الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
اسْتَهَلَّتْ بِيَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ قَاضٍ، وَقَاضِي الْحَنَفِيَّةِ عِمَادُ الدِّينِ الطَّرَسُوسِيُّ، وَقَاضِي الْمَالِكِيَّةِ شَرَفُ الدِّينِ الْهَمْدَانِيُّ، وَقَاضِي الْحَنَابِلَةِ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ الْمُنَجَّا، وَكَاتِبُ السِّرِّ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ فَضْلِ اللَّهِ، وَنَاظِرُ الْجَامِعِ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ الشِّيرَازِيِّ.
وَفِي ثَامِنِ الْمُحَرَّمِ قَدِمَ الْبَشِيرُ بِسَلَامَةِ السُّلْطَانِ مِنَ الْحِجَازِ، وَاقْتِرَابِ وُصُولِهِ إِلَى الْبِلَادِ، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ، وَزُيِّنَتِ الْبَلَدُ، وَأَخْبَرَ الْبَشِيرُ بِوَفَاةِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ بَكْتَمُرَ السَّاقِي وَوَلَدِهِ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ وَهُمَا رَاجِعَانِ فِي الطَّرِيقِ، بَعْدَ أَنْ حَجَّا قَرِيبًا مِنْ مِصْرَ; الْوَلَدُ أَوَّلًا، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ أَبُوهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِعُيُونِ الْقَصَبِ، ثُمَّ نُقِلَا إِلَى تُرْبَتِهِمَا بِالْقَرَافَةِ، وَوُجِدَ لِبَكْتُمَرَ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَالْجَوَاهِرِ، وَاللَّآلِئِ، وَالْقُمَاشِ، وَالْأَمْتِعَةِ، وَالْحَوَاصِلِ شَيْءٌ كَثِيرٌ لَا يَكَادُ يَنْحَصِرُ وَلَا يَنْضَبِطُ. وَأُفْرِجُ عَنِ الصَّاحِبِ شَمْسِ الدِّينِ غِبْرِيَالَ فِي الْمُحَرَّمِ، وَطُلِبَ فِي صَفَرٍ إِلَى مِصْرَ، فَتَوَجَّهَ عَلَى خَيْلِ الْبَرِيدِ، وَاحْتِيطَ عَلَى أَهْلِهِ بَعْدَ مَسِيرِهِ، وَأُخِذَتْ مِنْهُمْ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ لِبَيْتِ الْمَالِ.
وَفِي أَوَاخِرِ صَفَرٍ قَدِمَ الصَّاحِبُ أَمِينُ الْمَلِكِ عَلَى نَظَرِ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ عِوَضًا عَنْ غِبْرِيَالَ. وَبَعْدَهُ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ قَدِمَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ بْنُ الْحِلِّيِّ عَلَى نَظَرِ الْجَيْشِ بَعْدَ وَفَاةِ قُطْبِ الدِّينِ ابْنِ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ.
وَفِي نِصْفِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ لَبِسَ ابْنُ جُمْلَةَ خِلْعَةَ الْقَضَاءِ لِلشَّافِعِيَّةِ بِدِمَشْقَ، بِدَارِ السَّعَادَةِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْجَامِعِ وَهِيَ عَلَيْهِ، وَذَهَبَ إِلَى الْعَادِلِيَّةِ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ بِهَا بِحَضْرَةِ الْأَعْيَانِ، وَدَرَّسَ بِالْعَادِلِيَّةِ وَالْغَزَّالِيَّةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِيَ عَشَرَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ رَابِعَ عِشْرِينِهِ حَضَرَ ابْنُ أَخِيهِ جَمَالُ الدِّينِ مَحْمُودٌ إِعَادَةَ الْقَيْمَرِيَّةِ، نَزَلَ لَهُ عَنْهَا، ثُمَّ اسْتَنَابَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ، وَخَرَجَ إِلَى الْعَادِلِيَّةِ فَحَكَمَ بِهَا، ثُمَّ لَمْ يَسْتَمِرَّ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ عُزِلَ عَنِ النِّيَابَةِ بِيَوْمِهِ، وَاسْتَنَابَ بَعْدَهُ جَمَالَ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شَمْسِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْحُسْبَانِيَّ، وَلَهُ هِمَّةٌ، وَعِنْدَهُ نَزَاهَةٌ وَخِبْرَةٌ بِالْأَحْكَامِ.
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَلِيَ الْأَمِيرُ شِهَابُ الدِّينِ قُرْطَايُ نِيَابَةَ طَرَابُلُسَ، وَعُزِلَ عَنْهَا طَيْنَالُ إِلَى نِيَابَةِ غَزَّةَ، وَتَوَلَّى نَائِبُ غَزَّةَ نِيَابَةَ حِمْصَ، وَحَصَلَ لِلَّذِي جَاءَ بِتَقْلِيدِهِمْ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْهُمْ.
وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ أُعِيدَ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ بْنُ فَضْلِ اللَّهِ وَوَلَدُهُ إِلَى كِتَابَةِ سِرِّ مِصْرَ، وَرَجَعَ شَرَفُ الدِّينِ بْنُ الشِّهَابِ مَحْمُودٍ إِلَى كِتَابَةِ سِرِّ الشَّامِ كَمَا كَانَ.
وَفِي مُنْتَصَفِ هَذَا الشَّهْرِ وَلِيَ نِقَابَةَ الْأَشْرَافِ عِمَادُ الدِّينِ مُوسَى الْحُسَيْنِيُّ عِوَضًا عَنْ أَخِيهِ شَرَفِ الدِّينِ عَدْنَانَ، تُوُفِّيَ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ عِنْدَ مَسْجِدِ الذِّبَّانِ، وَفِيهِ دَرَّسَ الْفَخْرُ الْمِصْرِيُّ بِالدَّوْلَعِيَّةِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ جُمْلَةَ بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ الْقَضَاءَ.
وَفِي خَامِسِ عِشْرِينَ رَجَبٍ دَرَّسَ بِالْبَادَرَائِيَّةِ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ شَرِيفٍ - وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْوَحِيدِ - عِوَضًا عَنِ ابْنِ جَهْبَلٍ، تُوُفِّيَ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ، وَكُنْتُ إِذْ ذَاكَ بِالْقُدْسِ أَنَا وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْهَادِي وَآخَرُونَ. وَفِيهِ رَسَمَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ بِالْمَنْعِ مِنْ رَمْيِ الْبُنْدُقِ، وَأَنْ لَا تُبَاعَ قِسِيِّهُ وَلَا تُعْمَلَ; وَذَلِكَ لِإِفْسَادِ رُمَاةِ الْبُنْدُقِ أَوْلَادَ النَّاسِ، وَأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مَنْ تَعَانَاهُ اللِّوَاطُ، وَالْفِسْقُ، وَقِلَّةُ الدِّينِ، وَنُودِيَ بِذَلِكَ فِي الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ.
قَالَ الْبِرْزَالِيُّ: وَفِي نِصْفِ شَعْبَانَ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِتَسْلِيمِ الْمُنَجِّمِينَ إِلَى وَالِي الْقَاهِرَةِ، فَضُرِبُوا، وَحُبِسُوا، ثُمَّ نُفُوا; لِإِفْسَادِهِمْ حَالَ النِّسَاءِ، فَمَاتَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ تَحْتَ الْعُقُوبَةِ; ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَصْرَانِيٌّ. كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَيَّ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الرَّحْبِيُّ.
وَفِي أَوَّلِ رَمَضَانَ وَصَلَ الْبَرِيدُ بِتَوْلِيَةِ الْأَمِيرِ فَخْرِ الدِّينِ بْنِ الشَّمْسِ لُؤْلُؤٍ وِلَايَةَ الْبَرِّ بِدِمَشْقَ، بَعْدَ وَفَاةِ شِهَابِ الدِّينِ بْنِ الْمَرْوَانِيِّ، وَوَصَلَ كِتَابٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى
دِمَشْقَ فِي رَمَضَانَ يَذْكُرُ فِيهِ أَنَّهُ وَقَعَتْ صَوَاعِقُ بِبِلَادِ الْحِجَازِ، فَقَتَلَتْ جَمَاعَةً مُتَفَرِّقِينَ فِي أَمَاكِنَ شَتَّى، وَأَمْطَارٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَجَاءَ الْبَرِيدُ فِي رَابِعِ رَمَضَانَ بِتَوْلِيَةِ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ بْنِ جَهْبَلٍ قَضَاءَ طَرَابُلُسَ، فَذَهَبَ إِلَيْهَا، وَدَرَّسَ ابْنُ الْمَجْدِ عَبْدُ اللَّهِ بِالرَّوَاحِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الْأَصْبِهَانِيِّ بِحُكْمِ إِقَامَتِهِ بِمِصْرَ. وَفِي آخِرِ رَمَضَانَ أُفْرِجَ عَنِ الصَّاحِبِ عَلَمِ الدِّينِ وَأَخِيهِ شَمْسِ الدِّينِ مُوسَى ابْنَيِ التَّاجِ أَبِي إِسْحَاقَ، بَعْدَ سَجْنِهِمَا سَنَةً وَنِصْفًا.
وَخَرَجَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ يَوْمَ الْخَمِيسِ عَاشِرَ شَوَّالٍ، وَأَمِيرُهُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ مَعْبَدٍ، وَقَاضِيهِ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مَنْصُورٍ مُدَرِّسُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْقُدْسِ بِمَدْرَسَةِ تَنْكِزَ، وَفِي الْحُجَّاجِ صَدْرُ الدِّينِ الْمَالِكِيُّ، وَشِهَابُ الدِّينِ الظَّهِيرِيُّ، وَمُحْيِي الدِّينِ بْنُ الْأَعْقَفِ، وَآخَرُونَ.
وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ ثَالِثَ عَشْرَهُ دَرَّسَ بِالْأَتَابِكِيَّةِ ابْنُ جُمْلَةَ عِوَضًا عَنِ ابْنِ جَمِيلٍ، تَوَلَّى قَضَاءَ طَرَابُلُسَ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ عِشْرِينِهِ حَكَمَ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ كَامِلٍ التَّدْمُرِيُّ، الَّذِي كَانَ فِي خَطَابَةِ الْخَلِيلِ بِدِمَشْقَ نِيَابَةً عَنِ ابْنِ جُمْلَةَ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِدِينِهِ وَفَضِيلَتِهِ.
وَفِي ذِي الْقِعْدَةِ مَسَكَ تَنْكِزُ دَوَادَارَهُ نَاصِرَ الدِّينِ مُحَمَّدًا، وَكَانَ عِنْدَهُ بِمَكَانَةٍ عَظِيمَةٍ جِدًّا، وَضَرَبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ضَرْبًا مُبَرِّحًا، وَاسْتَخْلَصَ مِنْهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، ثُمَّ حَبَسَهُ بِالْقَلْعَةِ، ثُمَّ نَفَاهُ إِلَى الْقُدْسِ، وَضَرَبَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، مِنْهُمْ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مُقَلَّدٍ حَاجِبُ الْعَرَبِ، وَقَطَعَ لِسَانَهُ مَرَّتَيْنِ، وَمَاتَ، وَتَغَيَّرَتِ الدَّوْلَةُ، وَجَاءَتْ دَوْلَةٌ أُخْرَى مُقَدَّمُهَا عِنْدَهُ حَمْزَةُ الَّذِي كَانَ سِمِيرَهُ وَعَشِيرَهُ فِي هَذِهِ