الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قِصَّةُ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ]
ذِكْرُ قِصَّةِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ، وَمَا كَانَ مِنَ الْبُرْهَانُ الَّذِي ظَهَرَ عِنْدَهَا
قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَوَاهُ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ» . هَكَذَا أَوْرَدَهُ هَاهُنَا مُخْتَصَرًا.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اجْمَعُوا لِي مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنَ الْيَهُودِ ". فَجَمَعُوا لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَبُوكُمْ؟ قَالُوا: أَبُونَا فُلَانٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلَانٌ ". قَالُوا:
صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ. فَقَالَ: " هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا، كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ أَهْلُ النَّارِ؟ " فَقَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا، ثُمَّ تَخْلُفُونَا فِيهَا. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" وَاللَّهِ لَا نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا ". ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: " هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ سَأَلْتُكُمْ؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ: " هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: " مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ ". قَالُوا: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أَنْ نَسْتَرِيحَ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ» .
وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجِزْيَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَفِي الْمُغَازِي أَيْضًا، عَنْ قُتَيْبَةَ كِلَاهُمَا عَنِ اللَّيْثِ، بِهِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «
أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْيَهُودِ أَهْدَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَاةً مَسْمُومَةً، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:" أَمْسِكُوا، فَإِنَّهَا مَسْمُومَةٌ " وَقَالَ لَهَا: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ، إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَسَيُطْلِعُكَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أُرِيحُ النَّاسَ مِنْكَ. قَالَ: فَمَا عَرَضَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ هَارُونِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِهِ. ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، ثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ هِلَالٍ - هُوَ ابْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْيَهُودِ أَهَدَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَاةً مَسْمُومَةً، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَقَالَ: " مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟ " قَالَتْ: أَحْبَبْتُ - أَوْ أَرَدْتُ - إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَإِنَّ اللَّهَ سَيُطْلِعُكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَبِيًّا أُرِيحُ النَّاسَ مِنْكَ. قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا احْتَجَمَ. قَالَ: فَسَافَرَ مَرَّةً، فَلَمَّا أَحْرَمَ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَاحْتَجَمَ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، «عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ. فَقَالَ: " مَا
كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَيَّ ". أَوْ قَالَ: " عَلَى ذَلِكَ ". قَالُوا: أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: " لَا " قَالَ: أَنَسٌ فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ «أَنَّ يَهُودِيَّةً مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ سَمَّتْ شَاةً مَصْلِيَّةً، ثُمَّ أَهْدَتْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الذِّرَاعَ، فَأَكَلَ مِنْهَا، وَأَكَلَ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ ". وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَرْأَةِ، فَدَعَاهَا فَقَالَ لَهَا:" أَسَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ؟ " قَالَتِ الْيَهُودِيَّةُ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟ قَالَ: " أَخْبَرَتْنِي هَذِهِ الَّتِي فِي يَدِي ". وَهِيَ الذِّرَاعُ. قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: " فَمَا أَرَدْتِ بِذَلِكَ؟ " قَالَتْ: قُلْتُ: إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَلَنْ تَضُرَّكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَبِيًّا اسْتَرَحْنَا مِنْكَ. فَعَفَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يُعَاقِبْهَا، وَتُوَفِّيَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ، وَاحْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى كَاهِلِهِ، مِنْ أَجْلِ الَّذِي
أَكَلَ مِنَ الشَّاةِ، حَجَمَهُ أَبُو هِنْدٍ بِالْقَرْنِ، وَالشَّفْرَةِ وَهُوَ مَوْلَى لِبَنِي بَيَاضَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ» .
ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، ثَنَا خَالِدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْدَتْ لَهُ يَهُودِيَّةٌ بِخَيْبَرَ شَاةً مَصْلِيَّةً، نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ، قَالَ: فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، فَقَالَ:" «مَا حَمَلَكِ عَلَى الَّذِي صَنَعْتِ؟» " فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُتِلَتْ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرَ الْحِجَامَةِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهَا فِي الِابْتِدَاءِ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ أَمَرَ بِقَتْلِهَا.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَهْدَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَاةً مَصْلِيَّةً بِخَيْبَرَ، فَقَالَ:" مَا هَذِهِ؟ " قَالَتْ: هَدِيَّةٌ. وَحَذِرَتْ أَنْ تَقُولَ: صَدَقَةٌ. فَلَا يَأْكُلُ. قَالَ: فَأَكَلَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ:" أَمْسِكُوا ". ثُمَّ قَالَ
لِلْمَرْأَةِ: " هَلْ سَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ؟ " قَالَتْ: مَنْ أَخْبَرَكَ هَذَا؟ قَالَ: " هَذَا الْعَظْمُ ". لِسَاقِهَا، وَهُوَ فِي يَدِهِ. قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: " لِمَ؟ " قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أَنْ نَسْتَرِيحَ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. قَالَ: فَاحْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْكَاهِلِ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَاحْتَجَمُوا، وَمَاتَ بَعْضُهُمْ» . قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَسْلَمَتْ، فَتَرَكَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا مُرْسَلٌ، وَلَعَلَّهُ قَدْ يَكُونُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَمَلَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه.
وَذَكَرَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، وَكَذَلِكَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالُوا: «لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ، أَهْدَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْيَهُودِيَّةُ - وَهِيَ ابْنَةُ أَخِي مَرْحَبٍ - لِصَفِيَّةَ شَاةً مَصْلِيَّةً وَسَمَّتْهَا، وَأَكْثَرَتْ فِي الْكَتِفِ وَالذِّرَاعِ، لِأَنَّهُ بَلَغَهَا أَنَّهُ أَحَبُّ أَعْضَاءِ الشَّاةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ، وَمَعَهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَلَمَةَ، فَقَدَّمَتْ إِلَيْهِمُ الشَّاةَ الْمَصْلِيَّةَ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَتِفَ، وَانْتَهَشَ مِنْهَا، وَتَنَاوَلَ بِشْرٌ عَظْمًا فَانْتَهَشَ مِنْهُ، فَلَمَّا اسْتَرَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لُقْمَتَهُ، اسْتَرَطَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ مَا فِي فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ، فَإِنَّ كَتِفَ هَذِهِ الشَّاةِ يُخْبِرُنِي أَنِّي نُعِيتُ فِيهَا ".
فَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَقَدْ وَجَدْتُ ذَلِكَ فِي أَكْلَتِي الَّتِي أَكَلْتُ، فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَلْفِظَهَا إِلَّا أَنِّي أَعْظَمْتُكَ أَنْ أُنَغِّصَكَ طَعَامَكَ، فَلَمَّا أَسَغْتَ مَا فِي فِيكَ، لَمْ أَرْغَبْ بِنَفْسِي عَنْ نَفْسِكَ، وَرَجَوْتُ أَنْ لَا تَكُونَ اسْتَرَطْتَهَا وَفِيهَا نَعْيٌ. فَلَمْ يَقُمْ بِشْرٌ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى عَادَ لَوْنُهُ كَالطَّيْلَسَانِ، وَمَاطَلَهُ وَجَعُهُ، حَتَّى كَانَ لَا يَتَحَوَّلُ حَتَّى يُحَوَّلَ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ جَابِرٌ: «وَاحْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ، حَجَمَهُ مَوْلَى بَنِي بَيَاضَةَ بِالْقَرْنِ وَالشَّفْرَةِ، وَبَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ، حَتَّى كَانَ وَجَعُهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ: " مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنَ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُ مِنَ الشَّاةِ يَوْمَ خَيْبَرَ عِدَادًا، حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَانَ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي» ". فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهِيدًا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: «فَلَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْدَتْ لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ امْرَأَةُ سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمٍ شَاةً مَصْلِيَّةً، وَقَدْ سَأَلَتْ: أَيُّ عُضْوٍ أَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقِيلَ لَهَا: الذِّرَاعُ، فَأَكْثَرَتْ فِيهَا مِنَ السُّمِّ، ثُمَّ سَمَّتْ سَائِرَ الشَّاةِ، ثُمَّ جَاءَتْ بِهَا، فَلَمَّا وَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، تَنَاوَلَ الذِّرَاعِ، فَلَاكَ
