الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا غَيْرَ الْوَزِيرِ بِمِصْرَ، فَإِنَّهُ عُزِلَ، وَوَلِيَ سَيْفُ الدِّينِ بَكْتَمُرُ، وَوَزِيرُ دِمَشْقَ النَّجْمُ الْبُصْرَاوِيُّ عُزِلَ أَيْضًا بِعِزِّ الدِّينِ بْنِ الْقَلَانِسِيِّ، وَقَدِ انْتَقَلَ الْأَفْرَمُ إِلَى نِيَابَةِ طَرَابُلُسَ بِإِشَارَةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ عَلَى السُّلْطَانِ بِذَلِكَ، وَنَائِبُ حَمَاةَ الْمَلِكُ الْمُؤَيَّدُ عِمَادُ الدِّينِ إِسْمَاعِيلُ عَلَى قَاعِدَةِ أَسْلَافِهِ فِيهَا، وَقَدْ مَاتَ نَائِبُ حَلَبَ أَسَنْدَمُرُ وَهِيَ شَاغِرَةٌ عَنْ نَائِبٍ، وَأَرْغُوَنُ الدَّوَادَارُ النَّاصِرِيُّ قَدْ وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ لِتَسْفِيرِ قَرَاسُنْقُرَ مِنْهَا إِلَى نِيَابَةِ حَلَبَ، وَإِحْضَارِ سَيْفِ الدِّينِ كِرَايْ إِلَى نِيَابَةِ دِمَشْقَ، وَغَالِبُ الْعَسَاكِرِ بِحَلَبَ، وَالْأَعْرَابُ مُحْدِقَةٌ بِأَطْرَافِ الْبِلَادِ، فَخَرَجَ قَرَاسُنْقُرُ الْمَنْصُورِيُّ مِنْ دِمَشْقَ فِي ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ بِجَمِيعِ حَوَاصِلِهِ، وَحَاشِيَتِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، وَخَرَجَ الْجَيْشُ لِتَوْدِيعِهِ، وَسَارَ مَعَهُ أَرْغُوَنُ لِتَقْرِيرِهِ بِحَلَبَ، وَجَاءَ الْمَرْسُومُ إِلَى نَائِبِ الْقَلْعَةِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ بَهَادُرَ السِّنْجِرِيِّ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي أُمُورِ دِمَشْقَ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهَا نَائِبٌ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ الْوَزِيرُ وَالْمُوَقِّعُونَ، وَبَاشَرَ النِّيَابَةَ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، وَقَوِيَتْ شَوْكَةُ الْوَزِيرِ إِلَى أَنْ وَلِيَ وِلَايَاتٍ عَدِيدَةٍ، مِنْهَا لِابْنِ أَخِيهِ عِمَادِ الدِّينِ نَظَرُ الْأَسْرَى، وَاسْتَمَرَّ فِي يَدِهِ، وَقَدِمَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ كِرَاي الْمَنْصُورِيُّ إِلَى دِمَشْقَ نَائِبًا عَلَيْهَا فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الْحَادِي عِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَخَرَجَ النَّاسُ لِتَلَقِّيهِ وَأُوقِدَتِ الشُّمُوعُ،
وَأُعِيدَتِ الْمَقْصُورَةُ بِالْجَامِعِ إِلَى مَكَانِهَا يَوْمَ الْأَحَدِ رَابِعِ عِشْرِينَ الْمُحَرَّمِ، وَانْفَرَجَ النَّاسُ، وَلَبِسَ النَّجْمُ الْبُصْرَاوِيُّ خِلْعَةَ الْإِمْرَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَالِثَ عَشَرَ صَفَرٍ عَلَى قَاعِدَةِ الْوُزَرَاءِ بِالطَّرْحَةِ، وَرَكِبَ مَعَ الْمُقَدَّمِينَ الْكِبَارِ وَهُوَ أَمِيرُ عَشَرَةٍ بِإِقْطَاعٍ يُضَاهِي إِقْطَاعَاتِ كِبَارِ الطَّبْلَخَانَاهْ.
