الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل العبادة والوقت
…
"فَصْلٌ""الْعِبَادَةُ إنْ لَمْ يُعَيَّنْ وَقْتُهَا" أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا1 وَقْتٌ مُعَيَّنٌ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ2،"لَمْ تُوصَفْ بِأَدَاءٍ وَلا قَضَاءٍ وَلا إعَادَةٍ" كَالنَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ، مِنْ صَلاةٍ وَصَوْمٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا، وَلا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا لَهَا سَبَبٌ، كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَسُجُودِ التِّلاوَةِ، أَوْ لا سَبَبَ لَهَا3.
وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: قَدْ4 تُوصَفُ مَا لَهَا سَبَبٌ بِالإِعَادَةِ. كَمَنْ أَتَى بِذَاتِ السَّبَبِ مَثَلاً مُخْتَلَّةً5، فَتَدَارَكَهَا حَيْثُ يُمْكِنُ التَّدَارُكُ6.
"وَإِنْ عُيِّنَ" وَقْتُهَا7 "وَلَمْ يُحَدَّ، كَحَجٍّ وَكَفَّارَةٍ" وَزَكَاةِ مَالٍ، لا فِطْرَةٍ "تُوصَفُ بِأَدَاءٍ فَقَطْ" أَيْ دُونَ قَضَاءٍ، لأَنَّ وَقْتَ ذَلِكَ غَيْرُ مَحْدُودِ الطَّرَفَيْنِ8.
وَ "الْقَضَاءُ" فِعْلُ الْوَاجِبِ خَارِجَ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا. وَلأَنَّ9 كُلَّ
1 ساقطة من ش ز د.
2 قسم علماء الأصول الواجب باعتبار الوقت إلى قسمين: واجب مؤقت وواجب مطلق عن التوقيت، ثم قسموا الواجب المؤقت إلى أنواع، وهذا ما تناوله المصنف بالبيان.
3 كالصلاة المطلقة والأذكار المطلقة. "انظر: نهاية السول 1/ 84، البناني وشرح جمع الجوامع 1/ 109، العضد على ابن الحاجب 1/ 233، الأشباه والنظائر، السيوطي ص395".
4 في ع: وقد.
5 في ش: مختلفة.
6 انظر: نهاية السول 1/ 84، فواتح الرحموت 1/ 85، وانظر ما يوصف بالأداء والقضاء، وما لا يوصف به في "الأشباه والنظائر، للسيوطي ص395 وما بعدها".
7 الوقت هو الزمن المقدر شرعاً مطلقاً، أي موسعاً "شرح جمع الجوامع 1/ 109".
8 انظر: كشف الأسرار 1/ 146، المستصفى 1/ 95، مناهج العقول للبدخشي 1/ 81، حاشية الجرجاني على شرح العضد 1/ 233، شرح تنقيح الفصول ص275.
9 هكذا في جميع النسخ، ولعل الأصح: لأن.
وَقْتٍ مِنْ الأَوْقَاتِ الَّتِي يُؤَخَّرُ فِعْلُهَا إلَيْهِ هُوَ مُخَاطَبٌ بِالْفِعْلِ فِيهِ. وَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ. فَلَوْ قُلْنَا: إنَّ أَدَاءَهَا فِي الْوَقْتِ الثَّانِي بَعْدَ تَأْخِيرِهَا قَضَاءٌ، لَزِمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَمَا بَعْدَهُمَا1.
"وَإِطْلاقُ الْقَضَاءِ فِي حَجٍّ فَاسِدٍ لِشَبَهِهِ2 بِمَقْضِيٍّ" فِي اسْتِدْرَاكِهِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا شَرَعَ فِيهِ وَتَلَبَّسَ بِأَفْعَالِهِ تَضَيَّقَ الْوَقْتُ عَلَيْهِ3. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ تَلَبَّسَ بِأَفْعَالِ الصَّلاةِ، مَعَ أَنَّ الصَّلاةَ وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ4.
وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ: أَنْتُمْ قُلْتُمْ: إنَّ5 الْحَجَّ لا يُوصَفُ بِالْقَضَاءِ، وَقَدْ6 وَصَفْتُمُوهُ هُنَا؟
"وَفِعْلُ صَلاةٍ بَعْدَ تَأْخِيرِ قَضَائِهَا لا يُسَمَّى قَضَاءَ الْقَضَاءِ" لِتَسَلْسُلِهِ وَهُوَ مُمْتَنَعٌ7.
1 انظر كشف الأسرار 1/ 147، وفي ز ع ب ض: بعده.
2 في ش: يشبه.
3 الأن الأصل أن وقت الحج هو العمر كله، لكنه تضيق وقته بالشروع، "انظر: تيسير التحرير 2/ 200، فواتح الرحموت 1/ 85، التمهيد ص9، نهاية السول: 1/ 85، شرح تنقيح الفصول ص73، الأشباه والنظائر، للسيوطي ص396".
4 قال الإسنوي: "إذا أحرم بالصلاة وأفسدها، ثم أتى بها في الوقت فإنه يكون قضاء، يترتب عليه جميع أحكام القضاء، لفوات وقت الإحرام بها، لأجل امتناع الخروج، نص على ذلك القاضي حسين في "تعليقه" والمتولي في "التتمة" والرُوْياني في "البحر" في باب صفة الصلاة""نهاية السول 1/ 85" وقال أيضاً: "وسببه أن وقت الإحرام بها قد فات، والدليل عليه: أنه لو أراد الخروج منها لم يجز على المعروف، وخالفهم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، فجزم بأنها تكون أداء""التمهيد ص9-10" وانظر: "اللمع ص9، تيسير التحرير 1/ 200، الأشباه والنظائر، للسيوطي ص396، الفروع، ابن مفلح 3/ 139".
5 ساقطة من ش.
6 في ش د ع: فقد.
7 انظر: مختصر الطوفي ص34، الروضة ص32، المستصفى 1/ 96، تيسير التحرير 2/ 198.
"وَإِنْ حُدَّ" وَقْتُ الْعِبَادَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَصَلاةِ الظُّهْرِ "وُصِفَتْ بِالثَّلاثَةِ" الَّتِي هِيَ الأَدَاءُ، وَالْقَضَاءُ، وَالإِعَادَةُ1؛ لأَنَّهَا إنْ فُعِلَتْ فِي وَقْتِهَا كَانَتْ أَدَاءً، وَإِنْ فُعِلَتْ بَعْدَهُ كَانَتْ قَضَاءً وَإِنْ تَكَرَّرَ فِعْلُهَا كَانَتْ مُعَادَةً2، "سِوَى جُمُعَةٍ" فَإِنَّهَا تُوصَفُ بِالأَدَاءِ وَالإِعَادَةِ إذَا3 حَصَلَ فِيهَا خَلَلٌ وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهَا فِي وَقْتِهَا، وَلا تُوصَفُ بِالْقَضَاءِ، لأَنَّهَا إذَا فَاتَتْ صُلِّيَتْ ظُهْرًا.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا. "فَالأَدَاءُ: مَا فُعِلَ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ أَوَّلاً شَرْعًا"4.
فَقَوْلُنَا "مَا فُعِلَ" جِنْسٌ لِلأَدَاءِ وَغَيْرِهِ.
وَقَوْلُنَا "فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ5" يَخْرُجُ الْقَضَاءُ وَمَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ وَقْتٌ كَإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ إذَا ظَهَرَ. وَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ إذَا وُجِدَ. وَالْجِهَادِ إذَا تَحَرَّكَ الْعَدُوُّ وَالنَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ، وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَسُجُودِ التِّلاوَةِ.
1 زاد الشافعية قسماً رابعاً وهو التعجيل، وذلك في الحالات التي أجاز الشارع فيها أداء الواجب قبل وقته، مثل إخراج زكاة الفطر قبل انتهاء رمضان، ودفع الزكاه قبل حولان الحول. "انظر: نهاية السول 1/ 84، القواعد الكبرى، للعز بن عبد السلام 1/ 241، التلويح على التوضيح 2/ 191، حاشية الجرجاني 1/ 234، الأشباه والنظائر، للسيوطي ص395-402، الفروق 1/ 196 وما بعدها".
