المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

"‌ ‌فَصْلٌ":"الْمُبَاحُ لُغَةً: الْمُعْلَنُ وَالْمَأْذُونُ". قَالَ فِي الْبَدْرِ1 الْمُنِيرِ: "بَاحَ الشَّيْءُ بَوْحًا - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ١

[ابن النجار الفتوحي]

الفصل: "‌ ‌فَصْلٌ":"الْمُبَاحُ لُغَةً: الْمُعْلَنُ وَالْمَأْذُونُ". قَالَ فِي الْبَدْرِ1 الْمُنِيرِ: "بَاحَ الشَّيْءُ بَوْحًا

"‌

‌فَصْلٌ":"الْمُبَاحُ

لُغَةً: الْمُعْلَنُ وَالْمَأْذُونُ".

قَالَ فِي الْبَدْرِ1 الْمُنِيرِ: "بَاحَ الشَّيْءُ بَوْحًا - مِنْ بَابِ قَالَ- ظَهَرَ، وَيَتَعَدَّى بِالْحَرْفِ، فَيُقَالُ: بَاحَ بِهِ صَاحِبُهُ، وَبِالْهَمْزَةِ أَيْضًا، فَيُقَالُ: أَبَاحَهُ، وَأَبَاحَ الرَّجُلُ مَالَهُ: أَذِنَ فِي الأَخْذِ2 وَالتَّرْكِ، وَجَعَلَهُ مُطْلَقَ الطَّرَفَيْنِ، وَاسْتَبَاحَهُ النَّاسُ: أَقْدَمُوا3 عَلَيْهِ"4.

"وَشَرْعًا" أَيْ وَ5 فِي اصْطِلاحِ أَهْلِ الشَّرْعِ: "مَا" أَيُّ فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ مِنْ الشَّارِعِ "خَلا مِنْ مَدْحٍ وَذَمٍّ".

فَخَرَجَ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ: لأَنَّ كُلاًّ مِنْ الأَرْبَعَةِ لا يَخْلُو مِنْ مَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ، إمَّا فِي الْفِعْلِ، وَإِمَّا6 فِي التَّرْكِ.

وَقَوْلُهُ "لِذَاتِهِ"7 مُخْرِجٌ لِمَا تَرَكَ بِهِ حَرَامًا. فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْحَرَامِ، وَمُخْرِجٌ أَيْضًا لِمَا تَرَكَ بِهِ وَاجِبًا، فَإِنَّهُ يُذَمُّ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، فَلا يَكُونُ الْمَدْحُ وَالذَّمُّ لِذَاتِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ8.

1 كذا في جميع النسخ، والصواب: المصباح.

2 في ش: الأخذ منه.

3 في ز: قدموا.

4 المصباح المنير 1/ 105، وانظر: القاموس المحيط 1/ 224.

5 ساقطة من ع.

6 في ع: أو.

7 في ش "لذاته"، مما يشعر أنها من الشرع وليست من المتن.

8 انظر في تعريف المباح، "الحدود للباجي ص55-56، نهاية السول 1/ 61، جمع الجوامع 1/ 83، إرشاد الفحول ص6، المستصفى 1/ 66، المدخل إلى مذهب أحمد ص64، الإحكام، الآمدي 1/ 133، تيسير التحرير 2/ 225، المسودة ص557، الروضة ص21، مختصر الطوفي ص29، شرح تنقيح الفصول ص71".

ص: 422

"وَهُوَ" أَيْ وَ1 الْمُبَاحُ "وَوَاجِبٌ نَوْعَانِ" مُنْدَرِجَانِ تَحْتَ جِنْسٍ، وَهُوَ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ "لِلْحُكْمِ" مَجَازًا2.

وَقِيلَ: إنَّ الْمُبَاحَ جِنْسٌ لِلْوَاجِبِ. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِهِ بِأَنَّ الْمُبَاحَ وَالْوَاجِبَ مَأْذُونٌ فِيهِمَا. وَاخْتَصَّ الْوَاجِبُ بِفَصْلِ3 "الْمَنْعِ مِنْ التَّرْكِ"، وَالْمَأْذُونُ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ الْمُبَاحِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ4. فَيَكُونُ جِنْسًا5 لَهُ6.

