الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهَدْيَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ حَتَّى فِي الِاشْتِرَاكِ بِالْأَجْرِ بِخِلَافِ الضَّحِيَّةِ.
(ص) وَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ نُحِرَ إنْ قُلِّدَ وَقَبْلَ نَحْرِهِ نُحِرَ إنْ قُلِّدَ، وَإِلَّا بِيعَ وَاحِدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا ضَلَّ، أَوْ سُرِقَ هَدْيُهُ الْوَاجِبُ أَوْ جَزَاءُ الصَّيْدِ فَأَبْدَلَهُ وَنَحَرَ الْبَدَلَ، ثُمَّ وَجَدَ هَدْيَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ نَحْرُهُ إنْ كَانَ مُقَلَّدًا؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ بِالتَّقْلِيدِ وَلَا يَرُدُّهُ فِي مَالِهِ فَلَوْ وَجَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ بَدَلَهُ فَإِنْ كَانَا مُقَلَّدَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ نَحْرُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا تَعَيَّنَا بِالتَّقْلِيدِ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُقَلَّدَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُقَلَّدًا وَالْآخَرُ غَيْرَ مُقَلَّدٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نَحْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأُولَى وَنَحْرُ الَّذِي قَلَّدَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيَتَصَرَّفُ فِي الْآخَرِ بِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَالْإِشْعَارُ كَالتَّقْلِيدِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَوَانِعِهِمَا وَلَمَّا كَانَ الْمَانِعُ كَالطَّارِئِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ حَسُنَ الْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (فَصْلٌ) وَإِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ، أَوْ فِتْنَةٌ، أَوْ حَبْسٌ لَا بِحَقٍّ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَلَهُ التَّحَلُّلُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوْتِهِ وَلَا دَمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَحُصِرَ عَنْ مَوَاضِعِ النُّسُكِ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ بِعَدُوٍّ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ فِتْنَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَفِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجِ بِأَنْ مُنِعَ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْبَيْتِ مَثَلًا، أَوْ مُنِعَ بِحَبْسٍ ظُلْمًا وَيَأْتِي مَفْهُومُهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِمَّا هُوَ مُحْرِمٌ بِهِ حَيْثُ كَانَ بِشَرْطَيْنِ وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ وَيُكْرَهُ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ، أَوْ دَخَلَهَا كَمَا يَأْتِي الْأَوَّلُ مِنْ الشَّرْطَيْنِ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْمَنْعِ بِأَنْ طَرَأَ الْعَدُوُّ، أَوْ سَبَقَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ أَوْ عَلِمَهُ وَظَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ، أَوْ يَظُنَّ أَنَّ الْمَنْعَ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ نُحِرَ إنْ قُلِّدَ) أَيْ وَيَصِيرُ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ نَابَ عَنْ الْوَاجِبِ الْمَوْجُودِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْآخَرِ إلَخْ) فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِيعَ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا قَالَ بِيعَ وَإِنْ كَانَ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ بِأَيِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْأَكْلِ إذْ الْهَدْيُ يُؤْكَلُ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ.
[فَصْل الحصر]
(قَوْلُهُ كَالطَّارِئِ) هُوَ طَارِئٌ وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ عَلَى الْمَاهِيَةِ (فَصْلُ الْحَصْرِ)(قَوْلُهُ: أَوْ حُبِسَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى عَدُوٍّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنَعَهُ وَالْحَبْسُ يَسْتَلْزِمُ الْمَنْعَ غَالِبًا فَيُفِيدُ الْمَنْعَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ لَا بِحَقٍّ) أَيْ بَلْ ظُلْمًا فَإِنْ حُبِسَ فِي حَقٍّ مِنْ دَيْنٍ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا يَتَحَلَّلُ إذْ لَا عُذْرَ لَهُ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَحْبُوسِ ظُلْمًا وَمَا يَأْتِي فِيمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ عَنْ الْوُقُوفِ، وَأَمَّا مَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ عَنْهُ وَعَنْ الْإِفَاضَةِ، أَوْ عَنْ الْإِفَاضَةِ فَقَطْ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ الْآتِي مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ أَصْلًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ هُنَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الْحَبْسِ ظُلْمًا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ، أَوْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ ظُلْمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ.
وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَالْمَنْقُولُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَقِّ وَغَيْرِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ أَيْ الْمُحْرِمُ مُلْتَبِسًا بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ وَاحْتِمَالُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ عَنْ إكْمَالِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يَرُدُّهُ قَوْلُ الرَّضِيِّ إذَا أَمْكَنَ بَقَاءُ الْحَرْفِ عَلَى مَعْنَاهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ بَلْ الْوَاجِبُ وَلَمَّا كَانَ الْحَصْرُ مُطْلَقًا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا وَعَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ وَعَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ وَالْحَبْسُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعُمْرَةِ يَكُونُ عَنْ الْبَيْتِ، أَوْ السَّعْيِ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ) إنَّمَا قَالَ مِنْ الْكُفَّارِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوْ فِتْنَةٌ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْعَدُوِّ مُطْلَقَ الْمَانِعِ مَا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ: أَوْ فِتْنَةٌ لِدُخُولِهِ فِي مُطْلَقِ الْمَانِعِ وَالرِّيحُ إذَا تَعَذَّرَ عَلَى أَصْحَابِ السُّفُنِ لَا يَكُونُ تَعَذُّرُهُ كَحِصَارِ الْعَدُوِّ بَلْ هُوَ مِثْلُ الْمَرَضِ لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْبَرِّ فَيَمْضُونَ لِحَجِّهِمْ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ عَنْ الْوُقُوفِ، ثُمَّ إنَّ فِي الْكَلَامِ شَيْئًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ حُصِرَ فِيهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ) بَلْ هُوَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا أَمْ لَا دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ كَذَا قَالَ عج وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَهُ التَّحَلُّلُ إذَا كَانَ الْعُذْرُ قَائِمًا أَمَّا لَوْ تَرَاخَى حَتَّى زَالَ فَلَا يُحِلُّهُ إلَّا الْبَيْتُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ لَهُ بَعْدَ إفْسَادِ إحْرَامِهِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى هَذَا الْقَضَاءُ وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ لِلْحَصْرِ.
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْحَصْرِ عَنْ الْوُقُوفِ فَقَطْ لَا عَنْهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْمَنْعِ) شَامِلٌ لِصُورَةِ الشَّكِّ وَالنَّقْلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ عَنْ الشَّكِّ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ لَغْوٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نَعَمْ لَهُ فِيهِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي كَلَامِ الْحَطَّابِ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلْعَدُوِّ أَيْ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْعَدُوِّ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ فَمَنَعَهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَتَعَرَّضُ بِهِ قَالَ بَعْضٌ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى عَوْدُهُ عَلَى الْمَنْعِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْعَدُوَّ وَالْفِتْنَةَ وَالْحَبْسَ لَا بِحَقٍّ وَلَا تَرِدُ صُورَةُ الشَّكِّ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حُكْمَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَحْكَامِ التَّيَقُّنُ أَيْ، أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ كَالظَّنِّ.
(قَوْلُهُ أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ) لَا إنْ شَكَّ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ فَوْتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ زَوَالِهِ أَيْ أَنَّ الزَّوَالَ قَبْلَ زَمَنِ الْفَوْتِ مَأْيُوسٌ مِنْهُ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِالتَّحَلُّلِ أَيْ لَهُ التَّحَلُّلُ قَبْلَ فَوْتِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ فَوْتِهِ فَيَتَحَلَّلُ تَحَلُّلَ الْفَوَاتِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَالْقَضَاءُ لَا تَحَلُّلَ الْإِحْصَارِ؛ لِأَنَّ تَحَلُّلَ الْإِحْصَارِ بِالنِّيَّةِ وَلَا هَدْيَ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَيَنْحَرُهُ وَلَا قَضَاءَ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِأَيِسَ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ إذَا أَيِسَ مِنْ زَوَالِ الْعَدُوِّ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ
وَكَانَ إحْرَامُهُ فِي وَقْتٍ يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ لَوْلَا الْحَصْرُ أَمَّا إنْ حُصِرَ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ وَكَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْحَجُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُصِرَ لَمْ يَتَحَلَّلْ وَيَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ حَتَّى يَحُجَّ؛ لِأَنَّ الْعَدُوَّ لَيْسَ الَّذِي مَنَعَهُ مِنْ الْحَجِّ وَلَا هَدْيَ عَلَى مَنْ تَحَلَّلَ لِلْحَصْرِ؛ لِأَنَّ الْمُحْصَرَ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا دَمَ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الْحَجِّ بِحَصْرِ الْعَدُوِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَوْجَبَهُ أَشْهَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] .
وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَ حَصْرُهَا بِعَدُوٍّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} [البقرة: 196] ، وَالْأَمْنُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ عَدُوٍّ اهـ.
وَأَجَابَ التُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْهَدْيَ فِي الْآيَةِ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْحَصْرِ إنَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ سَاقَهُ تَطَوُّعًا فَأَمَرُوا بِذَبْحِهِ وَاسْتُضْعِفَ قَوْلُ أَشْهَبَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196]، وَالْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ يَحْلِقُ أَيْنَ كَانَ (ص) بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَلَهُ التَّحَلُّلُ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ التَّحَلُّلَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِحَلْقِ رَأْسِهِ وَبِنَحْرِ هَدْيِهِ إنْ كَانَ مَعَهُ سَاقَهُ عَنْ شَيْءٍ مَضَى، أَوْ تَطَوَّعَ حَيْثُ كَانَ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّحَلُّلِ نِيَّتُهُ وَصَرَّحَ سَنَدٌ بِأَنَّ الْحَلْقَ مِنْ سُنَّتِهِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَذَا نَحْرُ الْهَدْيِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَوْ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الْهَدْيِ عَلَى الْمُحْصَرِ فَأَوْلَى عَلَى الْمَشْهُورِ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ، قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ حَلَقَ، أَوْ نَحَرَ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّحَلُّلَ لَا يَتَحَلَّلُ (ص) وَلَا دَمَ إنْ أَخَّرَهُ (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْحِلَاقِ، أَوْ لِلتَّحَلُّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْصَرَ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ إذَا أَخَّرَ التَّحَلُّلَ، أَوْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ إلَى أَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِلَاقَ لَمَّا لَمْ يَقَعْ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لَمْ يَكُنْ نُسُكًا بَلْ تَحَلُّلًا.
(ص) وَلَا يَلْزَمُهُ طَرِيقٌ مُخِيفَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَدُوَّ إذَا أَحْصَرَ الْحَاجَّ وَمَنَعَهُ مِنْ تَمَامِ النُّسُكِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْلُكَ طَرِيقًا مُخِيفًا لَا يُسْلَكُ فِيهَا بِالْحَرِيمِ وَالْأَثْقَالِ وَهُوَ مَحْصُورٌ حِينَئِذٍ فَإِنْ وَجَدَ طَرِيقًا مَأْمُونَةً فَإِنَّهُ يَسْلُكُهَا وَلَوْ كَانَتْ أَبْعَدَ إذَا كَانَ يُدْرِكُ الْحَجَّ قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] وَقَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ. . . إلَخْ هُوَ فِي الْمُحْصَرِ مُطْلَقًا لَا فِي الْمُحْصَرِ عَنْ الْوُقُوفِ وَالْبَيْتِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ. . . إلَخْ أَيْ وَهُوَ يُدْرِكُ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا وَالْقِيَاسُ مَخُوفَةٌ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَيْسَتْ مُخِيفَةً وَإِنَّمَا الْمُخِيفُ قَاطِعُهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يُخِيفُ مَنْ نَظَرَهُ يُقَالُ فِيهِ مُخِيفٌ وَاَلَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ الْخَوْفُ يُقَالُ فِيهِ مَخُوفٌ فَيُقَالُ: جُرْحٌ مُخِيفٌ، وَطَرِيقٌ مَخُوفٌ.
(ص) وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ، أَوْ دَخَلَهَا (ش) هَذَا فِيمَنْ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَفَاتَهُ الْحَجُّ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ غَيْرِ الْحَبْسِ ظُلْمًا أَيْ أَنَّ مَنْ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ، أَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
مَا لَوْ زَالَ الْعَدُوُّ لَأَدْرَكَ فِيهِ الْحَجَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الْبَدْرُ.
وَالْأَحْسَنُ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ فَلَهُ التَّحَلُّلُ قَبْلَ فَوَاتِهِ لِيَكُونَ رَدًّا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بَعْدَ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ وَكَانَ إحْرَامُهُ. . . إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ) أَيْ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ مَنْعٌ بِسَبَبِ الْمَرَضِ لِأَنَّ أُحْصِرَ الرُّبَاعِيَّ فِي الْمَرَضِ وَحُصِرَ فِي الْعَدُوِّ.
(قَوْلُهُ إنَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ سَاقَهُ تَطَوُّعًا) فِيهِ شَيْءٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا عَلَى غَيْرِ مَسَاقِهِمْ لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْحَصْرُ بِمَرَضٍ الثَّانِي أَنَّهُ رَتَّبَ اسْتِيسَارَ الْهَدْيِ عَلَى الْإِحْصَارِ وَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِعَلِيَّةِ الْمَأْخَذِ فَكَيْفَ يَأْتِي هَذَا الْقَوْلُ مَعَ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ {فَمَا اسْتَيْسَرَ} [البقرة: 196] أَيْ مَا تَيَسَّرَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَالْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ يَحْلِقُ. . . إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمَحَلُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ (قَوْلُهُ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ) فِي شَرْحِ عب مِثْلُ حَصْرِهِ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ الَّذِي كَلَامُهُ فِيهِ هُنَا فِي التَّحَلُّلِ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ مَنْ حَصْرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَكَانَ حَصْرُهُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَيَتَحَلَّلُ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِمَّا يَأْتِي اهـ.
وَيُحْمَلُ هَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ بِالْفِعْلِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ سَاقَهُ عَنْ شَيْءٍ مَضَى) أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا دَمَ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ فَلَا ضَمَانَ وَحُكْمُهُ فِي الْأَكْلِ مَا بَلَغَ مَحَلَّهُ لَا مَا عَطِبَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ مَحَلِّهِ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا جَرَى عَلَى حُكْمِ الْمَضْمُونِ فَإِنْ قُلْنَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ أَوْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ) أَيْ أَوْ تَحَلَّلَ وَأَخَّرَ الْحِلَاقَ إلَى أَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ كَذَا قَالَ سَنَدٌ فَظَهَرَ أَنَّ الرُّجُوعَ لِلْبَلَدِ فِي تَأَخُّرِ الْحِلَاقِ، وَأَمَّا تَأَخُّرُ التَّحَلُّلِ فَلَيْسَ لَهُ غَايَةٌ مُعَيَّنَةٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَخَّرَهُ لَكِنْ لَا لِدُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَتَحَلَّلُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ
. (قَوْلُهُ طَرِيقٌ مُخِيفَةٌ) أَيْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ الْكَثِيرِ كَالْيَسِيرِ مَعَ عَدُوٍّ يَنْكُثُ وَلَمْ يُبَيِّنُوا مَا الْمُرَادِ بِالْخَوْفِ هَلْ هُوَ التَّحَقُّقُ أَوْ الظَّنُّ مُطْلَقًا وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ غَلَبَتُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْلُكُهَا) إذَا لَمْ تَعْظُمْ مَشَقَّتُهَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ فِيهَا خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ مَخُوفَةٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ مُخِيفَةٌ فِيهِ مَجَازٌ فِي الْإِسْنَادِ وَالْأَصْلُ مُخِيفٌ الْحَالُّ فِيهَا مِنْ إسْنَادِ مَا لِلْحَالِّ لِلْمَحَلِّ.
