المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل الواجب … "فَصْلٌ" لَمَّا أَنْهَى1 الْكَلامَ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى خَمْسَةٍ2، - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ١

[ابن النجار الفتوحي]

الفصل: ‌ ‌فصل الواجب … "فَصْلٌ" لَمَّا أَنْهَى1 الْكَلامَ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى خَمْسَةٍ2،

‌فصل الواجب

"فَصْلٌ"

لَمَّا أَنْهَى1 الْكَلامَ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى خَمْسَةٍ2، أَخَذَ يُبَيِّنُ تَعْرِيفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ وَالأَحْكَامِ، فَقَالَ:

"الْوَاجِبُ لُغَةً:" أَيْ فِي اللُّغَةِ "السَّاقِطُ وَالثَّابِتُ".

قَالَ فِي "الْقَامُوسِ": وَجَبَ يَجِبُ وَجْبَةً: سَقَطَ. وَالشَّمْسُ وَجْبًا وَوُجُوبًا: غَابَتْ. وَالْوَجْبَةُ: السَّقْطَةُ مَعَ الْهَدَّةِ، أَوْ صَوْتُ السَّاقِطِ3.

وَقَالَ فِي "الْمِصْبَاحِ": وَجَبَ الْحَقُّ، وَالْبَيْعُ يَجِبُ وُجُوبًا وَوَجْبَةً: لَزِمَ وَثَبَتَ4.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ الثُّبُوتِ: [قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم] : "أَسْأَلُك مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك"5.

"وَ". أَمَّا الْوَاجِبُ "شَرْعًا:" أَيْ: فِي عُرْفِ الشَّرْعِ فَلَهُمْ فِيهِ حُدُودٌ كَثِيرَةٌ، اقْتَصَرَ مِنْهَا فِي الأَصْلِ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ6.

- أَحَدُهَا: وَهُوَ مَا قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": أَنَّهُ أُولاهَا: "مَا ذُمَّ شَرْعًا

1 في نسخة ع، ب: انتهى.

2 ينقسم الحكم الشرعي إلى قسمين: تكليفي ووضعي، والحكم التكليفي ينقسم إلى خمسة أقسام، وهذا رأي الجمهور العلماء، خلافاً للحنفية الذين يقسمون الحكم التكليفي إلى سبعة أقسام، فيزيدون الفرض والمكروه تحريماً. "انظر: فواتح الرحموت 1/ 58". وعبارة "إلى خمسة" ساقطة من ب.

3 القاموس المحيط 1/ 141.

4 المصباح المنير 2/ 1003، وانظر الصحاح، للجوهري 1/ 231-232.

5 هذا جزء من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: رواه الحاكم عن ابن مسعود مرفوعاً، والموجبات: جمع موجب، وهي الكلمة التي أوجبت لقائلها الرحمة من الله سبحانه وتعالى. "انظر: فيض القدير 2/ 121، الأذكار ص21".

6 ساقطة من ز ع ب ض.

ص: 345

تَارِكُهُ قَصْدًا مُطْلَقًا" وَهُوَ لِلْبَيْضَاوِيِّ1. وَنَقَلَهُ فِي "الْمَحْصُولِ" عَنْ ابْنِ الْبَاقِلَاّنِيِّ. وَقَالَ فِي "الْمُنْتَخَبِ"2: إنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الرُّسُومِ، لَكِنْ فِيهِ نَقْصٌ وَتَغْيِيرٌ3. وَتَبِعَهُ الطُّوفِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ"، وَلَمْ يَقُلْ "قَصْدًا"4.

فَالتَّعْبِيرُ بِلَفْظِ "مَا ذُمَّ" خَيْرٌ مِنْ التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ "مَا يُعَاقَبُ" لِجَوَازِ الْعَفْوِ عَنْ تَارِكِهِ5.

وَقَوْلُنَا "شَرْعًا": أَيْ مَا وَرَدَ ذَمُّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ سبحانه وتعالى أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ فِي إجْمَاعِ الأُمَّةِ، وَلأَنَّ الذَّمَّ لا يَثْبُتُ إلَاّ بِالشَّرْعِ6، 7 خِلافًا لِمَا"7 قَالَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ.

وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ، لأَنَّهُ8 لا ذَمَّ فِيهَا9.

وَقَوْلُهُ: "تَارِكُهُ": اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْحَرَامِ. فَإِنَّهُ لا يُذَمُّ إلَاّ فَاعِلُهُ10.

1 منهاج الوصول، للبيضاوي، مع شرحه للأسنوي 1/ 52.

2 هو "منتخب المحصول" في الأصول المنسوب للرازي، فخر الدين محمد بن عمر الرازي الشافعي المتوفي سنة 606هـ، والأكثر أنه لبعض تلامذة الإمام الرازي وليس له، "انظر: طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي 8/ 93، إيضاح المكنون 2/ 569".

3 التغيير في التعريف هو أن الإمام الرازي عبر في "المحصول" و "المنتخب" بقوله: "على بعض الوجوه" وتبعه صاحب التحصيل والشوكاني في إرشاد الفحول ص6، لكن صاحب الحاصل أبدله بقوله:"مطلقاً" فتبعه البيضاوي. "انظر: نهاية السول 1/ 55، 57، المسودة ص576"، وفي د ز ع ب ض: تعبير.

4 مختصر الطوفي ص19.

5 انظر: شرح الورقات ص23.

6 انظر: نهاية السول 1/ 56.

7 في ش ز د: خلاف ما.

8 ساقطة من ش.

9 انظر: نهاية السول 1/ 55.

10 انظر: نهاية السول 1/ 56.

ص: 346

وَقَوْلُهُ: "قَصْدًا" فِيهِ تَقْدِيرَانِ1 مَوْقُوفَانِ عَلَى مُقَدِّمَةٍ، وَهُوَ أَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا هُوَ بِالْحَيْثِيَّةِ، أَيْ الَّذِي بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَ لَذُمَّ تَارِكُهُ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْحَيْثِيَّةِ لاقْتَضَى أَنَّ كُلَّ وَاجِبٍ لا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الذَّمِّ عَلَى تَرْكِهِ، وَهُوَ بَاطِلٌ2.

إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَأَحَدُ التَّقْدِيرَيْنِ: أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِالْقَصْدِ؛ لأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ؛ إذْ التَّارِكُ لا عَلَى سَبِيلِ الْقَصْدِ لا يُذَمُّ3.

الثَّانِي: أَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا مَضَى مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ فِعْلِ الصَّلاةِ ثُمَّ تَرَكَهَا بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ، وَقَدْ تَمَكَّنَ4. وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُذَمَّ شَرْعًا تَارِكُهَا، لأَنَّهُ مَا تَرَكَهَا قَصْدًا. فَأَتَى بِهَذَا الْقَيْدِ لإِدْخَالِ5 هَذَا الْوَاجِبِ فِي الْحَدِّ، وَيَصِيرُ بِهِ جَامِعًا6.

وَقَوْلُهُ "مُطْلَقًا" فِيهِ تَقْدِيرَانِ أَيْضًا مَوْقُوفَانِ عَلَى مُقَدِّمَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الإِيجَابَ بِاعْتِبَارِ الْفَاعِلِ قَدْ يَكُونُ عَلَى الْكِفَايَةِ وَعَلَى الْعَيْنِ، وَبِاعْتِبَارِ الْمَفْعُولِ7 قَدْ يَكُونُ مُخَيَّرًا كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ، [وَقَدْ يَكُونُ مُحَتَّمًا، كَالصَّلاةِ أَيْضًا وَبِاعْتِبَارِ الْوَقْتِ الْمَفْعُولِ فِيهِ قَدْ يَكُونُ مُوَسَّعًا كَالصَّلاةِ] 8، وَقَدْ

1 في ش ب ع ض د: تقريران، وكذلك في الحالات التالية.

2 انظر: نهاية السول 1/ 56.

3 انظر: نهاية السول 1/ 56.

4 يقول الأسنوي: لأن الصلاة تجب عندنا بأول الوقت وجوباً موسعاً بشرط الإمكان، وقد تمكن. "نهاية السول 1/ 56".

5 في ش: لادخاله.

6 انظر: نهاية السول 1/ 56، البدخشي 1/ 53، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 1/ 230.

7 في ش: المعقول.

8 زيادة ضرورية من نهاية السول 1/ 57.

ص: 347

يَكُونُ مُضَيَّقًا كَالصَّوْمِ. فَإِذَا تَرَكَ الصَّلاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا صَدَقَ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا، إذْ الصَّلاةُ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ. وَمَعَ ذَلِكَ لا يُذَمُّ عَلَيْهَا إذَا أَتَى بِهَا فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ. وَيُذَمُّ إذَا أَخْرَجَهَا عَنْ جَمِيعِهِ، وَإِذَا تَرَكَ إحْدَى1 خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، فَقَدْ تَرَكَ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لا ذم2 فِيهِ إذَا أَتَى بِغَيْرِهِ. وَإِذَا تَرَكَ صَلاةَ جِنَازَةٍ فَقَدْ تَرَكَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَلا يُذَمُّ عَلَيْهِ إذَا فَعَلَهُ غَيْرُهُ3.

إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَأَحَدُ التَّقْدِيرَيْنِ أَنَّ قَوْلَهُ4: "مُطْلَقًا" عَائِدٌ إلَى الذَّمِّ. وَذَلِكَ أَنَّهُ5 قَدْ تَلَخَّصَ أَنَّ الذَّمَّ عَلَى الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ عَلَى الْمُخَيَّرِ وَعَلَى الْكِفَايَةِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ. وَالذَّمَّ عَلَى الْوَاجِبِ الْمُضَيَّقِ وَالْمُحَتَّمِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْعَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. فَلِذَلِكَ قَالَ: "مُطْلَقًا" لِيَشْمَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِشَرْطِهِ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لَوَرَدَ عَلَيْهِ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ6.

وَالتَّقْدِيرُ الثَّانِي: أَنَّ "مُطْلَقًا" عَائِدٌ إلَى التَّرْكِ، وَالتَّقْدِيرُ تَرْكًا مُطْلَقًا7، لِيَدْخُلَ الْمُخَيَّرُ وَالْمُوَسَّعُ وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ. فَإِنَّهُ إذَا تَرَكَ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لا يَأْثَمُ، وَإِنْ صَدَقَ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا، وَكَذَلِكَ الآتِي بِهِ آتٍ بِالْوَاجِبِ، مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَأْثَمْ. وَإِنَّمَا يَأْثَمُ إذَا حَصَلَ التَّرْكُ الْمُطْلَقُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ. وَهَكَذَا فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ وَالْمُوَسَّعِ. وَدَخَلَ فِيهِ أَيْضًا الْوَاجِبُ الْمُحَتَّمُ وَالْمُضَيَّقُ وَفَرْضُ

1 في ز ع ب ض: أحد.

2 في ش: لازم.

3 انظر: نهاية السول 1/ 57، البدخشي 1/ 54، العضد على ابن الحاجب 1/ 230، الحدود، للباجي ص54.

4 في ز: قولنا.

5 في ع ب ض: لأنه.

6 انظر: نهاية السول 1/ 57.

7 في ش زيادة: ليشمل ذلك كله بشرطه، ولو لم يذكر ذلك لورد عليه من ترك شيئاً من ذلك. اهـ. وهو مكرر مع السطر الذي قبله.

ص: 348

الْعَيْنِ، لأَنَّ كُلَّ مَا ذُمَّ الشَّخْصُ عَلَيْهِ 1 إذَا تَرَكَهُ وَحْدَهُ ذُمَّ عَلَيْهِ"1 أَيْضًا إذَا تَرَكَهُ هُوَ وَغَيْرَهُ2.

وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْحُدُودِ السِّتَّةِ:

فَالْحَدُّ الثَّانِي: أَنَّ الْوَاجِبَ مَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ.