وَأُجِيبَ: بِأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ فَصْلَ7 الْمُبَاحِ، لأَنَّ الْمُبَاحَ لَيْسَ هُوَ الْمَأْذُونُ8 فَقَطْ9، بَلْ الْمَأْذُونُ مَعَ عَدَمِ الْمَنْعِ مِنْ التَّرْكِ، وَالْمَأْذُونُ بِهَذَا الْقَيْدِ: لا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، بَلْ يَكُونُ مُبَايِنًا لِلْوَاجِبِ10.

قَالَ الأَصْفَهَانِيُّ11 فِي "شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ": وَالْحَقُّ أَنَّ النِّزَاعَ لَفْظِيٌّ. وَذَلِكَ

1 ساقطة من ش ض.

2 انظر: مختصر ابن الحاجب وشرح العضد 2/ 6، الإحكام للآمدي 1/ 125، المستصفى 1/ 73، تيسير التحرير 2/ 228، المحلي على جمع الجوامع 1/ 172، فواتح الرحموت 1/ 113.

3 في ش: بفعل. وانظر: الإحكام: 1/ 125.

4 في ز: وغيره بل يكون مبيناً للواجب.

5 في ش: جنسياً.

6 انظر: شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 6، الإحكام، للآمدي 1/ 125، المستصفى 1/ 73، تيسير التحرير 2/ 227، المحلي على جمع الجوامع 1/ 172، فواتح الرحموت 1/ 113.

7 في ش: فعل.

8 في ب: فصل المأذون.

9 في ز: فقط فلا شك أنه مشترك بين الواجب وغيره فيكون جنساً.

10 انظر: شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 7، الإحكام للآمدي 1/ 125، المستصفى 1/ 74، تيسير التحرير 2/ 228.

11 هو محمد بن محمود بن محمد بن عباد العجلي، الملقب بشمس الدين الأصفهاني، أبو عبد الله، ولد بأصفهان ثم رحل إلى بغداد فتعلم فيها، ودرس بمصر، وتولى القضاء فيها، وكان =

ص: 423

لأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْمُبَاحِ الْمَأْذُونُ فَقَطْ، فَلا شَكَّ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، فَيَكُونُ جِنْسًا. وَإِنْ أُرِيدَ بِالْمُبَاحِ الْمَأْذُونُ، مَعَ عَدَمِ الْمَنْعِ مِنْ التَّرْكِ، فَلا شَكَّ أَنَّهُ يَكُونُ نَوْعًا مُبَايِنًا لِلْوَاجِبِ، 1 وَلا يَكُونُ 1 جِنْسًا2.

"وَلَيْسَ" الْمُبَاحُ "مَأْمُورًا بِهِ" عِنْدَ الأَرْبَعَةِ3. وَخَالَفَ الْكَعْبِيُّ4 وَمَنْ تَبِعَهُ5.

وَجْهُ قَوْلِ الأَرْبَعَةِ: أَنَّ الأَمْرَ يَسْتَلْزِمُ تَرْجِيحَ الْفِعْلِ، 6 وَلا تَرْجِيحَ فِي 6 الْمُبَاحِ7.

= إماماً متكلماً فقيهاً أصولياً أدبياً شاعراً، منطقياً ورعاً متديناً كثير العبادة والمراقبة، صنف في المنطق والخلاف وأصول الفقه، شرح "المحصول" للإمام الرازي، وهو شرح حافل، وله "غاية المطلب" في المنطق، وكتاب "القواعد" في العلوم الأربعة: علم أصول الفقه وأصول الدين والخلاف والمنطق، وشرح "مختصر ابن الحاجب" وشرح "الطوالع والتجريد" في علم الكلام، وشرح "منهاج الأصول" للبيضاوي في الأصول، توفي سنة 688هـ بالقاهرةز انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى 7/ 100، شذرات الذهب 5/ 406، الفتح المبين 2/ 90، فهارس المكتبة الأحمدية بتونس، حسن المحاضرة 1/ 542، بغية الوعاة 1/ 240".

1 في ش ع ب ض: فلم يكن.

2 وهذا ما ايده الامدي فقال: "وعلى كل تقدير فالمسألة لفظية، وهي محل الاجتهاد، "الإحكام 1/ 126" وهو رأي ابن عبد الشكور أيضاً. "انظر: فواتح الرحموت 1/ 113".

3 انظر: المستصفى 1/ 74، تيسير التحرير 2/ 226، الإحكام، الآمدي 1/ 124، المدخل إلى مذهب أحمد ص64، شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 6، الروضة ص23، مختصر الطوفي ص29، نهاية السول 1/ 140، مناهج العقول 1/ 140، المحلي على جمع الجوامع 1/ 172، فواتح الرحموت 1/ 113.

4 هو عبد الله بن أحمد بن محمود الكعْبي، البلْخي، أبو القاسم، وهو رأس طائفة من المعتزلة، تسمى الكعبية، له آراء خاصة في علم الكلام والأصول، وله مؤلفات في علم الكلام، توفي سنة 319هـ. وقال ابن خلكان وابن كثير: 317هـ. "انظر: وفيات الأعيان 2/ 248، شذرات الذهب 2/ 281، البداية والنهاية 11/ 284، الفتح المبين 1/ 170".

5 في ش: وافقه وتبعه.

6 في ش: لا ترجيح.

7 انظر: شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 7، الإحكام، للأمدي 1/ 125، المستصفى 1/ 74، تيسير التحرير 2/ 228.

ص: 424

قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: وَمِنْ الْعَجَبِ 1 مَا حُكِيَ عَنْ الْكَعْبِيِّ وَ 1 إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَابْنِ بُرْهَانٍ وَالآمِدِيِّ2: مِنْ إنْكَارِ الْمُبَاحِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَأَنَّهُ لا وُجُودَ لَهُ أَصْلاً، وَهُوَ خِلافُ الإِجْمَاعِ3.

"وَلا مِنْهُ" أَيْ مِنْ الْمُبَاحِ "فِعْلُ غَيْرِ مُكَلَّفٍ"4 قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ،

1 في ز: ما حكى الكعبي عن. وفي ع ب ض/ ما حكى عن الكعبي.

2 قال الآمدي: "وقد اعترض عليه "على الكعبي" من لا يعلم غور كلامه"، ثم قال:"وبالجملة وإن استبعده من استبعده فهو في غاية الغوص والإشكال، وعسى أن يكون عند غيري حله""الإحكام 1/ 124، 135"، وقد اعتبر ابن السبكي والمحلي وابن الحاجب أن الخلاف لفظي بناء على توجيه الكعبي لمذهبه "جمع الجوامع، والمحلي عليه 1/ 173، مختصر ابن الحاجب 1/ 6" وانظر: تيسير التحرير 2/ 227، نهاية السول 1/ 142، وقال المجد بن تيمية:"وقوّي ابنْ بَرْهان مذهبه "الكعبي" بناء على تقدير صحة من قال: إن النهي عن الشيء ذي الأضداد أمر بواحد منها، ورد الجوني عليه هذا الأصل، وهذا لا إشكال فيه""المسودة ص65".

3 أجمعت الأمة على انقسام الأحكام الشرعية إلى إيجاب وندب وإباحة وكراهية وتحريم، فمنكر المباح يكون خارقاً للإجماع، وأوَّل الكعبي الإجماع بأنه إجماع على وجود المباح باعتبار الفعل في ذاته، مع قطع النظر عما يستلزمه ويحصل به: من ترك حرام، أما ما يلزم عن الفعل من ترك حرام فلا إجماع فيه.

واحتج الكعبي بأن كل فعل يوصف بالإباحة يكون وسيلة لترك الحرام، وذلك بالاشتغال به، وترك الحرام واجب، وكل ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وردّ عليه: بأن المباح ليس هو نفس ترك الحرام، وإنما هو شيء يترك به الحرام، مع إمكان ترك الحرام بغيره، فهو أخص من ترك الحرام، وأنَّ كلام الكعبي يترتب عليه أن يكون المندوب واجباً، لأنه يشغل به عن الحرام، وأن يكون الحرام واجباً، إذا شغل به عن حرام آخر، وأن يكون الواجب حراماً إذا شغل به عن واجب آخر.

"انظر: المسودة ص65، شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 6، الإحكام، الآمدي 1/ 124، تيسير التحرير 2/ 226، نهاية السول 1/ 142، المستصفى 1/ 74، فواتح الرحموت 1/ 114".

4 هذا الحكم فرع عن أصل مختلف فيه بين أهل السنة والمعتزلة، وهو: هل المباح حكم شرعي؟ قالت المعتزلة: الإجابة ليست حكماً شرعياً، بل حكم عقلي، لأن المباح ما انتفى الحرج =

ص: 425

فَإِنَّهُ قَالَ: "الْمُبَاحُ هُوَ1 كُلُّ فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ لِفَاعِلِهِ، لا ثَوَابَ لَهُ عَلَى فِعْلِهِ وَلا عِقَابَ فِي تَرْكِهِ".

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: "فِيهِ احْتِرَازٌ مِنْ فِعْلِ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالْبَهَائِمِ2.

"وَيُسَمَّى" الْمُبَاحُ "طِلْقًا وَحَلالاً"3.

قَالَ فِي "الْقَامُوسِ": "الطِّلْقُ: الْحَلالُ"4.

وَقَالَ5 فِي الْبَدْرِ6 الْمُنِيرِ: "وَشَيْءٌ طِلْقٌ - وِزَانُ حِمْلٍ- أَيْ حَلالٌ7. وَافْعَلْ هَذَا طَلْقًا لَكَ: أَيْ حَلالاً8، وَيُقَالُ: الطِّلْقُ الْمُطْلَقُ، الَّذِي يَتَمَكَّنُ

= عن فعله وتركه، وذلك ثابت قبل ورود الشرع، ومستمر بعده، فلا يكون حكماً شرعياً، ومعنى إباحة الشيء تركه على ما كان قبل الشرع، وقال أهل السنة، الإباحة حكمٌ شرعيٌ، وهي خطاب الله تعالى بتخيير المكلف بين الفعل وبين الترك مطلقاً، أو خطاب الله تعالى بعدم المدح والذم على فاعله مطلقاً، أو لا ثواب على فعله، ولا عقاب على تركه، وبناء على ذلك فالخطاب موجه إلى المكلفين، أما غير المكلف فلا يوصف فعله بالإباحة، وهذا الاختلاف مع المعتزلة متفرع عن الاختلاف معهم في الحسن والقبيح، ولذلك قال المصنف سابقاً "ص 307":"الحسن ما لفاعله، وعكسه"، ثم قال:"ولا يوصف فعل غير مكلف من صغير ومجنون بحسن ولا قبح". "انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص64، الإحكام، للآمدي 1/ 124، الروضة ص21، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 6، شرح تنقيح الفصول ص70، نهاية السول 1/ 63"، وسيذكر الاختلاف مع المعتزلة في ذلك ص428.

1 ساقطة من ش.

2 المسودة ص577.

3 انظر: إرشاد الفحول ص6، المدخل إلى مذهب أحمد ص64، نهاية السول 1/ 63.

4 القاموس المحيط 3/ 267.

5 في ع: قال.

6 كذا في ش ز ع ب ض د: والصواب: المصباح.

7 في ش: حلال، ويقال: الطلق المطلق.

8 في ز ع: حلالا لك.

ص: 426

صَاحِبُهُ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، فَيَكُونُ: فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، مِثْلُ: الذِّبْحِ بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ. وَأَعْطَيْته مِنْ طِلْقِ مَالِي: أَيْ مِنْ حِلِّهِ1، أَوْ مِنْ مُطْلَقِهِ2". انْتَهَى.

"وَيُطْلَقُ" مُبَاحٌ "وَحَلالٌ عَلَى غَيْرِ الْحَرَامِ"3، فَيَعُمُّ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَالْمَكْرُوهَ وَالْمُبَاحَ4، لَكِنَّ الْمُبَاحَ يُطْلَقُ عَلَى الثَّلاثَةِ، وَالْحَلالَ عَلَى الأَرْبَعَةِ. فَيُقَالُ لِلْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ: مُبَاحٌ5. وَيُقَالُ لِهَذِهِ الثَّلاثَة، وَلِلْمُبَاحِ6: حَلالٌ، لَكِنْ إطْلاقُ الْمُبَاحِ عَلَى مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ هُوَ الأَصْلُ7. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً} 8.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: "وَسَلَكَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ذَلِكَ فِي تَقْسِيمِ الْحُكْمِ، فَقَالَ: الْحُكْمُ قِسْمَانِ: تَحْرِيمٌ وَإِبَاحَةٌ"9.

وَفِي "تَعْلِيقَةِ" الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ: إنَّهَا ثَلاثَةٌ: إيجَابٌ، وَحَظْرٌ، وَإِبَاحَةٌ".

"وَالإِبَاحَةُ: إنْ أُرِيدَ بِهَا خِطَابُ" الشَّرْعِ "فَـ" ـهِيَ "شَرْعِيَّةٌ، وَإِلَاّ"

1 في ش: جله.

2 المصباح المنير 2/ 575.

3 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص64، شرح تنقيح الفصول ص70.

4 في ش: والمباح، ويقال لهذه الثلاثة.

5 وقد وردت السنة في ذلك، روى أبو داود وابن ماجة والحاكم عن ابن عمر رصي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أبغض الحلال إلى الله الطلاق". فالطلاق من الحلال الجائز الفعل ولكنه من أشد المكروهات. "انظر: شرح تنقيح الفصول ص71، سنن ابي داود 2/ 343، سنن ابن ماجة 1/ 650، المستدرك 2/ 196".

6 في ز: والمباح.

7 انظر: شرح تنقيح الفصول ص71.

8 الآية 59 من يونس.

9 انظر: شرح تنقيح الفصول ص70.

ص: 427

أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرَدْ بِهَا ذَلِكَ لِتَحَقُّقِهَا قَبْلَ الشَّرْعِ "فَعَقْلِيَّةٌ" وَهَذَا الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ1.

وَخَالَفَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ. فَقَالُوا: الْمُبَاحُ مَا اقْتَضَى نَفْيَ الْحَرَجِ فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، وَذَلِكَ ثَابِتٌ قَبْلَ الشَّرْعِ وَبَعْدَهُ2.

قَالَ الأَصْفَهَانِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّ النِّزَاعَ فِيهِ لَفْظِيٌّ. فَإِنْ أُرِيدَ بِالإِبَاحَةِ عَدَمُ الْحَرَجِ عَنْ الْفِعْلِ: فَلَيْسَ حُكْمًا شَرْعِيًّا، لأَنَّهُ قَبْلَ الشَّرْعِ مُتَحَقِّقٌ وَلا حُكْمَ قَبْلَهُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا3 الْخِطَابُ الْوَارِدُ مِنْ الشَّرْعِ بِانْتِفَاءِ الْحَرَجِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، فَهِيَ مِنْ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ4.

"وَتُسَمَّى" الإِبَاحَةُ "شَرْعِيَّةً بِمَعْنَى التَّقْرِيرِ، أَوْ" بِمَعْنَى "الإِذْنِ" قَالَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ5.

وَقَالَ الْمُوَفَّقُ فِي "الرَّوْضَةِ" - لَمَّا قَسَّمَ الأَفْعَالَ-: "وَقِسْمٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِدَلِيلٍ مِنْ أَدِلَّةِ السَّمْعِ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ دَلَّ السَّمْعُ عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ6 طَلَبُ فِعْلٍ وَلا تَرْكٍ. فَالْمُكَلَّفُ بِهِ مُخَيَّرٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لا حُكْمَ لَهُ7".

"وَالْجَائِزُ8 لُغَةً: الْعَابِرُ".

1 انظر: الروضة ص21، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 6، شرح تنقيح الفصول ص70، تيسير التحرير 2/ 225، المسودة ص36، المستصفى 1/ 75، الإحكام، الآمدي 1/ 124، نهاية السول 1/ 63، المدخل إلى مذهب أحمد ص64، مختصر الطوفي ص19.

2 المراجع السابقة.

3 في ش: بالإباحة عدم الفعل عن الحرج.

4 وهذا ما صرح به الآمدي "الإحكام، له 1/ 124" وانظر: المسودة ص36، المستصفى 1/ 75.

5 انظر: المسودة ص36-37.

6 كذا في الروضة، وفي ش: به، وساقطة من ز ع ب ض.

7 الروضة ص22، وانظر: المستصفى 1/ 75.

8 ذكر المصنف الجائز بعد المباح، لأن المباح اسم من أسماء الجائز "شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 6".

ص: 428

قَالَ فِي الْبَدْرِ1 الْمُنِيرِ: "جَازَ الْمَكَانَ يَجُوزُهُ جَوْزًا وَجَوَازًا. سَارَ فِيهِ، وَأَجَازَهُ بِالأَلِفِ: قَطَعَهُ، وَأَجَازَهُ أَنْفَذَهُ، وَجَازَ الْعَقْدُ وَغَيْرُهُ: نَفَذَ2 وَمَضَى عَلَى الصِّحَّةِ. وَأَجَزْتُ الْعَقْدَ أَمْضَيْتُهُ. وَجَعَلْته جَائِزًا نَافِذًا"3.

"وَ" الْجَائِزُ "اصْطِلاحًا" أَيْ فِي اصْطِلاحِ الْفُقَهَاءِ: "يُطْلَقُ عَلَى مَا لا يَمْتَنِعُ شَرْعًا، فَيَعُمُّ غَيْرَ الْحَرَامِ4" مُبَاحًا كَانَ أَوْ وَاجِبًا، أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا.

"وَ" يُطْلَقُ الْجَائِزُ فِي عُرْفِ الْمَنْطِقِيِّينَ عَلَى مَا لا يَمْتَنِعُ "عَقْلاً"5، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمُمْكِنِ الْعَامِّ "فَيَعُمُّ كُلَّ مُمْكِنٍ".

"وَهُوَ" أَيْ وَالْمُمْكِنُ "مَا جَازَ وُقُوعُهُ حِسًّا" أَيْ مَا جَازَ أَنْ يَقَعَ وُقُوعًا يُدْرَكُ بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ "أَوْ وَهْمًا" يَعْنِي أَوْ مَا جَازَ أَنْ يَقَعَ فِي الْوَهْمِ "أَوْ شَرْعًا" يَعْنِي أَوْ مَا جَازَ أَنْ يَقَعَ فِي الشَّرْعِ6.

"وَ" يُطْلَقُ الْجَائِزُ أَيْضًا "عَلَى مَا اسْتَوَى فِيهِ الأَمْرَانِ شَرْعًا كَمُبَاحٍ، وَ" عَلَى مَا اسْتَوَى فِيهِ الأَمْرَانِ "عَقْلاً7، كَفِعْلِ صَغِيرٍ".

1 كذا في جميع النسخ، والصواب: المصباح.

2 في ع: نفذه.

3 المصباح المنير 1/ 180، وانظر: القاموس المحيط 2/ 176.

4 انظر تعريف الجائز في الاصطلاح الشرعي في "الحدود للباجي ص59، المدخل إلى مذهب أحمد ص65، المسودة ص577، شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 6، الإحكام، للآمدي 1/ 126، تيسير التحرير 2/ 225".

5 أي سواء كان واجباً أو راجحاً أو متساوي الطرفين أو مرجوحاً. "انظر: شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 6".

6 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص65.

7 ما استوى فيه الأمران شرعاً وعقلاً عند المخْبر بجوازه وبالنظر إلى عقله، وإن كان أحدهما في نفس الأمر واجباً أو راجحاً. "انظر: حاشية التفتازاني على العضد 2/ 6".

ص: 429

"وَ" يُطْلَقُ الْجَائِزُ أَيْضًا "عَلَى مَشْكُوكٍ فِيهِ فِيهِمَا" أَيْ فِي الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ1 "بِالاعْتِبَارَيْنِ"2.

وَالأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْخَمْسَةُ لَهَا نَظَائِرُ مِنْ الأَحْكَامِ الْعَقْلِيَّةِ، نَظِيرُ3 الْوَاجِبِ الشَّرْعِيِّ: ضَرُورِيُّ الْوُجُودِ4، وَهُوَ الْوَاجِبُ عَقْلاً، وَنَظِيرُ الْمُحَرَّمِ: الْمُمْتَنِعُ، وَنَظِيرُ الْمَنْدُوبِ: الْمُمْكِنُ الأَكْثَرِيُّ، وَنَظِيرُ الْمَكْرُوهِ: الْمُمْكِنُ الأَقَلِّيُّ، وَنَظِيرُ الْمُبَاحِ: الْمُمْكِنُ الْمُتَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ.

"وَلَوْ نُسِخَ وُجُوبُ" فِعْلٍ "بَقِيَ الْجَوَازُ" فِيهِ "مُشْتَرَكًا بَيْنَ نَدْبٍ وَإِبَاحَةٍ"5 فَيَبْقَى6 الْفِعْلُ إمَّا مُبَاحًا، أَوْ مَنْدُوبًا. لأَنَّ الْمَاهِيَةَ الْحَاصِلَةَ بَعْدَ النَّسْخِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ قَيْدَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: زَوَالُ الْحَرَجِ عَنْ الْفِعْلِ، وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الأَمْرِ.

وَالثَّانِي: زَوَالُ الْحَرَجِ عَنْ التَّرْكِ، وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ النَّاسِخِ.

وَهَذِهِ الْمَاهِيَّةُ صَادِقَةٌ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَالْمُبَاحِ، فَلا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا بِخُصُوصِهِ7. وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَرَجَّحَهُ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعُهُ وَالْمُتَأَخِّرُونَ. وَحُكِيَ عَنْ الأَكْثَرِ8.

1 انظر استعمال الجائز في معان أخرى في "الحدود للباجي ص59، المسودة ص577".

2 أي باعتبار العقل أو الشرع، وهما استواء الطرفين وعدم الامتناع، يعني في النفس، ولا يجزم بعدمه إذا كان جانب وجوده راجحاً. "انظر: حاشية التفتازاني على العضد 2/ 5، المدخل إلى مذهب أحمد ص65، مختصر ابن الحاجب 2/ 5، تيسير التحرير 2/ 225".

3 في ش: نظير.

4 في ش: الوجوب.

5 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص65، القواعد والفوائد الأصولية ص163، نهاية السول 1/ 136، مناهج العقول للبدخشي 1/ 136، جمع الجوامع 1/ 174.

6 في ع: فبقي.

7 انظر: نهاية السول 1/ 139، المحلي على جمع الجوامع 1/ 174.

8 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص65، القواعد والفوائد الأصولية ص163، المسودة ص16، نهاية السول 1/ 138.

ص: 430

وَقَالَ1 الْقَاضِي فِي "الْعُدَّةِ"، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي "التَّمْهِيدِ"، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي "الْوَاضِحِ"، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي "الْمُقْنِعِ". يَبْقَى النَّدْبُ2، لأَنَّ الْمُرْتَفِعَ: التَّحَتُّمُ3 بِالطَّلَبِ، فَإِذَا زَالَ التَّحَتُّمُ، بَقِيَ أَصْلُ الطَّلَبِ، وَهُوَ النَّدْبُ، فَيَبْقَى الْفِعْلُ مَنْدُوبًا4.

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ، فَذَهَبَتْ5 طَائِفَةٌ: إلَى أَنَّ الْخِلافَ لَفْظِيٌّ، مِنْهُمْ: ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ6، وَالْهِنْدِيُّ، لأَنَّا إنْ7 فَسَّرْنَا الْجَوَازَ بِنَفْيِ الْحَرَجِ، فَلا شَكَّ أَنَّهُ

1 في ش: وقاله.

2 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص65، جمع الجوامع 1/ 175.

3 في ع: تحتم.

4 نقل ابن بدران قولا ثالثاً، ورجحه، فقال: وقيل: تبقى الإباحة، وهو مثل القول بالجواز. وهو المختار "المدخل إلى مذهب أحمد ص65". وذهب القاضي أبو يعلى وأبو محمد التميمي، واختاره ابن برْهان والإمام الغزالي والحنفية، إلى أنه لا يدل على الندب أو الإباحة، وإنما يرجع إلى ماكان عليه من البراءة الأصلية، أو الإباحة، أو التحريم، لأن اللفظ موضوع لإفادة الوجوب دون الجواز، وإنما الجواز تبع، للوجوب، إذ لا يجوز أن يكون واجباً لا يجوز فعله، فإذا نسخ الوجوب وسقط، سقط التابع له، وهو نظير قول الفقهاء، إذا بطل الخصوص بقي العموم. "وانظر: القواعد والفوائد الأصولية ص163، المسودة ص16، المستصفى 1/ 73، نهاية السول 1/ 136، 140، مناهج العقول 1/ 136، المدخل إلى مذهب أحمد ص56".

5 في ز: فذهب.

6 هو عبد الله بن محمد بن أحمد، الشريف الحسني، أبو محمد، الإمام العلامة المحقق الحافظ الجليل المتفنن المتقن، أبن الإمام العلامة الجحة النظار أبي عبد الله الشريف التلمساني إمام وقته بلا مدافع، وكان أبوه محمد من أكابر علماء تلمسان ومحققيهم كأبيه، ولد سنة 748هـ فنشأ على عفة وصيانة وجدِّ، مرضي الأخلاق، محمود الأحوال، موصوفاً بالنبل والفهم والحذق والحرص على طلب العلم، أخذ عن أبيه، وتوفي غريقاً سنة 792هـ أثناء انصرافه من مالقة إلى تلمسان. "انظر: نيل الابتهاج ص150، شجرة النور الزكية ص234، الفكر السامي، للحجوري 4/ 83"، وفي ش: التلمساني.

7 ساقطة من ش.

ص: 431

جِنْسٌ لِلْوَاجِبِ، فَإِذَا1 رُفِعَ الْوُجُوبُ وَحْدَهُ، فَلا يَلْزَمُ ارْتِفَاعُهُ. وَإِنْ فَسَّرْنَاهُ بِالأَعَمِّ2، أَوْ بِالإِبَاحَةِ، أَوْ بِالنَّدْبِ: فَخَاصَّتُهَا فِي خَاصَّةِ الْوُجُوبِ. فَلَيْسَ شَيْءٌ3 مِنْهَا جِنْسًا لِلْوُجُوبِ. فَإِذَا رُفِعَ الْوُجُوبُ لا يُوجَدُ إلَاّ بِدَلِيلٍ يَخُصُّهَا فَلا نِزَاعَ، لأَنَّ الأَقْوَالَ لَمْ تَتَوَارَدْ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ يَخُصُّهَا4.

وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ: بِأَنَّ الَّذِي يُعِيدُ5 الْحَالَ إلَى6 مَا كَانَ قَبْلَ الإِيجَابِ: مِنْ إبَاحَةٍ، أَوْ تَحْرِيمٍ، أَوْ كَرَاهَةٍ7، غَيْرُ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ حُدُوثِ الإِيجَابِ بَعْدَ ذَلِكَ: أَنْ تَبْقَى إبَاحَةٌ8 شَرْعِيَّةٌ، أَوْ نَدْبٌ كَمَا قُرِّرَ، حَتَّى يُسْتَدَلَّ أَنَّهُ مُبَاحٌ أَوْ مَنْدُوبٌ بِذَلِكَ الأَمْرِ الَّذِي نُسِخَتْ خَاصَّةُ التَّحَتُّمِ9 بِهِ، وَبَقِيَّةُ مَا تَضَمَّنَتْهُ10 بَاقِيَةٌ، فَلا يَكُونُ الْخِلافُ لَفْظِيًّا، بَلْ مَعْنَوِيًّا11، لأَنَّهُ إذَا كَانَ قَبْلَ مَجِيءِ أَمْرِ الإِيجَابِ حَرَامًا، وَأُعِيدَ الْحَالُ إلَى ذَلِكَ كَانَ حَرَامًا. وَمَنْ يَقُولُ: يَبْقَى12 الْجَوَازُ، لا يَكُونُ حَرَامًا.

1 في ز ع: وإذا.

2 أي بالمعنى الأعم: وهو الإذن بالفعل "انظر: مناهج العقول 1/ 137"، وفي ع ب ز ض: بالإباحة أو بالأعم.

3 في ع: في شيء.

4 ساقطة من ز ع ض.

5 في ش: يفيد.

6 في ع: على.

7 هذا الجواب بناء على القول الذي ذكرناه سابقاً في "ص431 هامش 4" عن القاضي أبي يعلى وأبي محمد التميمي وابن برهان والغزالي والحنفية بعودة الباقي إلى أصله قبل ورود الشرع.

8 في ع: اباحته.

9 في ش: التحريم.

10 في ش ز ع ب: تضمنه.

11 انظر: نهاية السول 1/ 138.

12 في ش: ينفي.

ص: 432

"وَلَوْ صُرِفَ نَهْيٌ عَنْ تَحْرِيمِ" شَيْءٍ "بَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ" فِيهِ "حَقِيقَةً" عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ1.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي "الْمُسَوَّدَةِ": "إذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ2 لَيْسَ لِلْفَسَادِ، لَمْ يَكُنْ مَجَازًا، لأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ جَمِيعِ مُوجِبِهِ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ عَنْ بَعْضِ مُوجِبِهِ، كَالْعُمُومِ الَّذِي خَرَجَ3 بَعْضُهُ، بَقِيَ حَقِيقَةً4 فِيمَا بَقِيَ5، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ: وَكَذَا إذَا قَامَتْ الدَّلالَةُ عَلَى نَقْلِهِ عَنْ التَّحْرِيمِ، فَإِنَّهُ يَبْقَى نَهْيًا حَقِيقَةً عَلَى التَّنْزِيهِ، كَمَا إذَا قَامَتْ دَلالَةُ الأَمْرِ عَلَى أَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ"6.

1 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص56، القواعد والفوائد الأصولية ص193.

2 في ش: الفساد للنهي.

3 كذا في جميع النسخ، وفي المسودة: إذا خرج.

4 كذا في المسودة، وفي ض، وفي بقية النسخ: حقيقته.

5 في د ض: يقي له.

6 المسودة ص84.

ص: 433