الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَوْمَ السُّوَيْدَاءِ، وَوَقْعَةَ السُّوَيْدَاءِ، وَكَانَتِ الْكَسْرَةُ عَلَى يَمَنٍ، فَهَرَبُوا مِنْ قَيْسٍ حَتَّى دَخَلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى دِمَشْقَ فِي أَسْوَأِ حَالٍ وَأَضْعَفِهِ، وَهَرَبَتْ قَيْسٌ خَوْفًا مِنَ الدَّوْلَةِ، وَبَقِيَتِ الْقُرَى خَالِيَةً، وَالزُّرُوعُ سَائِبَةً، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسِ ذِي الْقَعْدَةِ قَدِمَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قَبْجَقُ الْمَنْصُورِيُّ نَائِبًا عَلَى حَلَبَ، فَنَزَلَ الْقَصْرَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْمِصْرِيِّينَ، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى حَلَبَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَاجْتَازَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ الْحَاجُّ بَهَادُرُ بِدِمَشْقَ ذَاهِبًا إِلَى طَرَابُلُسَ وَالْفُتُوحَاتِ السَّوَاحِلِيَّةِ - عِوَضًا عَنِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ أَسَنْدَمُرَ، وَوَصَلَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ كَانَ قَدْ سَافَرَ مَعَ السُّلْطَانِ إِلَى مِصْرَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهُمْ قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ صَدْرُ الدِّينِ، وَمُحْيِي الدِّينِ بْنُ فَضْلِ اللَّهِ، وَغَيْرُهُمَا.
قُلْتُ: وَجَلَسْتُ يَوْمًا إِلَى الْقَاضِي صَدْرِ الدِّينِ الْحَنَفِيِّ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ مِصْرَ، فَقَالَ لِي: أَتُحِبُّ ابْنَ تَيْمِيَّةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ لِي وَهُوَ يَضْحَكُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتَ شَيْئًا مَلِيحًا. وَحَكَى قَرِيبًا مِمَّا ذَكَرَ ابْنُ الْقَلَانِسِيِّ، لَكِنَّ سِيَاقَ ابْنَ الْقَلَانِسِيِّ أَتَمُّ.
[مَقْتَلُ الْجَاشْنَكِيرِ]
ذِكْرُ مَقْتَلِ الْجَاشْنَكِيرِ
كَانَ قَدْ فَرَّ الْخَبِيثُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قَرَاسُنْقُرُ الْمَنْصُورِيُّ مِنْ مِصْرَ مُتَوَجِّهًا إِلَى نِيَابَةِ الشَّامِ عِوَضًا عَنِ الْأَفْرَمِ، فَلَمَّا كَانَ فِي غَزَّةَ فِي سَابِعِ ذِي الْقَعْدَةِ ضَرَبَ حَلْقَةً لِأَجْلِ الصَّيْدِ، فَوَقَعَ فِي وَسَطِهَا الْجَاشْنَكِيرُ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأُحِيطَ بِهِمْ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، فَأَمْسَكُوهُ،
وَرَجَعَ مَعَهُ قَرَاسُنْقُرُ وَسَيْفُ الدِّينِ بَهَادُرُ آصْ عَلَى الْهُجُنِ، فَلَمَّا كَانَ بِالْخَطَّارَةِ تَلَقَّاهُمْ أَسَنْدَمُرُ، فَتَسَلَّمَهُ مِنْهُمْ، وَرَجَعَا إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَدَخَلَ بِهِ أَسَنْدَمُرُ عَلَى السُّلْطَانِ، فَعَاتَبَهُ وَلَامَهُ، وَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ، قُتِلَ وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ شَيْخُهُ الْمَنْبِجِيُّ وَلَا أَمْوَالُهُ، بَلْ قُتِلَ شَرَّ قَتْلَةٍ، وَدَخَلَ قَرَاسُنْقُرُ دِمَشْقَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، فَنَزَلَ بِالْقَصْرِ، وَكَانَ فِي صُحْبَتِهِ ابْنُ صَصْرَى، وَابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَابْنُ الْقَلَانِسِيِّ، وَعَلَاءُ الدِّينِ بْنُ غَانِمٍ، وَخَلْقٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ الْمِصْرِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ، وَكَانَ الْخَطِيبُ جَلَالُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ قَدْ وَصَلَ قَبْلَهُمْ يَوْمَ الْخَمِيسِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ، وَخَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى عَادَتِهِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ مِنَ الشَّهْرِ، خَطَبَ بِجَامِعِ دِمَشْقَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ الْحَدَّادِ الْحَنْبَلِيُّ، عَنْ إِذْنِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الْقُضَاةِ وَالْأَكَابِرِ وَالْأَعْيَانِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ عَقِيبَ ذَلِكَ خِلْعَةٌ سَنِيَّةٌ، وَاسْتَمَرَّ يُبَاشِرُ الْإِمَامَةَ وَالْخَطَابَةَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ أُعِيدَ الْخَطِيبُ جَلَالُ الدِّينِ بِمَرْسُومِ السُّلْطَانِ، وَبَاشَرَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَانِيَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ مِنَ السَّنَةِ الْآتِيَةِ.
وَفِي ذِي الْحِجَّةِ دَرَّسَ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشِّيرَازِيِّ بِالْمَدْرَسَةِ الشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، انْتَزَعَهَا مِنْ يَدِ الشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّ أَسَنْدَمُرَ سَاعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَفِيهَا أَظْهَرَ مَلِكُ التَّتَرِ خَرْبَنْدَا الرَّفْضَ فِي بِلَادِهِ، وَأَمَرَ الْخُطَبَاءَ أَنْ لَا