الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَالَ الْمُطَالَبَةِ. لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِيُعْرَفَ مَنْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ. وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: قَوْلُهُمْ " الْمُدَّعِي مَنْ إذَا سَكَتَ تُرِكَ " يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ: إنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ دَعْوَاهُ شَيْئًا إنْ لَمْ يَثْبُتْ، لَزِمَهُ حَدٌّ أَوْ تَعْزِيرٌ. كَمَنْ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ أَنَّهُ زَنَى بِابْنَتِهِ، أَوْ أَنَّهُ سَرَقَ لَهُ شَيْئًا. وَأَنَّهُ قَاذِفٌ فِي الْأُولَى، ثَالِبٌ لِعِرْضِهِ فِي الثَّانِيَةِ. فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ دَعْوَاهُ لَزِمَهُ الْقَذْفُ فِي الْأُولَى، وَالتَّعْزِيرُ فِي الثَّانِيَةِ. وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّهُ مَتْرُوكٌ مِنْ حَيْثُ الدَّعْوَى، مَطْلُوبٌ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ. فَهُوَ مَتْرُوكٌ مُطَابَقَةً. مَطْلُوبٌ تَضَمُّنًا.
[فَائِدَتَانِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ]
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ (وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ، إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) . وَهُوَ صَحِيحٌ. وَلَكِنْ تَصِحُّ عَلَى السَّفِيهِ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ حَالَ سَفَهِهِ أَوْ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ. وَيَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ " بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ " وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَكَلٌّ مِنْهُمَا رَشِيدٌ، يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَجَوَابُهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَغَيْرِهِمَا.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَإِذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا: لَمْ تَخْلُ مِنْ أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ. أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا. فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ: أَنَّهَا لَهُ. لَا حَقٌّ لِلْآخِرِ فِيهَا، إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ بِذَلِكَ كَثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ. فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ.
وَلَا تَضْمَنُ عَاقِلَةُ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ. لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ، وَإِنَّمَا تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى. ثُمَّ فِي كَلَامِ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ النَّافِي لِلْحُكْمِ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَلِيلٌ. وَكَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ. وَفِيهَا أَيْضًا: إنَّمَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى دَلِيلٍ. لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ. وَقَالَ فِي التَّمْهِيدِ: يَدُهُ بَيِّنَةٌ. وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا. فَدَلِيلُ الْعَقْلِ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ: بَيِّنَةٌ، حَتَّى يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ الْحَاكِمَ إلَى الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْعَيْنِ لَهُ دُونَ الْمُدَّعِي، وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَحْكِيَ فِي الْحُكْمِ صُورَةَ الْحَالِ، كَمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا فِي قِسْمَةِ عَقَارٍ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ الْمِلْكُ. وَعَلَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ: يُصَرِّحُ فِي الْقِسْمَةِ بِالْحُكْمِ. وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ: فَلَا حُكْمَ. وَإِنْ سَأَلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْضَرًا بِمَا جَرَى: أَجَابَهُ وَيَذْكُرُ فِيهِ: أَنَّ الْحَاكِمَ أَبْقَى الْعَيْنَ بِيَدِهِ. لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ مَا يَرْفَعُهَا وَيُزِيلُهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَا دَابَّةً أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا، أَوْ لَهُ عَلَيْهَا حِمْلٌ. وَالْآخَرُ آخِذٌ بِزِمَامِهَا. فَهِيَ لِلْأَوَّلِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ هِيَ لِلثَّانِي إذَا كَانَ مُكَارِيًا.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ، وَالْآخَرُ رَاكِبُهَا: فَهِيَ لِلرَّاكِبِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحِمْلِ. فَادَّعَاهُ الرَّاكِبُ، وَصَاحِبُ الدَّابَّةِ: فَهِيَ لِلرَّاكِبِ.
وَإِنْ تَنَازَعَا قَمِيصًا. أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ، وَالْآخَرُ آخِذٌ بِكُمِّهِ: فَهُوَ لِلَابِسِهِ بِلَا نِزَاعٍ. كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا. فَإِنْ كَانَ كُمُّهُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَبَاقِيه مَعَ الْآخَرِ، أَوْ تَنَازَعَا عِمَامَةً، طَرَفُهَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَبَاقِيهَا فِي يَدِ الْآخَرِ: فَهُمَا فِيهَا سَوَاءٌ. وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ فِيهَا أَرْبَعُ بُيُوتٍ، فِي أَحَدِهَا سَاكِنٌ، وَفِي الثَّلَاثَةِ سَاكِنٌ. وَاخْتَلَفَا: فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا هُوَ سَاكِنٌ فِيهِ. وَإِنْ تَنَازَعَا الْمِسَاحَةَ الَّتِي يَتَطَرَّقُ مِنْهَا إلَى الْبُيُوتِ. فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ ادَّعَيَا شَاةً مَسْلُوخَةً، بِيَدِ أَحَدِهِمَا جِلْدُهَا وَرَأْسُهَا وَسَوَاقِطُهَا. وَبِيَدِ الْآخَرِ بَقِيَّتُهَا، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلَّهَا، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِدَعْوَاهُمَا. فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْخَيَّاطُ الْإِبْرَةَ وَالْمِقَصَّ: فَهُمَا لِلْخَيَّاطِ. وَإِنْ تَنَازَعَ هُوَ وَالْقَرَّابُ الْقِرْبَةَ: فَهِيَ لِلْقَرَّابِ) . بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَا عَرْصَةً فِيهَا شَجَرٌ أَوْ بِنَاءٌ لِأَحَدِهِمَا: فَهِيَ لَهُ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا تَكُونُ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَا حَائِطًا مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ، أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ وَلَهُ عَلَيْهِ أَزَجٌ) . وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْبِنَاءِ، وَيُقَالُ لَهُ طَاقٌ. (فَهُوَ لَهُ) يَعْنِي: بِيَمِينِهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِهَذَا الشَّرْطِ. أَعْنِي إذَا كَانَ مُتَّصِلًا اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ سُتْرَةٌ، لَكِنْ لَوْ كَانَ مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا اتِّصَالًا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا: أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِذَلِكَ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: هُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إحْدَاثُهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي آخِرِ " بَابِ الصُّلْحِ " فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ جُذُوعٌ: لَمْ يُرَجَّحْ بِذَلِكَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ، فِي " بَابِ أَحْكَامِ الْجِوَارِ " قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يُقَدَّمُ صَاحِبُ الْجُذُوعِ.
