المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[السرايا والبعوث التي كانت في سنة ست من الهجرة] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٦

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ]

- ‌[وَقْتُهَا]

- ‌[مَوْقِفُ الْأَحْزَابِ بَعْدَ فَرَاغِ رَسُولِ اللَّهِ مِنَ الْخَنْدَقِ]

- ‌[دُعَائُهُ عليه السلام عَلَى الْأَحْزَابِ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي قُرَيْظَةَ]

- ‌[وَفَاةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ]

- ‌[فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ]

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي رَافِعٍ]

- ‌[مَقْتَلُ خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ ابْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ]

- ‌[قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَعَ النَّجَاشِيِّ بَعْدَ وَقْعَةِ الْخَنْدَقِ]

- ‌[تَزْوِيجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ حَبِيبَةَ]

- ‌[تَزْوِيجُهُ عليه السلام بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ]

- ‌[قِصَّةُ زَيْنَبَ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ]

- ‌[نُزُولُ آيَةِ الْحِجَابِ]

- ‌[سَنَةُ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ ذِي قَرَدَ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ]

- ‌[الْإِقْرَاعُ بَيْنَ نِسَاءِ الرَّسُولِ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَهُ]

- ‌[قِصَّةُ الْإِفْكِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيَةِ]

- ‌[عُمْرَةُ رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[سِيَاقُ الْبُخَارِيِّ لِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ]

- ‌[السَّرَايَا وَالْبُعُوثُ الَّتِي كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فَى السَّنَةِ السَّادِسَةِ]

- ‌[سَنَةُ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ خَيْبَرَ]

- ‌[وَقْتُهَا]

- ‌[فَتْحُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُصُونَ خَيْبَرَ]

- ‌[قِصَّةُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ]

- ‌[حِصَارُ رَسُولِ اللَّهِ أَهْلَ خَيْبَرَ]

- ‌[فَتْحُ حُصُونِ خَيْبَرَ]

- ‌[مَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ]

- ‌[ذِكْرُ قُدُومِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ]

- ‌[قِصَّةُ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ]

- ‌[قِصَّةُ مِدْعَمٍ وَنَوْمِ بِلَالٍ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ]

- ‌[مَنِ اسْتُشْهِدَ بِخَيْبَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَبَرُ الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ الْبَهْزِيِّ]

- ‌[مُرُورُهُ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْقُرَى وَمُحَاصَرَتُهُ قَوْمًا مِنَ الْيَهُودِ]

- ‌[مُعَامَلَةُ النَّبِيِّ يَهُودَ خَيْبَرَ]

- ‌[سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ]

- ‌[سَرِيَّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى تُرْبَةٍ مِنْ أَرْضِ هَوَازِنَ]

- ‌[سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى يُسَيْرِ بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ]

- ‌[سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ]

- ‌[سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ]

- ‌[السَرِيَّةُ الَّتِي قَتَلَ فِيهَا مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ عَامِرَ بْنَ الْأَضْبَطِ]

- ‌[سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ]

- ‌[عُمْرَةُ الْقَضَاءِ]

- ‌[وَقْتُهَا]

- ‌[قِصَّةُ تَزْوِيجِهِ عليه الصلاة والسلام بِمَيْمُونَةَ]

- ‌[خُرُوجُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ]

- ‌[سَرِيَّةُ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيِّ إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌[رَدُّ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ]

- ‌[رَدُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ]

- ‌[سَنَةُ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[إِسْلَامُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ]

- ‌[طَرِيقُ إِسْلَامِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ]

- ‌[سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى نَفَرٍ مِنْ هَوَازِنَ]

- ‌[سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى بَنِي قُضَاعَةَ]

- ‌[غَزْوَةُ مُؤْتَةَ]

- ‌[وَقْتُهَا]

- ‌[إِخْبَارُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاسْتِشْهَادِ جَعْفَرٍ وَصَاحِبَيْهِ]

- ‌[اسْتِقْبَالُ رَسُولِ اللَّهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ]

- ‌[فَضْلُ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم]

- ‌[مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[حَدِيثٌ فِيهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُمَرَاءِ هَذِهِ السَّرِيَّةِ]

- ‌[فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ]

- ‌[كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ وَكَتْبِهِ إِلَيْهِمْ]

- ‌[وَقْتُ إِرْسَالِ الرُّسُلِ إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ]

- ‌[إِرْسَالُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَلِكِ الْعَرَبِ مِنَ النَّصَارَى بِالشَّامِ]

- ‌[بَعْثُهُ إِلَى كِسْرَى مِلْكِ الْفُرْسِ]

- ‌[بَعْثُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُقَوْقِسِ]

- ‌[غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ]

- ‌[سَرِيَّةُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ]

- ‌[دُخُولُ النَّبِيِّ مَكَّةَ]

