الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَبَاشَرَهَا مَعَهَا مَرَّةً ثَانِيَةً، ثُمَّ إِنَّ كَمَالَ الدِّينِ بْنَ الشِّيرَازِيِّ سَعَى فِي الْبَادَرَائِيَّةِ، فَأَخَذَهَا، وَبَاشَرَهَا فِي صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ الْآتِيَةِ بِتَوْقِيعٍ سُلْطَانِيٍّ، فَعَزَلَ الْفَزَارِيُّ نَفْسَهُ مِنَ الْخَطَابَةِ، وَلَزِمَ بَيْتَهُ، فَرَاسَلَهُ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِذَلِكَ، فَصَمَّمَ عَلَى الْعَزْلِ، وَأَنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَيْهَا أَبَدًا، وَذَكَرَ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهَا، فَلَمَّا تَحَقَّقَ ذَلِكَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ أَعَادَ إِلَيْهِ مَدْرَسَتَهُ، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا تَوْقِيعًا فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَخَلَعَ عَلَى شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الْحَظِيرِيِّ بِنَظَرِ الْخِزَانَةِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْأَمِيرُ شَرَفُ الدِّينِ حُسَيْنُ بْنُ جَنْدَرٍ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ عِيسَى ابْنُ الشَّيْخِ سَيْفِ الدِّينِ الرُّجَيْحِيِّ بْنِ سَابِقِ ابْنِ الشَّيْخِ يُونُسَ الْقُنَيِّيِّ، وَدُفِنَ بِزَاوِيَتِهِمُ الَّتِي بِالشَّرَفِ الشَّمَالِيِّ بِدِمَشْقَ، غَرْبِيَّ الْوِرَاقَةِ وَالْعِزِّيَّةِ، يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سَابِعِ الْمُحَرَّمِ.
الْمَلِكُ الْأَوْحَدُ تَقِيُّ الدِّينِ شَاذِي بْنُ الْمَلِكِ الزَّاهِرِ مُجِيرِ الدِّينِ دَاوُدَ بْنِ الْمَلِكِ الْمُجَاهِدِ أَسَدِ الدِّينَ شِيرِكُوهْ بْنِ نَاصِرِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدِ الدِّينِ شِيرِكُوهْ بْنِ شَاذِي، تُوُفِّيَ بِجَبَلِ الْجُرْدِ فِي آخِرِ نَهَارِ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي صَفَرٍ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، فَنُقِلَ إِلَى تُرْبَتِهِمْ بِالسَّفْحِ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الدَّوْلَةِ، مُعَظَّمًا عِنْدَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ، وَكَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِعُلُومٍ، وَلَدَيْهِ فَضَائِلُ.
الصَّدْرُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مَعَالِي الْأَنْصَارِيُّ الْحَرَّانِيُّ الْحَاسِبُ، يُعْرَفُ بِابْنِ الْوَزِيرِ، وَكَانَ فَاضِلًا بَارِعًا فِي صِنَاعَةِ الْحِسَابِ، انْتَفَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ تُوُفِّيَ فِي أَوَاخِرِ هَذِهِ السَّنَةِ فَجْأَةً، وَدُفِنَ بَقَاسِيُونَ، وَقَدْ أَخَذْتُ الْحِسَابَ عَنِ الْحَاضِرِيِّ عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ الطُّيُورِيِّ، عَنْهُ.