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ) أَيْ قَابِلٌ أَيْ، وَأَمَّا بَقَاؤُهُ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَفِعْلِ الْعُمْرَةِ فَأَمْرٌ لَازِمٌ إذْ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ عج (قَوْلُهُ وَفَاتَهُ الْحَجُّ بِأَمْرٍ. . . إلَخْ) أَيْ الْوُقُوفُ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْحَبْسِ ظُلْمًا) أَقُولُ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ عِبَارَةُ عج وَاتَّفَقَ كَلَامُهُ أَوَّلًا وَآخِرًا عَلَى أَنَّ الْمَحْبُوسَ عَنْ الْوُقُوفِ حَبْسًا ظُلْمًا يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ مَنْ يَتَحَلَّلُ) أَيْ أَنَّ مَنْ يُطْلَبُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ) شَرْطِيَّةٌ أَوْ أَنَّهَا ظَرْفِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: يُكْرَهُ وَلَيْسَ ظَرْفًا لِقَوْلِهِ يَتَحَلَّلُ
قَارَبَهَا يُكْرَهُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهِ فَسَادًا مِنْ حَاجَتِهِ إلَى النِّسَاءِ، أَوْ يُصِيبَ صَيْدًا فَكَانَ إحْلَالُهُ أَوْلَى وَأَسْلَمَ، وَأَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِلَا فِعْلِ عُمْرَةٍ كَالْمُحْصَرِ الَّذِي لَمْ يَفُتْهُ الْحَجُّ، أَوْ فَاتَهُ بِحَبْسِهِ ظُلْمًا، أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْتِ فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّحَلُّلَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ سَوَاءٌ قَارَبَ مَكَّةَ أَمْ لَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ، أَوْ دَخَلَهَا وَإِنْ كَانَ أَحْرَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَحْرِيمُ إبْقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ إنْ دَخَلَ
(ص) وَلَا يَتَحَلَّلُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ بِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ بَلْ اسْتَمَرَّ مُقِيمًا عَلَيْهِ إلَى أَنْ دَخَلَ وَقْتُ الْحَجِّ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَحَلَّلَ لِيَسَارَةِ مَا بَقِيَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَيَتَحَلَّلُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِأَيِّ مُفَوِّتٍ غَيْرَ الْحَبْسِ ظُلْمًا فَهُوَ فِيمَنْ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ بِغَيْرِ الْحَبْسِ ظُلْمًا أَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ فَظَاهِرُهُ مَا مَرَّ أَنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ كَاَلَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ بِالْحَبْسِ ظُلْمًا، وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ أَيْ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ.
(ص) ، وَإِلَّا فَثَالِثُهَا يَمْضِي وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ (ش) أَيْ وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ بَعْدَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَتَحَلَّلَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقِيلَ يَمْضِي تَحَلُّلُهُ أَيْ يَصِحُّ وَقِيلَ لَا يَمْضِي وَقِيلَ يَمْضِي تَحَلُّلُهُ وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ فَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ بِتَحَلُّلِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا إلَّا هُنَا وَمَحَلُّهَا كَمَا مَرَّ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي الْعَامِ الثَّانِي بَعْدَ التَّحَلُّلِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِتَمَتُّعٍ قَطْعًا وَوَجَّهَ فِي تَوْضِيحِهِ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالْإِنْشَاءِ وَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَهَذَا تَمَتُّعٌ مَنْ حَجٍّ إلَى حَجٍّ وَوَجَّهَ الثَّانِيَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالْإِنْشَاءِ وَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِ التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إلَخْ أَنَّ الْعُمْرَةَ هُنَا لَيْسَتْ بِعُمْرَةٍ حَقِيقَةً إذْ مِنْ أَرْكَانِهَا الْإِحْرَامُ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ التَّحَلُّلُ بِالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ.
(ص) وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِمَا ذُكِرَ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِغَيْرِهِ مِنْ حِلَاقٍ، أَوْ عُمْرَةٍ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ عُمْرَةُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ كَالْمُحْصَرِ الَّذِي لَمْ يَفُتْهُ الْحَجُّ) أَيْ بِأَنْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا حَجُّهُ، ثُمَّ وَلَا يُتِمُّ بِالْإِفَاضَةِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاتَهُ بِحَبْسِهِ ظُلْمًا) أَيْ أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِحَبْسِهِ ظُلْمًا أَيْ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَأَنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْتِ) أَيْ وَلَا مِنْ الْوُقُوفِ هَذَا صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ قَارَبَ مَكَّةَ أَمْ لَا حَاصِلُ مَا فِي مُحَشِّي تت أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِخَطَأِ عَدَدٍ أَوْ بِمَرَضٍ، أَوْ بِحَبْسٍ بِحَقٍّ وَلَا يَتَأَتَّى فِيمَنْ حُصِرَ بِعَدُوٍّ وَلَا بِفِتْنَةٍ وَلَا بِحَبْسٍ ظُلْمًا، وَإِنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ يُكْرَهُ لَهُمْ الْبَقَاءُ عَلَى الْإِحْرَامِ إنْ قَارَبُوا مَكَّةَ أَوْ دَخَلُوهَا فَيَتَحَلَّلُونَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقَارِبُوا مَكَّةَ وَلَمْ يَدْخُلُوهَا فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَبْقَوْا عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى قَابِلٍ، وَأَمَّا الْمُحْصَرُ إذَا زَالَ الْمَانِعُ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ أَوْ لَمْ يُحْصَرْ عَنْ الْبَيْتِ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ إنْ قَرُبَ، وَإِنْ بَعُدَ تَحَلَّلَ بِلَا فِعْلِ عُمْرَةٍ وَعَزَا هَذَا التَّفْصِيلَ لِلَّخْمِيِّ وَيَظْهَرُ مِنْ مُحَشِّي تت أَنَّ الْفِتْنَةَ مِنْ الْعَدُوِّ وَمِثْلُهُ الْمَحْبُوسُ ظُلْمًا (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ الْمَحْبُوسَ ظُلْمًا إذَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَلَا يَتَحَلَّلُ بِغَيْرِهَا مِنْ الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْعَدُوِّ وَالْفِتْنَةِ يَتَحَلَّلَانِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ أَيَّ فَرْقٍ وَسَيَأْتِي حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ عج نَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْإِفَاضَةِ أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لِتَتِمَّ الْفَائِدَةُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَحَلَّلُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَقَاءِ الْمَانِعِ وَعَدَمِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ الزَّرْقَانِيِّ وَالْمَانِعُ بَاقٍ (قَوْلُهُ إذَا ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ. . . إلَخْ) لَيْسَ خَاصًّا بِمُرْتَكِبِ الْمَكْرُوهِ بَلْ هُوَ فِي كُلِّ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى أَنْ دَخَلَ وَقْتُ الْحَجِّ نَعَمْ هَذِهِ أَيْضًا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِيمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لَا فِي الْمُحْصَرِ إذْ الْمُحْصَرُ يَتَحَلَّلُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي أَيِّ وَقْتٍ وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتَبِعَهُ الْحَطَّابُ أَنَّهُ أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَأَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ أَنْ يَحِلَّ فِيهَا بِعُمْرَةٍ اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ) ظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ بَلْ فِي شَرْحِ شب وَلَا يَتَحَلَّلُ تَحْرِيمًا وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ قَدْ عَلِمْته وَلِذَلِكَ ذَكَرَ عب فِي شَرْحِهِ فَقَالَ أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَحَلِّلَ بِالنِّيَّةِ مَنْ حُصِرَ عَنْهُمَا مَعًا، أَوْ عَنْ الْوُقُوفِ فَقَطْ وَلَكِنْ يُحْبَسُ ظُلْمًا فَيَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ لَكِنْ يُخَالِفُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ قَرِيبًا؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْمَتْنِ قَرِيبًا أَنَّ مَنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَلَوْ بِالْحَبْسِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ الْحَقُّ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا إلَّا هُنَا) أَيْ وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا فِي مَوَاضِعَ شَتَّى (قَوْلُهُ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالْإِنْشَاءِ) أَيْ أَنَّ دَوَامَ الْإِحْرَامِ لِدُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَيْسَ كَإِنْشَائِهِ بَعْدَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَمَنْ أَنْشَأَهُ بَعْدَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ إذْ مِنْ أَرْكَانِهَا الْإِحْرَامُ) وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا عِبَارَةُ عج إذْ مِنْ أَرْكَانِهَا نِيَّتُهَا وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا اهـ أَقُولُ كَيْفَ يُعْقَلُ عَدَمُ النِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ يَنْوِي قَطْعًا التَّحَلُّلَ مِنْ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَهُوَ نَاوٍ عُمْرَةً قَطْعًا وَلِذَلِكَ لَمَّا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ قَالَ شَارِحُنَا وَغَيْرُهُ أَيْ بِلَا إحْرَامٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَقَالَ عب بِلَا إحْرَامٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ.