مِنْهَا مُضْغَةً فَلَمْ يُسِغْهَا، وَمَعَهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، قَدْ أَخَذَ مِنْهَا كَمَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّا بِشْرٌ فَأَسَاغَهَا، وَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَفَظَهَا، ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ هَذَا الْعَظْمَ يُخْبِرُنِي أَنَّهُ مَسْمُومٌ ". ثُمَّ دَعَا بِهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ:" مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكَ؟ " قَالَتْ: بَلَغْتَ مِنْ قَوْمِي مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ فَقُلْتُ: إِنْ كَانَ كَذَّابًا اسْتَرَحْتُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ نَبِيًّا فَسَيُخْبَرُ قَالَ: فَتَجَاوَزَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَاتَ بِشْرٌ مِنْ أَكْلَتِهِ الَّتِي أَكَلَ» .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ - وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ أُمُّ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ -: " يَا أُمَّ بِشْرٍ، إِنَّ هَذَا الْأَوَانَ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنَ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُ مَعَ أَخِيكِ بِخَيْبَرَ ".» قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْأَبْهَرُ: الْعِرْقُ الْمُعَلَّقُ بِالْقَلْبِ. قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَيَرَوْنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاتَ شَهِيدًا، مَعَ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ بِشْرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ
الْحَرَّانِيُّ قَالَا: ثَنَا أَبُو عَتَّابٍ سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:«أَنَّ يَهُودِيَّةً أَهْدَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَاةً سَمِيطًا، فَلَمَّا بَسَطَ الْقَوْمُ أَيْدِيَهُمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمْسِكُوا فَإِنَّ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا يُخْبِرُنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ ". فَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَتِهَا: " أَسَمَمْتِ طَعَامَكِ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: " مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكَ؟ " قَالَتْ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أَنْ أُرِيحَ النَّاسَ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ سَيُطْلِعُكَ عَلَيْهِ. فَبَسَطَ يَدَهُ وَقَالَ: " كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ ". قَالَ: فَأَكَلْنَا وَذَكَرْنَا اسْمَ اللَّهِ، فَلَمْ يَضُرَّ أَحَدٌ مِنَّا» ثُمَ قَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي نَضْرَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
قُلْتُ: وَفِيهِ نَكَارَةٌ وَغَرَابَةٌ شَدِيدَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ رَأَى فِي مَنَامِهِ رُؤْيَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحَاصِرٌ خَيْبَرَ، فَطَمِعَ مِنْ رُؤْيَاهُ أَنْ يُقَاتِلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَظْفَرُ بِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ وَجَدَهُ قَدِ افْتَتَحَهَا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَعْطِنِي مَا غَنِمْتَ مِنْ حُلَفَائِي - يَعْنِي أَهْلَ خَيْبَرَ - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «كَذَبَتْ رُؤْيَاكَ» ". وَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى، فَرَجَعَ عُيَيْنَةُ، فَلَقِيَهُ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ تُوضِعُ فِي غَيْرِ شَيْءٍ؟! وَاللَّهِ لَيَظْهَرَنَّ مُحَمَّدٌ عَلَى مَا
بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَإِنَّ يَهُودَ كَانُوا يُخْبِرُونَنَا بِهَذَا، أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ أَبَا رَافِعٍ سَلَّامَ بْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ يَقُولُ: إِنَّا لَنَحْسُدُ مُحَمَّدًا عَلَى النُّبُوَّةِ حَيْثُ خَرَجَتْ مِنْ بَنِي هَارُونَ، إِنَّهُ لَمُرْسَلٌ، وَيَهُودُ لَا تُطَاوِعُنِي عَلَى هَذَا، وَلَنَا مِنْهُ ذِبْحَانِ، وَاحِدٌ بِيَثْرِبَ، وَآخَرُ بِخَيْبَرَ، قَالَ الْحَارِثُ: قُلْتُ لِسَلَّامٍ: يَمْلِكُ الْأَرْضَ؟! قَالَ: نَعَمْ وَالتَّوْرَاةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى، وَمَا أُحِبُّ أَنْ تَعْلَمَ يَهُودُ بِقَوْلِي فِيهِ.