المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أهم المحاولات لوضع معجم حديث: - البحث اللغوي عند العرب

[أحمد مختار عمر]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ أهم المحاولات لوضع معجم حديث:

4-

‌ أهم المحاولات لوضع معجم حديث:

بذلت محاولات متعددة للتغلب على مشاكل المعجم العربي، كما قدم كثيرون صورة للمعجم الحديث في نظرهم. وهناك محاولات نظرية أو تطبيقية قدمها بعض الأفراد، كما أن هناك محاولات قامت بها بعض المجامع اللغوية. وسنبدأ بمحاولات الأفراد ثم نثني بمحاولات المجامع اللغوية.

أولا: محاولات الأفراد

أخذت هذه المحاولات أشكالًا متعددة ربما كان أهمها:

1-

وضع منهجية جديدة للمعجم العربي.

2-

تأليف المعاجم الميسرة.

3-

إعادة ترتيب المعاجم القديمة ترتيبًا سهلًا.

4-

معاجم المستشرقين.

وسنتناول كل محاولة من هذه المحاولات بالعرض السريع:

1-

أما وضع المنهجية الجديدة للمعجم العربي فقد قام بعبئه أحمد فارس الشدياق "1804 - 1887" الذي شغل نفسه بالعمل المعجمي منذ نعومة أظفاره. ومعظم آرائه عن المنهجية المعجمية تجدها في مقدمة كتابه "الجاسوس على القاموس" وفي ثنايا نقداته للقاموس المحيط.

كما أنه أشار إلى بعضها في كتابه "سير الليال في القلب والإبدال". ومن هذا وذاك يمكن أن نستخلص الأسس الآتية:

أ- ترتيب المادة اللغوية:

يختار الشدياق ترتيب المادة اللغوية على الترتيب الهجائي العادي، ثم يوازن بين طريقتي الصحاح وأساس البلاغة ويختار الثانية "فالأولى عندي ترتيب الأساس للزمخشري والمصباح المنير للفيومي، أعني مراعاة

ص: 304

أوائل الألفاظ دون أواخرها". ويرد على من يفضل طريقة الصحاح قائلًا: "فإن قيل: إن الترتيب على الأوائل لا يعين الشاعر على جمع الألفاظ التي تأتي على روي واحد، فالأولى ترتيب الصحاح - قلت: الخطب هين. فعلى اللغويين أن يبينوا سر الوضع وعلى الشعراء أن يؤلفوا كتابًا في القوافي"1.

ب- الترتيب الداخلي للمادة:

أكثر ما ضايق الشدياق في المعاجم العربية غياب النسق في عرض مفردات اللغة تحت المادة الواحدة. فما دامت المعاجم العربية قد اختارت طريقة الجذور في ترتيب الكلمات، وكانت هذه الطريقة نقتضي سرق العديد من الفروع والاشتقاقات تحت المدخل الواحد فقد كان من المنطقي أن تتفطن هذه المعاجم إلى طريقة لترتيب هذه الفروع وهو ما لم تفعله. وقد سبق أن عرضنا أمثلة لغياب الترتيب الداخلي من مادتي "عرض" و"ظفر". واقترح الشدياق للخروج من هذه الفوضى منهجًا يقوم على أساسين هما:

1-

مراعاة جانب اللفظ بتقديم الثلاثي على الرباعي والرباعي على الخماسي. وفي كل حالة يقدم المجرد على المزيد، ويبدأ بالفعل، تليه مشتقاته.

2-

مراعاة جانب المعنى عن طريق البدء بالحسي قبل المعنوي، والحقيقي قبل المجازي، واستيفاء معاني الكلمة قبل الانتقال إلى كلمة أخرى2.

جـ- صحة التعاريف:

يشترط الشدياق لصحة التعاريف شروطًا ثلاثًا هي:

1 الجاسوس على القاموس ص 26، 27.

2 الجاسوس ص 10، 11، 107، 108، وسير الليال س 11، 12، 61.

ص: 305

وضوحها وعدم إيقاعها في لبس. وقد عد من عدم الوضوح غموض عبارة الشرح، ولذات قسا على الفيروزآبادي في مقدمة جاسوسه لأنه يبدل عبارة المعاجم الواضحة إلى عبارة غامضة مبهمة. كما عد منه إيراد ألفاظ في التعاريف لا ترد في مظانها مع توقف المعنى عليها، كقول الجوهري في "ربح". "ربح في تجارته أي استشف" ولم يذكر استشف في بابها. وعد منه كذلك ذكر اللفظ دون تفسيره، كقول الفيروزآبادي في "صيف". "صيف الأرض كمعنى فهي مصيفة ومصيوفة".قال الشدياق: ولم يفسره. وعبارة الصحاح: "صيفت الأرض فهي مصيفة ومصيوفة إذا أصابها مطر الصيف1.

2-

تعدد طرقها عن طريق ذكر المرادف والمضاد، ووضع الكلمة في سياقاتها المختلفة، ومن أمثلة ذلك ذكره كلمات الألوان التي تأتي وصفًا للفظ الموت مثل:

الموت الأحمر: وهو أن يتغير بصر الرجل من الهول فيرى الدنيا في عينيه حمراء وسوداء.

الموت الأغبر: وهو الموت جوعًا، لأنه يغبر في عينيه كل شيء.

الموت الأسود: وهو الموت في غمة الماء.

الموت الأبيض: وهو موت العافية أو موت الفجأة لأنه يأخذ الإنسان ببياض لونه2.

3-

خلوها من الدور والتسلسل. وقد سبق أن ضربنا أمثلة على ذلك من ديوان الأدب والقاموس المحيط.

1 الجاسوس ص 3، 14، 57، 59، وسير الليال ص 55، 260.

2 سير الليال ص 337.

ص: 306

د- الوقوف عند اختصاص المعجم:

يرى الشدياق أن على المعجمي أن يقصر مادته على ألفاظ اللغة غير القياسية ولذلك اعتبر من قبيل التجاوز لوظيفة المعجم ما يأتي:

1-

ذكر المعلومات الموسوعية كخواص الأشياء ومنافعها مما حرص عليه صاحب القاموس كل الحرص مع أن موضعها كتب الطب لا كتب اللغة. وكذلك المعلومات الجغرافية والأعلام....

2-

ذكر المشتقات القياسية كإيراد المبني للمجهول بعد المبني للمعلوم مع أنه من المعروف أنه حيثما وجد المعلوم المتعدي وجد المجهول. وكذلك ذكر مصدر غير الثلاثي، والنص على اسم المرة أو الهيئة أو الزمان أو المكان

3-

ذكر ما هو من باب الفضول أو الاستطراد الذي لا فائدة فيه. وقد أخذ الشدياق معظم أمثلته من القاموس المحيط الذي بلغ الغاية في ذلك حتى تجاوز كل حد. ومن ذلك ذكره ما كان من قبيل الخرافات مثل خرافة الرخ والجزائر الخالدات وذكره أسماء أصحاب الكهف، وحديثه عن النسطورية والبطريق والإسكندر وغيرهم1.

