائِنٌ بِبَلَدِهِ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَصِيرُ لِيَأْخُذَهُ بِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ لَمْ يُطَالَبْ بِالرُّجُوعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَصَحَّ وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ اتِّصَالَ الثَّلَاثَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَاتِّصَالَ السَّبْعَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَاتِّصَالَ السَّبْعَةِ بِالثَّلَاثَةِ مُسْتَحَبٌّ.

(قَوْلُهُ وَوُقُوفُهُ بِهِ الْمَوَاقِفَ) هَذَا فِيمَا يُنْحَرُ أَوْ يُذْبَحُ بِمِنًى، وَأَمَّا مَا يُنْحَرُ، أَوْ يُذْبَحُ بِمَكَّةَ فَالشَّرْطُ فِيهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيَكْفِي وُقُوفُهُ بِهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ (قَوْلُهُ كَالْمُزْدَلِفَةِ) رَدَّهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بَلْ الْمُزْدَلِفَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْمَوَاقِفِ وَإِنَّمَا هِيَ مَبِيتٌ وَشَارِحُنَا تَبِعَ بَهْرَامَ وتت (قَوْلُهُ وَأَمَّا وُقُوفُهُ بِهِ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ فَوَاجِبٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُسْتَحَبٌّ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ.

(قَوْلُهُ وَالنَّحْرُ بِمِنًى) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا نَهَارًا وَلَوْ عَبَّرَ بِالذَّكَاةِ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي حَجٍّ) أَيْ مَعَ حَجٍّ (قَوْلُهُ كَهُوَ) أَيْ فَهُوَ كَهُوَ، أَوْ حَالَةَ كَوْنِهِ كَائِنًا كَهُوَ وَهُوَ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّائِبِ النَّائِبُ الشَّرْعِيُّ وَلَا يَكُونُ نَائِبًا شَرْعِيًّا إلَّا إذَا وَقَفَ بِهِ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مُطْلَقَ نَائِبٍ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَهُوَ أَنْ يَقِفَ بِهِ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ فَيَحْتَاجُ لَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: أَوْ نَائِبُهُ عَنْ وُقُوفِ التُّجَّارِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا نَائِبِينَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُمْ وَيَأْذَنَ لَهُمْ فِي الْوُقُوفِ بِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ وَالنَّحْرُ مَنْدُوبٌ) ذَكَرَ تت أَنَّ الذَّبْحَ بِمِنًى مَعَ

ص: 379

الَّذِي نَشَأَ عَنْهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنْ كَانَ الْهَدْيُ سِيقَ فِي إحْرَامِ حَجٍّ سَوَاءٌ وَجَبَ لِنَقْصٍ فِيهِ، أَوْ فِي عُمْرَةٍ، أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ فَإِنْ سَبَقَ فِي إحْرَامِ عُمْرَةٍ فَمَحَلُّهُ مَكَّةُ الثَّانِي أَنْ يَقِفَ بِهِ صَاحِبُهُ، أَوْ مَنْ أَقَامَهُ صَاحِبُهُ مَقَامَ نَفْسِهِ بِعَرَفَةَ سَاعَةَ لَيْلَةِ النَّحْرِ الثَّالِثُ أَنْ يَنْحَرَ، أَوْ يَذْبَحَ بِأَيَّامِ مِنًى وَهِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ فَتَجَوَّزَ الْمُؤَلِّفُ فِي أَيَّامِ مِنًى فَإِنَّهَا تَشْمَلُ الْيَوْمَ الرَّابِعَ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلنَّحْرِ وَلَا لِلذَّبْحِ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَلَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ مِنًى وَجَبَ النَّحْرُ بِمَكَّةَ وَلَا يَجْزِي بِمِنًى وَالْأَفْضَلُ فِيمَا ذُبِحَ بِمِنًى أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَلَا يَجُوزُ النَّحْرُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى.

(ص) وَإِلَّا فَمَكَّةُ (ش) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ انْخَرَمَتْ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ، أَوْ بَعْضُهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَهُ مَعَ إحْرَامِ حَجٍّ بَلْ بِإِحْرَامِ عُمْرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ، أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ سَاقَهُ لَا مَعَ إحْرَامٍ، أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، أَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَمَحَلُّهُ مَكَّةُ الْبَلَدُ وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَأَفْضَلُهَا الْمَرْوَةُ «لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي الْمَرْوَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ» فَقَوْلُهُ مَكَّةُ مَحَلَّةً لَا غَيْرَهَا فَإِنْ نَحَرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا إلَّا أَنَّهُ مِنْ لَوَاحِقِهَا فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَنَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْزِيهِ بِذِي طُوًى (ص) وَأَجْزَأَ إنْ أَخْرَجَ لِحِلٍّ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ فِي الْهَدْيِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَإِذَا فَاتَ الْهَدْيَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَنْحَرُهُ، أَوْ يَذْبَحُهُ بِمَكَّةَ، وَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحِلِّ فَلَا بُدَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْحَرَمَ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى الْحِلِّ ثُمَّ يُدْخِلَهُ إلَى الْحَرَمِ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَالتَّطَوُّعِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بِهِ صَاحِبَهُ أَوْ نَائِبَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبْعُوثِ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا وَلِذَا بَنَى قَوْلَهُ: أُخْرِجَ لِلْمَجْهُولِ.

(ص) كَأَنْ وَقَفَ بِهِ فَضَلَّ مُقَلَّدًا وَنُحِرَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْإِجْزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ بِعَرَفَةَ فَوَجَدَهُ رَجُلٌ فَنَحَرَهُ بِمِنًى؛ لِأَنَّهُ رَآهُ هَدْيًا، ثُمَّ وَجَدَهُ رَبُّهُ مَنْحُورًا أَجْزَأَهُ فَقَوْلُهُ: كَأَنْ وُقِفَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ مَا أَوْقَفَهُ رَبُّهُ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ مُقَلَّدًا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِلْهَدْيِ فَيَتَنَازَعُ فِيهِ الْفِعْلَانِ قَبْلَهُ وَنُحِرَ مَعْطُوفٌ عَلَى وَقَفَ أَيْ وَجَدَهُ بِمَحَلٍّ يَجْزِي نَحْرُهُ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ وَجَدَهُ بِمَحَلٍّ لَا يُجْزِئُ ذَكَاتُهُ فِيهِ كَأَنْ وَجَدَ مَا يَجِبُ نَحْرُهُ بِمَكَّةَ بِمِنًى فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا مَعَ تَحَقُّقِ نَحْرِهِ وَلَا يَدْرِي مَعَ ذَلِكَ هَلْ نُحِرَ فِي مَحَلٍّ يُجْزِئُ نَحْرُهُ فِيهِ أَمْ لَا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مُجْزِئٌ وَلَوْ ضَلَّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِهِ وَوُجِدَ بِمَكَّةَ مُذَكًّى أَجْزَأَ حَيْثُ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ.

(ص) وَفِي الْعُمْرَةِ بِمَكَّةَ (ش) أَيْ وَفِي الْهَدْيِ الْمَسُوقِ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ سَوَاءٌ وَجَبَ لِنَقْصِهَا، أَوْ لِنَقْصِ حَجٍّ أَوْ كَانَ جَزَاءَ صَيْدٍ، أَوْ نَذْرٍ أَوْ سَاقَهُ تَطَوُّعًا يُنْحَرُ أَوْ يُذْبَحُ بِمَكَّةَ بَعْدَ سَعْيِهَا فَلَا يُجْزِئُ تَقْدِيمُهُ عَلَى سَعْيِهَا كَمَا أَنَّ الْهَدْيَ الْمَسُوقَ فِي الْحَجِّ لَا تُجْزِئُ ذَكَاتُهُ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ وَأَعَادَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَمَكَّةُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (بَعْدَ سَعْيِهَا) وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ حَلَقَ) إلَى أَنَّ الْحَلْقَ يُؤَخَّرُ عَنْ ذَكَاةِ الْهَدْيِ الْمَسُوقِ فِي الْعُمْرَةِ.

(ص) وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتٍ، أَوْ لِحَيْضٍ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ لِقِرَانِهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْهَدْيَ يَجِبُ بِالتَّقْلِيدِ أَوْ الْإِشْعَارِ فَإِذَا أَحْرَمَ الْإِنْسَانُ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ مَعَهُ هَدْيًا تَطَوُّعًا وَقَدْ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ، ثُمَّ خَافَ إنْ تَشَاغَلَ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ فَاتَهُ الْحَجُّ، أَوْ حَاضَتْ وَخَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ فَإِنَّهُمَا يُرْدِفَانِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ وَاجِبٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا ذَكَرَهُ مُحَشِّيهِ وَنَصُّ تت وَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ لَمْ يَجُزْ النَّحْرُ بِمَكَّةَ. . إلَخْ لَمْ يَجُزْ بِضَمِّ الْجِيمِ مِنْ الْجَوَازِ وَإِذَا وَقَعَ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ وَغَيْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ فَقَوْلُ الْحَطَّابِ يُسْتَحَبُّ النَّحْرُ بِمِنًى عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَكَّةُ) أَيْ وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الذَّبْحَ بِهَا صَبَرَ لِقَابِلٍ وَذَبَحَهُ بِمِنًى قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ) أَيْ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْهَا إلَّا أَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهَا إلَّا أَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَإِنْ نَحَرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا وَكَأَنَّهُ هُنَا مَشَى عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: «لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي الْمَرْوَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ» ) مَفْعَلٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْحَاءِ وَقَوْلُهُ: وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ كَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فَجٍّ وَقَوْلُهُ وَطُرُقِهَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ الطُّرُقُ الدَّاخِلَةُ فِيهَا لَا الْمُوصِلَةُ إلَيْهَا وَهَذَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا الْمَنْحَرُ أَيْ الْأَفْضَلُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بِهِ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرَ نَائِبِهِ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَقَفَ بِهِ) بِفَتْحِ أَنْ أَيْ كَوُقُوفِهِ بِهِ تَشْبِيهٌ فِي الْإِجْزَاءِ فَكَافُ التَّشْبِيهِ دَاخِلَةٌ عَلَى اسْمٍ تَأْوِيلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى اسْمٍ صَرِيحًا أَوْ تَأْوِيلًا، وَأَمَّا قِرَاءَتُهَا بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنْ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ وَالْجَوَابُ مَا فِي الْكَافِ مِنْ مَعْنَى التَّشْبِيهِ فَلَا يَظْهَرُ لِمَا قُلْنَا فَلَوْ لَمْ يَقِفْ بِهِ بِعَرَفَةَ وَضَلَّ مُقَلَّدًا ثُمَّ وَجَدَهُ مُذَكًّى بِمِنًى فَلَا يُجْزِئُهُ كَمَا إذَا ضَلَّ قَبْلَ الْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَوُجِدَ مُذَكًّى بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ) تَقْدِيمُهُ عَلَى سَعْيِهَا أَيْ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ سَعْيِهَا.

