الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمَلًا فَيَجْعَلُ إلَى أَحَدِهِمَا الْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ، وَإِلَى الْآخَرِ عُقُودَ الْأَنْكِحَةِ، دُونَ غَيْرِهَا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقِيلَ: إنْ اتَّحَدَ الزَّمَنُ أَوْ الْمَحَلُّ: لَمْ يَجُزْ تَوْلِيَةُ قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ. وَإِلَّا جَازَ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ جَعَلَ إلَيْهِمَا عَمَلًا وَاحِدًا: جَازَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالنَّاظِمُ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ: وَالْأَقْوَى عِنْدِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ. وَقِيلَ: إنْ اتَّحَدَ عَمَلُهُمَا، أَوْ الزَّمَنُ أَوْ الْمَحَلُّ: لَمْ يَجُزْ. وَإِلَّا جَازَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
[فَوَائِدُ جَعْلُ قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي عَمَلٍ وَاحِدٍ]
فَوَائِدُ الْأُولَى: حَيْثُ جَوَّزْنَا جَعْلَ قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي عَمَلٍ وَاحِدٍ، لَوْ تَنَازَعَ الْخَصْمَانِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ أَحَدِهِمْ: قُدِّمَ قَوْلُ صَاحِبِ الْحَقِّ. وَهُوَ الطَّالِبُ. وَلَوْ طَلَبَ حُكْمَ النَّائِبِ أُجِيبَ. فَلَوْ كَانَا مُدَّعِيَيْنِ اخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاقٍ: اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْحُكْمَيْنِ. ثُمَّ الْقُرْعَةُ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُهُمَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يُقَدَّمُ مِنْهُمَا مَنْ طَلَبَ حُكْمَ الْمُسْتَنِيبِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ تَنَازَعَا أُقْرِعَ.
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ: لَوْ اخْتَلَفَ خَصْمَانِ فِيمَنْ يَحْتَكِمَانِ إلَيْهِ. قُدِّمَ الْمُدَّعِي فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الدَّعْوَى. اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْحَاكِمَيْنِ إلَيْهِمَا. فَإِنْ اسْتَوَيَا: أُقْرِعَ بَيْنَهَا. وَقِيلَ: يُمْنَعَانِ مِنْ التَّخَاصُمِ حَتَّى يَتَّفِقَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا. قَالَ الْقَاضِي: وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِقَوْلِنَا.
الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَجُوزُ لِكُلِّ ذِي مَذْهَبٍ أَنْ يُوَلِّيَ مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ. ذَكَرَهُ فِي مَكَانَيْنِ مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَقَالَ: فَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةٍ: احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ الْجَوَازُ. وَقَالَ ذَلِكَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى أَيْضًا، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ النَّاظِمُ:
وَتَوْلِيَةُ الْمَرْءِ الْمُخَالِفِ مَذْهَبَ
…
الْمُوَلِّي أُجِزْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مُقَيَّدٍ
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَمَتَى اسْتَنَابَ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ إنْ كَانَ لِكَوْنِهِ أَرْجَحَ، فَقَدْ أَحْسَنَ مَعَ صِحَّةِ ذَلِكَ. وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي " بَابِ الْوَكَالَةِ " وَيُتَوَجَّهُ جَوَازُهَا إذَا جَازَ لَهُ الْحُكْمُ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ. وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ تَقْلِيدِ غَيْرِ إمَامِهِ. وَإِلَّا انْبَنَى عَلَى أَنَّهُ: هَلْ يَسْتَنِيبُ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ، كَتَوْكِيلِ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا فِي شِرَاءِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ؟ انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ الْمِرْدَاوِيُّ، صَاحِبُ الِانْتِصَارِ فِي الْحَدِيثِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ جَوَّزَ الْمُنَاقَلَةَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ. قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ بِجَوَازِ ذَلِكَ مِنْ الْأَصْحَابِ إلَّا ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ. انْتَهَى.
الثَّالِثَةُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ لِوَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ. قَالَا: وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: مَنْ أَوْجَبَ تَقْلِيدَ إمَامٍ بِعَيْنِهِ: اُسْتُتِيبَ. فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. قَالَ: وَإِنْ قَالَ: يَنْبَغِي، كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا. قَالَ: وَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِإِمَامٍ، فَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ، أَوْ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمَ وَأَتْقَى: فَقَدْ أَحْسَنَ. وَلَمْ يُقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ. قَالَ: وَهَذِهِ الْحَالُ تَجُوزُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ أَيْضًا: بَلْ تَجِبُ. وَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رحمه الله نَصَّ عَلَيْهِ. انْتَهَى. وَيَأْتِي قَرِيبًا فِي أَحْكَامِ الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي.
قَوْلُهُ (فَإِنْ)(مَاتَ الْمُوَلِّي) بِكَسْرِ اللَّازِمِ (أَوْ عُزِلَ الْمُوَلَّى) بِفَتْحِهَا (مَعَ صَلَاحِيَتِهِ) : (لَمْ تَبْطُلْ وِلَايَتُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) . إذَا مَاتَ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّازِمِ فَهَلْ يَنْعَزِلُ الْمُوَلَّى؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَنْعَزِلُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَالنَّظْمِ، وَالتَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ قَوْلًا وَاحِدًا. انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي " بَابِ نِكَاحِ أَهْلِ الشِّرْكِ " فِي مَسْأَلَةِ نِكَاحِ الْمَحْرَمِ: الْمَشْهُورُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنْعَزِلُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ، أَوْ الْعَازِلُ قَاضِيًا.
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، إنْ قُلْنَا: الْحَاكِمُ نَائِبُ الشَّرْعِ: لَمْ يَنْعَزِلْ. وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ نَائِبُ مَنْ وَلَّاهُ: انْعَزَلَ. وَأَمَّا إذَا عَزَلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ الْقَاضِيَ الْمُوَلَّى مَعَ صَلَاحِيَتِهِ فَهَلْ يَنْعَزِلُ، وَتَبْطُلُ وِلَايَتُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.
أَحَدُهُمَا: لَا تَبْطُلُ وِلَايَتُهُ. وَلَا يَنْعَزِلُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ الْأَدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَبْطُلُ وِلَايَتُهُ وَيَنْعَزِلُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَابْنِ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: كَالْوَلِيِّ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: كَعَقْدِ وَصِيٍّ وَنَاظِرٍ عَقْدًا جَائِزًا، كَوَكَالَةٍ وَشَرِكَةٍ، وَمُضَارَبَةٍ. انْتَهَى. وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: أَنَّ الْقُضَاةَ هَلْ هُمْ نُوَّابُ الْإِمَامِ، أَوَالْمُسْلِمِينَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَعْرُوفَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَغَيْرِهِ.
أَحَدُهُمَا: هُمْ نُوَّابُ الْمُسْلِمِينَ. فَعَلَيْهِ: لَا يَنْعَزِلُونَ بِالْعَزْلِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.
وَالثَّانِي: هُمْ نُوَّابُ الْإِمَامِ. فَيَنْعَزِلُونَ بِالْعَزْلِ.
فَوَائِدُ الْأُولَى: مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ: كُلُّ عَقْدٍ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، كَوَالٍ، وَمَنْ يُنْصَبُ لِجِبَايَةِ مَالٍ وَصَرْفِهِ، وَأَمِيرِ الْجِهَادِ، وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمُحْتَسِبِ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي الْكُلِّ: لَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْمُسْتَنِيبِ وَمَوْتِهِ حَتَّى يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فِي نَائِبِهِ فِي الْحَكَمِ وَقَيِّمِ الْأَيْتَامِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ أَوْجُهٌ ثَالِثُهَا: إنْ اسْتَخْلَفَهُمْ بِإِذْنِ مَنْ وَلَّاهُ، وَقِيلَ: وَقَالَ اُسْتُخْلِفَ عَنْك: انْعَزِلُوا انْتَهَى. وَلَا يَبْطُلُ مَا فَرَضَهُ فَارِضٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ قَاضِيًا، فَزَالَتْ وِلَايَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ عَزْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَّ فِيهِ بَعْضُ شُرُوطِهِ: انْعَزَلَ نَائِبُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْعَزِلْ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهَا. هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَكُلُّ قَاضٍ مَاتَ أَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ وَصَحَّ عَزْلُهُ فِي الْأَصَحِّ أَوْ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ وَصَحَّ عَزْلُهُ أَوْ انْعَزَلَ بِفِسْقٍ أَوْ غَيْرِهِ: انْعَزَلَ نَائِبُهُ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ، كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ خَاصَّةٍ وَبَيْعِ تَرِكَةِ مَيِّتٍ خَاصَّةٍ. وَقَالَ: وَفِي خُلَفَائِهِ وَنَائِبِهِ فِي الْحُكْمِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ وَبَلَدٍ وَقَرْيَةٍ، وَقَيِّمِ الْأَيْتَامِ وَنَاظِرِ الْوُقُوفِ وَنَحْوِهِمْ أَوْجُهٌ: الْعَزْلُ وَعَدَمُهُ. وَهُوَ بَعِيدٌ.
وَالثَّالِثُ: إنْ اسْتَخْلَفَهُمْ بِإِذْنِ مَنْ وَلَّاهُ انْعَزِلُوا.
وَالرَّابِعُ: إنْ قَالَ لِلْمُوَلِّي: اُسْتُخْلِفَ عَنْك: انْعَزَلُوا. وَإِنْ قَالَ: اُسْتُخْلِفَ عَنِّي: فَلَا كَمَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى. وَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْأَصْحَابِ: يَنْعَزِلُ نُوَّابُ الْقَاضِي، لِأَنَّهُمْ نُوَّابُهُ. وَلَا يَنْعَزِلُ الْقُضَاةُ. لِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الْمُسْلِمِينَ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَا يَنْعَزِلُ نُوَّابُ الْقُضَاةِ. وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَجَزَمَ فِي التَّرْغِيبِ أَيْضًا: أَنَّهُ يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ فِي أَمْرٍ مُعَيَّنٍ، مِنْ سَمَاعِ شَهَادَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِحْضَارِ مُسْتَعْدًى عَلَيْهِ. وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ: لَوْ عَزَلَهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَنْعَزِلْ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى مِنْ عِنْدِهِ: وَمَنْ لَزِمَهُ قَبُولُ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ لَيْسَ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ أَيْضًا: لَهُ عَزْلُ نَائِبِهِ بِأَفْضَلَ مِنْهُ. وَقِيلَ: بِمِثْلِهِ. وَقِيلَ: بِدُونِهِ لِمَصْلَحَةِ الدِّينِ. وَقَالَ الْقَاضِي: عَزْلُ نَفْسِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ: هَلْ هُوَ وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
نُصَّ عَلَيْهِمَا فِي خَطَأِ الْإِمَامِ. فَإِنْ قِيلَ: فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ وَكِيلٌ، فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَلَا. وَذَكَرَ الْقَاضِي: هَلْ لِمَنْ وَلَّاهُ عَزْلُهُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّالِفُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي " بَابِ الْعَاقِلَةِ " وَخَطَأُ إمَامٍ وَحَاكِمٍ: فِي حُكْمِ بَيْتِ الْمَالِ. وَعَلَيْهَا: لِلْإِمَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ " بَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ " الْخِلَافُ فِي تَصَرُّفِ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ: هَلْ هُوَ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ، أَوْ الْوِلَايَةِ؟ فَلْيُعَاوَدْ.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. بِنَاءً عَلَى الْوَكِيلِ) وَبِنَاءُ الْخِلَافِ هُنَا عَلَى رِوَايَتَيْ عَزْلِ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِانْعِزَالِهِ. قَالَهُ الْقَاضِي. وَقَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، وَابْنِ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرِهِمْ. فَيَكُونُ الْمُرَجَّحُ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ عَزْلَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ. وَذَكَرَهُمَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَأُطْلِقَ الْخِلَافُ فِي الْمُذَهَّبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فِي الْخُطْبَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ. صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَسَعُ النَّاسَ غَيْرُهُ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ الْعِلْمِ. بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ. وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَقَالَ: هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَ: لِأَنَّ فِي وِلَايَتِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى. وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ وَكِيلٌ، فَهُوَ شَبِيهٌ بِنَسْخِ الْأَحْكَامِ. لَا يَثْبُتُ قَبْلَ بُلُوغِ النَّاسِخِ. عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافَ الْوَكَالَةِ الْمَحْضَةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي الْعُقُودُ وَالْفُسُوخُ، فَتَعْظُمُ الْبَلْوَى بِإِبْطَالِهَا قَبْلَ الْعِلْمِ، بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ. قُلْت: وَهَذَا الصَّوَابُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ: أَصَحُّهُمَا بَقَاؤُهُ حَتَّى يَعْلَمَ بِهِ.
فَائِدَةٌ لَوْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ قَاضِي بَلَدٍ، فَوَلَّى غَيْرُهُ حَيًّا: لَمْ يَنْعَزِلْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَنْعَزِلُ.
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ الْمُوَلِّي: مَنْ نَظَرَ فِي الْحُكْمِ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ فُلَانٍ، وَفُلَانٍ فَهُوَ خَلِيفَتِي، أَوْ قَدْ وَلَّيْته: لَمْ تَنْعَقِدْ الْوِلَايَةُ لِمَنْ يَنْظُرُ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَذَلِكَ لِجَهَالَةِ الْمُوَلَّى مِنْهُمَا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَعَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ عَلَّقَ الْوِلَايَةَ بِشَرْطٍ. ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا بِالْجَوَازِ لِلْخَبَرِ " أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ ". قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمَعْرُوفُ صِحَّةُ الْوِلَايَةِ بِشَرْطٍ.
وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ بِالشَّرْطِ. وَأَمَّا إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ بَعْدَ مَوْتِهِ: فَسَبَقَ ذَلِكَ فِي " بَابِ الْمُوصَى إلَيْهِ ".
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: وَلَّيْت فُلَانًا وَفُلَانًا. فَمَنْ نَظَرَ مِنْهُمَا فَهُوَ خَلِيفَتِي: انْعَقَدَتْ الْوِلَايَةُ) . لِأَنَّهُ وَلَّاهُمَا. ثُمَّ عَيَّنَ مَنْ سَبَقَ، فَتَعَيَّنَ.
قَوْلُهُ (وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي عَشْرُ صِفَاتٍ) : (أَنْ يَكُونَ بَالِغًا) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ فِي كُتُبِهِ " بَالِغًا " وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ.
قَوْلُهُ (حُرًّا) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقِيلَ: لَا تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا. قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَأَبُو الْخَطَّابِ. وَقَالَ أَيْضًا: يَجُوزُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ.
فَائِدَةٌ يَصِحُّ وِلَايَةُ الْعَبْدِ إمَارَةَ السَّرَايَا، وَقَسْمَ الصَّدَقَاتِ وَالْفَيْءِ، وَإِمَامَةَ الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلَّ وِفَاقٍ.
قَوْلُهُ (مُسْلِمًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ، فِي صِحَّةِ إسْلَامِهِ: لَا نَعْرِفُ فِيهِ رِوَايَةً. وَإِنْ سَلِمَ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يُحْتَمَلُ الْمَنْعُ، وَإِنْ سَلِمَ.
قَوْلُهُ (عَدْلًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَلَوْ كَانَ تَائِبًا مِنْ قَذْفٍ. نُصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجُزِمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: إنْ فُسِّقَ بِشُبْهَةٍ. فَوَجْهَانِ. وَيَأْتِي بَيَانُ الْعَدَالَةِ فِي " بَابِ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ". وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْعَدَالَةُ الْمُشْتَرَطَةُ هُنَا: هَلْ هِيَ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَمَا فِي الْحُدُودِ أَوْ ظَاهِرًا فَقَطْ، كَمَا فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ وَالْحَاضِنِ وَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ وَفِيهَا الْخِلَافُ، كَمَا فِي الْعَدَالَةِ فِي الْأَمْوَالِ، ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهَا كَاَلَّتِي فِي الْأَمْوَالِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ كَاَلَّتِي فِي الْحُدُودِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (سَمِيعًا بَصِيرًا) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطَانِ.
قَوْلُهُ (مُجْتَهِدًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ. وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا إجْمَاعًا.
وَقَالَ: أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِحَاكِمٍ وَلَا لِمُفْتٍ تَقْلِيدُ رَجُلٍ. فَلَا يَحْكُمُ وَلَا يُفْتِي إلَّا بِقَوْلِهِ. وَقَالَ فِي الْإِفْصَاحِ: الْإِجْمَاعُ انْعَقَدَ عَلَى تَقْلِيدِ كُلٍّ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي خُطْبَةِ الْمُغْنِي: النِّسْبَةُ إلَى إمَامٍ فِي الْفُرُوعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَتْ بِمَذْمُومَةٍ. فَإِنَّ اخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ، وَاتِّفَاقَهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ. قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ. فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مَا فَهِمَهُ هَذَا الْحَنَفِيُّ. انْتَهَى وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: وَمُجْتَهِدًا فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ لِلضَّرُورَةِ. وَاخْتَارَ فِي الْإِفْصَاحِ وَالرِّعَايَةِ: أَوْ مُقَلِّدًا. قُلْت: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَإِلَّا تَعَطَّلَتْ أَحْكَامُ النَّاسِ وَقِيلَ فِي الْمُقَلِّدِ: يُفْتِي ضَرُورَةً. وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ ابْنَ شَاقِلَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: لَا يَكُونُ فَقِيهًا حَتَّى يَحْفَظَ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ. فَقَالَ: إنْ كُنْت لَا أَحْفَظُهُ، فَإِنِّي أُفْتِي بِقَوْلِ مَنْ يَحْفَظُ أَكْثَرَ مِنْهُ. قَالَ الْقَاضِي: لَا يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ يُقَلِّدُ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رحمه الله لِمَنْعِهِ الْفُتْيَا بِلَا عِلْمٍ. قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: ظَاهِرُهُ تَقْلِيدُهُ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَخْذِهِ طُرُقَ الْعِلْمِ عَنْهُ
وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: مَا أَعِيبُ عَلَى مَنْ يَحْفَظُ خَمْسَ مَسَائِلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله يُفْتِي بِهَا. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مِنْهُ مُبَالَغَةٌ فِي فَضْلِهِ. وَظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ: يُفْتِي غَيْرُ مُجْتَهِدٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله عَلَى الْحَاجَةِ. فَعَلَى هَذَا: يُرَاعِي أَلْفَاظَ إمَامِهِ وَمُتَأَخِّرَهَا، وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْكُمُ وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ. لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ، وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الظَّاهِرِ عَنْهُ. فَيُتَوَجَّهُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ الْخِلَافُ فِي مُجْتَهِدٍ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي أُصُولِهِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: مُخَالَفَةُ الْمُفْتِي نَصَّ إمَامِهِ الَّذِي قَلَّدَهُ كَمُخَالَفَةِ الْمُفْتِي نَصَّ الشَّارِعِ.
فَائِدَةٌ
يَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِالْهَوَى إجْمَاعًا، وَبِقَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إجْمَاعًا. وَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُوجَبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا لَهُ أَوْ عَلَيْهِ إجْمَاعًا. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَيَأْتِي قَرِيبًا شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمُفْتِي.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَاتِبًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي الشُّرُوطِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَالْكَاتِبُ أَوْلَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُشْتَرَطُ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. لَكِنْ صَحَّحَ الْأَوَّلَ.
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُنْكِرُوهُ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ، وَالْحَلْوَانِيُّ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمهم الله: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَرِعًا. وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، عَلَى مَا حَكَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَرِعًا زَاهِدًا. وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا مُغَفَّلًا. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: الَّذِي يَظْهَرُ: الْجَزْمُ بِهِ. وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ. وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: لَا بَلِيدًا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: لَا نَافِيًا لِلْقِيَاسِ.
وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: الْوِلَايَةُ لَهَا رُكْنَانِ: الْقُوَّةُ، وَالْأَمَانَةُ. فَالْقُوَّةُ فِي الْحُكْمِ: تَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالْعَدْلِ، وَتَنْفِيذِ الْحُكْمِ. وَالْأَمَانَةُ: تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللَّهِ عز وجل. قَالَ: وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُعْتَبَرُ حَسْبَ الْإِمْكَانِ. وَيَجِبُ تَوْلِيَةُ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَغَيْرِهِ. فَيُوَلِّي لِلْعَدَمِ: أَنْفَعَ الْفَاسِقِينَ. وَأَقَلَّهُمَا شَرًّا، وَأَعْدَلَ الْمُقَلِّدِينَ وَأُعْرَفَهُمَا بِالتَّقْلِيدِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ كَمَا قَالَ. فَإِنَّ الْمَرُّوذِيَّ نَقَلَ فِيمَنْ قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ الْحُكْمَ بِالْعَدْلِ: يَصِيرُ الْحُكْمُ إلَى أَعْدَلَ مِنْهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا فَاسِقٌ، عَالِمٌ، أَوْ جَاهِلُ دِينٍ: قُدِّمَ مَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَكْثَرُ إذَنْ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ لَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ. وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ. فَالشَّابُّ الْمُتَّصِفُ بِالصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ كَغَيْرِهِ. لَكِنَّ الْأَسَنَّ أَوْلَى مَعَ التَّسَاوِي. وَيُرَجَّحُ أَيْضًا بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَمَنْ كَانَ أَكْمَلَ فِي الصِّفَاتِ. وَيُوَلَّى الْمُوَلَّى مَعَ أَهْلِيَّتِهِ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: كُلُّ مَا يَمْنَعُ مِنْ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ ابْتِدَاءً: يَمْنَعُهَا دَوَامًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. فَيَنْعَزِلُ إذَا طَرَأَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَالْوَجِيزِ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ: مَا فُقِدَ مِنْ الشُّرُوطِ
فِي الدَّوَامِ: أَزَالَ الْوِلَايَةَ، إلَّا فَقْدَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فِيمَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ وَلَمْ يُحْكَمْ بِهِ. فَإِنَّ وِلَايَةَ حُكْمِهِ بَاقِيَةٌ فِيهِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: فِي فَقْدِ الْبَصَرِ فَقَطْ. وَقِيلَ: إنْ تَابَ فَاسِقٌ، أَوْ أَفَاقَ مَنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَقُلْنَا. يَنْعَزِلُ بِالْإِغْمَاءِ فَوِلَايَتُهُ بَاقِيَةٌ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ: احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. وَقَالَ فِي الْمُعْتَمَدِ: إنْ طَرَأَ جُنُونٌ، فَقِيلَ: إنْ لَمْ يَكُنْ مُطْبَقًا لَمْ يُعْزَلْ كَالْإِغْمَاءِ. وَإِنْ أُطْبِقَ بِهِ: وَجَبَ عَزْلُهُ. وَقَالَ: الْأَشْبَهُ. بِقَوْلِنَا: يُعْزَلُ إنْ أُطْبِقَ شَهْرًا. لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجَازَ شَهَادَةَ مَنْ يُخْنَقُ فِي الْأَحْيَانِ. وَقَالَ: فِي الشَّهْرِ مَرَّةً. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ مَرِضَ مَرَضًا يَمْنَعُ الْقَضَاءَ: تَعَيَّنَ عَزْلُهُ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: يَنْعَزِلُ.
قَوْلُهُ (وَالْمُجْتَهِدُ: مَنْ يَعْرِفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ عليه الصلاة والسلام الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ، وَالْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَالْمُجْمَلَ، وَالْمُبَيَّنَ، وَالْمُحْكَمَ وَالْمُتَشَابِهَ، وَالْخَاصَّ وَالْعَامَّ، وَالْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ، وَالْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَيَعْرِفُ مِنْ السُّنَّةِ صَحِيحَهَا مِنْ سَقِيمِهَا، وَمُتَوَاتِرَهَا مِنْ آحَادِهَا، وَمُرْسَلَهَا وَمُتَّصِلَهَا، وَمُسْنَدَهَا وَمُنْقَطِعَهَا مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْأَحْكَامِ خَاصَّةً. وَيَعْرِفُ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ. وَالْقِيَاسَ وَحُدُودَهُ وَشُرُوطَهُ، وَكَيْفِيَّةَ
اسْتِنْبَاطِهِ، وَالْعَرَبِيَّةَ الْمُتَدَاوَلَةَ بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ، وَمَا يُوَالِيهِمْ. وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ. فَمَنْ وُقِفَ عَلَيْهِ، وَرُزِقَ فَهْمَهُ: صَلُحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ. وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ) . وَكَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَمَنْ عَرَفَ أَكْثَرَهُ: صَلُحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: فَمَنْ وَقَفَ عَلَى أَكْثَرِ ذَلِكَ وَفَهِمَهُ: صَلُحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: فَمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَكْثَرِهِ، وَرُزِقَ فَهْمَهُ: صَلُحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ. انْتَهَى. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ أَكْثَرَ فُرُوعِ الْفِقْهِ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: يَجِبُ مَعْرِفَةُ جَمِيعِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَأَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: مَنْ حَصَّلَ أُصُولَ الْفِقْهِ وَفُرُوعَهُ: فَمُجْتَهِدٌ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ: وَالْمُفْتِي الْعَالِمُ بِأُصُولِ الْفِقْهِ، وَمَا يُسْتَمَدُّ مِنْهُ، وَالْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ مُفَصَّلَةً، وَاخْتِلَافِ مَرَاتِبِهَا غَالِبًا. وَاعْتَبَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَعْرِفَةَ أَكْثَرِ الْفِقْهِ. وَالْأَشْهَرُ: لَا. انْتَهَى. وَقَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي: لَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِبَعْضِ ذَلِكَ لِشُبْهَةٍ أَوْ إشْكَالٍ. لَكِنْ يَكْفِيهِ مَعْرِفَةُ وُجُوهِ دَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ. وَيَكْفِيهِ أَخْذُ الْأَحْكَامِ مِنْ لَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا. زَادَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ: وَيَعْرِفُ الِاسْتِدْلَالَ، وَاسْتِصْحَابَ الْحَالِ، وَالْقُدْرَةَ عَلَى إبْطَالِ شُبْهَةِ الْمُخَالِفِ، وَإِقَامَةَ الدَّلَائِلِ عَلَى مَذْهَبِهِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي أَيْضًا: وَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْحِسَابِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَيْهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ. وَيَأْتِي بَعْدَ فَرَاغِ الْكِتَابِ: أَقْسَامُ الْمُجْتَهِدِينَ.