المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ترجمة مروان بن الحكم جد خلفاء بني أمية الذين كانوا بعده] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ١١

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[ذِكْرُ مَقْتَلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَفِي فَضْلِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[صِفَةُ مَقْتَلِهِ رضي الله عنه]

- ‌[صُورَةُ الْوَصِيَّةِ الَّتِي تَرَكَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ زَوْجَاتِهِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

- ‌[أَقْرَبُ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ نَسَبًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حَدِيثُ الْمُؤَاخَاةِ]

- ‌[تَزْوِيجُ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ رضي الله عنهما]

- ‌[حَدِيثُ الطَّيْرِ]

- ‌[حَدِيثُ رَدِّ الشَّمْسِ لَهُ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ]

- ‌[حَدِيثُ الصَّدَقَةِ بِالْخَاتَمِ وَهُوَ رَاكِعٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ سِيرَتِهِ الْعَادِلَةِ وَطَرِيقَتِهِ الْفَاضِلَةِ وَمَوَاعِظِهِ وَقَضَايَاهُ الْفَاصِلَةِ]

- ‌[غَرِيبَةٌ مِنَ الْغَرَائِبِ وَآبِدَةٌ مِنَ الْأَوَابِدِ]

- ‌[خِلَافَةُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[تَسْلِيمُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَمْرَ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبَى سُفْيَانَ]

- ‌[ذِكْرُ أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبَى سُفْيَانَ رضي الله عنه وَمُلْكِهِ]

- ‌[فَضْلُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه]

- ‌[خُرُوجُ طَائِفَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ عَلَيْهِ]

- ‌[وَمِنْ أَعْيَانِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذَا الْعَامِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سُنَّةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[سَنَةُ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سُنَّةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سُنَّةُ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرِ مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[قِصَّةٌ غَرِيبَةٌ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[قِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ مَعَ لَيْلَى بِنْتِ الْجُودِيِّ مَلِكِ عَرَبِ الشَّامِ]

- ‌[عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْقُرَشِيُّ الْهَاشِمِيُّ]

- ‌[وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[قِصَّةُ يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيِّ مَعَ ابْنَيْ زِيَادٍ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَبَّادٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ]

- ‌[سَنَةُ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌‌‌[تَرْجَمَةُ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه- وَذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَيَّامِهِ وَدَوْلَتِهِ]

- ‌[تَرْجَمَةُ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تَزَوَّجَ مِنَ النِّسَاءِ وَمَنْ وُلِدَ لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ]

- ‌[فَصَلُ مَنِ اتَّخَذَهُمْ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْقَضَاءِ وَالْحِرَاسَةِ وَالْحِجَابَةِ وَالشُّرْطَةِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[إِمَارَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَمَا جَرَى فِي أَيَّامِهِ مِنَ الْحَوَادِثِ وَالْفِتَنِ]

- ‌[قِصَّةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ رضي الله عنهما وَسَبَبُ خُرُوجِهِ بِأَهْلِهِ فِي طَلَبِ الْإِمَارَةِ وَكَيْفِيَّةُ مَقْتَلِهِ]

- ‌[صِفَةُ مَخْرَجِ الْحُسَيْنِ وَمَا جَرَى لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ]

- ‌[مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ]

- ‌[صِفَةُ مَقْتَلِهِ رضي الله عنه مَأْخُوذَةً مِنْ كَلَامِ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ لَا كَمَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ التَّشَيُّعِ]

- ‌[فَصْلُ الْإِخْبَارِ بِمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما]

- ‌[قَبْرُ الْحُسَيْنِ]

- ‌[رَأْسُهُ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ فَضَائِلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ أَشْعَارِهِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ]

- ‌[حِصَارُ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِمَكَّةَ]

- ‌[تَرْجَمَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ]

- ‌[ذِكْرُ أَوْلَادِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَعَدَدِهِمْ]

- ‌[إِمَارَةُ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ]

- ‌[إِمَارَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ بَيْعَةِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ]

- ‌[وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ وَمَقْتَلُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ رضي الله عنه]

- ‌[قَتْلُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ]

- ‌[مِنْ أَحْدَاثِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ هِجْرِيَّةٍ]

- ‌[ذِكْرُ هَدْمِ الْكَعْبةِ وَبِنَائِهَا فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ]

- ‌[الْمُطَالَبَةُ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ مِمَّنْ قَتَلَهُ]

- ‌[وَقْعَةُ عَيْنِ وَرْدَةَ]

- ‌[تَرْجَمَةُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ جَدِّ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ الَّذِينَ كَانُوا بَعْدَهُ]

- ‌[خِلَافَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ]

الفصل: ‌[ترجمة مروان بن الحكم جد خلفاء بني أمية الذين كانوا بعده]

[تَرْجَمَةُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ جَدِّ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ الَّذِينَ كَانُوا بَعْدَهُ]

وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ جَدِّ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ الَّذِينَ كَانُوا بَعْدَهُ

هُوَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ، أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ، وَيُقَالُ: أَبُو الْحَكَمِ. وَيُقَالُ: أَبُو الْقَاسِمِ. وَهُوَ صَحَابِيٌّ عِنْدَ طَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ ; لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَى عَنْهُ فِي حَدِيثِ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ "، عَنْ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَرَوَى عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَكَانَ كَاتِبُهُ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَبُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ الْأَسَدِيَّةِ، وَكَانَتْ حَمَاتَهُ. وَقَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ: كَانَتْ خَالَتَهُ. وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهَا حَمَاتَهُ وَخَالَتَهُ. وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ، وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمْ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ عُمْرُهُ ثَمَانِيَ سِنِينَ حِينَ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. وَذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنَ التَّابِعِينَ. وَقَدْ كَانَ مَرْوَانُ مِنْ سَادَاتِ قُرَيْشٍ وَفُضَلَائِهَا.

ص: 706

رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ وَغَيْرُهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ امْرَأَةً إِلَى أُمِّهَا، فَقَالَ: إِنَّ جَرِيرًا الْبَجَلِيَّ يَخْطُبُ إِلَيْكُمْ أَسْلَمَ، وَهُوَ سَيِّدُ شَبَابِ الْمَشْرِقِ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَهُوَ سَيِّدُ شَبَابِ قُرَيْشٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَهُوَ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَعُمَرُ. فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: أَجَادٌّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: قَدْ زَوَّجْنَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يُكْرِمُهُ وَيُعَظِّمُهُ، وَكَانَ كَاتِبَ الْحُكْمِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ جَرَتْ قَضِيَّةُ الدَّارِ، وَبِسَبَبِهِ حُصِرَ عُثْمَانُ فِيهَا، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ أُولَئِكَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ، فَامْتَنَعَ عُثْمَانُ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، وَقَدْ قَاتَلَ مَرْوَانُ يَوْمَ الدَّارِ قِتَالًا شَدِيدًا، وَقَتَلَ بَعْضَ أُولَئِكَ الْخَوَارِجِ، وَكَانَ عَلَى الْمَيْسَرَةِ يَوْمَ الْجَمَلِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ رَمَى طَلْحَةَ بِسَهْمٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَقَتَلَهُ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: كَانَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجَمَلِ حِينَ انْهَزَمَ النَّاسُ يُكْثِرُ السُّؤَالَ عَنْ مَرْوَانَ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ تَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: مَنْ تَرَى لِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقَالَ: وَأَمَّا الْقَارِئُ لِكِتَابِ اللَّهِ، الْفَقِيهُ فِي دِينِ اللَّهِ، الشَّدِيدُ فِي حُدُودِ اللَّهِ،

ص: 707

فَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ. وَقَدِ اسْتَنَابَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ، يَعْزِلُهُ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِلَيْهَا، وَأَقَامَ لِلنَّاسِ الْحَجَّ فِي سِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ.

وَقَالَ حَنْبَلٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ: يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ عِنْدَ مَرْوَانَ قَضَاءٌ، وَكَانَ يَتَّبِعُ قَضَاءَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ وَذَكَرَ مَرْوَانَ يَوْمًا، فَقَالَ: قَالَ مَرْوَانُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فِيمَا أَنَا فِيهِ مِنْ هِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَهَذَا الشَّأْنِ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ إِذَا ذَكَرَ الْإِسْلَامَ قَالَ:

بِنِعْمَةِ رَبِّي لَا بِمَا قَدَّمَتْ يَدِي

وَلَا بِبَرَاتِي إِنَّنِي كُنْتُ خَاطِئَا

وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّهُ قَالَ: شَهِدَ مَرْوَانُ جِنَازَةً، فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهَا انْصَرَفَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَصَابَ قِيرَاطًا وَحُرِمَ قِيرَاطًا. فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ مَرْوَانُ، فَأَقْبَلَ يَجْرِي قَدْ بَدَتْ رُكْبَتَاهُ، فَقَعَدَ

ص: 708

حَتَّى أُذِنَ لَهُ.

وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ مَرْوَانَ كَانَ أَسْلَفَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حِينَ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ مَقْتَلِ أَبِيهِ سِتَّةَ آلَافِ دِينَارٍ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ لَا يَسْتَرْجِعَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ شَيْئًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بِذَلِكَ، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهَا، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَقَبِلَهَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنْبَأَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَانَا يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ وَلَا يُعِيدَانِهَا، وَيَعْتَدَّانِ بِهَا.

وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ يَوْمَ الْعِيدِ مَرْوَانُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: خَالَفْتَ السُّنَّةَ. فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: إِنَّهُ قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» ".

قَالُوا: وَلَمَّا كَانَ نَائِبًا بِالْمَدِينَةِ كَانَ إِذَا وَقَعَتْ مُعْضِلَةٌ جَمَعَ مَنْ عِنْدِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَاسْتَشَارَهُمْ فِيهَا. قَالُوا: وَهُوَ الَّذِي جَمَعَ الصِّيعَانَ، فَأَخَذَ بِأَعْدَلَهَا، فَنُسِبَ إِلَيْهِ الصَّاعُ، فَقِيلَ: صَاعُ مَرْوَانَ.

ص: 709

وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهَبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ، فَلَقِيَهُ قَوْمٌ قَدْ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ فَقَالُوا: إِنَّهُ أَشْهَدَنَا الْآنَ عَلَى مِائَةِ رَقَبَةٍ أَعْتَقَهَا السَّاعَةَ. قَالَ: فَغَمَزَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَدِي، وَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، يَكٌّ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ رَقَبَةٍ. قَالَ الزُّبَيْرُ: الْيَكُّ: الْوَاحِدُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي فُلَانٍ ثَلَاثِينَ رَجُلًا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلًا، وَدِينَ اللَّهِ دَخَلًا، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا» ".

وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى زَحْمُوَيْهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِذَا بَلَغَ بَنُو الْحَكَمِ ثَلَاثِينَ اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَخَلًا، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا، وَمَالَ اللَّهِ دُوَلًا» ". وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِذَا بَلَغَ بَنُو أُمَيَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا» ". وَذَكَرَهُ، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ. وَرَوَاهُ الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قَوْلِهِ:«إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا» فَذَكَرَهُ.

ص: 710

وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «إِذَا بَلَغَ بَنُو الْحَكَمِ ثَلَاثِينَ اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ بَيْنَهُمْ دُوَلًا، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا، وَكِتَابَ اللَّهِ دَغَلًا، فَإِذَا بَلَغُوا سِتَّةً وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ كَانَ هَلَاكُهُمْ أَسْرَعَ مِنْ لَوْكِ تَمْرَةٍ» ". «وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فَقَالَ: " أَبُو الْجَبَابِرَةِ الْأَرْبَعَةِ» ". وَهَذِهِ الطُّرُقُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.

وَرَوَى أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ، مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّ بَنِي الْحَكَمِ يَنْزُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ وَيَرْقَوْنَ، فَأَصْبَحَ كَالْمُتَغَيِّظِ، وَقَالَ: " رَأَيْتُ بَنِي الْحَكَمِ يَنْزُونَ عَلَى مِنْبَرِي نَزْوَ الْقِرَدَةِ ". فَمَا رُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ» . وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلًا، وَفِيهِ: فَأُوحِيَ إِلَيْهِ: إِنَّمَا هِيَ دُنْيَا أُعْطُوهَا. فَقَرَّتْ عَيْنُهُ. وَهِيَ قَوْلُهُ: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] . يَعْنِي بَلَاءً لِلنَّاسِ وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَسَنَدُهُ إِلَى سَعِيدٍ ضَعِيفٌ. وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَوْضُوعَةٌ، فَلِهَذَا أَضْرَبْنَا صَفْحًا عَنْ إِيرَادِهَا لِعَدَمِ صِحَّتِهَا.

وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ الْحَكَمُ مِنْ أَكْبَرِ أَعْدَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ،

ص: 711

وَقَدِمَ الْحَكَمُ الْمَدِينَةَ ثُمَّ طَرَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الطَّائِفِ، وَمَاتَ بِهَا، وَمَرْوَانُ كَانَ أَكْبَرَ الْأَسْبَابِ فِي حِصَارِ عُثْمَانَ، لِأَنَّهُ زَوَّرَ عَلَى لِسَانِهِ كِتَابًا إِلَى مِصْرَ بِقَتْلِ أُولَئِكَ الْوَفْدِ، وَلَمَّا كَانَ مُتَوَلِّيًا عَلَى الْمَدِينَةِ لِمُعَاوِيَةَ كَانَ يَسُبُّ عَلِيًّا كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: لَقَدْ لَعَنَ اللَّهُ أَبَاكَ الْحَكَمَ وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، فَقَالَ:" «لَعَنَ اللَّهُ الْحَكَمَ وَمَا وَلَدَ» " وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ أَرْضَ الْجَابِيَةِ، أَعْجَبَهُ إِتْيَانُهُ إِلَيْهِ، فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَ لَهُ أَهْلَ الْأُرْدُنِّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا انْتَظَمَ لَهُ الْأَمْرُ نَزَلَ عَنِ الْإِمْرَةِ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، وَيَكُونُ لِمَرْوَانَ إِمْرَةُ حِمْصَ، وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ نِيَابَةُ دِمَشْقَ.

وَكَانَتِ الْبَيْعَةُ لِمَرْوَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. قَالَهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ اللَّيْثُ: وَكَانَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ فِي ذِي الْحِجَّةِ، مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بَعْدَ عِيدِ النَّحْرِ بِيَوْمَيْنِ.

قَالُوا: فَغَلَبَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، وَاسْتَوْسَقَ لَهُ مُلْكُ الشَّامِ وَمِصْرَ، فَلَمَّا

ص: 712

اسْتَقَرَّ مُلْكُهُ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ بَايَعَ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - وَالِدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - وَتَرَكَ الْبَيْعَةَ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ; لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَرَاهُ أَهْلًا لِلْخِلَافَةِ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ، وَإِنْ كَانَ خَالًا لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، وَهُوَ الَّذِي قَامَ بِأَعْبَاءِ بَيْعَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ إِنَّ أُمَّ خَالِدٍ دَبَّرَتْ أَمْرَ مَرْوَانَ فَسَمَّتْهُ، وَيُقَالُ: بَلْ وَضَعَتْ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ نَائِمٌ وِسَادَةً، فَمَاتَ مَخْنُوقًا، ثُمَّ إِنَّهَا أَعْلَنَتِ الصُّرَاخَ هِيَ وَجَوَارِيهَا وَصِحْنَ: مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَجْأَةً. فَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فِي الْخِلَافَةِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَذْعُورٍ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: كَانَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ مَرْوَانُ: وَجَبَتِ الْجَنَّةُ لِمَنْ خَافَ النَّارَ. وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ: الْعِزَّةُ لِلَّهِ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي عُمَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ آمَنْتُ بِالْعَزِيزِ الرَّحِيمِ.

وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِدِمَشْقَ عَنْ إِحْدَى - وَقِيلَ: ثَلَاثٍ - وَسِتِّينَ سَنَةً.

وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: كَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ سَنَةً.

وَقَالَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: مَاتَ

ص: 713

مَرْوَانُ بِدِمَشْقَ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: عَشَرَةَ أَشْهُرٍ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَغَيْرُهُ: كَانَ قَصِيرًا، أَحْمَرَ الْوَجْهِ، أَوْقَصَ، دَقِيقَ الْعُنُقِ، كَبِيرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ: خَيْطُ بَاطِلٍ.

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، أَنَّ مَرْوَانَ مَاتَ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ مِصْرَ بِالصِّنَّبْرَةِ، وَيُقَالُ: بِلُدٍّ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ بِدِمَشْقَ، وَدُفِنَ بَيْنَ بَابِ الْجَابِيَةِ وَبَابِ الصَّغِيرِ.

ص: 714