الثَّالِثُ: أَنَّ الْوَاجِبَ مَا تُوُعِّدَ عَلَى تَرْكِهِ بِالْعِقَابِ.

الرَّابِعُ: مَا يُذَمُّ تَارِكُهُ شَرْعًا.

الْخَامِسُ: مَا يُخَافُ الْعِقَابُ بِتَرْكِهِ.

السَّادِسُ: لابْنِ عَقِيلٍ، فَإِنَّهُ حَدَّهُ بِأَنَّهُ إلْزَامُ الشَّرْعِ. وَقَالَ: الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ أَحْكَامُهُ وَمُتَعَلَّقَاتُهُ. قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": فَحَدُّهُ بِهِ يَأْبَاهُ الْمُحَقِّقُونَ، وَهُوَ حَسَنٌ3.

"وَمِنْهُ" أَيْ مِنْ الْوَاجِبِ: "مَا لا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، كَنَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ4، وَرَدِّ وَدِيعَةٍ وَغَصْبٍ وَنَحْوِهِ" كَعَارِيَّةٍ، وَدَيْنٍ "إذ5 فَعَلَ" ذَلِكَ "مَعَ غَفْلَةٍ6" لِعَدَمِ النِّيَّةِ الْمُتَرَتِّبِ7 عَلَيْهَا الثَّوَابُ8.

1 ساقطة من ش، وكذا في د مع تقديم وتأخير، وانظر: نهاية السول 1/ 58.

2 انظر: نهاية السول 1/ 58.

3 انظر في تعريف الواجب: "التعريفات ص319، الحدود للباجي ص53، المستصفى 1/ 65، شرح الورقات ص22، الإحكام لابن حزم 1/ 323، فواتح الرحموت 1/ 61، المسودة ص575، إرشاد الفحول ص6، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 1/ 225، 229".

4 ساقطة من ش.

5 في ش د: إن.

6 في ز: غفلته.

7 في ب ض: المرتب.

8 نرى أن هذا الكلام غير دقيق، لأنه يخالف النصوص الشرعية التي تثبت الأجر للمؤمن، ولو كان فعله واجباً شرعياً، أي مفروضاً عليه لغيره، كالأمثلة التي ذكرها المصنف، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على =

ص: 349

"وَمِنْ الْمُحَرَّمِ مَا لا يُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ، كتركه1" أَيْ كَأَنْ يَتْرُكَ الْمُكَلَّفُ الْمُحَرَّمَ "غَافِلاً" عَنْ كَوْنِ تَرْكِهِ طَاعَةً بِامْتِثَالِ الأَمْرِ بِالتَّرْكِ. لأَنَّ شَرْطَ تَرْتِيبِ الثَّوَابِ عَلَى تَرْكِهِ، نِيَّةُ2 التَّقَرُّبِ بِهِ، فَتَرَتُّبُ3 الثَّوَابِ وَعَدَمُهُ فِي فِعْلِ الْوَاجِبِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمِ رَاجِعٌ إلَى وُجُودِ شَرْطِ الثَّوَابِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ النِّيَّةُ4.

"وَالْفَرْضُ لُغَةً" أَيْ فِي اللُّغَةِ:

- "التَّقْدِيرُ"، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} 5، أَيْ قَدَّرْتُمْ. وَمِنْهُ6 قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِك نَصِيبًا مَفْرُوضًا} 7 أَيْ مَعْلُومًا.

= مساكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك" رواه مسلم، وروى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل دينار ينفقه الرجل: دينار ينفقه على عياله". وقال عليه الصلاة والسلام: "إنّ من الذنوب ذنوباً لا تكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الصدقة، ولكنها يكفرها الهم على كسب العيال". وقال أيضاً:"السعي على نفقة العيال جهاد في سبيل الله" وقال أيضاً: "حتى اللقمة تضعها في في زوجتك صدقة". "انظر: مسند أحمد: 1/ 172، 173، صحيح مسلم 2/ 691-692".

كل هذه النصوص، وغيرها كثيرة، تثبت وتؤكد الثواب في النفقة، وكذلك فإن حفظ الأمانة والوديقة صدقة، وردها حسنة، ورد المغصوب لصاحبه توبة وعدول عن الظلم والعدوان، فهو عمل حسن وله أجر وثواب.

وأما تقييدها بأنها مع غفلة، وبدون نية، فهذا يشمل كل الواجبات، وخاصة العبادات، كما لو أدى الزكاة جبراً، والبقاء بدون طعام وشراب طوال النهار، فالعبادة لا تصح إلا بالنية، وقد ذكر المصنف ما يؤيد ذلك ص385، 397، فقال: ولو بدون نية.

1 ساقطة من ش د ز.

2 ساقطة من ش.

3 في ز ع ض: فترتيب.

4 انظر: شرح تنقيح الفصول ص71.

5 الآية 237 من البقرة.

6 ساقطة من ز ع ب ض.

7 الآية 118 من النساء.

ص: 350

- "وَالتَّأْثِيرُ" قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْفَرْضُ: الْحَزُّ فِي الشَّيْءِ، وَفَرْضُ الْقَوْسِ: الْحَزُّ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الْوَتَرُ1.

- "وَالإِلْزَامُ"، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} 2، أَيْ أَوْجَبْنَا الْعَمَلَ بِهَا3.

- "وَالْعَطِيَّةُ" يُقَالُ، فَرَضْت لَهُ4 كَذَا وَافْتَرَضْته أَيْ أَعْطَيْته، وَفَرَضْت لَهُ فِي الدِّيوَانِ. قَالَهُ5 فِي "الصِّحَاحِ"6.

- "وَالإِنْزَالُ" وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إلَى مَعَادٍ} 7، أَيْ أَنْزَلَ عَلَيْك الْقُرْآنَ. قَالَ الْبَغَوِيّ: هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ8.

- "وَالإِبَاحَةُ" وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} 9، 10 أَيْ: أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ"10.

- "وَيُرَادِفُ11" الْفَرْضَ "الْوَاجِبُ شَرْعًا" أَيْ فِي12 عُرْفِ الشَّرْعِ عَلَى

1 الصحاح، له 3/ 1097، وانظر: القاموس المحيط 2/ 352.

