الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ مُعْتَقَلٌ بِالْجُبِّ فِي قَلْعَةِ الْجَبَلِ بِمِصْرَ. وَفِيَ أَوَائِلِ الْمُحَرَّمِ أَظْهَرَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ الْغَضَبَ عَلَى الْأَمِيرَيْنِ سَلَّارَ وَالْجَاشْنَكِيرِ، وَامْتَنَعَ مِنَ الْعَلَامَةِ، وَأَغْلَقَ الْقَلْعَةَ وَتَحَصَّنَ فِيهَا، وَلَزِمَ الْأَمِيرَانِ بُيُوتَهُمَا، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِمَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَحُوصِرَتِ الْقَلْعَةُ، وَجَرَتْ خَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ، وَغُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ، ثُمَّ رَاسَلُوا السُّلْطَانَ، فَتَأَطَّدَتِ الْأُمُورُ، وَسَكَنَتِ الشُّرُورُ عَلَى دَخَنٍ وَتَنَافُرِ قُلُوبٍ، وَقَوِيَ الْأَمِيرَانِ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَكِبَ السُّلْطَانُ، وَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دَخَنٍ.
وَفِي الْمُحَرَّمِ وَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ التَّتَرِ وَبَيْنَ أَهْلِ كِيلَانَ وَذَلِكَ أَنَّ مَلِكَ التَّتَرِ طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا فِي بِلَادِهِمْ طَرِيقًا إِلَى عَسْكَرِهِ، فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، فَأَرْسَلَ مَلِكُ التَّتَرِ خَرْبَنْدَا جَيْشًا كَثِيفًا سِتِّينَ أَلْفًا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مَعَ قُطْلُوشَاهْ، وَعِشْرِينَ أَلْفًا مَعَ جُوبَانَ، فَأَمْهَلَهُمْ أَهْلُ كِيلَانَ حَتَّى تَوَسَّطُوا
بِلَادَهُمْ، ثُمَّ أَرْسَلُوا عَلَيْهِمْ خَلِيجًا مِنَ الْبَحْرِ، وَرَمَوْهُمْ بِالنِّفْطِ، فَغَرِقَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَاحْتَرَقَ آخَرُونَ، وَقَتَلُوا بِأَيْدِيهِمْ طَائِفَةً كَثِيرَةً، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَكَانَ فِي مَنْ قُتِلَ أَمِيرُ التَّتَرِ الْكَبِيرُ قُطْلُوشَاهْ، فَاشْتَدَّ غَضَبُ خَرْبَنْدَا عَلَى أَهْلِ كِيلَانَ، وَلَكِنَّهُ فَرِحَ بِقَتْلِ قُطْلُوشَاهْ فَإِنَّهُ كَانَ يُرِيدُ قَتْلَ خَرْبَنْدَا، فَكُفِيَ أَمْرَهُ، ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَهُ بُولَايْ. ثُمَّ إِنَّ مَلِكَ التَّتَرِ أَرْسَلَ الشَّيْخَ بُرَاقًا الَّذِي قَدِمَ الشَّامَ فِيمَا تَقَدَّمَ إِلَى أَهْلِ كِيلَانَ يُبْلِغُهُمْ عَنْهُ رِسَالَةً، فَقَتَلُوهُ وَأَرَاحُوا النَّاسَ مِنْهُ. وَبِلَادُهُمْ مَنْ أَحْصَنِ الْبِلَادِ وَأَطْيَبِهَا، لَا تُسْتَطَاعُ، وَهُمْ أَهْلُ سُنَّةٍ، وَأَكْثَرُهُمْ حَنَابِلَةٌ، لَا يَسْتَطِيعُ مُبْتَدِعٌ أَنْ يَسْكُنَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ.
