المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب تعارض البينتين] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ١١

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب تعارض البينتين]

[بَابُ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ]

ِ قَوْلُهُ (إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ " مَتَى قُتِلْت فَأَنْتَ حُرٌّ " فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قُتِلَ، فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ) بِلَا نِزَاعٍ. (وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ) وَاحِدٍ (مِنْهُمْ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ. فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ فَيُعْتَقُ، أَوْ يَتَعَارَضَانِ، وَيَبْقَى عَلَى الرِّقِّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ.

أَحَدُهُمَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ وَيُعْتَقُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَتَعَارَضَانِ. وَيَبْقَى عَلَى الرِّقِّ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَقِيلَ: يَتَعَارَضَانِ. فَيَقْضِي بِالتَّسَاقُطِ، أَوْ الْقُرْعَةِ، أَوْ الْقِسْمَةِ.

قَوْلُهُ (وَلَوْ قَالَ " إنْ مِتّ فِي الْمُحَرَّمِ، فَسَالِمٌ حُرٌّ. وَإِنْ مِتّ فِي صَفَرٍ: فَغَانِمٌ حُرٌّ " وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ) بَيِّنَةً (بِمُوجِبِ عِتْقِهِ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ سَالِمٍ) . هَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ.

ص: 404

وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَتَعَارَضَانِ وَيَسْقُطَانِ. وَيَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى الرِّقِّ. وَيَصِيرُ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِمُوجِبِ عِتْقِهِ: تَعَارَضَتَا وَكَانَ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُ فِي رِوَايَةٍ، أَوْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِي الْأُخْرَى. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مُحَرَّمٍ بِكُلِّ حَالٍ. انْتَهَى.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا. فَمَنْ قَرَعَ: عَتَقَ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الشَّرْحِ.

فَائِدَةٌ:

لَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، وَجُهِلَ وَقْتُ مَوْتِهِ: رُقَّا مَعًا، بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ عُلِمَ مَوْتُهُ فِي أَحَدِ الشَّهْرَيْنِ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَعْمَلُ فِيهِمَا بِأَصْلِ الْحَيَاةِ. فَعَلَى هَذَا: يُعْتَقُ غَانِمٌ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " إنْ مِتّ فِي مَرَضِي هَذَا: فَسَالِمٌ حُرٌّ. وَإِنْ بَرِئَتْ: فَغَانِمٌ حُرٌّ " وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ: تَعَارَضَتَا. وَبَقِيَا عَلَى الرِّقِّ) . ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.

ص: 405

وَهُوَ الْمَذْهَبُ مِنْهُمَا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَالْقِيَاسُ أَنْ يُعْتَقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله أَيْضًا. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ غَانِمٌ وَحْدَهُ. لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ بِزِيَادَةٍ وَهُوَ قَوِيٌّ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ سَالِمٌ وَحْدَهُ.

فَوَائِدُ الْأُولَى: لَوْ قَالَ " إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ بَرِئْت فَغَانِمٌ حُرٌّ " وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ. فَحُكْمُهَا حُكْمُ الَّتِي قَبْلَهَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ هُنَا: يَرِقَّانِ وَجْهًا وَاحِدًا. يَعْنِي لِتَكَاذُبِهِمَا، عَلَى كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ " إنْ مِتّ فِي مَرَضِي هَذَا فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ بَرِئْت فَغَانِمٌ حُرٌّ " وَجُهِلَ فِي أَيِّهِمَا مَاتَ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي وَقِيلَ: يُعْتَقُ سَالِمٌ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ غَانِمٌ.

