الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس: (1) من العدد
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أرحب بإخواني مع بداية الفصل الخامس وأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بالعلم النافع والعمل الصالح وأن يعيننا بفضله ومنه وكرمه على إتمام الجزء المتبقي من متن زاد المسقنع وتعلمون توقفنا على
كتاب العدد
بعد أن أنهينا كاب اللعان فنبدأ مستعينين بالله بهذا الكتاب الذي توقفنا عنده.
قال المؤلف رحمه الله:
كتاب العدد
العدد جمع مفرده عدة وهو مشتق من العدد ووجه الاشتقاق أن العدة إنما تعرف وتحصى بالعدد سواء كانت العدة بالحيض أو كانت بالأشهر في الحالتين إنما تحصى وتعرف بالعدد ولهذا اشتقت من العدد والعدد في لغة العرب هو الإحصاء والضبط.
وأما في الشرع: فالعدة هي المدة الزمنية التي تتربصها المرأة المطلقة لتعلم براءة الرحم. إذا العدة في الشرع تكون مدة والغرض منها معرفة براءة الرحم، فاشتمل التعريف على معرفة ماهية العدة والحكمة منها
ثم - قال رحمه الله (تلزم العدة كل امرأة فارقت زوجا خلا بها)
قوله تلزم العدة .. أفادنا المؤلف بهذه العبارة أن العدة واجبة ووجوب العدة محل إجماع في الجملة ، والعدة مشروعة من حيث الأصل بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فعدد من الآيات منها قوله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} البقرة/228
فهذه الآية نص في عدة المطلقة وأما الأحاديث فكثيرة كما سيأتينا في أنواع المعتدات كما في حديث فاطمة بنت قيس وغيره من الأحاديث وقد أجمع أهل العلم على أن العدة مشروعة بل سمعتم أنها واجبة ، فهذا معنى قول المؤلف تلزم العدة كل امرأة فارقت زوجا خلا بها. بدأ المؤلف في بيان ما هي أو من هن الزوجات الآتي تلزمهن العدة وبدأ بالأولى فقال تلزم العدة كل امرأة فارقت زوجا خلا بها
إذا الأولى هي المرأة التي فارقها زوجها بعد الخلوة فإذا خلا بها فإن العدة تجب ، ومعنى قول المؤلف خلا بها يعني ولو بلا وطء ، وهذه المسألة وهي وجوب العدة بمجرد الخلوة محل خلاف. فالقول الأول: هو ما سمعت هو مذهب الحنابلة بل هو مذهب الجمهور من السلف والخلف أن العدة تجب بمجرد الخلوة واستدل الجماهير على هذا الحكم بالآثار الثابتة عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي عن التابعين أن الخلفاء الراشدين قضوا وحكموا أن من أرخى سترا أو أغلق بابا فقد وجب المهر والعدة. فهذا الأثر مروي عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم إلا أن هذا الأثر في إسناده شي من الضعف فهو معلول بالإرسال.
الدليل الثاني: أنه صح عن عمر رضي الله عنه أنه أوجب العدة بالخلوة. الدليل الثالث: صح عن ابن عمر ، الدليل الرابع: صح عن علي. الدليل الخامس: صح عن زيد بن ثابت. فهو مروي عن الصحابة. والأثر المروي عن الخلفاء الراشدين وإن كان في إسناده ضعفا إلا انه يتقوى بالآثار الأخرى المروية عن عمر وعلي رضي الله عنه.
القول الثاني: وهو مذهب الشافعي القديم: أن العدة لا تجب بمجرد الخلوة. واستدل الشافعي ثم رحمه الله بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} [الأحزاب/49]. وقد صرحت الآية أن العدة إنما تجب بالمسيس ونفى العدة عند انتفاء المسيس والخلوة المجردة عن الوطء ليس فيها مسيس. والمس في الاية هو الجماع. والدليل الثاني لأصحاب القول الثاني أن عدم وجوب العدة مروي عن ابن عباس وابن مسعود. وأثر ابن عباس وابن مسعود ضعيف ، ضعفه الامام أحمد وضعفه البيهقي وابن المنذر وأعله الإمام أحمد بأنه مخالف لما روي عن الصحابة وقال أنه لم يصح عن الصحابة إلا وجوب العدة ، الراجح المذهب بلا إشكال وهو مروي عن الصحابة ، وليس للإنسان أن يخرج عن ما أفتى به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا يحفظ عنهم فيه خلاف صحيح. فمجرد الخلوة توجب العدة.
ثم - قال رحمه الله (مطاوعة مع علمه بها وقدرته على وطئها ّ)
هذه شروط قال المؤلف خلا بها مطاوعة .. يشترط لوجوب العدة بمجرد الخلوة ان تكون المرأة مطاوعة يعني ليست مكرهة. فإن كانت مكرهة فإن مجرد الخلوة لا يوجب العدة. والدليل الذي استدل به الجنابة على اشتراط أن تكون مطاوعة قالوا أن الخوة إنما اوجبت العدة لانها أقيمت مقام الوطء لأنها مظنة له ، والمكرهة لا تمكن من نفسها.
والقول الثاني: أن الخلوة ولو مع الإكراه توجب العدة لأن الزوج قد يتمكن من وطء الزوجة ولو بالإكراه ، والأقرب عندي والله أعلم المذهب. لأنه جرى العرف والعادة أن الزوج لا يتمكن من الوطء مع امتناع الزوجة عن الوطء. فهذا الشرط إن شاء الله شرط صحيح.
ثم - قال رحمه الله (مع علمه بها)
يعني يشترط أن يعلم الزوج بوجود الزوجة في الغرفة التي حصلت فيها الخلوة ، فإن وجدت الزوجة والزوجة بلا علم من الزوج كأن يكون الزوج أعمى لم يشعر بها ، أو لم يكن هناك ضوء فلم يشعر بها، أو لأي سبب فإن العدة لا تثبت ولا تجب. والدليل على اشتراط هذا الشرط التعليل السابق أن الخلوة إنما اعتبرناها مقررة للعدة لأنها مظنة الوطء ومع عدم علم الزوج لا يمكن أن يكون هناك وطء مطلقا.
ثم - قال رحمه الله (وقدرته على وطئها)
يشترط في الخلوة أن يتمكن الزوج وان يقدر على وطء الزوجة ،فإن لم يتمكن فإن العدة لا تجب وقد انتقد كثير من الشراح انتقدوا المؤلف على هذه العبارة وهي قوله (وقدرته على وطئها) لأن ظاهر هذه العبارة يتعارض مع العبارة التالية وهي قوله (ولو مع ما يمنعه) فرأوا أن بين العبارتين تعارض فانتقدوا المؤلف بإيراده لهذه العبارة ، والذي يظهر لي أن عبارة المؤلف سليمة وأنه يقصد بقوله (وقدرته على وطئها) أن يكون الزوج ممن يطأ مثله. وقد تقدم معنا في اللعان أن الأزواج على قسمين: زوج يطأ مثله وهو ابن عشر وزوج لا يطأ مثله وهو دون العشر. فالمؤلف يشير إلى هذا الشرط أن يكون مثله يطأ. وبها نخلص العبارة من الانتقاد.
قال رحمه الله (ولو مع ما يمنعه منهما أو من أحدهما حسا أو شرعا (
مقصود المؤلف بهذه العبارة أنّ الخلوة توجب العدة ولو مع وجود ما يمنع الوطء سواء في الزوجين أو في أحدهما وسواء كان المانع مانعا حسيا أو مانعا شرعيا. فالمانع الحسي كأن يكون الزوج مجبوبا أو عنينا ، والمانع الشرعي كأن يكون الزوج أو الزوجة محرم أو محرمة أو تكون الزوجة حائض فهذه موانع شرعية وليست حسية فالخلوة توجب العدة ولو كان الزوج أو الزوجة فيهما أو في أحدهما ما يمنع الوطء حسا أو شرعا ، وهذا مذهب الجماهير أنّ الخلوة تقرر العدة ولو مع وجود ما يمنع الوطء
قال رحمه الله (أو وطئها)
انتقل إلى النوع الثاني وهي المرأة أو الزوجة الموطوءة. فقول المؤلف أو وطئها معطوف على قوله خلا بها يعني تكون العبارة تلزم العدة كل امرأة فارقت زوجا خلا بها أو وطئها. إذا وطء الزوج زوجته فإنّ العدة تجب بالإجماع بلا خلاف ، من مفهوم الآية السابقة فقوله من قبل أن تمسوهن. معنى أو مفهوم الآية يعني بعد المسيس تجب العدة فوجوب العدة في الوطء محل إجماع وهل نشترط في الوطء الخلوة أو لو جامعها بحضرة الناس؟ لا يشترط في الوطء الخلوة بل الوطء بمجرده يوجب العدة بالإجماع.
قال رحمه الله (أو مات عنها حتى في نكاح فاسد فيه خلاف)
وهو النوع الثالث الموت ، فإذا الأول الخلوة والثاني الوطء والثالث الموت. فموت الزوج يوجب العدة على المرأة سواء قبل الدخول أو بعد الدخول وهذا محل إجماع أنّ الموت يوجب العدة.
يقول المؤلف رحمه الله (حتى في نكاح فاسد فيه خلاف)
إذا مات الزوج ولو كان العقد فاسدا وقد عرف المؤلف العقد الفاسد بالعقد الذي فيه خلاف يعني في صحته خلاف فإنّ العدة كذلك تجب واستدل الجمهور على وجوب العدة في النكاح الفاسد بأنّ النكاح الفاسد يوجب أمرين: -
الأول: ثبوت النسب
…
والثاني: وجوب الطلاق.
وقد أخذنا في كتاب الطلاق أنه يجب على الزوج في النكاح الفاسد أن يطلق وأخذنا الخلاف في هذه المسألة وأنّ الراجح أنه يجب أن يطلق فإذا كان النكاح الفاسد يوجب الطلاق ويثبت معه النسب فنقيس عليهما ماذا؟ العدة وهذا صحيح أنّ نكاح الفاسد تجب معه العدة.
قال رحمه الله (وإن كان باطلا وفاقا لم تعتد للوفاة)
المؤلف عرّف النكاح الباطل بأنه النكاح الذي فسد بالإجماع فهذا يسمى نكاحا باطلا.
قال المؤلف رحمه الله (لم تعتد للوفاة)
إذا كان النكاح نكاحا باطلا فإذا مات هذا الزوج فإنه ليس على الزوجة أن تعتد بالإجماع ، وتعليل ذلك: أن النكاح الباطل وجوده كعدمه ، لأنه لا حقيقة له شرعية. وهذا محل إجماع. ولما قرر المؤلف الأسباب الثلاثة وهي الخلوة والوطء والموت التي تجب معها العدة انتقل لبيان أنواع لا تجب فيها العدة يعني في الحياة.
ثم - قال رحمه الله (ومن فارقها حيا قبل وطء وخلوة)
قوله ومن فارقها حيا .. أخرج ما لو مات ، فإن الزوج إذا مات كما تقدم معنا تجب العدة ، فالأحوال التي سيذكرها المؤلف التي لا تجب فيها العدة تتعلق بحال الحياة أما في الموت فإنه مطلقا تجب العدة سواء بعد الدخول أو قبل الدخول بالوطء وغير الوطء في كل الأحوال تجب العدة بالوفاة ، إذا البحث الآن فيمن فارقها حيا.
ثم - قال رحمه الله (من فارقها حيا قبل وطء وخلوة) يعني فلا عدة .. وهذا محل إجماع .. إذا فارقها وهو حي بلا وطء ولا خلوة فإنه لا يوجد سبب شرعي يوجب العدة .. ولهذا أجمعوا على أنه لا عدة.
