الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الظُّهْرِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ سَاهِيًا أَوْ مُعْرِضًا عَنْهَا مُتَعَمِّدًا تَرَدُّدٌ أَيْ هَلْ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ، أَوْ يُخَيَّرُ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ
(ص) وَنُدِبَ تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ وَالدُّخُولُ ضُحًى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبَ لِلْمُسَافِرِ تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ أَيْ الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ وَيُسْتَحَبُّ اسْتِصْحَابُ هَدِيَّةٍ بِقَدْرِ حَالِهِ - إنْ طَالَ سَفَرُهُ - وَابْتِدَاءُ دُخُولِهِ بِالْمَسْجِدِ وَالدُّخُولُ ضُحًى لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي السُّرُورِ وَيُكْرَهُ الطُّرُوقُ لَيْلًا خَوْفَ أَنْ يَجِدَ فِي بَيْتِهِ مَا يَكْرَهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَعْلُومِ الْقُدُومِ بِوَقْتٍ وَفِي حَقِّ ذِي الزَّوْجَةِ فَالْمُرَادُ بِضُحًى أَنْ لَا يَدْخُلَ لَيْلًا لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الطُّرُوقُ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ لَيْلًا وَفِي كِتَابَةٍ أُخْرَى الْمُرَادُ بِالضُّحَى هُنَا مَا قَبْلَ الْعَشِيِّ أَيْ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْقَصْرِ شَرَعَ فِي أَسْبَابِ جَمْعِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ وَهِيَ سِتَّةٌ السَّفَرُ وَالْمَطَرُ وَالْوَحْلُ مَعَ الظُّلْمَةِ وَالْمَرَضُ وَعَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَتَكَلَّمَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَسَيَذْكُرُ الْبَاقِيَ فِي مَحَلِّهِ وَالْخَوْفُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُسَافِرَ تَارَةً تَزُولُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ أَوْ رَاكِبٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ، أَوْ بَيْنَهُمَا فَإِنْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَيَجْمَعُ الْعَصْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ مَعَ الظُّهْرِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ ضَرُورِيٌّ لِلْعَصْرِ فَيُغْتَفَرُ إيقَاعُهَا فِيهِ لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ فَلَا يَجْمَعُ بَلْ يُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ وَيُؤَخِّرُ الْعَصْرَ وُجُوبًا لِنُزُولِهِ فَيُوقِعُهَا فِي مُخْتَارِهَا وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ دُخُولِ الِاصْفِرَارِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَيُخَيَّرُ فِي الْعَصْرِ إنْ شَاءَ جَمَعَهَا مَعَ الظُّهْرِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا لِنُزُولِهِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ تَقْدِيمِهَا عِنْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخُصُّهَا وَلَا يَتَعَلَّقُ عَلَى الْمُصَلِّي حِينَئِذٍ ذَنْبٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ اهـ.
وَإِنْ زَالَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ وَهُوَ سَائِرٌ فَإِنْ نَوَى النُّزُولَ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ، أَوْ فِيهِ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ إلَى نُزُولِهِ فَيُوقِعُهَا فِي ضَرُورِيِّهِمَا فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالسَّفَرِ وَفِي مُخْتَارِ الْعَصْرِ فِي الْأُولَى وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الِاصْفِرَارِ وَدُخُولِ الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُهُمَا جَمْعًا صُورِيًّا الْأُولَى فِي آخِرِ مُخْتَارِهَا وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِهِ ثُمَّ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ حُكْمُهُ الْجَوَازُ الْغَيْرُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إذْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَلَا فَرْقَ فِي السَّفَرِ بَيْنَ كَوْنِهِ طَوِيلًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَمْ لَا جَدَّ سَيْرُهُ فِيهِ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ مِنْ مَالٍ أَوْ رُفْقَةٍ أَمْ لَا عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يُخَالِفُهُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ عَاصٍ بِهِ وَلَا لَاهٍ وَأَنْ يَكُونَ بِبَرٍّ لَا بَحْرٍ وَإِلَى هَذَا كُلِّهِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ
(ص) وَرُخِّصَ لَهُ جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ بِبَرٍّ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: الرُّجُوعُ إلَى وَطَنِهِ) أَيْ بَعْدَ قَضَاءِ وَطَرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ طَالَ سَفَرُهُ) بِالْعُرْفِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَابْتِدَاءُ دُخُولِهِ بِالْمَسْجِدِ) أَيْ وَلَا يَفْعَلُ فِي الْخُرُوجِ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي السُّرُورِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَوْ فِي غَيْرِ ذِي الزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَيْ فَيَكُونُ مُقَابِلُ الْمُسْتَحَبِّ الْكَرَاهَةَ وَقَوْلُهُ هَذَا أَيْ مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: خَوْفَ أَنْ يَجِدَ فِي بَيْتِهِ مَا يَكْرَهُ) أَيْ رُبَّمَا يَجِدُ أَهْلَهُ عَلَى غَيْرِ أُهْبَةٍ مِنْ التَّنَظُّفِ وَالتَّزَيُّنِ الْمَطْلُوبَيْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ يَجِدُهَا عَلَى غَيْرِ حَالَةٍ مُرْضِيَةٍ وَالسِّتْرُ مَطْلُوبٌ وَاقْتَحَمَ النَّهْيَ رَجُلَانِ فَوَجَدَ كُلٌّ فِي بَيْتِهِ رَجُلًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ لَيْلًا) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَكُلُّ مَا أَتَى لَيْلًا فَقَدْ طَرَقَ فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ: لَيْلًا تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ الطُّرُوقُ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْعَشِيِّ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ) وَأَوَّلُ النَّهَارِ طُلُوعُ الْفَجْرِ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا تُفِيدُهُ (فَائِدَةٌ) يُسْتَحَبُّ إذَا خَرَجَ لِلسَّفَرِ أَنْ يُسَلِّمَ هُوَ عَلَى إخْوَانِهِ، وَأَمَّا إذَا جَاءَ مِنْ السَّفَرِ وَقَدِمَ مِنْهُ فَإِنَّهُ الْمُسْتَحَبُّ لِإِخْوَانِهِ أَنْ يَأْتُوا إلَيْهِ وَيُسَلِّمُوا عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ عِنْدَ الْوَدَاعِ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَوَقَعَ ذَلِكَ لِلتَّاجُورِيِّ وَأَنْكَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي السُّنَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ الشَّيْخُ الشَّعْرَاوِيُّ فِي ذَيْلِ الطَّبَقَاتِ وَقَالَ عج عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ التُّرْجُمَانِ بَلْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ» ، وَمِنْ الْأَحْوَالِ حَالَةُ السَّفَرِ وَمِنْ الذِّكْرِ الْقُرْآنُ بَلْ أَفْضَلُ الذِّكْرِ الْقُرْآنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر: 9] ، وَأَمَّا الْفَاتِحَةُ لَهُ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الْحَطَّابُ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلَيْنِ أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْجَوَازِ وَلَا نَصَّ فِي مَذْهَبِنَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الشَّافِعِيَّةِ الْآنَ جَوَازُ ذَلِكَ قَالَ عج وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي مَذْهَبِنَا نَصٌّ فَنَرْجِعُ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي يَقُولُ بِالْحُرْمَةِ يَحْتَجُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ جَوَازُ ذَلِكَ عَنْهُ وَلَا أَذِنَ فِيهِ وَلَا يُتَهَجَّمُ عَلَى الْعَظِيمِ إلَّا بِمَا أَذِنَ فِيهِ وَهَذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ اهـ.