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ جَلَسَ الْقُضَاةُ الْأَرْبَعَةُ بِالْجَامِعِ لِإِنْفَاذِ أَمْرِ الشُّهُودِ بِسَبَبِ تَزْوِيرٍ وَقَعَ مِنْ بَعْضِهِمْ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، فَغَضِبَ، وَأَمَرَ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ كَبِيرُ شَيْءٍ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ حَالٌ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ وَلِيَ الشَّرِيفُ نَقِيبُ الْأَشْرَافِ أَمِينُ الدِّينِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَدْنَانَ نَظَرَ الدَّوَاوِينِ، عِوَضًا عَنْ شِهَابِ الدِّينِ الْوَاسِطِيِّ، وَأُعِيدَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ إِلَى مَشْيَخَةِ الشُّيُوخِ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ وَلِيَ ابْنُ جَمَاعَةَ تَدْرِيسَ النَّاصِرِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ، وَضِيَاءُ الدِّينِ النَّشَائِيُّ تَدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، وَالْمِيعَادَ الْعَامَّ بِجَامِعِ طُولُونَ وَنَظَرَ الْأَحْبَاسِ أَيْضًا، وَوَلِيَ الْوِزَارَةَ بِمِصْرَ أَمِينُ الْمُلْكِ أَبُو سَعِيدٍ، عِوَضًا عَنْ سَيْفِ الدِّينِ بَكْتَمُرَ الْحَاجِبِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ احْتِيطَ عَلَى الْوَزِيرِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ الْقَلَانِسِيِّ بِدِمَشْقَ، وَرُسِمَ عَلَيْهِ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ، وَكَانَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ كَثِيرَ الْحَنَقِ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُفْرِجَ عَنْهُ، وَأُعِيدَ
بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ إِلَى الْحُكْمِ بِدِيَارِ مِصْرَ فِي حَادِي عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، مَعَ تَدْرِيسِ دَارِ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةِ، وَجَامِعِ طُولُونَ، وَالصَّالِحِيَّةِ، وَالنَّاصِرِيَّةِ، وَحَصَلَ لَهُ إِقْبَالٌ كَثِيرٌ مِنَ السُّلْطَانِ، وَاسْتَقَرَّ جَمَالُ الدِّينِ الزُّرَعِيُّ عَلَى قَضَاءِ الْعَسْكَرِ وَتَدْرِيسِ جَامِعِ الْحَاكِمِ، وَرُسِمَ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ مَعَ الْقُضَاةِ بَيْنَ الْحَنَفِيِّ وَالْحَنْبَلِيِّ بِدَارِ الْعَدْلِ عِنْدَ السُّلْطَانِ.
وَفِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى أَشْهَدَ الْقَاضِيَ نَجْمُ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ نَائِبُ ابْنِ صَصْرَى عَلَى نَفْسِهِ بِالْحُكْمِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي الْمِلْكِ الَّذِي اشْتَرَاهُ ابْنُ الْقَلَانِسِيِّ مِنْ تَرِكَةِ الْمَنْصُورِ فِي الرَّمْثَا وَالتَّوَّجَةِ وَالْفَضَالِيَّةِ لِكَوْنِهِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَنَفَّذَهُ بَقِيَّةُ الْحُكَّامِ، وَأُحْضِرَ ابْنُ الْقَلَانِسِيِّ إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ، وَادُّعِيَ عَلَيْهِ بِرَيْعِ ذَلِكَ، وَرُسِمَ عَلَيْهِ بِهَا، ثُمَّ حَكَمَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ الْحَنْبَلِيُّ بِصِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ وَبِنَقْضِ مَا حَكَمَ بِهِ الدِّمَشْقِيُّ، ثُمَّ نَفَّذَ بَقِيَّةُ الْحُكَّامِ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَنْبَلِيُّ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ قُرِّرَ عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ فَارِسٍ، لِكُلِّ فَارِسٍ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَضُرِبَتْ عَلَى الْأَمْلَاكِ وَالْأَوْقَافِ، فَتَأَلَّمَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ تَأَلُّمًا عَظِيمًا، وَسَعَوْا إِلَى الْخَطِيبِ جَلَالِ الدِّينِ، فَسَعَى إِلَى الْقُضَاةِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ بُكْرَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَالِثَ عَشَرَ الشَّهْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الِاجْتِمَاعِ، وَأَخْرَجُوا مَعَهُمُ
الْمُصْحَفَ الْعُثْمَانِيَّ، وَالْأَثَرَ النَّبَوِيَّ، وَالسَّنَاجِقَ الْخَلِيفَتِيَّةَ، وَوَقَفُوا فِي الْمَوْكِبِ، فَلَمَّا رَآهُمُ النَّائِبُ تَغَيَّظَ عَلَيْهِمْ، وَشَتَمَ الْقَاضِي وَالْخَطِيبَ، وَضَرَبَ مَجْدَ الدِّينِ التُّونِسِيَّ، وَرَسَمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ بِضَمَانٍ وَكَفَالَةٍ، فَتَأَلَّمَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرًا، فَلَمْ يُمْهِلْهُ اللَّهُ إِلَّا عَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَجَاءَهُ الْأَمْرُ فَجْأَةً، فَعُزِلَ وَحُبِسَ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، وَيُقَالُ: إِنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ الْخَبَرُ عَنْ أَهْلِ الشَّامِ فَأَخْبَرَ السُّلْطَانَ بِذَلِكَ، فَبَعَثَ مِنْ فَوْرِهِ، فَمَسَكَهُ شَرَّ مِسْكَةٍ، وَصِفَةُ مَسْكِهِ أَنَّهُ قَدِمَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَرْغُوَنُ الدَّوَادَارُ، فَنَزَلَ الْقَصْرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى، خُلِعَ عَلَى الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ كِرَايْ خِلْعَةٌ سَنِيَّةٌ، فَلَبِسَهَا، وَقَبَّلَ الْعَتَبَةَ، وَحَضَرَ الْمَوْكِبَ، وَمَدَّ السِّمَاطَ، فَقَيَّدَهُ بِحَضْرَةِ الْأُمَرَاءِ، وَحُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى الْكَرَكِ صُحْبَةَ غُرْلُو الْعَادِلِيِّ، وَبَيْبَرْسَ الْمَجْنُونِ، وَخَرَجَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ مِنَ التَّرْسِيمِ مِنْ دَارِ السَّعَادَةِ، فَصَلَّى فِي الْجَامِعِ الظُّهْرَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دَارِهِ وَقَدْ أُوقِدَتْ لَهُ الشُّمُوعُ، وَدَعَا لَهُ النَّاسُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى دَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ، فَجَلَسَ فِيهَا نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ يَوْمًا، حَتَّى قَدِمَ الْأَمِيرُ جَمَالُ الدِّينِ نَائِبُ الْكَرَكِ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ مُسِكَ نَائِبُ صَفَدَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قُطْلُوبَكُ، وَقُيِّدَ وَحُمِلَ إِلَى الْكَرَكِ أَيْضًا، وَمُسِكَ نَائِبُ مِصْرَ سَيْفُ الدِّينِ بَكْتَمُرُ أَمِيرُ جَانْدَارَ، وَعُوِّضَ عَنْهُ بِالْكَرَكِ بَيْبَرْسُ الدَّوَادَارُ الْمَنْصُورِيُّ، وَمُسِكَ نَائِبُ غَزَّةَ،