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ رَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ اجْتَمَعَ قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ بِالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي دَارِ الْأَوْحَدِيِّ مِنْ قَلْعَةِ الْجَبَلِ، وَطَالَ بَيْنَهُمَا الْكَلَامُ، ثُمَّ تَفَرَّقَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مُصَمِّمٌ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ مِنَ السِّجْنِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ جَاءَ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ مُهَنَّا بْنُ عِيسَى مَلِكُ الْعَرَبِ إِلَى السِّجْنِ بِنَفْسِهِ، وَأَقْسَمَ عَلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ لَيَخْرُجَنَّ إِلَيْهِ، فَلَمَّا خَرَجَ أَقْسَمَ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّ مَعَهُ إِلَى دَارِ سَلَّارَ، فَاجْتَمَعَ بِهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِدَارِ سَلَّارَ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ بُحُوثٌ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا إِلَى الْمَغْرِبِ، وَبَاتَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عِنْدَ سَلَّارَ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا يَوْمَ الْأَحَدِ بِمَرْسُومِ السُّلْطَانِ جَمِيعَ النَّهَارِ، وَلَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مِنَ الْقُضَاةِ، بَلِ اجْتَمَعَ مِنَ الْفُقَهَاءِ خَلْقٌ كَثِيرٌ أَكْثَرُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ، مِنْهُمُ الْفَقِيهُ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ رِفْعَةَ، وَعَلَاءُ الدِّينِ
الْبَاجِيُّ، وَفَخْرُ الدِّينِ بْنُ بِنْتِ أَبِي سَعْدٍ، وَعِزُّ الدِّينِ النِّمْرَاوَيُّ، وَشَمْسُ الدِّينِ بْنُ عَدْلَانَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَطَلَبُوا الْقُضَاةَ، فَاعْتَذَرُوا بِأَعْذَارٍ بَعْضُهُمْ بِالْمَرَضِ، وَبَعْضُهُمْ بِغَيْرِهِ، لِمَعْرِفَتِهِمْ بِمَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ مُنْطَوٍ عَلَيْهِ مِنَ الْعُلُومِ وَالْأَدِلَّةِ، وَأَنَّ أَحَدًا مِنَ الْحَاضِرِينَ لَا يُطِيقُهُ، فَقَبِلَ عُذْرَهُمْ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، وَلَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْحُضُورَ بَعْدَ أَنْ رَسَمَ السُّلْطَانُ بِحُضُورِهِمْ، وَانْفَصَلَ الْمَجْلِسُ عَلَى خَيْرٍ، وَبَاتَ الشَّيْخُ عِنْدَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، وَكَانَ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ مُهَنَّا يُرِيدُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ مَعَهُ إِلَى الشَّامِ، فَأَشَارَ سَلَّارُ بِإِقَامَةِ الشَّيْخِ بِمِصْرَ عِنْدَهُ لِيَرَى النَّاسُ فَضْلَهُ وَعِلْمَهُ، وَيَنْتَفِعَ النَّاسُ بِهِ، وَيَشْتَغِلُوا عَلَيْهِ، وَكَتَبَ الشَّيْخُ كِتَابًا إِلَى الشَّامِ يَتَضَمَّنُ مَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الْأُمُورِ.
قَالَ الْبِرْزَالِيُّ: وَفِي شَوَّالٍ مِنْهَا شَكَى الصُّوفِيَّةُ بِالْقَاهِرَةِ عَلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَكَلَامِهِ فِي ابْنِ عَرَبِيٍّ وَغَيْرِهِ إِلَى الدَّوْلَةِ، فَرَدُّوا الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ، فَعُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ، وَادَّعَى عَلَيْهِ ابْنُ عَطَاءٍ بِأَشْيَاءَ، فَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ، لَكِنَّهُ قَالَ: لَا يُسْتَغَاثُ إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا يُسْتَغَاثُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْتِغَاثَةً بِمَعْنَى
الْعِبَادَةِ، وَلَكِنْ يُتَوَسَّلُ بِهِ، وَيُتَشَفَّعُ بِهِ إِلَى اللَّهِ. فَبَعْضُ الْحَاضِرِينَ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ فِي هَذَا شَيْءٌ. وَرَأَى الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ أَنَّ هَذَا فِيهِ قِلَّةُ أَدَبٍ، فَحَضَرَتْ رِسَالَةٌ إِلَى الْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ مَا تَقْتَضِيهِ الشَّرِيعَةُ، فَقَالَ الْقَاضِي: قَدْ قُلْتُ لَهُ مَا يُقَالُ لِمِثْلِهِ. ثُمَّ إِنَّ الدَّوْلَةَ خَيَّرُوهُ بَيْنَ أَشْيَاءَ إِمَّا أَنْ يَسِيرَ إِلَى دِمَشْقَ أَوِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِشُرُوطٍ، أَوِ الْحَبْسِ، فَاخْتَارَ الْحَبْسَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فِي السَّفَرِ إِلَى دِمَشْقَ مُلْتَزِمًا مَا شُرِطَ، فَأَجَابَ أَصْحَابَهُ إِلَى مَا اخْتَارُوا جَبْرًا لِخَوَاطِرِهِمْ، فَرَكِبَ خَيْلَ الْبَرِيدِ لَيْلَةَ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ شَوَّالٍ، ثُمَّ أَرْسَلُوا خَلْفَهُ مِنَ الْغَدِ بَرِيدًا آخَرَ، فَرَدُّوهُ، وَحَضَرَ عِنْدَ قَاضِي الْقُضَاةِ ابْنِ جَمَاعَةَ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الدَّوْلَةَ مَا تَرْضَى إِلَّا بِالْحَبْسِ.
فَقَالَ الْقَاضِي: وَفِيهِ مُصْلِحَةٌ لَهُ.
وَاسْتَنَابَ شَمْسَ الدِّينِ التُّونِسِيَّ الْمَالِكِيَّ، وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. فَأَذِنَ لِنُورِ الدِّينِ الزَّوَاوِيِّ الْمَالِكِيِّ، فَتَحَيَّرَ، فَلَمَّا رَأَى الشَّيْخُ تَوَقُّفَهُمْ فِي حَبْسِهِ قَالَ: أَنَا أَمْضِي إِلَى الْحَبْسِ، وَأَتَّبِعُ مَا تَقْتَضِيهِ الْمُصْلِحَةُ.