2 الإعادة: هي تكرار العبادة في الوقت لعذر، وسيذكر المصنف تعريف الإعادة فيما بعد ص368.
3 في ز ع ب ض: إن.
4 انظر تعريف الأداء في "التمهيد ص9، التعريفات ص13، مختصر الطوفي ص33، الروضة ص31، كشف الأسرار 1/ 134، المستصفى 1/ 95، فواتح الرحموت 1/ 85، البدخشي 1/ 81، نهاية السول 1/ 84، مختصر ابن الحاجب 1/ 232، شرح تنقيح الفصول ص72".
5 يكتفي في الصلاة بوقوع أول الواجب في الوقت، مثل تكبيرة الإحرام عند الحنفية والراجح عند الحنابلة، والركعة الأولى من الصلاة عند الجمهور، لحديث الصحيحين:"من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة". "انظر: فواتح الرحموت 1/ 85، حاشية البناني 1/ 108، تيسير التحرير 2/ 198، حاشية الجرجاني على شرح العضد 1/ 234، فيض القدير 6/ 44، روضة الطالبين، للنووي 1/ 183، الفروع، لابن مفلح 1/ 305، سنن الدارمي 1/ 277، فتح الباري 2/ 38، صحيح مسلم 1/ 423، الموطأ 1/ 105".
وَقَوْلُنَا "أَوَّلاً" لِيَخْرُجَ مَا فُعِلَ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا، لَكِنَّهُ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي قُدِّرَ لَهُ أَوَّلاً شَرْعًا، كَالصَّلاةِ إذَا ذَكَرَهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، أَوْ اسْتَيْقَظَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، لِقَوْلِهِ1 صلى الله عليه وسلم:"مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا. فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا" 2، فَإِذَا فَعَلَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَهُوَ وَقْتٌ ثَانٍ، لا أَوَّلُ3. فَلَمْ يَكُنْ أَدَاءً.
وَيَخْرُجُ بِهِ أَيْضًا: قَضَاءُ الصَّوْمِ، فَإِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهُ وَقْتًا مُقَدَّرًا، لا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ. وَهُوَ مِنْ حِينِ الْفَوَاتِ إلَى رَمَضَانَ السَّنَةِ الآتِيَةِ، فَإِذَا فَعَلَهُ كَانَ قَضَاءً، لأَنَّهُ فَعَلَهُ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ4 لَهُ ثَانِيًا، لا أَوَّلاً5.
وَقَوْلُنَا "شَرْعًا" لِيَخْرُجَ مَا قُدِّرَ لَهُ وَقْتٌ لا بِأَصْلِ الشَّرْعِ، كَمَنْ ضَيَّقَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ –لِعَارِضِ6-[الْوَقْتِ] 7 الْمُوَسَّعِ8، إنْ لَمْ يُبَادِرْ9.
1 في ع ض: كقوله.
2 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وأحمد عن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك مرفوعاً بألفاظ مختلفة. "انظر: صحيح البخاري مع شرح السندي 1/ 122، صحيح مسلم 1/ 477، سنن أبي داود، 1/ 175، سنن ابن ماجة 1/ 227، التيسير بشرح الجامع الصغير 2/ 445، فيض القدير 6/ 230، 231، سنن النسائي 1/ 236، مسند أحمد 3/ 31، سنن الدارمي 1/ 280".
3 هذا الشرح على اعتبار "أولاً" حالا من "وقته المقدر"، ويصح أنْ تكون حالاً من "فعل" أي ما فعل أولاً في الوقت المقدر، لتخريج الإعادة، كما لو صلى الظهر في وقته، ثم صلاه مرة ثانية، فالفعل الأول أداء، والثاني إعادة. "انظر: نهاية السول 1/ 84، العضد على ابن الحاجب 1/ 232، وانظر تعريف المصنف للإعادة –فيما بعد- وأنه قيدها بالفعل ثانياً ص368".
4 في ز: المقدور.
5 انظر: التمهيد ص9، نهاية السول 1/ 84، العضد على ابن الحاجب 1/ 233.
6 في ش: لعارض هبة، وفي ز ع ب ض: ظنه.
7 في جميح النسخ: الفوات
8 ساقطة من ش ع ز ب.
9 وكذا لو قدر الوقت من الحاكم، كما لو حَدَّد شهر رمضان لدفع الزكاة، فإنّ هذا الوقت المقدر ليس من قبل الشارع، ويسمى فعلُ المكلف أداء، سواء دفع الزكاة في الوقت أم خارجه.
"انظر: تيسير التحرير 2/ 198، البدخشي 1/ 81، شرح العضد على ابن الحاجب 1/ 233".
"وَالْقَضَاءُ: مَا فُعِلَ بَعْدَ وَقْتِ الأَدَاءِ"1 عَلَى2 قَوْلِ الْجُمْهُورِ "وَلَوْ" كَانَ التَّأْخِيرُ "لِعُذْرٍ" سَوَاءٌ "تَمَكَّنَ مِنْهُ" أَيْ مِنْ فِعْلِهِ فِي وَقْتِهِ "كَمُسَافِرٍ" يُفْطِرُ "أَوْ لا" أَيْ3 أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْفِعْلِ فِي وَقْتِهِ، "لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَحَيْضٍ" وَنِفَاسٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْفِعْلِ شَرْعًا مَعَ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، "أَوْ" لِمَانِعٍ "عَقْلِيٍّ، كَنَوْمٍ لِوُجُوبِهِ" أَيْ وُجُوبِ فِعْلِ الْعِبَادَةِ "عَلَيْهِمْ" وَهُوَ الصَّوْمُ حَالَةَ وُجُودِ الْعُذْرِ، وَهُوَ السَّفَرُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ.
وَحَيْثُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ مَعَ وُجُودِ الْعُذْرِ، كَانَ فِعْلُهُ بَعْدَ زَوَالِهِ قَضَاءً لِخُرُوجِ وَقْتِ الأَدَاءِ، وَكَوْنُهُ قَضَاءً مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ حَالَ الْعُذْرِ4.
1 انظر تعريف القضاء في "التمهيد ص90، مختصر الطوفي ص33، التعريفات ص185، الروضة ص31، كشف الأسرار 1/ 135، شرح تنقيح الفصول ص73، المستصفى 1/ 95، فواتح الرحموت 1/ 85، مناهج العقول، للبدخشي 1/ 82، نهاية السول 1/ 85، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 111، للمع ص9".
2 في ز ع ب: وعلى.
3 في ع ب ض: يعني.
4 يرى بعض العلماء أن فعل الواجب إذا فات لعذر لا يسمى قضاء، لعدم وجوبه عليهم حال العذر، بدليل عدم عصيانهم لو ماتوا فيه، ويرد عليهم أن نية القضاء واجبة، وأن السيدة عائشة قالت:"كنا نحيضُ فنؤمر بقضاء الصوم" وأن العباداة تثبت في الذمة كالدين، ومن ثم يجب قضاؤها، وهو قضاء حقيقي أو مجازي علىقولين، وقال القرافي: لا يشترط في القضاء تقديم الوجوب، بل تقديم سببه. "انظر: مختصر الطوفي ص33، الروضة ص32، الإحكام لابن حزم 1/ 306، 283، 301، الإحكام، الآمدي 1/ 109، 110، شرح تنقيح الفصول ص74، القواعد والفوائد الأصولية ص31، المستصفى 1/ 96، فواتح الرحموت 1/ 85، البدخشي 1/ 83، نهاية السول 1/ 86، تيسير التحرير 2/ 199، حاشية البناني 1/ 112، شرح العضد على ابن الحاجب 1/ 233".
وَإِطْلاقُ الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ عَلَى الْمُؤَدَّى وَالْمَقْضِيِّ، مِنْ إطْلاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ. وَقَدْ اشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ، حَتَّى صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً.