[أَسْبَابِ جَمْعِ الصَّلَاة]
(قَوْلُهُ: وَالْخَوْفُ) أَيْ خَوْفُ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) ذَكَرَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ حَيْثُ قَالَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَانِ وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ مَشَقَّتَهُ أَكْثَرُ مِنْ مَشَقَّةِ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ وَالْمَرَضِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ كَالْمَرَضِ إنْ كَانَ خَوْفًا يُتَوَقَّعُ مَعَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ جَمَعَهُمَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ خَوْفًا يَمْنَعُ مِنْ تَكْرَارِ الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَالِانْفِرَادِ بِهَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِهِمَا الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ. . . إلَخْ) . اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ شَهَرَ الْجَمْعَ وَاللَّخْمِيَّ اخْتَارَ التَّأْخِيرَ لِلنُّزُولِ أَيْ الْقَوْلَ بِذَلِكَ فَإِذَنْ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ قَوْلَيْنِ فَأَيْنَ التَّأْخِيرُ الَّذِي أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ إنَّهُ يَجْمَعُ وَيَجْعَلُهُ الْمَشْهُورُ وَنَصُّهُ: إنْ كَانَ ارْتِحَالُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَكَانَ لَا يَنْزِلُ إلَّا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ أَدَّى الصَّلَاتَيْنِ حِينَ ارْتِحَالِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ بِالتَّخْيِيرِ إلَّا أَنَّ تَأْخِيرَهُ الثَّانِيَةَ أَوْلَى وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِتَأْخِيرِ الثَّانِيَةِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ يَخُصُّهَا) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ الضِّيقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَائِرٌ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ أَيْ سَائِرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاكِبًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا بُدَّ. . . إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى التَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَاصٍ بِهِ وَلَاهٍ) فَلَوْ كَانَ عَاصِيًا أَوْ لَاهِيًا فَهَلْ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الْقَصْرِ مِنْ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بِبَرٍّ) أَيْ لَا بِبَحْرٍ
وَإِنْ قَصَرَ وَلَمْ يَجِدْ بِلَا كُرْهٍ وَفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ بِمَنْهَلٍ زَالَتْ بِهِ وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ أَخَّرَ الْعَصْرَ وَبَعْدَهُ خُيِّرَ فِيهَا وَإِنْ زَالَتْ رَاكِبًا أَخَّرَهُمَا إنْ نَوَى الِاصْفِرَارَ، أَوْ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَفِي وَقْتَيْهِمَا (ش) كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّرْخِيصِ أَيْ فِي جَوَازِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ رَاجِحًا أَوْ مَرْجُوحًا فَشَيْءٌ آخَرُ وَالْجَوَازُ لَا يُنَافِي الْمَرْجُوحِيَّةَ وَقَوْلُهُ بِلَا كُرْهٍ أَيْ كَرَاهَةٍ لَا تُنَافِي الْمَرْجُوحِيَّةَ أَيْضًا وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْمُسَافِرِ السَّابِقِ لَا بِقُيُودِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ قُصِدَتْ دَفْعَةً إلَخْ بَلْ بِبَعْضِهَا وَهِيَ غَيْرُ عَاصٍ وَلَاهٍ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُقَيَّدِ بِدُونِ بَعْضِ قُيُودِهِ أَيْ رُخِّصَ لِلْمُسَافِرِ غَيْرِ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ وَاللَّاهِي بِهِ وَقَوْلُهُ بِبَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ وَبِمَنْهَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَصَرَ وَإِسْنَادُ الْجِدِّ لِلسَّيْرِ مِنْ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ وَهُوَ إسْنَادُ مَا لِلشَّيْءِ إلَى مُلَابِسِهِ وَإِلَّا فَالْمُجِدُّ إنَّمَا هُوَ الْمُسَافِرُ قَوْلُهُ بِلَا كُرْهٍ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ لَكِنَّ تَرْكَهُ أَرْجَحُ قَوْلُهُ وَفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ أَيْ فِي السَّيْرِ لَا لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ بَلْ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ مُهِمٍّ مِنْ مَالٍ، أَوْ رُفْقَةٍ، أَوْ مُبَادَرَةِ مَا يُخَافُ فَوَاتُهُ وَإِنْ جَمَعَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَنْ لَمْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الثَّانِيَةَ فِي الْوَقْتِ قَوْلُهُ بِمَنْهَلٍ هُوَ مَحَلُّ النُّزُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ وَقِيلَ بِرُخِّصَ وَقَالَ ز قَوْلُهُ بِمَنْهَلٍ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِبَرٍّ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ الْمُقَدَّرِ وَبِبَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِجَمَعَ الْمَذْكُورِ وَلَا يَكُونُ بَدَلًا لَا لِلُزُومِ تَعَلُّقِ حُرٍّ فِي جَرِّ مُتَّحِدِي الْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اهـ.
