المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ما وقع فيها من أحداث] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ١١

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[ذِكْرُ مَقْتَلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَفِي فَضْلِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[صِفَةُ مَقْتَلِهِ رضي الله عنه]

- ‌[صُورَةُ الْوَصِيَّةِ الَّتِي تَرَكَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ زَوْجَاتِهِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

- ‌[أَقْرَبُ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ نَسَبًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حَدِيثُ الْمُؤَاخَاةِ]

- ‌[تَزْوِيجُ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ رضي الله عنهما]

- ‌[حَدِيثُ الطَّيْرِ]

- ‌[حَدِيثُ رَدِّ الشَّمْسِ لَهُ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ]

- ‌[حَدِيثُ الصَّدَقَةِ بِالْخَاتَمِ وَهُوَ رَاكِعٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ سِيرَتِهِ الْعَادِلَةِ وَطَرِيقَتِهِ الْفَاضِلَةِ وَمَوَاعِظِهِ وَقَضَايَاهُ الْفَاصِلَةِ]

- ‌[غَرِيبَةٌ مِنَ الْغَرَائِبِ وَآبِدَةٌ مِنَ الْأَوَابِدِ]

- ‌[خِلَافَةُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[تَسْلِيمُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَمْرَ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبَى سُفْيَانَ]

- ‌[ذِكْرُ أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبَى سُفْيَانَ رضي الله عنه وَمُلْكِهِ]

- ‌[فَضْلُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه]

- ‌[خُرُوجُ طَائِفَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ عَلَيْهِ]

- ‌[وَمِنْ أَعْيَانِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذَا الْعَامِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سُنَّةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[سَنَةُ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سُنَّةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سُنَّةُ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرِ مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[قِصَّةٌ غَرِيبَةٌ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[قِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ مَعَ لَيْلَى بِنْتِ الْجُودِيِّ مَلِكِ عَرَبِ الشَّامِ]

- ‌[عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْقُرَشِيُّ الْهَاشِمِيُّ]

- ‌[وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[قِصَّةُ يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيِّ مَعَ ابْنَيْ زِيَادٍ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَبَّادٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ]

- ‌[سَنَةُ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌‌‌[تَرْجَمَةُ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه- وَذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَيَّامِهِ وَدَوْلَتِهِ]

- ‌[تَرْجَمَةُ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تَزَوَّجَ مِنَ النِّسَاءِ وَمَنْ وُلِدَ لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[فَصَلُ مَنِ اتَّخَذَهُمْ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْقَضَاءِ وَالْحِرَاسَةِ وَالْحِجَابَةِ وَالشُّرْطَةِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[إِمَارَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَمَا جَرَى فِي أَيَّامِهِ مِنَ الْحَوَادِثِ وَالْفِتَنِ]

- ‌[قِصَّةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ رضي الله عنهما وَسَبَبُ خُرُوجِهِ بِأَهْلِهِ فِي طَلَبِ الْإِمَارَةِ وَكَيْفِيَّةُ مَقْتَلِهِ]

- ‌[صِفَةُ مَخْرَجِ الْحُسَيْنِ وَمَا جَرَى لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ]

- ‌[مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ]

- ‌[صِفَةُ مَقْتَلِهِ رضي الله عنه مَأْخُوذَةً مِنْ كَلَامِ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ لَا كَمَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ التَّشَيُّعِ]

- ‌[فَصْلُ الْإِخْبَارِ بِمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما]

- ‌[قَبْرُ الْحُسَيْنِ]

- ‌[رَأْسُهُ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ فَضَائِلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ أَشْعَارِهِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ]

- ‌[حِصَارُ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِمَكَّةَ]

- ‌[تَرْجَمَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ]

- ‌[ذِكْرُ أَوْلَادِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَعَدَدِهِمْ]

- ‌[إِمَارَةُ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ]

- ‌[إِمَارَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ بَيْعَةِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ]

- ‌[وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ وَمَقْتَلُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ رضي الله عنه]

- ‌[قَتْلُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ]

- ‌[مِنْ أَحْدَاثِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ هِجْرِيَّةٍ]

- ‌[ذِكْرُ هَدْمِ الْكَعْبةِ وَبِنَائِهَا فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ]

- ‌[الْمُطَالَبَةُ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ مِمَّنْ قَتَلَهُ]

- ‌[وَقْعَةُ عَيْنِ وَرْدَةَ]