ص: 406

الثَّالِثَةُ: لَوْ قَالَ " إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي " بَدَلَ " فِي مَرَضِي " وَجُهِلَ مِمَّا مَاتَ. فَقِيلَ: بِرِقِّهِمَا. لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِي الْمَرَضِ بِحَادِثٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالنَّظْمِ. وَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ. إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَادِثِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي. وَقِيلَ: يُعْتَقُ سَالِمٌ. لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَرَضِ وَعَدَمُ الْبُرْءِ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ غَانِمٌ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ. وَأُطْلِقَ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فِي الْقَوَاعِدِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَتْلَفَ ثَوْبًا، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ: أَنَّ قِيمَتَهُ عِشْرُونَ. وَشَهِدَتْ أُخْرَى: أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثُونَ: لَزِمَهُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَنَصَرَاهُ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: تَسْقُطَانِ لِتَعَارُضِهِمَا. وَقِيلَ: يُقْرَعُ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ ثَلَاثُونَ. وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِي نَظِيرِهَا فِيمَنْ أَجَّرَ حِصَّةَ مُوَلِّيهِ، فَقَالَتْ بَيِّنَةٌ: أَجَّرَهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا. وَقَالَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى: أَجَّرَهَا بِنِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ بِكُلِّ قِيمَةٍ شَاهِدٌ: ثَبَتَ الْأَقَلُّ بِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ، لَا عَلَى رِوَايَةِ التَّعَارُضِ.

ص: 407

قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: ثَبَتَ الْأَقَلُّ بِهِمَا عَلَى الْأَوَّلَةِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ: يَحْلِفُ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَلَا تَعَارُضَ. وَقَالَ الشَّارِحُ: لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ: أَنَّهُ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ، وَشَاهِدٌ: أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثَةٌ، ثَبَتَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَهُوَ دِرْهَمَانِ. وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الْآخَرِ عَلَى دِرْهَمٍ. لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى دِرْهَمَيْنِ، وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِدِرْهَمٍ. فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةِ. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: لَوْ اخْتَلَفَتْ بَيِّنَتَانِ فِي قِيمَةِ عَيْنٍ قَائِمَةٍ لِيَتِيمٍ يُرِيدُ الْوَصِيُّ بَيْعَهَا: أَخَذَ بِبَيِّنَةِ الْأَكْثَرِ فِيمَا يَظْهَرُ.

قَوْلُهُ (وَلَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَابْنُهَا. فَقَالَ زَوْجُهَا " مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا " ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ " وَقَالَ أَخُوهَا " مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا " وَلَا بَيِّنَةَ: حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ. وَكَانَ مِيرَاثُ الِابْنِ لِأَبِيهِ، وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي " بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى ": اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي " بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى ": هَذَا أَحْسَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ.

ص: 408

وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يُعَيَّنُ السَّابِقُ بِالْقُرْعَةِ. كَمَا لَوْ قَالَ " أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ " فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ، وَأُشْكِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ: يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، مِنْ تِلَادِ مَالِهِ، دُونَ مَا وَرِثَهُ عَنْ الْمَيِّتِ مَعَهُ كَمَا لَوْ جَهِلَ الْوَرَثَةُ مَوْتَهُمَا. عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي " بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى ". قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَقِيَاسُ مَسَائِلِ الْغَرْقَى: أَنْ يَجْعَلَ لِلْأَخِ السُّدُسَ مِنْ مَالِ الِابْنِ، وَالْبَاقِيَ لِلزَّوْجِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: وَهَذَا لَا نَدْرِي مَاذَا أَرَادَ بِهِ إنْ أَرَادَ: أَنَّ مَالَ الِابْنِ وَالْمَرْأَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ: لَمْ يَصِحَّ. لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى إعْطَاءِ الْأَخِ مَا لَا يَدَّعِيهِ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ يَقِينًا. لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي مِنْ مَالِ الِابْنِ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ. وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ مِنْهُ. وَإِنْ أَرَادَ: أَنَّ ثُلُثَ مَالِ الِابْنِ يُضَمُّ إلَى مَالِ الْمَرْأَةِ، فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ: لَمْ يَصِحَّ. لِأَنَّ نِصْفَ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ بِاتِّفَاقٍ فِيهِمَا. لَا يُنَازِعُهُ الْأَخُ فِيهِ. وَإِنَّمَا النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا فِي نِصْفِهِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادُهُ كَمَا لَوْ تَنَازَعَ رَجُلَانِ دَارًا فِي أَيْدِيهِمَا، أَوْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا كُلَّهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا. فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ: تَعَارَضَتَا، وَسَقَطَتَا) وَيُعْمَلُ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي السَّابِقِ. وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ.

