الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدِّينِ أَلْدَمُرُ أَمِيرُ جَنْدَارَ، وَابْنُهُ خَلِيلٌ، وَمَمْلُوكٌ لَهُ، وَأَمِيرُ عَشَرَةٍ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ التَّاجِيِّ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَنُهِبَتْ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ، وَوَقَعَتْ خَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ فِي النَّاسِ، وَتَهَارَبُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ بِأَبْيَارِ الزَّاهِرِ، وَمَا كَادُوا يَصِلُونَ إِلَيْهَا وَمَا أُكْمِلَتِ الْجُمُعَةُ إِلَّا بَعْدَ جَهْدٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَاجْتَمَعَتِ الْأُمَرَاءُ كُلُّهُمْ عَلَى الرَّجْعَةِ إِلَى مَكَّةَ ; لِلْأَخْذِ بِالثَّأْرِ مِنْهُمْ، ثُمَّ كَرُّوا رَاجِعِينَ، وَتَبِعَهُمُ الْعَبِيدُ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى مُخَيَّمِ الْحَجِيجِ، وَكَادُوا يَنْهَبُونَ النَّاسَ عَامَّةً جَهْرَةً، وَصَارَ أَهْلُ الْبَيْتِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَبَنُو الْأَتْرَاكِ هُمُ الَّذِينَ يَنْصُرُونَ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَيَكُفُّونَ الْأَذِيَّةَ عَنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} [الأنفال: 34] .
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ الْأَثِيرِ، كَاتِبُ السِّرِّ بِمِصْرَ، عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَثِيرِ، الْحَلَبِيُّ الْأَصْلِ ثُمَّ الْمِصْرِيُّ، كَانَتْ لَهُ حُرْمَةٌ، وَوَجَاهَةٌ، وَأَمْوَالٌ،
وَثَرْوَةٌ، وَمَكَانَةٌ عِنْدَ السُّلْطَانِ، حَتَّى ضَرَبَهُ الْفَالِجُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَانْعَزَلَ عَنِ الْوَظِيفَةِ، وَبَاشَرَهَا ابْنُ فَضْلِ اللَّهِ فِي حَيَاتِهِ. تُوُفِّيَ فِي مُنْتَصَفِ الْمُحَرَّمِ.
الْوَزِيرُ الْعَالِمُ أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْأَزْدِيُّ الْغِرْنَاطِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ، مِنْ بَيْتِ الرِّيَاسَةِ وَالْحِشْمَةِ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ، قَدِمَ عَلَيْنَا إِلَى دِمَشْقَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ فِي الْحَجِّ، سَمِعْتُ بِقِرَاءَتِهِ " صَحِيحَ مُسْلِمٍ " فِي تِسْعَةِ مَجَالِسَ عَلَى الشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ بْنِ الْعَسْقَلَانِيِّ، قِرَاءَةً صَحِيحَةً، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي الْقَاهِرَةِ فِي ثَانِي عِشْرِينَ الْمُحَرَّمِ، وَكَانَتْ لَهُ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ فِي الْفِقْهِ، وَالنَّحْوِ، وَالتَّارِيخِ، وَالْأُصُولِ، وَكَانَ عَالِيَ الْهِمَّةِ، شَرِيفَ النَّفْسِ، مُحْتَرَمًا بِبِلَادِهِ جِدًّا، بِحَيْثُ إِنَّهُ يُوَلِّي الْمُلُوكَ وَيَعْزِلُهُمْ، وَلَمْ يَلِ مُبَاشَرَةً وَلَا أَهْلُ بَيْتِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُلَقَّبُ بِالْوَزِيرِ مَجَازًا.