ثم - قال رحمه الله (أو بعدهما أو أحدهما وهو ممن لا يولد لمثله)
إذا فارق الزوج الحي زوجته بعد الوطء والخلوة أو بعد الوطء أو بعد الخلوة لكنه ممن لا يولد لمثله فإنه لا تجب العدة. معنى هذه العبارة أن الزوج إذا كان لا يوطأ لمثله وهو من كان سنه دون العشر. والزوجة كانت دون التسع فإنه في هذه الأحوال لا تجب العدة.
لاحظ كلام المؤلف (ولو بعد الدخول أو الخلوة) بناء على هذا لو تزوج صبي عمره تسع بامرأة وجامعها دخل بها وجامعها ثم طلقها فإنه عند الحنابلة لا تجب لأن هذا الزوج لا يولد لمثله واستدل الحنابلة على هذا أن المقصود من العدة التأكد من براءة الرحم وهي معلومة في الزوج الذي لا يولد لمثله.
القول الثاني: أن الصبي إذا وطء الزوجة ثم فارقها فإن العدة تجب واستدلوا بدليلين: الدليل الأول: العمومات فإن العمومات لم تستثني الطفل الذي لا يولد لمثله.
الدليل الثاني: أن الإنزال أمر خفي يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ، والشارع إنما علق العدة بالوطء أو الخلوة لأن الإنزال أمر خفي فلم يجعل علة للحكم ، كما أن في السفر لا نجعل علة القصر والترخص هي المشقة. إنما العلة هي السفر بحد ذاته. والحكمة هي المشقة. وهذا القول وجيه جدا وقوي لاسيما مع الوطء. فمن حق هذا الزوج الصبي إذا وطء زوجته أن تعتد خشية أن يكون أنزل ومذهب الحنابلة لا أقول أنا ضعيف لكن مرجوح.
ثم - قال رحمه الله (أو تحملت ماء الزوج أو قبلها أو لمسها بلا خلوة فلا عدة)
يقول المؤلف أو تحملت ماء الزوج: مقصود المؤلف بقوله أو تحملت ماء الزوج يعني بلا وطء. فلو تحملت الزوجة ماء الزوج بلا وطء فلا عدة ، ولو وصل الماء إلى الرحم. واستدل الحنابلة على هذا بأن الآية اشترطت لوجوب العدة المسيس ، وإذا تحملت الماء بلا وطء فلا مسيس .. بناء عليه فلا عدة. والمؤلف رحمه الله خالف في هذه المسألة المذهب الاصطلاحي.
فالمذهب وجوب العدة إذا تحملت الزوجة بماء الزوج يعني ولو بلا وطء.
استدل أصحاب القول الثاني وهو المذهب: بأن الصحابة جعلوا الخلوة سببا في وجوب العدة لأنها مظنة الوطء وانشغال الرحم ، وانشغال الرحم بتحمل ماء الزوج أقرب وأعظم ، فوجوب العدة به أولى. وهذا القول الثاني لا شك أنه هو الراجح ، وأن أصحاب القول الأول لم يتأملوا في قولهم وإلا لعلموا انه قولا ضعيفا .. إذ كيف يجعل الصحابة مجرد الخلوة توجب العدة لأنه قد يكون الرحم انشغل ولا نجعل إدخال ماء الزوج موجبا للعدة مع أن انشغال الرحم به أقرب. بناء على هذا لو وضعت الزوجة ماء الزوج بأي وسيلة في فرجها فإنه تب العدة ولو بلا وطء.
ثم - قال رحمه الله (أو قبلها أو لمسها بلا خلوة فلا عدة)
إذا قبل أو لمس الزوج لكن بلا خلوة فإن العدة لا تجب .. فما يحصل بين الأزواج في مكان لم يغلق بباب ولو كان داخل المنزل فإنه لا يوجب العدة. لأنه في هذه الحالة لا يوجد لا وطء ولا خلوة. بناءا على هذا المباشرة لا توجب العدة ، إنما الذي يوجب العدة الخلوة والوطء والموت فقط.
مسألة: إذا خلا الزوج بزوجته في السيارة فهل هذه خلوة.؟.؟ الصحابة يقولون إذا أرخى سترا أو أغلق بابا .. وهنا أغلق بابا ..
السيارات على قسمين:
سيارات مسترة أو مظللة: هذه لا شك أنها خلوة لأنها تشبه الدار والغرفة.
سيارات غير مسترة: فيها تردد كبير. لأنا نجعل السيارة بالنسبة لوجود المرأة والرجل الأجنبي خلوة او ليست خلوة.؟ نجعلها خلوة ولا شك في هذا أن وجود المرأة والرجل الأجنبيان يعتبر خلوة وهو محرم. إذا اعتبرناها في هذا الباب خلوة فهي كذلك خلوة في باب تقرير العدة .. ففيها تردد يعني .. يتردد فيها الإنسان. لأن مقصود الصحابة بالخلوة هي التي يمكن معها الوطء أو يتصور معها الوطء. في السيارة يعني يبعد عادة وعرفا أن يطأ الزوج زوجته في السيارة. فيها تردد .. لم يظهر لي فيها بعد التأمل شيء.
فصل
- قال رحمه الله (والمعتدات ست)
حصر المعتدات بأنهن ست جاء عن طريق السبر والتقسيم والاستقراء والتأمل في النصوص وكلام الفقهاء وإلا ليس في النصوص النص أن عدد المعتدات ست لكن هذا من تقريب الفقهاء الذي يحمدون عليه لأن في هذا تسهيلا للعلم. الأولى: الحامل
ثم - قال رحمه الله (وعدتها من موت وغيره)
الحامل عدتها من الموت ومن غيره كالطلاق والخلع وأنواع المفارقات. عدتها أن تضع الحمل. ولو وضعت الحمل بعد الموت أو المفارقة بساعة فإنها تحل للأزواج عقدا ، وأما الوطء فيجب على الزوج الجديد أن ينتظر إلى أن تطهر من النفاس.
والدليل على أن الحامل تنتهي عدتها من الموت وغيره عموم النصوص فالنص عام {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} } الطلاق/4 {وليس في الآية تحديد أو التقييد بكونه من وفاة أو من طلاق.
الدليل الثاني: حديث سبيعة الأسلمية أنه أفتاها النبي صلى الله عليه وسلم بعد موت زوجها أن عدتها تنتهي بوضع الحمل. وهذا الحديث في البخاري ومسلم. وهو نص على أن عدة الحامل من وفاة تنتهي بالوضع.
الدليل الثالث: أنه في هذه المسألة حكي الإجماع.
القول الثاني: أنها تعتد بأطول الأجلين. وهو مروي عن ابن عباس. وهذا القول ضعيف. وقد روي أن ابن عباس رضي الله عنه رجع عنه لما بلغه حديث سبيعة رضي الله عنها والراجح هو مذهب الجماهير هذا الذي حكي إجماعا ، وأظن أن رجوع ابن عباس صحيح لأن حديث سبيعة صريح في المسألة.
ثم - قال رحمه الله (إلى وضع كل الحمل)
يشترط لانتهاء العدة أن تضع كل الحمل. يعني كل ما في بطنها. واستدلوا على هذا بقوله {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق/4]
والآية تشمل جميع ما في البطن. فإذا حملت بتوأم اثنين او ثلاثة فإنها لا تنقضي العدة إلا بوضع جميع ما في البطن لعموم الآية.
ثم - قال رحمه الله (بما تصير به أمة أم ولد)
هذه العبارة يريد أن يبين فيها ما هو الحمل الذي إذا وضعته المرأة انتهت عدتها به. فقال أنه التي تصير به الأمة أم ولد.
والتي تصير به الأمة أم ولد: هو ما تبين فيه خلق الإنسان.
وهذه المسألة ما ضابط الحمل الذي تنتهي به العدة مسألة مهمة جدا فنقول في تفصيلها الحمل يمر بثلاثة مراحل نطفة وعلقة ومضغة.
نأتي إلى القسم الأول إذا ألقت نطفة. إذا ألقت الزوجة نطفة فإنها لا تخرج من العدة بهذا الحمل لأنّ النطفة ليس إلاّ ماء فلا تنقضي العدة به.
الثاني: المرحلة الثانية للجنين: العلقة فإذا ألقت علقة ففي حكم انتهاء العدة خلاف بين الفقهاء. الجمهور يرون أنّ العدة لا تنتهي بالعلقة لأنّ حقيقة العلقة دم وهذا الدم مشكوك فيه هل هو قطعة دم أم حمل؟ ومع الشك لا تنقضي العدة لأنّ العلقة ليست إلاّ دما وهذا الدم مشكوك فيه هل هو مبدأ حمل أو مجرد دم ومع الشك لا تنقضي العدة.
القول الثاني: أنّ العدة تنقضي إذا وضعت المرأة علقة ، واستدلوا على هذا بأنّ العلقة هو المرحلة الأولى من مراحل تبيّن إنشاء الجنين فتنقضي العدة به. والراجح القول الأول وهو مذهب الجمهور ويستثنى من هذا ما إذا أثبت الطب الحديث أنّ هذا الشيء الذي وضعته المرأة هو مبدأ خلق إنسان حينئذ تنتهي العدة بالعلقة.
نأتي إلى المضغة وهي المرحلة الأخيرة. والمضغة تنقسم إلى قسمين: مخلقة ، وغير مخلقة.
أما المخلقة فبالإجماع تنقضي بها العدة.
القسم الثاني: غير المخلقة وغير المخلقة فيه خلاف بين الفقهاء كثير متشعب نختصره على الأقوال التالية: -
القول الأول: أنّ المضغة غير المخلقة إن شهدت النساء القوابل الثقات العارفات بأنه مبدأ خلق إنسان وفيه صورة الإنسان فإنّ العدة تنقضي به وإلاّ فلا.
القول الثاني: أن العدة لا تنقضي بالمضغة غير المخلقة مطلقا يعني ولو شهدت القوابل بأنّ فيه صورة إنسان ، واستدلوا على هذا بوجود فيه هل هو حمل أو دم أو قطعة لحم.
القول الثالث: أنّ المضغة غير المخلقة تنقضي به العدة ولو لم يكن فيه صورة إنسان إذا شهدت القوابل والنساء الثقات أنّ فيه مبدأ خلق إنسان.
إذا تلخيص المذاهب القول الأول يشترطون أن يشهد النساء أنّ فيه صورة لابد يكون فيه صورة. القول الثاني لا يعتدون بالمضغة مطلقا التي لم تخلق. القول الثالث: وهو أو سع الأقوال يشترطون فقط أن تشهد القوابل أنه مبدأ خلق إنسان ولو لم يكن فيه صورة.
والراجح هو هذا الثالث، لأنّ المقصود أنّ الرحم انشغل بهذا الولد فإذا علمنا أنه مبدأ خلق إنسان فتنقضي العدة به ولو لم توجد فيه صورة ، هذا البحث عند الفقهاء المتقدمين وعرفتم الآن الراجح من هذه الأقوال ، أما الآن فبإمكان المرأة أن تتأكد من خلال الطبيب هل هذا الذي ألقته جنين أو قطعة لحم. فإذا أخبرها بهذا الأمر فإنها تنقضي عدتها بحسب إفادة الطبيب.
قال رحمه الله (فإن لم يلحقه لصغره أو لكونه ممسوحا)
يعني إذا حكمنا على هذا الجنين الذي سقط بأنه لا يلحق لأبيه لأحد سببين: أن يكون الأب صغيرا والصغير عند الفقهاء في هذا الباب هو من لا يولد لمثله أو يكون ممسوحا يعني مقطوع الذكر والخصيتين فإذا كان الزوج صغيرا لا يولد لمثله أو ممسوحا فإنّ العدة لا تنقضي بوضع هذه المرأة ، والتعليل: أناّ نعلم قطعا أنّ هذا الولد ليس من هذا الزوج فلا تنقضي عدة الزوج بهذا الولد الذي ليس منه فتعتد عدة الحيض ولا تعتد بوضع هذا الحمل للسبب الذي سمعته.