وَيُحْكَمُ لِصَاحِبِ الْأَزَجِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ بَعْدَ كَمَالِ الْبِنَاءِ.
وَلِأَنَّا قُلْنَا: لَهُ وَضْعُ خَشَبِهِ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ. فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ دَلَالَةً عَلَى الْيَدِ، بِخِلَافِ الْأَزَجِ. لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ. انْتَهَى. وَقِيلَ: يُرَجَّحُ بِذَلِكَ أَيْضًا. وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا بِأَعَمَّ مِنْ هَذَا. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مَحْلُولًا مِنْ بِنَائِهِمَا) . أَيْ: غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِبِنَائِهِمَا. (أَوْ مَعْقُودًا بِهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا) بِلَا نِزَاعٍ. وَيَتَحَالَفَانِ. فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخِرِ: أَنَّ نِصْفَهُ لَهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالزَّرْكَشِيُّ: وَإِنْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْحَائِطِ أَنَّهُ لَهُ: جَازَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قُلْت: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْيَمِينُ، عَلَى حَسَبِ الْجَوَابِ. قَوْلُهُ (وَلَا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ، وَلَا بِوُجُوهِ الْآجُرِّ وَالتَّزْوِيقِ وَالتَّجْصِيصِ وَمُعَاقَدِ الْقُمُطِ فِي الْجَصِّ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا تُرَجَّحُ دَعْوَى أَحَدِهِمَا بِوَضْعِ خَشَبِهِ عَلَى الْحَائِطِ. وَقَطَعَا بِذَلِكَ فِي وُجُوهِ الْآجُرِّ، وَالتَّزْوِيقِ وَالتَّجْصِيصِ، وَمُعَاقَدِ الْقُمُطِ فِي الْجَصِّ، وَنَحْوِهَا.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرَجَّحَ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ. وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي الْجُذُوعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ فِي سُلَّمٍ مَنْصُوبٍ، أَوْ دَرَجَةٍ: فَهِيَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ. إلَّا أَنْ يَكُونَ تَحْتَ الدَّرَجَةِ مَسْكَنٌ لِصَاحِبِ السُّفْلِ. فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ كَانَ فِي الدَّرَجَةِ طَاقَةٌ، وَنَحْوُهَا مِمَّا يَرْتَفِقُ بِهِ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: مَتَى كَانَ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ طَاقَةٌ، أَوْ نَحْوُهَا: كَانَتْ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ فِي الْمُحَرَّرِ، فِي " بَابِ أَحْكَامِ الْجِوَارِ ". قَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّقْفِ الَّذِي بَيْنَهُمَا: فَهُوَ بَيْنَهُمَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ لِرَبِّ الْعُلْوِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ تَنَازَعَا الصَّحْنَ وَالدَّرَجَةَ فِي الصَّدْرِ: فَبَيْنَهُمَا. وَإِنْ كَانَتْ فِي الْوَسَطِ فَمَا إلَيْهِمَا بَيْنَهُمَا، وَمَا وَرَاءَهُ لِرَبِّ السُّفْلِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ بَيْنَهُمَا.
وَالْوَجْهَانِ: إنْ تَنَازَعَ رَبُّ بَابٍ بِصَدْرِ الدَّرْبِ، وَرَبُّ بَابٍ بِوَسَطِهِ فِي صَدْرِ الْبَابِ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِ، فِي الصُّلْحِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي رَفٍّ مَقْلُوعٍ أَوْ، مِصْرَاعٍ. لَهُ شَكْلٌ مَنْصُوبٌ فِي الدَّارِ: فَهُوَ لِصَاحِبِهَا) . عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَهُوَ لِلْمُؤَجِّرِ فِي الْأَصَحِّ. وَإِلَّا فَهُوَ بَيْنَهُمَا. يَعْنِي: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَكْلٌ مَنْصُوبٌ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْفُرُوعِ. وَالْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّهُ لِرَبِّ الدَّارِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمُؤَجِّرُ. كَمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ. وَقِيلَ: هُوَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا. وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. وَيَحْلِفَانِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وَقِيلَ: مَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ: لِلْمُؤَجِّرِ. وَمَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ: فَلِلْمُسْتَأْجِرِ. وَفِيمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ: أَوْجُهٌ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَعَ شَكْلٍ لَهُ مَنْصُوبٌ فِي الْمَكَانِ: لِلْمُؤَجِّرِ. وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَا دَارًا فِي أَيْدِيهِمَا. فَادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا، وَادَّعَى الْآخَرُ نِصْفَهَا: جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَالْيَمِينُ عَلَى مُدَّعِي النِّصْفِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَالْمُحَرَّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَبُو الْفَرَجِ: أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ ادَّعَى أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهَا، وَادَّعَى الْآخَرُ كُلَّهَا، أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ. وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا: إنَّمَا فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ، أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قُمَاشِ الْبَيْتِ. فَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ. وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ. وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَالْخِرَقِيِّ، وَالْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُمْ مُحْتَمِلٌ لِلْخِلَافِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: الْحُكْمُ كَذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ. فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عَادَةٌ: عُمِلَ بِهَا. نَقَلَ الْأَثْرَمُ: الْمُصْحَفُ لَهُمَا. فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تَقْرَأُ أَوْ لَا تُعْرَفُ بِذَلِكَ: فَهُوَ لَهُ. وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ. وَقُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ بِيَدِهِمَا الْمُشَاهَدَةِ: فَبَيْنَهُمَا. وَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا الْمُشَاهَدَةِ: فَهُوَ لَهُ. كَمَا يَأْتِي عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَ صَانِعَانِ فِي قُمَاشِ دُكَّانٍ لَهُمَا: حُكِمَ بِآلَةِ كُلِّ صِنَاعَةٍ لِصَاحِبِهَا، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَالْخِرَقِيِّ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ أَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ: فَكَذَلِكَ. وَإِنْ كَانَتْ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ: فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. قُلْت: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ حِكَايَةُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الْقَاضِي رَاجِعَةً إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَهُوَ أَوْلَى. لَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَتَنَبَّهَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ لِذَلِكَ. فَقَالَ: الْخِلَافُ عَائِدٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي. وَكَذَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: وَكَلَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي: مُحْتَمَلٌ أَيْضًا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَكَلَامُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَتَى كَانَ بِيَدَيْهِمَا: مِثْلَ أَنْ يَكُونَا بِدُكَّانٍ وَكَالزَّوْجَيْنِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ: حُكِمَ لَهُ بِهَا) .
إنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي وَحْدَهُ، وَكَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، وَالْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، وَالْعَاقِلِ وَالْمَجْنُونِ، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ: أَحَلَفَ الْمَشْهُودَ لَهُ. لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فِي دَعْوَى الْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ. فَيَقُومُ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا حَسَنٌ. وَمَالَ إلَيْهِ. قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ بِأَعَمَّ مِنْ هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي " بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ ": " وَإِنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ مُسْتَتِرٍ فِي الْبَلَدِ، أَوْ مَيِّتٍ، أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ: سَمِعَهَا الْحَاكِمُ. وَحَكَمَ بِهَا ". وَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي: أَنَّهُ لَمْ يَبْرَأْ إلَيْهِ مِنْهُ، وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَذَكَرْنَا الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ مِنْهُمَا هُنَاكَ. ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ حَكَى كَلَامَهُ فِي الْمُغْنِي. وَقَالَ: هَذَا عَجِيبٌ مِنْهُ. فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي مُخْتَصَرِهِ وَمُخْتَصَرِ غَيْرِهِ: أَنَّ الدَّعْوَى إذَا كَانَتْ عَلَى غَائِبٍ، أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ: فَهَلْ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. انْتَهَى.
وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ، فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ: حُكِمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي. فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) يَعْنِي تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. وَهُوَ الْمُدَّعِي. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. كَمَا قَالَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ زَوَالِ يَدِهِ أَوْ لَا. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي، لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ بَيِّنَةٌ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: كَمَا لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ مُنْكِرٍ أَوَّلًا. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا الْمَشْهُورُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَاتِ، وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَهُ، نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ أَوْ قَطِيعِهِ مِنْ الْأَغْنَامِ: قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ. قَالَ الْقَاضِي فِيهِمَا: إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ تَرْجِيحٌ: لَمْ يُحْكَمْ بِهَا: رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ بِكُلِّ حَالٍ. يَعْنِي: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ بِكُلِّ حَالٍ. وَاخْتَارَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيِّ. وَعَنْهُ: يُحْكَمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي إنْ اخْتَصَّتْ بَيِّنَتُهُ بِسَبَبٍ أَوْ سَبْقٍ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: يَكْفِي سَبَبٌ مُطْلَقٌ عَلَى الصَّحِيحِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ تُعْتَبَرُ إفَادَتُهُ لِلسَّبْقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. وَيَأْتِي نَقْلُهُ فِي الْوَسِيلَةِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً: أَنَّهَا نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ: تَعَارَضَتَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَدَّمَ فِي الْإِرْشَادِ: أَنَّ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي تُقَدَّمُ. قَوْلُهُ (فَإِنْ أَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْخَارِجِ، وَأَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الدَّاخِلِ فَقَالَ الْقَاضِي: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ) . كَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالتَّسْهِيلِ لِلْحَلْوَانِيِّ. قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. وَقِيلَ: يَتَعَارَضَانِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ. فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ، أَوْ اتَّهَبَهَا مِنْهُ. فَعَنْهُ: أَنَّهُ كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ عَلَى مَا سَبَقَ. وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي وَعَنْهُ: يَتَعَارَضَانِ. لِأَنَّ سَبَبَ الْيَدِ نَفْسُ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ. فَلَا تَبْقَى مُؤَثِّرَةً. لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ مِلْكَ هَذِهِ الدَّارِ لِزَيْدٍ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَيَأْتِي مَعْنَى ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ. وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ هُنَا، وَابْنُ أَبِي مُوسَى: أَنَّهُ يُرَجَّحُ بِالْقُرْعَةِ.
وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
الثَّانِيَةُ: لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ، وَتَعْدِيلُهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ. وَتُسْمَعُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَبَعْدَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. وَأَيُّهَا يُقَدَّمُ فِيهِ الرِّوَايَاتُ. وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا غَائِبَةً حِينَ رَفَعْنَا يَدَهُ. فَجَاءَتْ وَقَدْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مِلْكًا مُطْلَقًا: فَهِيَ بَيِّنَةُ خَارِجٍ. وَإِنْ ادَّعَاهُ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَ يَدِهِ: فَهِيَ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ. كَمَا لَوْ أَحْضَرَهَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ.