شَيْخُنَا الصَّالِحُ الْعَابِدُ النَّاسِكُ الْخَاشِعُ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ ابْنُ الشَّيْخِ الصَّالِحِ الْعَابِدِ شَرَفِ الدِّينِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ غَيْلَانَ الْبَعْلَبَكِّيُّ الْحَنْبَلِيُّ، إِمَامُ مَسْجِدِ السَّلَالِينِ بِدَارِ الْبِطِّيخِ الْعَتِيقَةِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَأَسْمَعَهُ، وَكَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَعَلَيْهِ خَتَمْتُ الْقُرْآنَ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشَرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ الْكِبَارِ، وَالْعُبَّادِ الْأَخْيَارِ، تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ سَادِسِ صَفَرٍ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ، وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ حَافِلَةً.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ - أَعْنِي صَفَرًا - كَانَتْ وَفَاةُ وَالِي الْقَاهِرَةِ قُدَيْدَارُ، وَلَهُ آثَارٌ غَرِيبَةٌ وَمَشْهُورَةٌ.
بَهَادُرُآصْ، الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ، رَأْسُ مَيْمَنَةِ الشَّامِ، سَيْفُ الدِّينِ بَهَادُرُآصِ الْمَنْصُورِيُّ، أَكْبَرُ أُمَرَاءِ دِمَشْقَ، وَمِمَّنْ طَالَ عُمُرُهُ فِي الْحِشْمَةِ وَالثَّرْوَةِ، وَهُوَ مِمَّنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} [آل عمران: 14] الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 14] . وَقَدْ كَانَ مُحَبَّبًا إِلَى الْعَامَّةِ، وَلَهُ بِرٌّ وَصَدَقَةٌ وَإِحْسَانٌ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعَ عَشَرَ صَفَرٍ بِدَارِهِ دَاخِلَ بَابِ تُومَاءَ الْمَشْهُورَةِ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْأُمَرَاءُ جَنَازَتَهُ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ خَارِجَ بَابِ الْجَابِيَةِ، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ أَيْضًا.
الْحَجَّارُ ابْنُ الشِّحْنَةِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الْمُسْنِدُ الْمُعَمَّرُ الرُّحْلَةُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ نِعْمَةَ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَيَانٍ الدَّيْرُمَقْرَنِيُّ ثُمَّ الصَّالِحِيُّ الْحَجَّارُ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الشِّحْنَةِ، سَمَّعَ " الْبُخَارِيَّ " عَلَى الزُّبَيْدِيِّ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِقَاسِيُونَ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ سَمَاعُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ الْمُحَدِّثُونَ وَأَكْثَرُوا السَّمَاعَ عَلَيْهِ، فَقُرِئَ " الْبُخَارِيُّ " عَلَيْهِ نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ
مَرَّةً، وَغَيْرَهُ، وَسَمَّعْنَا عَلَيْهِ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ فِي أَيَّامِ الشِّتْوِيَّاتِ نَحْوًا مِنْ خَمْسِمِائَةِ جُزْءٍ بِالْإِجَازَاتِ وَالسَّمَاعِ، وَسَمَاعُهُ مِنَ الزُّبَيْدِيِّ وَابْنِ اللَّتِّيِّ، وَلَهُ إِجَازَةٌ مِنْ بَغْدَادَ فِيهَا مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ شَيْخًا مِنَ الْعَوَالِي الْمُسْنِدِينِ، وَقَدْ مَكَثَ مُدَّةً مُقَدَّمَ الْحَجَّارِينَ نَحْوًا مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ كَانَ يَخْبِطُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَاسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ جَامَكِيَّتُهُ لَمَّا اشْتَغَلَ بِإِسْمَاعِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ سَمَّعَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَأَلْبَسَهُ الْخِلْعَةَ بِيَدِهِ، وَسَمَّعَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ أُمَمٌ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَكَانَ شَيْخًا حَسَنًا، بَهِيَّ الْمَنْظَرِ، سَلِيمَ الصَّدْرِ، مُمَتَّعًا بِحَوَاسِّهِ وَقُوَاهُ، فَإِنَّهُ عَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ مُحَقِّقًا وَزَادَ عَلَيْهَا; لِأَنَّهُ سَمِعَ " الْبُخَارِيَّ " مِنَ الزُّبَيْدِيِّ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَأَسْمَعَهُ هُوَ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فِي تَاسِعِ صَفَرٍ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَسَمَّعْنَا عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ مَوْتَ الْمُعَظَّمِ عِيسَى بْنِ الْعَادِلِ لَمَّا تُوُفِّيَ، وَالنَّاسُ يَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ: مَاتَ الْمُعَظَّمُ، وَقَدْ كَانَتْ وَفَاةُ الْمُعَظَّمِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ الْحَجَّارُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ خَامِسَ عِشْرِينَ صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَةٍ لَهُ عِنْدَ زَاوِيَةِ الرُّومِيِّ، بِجِوَارِ جَامِعِ الْأَفْرَمِ، وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ حَافِلَةً، رحمه الله.
الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو نَصْرٍ الْمَوْصِلِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الشَّحَّامِ، اشْتَغَلَ بِبَلَدِهِ، ثُمَّ سَافَرَ وَأَقَامَ بِمَدِينَةِ سَرَايَ مِنْ مَمْلَكَةِ أَزْبَكَ، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ، فَدَرَّسَ بِالظَّاهِرِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ ثُمَّ بِالْجَارُوخِيَّةِ، وَأُضِيفَ إِلَيْهِ مَشْيَخَةُ رِبَاطِ الْقَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْ ذَلِكَ لِزَوْجِ ابْنَتِهِ نُورِ الدِّينِ الْأَرْدُبِيلِيِّ، تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَكَانَ يَعْرِفُ طَرَفًا مِنَ الْفِقْهِ وَالطِّبِّ.
الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْهُدْمَةُ، أَصْلُهُ كُرْدِيٌّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ، فَقَدِمَ الشَّامَ، وَأَقَامَ بَيْنَ الْقُدْسِ وَالْخَلِيلِ، فِي أَرْضٍ كَانَتْ مَوَاتًا، فَأَحْيَاهَا وَغَرَسَهَا وَزَرَعَ فِيهَا أَنْوَاعًا، وَكَانَ يُقْصَدُ لِلزِّيَارَةِ، وَيَحْكِي النَّاسُ عَنْهُ كَرَامَاتٍ صَالِحَةٍ، وَقَدْ بَلَغَ مِائَةَ سَنَةٍ، وَتَزَوَّجَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَرُزِقَ أَوْلَادًا صَالِحِينَ، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، رحمه الله.
السِّتُّ صَاحِبَةُ التُّرْبَةِ بِبَابِ الْخَوَّاصِينَ الْخُونْدَةُ الْمُعَظَّمَةُ الْمُحَجَّبَةُ الْمُحْتَرَمَةُ، سُتَيْتَةُ بِنْتُ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ كُوكَايْ الْمَنْصُورِيِّ، زَوْجَةُ نَائِبِ الشَّامِ تَنْكِزَ، تُوُفِّيَتْ بِدَارِ الذَّهَبِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهَا بِالْجَامِعِ ثَالِثَ رَجَبٍ، وَدُفِنَتْ بِالتُّرْبَةِ الَّتِي أَمَرَتْ بِإِنْشَائِهَا عِنْدَ بَابِ الْخَوَّاصِينَ، وَفِيهَا مَسْجِدٌ، وَإِلَى جَانِبِهَا رِبَاطٌ لِلنِّسَاءِ
وَمَكْتَبٌ لِلْأَيْتَامِ، وَفِيهَا صَدَقَاتٌ، وَبِرٌّ، وَصِلَاتٌ، وَقُرَّاءٌ عَلَيْهَا، كُلُّ ذَلِكَ أَمَرَتْ بِهِ، وَكَانَتْ قَدْ حَجَّتْ فِي الْعَامِ الْمَاضِي، رَحِمَهَا اللَّهُ.