2 الآية 1 من النور.

3 انظر: القاموس المحيط: 2/ 352.

4 في ش: لك.

5 في ش: قال.

6 الصحاح، للجوهري 3/ 1097، وانظر: القاموس المحيط 2/ 352.

7 الآية 85 من القصص.

8 تفسير البغوي 5/ 186.

9 الآية 38 من الأحزاب.

10 ساقطة من ش. وانظر: الإحكام، الآمدي 1/ 99.

11 في ش: ويراد به.

12 في ش: من.

ص: 351

الصَّحِيحِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةِ1 وَالأَكْثَرِ2 لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} 3، أَيْ أَوْجَبَهُ. وَالأَصْلُ تَنَاوُلُهُ حَقِيقَةً وَعَدَمُ غَيْرِهِ، نَفْيًا لِلْمَجَازِ وَالاشْتِرَاكِ4. وَفِي الصَّحِيحِ5: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ" 6، وَلأَنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا يُذَمُّ تَارِكُهُ شَرْعًا، وَالاسْتِدْعَاءُ لا يَقْبَلُ التَّزَايُدَ. كَجَائِزٍ وَلازِمٍ، وَصَادِقٍ وَكَاذِبٍ. فَلا يُقَالُ: أُجَوِّزُ وَلا أُلْزِمُ؛ لأَنَّهُ7 انْتَظَمَهُ حَدٌّ وَاحِدٌ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَعَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّ الْفَرْضَ آكَدُ8. وَاخْتَارَهَا

1 ساقطة من ش.

2 انظر: مختصر الطوفي ص19، الروضة ص16، التمهيد ص7، الحدود للباجي ص55، المستصفي 1/ 66، القواعد والفوائد الأصولية ص63، نهاية السول 1/ 58، شرح البدخشي 1/ 58، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 1/ 228، 232، إرشاد الفحول ص6، الإحكام، الآمدي 1/ 97، لابن حزم 1/ 323.

3 الآية 197 من البقرة.

4 انظر: الإحكام، الآمدي 1/ 99.

5 أي صحيح البخاري، وكتب الأحاديث الصحيحة كثيرة، ولكن المصنف إذا أطلق الصحيح فيريد به صحيح البخاري، لأنه أصح كتاب بعد القرآن الكريم، لما بذل فيه مؤلفه رحمه الله من الجهد والدقة والتمحيص في أسانيده ومتونه، وفي ض ز ع ب: الصحيحين، وهو خطأ، لأن هذا الحديث لم يروه إلا البخاري.

6 هذا جزء من حديث رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً، وأوله: "إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد أذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه

" الحديث، وما تقرب إلي عبدي بشيء، أي بفعل طاعة، مما افترضته عليه: أي من أدائه عيناً أو كفاية، لأنها الأصل الذي ترجع إليه جميع الفروع، والأمر بها جازم، ويتضمن أمرين: الثواب على فعلها، والعقاب على تركها. "انظر: صحيح البخاري 4/ 129، فيض القدير 2/ 241".

7 في ز: الأن.

8 انظر: الروضة ص16، القواعد والفوائد الأصولية ص63، المسودة ص50.

ص: 352

مِنْ أَصْحَابِنَا: ابْنُ شَاقِلا وَالْحَلْوَانِيُّ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ أَصْحَابِنَا. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ1، وَابْنُ الْبَاقِلَاّنِيِّ.

وَلِلْقَاضِي2 مِنْ أَصْحَابِنَا الْقَوْلانِ.

قَالَ3 الطُّوفِيُّ: وَالنِّزَاعُ لَفْظِيٌّ، إذْ لا نِزَاعَ فِي انْقِسَامِ الْوَاجِبِ إلَى قَطْعِيٍّ وَظَنِّيٍّ4. فَلْيُسَمُّوا هُمْ الْقَطْعِيَّ مَا شَاءُوا5،

ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ الْخِلافَ لَيْسَ بِلَفْظِيٍّ، يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: بَعْضُ الْوَاجِبِ آكَدُ مِنْ بَعْضٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا6، وَأَنَّ فَائِدَتَهُ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ7.

1 الفرق بينهما عند الحنفية أن الفرض ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه، والواجب ما ثبت بدليل ظني فيه شبهة العدم. "انظر: التعريفات للجرجاني ص173، 319، كشف الأسرار 2/ 303، الإحكام للآمدي 1/ 99، أصول السرخسي 1/ 110، فواتح الرحموت 1/ 58، القواعد والفوائد الأصولية ص63، البدخشي 1/ 55، التوضيح على التنقيح 3/ 75".

2 في ش: والقاضي.

3 في ز: وقال.

4 في ش دع: ظني وقطعي.

5 مختصر الطوفي ص19، وهذا ما ذهب إليه ابن قدامة في "الروضة""ص 16"، والغزالي في "المستصفي""1/ 66"، والأرْمَوي في الحاصل "نهاية السول 1/ 58" والعضد في "شرح مختصر ابن الحاجب""1/ 232"، قال ابن اللحام: إن أريد أن المأمور به ينقسم إلى مقطوع به ومظنون فلا نزاع في ذلك، وإن أريد أنه لا تختلف أحكامها فهذا محل نظر "القواعد والفوائد الأصولية ص64" وانظر: الإحكام للآمدي 1/ 99.

6 انظر: القواعد والفوئد الأصولية ص64، المسودة ص50، 58.