الْخَطِيبُ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سِبَاعِ بْنِ ضِيَاءٍ الْفَزَارِيُّ، الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ، أَخُو الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ تَاجِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَانْتَفَعَ عَلَى الْمَشَايِخِ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ، كَابْنِ الصَّلَاحِ، وَالسَّخَاوِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَتَفَقَّهَ، وَأَفْتَى، وَنَاظَرَ،
وَبَرَعَ، وَسَادَ أَقْرَانَهُ، وَكَانَ أُسْتَاذًا فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَاللُّغَةِ، وَالْقِرَاءَاتِ، وَإِيرَادِ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، أَكْثَرَ التَّرْدَادَ إِلَى الْمَشَايِخِ لِلْقِرَاءَةِ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ فَصِيحَ الْعِبَارَةِ، حُلْوَ الْمُحَاضِرَةِ، لَا تُمَلُّ مُجَالَسَتُهُ، وَقَدْ دَرَّسَ بِالطَّيِّبَةِ، وَبِالرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ مُدَّةً، ثُمَّ تَحَوَّلَ عَنْهُ إِلَى خَطَابَةِ جَامِعِ جِرَاحٍ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى خَطَابَةِ جَامِعِ دِمَشْقَ بَعْدَ الْفَارِقِيِّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ عَشِيَّةَ التَّاسِعِ مِنْ شَوَّالٍ، عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْخَمِيسِ عَلَى بَابِ الْخَطَابَةِ، وَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ وَأَخِيهِ بِبَابِ الصَّغِيرِ، رحمهم الله، وَوَلِيَ الْخَطَابَةَ ابْنُ أَخِيهِ.
شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ الدِّمْيَاطِيُّ، وَهُوَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ، الْعَالِمُ الْحَافِظُ، شَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ، شَرَفُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ شَرَفِ بْنِ الْخَضِرِ بْنِ مُوسَى الدِّمْيَاطِيُّ، حَامِلُ لِوَاءِ هَذَا الْفَنِّ - أَعْنِي صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ وَعِلْمَ اللُّغَةِ - فِي زَمَانِهِ، مَعَ كِبَرِ السِّنِّ وَالْقَدْرِ، وَعُلُوِّ الْإِسْنَادِ، وَكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ، وَجَوْدَةِ الدِّرَايَةِ، وَحُسْنِ التَّصْنِيفِ، وَانْتِشَارِ التَّوَالِيفِ، وَتَرَدُّدِ الطَّلَبَةِ إِلَيْهِ مِنْ سَائِرِ الْآفَاقِ، مَوْلِدُهُ فِي آخِرِ سِنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَقَدْ كَانَ أَوَّلُ سَمَاعِهِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، سَمِعَ الْكَثِيرَ عَلَى الْمَشَايِخِ، وَرَحَلَ، وَطَافَ، وَحَصَّلَ، وَجَمَعَ فَأَوْعَى، وَلَكِنْ مَا مَنَعَ وَلَا بَخِلَ،
بَلْ بَذَلَ، وَنَشَرَ الْعِلْمَ، وَوَلِيَ الْمَنَاصِبَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ كَثِيرًا، وَجَمَعَ مُعْجَمًا لِمَشَايِخِهِ الَّذِينَ لَقِيَهُمْ بِالْحِجَازِ، وَبِالشَّامِ، وَالْجَزِيرَةِ، وَالْعِرَاقِ، وَدِيَارِ مِصْرَ، يَزِيدُونَ عَلَى أَلْفٍ وَثَلَاثِمِائَةِ شَيْخٍ، وَهُوَ مُجَلَّدَانِ، وَلَهُ " الْأَرْبَعُونَ الْمُتَبَايِنَةُ الْإِسْنَادِ "، وَغَيْرُهَا، وَلَهُ كِتَابٌ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى مُفِيدٌ جِدًّا، وَمُصَنَّفٌ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، أَفَادَ فِيهِ وَأَجَادَ، وَجَمَعَ مَا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ، وَلَهُ كِتَابُ " الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ "، وَكِتَابُ " التَّسَلِّي وَالِاغْتِبَاطِ بِثَوَابِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأَفْرَاطِ "، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ الْحِسَانِ، وَلَمْ يَزَلْ فِي إِسْمَاعِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنْ أَدْرَكَتْهُ وَفَاتُهُ وَهُوَ صَائِمٌ فِي مَجْلِسِ الْإِمْلَاءِ، غُشِيَ عَلَيْهِ، فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ خَامِسَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ بِالْقَاهِرَةِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِمَقَابِرِ بَابِ النَّصْرِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ حَافِلَةً جِدًّا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.