ص: 409

وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: إنْ تَعَارَضَتْ وَقُلْنَا: بِالْقِسْمَةِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا مَا اخْتَلَفَا فِيهِ نِصْفَانِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي " بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى " فَلْيُعَاوَدْ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَيِّتٍ: أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ. وَشَهِدَتْ أُخْرَى: أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا. فَمَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ: عَتَقَ دُونَ صَاحِبِهِ. إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَحِبِ الْأَدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى: يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ بَعِيدٌ عَلَى الْمَذْهَبِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ: أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ: عَتَقَ غَانِمٌ وَحْدَهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ وَارِثَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ) . لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ غَانِمٍ سُدُسَ الْمَالِ، وَبَيِّنَتُهُ أَجْنَبِيَّةٌ: قُبِلَتْ. وَإِنْ كَانَتْ وَارِثَةً: عَتَقَ الْعَبْدَانِ) . يَعْنِي: إنْ شَهِدَتْ الْوَارِثَةُ بِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ: عَتَقَ الْعَبْدَانِ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ.

ص: 410

وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ: عَتَقَ وَحْدَهُ. وَإِنْ خَرَجَتْ لِغَانِمٍ: عَتَقَ هُوَ وَنِصْفُ سَالِمٍ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا: وَقَبِلَهَا أَبُو بَكْرٍ بِالْعِتْقِ، لَا الرُّجُوعِ. فَيُعْتَقُ نِصْفُ سَالِمٍ. وَيُقْرَعُ بَيْنَ بَقِيَّتِهِ وَالْآخَرُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ: أَنَّهُ أَعْتَقَ سَالِمًا فِي مَرَضِهِ، وَشَهِدَتْ أُخْرَى: أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الْمَالِ: عَتَقَ سَالِمٌ وَحْدَهُ. وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ: أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ أَيْضًا: عَتَقَ أَقْدَمُهُمَا تَارِيخًا) . إنْ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَجْنَبِيَّتَانِ: عَتَقَ أَسْبِقُهُمَا تَارِيخًا. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ بَيِّنَةً أَحَدُهُمَا وَارِثَةٌ، عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَهُوَ قَوْلُهُ " فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا وَارِثَةً وَلَمْ تُكَذَّبْ الْأَجْنَبِيَّةُ. فَكَذَلِكَ ". وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمَا.

فَائِدَةٌ:

لَوْ كَانَتْ ذَاتُ السَّبْقِ: الْأَجْنَبِيَّةَ، فَكَذَّبَتْهَا الْوَارِثَةُ، أَوْ كَانَتْ ذَاتُ السَّبْقِ الْوَارِثَةَ، وَهِيَ فَاسِقَةٌ: عَتَقَ الْعَبْدَانِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ: عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا.

ص: 411

وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُهُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ بَعِيدٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: كَدَلَالَةِ كَلَامِهِ عَلَى تَبْعِيضِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا، نَحْوَ: اعْتِقُوا إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَتْ) أَيْ: الْبَيِّنَةُ الْوَارِثَةُ (مَا أَعْتَقَ سَالِمًا، وَإِنَّمَا أَعْتَقَ غَانِمًا: عَتَقَ غَانِمٌ كُلُّهُ، وَحُكْمُ سَالِمٍ كَحُكْمِهِ لَوْ لَمْ يَطْعَنْ فِي بَيِّنَتِهِ: فِي أَنَّهُ يُعْتَقُ إنْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ عِتْقِهِ، أَوْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، وَإِلَّا فَلَا) . الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ غَانِمًا يُعْتَقُ كُلُّهُ. قَالَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَهُوَ أَصَحُّ. وَقِيلَ: عَتَقَ ثُلُثَاهُ، إنْ حُكِمَ بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ الْبَاقِي. لِأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الْأَجْنَبِيَّانِ كَالْمَغْصُوبِ مِنْ التَّرِكَةِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ الْوَارِثَةُ فَاسِقَةً، وَلَمْ تَطْعَنُ فِي بَيِّنَةِ سَالِمٍ: عَتَقَ سَالِمٌ كُلُّهُ. وَيُنْظَرُ فِي غَانِمٍ. فَإِنْ كَانَ تَارِيخُ عِتْقِهِ سَابِقًا،

ص: 412

أَوْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ: عَتَقَ كُلُّهُ. وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا، أَوْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ نِصْفُهُ. وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَذَّبَتْ بَيِّنَةَ سَالِمٍ) : عَتَقَ الْعَبْدَانِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَنَصَرَاهُ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ ثُلُثَاهُ. كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ. قَالَهُ الشَّارِحُ.