الْإِسْلَامِ وَلَا الْفَرْضُ الْمُتَعَلِّقُ بِذِمَّتِهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إذْ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَوْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَبِي مُصْعَبٍ وَابْنِ سَحْنُونَ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَقْدُورَهُ وَبَذَلَ وُسْعَهُ وَاعْتُرِضَ بِلُزُومِ الْإِسْقَاطِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ إلَى آخِرِ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ إلَخْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَشَقَّةَ الَّتِي تَحْصُلُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَعْظَمُ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ قَبْلَهُ أَيْ أَنَّهَا مَظِنَّةُ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ دُونَهَا.
(ص) وَلَمْ يَفْسُدْ بِوَطْءٍ إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أُحْصِرَ وَقُلْنَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ فَتَارَةً يَنْوِي الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ وَتَارَةً لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فَإِنْ نَوَى الْبَقَاءَ، ثُمَّ إنَّهُ أَصَابَ النِّسَاءَ فَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ بِأَنْ نَوَى التَّحَلُّلَ مِنْ إحْرَامِهِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى أَصَابَ النِّسَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ هَكَذَا حَمَلَهُ تت وَلَكِنَّ النَّقْلَ أَنَّ مَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَنْ نَوَى الْبَقَاءَ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ وَالْأَصْلُ إبْقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: إنْ نَوَى عَدَمَ إبْقَاءٍ لَكَانَ مُطَابِقًا لِهَذَا.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَنْ أُحْصِرَ عَنْ جَمِيعِ أَمَاكِنِ النُّسُكِ مِنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُحْصَرُ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ فَقَالَ (ص) وَإِنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ فَحَجُّهُ تَمَّ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ وَمَبِيتِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ هَدْيٌ كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَتَمَكَّنَ مِنْهَا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَحُصِرَ بِعَدُوٍّ، أَوْ مَرَضٍ عَنْ الْبَيْتِ فَإِنَّ حَجَّهُ تَمَّ أَيْ أَدْرَكَهُ لَكِنْ يَتَوَقَّفُ كَمَالُ حِلِّهِ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَيَبْقَى مُحْرِمًا وَلَوْ أَقَامَ سِنِينَ وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَاحِدٌ لِتَرْكِهِ الرَّمْيَ وَمَبِيتَ لَيَالِي مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ كَمَا إذَا نَسِيَ جَمِيعَ ذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَتْ أَيَّامُ مِنًى فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَاحِدٌ وَلَا مَفْهُومَ لِلنِّسْيَانِ بَلْ التَّعَمُّدُ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ الْإِثْمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَفِي مَنَاسِكِهِ وَتَوْضِيحُهُ ثَمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْهَدْيَ فِي الْمُزْدَلِفَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِتَرْكِ نُزُولِهِ بِهَا قَدْرَ مَا يَحُطُّ الرِّحَالَ لَا بِتَرْكِ مَبِيتِهِ بِهَا فَقَوْلُهُ وَمُزْدَلِفَةَ أَيْ وَنُزُولُ مُزْدَلِفَةَ فَمُزْدَلِفَةُ يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى مَبِيتٍ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ بِالْوَاوِ عَلَى مَبِيتٍ مُقَدَّرٌ أَيْ وَنُزُولٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَ هَذَا تَأْخِيرَ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ، أَوْ لِلْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَبْلَ مَا ذُكِرَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ عَنْ الْبَيْتِ أَنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَحُصِرَ عَمَّا بَعْدَهُ لَأَفَادَ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ سَوَاءٌ حُصِرَ عَمَّا قَبْلَهُ مِمَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ، أَوْ لَا وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ إلَخْ أَيْ حَيْثُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى ثَانِي أَقْسَامِ الْحَصْرِ شَرَعَ فِي الثَّالِثِ وَهُوَ الْحَصْرُ عَنْ عَرَفَةَ فَقَالَ (ص) وَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَ الْوُقُوفُ بِغَيْرِ كَمَرَضٍ، أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ وَلَا يَكْفِي قُدُومُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ، ثُمَّ حُصِرَ بِمَا سَبَقَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ عَنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِفَاضَةِ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا تَجْدِيدِ إحْرَامٍ وَلَوْ أَنْشَأَ الْحَجَّ، أَوْ أَرْدَفَهُ فِي الْحَرَمِ إجْمَاعًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ بِمَرَضٍ، أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ بِعَاشِرٍ، أَوْ خَفَاءِ هِلَالٍ لِغَيْرِ الْجَمِّ بِعَاشِرٍ، أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ وَلَا يَكْفِي طَوَافُ الْقُدُومِ وَالسَّعْيُ بَعْدَهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ عَنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ يَنْوِي بِهِمَا التَّحَلُّلَ بَعْدَ الْفَوَاتِ وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إحْرَامَهُ لَا يَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَصْلِهِ بَلْ مِنْ وَقْتِ يَنْوِي فِعْلَ الْعُمْرَةِ وَقَدْ ذَكَرَ ح الْخِلَافَ فِي هَذَا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِحَقٍّ أَنَّهُ لَوْ حُبِسَ ظُلْمًا أَنَّهُ يَحِلُّ بِالنِّيَّةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ مِنْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ) أَيْ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ صُدَّ فِيهِ وَمِثْلُهُ الْمَنْذُورُ الْمُعَيَّنُ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ) حَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الثَّعَالِبِيِّ أَنَّ الْفَرِيضَةَ تَسْقُطُ وَإِنْ صُدَّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ ابْنِ الْقُرْطِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ الثَّعَالِبِيُّ هُوَ تِلْمِيذُ ابْنِ شَعْبَانَ فَقِيهُ مِصْرَ فِي وَقْتِهِ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ لَمْ يَتَحَلَّلْ) هَذَا يَظْهَرُ فِي الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَا يَأْتِي فِي الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ فَحَجُّهُ تَمَّ) مَعْنَى تَمَامِهِ أَمْنُهُ مِنْ الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَنٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ: تَمَّ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ فِي هَذِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ك وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَقِّ وَغَيْرِهِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِظَاهِرِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كَوْنِ الْحَبْسِ ظُلْمًا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِفَاضَةِ) أَيْ فَسَمَّاهُ إفَاضَةً لِكَوْنِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَأْتِي بَعْدَهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ حُصِرَ عَنْ مَبْدَأِ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْدَفَهُ فِي الْحَرَمِ) أَيْ أَرْدَفَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ) الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا أَنْشَأَ الْحَجَّ أَوْ أَرْدَفَ الْحَجَّ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهِ الْإِحْرَامَ (قَوْلُهُ: أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ) صُورَتُهَا مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُمْ عَمِلُوا أَوَّلَ الشَّهْرِ، ثُمَّ نَسُوا فَوَقَفُوا الثَّامِنَ (قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَطَّابُ الْخِلَافَ فِي هَذَا) قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَتَى عَرَفَةَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلْيَرْجِعْ إلَى مَكَّةَ وَيَطُوفُ وَيَسْعَى وَيُقَصِّرْ وَيَنْوِي بِهَا عُمْرَةً وَهَلْ يَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَوَّلِ الْإِحْرَامِ، أَوْ مِنْ وَقْتِ يَنْوِي فِعْلَ الْعُمْرَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ فَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ وَأَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ نَوَى الْعُمْرَةَ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ سَنَدٍ قَبْلَهُ الْخِلَافَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ نَوَى الْعُمْرَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِحَقٍّ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا: ثُمَّ حُصِرَ بِمَا سَبَقَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْحَبْسُ
قَوْلُهُ: بِلَا إحْرَامٍ أَيْ إحْرَامٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ أَيْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ أَيْ إنْ شَاءَ التَّحَلُّلَ وَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ فَيُجْزِئُهُ وَلَا دَمَ وَقِيلَ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَفِي الْهَدْيِ قَوْلَانِ، ثُمَّ إنَّ الْأَلْيَقَ لِلْمُؤَلِّفِ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ دَخَلَ مَكَّةَ، أَوْ قَارَبَهَا. . . إلَخْ إلَى هُنَا إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحَصْرِ مَا دَامَ حَصْرُهُ وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا مُحَاوَلَةٌ؛ لِذَلِكَ فِي تَقْرِيرِهِ.
