المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الباب الثالث: قضية التأثير والتأثر ‌ ‌مدخل … الباب الثالث: قضية التأثير والتأثر تمهيد: ليس من - البحث اللغوي عند العرب

[أحمد مختار عمر]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌الباب الثالث: قضية التأثير والتأثر ‌ ‌مدخل … الباب الثالث: قضية التأثير والتأثر تمهيد: ليس من

‌الباب الثالث: قضية التأثير والتأثر

‌مدخل

الباب الثالث: قضية التأثير والتأثر

تمهيد:

ليس من السهل ونحن نبحث قضية التأثير والتأثر أن نصل إلى نتائج قطعية حاسمة، لأن مشكلة التأثير والتأثر من المشكلات الشائكة التي يصعب علاجها، وخصوصًا إذا كانت تتناول موضوعًا مضى عليه مئات السنين. وربما كانت قضية التأثر الأجنبي بالدرس اللغوي عند العرب أسهل تناولًا من قضية التأثير الأجنبي وأقوى أدلة، لأن التأثر قد تم في فترة متأخرة نسبيًّا، ولأن الأمثلة والشواهد على وجود هذا التأثر كثيرة وشبه قطعية.

ويجب أولًا وقبل أن نبدأ دراستنا لهذه القضية أن ننبه إلى أمرين:

1-

أنه لا يصح -حين يجد الباحث تشابهًا بين عملين- أن يعول على مجرد السبق الزمني ويتخذه دليلًا على تأثير السابق في اللاحق. فالعقل البشري هو العقل البشري في أي بقعة من أنحاء العالم. وما يهتدي إليه المرء في بلد قد يهتدي إليه آخر في بلد آخر دون أن يطلع على ما انتهى إليه غيره. وقد يتشابه العملان أو يتطابقان ويظل كل منهما أصلًا في ذاته1.

2-

أن كثيرًا من الأحكام التي أطلقت حول قضية التأثير والتأثر قد أثبتت الأيام خطأها -أو على الأقل قدمت ما يشك فيها. ومن ذلك ما كان يظن من أسبقية الهنود في علم الفلك، وقد قال غرستاف

1 من ذلك ما لاحظه العلماء في مجال الفلك من وجود تطابق بين الهنود والعرب في تقسيم منازل القمر. وقد نفيى وليم جونز أي صلة بين العملين ورأى اتفاقهما بمحض الصدفة.

"انظر: on the Indian and Arabian Division of the zediac ص 281 - 283".

ص: 341

لوبون في ذلك: "ما كان يقال حول قدم علم الفلك الهندوسي ودقته من الأفكار، قد أهمل تجاه الدراسات التامة، فأصبحت هذه الأفكار غير جديرة بعناية أحد"1 بل أكثر من هذا يرى غوستاف لوبون أن القضية بالعكس وأن هناك قسمًا كبيرًا من المعارف العلمية قد نقله المسلمون إلى الهند أو الصين ثم عده الأوربيون فيما بعد من أصل هندوسي أو صيني2.

1 حضارة الهند، ص 547.

2 حضارة العرب، ص 564.

ص: 342