"وَعِبَادَةُ صَغِيرٍ" لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ "لا تُسَمَّى قَضَاءً" إجْمَاعًا1، "وَلا أَدَاءً" عَلَى الصَّحِيحِ، لأَنَّ الصَّغِيرَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ عِبَادَةٌ، حَتَّى تُقْضَى2.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "فُرُوعِهِ": تَصِحُّ الصَّلاةُ مِنْ مُمَيِّزٍ نَفْلاً، وَيُقَالُ: لِمَا فَعَلَهُ: 3 صَلاةُ كَذَا. وَفِي"3 "التَّعْلِيقِ" مَجَازاً4. اهـ.
"وَالإِعَادَةُ: مَا فُعِلَ" أَيْ فِعْلُ5 مَا فُعِلَ مِنْ الْعِبَادَةِ "فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ" أَيْ الْمَحْدُودِ الطَّرَفَيْنِ، "ثَانِيًا" أَيْ بَعْدَ فِعْلِهِ أَوَّلاً "مُطْلَقًا"6 أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الإِعَادَةُ لِخَلَلٍ فِي الْفِعْلِ الأَوَّلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ: لَوْ صَلَّى الصَّلاةَ فِي وَقْتِهَا صَحِيحَةً، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَصَلَّى. فَإِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ تُسَمَّى مُعَادَةً عِنْدَ الأَصْحَابِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ7 خَلَلٍ وَلا عُذْرٍ8.
"وَالْوَقْتُ" الْمُقَدَّرُ:
1 في ش: وجوباً.
2 في ش ز د: يقضي.
3 في ش: كذا صلاة وكذا في.
4 الفروع: 1/ 290-291، وانظر الفروع أيضاً: 2/ 18، في ش ز: مجاز، وكذا في الفروع.
5 ساقطة من د. وفي ش: نقل.
6 انظر: التمهيد ص9، مختصر الطوفي ص33، الروضة ص31، المستصفى 1/ 95، فواتح الرحموت 1/ 85، تيسير التحرير 1/ 199، حاشية البناني 1/ 117، شرح تنقيح الفصول ص86.
7 ساقطة من ش.
8 خالف الحنفية في هذا القول، وقيدوا الإعادة بحالة الخلل في الفعل الأول دون العذر، بينما ذكر الجمهور من العذر طلب الفضيلة في صلاة الجماعة مثلاً. "انظر: فواتح الرحموت 1/ 85، مناهج العقول للبدخشي 1/ 83، تيسير التحرير 2/ 199، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 118، شرح العضد 1/ 233".
- "إمَّا" أَنْ يَكُونَ 1 بِقَدْرِ الْفِعْلِ"1 كَصَوْمِ" رَمَضَانَ "فَـ" ـهُوَ الْوَقْتُ "الْمُضَيَّقُ".
- "أَوْ" أَنْ يَكُونَ "أَقَلَّ، فَـ2" ـهُوَ "مُحَالٌ" أَيْ فَالتَّكْلِيفُ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ، نَحْوِ إيجَابِ صَلاةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، وَنَحْوِهِ3.
- "أَوْ" أَنْ يَكُونَ الْمُقَدَّرُ لِلْعِبَادَةِ "أَكْثَرَ" مِنْ وَقْتِ فِعْلِهَا "فَـ" ـهُوَ "الْمُوَسَّعُ" كَالصَّلَوَاتِ الْمُؤَقَّتَةِ4، "فَيَتَعَلَّقُ" الْوُجُوبُ "بِجَمِيعِهِ5" أَيْ جَمِيعِ الْوَقْتِ "مُوَسَّعًا أَدَاءً" عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَكْثَرِ6 الْمُتَكَلِّمِينَ7.
"وَيَجِبُ الْعَزْمُ" 8 عَلَى بَدَلِ"8 الْفِعْلِ أَوَّلَ الْوَقْتِ "إذَا أُخِّرَ" 9. "وَيَتَعَيَّنُ" الْفِعْلُ "آخِرَهُ" أَيْ آخِرَ الْوَقْتِ.
1 في ش بتقدير فعل.
2 في ش: و.
3 التكليف بالمحال جائز عند بعض العلماء كما سبق، أما الذين منعوا التكليف بالمحال فقالوا يجوز في الحالة المذكورة أعلاه، إذا كان لغرض التكميل خارج الوقت، كوجوب الظهر عند من زال عذره في آخر الوقت، كالجنون والحيض والصبا، وقد بقي مقدار تكبيرة، خلافاً لزفر من الحنفية. "انظر: نهاية السول 1/ 112، مناهج العقول 1/ 108، كشف الأسرار 1/ 215".
4 انظر: تخريج الفروع على الأصول ص31، مختصر الطوفي ص21، الروضة ص18، المدخل إلى مذهب أحمد ص60، القواعد والفوائد الأصولية ص69، شرح جمع الجوامع 1/ 187.
5 في ز: جميعه.
6 في ز ع ب ض: والأكثر من.
7 انظر: مختصر ابن الحاجب 1/ 241، الإحكام، الآمدي 1/ 105، المدخل إلى مذهب أحمد ص60، مختصر الطوفي ص21، نهاية السول 1/ 112، اللمع ص9، القواعد والفوائد الأصولية ص70، حاشية البناني 1/ 187، المسودة ص26، 28، تخريج الفروع على الأصول ص31.
8 ساقطة من ش: ويوجد مكانها: به قبل، وفي ز ب ض: يدل الفعل، وعلى هامش ب: على الفعل.
9 اشترط أكثر الحنابلة والمالكية والشافعية والجبائي وابنه من المعتزلة وجوب العزم على بدل =
"وَيَسْتَقِرُّ وُجُوبُ" فِعْلِ الْعِبَادَةِ "بِأَوَّلِهِ" أَيْ أَوَّلِ وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ1، لأَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ، وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَدَائِهَا فِيهِ2، فَلَوْ طَرَأَ مَانِعٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ لَزِمَ الْقَضَاءُ عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ.
وَقَالَ قَوْمٌ: يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ. فَإِنْ أُخِّرَتْ عَنْهُ: صَارَتْ قَضَاءً3.
وَقَالَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ: يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِآخِرِ الْوَقْتِ4. زَادَ الْكَرْخِيُّ: أَوْ
= الفعل لتمييزه عن المندوب الذي يجوز تركه مطلقاً، أما الواجب الموسع فلا يجوز تركه في أول الوقت إلا بشرط الفعل بعده أو العزم على الفعل، وما جاز تركه بشرط فليس بندب كالواجب المخير أيضاً. "انظر: الروضة ص18، مختصر الطوفي ص21، الإحكام، الآمدي 1/ 106، القواعد والفوئد الأصولية ص70، كشف الأسرار 1/ 220".
ولم يشترط العزم على الفعل أبو الخطاب ومجد الدين بن تيمية من الحنابلة، وأبو الحسين البصري من المعتزلة، والإمام الرازي وأتباعه وابن السبكي من الشافعية، وابن الحاجب من المالكية، "انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص60، الإحكام، الآمدي 1/ 105، نهاية السول 1/ 112، مناهج العقول 1/ 109، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 1/ 241، حاشية البناني: 1/ 188، فواتح الرحموت 1/ 47، المسودة 28، المجموع، للنووي 3/ 49".
1 قال البعلي: ونعني بالاستقرار وجوب القضاء، ثم ذكر أمثلة من الفروع الفقهية لذلك "القواعد الفوائد الأصولية ص71 وما بعدها، وانظر: المسودة ص29، المجموع، للنووي 3/ 47".
2 في أول الوقت "انظر: القواعد والفوئد الأصولية ص71، الروضة ص18، تيسير التحرير 2/ 189، 191، 193، أصول السرخسي 1/ 31".
3 وهو قول بعض الشافعية وبعض الحنفية العراقيين. "انظر: الإحكام، للآمدي 1/ 105، فواتح الرحموت 1/ 74، شرح جمع الجوامع 1/ 188، القواعد والفوائد الأصولية ص71، تيسير التحرير 2/ 191 نهاية السول 1/ 114، مختصر ابن الحاجب 1/ 241".
4 وهذا ما نقله السرخسي عن العراقيين فقال: وأكثر العراقيين من مشايخنا يقولون: الوجوب لا يثبت في أول والوقت، وإنما يتعلق الوجوب بآخر الوقت، "أصول السرخسي 1/ 31".وانظر: تخريج الفروع على الأصول ص31.