قَاضِي قُضَاةِ طَرَابُلُسَ، شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ مَحْمُودٍ الْبَعْلَبَكِّيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمَجْدِ الشَّافِعِيِّ، اشْتَغَلَ بِبَلَدِهِ، وَبَرَعَ فِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ، وَأَقَامَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً يُدَرِّسُ بِالْقُوصِيَّةِ بِالْجَامِعِ، وَيَؤُمُّ بِمَدْرَسَةِ أُمِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى قَضَاءِ طَرَابُلُسَ، فَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَ فِي سَادِسِ رَمَضَانَ، وَتَوَلَّاهَا بَعْدَهُ وَلَدُهُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ أَحَدُ الْفُضَلَاءِ الْمَشْهُورِينَ، وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ بَعْدَهُ حَتَّى عُزِلَ عَنْهَا وَأُخْرِجَ مِنْهَا.
الشَّيْخُ الصَّالِحُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْحُوَّارِيُّ، شَيْخُ طَائِفَتِهِمْ، وَإِلَيْهِ مَرْجِعُ زَاوِيَتِهِمْ بِحُوَّارَ، كَانَ عِنْدَهُ تَفَقُّهٌ وَزَهَادَةٌ، وَيُزَارُ، وَلَهُ أَصْحَابٌ يَخْدِمُونَهُ، وَبَلَغَ السَّبْعِينَ سَنَةً، وَخَرَجَ لِتَوْدِيعِ بَعْضِ أَهْلِهِ إِلَى نَاحِيَةِ الْكَرَكِ مِنْ نَاحِيَةِ الْحِجَازِ فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ هُنَاكَ، فَمَاتَ فِي أَوَّلِ ذِي الْقِعْدَةِ.
الشَّيْخُ حَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْأَنْصَارِيُّ الضَّرِيرُ، كَانَ بِفَرْدِ عَيْنٍ أَوَّلًا،
ثُمَّ عَمِيَ جُمْلَةً، وَكَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُكْثِرُ التِّلَاوَةَ، ثُمَّ انْقَطَعَ إِلَى الْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ، وَكَانَ يَحْضُرُ السَّمَاعَاتِ وَيَسْتَمِعُ وَيَتَوَاجَدُ، وَلِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِ اعْتِقَادٌ عَلَى ذَلِكَ; لِمُجَاوَرَتِهِ فِي الْجَامِعِ، وَكَثْرَةِ تِلَاوَتِهِ وَصَلَاتِهِ، وَاللَّهُ يُسَامِحُهُ، تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ بِالْمِئْذَنَةِ الشَّرْقِيَّةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ، وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ.
مُحْيِي الدِّينِ أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُودُ ابْنُ الصَّدْرِ شَرَفِ الدِّينِ بْنِ الْقَلَانِسِيُّ، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ بِبُسْتَانِهِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَهُوَ جَدُّ الصَّدْرِ جَلَالِ الدِّينِ بْنِ الْقَلَانِسِيِّ، وَأَخِيهِ عَلَاءِ الدِّينِ، وَهُمْ ثَلَاثَتُهُمْ رُؤَسَاءُ.
الشَّابُّ الرَّئِيسُ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ الْقَاضِي قُطْبِ الدِّينِ مُوسَى ابْنِ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ، نَاظِرُ الْجَيْشِ أَبُوهُ، نَشَأَ هَذَا الشَّابُّ فِي نِعْمَةٍ، وَحِشْمَةٍ، وَتَرَفُّهٍ، وَعِشْرَةٍ، وَاجْتِمَاعٍ بِالْأَصْحَابِ، تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ تَاسِعَ عِشْرِينَ ذِي الْحِجَّةِ، فَاسْتَرَاحَ مِنْ حِشْمَتِهِ وَعِشْرَتِهِ إِنْ لَمْ تَكُنْ وَبَالًا عَلَيْهِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ تُجَاهَ النَّاصِرِيَّةِ بِالسَّفْحِ، وَتَأَسَّفَ عَلَيْهِ أَبَوَاهُ وَمَعَارِفُهُ، وَأَصْحَابُهُ، سَامَحَهُ اللَّهُ.