هـ- وضع اللفظ المشتبه أصله في مظانه المختلفة:

هناك كلمات كثيرة في اللغة العربية يشتبه أصلها ومعرفة جذرها على اللغوي المتخصص فضلًا عن ابن اللغة العادي. وقد كان هذا النوع من الكلمات محل خلاف بين المعجميين، ولذا اختلفت مواضعه في المعاجم.

وكان رأي الشدياق وضع أمثلة هذه الكلمات حسب احتمالاتها.

1 الجاسوس 32، 80، 81، 241، 317، 396، 403 وسر الليال ص 46، 57، 607.

ص: 307

الممكنة في مظانها المختلفة مع الربط بين هذه المظان. ومن أمثلة ما رأى وضعه في أكثر من موضع الكلمات الآتية:

* كلمة "أثفية" التي توضع في "أنف" و"ثفي".

* كلمة "مكان" التي توضع في "مكن" و"كون".

* كلمة "ترجمان" التي توضع في "ترجم" و"رجم".

* كلمة "كبريت" التي توضع في "كبرت" و"كبر".

* كلمة "عفريت" التي توضع في "عفرت" و"عفر"1.

"وانظر كذلك كلمات: أول - است - آنق - ذرية - بذيء - دكان - بستان - ربان - اللات - هات - لدة - حاش "لله" وغيرها"2.

ويحدد الشدياق أصولًا معينة يكثر الخلط فيها، وهي المشتملة على علة يصعب ردها إلى الواو أو الياء" "انظر أبي، وذري، وروح، ورنا، وشكا" أو المشتملة على همزة أو نون "فمزلقة الهمزة أن بعضهم يراها أصلية وبعضهم يراها منقلبة عن حرف علة. ومزلقة النون أطم وأعم فإنها تلتبس في أوائل اللألفاظ وأواسطها وأواخرها مثال الأول لفظ نرجس، ومثال الثاني العنصر ومثال الثالث الربان والدكان والبرهان

وما لا يحصى من نظائرها"3.

و وضع المعرب تحت لفظه:

يرى الشدياق ضرورة وضع الكلمات المعربة تحت لفظها على اعتبار أن حروفها كلها أصلية. ولذا فهو ينتقد الفيروزآبادي في وضعه كلمة "استبرق" في "برق" و "أرجوان" في "رجو" ويذكر الشدياق

1 الجاسوس ص 29، 32، 33.

2 الجاسوس ص 372 وما بعدها.

3 الجاسوس 33، 38، 286، 372.

ص: 308

أن حكم "سألتمونيها" لا يجري على الألفاظ الأعجمية؛ لأن حروفها كلها أصلية1.

"ز" بيان درجة اللفظ في الاستعمال:

يرى الشدياق أن من وظيفة المعجم النص على درجة اللفظ في الاستعمال فيقول: "من عادة المحققين من اللغويين أن ينبهوا على الفصيح من الكلام، وعلى غير الفصيح، وعلى الغريب، والحوشي، والمتروك، والمهمل، والمذموم واللثغة. نحو ذلك" لذا عاب على صاحب القاموس إيراده بالالفاظ إيرادًا مطلقًا من دون أن ينبه على درجتها2.

2-

وأما محاولة تأليف المعاجم الميسرة فقد قام بعبئها أول الأمر اللبنانيين. وقد كان للنهضة المباركة التي هزت العالم العربي منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأدت إلى انتشار المعاجم المطبوعة بين الناس3، وقيام بعض العلماء بنقدها4، أو الموازنة بينها، الدعوة إلى تأليف معجم حديث - كان لكل أولئك أثر حميد في إيقاظ حمية بعض العلماء فتصدى نفر منهم لتحمل عبء وضع معجم حديث سهل.

1 الجاسوس ص 27 - 30.

2 الجاسوس 130 - 135.

3 انظر عدنان الخطيب ص 45، 46، 50، وقد ذكر في ص 45، 46 أن أول طبعة لصحاح الجوهري ظهرت عام 1865م، ولكتاب الرازي مختار الصحاح عام 1870م، ولكتاب الفيروزآبادي القاموس المحيط عام 1872، ولكتاب الفيومي المصباح عام 1876م ولكتاب ابن منظور لسان العرب، وكتاب الزمخشري أساس البلاغة عام 1882م، ولكتاب الزبيدي تاج العروس عام 1889 م، وبعد محاولة استمرت ما يقرب من عشرين سنة.

4 قبل مرور عشر سنوات على طبع القاموس المحيط مثلًا أخرج أحمد فارس الشدياق كتابه الجاسوس على القاموس وذلك عام 1881م.

ص: 309

ويلاحظ أن جميع الذين تصدوا لإخراج هذه المعاجم قد اختاروا الترتيب الهجائي العادي بحسب أوائل الكلمات، ولكن رأى بعضهم -وهم قلة- أن يبقوا على الكلمات بدون تجريد. ويلاحظ كذلك أن كل هؤلاء جميعًا قد اتجهوا نحو الاختصار والتركيز، وحاولوا ترتيب المادة ترتيبًا داخليًّا وتجنبوا عيوب المعاجم القديمة. ومنهم من زود معجمه. بصور ورسوم وزيادة في الإيضاح. ومن أشهر هذه المعاجم:

أ- "محيط المحيط" للعالم اللغوي بطرس البستاني، وهو يعتمد أساسًا على القاموس المحيط، ولكن مع حذف وإضافة، ومع تغيير نظامه إلى الترتيب الهجائي العادي. وقد ظهر في جزءين كبيرين وطبع عام 1869 م.

ب- "قطر المحيط" للمؤلف السابق. وقد ذكر أن هدفه من تأليفه "أن نضع فيها هذا المؤلف على وجه هين المراس سهل المأخذ ليكون للطلبة مصباحًا يكشف لهم عما أشكل عليهم من مفردات اللغة

وقد سميناه بقطر المحيط، لأن نسبته إلى كتابنا المطول في هذه الصناعة المسمى بمحيط المحيط توشك أن تكون كنسبة قطر الدائرة إلى محيطها

".

جـ- "أقرب الموارد في فصح العربية والشوارد" لسعيد الخوري الشرتوني وقد أخرجه أول الأمر في جزءين عام 1890 م، ثم أضاف إليه فيما بعد جزءًا ثالثًا بمثابة الذيل. وبرغم الجهود التي بذلها الشرتوني ليكون معجمه سليمًا من الأخطاء من العيوب لم يتحقق الكمال له. وقد أحصى الشيخ أحمد رضا هناته التي عثر عليها ونشرها في ثلثمائة صفحة في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق.

د- وفي عام 1809 أخرج الأب لويس معلوف اليسوعي "توفي 1946 م" كتابه "المنجد" بقصد خدمة الناشئين. ولقد جاءت مادة الكتاب قريبة المأخذ، سهلة التناول، مع إيجاز غير مخل. وأعيد طبع المعجم عدة مرات مع زيادات واستدراكات في كل مرة.

ص: 310

ومع ذلك لم يسلم المعجم من المأخذ فتصدى بعض الغيورين على العربية إلى بيان أوهامه وأخطائه اللغوية والتاريخية. ومما نشر في ذلك مقالات لمنير العماري في مجلة المعرفة الدمشقية، وبحث بعنوان نظر في المجد للأمير مصطفى الشهابي.

وفي طبعة عام 1956 ألحق به الأب فردينان توتل اليسوعي قسمًا بعنوان "المنجد في الأدب والعلوم" عني فيه بالترجمة لأعلام الشرق والغرب وزينه بكثير من الصور والرسوم والخرائط1.

هـ- "البستان"، "وفاكهة البستان وكلاهما لعبد الله البستاني، وثانيهما اختصار لأولهما. وقد ظهر الأول في مجلدين وطبع في بيروت عام 1930 م.

و وفي سنة 1958 طبع "متن اللغة" للشيخ أحمد رضا في خمسة أجزاء كبيرة ومقدمة طويلة بحث فيها من مولد اللغة وتطور اللغات إجمالًا، وعن نشأة اللغة العربية وتطورها واختلاف لهجاتها، وعن أوهام الأعلام وأغلاط أئمة اللغة. وألحق بمقدمة معجمه جداول متعددة للموازين والمقاييس والمكاييل وللكلمات المعربة حديثًا2.

ز- الرائد لجبران مسعود، وقد صدرت أول طبعة منه عام 1965 م. وأهم ما يتميز به ترتيب الكلمات تحت حروفها المنطوقة بدون تفريق بين أصلي وزائد. وقد وضعه المؤلف وفي ذهنه خدمة الطلاب، فهو أشبه بمعجم مدرسي منه بمرجع لغوي يمكن الاعتماد عليه والإشارة إليه في المصادر.

ح- "المساعد" للأب انستاس ماري الكرملي، وقد ظهر الجزء

1 عدنان الخطيب، ص52، وعبد السميع محمد: المعاجم العربية ص 179 - 185 بالإضافة إلى معجم المنجد نفسه.

2 عدنان الخطيب، ص 52، 54.

ص: 311

الأول منه بعد وفاة مؤلفه بربع قرن بتحقيق كوركيس عواد وعبد الحميد العلوجي "1972".

ويعد الكرملي أحد اللغويين المعاصرين القلائل الذين نافحوا عن اللغة العربية وبذلوا قصارى جهدهم في إظهار فضلها، وله في ذلك ما يزيد على ألف مقالة. وقد بدأ عمله في معجمه عام 1883 وظل يواصل العمل فيه حتى عام 1946. وقد سماه أولًا "ذيل لسان العرب" ثم عدل عن هذه التسمية وسماه "المساعد".

ومما ذكره الكرملي في مقدمة المعجم نعلم أن الذي دفعه إلى تأليفه ما لاحظه من خلو معاجم الأقدمين والمولدين العصريين من كثير من الألفاظ الواردة في دواوين الشعراء وكتب الأدب "فأخذنا منذ ذلك الحين بسد تلك الثغرة مدونين ما لا نجده في كتب لساننا".

وقد بنى معجمه على جملة أسس منها:

1-

ذكر مصدر الكلمة إن كانت دخيلة، وأصلها الثنائي إن كانت عربية.

2-

إذا أثبت لفظة لم ترد في المعاجم أرفقها بمحل ورودها.

3-

التنبيه إلى الأغلاط التى انسلت إلى لغتنا.

وقد توفي المؤلف بعد أن ترك المعجم مسودة مخطوطة بخطه في خمسة مجلدات ضخام.

ومن الجديد في هذا المعجم.

1-

تفسيره "الآبدة" في اصطلاح عهد العباسيين بالداهية التي تفسد الدين أو المعتقد. واستشهاده على هذا بما جاء في "نهاية الأرب" للنويري و"صبح الأعشى" القلقشندي.

2-

تصحيح استعمال "أبدًا" مع الفعل الماضي بدلًا من "قط" استشهادًا بقول أبي الهندي:

ص: 312

أَبا الوَليد أمَا وَاللَهِ لَو عَمِلَت

فيكَ الشَمولُ لما حَرَّمتَها أَبَدا

وليس أدل على ضخامة هذا المعجم من أن الجزء الأول منه قد انتهى بجزء من حرف الهمزة فقط.

3-

وأما إعادة ترتيب المعاجم القديمة أو اختصارها فيدخل تحتها:

أ- "ترتيب القاموس المحيط" للشيخ الطاهر أحمد الزاوي، وقد رتبه على ترتيب "المصباح المنير" و"أساس البلاغة"، وأخرجه في أجزاء. وقد التزم فيه ترتيبالكلمات تحت أوائلها بدون تجريدها من الزوائد.

يقول المؤلف في مقدمته: "وقد ظهر لي أن القاموس يكون أكثر فائدة لطلاب العلم، ويكون إقبالهم عليه أشد إذا أزيلت عنه هذه الصعوبة، وقدم إليهم في ثوب جديد بحيث يرتب على حروف أوائل الكلمات

واعتبار حروف الكلمة المنطوق بها، لا فرق بين زائد وأصلي. وبذلك يسهل عليهم الوصول إلى ما قصدوا"1.

ب- "مختار القاموس" للشيخ الزاوي كذلك. وقد رتبه على طريقة "مختار الصحاح" و"المصباح المنير"، وقال عن هدفه فيه:"وقد جعلت نصب عيني أن أختصر من أجزاء القاموس الأربعة جزءًا واحدًا يسهل على الطالب استصحابه إلى المدرسة أو الجامعة أو حيث يريد".

وقال عن منهجه: "وقد الجأتني ضرورة الاختصار إلى الاستغناء عن ذكر كثير من المواد التي لم يألفها المجتمع العام ولا تدعو الحاجة إلى استعمالها. كما حذفت أسماء الأشخاص والبلدان والأماكن والحيوانات وصفاتها.... وحذفت أسماء النباتات - إلا في القليل النادر - وخصائصها...."2.

1 مقدمة ترتيب القاموس صفحة "د". وقد سبق الحديث عن إعادة ترتيب لسان العرب.

2-

مقدمة مختار والقاموس، ص 6.

ص: 313

جـ- "المختار من صحاح اللغة" تأليف الأستاذين محمد محيى الدين عبد الحميد، ومحمد عبد اللطيف السبكي. وندع المؤلفين يشرحان مهمتهما، وما يتميز به معجمهما:

1-

"يشتمل كتابنا هذا إذن على جميع المواد التي يشتمل عليها كتاب "مختار الصحاح" الذي ألفه الإمام الرازي ولم نحذف منه شيئًا كما فعل الذين قاموا على ترتيبه من رجال وزارة المعارف المصرية".

2-

"ضبطنا مفرداته ضبطًا لا يبقى معه تردد لقارئ ولا مجال لبس على مبتدئ".

3-

"يشتمل على زيادة كثيرة هامة تبلغ مقدار نصف المختار".

4-

"رأينا أن نرتبه ترتيب الزمخشري في "الأساس" والفيومي في "المصباح"، لأنه أقرب إلى الناشئة وأسهل عليهم"1.

د- "الإفصاح في فقه اللغة" للأستاذين حسن يوسف موسى وعبد الفتاح الصعيدي. وهو المعجم الوحيد من بين المعاجم الحديثة الذي اتبع نظام الموضوعات في ترتيبه. ولا غرابة في هذا فهو مبني على كتاب "المخصص" لابن سيده، ويعد في جملته اختصارًا له. وقد ذكر الأستاذ العقاد في تقديم هذا الكتاب أن "الإفصاح سيرحب به المحافظون؛ لأنه تراث قديم يضن عليه بأن يهجر في زوايا النسيان، وسيرحب به المجددون؛ لأنه يختصر لهم طريق التنقيب عن المفردات، وسيرحب به كل مشتغل بالترجمة في علم أو أدب أو صناعة".

أما المؤلفان فقد ذكرا السبب في تأليف هذا المعجم، كما بينا جهدهما في تأليفه، ويتلخص هذا وذاك فيما يأتي:

1 مقدمة الطبعة الثانية صفحات و، ز، ح.

ص: 314

1-

من عيوب المخصص طوله واتساعه وكثرة شواهده المنظومة والمنثورة واستطراداته النحوية والصرفية، مما جعله وقفًا على الخواص، ولذلك قاما باختصاره.

2-

المعجم مبوب بحسب ما في الكون كله من آثار في الأرض، وآيات في السماء وبكل ما تحمل الدنيا ويدب فيها من إنسان أو حيوان أو طير أو نبات، وما تحفل به بطنها من معدن، أو ينتأ فوقها من صخر وكل ما يعمله الناس من صناعة أو زراعة أو تجارة أو فنون1.

3-

قرأ المؤلفان "القاموس المحيط" و"فقه اللغة" للثعالبي و"اللسان" والأساس وغيرها واستخلصا منها ما ند عن المخصص مما تمس الحاجة إليه.

4-

التحلية بالصور للحيوان والنبات والشجر والطيور والسمك والحشرات والأدوات.

5-

ألحق المؤلفان بالكتاب معجمًا للألفاظ مرتبًا ترتيبًا هجائيًّا على الحروف ليسهل الرجوع إلى مادته2.

ونلاحظ على عمل المؤلفين ما يأتي:

1-

أنهما لم يفصلا بين ما هو من كلام ابن سيده وما هو من إضافاتهما، ولم يذكرا المرجع مع كل إضافة. ولو فعلا لأمكن توثيق المادة المضافة، ولتبين مقدار ما أخذاه من كتب اللغة الأخرى.

2-

برغم أن الكتاب يقع في جزءين ضخمين مجموع صفحاتهما

1 وقد قسم المؤلفان مادته إلى ثلاثة وعشرين بابًا بدأت بباب خلق الإنسان وانتهت بباب في الخلق والعالم وأصناف الأشياء وأحوالها.

2-

وانظر مقدمة العقاد، ومقدمة الطبعة الأولى والطبعة الثانية للمؤلفين.

ص: 315

1396 صفحة فلم أجد في الجزء الأول كله ويقع في 664 صفحة إلا بضعًا وعشرين صورة. ومعنى هذا أن ما ذكره المؤلفان عن التحلية بالصور مبالغ فيه جدًّا بل يكاد يكون عديم القيمة.

4-

أما معاجم المستشرقين فمن أشهرها:

أ- محاولة فيشر المعجمية: وقد كان فيشر أحد كبار المستشرقين الألمان، وحجة في اللغات الشرقية من عربية وعبرية وسريانية وحبشية وفارسية وغيرها. وقد شغل كرسي الدراسات العربية بليزج منذ عام 1899. 1.

وقد عني فيشر بالمعجم العربي منذ أخريات القرن الماضي وعاش معه نحو خمسين سنة. ويظهر أن محاولته عمل معجم تاريخي للغة العربية قد تأثر فيها بمعجم أكسفورد التاريخي الذي نشر قبل مولده بقليل. ولقد قضى نحو أربعين سنة في جمع مادته وتنسيقها، وحين عرضها على مجمع اللغة العربية في مصر رحب بالفكرة، وقد قررت الحكومة المصرية عام 1936 السماح بإتمام عمله المعجمي في القاهرة، ووعدته بأن تتحمل نفقات طبعه، وأمدته بمساعدين شبان لمعاونته في القراءة والنسخ. ولكن الحرب العالمية الثانية قد اندلعت واضطر فيشر إلى العودة إلى وطنه. وتوزعت مواد معجمه بين مصر وألمانيا. وكان الأمل أن يعود فيشر بعد الحرب إلى مصر ليتم ما بدأ إلا أن المرض أقعده ثم عاجلته المنية، وتوفي عام 1949. 2.

وقد حدثنا فيشر أنه عرض فكرة تأليف هذا المعجم أولًا في مؤتمر المستشرقين الألمان في باسل Easel عام 1907، ثم في مؤتمرين آخرين

1 المجمعيون، ص 145.

2 مقدمة مدكور لمعجم فيشر صفحة "هـ"، ومقدمة فيشر ص 21، والمجمعيون، ص 145.

ص: 316

عالميين أحدهما عقد في كوبنهاجن سنة 1908 والآخر في أثينا عام 1912.

كما حدثنا عن الصعوبات المادية الكثيرة التي كانت تواجهه فتوقفه عن العمل أو تصيبه بالفتور، وعن عدم وجود ناشر ينفق على طبعه1.

وحاول المجمع أن يلم ما تفرق من جذاذات فيشر فلم يستطع الحصول على ما نقل منها إلى ألمانيا، ولاحظ أن ما بقي منها غير مكتمل، ولم يجد ما يصلح النشر منها سوى مقدمة أعدها المؤلف، ونموذج من حرف الهمزة فطبعهما المجمع.

وقد شرح فيشر في مقدمته النقص الظاهر في المعجمات العربية السابقة الذي يرجى لأجله تأليف معجم جديد كبير، ورآه يتركز في أن "المعجمات التي صنفها العرب لم تجمع كل كلمات اللغة العربية بل جمعت الفصيح منها فقط" ثم ذكر أن "منتهى الكمال لمعجم عصري أن يكون معجمًا تاريخيًّا، ويجب أن يحتوي المعجم التاريخي على كل كلمة تدوولت في اللغة. فإن جميع الكلمات المتداولة في لغة ما لها حقوق متساوية فيها

ولكن المعجمات العربية بعيدة كل البعد عن وجهة النظر هذه، إذ إنها لا تعالج الناحية التاريخية لمفردات اللغة".