بِالدُّخُولِ فِيهَا1.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ - بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ-: إنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِهِ. وَزِيَادَةُ الْكَرْخِيِّ: بِالدُّخُولِ. فَإِنْ قَدَّمَهُ فَنَفْلٌ يُسْقِطُ الْفَرْضَ، وَأَكْثَرُهُمْ قَالَ2: إنْ بَقِيَ مُكَلَّفًا، فَمَا قَدَّمَهُ وَاجِبٌ. وَعِنْدَهُمْ إنْ طَرَأَ مَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ فَلا وُجُوبَ3. انْتَهَى.
وَلَنَا عَلَى الأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى: {أَقِمْ الصَّلاةَ-الآيَةَ} 4، قُيِّدَ5: بِجَمِيعِ وَقْتِهَا. لأَنَّ جِبْرِيلَ أَمَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم 6 أَوَّلَ الْوَقْتِ"6 وَآخِرَهُ. وَقَالَ لَهُ7:
1 الواقع أن للحنفية رأيين، فقال بعض الحنفية العراقيين: ليس كل الوقت وقتاً للواجب بل آخره، فإن قدمه فنفل يسقط به المرض، وهذا ما ذكره المصنف أعلاه، وقال الأنصاري في شرح مسلم الثبوت: ونسب هذا القول للحنفية، وهذه النسبة غلط، وقال أكثر الحنفية: إذا كان الواجب موسعاً فجميع الوقت لأدائه، وأن سبب الوجوب هو الجزء الأول من الوقت إن اتصل به الأداء، وإلا انتقل إلى ما يليه، وإلا تعين الجزء الأخير. "انظر: فواتح الرحموت 1/ 73، 74، تيسير التحرير 2/ 189، التوضيح على التنقيح 2/ 205، أصول السرخسي 1/ 30، 32، 33، كشف الأسرار 1/ 215، 219، وانظر: الإحكام، للآمدي 1/ 105، المدخل إلى مذهب إحمد ص60، نهاية السول 1/ 114، شرح تنقيح الفصول ص150، شرح تنقيح الفصول ص150".
2 ساقطة من ش ز ع ب ض.
3 قال الكمال بن الهمام: فلو كانت طاهرة أول الوقت فلم تُصلِ حتى حاضت اخره لا قضاء عليها "تيسير التحرير 2/ 192، 194، وانظر: القواعد والفوائد الأصولية ص71، نهاية السول 1/ 114، فواتح الرحموت 1/ 74، مناهج العقول 1/ 111 وبعدها، كشف الأسرار 1/ 216، أصول السرخسي 1/ 31، جمع الجوامع 1/ 189".
4 الآية 78 من الأسراء، وهي {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} .
5 في ش د ع: قيل.
6 في ز ع ب: أوله.
7 ساقطة من ز: وفي ع ب: وقال: الوقت ما بينهما، وقاله له جبريل أيضاً عليه الصلاة والسلام.
"الْوَقْتُ مَا بَيْنَهُمَا"1. وَلأَنَّهُ لَوْ تَعَيَّنَ لِلْفِعْلِ جُزْءٌ مِنْ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ الْفِعْلُ قَبْلَهُ، وَيَكُونُ2 الْفِعْلُ بَعْدَهُ قَضَاءً. فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ، وَهُوَ خِلافُ الإِجْمَاعِ3.
"وَمَنْ أَخَّرَ" الْفِعْلَ فِي الْوَقْتِ الْمُوَسَّعِ "مَعَ ظَنِّ مَانِعٍ" مِنْهُ "كَعَدَمِ الْبَقَاءِ4" بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَتَّسِعُ لِلْفِعْلِ فِيهِ "أَثِمَ" إجْمَاعًا، لِتَضْيِيقِهِ عَلَيْهِ بِظَنِّهِ5.
"ثُمَّ إنْ بَقِيَ" مِنْ ظَنِّ عَدَمِ الْبَقَاءِ "فَفَعَلَهَا" أَيْ فَعَلَ الْعِبَادَةَ "فِي وَقْتِهَا
1 هذا الحديث رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم عن ابن عباس مرفوعاًً، ورواه الإمام أحمد عن جابر مرفوعاً. "انظر: صحيح البخاري 1/ 101، سنن أبي داود 1/ 161، سنن الترمذي مع تحفة الأحوذي 1/ 464، سنن النسائي 1/ 197، 209، المستدرك 1/ 193، نيل الأوطار 1/ 351"، قال الطوفي: النص قُيَّد بجميع الوقت، فتخصيص بعضه بالإيجاب تحكم "مختصر الطوفي ص21"، وفي ز: وقاله جبريل أيضاً عليه السلام.
2 في ش: ويكره.
3 قال البدخشي: ثم حقيقة الموسع ترجع إلى المخير بالنسبة إلى الوقت، كأن قيل للمكلف: افعل إما في أول الوقت أو وسطه أو آخره، فهو مخير في الإتيان به في أول جزء منها "منهاج العقول 1/ 109" وهو ما صرح به البزدوي والسرخسي "كشف الأسرار 1/ 220، 229، أصول السرخسي 1/ 33"، وانظر:"الروضة ص18، الإحكام، الآمدي 1/ 108، نهاية السول 1/ 115، مختصر ابن الحاجب 1/ 242، تخريج الفروع على الأصول ص31، شرح تنقيح الفصول ص150".
4 في ش: البناء.
5 كما لو كان محكوماً عليه بالقتل، وأن التنفيذ سيتم في ساعة معينة، وكما لو كانت المرأة تعرف أن عادتها تأتيها في ساعة معينة من الوقت، فيتضيق الوقت عليهما، "انظر: جمع الجوامع 1/ 190، مختصر ابن الحاجب 1/ 243، نهاية السول 1/ 87، فواتح الرحموت 1/ 86، الإحكام، الآمدي 1/ 109، القواعد والفوائد الأصولية ص82، المستصفى 1/ 95، الروضة صي31، تيسير التحرير 2/ 200، مختصر الطوفي ص23، التمهيد ص10، الفروع، ابن المفلح 1/ 293".
فَـ" ـهِيَ "أَدَاءٌ" عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ لِبَقَاءِ الْوَقْتِ. وَلا يُلْتَفَتُ إلَى ظَنِّهِ الَّذِي بَانَ خَطَؤُهُ.
"وَمَنْ لَهُ تَأْخِيرٌ" فَمَاتَ1 قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهَا فَإِنَّهَا "تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ" عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ، لأَنَّهَا لا تَدْخُلُهَا2 النِّيَابَةُ فَلا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهَا فِي الذِّمَّةِ، بِخِلافِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ3، "وَلَمْ يَعْصِ" بِالتَّأْخِيرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ4. وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا، لأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ. وَاعْتِبَارُ سَلامَةِ الْعَاقِبَةِ مَمْنُوعٌ لأَنَّهُ غَيْبٌ5.
"وَمَتَى طُلِبَ6" أَيْ طُلِبَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ "مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِالذَّاتِ، أَوْ مِنْ مُعَيَّنٍ كَالْخَصَائِصِ" النَّبَوِيَّةِ7. قَالَ الإِمَامُ8 أَحْمَدُ: رضي الله عنه: خُصَّ
1 في هامش ب: كمن به سَلَسُ بول مثلاً ومستحاضة، وانظر أمثلة أخرى في "القواعد والفوائد الأصولية ص76".
2 في ش: تسقطها.
3 انظر حكم هذه المسألة، مع بيان الأحكام التي تدخلها النيابة في "التمهيد ص11، الإحكام، الآمدي 1/ 149، شرح جمع الجوامع 1/ 191، روضة الطالبين للنووي 1/ 183، الفروع، لابن مفلح 1/ 293، تخريج الفروع على الأصول ص60".
4 تدخل هذه المسألة في القاعدة الأصولية وهي "الأمر الذي أريد به التراخي، إذا مات المأمور به بعد تمكنه منه وقبل الفعل" لم يمت عاصياً عند الجمهور، وقال قوم يموت عاصياً، واختاره الجويني وأبو الخطاب، "انظر: القواعد والفوائد الأصلية ص76، المسودة ص41، الفروع 1/ 293"، وفي ز: جماهير العلماء.