(قَوْلُهُ أَيْ وَفِي الْهَدْيِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ وَالْهَدْيُ الْمَسُوقُ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدَ سَعْيِهَا) أَيْ فَهُوَ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ حَلَقَ) أَتَى بِثُمَّ التَّرْتِيبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ فِي الْعُمْرَةِ يَكُونُ بَعْدَ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ يُؤَخَّرُ عَنْ ذَكَاةِ الْهَدْيِ) أَيْ اسْتِحْبَابًا فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى ذَكَاةِ الْهَدْيِ لَكَانَ مَكْرُوهًا لَا خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا ذَكَرُوا.

(قَوْلُهُ وَقَدْ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ) أَيْ وَلَوْ لِلْعُمْرَةِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُقَلَّدْ وَلَمْ يُشْعَرْ خِلَافًا لِقَوْلِ الْبِسَاطِيِّ إنَّ الْإِجْزَاءَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُقَلِّدْ أَوْ يُشْعِرْ لِلْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِرْدَافِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُرْدِفَةِ لِحَيْضٍ أَنْ تَعْتَمِرَ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ الْقِرَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَاضَتْ. . . إلَخْ) أَقُولُ لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ أَوْ لِحَيْضٍ لَكَانَ أَخْصَرَ لِدُخُولِهِ فِي الْفَوَاتِ

ص: 380

وَيَصِيرُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَارِنًا وَيُجْزِئُهُ هَذَا الْهَدْيُ الَّذِي قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ قَبْلَ الْإِرْدَافِ عَنْ دَمِ الْقِرَانِ، وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ هُوَ مَا سِيقَ لِغَيْرِ شَيْءٍ وَجَبَ، أَوْ يَجِبُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ: لِخَوْفِ فَوَاتٍ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ؛ إذْ لَوْ أَرْدَفَ لَا لِخَوْفِ فَوَاتٍ وَلَا لِعُذْرٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ خِلَافَهُ (ص) كَأَنْ سَاقَهُ فِيهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِمَا إذَا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ (ش) ضَمِيرُ فِيهَا عَائِدٌ عَلَى الْعُمْرَةِ وَالتَّشْبِيهُ فِي الْإِجْزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُعْتَمِرَ إذَا سَاقَ هَدْيَ التَّطَوُّعِ فِي عُمْرَتِهِ فَلَمَّا حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَوَجَبَ نَحْرُهُ الْآنَ فَأَخَّرَهُ لِيَوْمِ النَّحْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ وَصَارَ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ يُجْزِئُهُ عَنْ تَمَتُّعِهِ كَمَا أَجْزَأَ عَنْ قِرَانِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْقَاسِمِ: هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَتَأَوَّلَهَا عَبْدُ الْحَقِّ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ سَاقَهُ بِنِيَّةِ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مُتْعَتِهِ وَلَكِنْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ الَّذِي هُوَ إحْرَامُ الْحَجِّ وَعَلَيْهِ لَوْ سَاقَهُ لِلتَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَتَأَوَّلَهَا سَنَدٌ بِالْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا وَلِذَا قَالَ أَيْضًا وَتَأْوِيلُ سَنَدٍ هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ.

(ص) وَالْمَنْدُوبُ بِمَكَّةَ الْمَرْوَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ الَّذِي يُنْحَرُ، أَوْ يُذْبَحُ بِمَكَّةَ وَالْمُرَادُ بِهَا الْبَلَدُ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ لَا جَمِيعُ الْحَرَمِ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْمَرْوَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا يُنْحَرُ بِمِنًى يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولًى وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ بِالنَّظَرِ لِلْمَكِّيِّ

(ص) وَكُرِهَ نَحْرُ غَيْرِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ (ش) لَا إشْكَالَ أَنَّهُ إذَا ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ غَيْرُهُ عَنْهُ هَدْيَهُ أَوْ أُضْحِيَّتَهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ إذَا اسْتَنَابَهُ وَكَانَ النَّائِبُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ، أَوْ أُضْحِيَّتَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ خَالَفَ مَعَ الْقُدْرَةِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَكُرِهَ ذَكَاةُ غَيْرِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ.

(ص) وَإِنْ مَاتَ مُتَمَتِّعٌ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ هَدْيٍ، أَوْ عَنْ هَدْيٍ غَيْرِ مُقَلَّدٍ فَالْهَدْيُ وَاجِبٌ إخْرَاجُهُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يُوصِ، وَهَذَا إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ لِحُصُولِ أَكْثَرِ الْأَرْكَانِ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ مَعَ أَحَدِ التَّحَلُّلَيْنِ وَهُوَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَى وَرَثَتِهِ شَيْءٌ أَمَّا إنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ وَلَوْ مَاتَ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَمِثْلُ رَمْيِ الْجَمْرَةِ لَوْ مَاتَ بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِهَا أَوْ بَعْدَ فِعْلِهِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ فِي ثُلُثٍ وَلَا رَأْسِ مَالٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلُهُمْ فِي تَعْلِيلِ وُجُوبِ الْهَدْيِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ مُعْظَمُ الْأَرْكَانِ مَعَ حُصُولِ أَحَدِ التَّحَلُّلَيْنِ فَكَانَ كَمَنْ أَشْرَفَ عَلَى فَرَاغِ الْعِبَادَةِ فَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ؛ لِذَلِكَ.

(ص) وَسِنُّ الْجَمِيعِ وَعَيْبُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْمُعْتَبَرُ حِينَ وُجُوبِهِ وَتَقْلِيدِهِ (ش) وَنُسْخَةُ الْمَوَّاقِ كَالضَّحِيَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ سِنَّ جَمِيعِ دِمَاءِ الْحَجِّ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ نُسُكٍ أَوْ جَزَاءٍ، أَوْ هَدْيٍ عَنْ نَقْصٍ أَوْ نَذْرٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ وَعَيْبَهُ مِمَّا يُجْزِئُ مَعَهُ وَمَا لَا يُجْزِئُ كَالْأُضْحِيَّةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي مُسَاوَاةِ الدِّمَاءِ بِالضَّحَايَا فِي السِّنِّ وَالْعَيْبِ إنَّمَا هُوَ مِنْ حِينِ وُجُوبِهِ وَتَقْلِيدِهِ لَا يَوْمَ نَحْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ أَحَدَ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَعْيِينُهُ وَتَمْيِيزُهُ مِنْ غَيْرِهِ لِيَكُونَ هَدْيًا وَالْمُرَادُ بِالتَّقْلِيدِ هُنَا أَعَمُّ مِنْهُ فِيمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا إنَّمَا هُوَ تَهْيِئَتُهُ لِلْهَدْيِ وَإِخْرَاجُهُ سَائِرًا إلَى مَكَّةَ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّعَمَ يَعُمُّهَا هَذَا الْحُكْمُ مَا يُقَلَّدُ وَمَا لَا يُقَلَّدُ فَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا بِالْمَعْنَى لِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِمَا إذَا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ) أَيْ سَاقَهُ لِيَجْعَلَهُ عَنْ تَمَتُّعِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ سَمَّاهُ تَطَوُّعًا لِذَلِكَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ حُكْمًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ تَمَتُّعِهِ فَإِنْ لَمْ يُسَقْ لَهُ لَمْ يُجْزِهِ فَإِنْ قُلْت لِمَ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ الْمَحْضُ عَنْ الْقِرَانِ وَلَمْ يُجِزْ عَنْ التَّمَتُّعِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي إذَا لَمْ يُسَقْ لَهُ قُلْت؛ لِأَنَّ الْقِرَانَ لَمَّا كَانَتْ الْعُمْرَةُ فِيهِ تَنْدَرِجُ فِي الْحَجِّ فَتَعَلُّقُهَا بِالْحَجِّ أَقْوَى مِنْ تَعَلُّقِهَا بِهِ فِي التَّمَتُّعِ فَكَأَنَّ الَّذِي سِيقَ فِيهَا فِي الْحَجِّ.

(قَوْلُهُ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ) أَيْ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ بُيُوتِ مَكَّةَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ بِذِي طُوًى وَلِذَلِكَ قَالَ عب وَالْمُرَادُ الْقَرْيَةُ نَفْسُهَا فَلَا يَجُوزُ النَّحْرُ بِذِي طُوًى بَلْ حَتَّى يَدْخُلَ مَكَّةَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ بِالنَّظَرِ لِلْمَكِّيِّ) أَيْ الْأَوْلَى بِالنَّظَرِ لِلْمَكِّيِّ.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ نَحْرُ غَيْرِهِ) تَخْصِيصُ الْكَرَاهَةِ بِالنَّحْرِ يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ اسْتِنَابَتِهِ فِي السَّلْخِ وَتَقْطِيعِ اللَّحْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ إذَا اسْتَنَابَهُ وَكَانَ النَّائِبُ مُسْلِمًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ الْغَيْرُ بِغَيْرِ اسْتِنَابَةٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَعَ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَلَا كَرَاهَةَ فَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَإِنْ ذَكَّى الْغَيْرُ بِغَيْرِ اسْتِنَابَةٍ لَمْ يُكْرَهْ لِرَبِّهِ وَسَيَأْتِي يَقُولُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ وَأَجْزَأَ إنْ ذَبَحَ غَيْرُهُ عَنْهُ مُقَلَّدًا وَقَوْلُهُ وَكَرِهَ مَالِكٌ إلَخْ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَلِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ صَاغِرًا مُتَوَاضِعًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يَهْتَدِ لِلذَّبْحِ إلَّا بِمَوْقِفٍ إلَّا أَنْ لَا يُحْسِنَهُ جُمْلَةً وَيَحْضُرُ ذَلِكَ رَجَاءَ الرَّحْمَةِ.