وَقَوْلُهُ زَالَتْ إلَخْ أَيْ زَالَتْ عَلَى الْمُسَافِرِ حَالَةَ كَوْنِهِ بِهِ أَيْ بِالْمَنْهَلِ وَهُوَ مَحَلُّ نُزُولِهِ لِأَنَّ الشَّمْسَ إنَّمَا تَزُولُ فِي السَّمَاءِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ مُتَعَلِّقٌ بِالنُّزُولِ لَا بِنَوَى لِأَنَّ النِّيَّةَ عِنْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ وَبَعْدَ مَعْطُوفَانِ عَلَى بَعْدَ، قَوْلُهُ خُيِّرَ فِيهَا أَيْ فِي الْعَصْرِ وَنُسْخَةٌ فِيهِمَا بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ فَاسِدَةٌ وَتَقْرِيرُ تت لَهَا وَمُحَاوَلَتُهُ لِتَصْحِيحِهَا غَيْرُ سَدِيدٍ قَوْلُهُ وَإِنْ زَالَتْ رَاكِبًا إلَخْ أَيْ سَائِرٌ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ الْمَاشِيَ عَلَى مَا فِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِي وَقْتَيْهِمَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ وَلَا قَبْلَهُ بَلْ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَعِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ حُكْمَ نِيَّةِ النُّزُولِ فِي الِاصْفِرَارِ كَحُكْمِهِ بَعْدَ الْغُرُوبِ
(ص) كَمَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ مِنْ الْمُسَافِرِينَ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا قَبْلَهُ فِي جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتَيْهِمَا وَقَوْلُهُ (وَكَالْمَبْطُونِ) ثَانِي
ــ
[حاشية العدوي]
؛ لِأَنَّا لَا نُبِيحُ الْجَمْعَ لِلْمُسَافِرِ إلَّا عِنْدَ جِدِّ السَّيْرِ خَوْفَ فَوَاتِ أَمْرٍ وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي سَفَرِ الرِّيحِ اهـ.
وَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الْجِدَّ فِي سَفَرِ الْبَرِّ أَنْ يُبِيحَ الْجَمْعَ فِي الْبَحْرِ فَيَحْصُلُ التَّعَارُضُ بَيْنَ كَلَامَيْهِ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لَا لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ كَذَا فِي ك وشب وَقَالَ فِي ك وَالْجِدُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ الِاجْتِهَادُ وَفِي عب رَجُلٌ تَحَرَّزَ عَنْ الْمَرْأَةِ فَتَجْمَعُ وَإِنْ لَمْ يَجِدَّ بِهَا سَيْرٌ وَلَمْ يُخْشَ فَوَاتُ أَمْرٍ وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يُقَوِّيهِ (قَوْلُهُ وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الْجَمْعِ بِقَدْرِ مَا يَمْضِي مِنْ الزَّوَالِ مَا يُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ (قَوْلُهُ وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ أَخَّرَ الْعَصْرَ) وُجُوبًا كَمَا قِيلَ فَإِنْ قَدَّمَهَا أَجْزَأَتْ وَيَنْبَغِي أَنْ تُعَادَ فِي الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ خُيِّرَ فِيهَا) وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيُّهَا الْأَصْلِيُّ (قَوْلُهُ أَخَّرَهُمَا. . إلَخْ) وُجُوبًا كَذَا قِيلَ وَفِيهِ شَيْءٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّ تَأْخِيرَهُمَا جَوَازًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ الْأُولَى جَائِزٌ وَالثَّانِيَةِ وَاجِبٌ لِنُزُولِهِ بِوَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ، كَذَا كَتَبَ وَالِدُ عب وَلِلَّخْمِيِّ أَنَّ تَأْخِيرَهُمَا جَائِزٌ أَيْ وَيَجُوزُ إيقَاعُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَلَوْ جَمْعًا صُورِيًّا وَلَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا جَمْعَ تَقْدِيمٍ لَكِنْ إنْ وَقَعَ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ وَإِعَادَةُ الثَّانِيَةِ فِي الْوَقْتِ قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ بِمَعْنَى لَا يُقَدِّمُ الْعَصْرَ فَلَا يُنَافِيَ أَنَّهُ يَجُوزُ إيقَاعُ كُلِّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا وَالْجَوَازُ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي جَوَازِهِ) أَيْ الْجَمْعِ الْمُنَاسِبِ أَيْ فِي تَجْوِيزِهِ أَيْ تَجْوِيزِهِ الْجَمْعَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَفْسِيرُ الشَّيْءِ بِأَثَرِهِ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ أَيْ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: وَبِمَنْهَلٍ. . إلَخْ) الْأَحْسَنُ فِي هَذَا كُلِّهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ بِبَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ وَبِمَنْهَلٍ بَدَلٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جُعِلَ قَوْلُهُ بِبَرٍّ مُتَعَلِّقًا بِرُخِّصَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ تَرْخِيصَ الشَّارِعِ حِينَ صَدَرَ مِنْهُ كَانَ فِي الْبَرِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ مُهِمٌّ) لَمْ يُقَيِّدْ الْأَمْرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِكَوْنِهِ مُهِمًّا فَتَقْيِيدُ س وَغَيْرِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: هُوَ مَحَلُّ النُّزُولِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ، وَعِبَارَةُ عج وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمَنْهَلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْهَاءِ الْمَوْرِدُ وَهُوَ عَيْنُ مَاءٍ تَرِدُهُ الْإِبِلُ اهـ.