5 انظر رأي الجمهور في "مختصر الطوفي ص23، الروضة ص19، الإحكام، للآمدي 1/ 191، المدخل إلى مذهب أحمد ص60، مختصر ابن الحاجب 1/ 243، المستصفى 1/ 70، شرح جمع الجوامع 1/ 191" والمراجع السابقة.
6 في ش د: طلب.
7 في ز: أي خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
8 في ش د: إمامنا.
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِواجَبَاتٍ1 وَمَحْظُورَاتٍ وَمُبَاحَاتٍ وَكَرَامَاتٍ2، "فَـ" إنْ كَانَ الطَّلَبُ "مَعَ جَزْمٍ" كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصِيَامِ3 رَمَضَانَ. فَالْمَطْلُوبُ "فَرْضُ عَيْنٍ4. وَ" إنْ كَانَ الطَّلَبُ "بِدُونِهِ" أَيْ بِدُونِ جَزْمٍ، كَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَصَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ، فَالْمَطْلُوبُ "سُنَّةُ عَيْنٍ"5.
"وَإِنْ طُلِبَ الْفِعْلُ" أَيْ حُصُولُهُ "فَقَطْ، فَـ" طَلَبُهُ "مَعَ جَزْمٍ" كَالْجِهَادِ وَنَحْوِهِ "فَرْضُ كِفَايَةٍ6، وَ" طَلَبُ حُصُولِهِ "بِدُونِهِ" أَيْ بِدُونِ جَزْمٍ. كَابْتِدَاءِ السَّلامِ مِنْ جَمْعٍ فَهُوَ "سُنَّةُ كِفَايَةٍ"7.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ فَرْضِ الْعَيْنِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ: أَنَّ 8 فَرْضَ الْعَيْنِ"8 مَا تَكَرَّرَتْ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ، كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا. فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا الْخُضُوعُ لِلَّهِ، وَتَعْظِيمُهُ وَمُنَاجَاتُهُ وَالتَّذَلُّلُ وَالْمُثُولُ9 بَيْنَ يَدَيْهِ. وَهَذِهِ الآدَابُ تُكَرَّرُ10 كُلَّمَا كُرِّرَتْ الصَّلاةُ11.
1 في ش: بموجبات.
2 انظر كتاب الخصائص الكبرى للسيوطي، مطبوع في ثلاثة أجزاء، والشامل للترمذي وغيره.
3 في ز ع ب ض: صوم.
4 سمي فرض عين لأن خطاب الشارع يتوجه إلى كل مكلف بعينه، ولا تبرأ ذمة المكلف منه إلا بأدائه بنفسه.
5 انظر: الفروق 1/ 117.
6 سمي فرض كفاية لأن قيام بعض المكلفين به يكفي للوصول إلى مقصد الشارع في وجود الفعل، ويكفي في سقوط الإثم عن الباقين، مع كونه واجباً على الجميع كما سيأتي. "انظر: التمهيد ص13، نهاية السول 1/ 118".
7 انظر: التمهيد ص13، نهاية السول 1/ 117، حاشية البناني 1/ 182، القواعد والفوائد الأصولية ص186، الفروق 1/ 117.
8 في ش: الأول.
9 في ش: والتضرع.
10 في ش ز: تكثر.
11 في ز: الصلوات.
وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ: مَا لا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ. كَإِنْجَاءِ الْغَرِيقِ، وَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ وَنَحْوِهَا، فَهُمَا مُتَبَايِنَانِ تَبَايُنَ النَّوْعَيْنِ1.
"وَهُمَا" أَيْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، وَسُنَّةُ الْكِفَايَةِ "مُهِمٌّ" أَيْ. أَمْرٌ يُهْتَمُّ بِهِ، "يُقْصَدُ" مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ "حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ2" فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ نَحْوُ الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ.
وَقَوْلُهُ: "مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ - إلَخْ3" مُخْرِجٌ4 لِفَرْضِ الْعَيْنِ وَسُنَّةِ الْعَيْنِ، لأَنَّ مَا مِنْ فِعْلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ إلَاّ5 وَيَنْظُرُ فِيهِ الْفَاعِلُ، حَتَّى يُثَابَ عَلَى وَاجِبِهِ وَمَنْدُوبِهِ، وَيُعَاقَبَ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ - إنْ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ-. وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي كَوْنِ الْمَطْلُوبِ عَيْنًا يُخْتَبَرُ بِهِ الْفَاعِلُ وَيُمْتَحَنُ، لِيُثَابَ أَوْ يُعَاقَبَ. وَالْمَطْلُوبُ عَلَى الْكِفَايَةِ يُقْصَدُ حُصُولُهُ قَصْدًا ذَاتِيًّا، وَقَصْدُ الْفَاعِلِ فِيهِ تَبَعٌ6 لا ذَاتِيٌّ7.
"وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ" وَاجِبٌ "عَلَى الْجَمِيعِ" عِنْدَ الْجُمْهُورِ8. قَالَ الإِمَامُ
1 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص186، الفروق 1/ 116، شرح تنقيح الفصول ص157.
2 المقصود في فرض الكفاية إيقاعُ الفعل مع قطع النظر عن الفاعل. "انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص186، المحلي على جمع الجوامع 1/ 183، تيسير التحرير 2/ 213، الفروق 1/ 117".
3 في ز ع ب ض: بالذات إلى فاعله.
4 في ش: جامع.
5 ساقطة من ش.
6 في ش: يقع.
7 أي من غير نظر بالأصالة والأولية إلى الفاعل، وإنما المنظور إليه أولاً وبالذات هو الفعل والفاعل إنما ينظر إليه تبعاً لضرورة توقف الفعل على فاعل. "انظر حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 183".
8 الواجب الكفائي يتعلق بجميع المكلفين عند الجمهور، فالقادر عليه يقوم بنفسه به، وغير القادر يحثُ غيره على القيام به، لأن الخطاب موجهٌ لكل مكلف، وأن التأثيم يتعلق بالكل عند الترك، لكنه يسقط بفعل البعض لحصول المقصود، وقال الإمام الرازي والبيضاوي والتاج السبكي: إن فرض الكفاية يتعلق بطائفة غير معينة، لأنه لو تعلق بالكل لم سقط إلا بفعل =
أَحْمَدُ رضي الله عنه: الْغَزْوُ وَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ، فَإِذَا غَزَا بَعْضُهُمْ أَجْزَأَ عَنْهُمْ1.
وَقَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي "الأُمِّ": حَقٌّ عَلَى النَّاسِ غُسْلُ الْمَيِّتِ، وَالصَّلاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ، لا يَسَعُ عَامَّتَهُمْ تَرْكُهُ. وَإِذَا قَامَ بِهِ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ أَجْزَأَ عَنْهُمْ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى2.
"وَيَسْقُطُ الطَّلَبُ الْجَازِمُ وَالإِثْمُ" فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ "بِفِعْلِ مَنْ يَكْفِي" رُخْصَةً وَتَخْفِيفًا3، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ4.
"وَيَجِبُ" عَيْنًا "عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لا يَقُومُ بِهِ" أَيْ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ5، لأَنَّ الظَّنَّ مَنَاطُ التَّعَبُّدِ6.
= الكل، وأنه يجوز الأمر لواحد مبهم اتفاقاً، كفوله تعالى:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة / 122]، وهناك أقوال أخرى. "انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص12، 187، نهاية السول 1/ 118، مناهج العقول 1/ 118، فواتح الرحموت 1/ 63، 64، مختصر ابن الحاجب 1/ 234، جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 1/ 184، تيسير التحرير 2/ 213، الروضة ص108، المستصفى 2/ 15، المسودة ص30، شرح تنقيح الفصول ص155"، وفي ض: على وفاق الأمر.
1 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص187، المسودة ص30.
2 الأم 1/ 274.
3 في ش: تحقيقاً.
4 انظر: نهاية السول 1/ 119، فواتح الرحموت 1/ 66، حاشية الجرجاني على شرح العضد 1/ 234، الفروق 1/ 116.