قَوْلُهُ (الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي أَيْدِيهِمَا. فَيَتَحَالَفَانِ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا) . لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِهَا. وَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ مَعَ يَمِينِهِ. فَيَمِينُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى النِّصْفِ الَّذِي بِيَدِهِ. وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَعَنْهُ يَقْرَعُ. فَمَنْ قَرَعَ: أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ نَكَلَا عَنْ الْيَمِينِ: فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَا مُسَنَّاةً بَيْنَ نَهْرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْضِ الْآخَرِ: تَحَالَفَا. وَهِيَ بَيْنَهُمَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ،
وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: هِيَ لِرَبِّ النَّهْرِ. وَقِيلَ: هِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَنَازَعَا صَبِيًّا فِي أَيْدِيهِمَا. فَكَذَلِكَ) . يَعْنِي: صَبِيًّا دُونَ التَّمَيُّزِ فَيَتَحَالَفَانِ. وَهُوَ بَيْنَهُمَا رَقِيقٌ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا، فَقَالَ: إنِّي حُرٌّ، فَهُوَ حُرٌّ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ) . وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَالطِّفْلِ. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ: حُكِمَ لَهُ بِهَا) بِلَا نِزَاعٍ. (وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ: قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا) . مِثْلُ أَنْ تَشْهَدَ إحْدَاهُمَا: أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سُنَّةٍ، وَتَشْهَدُ الْأُخْرَى: أَنَّهَا لِلْآخَرِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ. فَتُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا.
وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. نَصَرَهَا الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ: هَذَا قِيَاسٌ الْمَذْهَبِ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَسِيلَةِ، إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ ثَالِثٍ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. قُلْت: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ أَيْضًا. فَقَالَ أَوَّلًا: وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ: قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا. وَقَالَ ثَانِيًا: فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا بِالْمِلْكِ لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ. وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ بِالْمِلْكِ لَهُ مُنْذُ شَهْرٍ: فَهُمَا سَوَاءٌ. وَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّهُ تَابَعَ الْمُصَنِّفَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَتَابَعَ الْمُحَرَّرَ فِي الثَّانِيَةِ. فَحَصَلَ الْخَلَلُ وَالتَّنَاقُضُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ الثَّانِيَةَ. لِأَنَّهَا عَيْنُ الْأُولَى. وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَمْ يَذْكُرْ الْأُولَى. لِأَنَّهَا عَيْنُ الثَّانِيَةِ. وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا. وَحَصَلَ لَهُ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي " كِتَابِ الصَّيْدِ " وَ " بَابِ الذَّكَاةِ " فِيمَا إذَا رَمَاهُ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ، أَوْ ذَبَحَهُ ثُمَّ غَرِقَ فِي مَاءٍ. كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ هُنَاكَ.
فَائِدَةٌ: مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحَكَمِ: لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْيَدِ مِنْ سَنَةٍ، وَبَيِّنَةٌ بِالْيَدِ مِنْ سَنَتَيْنِ. قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ وَقَّتَتْ إحْدَاهُمَا، وَأَطْلَقَتْ الْأُخْرَى: فَهُمَا سَوَاءٌ) . اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَهَذَا بِنَاءً مِنْ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قَالَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، مِنْ تَقْدِيمِ أَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. بَلْ هُنَا أَوْلَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَالنَّظْمِ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الْمُطَلَّقَةِ. قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: تُقَدَّمُ الْمُؤَقَّتَةُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ، وَالْأُخْرَى بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ، أَوْ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ. فَهَلْ تُقَدَّمُ بِذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَأَطْلَقَهَا فِي الشَّرْحِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ.
أَحَدُهُمَا: لَا تُقَدَّمُ بِذَلِكَ، بَلْ هُمَا سَوَاءٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ.
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْخُلَاصَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُقَدَّمُ بِذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيمَا إذَا كَانَ الْعَيْنُ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ بِسَبَبٍ مُفِيدٍ لِلسَّبْقِ، كَالنِّتَاجِ وَالْإِقْطَاعِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا فَعَلَيْهَا وَاَلَّتِي قَبْلَهَا: الْمُؤَقَّتَةُ وَالْمُطْلَقَةُ سَوَاءٌ. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الْمُطْلَقَةُ. فَجُعِلَ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ مَبْنِيًّا عَلَى هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِي مُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ: تُقَدَّمُ ذَاتُ السَّبَبَيْنِ عَلَى ذَاتِ السَّبَبِ، وَشُهُودُ الْعَيْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ.
قَوْلُهُ (وَلَا تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: هَذَا الْأَشْهَرُ. وَيَتَخَرَّجُ تَقْدِيمُ أَكْثَرِهِمَا عَدَدًا.
قَوْلُهُ (وَلَا بِاشْتِهَارِ الْعَدَالَةِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ.
وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ مَنْ اُشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. وَقَالَ: وَيَتَخَرَّجُ مِنْهُ التَّرْجِيحُ بِالْعَدْلِ. وَحَكَاهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا.