- ‌[تَرْجَمَةُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ جَدِّ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ الَّذِينَ كَانُوا بَعْدَهُ]

- ‌[خِلَافَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ]

الفصل: ‌[ما وقع فيها من أحداث]

[سَنَةُ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

فِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَدِينَةَ سُورِيَّةَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِيهَا دَخَلَ جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ جَزِيرَةَ رُودِسَ وَهَدَمَ مَدِينَتَهَا. وَفِيهَا أَخَذَ مُعَاوِيَةُ الْبَيْعَةَ لِيَزِيدَ مِنَ الْوَفْدِ الَّذِينَ قَدِمُوا صُحْبَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ إِلَى دِمَشْقَ. وَفِيهَا مَرِضَ مُعَاوِيَةُ مَرَضَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فِي رَجَبٍ مِنْهَا، كَمَا سَنُبَيِّنُهُ.

فَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مِخْنَفٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا مَرِضَ مَرْضَتَهُ الَّتِي هَلَكَ فِيهَا، دَعَا ابْنَهُ يَزِيدَ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنِّي قَدْ كَفَيْتُكَ الرِّحْلَةَ وَالرِّجَالَ، وَوَطَّأْتُ لَكَ الْأَشْيَاءَ، وَذَلَّلْتُ لَكَ الْأَعْدَاءَ، وَأَخْضَعْتُ لَكَ أَعْنَاقَ الْعَرَبِ، وَإِنِّي لَا أَتَخَوَّفُ أَنْ يُنَازِعَكَ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي اسْتَتَبَّ لَكَ إِلَّا أَرْبَعَةُ نَفَرٍ ; الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ - كَذَا قَالَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بِسَنَتَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَا - فَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَرَجُلٌ قَدْ وَقَذَتْهُ الْعِبَادَةَ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ غَيْرُهُ بَايَعَكَ، وَأَمَّا الْحُسَيْنُ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ لَا يَدْعُونَهُ حَتَّى يُخْرِجُوهُ، فَإِنْ

ص: 391

خَرَجَ عَلَيْكَ فَظَفِرْتَ بِهِ فَاصْفَحْ عَنْهُ، فَإِنَّ لَهُ رَحِمًا مَاسَّةً، وَحَقًّا عَظِيمًا، وَأَمَّا ابْنُ أَبِي بَكْرٍ فَرَجُلٌ إِنْ رَأَى أَصْحَابَهُ صَنَعُوا شَيْئًا صَنَعَ مِثْلَهُ، لَيْسَ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا فِي النِّسَاءِ وَاللَّهْوِ، وَأَمَّا الَّذِي يَجْثُمُ لَكَ جُثُومَ الْأَسَدِ، وَيُرَاوِغُكَ رَوَغَانَ الثَّعْلَبِ، وَإِذَا أَمْكَنَتْهُ فُرْصَةٌ وَثَبَ، فَذَاكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَإِنْ هُوَ فَعَلَهَا بِكَ فَقَدَرْتَ عَلَيْهِ فَقَطِّعْهُ إِرْبًا إِرْبًا.

قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: فَحِينَ حَضَرَتْ مُعَاوِيَةَ الْوَفَاةُ كَانَ يَزِيدُ فِي الصَّيْدِ، فَاسْتَدْعَى مُعَاوِيَةُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ - وَكَانَ عَلَى شُرْطَةِ دِمَشْقَ - وَمُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا أَنْ يُبَلِّغَا يَزِيدَ السَّلَامَ وَيَقُولَا لَهُ يَتَوَصَّى بِأَهْلِ الْحِجَازِ، وَإِنْ سَأَلَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَنْ يَعْزِلَ عَنْهُمْ عَامِلًا وَيُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ آخَرَ فَلْيَفْعَلْ، فَعَزْلُ وَاحِدٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَنْ يُسَلَّ عَلَيْكَ مِائَةُ أَلْفِ سَيْفٍ، وَأَنْ يَتَوَصَّى بِأَهْلِ الشَّامِ خَيْرًا، وَأَنْ يَجْعَلَهُمْ أَنْصَارَهُ، وَأَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَلَسْتُ أَخَافُ عَلَيْهِ مِنْ قُرَيْشٍ سِوَى ثَلَاثَةٍ ; الْحُسَيْنِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ - وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَهَذَا أَصَحُّ - فَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَقَدْ وَقَذَتْهُ الْعِبَادَةُ، وَأَمَّا الْحُسَيْنُ فَرَجُلٌ خَفِيفٌ، وَأَرْجُو أَنْ يَكْفِيَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ وَخَذَلَ أَخَاهُ، وَإِنَّ لَهُ رَحِمًا مَاسَّةً وَحَقًّا عَظِيمًا، وَقَرَابَةً مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَلَا أَظُنُّ أَهْلَ الْعِرَاقِ تَارِكِيهِ حَتَّى يُخْرِجُوهُ، فَإِنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ فَاصْفَحْ عَنْهُ، فَإِنِّي لَوْ أَنِّي صَاحِبُهُ عَفَوْتُ عَنْهُ، وَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ خَبٌّ ضَبٌّ، فَإِنْ شَخَصَ لَكَ فَالْبَدْ لَهُ إِلَّا