5 كما إذا انحصر الواجب الكفائي بشخص واحد فيصير عليه واجباً عينياً، ويجب عليه القيام به، مثل وجود عالم واحد يصلح للفتوى أو للقضاء، وشاهد واحد في القضية، وطبيب واحد في البلدة، وسباح واحد أمام الغريق، كما ينقلب الواجب الكفائي من جهة أخرى إلى واجب عيني على كل مسلم في بعض الحالات، كالجهاد في سبيل الله، فهو واجب كفائي، ولكن إذا تعرضت بلاد المسلمين للغزو أو الاعتداء أو الاحتلال، فإنه يصبح واجباً عينياً على كل مكلف قادر يستطيع حمل السلاح وحماية الوطن والذود عن حياضه. "انظر: منهاج العقول 1/ 117".
6 وكذلك العكس، فإن غلب على ظن جماعة أن غيرهم يقوم بذلك سقط عنهم، فالتكليف بفرض الكفاية دائر مع الظن. "انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص12، 189، نهاية السول 1/ 118، مناهج العقول 1/ 117، 118، فواتح الرحموت 1/ 63، تيسير التحرير 2/ 214، المسودة ص30، شرح تنقيح الفصول ص156، الفروق 1/ 117".
"وَإِنْ فَعَلَهُ" أَيْ فَعَلَ الْمَطْلُوبَ حُصُولُهُ "الْجَمِيعُ مَعًا" أَيْ غَيْرَ مُرَتَّبٍ "كَانَ فَرْضًا" فِي حَقِّ الْجَمِيعِ لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي تَمْيِيزَ بَعْضِهِمْ1.
"وَفَرْضُ الْعَيْنِ أَفْضَلُ" مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، لأَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ أَهَمُّ، وَلأَجْلِ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الأَعْيَانِ. وَهَذَا قَوْلُ الأَكْثَرِ. وَقِيلَ عَكْسُهُ2.
"وَلا فَرْقَ بَيْنَهُمَا" أَيْ بَيْنَ فَرْضِ الْعَيْنِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ "ابْتِدَاءً"3 قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ4، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي ثَانِي الْحَالِ5، وَهُوَ فَرْقٌ حُكْمِيٌّ6.
1 ولأن فرض الكفاية يتعلق بالجميع، ولترغيب الناس فيه. "انظر: التمهيد ص13، فواتح الرحموت 1/ 64، القواعد والفوائد الأصولية ص189، المستصفى 2/ 15، الروضة ص108، المسودة ص31".
2 وهو قول أكثر الشافعية، ونقل الطويق في شرحه قولين، قال إمام الحرمين: إن القيام بفرض الكفاية أفضل من فرض العين، لأن فاعله ساعٍ في صيانة الأمة كلها عن المأثم، ولا شك في رجحان من حلّ محل المسلمين أحمعين في القيام بمهم من مهمات الدين، خلافاً للتاج السبكي والمحلي وغيرهما الذين قالوا: إن فرض العين أفضل لشدة اعتناء الشارع به لقصده حصوله من كل مكلف. "انظر: التمهيد ص13، المحلي على جمع الجوامع 1/ 183، 184، القواعد والفوائد الأصولية ص188، 189".
3 أي من جهة الوجوب، لشمول حد الواجب لهما "الإحكم، الآمدي 1/ 100".
4 وهو قول الجمهور. "انظر: الإحكام، الآمدي 1/ 100، الروضة ص108، المسودة ص30".
5 أي من جهة الإسقاط، فإن فرض الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، خلافاً لفرض العين، فلا يسقط بفعل البعض، بل لا بد أن يقوم به كل مكلف بعينه. "انظر: الإحسكام، الآمدي 1/ 100، القواعد والفوائد الأصولية ص187".
6 أي من حيث الأثر، لا من حيث الحقيقة والذات. "انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص187"، وفي ض: فرض حكمي.
"وَيَلْزَمَانِ" أَيْ فَرْضُ الْعَيْنِ وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ "بِشُرُوعٍ مُطْلَقًا1" أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ جِهَادًا، أَوْ صَلاةً عَلَى جِنَازَةٍ، أَوْ غَيْرَهُمَا2. قَالَ فِي "شَرْحِ3 التَّحْرِيرِ": فِي الأَظْهَرِ.
وَيُؤْخَذُ4 لُزُومُهُ بِالشُّرُوعِ5 مِنْ6 مَسْأَلَةِ حِفْظِ الْقُرْآنِ. فَإِنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إجْمَاعًا، فَإِذَا حَفِظَهُ إنْسَانٌ7 وَأَخَّرَ تِلاوَتَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى نَسِيَهُ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: مَا أَشَدَّ مَا جَاءَ فِيمَنْ حَفِظَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ8. وَفِيهِ وَجْهٌ يُكْرَهُ9.
1 وهو قول الشافعية بأن يصير فرض الكفاية كفرض العين في وجوب الإتمام على الإصح بجامع الفرضية. وقيل: لا يجب إتمامه، لأن القصد من فرض الكفاية حصوله في الجملة، فلا يتعين حصوله ممن شرع فيه، وقيل: يتعين فرض الكفاية بالشروع في الجهاد وصلاة الجنازة دون غيرهما. "انظر: شرح جمع الجوامع 1/ 185-186، القواعد والفوائد الإصولية ص188".
2 في ب: غيرهما.
3 ساقطة من ش.
4 في ش: يؤخذ من.
5 في ع ب: بالشرع.
6 ساقطة من ش.
7 ساقطة من ش.
8 ويؤخذ اللزوم بالشرع أيضاً من الجهاد، فهو فرض كفاية لقوله تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة / 122] ولكن إذا دخل به إنسان فيحرم عليه التراجع والتوالي، لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال / 15-16] ، فيجب الاستمرار في صف القتال، لما في الانصراف عنه من كسر قلوب الجند. "انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/ 186".
9 قال البعلي بعد كلام الإمام أحمد: وقدمه بعضهم "القواعد والفوائد الإصولية ص118-189".
"وَإِنْ طُلِبَ" شَيْءٌ1 "وَاحِدٌ مِنْ أَشْيَاءَ2، كَخِصَالِ كَفَّارَةِ" يَمِينٍ "وَنَحْوِهَا" 3 كَجَزَاءِ الصَّيْدِ فِي قَوْله تَعَالَى 3: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} 4، وَكَفِدْيَةِ الأَذَى فِي قَوْله تَعَالَى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} 5، وَكَالْجُبْرَانِ فِي الزَّكَاةِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: 6 "شَاتَانِ أَوْ عِشْرُونَ 6 دِرْهَمًا". وَمِثْلُهُ7 الْوَاجِبُ8 فِي الْمِائَتَيْنِ مِنْ الإِبِلِ أَرْبَعُ حِقَاقٍ9، أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ10. وَكَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ11 غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ لِلابِسِ
1 في ش: مفتي.
2 ينقسم الواجب من حيث نوع الفعل المطلوب القيام به إلى قسمين: واجب معين كالصلاة والحج، وواجب مخير أو مبهم، كخصال الكفارة وغيرها. "انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص65، الروضة ص17، المدخل إلى مذهب أحمد ص59، التمهيد ص14، نهاية السول 1/ 96، تيسير التحرير: 2/ 211".
3 في ش د: اية.
4 الآية 95 من المائدة، وفي د تتمة الآية، وهي {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} .
5 الآية 196 من البقرة، وفي ش تتمة الآية، وهي قوله تعالى:{فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} .
6 في ز ب ض: شاتين أو عشرين، وهذا موافق لبعض روايات الحديث، وقد سبق تخريجه ص355.
7 في ز ب ض: ومثل.
8 في ش: كواجب.
9 الحقائق جمع حِقّة من الإبل، وهي التي طبعنت في السنة الرابعة، لأنها استحقت أن يحمل عليها. "المصباح المنير 1/ 224".
10 بنيت اللبون هي بنت الناقة التي دخلت في السنة الثالثة، سميت بذلك لأن أمها ولدت غيرها فصار لها لبن. "المصباح المنير 1/ 845".
11 في ش: من.