قَوْلُهُ (وَلَا الرَّجُلَانِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الرَّجُلَانِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ. قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ. وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ بِذَلِكَ: وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يُرَجِّحَ بِذَلِكَ. مَأْخُوذًا مِنْ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: وَيُقَدِّمُ الْأَعْمَى أَوْثَقَهُمَا فِي نَفْسِهِ. وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. لِأَنَّ أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ يُرَجَّحُ بِذَلِكَ. فَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ، وَلِأَنَّهَا خَبَرٌ. وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْمَشْهُودِ، وَإِذَا كَثُرَ الْعَدَدِ، أَوْ قَوِيَتْ الْعَدَالَةُ: كَانَ الظَّنُّ أَقْوَى. قَالَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ (وَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.
وَهُوَ الْمَذْهَبُ، عَلَى مَا أَصْلَحْنَاهُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَدَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا تَسَاوَتَا تَعَارَضَتَا) بِلَا نِزَاعٍ.
وَقَوْلُهُ (وَقُسِمَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ) ، يَعْنِي إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي أَيْدِيهِمَا. وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ. فَتُسْتَعْمَلُ الْبَيِّنَتَانِ بِقِسْمَةِ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا. فَيَسْقُطَانِ بِالتَّعَارُضِ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ. وَعَلَيْهَا جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ: وَلَعَلَّ مُنْشَأَ الْخِلَافِ إذَا تَعَارَضَ الدَّلِيلَانِ، هَلْ يَتَوَقَّفُ الْمُجْتَهِدُ أَوْ يَتَخَيَّرُ فِي الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا؟ فِيهِ خِلَافٌ. انْتَهَى. وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى النِّصْفِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الصُّلْحِ، عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَحْلُولًا مِنْ بِنَاءَيْهِمَا وَصِفَةُ الْيَمِينِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَنْ يَحْلِفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِ الْحَائِطِ: أَنَّهُ لَهُ. وَلَوْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْحَائِطِ: أَنَّهُ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ: جَازَ وَكَانَ بَيْنَهُمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قُلْت الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْيَمِينُ عَلَى حَسْبِ الْجَوَابِ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ هَذَا أَيْضًا. وَعَنْهُ: أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا. فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا. فَيُسْتَعْمَلُ الْبَيِّنَتَانِ بِالْقُرْعَةِ. وَنَصَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: أَمَا يَسْتَهِمَانِ عَلَى مَنْ تَكُونُ الْعَيْنُ لَهُ. وَنَقَلَهُ صَالِحٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَرَدَ رِوَايَةٌ بِالْقُرْعَةِ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ لِلْقَاضِي. وَيَحْصُلُ أَنَّهَا بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ. وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الشَّرِيفُ، فَقَالَ: وَعَنْهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا. إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا كَانَ يَقُولُ: يُقْرَعُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، لَا الْبَيِّنَتَيْنِ انْتَهَى. وَحَكَى ابْنُ شِهَابٍ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ رِوَايَةً: أَنَّهُ يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ، أَوْ يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ فِي الْوَسِيلَةِ: الرِّوَايَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ، فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ: هَلْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْفُرُوعِ: أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ: فَلَا يَظْهَرُ حَلِفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ. بَلْ الَّذِي يَحْلِفُ: هُوَ الَّذِي تَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ. وَهَكَذَا ذَكَرَهَا فِي الْمُقْنِعِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ. فَلَعَلَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَهْمٌ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ
قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى (قُسِمَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ) . وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ فِي مَوْضِعٍ. وَعَنْهُ: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ " كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا ". تَقَدَّمَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْقِسْمِ فَلْيُعَاوَدْ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ: لَمْ تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى يَقُولَ: وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِهِ) . فَإِذَا قَالَهُ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِهِ: حُكِمَ لَهُ بِهَا. وَكَذَا: إنْ شَهِدَتْ: أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ: حُكِمَ لَهُ بِهَا. فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا التَّسْلِيمَ: لَمْ يُحْكَمْ. وَقَالَ فِي الْكَافِي: إذَا كَانَتْ فِي يَدِ زَيْدٍ دَارٌ، فَادَّعَى آخَرُ: أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ
غَيْرِهِ، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً: حُكِمَ لَهُ بِهَا. وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ: حُكِمَ لَهُ بِهَا. لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ إلَّا وَهِيَ فِي يَدِهِ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمِلْكَ وَلَا التَّسْلِيمَ: لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِهَا. لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَبِيعَهُ مَا لَا يَمْلِكُهُ، فَلَا يُزَالُ بِهِ صَاحِبُ الْيَدِ. فَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسْلِيمِ كَافِيَةٌ فِي الْحُكْمِ لَهُ بِهَا. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا مِنْ زَيْدٍ بِكَذَا، وَقَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ. وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، بَلْ تَحْتَ يَدِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ. فَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ: اشْتِرَاطُ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُقْنِعِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْكَافِي. وَاعْلَمْ أَنَّ فَرْضَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ غَيْرِ الْبَائِعِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَغَيْرِهِ.
تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا: قَوْلُهُ (فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَادَّعَى الْآخَرُ: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَأَقَامَا بِذَلِكَ: بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا) . مُرَادُهُ: إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا: انْبَنَى ذَلِكَ عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً: أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ
بَيِّنَةً: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ، أَوْ وَقَفَهَا عَلَيْهِ، أَوْ أَعْتَقَهُ: قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) بِلَا نِزَاعٍ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِمَا: قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ، دَاخِلًا كَانَ أَوْ خَارِجًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: قُدِّمَتْ الثَّانِيَةُ، وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَهُ كَقَوْلِهِ " أَبْرَأَنِي مِنْ الدَّيْنِ ".
الثَّالِثُ: قَوْلُهُ (وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً: أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِأَبِي، خَلَّفَهَا تَرِكَةٍ، وَأَقَامَتْ امْرَأَتُهُ بَيِّنَةً: أَنَّ أَبَاهُ أَصَدَقَهَا إيَّاهَا: فَهِيَ لِلْمَرْأَةِ) . سَوَاءٌ كَانَتْ دَاخِلَةً، أَوْ خَارِجَةً.
قَوْلُهُ (الْقِسْمُ الثَّالِثُ: تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا) . اعْلَمْ أَنَّهُمَا إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا. فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُقِرَّ بِهَا لَهُمَا. أَوْ يُنْكِرَهُمَا، وَلَمْ يُنَازِعْ فِيهَا، أَوْ يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ يُقِرُّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، أَوْ يُقِرُّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ. فَيَقُولُ " لَا أَعْلَمُ عَيْنَهُ مِنْهُمَا ". أَوْ يُقِرُّ بِهَا لِغَيْرِهِمَا. فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا: فَهِيَ لَهُمَا. لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجُزْءُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَغَيْرِهِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا، وَقَالَ " لَا أَعْرِفُ عَيْنَهُ مِنْهُمَا " فَتَارَةً يُصَدِّقَانِهِ. وَتَارَةً يُكَذِّبَانِهِ، أَوْ أَحَدُهُمَا. فَإِنْ صَدَّقَاهُ: لَمْ يَحْلِفْ وَإِنْ كَذَّبَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا: حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا. فَمَنْ قَرَعَ: حَلَفَ، وَهِيَ لَهُ. هَذَا الْمَذْهَبُ: نَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ. ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْخِرَقِيُّ لِوُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُقِرِّ. وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله، فِي رِوَايَةٍ ابْنِ مَنْصُورٍ. إذَا قَالَ " أَوْدَعَنِي أَحَدُهُمَا لَا أَعْرِفُهُ عَيْنًا " أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا. وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى مَا إذَا صَدَّقَاهُ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: إنْ عَادَ بَيْنَهُ، فَقِيلَ: كَتَبْيِينِهِ ابْتِدَاءً. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إنْ أَبَى الْيَمِينَ مِنْ قَرْعٍ: أَخَذَهَا أَيْضًا.
وَقِيلَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: ثَبَتَ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ بِإِقْرَارِهِ، وَإِلَّا لَصَحَّتْ الشَّهَادَةُ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ. فَقَالُوا: الشَّهَادَةُ لَا تَصِحُّ لِمَجْهُولٍ وَلَا بِهِ. وَلَهُمَا الْقُرْعَةُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الْوَاجِبِ وَقَبْلَهُ. فَإِنْ نَكَلَ قُدِّمَتْ. وَيَحْلِفُ لِلْمَقْرُوعِ إنْ كَذَّبَهُ. فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا. وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ: حَلَفَ وَهِيَ لَهُ. وَيَحْلِفُ أَيْضًا: الْمُقِرُّ لِلْآخَرِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يَحْلِفُ لَهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا. وَإِذَا أَخَذَهَا الْمُقِرُّ لَهُ، فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً: أَخَذَهَا مِنْهُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلِلْمُقِرِّ لَهُ قِيمَتُهَا عَلَى الْمُقِرِّ. وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا وَلَمْ يُنَازِعْ. فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: نَقَلَ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: وَحَكَى أَصْحَابُنَا: لَا يَقْرَعُ. لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا حَقٌّ كَشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِهَا لِغَيْرِهِمَا. وَتُقَرُّ بِيَدِهِ حَتَّى يَظْهَرُ رَبُّهَا.
وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ مَنْعًا. أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله ثَمَّ تَسْلِيمًا. فَعَلَى الْأَوَّلِ: إنْ أَخَذَهَا مِنْ فَرْعٍ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا لِلْآخَرِ: فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ. نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الَّتِي بِيَدِ ثَالِثٍ غَيْرِ مُنَازِعٍ وَلَا بَيِّنَةٍ كَاَلَّتِي بِيَدَيْهِمَا. وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ، وَالْآخَرُ النِّصْفَ: فَكَالَّتِي بِيَدَيْهِمَا. إذْ الْيَدُ الْمُسْتَحِقَّةُ لِلْوَضْعِ كَمَوْضُوعَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ أَيْضًا: لَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا، فَصُدِّقَ أَحَدُهُمَا وَكُذِّبَ الْآخَرُ وَلَمْ يُنَازَعْ. فَقِيلَ: يُسَلَّمُ إلَيْهِ. وَقِيلَ: يَحْفَظُهُ حَاكِمٌ. وَقِيلَ: يَبْقَى بِحَالِهِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ، وَابْنُ مَنْصُورٍ فِي الَّتِي قَبْلَهَا لِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفُهَا. وَمَنْ قَرَعَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ: حَلَفَ وَأَخَذَهُ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ: وَإِنْ قَالَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ " لَيْسَتْ لِي. وَلَا أَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ؟ " فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا.
وَالثَّانِي: تُجْعَلُ عِنْدَ أَمِينِ الْحَاكِمِ.
وَالثَّالِثُ: تُقِرُّ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ.
وَالْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَأَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي النَّضْرِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوَجْهَانِ الْأَخِيرَانِ مُخْرَجَانِ مِنْ مَسْأَلَةٍ: مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مُعْتَرَفٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، وَلَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ، فَادَّعَاهُ مُعَيَّنٌ. فَهَلْ يُدْفَعُ إلَيْهِ، أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُقِرُّ فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، أَمْ يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ؟ فِيهِ خِلَافٌ. انْتَهَى. وَإِنْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " وَإِنْ ادَّعَاهَا صَاحِبُ الْيَدِ لِنَفْسِهِ " فَقَالَ الْقَاضِي: يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهِيَ لَهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَ الْمُدَّعِينَ. فَتَكُونُ لِمَنْ تَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ. قَالَ الشَّارِحُ: يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا لَا تَسْقُطَانِ، فَرَجَحَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْقُرْعَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ نَكَلَ: أَخَذَهَا مِنْهُ وَبَدَّلَهَا، وَاقْتَرَعَا عَلَيْهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْتَسِمَاهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ لَهُمَا الْعَيْنُ أَوْ عِوَضُهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله قَدْ يُقَالُ: تُجْزِئُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ. وَيُقَالُ: إنَّمَا تَجِبُ الْعَيْنُ يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهَا. وَيُقَالُ: إذَا اقْتَرَعَا عَلَى الْعَيْنِ، فَمَنْ قَرَعَ: فَلِلْآخَرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِهَا. وَيُقَالُ: إنَّ الْقَارِعَ هُنَا يَحْلِفُ ثُمَّ يَأْخُذُهَا. لِأَنَّ النُّكُولَ غَايَتُهُ أَنَّهُ بَذْلٌ. وَالْمَطْلُوبُ لَيْسَ لَهُ هُنَا بَذْلُ الْعَيْنِ. فَيُجْعَلُ كَالْمُقِرِّ. فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لَهُ. وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ مُسْتَوْفٍ فِي أَثْنَاءِ " بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ "
فَائِدَةٌ:
لَوْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ: فَنَقَلَ صَالِحٌ، وَحَنْبَلٌ: هِيَ لِأَحَدِهِمَا بِقُرْعَةٍ، كَاَلَّتِي بِيَدِ ثَالِثٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَتْ بِيَدَيْهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَبْدًا، فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا: لَمْ تُرَجَّحْ بِإِقْرَارِهِ. وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ: حُكِمَ لَهُ بِهَا) وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ.
وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ ادَّعَيَا رِقَّ بَالِغٍ وَلَا بَيِّنَةَ، فَصَدَّقَهُمَا: فَهُوَ لَهُمَا. وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا: فَهُوَ لَهُ كَمُدَّعٍ وَاحِدٍ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا الْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ. نَصَرَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. وَإِنْ جَحَدَ: قَبْلَ قَوْلِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَحَكَى: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ: تَعَارَضَتَا، وَالْحُكْمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) . وَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ فِيمَا إذَا ادَّعَيَا رِقَّ بَالِغٍ: وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا. ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا: لَمْ تُرَجَّحْ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ اسْتِعْمَالِهَا.
وَظَاهِرُ الْمُنْتَخَبِ مُطْلَقًا. فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهِ: تَعَارَضَتَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ. وَقِيلَ: عَكْسُهُ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ ثَالِثٍ، أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، أَوْ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ: فَفِيهَا رِوَايَاتُ التَّعَارُضِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ تَكَاذَبَا فَلَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ: فَلَا، كَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِقَتْلٍ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، وَأُخْرَى بِالْحَيَاةِ فِيهِ. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: الْقُرْعَةُ هُنَا، وَالْقِسْمَةُ فِيمَا بِأَيْدِيهِمَا. وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إنْ تَدَاعَيَا عَيْنًا بِيَدِ ثَالِثٍ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ: سَقَطَتَا. وَاسْتهمَا عَلَى مَنْ يَحْلِفُ، وَتَكُونُ الْعَيْنُ لَهُ.
وَالثَّانِيَةُ: يَقِفُ الْحُكْمُ حَتَّى يَأْتِيَا بِأَمَارَتَيْنِ. قَالَ: لِأَنَّ إحْدَاهُمَا كَاذِبَةٌ، فَسَقَطَتَا كَمَا لَوْ ادَّعَيَا زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ، وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا. فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ. كَذَا هُنَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا: لَمْ تُرَجَّحْ بِذَلِكَ) . يَعْنِي: إذَا أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَهُمَا.
وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَتَيْنِ: تَارَةً تَكُونُ قَبْلَ إقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا. وَتَارَةً تَكُونُ بَعْدَ إقْرَارِهِ. فَإِنْ أَقَامَاهُمَا قَبْلَ إقْرَارِهِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا: فَحُكْمُ التَّعَارُضِ بِحَالِهِ. وَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ، عَلَى رِوَايَتَيْ الِاسْتِعْمَالِ. وَهُوَ صَحِيحٌ مَسْمُوعٌ عَلَى رِوَايَةِ التَّسَاقُطِ. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ، فَالْمُقَدِّمَةُ: كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ، وَالْمُؤَخِّرَةُ: كَبَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِيمَا ذَكَرَهُ. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا، وَادَّعَى الْآخَرُ نِصْفَهَا، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ: فَهِيَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ. إنْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الْخَارِجِ، وَإِلَّا فَهِيَ لَهُمَا. وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ ثَالِثٍ، فَقَدْ ثَبَتَ أَحَدُ نِصْفَيْهَا لِمُدَّعِي الْكُلِّ. وَأَمَّا الْآخَرُ: فَهَلْ يَقْتَسِمَانِهِ، أَوْ يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهِ، أَوْ يَكُونُ لِلثَّالِثِ مَعَ يَمِينِهِ؟ . عَلَى رِوَايَاتِ التَّعَارُضِ. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَلِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفٌ، وَالْآخَرُ لِلثَّالِثِ بِيَمِينِهِ. وَعَلَى اسْتِعْمَالِهِمَا: يَقْتَسِمَانِهِ، أَوْ يَقْتَرِعَانِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ رَجُلٍ عَبْدٍ. فَادَّعَى: أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ، وَادَّعَى الْعَبْدُ: أَنَّ زَيْدًا أَعْتَقَهُ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً: انْبَنَى عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ) . مُرَادُهُ: إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ، أَوْ مُطْلَقَتَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ. وَنَقُولُ: هُمَا سَوَاءٌ. قَالَهُ الشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا.
فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي: فَالْمُشْتَرِي دَاخِلٌ. وَالْعَبْدُ خَارِجٌ. هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، أَوْ بِيَدِ نَفْسِهِ، وَادَّعَى عِتْقَ نَفْسِهِ، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ: صَحَحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ، وَإِلَّا تَعَارَضَتَا. نَصَّ عَلَيْهِ، إلْغَاءٌ لِهَذِهِ الْيَدِ لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنِدِهَا. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَعَنْهُ: أَنَّهَا يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ، فَلَا تَعَارُضَ. بَلْ الْحُكْمُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الَّتِي جَزَمَ بِهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَتَقَدَّمَ فِي بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ زَيْدٍ) يَعْنِي: الْبَائِعَ (فَالْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ مَا إذَا ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا) . عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا: وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى أَوْ اتَّهَبَ مِنْ زَيْدٍ عَبْدَهُ. وَادَّعَى آخَرُ كَذَلِكَ، أَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ: صَحَحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ، وَإِلَّا تَعَارَضَتَا. فَيَسْقُطَانِ أَوْ يُقْسَمُ. فَيَكُونُ نِصْفُهُ مَبِيعًا وَنِصْفُهُ حُرًّا. وَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى جَمِيعِهِ، إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُوسِرًا. وَيَقْرَعُ كَمَا سَبَقَ. وَعَنْهُ: تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الْعِتْقِ. لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ عَبْدٌ. فَادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلَانِ، كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا: أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنِّي بِثَمَنٍ سَمَّاهُ. فَصَدَّقَهُمَا: لَزِمَهُ الثَّمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا: حَلَفَ لَهُمَا وَبَرِئَ. وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدُهُمَا: لَزِمَهُ مَا ادَّعَاهُ، وَحَلَفَ لِلْآخَرِ. وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ: فَلَهُ الثَّمَنُ. وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ) . بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً. فَأَمْكَنَ صِدْقُهُمَا لِاخْتِلَافِ تَارِيخِهِمَا، أَوْ إطْلَاقِهِمَا، أَوْ إطْلَاقِ إحْدَاهُمَا وَتَأْرِيخِ الْأُخْرَى: عَمِلَ بِهِمَا) . وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُؤَرِّخَا، أَوْ إحْدَاهُمَا: تَعَارَضَتَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا: تَعَارَضَتَا، وَالْحُكْمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ) . وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَّهُ بَاعَنِي إيَّاهُ بِأَلْفٍ. وَأَقَامَ بَيِّنَةً: قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا) . بِلَا نِزَاعٍ وَهِيَ لَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلِلثَّانِي الثَّمَنُ.
فَإِنْ لَمْ تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا تَعَارَضَتَا. يَعْنِي: فِيهَا رِوَايَاتُ التَّعَارُضِ بِلَا نِزَاعٍ. فَعَلَى رِوَايَةِ الْقِسْمَةِ: يَتَحَالَفَانِ. وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. وَلَهُ الْفَسْخُ. فَإِنْ فَسَخَ رَجَعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ. فَلَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا: فَلِلْآخَرِ أَخْذُهُ كُلَّهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حُكِمَ لَهُ بِنِصْفِهَا أَوْ نِصْفِ الثَّمَنِ. وَعَلَى رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ: هُوَ لِمَنْ قَرَعَ. وَعَلَى رِوَايَةِ التَّسَاقُطِ: يَعْمَلُ كَمَا سَبَقَ.
تَنْبِيهٌ:
يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ قَوْلِهِ " بَاعَنِي إيَّاهُ بِأَلْفٍ " فَيَقُولُ " وَهُوَ مِلْكُهُ " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، بَلْ قَالَ " وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ ". وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ " فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ لَمْ تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ حَتَّى يَقُولَ: وَهِيَ مِلْكُهُ ".
فَائِدَةٌ:
لَوْ أُطْلِقَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: تَعَارَضَتَا فِي الْمِلْكِ إذَنْ لَا فِي الشِّرَاءِ، لِجَوَازِ تَعَدُّدِهِ. وَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ إذَنْ لِنَفْسِهِ: قُبِلَ، إنْ سَقَطَتَا. فَيَحْلِفُ يَمِينًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَمِينَيْنِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَسْقُطَانِ. عَمِلَ بِهَا بِقُرْعَةٍ، أَوْ يَقْسِمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ. عَلَى رِوَايَتَيْ الْقُرْعَةِ وَالْقِسْمَةِ.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا " غَصَبَنِي إيَّاهُ " وَقَالَ الْآخَرُ " مَلَّكَنِيهِ "
أَوْ " أَقَرَّ لِي بِهِ ". وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً: فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. وَلَا يَغْرَمُ لِلْآخَرِ شَيْئًا) بِلَا نِزَاعٍ. لِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا. لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ غَصْبُهُ مِنْ هَذَا، ثُمَّ مَلَكَهُ الْآخَرُ.
فَائِدَةٌ: لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَجَّرَهُ الْبَيْتَ بِعَشْرَةٍ، فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: بَلْ كُلَّ الدَّارِ. وَأَقَامَا. بَيِّنَتَيْنِ. فَقِيلَ: تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلزِّيَادَةِ. وَقِيلَ: يَتَعَارَضَانِ. وَلَا قِسْمَةَ هُنَا. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ: مَا يَصِحُّ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ فِيهِ قَبْلَ الدَّعْوَى، وَمَا لَا يَصِحُّ.