ص: 392

أَنْ يَلْتَمِسَ مِنْكَ صُلْحًا، فَإِنْ فَعَلَ فَاقْبَلْ مِنْهُ، وَاصْفَحْ عَنْ دِمَاءِ قَوْمِكَ مَا اسْتَطَعْتَ.

وَكَانَ مَوْتُ مُعَاوِيَةَ لِاسْتِهْلَالِ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. قَالَهُ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ. وَقِيلَ: لِلنِّصْفِ مِنْهُ. قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ. وَقِيلَ: يَوْمَ الْخَمِيسِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْهُ. قَالَهُ الْمَدَائِنِيُّ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ هَلَكَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا. وَكَانَ مُدَّةُ مُلْكِهِ اسْتِقْلَالًا مِنْ جُمَادَى سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ حِينَ بَايَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ بِأَذْرُحَ، فَذَلِكَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَكَانَ نَائِبًا فِي الشَّامِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَانَ عُمْرُهُ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: خَمْسًا وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: ثَمَانِيًا وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: خَمْسًا وَثَمَانِينَ سَنَةً. وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ فِي آخِرِ تَرْجَمَتِهِ.

وَقَالَ أَبُو السِّكِّينِ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنِي عَمُّ أَبِي زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مِنْهَبٍ قَالَ: كَانَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ عِنْدَ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ، وَكَانَ الْفَاكِهُ مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ، وَكَانَ لَهُ بَيْتٌ لِلضِّيَافَةِ يَغْشَاهُ النَّاسُ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، فَخَلَا ذَلِكَ الْبَيْتُ يَوْمًا، فَاضْطَجَعَ الْفَاكِهُ وَهِنْدُ فِيهِ فِي وَقْتِ الْقَائِلَةِ، ثُمَّ خَرَجَ الْفَاكِهُ لِبَعْضِ شَأْنِهِ، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَغْشَاهُ، فَوَلَجَ الْبَيْتَ، فَلَمَّا رَأَى الْمَرْأَةَ

ص: 393

وَلَّى هَارِبًا، وَأَبْصَرَهُ الْفَاكِهُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْبَيْتِ، فَأَقْبَلَ إِلَى هِنْدَ فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي كَانَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا، وَلَا انْتَبَهْتُ حَتَّى أَنْبَهْتَنِي أَنْتَ. فَقَالَ لَهَا: الْحَقِي بِأَبِيكِ. وَتَكَلَّمَ فِيهَا النَّاسُ، فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا: يَا بُنَيَّةُ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِيكِ، فَأَنْبِئِينِي نَبَأَكِ، فَإِنْ يَكُنِ الرَّجُلُ عَلَيْكِ صَادِقًا دَسَسْتُ إِلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُهُ فَيَنْقَطِعُ عَنْكِ الْقَالَةُ، وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا حَاكَمْتُهُ إِلَى بَعْضِ كُهَّانِ الْيَمَنِ. فَحَلَفَتْ لَهُ بِمَا كَانُوا يَحْلِفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ عَلَيْهَا. فَقَالَ عُتْبَةُ لِلْفَاكِهِ: يَا هَذَا، إِنَّكَ قَدْ رَمَيْتَ ابْنَتِي بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، فَحَاكِمْنِي إِلَى بَعْضِ كُهَّانِ الْيَمَنِ. فَخَرَجَ الْفَاكِهُ فِي بَعْضِ جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، وَخَرَجَ عُتْبَةُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَخَرَجُوا مَعَهُمْ بِهِنْدَ وَنِسْوَةٍ مَعَهَا، فَلَمَّا شَارَفُوا الْبِلَادَ وَقَالُوا: غَدًا نَرِدُ عَلَى الْكَاهِنِ. تَنَكَّرَتْ حَالُ هِنْدَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهَا، فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا: يَا بُنَيَّةُ، قَدْ أَرَى مَا بِكِ مِنْ تَنَكُّرِ الْحَالِ، وَمَا ذَاكَ عِنْدَكِ إِلَّا لِمَكْرُوهٍ فَأَلَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُشْتَهَرَ فِي النَّاسِ مَسِيرُنَا؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ يَا أَبَتَاهُ مَا هَذَا الَّذِي تَرَاهُ مِنِّي لِمَكْرُوهٍ وَقْعَ مِنِّي، وَإِنِّي لَبَرِيئَةٌ، وَلَكِنَّ هَذَا الَّذِي تَرَاهُ مِنَ الْحُزْنِ وَتَغَيُّرِ الْحَالِ هُوَ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَأْتُونَ هَذَا الْكَاهِنَ، وَهُوَ بَشَرٌ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَلَا آمَنُهُ أَنْ يَسِمَنِي مَيْسَمًا يَكُونُ عَلَيَّ سُبَّةً فِي

ص: 394

الْعَرَبِ. فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا: لَا تَخَافِي فَإِنِّي سَوْفَ أَخْتَبِرُهُ وَأَمْتَحِنُهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي شَأْنِكِ وَأَمْرِكِ، فَإِنْ أَخْطَأَ فِيمَا أَمْتَحِنُهُ بِهِ لَمْ أَدَعْهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِكِ. ثُمَّ إِنَّهُ انْفَرَدَ عَنِ الْقَوْمِ - وَكَانَ رَاكِبًا مُهْرًا - حَتَّى تَوَارَى عَنْهُمْ خَلْفَ رَابِيَةٍ، فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ، ثُمَّ صَفَّرَ لَهُ حَتَّى أَدْلَى، ثُمَّ أَخَذَ حَبَّةَ بُرٍّ، فَأَدْخَلَهَا فِي إِحْلِيلِ الْمُهْرِ، وَأَوْكَى عَلَيْهَا بِسَيْرٍ، فَلَمَّا وَرَدُوا عَلَى الْكَاهِنِ أَكْرَمَهُمْ وَنَحَرَ لَهُمْ، فَلَمَّا تَغَدُّوا قَالَ لَهُ عُتْبَةُ: إِنَّا قَدْ جِئْنَاكَ فِي أَمْرٍ، وَلَكِنْ لَا أَدْعُكَ تَتَكَلَّمُ فِيهِ حَتَّى تُبَيِّنَ لَنَا مَا خَبَّأْتُ لَكَ، فَإِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئًا، فَانْظُرْ مَا هُوَ. قَالَ الْكَاهِنُ: ثَمَرَةٌ فِي كَمَرَةٍ. قَالَ: أُرِيدُ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا. قَالَ: حَبَّةٌ مِنْ بُرٍّ فِي إِحْلِيلِ مُهْرٍ. قَالَ: صَدَقْتَ، فَخُذْ لِمَا جِئْنَاكَ لَهُ، انْظُرْ فِي أَمْرِ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ. فَأَجْلَسَ النِّسَاءَ خَلْفَهُ، وَهِنْدُ مَعَهُمْ لَا يَعْرِفُهَا، ثُمَّ جَعَلَ يَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ فَيَضْرِبُ كَتِفَهَا وَيَقُولُ: انْهَضِي. حَتَّى دَنَا مِنْ هِنْدَ، فَضَرَبَ كَتِفَهَا وَقَالَ: انْهَضِي، غَيْرَ رَسْحَاءَ، وَلَا زَانِيَةٍ، وَلَتَلِدِنَّ مَلِكًا يُقَالُ لَهُ: مُعَاوِيَةُ. فَوَثَبَ إِلَيْهَا الْفَاكِهُ فَأَخْذَ بِيَدِهَا، فَنَتَرَتْ يَدَهَا مِنْ يَدِهِ، وَقَالَتْ لَهُ إِلَيْكَ عَنِّي، وَاللَّهِ لَا يَجْمَعُ رَأْسِي وَرَأْسَكَ وِسَادَةٌ، وَاللَّهِ لَأَحْرِصَنَّ عَلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَلِكُ مِنْ غَيْرِكَ. فَتَزَوَّجَهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَجَاءَتْ مِنْهُ بِمُعَاوِيَةَ.

ص: 395