واعتبر ذلك من عيوب المعاجم القديمة إغفالها كثيرًا من الآداب النثرية مثل "قصص البطولة لأيام العرب وكتاب السيرة لابن هشام، وكتاب المغازي للواقدي، وكتاب تاريخ الرسل والملوك للطبري وغيرها من كتب الأدب القديمة. وقد حوى هذا الأدب المنثور كلمات وتراكيب كثيرة لا أثر لها في القرآن الكريم أو الحديث الشريف أو الشعر القديم، وهو من بعض النواحي يقدم لنا صورة من اللغة العربية القديمة أحسن مما يقدمه الشعر".

أما المنهج الذي رسمه فيشر لمعجمه فيتلخص فيما يأتي:

1-

الرجوع إلى الواقع اللغوي المسجل، والمحدد بعصور معينة

1 مقدمة فيشر، ص 29 - 31.

ص: 317

مع البدء بالكتابة المنقوشة المعروفة بنقوش النمارة من القرن الرابع الميلادي والانتهاء بنهاية القرن الثالث الهجري، وهو القرن الذي اعتبره المجمع اللغوي منتهى ما وصلت إليه اللغة العربية الفصحى من كمال.

2-

اشتمال المعجم على كل كلمة -بلا استثناء- وجدت في اللغة.

3-

ضرورة معالجة الكلمات من النواحي السبع التالية: التاريخية، والاشتقاقية1، والتصريفية2، والتعبيرية3، والنحوية، والبينية، والأسلوبية4.

وأهمية التداول التاريخي تبدو من أن اللغة دائمة التطور، ولكل كلمة تطورها التاريخي الخاص. ولهذا يجب أن يوضح هذا التطور التاريخي بمقتضى ما لدينا من وسائل وإن كانت وسائل قاصرة.

والأهمية العظمى يجب أن تعطى للموضوع الذي وردت فيه الكلمة لأول مرة في آداب اللغة. وكما يجب أن يعني ببدء تطور الكلمة يجب أن يعنى بآخر تطورها، وهل لاقت موتًا في الزمن القديم أو الحديث، أو اندثر معنى من معانيها....

4-

مراعاة ترتيب المعاني المتعددة للكلمة بتقديم المعنى العام على الخاص والحسي على العقلي والحقيقي على المجازي ونحو ذلك.

5-

تحديد المحيط اللغوي الذي تستعمل فيه الكلمة أو التعبير أو

1 وتتناول توليد الكلمات وبحث أصول الكلمات وأنسابها.

2 وتتناول تصريف الأفعال والأسماء.

3 وتتناول تحقيق معنى الكلمة أو معانيها مع ترتيب المعاني والتفريق بين الحقيقي والمجازي منها.

4-

وتحدد المحيط اللغوي الذي تستعمل فيه الكلمة أو التعبير أو التركيب.

ص: 318

التركيب، كلغة القرآن ولغة الحديث وأسلوب الشعر والنثر، والأسلوب التاريخي وأسلوب الفنون وغيرها.

6-

محاولة إتباع الشرح باللغة العربية بالترجمة المختصرة الإنجليزية أو الفرنسية زيادة في الإيضاح، وحتى تعين المستشرقين الذين لم يتمكنوا من اللغة العربية غاية التمكن.

ولكن إذا رجعنا إلى النموذج الذي طبعه مجمع اللغة العربية نلاحظ أن المؤلف لم يلتزم أن يطبق في هذا النموذج المنهج التاريخي الذي ادعاه ولا التسلسل الزمني لتطور كلمة، سواء من ناحية النطق أو الدلالة، وإنما كل ما يزيده على المعاجم الأخرى "القديمة منها لا الحديثة" ترتيب مادة الكلمة ترتيبًا داخليًّا، وذكر المصادر التي تعرضت لعلاج هذه الكلمة. نعم ذكر فيشر عند علاجه لكلمة الأوابد أنها وردت بمعنى المضحكات في كشاف الزمخشري من علماء القرن السادس الهجري1.

ولكن هل الزمخشري حقًّا أول من استعملها؟ وإذا كان كذلك، أفلا يتناقض هذا مع ما سبق ذكره من الوقوف عند القرن الثالث؟ كذلك يرد في أول المادة مقارنة الكلمة بنظائرها الساميات كالأثيوبية والأكدية والعبرية والآرامية، وهو جهد قيم يسجل للمؤلف بالتقدير.

ب- معجم لين: أما اسم المؤلف فهو إدوارد وليم لين، وقد ولد عام 1801 وتوفي عام 1876 م. وأما الاسم الذي اختاره لمعجمه فهو "مد القاموس" وهو معجم عربي إنجليزي ضخم في ثمانية أجزاء، نشر خمسة منها في حياة المؤلف وثلاثة بعد مماته. وهو ليس كسائر المعاجم المزدوجة اللغة تعطى الكلمة ومعناها، وإنما هو أشبه بمعجم عربي مرفقة به ترجمة لمادته باللغة الإنجليزية.

ويقول الأستاذ نجيب العقيقي عن هذا المعجم: "ومد القاموس

1 وانظر: درويش: المعاجم العربية، ص 146.

ص: 319

جمع لأول مرة في تاريخ اللغة العربية المفردات من أمهات كتب الأدب، مما لم يرد في المعاجم القديمة أو معجمي جوليوس وفرايتاج، ومنتخبات من القرآن الكريم، بحيث أصبح قاعدة بنيت عليها معظم المعاجم العربية الأحدث عهدًا باللغات الأوروبية، وما زال من أجود المعاجم المتداولة"1.

ويقول الأستاذ آربري: "الرئيس السابق لقسم الدراسات الشرقية بجامعةكمبردج":"إن هذا المعجم يعد أكثر خدمة قدمها أوروبي للغة العربية"2. ووصف فيشر المؤلف بقوله: "لين أعلم المستشرقين بالمعجمات العربية"3.

أما عن مصادر لين فكانت المعجمات العربية التي ألفها العرب سواء المطبوعة منها والمخطوطة مما اتفق له الحصول عليها، واعتمد أكثر ما اعتمد منها على تاج العروس للزبيدي4.

وأهم نقص في هذا المعجم أن مؤلفه مات قبل أن يتمه، إذ لم يصل فيه إلا إلى حرف القاف. وقد طرح في اجتماع دولي للمستشرقين أمر إكماله واعتبر ذلك أمرًا ذا أهمية خاصة، حتى إن كريمر "توفي عام 1961" بدأ معجمه العربي - الألماني - الإنجليزي من حرف القاف من أجل ذلك، وظهر في أربعة أجزاء5.

ولكن يكفي لتصوير جهد المؤلف في هذا أن نعلم أنه قصد مصر خصيصي من أجله، وكان يعمل فيه بين اثنتى عشرة أربعة ساعة وأربع عشرة ساعة يوميًّا، وأفرغ الخمس والعشرين سنة الأخيرة من حياته في

1 2/ 481.

2 الأعلام مادة إدوارد وليم لين.

3 المعجم التاريخي ص 18.

4 المرجع ص 19 ودائرة المعارف البريطانية مادة "Lane".

5 دائرة المعارف البريطانية، مادة "Lane". والمشترقون للعقيقي 2/ 787.

ص: 320

إنجازه. وقد كان لين إلى جانب ذلك ممن يتقنون اللغة العربية كتابة وخطابة، وقصد مصر أكثر من مرة، وأعلن إسلامه، وتسمى باسم منصور أفندي، وتردد على الأزهر وسائر المساجد للصلاة وطلب العلم1.

جـ- معجم دوزي أو تكملة المعاجم العربية: وهذا المعجم في الحقيقة يعد ذيلًا على المعاجم العربية، ذكر فيه ما لم يجد له ذكرًا فيها. وقد طبع المعجم في مجلدين ضخمين بالعربية والفرنسية "ليدن 1877- 1881" م وليدن - باريس 1927، ثم أعادت مكتبة لبنان طبعه مصورًا بالأوفست في بيروت "1968". وأخيرًا قام بترجمة قسم كبير منه الدكتور النعيمي.

ودوزي هو اسم الأسرة أما الاسم الشخصي فهو رينهارت، وقد تعلم مبادئ العربية في منزله، فقد كان من أسرة تحب الاستشراق ثم واصل دراستها بعد بجامعة ليدن، وتعمق في فهمها، ودرس الشعر الجاهلي. وبرغم أن دوزي عاش في هولندا فأصله فرنسي هاجر أسلافه من فرنسا إلى هولندا في منتصف القرن السابع عشر.

وقد كان مولده عام 1820 م ووفاته عام 1883م. وقد تولى إدارة مخطوطات مكتبة ليدن الشرقية ووضع فهرسين لها، كما عين أستاذًا للعربية بجامعة ليدن "1850 - 1878" وكان عضوًا في عديد من المجامع العلمية2.

1 العقيقي 2/ 480.

2 المرجع السابق 2/ 685- 660، الأعلام، مادة رينهارت دوزي، وفيشر ص6. وانظر ترجمة وافية له في مقدمة الترجمة للدكتور محمد سليم النعيمي.

ص: 321

ثانيًا: محاولات المجامع اللغوية

انتوت كثير من المجامع اللغوية إخراج أنواع مختلفة من المعاجم تخدم أغراضًا خاصة، وقد تحقق بعضها وظهر فعلًا، ولكن بعضًا آخر منها ما يزال فكرة أو مشروعًا لم يخرج إلى حيز الوجود. وأهم هذه المجامع: مجمع اللغة العربية في مصر، والمكتب الدائم لتنسيق التعريب التابع لجامعة الدول العربية، والذي يتخذ المغرب مقرًّا له، والمجمع العلمي العربي بدمشق1، وأخيرًا مجمع اللغة العربية بالأردن.

أما مجمع اللغة العربية بالقاهرة فقد نص في مرسومه على أن من أهم أغراضه "أن يقوم بوضع معجم تاريخي للغة العربية" وقد أخذ نفسه بذلك منذ البداية وكون في دروته الأولى "لجنة المعجم" من كبار اللغوين العرب والمستعربين. كذلك جاء في قانون إنشاء مجمع العربية "افتتح عام 1934" أن من أهدافه وضع معجمات ثلاثة.

1-

معجم وجيز يقتصر على الألفاظ الكثيرة الدوران بمقدار ما يناسب الدراسات الأولى.

2-

معجم وسيط يتوسع فيه، مع الاقتصار على الألفاظ المستعملة في فصيح الكلام تأليفًا وإنشاء بمقدار ما يناسب الدراسات الوسطى.

3-

معجم بسيط يكون ديوانًا عامًّا للغة، جامعًا شواردها وغريبها، مبينًا أطوار كلماتها وما طرأ على بعضها من توسع في الاستعمال، أو تغير في المعنى في عصور اللغة المختلفة.

كذلك جاء في هذا القانون أن من أهدافه وضع معجمات صغيرة لمصطلحات العلوم والفنون وغيرها.

1 تغير اسمه الآن إلى مجمع اللغة العربية بدمشق.

ص: 322

ولم ينفذ المجمع بعد كل مشروعاته وإنما نفذ منها ما يأتي:

1-

المعجم الوسيط: وقد طبع ثلاث طبعات حتى الآن ظهرت أولاها عام 1961 في جزءين كبيرين يحتويان على نحو 1100 صفحة من ثلاثة أعمدة ومن القطع الكبير، ويشتمل على نحو 30 ألف مادة، ومليون كلمة وستمائة صورة. وظهرت طبعته الأخيرة عام 1985.

وقد كان الغرض من تأليفه تدارك أخطاء السابقين في تأليفهم، وقصورهم في الشرح والترتيب. فقد كان مما يعيب المعاجم القديمة -على غزارة مادتها وتنوع أساليبها- أنها لم تعد تواجه العصر ولا مقتضياته، لأن في شروحها غموضًا، وفي بعض تعاريفها خطأ، وفي تبويبها لبسًا.

وقد وقف أصحاب المعاجم إلى جانب ذلك عند حدود زمنية ضيقة ففقدت معاجمهم كثيرًا من معالم الحياة والتطور. كذلك من شروط المعجم الحديث أن يكون سهل المأخذ واضحًا دقيقًا مصورًا ما أمكن، محكم التبويب، وهذا ما حاول المجمع تطبيقه بالفعل. كما يمتاز باشتماله على مصطلحات العلوم والفنون، وضمه كثيرًا من ألفاظ الحياة العامة، واحتوائه على عديد من الألفاظ المولدة والمعربة حديثًا. كما راعى المعجم قرارات المجمع المختلفة في دوراته مثل قياسية صوغ المصدر الصناعي، وقياسية تعدية الفعل الثلاثي بالهمزة، وقياسية صوغ مطاوع فعل على تفعل وهكذا1.

وفي سبيل الترتيب الداخلي روعي في ترتيب الكلمات تقديم الأفعال على الأسماء. والمجرد على المزيد، والمعنى الحسي على العقلي، والحقيقي على المجازي، والفعل اللازم على المتعدي

وهكذا.

1 من الكلمات التي أقرها المجمع اللغوي ووردت في الوسيط: كلمة قيم ومصدرها التقييم، وكلمة فنان للشاعر والأديب والرسام. وكلمة قاموس بمعنى معجم. وهناك كلمات كثيرة ورد بعدها الرمز "مج" وهو يعني أنها كلمات مجميعة أقرها مجمع اللغة العربية.

ص: 323

وقد اكتشف المجمع بعض هنات في معجمه تداركها في طبعتيه الثانية والثالثة.

2-

المعجم الكبير: ظهر منه جزءان فقط، يشمل الأول منهما قسمًا من حرف الهمزة. وقد ظهر لأول مرة عام 1956. وهو يسير على الترتيب الهجائي العادي بعد تجريد الكلمة من الزوائد. ويدل على الحجم الذي ينتظر أن يظهر فيه المعجم ذلك الجزء الذي يقع في نحو 428 صفحة "عدا الفهارس التي تقع في 90 صفحة والمقدمة التي تقع في 8 صفحات"، ولم يصل إلا إلى مادة "أخى" من حرف الهمزة.

وقد التزم المعجم ما يأتي:

1-

تصدير كل مادة بمعانيها الرئيسية إجمالًا ثم يتناول كلًّا منها تفصيلًا.

2-

ذكر أصل المادة أو أصولها في الساميات إن وجد ذلك.

3 رد الكلمات المأخوذة من لغات أجنبية إلى أصولها.

4-

ترتيب المادة بحسب المعاني الكبرى، مع التدرج من المدلولات المادية إلى المعنوية.

5-

الاستشهاد بالشعر والنثر مع اختلاف العصور، ومع الترتيب الزمني بقدر الإمكان.

6-

ذكر ما لا بد من ذكره من الأعلام والتعريف بها في إيجاز، وكذلك أسماء الأمكنة.

7-

الإشارة إلى المرجع حين يكون ذلك مفيدًا.

8-

العناية بالضبط بالشكل1.

1 راجع: مجمع اللغة العربية في خمسين عامًا ص 156، وعبد السميع، ص 187 وما بعدها، ودرويش ص 147 وما بعدها، والجزء الأول من المعجم.

ص: 324

وقد أعيد طبع الجزء الأول مؤخرًا ونشرته دار المعارف بالقاهرة مع بعض تعديلات، ومحاولة لتدارك أخطاء الطبعة الأولى.

3-

معجم ألفاظ القرآن الكريم: وقد بدأ المجمع في إخراجه تباعًا منذ عام 1953 حيث أصدر الجزء الأول منه ثم في سنة 1959 ظهر الجزء الثاني، وفي سنة 1961 ظهر الجزء الثالث ووصل إلى آخر حرف السين وقد انتهى طبع المعجم عام 1970، وأعادت دار الشروق طبعه في مجلد واحد. ويعد المجمع الآن لطبعة جديدة، وألف لجنة لتعيد النظر في تنسيق المعجم واستدراك ما فات في الطبعات الأولى.

وهو مرتب على الترتيب الهجائي العادي ويشرح ألفاظ القرآن شرحًا لغويًّا مع بيان المزيد والمجرد والمصدر والمشتقات، وإذا كان للفظ معان مختلفة قدمت الحسية على المعنوية، ورتبت الأخيرة بحسب أهميتها وكثرة ورودها في القرآن 1.

4-

مصطلحات العلوم والفنون: يقف المجمع نحو 70% من نشاطه في جمع المصطلحات ومناقشتها وإقرارها. وقد أخرج قديمًا كراسات في مصطلحات بعض العلوم ومنذ سنة 1942 وهو يوالي إخراج مجموعات كبيرة كل عام تضم مصطلحاته التي يقرها المؤتمر السنوي وهي في حدود الألفين تقريبًا2، وقد ظهرت مجموعات كبيرة من هذه المصطلحات تضم كل مجموعة مصطلحات علم أو فن معين، كما يحرص المجمع على نشرها في مجلته الدورية.

5-

المعجم الوجيز: وقد صدرت طبعته الأولى عام 1980، وهو معجم مدرسي كتب بروح العصر ولغته ويتلاءم مع مراحل التعليم العام.

وأضيف فيه إلى المادة اللغوية التقليدية ما دعت إليه الضرورة من

1 مجمع اللغة العربية في خمسين عامًا ص 148 وما بعدها مع المعجم نفسه.

2 المرجع، ص 122 وما بعدها.

ص: 325

الألفاظ المولدة أو المستحدثة أو المعربة أو الدخيلة، كما أورد طائفة من المصطلحات الشائعة التي يستعملها التلاميذ.

وقد رتب المعجم على حسب أصول الكلمات. ورتبت الأصول على حسب أوائلها. واختارت لجنة الوجيز من مادة الوسيط ما رأت فيه الوفاء بحاجة الطالب. وجاء مجموع ما حواه زهاء خمسة آلاف مادة، صور منها ما يحتاج توضيحه إلى تصوير من نحو نبات أو حيوان أو آلة، فاشتمل على أكثر من 600 صورة.

وراعت اللجنة جملة من القواعد تحقق الاختصار والترتيب الداخلي للمواد، وظهر في 687 صفحة تحوي كل صفحة ثلاثة أعمدة1.

وأما المكتب الدائم لتنسيق التعريب2 فلم يوجه اهتمامه للمعاجم الشاملة، وإنما لمعاجم المصطلحات، وقام بمهمة التنسيق بين جهود العلماء في التعريب.

وقد تأسس المكتب عام 1969 وألحق بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1972. ومنذ ذلك الحين وهو يصدر دورية منظمة باسم "اللسان العربي" يخصص من بين أجزائها جزءًا لمشاريع المعاجم المنسقة إلى جانب ما يطبعه طبعات مستقلة. وقد نشر المكتب من هذا القبيل عشرات من المعاجم المتخصصة معظمها ثلاثي اللغة "عربي - انجليزي - فرنسي" تسهيلًا لعمل الباحثين وتيسيرًا لنشر المصطلحات التقنية والعلمية في الوطن العربي.

1 انظر تصدير الدكتور مدكور ومقدمته الأستاذ مصطفى حجازي للمعجم.

2 انظر مجلة اللسان العربي "العدد 17، الجزء الأول" الصفحات 324 وما بعدها ففيها تعريف واف بمكتب تنسيق التعريب.

ص: 326

ولدى المكتب مشروعات كثيرة منها:

1-

إعداد معجم للألفاظ المنحدرة من أصل فصيح إلى اللهجات العامية في البلاد العربية.

2-

إعداد معجم أحادي للغة للتعابير السياقية والاصطلاحية.

3-

إنشاء بنك مركزي عربي للمصطلحات العلمية والتقنية.

4-

إعداد معجم الألفاظ الفصيحة التي دخلت عربية العصر الحديث وهي عامية الأصل.

5-

إعداد معجم للمعاني يجمع الحصيلة اللغوية في كل علم وفن، مما يمده به الكتاب والهيئات بقصد نشرها في كتاب مستقل على الترتيب الموضوعي، وقد أوصى مؤتمر التعريب المنعقد بالرباط من 3- 7 إبريل سنة 1961 بوضع هذا المعجم ليكون عونًا لأبناء العربية على العثور على الألفاظ الدقيقة لما يجول في أذهانهم من المعاني والصور. وقد عرضت على مؤتمر التعريب الرابع "1980" مجموعات من مصطلحات التعليم المهني والتقني فأقرها.

6-

عمل معجم حي يجمع في صورة مبسطة ومحددة المفردات العربية الجارية في الاستعمال العربي السليم اليوم ومعانيها الراهنة تختار من الكتب الدراسية والجامعية والمؤلفات العلمية الحديثة وقوائم المصطلحات التي تنشرها المجامع اللغوية ومن الصحف والمجلات السائرة والقصص الجارية.

7-

عمل معاجم ثنائية اللغة للمصطلحات العلمية والفنية والحضارية والمعربة.

وقد أنجز المكتب الدائم كثيرًا من هذه المشروعات وبخاصة معاجم المصطلحات التي بدأ في إنجازها ونشرها مثل معجم الفيزياء والرياضيات

ص: 327

"فرنسي - إنجليزي - عربي" والمعجم السياحي، "فرنسي - إنجليزي - عربي"1، وعشرات غيرها.

أما المجمع العلمي العربي بدمشق: فقد اتسعت أهدافه لتشمل مختلف العلوم الحديثة والقديمة، واتجهت معظم جهوده المعجمية إلى وضع المصطلحات العربية لكي تحل محل الألفاظ الأعجمية، وإصدار قوائم لنقد لغة الصحافة والكتابة والمحادثة وتنقيتها من الشوائب. وله اتصال بالمجامع اللغوية الأخرى لتوحيد الجهود ولا سيما في مجال المصطلحات2.

1 انظر مجلة "اللسان العربي" وهي مجلة يصدرها المكتب الدائم لتنسيق التعريب بالمغرب وقد ظهر منها أكثر من عشرين مجلدًا، يحتوي على جزءين أو ثلاثة أجزاء.

2 راجع مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق مجلد 32، ج1، سنة 1957 م. صفحات 72، 77.

ص: 328

5-

قائمة

بكلمات يصعب معرفة أصلها "*".

ائتلي = ألو - ألى

آدم = أدم

آل = أول

آلاء = ألى

آية = أيا

إبليس = بلس

ابن = بنو

اتبع = تبع

اتخذ = أخذ

اتزر = أزر

اتسم = وسم

اتقى = وقى

اثاقل = ثقل

اثنان = ثنى

أجم = جمم

أخت = أخو

أخ = أخو

ادارك = درك

ادخر = ذخر

ادكر = ذكر

ارائك = أرك

أرجاء = رجو

ازدهر = زهر

اضطرب = ضرب

اطرد = طرد

اطير = طير

أقت = وقت

أكمة = أكم

أكمه = كمه

الله = أله

أُمة = أمم

أَمة = أمو

أمهات = أمم

أنبوب = نبب

أودية = ودي

* الكلمات مرتبة بحسب نطقها لا أصلها. والهمزة مقدمة فيها على الألف.

ص: 329

أولي = ولى

أولى = وول - أول

أول = وول - وأل

بال "اسم" = بول

برية = برأ

بلبل = بلل

بنو = بني - بنو

بيهق = بهق

تارة = تور - تير

تترى = وتر

تجاه = وجه

تخمة = وخم

تراث - ورث

ترقوة = رقو - رقي - ترق

تعالى "الله" = علو

تقوى = وقى

تكلة = وكل

ثُبات = ثبو

ثَبات = ثبت

ثري = "يائية".

ثقات = وثق

جبروت = جبر

جدّة = جدد

جدَة = وجد

جمجمة = جمم

جوهر = جهر

حادي "عدد" = وحد

حادي "الإبل" = حدو

حانوت = حنو

حسان = حسس - حسن

حصاة = "يائية"

حماة = "واوية".

حواء = حوا

خنزير = خزر - خنزر

داء = دوأ

دم = دمي

دواء = دوا

دويّ = دوا

ديمومة = ديم = دمم

دية = ودي

ذر "أمر" = وذر

ذر: ذرر

ربان = ربب

رحموت = رحم

رحى = "يائية"

رمان = رمم - رمن

رياح = روح

زكاة = واوية

زن "أمر من زان" = زين

زن "أمر من وزن" = وزن

سام = سوم

سام = سمم

سنا = "واوية".

ص: 330

سواء = سوى

سواسية = سوى

سية "القوس" = سيا

سيّان = سوى

شتان - شتت

شتى "متفرقة" = شتت

شتى "من الشتاء" = شتي

شجي = "يائية".

شذا = واوية".

شفا = شفه - شفو

شكاة = "واوية".

شيطان = شيط - شطن

عمار "يصور" = صور

صار "يصير" = صير

صبا = "واوية".

صدى = "يائية".

صفا = "واوية".

طلا = "واوية".

طوبى = طيب

عصا = "واوية".

عفان = عفن - عفف

عيد = عود.

غداة = "واوية"

غضا = واوية"

فد "أمر من فاد" = فيد

فد "أمر من وفد" = وفد

فراء "جمع فراء: حمار الوحش " = فرأ

فراء "جمع فروط = فرو

فلاة = "واوية".

قائل "من القول" = قول

قائل "من القيلولة" = قيل

قذاة = "يائية"

قرنفل = قرفل - قرنفل

قضاة = قضي

قفا = "واوية"

قلا "أ- إنضاج الطعام على المقلاة = قلو

"ب- البغض والهجر" = قلى

قناة = "واوية".

كرة = كرو

كلتا = كلو - كلت

كوكب = ككب - كوكب

لا سيما = سوى

لثه = لثه - لثي - لوث

لدة = ولد

لظى = "يائية"

لغة = لغو - لغي

لهاة = "واوية".

مآب = أوب

مئات = مأو - مأي

ماء = موه

ص: 331

محيص "فعيل" = محص

محيص "مفعل" - حيص

مداك = دوك

مدينة "فعيلة" مدن

مدينة "مفعلة" = دين

مسيح "مفعل" = سيح

مسيح "فعيل" = مسح

مشكاة = شكو

مصير "مفرد مصران" = مصر - صير

معين "ماء" = معن - عين

مقلات = قلت

مقلاة = قلي

ملائكة = ملك _ ألك - لأك

ملكوت = ملك

مهاة = "واوية"

مَوَات = موت

مُوَات = وتى

ميعاد = وعد

ميناء = وني

نار = نور

نبي = نبو

نجاة = "واوية".

نرجس = رجس - نرجس

نسا "عرق" = "واوية".

نيران = نور

هب "أمر من وهب" = وهب

هب "أمر من هيب" = هيب

هب "أمر بمعنى احسب" = وهب

يحموم = حمم

ص: 332