7 رتب الحنفية على الفرق بينهما آثاراً كثيرة منها أن حكم الفرض لازم علماً وتصديقاً بالقلب، وعملاً بالبدن، وأنه من أركان الشرائع، ويكفر جاحده، ويفسق تاركه بلا عذر، أما حكم الواجب فهو لازم عملاً بالبدن لا تصديقاً، ولا يكفر جاحده، ويفسق تاركه إن استخف به، أما إذا تأول فلا، وإذا ترك المكلف فرضاً كالركوع أو السجود بطلت صلاته، ولا يسقط في عمد ولا في سهو، ولا تبرأ الذمة إلا بالإعادة، أما إذا ترك واجباً فإن عمله صحيح، ولكنه ناقص، وعليه الإعادة، فإن لم يُعد برئت ذمته مع الإثم. "انظر: كشف الأسرار 2/ 303، أصول السرخسي 1/ 111، فواتح الرحموت 1/ 58، القواعد والفوائد الأصولية ص64، شرح البدخشي 1/ 55، تيسير التحرير 2/ 135، المسودة ص50، 58، التوضيح على التنقيح 3/ 75".

ص: 353

"وَ" عَلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ "ثَوَابَهُمَا1 سَوَاءٌ" وَلَيْسَ بَعْضُهَا2 آكَدَ مِنْ بَعْضٍ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا عَلَى الأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا آكَدَ مِنْ بَعْضٍ. وَأَنَّ فَائِدَتَهُ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الآخَرِ، وَأَنَّ طَرِيقَ أَحَدِهِمَا مَقْطُوعٌ بِهِ، وَطَرِيقَ الآخَرِ مَظْنُونٌ. كَمَا قُلْنَا. عَلَى3 الْقَوْلِ الثَّانِي: أَنَّهُمَا4 مُتَبَايِنَانِ5.

قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": قُلْت6: وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى هَذَا - سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّبَايُنِ أَوْ التَّرَادُفِ7-: إنَّهُ لا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا آكَدَ مِنْ الآخَرِ، وَأَنَّهُ8 يُثَابُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ الآخَرِ9. انْتَهَى.

"وَصِيغَتُهُمَا" أَيْ صِيغَةُ الْوُجُوبِ وَالْفَرْضِ. كَوَجَبَ10 وَفَرَضَ. وَكَذَا وَاجِبٌ وَفَرْضٌ.

1 في ش د: ثواباهما.

2 في ش د: بعضهما.

3 ساقطة من ش د.

4 في ع ز ب ض: وأنهما.

5 انظر: البدخشي 1/ 56 وما بعدها، المسودة ص50.

6 ساقطة من ز، وفي ع ض: وقلت.

7 في ز: بالترادف.

8 في ز: أنه.

9 انظر المسودة ص50، 58.

10 في ش: كموجب.

ص: 354

"وَحَتْمٌ" وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {كَانَ عَلَى رَبِّك حَتْمًا مَقْضِيًّا} 1 أَيْ وَاجِبَ الْوُقُوعِ بِوَعْدِهِ الصَّادِقِ، وَإِلَاّ فَهُوَ سبحانه وتعالى لا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ. فَيُقَالُ فِي الْوَاجِبِ: حَتْمٌ وَمَحْتُومٌ وَمُحَتَّمٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.

قَالَ فِي "الْمِصْبَاحِ": حَتَمَ عَلَيْهِ الأَمْرُ حَتْمًا - مِنْ بَابِ ضَرَبَ- أَوْجَبَهُ جَزْمًا، وَتَحَتَّمْ: وَجَبَ وُجُوبًا لا يُمْكِنُ سُقُوطُهُ2. انْتَهَى.

"وَ" كَذَا "لازِمٌ" قَالَ فِي3 "الْحَاوِي"4 وَغَيْرِهِ: حَتْمٌ وَلازِمٌ كَوَاجِبٍ5 قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": وَلا يُقْبَلُ التَّأْوِيلُ عِنْدَ الأَكْثَرِ، وَهُوَ مِنْ اللُّزُومِ وَهُوَ لُغَةً: عَدَمُ الانْفِكَاكِ عَنْ الشَّيْءِ6. فَيُقَالُ لِلْوَاجِبِ لازِمٌ وَمَلْزُومٌ بِهِ7، وَنَحْوُ ذَلِكَ، كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ: "وَمَنْ لَزِمَتْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ أُخِذَ مِنْهُ ابْنُ لَبُونٍ" 8.

1 الآية 17 من مريم.

2 المصباح المنير 1/ 188، وانظر: الصحاح 5/ 1892.

3 ساقطة من ش.

4 تصنيف الفقيه عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم بن علي، الضرير البصري، المتوفى سنة 684هـ. "انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص208".

5 انظر: المستصفى 1/ 66.

6 انظر: المصباح المنير 2/ 850، لسان العرب 12/ 541، القاموس المحيط 4/ 175.

7 انظر: الصحاح 1/ 231.

8 هذا جزء من حديث طويل، رواه احمد والنسائي وأبو داود والبخاري، وقطعه في عشرة مواضع، والدارقطني، وأخرجه الشافعي والبيهقي والحاكم والدارمي عن أنس عن أبي بكر رضي الله عنهما مرفوعاً، قال ابن حزم: هذا كتاب في غاية الصحة، وقال الدارقطني: هذا إسناده صحيح، ورواته كلهم ثقات.

"انظر: نيل الأوطار 4/ 140، سنن أبي داود 2/ 129، صحيح البخاري مع حاشية السندي 1/ 251، المستدرك 1/ 390، السنن الكبرى 4/ 100، سنن النسائي 5/ 13، مسند أحمد 1/ 11، سنن الدارمي 1/ 382".

ص: 355

"وَ" كَذَا "إطْلاقُ الْوَعِيدِ" لأَنَّ خَاصَّةَ الْوَاجِبِ مَا تُوُعِّدَ بِالْعِقَابِ عَلَى تَرْكِهِ. وَيَمْتَنِعُ وُجُودُ خَاصَّةِ الشَّيْءِ بِدُونِ ثُبُوتِهِ إلَاّ فِي كَلامِ مَجَازٍ.

"وَ" وَكَذَا "كُتِبَ عَلَيْكُمْ" مَأْخُوذٌ مِنْ كَتَبَ الشَّيْءَ إذَا حَتَّمَهُ وَأَلْزَمَ بِهِ، وَتُسَمَّى الصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ لِذَلِكَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ:"خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ1"، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ} 2، وقَوْله تَعَالَى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ} 3، كُلُّ ذَلِكَ "نَصٌّ فِي الْوُجُوبِ"4.