(ص) وَحَبَسَ هَدْيَهُ مَعَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ (ش) فَاعِلُ حَبَسَ الْمَرِيضُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ رَجَاءَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ الْمَرَضِ فَيَنْحَرَ هَدْيَهُ إذَا بَلَغَ مَحَلَّهُ فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ لِطُولِ زَمَانِ مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يَبْعَثُهُ إلَى مَكَّةَ إنْ أَمْكَنَ لِيُنْحَرَ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُرْسِلُهُ مَعَهُ ذَكَّاهُ بِأَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَرِيضِ فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إنْ أَمْكَنَ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ إذَا حَبَسَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إرْسَالُهُ نَحَرَهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ (ص) وَلَمْ يَجْزِهِ عَنْ فَوَاتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْصُورَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ هَدْيُ تَطَوُّعٍ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِيهِ عَنْ دَمِ الْفَوَاتِ سَوَاءٌ بَعَثَ بِهِ إلَى مَكَّةَ، أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى أَخَذَهُ بِصُحْبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَجَبَ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَلَا يَجْزِي عَنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ لِلْفَوَاتِ مَعَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتٍ، أَوْ لِحَيْضٍ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ لِقِرَانِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ الْإِرْدَافِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَاكَ وَهُوَ
ــ
[حاشية العدوي]
ظُلْمًا إلَّا أَنَّ عج بَعْدَ أَنْ قَالَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ قَالَ مَا نَصُّهُ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْبَيْتِ إنَّمَا يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهَذَا مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْبَيْتِ وَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَيُخَصُّ قَوْلُهُمْ بِغَيْرِ هَذِهِ، ثُمَّ إنَّهُ قَدْ بَانَ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَالْإِفَاضَةُ بِعَدُوٍّ أَوْ حَبْسٍ ظُلْمًا يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فَقَطْ ظُلْمًا يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ أَيْضًا وَهَذَا لَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوَّلًا أَوْ حَبْسٌ لَا بِحَقٍّ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْهُ.
وَحَاصِلُهُ إنْ كَانَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ إلَّا مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِالْحَبْسِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ الْمُحْصَرُ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ وَاعْلَمْ أَنَّ ح ذَكَرَ هُنَا مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُحْصَرَ عَلَى قِسْمَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ حُصِرَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ وَفِيهِ صُورَتَانِ لِأَنَّهُ تَارَةً يُحْصَرُ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ مِنْ مَكَّةَ فَهَذَا يَحِلُّ مَكَانَهُ بِنَحْرِ الْهَدْيِ وَالْحَلْقِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، أَوْ بِالنِّيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّامِلُ وَسَوَاءٌ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ مَعًا، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَتَارَةً يَكُونُ بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْهَا فَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ، أَوْ عَنْهُ وَعَنْ عَرَفَةَ حَلَّ مَكَانَهُ أَيْضًا لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ حُصِرَ بِهِ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَحِلُّ مَكَانَهُ أَيْضًا بِمَا تَقَدَّمَ وَلَكِنْ ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ كَمَا إذَا حُصِرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ.
الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْحَصْرُ بَعْدَ مَا خَرَجَ مِنْهَا، وَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُحْصَرَ عَنْ الْوُقُوفِ خَاصَّةً فَهَذَا يَحِلُّ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ حُصِرَ بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ، وَإِمَّا أَنْ يُحْصَرَ عَنْ الْبَيْتِ خَاصَّةً بِأَنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِحَصْرٍ عَنْهُ، أَوْ عَنْهُ وَعَنْ عَرَفَةَ فَهَلْ يَحِلُّ مَكَانَهُ بِنَحْرِ الْهَدْيِ وَالْحَلْقِ، أَوْ النِّيَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ اللَّخْمِيِّ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ يَجْرِي فِيمَنْ حُصِرَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ دُخُولِهَا مُطْلَقًا أَوْ فِيمَنْ حُصِرَ بِمَكَانٍ قَرِيبٍ مِنْهَا قَبْلَ دُخُولِهَا أَيْضًا عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ مَعًا، أَوْ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ، وَأَمَّا إنْ حُصِرَ بِهِ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ فَهَلْ يَتَحَلَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَدَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ.
وَأَمَّا إنْ حُصِرَ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ إنْ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْوُقُوفِ، وَأَمَّا إنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَإِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ إلَى قَوْلِهِ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ فِيمَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَعَنْ عَرَفَةَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ يَجْرِي فِيمَنْ حُصِرَ عَنْ أَحَدِهِمَا فِيمَا إذَا كَانَ الْحَصْرُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ اتِّفَاقًا، أَوْ بِمَكَانٍ قَرِيبٍ فِيمَنْ حُصِرَ عَنْ الْإِفَاضَةِ أَوْ عَنْهَا وَعَنْ عَرَفَةَ وَكَذَا مَنْ حُصِرَ عَنْ الْوُقُوفِ فَقَطْ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ فِي هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَكُلُّ هَذَا فِيمَنْ حُصِرَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ.
وَأَمَّا مَنْ حُصِرَ بَعْدَ مَا دَخَلَهَا أَوْ قَارَبَهَا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِالنَّحْرِ وَالْحِلَاقِ اهـ لَفْظُ عج ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْ إحْرَامٌ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ الْمُصَاحِبِ لِلْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ وَمَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ) أَيْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ فَإِذَا دَخَلَهَا فَلَا يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَفِي الْهَدْيِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحَصْرِ) أَيْ الْحَصْرِ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ.
(قَوْلُهُ فَاعِلُ حَبَسَ الْمَرِيضُ) أَيْ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ كَمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ كَذَا فِي عب وَانْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْحَبْسِ بِحَقٍّ كَالْمَرَضِ أَقُولُ وَعَلَى قِيَاسِهِ الْخَطَأُ بِعَدَدٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمَرِيضِ) شَامِلٌ لِلْمَحْصُورِ بِعَدُوٍّ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ حَبْسٍ ظُلْمًا وَقَالَ عج فَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ إرْسَالُهُ: أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَأَمْكَنَهُ إرْسَالُهُ أَرْسَلَهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إرْسَالُهُ فَإِنَّهُ يُذْبَحُ أَوْ يُنْحَرُ بِأَيِّ مَحَلٍّ وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ فَهَدْيُ الْمَرِيضِ يُحْبَسُ مَعَهُ وَلَوْ أَمْكَنَ إرْسَالُهُ وَهَدْيُ غَيْرِ الْمَرِيضِ يَذْبَحُهُ، أَوْ يَنْحَرُهُ بِمَحَلِّهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ إرْسَالُهُ وَكُلٌّ مِنْ الْحَبْسِ وَالْإِرْسَالِ حَيْثُ قِيلَ بِهِ فَهُوَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ مَنْدُوبٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ سَنَدٍ، وَأَمَّا فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ فَوَاجِبٌ وَجَعَلَ ز الْحَبْسَ وَاجِبًا وَأَطْلَقَ فَيُحْمَلُ عَلَى الْهَدْيِ الْوَاجِبِ فَلَا يُخَالِفُ مَا لِسَنَدٍ.
مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا وَكَذَا قَوْلُهُ كَأَنَّهُ سَاقَهُ فِيهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ إلَخْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مَا سَاقَهُ فِي الْعُمْرَةِ يُجْزِي عَنْ التَّمَتُّعِ عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ هُنَاكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قُلْت قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ لَمَّا كَانَا مُنْدَرِجَيْنِ تَحْتَ مُطْلَقِ الْإِحْرَامِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُخَالَفَةِ مَا بَيْنَ الْحَجِّ وَفَوَاتِهِ فَلِذَا أَجْزَأَ مَا سِيقَ فِي الْعُمْرَةِ عَنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَلَمْ يُجْزِ مَا سِيقَ فِي الْحَجِّ عَنْ فَوَاتِهِ وَبِأَنَّ مَا سِيقَ فِي الْحَجِّ حَيْثُ فَاتَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يُسَقْ فِي نُسُكٍ بِخِلَافِ مَا سِيقَ فِي الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ سِيقَ فِي نُسُكٍ قَطْعًا.