قال رحمه الله (أو ولدت لدون ستة أشهر منذ نكحها)
يعني فإنّ العدة لا تنقضي فإذا تزوج الإنسان بامرأة وأتت بولد لدون ستة أشهر فإنّ العدة لا تنقضي بهذا ، والسبب أنّ أقل مدة الحمل ستة أشهر فإذا أتت بولد قبل مضي ستة أشهر علمنا أنّ هذا الولد حملت به المرأة قبل عقد النكاح يعني وليس من هذا الزوج فإذا لم يكن من هذا الزوج فإنّ عدة الزوج لا تنقضي بوضعه وإنما يحتاج إلى عدة أخرى. والسبب كما سمعت أناّ نجزم أنّ هذا الولد ليس من هذا الزوج.
يقول رحمه الله (ونحوه)
يعني إذا وضعته لأكثر من أربعة سنين ، فإذا طلق الزوج زوجته ووضعت طفلا بعد أكثر من أربعة سنوات فإنّ هذا الطفل لا ينسب للزوج ولا تنقضي العدة به لأنّ أكثر مدة الحمل أربع سنوات فعلمنا قطعا أنّ هذه المرأة حملت بهذا الطفل بعد الطلاق فلا يكون ولدا له ولا تنقضي العدة بوضعه.
يقول رحمه الله (وعاش)
يقصد المؤلف رحمه الله بقوله وعاش يعني الطفل الذي وضعته لدون ستة أشهر ، إذا وضعت المرأة الطفل لدون ستة أشهر فإنّ العدة لا تنقضي بشرط أن يعيش فإن مات انقضت العدة لأنه إذا مات فإنه يحتمل أنّ هذا الطفل حملت به ووضعته قبل أن يتخلق وهو حمل من الزوج بينما إذا ولدته وعاش علمنا أنه حملت به قبل النكاح ، إذن إذا وضعت المرأة الطفل لدون ستة أشهر ومات هل تنقضي العدة أو لا تنقضي؟ تنقضي. وإن عاش ولم يمت لم تنقضي العدة. ومن قول المؤلف فإن لم يلحقه لصغره إلى آخره أراد أن ينبه إلى المسائل التي لا يكون وضع الحمل فيها نهاية للعدة.
قال رحمه الله (وأكثر مدة الحمل أربع سنين)
استدلوا على هذا بأمرين: الأول: أنّ عمر رضي الله عنه ضرب للمفقود أربع سنوات كما تقدم معنا وقالوا إنما ضربه أو ضرب هذه المدة للمفقود لأنّ أكثر مدة الحمل أربع سنوات.
الثاني: قالوا أنه لا يعرف أكثر من هذه السنوات.
القول الثاني: أنّ أكثره خمس سنوات.
والقول الثالث: أنّ أكثره سبع سنوات.
والقول الرابع: أنه لا حد لأكثره. واختار هذا القول من المحققين الشيخ الحافظ أبو عبيد واستدلوا على هذا القول بأنه لا يوجد في النصوص ما يدل على أنّ أكثر مدة الحمل أربع سنوات ، فتحديده به تحكم بلا دليل ، ولعل الأقرب هو هذا القول الأخير أنه لا حد لأكثره ما لم يثبت الطب الحديث أنّ هذا لا يمكن أن يقع فإن لم يتعارض هذا القول مع الطب الحديث فهو الراجح.
قال رحمه الله (وأقلها ستة أشهر)
استدل الحنابلة وغيرهم من الفقهاء على هذا بالجمع بين آيتين: الأولى قوله تعالى {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} [الأحقاف/15] والفصال هو انقضاء الرضاع.
الآية الثانية قوله تعالى {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} [البقرة/233] فإذا نقصنا الحولين من الثلاثين شهرا بقي كم؟ ستة أشهر فقالوا هذه أقصى مدة الحمل وهذا صحيح فإنّ ظاهر هاتين الآيتين هذا التحديد وهو أنّ أقل مدة الحمل ستة أشهر.
قال رحمه الله (وغالبها تسعة أشهر)
دليله النظر في حال غالب الناس وهذا بالإجماع ولا إشكال فيه أنّ غالب الحمل تسعة أشهر بل يندر ويشذ أن يزيد ويقل جدا أن ينقص أيهما أكثر أن ينقص أو أن يزيد؟ أن ينقص أكثر من أن يزيد. الزيادة قليلة جدا ولو زادت فهي أيام لا تزيد أشهر يعني قليل جدا.
قال رحمه الله (ويباح إلقاء النطفة قبل أربعين يوما بدواء مباح)
يريد المؤلف أن يبيّن حكم الإسقاط. إسقاط الجنين هل يجوز أن يسقط الزوج أو الزوجة أو أن يأمر الزوج زوجته بالإسقاط أو لا؟
هذه المسألة فيها خلاف متشعب جدا وكثير ، والسبب في وجود هذا الخلاف أنه ليس في المسألة نص. وتقدم معنا مرارا أنّ المسألة إذا لم يكن فيها نصوص من الكتاب والسنة فإنّ أقوال العلماء تتشعب فيها وتتداخل.
والحنابلة كما تسمع يقول المؤلف (ويباح إلقاء نطفة قبل أربعين يوما بدواء مباح) في الأربعين يوم الأولى من مدة الحمل يعني في مرحلة النطفة يجوز عند الحنابلة إلقاء الحمل ولو بلا حاجة يجوز مطلقا بشرط أن يكون بدواء مباح وفي مدة الأربعين يوما الأولى. هذا مذهب الحنابلة. نحن نقول سنتكلم عن المسألة من حيث هي. إسقاط الجنين ينقسم إلى قسمين: -
القسم الأول: بعد نفخ الروح. والقسم الثاني قبل نفخ الروح.
أما القسم الأول: إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فهو محرم بالإجماع ولم يختلف أهل العلم ولله الحمد في هذه المسألة. لأنه بعد نفخ الروح أصبح نفسا معصومة لا يجوز الاعتداء عليها.
القسم الثاني: قبل نفخ الروح. وقبل نفخ الروح ينقسم الجنين كما تقدم معنا إلى ثلاث مراحل. نطفة وعلقة ومضغة.
قبل أن ندخل في التفصيل مما يساعد على معرفة الحكم الشرعي أن نتصور معنى النطفة والعلقة والمضغة.
النطفة في لغة العرب/ هي الماء الصافي. وأما في الاصطلاح/ فالنطفة هي ماء الرجل أو ماء المرأة إلى أن يصل إلى مرحلة العلقة.
أما العلقة فهي في اللغة/ الدم المتجمد. وأما في الاصطلاح/ فهي الدم الذي انعقد جنينا.
وأما المضغة فهي قطعة اللحم سميت بذلك لأنها تشبه القطعة التي يمضغها الإنسان في فمه. من حيث الشكل. الآن تصورنا أنّ النطفة ليست إلاّ ماء الرجل أو ماء المرأة ، وتصورنا أنّ العلقة ليست إلاّ دم ، وتصورنا أنّ المضغة ليست إلاّ قطعة لحم. ونحن نتكلم قبل النفخ أو بعد النفخ؟ قبل النفخ لأنّ بعد النفخ الأمر واضح. نأتي إلى خلاف الفقهاء اختلف الفقهاء:
القول الأول: هو مذهب الحنابلة وهو أنّ الجنين يجوز إسقاطه في مرحلة النطفة فقط. إلاّ أنّ بعض الفقهاء أضاف قيدا وهو أن يكون لحاجة أو ضرورة. واستدل الحنابلة على هذا بأنّ الجنين في مرحلة النطفة ليس إلاّ ماء يشبه أن يكون لا فرق بين أن يكون في رحم المرأة أو في صلب الرجل الآن علتم أنّ القول الأول الجواز في مرحلة النطفة. معنى هذا التحريم فيما عداه.
القول الثاني: الجواز مطلقا ما لم ينفخ الروح. وهذا القول اختاره ابن عقيل واختاره ابن عبد الهادي واستدلوا بأنه لا يوجد نص صحيح يدل على تحريم إسقاط الجنين. والحمل قبل نفخ الروح ليس إلاّ قطعة لحم أوقطعة دم.
القول الثالث: التحريم مطلقا ، لا يجوز الإسقاط مطلقاً في أي مرحلة من مراحل الجنين واستدلوا على هذا بدليلين:
الدليل الأول: القياس على وأد البنات. قالوا أنّ إسقاط الجنين يشبه الوأد بجامع أنّ في كل منهما قتل للطفل.
والجواب أنّ الوأد يسمى قتل ، والقتل لا يطلق إلاّ على من نفخ فيه الروح نحن نتحدث عن الجنين قبل نفخ الروح فإسقاطه لا يسمى قتلاً لأنّ لا يطلق إلاّ على ما فيه روح.
الدليل الثاني: لهم أنّ هذا الجنين في أي مرحلة من مراحله قد استعد وهيئ ليكون نفساَ معصومة.
والجواب عليه أن نقول إنما هيئ ليكون نفساً معصومة ، لكنه الآن ليس معصوماً. وهذا القول اختاره ابن رجب ونسب لشيخ الإسلام لكن لم أجد في الحقيقة كلام لشيخ الإسلام في كتبه صريح في المنع لكن الذين يحكون الخلاف ينسبون القول له أنه يرى التحريم مطلقاً. الراجح إن شاء الله المذهب مع إضافة قيد أن يكون الإسقاط لحاجة أو ضرورة. ولا شك عندي في جواز إسقاط النطفة في مرحلة الأربعين الأولى عند الحاجة كأن تكون الأم مريضة أو يتوقع أن يكون الطفل مشوهاً أو ناقصا شيئاً من الأعضاء إلى آخره. بل إني أقول الراجح القول الأول مع ذلك أقول أنّ القول الثاني وجيه جداً لأنه لا يوجد دليل على التحريم. والتحريم حكم شرعي يحتاج إلى دليل ، فهذا القول وجيه لولا أنّ موضوع الإسقاط موضوع حساس وقد يستغله بعض الناس استغلالا سيئاً لكان هذا القول فيه وجاهة لأنه لا يوجد دليل على المنع صريح ونصوص واضحة تمنع من إسقاط الجنين ،وأيضا لم أجد آثار لو وجد في الباب آثار عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لكان الأمر أوضح بهذا نكون انتهينا من هذه المسألة المهمة.
فصل
قال رحمه الله (الثانية: المتوفى عنها زوجها بلا حمل ، قبل الدخول أو بعده)
النوع الثاني من المعتدات المتوفى عنها زوجها بلا حمل ، لأنّ الحامل تقدم معنا أنّ عدتها تنقضي بوضع الحمل ولهذا يقول بلا حمل منه. المتوفى عنها زوجها تعتد سواء توفي الزوج قبل الدخول أو بعد الدخول ، لأنّ الوفاة كما تقدم معنا من أسباب وجوب العدة.
يقول الشيخ رحمه الله (للحرة أربعة أشهر وعشرة)
دليل هذا النوع قوله تعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} [البقرة/234] والدليل الآخر عليه الإجماع فإنّ عدة المتوفى عنها عند جميع العلماء أربعة أشهر وعشرة أيام فهذا النوع من المعتدات واضح. ولا إشكال فيه إن شاء الله.
قال رحمه الله (وللأمة نصفها)
فتكون عدة الأمة شهرين وخمسة أيام ، وذهب إلى هذا مع الحنابلة الجماهير وعامة التابعين بل لم يحفظ فيه خلاف عن أحد من التابعين إلاّ عن رجل واحد وهو ابن سيرين رحمه الله. إذا على هذا القول عامة التابعين وجماهير الفقهاء وهذا القول أنّ عدة الأمة على النصف من عدة الحرة هو الراجح ويدل على رجحانه ما تقدم معنا من أنه جاء عن الصحابة فتاوى صريحة أنّ عدة الطلاق بالنسبة للأمة نصف عدة الحرة فكذلك عدة الوفاة. وأيضا تقدم معنا عن الصحابة فتاوى صريحة أنّ العبد يملك نصف ما يملك الحر من عدد الطلاق فكل هذه الفتاوى تدل على أنّ الأمة على النصف من الحرة في هذا الباب.
معنى هذا الكلام أنّ الزوج إذا طلق زوجته طلاقا رجعياً ثم في أثناء اعتداد الزوجة من هذا الطلاق الرجعي مات الزوج فالحكم حينئذ أن تستأنف المرأة عدة وفاة وأن تترك العدة الأولى التي كانت فيها وهي عدة الطلاق الرجعي ، الدليل على أنّ المرأة تترك العدة الأولى وتبدأ بالعدة الثانية ، الدليل على هذا أنّ الرجعية زوجة تقدم معنا أنّ الرجعية زوجة في كل الأحكام إلاّ أحكام يسيرة خمسة أحكام أو ستة أحكام مستثاة وأما ما عدا هذه الأحكام فالمطلقة الرجعية تشبه الزوجة في جميع الأحكام
وإذا كانت زوجة إذا مات زوجها اعتدت عدة وفاة ولهذا نأمر هذه الرجعية بأن تترك العدة الأولى وتنتقل للعدة الثانية.
قال رحمه الله (وإن مات في عدة من أبانها في الصحة لم تنتقل)
إذا طلق الزوج زوجته طلاقاً بائنا ، أو فارقها أي فرقة بائنة وبدأت بعدة هذا الفراق ثم مات الزوج فإنها لا تنتقل لعدة الوفاة وتبقى على العدة كانت فيها. والسبب في هذا أنّ المبانة ليست زوجة ولا تأخذ أحكام الزوجات وإذا لم تكن زوجة لم يلزمها أن ترجع إلى عدة الوفاة لأنه مات وهي ليست زوجته هذا صحيح وواضح.
قال رحمه الله (وتعتد من أبانها في مرض موته ......... )
لا حظ أنّ المؤلف قال في المسألة الأولى في عدة من أبانها في الصحة ، ثم قال في المسألة الثانية وتعتد من أبانها في مرض موته الأطول من عدة وفاة وطلاق. إذا أبان الزوج زوجته في مرضه هو ثم مات فإنّ الزوجة تعتد بالأطول من الأجلين عدة الوفاة أو عدة الطلاق. قلنا أنّ الزوج إذا أبان زوجته ثم توفي فإنها تعتد بالأطول من الأجلين أيّ عدة الوفاة أو الطلاق تعليل هذا عدة الحنابلة قالوا أنّ الزوجة إذا طلقها الزوج في مرضه فإنها تشبه البائن والرجعية ، فتشبه الرجعية بأنها ترث ، وتشبه البائن بانقطاع علاقتها بالزوج وإذا كانت تشبه هذه وهذه فإنّا نحطاط ونأمرها أن تعتد بأطول الأجلين لوجود الشبه بالرجعية والبائن. ولا نقول نحطاط بل يجب لأنّ فيها شبها من الرجعية والبائن.
والقول الثاني: أنها تعتد عدة بائن وإذا قلنا تعتد عدة بائن فهل تستمر في عدتها أو تنتقل إلى عدة الوفاة؟ تستمر في عدتها ، دليل القول الثاني أنّ المطلقة طلاقاً بائن تشبه البائن في كل الأحكام إلاّ في حكم واحد وهو ماذا؟ وهو الإرث ولا تشبه الرجعية في شيء من الأحكام إلاّ في حكم واحد وهو الإرث فلئن نلحقها بمن تشبهه في جميع الأحكام أولى أن نلحقها بمن تشبهه في حكم واحد ، ولهذا نقول الراجح إن شاء الله هو القول الثاني وهو أنها تبقى على عدتها ولا تنتقل إلى العدة الثانية لأنّ هذه في الحقيقة بائن. وهذا القول كما قلت إن شاء الله هو الراجح.
قال رحمه الله (ما لم تكن أمة ........ )
إذا كانت هذه المطلقة أمة أو ذمية أو كان الطلاق بسببها فإنها تعتد لطلاق لا غير لماذا؟ لأنها في هذه الأحوال لا ترث. وإذا كانت لا ترث فإنها لا تشبه الرجعية في شيء فتأخذ حكم البائن ولا تنتقل إلى عدة الوفاة بل تبقى على عدتها.
قال رحمه الله (وإن طلق بعض نسائه مبهمة أو معينة ثم نسيها، ثم مات ......... إلى آخره)
أولا اعلم الآن أنّ المؤلف يتحدث عن الطلاق البائن ولا يتحدث عن الطلاق الرجعي ولو أنّ المؤلف قال وإن طلق بعض نسائه طلاقاً بائنا لكان أوضح وغيره من الحنابلة ذكر صرح بهذا فقال طلاقاً بائناً لأنه الطلاق الرجعي تقدم معنا حكمه.
يقول إذا طلق بعض نسائه. يعني طلاقاً بائناً. مبهمة أو معينة ثم نسيها ثم ماتت قبل قرعة يعني قبل أن يحدد من هي المطلقة ، فالحكم أنّ كل واحدة منهن سوى الحامل تعتد الأطول من الأجلين. علة هذا الحكم أنّ كل واحدة منهن يحتمل أنّ القرعة وقعت عليها وتكون بائن ويحتمل أنّ القرعة لم تقع عليها فتكون زوجة لهذا نأمر كل واحدة منهن أن تعتد ماذا؟ أطول الأجلين لوجود هذا الاحتمال إلاّ الحامل لأنّ الحامل ستنتهي العدة بالنسبة لها بالوضع سواء كانت بائنة أو زوجة. وهذا هو تعليل ما ذكره المؤلف وهذا التعليل صحيح ومن هنا نقول كما تقدم معنا في كتاب الطلاق أنّ الإنسان أو الزوج يحرم عليه أن يطلق طلاقاً مبهماً لأنه يدخل زوجاته في إشكال وضيق وهنا نكون انتهينا من النوع الثاني من المعتدات.
انتهى الدرس
الدرس: (2) من العدد
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله (الثالثة: الحائل ذات الأقراء وهي الحيض)
الثالثة من المعتدات هي المرأة الحائل أي التي لم تحمل جنينا في بطنها فعدتها بالأقراء يقول الشيخ رحمه الله ذات الأقراء وهي الحيض ، كون الحائض تعتد بالأقراء هذا محل إجماع لكن الخلاف وقع في تفسير الأقراء وهي مسالة اختلف فيها السلف والخلف. والمؤلف رحمه الله يقول (وهي الحيض) وهذا هو القول الأول أنّ الأقراء هي الحيض. وإلى هذا القول ذهب كثير من السلف والخلف وذهب إليه كثير من الصحابة وهو القول الذي رجع إليه الإمام أحمد رحمه الله.واستدل اصحاب هذا القول بأدلة:
الأول منها: أنّ هذا القول مروي عن أكابر الصحابة رضي الله عنهم
الدليل الثاني: أنه جاء في الشرع تسمية الحيض بالأقراء كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم دع الصلاة أيام أقراءك. يعني أيام حيضك.
الدليل الثالث: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة ثابت بن قيس أن تعتد بحيضة.
القول الثاني: أنّ الأقراء هي الطهر ، الأطهار واستدل أصحاب هذا القول بأدلة الأول منها: أن هذا مروي عن عائشة رضي الله عنها وهذه المسالة تتعلق بالنساء لأنّ العدة تتعلق بالنساء فستكون أضبط أي نساء الصحابة أضبط لأحكامها من الرجال.
الدليل الثاني: قالوا إنّ هذا ظاهر القرآن ففي القرآن يقول الله سبحانه وتعالى {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [النساء/1] قال أصحاب هذا القول فاللام في قوله عدتهن بمعنى في يعني في عدتهن والدليل على أنّ هذا هو معناها في الآية أنّ ابن عمر رضي الله عنه لما طلق أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجع وان يطلق في الطهر ، فإذا جمعنا بين الآية والحديث تبيّن أنّ الله سبحانه وتعالى أمر بالطلاق في الطهر وأنه هو العدة. والراجح القول الأول إن شاء الله بلا إشكال لأنه مروي عن الصحابة.
وأما الجواب عن الآية فإنّ اللام في الآية تحمل على الاستقبال ، لأنّ الأصل في معنى اللام الاستقبال كما أنّ الأصل في الحروف عدم تبادل المعاني يعني أنه ليس الأصل في الحروف أن ياتي الحرف بمعنى حرف آخر بل الأصل عدمه وهم يحملون اللام هنا على في وكما قلت الأصل عدم تبادل الحروف للمعاني فيكون معنى الآية لعدتهن يعني مستقبلات للعدة. والزوج إذا طلق زوجته في الطهر فقد استقبلت العدة لأنها تستقبل الحيض وكما قلت هذا القول إن شاء الله هو الراجح أي المذهب وأنّ الأقراء هي الحيض.
يقول رحمه الله (المفارقة في الحياة)
قوله رحمه الله المفارقة في الحياة يشمل ثلاثة أنواع من المفارقات ، أي من النساء المفارقات. الأول: المطلقة الرجعية فالمطلقة الرجعية إذا كانت حائل تعتد بالأقراء وهذا محل إجماع أنّ الحائل المطلقة الرجعية تعتد بالأقراء.
القسم الثاني: مما يشمله كلام المؤلف ، المختلعة من خولعت فهذه عند الحنابلة أيضا تعتد بثلاثة قروء ، واستدلوا على هذا بأمرين:
الأول: أنّ الخلع طلاق عند الحنابلة ، وإذا كان طلاقا فعدته عدة الطلاق.
الثاني: أنّ كون التي اختلعت من زوجها تعتد بثلاثة قروء مروي عن ابن عمر.
القول الثاني: أنّ عدة المختلعة حيضة واحدة واستدلوا بأدلة: الأول ما تقدم معنا من أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر زوجة ثابت بن قيس رضي الله عنه أن تعتد لما خالعها بحيضة واحدة وهو صحيح إن شاء الله.
الدليل الثاني: أنّ اعتداعها بحيضة مروي صحيح عن عثمان رضي الله عنه
الدليل الثالث: كما تقدم معنا ليس بطلاق على الصحيح بل هو فسخ. وهذا القول الثاني هو الراجح.
والمروي عن ابن عمر الجواب عنه أنّ ابن عمر رضي الله عنه رجع إلى قول عثمان بن عفان رضي الله عنه فتبيّن معنا أنّ الراجح هو هذا وهو أنها تعتد بحيضة واحدة.
الثالثة: مما يدخل في عموم قول المؤلف المفارقة في الحياة. النوع الثالث. المطلقة آخر ثلاث تطليقات فهذه عند الجماهير بل حكي إجماعا أنها تعتد بثلاثة قروء.
والقول الثاني: أنها تعتد بحيضة واحدة وهو قول اختاره شيخ الإسلام وعلق القول به على وجود مخالف ، وقد وجد المخالف وهو ابن اللبان رحمه الله فإنه خالف الجماهير ورأى أنها تعتد بحيضة واحدة ، فشيخ الإسلام يقول إنّ هذا القول هو الراجح بشرط أن لا تكون المسالة إجماع بأن يوجد مخالف ، ووجد المخالف ودليل أصحاب هذا القول أنّ الاعتداد بثلاثة قروء إنما شرعه الله ليتمكن الزوج من المراجعة في خلال هذه المدة والمطلقة آخر ثلاث تطليقات ليس لزوجها أن يراجعها أصلا. من حيث الدليل القول الثاني قوي ولكني أقول لا ينبغي أبدا أن تعتد المطلقة آخر ثلاث تطليقات بحيضة واحدة ، أولا لأنّ الإجماع محكي ولم يوجد بعد البحث إلاّ مخالف واحد ولهذا ليس من المستساغ أبدا أن تعتد بحيضة وتتزوج بعد ذلك لأنّ الخلاف في هذه المسالة قوي والاحتياط فيه متوجه.
قال رحمه الله (فعدتها إن كانت حرة أو مبعضة ثلاثة قروء كاملة)
لقوله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة/228] وهذا الحكم محل إجماع فيما عدا الخلاف الذي أشرت إليه في المختلعة والمطلقة آخر ثلاث تطليقات ، والآية صريحة في أنّ التي لها حيض أنها تعتد بثلاثة قروء إذا كانت حائلاً.
وقول المؤلف رحمه الله إن كانت حرة أو مبعضة ، المبعضة هي من بعضها حر وبعضها رقيق ، فهذه أيضا تعتد بثلاثة حيض.
وتعليل ذلك أنّ الحيضة لا تتبعض وإذا كانت لا تتبعض فإنها يجب أن تعتد بثلاثة قروء.
ثم - قال رحمه الله (وإلاّّ قرآن)
يعني وإلاّ بأن كانت المطلقة أمة فإنها تعتد بقرآن يعني بحيضتين وإلى هذا ذهب الجماهير والجم الغفير من أهل العلم واستدلوا على ذلك بأنه مروي عن الصحابة منهم عمر وابنه وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
والقول الثاني: أنّ الأمة تعتد بثلاثة قروء كالحرة وهو مذهب ابن سيرين وحده من التابعين ، والراجح إن شاء الله القول الأول المروي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
قال رحمه الله (الرابعة: من فارقها حياً ولم تحض لصغر، أو إياس)
الرابعة من المعتدات هي من فارقها زوجها حيا ولكنها لم تحض إما لأنها صغيرة أو لأنها آيسة بلغت سنا لا تحيض معه ، فهذه تعتد كما قال المؤلف ثلاثة أشهر لقوله تعالى {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} [النساء/15] فنصت الآية على أنّ عدة الآيسة والصغيرة ثلاثة أشهر وهذا محل إجماع وهو ظاهر لدلالة القرآن الصريحة عليه.
مسألة / إذا طلقت في أثناء الشهر في وسط الشهر فإنها تعتد كالتالي: تحسب بقية أيام الشهر ثم تحسب الشهرين التي بعد هذا الشهر بالأهلة ثم تأخذ من الشهر الثالث ما يتمم الثلاثين يوماً بالنسبة للشهر الذي بدأت به.
مثاله إذا طلقت في اليوم العاشر من الشهر التاسع ، فإنها ستبقى من هذا الشهر كم يوم؟ ستبقى لمدة عشرين يوم ثم تأخذ الشهر العاشر والشهر الحادي عشر ثم تأخذ من الشهر الثاني عشر كم يوم؟ عشرة أيام لتتم ماذا؟ لتتم الشهر الذي طلقت في أثناءه ولكن يشترط أن تتمه ثلاثين يوما ولو كان ذلك الشهر لم يتم من حيث الأهلة ، فلو كان الشهر التاسع لم يكمل وإنما بلغ تسعة وعشرين يوما فقط فعند هؤلاء تتم من الشهر الثالث كم؟ ثلاثين يوما.
والقول الثاني: أنها تتم من الشهر الثالث بحسب الشهر الذي بدأت به ، فإن كان الشهر الذي بدأت به تاما أتمت ثلاثين ، وإن كان ناقصا أتمت تسعة وعشرين. وبهذا تكون اعتدت الثلاثة أشهر بالأهلة ، وهذا القول الثاني اختيار شيخ الإسلام واستدل على هذا بأنّ الشهر في الشرع هو الشهر الهلالي ، والفرق بين الجمهور ورأي شيخ الإسلام سيكون دائما كم؟ يوم واحد فقط. فإذا أرادات المرأة أن تحتاط لا شك أنها ستتم هذا اليوم ولكن كلام شيخ الإسلام في هذه المسالة قوي لأنّ الأشهر في الشرع تحسب باعتبار الأهلة.
قال رحمه الله (فتعتد: حرة ثلاثة أشهر وأمة شهران)
يعني وتعتد الأمة الآيسة أو الصغيرة لمدة شهرين فقط ، واستدلوا على هذا بأنّ: عدة الأمة إذا كانت تحيض حيضتان ، فيقابل كل حيضة كم؟ شهر واحد فبذلك تكون عدتها شهرين كل شهر يقابل حيضة.
والقول الثاني: أنّ الأمة تعتد لمدة شهر ونصف فقط. واستدل هؤلاء بأنّ الأمة إنما أمرت بأن تعتد لمدة حيضتين لأنّ الحيضة لا تتبعض وأما الأشهر فإنها تتبعض ، ولذلك تعتد الأمة نصف عدة الحرة فتأخذ شهر ونصف فقط.
والقول الثالث: أنّ الأمة تعتد لمدة ثلاثة أشهر كالحرة واستدل أصحاب هذا القول بأنّ الغرض من العدة معرفة براءة الرحم وبالنسبة للتي لا تحيض لا يمكن أن تعرف برآءة الرحم إلاّ بمرور ثلاثة أشهر لأنه بمرور الثلاثة أشهر يبلغ الجنين المرحلة الثالثة وهي التي يظهر فيها الحمل بخلاف الحيض فإنّ برآءة الرحم تعرف من حيضة واحدة ، والحكمة من العدة معرفة براءة الرحم وهذا لا يحصل إلاّ بثلاثة أشهر وتستوي في هذا الأمة والحرة ، وهذا القول مال إليه الحافظ الشيخ ابن القيم وهو قول كما ترى وجيه ، إلاّ أنه في وقتنا هذا لا نحتاج إلى هذا القول لأنه بالإمكان معرفة براءة الرحم بطرق أخرى ، ولهذا أنا أرى أنّ الراجح هو القول الثاني. أنها تعتد بشهر ونصف لأنه عرفنا من طريقة الصحابة أنهم يجعلون الأمة تعتد على النصف من عدة الحرة فإذا كانت الحرة ثلاثة أشهر فالأمة شهر ونصف.
وأما براءة الرحم فتعلم بطرق أخرى وإذا لم نتمكن من معرفة براءة الرحم بالطرق الطبية المعاصرة فإنه نرجع إلى قول من؟ ابن القيم وهو القول الثالث.
قال رحمه الله (ومبعضة بالحساب ويجبر بالكسر)
المبعضة كما تقدم هي من بعضها حر وبعضها رقيق ، فهذه تعامل بالحساب ومعنى أنها تعامل بالحساب أي أنها تتم من الشهر الثالث بقدر ما فيها من الحرية ، فإذا كانت ربعها حرا فإنها تأخذ الشهر الأول والشهر الثاني وربع الشهر الثالث ، وإذا كان نصفها حرا فإنها تأخذ الشهر الأول والثاني ونصف الشهر الثالث وإذا كانت كلها حرة لم تصبح مبعضة وخرجت عن مسألتنا ورجعت إلى الحرة.
قال رحمه الله (الخامسة: من ارتفع حيضها ولم تدر سببه)
إذا ارتفع الحيض من المرأة ولم تعرف السبب في ارتفاع هذا الحيض ، فإنها تعتد عند الإمام احمد والجماهير لمدة سنة ، تسعة أشهر للحمل وثلاثة عدة التي لا تحيض ، والمجموع سنة الدليل استدل الإمام احمد بأنّ هذا صح عن عمر رضي الله عنه أنه أمر من ارتفع حيضها ولم تدري سبب ارتفاعه أن تعتد لمدة سنة وهذا القول الذي ذهب إليه الإمام احمد والجماهير اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
القول الثاني: أنها تبقى في عدة إلى أن يرجع الحيض أو تبلغ سن الإياس فتعتد عدة الآيسات ، وهذا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله وقال شيخ الإسلام معلقا على هذا القول وهو قول ضعيف جدا. صدق رحمه الله لأنّ فيه من الحرج والعنت والضيق على المرأة ما لا يعلمه إلاّ الله ، لأنه إذا ارتفع حيضها وهي تبلغ من السن عشرين سنة فإناّ نأمرها أن تبقى في عدة إلى أن تبلغ كم؟ إلى أن تبلغ سن الإياس خمسين سنة ، فتبقى طيلة هذه المدة في عدة لا تتزوج وإنما تبقى في عدة الأول ومعلوم أنّ الشرع لا يأتي بمثل هذا مطلقا لما فيه من الحرج والعنت الشديد فالراجح إن شاء الله مذهب الأول الذي أفتى به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- قال رحمه الله (وتنقص الأمة شهرا)
هذا مبني على ما تقدم من أنّ الأمة عدتها إذا كانت آيسة أو صغيرة شهران فننقص من السنة ماذا؟ شهر واحد ، وعلى القول بأنّ عدة الأمة كعدة الحرة في الأشهر فإنها لا تنقص شيئا ، وعلى القول الثاني الذي يقول أنها شهر ونصف تنقص كم؟ شهر ونصف. فهذه المسالة مبنية على المسالة السابقة
قال رحمه الله (وعدة من بلغت ولم تحض)
أي كعدة الآيسة لأنها لما بلغت ولم تحض دخلت في عموم قوله سبحانه وتعالى {واللائي لم يحضن} [النساء/15] فهذه لم تحض وإن بلغت بالسن أو بغيره فإذا بلغت المرأة ولم تحض حكمها حكم الصغيرة التي لم تحض وحكم الآيسة تعتد ثلاثة أشهر.
قال رحمه الله (والمستحاضة الناسية والمستحاضة المبتدأة ثلاثة أشهر)
المستحاضة الناسية هي المستحاضة التي نسيت وقت الحيض فلم تعد تعرف هل هو في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره.
وأما المستحاضة المبتدأة. فهي المستحاضة التي ابتدأ معها الدم لأول مرة واستمر إلى أن أصبح استحاضة.
فالمستحاضة الناسية والمبتدأة عدتها ثلاثة أشهر ، لكن في هذه المسالة تفصيل على النحو التالي: المستحاضة تنقسم إلى قسمين: -
القسم الأول: المستحاضة التي يحكم لها بحيض صحيح وهي المعتادة أو المميزة ، فهذه المستحاضة تعتد بالأقراء.
القسم الثاني: المستحاضة التي ليس لها حيض محكوم به ، وهي المستحاضة التي ليس لها تمييز ولا عادة فهذه تعتد ثلاثة أشهر لأنها حكمها حكم اللائي لم يحضن ، إذ لا يوجد لها حيض محكوم به.
والقول الثاني: أنّ حكمها حكم من ارتفع حيضها ولم تدري سببه فتبقى لمدة سنة ، والراجح المذهب.
قال رحمه الله (والأمة شهران)
على ما تقدم الأمة شهران كلما اعتدت الحرة ثلاثة أشهر فتعتد الأمة بشهرين والخلاف السابق يأتي معنا هنا.
قال رحمه الله (وإن علمت ما رفعه من مرض أو رضاع أو غيرهما ، فلا تزال في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به أو تبلغ سن الإياس فتعتد عدته)
إذا ارتفع حيض المرأة وهي تعلم السبب الذي رفعه بأن يرتفع بسبب المرض أو يرتفع بسبب أنها ترضع أو يرتفع بأي سبب لكنها تعرف هذا السبب فالحكم أنها تبقى في عدة إلى أن يرجع الحيض أو تبلغ سن الإياس ، إلى هذا ذهب الحنابلة رحمهم الله استدلوا على هذا بأنّ حبان ابن المنقذ رضي الله عنه طلق زوجته وهي ترضع فتطاولت بها العدة لأنها ترضع فمرض رضي الله عنه فقيل له إنك إن مت ورثتك ، فسأل رضي الله عنه عثمان فسأل عثمان الصحابة فأفتوه بأنه إن مات ورثته وإن تطاولت العدة.
وجه الاستدلال واضح لأنّ زوجة حبان رضي الله عنه ارتفع حيضها بسبب تعلمه وهو الإرضاع، وحكم الصحابة بأنها تبقى في العدة وإن تطاولت.
القول الثاني: أنّ من ارتفع حيضها وهي تعلم سبب ارتفاعه ينقسم إلى قسمين: -
القسم الأول: أن لا ترجو عوده ، يعني تعلم أنه لن يعود وإن كانت تعلم السبب في الارتفاع لكنها تعلم أنه لن يعود فهذه تعتد عدة الآيسة ثلاثة أشهر.
القسم الثاني: أن لا تعلم هل سيعود أو لن يعود مترددة فهذه تعتد بسنة ، فمثلا إذا كما هو في وقتنا المعاصر يحصل أحيانا إذا قامت المرأة بإجراء عملية جراحية واستأصلت الرحم من أصله فالآن هل تحيض أو لا تحيض؟ لا تحيض. وتعلم السبب أو لا تعلم السبب؟ تعلم السبب. ترجو أن يعود أو لا ترجو أن يعود؟ لا ترجو أن يعود. فمثل هذه المرأة تعتد بثلاثة أشهر لأنّها كالآيسة تماما. بل وجود الحيض في حقها أبعد من وجوده في حق الصغيرة ومن بلغت سن الإياس فإن من بلغت سن الإياس قد تحيض وإن كان خلاف العادة أما هذه لا يمكن أن تحيض.
قال رحمه الله (السادسة: امرأة المفقود تتربص ما تقدم في ميراثه ثم تعتد للوفاة)
المفقود هو من انقطع خبره ولم تعلم حياته من مماته ، هذا هو المفقود يقول المؤلف رحمه الله تتربص ما تقدم من ميراثه ثم تعتد للوفاة إذا امرأة المفقود عليها أن تبقى مدتين. فالمدة الأولى التربص. والمدة الثانية هي عدة الوفاة.
أما التربص فالمؤلف يقول تتربص كما تقدم في الميراث وما تقدم في الميراث هو أنها تتربص أربع سنين إذا كانت غيبته الغالب عليها الهلاك وتسعين سنة من الولادة إذا كانت غيبته الغالب عليها السلامة. فإما أن تتربص لمدة أربع سنين إذا كان الغالب عليه الهلاك أو أن تتربص لمدة تسعين سنة إذا كان الغالب عليه السلامة. الدليل على مدة هذا التربص أنّ عمر ابن الخطاب بأنها تتربص لمدة أربع سنوات فحملوا الأثر على من كان غالب حاله الهلاك. واضح إذاً الآن إما أتبقى أربع سنوات أو تبقى لمدة تسعين سنة. ثم بعد التسعين سنة تعتد للوفاة.
القول الثاني: أنّ مدة التربص لزوجة المفقود يرجع في تحديدها إلى الحاكم لأنها تختلف باختلاف الأشخاص وباختلاف الملابسات والأحوال فمن فقد في معركة يختلف عمن فقد في رحلة استجمام. يختلف عمن فقد داخل البلد ولكل حاله وملابساته التي تستدعي من الحاكم أن يأمر بمدة تتناسب مع وضع المفقود. وحمل أصحاب هذا القول أثر عمر على أنه فتوى معينة خاصة وليست فتوى عامة
ظاهر كلام شيخ الإسلام اختيار القول الأول إلاّ أنه لا يفرق بين من غالبه الهلاك أو السلامة ، بل في الكل أربع سنوات. ولهذا يقول والقول الصواب في مدة التربص زوجة المفقود ما روي عن عمر رضي الله عنه والمروي عن عمر هو أربع سنوات. الراجح أن نقول أما التفريق بين من غالبه السلامة أو الهلاك فهو تفريق ضعيف وليس في أثر عمر التفريق مطلقا.
بقينا في الترجيح بين القولين أن تتربص لمدة أربع سنوات أو أن يرجع في تحديده إلى الحاكم وكل من القولين قوي وجيه ولعل الأقرب أنه يرجع في تحديده إلى الحاكم لأنه أحيانا يكاد يجزم الإنسان بالهلاك فإبقاء المرأة لأربع سنوات فيه مضرة بلا فائدة فلعل الراجح هو هذا القول الثاني.
قال رحمه الله (وأمة كحرة في التربص)
يعني أنّ الأمة لا تتخلف عن الحرة في مدة التربص وإن اختلفت عنها في العدة والسبب في هذا أنّ الغرض من التربص هو معرفة حال الزوج وهذا لا يختلف بكون الزوجة حرة أو أمة وهذا أمر واضح.
قال رحمه الله (وفي العدة نصف عدة الحرة)
لما تقدم معنا مرارا من أنّ الأمة تعتد نصف عدة الحرة دائما سواء كانت بالأقراء أو بالأشهر إلاّ أن تكون العدة مما لا يتنصف كالحيض فإنها تكون حيضتان فقط لكن القاعدة العامة أنّ الأمة على النصف من الحرة في مدة العدة.
قال رحمه الله (ولا تفتقر إلى حكم حاكم بضرب المدة وعدة الوفاة)
يعني أنّ مدة التربص وعدة الوفاة تبدأ بهما المرأة من حين فقد الزوج ولا نحتاج إلى حكم حاكم بأن يحكم بأن تبدأ أو لا تبدأ لا نحتاج إلى هذا ، واستدلوا على هذا الحكم بأمرين الأول: أنه لا يوجد دليل على اشتراط حكم الحاكم في مدة التربص أو الوفاء.
الثاني: القياس على من ارتفع حيضها ولم تدر سببه فإنها تعتد لمدة سنة بدون حكم حاكم.
القول الثاني: أنّ مدة التربص وعدة الوفاة تحتاج إلى حكم حاكم ولا تبدأ إلاّ بحكم حاكم واستدلوا على هذا بأمرين:
الأول: أنّ كل مدة فيها خلاف فإناّ نحتاج إلى حكم الحاكم ليرفع هذا الخلاف كما أنّ كل مدة تحتاج إلى نظر نحتاج فيها إلى رأي الحاكم. الدليل الثاني: أنّ فتح هذا الباب يؤدي إلى التلاعب ، فبإمكان المرأة أن تزعم أنّ زوجها مفقود وتتربص مدة يراها الحاكم ثم تعتد عدة الوفاة وتتزوج ويكون في هذا نوع من التلاعب أليس كذلك؟ أي القولين أرجح؟ الثاني لأنه أضبط يعني العمدة في ترجيحه أنه أضبط ويتأكد اختيار القول الثاني في وقتنا هذا لأنه في وقتنا هذا كثير من العمال يذهب لمدة طويلة للعمل وقد لا تتمكن زوجته من الاتصال به فتزعم أنه مفقود ، وتبدأ بالتربص من حين ترى هي أنه مفقود وتبقى مدة التربص ثم العدة وبهذا تستطيع أن تتزوج بزوج آخر وهذا يفتح باب شر لا شك في ذلك فالراجح إن شاء الله أنه لا بد أن يستشار الحاكم وتضرب المدة برأي الحاكم.
ثم لما ذكر حكم زوجة المفقود من حيث التربص والعدة انتقل إلى ما يترتب على ما لو تزوجت بزوج ثاني.
قال رحمه الله (وإن تزوجت فقدم الأول قبل وطء الثاني فهي للأول)
قوله وإن تزوجت الحنابلة يرون أنّ هذا الزواج بالثاني زواج صحيح في الظاهر بمعنى أنه إذا ضربنا المدة للتربص وانتهت مدة التربص ثم اعتدت للوفاة وخرجت من العدة وتزوجت بالزوج الثاني فإنّ هذا الزواج صحيح في الظاهر فقط.
واختار شيخ الإسلام أنّ هذا الزواج الثاني صحيح في الظاهر والباطن. وسيأتينا في مفردات المسائل ما يدل على رجحان اختيار شيخ الإسلام رحمه الله يقول المؤلف وإن تزوجت فقدم الأول قبل وطء الثاني فهي للأول. إذا تزوجت بعد مدة التربص وعدة الوفاة فهي للأول ثم بعد الزواج بالثاني قدم الأول يقول المؤلف فهي للأول ومعنى قوله فهي للأول يعني بلا اختيار وإنما تكون للأول مباشرة، الدليل على هذا أنه بقدوم الزوج الأول تبيّنا بطلان عقد الزوج الثاني ، وإذا بطل العقد الثاني صارت زوجة للأول.
والقول الثاني: أنّ الزوج الأول إذا قدم قبل الدخول أو بعد الدخول فهو مخير ولا يلزم بزوجته بل يخير بين زوجته وبين المهر ، فإن اختار المهر صارت زوجة للثاني وإن اختار زوجته رجعت زوجته إليه واستدل أصحاب هذا القول على قولهم بأنه ليس في الآثار المروية عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه التفريق بين أن يكون قدوم الزوج الأول قبل الدخول أو بعد الدخول. بل فيه التخيير مطلقا.
واستنبط شيخ الإسلام من هذه القصة قاعدة وهي أنه كل عقد يتوقف على رضا أحد الأطراف فإنه يكون على التخيير وذكر أنّ هذه القاعدة تدل عليها نصوص كثيرة منها فتوى عمر هذه أنه خير الزوج الأول. ومنها أحاديث تلقي الركبان وأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال فإنّ صاحب السلعة بالخيار إذا أتى السوق ، فجعل له الخيار فدلت هذه النصوص على صحة القاعدة التي قررها رحمه الله.
يقول رحمه الله (وبعده له أخذها زوجة بالعقد الأول)
إذا جاء الزوج الأول بعد دخول الزوج الثاني فهو مخير وهذا بالإجماع بل إنّ هذا الإجماع حكي عن الصحابة هذا إذا أتى الزوج بعد دخول الزوج الثاني.
يقول (وبعده له أخذها زوجة بالعقد الأول ولو لم يطلق الثاني)
له أخذها بالعقد الأول يعني للزوج الأول أن يأخذها بالعقد الأول ولا يحتاج إلى تجديد عقد واستدل الحنابلة على هذا بأنه بمجيء الزوج الأول تبيّنا بطلان عقد الزوج الثاني ، وصحة بقاء عقد الأول فلا يحتاج إلى تجديد.
القول الثاني: أنه يجب أن يجدد العقد الأول إذا اختار زوجته ، وهذا القول الثاني مبني على مسالة أخرى وهي أنه إذا أرادتا المرأة أن تتزوج فإنّ على الحاكم أن يأمر ولي الزوج الأول أن يطلق ، لأنّ عمر بن الخطاب لما أراد أن يزوج المرأة استدعى ولي الزوج الأول وأمره أن يطلق نيابة عن الزوج الأول ، وإذا طلق لم تصبح زوجة له لأنه طلق بأمر الشارع فنلزمه بتجديد العقد وهذا القول الثاني أرجح وأحوط ولا يضر الزوج الأول أن يعيد العقد.
يقول رحمه الله (ولو لم يطلق الثاني)
هنا نأتي إلى مسألتنا السابقة وهي أنّ الحنابلة يرون أنّ الزواج الذي تم من قبل الزوج الثاني صحيح في الظاهر دون الباطن ولهذا لا يحتاج أن يطلق لأنه زواجه ليس بصحيح في الباطن.
والقول الأول: أنه لابد أن يطلق الزوج الثاني لأنّ زواجه صحيح في الظاهر والباطن لأنه إنما تزوج بأمر الشرع فزواجه صحيح ظاهرا وباطنا فنقول للزوج الثاني طلق ونقول هنا أيضا كما قلنا في المسالة السابقة لا يضر الزوج الثاني أن يطلق لأنه إذا طلق حلت للزوج الأول بلا خلاف.
قال رحمه الله (ولا يطأ قبل فراغ عدة الثاني)
يعني إذا اختار الزوج الأول زوجته فإنه لا يجوز أن يطأ إلاّ بعد فراغ عدة الزوج الثاني ، ومقصود الحنابلة في هذه المسالة عدة كاملة لمدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر حسب وضع المرأة المهم أنها عدة كاملة وتقرير الحنابلة أنّ العدة من الزوج الثاني يجب أن تكون كاملة يتوافق مع القول بأنّ الزواج صحيح ظاهرا وباطنا ، أو ظاهرا فقط؟ ظاهرا وباطنا ، ولو أراد الحنابلة أن يعتبروها ظاهرا فقط فيجب أن يلزموها بالإستبراء فقط لأنها زوجة في الظاهر دون الباطن وهذا مما يقوي اختيار شيخ الإسلام وأنها زوجة في الظاهر والباطن ولذلك تعتد عدة كاملة ولا تستبرأ فقط.
قال رحمه الله (وله تركها معه من غير تجديد عقد)
يعني وللزوج الأول أن يترك زوجته مع الزوج الثاني بلا تجديد للعقد واستدل الحنابلة على هذا بأنّ الصحابة لما رجع المفقود واختار المهر بقيت الزوجة مع الثاني ولم ينقل عنهم الأمر بتجديد العقد وهذا يدل أيضا على أنّ زواج الثاني صحيح في الظاهر والباطن.
قال رحمه الله (ويأخذ قدر الصداق الذي أعطاها من الثاني)
يعني يأخذ الزوج الأول قدر الصداق من الزوج الثاني ، وهل يأخذ قدر الصداق الذي أعطاها أو الذي أعطاها الزوج الثاني؟ يأخذ قدر الصداق الذي أعطاها هو فإذا افترضنا أنه أعطاها مهرا يساوي مئة ألف ، وأنّ الثاني أعطاها مهرا يساوي خمسين ألف ، فإنّ على الزوج الثاني أن يعطي الزوج الأول كم؟ مئة ألف وإلى هذا يشير الشيخ بقوله الذي أعطاها.
قال رحمه الله (ويرجع الثاني عليها بما أخذه منه -)
يعني إذا أخذ الزوج الأول مهره من الزوج الثاني فإنّ الزوج الثاني يعود بالمهر على من؟ على الزوجة واستدل الحنابلة على هذا بأنّ لو لم نأمره أو لو لم نجز له أن يعود بالمهر على الزوجة لصار دافعا لمهرين في عقد واحد والشارع لا يلزم الإنسان أن يدفع مهرين في عقد واحد ولهذا نأمره أن يأخذ المهر من الزوجة هذا اختيار العلامة المرداوي وأيضا الزركشي.
القول الثاني: أنه لا يعود على المرأة لآنّ السبب في دفع المهر هو أنه أخذ المرأة وليس من المرأة سبب يستدعي أن تدفع هذا المهر إذ لم يصدر منها تفريط ولا خطأ وإنما تزوجت بأمر الشارع. أي القولين أرجح؟ هل يرجع على الزوجة أو لا يرجع؟ في الحقيقة فيها إشكال؟ في الحقيقة فيه تردد لم يظهر لي بعد التأمل هل يرجع على الزوجة الثانية أو لا يرجع أحيانا تقول يرجع فتظلم المرأة وأحيانا تقول لا يرجع فينظلم الزوج الأول أو الثاني؟ الزوج الثاني في المسألة تردد تحتاج إلى مزيد تأمل.
فصل
قال رحمه الله (ومن مات زوجها الغائب أو طلقها اعتدت منذ الفرقة وإن لم تحد)
معنى هذه العبارة أنّ الزوجة من حين يطلق الزوج أو يموت تبدأ في العدة ولو لم تعلم بالطلاق أو الموت واستدلوا على هذا بأدلة: الأول " أنه لا يشترط في العدة القصد والنية بدليل صحة العدة من الصغيرة والمجنونة.
الدليل الثاني: أنّ المرأة إذا طلقت وهي حامل ولم تعلم بالطلاق أو مات زوجها وهي حامل ولم تعلم بموته فإنها بمجرد الوضع تخرج من العدة ولو لم تعلم.
القول الثاني: أنه يشترط العلم ولا تبدأ في العدة إلاّ بعد العلم بالموت أو الطلاق واستدلوا على هذا بأنّ العدة تشتمل على محذورات تتركها الزوجة ومن لم تعلم لم تترك هذه الأشياء. والراجح مذهب الحنابلة لأنّ ترك هذه المحذورات واجب في العدة وليس شرطا لصحتها. بناء على هذا إذا طلق الرجل زوجته وهي آيسة ولم تعلم إلاّ بعد مرور ثلاثة أشهر فإنها تعتبر خرجت من العدة.
قال رحمه الله (وعدة موطوءة بشبهة ، أو زنا ، أو بعقد فاسد كمطلقة)
ذكر المؤلف ثلاثة مسائل: - المسالة الأولى: الموطوءة بشبهة ، والثانية: المزني بها ، والثالثة: الموطوءة بعقد فاسد.
نبدأ بمسألتين متشابهتين. وهي المرأة الموطوءة بشبهة أو بعقد فاسد فهذه عند الحنابلة عدتها كعدة المطلقة تماما واستدلوا على هذا بالقياس فقالوا إنّ الموطوءة بشبهة أو بعقد فاسد تشبه المطلقة من حيث لحوق النسب ومن حيث طلب براءة الرحم فتعتد كعدة المطلقة وأما المزني بها. وهي المسألة الثانية فتقاس على الموطوءة بشبهة.
القول الثاني: أنّ المزني بها والموطوءة بشبهة أو بعقد فاسد تعتد بحيضة واحدة ، واستدل أصحاب هذا القول على قولهم بأنّ المقصود بالنسبة للمطلقة حين أمرت أن تعتد بثلاث حيض تحقيق حكمتين: - الأولى: العلم ببراءة الرحم.
والثانية: مراعاة حق الزوج فيما لو أراد المراجعة. فأما براءة الرحم فتحصل بحيضة واحدة وأما المراجعة فلا سبيل إليها لأنها ليست بزوجة وهذا القول الثاني هو الصحيح إن شاء الله أنها تعتد بحيضة واحدة فقط لنعلم براءة الرحم.
تنبيه!! مسألة اعتداد الموطوءة بشبهة أو بعقد فاسد هذه لم يروى فيها عن الإمام احمد قول ثاني بل حكي فيها الإجماع بخلاف مسالة عدة المزني بها ففيها حتى عن الإمام احمد عنه رواية أخرى فيها ومن هنا تعلم أنّ الخلاف أقوى في الموطوءة بشبهة منه في المزني بها.
قال رحمه الله (وإن وطئت معتدة بشبهة أو نكاح فاسد فرق بينهما وأتمت عدة الأول)
إذا كانت المرأة مطلقة وهي معتدة ثم وطئت بشبهة أو بنكاح أو بعقد فاسد يقول الشيخ المؤلف فرق بينهما وأتمت عدة الأول.
الحكم الأول أنه يفرق بينهما مباشرة لأناّ علمنا أنّ العقد فاسد.
الثاني: أنها تتم عدة الأول وجه ذلك أنّ حقه سابق فنتم عدة الأول ثم كما سيأتينا نرجع لعدة الواطئ بشبهة ويستثنى من هذا مسالة واحدة وهي ما إذا كانت حملت من الوطء بشبهة أو بعقد فاسد فإنه لابد حينئذ أن نتم عدة الأول أو الثاني؟ الثاني. لأنها حملت منه فإذا وضعت رجعت ماذا؟ عدة الزوج الأول فيما عدا هذه الصورة فإنها تعتد بعد التفريق عدة الأول لأنّ حقه سابق.
قال رحمه الله (ولا يحتسب منها مقامها عند الثاني)
لا يحتسب من عدة الأول المدة التي أقامتها عند الثاني. التعليل أنها في مدة الإقامة عند الثاني هي فراش له وإذا كانت فراش للثاني فإنّ عدة الأول لا تبقى فإذا افترضنا أنها تعتد بالأشهر واعتدت من الأول لمدة شهر ثم نكحت نكاحا فاسدا لمدة شهر ثم فرق بينهما كم بقي عليها من عدة الأول؟ شهرين. ولو احتسبنا مدة بقائها عند الثاني لكان بقي عليها شهر واحد ولكنا لا نحسب هذه المدة لما تقدم من أنها أصبحت فراشا للثاني.
قال رحمه الله (ثم اعتدت للثاني)
يريد المؤلف أن يبيّن أن عدة الأول والثاني لا تتداخل ليس بين العدد تداخل بل لكل واحد منهما الحق بعدة مستقلة.
يقول المؤلف ثم اعتدت للثاني تقدم معنا أنّ هذا الكلام أنّ معناه أنّ العدتين من رجلين لا يتداخلان بل لكل واحد منهما عدة مستقلة قال رحمه الله (وتحل له بعقد بعد انقضاء العدتين)
تحل له للوطئ بشبهة أو بعقد فاسد ولكن بعد انقضاء العدتين فإذا انقضت عدتها من الأول ثم انقضت عدتها من الثاني جاز للثاني أن يتقدم إلى خطبتها وأن يتزوجها بعقد جديد واستدلوا على هذا بأنّ هذا مروي عن علي رضي الله عنه أنه أفتى بأنّ الثاني له أن يتزوجها بعد انتهاء عدة الأول والثاني.
القول الثاني: أنها لا تحل لثاني أبدا مطلقا يعني للوطئ بشبهة أو بعقد فاسد فقالوا أنّ هذا مروي عن عمر رضي الله عنه أنه أمر الثاني الذي نكح المعتدة في عدتها أن لا يتزوج بها أبد الدهر. وهذا الأثر المروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيه انقطاع ولا يصح.
القول الثالث: أنّ للثاني أن يتزوجها في مدة عدته ، ألم نقل أنها تعتد للأول ثم تعتد لمن للثاني فإذا بدأت بعدة الثاني فله أن يتزوجها في عدته لماذا؟ لأنّ العدة عدته والماء ماءه وهذا القول الثالث فيه وجاهة لأنها إذا انتهت من عدة الأول وبدأت بعدة الثاني فله أن يتزوجها لأنها في عدته ولا نقول له أن يراجعها لأنه لم يتزوج فالعقد فاسد بل نقول له أن يتزوجها.
مسالة / وللأول أن يراجع زوجته في عدته لأنها زوجة رجعية فله أن يراجعها في مدة عدته إذا عرفنا الآن الخلاف في تزوج الزوج الثاني بالمرأة بعد انتهاء العدتين.
ثم - قال رحمه الله (وإن تزوجت في عدتها لم تنقطع حتى يدخل بها)
مقصود المؤلف أنّ المعتدة إذا تزوجت بزوج ثاني وتم العقد فإنّ عدة الأول لا تنقطع إلاّ بدخول الزوج الثاني أي أنها لا تنقطع بمجرد العقد بل ننتظر إلى الدخول فإن لم يدخل فهي باقية على عدتها من الأول ، فالدخول هو الذي يقطع عدة الأول لا مجرد العقد.
ثم - قال رحمه الله (فإذا فارقها)
أي الثاني بنت على عدتها من الأول ثم استأنفت العدة من الثاني. هذه المسالة كالمسالة السابقة تماماً. وهي أنها تبدأ بعدة الأول لأنه حقه سابق ثم إذا انتهت بدأت بعدة الثاني ، وفي هذه العبارة من المؤلف نوع تكرار والحكم في هذه المسالة كالحكم في المسالة السابق.
انتهى الدرس
الدرس: (3) من العدد
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله (وإن أتت بولد من أحدهما انقضت منه عدتها به ثم اعتدت للآخر)
مازال المؤلف في الكلام عن ما إذا وجد في العدة أكثر من رجل.
إذا أتت المرأة بولد من الزوج الأول أو من الزوج الثاني فهو ينقسم إلى قسمين: أن تأتي بولد من الزوج الأول فإذا أتت بولد من الزوج الأول انتهت عدتها منه واستأنفت عدة يعني بدأت عدة جديدة للزوج الثاني.
القسم الثاني: أن تأتي بولد من الثاني فإذا أتت بولد من الثاني فإنها تنقضي عدتها من هذا الزوج الثاني ثم إذا انقضت عدتها من الزوج الثاني فإنها لا تستأنف عدة للأول وإنما تتم عدة الأول وتعليل ذلك أنّ عدة الأول لم يوجد ما يبطلها شرعا ، ولذلك نأمرها أن تتم العدة ولا يشترط ولا يجب عليها أن تستأنف عدة جديدة. وبهذا علمنا أنّ قول المؤلف (ثم اعتدت للآخر) ظاهره أنه حتى لو كان الولد للثاني وليس الأمر كذلك بل إذا كان الولد للثاني فإنها تتم عدة الأول ولا تستأنفها من جديد.
ثم - قال رحمه الله (ومن وطئ معتدته البائن بشبهة استأنفت العدة بوطئه ودخلت فيها بقية الأولى)
إذا وطئ الرجل زوجته التي تعتد منه بشبهة ، فإنّ الحكم أنها تستأنف العدة للوطء الثاني وتدخل العدة من الوطء الأول في ضمن العدة الثانية ، أي ولا نقول تتم العدة الأولى ثم تستأنف عدة ثانية للوطء بشبهة بل تتداخل العدتان ، إذا وطئ الإنسان معتدته بشبهة فحينئذ تستأنف عدة للوطء بشبهة وتدخل العدة الأولى في العدة الثانية التي هي بسبب الوطء لشبهة ولا نقول تتم العدة الأولى فإذا انتهت بدأت بعدة جديدة للوطء بشبهة بل تتداخل العدتان. التعليل عللوا ذلك بأنّ هذا الوطء من شخص واحد يلحق فيه النسب لحوقا واحدا فتداخلت فيه العدتان وهذا صحيح ، فتعتد من الوطء بشبهة وتكتفي بذلك. ولهذا يقول (استأنفت العدة بوطئه) يعني بدأت عدة جديدة للوطء بشبهة ودخلت فيها بقية الأولى ، يعني دخلت بقية العدة الأولى في العدة الثانية ولا نحتاج أن نجعل للوطئين عدتان.
قال رحمه الله (وإن نكح من أبانها في عدتها ثم طلقها قبل الدخول بنت)
البحث الآن في التي أبانها بغير الثلاث والبينونة بغير الثلاث تكون بماذا؟ بفسخ أو خلع. معنى هذه العبارة أنّ الإنسان إذا بانت منه زوجته بفسخ أو خلع فإنه إذا أراد أن يتزوجها في أثناء العدة جاز له ذلك ، فإذا تزوجها في عدتها منه ثم طلقها قبل الدخول فإنها لا تستأنف عدة جديدة وإنما تبني على العدة الأولى ، إذا خالع الإنسان زوجته فإنها تعتد منه أليس كذلك؟ يجوز للإنسان إذا خالع زوجته أن يتزوجها في أثناء العدة فإذا تزوجها في أثناء العدة ثم طلقها قبل الدخول فإنها تكمل العدة الأولى ولا تستأنف عدة لهذا الزواج الثاني التعليل عللوا ذلك بأنّ الزواج الثاني ليس فيه مسيس ولا خلوة. فلم يوجب عدة وهذا صحيح تقدم معنا في أول الباب أنّ أسباب وجوب العدة كم؟ ثلاث وهي الخلوة والموت والمسيس أو الوطء أو الجماع ، كلها مسميات لمسمى واحد.
إذا في هذه الصورة لا يوجد شيء من مقررات أو من موجبات العدة ولذلك تستأنف عدتها الأولى ولا تكمل بخلاف ما يظنه بعض الناس أنه إذا تزوجها فإنه إذا طلقها قبل الدخول تعتد عدة جديدة.
مسألة / مفهوم كلام المؤلف أنه إذا تزوج من معتدته البائن ثم طلقها بعد الدخول فإنها تستأنف عدة جديدة وتدخل العدة الأولى في العدة الثانية لأنهما من رجل واحد.
فصل
هذا الفصل مهم جدا وعقده المؤلف لبيان أحكام الإحداد.
والإحداد لغة / المنع. وأما شرعا فسيذكره المؤلف رحمه الله في ما يلي وهو اجتناب المرأة ما يدعو إلى جماعها أو النظر إليها. وسيذكره المؤلف.
يقول الشيخ رحمه الله (يلزم الإحداد مدة العدة)
الإحداد تابع للعدة فالإحداد حكم من أحكام العدة سواء اعتدت المرأة بوضع الحمل أو اعتدت بالأشهر فالإحداد إنما هو حكم من أحكام العدة وهذا معنى قول الشيخ رحمه الله (مدة العدة) فلا يوجد إحداد منفصل عن العدة بل الإحداد حكم من أحكام العدة وقد قرر هذا الشيخ العلامة ابن القيم رحمه الله
يقول رحمه الله (يلزم الإحداد مدة العدة كل متوفى زوجها عنها)
وجوب الإحداد محل إجماع في الجملة بين العلماء لم يخالف فيه أحد وذلك لصراحة النصوص فيه كما سيأتينا من قوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلاّ على زوج أربعة أشهر وعشرا. كما سيأتينا هذا الحديث الذي يعتبر عمدة في باب الإحداد فإذا وجوب الإحداد محل إجماع ولم يخالف فيه إلاّ رجل واحد من التابعين وهو الحسن رضي الله عنه الحسن البصري ولكن هذا الخلاف في الحقيقة نقول عنه كما قال ابن قدامة هو خلاف شاذ لا يأبه به لمصادمته لصريح السنة ولعل رضي الله عنه الحسن سيد التابعين لعله لم يبلغه النص أو لم يبلغه من طريق صحيح ومثله لا يخالف النصوص بهذا الشكل إلا بسبب.
يقول رحمه الله (في نكاح صحيح)
يعني أنّ الإحداد يلزم في النكاح الصحيح دون الفاسد وسيفصل المؤلف فيما يختلف عن النكاح الصحيح بذكر جميع أمثلته وحكم كل مثال منه إنما الذي يعنينا الآن أنّ النكاح الصحيح هو الذي تتعلق به أحكام الإحداد.
قال رحمه الله (ولو ذمية)
معنى قول المؤلف ولو ذمية يعني أنه لا يشترط التكليف لوجوب أحكام الإحداد بل يجب ولو على غير المكلف كغير المسلم واستدل هؤلاء بأمرين: الأمر الأول" أنّ هذا تدل عليه عموم النصوص.
الثاني: أنّ الإحداد لحق الزوج فلا يشترط فيه ماذا؟ أن تكون مسلمة من أهل العبادات.
القول الثاني: أنّ الذمية لا يلزمها أحكام الإحداد ولا يجب عليها ، وأنّ هذا خاص بالمسلمين واستدل هؤلاء بدليلين: الأول: قوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر .... ) فعلق الحكم بالإيمان بالله واليوم الآخر.
الثاني: أنّ الإحداد ليس حقا للزوج بل حق لله بدليل أنّ أهل الميت والميت لو أوصى واتفقوا جميعا على إبراء المرأة من أحكام الإحداد وإسقاطها عنها لم يجز للمرأة أن تترك أحكام الإحداد وهذا يدل على أنه من حقوق الله وليس من حقوق الآدميين إذ لو كان من حقوق الآدميين لسقط بإسقاطه. وإلى هذا القول يميل العلامة ابن القيم وهو قول ظاهر الوجاهة والقوة.
قال رحمه الله (أو أمة أو غير مكلفة)
يلزم الإحداد الأمة وغير المكلفة ، لأنّ الأمة وغير المكلفة يدخلان في عموم قوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله ....
هذا دليل.
والدليل الثاني: أنّ ابنة أم سلمة توفي عنها زوجها وأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بأحكام الإحداد ولم يسأل عن سنها. عن عمرها مما يدل على أنّ أحكام الإحداد تلزم المرأة ولو كانت صغيرة ولهذا يقول أمة أو غير مكلفة.
قال رحمه الله (ويباح لبائن من حيّ)
حكم الإحداد للزوجة البائنة من حي أنه مباح عند الحنابلة لكن لا يسن ، وحكي وهو غريب نوعا ما حكي الإجماع على إباحته.
والقول الثاني: أنّ الإحداد واجب على الزوجة البائن ، قياسا على الزوجة المتوفى عنها زوجها وهذا القول الثاني غاية في الضعف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله .......... أن تحد على ميت. فأحكام الإحداد تتعلق بالموت ولو هذا الإجماع المحكي على الجواز لكان الإنسان يميل تماما إلى أنّ إحداد البائن بدعة ، لا أصل له في الشرع لكن يحول بين أن يقول هذا الإجماع المحكي ولهذا أنا أقول أنه غريب. والحنابلة كما ترون توسطوا فقالوا يباح ولا يسن.
قال رحمه الله (ولا يجب على رجعية)
لا تجب أحكام الإحداد أو لا يجب الإحداد على الزوجة الرجعية ، والدليل على هذا أنّ الزوجة الرجعية مطلوب منها عكس المطلوب من الزوجة المحدة. لأنّ الزوجة الرجعية يطلب منها أن تتزين وتتشرف لزوجها لعله أن يراجع فالمطلوب منها عكس المطلوب من المحدة وهذا الحكم وهو عدم الوجوب محل إجماع لم يختلف فيه الفقهاء.
قال رحمه الله (وموطوءة بشبهة ، أو زنا ، أو في نكاح فاسد. أو باطل ، أو ملك يمين)
هذه ثلاث الأولى: موطوءة بشبهة ، والثانية: موطوءة بزنا ، والثالثة: بنكاح فاسد أو باطل ، والرابعة: موطوءة بملك اليمين.
هؤلاء النساء لا يجب عليهن الإحداد والتعليل ظاهر وهو أنّ الإحداد إنما يجب على الزوجة وهؤلاء لسن من الزوجات فهذه النساء لسن زوجات فلا يجب عليهن الإحداد ولا تتعلق بهن أحكام الإحداد وهو أمر واضح.
قال رحمه الله (والإحداد: اجتناب ما يدعو إلى جماعها ويرغب في النظر إليها ( .....
الإحداد هو كما ذكر المؤلف أن تجتنب المرأة كل ما يدعو إلى النظر إليها أو جماعها أو الرغبة فيها ، وهناك عناصر أربعة تكاد تشمل جميع المحظورات. الأول: الطيب وهو على رأس المحظورات. الثاني: الزينة في البدن كالحناء. الثالث" الزينة في الثياب كالثوب المصبوغ والرابع" الحلي. هذه الأربع عناصر تشمل تقريبا جميع ما يجب على الزوجة المحدة أن تجتنه. الدليل على هذا التفصيل قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله ................ إلاّ على زوج أربعة أشهر وعشرا ولا تلبس ثوبا مصبوغا ، ولا تكتحل ولا تمس طيبا) فهذا نص في اجتناب زينة البدن وزينة الثياب وهذا الحديث كما قلت لك هو أصل في هذا الباب وما لم يذكر في الحديث مما يجب على المرأة أن تجتنبه زمن الإحداد يقاس على المذكور في الحديث وما ذكره المؤلف من مفردات المسائل كله مأخوذ ومستفاد من هذا الحديث نصا أو قياسا.
يقول رحمه الله (اجتناب ما يدعو إلى جماعها ويرغب في النظر إليها من الزينة والطيب)