فَقَالَ نُورُ الدِّينِ الزَّوَاوِيُّ: يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ يَصْلُحُ لِمِثْلِهِ، فَقِيلَ لَهُ: الدَّوْلَةُ مَا تَرْضَى إِلَّا بِمُسَمَّى الْحَبْسِ، فَأُرْسِلَ إِلَى حَبْسِ الْقَاضِي، وَأُجْلِسَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُجْلِسَ فِيهِ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ بِنْتِ الْأَعَزِّ حِينَ سُجِنَ، وَأُذِنَ لَهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ، وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِإِشَارَةِ نَصْرِ الْمَنْبِجِيِّ - لِوَجَاهَتِهِ فِي الدَّوْلَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَى عَقْلِ الْجَاشْنَكِيرِ الَّذِي تَسَلْطَنَ فِيمَا بَعْدُ - وَغَيْرِهِ مِنَ الدَّوْلَةِ، وَالسُّلْطَانُ مَقْهُورٌ مَعَهُ، وَاسْتَمَرَّ الشَّيْخُ فِي الْحَبْسِ يُسْتَفْتَى، وَيَقْصِدُهُ النَّاسُ، وَيَزُورُونَهُ، وَتَأْتِيهِ الْفَتَاوَى الْمُشْكِلَةُ الَّتِي لَا يَسْتَطِيعُهَا الْفُقَهَاءُ، مِنَ الْأُمَرَاءِ وَأَعْيَانِ
النَّاسِ، فَيَكْتُبُ عَلَيْهَا بِمَا يُحَيِّرُ الْعُقُولَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. ثُمَّ عُقِدَ لِلشَّيْخِ مَجْلِسٌ بِالصَّالِحِيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَنَزَلَ الشَّيْخُ بِالْقَاهِرَةِ بِدَارِ ابْنِ شُقَيْرٍ، وَأَكَبَّ النَّاسُ عَلَى الِاجْتِمَاعِ بِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا.
وَفِي سَادِسِ رَجَبٍ بَاشَرَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ نَظَرَ دِيوَانِ الْمَارَسْتَانِ عِوَضًا عَنْ جَمَالِ الدِّينِ يُوسُفَ الْعَجَمِيِّ، تُوُفِّيَ، وَكَانَ مُحْتَسِبًا بِدِمَشْقَ مُدَّةً، فَأَخَذَهَا مِنْهُ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ الْبُصْرَاوِيِّ قَبْلَ هَذَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَكَانَ الْعَجَمِيُّ مَوْصُوفًا بِالْأَمَانَةِ وَالْكَفَاءَةِ.
وَفِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ أُبْطِلَتْ صَلَاةُ لَيْلَةِ النِّصْفِ لِكَوْنِهَا بِدْعَةً، وَصِينَ الْجَامِعُ مِنَ الْغَوْغَاءِ وَالرَّعَاعِ، وَحَصَلَ بِذَلِكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِي رَمَضَانَ قَدِمَ الصَّدْرُ نَجْمُ الدِّينِ الْبُصْرَاوِيُّ، وَمَعَهُ تَوْقِيعٌ بِنَظَرِ الْخِزَانَةِ عِوَضًا عَنْ شَمْسِ الدِّينِ الْحَظِيرِيِّ، مُضَافًا إِلَى مَا بِيَدِهِ مِنَ الْحِسْبَةِ. وَوَقَعَ فِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ مَطَرٌ قَوِيٌّ شَدِيدٌ، وَكَانَ النَّاسُ لَهُمْ مُدَّةً لَمْ يُمْطَرُوا، فَاسْتَبْشَرُوا بِذَلِكَ، وَرَخُصَتِ الْأَسْعَارُ، وَلَمْ يُمْكِنِ النَّاسَ الْخُرُوجُ إِلَى الْمُصَلَّى مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ، فَصَلُّوا فِي الْجَامِعِ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ فَصَلَّى بِالْمَقْصُورَةِ. وَخَرَجَ الْمَحْمَلُ وَأَمِيرُ الْحَجِّ عَامَئِذٍ سَيْفُ الدِّينِ بَلَبَانُ الْبَدْرِيُّ التَّتَرِيُّ. وَفِيهَا حَجَّ الْقَاضِي شَرَفُ الدِّينِ الْبَارِزِيُّ مِنْ حَمَاةَ.
وَفِي ذِي الْحِجَّةِ وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ بِالْقُرْبِ مِنَ الظَّاهِرِيَّةِ، مَبْدَؤُهُ مِنَ الْفُرْنِ تُجَاهَهَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ: فُرْنُ الصُّوفِيَّةِ. ثُمَّ لَطَفَ اللَّهُ، وَكَفَّ شَرَهًا وَشَرَرَهَا.