فَائِدَةٌ: التَّدْبِيرُ مَعَ التَّنْجِيزِ كَآخَر التَّنْجِيزَيْنِ مَعَ أَوَّلِهِمَا. فِي كُلِّ مَا تَقَدَّمَ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ. فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِيهِ. وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ: فَالْمِيرَاثُ لِلْكَافِرِ. لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقِرُّ وَلَدَهُ عَلَى الْكُفْرِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. بِشَرْطِ أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُسْلِمُ: أَنَّ الْكَافِرَ أَخُوهُ. وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.

ص: 413

وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله أَنَّهُمَا فِي الدَّعْوَى سَوَاءٌ. فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالشَّرِيفِ، وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَنَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ. سَوَاءٌ اعْتَرَفَ بِالْأُخُوَّةِ أَوْ لَا. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا وَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ. وَقِيلَ: الْمَالُ لِلْمُسْلِمِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ. وَقِيلَ: بِالْوَقْفِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ بِأَيْدِيهِمَا: تَحَالَفَا، وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ سَهْوٌ. لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّهُ إرْثٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ: أَنَّهَا لَهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَلَا يَصِحُّ. لِاعْتِرَافِهِمَا بِأَنَّ التَّرِكَةَ لِلْمَيِّتِ، وَأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا بِالْإِرْثِ. فَلَا حُكْمَ لِلْيَدِ. انْتَهَى. قُلْت: قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَإِنْ كَانَتْ بِيَدَيْهِمَا: حَلَفَا، وَتَنَاصَفَاهَا اعْتَرَفَا بِالْأُخُوَّةِ أَوَّلًا. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: إنْ عَرَفَ وَلَا بَيِّنَةَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي. وَقِيلَ: يُقْرَعُ، أَوْ يُوقَفُ.

ص: 414

قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ الْمُسْلِمُ: أَنَّهُ أَخُوهُ، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ: فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَقَالَ هَذَا الْمَشْهُورُ وَغَيْرُهُمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ. لِأَنَّ حُكْمَ الْمَيِّتِ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ فِي غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْقِيَاسُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا. قَالَ فِي الْمُغْنِي هُنَا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقِفَ الْأَمْرُ، حَتَّى يَظْهَرَ أَصْلُ دِينِهِ.

فَائِدَةٌ:

هَذِهِ الْأَحْكَامُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ. فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ، فَالْمَذْهَبُ: كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَالْمَجْدُ. وَقَالَ: رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِيهِ. وَأَجْرَى ابْنُ عَقِيلٍ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَى إطْلَاقِهِ. فَحَكَى عَنْهُ: أَنَّ الْمِيرَاثَ لِلْكَافِرِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَقَدَّمَهُ كَمَا يَقُولُهُ الْجَمَاعَةُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَشَذَّ الشِّيرَازِيُّ. فَحَكَى فِيهِ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا اعْتَرَفَ بِالْأُخُوَّةِ، وَلَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً: أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ: تَعَارَضَتَا) . إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِذَلِكَ. فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُعْرَفَ أَصْلُ دِينِهِ أَوْ لَا. فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ: فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالتَّعَارُضِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ. مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي.

ص: 415

وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَالشِّيرَازِيُّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْعُمْدَةِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ: قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ عَنْهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ. نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: التَّعَارُضُ. لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ. وَقَالَ الشَّارِحُ: إنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ: نَظَرْنَا فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ. فَإِنْ شَهِدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ: التَّلَفُّظُ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ. فَهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ. وَإِنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، وَشَهِدَتْ الْأُخْرَى: أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِ الْكُفْرِ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي انْتِقَالَهُ عَنْ دِينِهِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ. وَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ: مَاتَ مُسْلِمًا، وَبَيِّنَةُ الْكَافِرِ: مَاتَ كَافِرًا: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ: إنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ: قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ عَنْهُ. وَقِيلَ: بِالتَّعَارُضِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ جُهِلَ. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا بِقُرْعَةٍ. وَقِيلَ: يَرِثَانِهِ نِصْفَيْنِ.