وَعَبَّرَ بِهِ عَنْ نُزُولِ الْمُسَافِرِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ مَاءٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَعْطُوفَانِ عَلَى بَعْدَ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَالْجَوَابِ (قَوْلُهُ فَاسِدَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ صَحِيحَةٌ بِتَرْجِيعِ الضَّمِيرِ لِلتَّأْخِيرِ وَعَدَمِهِ أَوْ الْجَمْعِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَتَقْرِيرُ تت) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَالثَّالِثَةُ إنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ دُخُولِ الِاصْفِرَارِ وَقَبْلَ فَرَاغِهِ صُورَةٌ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ خُيِّرَ فِيهِمَا بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَنْهَلِ أَوْ بَعْدَ الِاصْفِرَارِ وَنَحْوِهِ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ الْجَوَاهِرِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ نَوَى الِاصْفِرَارَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: فَفِي وَقْتَيْهِمَا جَمْعًا صُورِيًّا) أَيْ فَهُوَ جَمْعٌ صُورَةً أَيْ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْجَمْعِ تَأْخِيرُ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ أَوْ تَقْدِيمُهَا (قَوْلُهُ: عَلَى كَلَامِ ابْنِ مَسْلَمَةَ) وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ مَسْلَمَةَ يَقُولُ إنْ نَوَى النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ يُؤَخِّرْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالسَّفَرِ وَلِذَا لَا يَأْثَمُ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْقِيَاسُ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يَجْمَعُهُمَا جَمْعًا صُورِيًّا فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ وَلَا قَبْلَهُ بَلْ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ مَسْلَمَةَ.
(قَوْلُهُ وَعِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ إلَخْ) فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: الِاصْفِرَارِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مُقَارِبَ الِاصْفِرَارِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ قَبْلَهُ قَبْلِيَّةً طَوِيلَةً، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ النُّزُولَ مُقَارِبَ الِاصْفِرَارِ وَلَا قَبْلَهُ قَبْلِيَّةً طَوِيلَةً أَيْ بِأَنْ نَوَى النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَمَنْ لَا يَضْبِطُ) هَذَا إذَا زَالَتْ وَهُوَ رَاكِبٌ وَإِلَّا صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا (قَوْلُهُ كَحُكْمِ مَا قَبْلَهُ فِي الْجَمْعِ. . إلَخْ) وَيَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَكَالْمَبْطُونِ) .
أَسْبَابِ الْجَمْعِ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْجَمْعُ الصُّورِيُّ وَلَيْسَ الْحُكْمُ مَخْصُوصًا بِالْمَبْطُونِ بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ مَنْ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ بِالْوُضُوءِ أَوْ الْقِيَامِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِقَوْلِهِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ لِلْمَرِيضِ أَرْفَقَ بِهِ لِشِدَّةِ مَرَضٍ أَوْ بَطْنٍ مُنْخَرِقٍ مِنْ غَيْرِ مَخَافَةٍ عَلَى عَقْلٍ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ حَمَلَ جَمَاعَةٌ قَوْلَهَا وَسَطَ الْوَقْتِ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ وَهُوَ آخِرُ الْقَامَةِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِرُبُعِ الْقَامَةِ وَقِيلَ يَجْمَعُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْأُولَى وَقَوْلُهُ وَكَالْمَبْطُونِ أَيْ الَّذِي لَا يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ بَلْ إمَّا أَنْ يُقَدِّمَ أَوْ يُؤَخِّرَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَمَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ
(ص) وَلِلصَّحِيحِ فِعْلُهُ (ش) يَعْنِي وَلِلصَّحِيحِ الْمُقِيمِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعًا صُورِيًّا فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ عَنْ وَقْتِهَا بَلْ أَوْقَعَ كُلًّا مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا إلَّا أَنَّ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ تَفُوتُهُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ وَذِي الْعُذْرِ فَلَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْوَقْتِ (ص) وَهَلْ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ مِنْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَتَخْيِيرٍ فَيَنْزِلُ الْفَجْرُ مَنْزِلَةَ الْغُرُوبِ وَالثُّلُثُ الْأَوَّلُ مَنْزِلَةَ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَمَا بَعْدَهُ لِلْفَجْرِ بِمَنْزِلَةِ الِاصْفِرَارِ فَإِذَا غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ جَمَعَ الْعِشَاءَ مَعَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ الِارْتِحَالِ وَإِنْ نَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَخَّرَ الْعِشَاءَ وُجُوبًا إلَى نُزُولِهِ وَإِنْ نَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ بَيْنَهُمَا خُيِّرَ فِي الْعِشَاءِ إنْ شَاءَ قَدَّمَهَا مَعَ الْمَغْرِبِ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا إلَى نُزُولِهِ وَالْمُعَادِلُ لِهَلْ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوَّلًا أَيْ لَيْسَا كَالظُّهْرَيْنِ وَإِنَّمَا يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ لِأَنَّ وَقْتَيْهِمَا لَيْسَ وَقْتَ رَحِيلٍ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ لِأَنَّ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ رَاكِبٌ لَا خِلَافَ أَنَّ حُكْمَهُ فِيهِمَا كَالظُّهْرَيْنِ فَيُؤَخِّرُهُمَا إنْ نَوَى الثُّلُثَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ أَوْ قَبْلَهُمَا وَإِنْ نَوَى بَعْدَ الْفَجْرِ فَفِي وَقْتَيْهِمَا جَمْعًا صُورِيًّا وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ هُوَ التَّأْوِيلُ الْمُصَرَّحُ بِهِ لَا الْمَطْوِيُّ
(ص) وَقَدَّمَ خَائِفُ الْإِغْمَاءِ وَالنَّافِضُ وَالْمَيْدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا خَافَ الْإِغْمَاءَ، أَوْ الْحُمَّى النَّافِضَةَ أَيْ الْمُرْعِدَةَ أَوْ الدَّوْخَةَ عِنْدَ الْعَصْرِ أَوْ الْعِشَاءِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الْعَصْرَ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ أَوَّلِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ وَقَدَّمَ أَيْ اسْتِحْبَابًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَجَوَازًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَارْتَضَاهُ ق وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْحُمَّى بِالنَّافِضَةِ لِأَنَّ الْحُمَّى غَيْرَ النَّافِضَةِ يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ الصَّلَاةِ
(ص) وَإِنْ سَلَّمَ، أَوْ قَدَّمَ وَلَمْ يَرْتَحِلْ أَوْ ارْتَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَزَلَ عِنْدَهُ فَجَمَعَ أَعَادَ الثَّانِيَةَ بِالْوَقْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ خَائِفَ الْإِغْمَاءِ وَمَنْ مَعَهُ إذَا قَدَّمَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى ثُمَّ لَمْ يَحْصُلْ مَا خَافَهُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ، أَوْ قَدَّمَ الْمُسَافِرُ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَ تَقْدِيمُهَا وَاجِبًا
ــ
[حاشية العدوي]
وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كُلُّ مَنْ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ. . . إلَخْ) أَيْ إذَا صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَلَا تَحْصُلُ لَهُ إذَا صَلَّاهُمَا مُجْتَمِعِينَ (قَوْلُهُ: بِرُبْعِ الْقَامَةِ) أَيْ يَحْصُلُ مِنْ الظِّلِّ رُبْعُ الْقَامَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ) أَيْ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمَبْطُونَ يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ لَك أَنْ تَقُولَ أَنَّ قَوْلَهُ كَمَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَكَالْمَبْطُونِ أَيْ الَّذِي لَا يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ وَالْمُغَايَرَةُ حَاصِلَةٌ تَحْقِيقًا.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ بِمَرْجُوحِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ. . . إلَخْ) وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ تَصْرِيحِهِ بِهِ وَحَذْفِ مُقَابِلِهِ.
(قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدِّمَ: عَلَى الْمَشْهُورِ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ مُتَعَلِّقٌ بِيُقَدِّمَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ أَيْ فَالتَّقْدِيمُ مَشْهُورٌ ثُمَّ يُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابًا وَيُحْتَمَلُ جَوَازًا أَيْ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا فَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَاسْتُظْهِرَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِغْمَاءِ فَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى الْجَمْعِ، وَكَمَا إذَا خَافَتْ أَنْ تَحِيضَ أَوْ تَمُوتَ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهَا الْجَمْعُ ذَكَرَ ذَلِكَ بَهْرَامُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالْإِغْمَاءِ بِأَنَّ الْحَيْضَ يُسْقِطُ الصَّلَاةَ قَطْعًا بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا، أَوْ أَنَّ الْحَيْضَ الْغَالِبُ فِيهِ أَنْ يَعُمَّ الْوَقْتُ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَهَذَا يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ الْجُنُونِ لَهُ ك (قَوْلُهُ: وَارْتَضَاهُ ق) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ (أَقُولُ)، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَهُوَ التَّقْدِيمُ اسْتِحْبَابًا فَفِي الْمَوَّاقِ فِيهَا لِمَالِكٍ إذَا خَافَ الْمَرِيضُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ جَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ لَا قَبْلَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِنْدَ الْغُرُوبِ اهـ. فَإِنَّ صِيغَةَ الْفِعْلِ إنْ لَمْ تُحْمَلْ عَلَى الْوُجُوبِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى النَّدْبِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَيْدِ: جَمْعُهُ عِنْدَ الزَّوَالِ أَحَبُّ إلَيَّ مَنْ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِهَا قَاعِدًا اهـ. ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْتُ مُحَشِّيَ تت قَالَ: قَالَ تت: لَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَ التَّقْدِيمِ سَبَقَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَعَبَّرَ س وَمَنْ تَبِعَهُ بِالِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ وَخِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْمَشْهُورُ جَوَازُهُ.
وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ التَّقْدِيمُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ نَقَلَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اهـ.
وَهُوَ لَا يُعَادِلُ الْأَوَّلَ فَالصَّوَابُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْجَوَازِ وَإِنْ كَانَ تَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ يَنْبُو عَنْ ذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: تَعْبِيرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْمَشْهُورُ الْجَوَازُ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ مَنْ مَنَعَ وَهَذَا لَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ خُصُوصًا وَقَدْ عَلِمْتَ النَّصَّ الصَّرِيحَ فِي الْمَيْدِ عِنْدَ الزَّوَالِ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَدْ اقْتَصَرَ بَعْضُ شُيُوخِ الْبَدْرِ عَلَى النَّدْبِ للح.
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَوْ قَدَّمَ) مَعْطُوفٌ عَلَى مِثْلِهِ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ قَدَّمَ وَسَلَّمَ أَوْ قَدَّمَ وَلَمْ يَرْتَحِلْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ تَقْدِيمُهَا وَاجِبًا) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَنْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ
أَوْ جَائِزًا لِزَوَالِ الشَّمْسِ عَلَيْهِ نَازِلًا وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، أَوْ فِي الِاصْفِرَارِ وَلَمْ يَرْتَحِلْ لِأَمْرٍ اقْتَضَى ذَلِكَ، أَوْ لِغَيْرِ أَمْرٍ، أَوْ ارْتَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الزَّوَالُ رَاكِبًا وَنَزَلَ عِنْدَ الزَّوَالِ وَنِيَّتُهُ عَدَمُ الِارْتِحَالِ فَظَنَّ جَوَازَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ فَجَمَعَ جَهْلًا يُعِيدُ اسْتِحْبَابًا الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَالْأَرْجَحُ الضَّرُورِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي مِنْ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فِي الْفَرْعِ الثَّالِثِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا جَمَعَ غَيْرَ نَاوٍ الِارْتِحَالَ وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ
(ص) وَفِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ بِكُلِّ مَسْجِدٍ لِمَطَرٍ، أَوْ طِينٍ مَعَ ظُلْمَةٍ لَا لِطِينٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُرَخِّصُ فِي الْحَضَرِ بِرُجْحَانِ جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ بِأَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى بِكُلِّ مَسْجِدٍ وَفِي كُلِّ بَلَدٍ كَانَتْ الْمَدِينَةَ، أَوْ غَيْرَهَا لِأَجْلِ الْمَطَرِ الْغَزِيرِ وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، أَوْ الطِّينِ الَّذِي يَمْنَعُ الْمَشْيَ بِالْمَدَاسِ مَعَ ظُلْمَةِ الشَّهْرِ لَا الْغَيْمِ، وَمِثْلُ الْمَطَرِ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ لِأَجْلِ طِينٍ فَقَطْ وَلَا لِأَجْلِ ظُلْمَةٍ وَلَوْ مَعَ رِيحٍ شَدِيدٍ فَقَوْلُهُ وَفِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ رُخِّصَ أَيْ وَرُخِّصَ فِي جَمْعٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَقَطْ يَعْنِي أَنَّ الْجَمْعَ لِلْمَطَرِ وَمَا مَعَهُ مَخْصُوصٌ بِالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِمَا غَالِبًا بِخِلَافِ الْعِشَاءَيْنِ لِأَنَّهُمْ لَوْ مُنِعُوا مِنْ الْجَمْعِ لَأَدَّى إلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا حُصُولُ الْمَشَقَّةِ إنْ صَبَرُوا لِدُخُولِ الشَّفَقِ، أَوْ فَوَاتِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ إنْ ذَهَبُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ.