(ص) وَخَرَجَ لِلْحِلِّ إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ، أَوْ أَرْدَفَ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ كُلَّ إحْرَامٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَالْمَحْصُورُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ وَهُوَ مَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي حَقٍّ أَوْ أَخْطَأَ فِي الْعَدَدِ فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ فِي ثَامِنِ الْحِجَّةِ مَثَلًا وَقُلْتُمْ إنَّ هَذَا الْمَحْصُورَ لَا يَحِلُّ مِنْ إحْرَامِهِ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ بَدَلًا مِنْ خُرُوجِهِ إلَى الْحِلِّ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ إحْرَامٍ إنْ كَانَ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ، أَوْ كَانَ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ لِكَوْنِهِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ أَوْ آفَاقِيًّا دَخَلَهَا بِعُمْرَةٍ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ سَوَاءٌ أَرْدَفَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ بِحَيْثُ صَارَ قَارِنًا أَوْ لَا فَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ لِلْحِلِّ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ لِيَحْصُلَ لَهُ فِي إحْرَامِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَمَا فَعَلَهُ مِنْ طَوَافٍ أَوْ سَعْيٍ أَوْ هُمَا قَبْلَ خُرُوجِهِ لِلْحِلِّ لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَيُعِيدُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَعَادَ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ بَعْدَهُ وَأَهْدَى إنْ حَلَقَ وَعَلَيْهِ فَمَا هُنَا فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ مَا مَرَّ.
(ص) وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَضَاءِ وَأَجْزَأَ إنْ قَدَّمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ هَدْيٌ لِلْفَوَاتِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ لِعَامِ الْقَضَاءِ لِيَجْتَمِعَ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ وَالْمَالِيُّ وَلَا يُقَدِّمُهُ فِي عَامِ الْفَوَاتِ وَإِنْ خَافَ الْمَوْتَ، فَلَوْ قَدَّمَ الْهَدْيَ فِي عَامِ الْفَوَاتِ أَجْزَأَهُ وَتَقَدَّمَ مَا قَدْ يُغْنِي عَنْ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَنُحِرَ هَدْيٌ فِي الْقَضَاءِ وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ لَكِنَّ ذَاكَ فِي الْمُفْسِدِ، وَهَذَا فِي الْفَائِتِ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ.
(ص) وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَإِنْ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ تَحَلَّلَ وَقَضَاهُ دُونَهَا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْفَوَاتُ مَعَ الْفَسَادِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ الْفَوَاتُ سَوَاءٌ كَانَ الْفَسَادُ سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا لِلْفَوَاتِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْفَسَادُ قَبْلَ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ أَوْ فِيهَا بِأَنْ شَرَعَ فِيهَا وَفَعَلَ بَعْضَهَا فَلَمْ يُتِمَّهَا حَتَّى أَفْسَدَهَا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وُجُوبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمَادِيًا عَلَى الْفَسَادِ وَيَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ وَيَقْضِي الْحَجَّ مِنْ قَابِلٍ دُونَ الْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُمْرَةً فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هِيَ تَحَلُّلٌ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَجْدِيدِ إحْرَامٍ لَهَا وَعَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ، وَهَذَا الْحُكْمُ وَاضِحٌ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا وَأَفْسَدَ، ثُمَّ فَاتَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ قَوْلُهُ تَحَلَّلَ أَيْ بَقِيَ عَلَى تَحَلُّلِهِ بِالْعُمْرَةِ الصَّحِيحَةِ فِيمَا إذَا حَصَلَ مُوجِبُ الْفَسَادِ قَبْلَ فِعْلِهَا وَبِالْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ حَيْثُ حَصَلَ مُوجِبُ الْفَسَادِ فِي أَثْنَائِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إذَا فَسَدَتْ أَنْ يَفْعَلَ عُمْرَةً غَيْرَهَا وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى مَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَلَوْ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِقِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ فَفَاتَهُ وَأَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ قَارِنًا، أَوْ مُتَمَتِّعًا فَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ وَهَدْيٌ لِقِرَانِ الْقَضَاءِ أَوْ تَمَتُّعِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْفَائِتِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(لَا دَمَ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ) سَوَاءٌ حَصَلَ مَعَ الْفَوَاتِ فَسَادٌ كَمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، أَوْ انْفَرَدَ الْفَوَاتُ عَنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِلْقِرَانِ الْفَائِتِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى عُمْرَةٍ وَلَمْ يُتِمَّ الْقِرَانَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي التَّمَتُّعِ.
(ص) وَلَا يُفِيدُ لِمَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ نِيَّةُ التَّحَلُّلِ بِحُصُولِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا نَوَى عِنْدَ إحْرَامِهِ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ، أَوْ حَيْضٌ أَوْ حُصِرَ مِنْ عَدُوٍّ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُهُ مِنْ تَمَامِ نُسُكِهِ كَانَ مُتَحَلِّلًا مِنْ غَيْرِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ أَوْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي حَقٍّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ يُخَاطَبُ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخْطَأَ فِي الْعَدَدِ فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ) هَذَا كَلَامٌ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِقَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَانْظُرْ لَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فِي الثَّامِنِ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَوَقَفَ بِهَا نَهَارًا وَلَوْ يَعُدْ لَهَا حَتَّى فَاتَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْزِيهِ ذَلِكَ الْخُرُوجُ وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ ثَانِيًا (أَقُولُ) أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ لِلْحِلِّ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ فَاتَهُ الْحَجُّ وَهُوَ بِمَكَّةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَهُ ذَلِكَ لَا يَكْفِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَخْرُجَ لِلْحِلِّ لِأَجْلِ الْحَجِّ وَهَذَا كَلَامٌ ظَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ سَعْيٍ إلَخْ) تَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ لَا يُعْقَلُ سَعْيٌ بِدُونِ تَقَدُّمِ طَوَافٍ (قَوْلُهُ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ) إنَّمَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ نَوْعُ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعُمْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَلَمَّا كَانَتْ الْعُمْرَةُ هُنَا لَيْسَتْ حَقِيقِيَّةً أَيْ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ إلَّا أَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِهَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: نَوْعُ.
(قَوْلُهُ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ) هُوَ حَجَّةُ الْقَضَاءِ وَالْمَالِيُّ هُوَ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ) السَّابِقِ أَيْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ) يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ هَدْيُ الْفَسَادِ وَيُؤَخَّرُ الْآخَرُ وَهُوَ هَدْيُ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ أَيْ بَقِيَ عَلَى تَحَلُّلِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَحَلُّلِهِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي حَقِيقَتِهِ (وَأَقُولُ) الصَّوَابُ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ مَعًا فَهُوَ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَكَذَا فِي الْعَكْسِ إذَا وَطِئَ مَثَلًا قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ وَفِي مَجَازِهِ فِيمَا إذَا حَصَلَ الْفَسَادُ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ إذْ مَعْنَى تَحَلَّلَ عَلَيْهِ بَقِيَ عَلَى تَحَلُّلِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى مَا يُفِيدُ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِهِ دُونَهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُمْرَةً فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هِيَ تَحَلُّلٌ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ بِدَلِيلِ عَدَمِ تَجْدِيدِ الْإِحْرَامِ لَهَا الْحَاصِلِ فِي الْقَضَاءِ.
(قَوْلُهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ) أَيْ مَتَى حَدَثَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ مَتَى زَادَ الْمَرَضُ، أَوْ اشْتَدَّ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ نَوَى بَلْ وَكَذَا
فِعْلِ عُمْرَةٍ فَإِنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ لَا تُفِيدُهُ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْمَانِعُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِحُصُولِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ وَقَصْرُ الشَّارِحِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْمَرَضِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقَوْلُهُ بِحُصُولِهِ مُتَعَلِّقٌ بِتَحَلُّلٍ
(ص) وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ مَالٍ لِحَاصِرٍ إنْ كَفَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاصِرَ عَنْ الْحَجِّ إذَا كَانَ كَافِرًا لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْمَالِ إلَيْهِ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا لِأَجْلِ أَنْ يُمَكِّنَ الْحَاجَّ مِنْ الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَذَلَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَتَقْوِيَةِ مَا هُوَ فِيهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيَجُوزُ دَفْعُ الْمَالِ لِلْحَاصِرِ الْمُسْلِمِ بَلْ يَجِبُ إنْ كَانَ قَلِيلًا كَدَفْعِهِ لِلظَّالِمِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ لَا يَنْكُثُ وَالنَّهْيُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَجُوزُ إلَخْ عَلَى التَّحْرِيمِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ عَنْ سَنَدٍ.
(ص) وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ لِلْحَاصِرِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا بِمَكَّةَ أَوْ بِالْحَرَمِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَمَنَعَهُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ تَرَدُّدٌ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ بِالْحَرَمِ وَلَمْ يُفْجَأْ الْحَاصِرُ بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا جَازَ بِلَا خِلَافٍ.
(ص) وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ (ش) السَّفِيهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ إلَى الْحَجِّ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي السَّفَرِ إلَى الْحَجِّ وَكَانَ نَظَرًا وَمَصْلَحَةً فِي حَقِّ السَّفِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَخَالَفَ وَأَحْرَمَ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يُحَلِّلَهُ مِنْ إحْرَامِهِ وَلَيْسَ عَلَى السَّفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءُ مَا حَلَّلَهُ مِنْهُ وَلِيُّهُ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فَلَا يَدْفَعُ لَهُ الْمَالَ بَلْ يَصْحَبُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْعَوْدِ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَنْصِبُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ قَالَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ (ص) كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ التَّطَوُّعِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَلَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَحَاجِيرِ كَالسَّفِيهِ وَتَتَحَلَّلُ كَالْمُحْصَرِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مُحْرِمًا، وَإِلَّا فَلَا يُحَلِّلُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعَ، وَأَمَّا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لَهَا إنْ قُلْنَا إنَّ الْحَجَّ عَلَى الْفَوْرِ وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي (فَرْعٌ) لَوْ تَرَكَتْ لَهُ الْمَهْرَ عَلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدَعَهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ الْعَطِيَّةَ لَازِمَةٌ إنْ كَانَتْ عَالِمَةً أَنَّ لَهَا أَنْ تَحُجَّ وَإِنْ كَرِهَ زَوْجُهَا، وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلَةً رَجَعَتْ وَاخْتَارَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَابْنُ يُونُسَ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْوِفَاقَ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ وَلَوْ أَعْطَتْهُ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِي كِتَابِ السَّلَمِ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَالَهُ الشَّارِحُ.
(ص) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَهُ التَّحَلُّلُ وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ (ش) أَيْ وَإِنْ أَحْرَمَ السَّفِيهُ وَالزَّوْجَةُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ فَلِلْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ تَحْلِيلُهُمَا مِمَّا أَحْرَمَ بِهِ كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ وَعَلَى الزَّوْجَةِ الْقَضَاءُ لِمَا حَلَّلَهَا مِنْهُ إذَا أَذِنَ لَهَا، أَوْ تَأَيَّمَتْ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ إذَا حَلَّلَهُمَا وَلِيُّهُمَا فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا كَمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوَّلَ
ــ
[حاشية العدوي]
لَا يُفِيدُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ قَبْلَ وُجُودِهِ بِالْفِعْلِ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ جَوَازِ الدَّفْعِ لَهُ قَائِلًا وَهَذَا الرُّجُوعُ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ قَالَ ح وَقَدْ لَا يَسْلَمُ لَهُ بَحْثُهُ هَذَا قُلْت بَلْ الظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ضَرَرَانِ يُرْتَكَبُ أَخَفُّهُمَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ عِنْدَ سَنَدٍ) أَقُولُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ الْحُرْمَةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْأَمْرُ بِالرُّجُوعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ خَبَرُ: إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَنْعِ لِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْقِتَالِ بِمَا يَعُمُّ كَالْمَنْجَنِيقِ إذَا أَمْكَنَ إصْلَاحُ الْحَالِ بِدُونِهِ وَإِلَّا جَازَ وَجَازَ حَمْلُ السِّلَاحِ بِمَكَّةَ حِينَئِذٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَرَدُّدُ ابْنِ عَرَفَةِ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ بِهَا فَالْأَظْهَرُ نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ أَيْ الْمَنْعُ لِخَبَرِ «إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» قَالَ الْحَطَّابُ قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ بِغَيْرِ مَكَّة يُرِيدُ وَهُوَ بِالْحَرَمِ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِغَيْرِ الْحَرَمِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي جَوَازِ قِتَالِهِ انْتَهَى وَالسَّاعَةُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ لِلزَّوَالِ وَفِي ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ السَّاعَةَ مِقْدَارُهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ
(قَوْلُهُ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ) أَيْ وَقَوَاعِدُ مَذْهَبِنَا لَا تَأْبَاهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْعِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا فِي التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً (قَوْلُهُ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْوِفَاقَ) أَيْ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ وَقَوْلُهُ وَبِهِ أَيْ وَبِالْوِفَاقِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ) أَيْ فَسْخُ الصَّدَاقِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ فِي دَيْنٍ وَهُوَ النَّفَقَةُ الَّتِي يُنْفِقُهَا عَلَيْهَا فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْجَوَازِ لَكِنْ حَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى مَا إذَا أَعْطَتْهُ مَهْرَهَا لِيَخْرُجَ مَعَهَا فَكَانَ مَا دَفَعَتْ لَهُ عَلَى دَفْعِ الْحَرَجِ لِخُرُوجِهِ مَعَهَا لِئَلَّا تَمْضِيَ مُفْرَدَةً دُونَهُ لَا عَلَى أَنَّهُ يَحْمِلُهَا وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ سِوَى النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ فِي الذِّمَّةِ وَكَانَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ تَزِيدُ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ مِنْهُ الصَّدَاقَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّتْهُ لَهُ عَلَى السَّفَرِ بِهَا فَلَا مَنْعَ أَوْ كَانَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ مُسَاوِيَةً لِنَفَقَةِ الْحَضَرِ أَوْ أَنْقَصَ (فَائِدَةٌ) إذَا أَحْرَمَتْ الزَّوْجَةُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِغَيْرِهَا بِإِذْنِهِ سَقَطَ مِنْ نَفَقَتِهَا مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ.
الْبَابِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ السَّفِيهَ وَالزَّوْجَةَ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ إذَا حَلَّلَهُمَا مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا إذَا حَلَّلَهُمَا مِنْ حَجِّ الْفَرِيضَةِ حَيْثُ أَتَيَا بِهِ، وَمِثْلُ التَّطَوُّعِ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ فَيَقْضِيهِ بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَكَذَا النَّذْرُ الْمَضْمُونُ وَنَصُّ الْمُرَادِ مِنْ الْمَوَّاقِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يَخْلُو إحْلَالُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يُحَلِّلَهَا مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، أَوْ مِنْ التَّطَوُّعِ، أَوْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ فَأَمَّا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ مَا حَلَّلَهَا مِنْهَا وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَتَقْضِيهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَا تَقْضِي أَيْضًا النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَأَمَّا النَّذْرُ الْمَضْمُونُ فَلْيُقْضَ قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى مِنْ اللَّخْمِيِّ فَانْظُرْ هَذَا كُلَّهُ مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ انْتَهَى وَعَلَى أَنَّ السَّفِيهَ كَالْمَرْأَةِ تَجْرِي فِيهِ هَذِهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ أَيْضًا فَإِنْ قُلْت مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبَيَانِ وَالْمَوَّاقِ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَهَا مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ خِلَافُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا فِي الْفَرِيضَةِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا قُلْت يُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَى الزَّوْجَةِ السَّفِيهَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ تَحْلِيلُ الذَّكَرِ السَّفِيهِ فِي الْفَرِيضَةِ فَزَوْجَتُهُ السَّفِيهَةُ كَذَلِكَ، أَوْ أَوْلَى فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ أَيْ لَا فِي فَرْضٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً (ص) كَالْعَبْدِ (ش) أَيْ فِي أَنَّهُ يَقْضِي مَا حَلَّلَهُ مِنْهُ سَيِّدُهُ إذَا أُعْتِقَ، أَوْ أَذِنَ لَهُ بِخِلَافِ السَّفِيهِ، وَمِثْلُهُ الْمُمَيِّزُ إذَا حَلَّلَهُ وَلِيُّهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّفِيهِ وَالزَّوْجَةِ أَنَّ السَّفِيهَ إنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَلَوْ أَجَزْنَا فِعْلَهُ أَدَّى ذَلِكَ لِتَضْيِيعِ مَالِهِ كُلِّهِ وَالزَّوْجَةَ إنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهَا لِحَقِّ غَيْرِهَا وَهُوَ الزَّوْجُ فَكَانَ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ دُونَهُ.