الْخُفِّ أَوْ الْمَسْحِ عَلَيْهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ،"فَالْوَاجِبُ وَاحِدٌ لا بِعَيْنِهِ" عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ1.
قَالَ الْبَاقِلَاّنِيُّ: إنَّهُ إجْمَاعُ السَّلَفِ وَأَئِمَّةُ الْفِقْهِ.
"وَيَتَعَيَّنُ" ذَلِكَ الْوَاحِدُ "بِالْفِعْلِ2" ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْفُقَهَاءِ وَالأَشْعَرِيَّةِ، لأَنَّهُ يَجُوزُ3 التَّكْلِيفُ بِذَلِكَ عَقْلاً، كَتَكْلِيفِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ بِفِعْلِ هَذَا الشَّيْءِ أَوْ ذَاكَ4، عَلَى أَنْ يُثِيبَهُ عَلَى أَيِّهِمَا فَعَلَ. وَيُعَاقِبَهُ بِتَرْكِ الْجَمِيعِ. وَلَوْ أَطْلَقَ لَمْ يُفْهَمْ وُجُوبُهُمَا. وَالنَّصُّ دَلَّ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْجَمِيعَ وَلا وَاحِدًا بِعَيْنِهِ؛ لأَنَّهُ خَيَّرَهُ. وَلَوْ أَوْجَبَ التَّخْيِيرَ الجَمِيعِ5 لَوَجَبَ عِتْقُ الْجَمِيعِ، إذَا وَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِ أَحَدِ عَبْدَيْهِ، وَتَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ6 بِالْخَاطِبَيْنِ، إذَا وَكَّلَتْهُ7 فِي التَّزْوِيجِ بِأَحَدِهِمَا8.
وَمُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ: هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْخِصَالِ، وَلا تَخْيِيرَ فِيهِ، لأَنَّهُ وَاحِدٌ، وَلا يَجُوزُ تَرْكُهُ. وَمُتَعَلِّقُ التَّخْيِيرِ خُصُوصِيَّاتُ الْخِصَالِ الَّتِي فِيهَا التَّعَدُّدُ9، وَلا وُجُوبَ فِيهَا. قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ10.
1 انظر: جمع الجوامع 1/ 175، الإحكام، للآمدي 1/ 100، المدخل إلى مذهب أحمد ص60، الروضة ص17، المسودة ص27، التمهيد ص14، نهاية السول 1/ 97، المستصفى 1/ 67، اللمع ص9، المعتمد 1/ 84.
2 أي بفعل المكلف. "انظر: الإحكام، الآمدي 1/ 100، تيسير التحرير 2/ 213".
3 في ع: لا يجوز.
4 في ز: وذلك، وفي ب ض: أو ذاك.
5 في ش: في الجميع.
6 في ز ش: وليتيه.
7 في ش: إذا وكله.
8 انظر: الإحكام، للآمدي 1/ 104، الروضة ص17، العضد على ابن الحاجب 1/ 236، المستصفى 1/ 67.
9 وهي خصوص الإعتاق مثلاً، أو الكسوة، أو الطعام. "انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص67، التمهيد ص14، المحلي على جمع الجوامع 1/ 176، شرح تنقيح الفصول ص152".
10 مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 1/ 235، وانظر: التمهيد ص14.
وَقَالَ السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ: وَعِنْدِي زِيَادَةٌ أُخْرَى فِي التَّخْيِيرِ1، وَهِيَ2 أَنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ يُقَالُ عَلَى الْمُتَوَاطِئِ3، كَالرَّجُلِ، وَلا إبْهَامَ فِيهِ. فَإِنَّ حَقِيقَتَهُ مَعْلُومَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَقَائِقِ4، وَيُقَالُ عَلَى الْمُبْهَمِ مِنْ شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ. كَأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الأَوَّلَ لَمْ تُقْصَدْ فِيهِ إلَاّ الْحَقِيقَةُ. وَالثَّانِي: قُصِدَ فِيهِ ذَلِكَ مَعَ أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ بِعَيْنِهِ، أَيْ 5 لا بِاعْتِبَارِ 5 مَعْنًى مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ. وَلِذَلِكَ سُمِّيَ مُبْهَمًا؛ لأَنَّهُ أُبْهِمَ عَلَيْنَا أَمْرُهُ.
فَلا يُقَالُ فِي الأَوَّلِ الَّذِي نَحْوُ أَعْتِقْ رَقَبَةً، إنَّهُ وَاجِبٌ مُخَيَّرٌ، لأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِيهِ بِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِخُصُوصِيَّاتِهِ، بِخِلافِ الثَّانِي. فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى تَسْمِيَتِهِ مُخَيَّرًا. وَمِنْ الأَوَّلِ: أَكْثَرُ أَوَامِرِ الشَّرِيعَةِ6، فَيَتَعَيَّنُ7 أَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ فِي الأَوَّلِ، وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ قَوْلُهُمْ:"مِنْ أُمُورٍ مُعَيَّنَةٍ"، وَالْمَعْنَى: أَنَّ النَّظَرَ إلَيْهَا مِنْ حَيْثُ تَعَيُّنُهَا وَتَمَيُّزُهَا مَعَ الإِبْهَامِ احْتِرَازًا8 عَنْ9 الْقِسْمِ الأَوَّلِ. انْتَهَى.
1 في ش ز ع ب ض: التحير.
2 في ش ع: وهو.
3 المتواطىء هو الكلي الذي لم تتفاوت أفراده، كالإنسان بالنسبة إلى أفراده، فإن الكلي فيها، وهو الحيوانية والناطقة، لا يتفاوت فيها بزيادة ولا نقص، وسمي بذلك من التواطؤ، وهو التوافق.
4 قال الإسنوي: أحد الأشباه قدر مشترك بين الخصال كلها لصدقه على كل واحد منها، وهو واحد لا تعدد فيه، وإنما التعدد في محالِّه، لأن المتواطىء موضوع لمعنى واحد صادق على أفراد، كالإنسان، وليس موضوعاً لمعان متعددة، وإذا كان واحد استحال فيه التخيير، وإنما التخيير في الخصوصيات، وهو خصوص الإعتاق مثلاً أو الكسوة أو الإطعام. "التمهيد ص14".
5 في ش ع: لاعتبار.
6 في ش: الشيء بعينه.
7 في ش: فتعين، وفي د: فتبين.
8 في ب ض: احتراز.
9 في ز ع ض: من.
وَقِيلَ: يَجِبُ جَمِيعُ الْخِصَالِ1، وَيَسْقُطُ2 بِفِعْلِ3 وَاحِدٍ مِنْهَا.
وَقِيلَ: الْوَاجِبُ4 مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ فَعَلَ غَيْرَهُ مِنْهَا سَقَطَ5.
وَقِيلَ: الْوَاجِبُ مَا يَخْتَارُهُ الْمُكَلَّفُ6.
وَمَحَلُّ الْخِلافِ فِي صِيغَةٍ وَرَدَتْ يُرَادُ بِهَا التَّخْيِيرُ أَوْ7 مَا فِي مَعْنَاهُ8. وَأَمَّا نَحْوُ تَخْيِيرِ الْمُسْتَنْجِي بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ، وَمُرِيدِ الْحَجِّ9 بَيْنَ الإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، لأَنَّهُ لَمْ 10 يَرِدْ تَخْيِيرٌ فِيهِ بِلَفْظٍ"10 وَلا بِمَعْنَاهُ11.
1 وهو قول الحبائي وابنه أبي هاشم من المعتزلة، وقال أبو الحسن البصري المعتزلي: يجب الجميع على البدل. "انظر: الإحكام، الآمدي 1/ 100، القواعد والفوائد الأصولية ص65، المعتمد 1/ 84، 87".
2 أي الواجب.
3 في ش: فعل.
4 في ش: الواحد.
5 هذا القول ينسبه الأشاعرة إلى المعتزلة، ينسبه المعتزلة إلى الأشاعرة، ولذلك سمي قول التراجُم. "انظر: القواعد والفوئد الأصولية ص65، المسودة ص28، نهاية السول 1/ 98، التمهيد ص14، تيسير التحرير 2/ 212، حاشية البناني 1/ 179، فواتح الرحموت 1/ 66، المعتمد 1/ 87". وفي ز ب: يسقط.
6 انظر مناقشة هذه الأقوال في "شرح العضد وحاشية التفتازاني 1/ 235 وما بعدها، نهاية السول 1/ 97، 102، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/ 177 وما بعدها، المستصفى 1/ 68، المعتمد 1/ 91".
7 في ب ض: و.
8 انظر: المسودة ص27، فواتح 1/ 66، اللمع ص9.
9 في ز ع ب ض: النسك.
10 في ش: يخير فيه بلفظه.
11 في ب ض: معناه.
"وَ" إذَا عَلِمْت أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الأَشْيَاءِ الْمُخَيَّرِ الْمُكَلَّفِ فِيهَا1، "إنْ2 كَفَّرَ بِهَا" كُلِّهَا، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ "مُتَرَتِّبَةً3" أَيْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ "فَالْوَاجِبُ الأَوَّلُ" أَيْ الْمُخْرَجُ أَوَّلاً إجْمَاعًا، لأَنَّهُ الَّذِي أَسْقَطَ الْفَرْضَ. وَاَلَّذِي بَعْدَهُ لَمْ يُصَادِفْ وُجُوبًا فِي الذِّمَّةِ.
"وَ" إنْ أَخْرَجَ الْكُلَّ "مَعًا" أَيْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. قَالَ4 فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": وَصَوَّرَهَا أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي "شَرْحِ اللُّمَعِ"5: بِأَنْ يَكُونَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّوْمِ يَوْمٌ وَوَكَّلَ فِي الإِطْعَامِ وَالْعِتْقِ. ثُمَّ قَالَ قُلْت: وَأَوْلَى مِنْهَا6 فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِأَنْ يُوَكِّلَ شَخْصًا يُطْعِمُ، وَشَخْصًا يَكْسُو وَيَعْتِقُ، هُوَ7 فِي آنٍ وَاحِدٍ، أَوْ8 أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْكُلِّ، وَتُفْعَلَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، "أُثِيبَ ثَوَابَ وَاجِبٍ عَلَى أَعْلاهَا فَقَطْ9"؛ لأَنَّهُ لا يُنْقِصُهُ مَا انْضَمَّ10 إلَيْهِ وَ11 تَرْجِيحُ الأَعْلَى، لِكَوْنِ الزِّيَادَةِ فِيهِ لا يَلِيقُ بِكَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى تَضْيِيعُهَا عَلَى
1 في ز: بها.
2 في ش: و "إن.
3 في ش: مترتبة.
4 في ش: قاله.
5 قال الشيخ أبو إسحاق في "اللمع" ص9: فالحواجب منها واحدّ غير معين، فأيها فعل فقد فعل الواجب، وإن فعل الجميع سقط الفرض عنه بواحد منها، والباقي تطوع.
6 في ش: فيها.
7 في ش: وهو.
8 في ش: و.
9 انظر: القواعد والفوئد الأصولية ص67، المسودة ص28، المحلي على جمع الجوامع 1/ 179، الإحكام، الآمدي 1/ 102.
10 في ش: فانضم.
11 ساقطة من ش.
الْفَاعِلِ مَعَ الإِمْكَانِ وَقَصْدُهَا بِالْوُجُوبِ. وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ1 آخَرُ2.
"كَمَا" أَنَّهُ "لا يَأْثَمُ لَوْ تَرَكَهَا" كُلَّهَا "سِوَى بِقَدْرِ" عِقَابِ أَدْنَاهَا "لا نَفْسِ عِقَابِ أَدْنَاهَا فِي قَوْلِ" الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ3.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُعَاقَبُ عَلَى نَفْسِ الأَدْنَى، لأَنَّ الْوُجُوبَ يَسْقُطُ بِهِ4.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ: يُثَابُ عَلَى وَاحِدٍ وَيَأْثَمُ بِهِ5.
وَقِيلَ: يَأْثَمُ عَلَى وَاحِدٍ لا بِعَيْنِهِ، كَمَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ6.
"تَنْبِيهٌ7":
"الْعِبَادَةُ" هِيَ "الطَّاعَةُ8".
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي آخِرِ "الْمُسَوَّدَةِ": "كُلُّ مَا كَانَ طَاعَةً وَمَأْمُورًا بِهِ، فَهُوَ عِبَادَةٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: الْعِبَادَةُ:
1 ساقطة من ش، وفي ز: بها، ومعنى به أي بالأعلى.
2 ولأنه لو اقتصر عليه لحصل له بذلك، فإضافة غيره إليه لا تُنقصه. "انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص67، المحلي على جمع الجوامع 1/ 179".
3 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص67، المسودة ص28.
4 انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/ 180.
5 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص67، الإحكام، الآمدي 1/ 102.
6 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص67.
7 في ش: تكفيه.
8 قال الباجي: العبادة هي الطاعة والتذلل لله تعالى باتباع ما شُرع، قولنا: هي الطاعة يحتمل معنيين، أحداهما: امتثال الأمر، وهو مقتضاه في اللغة، إلا أنه في اللغة واقع على كل امتثالٍ لأمر في طاعة أو معصية، لكننا قد احترزنا من المعصية بقولنا: والتذلل لله تعالى، لأن طاعة الباري تعالى لا يصح أن تكون معصية، والثاني: أن الطاعة إذا أطلقت في الشرع فإنها تقتضي القربة، وطاعة الله تعالى دون طاعة غيره. "الحدود ص58".
مَا كَانَ مِنْ شَرْطِهَا1 النِّيَّةُ2".
فَدَخَلَ فِي كَلامِ أَصْحَابِنَا وَمَنْ وَافَقَهُمْ: الأَفْعَالُ وَالتُّرُوكُ، كَتَرْكِ الْمَعَاصِي وَالنَّجَاسَةِ وَالزِّنَا وَالرِّبَا وَكُلِّ مُحَرَّمٍ، وَالأَفْعَالُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالزَّكَاةِ مَعَ النِّيَّةِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ وَالْعَوَارِيّ وَالْوَدَائِعِ وَالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ وَلَوْ بِلا نِيَّةٍ3.
"وَ" أَمَّا "الطَّاعَةُ" فَهِيَ "مُوَافَقَةُ الأَمْرِ" أَيْ فِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وِفَاقِ الأَمْرِ بِهِ. وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: الطَّاعَةُ مُوَافَقَةُ الإِرَادَةِ.
"وَالْمَعْصِيَةُ مُخَالَفَتُهُ" أَيْ مُخَالَفَةُ الأَمْرِ بِارْتِكَابِ ضِدِّ مَا كُلِّفَ بِهِ. وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: الْمَعْصِيَةُ مُخَالَفَةُ الإِرَادَةِ4.
"وَكُلُّ قُرْبَةٍ" وَهِيَ مَا قُصِدَ بِهِ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَفْقِ أَمْرِهِ أَوْ نَهْيِهِ "طَاعَةٌ، وَلا عَكْسَ5" أَيْ وَلَيْسَ كُلُّ طَاعَةٍ قُرْبَةً، لاشْتِرَاطِ الْقَصْدِ فِي الْقُرْبَةِ6 دُونَ الطَّاعَةِ7، فَتَكُونُ الْقُرْبَةُ أَخَصَّ مِنْ الطَّاعَةِ8. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 كذا في المسودة وز، وفي ش د ع ب ض: شرطه.
2 المسودة ص576، وانظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص62، أصول السرخسي 1/ 97.
3 انظر: المسودة ص43، وقال الجرجاني عن المحرم: وحكمه الثواب بالترك لله تعالى، والعقاب بالفعل. "التعريفات ص181".
4 انظر: المسودة ص576، التعريفات للجرجاني ص145، كشاف اصطلاحات الفنون 4/ 915، المدخل إلى مذهب أحمد ص62، تيسير التحرير 2/ 223-224، الأربعين ص246.
5 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص62.
6 في ش: الطاعة.
7 في ش: القربة.
8 انظر: كشاف اصطلاحات الفنون 4/ 915.