ص: 416

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ شَاهِدَانِ " نَعْرِفُهُ مُسْلِمًا " وَقَالَ شَاهِدَانِ " نَعْرِفُهُ كَافِرًا " فَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ إذَا لَمْ يُؤَرِّخْ الشُّهُودُ مَعْرِفَتَهُمْ) . إذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ. فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُعْرَفَ أَصْلُ دِينِهِ أَوْ لَا. فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ، بَلْ جُهِلَ أَصْلُ دِينِهِ: فَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ، إذَا لَمْ يُؤَرِّخْ الشُّهُودُ. كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي، وَالشِّيرَازِيُّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَالْعُمْدَةِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ: يَتَعَارَضَانِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ. اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَلَوْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ. وَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ: قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَقُدِّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِسْلَامِ تُقَدَّمُ. وَذَكَرَ قَوْلًا بِالتَّعَارُضِ. وَقَوْلًا: تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا بِقُرْعَةٍ. وَقَوْلًا: يَرِثَانِهِ نِصْفَيْنِ.

ص: 417

فَائِدَةٌ:

لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ: أَنَّهُ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، وَبَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ: تَعَارَضَتَا، سَوَاءٌ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ أَوْ لَا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ: أَنَّهُ مَاتَ لَمَّا نَطَقَ بِالْإِسْلَامِ، وَبَيِّنَةٌ: أَنَّهُ مَاتَ لَمَّا نَطَقَ بِالْكُفْرِ، وَعُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ، أَوْ جُهِلَ: سَقَطَتَا. وَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ. وَعَنْهُ: لَا سُقُوطَ. وَيَرِثُهُ مَنْ قَرَعَ. وَعَنْهُ: بَلْ هُمَا. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ: إنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ: قَبْلَ قَوْلِ مَنْ يَدَّعِي نَفْيَهُ. وَشَذَّذَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ، وَابْنَيْنِ مُسْلِمِينَ. فَاخْتَلَفُوا فِي دِينِهِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبَوَيْنِ) . كَمَا لَوْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنَيْنِ. لِأَنَّ كُفْرَ أَبَوَيْهِ يَدُلُّ عَلَى أَصْلِ دِينِهِ فِي صِغَرِهِ، وَإِسْلَامُ ابْنَيْهِ يَدُلُّ عَلَى إسْلَامِهِ فِي كِبَرِهِ. فَيُعْمَلُ بِهِمَا جَمِيعًا. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَوْلَى. وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ حُكْمَهُمْ كَحُكْمِ الِابْنِ الْمُسْلِمِ وَالِابْنِ الْكَافِرِ عَلَى مَا تُقَدَّمُ مِنْ التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ.

ص: 418

وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا كَافِرًا، وَأَخَا وَامْرَأَةً مُسْلِمَيْنِ، وَاخْتَلَفُوا فِي دِينِهِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ، عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ) . وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. (وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) . وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الِابْنِ الْمُسْلِمِ مَعَ الِابْنِ الْكَافِرِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ: أَنْ تُعْطَى الْمَرْأَةُ الرُّبُعَ، وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ الِابْنِ وَالْأَخِ نِصْفَيْنِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ بَعِيدٌ. وَحَكَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تُعْطَى الثُّمُنَ، وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَالْأَخِ نِصْفَيْنِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ أَيْضًا: وَهُوَ بَعِيدٌ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: وَمَتَى نَصَّفْنَا الْمَالَ، فَنِصْفُهُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ. وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ: مَتَى نَصَّفْنَاهُ، فَنِصْفُهُ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَخِ عَلَى أَرْبَعَةٍ.