(ص) وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّفِيهَ وَالْعَبْدَ وَالزَّوْجَةَ إذَا أُمِرُوا بِعَدَمِ الْإِحْرَامِ فَخَالَفُوا وَأَحْرَمُوا فَإِنَّ الْإِثْمَ عَلَيْهِمْ؛ لِعَدَمِ قَبُولِهِمْ مَا أُمِرُوا بِهِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُبَاشِرَ زَوْجَتَهُ وَلَوْ مُكْرَهَةً وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا دُونَهُ لِتَعَدِّيهَا عَلَى حَقِّهِ وَيَنْوِي بِمُبَاشَرَتِهَا التَّحْلِيلَ وَيَكْفِي نِيَّةُ الزَّوْجِ عَنْهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَحَلُّلَهَا بِالْمُبَاشَرَةِ فَسَدَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهَا إتْمَامُهُ وَهَدْيٌ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَمْكِينُهَا مِنْ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ (ص) كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ لِلزَّوْجِ تَحْلِيلَهَا وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْرَمَتْ مِنْ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، أَوْ فِي أَشْهُرِهِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ فَلَهُ تَحْلِيلُهَا وَإِفْسَادُ حَجِّهَا، وَهَذَا حَيْثُ كَانَ مَعَهَا وَلَمْ يُحْرِمْ مَعَهَا وَكَانَ يَحْتَاجُ لَهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وتت وَقَوْلُهُ (وَإِلَّا فَلَا) رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَيْ وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ، أَوْ الزَّوْجُ فِيمَا لَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَنْ إذْنِهِ فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ دَخَلَ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ بِالْإِحْرَامِ إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ، أَوْ إنْ دَخَلَ فِي النَّذْرِ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي النَّذْرِ.
(ص) وَلِلْمُشْتَرِي - إنْ لَمْ يَعْلَمْ - رَدُّهُ لَا تَحْلِيلُهُ (ش) اللَّخْمِيُّ إنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي الْإِحْرَامِ فَأَحْرَمَ، ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ فَأَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِمُشْتَرِيهِ قَالَ وَلَيْسَ لِمُبْتَاعِهِ تَحْلِيلُهُ وَلَهُ رَدُّهُ بِهِ إنْ جَهِلَهُ مَا لَمْ يَقْرُبْ إحْلَالُهُ انْتَهَى. أَيْ وَإِنْ قَرُبَ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْبِ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي (ص) وَإِنْ أَذِنَ فَأَفْسَدَ لَمْ يَلْزَمْهُ إذْنٌ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَلَا يُلْزِمُهُ سَيِّدُهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ زَادَ الْقَرَافِيُّ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ ثَانِيَةٌ مُحَمَّدٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى.
(ص) وَمَا لَزِمَهُ عَنْ خَطَأٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ، وَإِلَّا صَامَ بِلَا مَنْعٍ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ فَلَهُ مَنْعُهُ إنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا لَزِمَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي الْحَجِّ مِنْ هَدْيٍ صَدَرَ عَنْ خَطَأٍ مِنْهُ كَأَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِخَطَأِ الْعَدَدِ، أَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْبَيَانِ) مُفَادُ الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُ كَلَامِ سَنَدٍ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ) أَيْ لِأَنَّ خَلِيلًا قَالَ وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الْحَجَّةَ لَوْ كَانَتْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ تَقْضِيهَا وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ بَاقِيَةٌ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهَا إنَّمَا الَّذِي عَلَيْهَا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ كَالْعَبْدِ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا إنْ أَضَرَّ إحْرَامُهُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ فَلِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ وَلَا يَكُونُ التَّحْلِيلُ بِإِلْبَاسِهِ الْمُحِيطَ لَكِنْ بِالْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّهُ حَلَّلَهُ مِنْ هَذَا الْإِحْرَامِ فَتَحَلَّلَ بِنِيَّتِهِ، أَوْ بِحِلَاقِ رَأْسِهِ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّحْلِيلَ إنَّمَا يَكُونُ بِهَذَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشْهَادَ كَافٍ سَوَاءٌ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنْ التَّحَلُّلِ أَمْ لَا كَمَا أَنَّ تَحْلِيلَهُ بِالنِّيَّةِ وَالْحِلَاقِ كَافٍ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ تَحْلِيلُهَا وَإِفْسَادُ حَجِّهَا) أَيْ لَهُ التَّحْلِيلُ بِمَا تَقَدَّمَ وَإِفْسَادُ حَجِّهَا أَيْ بِالْوَطْءِ إلَّا أَنَّهُ فِي التَّحْلِيلِ بِمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَلْزَمْهَا غَيْرُ حَجَّةِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا إنْ أَفْسَدَهُ أَيْ بِوَطْءٍ فَإِنَّهَا تَتَمَادَى عَلَيْهِ وَتَقْضِيهِ وَتَحُجُّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا قَالَهُ عج وَلَكِنْ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَفَادَ أَنَّ الْحَجَّةَ الثَّانِيَةَ تَكْفِي عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا ثَالِثَةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) إنْ دَخَلَ فَلَوْ رَجَعَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ بِرُجُوعِهِ حَتَّى أَحْرَمَ هَلْ يَمْلِكُ تَحْلِيلَهُ يُخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِمُشْتَرِيهِ) أَيْ لَا لِبَائِعِهِ حَتَّى يَلْزَمُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُحَلِّلَ نَفْسَهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ تَحَلَّلَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ كَذَا يَنْبَغِي، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ إحْرَامُ الرَّقِيقِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، ثُمَّ إذَا رَدَّهُ فَلِلْبَائِعِ تَحْلِيلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَبْلَ بَيْعِهِ وَبَاعَهُ وَلَوْ قَرُبَ زَمَنُ إحْلَالِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ لَهُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ وَهُوَ مَعَ قُرْبِ زَوَالِهِ كَلَا عَيْبٍ، وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلَهُ رَدُّهُ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خِلَافًا لَأَصْبَغَ قَائِلًا لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ إذْنِهِ وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْفَوَاتَ كَالْإِفْسَادِ، ثُمَّ إنَّ مِثْلَ الْعَبْدِ السَّفِيهُ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فَأَفْسَدَ وَالزَّوْجَةُ إذَا أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا فَأَفْسَدَتْ.
الْهِلَالِ أَوْ الْخَطَأِ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ مِنْ جَزَاءِ قَتْلِ صَيْدٍ خَطَأً، أَوْ مِنْ فِدْيَةٍ صَدَرَتْ عَنْ ضَرُورَةٍ كَأَنْ لَبِسَ، أَوْ تَطَيَّبَ لِضَرُورَةٍ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ بِنُسُكٍ، أَوْ إطْعَامٍ فَعَلَ، وَإِلَّا صَامَ بِلَا مَنْعٍ وَإِنْ أَضَرَّ الصَّوْمُ بِعَمَلِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِ الْعَبْدِ وَمَالِ السَّيِّدِ فِي احْتِيَاجِهِ إلَى الْإِذْنِ فِي الْإِخْرَاجِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْحَجِّ مُوجِبَ الْهَدْيِ أَوْ الْفِدْيَةِ فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ الْإِخْرَاجِ وَمِنْ الصَّوْمِ إنْ أَضَرَّ الصَّوْمُ بِهِ فِي عَمَلِهِ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ مِنْ الْمَوَانِعِ الدَّيْنُ الْحَالُّ، أَوْ الَّذِي يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَيُمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِيهِ عِنْدَ حُلُولِهِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ حَلَّفَهُ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ إنْ أَحْرَمَ وَلَا لَهُ هُوَ التَّحْلِيلُ وَقَدْ يُقَالُ اسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَلَسِ فِي قَوْلِهِ: وَسَفَرُهُ إنْ حَلَّ فِي غَيْبَتِهِ وَبَقِيَ مِنْ الْمَوَانِعِ أَيْضًا الْأُبُوَّةُ فَلَهُمَا مَنْعُ الِابْنِ مِنْ التَّطَوُّعِ وَمِنْ الْفَرْضِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ وَهُوَ يُفِيدُ الْمَنْعَ فِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرْضِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ) أَيْ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ يَحْتَاجُ فِيهِ لِإِذْنٍ أَيْضًا خِلَافًا لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَحْتَاجُ فِي مَالِهِ لِإِذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ فِي الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْإِخْرَاجِ وَمِنْ الصَّوْمِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِخْرَاجِ أَوْ الصَّوْمِ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّهَمَهُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ الْمَنْعُ مِنْ السَّفَرِ وَلَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا أَحْرَمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهُ وَلَا هُوَ أَنْ يُحَلِّلَ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُفِيدُ الْمَنْعَ فِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرْضِ) أَيْ وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