(قَوْلُهُ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُوصِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْوُقُوفُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَالسَّعْيُ وَالْإِحْرَامُ أَوْ يُبْدِلَ أَكْثَرَ بِأَعْظَمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ أَعْظَمُ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا نَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إذَا مَاتَ يَوْمَ الرَّمْيِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَوْتَهُ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِهَا أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رَمْيِهَا بِالْفِعْلِ كَمَا صَرَّحُوا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ قَوْلِهِ: إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ مَا نَصُّهُ: إنْ مَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ لَطَابَقَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ اهـ.

وَأَمَّا إذَا مَاتَ الْقَارِنُ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ حَيْثُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ عَلَى وَجْهٍ يَرْتَدِفُ عَلَى الْعُمْرَةِ ثُمَّ مَاتَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُهُ سَائِرًا) أَيْ سَوَاءٌ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ أَوْ لَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَلِّدْهُ وَلَمْ يُشْعِرْهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ بَلْ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ هَدْيًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي

ص: 381

وَالتَّقْلِيدِ هُنَا مُتَقَارِبٌ.

ثُمَّ فَرَّعَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ (ص) فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَلَوْ سَلِمَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ مَعِيبًا، أَوْ صَغِيرًا فَلَا يُجْزِئُهُ وَلَوْ سَلِمَ بِأَنْ زَالَ عَيْبُهُ أَوْ بَلَغَ السِّنَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَلَّدَهُ سَلِيمًا، ثُمَّ تَعَيَّبَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ:(إنْ تَطَوَّعَ بِهِ) لَيْسَ شَرْطًا فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَأْنَفٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: (وَأَرْشُهُ) مُؤَخَّرَةٌ مِنْ تَقْدِيمٍ وَإِنَّمَا مَحَلُّهَا قَبْلَ أَنْ تَطَوَّعَ وَيُؤْتَى قَبْلَ أَرْشِهِ بِفَاءٍ وَيَصِيرُ الْكَلَامُ هَكَذَا فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَلَوْ سَلِمَ وَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَأَرْشُهُ.

(ص) وَثَمَنُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَفِي الْفَرْضِ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرٍ (ش) وَبِهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ قَلَّدَ هَدْيًا سَالِمًا، ثُمَّ تَعَيَّبَ أَجْزَأَهُ وَبِالْعَكْسِ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا وَأَقَرَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَرْشَ عَيْبِ الْهَدْيِ وَثَمَنَهُ إنْ اُسْتُحِقَّ يُجْعَلُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ ثَمَنَ هَدْيٍ، وَهَذَا الْقَدْرُ يَشْتَرِكُ فِيهِ هَدْيُ التَّطَوُّعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَالْهَدْيُ الْوَاجِبُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ هَدْيٍ فَإِنَّهُ فِي التَّطَوُّعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَهُوَ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَأَمَّا فِي الْفَرْضِ فَيَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا هُوَ فَرْضٌ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَمَا هُوَ نَذْرٌ مَضْمُونٌ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرْنَا فِي حُكْمِ أَرْشِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ يَجْرِي فِي أَرْشِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَفِي أَرْشِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا فِي حُكْمِ أَرْشِ الْفَرْضِ بِالْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّاهُ فَهُوَ فِي أَرْشِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَأَمَّا مَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَإِنَّهُ يَجِبُ جَعْلُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ كَأَرْشِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِي هَدْيِ الْفَرْضِ جَعْلُ أَرْشِ مَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي ثَمَنِ هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِهِ ح.

(ص) وَسُنَّ إشْعَارُ سُنُمِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ يُقَلَّدَ وَيُشْعَرَ فَإِنْ كَانَ لِلْإِبِلِ أَسْنِمَةٌ فَإِنَّهَا تُشْعَرُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِشْعَارِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا لَهُ سَنَامَانِ يُشْعَرُ فِي سَنَامٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ (مِنْ الْأَيْسَرِ) هُوَ مَحَلُّ الْإِشْعَارِ أَيْ أَنَّ الْإِشْعَارَ يَكُونُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لِلرَّقَبَةِ) إلَى أَنَّ الْإِشْعَارَ يُبْدَأُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الرَّقَبَةِ إلَى جِهَةِ الْمُؤَخَّرِ لَا مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى جِهَةِ الرَّقَبَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ السُّنَّةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا الْقِبْلَةَ وَيُشْعِرَ بِيَمِينِهِ وَخِطَامُ بَعِيرِهِ بِشِمَالِهِ اهـ. فَاللَّامُ فِي لِلرَّقَبَةِ بِمَعْنَى عِنْدَ أَوْ بِمَعْنَى مَنْ يَشُقُّ الْجِلْدَ وَيَقْطَعُ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُنْمُلَتَيْنِ بِحَيْثُ يَسِيلُ مِنْهُ الدَّمُ وَيُفْعَلُ الْإِشْعَارُ مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ إنْ كَانَ الْهَدْيُ مَعَهُ، أَوْ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فِيهِ بَعْدَ الْمِيقَاتِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعْذِيبٌ؛ لِأَنَّ السَّنَامَ لَا يُؤْلِمُهَا شَقُّهُ بِخِلَافِ سَائِرِ جَسَدِهَا؛ وَلِذَلِكَ لَمْ تُشْعَرْ الْغَنَمُ وَلَا الْبَقَرُ الَّتِي لَا سَنَامَ لَهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لَهَا وَيُشَقُّ السَّنَامُ طُولًا وَقِيلَ عَرْضًا وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَإِذَا قِيلَ طُولًا فَهُوَ بِالنَّظَرِ إلَى طُولِ الْبَدَنَةِ وَهُوَ مِنْ ذَنَبِهَا إلَى رَأْسِهَا وَعَرْضًا مِنْ الْأَرْضِ إلَى أَعْلَى سَنَامِهَا وَإِذَا قِيلَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ وَتَمْيِيزِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَمُفَادُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَيْسَ كَافِيًا وَإِذَا قُلِّدَ لَا يُبَاعُ فِي الدُّيُونِ اللَّاحِقَةِ وَيُبَاعُ فِي الدُّيُونِ السَّابِقَةِ مَا لَمْ يُذْبَحْ (قَوْلُهُ: مُتَقَارِبٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مُتَّحِدَانِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ. . . إلَخْ) التَّعْبِيرُ بِلَا يُجْزِئُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَمِنْهُ النَّذْرُ الْمَضْمُونُ إذْ الْمُتَطَوَّعُ بِهِ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ لَا يَحْسُنُ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِالْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبِ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَأْنَفٌ) هَذَا جَوَابُ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ الْأَصْلُ وَأَرْشُهُ وَثَمَنُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ وَفِي الْفَرْضِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا الْقَدْرُ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ مَا ذَكَرَهُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ بِقَاعِدَةِ مَنْ تَصَدَّقَ بِمُعَيَّنٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَهَبَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ يَكُونُ لِلْوَاهِبِ وَأَجَابَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ مَا هُنَا نَذَرَ الثَّمَنَ أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ هَدْيًا وَلَوْ كَانَ إنَّمَا تَطَوَّعَ بِالْهَدْيِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَدَلُ قَالَ الْغِرْيَانِيُّ وَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ فِي الْفِقْهِ بَعِيدٌ فِي لَفْظِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ فَيَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرِهِ) أَيْ يَجْعَلُهُ فِي الْبَدَلِ الْوَاجِبِ إنْ بَلَغَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْبَدَلِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِهِ الْحَطَّابُ) اقْتِصَارُ الْحَطَّابِ يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّاجِحُ.

(قَوْلُهُ إشْعَارُ سُنُمِهَا) جُمِعَ لِتَعَدُّدِ الْهَدَايَا (قَوْلُهُ مِنْ الْأَيْسَرِ) أَيْ فِي الْأَيْسَرِ هَذَا مُسْتَحَبٌّ قَطْعًا كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لِلرَّقَبَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِتَنْظِيرِ عب حَيْثُ قَالَ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ الْبَدْءِ مِنْ نَاحِيَةِ الرَّقَبَةِ وَمَا حُكْمُ كَوْنِ الْإِشْعَارِ فِي الْأَيْسَرِ وَفِي تت أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ السُّنَّةَ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ، أَوْ مُطْلَقُ الْإِشْعَارِ وَالْكَيْفِيَّةُ مَنْدُوبَةٌ اهـ.