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ-الآيَةَ} 5، فَقِيلَ: الْمُرَادُ وَجَبَ. وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ فَرْضًا وَنُسِخَتْ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ6 بِالْوَصِيَّةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهِمَا. وَقِيلَ: الْمُرَادُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. فَلا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ7.

"وَإِنْ كَنَّى الشَّارِعُ عَنْ عِبَادَةٍ بِبَعْضِ 8 مَا فِيهَا"8" نَحْوِ9 تَسْمِيَةِ الصَّلاةِ قُرْآنًا

1 رواه أحمد ومالك وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم عن عبادة بن الصامت مرفوعاً، قال الزين العراقي، وصححه ابن عبد البر. "انظر: سنن أبي داود 2/ 84، سنن ابن ماجة 1/ 448، سنن النسائي 1/ 186، فيض القدير 3/ 453، مسند أحمد 5/ 319".

2 الآية 183 من البقرة.

3 الآية 216 من البقرة.

4 في ش: الوجود.

5 الآية 180 من البقرة.

6 في ز: والمراد.

7 انظر: تفسير ابن كثير 1/ 372، أحكام القرآن لابن العربي 1/ 61، 70، تفسير القرطبي 2/ 244، 1: تفسير ابن كثير 1/ 372، أحكام القرآن لابن العربي 1/ 61، 70، تفسير القرطبي 2/ 244، 258 وما بعدها، تفسير الطبري 2/ 115 وما بعدها، تفسير الخازن 1/ 148، تفسير البغوي 1/ 148".

8 ساقطة من ش.

9 ساقطة من د، والقوس في ش ز وبعدها.

ص: 356

فِي قَوْله1 تَعَالَى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} 2، وَنَحْوِ 3 التَّعْبِيرِ عَنْ الإِحْرَامِ بِالنُّسُكِ"3 بِأَخْذِ الشَّعْرِ فِي قَوْله تَعَالَى:{مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} 4، "دَلَّ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ" أَيْ فَرْضِ الْمُكَنَّى بِهِ عَنْ 5 تِلْكَ الْعِبَادَةِ"5. فَيَدُلُّ قَوْله تَعَالَى:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} عَلَى فَرْضِيَّةِ الْقِرَاءَةِ6 فِي الصَّلاةِ وَيَدُلُّ قَوْله تَعَالَى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} عَلَى فَرْضِيَّةِ الْحَلْقِ فِي الْحَجِّ، لأَنَّ الْعَرَبَ لا تُكَنِّي عَنْ الشَّيْءِ إلَاّ بِالأَخَصِّ بِهِ.

وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {وَسَبِّحْ7 بِحَمْدِ رَبِّك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} 8 يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّسْبِيحِ فِي الصَّلاةِ. ذَكَرَهُ9 الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ.

"وَمَا لا يَتِمُّ الْوُجُوبُ10 إلَاّ بِهِ" سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ. كَاكْتِسَابِ الْمَالِ لِلْحَجِّ وَالْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ، كَحُضُورِ الإِمَامِ

1 في ز ع ب: بقوله.

2 الآية 78 من الإسراء.

3 في ش: التعبير في النسك، وفي د ع: التعبير في الإحرام والنسك، وفي ب: التعبير بالنسك عن الإحرام، وفي ض: التعبير عن الإحرام والنسك.

4 الآية 27 من الفتح.

5 في ش: ذلك العبارة.

6 في ش: القرآن.

7 في ش ع ز ب: فسبح!؟ وهو خطأ.

8 الآية 39 من السورة ق.

9 في ش: وذكره.

10 في ش: الواجب، والصواب ما في المتن، وهو ما عبر عنه المجد بن تيمية والبعلي بقولهما: إن مالا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب كالمال في الحج والكفارات، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب مطلقاً "المسودة ص61، القواعد والفوئد الأصولية ص94" وانظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص61، اللمع ص10، والمقصود أن مالا يتم الوجوب، أي التكليف "انظر: نهاية السول 1/ 120، التمهيد ص15".

ص: 357

الْجُمُعَةَ وَحُضُورِ الْعَدَدِ الْمُشْتَرِطِ فِيهَا، لأَنَّهُ مِنْ صُنْعِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ "لَيْسَ بِوَاجِبٍ مُطْلَقًا"1 وَحُكِيَ إجْمَاعًا.

"وَمَا لا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ" إيجَابُهُ2 "إلَاّ بِهِ وَهُوَ3" أَيْ وَاَلَّذِي لا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إلَاّ بِهِ "مَقْدُورٌ لِمُكَلَّفٍ فَوَاجِبٌ، يُعَاقَبُ" الْمُكَلَّفُ "بِتَرْكِهِ، وَيُثَابُ4 بِفِعْلِهِ" كَالْوَاجِبِ الأَصْلِيِّ5.

1 مطلقاً أي سواء كان شرطاً أم سبباً، وسواء كان في مقدور المكلف أم لا.

2 الواجب المطلق هو الذي يكون وجوبه غير مشروط الوجوب بذلك الغير، بل مشروط الوقوع به، وهو مقدمة الوجود، كما سيأتي "في هـ5"، قال البناني: المراد بالمطلق ما لا يكون مقيداً بما يتوقف عليه وجوده، وإن كان مقيداً بما يتوقف عليه وجوبه، كقوله تعالى:{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} فإن وجوب الصلاة مقيد بما يتوقف عليه ذلك الوجوب، وهو الدلوك، وليس مقيداً بما يتوقف عليه وجود الواجب، وهو الوضوء والاستقبال ونحوهما "حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 193". وانظر: تقرير الشربيني 1/ 192، فواتح الرحموت 1/ 95، المسودة ص 61، المدخل إلى مذهب أحمد ص61، الإحكام للآمدي 1/ 111".

3 ساقطة من ش.

4 في ش: ثياب.

5 تنقسم مقدمة الواجب إلى قسمين: القسم الأول: مدمة الوجوب، وهي التي يتعلق بها التكليف بالواجب، أو يتوقف شغل الذمة عليها كدخول الوقت بالنسبة للصلاة، فهو مقدمة لوجوب الواجب في ذمة المكلف، وكالاستطاعة لوجوب الحج، وحولان الحول لوجوب الزكاة، فهذه المقدمة ليست واجبة على المكلف باتفاق.

والقسم الثاني: مقدمة الوجود، وهي التي يتوقف عليها وجود الواجب بشكل شرعي صحيح، لتبرأ منه الذمة، كالوضوء بالنسبة للصلاة، فلا توجد الصلاة الصحيحة إلا بوجود الوضوء، ولا تبرأ ذمة المكلف بالصلاة إلا بالوضوء، ومقدمة الوجود قد تكون في مقدور المكلف فتجب، وقد لا تكون في مقدوره فلا تجب، واختلاف العلماء في القسم الثاني فقط. "انظر: الإحكام، للآمدي 1/ 110، مختصر الطوفي ص23، المستصفى 1/ 71، حاشية البناني 1/ 193، تقرير الشربيني 1/ 193، العضد على ابن الحاجب 1/244، المسودة ص60، نهاية السول 1/ 170، شرح البدخشي 1/ 122، اللمع ص10، شرح تنقيح الفصول ص160، تيسير التحرير 2/ 215".

ص: 358

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ، فَلا يَخْلُو.

إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا لا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَاّ بِهِ جُزْءًا مِنْ الْوَاجِبِ الْمُطْلَقِ، كَالسُّجُودِ فِي الصَّلاةِ. فَهَذَا لا خِلافَ فِيهِ، لأَنَّ الأَمْرَ بِالْمَاهِيَّةِ الْمُرَكَّبَةِ أَمْرٌ1 بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا.

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْهُ. كَالسَّبَبِ2 الشَّرْعِيِّ، وَالسَّبَبِ الْعَقْلِيِّ، وَالسَّبَبِ الْعَادِيِّ. وَكَالشَّرْطِ3 الشَّرْعِيِّ، وَالشَّرْطِ4 الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْطِ5 الْعَادِيِّ. فَهَذِهِ السِّتَّةُ مَحَلُّ الْخِلافِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الأَكْثَرِ وُجُوبُهَا6.

فَمِثَالُ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ: صِيغَةُ الْعِتْقِ في7 الْوَاجِبِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَنَحْوِهَا.

وَمِثَالُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ: الطَّهَارَةُ لِلصَّلاةِ وَنَحْوِهَا.

وَمِثَالُ السَّبَبِ الْعَقْلِيِّ: الصُّعُودُ إلَى مَوْضِعٍ عَالٍ. فِيمَا إذَا وَجَبَ إلْقَاءُ الشَّيْءِ مِنْهُ.

1 في ز: أمر كلي.

2 السبب: هو ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم. "انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص94، نهاية السول 1/ 123".

3 الشرط: هو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم. "القواعد والفوائد الأصولية ص94، نهاية السول 1/ 123".

4 في ز: وكالشرط.

5 في ز: وكالشرط.

6 وهو مذهب الإمام الرازي وأتباعه والآمدي وأكثر الشافعية والحنابلة، خلافاً للمعتزلة الذين منعوا ذلك، وهناك أقوال أخرى، منها أن الأمر بالشيء يكون أمراً بالمقدمة إذا كانت سبباً لا شرطاً، ومنها أنه ليس أمراً لا بالسب ولا بالشرط، ومنها أن الأمر بالشيء يكون أمراً بالشرط الشرعي دون العقلي والعادي ودون السبب بأنواعه، وهذا رأي الطوفي وإمام الحرمين وابن الحاجب. "انظر: التمهيد ص15-16، مختصر الطوفي ض24، الروضة ص19، المستصفى 1/ 71، جمع الجوامع وحاشية البناني 1/ 193، تيسير التحرير 2/ 215، مختصر ابن الحاجب 1/ 244، المسودة ص60-61، فواتح الرحموت 1/ 95، المدخل إلى مذهب أحمد ص61".

7 في ش: من.

ص: 359

وَمِثَالُ الشَّرْطِ الْعَقْلِيِّ: تَرْكُ أَضْدَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ.

وَمِثَالُ السَّبَبِ الْعَادِيِّ1: وُجُودُ النَّارِ فِيمَا إذَا وَجَبَ إحْرَاقُ شَخْصٍ.

وَمِثَالُ الشَّرْطِ الْعَادِيِّ: غَسْلُ الزَّائِدِ عَلَى حَدِّ الْوَجْهِ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ لِيَتَحَقَّقَ غَسْلُ جَمِيعِهِ.

فَالشَّرْطُ الشَّرْعِيُّ: مَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ شَرْطًا، وَإِنْ أَمْكَنَ وُجُودُ الْفِعْلِ بِدُونِهِ 2 وَالشَّرْطُ الْعَقْلِيُّ: مَا لا يُمْكِنُ وُجُودُ الْفِعْلِ بِدُونِهِ"2 عَقْلاً، وَالشَّرْطُ الْعَادِيُّ: مَا لا يُمْكِنُ 3 وُجُودُ الْفِعْلِ بِدُونِهِ"3 عَادَةً4.

إذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَتَارَةً يُعَبَّرُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا لا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَاّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ5، وَتَارَةً بِمَا لا يَتِمُّ الأَمْرُ6 إلَاّ بِهِ يَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ7، لَكِنَّ الْعِبَارَةَ الأُولَى أَشْهَرُ. وَالثَّانِيَةُ أَشْمَلُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الأَمْرَ قَدْ يَكُونُ لِلنَّدْبِ. فَتَكُونُ مُقَدِّمَتُهُ مَنْدُوبَةً، وَرُبَّمَا كَانَتْ وَاجِبَةً. كَالشَّرْطِ8 فِي صَلاةِ التَّطَوُّعِ، إلَاّ أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ الْكَفُّ عَنْ فَاسِدِ الصَّلاةِ عِنْدَ إرَادَةِ التَّلَبُّسِ بِالصَّلاةِ مَثَلاً وَجَبَ مَا لا يَتِمُّ الْكَفُّ مَعَ التَّلَبُّسِ إلَاّ بِهِ، فَلَمْ يَخْرُجْ عَمَّا لا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَاّ بِهِ فَهُوَ

1 ساقطة من ش.

2 ساقطة من ش، وموجودة في ز د ب وعلى هامش ع.

3 ساقطة من ز.

4 انظر: حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 195.

5 وتسمى أيضاً مقدمة الواجب، وغير ذلك "انظر: التمهيد للإسنوي ص15، المستصفى 1/ 71، تقرير الشربيني على جمع الجوامع 1/ 192".

6 في ع ب ض: المأمور.

7 يعبر البيضاوي عنها بقوله: وجوب الشيء مطلقاً يوجب وجوب ما لا يتم إلا به، ويقول الإسنوي في شرحه على منهاج البيضاوي: فالواجب الأول والأخير بمعنى التكليف، والوجوب الثاني بمعنى الاقتضاء. "نهاية السول 1/ 120، 123، وانظر: التمهيد ص15".

8 في ع ب ض: كالشروط.

ص: 360

وَاجِبٌ1.

وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْمَتْنِ: أَنَّهُ لا يَجِبُ إلَاّ إذَا كَانَ مَقْدُورًا لِلْمُكَلَّفِ2، لِحَدِيثِ:"إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" 3، لَكِنْ لَوْ سَقَطَ وُجُوبُ الْبَعْضِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، هَلْ يَبْقَى4 وُجُوبُ الْبَاقِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. أَمْ لا5؟

قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي بَقَاءَ الْوُجُوبِ لِلْحَدِيثِ الْمُوَافِقِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} 6، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ مَنْ سَقَطَ عَنْهُ النُّطْقُ فِي الصَّلاةِ لِعُذْرٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ. خِلافًا لِلْقَاضِي مِنْ أَصْحَابِنَا. وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ7، لِوُجُوبِهِ ضَرُورَةً كَجُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ فِي الصَّوْمِ، وَشُرُوطِ الصَّلاةِ8.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيَتَوَجَّهُ الْخِلافُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُسْتَحَبُّ فِي قَوْلِ مَنْ اسْتَحَبَّ غَسْلَ مَوْضِعِ الْقَطْعِ فِي الطَّهَارَةِ9. وَكَذَا إمْرَارُ الْمُوسَى فِيمَنْ

1 يشترط لوجوب المقدمة عند الجمهور شرطان: أن يكون الواجب مطلقاً، أي غير معلق على حصول ما يتوقف عليه، وإن تكون المقدمة في مقدور المكلف، وهذا ما أشار إليه المصنف. "انظر: نهاية السول 1/ 123، 124".

2 انظر: مختصر الطوفي ص24، الروضة ص19، المستصفى 1/ 71، حاشية البناني وتقرير الشربيني 1/ 192، العضد على ابن الحاجب 1/ 245، نهاية السول 1/ 124.

3 هذا جزء من حديث صحيح رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة، ومعنى "إذا أمرتكم بأمر فأئتوا منه" أي وجوباً في الواجب، وندباً في المندوب، ما استطعتم: أي ما أطلقتم، لأن فعله هو إخراجه من العدم إلى الوجود، وذلك يتوقف على شرائط وأسباب كالقدرة على الفعل. "انظر: صحيح مسلم 2/ 975، سنن ابن ماجة 1/ 3، فيض القدير: 3/ 563، سنن السنائي 5/ 83، مسند أحمد 2/ 247".

4 في ز: بقي.

5 ساقطة من ش.

6 الآية 16 من التغابن.

7 انظر: المغني لابن قدامة 1/ 350.

8 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 111.

9 انظر: المغني 1/ 19.

ص: 361

لا شَعْرَ لَهُ1، وَرُدَّ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي "عُمْدَةِ الأَدِلَّةِ": يُمِرُّ الْمُوسَى. وَلا يَجِبُ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَشَيْخُنَا2. وَأَمَّا كَلامُ أَحْمَدَ: فَخَارِجٌ مَخْرَجَ الأَمْرِ، لَكِنَّهُ حَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى النَّدْبِ. انْتَهَى كَلامُ ابْنِ مُفْلِحٍ3.

وَلَنَا فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ شَبِيهَةٌ بِذَلِكَ. كَوُجُوبِ الْقِيَامِ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِعِلَّةٍ فِي ظَهْرِهِ وَوَاجِدٍ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ لِطَهَارَتِهِ مِنْ الْمَاءِ4، وَبَعْضِ صَاعٍ فِي5 الْفِطْرَةِ6.

وَرُبَّمَا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ فُرُوعٌ، الرَّاجِحُ فِيهَا خِلافُ ذَلِكَ، لِمَدَارِكَ فِقْهِيَّةٍ، مَحَلُّهَا الْفِقْهُ7.

1 وذلك للتحلل من الإحرام بالحلق في الحج والعمرة. "انظر: المغني 3/ 388".

2 جاء في هامش ب: يعني به الشيخ تقي الدين إن كان من تتمة كلام ابن المفلح، والقاضي إن كان من كلام ابن عقيل، لأن القاضي أبا يعلى شيخه.

3 لعل كلام ابن مفلح في "أصوله" المخطوط، وانظر عدم لزوم القراءة وتحريك اللسان عن المعذور في "الفروع 1/ 417".

4 انظر: المغني 1/ 175.

5 في ش: من.

6 يقول ابن اللحام: وضابطه "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" إما أن يكون بالأداء لتبرأ الذمة، أو بالاجتناب ليحصل ترك الحرام، إذ تركه واجب. "القواعد والفوائد الأصولية ص104"، وانظر:"الروضة ص20، نهاية السول 1/ 127، البدخشي 1/ 126".

7 انظر أمثلة عنها في كتاب "القواعد والفوائد الأصولية، لابن اللحام البعلي ص94 وما بعدها، التمهيد ص16، مختصر الطوفي ص24، المسودة ص65".

ص: 362