(تَنْبِيهٌ) : الْمَطَرُ الْمُتَوَقَّعُ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشَّاذِلِيُّ فَإِنْ قُلْت الْمَطَرُ إنَّمَا يُبِيحُ الْجَمْعَ إذَا كَثُرَ وَالْمُتَوَقَّعُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ قُلْت يُمْكِنُ عِلْمُ ذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ، ثُمَّ إنَّهُ إذَا جَمَعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ وَإِنْ سَلَّمَ أَعَادَ بِوَقْتٍ وَقَوْلُهُ لَا لِطِينٍ مَعْطُوفٌ عَلَى لِمَطَرٍ وَأَعَادَ اللَّامَ إشَارَةً إلَى ذَلِكَ وَلَوْ حَذَفَهَا مَا ضَرَّهُ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ عَطْفُهُ عَلَى ظُلْمَةٍ
(ص) أَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ كَالْعَادَةِ وَأَخَّرَ قَلِيلًا، ثُمَّ صُلِّيَا وِلَاءً إلَّا قَدْرَ أَذَانٍ مُنْخَفِضٍ بِمَسْجِدٍ وَإِقَامَةٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِ فِي صِفَةِ الْجَمْعِ وَهُوَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِلْمَغْرِبِ عَلَى الْمَنَارِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ كَالْعَادَةِ ثُمَّ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ قَلِيلًا نَدْبًا عَلَى الرَّاجِحِ بِقَدْرِ مَا يَدْخُلُ وَقْتُ الِاشْتِرَاكِ لِاخْتِصَاصِ الْأُولَى بِثَلَاثٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَالَ الْغِرْيَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ يُؤَخِّرُ قَدْرَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَقِيلَ قَدْرَ مَا تُحْلَبُ فِيهِ الشَّاةُ، ثُمَّ يُقِيمُ لِلْمَغْرِبِ ثُمَّ يُصَلِّيهَا ثُمَّ يُؤَذِّنُ لِلْعِشَاءِ أَذَانًا مُنْخَفِضًا بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ وَيُقِيمُ لَهَا، ثُمَّ يُصَلِّيهَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَقَوْلُهُ، ثُمَّ صُلِّيَا أَيْ الْفَرْضَانِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الضَّمِيرَ وَوِلَاءٍ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلَوْ قَالَ إلَّا بِأَذَانٍ مُنْخَفِضٍ إلَخْ بَدَلَ قَوْلِهِ قَدْرَ أَذَانٍ إلَخْ لَكَانَ
ــ
[حاشية العدوي]
بَعْدَ الْغُرُوبِ وَيُرَخَّصُ لَهُ الْجَمْعُ وَالْأَوْلَى لَهُ تَرْكُ الْجَمْعِ أَيْ وَيُؤَخِّرُ الْعَصْرَ لِوَقْتِهَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ تَقْدِيمُهَا وَاجِبٌ أَيْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَأَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَنْ: يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ النُّزُولُ فِي وَقْتِهَا، وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ بِمَشَقَّةٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ) أَيْ فَإِنْ رَفَضَ السَّفَرَ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى نَزَلَ عِنْدَ الزَّوَالِ أَعَادَ الثَّانِيَةَ.
(قَوْلُهُ: لِمَطَرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ حَصَلَ قَبْلَ الْمَجِيءِ لِلْمَسْجِدِ وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّ الْمَطَرَ الشَّدِيدَ الْمُسَوِّغَ لِلْجَمْعِ مُبِيحٌ لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ التَّخَلُّفِ لَا تُنَافِي أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ إذَا لَمْ يَتَخَلَّفُوا (قَوْلُهُ: كَانَتْ الْمَدِينَةَ أَوْ غَيْرَهَا) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَيْ أَوْ خَصَّهُ بِهِ وَبِمَسْجِدِ مَكَّةَ، وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ الْمَحَلُّ الَّذِي اتَّخَذَهُ أَهْلُ الْبَادِيَةِ لِصَلَاتِهِمْ بِهِ جَمَاعَةً كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُرْزُلِيُّ (قَوْلُهُ يَحْمِلُ النَّاسَ) أَيْ أَوَاسِطَ النَّاسِ كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: بِالْمَدَاسِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ إلَّا أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الطِّينُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ فَهَلْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ الْجَمْعُ تَبَعًا لِمَنْ فِي طَرِيقِهِمْ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ الْجَمْعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ رِيحٍ شَدِيدٍ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الظُّلْمَةَ وَحْدَهَا لَا يُجْمَعُ لَهَا اتِّفَاقًا وَالطِّينَ وَحْدَهُ فِيهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْجَمْعِ، وَأَمَّا الظُّلْمَةُ مَعَ شِدَّةِ الرِّيحِ فَلَا يُجْمَعُ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ رُخِّصَ) لَا يَخْفَى أَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ هُوَ جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ الْمُتَعَلِّقُ بِالْمُسَافِرِ، وَهَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالْحَاضِرِ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي تَعَلُّقَهُ بِالْمُسَافِرِ فَيُقَالُ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ بِدُونِ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ لَهُ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ عَدَّاهُ بِنَفْسِهِ وَهَلَّا عَدَّاهُ هُنَا أَيْضًا كَذَلِكَ فَيَقُولُ وَجَمْعُ الْعِشَاءَيْنِ وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَمُخْتَارِ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ الثَّانِي فَاتَّفَقُوا عَلَى التَّعْدِيَةِ بِحَرْفِ الْجَرِّ أَيْ رُخِّصَ فِي كَذَا تَرْخِيصًا وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ إنَّ فِي جَمْعِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ بَعْدَ الْوَاوِ أَيْ وَرُخِّصَ وَالنَّائِبُ عَنْ الْفَاعِلِ بِكُلِّ مَسْجِدٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِأَذَّنَ اهـ. أَيْ بِأَذَّنَ فِي قَوْلِهِ وَأَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ.
(قَوْلُهُ: بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ كَالْعَادَةِ) أَيْ فَهُوَ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: نَدْبًا عَلَى الرَّاجِحِ) وَقِيلَ وُجُوبًا كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: يُؤَخِّرُ قَلِيلًا قَدْرَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ) بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَدْرَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ تَحْصِيلَهَا لِمَنْ كَانَ مُحَصِّلَ الشُّرُوطِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مُحَصِّلًا لَهَا فَيَكُونُ قَدْرَ الثَّلَاثِ بَعْدَ مِقْدَارِ مَا يَسَعُ تَحْصِيلَهَا وَانْظُرْ مَا وَجْهُ طَلَبِ التَّأْخِيرِ قَلِيلًا فِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ دُونَ الظُّهْرَيْنِ وَلَعَلَّهُ لِلرِّفْقِ بِالْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ أَذَانًا مُنْخَفِضًا) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْأَذَانَ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي جَمَاعَةٍ تُطْلَبُ غَيْرُهَا وَلَا يَسْقُطُ بِهِ طَلَبُ الْأَذَانِ فِي وَقْتِهَا فَيُؤَذِّنُ لَهَا بِوَقْتِهَا (قَوْلُهُ: بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ) هَذَا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَقِيلَ بِمِحْرَابِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَارْتَضَاهُ اللَّقَانِيِّ أَيْ لَا بِالْمَنَارِ وَلَا بِخَارِجِ الْمَسْجِدِ؛ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَى النَّاسِ فَيَظُنُّونَ أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ دَخَلَ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُشْعِرُ بِحُرْمَتِهِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُصَلِّيهَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ) هَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ جَمْعٍ وَلَيْسَ خَاصًّا بِالْجَمْعِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ
أَحْسَنَ لِأَنَّ زِيَادَةَ لَفْظَةِ قَدْرَ مُضِرَّةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَلَامَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْأَذَانِ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ " مُنْخَفِضٍ " مُشْعِرٌ بِفِعْلِهِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَذَانَ لَا يَخْتَلِفُ قَدْرُ فِعْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُنْخَفِضًا، أَوْ مُرْتَفِعًا
(ص) وَلَا تَنَفُّلَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَمْنَعْهُ وَلَا بَعْدَهُمَا (ش) أَيْ لَيْسَ لِمَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ إذْ لَوْ شُرِعَ تَأْخِيرُ الْجَمْعِ لِلتَّنَفُّلِ لَكَانَتْ الْعِشَاءُ فِي وَقْتِهَا أَفْضَلَ لَكِنْ لَوْ وَقَعَ وَتَنَفَّلَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَمْتَنِعْ الْجَمْعُ وَلَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَهُمَا أَيْضًا فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْجَمْعِ أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي الضَّوْءِ وَالنَّفَلُ يُفِيتُ ذَلِكَ قَالَ زَرُّوقٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ جَمْعٍ يَمْنَعُ التَّنَفُّلَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِيهِ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ جَمْعُ تَقْدِيمٍ، أَوْ تَأْخِيرٍ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِمَنْعِ النَّفْلِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَانْظُرْ لَوْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ تَنَفُّلٍ فَهَلْ يَكُونُ كَالْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِهِ فَيَحْرُمُ وَلَا يُمْنَعُ الْجَمْعُ، أَوْ الْفَصْلُ بِهِ يَحْرُمُ وَيُمْنَعُ الْجَمْعُ لِأَنَّ الْمُتَنَفِّلَ أَشْغَلَ الْوَقْتَ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا بِخِلَافِ الْآخَرِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَثُرَ التَّنَفُّلُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ دَخَلَ وَقْتُ الظُّلْمَةِ الشَّدِيدَةِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَلَا تَنَفُّلَ بَيْنَهُمَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: وِلَاءً ز وَأَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَيْ لَمْ يَمْنَعْ النَّفَلُ الْجَمْعَ وَقَوْلُهُ وَلَا بَعْدَهُمَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَيْنَهُمَا أَيْ لَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَهُمَا أَيْ يُمْتَنَعُ وَهَذَا فِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ وَانْظُرْ فِي جَمْعِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ هَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّنَفُّلُ بَعْدَهُمَا أَمْ لَا؟ كَمَا إذَا فَعَلَهُمَا فِي وَقْتِهِمَا
(ص) وَجَازَ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ يَجِدُهُمْ بِالْعِشَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَذًّا، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً يَجْمَعُونَ فِي الْعِشَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فِي الْعِشَاءِ حَيْثُ كَانَ يُدْرِكُ مَعَهُمْ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لِلِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ عَنْ نِيَّتِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ تَكُونُ عِنْدَ الْأُولَى وَقَدْ فَاتَ مَحَلُّهَا بِفِعْلِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ الْجَمْعَ وَهَذَا يَرُدُّهُ مَا يَأْتِي مِنْ جَمْعِ الْمُنْفَرِدِ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ كَوْنَ نِيَّةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى فِي حَقِّ مَنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ الْأُولَى، ثُمَّ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ فِي هَذَا مَعَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِأَجْلِ الْمُخْرِجَاتِ الْآتِيَةِ، وَأَمَّا نِيَّةُ الْإِمَامِ فَتَكُونُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَقَوْلُهُ لِمُنْفَرِدٍ أَيْ عَنْ جَمَاعَةِ الْجَمْعِ فَيَصْدُقُ بِمَنْ صَلَّاهَا مَعَ غَيْرِهِمْ جَمَاعَةً وَبِمَنْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا كَمَا قَرَرْنَاهُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَجَازَ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا وَوَجَدَهُمْ فِي الْعِشَاءِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَيُؤَخِّرُهَا لِوَقْتِهَا لِأَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ وَلَا يُصَلِّي الْأُولَى فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ صَلَاةً مَعَ صَلَاةِ الْإِمَامِ
(ص) وَلِمُعْتَكِفٍ بِالْمَسْجِدِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمُنْفَرِدٍ أَيْ وَجَازَ الْجَمْعُ أَيْضًا لِلْمُعْتَكِفِ، وَالْغَرِيبُ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ تَبَعًا لِلْجَمَاعَةِ لِئَلَّا يَفُوتُهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَلِأَجْلِ التَّبَعِيَّةِ يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ الْمُعْتَكِفُ وُجُوبًا مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ عَلَى ظَاهِرِ التَّهْذِيبِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا لَا أَعْرِفُهُ
(ص) كَأَنْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ (ش) أَيْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا شَرَعُوا فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لِوُجُودِ سَبَبِ الْجَمْعِ وَهُوَ الْمَطَرُ فَلَمَّا صَلَّوْهَا أَوْ بَعْضَهَا ارْتَفَعَ السَّبَبُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ التَّمَادِي عَلَى الْجَمْعِ إذْ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ظَهَرَ عَدَمُ عَوْدَتِهِ أَمَّا لَوْ انْقَطَعَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَلَا جَمْعَ إلَّا بِسَبَبِ غَيْرِهِ فَالْمُرَادُ الشُّرُوعُ فِي الْأُولَى
(ص) لَا إنْ فَرَغُوا فَيُؤَخَّرُ لِلشَّفَقِ إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ يَجِدُهُمْ بِالْعِشَاءِ أَيْ وَإِنْ وَجَدَهُمْ فَرَغُوا مِنْ الْعِشَاءِ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ مِنْهَا رَكْعَةً
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ لَا يَدُلُّ. . . إلَخْ) وَكَمَا لَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْأَذَانِ لَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَذَانَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُ فِعْلِهِ.
(قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ) مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ وَكَذَا كُلُّ جَمْعٍ يُمْنَعُ التَّنَفُّلُ بَيْنَهُمَا. . . إلَخْ أَقُولُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْكَرَاهَةُ وَلَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَرَفَةَ عَبَّرَ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ الْمَشْهُورُ مَنْعُ التَّنَفُّلِ بَيْنَ جَمْعِهِمَا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا يَحْرُمُ وَيُمْنَعُ الْجَمْعُ) الظَّاهِرُ لَا حُرْمَةَ وَلَا يُمْنَعُ الْجَمْعُ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فَلَوْ قَعَدُوا بَعْدَ مَا جَمَعُوا إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ أَعَادُوا الْعِشَاءَ وَقِيلَ لَا يُعِيدُونَ وَقِيلَ إنْ قَعَدَ الْجُلُّ أَعَادُوا لَا الْأَقَلُّ اهـ.
وَهُوَ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَرَجَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ الثَّانِيَ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا يَرُدُّهُ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْجَوَابَ بِالِاكْتِفَاءِ يَرُدُّهُ. . . إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إمَامٌ يُكْتَفَى بِنِيَّتِهِ عَنْ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ مَعَ أَنَّهُ يَسُوغُ لَهُ الْجَمْعُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الْأُولَى (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِتَحْصِيلِ. . . إلَخْ) أَيْ الِاسْتِحْبَابُ لِأَجْلِ التَّحْصِيلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِمُعْتَكِفٍ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّ الشَّارِحَ رحمه الله قَالَ أَيْ وَجَازَ الْجَمْعُ قَالُوا الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا إلَخْ) قَيَّدَهُ عَبْدُ الْحَقِّ بِمَا إذَا كَانَ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ غَيْرُهُ وَإِلَّا تَقَدَّمَ، ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: إذَا شَرَعُوا) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَعْقِدُوا رَكْعَةً وَكَذَا إذَا انْقَطَعَ بَعْدَ تَمَامِ الْأُولَى وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا إذَا شَرَعَ فِي الثَّانِيَةِ فَيَجِبُ التَّمَادِي وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَهُمْ التَّمَادِي) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إذْ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أُمِنَ عَوْدُهُ وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ظَهَرَ عَدَمُ عَوْدَتِهِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ: ظَاهِرُهُ لَا إعَادَةَ وَلَوْ ظَهَرَ عَدَمُ عَوْدَتِهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمُبَالَغَةَ بِاعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ وَاَلَّذِي قَبْلَهَا بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ فَيُؤَخِّرُ) يَجُوزُ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالْجَزْمُ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ بِالْفَاءِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
وَالْفِعْلُ مِنْ بَعْدِ الْجَزَا إنْ يَقْتَرِنْ
…
بِالْفَا أَوْ الْوَاوِ بِتَثْلِيثٍ قَمِنْ
أَيْ لَا يَجُوزُ إنْ فَرَغُوا فَيُؤَخِّرُ، (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ مِنْهَا رَكْعَةً) فَلَوْ دَخَلَ وَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُمْ رَكْعَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْفَعَهَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ أَوَّلًا مَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِيهِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي مُعِيدٍ دَخَلَ مَعَ إمَامٍ بِدُونِ رَكْعَةٍ مِنْ قَوْلَيْ الْقَطْعِ وَالْإِشْفَاعِ، وَاسْتَحْسَنَ الْمَوَّاقُ الثَّانِيَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهُمْ فَرَغُوا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ لِنَفْسِهِ وَلَا مَعَ جَمَاعَةٍ بِإِمَامٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَادَةَ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ فَلَوْ جَمَعُوا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك