المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء] - شرح زاد المستقنع - أحمد الخليل - جـ ٥

[أحمد الخليل]

الفصل: ‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

يعني إذا أوصى بعين، ثم بعد موت الموصي، ونحن لابد أن نحمل هذا الحكم من المؤلف على ما يكون بعد موت الموصي، ثم بعد الموصي تلف جميع المال إلاّ هذه العين، فإنها تكون من نصيب الموصى له، لأنّ حقه بعد موت الموصي تعلّق بهذه العين واستقرّ، ولاحق للورثة فيه، وهذا لا إشكال فيه، كما أنه إذا تلفت العين سقط حقه، كذلك إذا لم يبقى إلاّ هي بعد موت الموصي بقي حقه لأنه متعلّق بهذه العين، وليس للورثة مطلقاً أن يعترضوا على هذا الحكم، ولو تلف جميع المال، فهذه العين أصبحت من جملة أملاك الموصى له، بهذا انتهى باب الموصى به.

[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

قال المؤلف رحمه الله:

(إذا أوصى بمثل نصيب وارث معيّن)

قوله باب الوصية بالأنصباء والأجزاء، يعني في الحقيقة، أنه فائدة هذا الباب قليلة، كما أنه لا ينبغي أبداً أن يوصي الموصي بهذه الطريقة التي ستأتينا تفصيلها وكيفيتها، بل عليه أن يوصي، كما أوصى السلف بالثلث أو الخمس أو الربع حسب الخلاف المتقدم، لكن لو أوصى بهذه الطريقة التي ستأتينا فالعمل على وفق ما سيأتي الآن.

يقول الشيخ باب الوصية بالأنصباء والأجزاء، الأنصباء: جمع نصيب وهو الحصة، والمقصود هنا في هذا الباب يعني نصيب الوارث.

وقوله والأجزاء: الأجزاء أيضاً جمع جزء ، والجزء يقصد به الطائفة من الشيء، سواء كان هذا الشيء حسي أو معنوي،

والمقصود بهذا الباب، بيان نصيب الموصى إليه إذا نسبه الموصي إلى مجموع التركة، يعني كيف نعرف نصيب الموصى إليه إذا جعله الموصي منسوباً إلى أنصباء التركة، أو إلى نصيب واحد مِن مَن يرثون من التركة على التفصيل الذي سيأتينا، والحنابلة قعّدوا قاعدة واضحة جداً تنهي الإشكال في الباب، بحيث إذا عرف الإنسان القاعدة، أمكنه أن يعرف نصيب الموصى إليه في أي مسألة نسبت إليها من مسائل الفرائض.

ص: 45

يقول (إذا أوصى بمثل نصيب وارث معيّن فله مثل نصيبه مضموماً إلى المسألة (هذه قاعدة الباب، كل الباب سينبني على هذه القاعدة، يقول له مثل نصيب وارث معيّن، لكن مضموماً إلى المسألة، فنجعل الموصى له كأنه أحد الوارثين، ويأخذ مثل نصيب الشخص الذي عيّنه الموصي، إذاً هذا معنى قول الشيخ مضموماً إلى المسألة، يعني بالنسبة إلى المسألة، والأمثلة ستوضح هذه القاعدة أتم توضيح، لكن قبل أن ندخل في الأمثلة عرفنا الآن كيفية التقسيم عند الحنابلة، وهو أن نعطي الموصى له حظه ونصيبه مضموماً إلى المسألة، كأنه أحد الورثة، وهذا مذهب الجمهور.

القول الثاني: وهو مذهب الإمام مالك، أنّ الطريقة ليست كذلك وإنما نقوم بإعطاء الموصى له مثل نصيب الوارث المعيّن من رأس المال ثم نقسم الباقي على باقي الورثة، ولا نجعل الموصى له يشترك مع الورثة، بل نعطيه النصيب ثم نقسم الباقي.

ص: 46

مثال يوضح هذه الأمور، إذا كان إنسان له ثلاثة أبناء، ويملك ثلاثمائة ألف، وقال الموصي أوصيت لزيد بمثل نصيب ابني، يعني أحد أبنائي، التركة كم؟ ثلاثمائة ألف، والأبناء كم؟ ثلاثة، إذا أردنا أن نقسم التركة على الأبناء، فسيكون أصل المسألة من مجموع الرؤوس أليس كذلك؟ لكل واحد كم؟ مائة ألف، إذا أردنا أن نطبق مذهب الإمام مالك، فنقول للموصى إليه خذ أنت مثل نصيب أحد الأبناء وهو كم؟ مائة ألف كم يبقى؟ يبقى مائتي ألف، نقسم المائتين ألف على الورثة وهم الثلاثة، هذا على طريقة الإمام مالك، على طريقة الحنابلة نقول يدخل الموصى له معهم، فبدل أن تكون المسألة من ثلاثة، وله مثل نصيب أحدهم، ستكون من أربعة، وفي هذه الحالة سنقسم الثلاثمائة ألف على كم؟ على أربعة، انظر الفرق بين قول الحنابلة والمالكية، عند المالكية سيأخذ مائة ألف، وعند الحنابلة سنقسم الثلاثمائة ألف على أربعة، وكل ما كبر المبلغ كبر الفرق، هذا المذهب الذي ذهب إليه الإمام مالك، مال إليه المرداوي في الإنصاف، وأيضاً مال إليه الشيخ الحارثي في شرحه على المقنع، والخلاف راجع إلى معرفة مقصود من؟ الموصي فبعضهم يقول هذا مقصود الموصي، والآخر يقول بل مقصود الموصي أن يشترك الموصى له مع باقي الورثة، في المسألة إشكال، يعني لا يظهر للإنسان المعنى لكن يبدو لي أنه عند تساوي الأمور وعدم وجود أيّ مرّجح في إرادة الموصي، فإنّ مذهب الحنابلة أقرب وهو أنه أراد أن يدخل الموصى له مع الورثة، ويشاركهم في نصيبهم، هكذا يبدو أنّ مقصود الموصي، وليس مقصوده تفضيل الموصى له على أبناءه، هذا القصد قد يكون بعيد، على كل حال هذه المسألة تدلنا بوضوح، أنه يجب أن يكون الموصي واضح إذا أراد أن يوصي، وأن يكتب مراده في الوصية بدقة، نأتي للأمثلة التي ذكرها المؤلف

قال المؤلف رحمه الله:

(فإذا أوصى بمثل نصيب ابنه وله ابنان فله الثلث)

أي فللموصى له الثلث، لماذا؟ لأنه ستكون المسألة من اثنين، فإذا أعطينا الموصى له مثل أحدهم صارت المسألة من ثلاثة، فله الثلث من مجموع هذه المسألة.

قال المؤلف رحمه الله:

(وإن كانوا ثلاثة فله الربع)

واضح كالمسألة السابقة تماماً.

قال المؤلف رحمه الله:

ص: 47

(وإن كان معهم بنت فله التسعان)

معهم الضمير يعود إلى الثلاثة، فإذا كانوا ثلاثة وبنت، فإنّ المسألة تكون من كم؟ من سبعة لأنّ كل ذكر عن اثنين والأنثى عن واحد ستة زائد واحد صارت المسألة من كم؟ من سبعة، والموصي يقول أنّ له مثل نصيب أحد الأبناء، نصيب أحد الأبناء اثنان الآن، فإذا أخذ هو اثنان، صارت المسألة من كم؟ من تسعة، وله التسعان كما أنّ لأحد الأبناء بعد دخول الموصى له اثنان يعني التسعان فيستوي الموصى له مع باقي الأبناء، ويأخذ أكثر من البنت، لأن الأب نصّ أنه مثل الأبناء وليس مثل البنات، فإن قال أنّ له وإن كان معهم بنت، فقال الموصى له مثل البنت، كم تكون المسألة؟ هي في الأصل من سبعة، ثمانية لأنه بدل أن يكون اثنان سيكون واحد، وهذا الذي ينبغي أن لا يفضل الموصى له على ابنته، لأنّ الشارع يتشوف إلى أن يكون نصيب الوارث أكبر من نصيب الموصى له.

قال المؤلف رحمه الله:

(وإن وصى له بمثل نصيب أحد ورثته ولم يبيّن، كان له مثل ما لأقلهم نصيباً)

كان له مثل ما لأقلهم نصيباً، إذا قال له مثل نصيب أحد الورثة، فله مثل أقلهم، الدليل على هذا أنّ هذا هو اليقين وما زاد فهو مشكوك فيه، والأصل عدم استحقاقه، فيعطى الأقل، على أنّ هذه مسألة مفروضة، ومن الخطأ البيّن أن يكون له مثل نصيب أحد الورثة، بل عليه أن يبيّن كما تقدم معنا، ثم ذكر أمثلة هذه القاعدة.

قال المؤلف رحمه الله:

(فمع ابن وبنت ربع)

مع ابن وبنت له الربع، لأنّ أصل المسألة قبل دخول الموصى له من ثلاثة، أليس كذلك؟ فإذا دخل سيأخذ مثل نصيب البنت أو مثل نصيب الابن؟ البنت لأنه له الأقل عند الحنابلة فسيكون نصيبه واحد، واحد مع ثلاثة صارت المسألة من أربعة فله الربع.

قال المؤلف رحمه الله:

(ومع زوجة وبن تسع)

لأنّ المسألة من ثمانية، ثمن للزوجة والباقي للابن، فإذا أعطيناه مثل نصيب الأقل، فالأقل في هذه المسألة هو من؟ الزوجة، فسنضيف إلى أصل المسألة واحد، وتكون بدل ثمانية، تسعة ،فيكون له هو والزوجة التسع.

قال المؤلف رحمه الله:

(وبسهم من ماله فله سدس)

إذا قال أوصيت له بسهم من مالي، فله السدس، استدل الحنابلة على هذا بدليلين:

ص: 48