الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الْقِسْمَة]
قَوْلُهُ (وَقِسْمَةُ الْأَمْلَاكِ جَائِزَةٌ، وَهِيَ نَوْعَانِ: قِسْمَةُ تَرَاضٍ. وَهِيَ مَا فِيهَا ضَرَرٌ، أَوْ رَدُّ عِوَضٍ مِنْ أَحَدِهِمَا: كَالدُّورِ الصِّغَارِ، وَالْحَمَّامِ، وَالْعَضَائِدِ الْمُتَلَاصِقَةِ اللَّاتِي لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلِّ عَيْنٍ مُفْرَدَةٍ مِنْهَا، وَالْأَرْضُ الَّتِي فِي بَعْضِهَا بِئْرٌ، أَوْ بِنَاءٌ، وَنَحْوُهُ وَلَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالْأَجْزَاءِ وَالتَّعْدِيلِ إذَا رَضُوا بِقِسْمَتِهَا أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ: جَازَ) بِلَا نِزَاعٍ. وَقَوْلُهُ (وَهَذِهِ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْبَيْعِ، لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ) . فَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا " أَنَا آخُذُ الْأَدْنَى. وَيَبْقَى لِي فِي الْأَعْلَى تَتِمَّةُ حِصَّتِي " فَلَا إجْبَارَ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ مَوَاضِعُ مُخْتَلِفَةٌ، إذَا أَخَذَ أَحَدُهُمْ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا حَقَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ: جُمِعَ لَهُ حَقُّهُ مِنْ كُلِّ مَكَان، وَأَخَذَهُ. فَإِذَا كَانَ لَهُ سَهْمٌ يَسِيرٌ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى شُرَكَائِهِ وَافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِمْ: مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ. وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي: الْبَيْعُ مَا فِيهِ رَدُّ عِوَضٍ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَدُّ عِوَضٍ: فَهِيَ إفْرَازُ النَّصِيبَيْنِ، وَتَمْيِيزُ الْحَقَّيْنِ. وَلَيْسَتْ بَيْعًا.
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله.
فَائِدَةٌ: مَنْ دَعَا شَرِيكَهُ إلَى الْبَيْعِ فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي: أُجْبِرَ. فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِمَا وَقُسِّمَ الثَّمَنُ. نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ، وَحَنْبَلٌ. وَذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. وَذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَالْفُصُولِ، وَالْإِيضَاحِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالسَّبْعِينَ، وَالزَّرْكَشِيُّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَلَامُ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَالْمَجْدَ: يَقْتَضِي الْمَنْعَ. وَكَذَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ، وَلَوْ فِي وَقْفٍ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِي الْوَقْفِ.
قَوْلُهُ (وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ مِنْ الْقِسْمَةِ) . يَعْنِي: قِسْمَةَ الْإِجْبَارِ. (هُوَ نَقْصُ الْقِيمَةِ بِالتَّسْوِيَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) . يَعْنِي: فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ. وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. (أَوْ لَا يَنْتَفِعَانِ بِهِ مَقْسُومًا فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ) . وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. وَقَالَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ رحمه الله فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ اعْتِبَارُ النَّفْعِ وَعَدَمُ نَقْصِ قِيمَتِهِ، وَلَوْ انْتَفَعَ بِهِ. وَيُقَدَّمُ التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ فِي " بَابِ الشُّفْعَةِ ".
قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخِرِ كَرَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ. يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ بِقَسْمِهَا، وَيَتَضَرَّرُ الْآخَرُ فَطَلَبَ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ: لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ عَلَيْهِ. وَإِنْ طَلَبَهُ الْآخَرُ: أُجْبِرَ الْأَوَّلُ) . هَذَا اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَنَصَرَاهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي رحمه الله: إنْ طَلَبَهُ الْأَوَّلُ: أُجْبِرَ الْآخَرُ. وَإِنْ طَلَبَهُ الْمَضْرُورُ: لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ بُعْدٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا إجْبَارَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْقِسْمَةِ مِنْهُمَا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.
وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالُوا: هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ. وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عُبَيْدٌ، أَوْ بَهَائِمُ، أَوْ ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا. فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا أَعْيَانَا بِالْقِيمَةِ: لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ) . هَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ أَبِي الْخَطَّابِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ لَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْبَرُ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ سَوَاءٌ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ أَمْ لَا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَالْمَذْهَبُ: إنْ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ أُجْبِرَ، وَإِلَّا فَلَا. نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ فِي الْمَنْصُوصِ إنْ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَمَنْ تَابَعَهُ.
تَنْبِيهٌ:
مَحَلُّ الْخِلَافِ: إذْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: إذَا كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ.
فَائِدَةٌ:
الْآجُرُّ وَاللَّبِنُ الْمُتَسَاوِي الْقَوَالِبِ: مِنْ قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ. وَالْمُتَفَاوِتُ: مِنْ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ: لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِهِ فَإِنْ اسْتُهْدِمَ) . يَعْنِي: حَتَّى بَقِيَ عَرْصَةً. (لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَسْمِ عَرْصَتِهِ) هَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ طَلَبَ قِسْمَتَهَا طُولًا، بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ الطُّولِ فِي كَمَالِ الْعَرْضِ: أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ. وَإِنْ طَلَبَ قِسْمَتَهَا عَرْضًا، وَكَانَتْ تَسَعُ حَائِطَيْنِ: أُجْبِرَ، وَإِلَّا فَلَا وَنَسَبَهُ فِي الْفُرُوعِ إلَى الْقَاضِي فَقَطْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ الْأَدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ: وَلَا إجْبَارَ فِي حَائِطٍ، إلَّا أَنْ يَتَّسِعَ لِحَائِطَيْنِ وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْحَائِطِ: لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِهَا بِحَالٍ. وَقَالَ فِي الْعَرْصَةِ: كَقَوْلِ الْأَصْحَابِ. وَقَالَهُ فِي الْمُذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا إجْبَارَ فِي الْحَائِطِ وَالْعَرْصَةِ، إلَّا فِي قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا فِي كَمَالِ الْعَرْضِ خَاصَّةً. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ. فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: حَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ فِي هَذَا، فَقِيلَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَلِيه
وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ قَالَ فِي الْمُغْنِي، الشَّرْحُ: وَإِنْ حَصَلَ لَهُ مَا يُمْكِنُ بِنَاءُ حَائِطِهِ فِيهِ: أُجْبِرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجْبَرَ. لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُهُ الْقُرْعَةُ، خَوْفًا مِنْ أَنْ يَحْصُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَلِي مِلْكَ الْآخِرِ. انْتَهَيَا وَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارٌ لَهَا عُلْوٌ وَسُفْلٌ. فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا. لِأَحَدِهِمَا الْعُلْوُ، وَلِلْآخَرِ السُّفْلُ: لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِهَا) بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لَوْ طَلَبَ قِسْمَةَ السُّفْلِ دُونَ الْعُلْوِ، أَوْ الْعَكْسَ، أَوْ قِسْمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ. وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا مَعًا، وَلَا ضَرَرَ: وَجَبَ. وَعُدِّلَ بِالْقِيمَةِ. لَا ذِرَاعُ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْ عُلْوٍ. وَلَا ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنَافِعُ: لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالسَّبْعِينَ: هَذَا الْمَشْهُورُ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ فِي الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ. وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمُهَايَأَةِ وَالْقِسْمَةِ، بِأَنَّ الْقِسْمَةَ: إفْرَازُ أَحَدِ الْمِلْكَيْنِ مِنْ الْآخَرِ.
وَالْمُهَايَأَةُ: مُعَاوَضَةٌ حَيْثُ كَانَتْ اسْتِيفَاءً لِلْمَنْفَعَةِ مِنْ مِثْلِهَا فِي زَمَنٍ آخَرَ. وَفِيهَا تَأْخِيرُ أَحَدِهِمَا عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ. وَعَنْهُ: يُجْبَرُ. وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ: يُجْبَرُ فِي الْقِسْمَةِ بِالْمَكَانِ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ. وَلَا يُجْبَرُ بِقِسْمَةِ الزَّمَانِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى قَسْمِهَا كَذَلِكَ، أَوْ عَلَى قَسْمِ الْمَنَافِعِ بِالْمُهَايَأَةِ: جَازَ) . إذَا اقْتَسَمَا الْمَنَافِعَ بِالزَّمَانِ، أَوْ الْمَكَانِ: صَحَّ. وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالتَّرْغِيبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ: لُزُومَهُ إنْ تَعَاقَدَا مُدَّةً مَعْلُومَةً. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا فِي الْخِصَالِ: أَنَّ الشُّرَكَاءَ إذَا اخْتَلَفُوا فِي مَنَافِعِ دَارٍ بَيْنَهُمَا، أَنَّ الْحَاكِمَ يُجْبِرُهُمْ عَلَى قَسْمِهَا بِالْمُهَايَأَةِ، أَوْ يُؤَجِّرُهَا عَلَيْهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَقِيلَ: لَازِمًا بِالْمَكَانِ مُطْلَقًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ: فَلَهُ ذَلِكَ. وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ: غَرِمَ مَا انْفَرَدَ بِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله لَا تَنْفَسِخُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الدُّورُ، وَيَسْتَوْفِي كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّهُ. انْتَهَى. وَلَوْ اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا نَوْبَتَهُ، ثُمَّ تَلِفَتْ الْمَنَافِعُ فِي مُدَّةِ الْآخَرِ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ
الْقَبْضِ: فَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله بِأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِبَدَلِ حِصَّتِهِ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ مَا لَمْ يَكُنْ رَضِيَ بِمَنْفَعَتِهِ فِي الزَّمَنِ الْمُتَأَخِّرِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ. فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ انْتَقَلَتْ كَانْتِقَالِ مِلْكِ وَقْفٍ فَهَلْ تَنْتَقِلُ مَقْسُومَةً، أَمْ لَا؟ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فِيهِ نَظَرٌ. فَإِنْ كَانَتْ إلَى مُدَّةٍ: لَزِمَتْ الْوَرَثَةَ وَالْمُشْتَرِيَ. قَالَ ذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَقَالَ أَيْضًا: مَعْنَى الْقِسْمَةِ هُنَا قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى الْبَيْعِ. وَقَدْ يُقَالُ: يَجُوزُ التَّبْدِيلُ كَالْحَبِيسِ وَالْهَدْيِ. وَقَالَ أَيْضًا: صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ إذَا كَانَ عَلَى جِهَتَيْنِ فَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ: فَلَا تُقْسَمُ عَيْنُهُ قِسْمَةً لَازِمَةً اتِّفَاقًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ. لَكِنْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مُنَاقَلَةِ الْمَنَافِعِ وَبَيْنَ تَرْكِهَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ، بِلَا مُنَاقَلَةٍ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالظَّاهِرُ: أَنَّ مَا ذَكَرَ شَيْخُنَا عَنْ الْأَصْحَابِ وَجْهٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا فَرْقَ. وَهُوَ أَظْهَرُ. وَفِي الْمُبْهِجِ: لُزُومُهَا إذَا اقْتَسَمُوهَا بِأَنْفُسِهِمْ. قَالَ: وَكَذَا إنْ تَهَايَئُوا. وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ، فِيمَنْ وَقَفَ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ، فَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَيْعَ نَصِيبِهِ، كَيْفَ بِيعَ؟ قَالَ: يُفْرِزُ الثُّلُثَ مِمَّا لِلْوَرَثَةِ، فَإِنْ شَاءُوا بَاعُوا أَوْ تَرَكُوا
الثَّانِيَةُ: نَفَقَةُ الْحَيَوَانِ: مُدَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ.
وَإِنْ نَقَصَ الْحَادِثُ عَنْ الْعَادَةِ، فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ ذَاتُ زَرْعٍ. فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا دُونَ الزَّرْعِ الْمَيِّتِ: قُسِمَتْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: قُسِمَتْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي: وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَجِبَ. قَوْلُهُ (وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهَا مَعَ الزَّرْعِ: لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِير، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي: يُجْبَرُ، سَوَاءٌ اشْتَدَّ حَبُّهُ، أَوْ كَانَ قَصِيلًا. لِأَنَّ الزَّرْعَ كَالشَّجَرِ فِي الْأَرْضِ، وَالْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقٍّ، وَلَيْسَتْ بَيْعًا. وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ بَيْعٌ، لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ اشْتَدَّ الْحَبُّ. لِتَضَمُّنِهِ بَيْعَ السُّنْبُلِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ. وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ إذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ. لِأَنَّ السَّنَابِلَ هُنَا دَخَلَتْ تَبَعًا لِلْأَرْضِ. وَلَيْسَتْ الْمَقْصُودَةُ. فَأَشْبَهَ النَّخْلَةَ الْمُثْمِرَةَ بِمِثْلِهَا. قَوْلُهُ (فَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَيْهِ وَالزَّرْعُ قَصِيلٌ، أَوْ قَطِينٌ: جَازَ وَإِنْ
كَانَ بَذْرًا، أَوْ سَنَابِلَ قَدْ اشْتَدَّ حَبُّهَا. فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْمُذْهَبِ
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ يَجُزْ. فِي الْأَصَحِّ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ مَعَ تَرَاضِيهِمَا. وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ فِي السَّنَابِلِ. وَلَا يَجُوزُ فِي الْبَذْرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي فِي السَّنَابِلِ. وَقَدَّمَ فِي الْبَذْرِ: لَا يَجُوزُ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: مَأْخَذُ الْخِلَافِ: هَلْ هِيَ إفْرَازٌ، أَوْ بَيْعٌ؟
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ أَوْ قَنَاةٌ، أَوْ عَيْنٌ يَنْبُعُ مَاؤُهَا: فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَاهُ عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ. فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قَسْمِهِ بِالْمُهَايَأَةِ) بِزَمَنٍ (جَازَ. وَإِنْ أَرَادَا: قَسْمَ ذَلِكَ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ، أَوْ حَجَرٍ غَبَن فِي مَصْدَمِ الْمَاءِ. فِيهِ ثُقْبَانِ عَلَى قَدْرِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: جَازَ) بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. وَتَقَدَّمَ هَذَا وَغَيْرُهُ، فِي " بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ " فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ (فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَ بِنَصِيبِهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شِرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ: جَازَ)
هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ. وَهُوَ وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَيَجِيءُ عَلَى أَصْلِنَا: أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ. وَيَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ. وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ، إذَا قُلْنَا: لَا يُمْلَكُ الْمَاءُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي " كِتَابِ الْبَيْعِ ". وَذَكَرْنَا مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ. وَتَقَدَّمَ أَيْضًا هَذَا فِي " بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ ". وَفُرُوعٍ أُخْرَى كَثِيرَةٍ. فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ (النَّوْعُ الثَّانِي: قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ. وَهِيَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهَا، وَلَا رَدُّ عِوَضٍ كَالْأَرْضِ الْوَاسِعَةِ، وَالْقُرَى، وَالْبَسَاتِينِ، وَالدُّورِ الْكِبَارِ، وَالدَّكَاكِينِ الْوَاسِعَةِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ كَالدِّبْسِ وَخَلِّ التَّمْرِ، أَوْ لَمْ تَمَسَّهُ. كَخَلِّ الْعِنَبِ، وَالْأَدْهَانِ، وَالْأَلْبَانِ وَنَحْوِهَا) بِلَا نِزَاعٍ.
وَقَوْلُهُ (فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهُ، وَأَبَى الْآخَرُ: أُجْبِرَ عَلَيْهِ) بِلَا نِزَاعٍ. وَكَذَا يُجْبَرُ وَلِيُّ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلْقِسْمَةِ. لَكِنْ مَعَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ: هَلْ يَقْسِمُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. ذَكَرَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقَيْنِ فِي الْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: يَقْسِمُهُ الْحَاكِمُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَلِيِّ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَيَقْسِمُ الْحَاكِمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ. وَكَذَا فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيَقْسِمُ الْحَاكِمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ: جَازَ، وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ: وَوَلِيُّ الْمَوْلَى عَلَيْهِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ: كَهُوَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْسِمُهُ مَعَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ: فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ مِثْلِيًّا فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَهُوَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ فَهَلْ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ، إذَا امْتَنَعَ الْآخَرُ أَوْ غَابَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ.
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي.
لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مُخْتَلَفٌ فِي كَوْنِهَا بَيْعًا، وَإِذْنُ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ النِّزَاعَ، وَالثَّانِي لَا يَقْسِمُهُ. فَائِدَةٌ:
قَالَ جَمَاعَةٌ عَنْ قَسْمِ الْإِجْبَارِ يَقْسِمُ الْحَاكِمُ إنْ ثَبَتَ مِلْكُهَا عِنْدَهُ. مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ. وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ. وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِخَطِّهِ مُلْحَقًا. وَلَمْ يَذْكُرْهُ آخَرُونَ. مِنْهُمْ: أَبُو الْخَطَّابِ، وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله، كَبَيْعِ مَرْهُونٍ، وَعَبْدٍ جَانٍ. وَقَالَ: كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي بَيْعِ مَا لَا يُقْسَمُ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ: عَامٌّ فِيمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِلْكُهُمَا، وَمَا لَمْ يَثْبُتْ، كَجَمِيعِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُبَاعُ. قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ: لَوْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا خَلِيَّةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا: هَلْ يُزَوِّجُهَا بِلَا بَيِّنَةٍ؟ وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِسَهْمٍ مِنْ ضَيْعَةٍ بِيَدِ قَوْمٍ فَهَرَبُوا مِنْهُ يُقْسَمُ عَلَيْهِمْ، وَيَدْفَعُ إلَيْهِ حَقَّهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مِلْكُ الْغَائِبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ ثُبُوتُهُ، وَأَنَّهُ أَوْلَى. وَهُوَ مُوَافِقٌ لَمَا يَأْتِي فِي الدَّعْوَى. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَيَقْسِمُ حَاكِمٌ عَلَى غَائِبٍ قِسْمَةَ إجْبَارٍ. وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ: بَلْ مَعَ وَكِيلِهِ فِيهَا الْحَاضِرِ. وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ فِي عَقَارٍ بِيَدِ غَائِبٍ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِي قَرْيَةٍ مُشَاعَةٍ، قَسَمَهَا فَلَّاحُوهَا هَلْ
يَصِحُّ؟ قَالَ: إذَا تهايئوها، وَزَرَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ: فَالزَّرْعُ لَهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ نَصِيبُهُ، إلَّا أَنَّ مَنْ تَرَكَ نَصِيبَ مَالِكِهِ: فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْفَضْلَةِ أَوْ مُقَاسَمَتُهَا.
قَوْلُهُ (وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقِّ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ. فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَلَيْسَتْ بَيْعًا) وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، كَمَا قَالَ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ. وَحَكَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَعَ فِي تَعَالِيقِ أَبِي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ بَطَّةَ: أَنَّهُ مَنَعَ قِسْمَةَ الثِّمَارِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا خَرْصًا. وَأَخَذَ مِنْ هَذَا: أَنَّهَا عِنْدَهُ بَيْعٌ. انْتَهَى. وَحَكَى الْآمِدِيُّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ. قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ: الَّذِي تَحَرَّرَ عِنْدِي فِيمَا فِيهِ رَدٌّ: أَنَّهُ بَيْعٌ فِيمَا يُقَابِلُ الرَّدَّ، وَإِفْرَازٌ فِي الْبَاقِي. لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا فِي قِسْمَةِ الْمُطْلَقِ عَنْ الْوَقْفِ: إذَا كَانَ فِيهَا رَدٌّ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْوَقْفِ: جَازَ. لِأَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ الطَّلْقَ وَإِنْ كَانَ مِنْ صَاحِبِ الطَّلْقِ: لَمْ يَجُزْ. انْتَهَى وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