- ‌[قِصَّةُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ]

- ‌[مِيقَاتُ خُرُوجِ النَّبِيِّ]

- ‌[إِسْلَامُ الْعَبَّاسِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ]

- ‌[نُزُولُ النَّبِيِّ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ]

- ‌[صِفَةُ دُخُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ]

- ‌[مَا قِيلَ مِنَ الشِّعْرِ يَوْمَ الْفَتْحِ]

- ‌[بَعْثَةُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ]

- ‌[بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِهَدْمِ الْعُزَّى]

- ‌[مُدَّةُ إِقَامَتِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ]

- ‌[فِيمَا حَكَمَ بِهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ]

- ‌[مُبَايَعَةُ النَّبِيِّ النَّاسَ يَوْمَ الْفَتْحِ]

الفصل: ‌[السرايا والبعوث التي كانت في سنة ست من الهجرة]

[السَّرَايَا وَالْبُعُوثُ الَّتِي كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ]

فَصْلٌ فِي ذِكْرِ السَّرَايَا وَالْبُعُوثِ الَّتِي كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ

وَتَلْخِيصُ ذَلِكَ مَا أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ:

فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا أَوِ الْآخِرِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ، فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا إِلَى غَمْرِ مَرْزُوقٍ - مَاءٍ لِبَنِي أَسَدٍ - فَهَرَبُوا مِنْهُ، وَنَزَلَ عَلَى مِيَاهِهِمْ، وَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، وَأَخَذَ مِنْهُمْ مِائَتَيْ بَعِيرٍ، فَاسْتَاقَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَفِيهَا كَانَ بَعْثُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ إِلَى ذِي الْقَصَّةِ، فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا أَيْضًا فَسَارُوا لَيْلَتَهُمْ مُشَاةً، حَتَّى أَتَوْهَا فِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ، فَهَرَبُوا مِنْهُ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ، فَأَسَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا، فَقَدِمَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ.

وَبَعْثُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي عَشَرَةِ نَفَرٍ، فَكَمَنَ الْقَوْمُ لَهُمْ حَتَّى نَامُوا، فَقُتِلَ أَصْحَابُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ كُلُّهُمْ، وَأَفْلَتَ هُوَ جَرِيحًا.

ص: 240

وَفِيهَا كَانَ بَعْثُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بِالْحَمُومِ، فَأَصَابَ امْرَأَةً مِنْ مُزَيْنَةَ، يُقَالُ لَهَا: حَلِيمَةُ. فَدَلَّتْهُمْ عَلَى مَحَلَّةٍ مِنْ مَحَالِّ بَنِي سُلَيْمٍ، فَأَصَابُوا مِنْهَا نَعَمًا، وَشَاءً وَأَسْرَى، وَكَانَ فِيهِمْ زَوْجُ حَلِيمَةَ هَذِهِ، فَوَهَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِزَوْجِهَا، وَأَطْلَقَهُمَا.

وَفِيهَا كَانَ بَعْثُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَيْضًا، فِي جُمَادَى الْأُولَى إِلَى بَنِي ثَعْلَبَةَ، فِي خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَهَرَبَتْ مِنْهُ الْأَعْرَابُ، فَأَصَابَ مِنْ نَعَمِهِمْ عِشْرِينَ بَعِيرًا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَرْبَعِ لَيَالٍ.

وَفِيهَا خَرَجَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فِي جُمَادَى الْأُولَى إِلَى الْعِيصِ.

قَالَ: وَفِيهَا أُخِذَتِ الْأَمْوَالُ الَّتِي كَانَتْ مَعَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَاسْتَجَارَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجَارَتْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ - كَمَا تَقَدَّمَ - قِصَّتَهُ حِينَ أُخِذَتِ الْعِيرُ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ، وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ، وَفَرَّ هُوَ مِنْ بَيْنِهِمْ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ هَاجَرَتْ بَعْدَ بَدْرٍ، فَلَمَّا جَاءَ الْمَدِينَةَ اسْتَجَارَ بِهَا، فَأَجَارَتْهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَأَجَارَهُ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَ النَّاسَ بِرَدِّ مَا أَخَذُوا مِنْ عِيرِهِ، فَرَدُّوا كُلَّ شَيْءٍ كَانُوا أَخَذُوهُ مِنْهُ، حَتَّى لَمْ يَفْقِدْ مِنْهُ شَيْئًا، فَلَمَّا رَجَعَ بِهَا إِلَى مَكَّةَ، وَأَدَّى إِلَى أَهْلِهَا مَا كَانَ لَهُمْ مَعَهُ مِنَ الْوَدَائِعِ، أَسْلَمَ وَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوْجَتَهُ زَيْنَبَ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا وَلَا عَقْدًا،

ص: 241

كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ.

وَكَانَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَهِجْرَتِهَا سِتُّ سِنِينَ، وَيُرْوَى سَنَتَانِ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ تَحْرِيمِ الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى الْكَفَّارِ بِسَنَتَيْنِ، وَكَانَ إِسْلَامُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ فِي سَنَةِ الْفَتْحِ، لَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْوَاقِدِيِّ، مِنْ أَنَّهُ سَنَةَ سِتٍّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، أَنَّ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيَّ أَقْبَلَ مِنْ عِنْدِ قَيْصَرَ، وَقَدْ أَجَازَهُ بِأَمْوَالٍ وَخِلَعٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحِسْمَى لَقِيَهُ نَاسٌ مِنْ جُذَامٍ، فَقَطَعُوا عَلَيْهِ الطَّرِيقَ، فَلَمْ يَتْرُكُوا مَعَهُ شَيْئًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ أَيْضًا، رضي الله عنه.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ، رضي الله عنه، فِي مِائَةِ رَجُلٍ إِلَى أَنْ نَزَلَ إِلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ لَهُمْ جَمْعًا يُرِيدُونَ أَنْ يُمِدُّوا يَهُودَ خَيْبَرَ فَسَارَ إِلَيْهِمْ بِاللَّيْلِ، وَكَمَنَ بِالنَّهَارِ، وَأَصَابَ عَيْنًا لَهُمْ، فَأَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ بُعِثَ إِلَى خَيْبَرَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِمْ نَصْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا لَهُمْ تَمْرَ خَيْبَرَ

ص: 242

قَالَ الْوَاقِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِي سَنَةِ سِتٍّ فِي شَعْبَانَ مِنْهَا، كَانَتْ سَرِيَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، إِلَى دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «إِنْ هُمْ أَطَاعُوا فَتَزَوَّجْ بِنْتَ مَلِكِهِمْ» ". فَأَسْلَمَ الْقَوْمُ، وَتَزَوَّجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِنْتَ مَلِكِهِمْ؛ تُمَاضِرَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ، وَهِيَ أُمُّ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ كَانَتْ سَرِيَّةُ كُرْزِ بْنِ جَابِرٍ الْفِهْرِيِّ إِلَى الْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ قَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آثَارِهِمْ كُرْزَ بْنَ جَابِرٍ، فِي عِشْرِينَ فَارِسًا، فَرَدُّوهُمْ.

فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ - وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ - أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا أُنَاسٌ أَهْلُ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، فَاسْتَوْخَمْنَا الْمَدِينَةَ. فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهَا، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا نَاحِيَةَ الْحَرَّةِ قَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتَاقُوا

ص: 243

الذَّوْدَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا وَهُمْ كَذَلِكَ. قَالَ قَتَادَةُ: فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَطَبَ بَعْدَ ذَلِكَ حَضَّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ قَتَادَةَ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُرَيْنَةَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوهُ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمَدِينَةِ الْمُومُ - وَهُوَ الْبِرْسَامُ - فَقَالُوا: هَذَا الْوَجَعُ قَدْ وَقَعَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَرَجَعْنَا إِلَى الْإِبِلِ، قَالَ:" نَعَمْ، فَاخْرُجُوا فَكُونُوا فِيهَا ". فَخَرَجُوا فَقَتَلُوا الرَّاعِيَيْنِ، وَذَهَبُوا بِالْإِبِلِ، وَعِنْدَهُ شَبَابٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ، فَأَرْسَلَهُمْ

ص: 244

إِلَيْهِمْ، وَبَعَثَ مَعَهُمْ قَائِفًا يَقْتَصُّ أَثَرَهُمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ.

وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ فَأَسْلَمُوا، وَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: " الْحَقُوا بِالْإِبِلِ، وَاشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا ". قَالَ: فَذَهَبُوا فَكَانُوا فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، فَجَاءَ الصَّرِيخُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِمْ، فَلَمْ تَرْتَفِعِ الشَّمْسُ حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَوَاهُمْ بِهَا، وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَأَلْقَاهُمْ فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ، حَتَّى مَاتُوا وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ» . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمْ يَكْدُمُ الْأَرْضَ بِفِيهِ مِنَ الْعَطَشِ. قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: فَهَؤُلَاءِ قَتَلُوا، وَسَرَقُوا، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم.

وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

ص: 245

بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ فِي آثَارِهِمْ قَالَ:" اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَيْهِمُ الطَّرِيقَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ أَضْيَقَ مِنْ مَسْكِ جَمَلٍ ". قَالَ: فَعَمَّى اللَّهُ عَلَيْهِمُ السَّبِيلَ فَأُدْرِكُوا، فَأُتِيَ بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَطَعَ أَيْدِيَهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ» وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ ": إِنَّمَا سَمَلَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ.

ص: 246