قَوْلُهُ (وَلَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ، وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فَأَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَقَالَ: أَسْلَمْت قَبْلَ مَوْتِ أَبِي. وَقَالَ أَخُوهُ: بَلْ بَعْدَهُ، فَلَا مِيرَاثَ لَهُ. فَإِنْ قَالَ: أَسْلَمْت فِي الْمُحَرَّمِ وَمَاتَ أَبِي فِي صَفَرٍ. وَقَالَ أَخُوهُ: بَلْ مَاتَ فِي ذِي الْحِجَّةِ: فَلَهُ الْمِيرَاثُ مَعَ أَخِيهِ) .

ص: 419

وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي الثَّانِيَةِ. وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فِي الْأُولَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْحَاوِي، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا. قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. فَوَائِدُ

الْأُولَى: لَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِذَلِكَ. فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ؟ أَوْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي تَقْدِيمِ مَوْتِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ خَلَّفَ كَافِرٌ ابْنَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فَقَالَ الْمُسْلِم: أَسْلَمْت أَنَا عَقِبَ مَوْتِ أَبِي وَقَبْلَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ، عَلَى رِوَايَةٍ. فَإِرْثُهُ لِي. وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ أَسْلَمْت قَبْلَ مَوْتِهِ، فَلَا إرْثَ لَك: صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَا: قُدِّمْت بَيِّنَةُ الْكَافِرِ، سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى مَوْتِ أَبِيهِمَا أَوْ لَا. فَإِنْ اتَّفَقَا: أَنَّ الْمُسْلِمَ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ " مَاتَ أَبِي فِي شَوَّالٍ، فَأَرِثُهُ أَنَا وَأَنْتَ " وَقَالَ الْكَافِرُ " بَلْ مَاتَ فِي شَوَّالٍ " صُدِّقَ الْكَافِرُ. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ: صُدِّقَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ.

الثَّالِثَةُ: لَوْ خَلَّفَ حُرٌّ ابْنًا حُرًّا وَابْنًا كَانَ عَبْدًا، فَادَّعَى: أَنَّهُ عَتَقَ وَأَبُوهُ حَيٌّ وَلَا بَيِّنَةَ: صُدِّقَ أَخُوهُ فِي عَدَمِ ذَلِكَ. وَإِنْ ثَبَتَ عِتْقُهُ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ الْحُرُّ " مَاتَ أَبِي فِي شَعْبَانَ " وَقَالَ الْعَتِيقُ

ص: 420

بَلْ فِي شَوَّالٍ " صُدِّقَ الْعَتِيقُ. وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّ مَعَ التَّعَارُضِ.

الرَّابِعَةُ: لَوْ شَهِدَا عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلٍ. فَشَهِدَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِهِ، فَصَدَّقَ الْوَلِيُّ الْكُلَّ، أَوْ الْآخَرَيْنِ، أَوْ كَذَّبَ الْكُلَّ، أَوْ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ: فَلَا قَتْلَ وَلَا دِيَةَ. وَإِنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ: حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا. وَقُتِلَ مَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

ص: 421

وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ طَبْعِ هَذَا الْجُزْءِ " الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْإِنْصَافِ " وَتَصْحِيحِهِ وَتَحْقِيقِهِ، عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ قَدْرَ الْجَهْدِ وَالطَّاقَةِ بِمَطْبَعَةِ السُّنَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ. وَلَمْ آلُ يَعْلَمُ اللَّهُ جَهْدًا، وَلَمْ أَدَّخِرْ وُسْعًا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. وَكَفَى بِاَللَّهِ مُعِينًا وَشَهِيدًا وَوَلِيًّا وَنَصِيرًا. وَيَتْلُوهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ وَمَعُونَتِهِ: الْجُزْءُ الثَّانِي عَشَرَ. وَأَوَّلُهُ " كِتَابُ الشَّهَادَاتِ ". وَاَللَّهُ الْمُعِينُ عَلَى الْإِكْمَالِ، وَالْمَسْئُولُ وَحْدَهُ حُسْنَ الْجَزَاءِ، وَخَيْرَ الْمَثُوبَةِ مِنْ عَظِيمِ فَضْلِهِ، وَوَاسِعِ كَرْمِهِ. فَإِنَّهُ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ. وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ، وَخَاتَمِ رُسُلِهِ، مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ. وَاَللَّهُ أَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ آلِ هَذَا الرَّسُولِ وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

ص: 422