وَهَذَا غَيْرُ حِكْمَةِ كَوْنِهِ فِي الْأَيْسَرِ لِيَكُونَ بِيُمْنَى الْمُشْعِرِ مُسْتَقْبِلًا وَوَجْهُهَا لِلْقِبْلَةِ أَيْضًا كَمَا وَجَّهَ بِهِ الْأَبْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَخَذَهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى زِمَامَهَا اهـ قَالَ شَيْخُنَا إلَّا أَنَّ تِلْكَ الْمُنَاسَبَةَ مُتَأَنِّيَةٌ إذَا كَانَ فِي الْأَيْمَنِ (قَوْلُهُ السُّنَّةُ) أَيْ الطَّرِيقَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى عِنْدَ أَوْ بِمَعْنَى مِنْ) الْمُنَاسِبُ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهَا بِمَعْنَى مِنْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ الْمَبْدَأِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا تَأْتِي بِمَعْنَى عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] أَيْ عِنْدَ دُلُوكِهَا وَعَلَى كَوْنِهَا بِمَعْنَى مِنْ قَوْلُ الرَّاجِزِ

لَنَا الْفَضْلُ فِي الدُّنْيَا وَأَنْفُك رَاغِمٌ

وَنَحْنُ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَفْضَلُ

(قَوْلُهُ وَالْأُنْمُلَتَيْنِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّخْيِيرُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَيَفْعَلُ الْإِشْعَارَ مِنْ حِينِ. . . إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ وَعَرْضًا. . . إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا عَرْضُهُ فَمِنْ الْأَرْضِ إلَى أَعْلَى سَنَامِهَا لَكِنَّ حَاصِلَ مَا فِي حُدُودِ

ص: 382

عَرْضًا فَبِالنَّظَرِ إلَى السَّنَامِ وَهُوَ الْحَدَبَةُ وَطُولُهُ مِنْ أَسْفَلِهِ فِي ظَهْرِهَا إلَى أَعْلَاهُ وَقَدْرُهُ قَدْرُ امْتِدَادِ أَعْلَاهُ فَهُمَا رَاجِعَانِ إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ (ص) مُسَمِّيًا (ش) أَيْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ قَوْلِهِ وَتَقْلِيدٌ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَقْدِيمُهُ فِي الْفِعْلِ عَلَى الْإِشْعَارِ خَوْفًا مِنْ نُفُورِهَا وَلَوْ أُشْعِرَتْ أَوَّلًا وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَتَقْلِيدُ هَدْيٍ، ثُمَّ إشْعَارُهُ.

(ص) وَنُدِبَ نَعْلَانِ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ (ش) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ أَنْ يُعَلِّقَ فِي عُنُقِهِ نَعْلَيْنِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَلَّقَا بِحَبْلٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ فَلَا يُجْعَلُ مِنْ الْأَوْتَارِ وَلَا مِنْ نَحْوِ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِمَا مَخَافَةَ أَنْ تَحْتَبِسَ فِي غُصْنِ شَجَرَةٍ عِنْدَ رَعْيِهَا فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى اخْتِنَاقِهَا وَمَا كَانَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ يُمْكِنُهَا قَطْعُهُ وَفَائِدَةُ التَّقْلِيدِ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ الْمَسَاكِينُ فَيَجْتَمِعُونَ لَهُ وَقِيلَ لِئَلَّا تَضِيعَ فَيُعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ الْهَدَايَا فَتُرَدُّ وَلَمْ يَكْتَفِ بِالتَّقْلِيدِ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ الزَّوَالِ فَإِنْ قُلْت قَدْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ التَّقْلِيدَ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ حَيْثُ قَالَ وَتَقْلِيدُ هَدْيٍ ثُمَّ إشْعَارُهُ، ثُمَّ رَكْعَتَانِ فَمَا فَائِدَةُ إعَادَتِهِ هُنَا وَالْجَوَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا مُفَصِّلٌ لِمَا أَجْمَلَهُ هُنَاكَ إذْ تَكَلَّمَ هُنَا عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ مِنْهُ مَا يُقَلَّدُ وَيُشْعَرُ وَمِنْهُ مَا يُقَلَّدُ فَقَطْ وَمِنْهُ مَا لَا يُقَلَّدُ وَلَا يُشْعَرُ.

(ص) وَتَجْلِيلُهَا وَشَقُّهَا إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُجَلَّلَ الْهَدَايَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْهَى لَهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمَسَاكِينِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَشُقَّ الْجِلَالَ عَنْ الْأَسْنِمَةِ مَخَافَةَ السُّقُوطِ إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ أَثْمَانُهَا بِأَنْ قَلَّ ثَمَنُهَا كَالدِّرْهَمَيْنِ أَمَّا إنْ ارْتَفَعَتْ أَثْمَانُهَا فَإِنَّهُ لَا يَشُقُّهَا لِئَلَّا يُفْسِدَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلِأَنَّ فِيهِ إضَاعَةً لِمَالِهِمْ وَالتَّجْلِيلُ بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الثِّيَابِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَمَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقَلِّدْهُ، ثُمَّ يُشْعِرْهُ ثُمَّ يُجَلِّلْهُ إنْ شَاءَ وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَفِي الْمُوَطَّأِ وَالْبَيَاضُ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى، وَالتَّجْلِيلُ خَاصٌّ بِالْبُدُنِ.

(ص) وَقُلِّدَتْ الْبَقَرُ فَقَطْ إلَّا بِأَسْنِمَةٍ لَا الْغَنَمُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِبِلَ تُقَلَّدُ وَتُشْعَرُ وَتُجَلَّلُ وَيَأْتِي أَنَّ الْغَنَمَ لَا تُقَلَّدُ وَلَا تُشْعَرُ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّ الْبَقَرَ تُقَلَّدُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَإِنَّهَا تُشْعَرُ أَيْضًا لِشَبَهِهَا بِالْإِبِلِ وَانْظُرْ هَلْ تُجَلَّلُ وَحُكْمُ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ الْكَرَاهَةُ وَإِشْعَارُهَا التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ فَأَصْلُهُ الْمَنْعُ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ.

(ص) وَلَمْ يُؤْكَلْ مِنْ نَذْرِ مَسَاكِينَ عُيِّنَ مُطْلَقًا عَكْسَ الْجَمِيعِ فَلَهُ إطْعَامُ الْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ وَكُرِهَ لِذِمِّيٍّ إلَّا نَذْرًا لَمْ يُعَيَّنْ وَالْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ بَعْدَ الْمَحَلِّ

ــ

[حاشية العدوي]

ابْنِ عَرَفَةَ وَشَرْحِهَا أَنَّ الطُّولَ فِي الْإِبِلِ وَفِي الْحَيَوَانِ مِنْ ظَهْرِهَا لِأَسْفَلِهَا وَأَنَّ الْعَرْضَ فِيهَا مِنْ رَأْسِهَا لِذَنَبِهَا (قَوْلُهُ مُسَمِّيًا) أَيْ قَائِلًا بِاسْمِ اللَّهِ وَيَزِيدُ: وَاَللَّهُ أَكْبَرُ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ نَعْلَانِ) أَيْ وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ) هَذَا مَنْدُوبٌ آخَرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت قَدْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ) أَقُولُ لَمْ يَكُنْ مُفَادُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ بَلْ إفَادَةُ حُكْمِ التَّرْتِيبِ لَا حُكْمِ ذَاتِ التَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا إلَخْ) أَقُولُ لَا تَفْصِيلَ هُنَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَسُنَّ إشْعَارُ سُنُمِهَا وَتَفْصِيلُ التَّقْلِيدِ يَأْتِي بَعْدُ.

(قَوْلُهُ أَنْ تُجَلَّلَ الْهَدَايَا) مُرَادُهُ بِالْهَدَايَا الْإِبِلُ خَاصَّةً وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُ تَجْلِيلِهَا إلَى الْوَقْتِ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالتَّجْلِيلُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الثِّيَابِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَالْبَيَاضُ أَوْلَى (قَوْلُهُ كَالدِّرْهَمَيْنِ) مُفَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَفِي كَلَامٍ آخَرَ أَنَّهَا تُدْخِلُ الثَّلَاثَةَ لِأَنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَرْتَفِعْ بِأَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَهُوَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ لَا يَشُقُّهَا) أَيْ نَدْبًا وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ التَّحْرِيمَ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ وَكُلُّ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَالتَّجْلِيلِ وَاسِعٌ أَيْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ التَّقْلِيدَ وَالْإِشْعَارَ سُنَّةٌ وَالتَّجْلِيلَ مَنْدُوبٌ.

(قَوْلُهُ فَقَطْ) الْأَوْلَى أَنَّ قَوْلَهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ قُلِّدَتْ وَقَوْلُهُ الْبَقَرُ وَقَوْلُهُ إلَّا بِأَسْنِمَةٍ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ أَيْ قُلِّدَتْ لَا أُشْعِرَتْ إلَّا بِأَسْنِمَةٍ وَقَوْلُهُ لَا الْغَنَمُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَقَطْ بِاعْتِبَارِ الْبَقَرِ أَيْ الْبَقَرُ فَقَطْ لَا الْغَنَمُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ تُجَلَّلُ) النَّصُّ لَا تُجَلَّلُ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُؤْكَلْ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الْهَدْيِ لِلْمَسَاكِينِ حَيًّا فَإِنْ دَفَعَهُ لَهُمْ وَذَبَحُوهُ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَاجِبًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا، أَمَّا الْوَاجِبُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَهُوَ كَمَنْ أَفْسَدَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ نَذْرَ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنَ إذَا مَاتَ أَوْ سُرِقَ أَوْ ضَلَّ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ لَا بَدَلَ فِيهِ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ هَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا مَاتَ أَوْ سُرِقَ أَوْ ضَلَّ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ لَا بَدَلَ عَلَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَبَعْدَهُ أَمَّا عَدَمُ أَكْلِهِ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَأَمَّا بَعْدَ الْمَحَلِّ فَلِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ آكِلَهُ وَهُمْ الْمَسَاكِينُ وَمِثْلُهُ هَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا جُعِلَ لِلْمَسَاكِينِ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِاللَّفْظِ عُيِّنَ أَوْ لَا وَالْفِدْيَةُ إنْ لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا كَذَا فِي شَرْحِ عب أَقُولُ:

أَمَّا هَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا جُعِلَ لِلْمَسَاكِينِ فَعَدَمُ الْأَكْلِ مِنْهُ مُطْلَقًا ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ قُيِّدَ بِالْمَسَاكِينِ وَأَنَّ الْفِدْيَةَ إذَا لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا فَلِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَكْلِ مِنْهَا وَالتَّرَفُّهِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ (قَوْلُهُ عَكْسُ الْجَمِيعِ) إمَّا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَذَلِكَ عَكْسُ الْجَمِيعِ أَيْ فَالْجَمِيعُ يَجُوزُ مِنْهُ الْأَكْلُ قَبْلُ وَبَعْدُ فَقَوْلُهُ بَعْدُ إلَّا نَذْرًا إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ لَا أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ نَفْسِ قَوْلِهِ عَكْسُ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَحَلِّ) أَيْ فَلَا يَأْكُلُ بَعْدَ الْمَحَلِّ وَالْمُرَادُ إذَا عَطِبَتْ بَعْدَ الْمَحَلِّ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا لَا بَعْدَ الْمَحَلِّ وَلَا قَبْلَهُ أَمَّا بَعْدُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَأَمَّا قَبْلُ فَبِأَنْ يَرْجِعَ بِهِ مُسَافِرًا أَمَّا عَدَمُ الْأَكْلِ فِي الْعَطَبِ بَعْدَ الْمَحَلِّ فَفِي الْفِدْيَةِ أَيْ الَّتِي جُعِلَتْ هَدْيًا فَلِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ كَمَا قُلْنَا.

وَأَمَّا النَّذْرُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ لِلْمَسَاكِينِ، وَأَمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ فَلِأَنَّهُ قِيمَةُ مُتْلَفٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا اسْتِحْقَاقَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ يَكُونُ لِغَيْرِهِ

ص: 383

وَهَدْيَ تَطَوُّعٍ إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى جَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ الْهَدْيِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ، وَجَعَلَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا أَيْ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَبَعْدَهُ، وَقِسْمٌ يُؤْكَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَقِسْمٌ يُؤْكَلُ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحَلِّ لَا بَعْدَهُ، وَقِسْمٌ عَكْسُهُ فَالْأَوَّلُ نَذْرُ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنُ لَهُمْ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الْبَدَنَةُ نَذْرٌ لِلْمَسَاكِينِ كَانُوا مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُتَقَرِّبِ بِهِ وَرَسُولِهِ وَمَأْمُورِهِمَا مِمَّنْ لَيْسَ مُسْتَحِقًّا الْأَكْلُ مِنْهُ سَوَاءٌ بَلَغَ الْمَحَلَّ وَهُوَ مَكَّةُ، أَوْ مِنًى أَمْ لَا، وَالثَّانِي كَهَدْيِ الْفَسَادِ أَوْ الْمُتْعَةِ أَوْ الْقِرَانِ أَوْ تَعَدِّي الْمِيقَاتِ، أَوْ تَرْكِ النُّزُولِ بِعَرَفَةَ نَهَارًا، أَوْ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلًا، أَوْ مَبِيتِ مِنًى، أَوْ رَمْيِ الْجِمَارِ، أَوْ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ، أَوْ تَبْعِيضِ الْمَشْيِ فَيَأْكُلُ مِمَّا ذُكِرَ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَبَعْدَهُ وَإِذَا قُلْنَا لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ إطْعَامُ الْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ مِمَّنْ تَجُوزُ لَهُ الزَّكَاةُ أَوْ لَا، تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَمْ لَا وَالتَّصَدُّقُ وَالْإِهْدَاءُ بِالْكُلِّ وَالْبَعْضِ بِلَا حَدٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَيُكْرَهُ لَهُ الْإِطْعَامُ، أَوْ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِلذِّمِّيِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالثَّالِثُ نَذْرُ الْمَسَاكِينِ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ لَهُمْ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ كَعَلَيَّ هَدْيٌ أَوْ بَدَنَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَالْفِدْيَةُ الْمَنْوِيُّ بِهَا الْهَدْيُ وَالْجَزَاءُ لِلصَّيْدِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الْمَحَلِّ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْهَا وَيَأْكُلُ قَبْلَ مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ، وَالرَّابِعُ هَدْيُ التَّطَوُّعِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَجِبْ لِشَيْءٍ فَيَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدَ الْمَحَلِّ لَا إنْ عَطِبَ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ لَهُ إلَّا أَنْ يُمْكِنَهُ ذَبْحُهُ فَيَتْرُكَهُ حَتَّى يَمُوتَ فَيَضْمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَبْحِهِ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ قَالَهُ سَنَدٌ، فَمُنِعَ مِنْ الْأَكْلِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى عَطَبِهِ وَقَالَ: الْمَنْعُ تَعَبُّدًا فَقَوْلُهُ: عَيْنٌ سَيَأْتِي مَفْهُومُهُ صَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ غَيْرُ شَرْطٍ، وَأَمَّا النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ لَا بِقَيْدِ الْمَسَاكِينِ فَتَطَوُّعٌ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ لِغَيْرِ الْمَسَاكِينِ فَعَكْسُ الْجَمِيعِ.

(ص) فَتُلْقَى قِلَادَتُهُ بِدَمِهِ وَيُخَلَّى لِلنَّاسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَنْحَرُهُ وَيُلْقِي قِلَادَتَهُ وَخِطَامَهُ وَجِلَالَهُ وَيُخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ يَأْكُلُونَهُ، وَإِنَّمَا خُصَّ هَذَا بِهَدْيِ التَّطَوُّعِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ وَبَيْنَ النَّاسِ الشَّامِلِ لِلْفَقِيرِ وَالْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ عَامًّا فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ وَقَوْلُهُ بِدَمِهِ هُوَ مَقْصُودٌ وَذَلِكَ عَلَامَةٌ لِكَوْنِهَا هَدْيًا وَلِإِبَاحَةِ أَكْلِهَا وَلِئَلَّا تُبَاعَ وَقَوْلُهُ (كَرَسُولِهِ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يَنْحَرُهُ، أَوْ يَذْبَحُهُ وَيُلْقِي قِلَادَتَهُ بِدَمِهِ وَيُخَلِّي بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ التَّشْبِيهُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْأَفْعَالِ وَالْأَحْكَامِ وَهُوَ أَظْهَرُ قَالَ فِيهَا: وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْهَدْيُ يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا مِنْ الْجَزَاءِ وَالْفِدْيَةِ وَنَذْرِ الْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا

ــ

[حاشية العدوي]

وَأَمَّا إذَا عَطِبَتْ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَيَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدُ وَقَبْلُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ فَإِنْ قُلْت الْفِدْيَةُ الَّتِي لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا قَدْ قُلْت بِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا مُطْلَقًا وَاَلَّتِي جُعِلَتْ هَدْيًا يَأْكُلُ قَبْلُ لَا بَعْدُ قُلْت الَّتِي لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا لَا يَتَقَيَّدُ ذَبْحُهَا بِمَوْضِعٍ فَأَيُّ مَوْضِعٍ ذُبِحَتْ فِيهِ أَجْزَأَ وَقَدْ قُلْنَا إنَّهَا عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ وَأَمَّا الَّتِي جُعِلَتْ هَدْيًا فَإِنَّهُ صَارَ لِمَوْضِعِ ذَبْحِهَا مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ وَهُوَ مَكَّةُ أَوْ مِنًى فَإِذَا عَطِبَتْ قَبْلَ الْمَحَلِّ يَكُونُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ فَجَازَ لَهُ الْأَكْلُ قَبْلَ الْمَحَلِّ لَا بَعْدُ.

(قَوْلُهُ وَهَدْيَ تَطَوُّعٍ) أَيْ وَإِلَّا هَدْيَ تَطَوُّعٍ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ مُتَعَلِّقٌ بِعَطِبَ، وَأَمَّا عَدَمُ الْأَكْلِ فَهُوَ مُطْلَقٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) فِي تت مَا يُفِيدُ أَنَّ مُقَابِلَهُ لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ (قَوْلُهُ فَتَطَوُّعٌ) أَيْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَإِذَا عَطِبَ بَعْدَ الْمَحَلِّ يَأْكُلُ مِنْهُ وَإِذَا عَطِبَ قَبْلُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ لِغَيْرِ الْمَسَاكِينِ فَعَكْسُ الْجَمِيعِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَهُوَ مِنْ الْجَمِيعِ أَيْ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْهُ قَبْلُ وَبَعْدُ؛ وَإِنَّمَا كَانَ يَأْكُلُ مِنْهُ قَبْلُ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهُ وَيَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدَهُ لِأَنَّ آكِلَهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَهُوَ عَلَى سُنَّةِ الْهَدَايَا.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ عَامًّا فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ) قَالَ عج هَذَا مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الشَّارِحِينَ وَهُوَ مَا لِلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا سَنَدٌ فَخَصَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ بِالْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ وَإِذَا مَشَّيْنَاهُ عَلَى كَلَامِهِ فَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ الْمُسْلِمُ الْفَقِيرُ (قَوْلُهُ هُوَ مَقْصُودٌ) أَيْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ إلْقَاءُ الْقِلَادَةِ فَقَطْ بَلْ الْمَقْصُودُ الْأَمْرَانِ مَعًا (قَوْلُهُ وَذَلِكَ عَلَامَةٌ) أَيْ الْإِلْقَاءُ بِالدَّمِ عَلَامَةٌ لِكَوْنِهِ هَدْيًا وَقَوْلُهُ: وَلِإِبَاحَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِكَوْنِهَا هَدْيًا أَيْ وَعَلَامَةً لِإِبَاحَةِ أَكْلِهَا وَقَوْلُهُ وَلِئَلَّا تُبَاعَ أَيْ وَعَلَامَةٌ لِعَدَمِ الْبَيْعِ لَهَا وَلَا يُخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْبَيْعِ مِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ كَوْنِهِ هَدْيًا.

(قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يَنْحَرُهُ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّ رَسُولَهُ أَيْ صَاحِبِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ مِثْلُ صَاحِبِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَيَأْكُلُ بَعْدُ قَالَ عب تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يُزَكِّيهِ وَيُلْقِي قِلَادَتَهُ وَيُخَلِّي بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا قَالَهُ تت قَالَ مُحَشِّيهِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ حُكْمًا وَعَزْوًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْفَقِيرِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّسُولَ حُكْمُهُ حُكْمُ رَبِّهِ فِي مَنْعِهِ مِنْ الْأَكْلِ فَلَا وَجْهَ لِجَوَازِ أَكْلِهِ إنْ كَانَ مِسْكِينًا إذْ لَيْسَ لِلْمَسَاكِينِ فَقَطْ وَأَمَّا لِلثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ ذَلِكَ فِيمَا هُوَ لِلْمَسَاكِينِ فَقَطْ وَنَصُّهَا وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْهَدْيُ يَأْكُلُ مِنْهُ لَا مِنْ الْجَزَاءِ، أَوْ الْفِدْيَةِ، أَوْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا فَجَائِزٌ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ اهـ.

وَوَجْهُهُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا هَدْيُ التَّطَوُّعِ فَلَمْ نَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالَتْ وَإِنْ بَعَثَ بِهَا مَعَ رَجُلٍ فَعَطِبَتْ فَسَبِيلُ الرَّسُولِ سَبِيلُ صَاحِبِهَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا الرَّسُولُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْفَقِيرِ صَرَّحَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ قَالَ فِيهَا) دَلِيلٌ لِمَا قَالَ إلَّا أَنَّهُ دَلِيلٌ لِلْبَعْضِ فَقَطْ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إلَّا نَذْرًا لَمْ يُعَيَّنْ وَالْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ بَعْدَ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَالْفِدْيَةُ) أَيْ الَّتِي قَصَدَ بِهَا الْهَدْيَ وَقَوْلُهُ وَنَذْرُ الْمَسَاكِينِ

ص: 384

شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا فَجَائِزٌ أَنْ يَأْكُلَ.

(ص) وَضَمِنَ فِي غَيْرِ الرَّسُولِ بِأَمْرِهِ بِأَخْذِ شَيْءٍ كَأَكْلِهِ مِنْ مَمْنُوعٍ بَدَلَهُ (ش) أَيْ وَضَمِنَ رَبُّ الْهَدْيِ بِأَمْرِهِ وَاحِدًا مُعَيَّنًا وَلَوْ فَقِيرًا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ هَدْيِ تَطَوُّعٍ عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ، أَوْ أَكْلِهِ مِنْهُ بَدَلَهُ هَدْيًا كَامِلًا؛ لِأَنَّ أَكْلَهُ مِنْهُ أَبْطَلَ إرَاقَةَ الدَّمِ فِيهِ فَوَجَبَ أَصْلُ الْهَدْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ إذْ لَا يَثْبُتُ بَعْضُ هَدْيٍ وَضَمَانُهُ لِلْبَدَلِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الرَّسُولِ وَهِيَ الصُّورَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِصَاحِبِهِ أَيْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَسْتَقِلُّ فِيهِ الرَّسُولُ بِالتَّعَدِّي، وَأَمَّا مَوْضِعٌ يَسْتَقِلُّ فِيهِ الرَّسُولُ بِالتَّعَدِّي فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَأَمَّا الرَّسُولُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا أُمِرَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِثْمُ فَقَطْ وَإِنْ أَكَلَ ضَمِنَ قَدْرَ أَكْلِهِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ الْإِثْمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ وَانْظُرْ إيضَاحَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص)

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا) حَاصِلُ ذَلِكَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ الْمُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ قَالَ فِيهَا دَلِيلٌ لِمَا قَالَ مِنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَيْ دَلِيلٌ لِبَعْضِهِ لَا كُلِّهِ إذْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا الرَّسُولُ بَعْدَ الْمَحَلِّ كَرَبِّهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا فَإِنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدَ الْمَحَلِّ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ وَإِنْ كَانَ رَبُّهَا يَأْكُلُ مِنْهَا قَبْلَ الْمَحَلِّ إلَّا أَنَّ الرَّسُولَ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا قَبْلَ الْمَحَلِّ وَيُجْزِئُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَجُوزُ لِرَبِّهِ الْأَكْلُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ الرَّسُولِ فِي الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ رَبِّهِ إلَّا فِيمَا إذَا عَطِبَ الْوَاجِبُ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ لِتُهْمَتِهِ أَنْ يَكُونَ عَطِبَ بِسَبَبِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الثَّلَاثَةِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ الْمَحَلِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَحِينَئِذٍ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ لَا يَتَّهِمُهُ أَوْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغُرْمِ إنْ اتَّهَمَهُ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَكْلَهُ مِنْهُ لَا يُمْنَعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْعَطَبُ مِنْهُ، وَأَمَّا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَقَدْ عَلِمْته وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْأَكْلُ غَيْرَ مُسْتَحَقٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ فَإِذَا كَانَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ قَبْلَ الْمَحَلِّ.

(قَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ) هَذِهِ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابٌ لِسُؤَالٍ اقْتَضَتْهُ الْجُمْلَةُ الْأُولَى لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْأَكْلُ مِنْ الْهَدْيِ عَلَى صَاحِبِهِ وَعَلَى رَسُولِهِ ابْتِدَاءً وَمَا الْحُكْمُ لَوْ وَقَعَ وَأَكَلَ رَبُّ الْهَدْيِ، أَوْ رَسُولُهُ: أَوْ أَمَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إنْسَانًا بِأَخْذِ شَيْءٍ أَوْ بِالْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَقِيرًا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ هَدْيِ تَطَوُّعٍ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ هَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَخْذِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بَدَلَهُ هَدْيًا كَامِلًا إذَا أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَأَمَّا إنْ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْهَدْيِ إذَا أَمَرَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بَدَلَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَمَرَ مُسْتَحِقَّهُ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ أَمَرَ فِي غَيْرِ التَّطَوُّعِ فَإِنْ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ ضَمِنَ الْبَدَلَ (قَوْلُهُ بَدَلَهُ هَدْيًا كَامِلًا) أَيْ وَيَصِيرُ حُكْمُ مُبْدَلِهِ مِنْ الْمَنْعِ فَإِنْ أَكَلَ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ الْبَدَلِ فَانْظُرْ هَلْ يَضْمَنُ بَدَلَهُ هَدْيًا كَامِلًا أَيْضًا لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ، أَوْ قَدْرَ أَكْلِهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ دُونَهُ فِي الرُّتْبَةِ إذْ هُوَ مُنَزَّلٌ فَقَطْ مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ وَضَمَانُهُ لِلْبَدَلِ فِي غَيْرِ صُورَةٍ) إنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ دَفْعًا لِاعْتِرَاضِ الْبِسَاطِيِّ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَضَمِنَ غَيْرُ الرَّسُولِ وَيُسْقِطُ لَفْظَةَ فِي؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي رَبِّ الْهَدْيِ لَا فِي الرَّسُولِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الرَّسُولِ وَغَيْرُ مَسْأَلَةِ الرَّسُولِ هِيَ مَسْأَلَةُ رَبِّ الْهَدْيِ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا أَمَرَ) أَيْ سَوَاءٌ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِثْمُ فَقَطْ أَيْ إذَا أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَأَمَّا إذَا أَمَرَ مُسْتَحِقًّا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَكَلَ ضَمِنَ قَدْرَ أَكْلِهِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ الْإِثْمُ إلَّا إذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا أَيْ فَفَرْقٌ بَيْنَ الْآمِرِ وَالْآكِلِ فَالْآمِرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَالْآكِلُ يَضْمَنُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا فَلَا يَضْمَنُ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عج فَإِنَّهُ قَالَ.

وَأَكْلُهُ مِمَّا عَلَيْهِ حَرُمَا

يُوجِبُ هَدْيًا كَامِلًا فَلْتَعْلَمَا

وَمِثْلُهُ إطْعَامُ مَنْ لَا يَسْتَحِقّ

وَأَمْرُهُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ يَلْتَحِقْ

كَأَمْرِهِ وَلَوْ لِمُسْتَحِقِّ

بِالْأَخْذِ مِنْ تَطَوُّعٍ فَاسْتَبْقِ

وَيَغْرَمُ الرَّسُولُ قَدْرَ مَا أَكَلْ

كَذَا إذَا أَخْذٌ بِأَمْرِهِ حَصَلْ

وَكَانَ كُلٌّ لَيْسَ أَهْلًا فَاعْرِفَا

وَإِنْ يَكُنْ أَهْلًا فَغُرْمُهُ انْتَفَى

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مُسْتَحِقًّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ) فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ قَالَهُ عج لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهَا قَالَتْ وَإِنْ بَعَثَ بِهَا مَعَ رَجُلٍ فَعَطِبَتْ فَسَبِيلُ الرَّسُولِ سَبِيلُ صَاحِبِهَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا الرَّسُولُ اهـ فَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ.

(قَوْلُهُ وَانْظُرْ إيضَاحَ. . . إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَا مُنِعَ رَبُّهُ مِنْ أَكْلِهِ قَبْلَ بُلُوغِ مَحَلِّهِ وَبَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَهُ فَقَطْ أَوْ بَعْدَهُ فَقَطْ إذَا أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بَدَلَهُ هَدْيًا كَامِلًا إلَّا فِي الْمَنْذُورِ الْمُعَيَّنِ لِلْمَسَاكِينِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ يَضْمَنُ قَدْرَ أَكْلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِذَا أَمَرَ رَبُّهُ غَيْرَهُ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ، أَوْ بِأَكْلِهِ مِنْهُ فَأَخَذَ أَوْ أَكَلَ وَكَانَ الْمَأْمُورُ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ فَإِنَّ رَبَّهُ يَضْمَنُ هَدْيًا كَامِلًا إلَّا فِي الْمَنْذُورِ الْمُعَيَّنِ لِلْمَسَاكِينِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّفِقَ عَلَى ضَمَانِ قَدْرِ أَكْلِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ الْمَذْكُورَ أَخَفُّ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْقَوْلَانِ الْجَارِيَانِ فِي أَكْلِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ بِالْأَكْلِ، أَوْ بِالْأَخْذِ مُسْتَحِقًّا بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا فَقِيرًا لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ وَمَنْ وَافَقَهُمَا، أَوْ يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ هَدْيًا كَامِلًا وَهُوَ الْمُرْتَضَى عِنْدَهُمْ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ مُخَالِفٌ لِبَاقِي مَا يُمْنَعُ مِنْ أَكْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا مُسْتَحِقًّا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَلَا يَضْمَنُ فِي غَيْرِهِ يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْعَ الْأَكْلِ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ مُعَلَّلٌ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْقَوْلَيْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ مُتَّهَمٌ فِي عَطَبِهِ؛ لِحُصُولِهِ

ص: 385

وَهَلْ إلَّا نَذْرُ مَسَاكِينَ عُيِّنَ فَقَدْرُ أَكْلِهِ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَهَلْ ضَمَانُ الْبَدَلِ عَامٌّ فِي نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، أَوْ هُوَ عَامٌّ إلَّا فِي نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ مِنْهُ قَدْرَ أَكْلِهِ إذْ هُوَ الْمَمْنُوعُ فَقَطْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، وَعَلَى الثَّانِي يَضْمَنُ مِثْلَهُ إنْ عَلِمَ وَزْنَهُ، وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فَقَدْرُ أَكْلِهِ عَدَمُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا أَمَرَ بِأَخْذِهِ فَلَا يَضْمَنُ هَدْيًا كَامِلًا فِيهَا بِاتِّفَاقٍ.

(ص) وَالْخِطَامُ وَالْجِلَالُ كَاللَّحْمِ (ش) الْخِطَامُ الزِّمَامُ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَخِطَامُ الْبَعِيرِ مَعْرُوفٌ وَجَمْعُهُ خُطُمٌ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى خَطْمِهِ أَيْ أَنْفِهِ إذْ الْمَخْطِمُ الْأَنْفُ وَالْجَمْعُ مَخَاطِمُ كَمَسْجِدٍ وَمَسَاجِدَ اهـ وَالْجِلَالُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْجُلُّ بِالضَّمِّ وَاحِدُ جِلَالِ الدَّوَابِّ وَجَمْعُ الْجِلَالِ أَجِلَّةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ خِطَامَ الْهَدَايَا وَجِلَالَهَا حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ لَحْمِهَا فِي الْمَنْعِ وَالْإِبَاحَةِ فَالْهَدْيُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ خِطَامِهِ وَلَا مِنْ جِلَالِهِ فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَمَرَ أَنْ يُؤْخَذَ شَيْءٌ مِنْهُ وَأَتْلَفَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُتْلِفْهُ كُلًّا وَلَا بَعْضًا رَدَّهُ لَهُمْ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ التَّشْبِيهَ لَيْسَ تَامًّا؛ لِأَنَّ فِي إعْطَاءِ اللَّحْمِ رَبَّهُ الْمَمْنُوعَ مِنْ أَكْلِهِ وَالْأَمْرِ بِأَخْذِ شَيْءٍ هَدْيًا كَامِلًا بِخِلَافِ الْخِطَامِ وَالْجَلَالِ كَمَا عَرَفْته.

(ص) وَإِنْ سُرِقَ بَعْدَ ذَبْحِهِ أَجْزَأَ لَا قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ الْوَاجِبَ الَّذِي وَجَبَ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى، أَوْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ إذَا ذَبَحَهُ صَاحِبُهُ ثُمَّ سَرَقَهُ إنْسَانٌ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَيْهِ هَدْيٌ بَالِغُ الْكَعْبَةِ وَقَدْ بَلَغَ وَوَقَعَ التَّعَدِّي فِي خَالِصِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ لَا إنْ ضَلَّ قَبْلَ الذَّبْحِ فَلَا يُجْزِئُ وَمِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: أَجْزَأَ يُفْهَمُ أَنَّ الْهَدْيَ وَاجِبٌ أَمَّا النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ فَلَا بَدَلَ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ سُرِقَ قَبْلَ الذَّبْحِ، وَمِثْلُ مَا سُرِقَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ مَا ضَلَّ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَ فَلَا بَدَلَ عَلَى صَاحِبِهِ فِيهِ، وَأَمَّا الْوَاجِبُ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ.

(ص) وَحُمِلَ الْوَلَدُ عَلَى غَيْرٍ، ثُمَّ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ لِيَشْتَدَّ فَكَالتَّطَوُّعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَهْدَى بَدَنَةً وَقَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْمِلَ وَلَدَهَا وُجُوبًا مَعَهَا إلَى مَكَّةَ إذْ لَا مَحَلَّ لَهُ دُونَ الْبَيْتِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى أُمِّهِ إنْ كَانَ فِيهَا قُوَّةٌ، وَإِنْ نَحَرَهُ دُونَ الْبَيْتِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَبْلِيغِهِ بِوَجْهٍ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ بَدَلَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَيْهَا لِعَجْزِهَا عَنْ ذَلِكَ إمَّا لِضَعْفِهَا أَوْ لِخَوْفِ مَوْتِهَا فَإِنَّهُ يَتْرُكُهُ عِنْدَ مَنْ يَحْفَظُهُ حَتَّى يَشْتَدَّ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ عِنْدَ مَنْ يَحْفَظُهُ بِأَنْ كَانَ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَصِيرُ حُكْمُهُ كَهَدْيِ التَّطَوُّعِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْهَدْيِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَبْلَ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ النَّذْرِ الْمَضْمُونِ وَالْفِدْيَةِ الَّتِي جُعِلَتْ هَدْيًا وَالْجَزَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَطَبَ الْحَاصِلَ فِي جَمِيعِهَا بَعْدَ الْمَحَلِّ وَقَدْ جَرَى خِلَافٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْأَكْلِ أَيْ عِلَّتِهِ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ أَوْ لِلتُّهْمَةِ اهـ.

وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ كَمَا يَجْرِي فِي الْمَنْعِ مِنْ الْأَكْلِ يَجْرِي فِي أَمْرِ الْمَمْنُوعِ بِأَكْلِ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ بِأَخْذِهِ (قَوْلُهُ هَلْ إلَّا نَذْرُ إلَخْ) شَمَلَ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ بَلْ يَلْزَمُ فِي أَكْلِهِ هَدْيٌ وَيُطْلَبُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا فِيهِ الْخِلَافُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ قَدْرَ أَكْلِهِ فَقَطْ.

وَبَيَّنَ الْمَضْمُونَ فَقَالَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ إنْ قِيلَ لِمَ كَانَ عَلَيْهِ فِي النَّذْرِ الْمَضْمُونِ الْبَدَلُ وَفِي الْمُعَيَّنِ قَدْرُ مَا أَكَلَ وَكِلَاهُمَا حَصَلَ فِيهِ تَعَدٍّ عَلَى حَقِّ الْمَسَاكِينِ وَظَاهِرُ الْحَالِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِيهِمَا مِثْلُ مَا أَكَلَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ فِي الْمَضْمُونِ إنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُطْعِمَ الْمَسَاكِينَ لَحْمًا مِنْ هَدْيٍ جَوَّزَهُ لَهُمْ فَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِلَحْمٍ مِثْلِهِ مِنْ هَدْيٍ وَجَبَ لَهُمْ وَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ إلَّا مِنْ هَدْيٍ آخَرَ يَنْحَرُهُ لَهُمْ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَمَّا نَذَرَهُ هَدْيًا وَأَوْجَبَهُ لِلْمَسَاكِينِ فَكَأَنَّهُ أَوْجَبَ لَهُمْ أَكْلَ لَحْمٍ بِعَيْنِهِ فَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ أَرَاقَ الدَّمَ الَّذِي كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ وَمَا عَدَلَ بِهِ مِنْ لَحْمِهَا عَنْ وَجْهِهِ فَهُوَ قَدْ أَتَى بِهِ وَلِذَلِكَ أَجْزَأَ عَنْهُ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ أَخَذَ أَوْ وَكِيلُهُ قَدْرًا مِمَّا يُمْنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ، أَوْ أَمَرَا غَيْرَهُمَا بِالْأَخْذِ مِنْهُ ثُمَّ رَدَّ كُلٌّ عَيْنَ مَا أَخَذَ وَلَوْ مَطْبُوخًا لَا لَانْبَغَى أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ رَدَّ لَحْمًا مِمَّا ذُبِحَ لَهُمْ قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ عج

. (قَوْلُهُ إذْ الْمَخْطِمُ الْأَنْفُ) عِلَّةٌ لَا تُنَاسِبُ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمِصْبَاحِ خِلَافُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ أَنَّ الْخَطْمَ مُقَدِّمُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَخْطِمُ الْأَنْفِ.

(قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ) الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْعَيْبَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ لَا يَضُرُّ أَنَّ الْعَيْبَ مِنْ اللَّهِ لَا صُنْعَ لِأَحَدٍ مِنْهُ وَأَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَعِيبَ يَنْتَفِعُ بِهِ الْفُقَرَاءُ بِخِلَافِ الْمَسْرُوقِ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ التَّعَدِّي فِي خَالِصِ إلَخْ) أَيْ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهِ وَصَرْفُهَا لِلْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَجْزَأَ يُفْهَمُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَأَجْزَأَ: اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ.

(قَوْلُهُ: وَحُمِلَ الْوَلَدُ عَلَى غَيْرٍ) أَيْ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ سَوْقُهُ كَمَا يُحْمَلُ رَحْلُهُ ك (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا) الْحَاصِلُ أَنَّ حَمْلَهُ إلَى مَكَّةَ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَاجِبٌ وَحَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْأُمِّ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ سَوْقُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ إلَخْ) فِي كَلَامِهِ إجْحَافٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ عج وَتَبِعَهُ عب وشب أَنَّ قَوْلَهُ فَكَالتَّطَوُّعِ أَيْ يَعْطَبُ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنْ كَانَ فِي مُسْتَعْتَبٍ أَيْ أَمْنٍ نَحَرَهُ فِي مَحَلِّهِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ كَانَتْ أُمُّهُ عَنْ تَطَوُّعٍ أَوْ وَاجِبٍ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَكَذَا إنْ أَمَرَ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مُسْتَعْتَبٍ كَطَرِيقٍ فَإِنَّهُ يُبْدِلُهُ بِهَدْيٍ كَبِيرٍ وَلَا يُجْزِئُهُ بَقَرَةٌ يُرِيدُ فِي نِتَاجِ الْبَدَنَةِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بَدَلُهُ ذَكَّاهُ وَتَرَكَهُ اهـ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ، ثُمَّ عَلَيْهَا وَإِلَّا تَرَكَهُ لِيَشْتَدَّ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَكَالتَّطَوُّعِ لَكَانَ أَظْهَرَ.

ص: 386

الْوَاجِبِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ اهـ وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ يَنْحَرُهُ وَيَتْرُكُهُ لِلنَّاسِ يَأْكُلُونَهُ وَلَا يَأْكُلُ هُوَ مِنْهُ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا أَبْدَلَهُ وَكَذَلِكَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ فَلَوْ وَجَدَ بِالْأُمِّ عَيْبًا لَا تُجْزِئُ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي وَلَدِهَا وَكَانَ مَعَهَا فِي حُكْمِ الْهَدْيِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَأَمَّا ذَبْحُ وَلَدِ الْهَدْيِ قَبْلَ التَّقْلِيدِ فَمُسْتَحَبٌّ كَوَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الذَّبْحِ.

(ص) وَلَا يَشْرَبُ مِنْ اللَّبَنِ وَإِنْ فَضَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَدَنَةَ الْهَدْيَ إذَا قَلَّدَهَا صَاحِبُهَا وَأَشْعَرَهَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ وَخَرَجَتْ مَنَافِعُهَا أَيْضًا فَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا وَإِنْ فَضَلَ عَنْ رِيِّ فَصِيلِهَا لَكِنْ إنْ أَضَرَّ بَقَاؤُهُ فِيهَا بِهَا فَإِنَّهُ يَحْلُبُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِأَنَّ شُرْبَهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ فَإِنْ شَرِبَ لَبَنَ هَدْيِهِ وَحَصَلَ لِلْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ نَقْصٌ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ وَإِنْ حَصَلَ لِمَا ذُكِرَ هَلَاكٌ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ مُوجَبَ فِعْلِهِ (ش) أَيْ مِنْ أَرْشٍ أَوْ بَدَلٍ كَمَا مَرَّ وَمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ فَضَلَ وَاوُ الْحَالِ وَقَوْلُهُ الْأُمَّ مَعْمُولُ أَضَرَّ وَمُوجَبُ فِعْلِهِ مَعْمُولُ غَرِمَ أَيْ مَا أَوْجَبَهُ.

(ص) وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا بِلَا عُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ يُنْدَبُ لِصَاحِبِهِ عَدَمُ رُكُوبِهِ إذَا كَانَ لَا عُذْرَ لَهُ وَلَا يَحْمِلُ زَادَهُ وَلَا شَيْئًا يُتْعِبُهَا، وَأَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا فَلَوْ تَلِفَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ:(فَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِ بِلَا عُذْرٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (بَعْدَ الرَّاحَةِ) وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ الِاضْطِرَارُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ تت فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ اُضْطُرَّ وَرَكِبَ فَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ أَيْ وَيُطْلَبُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَلَّابِ وَفَسَّرَ اللَّخْمِيُّ الِاضْطِرَارَ بِأَنْ لَا يَجِدَ مَا يَكْتَرِي بِهِ، أَوْ لَا يَجِدَ مَا يَكْتَرِيهِ اهـ.

وَإِذَا رَكِبَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا وَإِمَّا إذَا رَكِبَهَا لِعُذْرٍ وَتَلِفَتْ فَهَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا؟ وَفِي تت مَا يُفِيدُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا حَصَلَ مِنْهُ تَعَدٍّ عَلَيْهَا وَإِذَا نَزَلَ بَعْدَ الرَّاحَةِ فَلَا يَرْكَبُهَا ثَانِيًا إلَّا إذَا اُضْطُرَّ كَالْأَوَّلِ.

(ص) وَنَحْرُهَا قَائِمَةً أَوْ مَعْقُولَةً (ش) أَيْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَتَهُ قَائِمَةً عَلَى قَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ مُقَيَّدَةً أَوْ مَعْقُولَةَ الْيَدِ الْيُسْرَى أَيْ يُثْنِي ذِرَاعَهَا الْيُسْرَى إلَى عَضُدِهَا.

(ص) وَأَجْزَأَ إنْ ذَبَحَ غَيْرُهُ عَنْهُ مُقَلَّدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ الْمُقَلَّدَ، أَوْ الْمُشْعَرَ إذَا نَحَرَهُ شَخْصٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ إذَا كَانَ الَّذِي نَحَرَهُ مُسْلِمًا لَا كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَعَلَى صَاحِبِهِ بَدَلُهُ، وَقَوْلُهُ: أَجْزَأَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَاجِبِ كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَرَدَّ تت عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، قَوْلُهُ عَنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَجْزَأَ وَكَانَ الْأَلْيَقُ تَقْدِيمَهُ فَيَقُولُ وَأَجْزَأَ عَنْهُ إنْ نَحَرَهُ غَيْرُهُ مُقَلَّدًا أَوْ مُشْعَرًا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُهُ (وَلَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ نَوَى النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ رَبِّهِ (إنْ غَلِطَ النَّائِبُ) ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْقُرْبَةَ لَا إنْ تَعَمَّدَ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ.

(ص) وَلَا يُشْتَرَكُ فِي هَدْيٍ (ش) أَيْ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ لَا فِي ثَمَنِهِ وَلَا فِي أَجْرِهِ وَلَوْ كَانَ تَطَوُّعًا، وَالْأَقَارِبُ وَالْأَجَانِبُ سَوَاءٌ، وَمِثْلُ الْهَدْيِ فِي ذَلِكَ الْجَزَاءُ وَالْفِدْيَةُ فَلَوْ قَالَ فِي دَمٍ لَكَانَ أَشْمَلَ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأُضْحِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَشْتَرِكُ فِيهَا فِي الْأَجْرِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا) أَيْ يُكْرَهُ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا مُنِعَ، حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَارِحِنَا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا مُنِعَ مِنْ أَكْلِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَمْنُوعِ مِنْ أَكْلِهِ فَيَجُوزُ شُرْبُهُ وَفَضَلَ بِكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِهَا إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ بِمَعْنَى زَادَ فَهُوَ مِنْ بَابِ قَتَلَ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى بَقِيَ فَفِي مُضَارِعِهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ وَإِنْ فَضَلَ عَنْ رَيِّ فَصِيلِهَا) فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ، أَوْ أَضَرَّ مُنِعَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلُبُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ) أَيْ نَدْبًا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ شُرْبَهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ أَيْ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَيْ إذَا عَادَ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ بِشُرْبِهِ) أَيْ أَوْ حَلْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهُ أَوْ بَقَائِهِ بِضَرْعِهَا (قَوْلُهُ وَاوُ الْحَالِ) أَيْ لِأَنَّهَا إنْ جُعِلَتْ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْحَالُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَشْرَبُ أَيْ يُكْرَهُ لَاقْتَضَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْضُلْ يُكْرَهُ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ

(قَوْلُهُ وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا إلَخْ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا فِي النَّقْلِ وَعِبَارَتُهُ لَا تُفِيدُ لِاحْتِمَالِهَا الْكَرَاهَةَ وَخِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ وَيُطْلَبُ بِهِ) أَيْ نَدْبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَعْقُولَةً) عُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ مَعْقُولَةً عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ هُوَ مُقَيَّدَةٌ وَبِهِ يَسْقُطُ مَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ مَعْقُولَةً هِيَ قَائِمَةٌ فَكَيْفَ يُقَابَلُ قَائِمَةً بِمَعْقُولَةٍ وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّهَا تُنْحَرُ قَائِمَةً مُقَيَّدَةً إلَّا أَنْ يَخَافَ ضَعْفَهُ عَنْهَا وَامْتِنَاعَهَا مِنْ الصَّبْرِ فَيَعْقِلُهَا، أَوْ حِينَئِذٍ تَكُونُ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَنَقَلَ تت عَنْ سَنَدٍ أَنَّ الْبَقَرَ إذَا نُحِرَتْ فَقَائِمَةً أَيْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ هَلْ تُقَيَّدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ تُعْقَلُ لِعُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ أَمْكَنَ عَقْلُهَا ك.

(قَوْلُهُ وَيُرَجِّحُهُ) أَيْ يُرَجِّحُ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى التَّقْدِيمُ (قَوْلُهُ لَا إنْ تَعَمَّدَ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُ سَوَاءٌ وَكَّلَهُ صَاحِبُهُ عَلَى ذَبْحِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ فَيُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا وَلَوْ ذَبَحَهَا النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا مَعَ إنَابَةِ رَبِّهَا لَهُ دُونَ الْهَدْيِ فَهِيَ تُخَالِفُ الْهَدْيَ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَالْفَرْقُ فِي الْأَمْرِ الثَّانِي أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَمَّا كَانَ لِرَبِّهَا أَكْلُهَا دُونَ وُجُوبِ تَصَدُّقٍ وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى إظْهَارِ شَعِيرَةِ الْإِسْلَامِ طُلِبَ فِيهَا الِاسْتِنَابَةُ حَيْثُ لَمْ يَذْبَحْ وَلَمْ يَجْزِ مَعَ عَدَمِهَا وَالْهَدْيُ لَمَّا مُنِعَ مُهْدِيهِ مِنْ أَكْلِهِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ فَكَانَ كُلُّ أَحَدٍ كَأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِذَكَاتِهِ لِإِيصَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَلِذَا أَجْزَأَ فِعْلَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْفَرْقُ فِي الْأَمْرِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَمَّا افْتَقَرَتْ لِإِنَابَةٍ أَجْزَأَتْ عَنْ رَبِّهَا مَعَ نِيَّةِ النَّائِبِ عَمْدًا عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ خِلَافُ نِيَّةِ الْمُنِيبِ وَالْهَدْيُ لَمَّا لَمْ يَفْتَقِرْ لِإِنَابَةِ لَمْ يَجْزِ عَنْ رَبِّهِ إنْ تَعَمَّدَ الْغَيْرُ ذَبْحَهُ عَنْ نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ) أَيْ يَحْرُمُ.

ص: 387