وَعُوِّضَ عَنْهُ بِالْجَاوِلِيِّ، فَاجْتَمَعَ فِي حَبْسِ الْكَرَكِ أَسَنْدَمُرُ نَائِبُ حَلَبَ، وَبَكْتَمُرُ نَائِبُ مِصْرَ، وَكِرَايْ نَائِبُ دِمَشْقَ، وَقُطْلُوبَكْ نَائِبُ صَفَدَ، وَقُطْلُقْتَمُرُ نَائِبُ غَزَّةَ، وَبَتْخَاصُ، وَقَدِمَ جَمَالُ الدِّينِ آقُوشُ الْمَنْصُورِيُّ - الَّذِي يُقَالُ لَهُ نَائِبُ الْكَرَكِ - عَلَى نِيَابَةِ دِمَشْقَ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ رَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَتَلَقَّاهُ النَّاسُ، وَأُشْعِلَتْ لَهُ الشُّمُوعُ، وَفِي صُحْبَتِهِ الْحَظِيرِيُّ لِيُقَرِّرَهُ فِي النِّيَابَةِ، وَقَدْ بَاشَرَ نِيَابَةَ الْكَرَكَ مِنْ سَنَةِ تِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ إِلَى سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَلَهُ بِهَا آثَارٌ حَسَنَةٌ، وَخَرَجَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ لِتَلَقِّي النَّائِبَ، وَقُرِئَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ كِتَابُ السُّلْطَانِ عَلَى السُّدَّةِ بِحَضْرَةِ النَّائِبِ وَالْقُضَاةِ، وَالْأَعْيَانِ، وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالْإِحْسَانِ إِلَى الرَّعِيَّةِ، وَإِطْلَاقُ الْبَوَاقِي الَّتِي كَانَتْ قَدْ فُرِضَتْ عَلَيْهِمْ أَيَّامَ كِرَايْ، فَكَثُرَتِ الْأَدْعِيَةُ لِلسُّلْطَانِ، وَفَرِحَ النَّاسُ.
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ تَاسِعَ عَشَرَ خُلِعَ عَلَى الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ بَهَادُرَآصْ بِنِيَابَةِ صَفَدَ، فَقَبَّلَ الْعَتَبَةَ، وَسَارَ إِلَيْهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ. وَفِيهِ لَبِسَ الصَّدْرُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ خِلْعَةَ نَظَرِ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ مُشَارِكًا لِلشَّرِيفِ ابْنِ عَدْنَانَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ قَدِمَ تَقْلِيدُ عِزِّ الدِّينِ بْنِ الْقَلَانِسِيِّ وَكَالَةَ السُّلْطَانِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ أُعْفِيَ مِنَ الْوِزَارَةِ لِكَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ. وَفِي رَجَبٍ بَاشَرَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ السَّلْعُوسِ نَظَرَ
الْأَوْقَافِ عِوَضًا عَنْ شَمْسِ الدِّينِ غِبْرِيَالَ.
وَفِي شَعْبَانَ رَكِبَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِنَفْسِهِ إِلَى أَبْوَابِ السُّجُونِ، فَأَطْلَقَ الْمَحْبُوسِينَ بِنَفْسِهِ، فَتَضَاعَفَتْ لَهُ الْأَدْعِيَةُ فِي الْأَسْوَاقِ وَغَيْرِهَا، وَفِي هَذَا الْيَوْمِ قَدِمَ الصَّاحِبُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ مِنْ مِصْرَ، فَاجْتَمَعَ بِالنَّائِبِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَمَعَهُ كِتَابٌ يَتَضَمَّنُ احْتِرَامَهُ وَإِكْرَامَهُ وَاسْتِمْرَارَهُ عَلَى وَكَالَةِ السُّلْطَانِ وَنَظَرِ الْخَاصِّ، وَالْإِنْكَارَ لِمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ، وَأَنَّ السُّلْطَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَا وَكَلَّ فِيهِ، وَكَانَ الْمُسَاعِدُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كَرِيمَ الدِّينِ نَاظِرَ الْخَاصِّ السُّلْطَانِيِّ، وَالْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ أَرْغُوَنَ الدَّوَادَارَ، وَفِي شَعْبَانَ مَنْعَ ابْنُ صَصْرَى الشُّهُودَ وَالْعُقَّادَ مِنْ جِهَتِهِ، وَامْتَنَعَ غَيْرُهُمْ أَيْضًا، وَرَدَّهُمُ الْمَالِكِيُّ.
وَفِي رَمَضَانَ جَاءَ الْبَرِيدُ بِتَوْلِيَةِ الْأَمِيرِ زَيْنِ الدِّينِ كَتْبُغَا الْمَنْصُورِيِّ حُجُوبِيَّةَ الْحُجَّابِ، وَالْأَمِيرِ بَدْرِ الدِّينِ بَكْتُوتَ الْقَرَمَانِيِّ شَدَّ الدَّوَاوِينِ عِوَضًا عَنْ طُوغَانَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِمَا مَعًا. وَفِيهَا رَكِبَ بَهَادُرُ السِّنْجِرِيُّ نَائِبُ قَلْعَةِ دِمَشْقَ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى مِصْرَ، وَتَوَلَّاهَا سَيْفُ الدِّينِ بَلَبَانُ الْبَدْرِيُّ، ثُمَّ عَادَ السِّنْجِرِيُّ فِي آخِرِ الشَّهْرِ عَلَى نِيَابَةِ الْبِيرَةِ، فَسَارَ إِلَيْهَا. وَجَاءَ الْخَبَرُ فِي آخِرِ رَمَضَانَ بِأَنَّهُ قَدِ احْتِيطَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ بِبَغْدَادَ، فَقُتِلَ مِنْهُمُ ابْنُ الْعُقَابِ،
وَابْنُ الْبَدْرِ، وَتَخَلَّصَ عُبَيْدَةُ وَجَاءَ سَالِمًا.
وَخَرَجَ الْمَحْمَلُ فِي شَوَّالٍ وَأَمِيرُ الْحَاجِّ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ طَيْبُغَا أَخُو بَهَادُرَآصْ.
وَفِي عَاشِرِ ذِي الْقَعْدَةِ جَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْأَمِيرَ قَرَاسُنْقُرَ رَجَعَ مِنْ طَرِيقِ الْحِجَازِ بَعْدَ أَنْ وَصَلَ إِلَى بِرْكَةِ زَيْزَاءَ، وَأَنَّهُ لِحَقَ بِمُهَنَّا بْنِ عِيسَى، فَاسْتَجَارَ بِهِ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ خَوَاصِّهِ، ثُمَّ سَارَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى التَّتَرِ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَصَحِبَهُ الْأَفْرَمُ وَالزَّرَدْكَاشُ.
وَفِي الْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَصَلَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَرْغُوَنُ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ إِلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ تَوَجَّهُوا إِلَى نَاحِيَةِ حِمْصَ وَتِلْكَ النَّوَاحِي. وَفِي سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَصَلَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ مِنْ مِصْرَ مُسْتَمِرًّا عَلَى وَكَالَةِ بَيْتِ الْمَالِ، وَمَعَهُ تَوْقِيعٌ بِقَضَاءِ الْعَسْكَرِ الشَّامِيِّ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ وَصَلَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ عَلَيْهِمْ سَيْفُ الدِّينِ قُلِّي مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَتَوَجَّهُوا وَرَاءَ أَصْحَابِهِمْ إِلَى الْبِلَادِ الشَّمَالِيَّةِ.
وَفِي آخِرِ الشَّهْرِ وَصَلَ شِهَابُ الدِّينِ الْكَاشْغَرِيُّ الشَّرِيفُ مِنَ الْقَاهِرَةِ وَمَعَهُ تَوْقِيعٌ بِمَشْيَخَةِ الشُّيُوخِ، فَنَزَلَ الْخَانَقَاهْ وَبَاشَرَهَا بِحَضْرَةِ الْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ،